أخر الاخبار

رواية ومقبل ع الصعيد الفصل الاول والتاني بقلم رانيا الخولي

 رواية ومقبل ع الصعيد الفصل الاول والتاني بقلم رانيا الخولي 


مقدمة

يتسائل الأنسان

أهو ميسر أو مخير، كالسفينه تتلاعب بأشرعتها رياح الأقدار

وقفت  تنظر إلى تلك القرية التي تمنت كثيرًا المجئ إليها، وها قد جائتها لكن  مكسورة الخاطر والفؤاد، آتت هاربه من براثين ذلك الشيطان الذي دمرها، ترى  هل ستجد الراحه والسلوان في ذلك المكان، أم كتب عليها أينما ذهبت تلاحقها  الشياطين.

تقدمت من ذلك المنزل الذي يحتوى تلك العائلة  التي سمعت عنها الكثير والكثير من والدها، لكن ماذا سيكون رد فعلهم عندما  يعلموا من تكون.

❈-❈-❈

كلما تقدم ذلك القطار من تلك البلده كلما رق قلبه شوقًا لرؤياها.

يتمنى الوصول إلى بلدته بأسرع وقت، حتى شعر بأن القطار ثابت لا يتحرك.

لو أخبرته بذهابها لم يكن يتوانا لحظه واحده عن الذهاب معاها، فقد كان ذلك أتفاقهم حتى تم إكتشاف أمرهم

ها قد وصل القطار، وها هو ذا يقف على أعتابها تلفح وجهه نسماتها النقية ..

يتحرى شوقًا لرؤية من دمرت والدته صورتهم الوردية، لكن عبثًا، لم يصدق كلمة واحدة مما قيل.

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل الأول


سقط عمران على المقعد وقد شعر بصعوبة بالغة في التنفس بعد تلك الصدمة التي تلقاها.


وأى صدمة! فقد كانت صدمه قاتله هزت ذلك الجبل الذي ظل ثابتًا رغم تلك المحن التي مرت عليه.


كيف فعل ذلك بنفسه وبأولاده، وقد خسر كل شيء وأصبح خالي الوفاض.


خسر ميراث أجداده والحائط المتين الذي كان مستندًا عليه ، فينتهي به الحال داخل ذلك المنزل الذى أصبح بين ليلة وضحاها لا يملك سواه


أنتهى كل شيء الآن


زواج ابنه الأكبر 


ومشروع ابنه الأصغر 


كل ذلك تلاشى بعد أن كان بين يديه 


شعر بنغصه حاده في قلبه وقد ازدادت وتيرة تنفسه فاصبح يترنح في وقفته


 حاول الوقوف لكن قدميه أصبحت كالهلام لم تستطيع حمله وقبل أن يسقط أرضًا كانت تلك اليد الداعمة له دائمًا تنتشله من السقوط 


فسأله جمال بلهفه:


_ مالك ياحاچ؟


لم يستطيع عمران التحدث من شدة الصدمة التي تلقاها لتوه، وساعده جمال  على الجلوس فوق الأريكة وأسرع بإعطائه كوبًا من الماء الذى تجرعه بظمأ 


فيعاود جمال سؤاله بخوف:


_ مالك يا بوي؛ انت زين؟ ابعت أشيعلك الدكتور؟


رد عمران بتعب وقد هدئ تنفسه قليلًا:


_ أنا بخير ياولدى متجلجش؛ أنا زين.


لم يقتنع جمال بكلامه وقد ظهر الشحوب واضحًا عليه فقال بإصرار: 


_لا أحنا لازمن نروح للدكتور أنت شكلك تعبان جوى خلينا نطمن. 


 لم يستطيع عمران إخفاء الأمر على إبنه الذي كان ومازال ذراعه الأيمن والداعم له في كل معضلاته فقال بألم 


_ خلاص ياولدي مفيش داعي؛ بعد ما كل شئ راح وانتهى. 


 لم يستوعب جمال معنى كلماته وسأله مستفسرًا 


_بتجول أيه ياحاچ، مش فاهم. 


رد بألم: 


_ حامد الخليلي مات أمبارح؛ جطاعين الطريج طلعوا عليه عشيه وضربوه بالنار وأخدوا الفلوس اللي معاه.


رغم الصدمة التي الجمته لثواني معدودة إلا  أنه تحدث بثبات:


_ فداك الدنيا وكل شيء يابوى، كفاية علينا حسك في الدنيا 


تساءل عمران بألم:


_ كيف بس ياولدي؛ وفرحك اللي بجيله سبوعين، ومشروع أخوك اللي بيحلم بيه من سنين؟! 


رد جمال بحكمه:


_ فرحي يتأجل ياحاچ، وإن كان على منصور أخوي هو عمره ما هيفضل مصلحته عليك، هناخد فلوس المشروع وندفع بيها چزء من رهنية الأرض، ومع الوقت كل حاچه هترجع كيف لول وأحسن كمان.


لم يقتنع عمران بكلام ابنه فهو يعلم منصور جيدًا لن يتنازل عن حلمه لأجل أحد حتى وإن كان والده 


أردف جمال 


_ تعالى معي تروح اوضتك وترتاح على فرشتك وأرمي حمولك كلها عليا؛ وبعون الله هنعدي الأزمة دي زي ماعدينا كتير غيرها.


هز عمران رأسه بيأس 


_ بس المره دي واعره جوي.


أكد له جمال وهو يمد يده يسنده


_ هتعدي يابوى، هتعدي.


استند عمران على جذعه الذي لم يلين يومًا ومنذ صغره وهو دائمًا جدار صلب يستند عليه إذا مال ولو قليلًا.


وعند خروجهم من الغرفة تفاجئت جليلة برؤية معشوقها الذي لم يهدئ حبهم مهما مرت الأعوام، تراه الآن وهو خارجًا من مكتبه مستندًا على ولدها، بقلب ملتاع أسرعت اليهم وهى تسأله بخوف:


_مالك ياحاچ؟


نظرت لابنها وأردفت 


_ أبوك ماله ياجمال؟


قال عمران بتعب 


_متجلجيش ياجلية انا زين والحمد لله   


أمسكت ذراعه الاخرى وساندته حتى صعدت به غرفتهم واستلقى على الفراش بمساعدة ابنه 


دثرته جليله جيداً ثم نظرت الى ابنها قائله 


_ روح انت ياولدي وأنا هفضل معاه


نظر جمال الى أبيه وقال بصوت أجش 


_ أن احتاچتنيى يابوي فأنا ديمًا في ضهرك، متجلجش من حاچه واصل طول ما انا عايش.


أومأ له بعينيه


فتناول يد أبيه ليقبلها ثم خرج من الغرفه كي يذهب إلى أخيه ويخبره بما حدث.


❈-❈-❈


صعدت جليلة على الفراش بجواره وقلبها يأن ألماً على رؤيته بتلك الحاله.


فهذا حبيبها منذ الصغير ورغم كل الصعوبات التى وقفت تهدد صفوهم إلا إن عشقهم حارب تلك الصعوبات ببسالة حتى تلاشت وانتصر العشق حينها.


_مالك ياعمران أحكيلي.. 


❈-❈-❈


وقف مذهولاً من رده وكأن من أمامه قد تلاشت من قلبه الرحمة 


لم يرأف بحالة أبيه ولا ما سيحدث له لو ضاعت تلك الارض من بين أيديهم، يعلم جيدًا بأنه لا يبالي بأحد لكن لم يتخيل يومًا أن تصل به الأنانية لدرجة الإنحطاط


وكان من امامه نزعت من قلبه الرحمة


_للدرجة دي محناش فارجين معاك؟!


علا صوته قليلاً وهو يتابع


_ للدرجة دي انت أناني وميهمكش غير مصلحتك وبس؟


استدار منصور حتى يوليه ظهره ورد قائلاً بجحود


_ أبوك اللي غلط ولازم يتحمل لوحده نتيجة غلطه، قلتله ونبهته انه لازم يضمن حقة بشيك ولا أي حاجه؛ بس هو مهتمش حتى بكلامي، اهو الراجل مات وريني بقى هيقدر يثبت حقه إزاي. 


لم يتخيل يومًا أن يكون أخاه بكل تلك الحقارة، يتحدث عن والده وكأنه عدو وسأله بتوجس


_ أنت شمتان ف أبوك إياك؟!


نفى منصور قائلاً


_أنا مش شمتان ولا حاجه، وبعدين دي مش قصتنا، أنا مستحيل أتخلى عن حلمي لأى سبب من الأسباب، المشروع ده هو اللي هيرفعني لفوق مش أرض وكلام فاضي.


لم يصدق جمال ما نطق به لسان اخيه 


وشعر بأن من يقف أمامه متبجحاً الآن لا ينتمى اليه بقيد أنمله 


رآه يخرج من الغرفة وهو يحمل حقيبته مستعداً للذهاب ويبدوا أنه ذهاب دون عودة فيصيح به جمال


_ بردك هتمشي وتهملنا؟


رد بإصرار وهو يتابع خروجه


_ أيوة ومش راجع هنا تاني..


❈-❈-❈


انتهى عمران من سرد ما حدث معه منذ أن أتفق مع رفيق عمره على إنشاء ذلك المشروع الذين حلموا به كثيرًا منذ صغرهم 


لكن يشاء القدر أن ينتهى به الحال مقتولاً من قاطعي الطريق وسرقة ما بحوزته 


بعد أن رهن كليهما أراضيهم حتى يستطيع كلاهما توفير المال المطلوب منهم.


_ هى دي كل الحكاية ياچليلة، معرفش أعمل أيه دلوجت.


ربتت جليلة على كتفه تحاول تهون الامر عليه


_ إن شاء الله هتتحل وربك مش هيسيبنا واصل، وإن كان على الرهنية أنا هسحب الفلوس اللي بأسمي في البنك ودهبي وكل شئ حداي ، وبردك فلوس المشروع بتاع منصور، وإن اتسلفنا جرشين عليهم ونفكوا الرهنية.


ابتسم عمران بحزن وقال بيأس


_ كل اللي بتجولي عليه ده مش هيكفي نص الفلوس حتى.


ردت جليلة بتفاؤل وهي تضغط على يده 


_ لو كفت نص الدين يبجى زين جوي، ويعالم يمكن ربنا يفرجها من عنديه.


ردد بتمنى 


_ يارب 


طرقات خافته على باب الغرفه تلاها دخول جمال الذي لم يستطيع اخفاء حزنه تلك المره وقال لوالده


_ كيفك دلوجت يابوى؟


أيقن عمران من نظرات ابنه بأن منصور لم يوافق على التنازل، فأراد التأكد أكثر


_ بخير ياولدي أومال فينه منصور؟


ارتبك جمال ولم يستطيع الرد، فعلم حينها أنه رفض أعطاءه المال الذي بحوزته وسأله بغصة


_ سافر مش إكده؟


التزم الصمت ولم يستطيع البوح بما في داخله فأردف عمران


_ ولدي وأنا خابره زين، كل اللي يهمه مصلحته وبس.


هزت جليلها رأسها بحزن من ذلك الذي لم ولن يتغير مهما حدث، فقال جمال بثقة 


_ متجلجش يابوي وزي ما جلتلك سيب كل حاچه عليا، وأنا جدها إن شاء الله.


نظرت جليلة إلي ولدها الذي يحاول بصعوبة أخفاء حزنه لتقول بثقه 


_ جدها ياولدي وخابره إن الحمل تجيل عليك، بس إن شاء الله ربنا هيخلف عليك بالزين ويجبر بخاطرك.


....


خرج جمال من منزله متجهًا إلى منزل محبوبته، عليه أن يخبرها بكل شئ ويترك لها حرية الإختيار، إذا أرادت أن تبتعد فلن يلومها على ذلك، فهو لا يعرف حتى الآن ما يخبئه له القدر، لكن بوادره تخبره بأنها أيام عسيرة، وربما لا ترحم


وصل إلى منزلها فيجد والدها وأخيها في المنزل، وعندما رأوه رحبوا به بسعة


_ أهلًا بولد الغالي.


قالها والدها وصديق أبيه عند ولوجه للمنزل مما جعل الكلمات التي نوى قولها تنحشر في حلقه فتآبى الخروج.


جلسوا جميعًا في مضيفة المنزل وجمال يحاول بصعوبة بالغة انتقاء الكلمات التي سيلقيها عليهم فتحدث بإحراج


_ لو سمحت ياعمي كنت رايد أتحدت معاك في موضوع مهم ولازمن وسيلة تكون موچودة 


شعر عاصم بالقلق وسأله بتوجس


_ جلجتني ياولد عمران خير


رد بإحراج اشد


_ معلش زى ما جولتلك لازمن تكون موجودة لأن الكلام ده يخصها بردك 


نظر عاصم إلى ولده وأمره بأستدعاءها فآتت على الفور 


تقدمت منهم ولأول مره ينقبض قلبها عند رؤيتها لملامحه التى لا تبشر بخير مطلقًا


_ السلام عليكم 


رد الجميع السلام ثم آمرها والدها بالجلوس معهم ونظر إلى جمال قائلاً


_ أهى چات جول بجى اللى عنديك.


ازدرأ ريقه بصعوبة ومازال يهرب بعينيه بعيدًا عن محيط عينيها التي تنظر إليه بتساءل وقال بثبات زائف.


_ أنا رايد أكون صريح معاكم وخبركم باللي حُصل، وبعدها هسيبلكم حرية الأختيار، ولو رفضتم مجدرش ألومك وهعملكم اللى رايدينه.


ٱانقبض قلبها أكثر وأرادت أن تخرج الجميع وتبقى معه وحدها حتى تعرف ما يود قوله لكن وليد أخيها سبقها قائلًا


_ متجول في إيه من غير مجدمات.


بدأ جمال بسرد كل شئ حتى أردف في النهاية


_ وأنا چاي دلوجت عشان أجولكم إني بعفيكم من الچوازه دي لأن الأيام الچاية دي هتكون صعبه جوي وحرام أظلمها معاي.


ساد الصمت قليلًا بين الجميع وكلًا ينظر للأمر بمنظور آخر حتى تحدث عاصم بإستياء


_ ردي مش هيكون ليك ياولد عمران ده هيكون لأبوك اللي عتابي ليه هيكون جاسي جوي.


حاول جمال التحدث لكنه منعه قائلًا


_ جلت ولا كلمة.


خرج عاصم دون قول شئ وترك جمال الذي لا يعرف ماذا يفعل الآن ينسحب بهدوء أم يبقى أمام تلك التي تنظر إليه بعتاب آقسى مما يتحمل، تحدث وليد بثبات 


_ طيب انا هسيبكم دجيجتين وراجع تاني


خرج وليد تاركًا الاثنين في حيرة من أمرهم، تهربت الكلمات منه وكأنه تلاشت منه أبجدية الكلمات.


حتى قاطعت هى ذلك الصمت بعتاب


_ للدرچة شايفني جليلة الأصل يا جمال؟


أصابته الكلمة في مقتل ليرد مسرعًا


_ حشى لله يابنت الناس، كل الحكاية إني مش رايد أظلمك معاى واني معرفش الأيام اللي چاية دي هتكون كيف وعشان أكده جلت أخبرك بكل شئ.


تابعت عتابها


_ وانت لما تبعد عني جبل فرحنا بإسبوعين ده مش ظلم بردك؟


قالتها بلوم جعلته يستاء من نفسه، لم يفكر في ذلك الأمر كل ما جال بخاطره هو انقاذها من براثين الفقر الذي سيعاني منهم في الأيام المقبله فيرد بنفى.


_ أنا مقصدش واصل اللي فهمتيه، بس كان لازمن أخبرك بكل حاچه غير كمان انا معدش حيلتي حاچه واصل اجدمهالك، ولا حتى مصاريف الفرح


تابعت بلوم أشد أرادت به إيلامه كما آلمها


_ يعني عادي أكده تتخلى عني تسيبني لغيرك.


تحول الحزن إلى غيره قاتلة عند ذكر تلك الكلمة، لكنه تحكم في غيرته وتحدث باقطتاب 


_ جلتلك.غصب عني ومش بيدي.


هم بالإنصراف لكنها وقفت أمامه تمنعه وقالت بحكمه


_ أنا بحبك يا جمال ومعاك مهما تكون ظروفك، هكون سند ليك؛ الحضن اللي ترمي فيه همومك، الجلب اللي هيحس بيك لو جلت آه وأنت بعيد عني


ده اكتر وجت محتاچني فيه، مستحيل أتخلى عنيك واصل مهما حُصل.


تهرب بعينيه منها وقد لامست بكلماتها قلبه العاشق لها وتحدث بألم


_ خايف عليكي من اللي چاى.


ردت بنفي


_ بخاف عليكي من بعدي، مش ده كلامك ليا، ليه دلوقت خايف عليا من جربك.


لاحت ابتسامه صافية على محياة مما جعلها تبتسم بدورها وأردفت بصدق


_ الحياة من غيرك ملهاش طعم ولا عازه يبجى إزاى عايزني أفارج الروح اللي متعلجه بروحي.


تاهت الكلمات بين شفتيه واكتفى بالنظر لتلك العينين التي تشبه صفاء شمس الشروق.


فيفيق كلاهما من تلك الفقعه الوردية على صوت وليد أخيها  


_ معلش ياچمال بس الحاچ مشيعلك تاچي دلوجت.


حمحم جمال بإحراج وأومأ له ليخرج دون قول شئ.


❈-❈-❈


بعد خروج عاصم من منزله 


ذهب مسرعًا إلى صديقة الذي أخفى عليه ذلك الأمر، لقد أخبره بشأن تلك الصفقة لكن رفض المشاركة بها وحاول اثناءه عن ذلك لكنه صمم كى يساعد ولديه.


دلف إلى المنزل يسأل عنه فتخبره الخادمه بأنه قد تعب قليلًا وهو الآن في غرفته


قال عاصم بإصرار 


_ جوليلوا إني رايده ضروري ولازمن اجابله


صعدت أم حسين لغرفته لتطرق الباب فتفتح جليله وتسألها 


_ خير يا أم حسين أنا مش جيلالك أنه عايز يرتاح.


ردت ام حسين  


_ الحاج عاصم تحت ومصر أنه يجابله سمعوا صوت عمران الذي تحدث بتعب 


_ دخليه المكتب وأنا چاي دلوجت 


أنصرفت ام حسين وتدلف جليلة فتجده ينهض من الفراش بتعب حاولت منعه لكنه اصر قائلاً 


_ أكيد أبنك خبره بكل شئ لأنه جال هيأچل چوازته


ساعدته بإرتداء جلبابه ونزل للأسفل


 وهو يحاول الثبات أمام صديقه الذي وقف ينظر إليه بعتاب فأشار له  بالولوج إلى غرفة المكتب ليتحدث عاصم بعتاب 


_ أيه اللي حُصل ياخوى.


سقط قناع الثبات أمام صديقه وبئر أسراره ليرتمي على الأريكة وهو يقول بألم.


_ وكأن صدمه واحده مش كفاية چاتني التانية بعديها طولي.


جلس عاصم بجواره ليسأله بحيرة


_ كيف ده أحكيلي.


تنهد بألم وتابع


_ أكيد چمال ولدي حكالك كل شئ بس اللى جهرني هو منصور ابني اللى رفض يجف جانبي في محنتي ورفض يعطيني الفلوس اللي أخدها واللي عمل كل ده عشان أحجج له حلمه، أخد الفلوس واتخلى عنينا وهمل البلد وسافر.


لم تكن حالته تسمح بالعتاب مما جعل عاصم يقول بدعم


_ أحنا عشنا عمرنا كله نجف جانب بعضينا، ياما وجعت وملجتش غير يدك اللي بتساعدني أجف على رچلي من تاني، ويوم انت ما تجع هتلاجي يدي وضهري سندينك


حاول عمران الأعتراض لكن عاصم منعه  بحزم


_ ألغي أى كلام دلوجت، أهم حاچه أننا نلحج الأرض جبل ما تضيع منينا وبعدين يبجى نتحاسب 


لم يزيده حديث عاصم سوى مراره وحزن آلم قلبه عندما قارن حديثه وموقفه معه بحديث ابنه.


طرق الباب ويدلف حينها جمال الذي ما أن رآه عاصم حتى تحدث بلوم


_ كمان باعتلي ابنك يرچع في كلمته اللي أدهاني جبل الفرح بسبوعين؟! عيب عليك جوى.


تفاجئ عمران مما يقول ونظر إلى جمال الذى تهرب بعينيه بعيدًا عن عين أبيه وسأله بسخط


_ صُح الكلام ده؟


لاول مره يشعر جمال بحماقة تسرعه وتحدث باقطتاب


_ الموضوع مش أكده يابوى


تحامل عمران على نفسه وهمّ واقفًا رغم تعبه وسأله بأنفعال


_ أومال أيه؟


حاول ان يتحدث بثبات وألا يشعر أحدهما بالضعف الذي يكتسحه الآن


_ كل الحكاية إني خيرتها لأن الأيام الچاية هتكون عسيرة جوى وأنى خايف أظلمها معاي، دي كل الحكاية.


لم يريد عاصم توبيخه أكثر من ذلك لعلمه بصدق حديثه ومدي تعلقه بابنته، وإن كان تسرع بقول تلك الكلمات التي تحدث بها من خلف قلبه فعليه أن يكون لينًا قليلًا معه ليقول بجدية


_ اللي جولته ده يزعل ياولدي، بنتنا بنت أصول تعيش مع چوزها على الحلوة والمره 


الفرح إن شاء الله هيتم في ميعاده، ومش رايد حديت تاني في الموضوع ده.


بس المهم لول إننا نفك رهنية الأرض


الدهب اللي جيبته لبنتي ده حجك 


حاول عمران الرفض لكنه لم يمهله فرصه للحديث ليتابع بحزم 


_ الدهب ده دهبكم وبعد ما تتفك الأزمه دي يبجى تعوضه المهم إننا نعدي المحنه دي كل واحد فينا يتصرف من جباله ونچهزوا أى مبلغ ونبعته للحاج عتمان 


تقدم من جمال وتابع بلوم قبل ذهابه


_ الكلام اللي جلته ده حسابه واعر جوى بس بعدين، يالا أسيبكم دلوجت ونتجابل بعد صلاة العشا 


بعد إنصرافه اخفض جمال عينيه أمام نظرات أبيه العاتبه وتحدث بإرتباك


_ أنا خابر زين إني غلطت بس كان لازمن أعرف رد فعلها لما تعرف الحجيجة.


كلمات واهمه تحدث بيها كي يتجنب تعنيف والده له، وهو فعل ذلك كي يسمع منها تلك الكلمات التي أطربت قلبه وجعلت الصعب لينًا


وكان والده يعلم ذلك علم اليقين فيقول بتفاهم


_ خابر ياولدي بس مكنتش تتجال بالطريجة دي، وعلى العموم المواقف اللي زى دي بتعرفك عدوك من حبيبك وإن شاء الله فرحك عليها هيكون في ميعاده


قبل يد والده وهو يقول بحب


_ ربنا يخليك لينا يابوى.


ابتسم عمران رغم الالم الذي أحتل قلبه بفعلت منصور الذي أخذ مبلغًا كان بوسعه تغطية قدر كبير من الرهنية، لكن عليه الدعاء له بالنجاح حتى يشعر بأن ماله لم يضيع هدر.


❈-❈-❈


ظل ينظر إلى الحقيبة التي وضعها على المقعد بجواره وفي داخله صراع لا يرحم 


بين الوقوف بجوار والده وبين تحقيق مع سعى كثيرًا لتحقيقه.


الان حلمه بين يديه لما يفرط بيه ولأجل ملا يغني ولا يسمن من جوع، عادات وتقاليد عفى عليها الزمن لكنهم حتى الآن متشبثين بها 


أقف السيارة على جانب الطريق يحاول بصعوبة الوصول لقرار 


أمامه طريقان إما المضى قدمًا وتحقيق حلمه؛ وإما العودة لوالده كي ينقذه من تلك المحنه، شتان بين الأثنين حتى قرر في النهاية......


ياترى منصور هيرجع لأبوه ويتخلى عن حلمه ولا هيختار حلمه ؟


الكاتبة رانيا الخولي


الفصل الثاني


نظر في مرآة السيارة ينظر إلى تلك البلدة وهو ينطلق بسيارته، وكأنه يودعها الوداع الأخير، لا ينكر تعلقه الشديد بها كموطنًا له، رغم تعلقة الأشد بحياة المدينة.


كلما أبتعد بسيارته؛ كلما ضغط على قلبه الذي يحن لمن تركهم خلفه، عليه الثبات إذا أراد السعى خلف حلمه، لن يلتفت خلفه بعد الآن، هو أكثر من يعلم بأخيه ويعلم جيدًا بأنه يستطيع بسهولة إنقاذ والده من تلك المعضلة.


هكذا أقنع ضميره الذى يعاتبه على تركه لهم.


❈-❈-❈


في منزل عاصم 


كان عاصم جالسًا في مكتبه عندما ولجت وسيلة ووالدتها تحمل بين يديها حقيبة صغيرة 


تقدمت من والدها ووضعت الحقيبة أمامه وهى تقول بجدية


_ أتفضل يابوى


نظر عاصم إلى الحقيبة ثم سألها بأهتمام


_ أيه ده؟


أجابته بهدوء


_ دي دهباتي كلها بيعها يابوى وأدي تمنها لچمال هو أولى بتمنهم.


نظر عاصم إلى أبنته وأراد التأكد إذا فعلت ذلك بدافع الواجب أو شئٍ فرض عليها     فسألها بتوجس


_ برضاكي ولا مغلوبه على أمرك؟


ردت وسيلة بصدق


_ چال دلوجت في حكم زوچي والزوچة اللي متجفش مع راجلها في محنته يبجى متستهلش تعيش معاه وچمال عمره مابخل عليا بشئ ولازمن لما يتعرض لأزمة زي دي يلاجينى واجفه في ضهره، ولو بـ يدي شئ تاني كنت عملته


نظرة لخاتم الزواج الذي لم تستطيع التفريط به وتابعت بثبات


_ أنا مخلتش غير دبلته لإني مجدرتش أخلعها، بس لو أحتاچها أدهاله بطيب خاطر.


ابتسم عاصم بفخر لوردته التي أحسن تربيتها وتحدث بفخر


_ بنت أبوكي صُح


تقدم منها يربت على كتفها وتابع بجدية 


_ في حاچه بردك لازمن تعرفيها، إن الست لما تجف جانب زوچها لازمن مـ تحسسوش بإكده واصل، وأنها صاحبت چميل علية، ده اللي ربنا آمرنا بيه، الأيام اللي چاية دي هتكون صعبة جوي عليه وعايزك ديمًا تكوني الحضن الدافي اللي ياچي يترمي چواه وينسى همومه، أنتي مش هتكوني زوچه وبس، لا أنتي هتكوني كل حاچه محتاچها في الوجت ده لحد ما تمر المشكلة دى، وإن شاء الله هتعدي على خير 


تعلم ذلك جيدًا وستظل تدعمه حتى يعود كما كان 


_ متجلجش يابوى أني خابره ده زين وربنا يجدرني وأكون جد المسؤلية 


أكدت أم وليد بثقة


_ جدها وجدود يابنتي 


ثم نظرت إلى عاصم وأردفت 


_ وأني كمان چهزتلك دهباتي كمل عليهم بالفلوس اللي ركنها لزواچة وليد، دول ياما وجفوا معانا.


❈-❈-❈


وصل إلى القاهرة متوجهًا إلى منزلها، يريد أن يشرح لها ما حدث حتى تخفف عنه ذلك الألم 


فأشد آلم هو آلم الضمير .


طرق الباب حتى فتحت له وفور رؤية ملامحه المتجهمه تلاعب الخوف بها فتحدثت بإرتباك


_ أهلاً يامنصور أتفضل 


دلف منصور المنزل وهو يسألها 


_ أومال عمي فين؟


سألته بتوجس 


_ مالك يا منصور شكلك بيقول إن فيه مشكلة، أوعى يكون باباك رفض يديك الفلوس .


هز رأسه بنفي وتحدث باقطتاب


_ متقلقيش الفلوس كلها معايا؟


لم تستطيع أخفاء سعادتها بهذا الخبر وقالت بفرحة


_ بجد ياحبيبي أومال مالك مكشر كده ليه، رعبتني.


ابتسم لسعادتها رغم حزنه ورد بهدوء


_ متشغليش بالك أنا كويس 


تقدمت منه تجلس بجواره وقالت بقلق 


_ كويس إزاي وأنت باين إن فيه حاجه مضيقاك.


لم يستطيع أخفاء الأمر عليها وبدأ بسرد كل شئ من البداية حتى مجيئه إليها وتابع بجدية 


_ أنا كده غلطت في حاجه؟


ردت سمر بنفي


_ طبعًا لأ، ده حقك ووالدك غلط لما عمل كده ولازم يتحمل نتيجة غلطة، ده مستقبلك ولازم تتمسك بيه ، تقدر تقولي لو كنت ادتهم الفلوس كانوا هيعملوا أيه؟


هيرجعوا شوية تراب وخلاص، وأنا شايفه إن الأرض دي مكسبها خسارة.


_ بس الأرض عند الصعايدة شرف اللي يتخلى عنها يبقى بيتخلى عن شرفه.


_ بس محدش أتخلى عنها، دي مجرد رهنيه ووقت ما يجهزوا الفلوس يقدروا يستردوها من تاني ، يعني الموضوع أبسط من اللى أنت عامله ده.


أستطاعت بمهارة أن تخسر صوت ضميره وتابعت بمكر


_ وبعدين كل واحد فيكم بيجري ورا هدفه، بمعنى إن جمال هدفه الأول والأخير هى الأرض، وأنت هدفك هو المشروع يبقى ليه عايزك أنت اللى تتخلى عشانه، ليه هو متخلاش عشانك.


تابعت بث سمومها عندما لاحظت شروده


_ لو كنت فاكر إنك باللي عملته كده تبقى أناني فبالعكس جمال هو اللي أناني ومش بيفكر غير في مصلحته وبس 


فكر أنت كمان في مصلحتك وشوف حياتك.


أجادت دورها بأتقان وجعلته يسقط في براثينها، وقد قضت على ما تبقى بداخله من شيم الرجال..


❈-❈-❈


طرق جمال باب والده فخرجت له جليلة وهى تحاول الثبات أمامه وخاصةًعندما سألها عنه 


_ أبوى عامل أيه دلوجت؟


لم تستطيع التظاهر بالثبات أكثر من ذلك ليسقط ذلك القناع وهي تقول بألم


_ مجدرش حتى يصلب طوله، خايفه عليه جوى.


ربت جمال على كتفها وقد آلمه رؤيتها بتلك الحالة وقال بتعاطف


_ متجلجيش إن شاء الله هيبجى زين، بس إنتي خليكي چانبه وأنا هروح دلوجت مع عمي عاصم نسدوا رهنية الأرض.


سألته بسعادة


_ كيف ده؟ عملت ايه.


ابتسم بحب وهو يقول 


_ بعت عربيتي والفلوس اللي كانت بأسمي في البنك، وعمي عاصم جهز مبلغ كبير جوي والحمد لله قدرنا نجمع جزء كبير وهنروح دلوجت نجابل الحاج عتمان ونفك الرهنية.


ازدادت سعادته بذالك الخبر 


_ الحمد لله، كان ظني في الله خير، احمده وأشكر فضله، هدخل أفرح أبوك


منعها جمال من الولوج وهو يقول


_ استني ياأمّاى لما نشوف لول هنعملوا ايه، لما ارجع إن شاء الله انا بنفسي اللى هخبره، هسيبك دلوجت لإن عمي ووليد مستنيينى تحت 


_ بالسلامه ياولدي.


ذهبوا جميعًا إلى منزل عتمان الذي كان بإنتظارهم وفور جلوسهم تحدث عاصم


_ أحنا جايين نفك رهنية الأرض ياحاچ عتمان، صحيح مش المبلغ كلياته بس چهزنا چزء كبير منيه والباجى إن شاء الله هنكتب بيه وصل آمانه لحد ما نچهزه 


رد عتمان بعتاب


_ أنا مكنتش موافج على العجد ياحاچ عاصم عشان أمضيكم على وصل آمانه


تقدم عتمان من درج مكتبه وأخرج عقد الرهنية من أحد الأدراج وتقدم منهم وهو يتابع بجدية 


_ عيب جوى الكلام ده؛ اللي بينا كلمة رچالة مش حبر على ورج 


ناوله العقد ثم أردف


_ العجد معاك وإن كان على الفلوس الباچيه براحتكم كأنها متشاله مع الحاچ عمران.


نظر إلى جمال وتحدث بصدق


_ اللي عنده ولد زيك ياچمال ياولدي ميسجطش واصل 


أيد عاصم رأيه وهو يقول بفخر


_ مش ولد عمران النعماني


ثم نهض من مقعد وهو يردف


_ طيب نستأذن احنا بجى وهيبجى لينا كلام تاني.


خرجوا جميعًا من المنزل وأثناء عودتهم قال عاصم لجمال 


_ إحنا إكده الحمد لله حلينا المشكلة ، انا خابر إن الأيام الچاية هتكون تجيله عليك بس أنت جدها ولو مش واثق إنك جدها مكنتش اديتك حته مني، يالا بجى شد حيلك عايزين حاچه تفرحنا بعد اللى شوفناه اليومين اللي فاتوا دول، والفرح زي ما اتفاجنا في ميعادة


أيد جمال رأيه 


_ الغمه آخرها فرح، والحمد لله مرت الغمه والفرحه على الأبواب.


ابتسم جمال بأمتنان لذلك الرجل الذي لم يتخلى عنهم وظل بجوارهم هو وإبنه حتى مرت تلك المحنه 


_ البركة فيك أنت ووليد وربنا يجدرني واردلكم كل الفلوس اللي دفعتوها 


رد عاصم بحده


_ بلاش كلام ملوش عازه، أنا وأبوك مفيش بناتنا الحديت الماسخ ده.


حاول جمال التحدث لكن وليد قاطعه 


_ بزيداك عاد ملوش لازمه الكلام دلوجت، المهم تلحج تبشر عمي اللي لولا إن الوجت وخري كنت روحت فرحته بنفسي.


رد جمال بإمتنان 


_ ربنا يزيد المحبه بينا.


انصرف كلًا إلى وجهته وعاد جمال إلى المنزل سريعًا 


❈-❈-❈


عاد والدها إلى المنزل ليجد منصور في إنتظاره ليقول بترحيب


_ السلام عليكم إزيك يامنصور


رد منصور بتهذيب


_ الحمد لله ياعمي


تقدمت منه سمر وهى تقول بسعادة


_ على فكرة يابابا منصور جهز الفلوس وهى معاه دلوقت، وعايزين نبدأ فيه من بكرة


اومأ شريف بفرحة وهو يجلس على المقعد


_ خلاص بكرة الصبح إن شاء الله هنبدأ نجهز المعدات، والمكان جاهز زي ما اتفقنا.


تحدثت سمر بحماس


_ أنا مش مصدقة إن أخيرًا المشروع هيتم


_ مدام الفلوس جاهزه كل حاجه هتم بسرعة، هنكلم بردوا المحامي يجهز عقود الشراكة اللي هتكون بينا وربنا معانا


❈-❈-❈


دلف جمال غرفة والده بعد أن سمحت له والدته بالدخول ليقول بسعادة


_ السلام عليكم.


ردت جليلة


_ وعليكم السلام ياجلبي، عملت أيه؟ طمني.


أقترب من والده ليقبل رأسه بحب وقال بسعادة


_ الحمد لله الأرض ورجعت يابوى.


أندهش عمران مما سمعه وسأله بجدية 


_ كيف ده؟ وچيبت الفلوس منين؟


قص عليه ما حدث منذ البداية لينهى حديثه قائلًا


_ والحاج عتمان رفض نمضيله على وصل آمانه وجالنا هاتوها على ماهلكم.


ظهر الحزن واضحًا على وجه عمران وقد لمعت العبرات داخل عينيه فتسأله جليلة بقلق


_ مالك ياحاچ هتبكي ليه دلوجت؟ خلاص كل حاچه أتحلت والأرض رچعت، أيه بجى اللي مزعلك


كان يريد البوح بما يدور بداخله، وذلك القهر الذي شعر به من فعلة ابنه لكنه كتم بداخله حتى لا يحزن تلك التي تحاول بقدر الإمكان الثبات أمامه، لكن بداخلها قهر يوازي قهره وربما أكثر.


_ ده من الفرحه يا جليلة، الحمد لله على كل شيء


ربتت على يده التي لم تتركه لحظه واحده وظلت حاضنه إياها بين يديها وهى تقول براحه


_ غمة وأنزاحت ومع شوية صبر هنرچع كيف لول وأحسن كمان


نظرت إلى ابنها وتابعت


_ ربنا يخليك ضهر وسند لينا ياولدي ويرزجك من غامض علمه.


ابتسم لها بسماحه وهو يقبل رأسها ويقول بحب


_ وأني كفاية عليا الدعوة دي ياست الناس


ثم نظر إلى والده وسأله بأهتمام


_ عايز مني حاچه يابوى


نفى عمران قائلًا


_ مش عايز غير سلامتك ياولدي.


خرج جمال تاركًا والده ينظر إلى أثره فتعلم جليلة ما يدور بداخله فتهون عليه قائله


_ كفاية تفكير ياعمران، ربنا يوفقه في دنيته اللي أختارها إنت خابر من زمان أنه ملوش في الأرض ولا يفهم فيها وعشان إكده معرفش جيمتها.


لم يستطيع الثبات أكتر من ذلك ليرد بألم


_ خابر ياجليلة، بس هو كمان خابر زين إني وافجت على المشروع ده لجل ما أجهزله فلوس مشروعه يبجى أبسط ما فيها يتنازل لحد الموچه دي ما تعدي.


أرادت التخفيف عنه لكن لم تجد الكلمات التي تستطيع بها التخفيف عنه لتجد أن تغيير مجرى الحديث أفضل بكثير 


_ المهم لازمن تجوم وتشد حيلك عشان تستعد للفرحه الكبيرة، فرح چمال ياحاچ.


نعم فرحه كبيرة لكن ناقصه


_ تفتكري منصور هياچي؟


تستبعد ذلك لكن عليها تطمئنه حتى لا تسوء حالته أكثر من ذلك 


_ أومال أيه، ده فرح أخوه الكبير وعمر الدم ما يبجى مايه.


❈-❈-❈


بعد مرور يومين


بدأ الجميع الأستعداد للزفاف الذي هدئ الحزن الذي سيطر على الجميع، لكن جليلة برغم سعادتها بزواج بكريها إلا أنها قلبها يأن ألمًا على فراق قطعة منها وهذا ما قد لاحظه جمال ليقترب منها وهى جالسة في وجوم قائلًا بمرح يحاول به التخفيف عنها


_ مالك ياست الناس قاعده حزينه أكده؟


مش فرحانه لولدك ولا أيه؟


نظرت إليه بإبتسامتها الصافية التي تنير دربه وتحدثت بحب


_ كيف ده وأنى بستعدله من وجت ما فتحت عينيك على الدنيا


تحدث بإمتعاض


_ أومالك مالك بجى هتكشري أكده ليه؟


عاد الحزن إلى ملامحها وقالت بحزن


_ ماانت خابر اللي فيها، مجدراش افرح وهو مش موچود


رد جمال بتفاهم 


_ خابر زين من غير ما تجولي وأني أتصلت عليه دلوجت وخبرته إن فرحي في ميعاده وهو جالي أنه هياچي 


سألته بسعادة


_ صُح ياولدي؟


أكد قائلًا 


_ صُح متجلجيش ده بردوا أخوى وعمر الدم ما يبجى ماية


ردت بإمتنان


_ ربنا يكملك بعجلك ياولدي ويهدي أخوك ويرچعه لينا من تاني.


اومأ له دون النطق بشئ وهو يتذكر تلك المكالمة التى لم تتعدي ثواني معدودة 


فلاش باك


كان جالسًا في المطعم بجوارها عندما رن هاتفه فيظهر القلق عليه عندما وجده رقم جمال أخيه، فسألته بترقب


_ مين اللى بيتصل؟


رد باقطتاب


_ ده جمال أخويا


رد بأمتعاض


_ خير؟ ليكونوا محتاجين فلوس ولا حاجه؟


أستاء من حديثها عن عائلته لكنه التزم الصمت ورد على أخيه الذي تحدث بعتاب


_ أيه ياخوي مش رايد ترد عليا ولا ايه؟


نفى جمال بصدق


_ لا طبعًا ياجمال كيفك وكيف أبوي وأمي


رد جمال ببرود


_ زين الحمد لله، أنا بتصل بس عشان أجولك إن الفرح في ميعاده


تراقص الأمل بداخله ظنًا منه أنهم قد مرت تلك المحنة ولم يعلم أنها في بدايتها


_ صُح يا خوي الف مبروك


تحدث بأقتطاب


_ صُح ياخوي هستناك إن شاء الله.


_ إن شاء الله


باك


عاد من شروده على صوت والدته


_ جمال أنت روحت فين ياولدي؟


رد بإنتباه مشتت


_ ها.. معاكي ياأماى بتجولي أيه؟


_ بجول أنا رايحة لعروستك لو رايد تاچي معاى


رد بإبتسامه


_ ياريت بس دي محرچه عليا، بتجول مـ ينفعش لحد يوم الفرح، جاسية آوى ياحاچه 


ضحكت جليلة وردت بمكر


_ عشان تتلهف عليها أكتر، ربنا يسعدكم ويفرحكم قادر ياكريم.


❈-❈-❈


أما في مكان آخر 


فجلست تبث سمومها التي لم تكف عنها 


_ صدقت كلامي؟ أديهم فكوا رهنية الأرض وعايشين حياتهم عادي وبيجهزوا كمان لفرح أخوك، يعني معاهم فلوس، عرفت بقى إن كلامي صح؟


تحدث بحيرة


_ بس الفرح أصلًا كان متحدد من زمان وكل حاجه كانت جاهزة، أظن إن الموضوع مكلفهمش حاجه.


ابتسمت بسخرية 


_ والله؟ والفرح ده إن شاء الله مش هيكلفهم حاجه بردوا يعني هيجيب العروسه من بيتها بشنطة هدومها وياخدها البيت عنده وخلاص على كده؟ وخصوصاً إني بسمع إن أفرحكم بتتكلف كتير ولا أيه؟ 


ولو عايز ناصحتي بلاش تروح الفرح ده


نظر إليها قائلًا بدهشة 


_ إنتي بتقولي أيه؟


ردت بإصرار


_ اللي لازم يحصل، أنت متضمنش ممكن في الوقت ده أخوك يطلب منك إنك تتنازل عن حقك في الأرض مقابل المبلغ اللي أخدته، ووقته مش هتقدر تقول لأ، فالأفضل تخليك بعيد وأنتبه لمشروعك.


أقنعته رغم إنه يعلم جيداً بأن أخيه لم يكن يومًا ظالمًا، وكأنه أراد تصديق ذلك.


لم يهتم لوالدته التي رغم كل ما فعله إلا إنها تتوقى شوقًا لرؤيته، ولا والده الذي ظل يقارن بينه وبين الغريب الذي وقف بجواره بكل ما يملك.


مرت الأيام وقد تحسنت صحة عمران وها قد تم الزواج ودلف جمال بصحبة عروسه التي حلما بها كثيرًا ليتحقق حلمه وتصبح زوجته بعد ذلك الشقاء.


جلست في غرفتها تنتظر قدومه حتى طل عليها بهلته التي خطفت قلبها منذ أن عرف الحب طريق قلبها؛ وها هو ذا يقف أمامها بعينيه الصافية التي تشبه صفاء قلبه ويقول بحب


_ مبروك ياجلبي.


ردت عليه بخجل وهى تخفض عينيها


_ الله يبارك فيك


سألها بمكر


_ يا أيه؟


وضع انامله أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه كى تواجه عينيه التي تشتاق لعينيها وتابع بخبث


_ أنا جلت مبروك ياجلبي، وإنتي؟


تاهت في عينيه التي تلتهم ملامحها وكأنها يراها للمره الأولى مما جعلها ترد بدون وعي


_ إنت جلبي وكل دنيتي.


رفع حاجبيه متسائلًا


_ بس إكده؟


حاولت خفض عينيها لكنه منعها قائلاً


_ أوعاكي تخبيها عني، أنا حالمت كتير باللحظه دي ومصدجت لقيتها 


حاوطها بذراعيه ليضمها إليه وقد تركزت عينيه على شفتيها وهو يقول بعشق


_ خليهم ديمًا جدامي ميبعدوش عني واصل، بحبك ومش رايد من الدنيا غيرك إنتي.


تاهت باقي الكلمات عندما قرب وجهها أكثر إليه كى يقبل تلك الشفاه التي حلم بها وتمنى تذوقها 


أما هى فقد أختبرت معه أبجادية العشق وها هو يعلمها فنونه مستسلمه له ومرحبه بذلك...


(كفاية كده ملناش دعوة بيهم)


 ❈-❈-❈


دلفت جليلة غرفتها كي تحرر عبراتها التي حبستها حتى لا يشعر أحد بشئ 


لم يتفاجئ بحالتها التي تشبه حالته بعد أن خذلهم مره أخرى ورفض المجئ دون حتى أعتذار 


تقدم منها يجلس بجوارها على الفراش وقد شعرت به يربت على كتفها قائلًا


_ بكفياكي عاد، هو خلاص أختار طريجه وربنا يوفجه فيه، ملوش عازه اللي بتعمليه ده.


رفعت وجهها إليه لتقول بقهر 


_ للدرچة دي بايعنا، مهنش عليه حتى يتصل علينا يطمن عايشين ولا ميتين، حتى فرح أخوه رفض ياچيه


تنهد بيأس وهو يقول بحزن


_ للأسف نصيبنا إكده، جدر ربنا ولازمن نرضى بيه.


ردت بإعتراض


_ يعني أيه هنسيبه إكده؟


_ لساته صغير هنكتفه ونچيبه إياك!


هو أختار طريجه بعيد عنينا وهمل البلد وسافر متلفتش حتى وراه، عايزاني أرخص نفسي عشانه.


ردت جليلة بنفي وهي تضع يدها على يده


_ أني مجلتش أكده واصل، بس غصب عني أنا أم ومجدراش على فراجه


تعاطف معها لعلمه الشديد بمدى تعلقه به وتحدث بتعاطف


_ هيرچع ياجلية متجلجيش وبكرة أفكرك


دعت ربها بتمني


_ يارب 



تكملة الرواية من هنا



لعيونكم متابعيني ادخلوا بسرعه


👇👇👇👇👇


جميع الروايات الكامله من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close