أخر الاخبار

رواية شظايا قسوته الفصل الثالث والرابع بقلم رحمه سيد رواية شظايا قسوته البارت الثالث والرابع بقلم رحمه سيد رواية شظايا قسوته الجزء الثالث والرابع بقلم رحمه سيد

 رواية شظايا قسوته الفصل الثالث والرابع بقلم رحمه سيد

رواية شظايا قسوته البارت الثالث والرابع بقلم رحمه سيد

رواية شظايا قسوته الجزء الثالث والرابع بقلم رحمه سيد


رواية شظايا قسوته الفصل الثالث والرابع بقلم رحمه سيد


الفصل الثالث : 


شعـر بالكون يدور من حوله ... 

ماتت !!!!!!! 

كيف ومتى !! .. لا لا هي ما زالت على قيد الحياة، شعور فطري يؤكد له ذلك .. 

وإن لم تكن أبنتـه ولكنها أغلى من أبنته .. 

ظل يهـز رأسه نافيًا بقوة .. 

قانـونه الحانِ لا يُقبل به شيئً كهذا !! 

ونغـزة قوية نبعت من دقاته الأبوية التي كادت تتوقف فصرخ في وجهه :

_ كدااااب بنتي عايشة أنت قولت إنك مش لاقيهـا 

هـز رأسه نافيًا ليقول بعدها مبررًا :

_ قولت إني مش لاقيها لانها ماتت 

سأله دون تردد :

_ عرفت إزاي ؟ 

 أغمـض عيناه ليقول بعدهـا متأثرًا :

_ بعتولنا صورتها وهي مرمية ميتة، عشان مانتعبش نفسنا وندور عليها 

كـز على أسنانه وهو يسأله مرة اخرى :

_ وعرفوا ازاي إننا بندور عليها ؟ 

اجابه متأففًا :

_ اكيد مراقبينـا يا بابا 

هز رأسه نافيًا ومن ثم قال بأصرار :

_ لا أنت بتكذب عليا عشان أبطل ادور عليها 

زفـر الأخر زفرة ضيق حقيقية ليشرح له محاولاً إقناعه :

_ لا طبعًا يا بابا، صدقني دي بنتي قبل ما تكون حفيدتك، انا يمكن اكون باين متهاون وبارد لكن ده عشان انا يأست، وفي اختها محتاجانى دلوقتِ، وبعدين والله مش هستفاد حاجة لو كذبت عليك 


جلس على الكرسي الخشبي بهمـدان حقيقي ... لم يعد يحتمل صدمة كذلك، لا الدقات الضعيفة عادت تحتمل .. 

ولا ذلك العقل الذي شـاب يحتمل ضغط مفاجئ كهذا .. 

وفجأة سقط متأوهًا بألم .. 

ليركـض عزت بأتجاهه مسرعًا بلهفة :

_ مالك يابويا مالك يا حج فيك أية 

كان يضع يداه على قلبه وكأنه يريد إيقاف الألم الذي يزداد .. 

وهمس وهو يختنق :

_ هموت مش قادر 

واغمض عيناه ليصرخ الاخر بجزع وهو يحاول حمله لينقله لأقرب مستشفي !!! 


                          ********


وصـل سليـم الى " دار خاصة للأيتام " ليترجل من سيارته بهدوء لا يفارقـه كظلـه .. حتى دلف متجهًا نحو غرفة " نادين " ، تلك الأخـت - معنويًا - والتي يلتزم بزيارتها في ميعادهـا ..  

وكأنها فعليًا كالدواء او الادمان لا يستطيع الأبتعاد عنه !! 

ولمَا لا .. فهي بالفعـل تذكـره بما مضى .. 

ولكن تذكره بالجـزء الذي ينعشـه ويجعل السعـادة تغمره كليًا وكأنها تسلط الضوء عليه لتنيره دون إرادةً منها !؟ 

دلف إلى غرفتهـا ليجـد الممرضة بجوارها كالعادة .. 

ابتسم بمجرد أن وقعت عيناه عليهـا ليقترب منها محتضنًا اياها وهو يهمس بأشتياق حقيقي :

_ وحشتيني يا نادو 

ولكنها - أسفًا - كانت كالجسد بلا روح !!

عيناهـا الزيتونية شاردة امامها في اللاشيئ .. ولكنه ليس بشرود مؤقت يجتاحها لتعود لطبيعتها .. 

بل هو شـرود " أبـدي " يسيطر عليها !!!! 

لم يجـد أي رد فعل فأمسك بصفحة وجهها الأبيض بين كفي يده السمراء ليسألها متوجسًا وهو ينظر لوجهها الواجم :

_ نادو حبيبتي أنتِ سمعاني، أنا اخوكِ سليم مش فكراني ؟ 

بالطبـع لم يجـد أي رد فعل.. 

زفـر بضيق وهو يبتعـد عنهـا ليسأل الممرضة بنبرة جادة :

_ لسة على نفس الحالة ؟ 

اومـأت وهي تجيبه بأسف :

_ للأسف اه، وكأننا مابنعملش اي حاجة طول الشهور دي، من ساعة ما حضرتك جبتها وهي كدة، لا بترد على حد ولا بتكلم حد ولا حتى بتبص على حد 

زفـر بضيق قبل أن يسألها مرة اخرى :

_ طب حتى لو حصلت أي حاجة ماتنتبهش 

هـزت رأسها نافية لتبدء الشرح له :

_ بردو لا، لو كانت أقل من 3 سنين كنا قولنا ده مرض التوحد، لكن دي 23 سنة تقريبًا فالتوحد لو كان عندها كان ظهر من سن 3 سنين او اقل، وحضرتك قولت إن يوم ما جبتها كانت بترد ولو بهزة راس ؟!

اومأ موافقًا بحزن لتكمل :

_ بس عامةً في دكتـور نفسي جه جديد  بقاله أسبوع تقريبًا بيستكشف وبيدرس حالتها وهيبدء يقعد معاها من النهاردة 

اومـأ مغمغمًا بامتنان :

_ متشكر 

ابتسمت مجامـلةً لتخرج بهدوء تاركـة اياه يجلس بجوار ناديـن .. 

وعينـاه تمـوج حزنًا حقيقيًا، حزنًا شعر به من مجرد شعور هاجس بأنه يخسر عائلته مرة اخرى !!!! 

جلـس لجـوارهـا ... لينظـر لها وقد زين ثغره ابتسامة اشتياق - منكسـرة - 

ليتحدث وكأنها تسمـعه :

_ عارفة يا نادين، أول ماشوفتك فكرتيني بأبويا اللي خسرته ..

صمت برهه يبتلع تلك الغصة التي ألمته في حلقه ليتابع باختناق :

_ وبتفكريني بأمي اللي خسرتهـا وادام عنيـا

نظـر لعينيها تحديدًا ليبتسم تلقائيًا وهو يستطرد :

_ وبتفكريني بالأخت اللي كان نفسي فيها تكون جمبي دلوقتِ تخفف عني

تلقلقـت الدمـوع التي كان يحتجزها في جحـر القسـوة المكبوت .. 

لتلتمع عينـاه ببريق الحرمـان الأسري!! 

وفجأة شعر بيدهـا تمسح تلك الدموع !!!!! 

جحظت عيناه بصدمـة .. 

لقد تحركت !!!! 

أثـرت بها تلك الدمـوع لتداعب الحنان التي اختزنته هي بالمقابل ؟! 

وبعد أن استوعب نهض مهللاً بأبتسامة :

_ نادو حبيبتي أنتِ حاسه بيا صح، سمعاني وفاهمة أنا بقول أية 

 وبالخـارج امام نفس الغـرفة التي تقطـن بها ناديـن .. 

كان يقـف هو بمنكبيه العريضين الذي يغطيهم معطفه الأبيض الخاص بالأطباء، يرتـدي نظارته الشمسية علها تغطـي عيناه البنيـة التي مثبتة فعليًا على " نادين " من خلف الزجـاج !! 

تراقبهـا دائمًا وحتى دون الأذن منه !!!

تجبـره على التأمل لتلك الغابات الزيتونية الشاردة وكأنهما يلتقيان في مـلكـوت أخر ... 

أستفاق من شروده على صوت الممرضة وهي تناديه مسرعـة :

_ دكتور ياسين، المريضة اللي حضرتك هتدخلها اخوها بيقول إنهـا تجاوبت معاه بتحريك ايدها ياريت حضرتك تيجي تشوفهـا 

اومـأ مسرعًا بهدوء ليرد بصوته الرجولي :

_ جاي وراكِ حالاً 

اومـأت لتوليه ظهرهـا ليبتسم هو ابتسامة صافية واساسًا قد رأى ما حدث بتلك العينان التي لم تكـف عن مراقبتهـا !!!! 

فسـار متجهًا لها بحمـاس شديد ... 


                            *********


كـانت " رقيـة " في غرفتهـا، كلمـا تخيلته مع زوجتـه الثانيـة الان شعـرت بالدمـاء تغلي بين أوردتهـا .. 

ولكن تبقى هي من تركتـه !!! 

هي من قدمت لها تلك الفرصة لتقتلها بها رويدًا رويدًا !! 

نهضـت متجهة الى الدولاب الخاص بهم، لتفتحه بغل ثم اخرجـت ملابسـه ومن ثم اتجهت للكمدين لتجلب المقص وجلست على الفراش لتبدء بقصهم جميعًا !!!! 

ظلت تردد بهيستريا :

_ خااااين خااين نـدل اتجوز 

لا تعـرف لمن تردد هي تلك الكلمـات !؟ 

لها لانهـا هي التـي تركـت الخيوط التي بينهم تذوب وخانت عهدهـم !!

ام له لأنـه سيتزوج مرة اخرى من دون أن يضيع وقت ؟! 

ام هذه الكلمة خرجت - تلقائيًا - لكلاهمـا !!! 

ما إن انتهت حتى وجدته امامها، شهقت وهي تضع يدها على فاهها بصدمة من تواجده المفاجئ :

_ اية !!!! 

مـط شفتيـه بسخرية مجيبًا :

_ شوفتي عفريت ولا اية ؟ 

كـزت على أسنانها بغيظ حقيقي لتجيبه :

_ لا بعيد عنك أسـوء 

ضغـط بقبضة يـده ... وتنفسـه الغير منتظم كان دليل لها على تمالك نفسـه بصعوبة !! 

ليقول بعدها مزمجرًا :

_ رقية، ياريت لما تتكلمي تعرفي تتكلمي ازاي مع جوزك ومش هحذرك تاني ؟! 

رفـعت كتفيها لتقول باستهانة غير مقصودة :

_ اية هتعملي اية وأهلي عايشين معانا في نفس البيت ؟ 

والغيظ تعـدى كل المراحـل المسموح بها .. 

ليصبح في مرحلة - خطيرة - فعليًا قد تتحـول لشرارات تتقافز منه لتحرقها دون رحمة !!! 

فصاح فيها بحـدة اخافتها قليلاً :

_ أقدر اعمل كتير، واقدر اشتكيكِ لأهلك واقول بنت الأصول مش مخلية جوزها يجي جمبها بقاله شهر يمكن !! 

وتحـول ما في حدقتيها من غضب وغيظ لرجـاء حار وهي تهمس :

_ لو سمحت أهلي مايعرفوش حاجة، حتى جوازك انا مخبياه عليهم، كفاية عليهم خطف سيلا وتعب جدي اللي في المستشفى ده !! 

سألها مستفهمًا :

_ ماله جدي ؟ 

اجابته وقد تلقلقت الدموع في عيناها :

_ تعب وابويا اخده المستشفى ومعرفش اية اللي حصل بينهم خلاه يتعب كدة

سألها بتوجس :

_ طب وحصل اية ؟ 

اجابته وهي تحارب لمنع دموعها من الهطول بغزارة : 

_ بابا قال هيتصل يطمني لما يروحوا 

قال مسرعًا :

_طب هتصل بأبوك واروح اشوفهم

هـزت رأسها نافية بأصرار :

_ لا بابا قال ان شاء الله مش هنطول ومحدش يجي غشان منعملش شوشرة عشان الصحافة كمان 

للحظـة كان سيسحقهـا في عناق قوي يمتص منها تلك الهالات الحزينـة !! 

رجاؤوهـا كان كالسحـر عليه يجعله كطفل مطيـع !؟ 

ومن قال إن اللين لا يجدي نفعًا ؟؟ 

فمعه يجدي نسبة لا تعد من النفع ... 

أمسـك كتفيهـا برفق يقول :

_ متقلقيش محدش هيعرف حاجة وان شاء الله الجد هيكون بخير 

تمتمت متمنية :

_ امييين يارب يا مجدي 

ولم تعطه الفرصة وكأنها ضمنت فعادت تسخر :

_ وأنت أية اللي جابك هنا مش المفروض تبقى مع العروسة الجديدة فــ اول ليلة ؟ 

هـز رأسـه نافيًا، ويجهل ما جعل لسانـه الذي اُحكم تحت قلبه يجيب بدلاً من عقله القاسي ليرد :

_ أنا عايزك أنتِ مش عايزهـا هي 

بدت له مرتبكة .. 

خجولة بعد سنتين الزواج !!! 

دقاتهـا تسرع من اللحن الذي راق لها .. 

وعيناها تبحث عن مهرب من حصار عيناه التي تود فضحها .. 

لتسمعه يقول بعدها مداعبًا :

_ أية فين صوتك القطة أكلت لسانك ولا اية ؟ 

فأجابته حانقة :

_ لا لسة موجود 

عادت لهجته تلين وهو يقترب ليلصق جبينه بجبينها :

_ لية بتحرمينا من بعض ؟ 

من بعض !!!!! 

وكأنه قرء الشوق له بين سطور عيناها التي فضحتها فما عاد يتحدث عن نفسه فقط !!! 

هـزت رأسها نافية لتتابع بعند :

_ بس ياريت متقولش من بعض لو سمحت !! 

ومن ثم استطردت بنبرة مختنقة :

_ وهجاوبك، عشان انا بقيت مانفعش وفي واحدة بدالي وآآ .. 

اسكتهـا بقبلته العاصفـة.. 

القبلة التي هدمت كل حصونها وشفتاه تصل لمآوها اخيرًا بعد طول انتظار !! 

والشوق كاد يقتله إن كبته اكثر من ذلك ..... 

ليبتعد قليلاً لرغبته في الهواء وهو يتابع لاهثـــًا :

_ ابدًا .. محدش يقـدر ياخد مكانك، هي مجرد اسم زوجة 

هـزت رأسهـا نافية، لتكمل بحزن :

_ الكلام ده زمان لما كنت أنا مراتك الوحيدة وأنت جوزي حبيبي، قبل ما تدخل حد تالت بيننا 

وقبلة اخرى كانت الرد .. 

قبلة يعبر لها فيها عن مدى خطأ حديثـها اللاذع .. 

ودون شعور منها تسللت يده لبلوزتهـا القصيـرة عابثة بأزرارها .. 

وكادت تعترض بخجل واضح :

_ مجدي لأ 

ولكنه لم يكـن يسمـع لها من الأسـاس .. بمجـرد موافقة ولو خفية منها هدت كل حصون قسوته التي كان يحاول الحماية خلفها من نيـران عشقها الأبدي !!! 


                             *********


كان عـزت بالمستشفى الخاصة مع والده وبعض الرجال الأقـربون ... 

كان يجول امام تلك الغرفة التي بينه وبين والـده ذهابًا وايابًا بقلق .. 

قلق !!!! 

اهو كان يعرف للقلق معنى بعمره !؟؟ 

ولما لا ؟ .. 

" الدم عمره ما يبقي مياه " كما يقولون .. 

شعـوره - الفطري - بالخوف نحو من تربطهم علاقة متينة لا يقل بسبب قسوتـه المعروفة !! 

 ماذا سيحدث إن فقد والده العزيز ؟! 

إن فقـد من كان يجمع شمل تلك العائلة - بقدر المستطاع - سينهار كل شيئ بالطبـع في نفس الوقت !!!! 

والسبب مخجل بالفعل 

فبسبب شيئ - هو غير متأكد به - اقحم والده بين جدران تلك الغرفة اللعينة ! 

وقطـع شروده خروج الطبيب بهيئته الجادة المعتادة ليركض نحوه متساءلاً بتوجس :

_ خير يا دكتـور طمني على والدي 

اومـأ له مجيبًا بجدية :

_ اهدى الحمدلله عدت على خير

نظر له مستفهمًا ليتابع شارحًا :

_ هو بس القلب تعب تاني بسبب الضغط المفاجئ وكان هيتعرض لأزمة قلبية بس الحمدلله لحقنـاه 

أخذ نفسًا عميقًا قبل ان يغمعم حامدًا :

_ الفضل والشكر لله.. الحمدلله يااارب 

ابتسم الطبيب بهدوء قبل ان يردف  :

_ بس طبعًا مش هأكد عليك تاني إن مايتعرضش لانفعال او غيره، الله هو اعلم هنلحقه ولا لا المرة الجاية 

اومـأ عزت بهدوء ليسأله مستفهمًا :

_ طب هيخرج امتى يا دكتور ؟ 

اجابه بنفس الجدية :

_ يوم او يومين بس نكون اتطمنا عليه تمامًا 

همس عزت بامتنان :

_ متشكر يا دكتور 

اومـأ الطبيب بابتسامة معتادة ليغادر على عقبيـة في حين كان كانـت تلابيب عقله منشغلة فعليًا بالتفكير في والده الحبيب وإن كان لن يبحث من اجل سيلا نفسها .. 

فالغاية تبرر الوسيلة 

وغايته في شفاء والده أكبر وأقوى من أي شيئ .. وسيبحث عنها بالتأكيـد !!! 


                           *******


الفرصـة الان وكأنها تعرض نفسها حرفيًا على " سيلا " ... 

المنـزل شبه خالٍ.. سليم خارج المنزل وخالتـه بالأعلى تنام في غرفتهـا والخدم بعملهم .. 

ماذا عساها تنتظر أكثر من ذلك لتهـرب ! 

لتركض للحرية كعصفـور خرج من القفص واخيرًا لترفرف جناحاته اخيرًا كما كانت ؟! 

نظـرت حولها يمنًا ويسارًا .. 

أمـر إن كُشفت فجأة لا يجعـل الخـوف ينهش بين جنبات قلبها فقط !! 

بل يجعلها تعيد التفكير للتراجع !!!!! 

هذا " خاطفهـا " الصقر .. 

جلبها تلك المسافة ومؤكد أنه اقنع اهلهـا بأي شيئ فسيغلب عليه أن يأسرها بقيود تحكمه وجبروتـه الشامخ ؟! 

تحركت على أطـراف اصابعهـا، لتتجه نحو باب المنزل، كادت تمد قدمها لتخـرج إلا انها فجأة وجدت حارس ضخم يسألها بصوته الأجش :

_ خير رايحة فين ؟ 

فـزعت وكادت تصرخ قبل أن تشهق مصدومة بجزع :

_ اعوذ بالله من غضب الله، في اية يا أخ انتَ 

اجابها مشيرًا بسخرية :

_ أنا بردو اللي فيه أية، أنتِ اللي طالعة تتسحبي زي الحرامية كدة لية ؟ 

وقفـت امامه بقوة .. 

اخيرًا سنحت لها الفرصة لتهاجم وتواجه، قبل أن تفقـد قاموسها سوى كلمة " نعم .. حاضر .. مخدتش بالي " !!! 

نظـرت له لتقول بحنق :

_ أنا مش حرامية ثم إنك أنتَ مالك اصلاً بيا 

رفع حاجبه الأيسر ليتابع بخشونة :

_ انا حارس البيت ومسؤل عن من فيه 

هزت رأسها نافية وقالت :

_ مش عليا، ملكش دعوة بيا، هلاقيها منك ولا من الصقر بتاعكم ده اللي قرفني 

فغر فاهه بصدمـة .. 

صدمـة من إنفلات لسانهـا عن " الصقر " 

الصقر الذي كانت هيبته تسبقه لتقبض لسان من يحاول التفوه دون الاذن منه !!! 

ليسألها بعدهـا ببلاهة :

_ أنتِ واعية للي أنتِ بتقوليه ؟ 

اومـأت لتتابع بفخر :

_طبعًا واعية جدًا، أنا مش جبانة زيكم 

نظر امامه وهو يتابـع ببرود كالأنسان الآلي :

_ طيب يلا يا قطة هش على جوة، عندي أوامر من الصقر إن أنتِ بالذات متخرجيش في غيابه 

صرخت فيه بحدة :

_ يعني أية، أنا مليش دعوة بالتخلف بتاعكم ده، الصقر ده يمشي اوامره عليك أنت معندكش شخصية لكن أنا لأ 

والغضب كان كالغمامة امام عيناه فدفعها بقوة وهو يرد لها الإهانة اضعافًا :

_ أنتِ هنا أقل مني، أنتِ مجرد خدامة لا راحت ولا جات ! 

سقطـت على صخـرة كبيرة حادة، لينجـرح باطن قدمـها، ظلت تتألم وكادت تبكِ وهي تصرخ بألم حقيقي :

_ آآه رجلي وجعاني اوي 

لم تكـن لتأبه بألم نفسي الان .. 

الألم الجسدي لأول مرة يتفوق على ألامها النفسية ويتشبعها كليًا بجدارة !!! 

كاد يقترب منها إلا أن قاطعته مزمجرة فيه :

_ ابعد عني ملكش دعوة بيا يا حيوان 

كـز على أسنانه بغيظ وهو يغمغم :

_ تصدقي أنك عايزة قطع لسانك تستاهلي 

حاولـت النهوض ولكن محاولتها بائت بالفشل لتسقط على الأرض باكيـة .. 

فجأة وجدت يد " الصقر " السمراء ممدودة لها لترفع واجهه لتلاقي سحابة عيناه الجامدة دائمًا لتهمس متلعثمة :

_ أنت آآ أنت 

وتاهـت منها الحروف .. 

وتحداها لسانهـا !!!! 

تاهت حروفها بين موجات أرتباكها وخوفها اللانهائي منه ! 

لتحتد عيناه وهو يأمرها :

_ قومي، هاتِ أيـدك 

مـدت يدهـا بتردد، لتثبت اخيرًا بين راحتي يـده .. 

لتشعر بسخونة يـداه .. لا تعلم ماذا بعثت فيها تلك السخونة تحديدًا ... 

ولكن ما شعرت به الأن تحديدًا ينبعث منها  " الأمـان " فقط !! 

ذاك الشعور الذي ينعشها حرفيًا فيمدها بالقـوة .. 

وتلك النظرات التي كانت دائمًا تخشاهـا منها وتبعثرها لشظايا مرتبكة .. 

الان هي فرحة داخليًا لأنها وجهت نحـو ذاك الوحش الأحمق .. 

وفجأة لم تدري إلا ويد الصقر تهبط بصفعة على وجه الرجل بعنف و..... !!!! 


شظايا قسوته 


الفصل الرابـــع : 


قد تكـون خلاياهـا الان تهلل لأخذ ثأرهـا، ولكن يبقى جانبهـا الأنسانـي يحزن من أجل تلك الصفعة الذي صبغـت العار والخزي وخاصةً امامهـا على وجنة ذاك الرجـل ... 

كانـت عينـا " سليم " أقل ما يُقال عنها جمرتان من النيران تحترق الان !!! 

لا تعـرف فتيل الاحتراق بدء من خوفـه عليهـا ام غضبه من ذلك الرجل 

ام كلاهمـا ؟! 

ولكن ما هي تعرفـه جيدًا .. أن نيرانـه ستسقط حتمًا على سماء فرحتها لتعكرهـا على الفور !! 

وصـدح صوتـه القـوي هاتفًا بغضب تسبب بقشعريرة جسد كلاهما :

_ اية اللي أنت عملته ده ؟ 

كان الاخر ينظـر للأرض بخزي، قبل أن يحاول النطـق :

_ يا سليم بيه أنا بس كنت بمنعهـا تخرج

صرخ فيه بحدة مفتعلة :

_ ومن امتى انا بجولك اوامر بضرب الحريم يا صادق ؟ 

هـز " صادق " رأسـه نافيًا ليسارع مبررًا :

_ لا هي بس كانت عايزة تخرج بالعافية 

ضغـط على قبضة يـده ليتابع بجدية لا تخلو من الحدة اللازمة :

_ ماتمنعهاش بالضرب، من متى وأحنـا بنضرُب حريم هه ؟ 

نظـر للأرض بحرج ليهمس :

_ حجـك عليا يا سَليم بيه 

هـز رأسه ليقـول بعدها بصوته الأجش :

_ أنا مامديتش يدي عليك إلا عشان أعرفك أنها حاچة واعرة جوي إنك تضرب حد ماجادرش يردهالك، ما بالك بمَـرة بجى بتضربها !!؟ 

اومأ الأخـر بأسف مغمغمًا :

_ فهمت 

وقاعـدة أخـرى تكتشفها في شخصيتـه الغريبـة من جميع النواحي 

" يتحدث بالصعيدية عند الغـضب !؟ " .. 

وشيئً ما لم تفهمـه ابدًا .. 

كانت دائمًا القاعدة الوحيدة في حياتهـا - القاسي لا يبـرر - ولكن ماذا إن برر بعد العقـاب وقلب كل شيئ !! 

لمَا لا فهو " الصقر " في مملكته الخاصة، فليفرض سيطرته اذًا ومقاليد حكمه على كل من يقطن معه .. ليخنقهم رويدًا رويدًا بمقاليده الحديدية !!! 

ولكنها .. لن تكون معه ابدًا ! 

أستفاقت على صوته وهو يأمر الرجـل ببعضًا من الحدة :

_ أعتذر لها دلوجتِ 

إبتلع الاخرى ريقه ليعتذر لها بضيق :

_ حجك عليّ يا أنسـة 

اومـأت هامسة بحروف لم تتخط شفتيها :

_ خلاص مفيش حاجة حصل خير 

كانت قدمها قد بدءت بنزف الدماء وهي تحاول التماسك امامهم .. 

ولكن لا .. الألم اقوى من أي تحمل !! 

فصرخت متأوهه :

_ مش قادرة رجلي 

نظـر لهـا سليم لثواني، وفي لمح البصـر كان يحملهـا بين ذراعيـه المفتولتيـن .. 

كانت دقاتها لم تهدء ابدًا ، وكيف تهدء وهي محاصرة بين ذراعي من لا يرحم دقات ولا غيرها ؟! 

وعيناها البنية اصبحت ترمش كل لحظة، وكأنها تحاول إستيعاب ما حدث !! 

ملمس يداه على جسدها تشعر بها تحرقها !!!! 

تحرقها بالفعـل وتخدرها كأنها اصبحت لا تشعر بها !! 

فهمست بتوتر ملحوظ :

_ نزلني لو سمحت 

والاجابة كانت بكلمة واحدة حازمة :

_ لا !! 

ولم يأبه لصدمتهـا او اعتراضها الذي كانت تبديـه .. 

ولكن .. لأول مرة يجد رائحتـها تؤثر عليه، وكأنها تُسكـر روحـه !! 

أغمض عيناه ينفض تلك الأفكار عن رأسه ليسير مسرعًا نحو .. غرفته !!! 

وصل الى غرفتـه وكانت هي مغمضة العينين، تحاول جمع شتات نفسها المبعثرة من هجومه المفاجئ .. 

لتشعر بنفسها اخيرًا قد وضعها على الفـراش، فحاولت إخراج الحروف عنوةً عنها :

_ أنت إزاي تــ آآ 

قاطعها وهو يشير لها آمرًا :

_ أسكتِ 

وبالفعـل إلتزمـت الصمـت .. 

كلمة واحدة منه كانت كافية لجعل حروفها لا تتخطى شفتيها التي كادت ترتجف !! 

إتجه للمرحاض الملحق بغرفتـه ليجلب الأسعافات الأولية ... 

وتقدم منها بهدوء المعتاد - ما يسبق العاصفة - ليجلس بجوارها بمسافة واضحة .. 

ثم بدء يعد الدواء والمطهر لتسأله هي ببلاهة :

_ أنت بتعمل أية ؟ 

اجابها بغيظ واضح :

_ أنتِ شيفاني بعمل أية ؟ 

إبتلعت ريقها بازدراء لتقول بعدها بشجاعة مزيفة :

_ لو كنت سبتني عليه كنت خدت حقي تالت ومتلت بس حظه إنك جيت وهو اعتذر وسمع الكلام 

_ لا والله ! 

قالها وهو رفـع حاجبـه الأيسـر بسخريـة .. خُيـل له أنها استقبلت دفاعه عن مبدء ضرب الأنثى على وتيـرة خاطئـة .. 

وتيرة مسارهـا يودي لطريق يكرهه !! 

ليتنحنح مستطردًا بخشونة شابتها بعض الحدة :

_ اولاً هو سمع الكلام لإنه راجلي وبيحترمني مش مفكر إن مفيش حد اده !! 

صمت بعدها ببرهه ليلقي بقنبلة إهانته القادمة :

_ ولما ضربته او قولت اي حاجة، ده كان دفاعًا عن مبدء ضرب الست نفسها، لكن مش عشانك إنتِ لإنك لا تعني لي شيئ اصلاً يا أنسـة ! 

إبتلعت تلك الغصـة المريـرة في حلقهـا بصعوبـة .. 

هي من جلبت لنفسهـا تلك الأهانـة، ليداعـب جروحها المكبوتة التي حاولت مرارًا وتكرارًا اخفاؤوهـا .. 

هي من دفعتـه ليقتلها بكلماته من مجرد حروف مميتة مثلت لها معنى الإهانـة .. وسقطت من سماء تخيالاتها وفرحتهـا لأرض الواقـع المريـر !!! 

لتهمس وهي تومئ بحزن :

_ صح، أنا أسفـة 

لا يعلـم لمَ شعـر بأطـراف ضيق تحتلـه !! 

هو عادةً لا يهتم بأي شخص .. 

ولكن لمَ الان .. تحديدًا مع تلك الفتـاة التي يرى فيهـا شيئ شفاف يجذبه نحوهـا ولو واحد بالمائـة ؟! 

نفض تلك الأفكـار من رأسه وهو يجيبهـا بجمود يعكس ما بداخلـه من اهتيـاج ضيق برود وهدوء :

_ العفوا 

نهضت فجأةً لتصرخ بألم ثم ترنـجت مكانها لتسقـط عليه وهو ينهـض 

اقترابها منه لهذا الحـد يفزعها حرفيًا ! 

واختلطـت انفاسهم المضطربة من ذاك القـرب، وزحفت الحمرة تلقائيًا لوجههـا بينما هو في عالم اخـر .. 

عالم سارح فيه في بحر عيناها البنية الذي لم ينتبه له من قبل !!

وافاق من شروده على دفعتها الضعيفة وهي تحاول النهوض قائلة :

_ أسفة آآ .. 

قاطعهـا وهو يقول مشاكسًا :

_ ماخدتيش بالك مش كدة ؟ 

كادت إبتسامة تنفلت منها لتشق طريقها لشفتاها الورديـة ولكن منعتهت بصعوبة لتومأ بعدها ببلاهة :

_ أيوة 

استقامت في جلستها لتجلس وهي تمسك بقدمها التي عادت تؤلمها من جديد وجلس هو لجوارهـا ثم مد يـده يخرج الدواء ليضعه على قدمها ويبدء بدعك قدمهـا، وتلك المرة لمسته كانت أخطـر .. 

وكأن فيهـا طيفًا من الاعتذار الرقيق على تلك الكلمـات !!!! 

انتهـى ليقـول بعدها هادئًا :

_ خلاص تمام، ماتمشيش عليها كتير بقا عشان الجرح يلم 

اومـأت كالقطة المطيعة وهي ترد :

_ حاضر 

نهض ليغسـل يده في المرحـاض، بينما هي انتبهت للباب الذي تركه مفتوحًا - عن عمـد - وقد تأكدت أنها فعليًا في حماية صقر، ولكن آمـن وليس جارح !!! 

جالت عيناها على جميع انحاء غرفتـه، التي كانت بالطبع يغلب عليها اللون الأسود، نظـرت لشهادات التقديـر التي كانت معلقة على الحائـط لتضـحك بصوت عالي كاد يخـرج منها وفجأة صدح صوته يقول :

_ بتفكرك بــ صعيدي في الجامعة الأمريكية صح ؟ 

حاولت كتم ضحكتها ولكن لم تستطع فانفجـرت ضاحكـة ومن ثم هتفت من بين ضحكاتها :

_ بصراحة اه، اللي يشوفك وأنت بتزعق لصادق ده تحت بالصعيدي وبتقوله 

" من متى وأحنا بنضرُب حريم يا صادق " 

مايعرفش إنك دارس في امريكا خالص يعني ! 

وشيئً اخر لم ينتبه له منذ أن رآها 

" ضحكتها الساحـرة " !! 

يُفترض الغضب في تلك اللحظات، ولكنه ليس بخطأه إن سيطر الشرود على خلاياه كليًا !!!! 

لتابـع مبتسمًا نصف ابتسامة :

_ بتحصل في أحسن العائلات 

وفجأة عاد لجديته وهو يأمرها مشددًا على كل حرف :

_ يلاا عشان تلحقي تريحي رجلك عشان هنروح مشوار النهاردة بليل كدة 

إبتلعت ريقها بازدراء .. 

وطيـف خوف حقيقي داعبها، ماذا سيحدث !!

ولكن ما يحيرها بدرجة كبيرة 

كيف يساهم في اخفاءهـا ويتعاون مع هؤلاء الحمقى ثم يرغـب في التأكد !!!؟ 

وسمعـت صوتـه يقول :

_ يلاا مستنية أية ؟! 

نهضت مسرعة وهي تجـر أزدال خيبتهـا ... ! 


                          *********


كانت " رقيـة " تتوسـط صدر مجدي العادي على فراشهم الكبير والذي شهد مراسم حبهم الذي يعاندوا فيه دائمًا !!

تغمـض عيناها بضيق حقيقي، لم تكـن ترغـب أن يمسها أبدًا 

وخاصةً بعد زواجـه بمن لا تعرفهـا ! 

ولكن الان أصبحت شفافـه امامه، لقد ظهر له الجزء الذي كانت تحاول دائمًا اخفاؤه !!! 

تنهـد قبل أن يسألها بهدوء :

_ مالك يا روكـا ؟ 

رفعت كتفيها قليلاً لتقول باستنكار مصطنع :

_ مالي يعني مفيش 

رفـع وجهها بيـده لينظـر في عيناها التي تفيض ندمًا !! 

ندمًا ازعجه بالفعل وأحزنه ايضًا !؟ 

ليردف بلوم :

_ إنتِ ندمانة يا رقيـة ؟ ندمانة إنك اديتِ جوزك حقوقـه ؟ 

هـزت رأسهـا نافيةً وحاولت التبرير بانزعاج :

_ لا مش كدة، بس يعنـي آآ أنا متضايقـة شويـة 

سألها دون تردد :

_ متضايقة من أية ؟ 

اجابته متهربة :

_ مُـش لازم يعني تعـرف وتقرف نفسك معايا 

إبتسم بهدوء قبل أن يستطرد بود حقيقي :

_ ومين قال إن إنتِ قرف، أنا كُلي تحت أمـرك 

تنهـدت قبل أن تقـول بحزن لم تستطع اخفاؤه :

_ مخنوقة، حاسه إني مش كاملة، إنك اتجوزت عشان أنا مُش قادرة احققلك رغبتك، عشان أنا نص أنثى في نظـرك 

وجحظـت عيناه بصدمـة !!! 

لم يتوقـع أنها تخفي مشاعرها خلف قناع القوة والقسـوة !! 

أنها حزينة لهذه الدرجـة المغزية ! .. 

امسك وجهها بين كفيـه ليسارع بالقول :

_ رقية إنتِ لية مش مصدقة أني فعلاً حاسس إنك كل حاجة ليـا، إنتِ في نظري كاملة وست البنات مش نص انثى، إنتِ أول واخر واحدة ببقى مبسوط معاها، جوازي ماهو إلا وسيلة عشان الطفل اللي العيلة كلها هتموت عليه 

تحـاول إقنـاع نفسها بكلامـه .. ولكن كأنها تزيد تعري لتظهـر نفسها السيئة اكثر !!! 

نعم السيئة فهي من منعت نفسها ومنعته من ذاك الحق ! 

هي من دفعته للزواج بأخرى 

وبسبب غلطة يكفر عنها حتى الان !!! 

حاولت الأبتسام وهي تومئ هامسة :

_ متقلقش عليا يا حبيبي، عادي مفيش حاجة 

قبل جبينها بحب خالص، لينتبه بعدها مهللاً :

_ إنتِ قولتي أية ؟

كست الحمرة وجهها وهي تسأله بعدم فهم مصطنع :

_ أنا مقولتش حاجة قولت اية ؟ 

هـز رأسه نافيًا باصرار سعيد :

_ لأ قولتِ 

ثم برجاء حار قال :

_ قوليها تاني يا رقية عشان خاطري، أنا حبيبك ؟ 

اومـأت بخجـل لتجيبـه بما أثلـج صدره سعادة شعر أنها ربما لن تنتهـي :

_ حبيبي وجوزي وكل حاجة حلوة ليا

تأوه بخفـوت ... 

كلماتها المعسولة التي طالـت الغياب على أذنيـه، الان تروي ظمأه من عشقهـا .. 

ليميل عليهـا يقبلها بشغـف، فحاولت دفعه وهي تقول بدلال :

_ مجدي 

غمغم مغمضمًا عينيه مستمتعًا بعطرها الذي يجذبه :

_ عيون وقلب مجدي 

_ أبعد بقا 

همستهـا وهي تبتسم بمشاكسة، وقد ازدادت نبرتها لينًا لينقض عليها مشبعًا رغبته العاشقة فيهـا بعد ان أردف :

_ وإنتِ متوقعة إني أسيبك بعد الدلع ده كله !!!!! 


                              ********


 كـانـت خالتـه " جميلة " في غرفتهـا، متسطحـة على فراشـها الكبير، وتمسك بيدهـا صورة ما عائلية كبيـرة .. 

تشق ابتسامة شاردة وجههـا المُجعـد، شاردة الذهـن .. شاردة في ماضي قد يكـون رحل فعليًا، ولكن شظاياه مازالت تتردد إلى الان !!!! 

اخـذت تتلمـس الصـورة بابتسامة هادئة قبل أن تهمس :

_ ياااه، مكنتش أعرف إن الدنيا دوارة كدة 

ثم تنهـدت تنهيدة طويلة حارة تحمل الكثير قبل أن تتابع بنفس النبـرة :

_ معقول اللي حصل زمان يتكرر تاني 

اومـأت وهي تتذكـر سيلا ... 

نفس تلك العينـان البنية التي يغطيهـا شعاع لامـع جاذب وغامض في آن واحد !!

نفس الملامـح التي تحمل المعنى الصحيح للطيبـة والود للجميع !! 

نفس الشعر البني الناعم والتي لم تراه الى الان !!!! 

وكأن الزمن يعيد نفسه مرة اخرى 

أيعقل ذلك ؟!

اومـأت مؤكدة وهي تهتف بأصرار غريب :

_ أيوة، هعمل أي حاجة ومش هخلي سليـم يعـرف مهما حصـل لحد الوقت المناسب بس 

نهضـت ثم اتجهـت الي الدولاب الخاص بهـا ثم اخرجـت ملابسها لترتديهـا في دقائق ثم عدلت هندامهـا واتجهت الى الأسفل .. عازمة على الذهـاب معهم الى ذلك الطبيب الذي يلجأ له الجميع !!!! 


                               *******


منذ دلـوف ياسيـن الى ناديـن لم يكـف عن النظـر لها .. 

ليس بأرادتـه، فهي ليست طبيعتـه أن يحدق بالمرضى هكذا .. 

ولكن شيئً ما غريب بها يجعله يحدق بها كأنه طفل صغير منبهرًا بشيئً ما !! 

لا يصـدق الوضـع الذي اقحمها القـدر فيه، وفشلت كل محاولاتـه للتحدث معها كطبيب .. 

جلـس بجـوارهـا مرة اخرى، ليبـدء بالحديـث متنحنحًا بابتسامة مشرقة :

_ أنا مش عارف إية اللي مخليني عندي فضول أعرفك أوي 

بالطـبع لم تعيـره أدنى اهتمام، كانت تنظر امامهـا وكأن شيئً ما شفاف يرغب في التوغل داخلها وهي لا ترغبه !!! 

مد يـده يربت على كتفها ليقول :

_ نادين، أعتبريني اخوكِ، لازم تحكي لي كل حاجة 

وكأن كهرباء صعقتها فهبت منتصبة تضع يداها على اذنيهـا .. واخيرًا خرج صوتها متحشرجًا بصراخ :

_ لاااااااا ابعد عني !!!!! 

ظـل ينظر لها مذهولاً بالفعـل .. 

صراخـها ينم عن حـدوث صدمة تسببت لها في ذاك الصمـت الأسـر !! 

وابتعد على الفور وهو يقول مهدئًا :

_ اهدي اهدي انا اسف 

بالرغـم من فزعـه عليها إلا أنه ارتـاح قليلاً لكونها مدركـة ما يحدث حولها .. 

جلس بهدوء مرة اخرى ليسألهـا ببعض الجدية مستفسرًا :

_ فين أهلك يا ناديـن ؟ 

لم تـرد عليـه وظلت أسيرة الصمـت، ليسألها مرة اخرى بابتسامة :

_ طب ليكِ اخوات ؟ 

عند هذه النقطة ظلت تهز رأسها نافية وهب متشنجـة وقد شعر أنها ستعاودها تلك الحالة من جديد فابتعد برفق وهو يشير لها :

_ اهدي، خدي نفس واهدي، إنتِ لازم تتكلمي، لازم تخرجي من صمتك ده

لم تـرد عليه بالطبـع .. 

ولكنـه أخيرًا استطاع معرفة نقطة ضعف واحدة لها .. 

فقال متساءلاً بهدوء مصطنـع : 

_ طب فين اخواتك وسيبينك كدة لية ؟ 

نهضـت لتبـدء بتكسـير كل شيئ، كل ما تطوله يدهـا تدمـره مع استمرارها بالصـراخ والنحيـب .. 

لا تتحـدث بالطبع ولكن هذا يعد مؤشرًا مبشـر بالقادم !! 

ظلت هكذا حوالي خمسة دقائق لينهض هو مقتربًا منهـا .. 

وفجأة جذبها لأحضانـه ليحتويها بذراعيه بحنـان، وكأنه يخبأها بين ضلوعـه التي تعد كالحصن لها وأنفاسهم المضطربة جنودًا مرتبكة فيها !!!!! 

وفجأة صـدح صوت يعرفـه جيدًا وهو يناديه بنزق مصدوم ؛

_ ياسيـن !!!!! 


                           **********


جلـس كلاً من سليـم و جميلة بالأسفل بأنتظـار سيلا التي كانت ترتدي ملابسهـا، كان سليـم ينظر أمامـه بهدوء ولكن عقله شارد !! 

عقله في سمـاء الامنيـات متمنيًا أن لا تصبح كاذبـة 

هو يكـره الكذب وبشـدة، وإن فعلتهـا ... 

لا يضمـن ماذا سيفعل بها، ولكن غالبًا 

لن يجعل عيناهـا تلمع بفعل سطوع شمس الدنيا مرة اخرى !!!! 

تنهـد بقـوة وهو يمسـح على شعره الأسود الغزيـر .. 

بينما " جميلة " لم تكـن أقل شرودًا منه، ولكنها لا تتمنى 

تفكـر بدقـة لتنفذ ما خططت له منذ أن رأت سيلا اول مرة !!! 

واخيرًا تقدمـت منهم .. وقد شحـب وجههـا، لا تعلم شحب من الخوف ام قلة الطعام !!! 

ولكن المؤكـد أن الخوف لم يترك خلية من خلاياها إلا وتوغلها كليًا !!! 

تخشى إن علم هؤلاء بمعرفة سليم ماذا سيحدث لجدها الحبيب !!! 

وبالأخير خشيت على روحهـا هي .. 

روحها التي ستُزهـق إن علم ذاك الصقر بالتأكيد !! 

صدحت جملة سليم الساخـرة :

_ اية يا عروسة كل ده بتجهـزي 

مطـت شفتيهـا وهي ترد بغيظ مكبوت :

_ منا كنت بلبس بس احتارت اعمل إية يعني 

رفـع حاجبيه ليتابع بنفس السخرية المغتاظة :

_ لية حد قالك إننا خارجين ده احنا رايحين لدكتور ؟! 

اومـأت مردفة ببرود :

_ بردو 

رفعـت " جميلة " يدها لتصيـح بانزعاج مصطنع :

_ خلاص صدعتونـي، عاملين زي القط والفار 

اكملت سيلا وهي تشير له بغضب :

_ لأ يا طنط هو اللي مش طايقني كل ما اعمل حاجة يعلق لي عليها تعليق سخيف !!!

رد مسرعًا بلاذعة مماثلة :

_ لية إن شاء الله كنتِ مرات أبويا ولا اية !!؟ 

رفعـت كتفها لتقول ببرود ظاهري :

_ معرفش اسأل نفسـك 

ضحكـت جميلة لتشيى لهم منهية الحوار :

_ خلاص يا سليم، خلاص يا سيلا اسكتوا، يلا عشان نلحـق 

وهنـا قد عاودهـا ذلك القلق الذي افترش على ملامحـها 

خاطفًا روحها المشاكسة في لمح البصر .. 

جاهدت لتخـرج حروفها ولو متلعثمة قائلة :

_ لأ

سألها سليم رافعًا حاجبه الأيسر :

_ لأ اية ؟ 

هـزت رأسها وهي تنظر للأرضية وتفرك يدها البيضاء :

_ لا مش هروح لدكتور !!!!!! 


                           ********


تكملة الرواية من هنا


بداية الروايه من هنا



قبل ماتخرجوا اتفضلوا الروايات الكامله من بداية الروايه من هنا

 هنا 👇❤️👇❤️👇

 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

  روايات كامله وحصريه 

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


1- روايةبداية الروايه من هنا


 اتجوزت جوزي غصب عنه


2- رواية ضي الحمزه


3- رواية عشق الادهم


4 - رواية تزوجت سلفي


5- رواية نور لأسر


6- رواية مني وعلي


7- رواية افقدني عذريتي


8- رواية أحبه ولكني أكابر


9- رواية عذراء مع زوجي


10- رواية حياتك ثمن عذريتي

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

11- رواية صغيرة الايهم


12- رواية زواج بالاجبار


13- رواية عشقك ترياق


14- رواية حياة ليل


15- رواية الملاك العنيد


16- رواية لست جميله


17- رواية الجميله والوحش


18- رواية حور والافاعي


19- رواية قاسي امتلك قلبي


20- رواية حبيب الروح


21- رواية حياة فارس الصعيد


22- سكريبت غضب الرعد


23- رواية زواجي من أبو زوجي


24- رواية ملك الصقر


25- رواية طليقة زوجي الملعونه


26- رواية زوجتي والمجهول


27- رواية تزوجني كبير البلد


28- رواية أحببت زين الصعيد


29- رواية شطة نار


30- رواية برد الجبل


31- رواية انتقام العقارب

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

32- رواية الداده رئيسة مجلس الإدارة


33- رواية وقعتني ظبوطه


34- رواية أحببت صغيره


35- رواية حماتي


36- رواية انا وضورتي بقينا اصحاب


37- رواية ضابط برتبة حرامي


38- رواية حمايا المراهق


39- رواية ليلة الدخله


40- سكريبت زهرة رجل الجليد


41- رواية روح الصقر


42- رواية جبروت أم


43- رواية زواج اجباري


44- رواية اغتصبني إبن البواب


45- رواية مجنونة قلبي


46-  رواية شهر زاد وقعت في حب معاق


47-  رواية أحببت طفله


48- رواية الاعمي والفاتنه


49- رواية عذراء مع زوجي


50- رواية عفريت مراتي


51- رواية لم يكن أبي

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

52- رواية حورية سليم


53- رواية خادمه ولكن


54- سكريبت لانك محبوبي


55- رواية جارتي وزوجي


56- رواية خادمة قلبي


57- رواية توبه كامله


58- رواية زوج واربع ضراير


59- نوفيلا في منزلي شبح


60- رواية فرسان الصعيد


61- رواية طلقني زوجي


62- قصه قصيره أمان الست


63- قصة فتاه تقضي ليله مع شاب عاذب


64- رواية عشق رحيم


65- رواية البديله الدائمه


66- رواية صراع الحموات


67- رواية أحببت بنت الد أعدائي


68- رواية جبروتي علي أمي


69- رواية حلال الأسد


70- رواية في منزلي شبح


🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


71- رواية أسيرة وعده


72- رواية عذراء بعد الاغتصاب


73- رواية عشقتها رغم صمتها


74- رواية عشق بعد وهم


75- رواية جعله القانون زوجي


76- رواية دموع زهره


77- رواية جحيم زوجة الابن


78- رواية حين تقع في الحب


79- رواية إبن مراته


80- رواية طاغي الصعيد


81- رواية للذئاب وجوه أخري


82- رواية جبل كامله


83- رواية الشيطانه حره طليقه


84- حكاية انوار كامله


85- رواية فيروزة الفهد


86- قصة غسان الصعيدي


87- رواية راجل بالاسم بس


88- رواية عذاب الفارس


89- رواية صليت عاريه


90- رواية صليت عاريه


91- رواية زين وليلي كامله


92- رواية أجبرني أعشقه


93- رواية حماتي طلعت أمي


94- رواية مفيش رحمه


95- رواية شمس العاصي الجزء الاول كامله


96- رواية الوفاء العظيم


97- رواية زوجوني زوجة أخي


98- قصص الانبياء كامله


99- سكريبت وفيت بالوعد


100- سكريبت جمعتنا الشكولاته الساخنه


101- سكريبت سيف وغزل


102- رواية حب الفرسان الجزء الثالث

103- رواية رهان ربحه الأسد


104- رواية رعد والقاصر


105- رواية العذراء الحامل


106- رواية اغتصاب البريئه


107- رواية محاولة اغتصاب ليالي


108 - رواية ملكت قلبي


109 -  رواية عشقت عمدة الصعيد


110- رواية ذئب الداخليه


111- رواية عشق الزين الجزء الاول

112- رواية زوجي وزوجته


113- رواية نجمة كيان


114- رواية شوق العمر


115- رواية أحببتها صعيديه


116- رواية أحتاج إليك كامله


117- رواية عشق الحور كامله


118- رواية لاعائق في طريق الحب

119- رواية عشق الصقر


120- قصة ليت الليالي كلها سود


121- رواية بنت الشيطان


122- رواية الوسيم إبن الحاره والصهباء

123- رواية صغيرتي الجميله


124- رواية أخو جوزك


125- رواية مريض نفسي


126- رواية جبروت مرات إبني


127- رواية هكذا يكون الحب


128- رواية عشق قاسم


129- رواية خادمتي الجميله


130- رواية ثعبان بجسد امرأه


131- رواية جوري قدري


132- رواية اجنبيه بقبضة صعيدي


133- رواية المنتقبه أسيرة الليل


134- رواية نجمتي الفاتنه


135- رواية ليعشقها قلبي


136- رواية نور العاصي


137- رواية من الوحده للحب


138- رواية أحببت مربية ابنتي


139- رواية جوزي اتجوز سلايفي الاثنين


140- رواية شظايا قسوته




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close