expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

جميع الروايات الكامله

 نوفيلا بكاء في ليلة عرس الفصل الاول والتاني والتالت والرابع والاخير بقلم إيمان كمال حصريه وجديده علي مدونة عالم الروايات والمعلومات 

الفصل الأول 

 انسحبت مسرعة شمس الصباح، كأنها كانت على موعد مع احداهم في مكان اخر، لتتيح للظلام يفرش ظلامه على الكون دون خجل من انسحابها، فتجلت الأنوار وضوت بالتفاف حول مدخل هذا المنزل الخارجي، كأنها مثل اوراق شجر اللباب الملتفه والمتداخله معانقه اوراقها بكل حب في سعادة. 

اما في الداخل نجد المدعوين منتشرين كخلية نحل في كل مكان داخل المنزل، منهم من يهنئ والدة العروس، ومنهم من يقدم كاسات شربات العرس، بينما كانت العروس مرتدية زيها الأبيض وفوق رأسها

 تاج متوجها في ليلة تنصيبها على العرش، لكن يبدو على ملامحها الانطفاء والكسرة، والعبوس، لم تخفيها تلك المستحضرات التجميليه المرسومه على وجهها، على عكس والدتها السعادة تبدو مشرقة لهذا التزاوج الذي كم تمنته لابنتها الحسناء، غير مبالية لأي شيء مخالف للعرف وعادتهم، كل الذي يعنيها هو فقط انها تزوجت من زوج عربي ثري لا أكثر. 


فاقت "بسملة" من صدمتها واستوعبت اخيرًا عرسها المزيف، فقد شعرت كأنها كانت تحت تأثير تنويم مغناطيسي، والآن عادت لواقعها المحتوم، المظلم بوصمه سواد تلازمها الباقي من عمرها، كيف لفتاة لم تبلغ العشرون عام تُطلق في نفس يوم عقد قرانها؟

صرخت "بسملة" صرخة هزت جدران ثنايا فؤاد والدتها، اخرجت من اعماقها صرخة مدوية اهتزت لها كل جدران المنزل، التفتت إليها خالتها، فـ ازاد حزنها على تلك المسكينه؛ الذي زوجتها من رجل ثري عربي لا يوجد بقلبه شفقه ولا رحمه دون قصد، اقتربت والدتها حتى تضمها لصدرها الحنون، وعندما اقتربت كان الصد العنيف من جانبها فـ قالت و هي في حالة انهيار تام لها :

تقربي مني دلوچيت عشان تطيبي خاطري يا اماي، عتمسحي دمعتي دلوچيت، كان فين لما كنت عتحايل عليكي وچولك وعحلفك بكل غالي ترحميني ومعتفسخيش خطبتي من معاطي، عجبك عاد  واني قاعده چارك  متطلقة في ليلة دخلتي، عتتبسطي واني ملجيش حد عيبص في وشي تاني واصل.. حرام عليكي اللي عملتي فيا وفيه يا اماي، خلتيني عضحي بالانسان اللي چلبي كان رايده عشان واحد عشمك بشوية جرشنات وبيت وكام قيراط طين، اهو سابني أول ما ابوه وبت عمه مرته دخلوا الفرح، اهو رماني كيف البَهيمه عشان ميزعلش ابوه. 


صمتت تبتلع مرارة الحنظل في علقمها، ثم استطردت بوجع وحزن:


- ضمنتي الأطيان عاد، اهي كل حاجة راحة منيكي، حتى الدهبات اللي كنتي فرحانه بيعم راحوا، واني اللي بقيت قاعده زي البيت الوجف، يارب تكوني ارتاحتي... ذنبي في رچبتك ليوم الدين، و اني معاسمحكيش ابدا واصل.


ادمعت عين والدتها بشده، و جففت الادمع المتساقطة بطرف وشاحها  وحاولت مره أخرى مواستها؛ لكنها رفضت واولتها ظهرها وجلست بعيد عنها، فقد كانت المسافة التي تشعر بها اميال وليس خطوات تعد وتحصى، وحين خلى المكان من المباركين، وانطفئت الأنوار؛ وتحول الفرح لمأتم وكانت العروس هي من ذبحت في ليلة عرسها، فرغ من حولها وبقى إلا من عدد قليل، شردت والدتها "سكينة" حين جاءت لها الخاطبه تزف عليها خبر هذا العريس الشاب الثري ذو المال والجاه "هادف" فكان يمتاز بمميزات لا حصر لها؛ حيث المال الوفير وما يغمر به ابنتها به، ويجلب لها المجوهرات الثمينه، ومنزل فخم في بلدتها، وكل هذا في مقابل ان يكون الزواج سريًا عن اهله، ولا يريد منها اطفال، وكلما جاء من بلدته قضى معها اجازته، وعندما سمعت شرط عدم رغبته في الإنجاب، وقفت محتده عليها رادفة:


- كيف الحديت الماسخ اللي عتقوليه ده يا وليه؟ كيف يعني عتعيش بتي بطولها مقطوعة النسل، متل الارض البور اللي ما عتطرحش، لا عيل ولا تيل يونس وحدتها؟ لع اني موافقش على الهرتله دي واصل، وسكي على الحديت ده عاد. 


امسكت الخاطبة" زبيده" كفيها واجلستها وقالت رادفة بهدوء ومكر لاقناعها: 

- اقعدي على حيلك، واستهدي بالله يا ام بسملة، واسمعي حديتي عاد ولو ملدش عليكي ارميه في البحر. 


جلست ومطت شفتاها بعد ان اخرجت تنهيده من جوفها تصبر حالها قائلة:


- عتقولي اية تاني عاد، ما القصيدة من اولها باينه اهه من غير جواله. 

- ووه ووه مالك أكده شده حيلك عليا ومصبراش، اجفلي خشمك هبابه عشان اجولك على اللي في نيتي. 


أخذت انفاسها "ذبيده" بعد ان سمعت صك "سكينة" كفها على ثغرها دلاله على عدم التحدث، ابتسمت لها وقالت بهدوء:


- الواد زين الزين، وميضرفتش واصل، وان كان على الخلفه، نصبروا سنة ولا اثنين، والمحروسه لسه صغار، مفرجش يعني من سنتين، ولما ناخدوا منيه اللي عايزينه وبزيادة، ونضمنوا حقها، تبقى تحبل، ونقوله حوصل بالغلط، وكله وشطارة بتك، تخليه يعشقها وميجدرش يستغنى عنيها عاد، وتخليه كيف الخاتم في صوبعها، وتهوسه بحسنها ودلالها، يووه ما تشغلي نافوخك وتوعي بتك يا سكينة، هو إني اللي هوعيكي برضك. 


صمتت "ذبيده" بعد ما بخت سمها في جوف "سكينة" ، وانتظرت ترى فعل سريان بخها في كلماتها، وعندما قلبته في رأسها ابتسمت لها برضا قائلة:


- والله وعفارم عليكي يا ذبيده، حديتك معقول برضو، واهو في كل الحالات البت عتستفاد على اد ما تقدر، خلاص اني هتحدد وياها وليكي الحلاوة يا وش الخير. 


ابتسمت بشدة "ذبيده" ثم اعطتها كل ما يخص "هادف" من معلومات، ثم تركتها وانصرفت، وبقت "سكينة" محتارة في مهمه اقناعها بقبولها هذا الزوج بعدما كانت ترفض كل من آتى لقربها بعد افساخ خطبتها من "معاطي" الذي كانت تحبه وتهواه. 

صعدت لها والفرحه تتجلى على ملامحها، وعندما فتحت بابها، وجدتها جالسه فوق فراشها ممسكة ببعض الثياب الذي احتفظت به من رائحه محبوبها، ورفضت ان تعطيها له ضمتها داخل احضانها والعبرات منهمره فوق وجنتيها، عبس نور وجهها واقتربت منها وعيناها تلومها على حالتها، وحين نزعت ما في يدها صرخت "بسملة" هاتفه بحزن:


- بعدي كفك يا اماي عن خلجاتي اللي حلمت علبسها في يوم وانكتب عليها عتتحبس في دلابي كيف ما اني محبوسه في بحور احزاني. 

- ليه كل المناحه اللي عايشة فيها يا بنيتي، امال لو كان عدل كنتي عاملتي في نفسك اية؟ 

- معاطي كان كل حاجة في حياتي، وانتي خابرة ده زين، لكن لولا انك عتدوري على الجرشنات مكنش ده هيبقى حالنا. 


برغم ضيقتها على ما تفوهت به، حاولت تداري كبح غضبها، وضمتها بين يديها وجففت ادمعها وقالت لها:


- يا مخبوله اني هدور على مصلحتك، ومعيهمنيش في الدنيا دي الا اني اشوفك سعيدة في بيت عدلك، مع اللي صونك ويهنيكي، ويغرق يدك اللي كيف الملبن دي بالدهبات الأساور. 


وقفت معترضة وعلى ملامحها الغضب قائلة:


- واني معيزاش ايتها چاجة من كل ده؛ كان ميلدش عليا غير معاطي وبس، وكنت مستعده اكلها معاه انشالله بملح، عنحمد ربنا ونشكره. 


- يا خايبه، ده في الاول، ولما عتضيع بهجه ونشوة العشج يابتي، كله هيروح والمشاكل راح عتدق باب المحبه وكله عيتنسي، اسأليني أنا، ومعيبقى غير صوت عويل ونواح بطنك لما تقرصها الچوع، والبرد لما عينفض جتتك كيف هزة النخيل من اثر هوا الشتا الشديد، اني عملت الصح، ومعاطي مكنش عيسعدك ولا راح هيوفرلك العيشة اللي عتتمرمغي في خيرها. 


نظراتها كانت توضح انها غير مقتنعه لحديثها، فوقفت "سكينة" وقالت لها بحده:


- قصر الحديت عشان منضيعوش وقتنا، زبيده الخاطبه جبتلك عريس زين مفهوش عيب، ولد ناس وغني، وراح يجبلك بيت اهنا في اول البلد، ودهبات مكنتيش عتحلمي بيهم، وكومان هيدفع لك مبلغ كبير جوي مهرك يا زينة البنته.

 بادلتها نظرات التحدي، وقالت بتصميم:

- واني جولت لع يعني لع، معجوزهوش لو انطربقت السما على الارض يا اماي، ومش عتجوز غير معاطي. 


ازداد الغضب، وتتطايرت سهامها القاذفه نحو فؤادها لتصيبه في مقتل عندما تفوهت الأم وهي ممسكه بكتفها قائلة بنبره تهديديه:


- يكون في معلومك، نجوم السما ابعدلك من اللي راح عتفكري فيه، ولو معاطي أخر راجل في الكفر كلتها مش عجوزهولك، ولو رفضتي يا بسملة، عخليكي تتحسري عليه الباقي من عمرك، هي الحكاية اية غير ولد ابن حرام يطلع عليه في انصاص الليالي، ويديله الطريحه التمام؛ عتخليه راقد عيتمنى الموت ولا يلاجيه، انتي خابرة ان امك تجدر تعملها، ولا يصعبش عليها ايتها حاچة، فعجلي أكده، وحطي عقلك في راسك، ووزني الامور وطاوعي امك، لو لسه عتخافي على حبيب الچلب. 


اتصدمت "بسملة" مما تفوهت به والدتها، وكانت متيقنه انها تستطع تنفيذ ما قالت وهددت به، لكن كيف لها ان تقذف بروحها داخل النار، وتترك ذكرياتها وقلبها المفتون بحبه، جلست تفكر وتكرر ما دار، ثم قالت لها في يأس:


- اني من أجل محبه معاطي؛ افديه بروحي يا اماي، اني راح وافق على اللي اخترتيه، بس وحيات الغالي عندك ما تعملي فيه ايتها حاجة، لو لسه في قلبك محبه ليا، سبيه وكفايه اللي شافه من قهر وبعد، فراق. 


اخذتها في احضانها وربتت على كتفها، وهي تمسد على خصلات شعرها الذهبيه مثل خيوط الشمس قائلة بسعادة وانتصار لما حققته:


- هو ده زين العقل، وطول ما انتي تحت طوعي وعتسمعي حديتي، اوعدك اني ماليش صالح بيه واصل، لكن لو جليتي بعقلك متلوميش غير عقلك، واعملي حسابك كلتها يومين بالكتير هتشوفي عريسك لما يجي البلد. 


تركتها امها وانصرفت، ورمت بجسدها فوق تختها وانفطرت في البكاء من ظلم وقسوة قلب والدتها التي لا تهتم إلا بالمال فقط، دون النظر لسعادة ابنتها، ومع من ستسلمها بيدها له. 


ظلت "بسملة" حبيسه جدران غرفتها رافضة الخروج منها، جالسه منتظرة يوم حكم الإعدام بالنسبه لها، فالموت واحد ولا يفرق لها طالما ستحيا بدون رفقه محبوبها، فمن أجله سترمي بروحها داخل النار بنفس راضية لتفيده، فليس لديها أغلى من روحها فداء له.. 

وجاء اليوم المنتظر؛ وصول"هادف" الشاب الوسيم، ذو بشره بيضاء، وعينان سودواتين عميقتان، من ينظر لهما يتوه في بحور ظلامها، فقد كان في مقتبل الثلاثين من عمره، مرتدي عباءه بيضاء وفوق رأسه وشاح فوقه عقال زاده رونق ووسامه، بصحبة الخاطبة محملًا بالهدايا الكثيرة للعروس، وايضًا علبه بداخلها عقد من الماس، وعدة اسوار تزغلل عين والدتها التي حين رأت هدايا جحظت عيناها من الاندهاش من شدة روعتها.. وبعد ان تعرف عليها، جلس يعرفها كل ظروفة، انبهر بحسنها وهدوءها، وسحر بخصلات شعرها الطويل، وعيناها البندقية، المرسومه بريشة فنان ابدع في تحديدها، والذي زادها جمال التواء اهدابها الطويله لأعلى، جعله ينبهر وينظر لها برغبه جعلتها مطأطأه لأسفل، كم تمنى سماع صوتها الذي لم تنطق بحرف طوال جلستها معه، فكانت والدتها هي من تتفق وصاحبة الكلمه العليا في الجلسة، وبعد ان اتفق على كل الماديات، قرر يكون الزواج بعد يومان، وقدم لها شيكًا بالملبغ الذي اتفقت عليه لشراء المنزل المحدد لها، على ان يتم الزواج ويسافر بها لقضاء اجازته حتى تجهز والدتها كل شيء، تعالت الاغاريد من قبل "زبيده" ووالدتها تحت انظارها، وهي مسلوبه الاراده، تشعر انها تباع في سوق النخاسه بأقل ثمن، صوت الاغاريد في اذناها ما كان إلا نواح على موتها.. نعم تشعر الآن انها ماتت بالحياة حين وافقت على نحرها بهذه الطريقة.. 

لم تحتاج "بسملة" لوقت لتجهيز ما تحتاجه أي عروس، فقد كان كل جهازها مكتمل، والدتها فقط هي من كانت تبحث طوال الوقت على منزل فخم يليق بأبنتها، وبعد بحث مكثف وجدته كاملا ولا ينقصه شيء، اتفقت مع صاحبه على أن يخليه في اقرب وقت ليتم البيع في وجود العريس، وافق الاثنان، وتم تجهيز الأوراق المبدئية. 

ومر اليومان سريعًا وها هي جاءت لحظة الحزم وجلس العريس بمقابلة خال العروس ليكون وكيلها، وتمت مراسم الزفاف، وما ان انتهى المأذون من اجراءته، حتى فوجئ الجميع بولوج رجلاً كبيرا في العمر ممسكًا بيده عصا غليظة يتوكأ عليها، بجواره امرأه شابه ذات الرداء الأسود، وعلى راسها وشاح ملوف ظاهر مقدمة شعرها، تقدمت منه وبنظرات نارية خطفت قسمية زواجهما التي طبعت عليهما امضاءه ومزقتها بكل عنف وغل، بينما والده امسكه من تلابيب عباءته قائلا:


- ااه يا ملعون الوالدين، هتفضل طول عمرك شين(سيئ)، ابقى بقيت عمري اسري خلفك عشان انتشك من اللي تسويه. 


سكت ثواني يأخذ أنفاسه وتشدق بغضب وصوت جهور:


- طلقها الحين، وقوم اسري معي، سود الله وجهك، انت ما تستحي باللي تسوية. 


تلجلج "هادف" من صدمته بمعرفة والدية ما فعل، فرد عليه بتلعثم:


- يا بوي ما يصير اطلقها، أني لسه توي متملك. 


ضرب اباه بعصاه الأرض بقوة؛ فهتز قلب "هادف" المرتجف ورد بحزم شديد وتوعد:


- هي كلمه واحده قولت طلقها الحين، وإلا انت خابر زين اللي هسويه، بمجرد ما اوصل راح اسوي كل ما املك لمرتك بت عمك اللي مبهدلها وياك كل شوي، وانت أقلب وجهك. 


رد مندفعًا حين انهى قوله، وحررها من ذمته للتو، تحت انظار واندهاش جميع الحضور، وما ان قالها وعاود المأذون تنفيذ الاجراءات، اقتربت زوجته من العروس التي كانت لا تعي لما حدث وما زال يحدث، وشدت من رقبتها العقد بكل عنف، واخذته منها ولم تجد أي رد فعل، وعندما لمحت الأساور في يديها، امسكتها بقوة محرره اياها منها، برغم شدة عنفها معها؛ لكن كانت تشعر "بسملة" بأنها تحررها من قيدها الذي كانت مقيدة به، لجم لسان امها أمام هيبة والده برغم كبره لكن له هيبه وعظمه لا أحد ينكرها، ازداد خوفها حينما لمحت البودي جارد ذو الهيئة الضخمه بجانبه يحرسونه، انتبهت لصوت زئيره قائلا لابنه:


- هل كتبت لهم اي مصاري؟ 


اومأ برأسه بنعم، فصرخ الأب وطالبا الأم بتلك المصاري، ومع مشاورته للأسدان الواقفان بجواره، اخرجت "سكينة" من حقيبتها الشيك وقدمته له، فتناوله الآخر ووضعه داخل عباءته، واخذ ولده وانصرف، بعد ان حول الفرح لمأتم، ولم يدافع العريس ولا استطاع أن يصمد امام جبروت كل من زوجته ووالده، وخرج وكأنه لم يكن هنا موجود منذ قليل.


ياترى الأيام مخبية اية لبسملة؟

وهل هيصالحهم القدر ويجمع بينها وبين معاطي مره تانيه 


الفصل الثاني


فاقت "سكينة" من شرودها على صوت عتاب اخاها الذي يصغرها ببعض أعوام، لكنه كان يتسم بطباع مختلفه عن اختيه، فقد كان رهيف القلب، شديد التسامح، فحين زاد من عتابه ولومه، وقفت اخته وانهت حواره معه بقوة، وربتت على كتفها لتواسيها مما هي فيه، جففت دموعها، وحين شاهدت انهيار ابنتها قالت لها بنبره باكيه:


- حرام عليكي يا بتي ليه عتظلميني بس، اني كان كل حلمي استتك مع راجل عيصونك و يكون مقتدر، معاطي هو اللي كدب علينا في الأول، و ما دام الراجل عيكدب يبقى ملوش أمان يا بتي، دخل علينا بالحنجل و المنجل و صدقناه، لكن كله إلا الكدب.

حقك عليا يا ضنايا، و بكره عيجيلك اللي عيستهلك و احسن منيه الف مره.


كانت تسمعها "بسملة" و بداخلها تريد ان تصم حتى لا تسمع ما تقوله، فهي اغرمت بقوة على ترك حبيبها "معاطي" اول انسان دق على باب جدران قلبها وتربع بداخله، وضعت يداها على عيناها واغمضتهما حتى توأد هذا الوميض الذي راودها أمام عيونها و اصعب لحظات هاجمتها بكل قسوة تتعش ذاكرتها حين نزعت من اصبعها البنصر خاتم خطوبتها وحتم عليهما بالفراق المميت فـ شردت غصب عنها في هذا اليوم الصعيب... 


فقد كان واقفًا  "معاطي" مطأطأ الرأس لأسفل خجلا من معرفة حقيقته الكاذبه، فـ لم يستطع مواجهة والدة خطيبته، التي رمقته بغضب يكاد ان يطيح به لمفترق الطرق، فـ وجهت حديثها له بحزم:


- بجى انت يا معاطي عتفتكر إني عشان مَره قولت اضحك عليها وارسم على بتها أنك من الاعيان، وصاحب فدادين واطيان، قوم ربك كشف  كدبتك فاكرك انها عتمشي عليا، لع فوق ياولد الطحاوي مش سكينة اللي عيل كيفك راح يلبسها الطاجيه ويغفلها، ده اني اشتريك انت واهلك كلاتهم. 


كان يستمع كل اهانتها و لا يتفوه ثغره بحرف، كأنه خرس للتو، عيناه تلمع من الحزن لافتضاح أمره في وقت قصير، فـ هو لم تلحقه الأيام ان يمتع عيناه ويحيا فترة اطول مع صغيرته التي احبها منذ سنوات في صمت ولم يستطع البوح بعشقه خوفًا من رفضه لفقره الذي وصم به، فاق على سماع احب صوت لقلبه قائلة:


- جول حاچة يامعاطي، اونطق وكدب الحديت ده !! جول محوصلش واصل اللي بتقوله اماي !! 

جول ان ابن النجعاوي بيتبلى عليك، وانك عفيف و عمرك ما عتكذب عليا واصل ؟! بلاش تسكت أكده كيف الصنم، حرام عليك انت معرفش سكوتك ده عيعمل فيا ايه ؟! أني روحي عتطلع من جتتي بالبطئ يا معاطي. 


قالت حديثها و هي تبكي مقتربه منه وتضربه في صدره بقوة ليفيق من حالته ويبرئ نفسه؛ لكنه كان واقفًا كالصنم لا يتحرك، يحترق داخليًا على حالتها وحالته، وما وصلت بهم الأيام وتوهمه بأن بهذه الكذبه البيضاء سينولها، لكن لسوء حظه ان والدتها رفضت عقد القرآن برغم تصميمه في طلبه، ربما لو كانت على ذمته الآن لما تركها حتى لو دفع حياته ثمنا لاحتفاظه بها، فهي بالنسبه له الوطن الذي على اتم استعداد ان يفديه بروحه. 

وقعت "بسملة" ارضًا فـ قدماها لم تسعفها ان تقف عليهما، و اكتفت بنظرات اللوم و العتاب له، بينما والدتها حاولت مساعدتها للنهوض مره اخرى مردده لها بنبره قويه:


- قومي يا بتي واجمدي أكده، مفيش راجل يتساهل البكا والنويح ده عاد، ده معيستهلش دمعه واحده عتنزل من عيونك عليه ، انسيه وارميه الكذاب ده واكل ناسه،  وشدي حيلك واقفي على رچليكِ وانشفي، انتي لساكي صغيرة وعودك طري، وياما راح عتشوفي من الدنيا، اخلعي دبلته وارميها يا بتي بطول دراعك، وارمي معاها كل همومك و احزانك. 

رفعت عيناها الدامعه في عدم تصديق لما تقول، و تمسكت بتلك الخاتم الذي يطوق اصبعها كأنه هو طوق نجاتها لاخر لحظه، وبحركه لا إراديه تشبثت به وعيونها متعلقه بعيناه الدامعه من اجلها، تترجاها بالا تفعلها، لكن امسكت والدتها بجمود يدها ونزعت بقوة هذا الخاتم ورمته في وجهه، شعرت "بسملة" حينها بأنها كادت ان تنزع عنها روحها بكل ما اوتت من قوة وتركتها للتو جسد بدون روح، وعند هذه اللحظه استفاق "معاطي" وقال وهو راكعا نحوها مردد:


- لع اياكِ تهمليني بالسهولة دي يا بسملة، هان عليكي كل اللي ما بينا ؟! 


ردت بنحيب وصوتها مخنوق قائلة:


- مهنش عليا اني ياحبة القلب ولا كان عمره عيهون، لكن انت اللي هان عليك وعتحطنا في اصعب موقف، انت السبب يا معاطي مش أني. 

- والله وحياة محبتك اللي اتزرعت في چلبي؛ كان غصب عني، مكنش جدامي طريقة عشان انولك غير أكده، سامحيني يا حبيبتي ومعتتخليش عني اني من غيرك عموت. 


صرخت والدتها وامسكته من تلابيب جلبابه بقوة لتزيحه من امامها قائلة:


- بعد عنها ملكش صالح بيها تاني عاد، واللي عندنا اخدته، دبلتك والشبكه حداك، ياريت تورينا عرض اكتافك وتوقفل الباب وراك، وبلاها الحديث الماسخ ده ملهوش عازه دلوجيت كل واحد مناتكوا راح لحال طريقه. 


ازاح يدها بقوة لا يعلم كيف جاءت له ورمقها بشرار وقال موجهه حديثه للتي لاحول لها ولا قوة :


- لع مش راح اسيب روحي اهنه وافارق، طريقنا لسه واحد يا بسملة، جولي لامك تهملنا لحالنا، نعيش سوا على قد الحال، اني مش عايز من الدنيا دي كلاتها غير انتي يا بت الناس. 


وانقلبت الأوضاع في ثانيه، وهي التي اصبحت صامته هذه المره لا تستطيع معارضة والدتها التي ربتها بعد طلاقها من والدها الذي لا تعلم عنه شيء منذ ان تزوج من سيدة اسكندرانيه وتركها وترك والدتها من اجلها، ومنذ ذلك الحين أصبحت هي والدتها و والدها وكل شيء، لذا كانت لابد والدتها ان تتسم بالشده والحزم، فهي امرأه ربت صغيرتها بمفردها ولابد ان تكون شديده لتقف امام الجميع ولا أحد يقترب منها ويظلمها وينهش فيها، فنحن في زمن الضعيف يدهس تحت الاقدام ولا يوجد له ديه ، لهذا كان الجواب هو سيول ادمعها فقط تبكي في صمت، و حين رآها "معاطي" هكذا انسحب دون حديث، لملم الباقي من كرامته التي تبعثرت و خرج وبداخله خذلان من الدنيا كلها، وليس منها فقط، أغلق الباب بكل قوته انتفضت على اثرها "بسملة" وعادت من شرودها لواقعها المرير تذكر اسم حبيبها بكل نبضة بداخل قلبها. 


وفي اثناء عقد القران منذ قليل؛ كان "معاطي" واقفًا مذبوحًا في قلبه من سهام الهوى تطعن به بلا رحمه وهو يرى حبيبته خطفت من بين يده ويعقد قرانها لغيره، وهو مكتف الأيدي يفرفر مثل الذبيحه ولا يجد من يتم نحره وينهي لحظات حياته ربما يرتاح من هذا العذاب، سند بيده على هذا الجذع الكبير الذي طالما تجمعا هو وهي اسفله اثناء فترة خطوبتهما القصيرة، وكم شهد أسعد اللحظات بينهما، و لم يتخيل لحظه انه سيشهد ايضًا على كل أوجاعه مره أخرى، كأن الحال تبدل ومن بعد الفرح انقبلت عليه دنياه واذاقته من مرار الفراق كؤوس دفعه واحده دون ان تنظر بعين الرأفة و تسأل هل سيتحمل كل هذا العذاب ام لا ؟!

ظل هكذا ينعي حظه دون ان يشعر به أحد.


و بعد مرور وقت طويل، ما زال "شوقي" يسير في كل الطرقات يسأل عن صديقه و ابن عمه "معاطي" كل من يراه، و لا أحد استطاع اجابته بمكانه، ظل يجوب هنا و هناك، حتى تذكر المكان المفضل لقلبه، عند الشجره العتيقة التي تبعد عن منزل حبيبته "بسملة" فكان يحدثه عنها كثيرا، و انه يجد روحه هناك، ركض مهرولا نحوه بفرحه ليزف له أجمل بشاره، وحين وجده يبكي وحيدًا مثل من توفى له غالي وعزيز على قلبه، قال بصوت فرح مهلل:


- انت قاعد اهنه تنعي حظك يا حزين، و اني بلف عليك كيف النحله بجالي اكتر من نص ساعة يا ولد الفرطوس أنت.


رفع رأسه و نظر له بحزن، ثم نكسها مره ثانية دون أي تعقيب، فـ أثار غضب "شوقي" فقال:


- بقى أكده معترضش عليا وسيبني اتحدد مع حالي كيف المكذوب، والله خساره فيك الخبر الزين اللي بلف عشان ابشرك بيه يا معاطي.


انتبه لحديثه و سأل بلهفه غريق يحتاج لقشه تنجده من غرقه و ترسيه لبر الأمان :


- جول طوالي خبر إيه الزين اللي عتتحدد عنه ده ؟!

- لع مقايلش متستهلش عاد.

- شوقي مش وقتوا تهزروا هزارك الماسخ ده دلوجيت، يا تجول خبر ايه، يا تفارجني لحزني في حالي.


نظر له بشفقه وجلس بجواره ارضًا ثم قال:


- خلاص هجول و افرحك لونك لسانك طويل ومتستهلش؛ حبيبة القلب بسملة.

قاطعه برعب حقيقي ولهفه :


- مالها لبه القلب والروح؟

- الفرح اتفشكل، واتطلقت بعد ما المأذون كتب الكتاب بهبابه.


قال حروفه دفعه واحده كـ رصاصات فرح خرجت ترقص في الهواء فرحًا، فنشرح قلب "معاطي" و حدقه بصدمه اعتلت وجهه، برغم السعاده التي يشعر بها، ثم استوعب ما قاله، وامسكه من تلابيب جلبابه و قال:


- اية اللي عتقوله ده؟ كيف حوصل؟ انت باينك شارب بكل الجرشنات اللي حداك يا ولد عمي، اوزن حديتك زين امال، انا قلبي راح يقف من الفرحه.


ازاح يده و قال بابتسامة :


- بقي أكده يا معاطي، ماشي يا بن عمي مقبولة منيك برضو، بس اني جولت اللي حوصل من هابه، و اول ما الخبر وصلني فرحت جوي وفضلت اسأل عنك طوب الأرض عشان افرحك.


حاول "معاطي" تنظيم انفاسه بهدوء فقد كان قلبه من وجفته يشعر انه سيقف للتو، احقًا صدقًا ما قاله ابن عمه ؟! هل يعقل ان حبيبة قلبه من الممكن ان تعود له من جديد، لقد تجدد الأمل وترعرع مره ثانيه بداخله، وعليه ان يحاول مع والدتها مئات المرات لكسب رضاها من جديد، وقف و عانق "شوقي" بحب و قبله لهذه البشرى ثم تركه وركض مهرولا نحو بيتها على أمل ان يشاهدها واقفه في شرفتها مثلما يفعل كل يوم؛ يمر اسفل شرفتها لعله يخطف نظره منها تبرد نيران شوقه ولهفته، من بعد ان كان له الحق في مشاهدتها كيفما شاء،  أصبحت الآن محرمه عليه و بعيده بعد السماء عن الأرض.

انتظرها كثيرًا وحين طال انتظاره، امسك هاتفه يهاتفها لعله يبرد من نيران اشواقه بسماع صوتها، بينما "بسملة" مستلقية على فراشها حزينة على ماحدث، وإذا بها تسمع صديح هاتفها وتلمح مكتوب على شاشته حبة القلب.


ياترى بسملة هتقدر تقف قصاد جبروت امها وترجع لمعاطي؟ ولا جبروتها هيكون اقوى من حبهم لبعض؟


الفصل الثالث 


بينما "بسملة" مستلقية على فراشها حزينة على ماحدث، وإذا بها تسمع صديح هاتفها وتلمح مكتوب على شاشته حبة القلب، انتفضت وكأنه هو الترياق الذي يطيب الامها

 ردت بلهفه قائلة:


- عرفت باللي حصلي يا حبة القلب؟

- لسه عارف من هبابه، و جتلك طوالي وانتظرت كتير جوي تحت شباكك يمكن تحني على الغلبان بنظره، ولما غبتي مسكت التلفون واني بدعي ربي ان امك معتشوفش اسمي وتمنعك تردي عليا.

- لع معتخافش تاني واصل، اني من بعد اللي جرالي مبجاش اخاف عاد تاني.

- يعني عتقفي جاري يا لبة القلب، ونتحدوا الكل عشان ننول المراد ؟!

- معاك لاخر نفس عنتنفسوه يا حبة جلبي من جوه.

- عحبك جوي جوي يابسملة جلبي من جوه، واتوحشتك فوق ما عتتخيلي يا بَه.

- واني كومان زي واكتر هبابه منيك يا معاطي، بس عنعمل اية مع اماي؟

- سبيها على معاطي، عسوق عليها طوب الارض طوبه طوبه لحد ما عترضى على معاطي الغلبان.

- يارب يا معاطي يسمع منك ربنا، ويهديكي علينا يا ماي، أني هقفل بقى وياك عشان معتحسش بيا وتعرف اننا عنتكلم سوا.

- طب اطلعي هبابه املي عيني منيكي.


اغلقت معه و فتحت نافذتها التي كانت بمثابة طاقة نور و أمل بالنسبه للعاشق الولهان أسفل، فحين طلت عليه برغم كثره بكاءها وحمرة عيناها؛ إلا أنها كان وجهها يشع ضياء اضاء قلبه و وجهه، تبسمت له بحب، و شاور لها ثم انصرف والسعادة تغزو صدره تعجل قلبه يرفرف فرحًا.

              * * * * * * * * * * 


ومرت الأيام سريعًا وكان "معاطي" عند قوله، وحاول مع والدتها كثيرًا وجعل كبار البلد تتوسط له لديها، كل اقاربها الرجال؛ لكنها كانت عند موقفها بالا توافق إلا إذا كان يملك عمل مربح، و أرض يبني عليها منزلا كبيرًا مثل الذي تسكن فيه، لم تشفع لبكاء ونحيب ابنتها، فقد استعملت معها كل سبل الضغوط لتؤثر عليها، جلست بمفردها في غرفتها، قاطعت الطعام لعدة ايام، قاطعت الحديث معها، كل هذا واكثر وهي متمسكه بموقفها الذي لا تتنازل عنه مهما حدث.


                  ★****★


وفي ذات يوم توجهت لمنزل خالتها تطمئن عليها فكانت حالتها حزينة منذ ما حدث، وإذا فجأه تسمع طرقات على الباب، قامت بفتحه وإذا بها ترى الواقف امامها "مهران" ابن خالتها، كان الانكسار والحزن يكسو وجهه، عيناه السوداوتين الحسره والهم عشش داخل الجفن والنني، من يراه لا يصدق بأنه "مهران" النظره منه تشرح القلب، حاله تبدل، كادت ان تشاور له بالدخول، اوقفها صوت خالتها قائلة بصوت جهور :


- عندك ياولد، اجف مكانك ولا تخطي خطوة واحده جوه الدوار، ملكش حاچة اهنه، روح ما طرح ما چيت، مش اخترت المصراويه اللي بعدتك عن اهلك وارضك، وخليتك تعيش فربحها، چيت ليه تاني عاد؟ 


قال والدموع كونت سحابه امام عيناه جعلت الرؤية مشوشه غير واضحه لكن نبره صوته بها ترجي :


- چيت عشانك يا أماه، چيت استسمحك ترضي على ولدك.


قاطعته وقالت وهي تستمد قوتها من عجازها المتشبثه به مردده:


- اني محديش ولاد، ابني مات ودفنته وسكن التراب، وملكش أم اهنه، ورچلك إياك طول ما أني عايشة تعتبها و لا تخطوها، و يوم ما يچيك خبري؛ ما يعزاكش تمشي في چنازتي ولا حتى تاخد عزايا.


حاول يقاطعها ويحنن قلبها، لكنها شاورت بيدها انه يقف عن الحديث بأي حرف، ثم قوت روحها بنفسها وقالت :

- و عيكون في معلومك انت محداكش عندي لا ارض ولا مال، وكل اللي ليك راح عتبرع بيه صدقه خلي بقى بنت المصراوية تنفعك، مشي روح لحالك ومش عايزة المح طيفك تاني.


كانت "بسملة" ترمقه بشفقه على حالته، وايضا لم تتعجب من قسوة خالتها، فهي واختها ورثوا نفس القوة وقسوة الطبع، و عندما اولاها "مهران" ظهره وتحرك بخطى ثقيلة محمله بخذلان اقرب ما لديه، سمع صوت "بسملة" مناديه عليه قائلة:


- استني يا ولد خالتي.


التفت لها وعيناه تسألها:


- اني حاسه بيك و الخذلان اللي عشوفه في عينك كبير جوي، اسألني إني عن قسوة القلب، راح عقولك موجوده في اماي وخيتها، معليش يا مهران فترة وبإذن الله عتعدي وربنا عيهديهم هما التنين.


اخرج" مهران" تنهيده وجع من جوفه، ونظر لها بتمعن قائلا:


- شكلك موجوعة اوي يا بسملة ؟!

- جوي جوي ياولد خالتي، ومشكلتي ملهاش حل واصل غير في ربنا.


برغم حالته وما يشعر به، لكنه اشفق عليها فالذي اذاق مرار القسوة والخذلان يشعر جيدا بغيره، فقال لها مأكدًا:


- مفيش مشكلة وملهاش حل، احكيلي ويمكن يكون عندي حلها.

- عن چد يا مهران. 

- عن چد يابت خالتي، قولي مشكلتك؟


تنهدت "بسملة" وقصت عليه من بداية معرفتها وحبها لـ"معاطي" حتى هذه اللحظة، حزن على تفكير حالته المادي، وكيف لها ان تخطط لتعاسه ابنتها من اجل ان تزوجها لرجل ثري يجلب لها مال واطيان، تاركه رجل يريدها و ويتمنى سعادتها، ربت على كتفها بحنان وقال بآسف :


- حقك عليا أنا كمان جيت عليكي وظلمتك يا بسملة، وكنت فاكر انك وافقتي على الراجل الثري بارادتك، لما حكالي خالي بالمختصر انك هتتجوزي، لكن لما سمعتك دلوقتي؛ غيرت نظرتي وربنا يقدرني وحل مشكلتك تكون عندي، بس انتي اتصلي بمعاطي وخليه يجي يقابلني.


تهللت اسارير صفحة وجهها وتوردت وابتسمت فظهرت لؤلؤ اسنانها، عيناها ترمقه بعدم تصديق، لكنه اومأ لها بصدق ما تفوه به، امسكت هاتفها ورنت على رقمه الذي تحفظه عن ظهر قلب، فأجاب فورا قائلا:


- لبه القلب من جوه عتطلبني، يادي الهنا اللي انت فيه يا واد يامعاطي. 


خجلت من رده و قالت بـ توتر:


- ملوش عازه حديتك ده دلوچيت يا معاطي، هيم بسرعة و تعالى طوالي، ولد خالتي مهران عايزك ضروري. 


حين سمع بأسمه استشاط غيظًا وقال بصوت مرتفع:


- و ماله بيكي الجدع ده، اني خلصت من عريس الغافله؛ عشان عيجي ولد خالتك يقف بيناتنا، انتي واجفه عتتحدتتي وياه ليه، في اية بينك وبينه انطقي ؟!! 


توترها زاد حين سمعت صوته المرتفع الذي وصل لـ "مهران" فأشار لها بيده وأخذ منها الهاتف وقال له بهدوء عكس بركان الوجع المشتعل بداخله:

- اهدي يا معاطي، بسملة حكتلي قصتكوا، وأنا حاسس ان من واجبي ناحيتها اساعدها، خصوصا بعد اللي حصلها وكسر خاطرها عشان كده الحل عندي تعالى قابلني وبإذن الله ربنا هيسر لك وتتجوزها. 

- صحيح اللي عتقوله ده يا استاذ مهران. 

- صحيح يا معاطي، متتأخرش و تعالى قوام. 

- فريره وهتلجيلني حداك، انت واجف في أيتها حته ؟ 


ابلغه بمكانه و مرت عشر دقائق وكان معاطي واقفًا امامه وصوت انفاسه تعلو من سرعه ركوضه مهرولا له، انتظره حتى هدأت انفاسه و قال "مهران" :


- شوف يا معاطي انا جربت طعم الظلم، ومش عايز حد يجربه، وحاسس ان من واجبي اني اقف جنب بنت خالتي واساعدها مادام في مقدرتي ده، وان كان حل المشكلة الفلوس؛ فأمرها سهل، ويمكن ربنا جعلني سبب اني اجي عشان اجمع شملكوا على سنة الله ورسوله، يهدي الحال بيني و بين أمي، وتسامحني هي كمان. 


ردت "بسملة" و آمنت على دعاءه بصدق، و انتظرت ليكمل حديثه هاتفًا:

- مشكلتكوا ما دامت ديتها الفلوس تبقى مش مشكله خالص، وحلها سهل. 

رد بقلة حليه و حزن "معاطي" متسائل :


- كيف ده يا استاذ مهران، هو اني حيلتي حاچة، اچيب منين الجرشنات عشان ترضى عني امها؟

 

ربت على ظهره "مهران " و قال:


- ملكش صالح بالفلوس، انا هديك فلوس تشتري بيها أرض، و ازرعها وأبني بيت ليك و لبسملة، ساعتها خالتي مش هتمانع و هتوافق تتجوزها. 

- و النبي عتتحدد بحق، اجرصيني يابت يا بسملة عشان اصدق ؟! ده ولا في الاحلام، وياما في لسه ناس طيبه وعتعمل الخير و هترميه في البحر، ربنا يسعدك يا استاذ مهران يارب و ينولك مرادك بحق ما انت بتساعدنا. 

- أنا مش عارفه اشكرك ازاي يا ولد خالتي، چميلك ده عيبقى دين في رقبتي طول العمر. 

- ندرًا عليا لو حصل وتم المراد وربنا رزقنا بعيل عسميه مهران عشان افتكرك العمر كله، و لما يكبر عحكيله أنت كيف عملت معانا وكنت السبب انه يجي للدنيا. 


ابتسم "مهران" وشعر بالسعادة عندما شاهدها على وجههما، وشاهد كم الحب الذي يفيض من عيونهما، لذلك قرر انه سيقف بجانبهما حتى يتم زواجهما، توجهوا تجاه سيارته، واخرج منها دفتر الشيكات الذي يلازمه اينما يكون وكتب له مبلغًا يعادل شراء قطعة أرض، و طلب منه انه يكتبها بأسم ابنة خالته ضمانًا لحقها، وهو لم يعارض وظهر حسن نيته، وعاهده بفعل ذلك، وبذلك لم تعارض والدتها، ثم صافحه بحراره و استقل سيارته وسافر و هو يشعر بأنه فعل شيء عظيم. 


بينما "معاطي" ينظر للذي بيده وعيناه لا تصدق هذا المبلغ الذي وقع عليه من حيث لا يدري، وظل يحمد ربه ويشكره، ودعا له بأن يهدي له الحال و يسعد كما اسعدهما، ثم قال لها:


- اني مش قادر اصدق الحلم الجميل اللي عنحلموه ده يا بسملة !! 

- لع صدق يا عطعوطي، ده فرج ربنا علينا، المهم حافظ على الشيك اللي في يدك زين، لحد ما نسرفوه بكره، وشوف و اسأل على ارض زينه وعفيه أكده عشان تشتريها. 

- وه وه وه بقالك كتير جوي مقلوتيش عطعوطي ولا سمعتها منيكي يالبه جلبي من جوه. 

- يا خرابي عليك شوف بچولك ايه، تجولي اية؟ و الله انت رايق يامعاطي. 

- و مروقش ليه وكلها ايام وهتبقي في داري و تفضلي تجولي عطعوطي دي طول النهار و الليل، عشان اشبع منيها يا چلبي. 


ابتسمت بتمني وهي تحلم بتلك اللحظه، ورمقته بنظرة كلها عشق وحب هاتفة:


- يارب يا معاطي يكملها ربنا على خير، وعهد عليا معبطلش ابدا اناديك بيها يا حبة چلبي من جوة، 

هفوتك انا لحسن عوچت جوي على خالتي وزمانها استعوجتني، وتبقى تجولي على اللي عملته بكره. 

- حاضر ياقلبي، في أمان الله وحفظه. 


عاودت لبيت خالتها، وما ان رأتها حتى سألتها:


- كنتي وين كل ده يا بسملة؟ 

عوجتي ليه أكده؟ 

- لا مفيش يا خالتي، اني كنت عتحدد مع مهران، بنطيبه بخاطره بس. 

- واية اللي عيوقفك وياه، ولا تتحددتي معاه مره تانية واصل، ولا كأنك عتعرفيه من اهنا ورايح. 


قالت كلامها بحده وغضب، جعلت "بسملة" تقترب منها وتحاول تهديها هاتفه:

- ليه اكده يا خالة، ده مهما يكن ولدك ومعيستغناش عنيكي واصل، وان كان غلطت فجلبك كبير ومع الايام عتسامحيه اني متوكده من ده عاد. 


اغمضت خالتها عيناها بتسجن الحزن بداخلهما، ولا تظهر امامها بالضعف الذي يحتل كل انش بدواخلها، ثم فتحتهما قائلة:


- انتي معرفاش حاجة يا بتي، اني ابان قدامه وقدامكوا اني جوية وشديده، لكن في الحقيقة اني ست ضعيفة وكنت عتمنى ولدي الوحيد يقف قدام الكل ويباشر ارضة بنفسه، بدل ما يختار مرته ويعيش بعيد عني، ويهمل كل فلوسه اهنه ويروح يفتح ايشي شركة يسفر فيها الناس، ولولا اني ضغطت عليه كان عاود تاني للسفر بره مصر، ربنا رزقني بولد كيف عامل زي القرع يمد لبره، وممتهوش فايده ولا عازه لاهله. 

- كيف ده يا خالة، والله ما في اطيب من جلب ولدك، ولا من حنيته، بكفاية كل شوية يچي البلد يطلب رضاكي، حد غيره كان زهق ومعاودتش تاني، ادعيله يهدي سره يا خالتي ويسعده ويرزقه بالزرية الصالحه. 

- يارب يابتي، ويعوضك خير على ما صابك. 

ابتسمت "بسملة" وانشرح قلبها من دعاء خالتها، وتمنت ان ربنا يقرب المراد وتسعد مع من اختاره لها قدرها. 

          * * * * * * * * * * * 


و مر ثلاث أيام كان من خلالها يسأل "معاطي" و يستفسر عن شراء قطعة الأرض حتى وجدها بسعر مناسب وتم الاتفاق عليها ودفع مبلغ مقدمًا و كتب عقد ابتدائي وحين امسكه بيده ركض مهرولا تجاه منزل محبوبته، و طرق بابها وحين انفرج طاقة النور على وجهها الساطع، تبسم وطلب منها مقابلة والدتها، ادخلته و توجهت نحوها واستعطفتها لمقابلته، و حينما رأته قالت :


- خير يا معاطي، اية اللي جابك وحدفك علينا السعادي؟ 


قام "معاطي" من مجلسه و قدم لها عقد الأرض و قال بفرحه :


- اني چبت مهر بسملة يا خالة، وكمان كتبت عقد الارض بأسمها عشان ترضي عليا و توافقي تجوزهالي. 


نظرت متمعنه في الورقة و تاكدت من صحة حديثه عاد، ثم عبس وجهها و قالت مستفسره:


- وه من وين چبت كل الجرشنات دي؟ سرقت و لا نهبت مين يا ولا؟


ياترى هتوافق ام بسملة على معاطي؟

ولا هيكون ليها رأي تاني؟


الفصل الرابع والأخير 


- اهدي شوية على حالك يا خالة، نهب اية وسرقة ايه اللي عتقولي عليه، انتي ليكي الاكل ولا بحلجه؟! 

العقد أهو في يدك، وكمان بأسم بتك عشان تضمني حقها، واني عشتريها بروحي، عندك مانع تاني؟ 

- لا مانع و لا ممنعش، بس اني كنت عستفسر ياولدي مش بتي وعايزة اطمن عليها. 


أخذ من يدها العقد و قال وعيناه ترمق "بسملة" بحب رادفًا:


- لع اطمني چوي چوي، اني عنحطوها چوة نن العين وعنقفلوا عليها برموش عيوني، بس انتي قولي أه و فرحي چلبي يا خالة. 


ابتسمت اخيرًا والدتها و اعلنت موافقتها و تحديد موعد للزفاف بعد ان يقوم ببناء المنزل و يجهزه. 

وتعالت صوت الاغاريد في المنزل بعد طول غيابها و امتلئت الفرحة اخيرًا قلوب العاشقين، واصبح قربهم مجرد شهور بسيطة يجهز فيها منزل الزوجية و الفرحة الكبيرة تسكن جدران ثنايا قلوبهما. 

و بعد انصراف "معاطي" هاتفت "بسملة" "مهران" لتشكره وتبلغه بما حدث منذ قليل وسعد بشدة لها، وبارك لها وقال لها بأنه متكفل بتجهيز المنزل حتى تتزوج في اقرب وقت، فلم تجد اي حديث لنشكره على كرمه الزائد، فرد عليها بأن ما يفعله معها إلا انه واجب عليه بحكم صلة الرحم، فما جاء منها إلا انها ادمعت من شدة الفرحة وابلغته بسعادتها ولا يوجد في قلبها الا الحب والاحترام والتقدير له، تنهد الاخر براحه وطلب منها ان يأتي له "معاطي" في شركته الخاصة به ليكتب له مبلغ ليسرع في بناء المنزل لتتم الفرحه الكبيره، ثم اغلق معها وهو يشعر بالراحه انه ساعد في لم شمل ابنة خالته، و تمنى لهما السعادة ودعا ربه أنه يسعده مثلهما.

              ★*******★


ومرت الأيام والاسابيع في جهد وتعب جهز "معاطي" البيت الذي سيسكن فيه مع "بسملة" وكل هذا بفضل "مهران" وما اعطاه له من توفير المال، وكان "معاطي" وقته يوزعه بين مراعاة أرضه وزرعته وبين تجهيز المنزل. 


وفي ذات يوم  كان "مهران" يباشر عمله واتاه اتصال هاتفي من "معاطي" يبلغه بموعد عقد قرانه وزفافه، وكم تمنى أن يأتي لتكتمل فرحته، لكن

" مهران" بارك له واعتذر بشدة لعدم قبول والدته التي طالما حاول معها كان الرفض من قبلها دائما، فالتمس له العذر و شكره بشدة لما فعل معه، ثم اغلق معه والتفت للتي كانت تسمعه و علامات الدهشة مرسومه على وجهها، تبسم لها "مهران" ثم همس لها وقال:


- حبيبي مندهشه ليه كده؟


وضعت يداها في وسط خصرها، ورفعت حاجباها الأيسر وقالت:


- لا ابدا اصل حبيبي شكله كده مخبي عليا حاجة انا معرفهاش؟!


اقترب منها بخطوات رزينة وعلى محياه ابتسامه ذوبت غضبها المصطنع و قال لها بحب:


- ابدا يا يا حياتي، لا مخبي ولا حاجة ابدا هحكيلك كل الموضوع واحنا بتعشا سوا، اية رأيك؟


اومأت له و بادلته ابتسامته وقالت:


- تمام يا ميهو، موعدنا على العشا، وبما انها هتبقى ليلة صباحي هروح انا بقى واجهزها من دلوقتي، وانت اوعى تتأخر عليا.

- هو أنا اقدر برضو، أول ما العملاء يشموا هجيلك هوى ياروح قلبي.


مر الوقت سريعًا، وانتهى "مهران" من عمله، واستقل سيارته ليتوجه لها بكل شوق وبداخله رضا وشكر بعد ان نعم الله عليه بالسعادة، وحين ولج بالداخل وجد "حنين" جهزت الطعام على المائدة واضاءة الشموع منثوره في كل مكان، وهي متزينه بأجمل رداء، واستنشق عطرها الفواح في كل ركن من اركان الشقة، تقدمت نحوه وتمايلت بغنج، و امسكت يداه واجلسته على رأس المائده، كل هذا حدث وعينان "مهران" لا تصدق كم السعادة التي تسري بداخل شريان فؤاده، فـ قبل يدها و جلست بجواره تطعمه من الطعام الذي صنعته يداها بكل حب له، و حين اذاقه تاه من جمال ما اكل، وبدأت هي تذكره بالموضوع، وقص عليها كل شيء منذ ان قابل "بسملة" وعرف بقصتها، كانت "حنين" تسمعه واذنيها لا تصدق كل ما فعله، وما رأته من تمني ودعاء لهما بالسعادة، جعلها تندم على كل لحظة تردد عاشتها، ولعنت غباءها في بعدها عن هذا الحبيب الذي تمنته وحقق مناها رب العالمين، وشكرت ربها انه اختارها وباع كل شيء من اجل التمسك بها، وندمت على فترة غيابها عنه لتعطية فرصة اتخاذ القرار بين التمسك بأرضة وزراعتها بناء على طلب والدته، وبين تحقيق حلمه في بناء شركته وتكون برفقته في مدينة القاهرة. 

تركت ما بيدها وجثت على ركبتها وقالت بحب:

- ياحبيبي يا مهران، كل ده عملته عشان ربنا يقربهم من بعض. 

وضحيت بأرضك وبكل شيء عشاني؟ انت للدرجة دي بت....


لم يجعلها تكمل كلمتها قربها منه والتهم شفتاها بحب شديد، ثم ابعدها وقال:


- بحبك وبعشقك يا حنيني، وكنت مستعد اعمل اي حاجة وافضل ادعي ربنا ان دعاها ربنا يستجيبه وترجعي ليا من تاني.

- ياحبيبي يا مهران، واديني اهو رجعت ومستحيل ابعد تاني مهما حصل، بعد ما انت اثبت ليا انك متمسك بيا لابعد الحدود، وآسفة على بعدي عنك الفترة اللي فاتت. 

- يارب ياحبيبتي مفيش حاجة تبعدنا تاني في يوم من الأيام.


نظر للطعام ولعابه جرى عليه و قال:


- يالا ناكل بقى لحسن ريحة اكلك النهارده محدش يقدر يقاومه.

- ده بس عشان عملته بحب ياحبيبي.


اكملا طعامهم في حب وسعادة، بعد ان ذاقا كل منهما مرار الفراق، والآن اخذنا نصيبهما من الفرح والحب.

وبعد ان انتهى من طعامهم، اعلنت "حنين" عن أجمل خبر سار سعد به "مهران" وجعله طائرا من السعادة، حين ابلغته بخبر حملها، وحلم بمرور الشهور ليقدمه بيده إلى والدته حتى يحنن قلبها عليه وتسعد برؤيته، ضمها لقلبه بسعادة، وناما وهو محتضنها داخل احضانه، ويداه واضعها حول بطنها، ليشعر جنينه انه سنده وفي ظهره طوال ايام حياته ولن يخذله مهما فعل معه.. 

                ★*****★


وعقد "معاطي" على "بسملة" والفرحة كانت غامرة داخل القلوب، وحقق مناه بعد طول حرمان، والتقى القلبين في حلال الله وسنة رسوله، وبدأ "معاطي" حياته التي بدأت للتو حين كتبت عروسة الحسناء على اسمه، وعاش معها اسعد أيام حياته، نست فيها تلك الليلة المشئومه التي لولاها ما كانت وصلت لهذه الفرحة مع حبيبها، وبدل الله البكا والحزن لفرحة تتراقص لها القلوب.. 


وبعد مرور تسعة شهور، كان "معاطي" قد سدد نصف ثمن الأرض، من خلال ما حصده من ارضة التي زرعها بعرقة بكل حب وعطاء، فهو لن يقبل بما قاله "مهران" بأنها هدية منه لابنة خالته، وشكره على موقفه وصبره عليه حتى يسدد الباقي، ويكفي جميله الذي حمله فوق رأسه إلى مالا نهاية عمره. 


وجاء يوم ولادة "بسملة" التي لم تكمل شهورها التسع، وكأن جنينها متعجلا لنزول دنياه، وصداح صوته بالبكاء هز جدران الغرفة بعدما اخرجته الطبيبة التي أتى بها "معاطي" من المركز، وكم سعد بأن الجنين ولد؛ ليفي وعده لابن خالتها "مهران"، دخل عليها والفرحه تتطاير من وجهه قائلا:


- حمدلله على سلامتك يا غالية، ويا أم مهران الغالي. 


ردت بوهن:

- يسلمك ليا يا ابو مهران، ياترى شبه مين فينا؟


امسكه بيد مرتعشه نظرا لصغر حجمه، وكبر في أذناه، وقال بفرحة:


- ووه ووه الولد فوله وانجسمت نصين مني يا بسملة، معكنتش اعرف انك هتحبيني جوي اكده. 


تبسمت له بحب، وكادت ان تتفوه لولا صوت أمها قالت وهي تأخذه منه لتعطيها لها هاتفه بحده:


- عيشبهلك كيف عاد؟ 

الواد نسخه من بتي، قمر زيها ماشاء الله. 


ردت "بسملة" وهي تنظر لصغيرها ثم لزوجها قائلة بحب:


- لع يا اماي ده واخد حتى لون عيون عطعوطي، حتى بقه نسخه منيه، مش اكده يا معاطي؟ 


ابتسم بشده على جبر خاطر زوجته دائما له، فقال وهو محتضنها بيده:


- اني اللي يهمني انه حته منيكي يا لبة جلبي من جوة، ومش مهم عاد شبه مين فينا، يارب يبارك فيه ويحفظه لينا. 


انتهدت بضيق والدتها، ونهضت من مجلسها قائلة:


- اني هقوم اجبلك وكل تتجوي بيه، ومنقصاش اسمع لحديتكوا الماسخ ده، بلا قلة حيا. 


 تركتهم وظلا يضحكان عليها وعلى حديثها المغلف دائما بالقسوة، وقبلها "معاطي" بكل حب، داعيًا الله ان يتم سعدتهما. 

               ★*******★


وتماثلت "حنين" بالشفاء بعد ولادتها وانجابها لطفلهما الأول الذي اصر "مهران" تسميته على اسم والده "ماهر"، وذهبا إلى منزل والدته، وعندما فتحت بابه شاهدت طفله الصغير، تهللت اسارير وجهها، وذابت معها الغضب وانصهر، وضمته لقلبها وازاد حين علمت بانه اسماه "ماهر" ورحبت بهم، وضمتها "حنين" وجلسوا جميعًا بعد ان تم الصفح والصلح، ووعدها " مهران" بأنه لن ينقطع عن بلدته، وانه سيباشر ارضة قدر المستطاع، وانه قرر الجلوس لمتابعة شركته في القاهرة، ولن يسافر مره ثانية، هدأت والدته وسعدت بقراره. 


علمت "بسملة" بعودة "مهران" وزوجته و معهما صغيره، ابلغت زوجها فورا بمجيئة وتوجهوا فورا لمباركته بعودته لحضن بلده وبمجئ طفله، وكانت المفاجأة حين علم ان "معاطي" صدق في وعده وسمى طفله على اسمه، ضمه بحنان وعرفهم على زوجته، وقضى وقت ممتع مع اهله، فكم كان محروم من احساس دفئ الأهل، وكأن روحه ردت إليه للتو، و هو يرى سعادة والدته بصغيرة، حمد الله كل منهما على ما ارزقة و ما أنعم عليه من نعم.

وعاشوا الجميع في هناء، واكتشفت "سكينة" وتعلمت الدرس أن السعادة الحقيقية ليس بكثرة المال؛ انما بمن يتقي الله في زوجته، وهي لا تنكر حسن معاملة "معاطي" لابنتها وانه لا يتحمل عليها نسمه هواء تلحفها وتجرحها، وندمت انها فكرت في يوم تبيعها من أجل المال، وشكرت ربها على ما حدث، وتمنت من قلبها أن يتم سعادته عليها.


"تمت بحمد الله"


 

الروايات الأكثر قراءه 👇👇


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺


الصفحه الرئيسيه من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺



رواية عروسي المشوهه كامله


سكريبت يامرسال الهوي


سكريبت كامل


سكريبات كامله


رواية عشق الحور


رواية زهرة الياسمين


رواية زواج بالقوه


رواية الحب في زمن الحرب


روايات حصريه وجديده


رواية جريمه لاتغتفر


روايات حصريه وجديده


رواية تغيرت لأجلها


رواية زواج بالغصب


رواية قاصر وصعيدي


رواية حب ضايع



رواية نسمتي البريئه



رواية زوج ماما ولكن



رواية حكاية ليل



رواية باعني من احببت



رواية دبحت لحماتي القطه



حماتي عاوزه تجاوز



رواية القسوه



قصة صاحب الحيله



قصة عريس الهنا ياسعدي أنا



تزوجت زوجي وليس في الوجود مثله



نوفيلا بكاء في ليلة عرس



الصفحه الرئيسيه من هنا



روايات كامله من هنا



الروايات الاكثر قراءه👇👇👇


1- رواية جبروت معقده









































































































































































































































































تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close