أخر الاخبار

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم شارع خطاب الفصل الثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون بقلم الكاتبه فاطمه طه سلطان حصريه وجديده

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم  شارع خطاب الفصل الثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون بقلم الكاتبه فاطمه طه سلطان حصريه وجديده 

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم  شارع خطاب الفصل الثامن والثلاثون والتاسع والثلاثون بقلم الكاتبه فاطمه طه سلطان حصريه وجديده 


اذكروا الله.

دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.


‏أتخلى عن حذري معك أنا الذي أُشيد الحواجز وأُقلل حديثي وأفرُ ممن حولي لكنّي معك أجدني أفعلُ خلاف ذلك لمجرد شعوري بأنك منطقتي الآمنة وكلّ أحبتي...

مقتبسة

أحببتَك

في مُنتَصف أيام

السَيئه وفي أزدحَام يومَي

وبين جَميع أفكاري

كُنت انتَ الفكَره الوحَيدهَ 

ألتي أتَمسك بِطرفهَا لأنجَو .

مقتبسة

كل هذه الندوب والخدوش خلفتها الاشياء التي احبها، ليس الوقت أو الزمان ، فقط كل الاشياء التي وضعت لها في صدري مكان !

مقتبسة

تمتم حمزة بهدوء:

-عادي هي مش أول مرة يا ياسمين وبعدين أنا بردهم ليكي بعد كام شهر..


تحدثت ياسمين بنبرة متهكمة:


-بس دول غير كل مرة يا حمزة ده ثلاث أضعاف أي مبلغ أنتَ طلبته وهو الفترة دي عنده مشاكل في شغله مقدرش اطلب منه ده..ومش هيصدق إني هعوز المبلغ ده لنفسي...


-ده أخر كلام عندك ولا إيه؟ لأني مش معقول هفضل أهاتي اكتر من كده.


ردت عليه بقوة:


-اه اخر كلام عندي.


-خلاص نشوف هو رأيه في الصور إيه ابعتها ليه ونشوف رأيه إيه والمبلغ ده كتير عليها ولا لا؟؟؟..


الحقيقة أنها لم تندهش من وقاحته أبدًا..

تحديدًا وقاحة شقيقها..


هذه هي ليست المرة الأولى على اية حال التي تحصل بها على تهديد هكذا منه سواء تفوه به بطريقة واضحة أو رأتها في عيناه، أو قالها بطريقة غير مباشرة..


لذلك لم تندهش...


تمتمت ياسمين بنبرة ساخطة وهي تنهض من مكانها وتقف أمامه:


-عارف يا حمزة إيه أكبر غلطة عملتها في حياتي؟.


رد عليها حمزة بسخرية شديدة:


-أنك كنتي عارفة راجل تاني وأنتِ يعتبر مقرأي فاتحتك على جوزك؟..


يبهرها في كل مرة يظهر فيها انعدام رجولته الواضحة!!


هزت ياسمين رأسها موافقة ثم قالت:


-اه دي غلطة برضو غير مقصودة لأني مكنتش أعرف، بس مش دي أكبر غلطة، الغلطة الحقيقية أن لما جه يهددني أنا جيت وقولتلك وحكيت لأخويا علشان يشوفلي حل، كنت متوقعة تقتلني، تدبحني، أو حتى تديني بالقلم لكن مكنتش متخيلة أنك هتأخد منه الصور وتخلص الموضوع معاه هو وتساومني أنا...


أردف حمزة بنبرة قوية:


-كنتي احترمتي نفسك أولى ومكنتيش وصلتي لهنا إيه رأيك؟..


تمتمت ياسمين بألم حقيقي:


-معاك حق، بس متنساش أن كل ده كان تخطيطك وتخطيط ماما...


تحدث حمزة وهو يشير إلى كل ركن في المنزل:


-كويس أنك عارفة أن لولا أحنا كان زمانك لسه ماشية مع الشمام ده، ولا كان زمانك في العز ده كله، احنا جوزناكي جوازة مكنتيش تطوليها من أساسه، وحتى لما جيتي حكيتي ليا اللي حصل أنا وقفت جنبك والواد مفكرش يهددك تاني..


قهقهت ياسمين بسخرية ثم أردفت:


-كتر خيرك يا حمزة بتهددني بنفسك، يا  اخي ياريت الغريب هو اللي بيهدد فيا أحسن ما اخويا هو اللي بيهددني...


الحقيقة أنها لم ترغب أبدًا في الزواج من ابن خالتها تم إجبارها بشكل كُلي.


كانت تحب زميلها في الجامعة الذي لا يمتلك أي شيء وكان بينهما صور غير لائقة رُبما فاضحة نعم تعترف.


ظلت على علاقة به لمدة سنوات حتى بعد انتهاء الجامعة ولم يكن هو يمتلك ما يجعله يتزوجها كما كان يزعم، أخبرته بأن ابن خالتها تقدم لخطبتها  حتى أن قراءة الفاتحة تمت من دون معرفتها مع عائلته، بينما هو كان مسافرًا تلك الأشهر وعاد بعدها ببضعة أيام وقتها تمت الخطبة..


في فترة ما التهديد ظهر...

لم يكن لديها شخص كما كانت تظن تستطيع أن تحكي له المأزق الذي تتواجد فيه إلا شقيقها؛ شقيقها الذي يقوم بتهديدها الآن...


تنهدت ياسمين وهي تتذكر تلك الذكريات المؤلمة ما يصبرها على هذا كله توبتها الحقيقية ومحاولتها للعيش بسلام برفقة زوجها الذي يعاملها بكل رفق ولين، تحدثت بانزعاج جلي:


-روح قوله وابعت له الصور ويحصل اللي يحصل لأني مش هقوله على فلوس تاني واللي عندك اعمله، بس بالمرة افتكر شكلك هيكون إيه قصاده.


رد عليها حمزة ببرود:


-أكيد مش هيعرف أن أنا اللي باعتها..


رفعت حاجبيها بانزعاج وهي لا تستطيع وصف القذارة الواقعة بها ثم سمعته يهتف بنبرة هادئة:


-طب ليه نعمل مشاكل لبعض؟؟ أنا الفلوس دي محتاجها ضروري جدًا وهتكون أخر مرة؛ وأنتِ عارفة إني برجعهم بعد مدة مش كبيرة يعني مش باخدهم وخلاص، علشان خاطري ساعديني.


قالت ياسمين بغضب:


-المبلغ كبير جدًا مش هيصدق اني هعوزه لنفسي، وهقوله هعوزه في إيه حتى لو قولت....


تنهد حمزة ثم قال بجدية تلك المرة جعلتها تنظر له بـ سُخطٍ:


-قوليله إني عندي مشكلة كبيرة وأنتِ عايزة تساعديني من غير ما يكون هو في الصورة، ودي الحقيقة اهو...........


_____________


في منزل عائلة خطاب تحديدًا في الشقة التي تمكث بها شقيقة طارق "هدير"، كانت معها حور التي عادت بعد الدرس برفقتها إلى هنا للمذاكرة سويًا...


أردفت حور وهي ترى الكتب الموضوعة أمامها والتي على ما يبدو تركتها هدير هنا منذ ليلة أمس:


-بس أنا حاسة أن الدنيا بتتلم معايا والله دلوقتي في المراجعة..


قالت هدير بسخرية شديدة من حالها ومن الضغط الذي يعاني منه طلاب الثانوية العامة في الفترة القليلة التي تسبق الامتحان "فترة المراجعة" بعدما يتم الانتهاء من شرح المنهج كاملًا:


-أنا حساها بتتبعتر معايا أكتر يا حور اسكتي أحسن..


ضحكت حور ثم أردفت بجدية شديدة وهي تحاوب المساعدة قدر المستطاع فهي تعلم الظروف الصعبة جدًا التي تمر بها هدير فهي بمفردها تمامًا، هي نفسها تمر بظروف صعبة في عائلتها لكن على الأقل العائلة معًا وهناك من يهتم بها برغم من الضغوظ والمرض:


-أنتِ الكئابة مسكتك من ساعة العضوية ما بدأت وبعدها المراجعات، متخافيش هنقعد نذاكرها مع بعض وهبسطها ليكي أنا كل يوم بحل عليها تقريبًا قبل ما أنام....


ابتسمت لها هدير ثم هتفت:


-خلاص هعتمد عليكي.


-خير ان شاء الله.


سألتها هدير باهتمام عن حال إيناس:


-إيه مفيش أخبار عن جواد وجنى؟.


هزت حور رأسها نافية مغمغمة:


-لغايت دلوقتي لا بس من بكرا يعني يمكن الوضع يختلف علشان المحامي بدأ في الإجراءات تقريبًا، وأكيد جوزها لما يعرف بكرا هيخاف ده جبان بيعمل حاجة هو مش قدها أصلا...


تمتمت هدير بنبرة حزينة:


-حسبي الله ونعم الوكيل فيه، ربنا يعمل اللي فيه الخير، إيناس غلبانة.


تحدثت حور بنبرة عاطفية من الدرجة الأولى:


-أمين يارب، العيال وحشوني أوي رغم إني كنت طول الوقت بشتكي من دوشتهم وإيناس خست النص في الكام يوم دول أكتر من الأول، هي رجعت الشغل بس يعتبر لا بتأكل ولا بتشرب إلا لما ماما تصوت في وشها...


هتفت هدير وهي تحاول أن تواسيها:


-خير ان شاء الله يرجعوا في أقرب وقت وهي نفسيتها هتتحسن بمجرد ما يرجعوا...


-ان شاء الله..


حاولت هدير إضافة جو من المرح مغمغمة حتى تقوم بتغيير هذا الموضوع:


-إلا صحيح إيه اخبار الكراش، اللي بيكتب ده....


عقدت حور ساعديها وعبست ملامحها مغمغمة:


-لو سمحت متجبيش سيرة الإنسان ده تاني...


اندهشت هدير من طريقتها وحديثها فقالت:


-ليه بس؟؟ حصل إيه أنا مش فاكرة،  أخر حاجة قولتيها عنه غير أنه تقريبًا المتابعين عنده كتروا شوية...


لوت حور فمها بتهكم:


-اه ياختي كتروا، وأول ما كتروا شاف نفسه وخطب...هما كده الرجالة غدارة...


ضحكت هدير ولم تتمالك نفسها حقًا...

أمامها فتاة مجنونة....


أردفت هدير بعدم تصديق:


-اللي يشوفك بتتكلمي عنه كده تقولي الراجل كان مرتبط بيكي ولا واعدك بالجواز ولا يعرفك أصلا، ده كل الحكاية أنك بتابعي اللي بيكتبه وعامله ليه فولو لا أكتر ولا أقل يعني ممكن يكون ميعرفش أنك موجودة على وش الدنيا...ده أنتِ بتخافي تعملي لايك أحسن يظهر عنده...


غمغمت حور مدافعة عن مشاعر غريبة:


-وإيه المشكلة يا حبيبتي؟؟ ما أنا اللي كنت بدعيله يتشهر وبعدين حتى لو الموضوع في خيالي كفاية إني اتجرحت وده يخليني اشوفه راجل غدار...وبعدين أخر فترة كنت بعمله لايكات على فكرة لما بدأ يكون عنده ريتش علشان في الزحمة مش هبان...


تحدثت هدير ساخرة:


-لا أنتِ لسعتي وضاربة منك على الآخر، بقولك إيه ما تيجي نعمل اندومي؟...


نست كل شيء ونهضت وهي تأخذ الكيس البلاستيكي المتواجد بجانب الكتب والتي أتت به وهي قادمة معها:


-يلا بينا مهوا البيت اللي أمك مش فيه اعمل الاندومي وعيش يا جميل....


_______________


يجلس ومعه أرجيلته الحبيبة موضوعه أمامه ومشتعلة، يقوم بتدخينها وعلى الهاتف يسمع أحدى أغاني القيصر القديمة التي تعود إلى التسعينات تقريبًا....


كان يدندن معها بسعادة بالغة لا يدري أحد من أين أتت له، لكن إذا كان يعرف زهران خطاب سيجد أن هذا هو الطبيعي وعكس ذلك هنا تحدث المشكلة...


فجأة توقفت الأغنية لتصدع أخرى للقيصر أيضًا لكنها تعلن عن اتصال هاتفي تأفف بضيقٍ هنا...


أمسك الهاتف ليجد الاتصال من رقم غريب لم يقم بتسجيله فأجاب متأففًا لأن المتصل قام بإزعاجه من المزاج الرائق الذي يتواجد فيه:


-الو..


أتاه صوت انثوي خافت وخجول:


-الو ازيك يا عمو زهران..


رد زهران باستغراب:


-مين معايا؟..


جاءه صوت ريناد معلنة عن هويتها:


-أنا ريناد قريبة بهية اللي أخدت رقمك في الكافية...


تحدث زهران بهدوء: 


-اه ازيك يا بنتي عاملة إيه؟؟.


ردت عليه ريناد بنبرة مترددة:


-الحمدلله كويسة...


وجدها زهران حتى الآن لم تفصح عن سبب اتصالها فأردف باستغراب:


-خير يا بنتي اؤمريني؟؟؟..


-أنا عايزة أكلم نضال ياريت حضرتك توصلني بيه.


سألها زهران بدهشة كبيرة:


-لامؤاخذة أنتِ عايزة نضال ابني في إيه؟.


-شغل.


كانت كلمتها مختصرة...


أردف زهران بنبرة هادئة:


-استني كده هو هنا هشوفه بيعمل إيه لو فاضي هديهولك...


-تمام منتظرة.


ضغط على الأيقونة الخاصة بكتم الصوت ثم توجه إلى حجرة نضال الذي كان متسطحًا على الفراش والهاتف بين يديه يشاهد أحد الأفلام:


-خد كلم يا صايع يا ضايع ياللي بتخون البت الغلبانة خد كلم البت قريبة بهية اللي اسمها ريناد عايزاك؛ وقال شغل قال.....


رأى نضال من مسافة بعيدة الهاتف مما جعله يغمغم:


-إيه اللي بتقوله وريناد عايزاني في إيه؟.


-أسال نفسك يا حبيبي عايزاك في إيه؛ أنا كاتم الصوت، رد عليها وشوفها يا بية، مش طالعلي أبدًا شبههي بس مش طبعي، أبوك بتاع نسوان اه بس عمره ما كان خاين، خلفة عار...


ترك الهاتف على الفراش ثم رحل من الحجرة هنا أمسك نضال الهاتف بعدم فهم سوى بأن والده جعله خائن من لا شيء..


ألغى ما كاني فعله والده وأجاب بنبرة هادئة:


-الو.


جاءه صوت ريناد بتردد:


-الو معايا نضال؟..


-ايوة معاكي، خير في حاجة ولا إيه...


تمتمت ريناد بنبرة جادة تلك المرة:


-عايزاك في خدمة تساعدني اعلمها لدياب وياريت محدش يعرف الموضوع ده حتى هو نفسه....


_____________


يجلس على الأريكة بجوارها كعادتهما كل ليلة بعدما قام بصناعة مشروب عصير طازج لهما وتناولاه، كان الحاسوب المحمول "اللاب توب" موضوع فوق فخذيه يقوم بالتقليب بين الصور الفوتوغرافية التي تجمعه بأصدقائه، شقيقه، جهاد وحتى والده كان يبتسم حينما يرى توثيق ذكريات مازال أثرها يتواجد في قلبه..


أما جهاد تراسل شقيقتها على الهاتف عبر أحدي تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي وما أن اخبرتها سلمى بأنها سوف تخلد إلى النوم قررت الانتباة والالتفات إلى زوجها قليلًا وترى ماذا يفعل؟!..


أقتربت قليلًا برأسها لتجده يقوم بمشاهدة صورة لهما في حفل خطبتهما تقريبًا....


هذا ما جعلها تضع رأسها على صدره بهدوء:


-أنا بحب كل تفصيلة وكل يوم جمعني بيك...


تمتم سلامة بنبرة جادة:


-وأنا اكتر، الحمدلله أني كنت دايما بحط الصور أول بأول على اللاب توب، وبرضو كنت رابط الدنيا بالجيميل لو مكنتش عامل كده قبلها كان زماني بتحسر على الصور دي..


تحدثت جهاد بدلال وهي تداعب عنقه وخصلاته بأصابعها:


-عادي يا حبيبي هما الصور كده كده عندي...


أردف سلامة بتلقائية:


-عارف يا حبيبتي بس أنا مش بتكلم على صوري أنا وأنتِ وبس لا في صور ليا مع اصحابي من أيام ثانوي وصور ليا قديمة أوي..


عبست جهاد بملامحها فالأمر لا يعنيها هي فقط..

 لاحظ عبوسها وفهم تذمرها فتجاهله قليلًا وهو يقوم بالتقليب والتنقل بين صور خطبتهما وقراءة الفاتحة وبعض الصور التي تجمعه بها في العمل وفي خروجاتهم سويًا، كانوا شغوفين على ما يبدو بتوثيق اللحظات فكلاهما يحب التصوير...


فجأة أثناء مشاهدتهما صورة جماعية لهما مع أصدقائهما أخذت جهاد تضحك كالمجنونة مما جعله ينظر لها باستغراب...


فهو يجهل حقًا ما بها..


-إيه هي الصور بضحك أوي كده؟..


حاولت التوقف عن الضحك بصعوبة شديدة وهي تغمغم من بين ضحكاتها:


-لا ابدًا افتكرت حاجة..


ضيق سلامة عيناه سائلا أياها باستغراب:


-افتكرتي إيه؟؟..


-حاجة وخلاص كمل عايزة اشوف الصور كان في صور نسيتها..


تحدث سلامة باستنكار شديد وهو يغلق الحاسوب ويضعه على الطاولة التي تتواجد أمامه:


-لا أنا عايز اعرف الضحك ده كله ليه؟؟..


تمتمت جهاد وهي مازالت جاهدة تحاول التوقف عن الضحك:


-حاجة جت في دماغي يا سلامة في إيه؟؟.


بنبرة عنيدة كان يرد عليها:


-حابب أعرفها معلش..


تحدثت جهاد بتردد:


-افتكرت يوم ما موبايلك اتسرق منك..


ضيق سلامة عيناه متحدثًا بعدم فهم:


-وإيه اللي يضحكك في كده؟ ده كان يوم ملهوش ملامح وكنت متنكد على الآخر، مسروق واجي الاقيكي واقفة فضحاني قدام اخويا وصاحبه وأني متربتش وكلام غريب.


ضحكت جهاد مغمغمة بجدية:


-مهوا ده اللي مضحكني...


تحدث سلامة بسماجة وعدم فهم:


-والله ده اللي مضحكك؟؟؟..


تمتمت جهاد وهي تنظر له:


-هقولك أصلا أنا جيت اتخانق معاك ليه لأني مقولتش ليك ساعتها ولا قولت لأي حد أصلا إيه اللي خلاني أعمل ده كله...


قال سلامة بـغباء استفزها:


-وإيه المميز في الخناقة دي ما احنا علطول كنا بنتخانق يعني؟..


أردفت جهاد بنبرة ضاحكة وعادت تضحك مرة أخرى وهي تخبره:


-أخر رسالة بعتها ليا قبل ما الموبايل يتسرق كانت اقلعي ساعتها اتجننت ده أنا بعت ليك صف رسائل طويلة تقريبًا كنت بغلط فيك وبهدلتك وأنا بكلم نفسي أصلا....


لم تكن هي الوحيدة التي ضحكت!!

بل بمجرد أن سلامة سمعها تقص هذا الأمر صار يضحك هو الأخر لا يصدق حماقتها وظنها به:


-هو مفيش ثقة خالص ولا أنتِ غبية ولا شكلك كده؟؟؟ هقولك اقلعي في الشات؟؟ طب ما أنتِ قدامي أربعة وعشرين ساعة في الشغل والعربية وفي كل حتة هاجي في الشات اصيع وانحرف يعني؟؟ ده أنا كنت بشوفك اكتر ما بشوف ابويا.


قالت جهاد بخجل طفيف من حماقتها وقتها لكنها حاولت الدفاع عن نفسها:


-عادي مفيش حاجة مضمونة سلمى اختي قالتلي أوعي تثقي في راجل مهما كان هو مين، وبعدين أفرض كنت بتفتح معايا سكة كان لازم أحط ليك حد...


تمتم سلامة بسخرية:


-اه مدام فيها سلمى معاكي حق، وبعدين يعني أنا هقولك اقلعي واجري اقفل النت ومردش عليكي ليه برمي صاروخ واجري وخلاص ما اقعد استنى طلبي احسن، ده أنتِ مفيش دماغ بربع جنية حتى مخروم...


تحدثت جهاد بانزعاج:


-طب تصدق بقا أنا غلطانة إني حكيت ليك...


ضحك وهو يحاوطها بأحدى ذراعيه يجذبها ناحيته بقوة وطريقة تزعجها:


-ده أنا هتسلى على الموضوع ده من هنا للسنة الجاية يا جهاد...


صاحت جهاد بنبرة منزعجة:


-متمسكنيش كده..


-بحضنك..


-أنتَ بتحضن كده حيطة براحة وبعدين أنا مش لوحدي أنا اتنين في واحد..


ضحك وهو يقبل رأسها:


-نسكافية يعني ولا إيه؟


قالت جهاد ساخرة:


-ظريف أوي ما شاء الله عليك..


تمتم سلامة بنبرة مرحة:


-عارفة لما فتحت اللاب توب كده وشوفت صورنا من أول ما عرفنا بعض وصور قراءة الفاتحة والخطوبة وصورنا لما بنخرج كنت ناوي بقا أقعد اقولك بحبك قد إيه في جلسة صفا كده لكن أنتِ دخلتيني في القلع مع أن مطلوب بس اللي مش مطلوب انعدام الثقة...


تغيرت ملامح جهاد مرة واحدة وهي تبتعد عن أحضانه بطريقة افزعته ليسألها:


-في إيه؟؟..


قالت وهي تنهض من مكانها ثم تمشي كالمجنونة:


-أنا سايبة كيكة في الفرن زمانها اتفحمت...


نهض خلفها مغمغمًا:


-ازاي أنا مش شامم أي حاجة...


ولج إلى المطبخ خلفها لتجد أن الفرن غير مشتغل ففتحت الباب الخاص به لتجدها أمامها هنا عقبت:


-أنا شكلي مولعتوش أصلا......


_______________


اليوم لم يذهب إلى المستشفى...


حتى أنه لم يغادر المنزل منذ الصباح على عكس عادته حتى إذا لم يذهب إلى العمل لا يستطيع الجلوس في المنزل يوم كامل...


على ما يبدو هو يتغير وهذا ما يحدث حينما يصل الإنسان إلى أواخر الثلاثينات من عمره أم أن اليوم هي مجرد حالة خاصة له؟!..


لا يعلم ولكنه شعر بأنه لا يرغب في الخروج أبدًا اليوم...ولحسن الحظ لم يكن لديها عمليات اليوم تم تحديد موعدها مسبقًا..


كان يحتاج للراحة ويظن بأنه يستحقها...


قرر الاتصال بشقيقته كالعادة التي غادرت منذ مدة مع مربيتها ذاهبة إلى حيث البلد الذي يجلس فيها عماد...


-يعني الأمور كلها كويسة يا نسمة...


سمع شيء من الهاتف الموضوع على أذنيه وقال باطمئنان:


-الحمدلله، إيه مش ناوية ترجعي بقا وحشتيني ولا عجبتك القعدة عندك؟؟..


سمع صوت ضحكاتها وهذا شيء اسعده رغم الفراق والحنين إليها، المنزل بدونها لا يعني أي شيء، وهو يعلم بأن نسمة لا تكذب، من مثلها لا يكذب بل يتفوه بالصراحة لو كانت غير سعيدة هناك كانت ستخبره أو ترغب في العودة على الأقل....


-خلاص يا حبيبتي انبسطي وارجعي وقت ما تحبي خلي بالك من نفسك ومن منيرة؛ هكلمكم بليل فيديو كول لما عماد يرجع من الشغل....


قام بوداعها ثم انتهت المكالمة ليجد مكالمة تأتيه من صديقه أحمد وهبي فأجاب عليه:


-ألو..


أتاه صوت أحمد من الهاتف ساخرًا:


"إيه بقيت حبيب ورجعت الملاعب ولا لسه؟ بقالك ساعة بترغي".


رد عليه جواد بنبرة تشبه نبرته:


-حبيب إيه وزفت إيه، أنتَ رايق والله أنا كنت بكلم نسمة.


"هحاول اصدقك يا دكتور، المهم فينك كده، في المستشفى؟ ولا قاعد في حتة؟!"..


تمتم جواد بنبرة هادئة:


-لا أنا في البيت، بتسأل ليه؟.


تحدث أحمد ببساطة:


-أبدًا واحشني وعايز اشوفك بقالنا كتير مقعدناش مع بعض، مدام في البيت أنا جايلك ونطلب أكل نتعشى مع بعض.


ضحك جواد ثم أردف بنبرة مرحة:


-تعالى وأنا هعملنا عشاء، بس واضح يعني مدام نيفين سايباك على راحتك خالص على عكس العادة..


تمتم أحمد بهدوء:


-لا طبعًا مش سايباني ولا حاجة كل الحكاية أنها مسافرة امستردام عند أخوها هي والعيال أسبوعين كده وراجعين  علشان الامتحانات، يلا أقفل أقل من ساعة ان شاء الله وأكون عندك، محتاج حاجة اجيبها وأنا جاي؟!!.


...بعد مرور ساعة ونصف...


كان جواد يقف في المطبخ يقوم بتقليب الدجاج الموضوع على الموقد والرائحة الشهية تتصاعد منه؛ ثم وضع الخضروات فوقه بطريقة مرتبة بالإضافة إلى الفطر ثم قام بوضع ورق الزبدة وفوقه ورقة من الألومنيوم ثم وضعها في الفرن..


بعدها قام بطهي الأرز وخفض درجة الحرارة ثم تركه ينضج على راحته وجاء ليجلس على المقعد بجوار أحمد الذي كان يقوم بمراقبته هاتفًا:


-أنتَ ممشي الناس ولا إيه؟ ده مفيش غير عم رجب برا، إيه الهدوء والصمت اللي في البيت ده.


تحدث جواد ببساطة:


-أنا قايلهم يجوا كل يومين ينضفوا البيت وخلاص أنا في الغالب بأكل برا أو بعمل أي حاجة خفيفة بليل لما ارجع ملهوش لزوم يجوا كل يوم ويفضلوا قاعدين؛ أنا كنت بحتاجهم علشان نسمة مش أكتر لما ترجع ان شاء الله بقا يبقوا يرجعوا يوميًا.


هز أحمد رأسه بتفهم ثم غمغم بنبرة جادة وهو يغير الموضوع:


-أنا بجد معجب بأنك بتحب المطبخ أنا مقدرش أقف اعمل لنفسي شاي أو قهوة سبحان الله يعني..


لم يرد عليه جواد بل صمت مبتسمًا فلم تكن المعلومة غريبة، هو يدرك اختلافهما في بعض الأمور ليس هذا الأمر وحده...


تمتم أحمد بهدوء:


-مالك يا جواد شكلك مش عاجبني؟..


تحدث جواد بوجوم:


-عادي مخنوق شوية ومكنتش حابب أنزل النهاردة، أنا من ساعة ما نسمة سافرت هي ومنيرة وأنا حاسس بالوحدة، يمكن أه مكنتش موجود في البيت طول الوقت وفي أيام كنت باجي بعد ما تنام بس على الأقل حاسسها حواليا...وقلقان عليها برضو..


قال أحمد ببساطة فهو مدرك ويعرف حالة نسمة منذ سنوات، فهو صديق إلى جواد منذ ما يقارب العشرين عامًا وأكثر:


-عادي يعني، منيرة معاها وكمان هي عند اخوها مش مع ناس غريبة واهي بتغير جو ومدام مبسوطة خلاص متقلقش نفسك على الفاضي..


تمتم جواد بعدم اقتناع:


-معاك حق...


سأله أحمد بفضول واهتمام وكان هذا الأمر سبب من ضمن الأسباب التي جعلته يأتي إلى هنا:


-المهم يعني متصلتش سألتني عملت إيه مع إيناس بعد ما اتواصلت معايا.


في الواقع..

الفضول كان يقتله للاتصال لكنه لم يحاول أن يظهر مهتمًا، وفي الوقت ذاته كان مطمئنًا بأن صديقه سوف يفعل اللازم..


تحدث جواد بنبرة حاول جعلها ثابتة:


-عادي كان ورايا كذا حاجة ومشغول وكنت أكيد هكلمك أسالك..


هتف أحمد بوضوح شديد عكس المعتاد:


-هي كلمتني وأنا قولتلها تيجي المكتب وهي جت فعلا مع أخوها، كنت ناوي أخلي حلمي هو اللي يقابلهم بس بصراحة كنت عايز أنا اللي قابلهم بنفسي كان عندي فضول أعرف مين الست اللي جواد بنفسه بيتصل بيا علشانها وعايزني أعمل حوار عليها مع أن الحوارات شغلتي أنا معرفش دخلت فيها أنتَ ليه يا دكتور؟.


لهذا السبب تحديدًا لم يحاول الإلحاح أو الحديث معه لمعرفة أي شيء منه هو لأنه يعرف صديقه...


حاول جواد الدفاع عن شيء يجهله:


-عادي واحدة شغالة في المستشفى وبساعدها بس مش عايز أكون في الصورة...


تمتم أحمد موضحًا وجهه نظره:


-بس مش أنتَ اللي تهتم بواحدة في المطلق للدرجة خصوصا دي مش قضية صعبة علشان تكلمني بخصوصها ده أي محامي من اللي قاعدين على القهوة قدام محكمة الأسرة يخلصها فمعتقدش أن الموضوع اصلا كان محتاج كل ده...أنا سمعت منها ومن اخوها تحب تعرف إيه اللي حصل؟...


يُحب جدًا وقرأ ذلك أحمد في عينه ولكنه أنكر مغمغمًا:


-عايز تقول براحتك مش عايز براحتك برضو...


أخذ أحمد يقص له الأمر باستفاضة:


-ماشي هقول علشان أنتَ عايز تسمع جت وسمعت منها ومن أخوها ظروف طلاقها تقريبًا ايده كانت طويلة...


كانت منتهبًا ومنزعجًا الكلمات مستفزة على مسمعه...


أسترسل أحمد حديثه باستفاضة:


-وراح اخوها ضربه في خناقة وخلاه يطلقها وخد عفشها؛ ومن كام يوم حصلت مشكلة واخوها راح ضربه هو وصاحبه وراحوا القسم بس بطريقة ما حد ادخل ما بينهم وطليقها وصاحبه اتنازلوا عن المحضر اللي عملوه لاخوها..


تحفز جسده وغضب لمجرد سماعه أو ما ينسجه عقله من تخيلات ثم أخذ أحمد يستكمل حديثه عن انطباعه عنهما:


-هي ست هادية ومش بتتكلم كتير، أما اخوها بقا عصبي جدًا وده كان باين وهو بيحكي أصلا وضربه لطليقها وصاحبه، هو شكله واد جدع لكنه مندفع بشكل كبير وايده سابقة دماغه، بس اللي هو حكاه أي راجل دمه حر كان هيعمل زيه..


أردف جواد باهتمام تلك المرة:


-طب وهتعمل إيه معاها ومع طليقها ده علشان الولاد..


-الموضوع سهل وحلمي ماشي في الاجراءات وهو وابراهيم متابعين الموضوع هو سهل يعني الحضانة معاها في كل الأحوال وحتى لو اتجوزت هتكون مع امها، وكمان اللي عرفته ان جوزها شقته مش باسمه باسم امه علشان كده هو مأمن نفسه أنها مكنتش هتنفع تأخد منه حاجة أوي بس لا لازم نرفعلها قضية نفقة.


ألقى كلماته الأخيرة بخبثٍ واضح...


فـ ضيق جواد عينه ثم تحدث بعدم فهم:


-هي ناوية تتجوز ولا إيه؟.


ضحك أحمد ولم يتمالك نفسه وهو يرى تعابير وجه صديقه:


-لا يا دكتور متقلقش، اوعى تقلق أجين ضغطك يوطى مننا ده وشك أصفر مجرد ما قولت؛ وبعدين أنا بفهمك الحالة القانونية وعلشان لو فكرت متقلقش يعني...


شعر جواد بالغبظ فصاح مستنكرًا:


-أفكر في إيه؟..


ببراءة شديدة كان يجيبه:


-تتجوزها، مهوا واضح أنك مهتم بيها وجواد اللي اعرفه ولا بيعرف يصاحب ولا غيره كل ست يعرفها بيكون عايز يتجوزها...


تحدث عن فكرة الزواج بطريقة منطقية متجاهلا اندفاعه، شعوره حتى الذي لا يستطع ترجمته:


-أنا مش هتجوز لا هي ولا غيرها..


ضيق أحمد عينه متحدثًا بتهكم:


-إيه عملوا ليك تروما ولا إيه؟ هو أنتَ ناوي تعيش لوحدك كده؟ ده اللي يشوفك بتتكلم كده ميشوفش لما كنت متجوز واحدة وعايز تتجوز التانية كمان، لا اتجوز وخلف، وبعدين أنتَ بتكابر معايا ليه؟ أنا متأكد أن في حاجة حتى لو أنتَ مش معترف لنفسك..


كاد جواد أن يتحدق مما جعل أحمد يقاطعه:


-اتجوز وخلف مفيش سنين تانية في العمر تستاهل أنك تضيعها على مفيش، أنا اه معرفهمش أوي لاني مش هدي انطباع من قعدة واحدة، اه في فرق بينكم وده معتقدش يفرق معاك.


ابتلع ريقه ثم قال بسخرية:


-لأن أحلام مكنتش بنت وزير يعني بس مش هتخسر حاجة مدام عجباك او في دماغك او حاسس بحاجة سميها أي مسمى اتجوز وافرح وعيش معتقدش يعني أن في ست هتكون أصعب من رانيا أو أحلام مهما كانت لو في قبول أتكل على الله.


نهض جواد هاتفًا وهو بدأ يشعر بالتشوش الغريب فهو يواجهه تقريبًا بحقائق كثيرة يحاول الابتعاد عنها:


-قفل على الموضوع ده يا أحمد، أنا هقوم اشوف الأكل أحسن....


_______________


بعد مرور يومين...


جلسة منذ وقت طويل لم تحدث بين الثلاثة....


''في القهوة''

التي تتواجد في نهاية شارع خطاب كان يجلس سلامة برفقة نضال ودياب، هو من اتصل بهما وطلب منهما الاتيان كان يحتاج الدعم والتفكير وأن يأخذ رأي أي شخص في الموضوع الذي يشغل عقله...


تحدث دياب بعدما انتهى من قهوته وأخذ نفس من سيجارته:


-دلوقتي ده واحد بقاله ساعة عايزنا بس منطقش بكلمة، أنا لازمتي إيه في الحوار ده، من الساعة تسعة الصبح عمال تاخدني في مشاوير تغير زيت وتعمل إيه، وبعدها أخرها جايبني القهوة مش كنا روحنا شوفنا الدنيا هناك


كان نضال منذ الصباح يحرص على إبعاده عن مكان عملهما الجديد...


تجاهله نضال ثم وجه حديثه نحو شقيقه:


-ما تنطق يا ابني أحسن بدل القعدة دي...


تحدث سلامة موضحًا أخيرًا قرر أن يتحدث:


-دلوقتي أنا من كام يوم قدمت على موضوع سفرية دبي اللي في الشغل والحقيقة يعني الشغل كله قدم بس عشرة بس اللي اتقبلوا وأنا منهم، أنا أصلا مكنتش متخيل أنهم هيردوا بالسرعة الغريبة دي...


ابتلع ريقه ثم أسترسل حديثه بعدم فهم:


-وعايزين نطلع ورقنا والحاجة وأنا مش عارف أعمل إيه، ولا أقول لجهاد ازاي....من امبارح بحاول اجيبها يمين أو اجيبها شمال إني اقولها ومش عارف...


ثم أخذ يسرد تفاصيل أخرى بخصوص العمل...

هو لا يرغب طوال عمره الاستمرار فيه، في النهاية الأمر كله ستة أشهر فقط حتى في المستقبل ينوي أن يكون له عمل أو شيء خاص به...


لكن في الأول كان يرغب في اكتساب الخبرة المناسبة التي تؤهله إلى تلك الخطوة..


تحدث نضال ببساطة شديدة:


-خلاص قولها كل اللي أنتَ عمال تقوله ده وبتتكلم عنه وهي يا تقنعك يا تقنعها مفيش حلول تانية يعني مع أن التوقيت رزل أوي بس يعني دي الظروف عرفها وأوصلوا لحل وسط..


غمغم سلامة ساخرًا وهو يرد على شقيقه:


-تسلم يا نضال والله مكنتش عارف من غير نصيحتك دي هعمل إيه..


قال دياب خارجًا عن صمته:


-مهوا عايزنا نقولك إيه؟ ما لازم تصارحها وتشوفوا الأنسب ليكم مع بعض وأي علاقة بين أتنين بيجي فترة لازم يتنازل فيها طرف للتاني يعني يا أنتَ هتتنازل علشان تفضل هنا يا هي هتتنازل وتسيبك تسافر في النهاية في حد هيجي على نفسه وده طبيعي، ومش هنقول تنازل قد ما هو تقدير ومساعدة علشان خاطر خطوة في حياة التاني.


غمغم نضال وقد اعجبته كلمات صديقه حقًا كانت كلماته منطقية لكنها غريبة على دياب، دياب لا يصلح للحديث في تلك الأمور في العادة:


-الله على الحكمة والكلام الكبير...


ثم وردته رسالة شاهدها على شاشة الهاتف فابتسم بهدوء وهنا بدأ يشعر بالراحة...


تحدث دياب بنبرة ساخرة:


-لا والله كل الحكاية إني عايز أقوم اروح.


قال نضال ببساطة وهو يفك أسره:


-خلاص اتكل على الله روح...


غمغم دياب ساخرًا بنبرة متهكمة وهو يجهل ما يحدث من وراء ظهره:


-أخيرًا اخدت إفراج طول اليوم ساحلني في مشاوير، يلا سلام..


ثم رحل..


هنا قام سلامة بتحريك مقعده نحو مقعد شقيقه ثم أردف:


-نضال أعمل إيه شور عليا؟.


صاح نضال مستنكرًا:


-ما تقولها يا سلامة وزي ما قولتلك أوصلوا لحل وسط وخير ان شاء الله هتعمل إيه غير كده؟ هنسفرك من غير ما نقولها يعني هو أنتَ مسافر اسكندرية صد رد؟؟...


______________


والدتها لا تتصل بها...

بعد الشجار الذي حدث؛ هذا الشيء جعلها تشعر بالضيق الشديد وهذا نابع من كونها تعلم بأنها مخطئة نوعًا ما...


لذلك كان أول شيء تفعله اليوم بعدما ذهب حمزة إلى عمله بأنها أخذت سيارتها ثم توجهت إلى الحي الذي يتواجد فيه شارع خطاب الذي يتوسطه البناية الخاصة بعائلتها...


اندهشت انتصار من إتيان سامية فهي منذ زواجها وهي لا تأتي إلا نادرًا وإذا أتت هذا بعد إلحاح شديد منها، استقبلتها انتصار استقبال جاف نوعًا ما عن المعتاد...


فهي مازالت غاضبة منها وغاضبة جدًا....


تمتمت سامية بنبرة بدت منفعلة:


-خلاص يا ماما هتفضلي كده مش طايقاني أقوم اروح أحسن؟؟..


قالت تلك الكلمات وهي تقف بجوار والدتها في المطبخ وهي تقوم بطهي الطعام...


تحدثت انتصار بنبرة هادئة وثابتة:


-انا كلمتك اصلا؟ أنا بحضر الأكل علشان نأكل...


أنتهت من تقليب الطعام ثم خرجت من المطبخ مما جعل سامية تتبعها إلى أن جلسا الاثنان على نفس الأريكة..


أردفت وقتها سامية بانزعاج وثورة شديدة لا تدري هل بسبب مناقشتها هذا الأمر أم لما تحمله من أشياء لا تستطيع البوح بها إلى أي شخص:


-هو كل ده علشان مجتش افتتاح مكان أستاذ نضال يعني هتخاصميني بسبب كده؟.


تحدثت انتصار بنبرة غاضبة تشابه نبرتها:


-يا بنتي هو أنتِ غبية؟؟ هو أنا كنت برضعك غباء طيب؟ هو أنا كل مشكلتي أن مجتيش أنتِ مجنونة؟؟؟؟


تمتمت سامية بنبرة مغتاظة:


-أومال إيه المشكلة؟ ما طبيعي مجيش أنا مش عايزة احتك بنضال ولا يكون فيه بيني وبينه أي شيء، وطبيعي أكون عايزة احافظ على بيتي....


قالت انتصار بانفعال حقيقي تلك المرة:


-هو في حد جه جنب بيتك؟؟؟ ولا جه جنب المحروس جوزك؟ وبعدين عملك إيه نضال يعني؟؟ ده من يوم  اللي عملتيه حتى من قبل ما تتجوزي وهو مش بيجي جنبك من أساسه....


ابتلعت ريقها ثم أسترسلت حديثها بوضوح:


-تيجي أو متجيش دي حاجة تخصك لكن أسلوبك ده مش هينفع يا بنتي، دول أهلك...


قاطعها سامية بإصرار أن تجعل نفسها محقة حتى ولو في كرارة نفسها تدرك بأنه لا:


-طبيعي يكون في حساسية بيني وبين نضال علشان ده واحد كان عايز يتجوزني وبيجري ورايا...


-فوقي يا سامية لنفسك شوية، وبعدين لو مشكلتك مع نضال بس، طب علاقتك بسلامة ومراته؟؟ علاقتك ببنت عمك اللي لسه جاية يا عيني لوحدها؛ بلاش دول كلهم، علشان نضال اللي عاملك أزمة نفسية وهيضايق المحروس جوزك، طب بنات خالك علاقتك بيهم إيه؟..


ابتلعت انتصار ريقها ثم قالت بنبرة جادة:


-فوقي يا سامية وحسني علاقتك باللي حواليكي لأنهم أهلك، أنا مش هعيش ليكي العمر كله ولا حتى عمك ولا خالك، اللي هيتبقى في الأخر هما عيال عمك، نضال ومراته، سلامة ومراته، وفاء وعيال خالك، هما دول اللي هيجولك في الفرح والحزن ويقفوا جنبك لما تكوني في مشكلة، الموضوع في أسلوبك وتعاليكي الغريب كأن الناس كلها مش من مستوى جنابك...


تمتمت سامية بنبرة هادئة رغم شعورها بالقلق بسبب كلمات والدتها:


-بعد الشر عليكم وبعدين يعني أنا علاقتي مش وحشة بحد أنا بس بحب أن علاقتي بالناس تكون من الوش كده تكون سطحية أحسن، أنا ميمهنيش غيرك..


أردفت انتصار بانزعاج جلي:


-أنا مهما قولت بالنسبالك كأني مقولتش حاجة..


تحدثت سامية بنبرة كانت تقصدها:


-ماما لو سمحت خلاص حقك عليا وبلاش نتكلم أكتر من كده أنا مخنوقة جدا..


سألتها انتصار بحنان أمومي بحت رغم غضبها الشديد منها:


-مالك مخنوقة من إيه؟.


ردت عليها سامية كاذبة:


-أبدًا كنت زعلانة أننا مش بنتكلم ومخنوقة كده من غير سبب فـ علشان خاطري بلاش خناق أكتر من كده..


_____________


"خلصتي؟"


كانت تلك الرسالة هي التي أرسلها نضال إلى سلمى حينما اقترب موعد انتهائها من العمل...وكان هو انتهى من الحديث مع شقيقه..


أرسلت له سلمى رسالة بسيطة:


"لسه في كلاس تاني اخدته علشان صاحبتي مجتش"..


"ماشي اما تقربي تخلصي قوليلي"


"طيب"


هي لم تكن ترغب في رؤيته بسبب التخبط الذي تتواجد به منذ يوم الافتتاح، هي ليست مجنونة تعلم جيدًا بأنه ليس هناك شيء بل هي التي تعيش على الأوهام أو رُبما الحقائق لا تعلم حقًا لكنها لا تستطيع نفض هذا الشعور الغريب..


...في شقة السيدة يسرا...


كانت جهاد جالسة على الأريكة تراقب نضال الواقف يقوم بتركيب الستائر حينما وجدهما يتحدثا مع أحد الرجال بعد صعوده ويخبرهما بأنه لن يستطع المجئ...


فتطوع نضال بإنهاء تلك المهمة السهلة بالنسبة له..


قابلهما نضال أثناء دخولهما الحي بسيارته يحملان العديد من الأكياس البلاستيكية الثقيلة نوعًا فصعد معهما وأخبرته يسرا بنبرة مهذبة بأن يدخل ويصنعا له الشاي حتى أنها أقسمت بأنه لن يرحل بتلك السرعة بعد إرهاقه معهما...


ترك هاتفه على الطاولة ومفاتيحه وولج إلى الشرفة واقفًا بالداخل يقوم بوضع الحلقات الذهبية في الستارة أولا، ثم أخذ يحاول دق المسمار في الحائط، وأغلق الباب على نفسه حتى يعطي الخصوصية لهما بالداخل نوعًا ما وقرر أنه حينما ينتهي من فعل هذا سوف يذهب إلى سلمى حتى يعيدها ويقوم بتوصيلها كالعادة..


دخلت سلمى من باب الشقة بعدما تم إلغاء أمر صديقتها من الأساس...


أغلقت الباب خلفها ثم خلعت حذائها ووضعته في المكان المخصص لها وهي بالفعل لا تري أي شيء من إرهاقها بينما جهاد تجلس على الأريكة تشاهد التلفاز..


-الجو لا يطاق بجد...


قالت تلك الكلمات ثم أخذت تخلع خِمارها متمتمة:


-أنتِ مقولتيش أنك جاية يعني؟؟.


ردت عليها جهاد بهدوء وتركيزها كله مُصب نحو التلفاز:


-ماما قالتلي اجي اتغدى معاكم.


تحدثت سلمى بعدما خلعت خِمارها والجزء الذي يتواجد أسفله:


-هي ماما فين طيب؟؟.


-في المطبخ..


ذهبت سلمى ووقفت بجوارها بعدما أمسكت "الريموت" الخاص بالمروحة وقامت بزيادة سرعتها...


ثم حاولت النظر نحو التلفاز لترى ما الذي تعطيه شقيقتها انتباه إلى تلك الدرجة....


لتجده فيلم يعود إلى فترة السبعينات تقريبًا...


تنحنح نضال ثم فتح باب الشرفة الذي لم يكن مغلقًا بالكامل وطل منه مغمغمًا:


-أنا خلصتها الحوار مكنش مستاهل تجيبوا حد لأن أصلا.....


توقف عن الحديث حينما نظرت له سلمى باستغراب لا تدري كيف يخرج نضال من الشرفة الخاصة بمنزلها!!!!!!!!!!


تحدث نضال بنبرة مندهشة:


-أنتِ بتعملي إيه هنا مش قولتي مش هتخلصي دلوقتي؟؟.


غمغمت سلمى بعدما نهضت أما جهاد أخذت تتابع ما يحدث بعدما جاء فاصل إعلاني يمنعها من متابعة فيلمها:


-أنتَ اللي بتعملي إيه هنا؟..


جاءت يسرا من المطبخ متمتمة:


-جيتي يا سلمى؟..


ثم اندهشت من أن ابنتها متخلية عن خِمارها في وجود نضال تعلم أنه زوجها ولكن ليس من عادة سلمى، أردفت يسرا بنبرة حنونة:


-عرفت تعملها يا نضال..


تحدث نضال بنبرة مغتاظة وهو يوجه بصره ناحية سلمى:


-اه خلصت..


تمتمت يسرا بنبرة لطيفة:


-تسلم يا ابني تعبناك معانا، تقعد تتغدى بقا مدام سلمى جت..


أردف نضال بنبرة غاضبة:


-هي قالتلي أنها هتتاخر أنا عايز أعرف بقا هي إزاي تيجي...


تمتمت سلمى بنبرة لا تقل عنه غضبًا:


-عادي الكلاس اتلغى خالص وبعتلك على الواتساب علشان أقولك إني هروح وقولتلك اللي حصل مردتش عليا...


تحدث نضال بانزعاج واضح:


-متصلتيش ليه؟..


هتفت سلمى بنبرة جادة:


-مجاش في بالي قولت ممكن تكون بتعمل حاجة مدام مردتش عليا يبقى مش فاضي وبعدين أنا ركبت علطول وجيت المكان مش بعيد أصلا...


أردفت يسرا بتوتر من الأجواء:


-خلاص يا ولاد حصل خير هو سوء تفاهم مش أكتر..


قاطع نضال حديثها بوضوح شديد وهو يشير ناحيتها:


-لا يا طنط ده مش سوء تفاهم هي متعمدة تعمل كده، هي أصلا من يوم الخميس وهي مضايقة مني بطريقة مش فاهمها، قولتلها في حاجة عملتها زعلتك تقولي لا، طب مالك متغيرة ليه؟ تقولي مفيش..


تمتمت جهاد بنبرة جادة وحكيمة لا تناسبها أبدًا:


-إيه رأيكم كفايا خناق ونأكل وبعدين تقعدوا كده ونشوف ليكم حل..


رغم غضبه إلا أنه جلس وأدركت سلمى متأخرًا جدًا بأنها كانت أمامه من دون خِمار لأول مرة فذهبت إلى حجرتها حاولت تغير ملابسها إلى تنورة وكنزة أخرى وقام بارتداء خِمار أخر، ثم أخذت تقوم بمساعدتهما في وضع الطعام تحت نظراته الغاضبة جدًا....


تناول الجميع الطعام على مضض ثم جلس في الشرفة في انتظار الشاي الذي وعدته به السيدة يسرا التي كانت تصنعه في المطبخ بينما سلمى تحتجز جهاد في الحجرة...


-شايفاني جيت يا غبية وقعدت جنبك وبرغي معاكي إلا ما نطقتي وقولتي أنه هنا وسايباني اقلع الخُمار..


تحدثت جهاد وهي تدافع عن نفسها بينما سلمى تستند بمعصمها على المقعد التي تجلس هي عليه:


-ماخدتش بالي، أنا كنت مركزة مع الفنانة فاتن حمامة في أفواة وأرانب حقيقي أنا معرفش وأنا صغيرة كنت شايفاها طيبة ازاي...


غمغمت سلمى بانزعاج جلي:


-أنتِ عايزة تشليني؟؟..


أردفت جهاد بعدم فهم:


-أنا مش فاهمة أنتِ مالك؟؟ ما يشوف شعرك مهوا جوزك، ده المفروض كنتي توريه حتة من الكتف بالمرة، إيه الزهق ده الراجل هيطفش منك أهو سامعة...


اقتربت منها سلمى بأعين شريرة تعرفها جهاد جيدًا مما جعلها تتحدث بسرعة وخوف حقيقي:


-لا أبوس ايدك بلاش عض، انا غلطانة، أنا غبية بس بلاش عض، متعضنيش قدام ابني بلاش جوزي اللي هيشوف العضة لأنه مش بيهمك بس شكلي قدام ابني ولا بنتي إيه؟؟؟؟


فتحت يسرا الباب ثم ولجت إليهما متمتمة:


-أنا عملت الشاي روحي اشربي معاه الشاي واقعدي معاه واحترمي نفسك كده ومتعمليش موضوع من لا موضوع الراجل كان كل همه أنه يوصلك وشكله بيتكلم بجد أنتِ أصلا قالبة وشك من يوم الخميس فعلا لما كنا في الافتتاح حتى معايا.


كلمات والدتها ازعجتها بدلًا من الوقوف بجوارها هي تؤكد صحة حديثه التي تعلم في كرارة نفسها بأنه صحيحًا..


أخذت الشاي الخاص به ثم ولجت إلى الشرفة لتضعه على المقعد الذي لا يتواجد له مسند ويتواجد بين المقعدين ثم جلست على المقعد الآخر...


سألها نضال بنبرة أكثر هدوئًا من بداية حديثهما:


-كدبتي عليا ليه؟ بلاش كدبتي عليا ليه، لأنك بعتالي على الموبايل بس أنتِ عارفة إني مش بركز أوي وكذا مرة اقولك اتصلي أحسن، ده معناه أنك عملتي كده علشان تبقي عملتي اللي عليكي وبعتي، المفروض أفهم من كده أنك كنتي مش عايزة تشوفيني أو بتتجنبي تشوفيني..


نظرت له بانبهار حقيقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى فهو قام بالفعل بتحليل فعلتها كما يجب وكأنه دخل إلى عقلها...


تحدث نضال بنبرة جادة وهو يسألها:


-لأخر مرة بقولك يا سلمى إيه اللي مضايقك أو مزعلك مني وخليكي صريحة أحسن علشان منفضلش نزود في الخناق ونفضل قاعدين ند بـ ند لأن ده مش هيوصلنا لـحاجة أبدًا...


أردفت سلمى بنبرة مترددة وهي عاقدة ساعديها كأنها جالسة في جلسة رسمية ليست في منزلها أو بطريقة أدق في الشرفة مع الرجل الذي من المفترض أنه زوجها:


-ممكن أقولك جملة قولتها ليا في مشكلة حصلت قبل كده؟؟..


لم يفهم ما تقصده لكنه أردف بنبرة عادية:


-قولي...


تمتمت سلمى بأكثر نبرة صريحة وصادقة في الوقت نفسه استعملتها معه:


-أنا مش من حقي أغير عليك؟..


هو اندهش من اعترافها الواضح رغم أنه من ضمن الاحتمالات التي أتت في عقله بأنها تغيرت بعدما أتت سيرة سامية لكنه لم يرغب في أن يسألها سؤال مباشر في أمر هكذا حتى لا يتفاقم الأمر...


رد عليها ببساطة شديدة وهو يناظرها:


-حقك..


أسترسلت سلمى حديثها بوضوح وهي تنظر له:


-وأنا لما بفتكرها أو بتيجي في بالي أو سيرتها تيجي قصادي بضايق..او حتى لو أنا اللي جبت سيرتها.


هي تغار من أمراة كان يظن بأنه يكن لها المشاعر، لكن تلك المشاعر لا تقارن أبدًا بما يشعر به نحوها هي...............


كاد أن يتحدث لكنها أسترسلت حديثها بنبرة عقلانية:


-الكلام اللي قولته قبل كده أنها بنت عمك وأن ده طبيعي يجي سيرتها وأن ده وضع أنا عارفاه من الأول وأن طبيعي تجتمعوا كل ده أنا عارفاه بس مع ذلك اضايقت، ودي حاجة أنا مش هقدر أقولك غيرها، أو غير حياتك قبل ما اجي ولا هقدر أقول لنفسي متغيريش...


مد يده ووضع كف يدها بعدما حلتهما وفكت عقدتهما، وضعه بين راحة يديه:


-سلمى أنا مش عايزك تدي الموضوع ده أكبر من حجمه هو موضوع وخلص وأنا مقدر كل كلمة قولتيها، بس لازم تعرفي أن مفيش دلوقتي أي حد غيرك في حياتي وفي بالي وفي قلبي...


نظرت له نظرة متوترة وتسارعت أنفاسها لكن فجأة صوت رنين الجرس هو ما جعلها تسحب يدها من يده بشكل تلقائى مقاطعًا مشاعر جياشة تحوم في الأرجاء بعد اعتراف عاطفي منه نوعًا ما تلك الأحاديث بينهما ليست طبيعية في علاقتهما رغم أنها زوجته، لكن الفترة الماضية كان الأمر أشبة ب خطبة يتعارف الاثنان بها..


أتت والدتها من الداخل ثم فتحت الباب بعدما أشارت لهما بأن يظلا في مكانهما، وجدت والدتها بأنه الصبي الذي يعمل في المتجر التي طلبت منه بعض المشتريات...


تابعت سلمى الأمر بعيناها وكذلك نضال الذي قال مرة واحدة والباب مازال مفتوحًا ووالدتها تتحدث مع الصبي:


-على فكرة أنا كلمت الراجل، وهما هيجوا بقى يتصرفوا علشان نقفل المطبخ خالص علشان ترتاحي مع أن أنا مبحبش كده، بس اللي أنتِ عايزاه يعني في النهاية دي شقتك أنتِ ولازم تكوني مرتاحة فيها فكري بقا بالمرة لو في حاجة تانية محتاجة تغيريها..


تمتمت سلمى بنبرة جادة وهي تضيق عيناها:


-بجد؟.


-ايوة..


أردفت سلمى بنبرة ماكرة:


-بس إيه اللي خلاك تغير رأيك مرة واحدة يعني كان باين انك متمسك بكلامك..


-حبيت أعمل اللي يريحك وبس، وأكيد لما احسك مرتاحة وراضية هكون مرتاح...


ابتسمت له، ثم وجدته يسترسل حديثه بعدما أخذ رشفة من كوب الشاي الموضوع أمامه:


-بمناسبة الغيرة بقا ريناد كلمتني وكانت عايزاني في موضوع...


نهضت سلمى من مقعدها ثم وضعت يدها في جانبيها بطريقة سريعة:


-ريناد؟ ريناد مين..


-هتكون مين يعني؟ ريناد قريبة بهية...


-كلمتك ليه...


تمتم نضال مبتسمًا وهو يجدها تقف أمامه كأنها على وشك الانقضاض عليه:


-ياستي أقعدي، سبيني أكمل كلامي، وبعدين يعني ضيعتي لحظة أول مرة اشوفك من.. 


تمتمت سلمى بنبرة متوترة مقاطعة حديثه بسرعة جعلته يضحك أثناء حديثها وهو يراقب تورد وجنتيها وخجلها الواضح؛ فهو رأى شعرها وهذا شيء ازعجها:


-أنتَ خلص الشاي وانا هجيبلك حاجة تانية تشربها، بُص أنا هعملك قهوة سادة وتحكيلي بقا ريناد كلمتك ليه....


_______________


في المساء...


كانت جالسة على الفراش متذمرة وكل شيء بها غاضب مما يحدث..


هي لا ترغب في أن تستمر حياة كهذه...


هي عازمة على قول الحقيقة مهما كلفها الأمر...


أتى زوجها زين من الخارج بعدما كان يُنهى بعض المكالمات الخاصة بـعمله...


جاء ثم ترك قُبلة على رأسها بحنان شديد تعتاده منه في ل تفاصيلها معه...


-معلش يا حبيبتي اتأخرت عليكي..


أردفت ياسمين بتردد رغم أنها لا تجد أي حل أخر:


-ولا يهمك...


ثم أسترسلت حديثها مغمغمة:


-زين أنا عايزة اتكلم معاك شوية لو ينفع...


كان يحدثها بإرهاق طفيف:


-مينفعش نأجل الكلام لبكرا؟ ولا الموضوع مهم للدرجة؟..


هزت ياسمين رأسها بنبرة متألمة:


-لا مينفعش معلش أنا محتاجة أتكلم مش هقدر استنى أكتر من كده..


الفصل التاسع والثلاثون من #عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم

#شارع_خطاب 


بقلم #fatma_taha_sultan 


____________ 


اذكروا الله.

دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية. 


_____________________ 


ربما نليق

لبعضنا البعض في يومٍ ما، ليس اليوم 

لكن غدًا وان كان ليس غدًا فـ بعد سنوات

من الآن ربما يحالفنا الحظ ونليق لبعضنا 


ربما بعد ما نكبر قليلًا

ونكون ناضجين أكثر للحب

الذي بيننا ونقدره ربما بعد سنوات

#مقتبسة 


يَصِفِهَا قائِلا:

أتَت كَأنهَا كُتِبت لِي لا صدفَة بَل رَحمَة.

#مقتبسة 


"‏الطرقات مُضاءة بشكلٍ جيد، لكن الجميع تائه." 


ـ تولستوي 


_____________ 


...في المساء... 


كانت جالسة على الفراش متذمرة وكل شيء بها غاضب مما يحدث.. 


هي لا ترغب في أن تستمر حياة كهذه... 


هي عازمة على قول الحقيقة مهما كلفها الأمر... 


أتى زوجها زين من الخارج بعدما كان يُنهى بعض المكالمات الخاصة بـعمله... 


جاء ثم ترك قُبلة على رأسها بحنان شديد تعتاده منه في كل تفاصيلها معه... 


-معلش يا حبيبتي اتأخرت عليكي.. 


أردفت ياسمين بتردد رغم أنها لا تجد أي حل أخر: 


-ولا يهمك... 


ثم أسترسلت حديثها مغمغمة: 


-زين أنا عايزة اتكلم معاك شوية لو ينفع... 


كان يحدثها بإرهاق طفيف: 


-مينفعش نأجل الكلام لبكرا؟ ولا الموضوع مهم للدرجة؟.. 


هزت ياسمين رأسها بنبرة متألمة: 


-لا مينفعش معلش أنا محتاجة أتكلم مش هقدر استنى أكتر من كده. 


حاوط زين وجهها بكفيه متمتمًا بنبرة مهتمة والقلق قد لاح عليه: 


-في إيه يا ياسمين أنتِ كويسة؟ شكلك غريب، وإيه اللي مش هتقدري تستني عليه أكتر من كده، أنا مش فاهم حاجة من كلامك... 


هبطت دمعة من عيناها رغمًا عنها لم تتحكم بنفسها، رفعت يدها حتى تقوم بمسحها لكن كانت أنامله تسبقها وهو يغمغم: 


-حد زعلك واتخانقني مع حد؟ ، أنا عملت حاجة تضايقك؟؟ مالك يا ياسمين، اتكلمي.. 


ارتجفت وهي تخبره برجاء حقيقي: 


-أقعد يا زين، اقعد جنبي.. 


استجاب لمطلبها وجلس بجوارها على الفراش ثم قال: 


-اديني قعدت، ممكن أفهم في إيه بقا؟. 


وضعت خصلاتها خلف أذنيها ثم مسحت وجهها الذي بات ساخنًا وتغير لونه تمامًا، بعدها قالت وهي تنظر له بخوف حقيقي: 


-أنا اللي هقوله ده مش سهل عليا أقوله قصادك، مش سهل عليا أقوله أصلا، بس أنا مفيش قدامي حلول غير كده.. 


على وشك أن يفقد أعصابه لولا قلقه عليها هو الذي يحكمه قليلا، سألها بنبرة هادئة: 


-طيب اهدي كده، وفهميني إيه اللي مش سهل تقوليه........ 


نهضت من مكانها ثم توجهت صوب الخزانة أخرجت منها مصحف صغير يعود إلى والدها، والدها الذي لم يحبها أحد مثله في الحياة؛ لا والدتها أو شقيقها..تدمرت من بعد غيابه... 


جاءت ثم وضعته على كف يدها مغمغمة وهي تدرك بأن زين ووالدته على خلق ودين أقوى منها هي وعائلتها: 


-أحلف على المصحف... 


ضيق عينه وهو ينهض منفعلًا: 


-أحلف على إيه؟ هو في إيه يا ياسمين أنا صبري هينفد... 


تمتمت ياسمين بنبرة مرتجفة: 


-تحلف أنك هتسمعني للاخر ومش هتقاطعني مهما قولت وبعدها أعمل اللي عايز تعمله.. 


حتى لو ما يريد فعله سيكون قتلها....

أي شيء لا يهمها حتى... 


ينظر لها بعدم فهم لا يدرك ما الذي يصيبها!!

هدر زين بغضب واضح: 


-أنا بدأت اتنرفز يا ياسمين قولي في إيه علطول علشان نخلص.. 


-أحلف علشان خاطري واسمعني علشان أنا كده مش هعرف أتكلم.. 


لم يجد مفر ولكنه أقسم في النهاية لا يدري من فضوله أو قلقه عليها هذا ما جعله يقول وهو يأخذ منها المصحف ويضعه على الطاولة المتواجدة في أحد الجوانب: 


-والله هسمعك للآخر. 


-هحكيلك من أول ما طنط جت تتكلم في موضوعنا... 


عقد ساعديه وأعطاها كامل الحرية من أجل أن تتحدث، كانت ترغب في التراجع لكنها تعلم بأنها فتحت باب لا تستطيع إغلاقه قبل أن تتفوه بالحقيقة...أي كذبة أخرى سوف تكون مجرد هراء في نظره... 


قد انطلق السهم...

ليست هناك فرصة للتراجع.. 


أخذت نفس طويل ثم أبعدت خصلاتها عن عنقها يبدو أن حرارة جسدها تزداد بسبب التوتر الشديد التي تشعر به، ثم بدأت في الحديث: 


-لما خالتو جت وقالت أنك طالب ايدي أنا كنت مسافرة مع صحابي كام يوم، قالولها هنفاتحها في الموضوع ونقولك قالت إيه. 


نظر لها بعدم فهم فأستكملت بمرارة تلك الأيام لم تكن سهلة أبدًا بالنسبة لها: 


-قالولها إني موافقة قبل ما أرجع من السفر، من غير ما حتى حد منهم يقول ليا حاجة، محدش قالي غير لما رجعت من السفر وساعتها قالولي بالحرف ابن خالتك طلب ايدك واحنا وافقنا وقراءة الفاتحة والخطوبة لما ينزل من السفر. 


سألها زين بنبرة ثابتة رغم الغصة التي شعرت بها في حديثه: 


-مكنتيش موافقة؟!. 


تحدثت ياسمين بألم واضح: 


-أنتَ قولت هتسمعني للآخر. 


-كملي. 


ابتلعت ريقها متحدثة بارتباك شديد: 


-الفترة دي وطول سنين الجامعة أنا كنت على علاقة بزميل ليا في الجامعة... 


ادهشته وجعلته مصدومًا حتى أنه كور يده في انتظار التكملة صدقًا هو يكبح نفسه بصعوبة، أسترسلت ياسمين حديثها وهي تقول: 


-هما كانوا عارفين في البيت، عارفين إن في واحد في حياتي وبرغم كده وافقوا عليك، هددوني أني مقولش ليك ولا لخالتو حاجة، قررت أقول للشخص اللي مرتبطة بيه اللي حصل معايا  كنت متخيلة أنه هيتمسك بيا أو هيحاول يعمل أي حاجة. 


ابتلعت ريقها ثم أسترسلت حديثها بأسى: 


- لكن هو معملش كده اختفى وقالي كل شيء نصيب، قولت يمكن علشان ظروفه الصعبة هي السبب في أنه ميقدرش يكمل معايا، ولا يعمل حاجة علشاني، وكان بيسقط في الجامعة كتير.. 


لو كان هناك جائزة نوبل للـصبر الذي هو فيه الآن والذي يحاول التحلي به حتى النهاية رغم إحمرار وجهه وتحفز جسده الغاضب...لكان يستحقها.... 


تنهدت ثم عادت تستكمل حديثها: 


-العلاقة ما بينا كانت خلصت وانقطعت على كده، وطبعا ماما كانت تعبانة وبتضغط عليا بتعبها، علشان كده سكت ومقولتش ليك حاجة وقرينا الفاتحة ولبسنا الدبل، وطبعا صحابي كلهم اللي جم الخطوبة صوروا ونزلوا الصور.. 


الحديث صعب جدًا..

تحديدًا القسم القادم لكنها بدأت شيء عليها أن تنهيه تحت أي ظرف... 


غمغمت ياسمين بارتجاف: 


-بعد كام يوم من الخطوبة شاف صوري اللي صحابي نزلوها، رغم إني بلكته من كل حته إلا أنه اتصل بيا من رقم غريب وهددني إنه نتقابل وإلا مش هيحصل كويس تقريبًا كان عرف أنا اتخطبت ليك وعرف مركزك وسأل عنك ساعتها قابلته في الجامعة، هددني وكان عايز فلوس... 


هو ليس رجل ساذج!!

لا يظن بأن مجرد قصة حب فاشلة لم تنجح ستكون سببًا في تهديد فتاة مثلها تحديدًا في الطبقة التي تعيش فيها... 


-هددك بإيه؟؟.. 


هذا هو القسم الأصعب على الإطلاق.. 


صاح زين وهو يكرر: 


-هددك بإيه يا ياسمين؟؟. 


نطقت وكأنها تكتب اسمها على قبرها، صدقًا كان هذا هو شعورها: 


-صور ما بينا، صوري معاه، علاقتنا اتعدت موضوع إني بحبه وكان في بينا صور.. 


رغم كلماتها المبهمة إلا أنها أوضحت ما تقوله إلى درجة كبيرة وكافية جدًا أن تؤذيه، ترفع منسوب الادرينالين...وتجعل الدماء تغلي في عروقه... 


ما هو أسوء شيء قد يسمعه الرجل عن زوجته؟!

ما هو الأسوء من ذلك...

ذبحته بكلماتها لكنه لم ينطق قال بهدوء لم تفهمه: 


-كملي. 


ابتلعت ريقها بخوف حقيقي وهي تخبره بتفاصيل مازالت تتذكها جيدًا: 


- كان عايز فلوس، مكنتش متخيلة أنه هيعمل معايا كده، كنت خايفة و مش عارفة أقول لحد، لغايت ما في مرة اتصل هددني وأنا مع صحبتي فسمعت وعرفت نصحتني أروح اقول لاخويا علاقتي بالشخص ده وصلت لإيه وبيهددني بإيه، قالتلي بالحرف أقول لاخويا واللي يحصل يحصل، مهما يعمل فيا إلا أنه مش هيرضى بفضيحتي لأني عرضه واخته. 


تنهدت ثم أردفت ساخرة: 


-روحت قولتله، مضربنيش بالقلم ولا زعقلي ولا عمل أي حاجة، قالي متقلقيش يا ياسمين أنا هتصرف معاه ومش هيحصل أي حاجة تبوظ جوازتك أنتِ وزين. 


ضحكت ضحكة ليست في محلها وهي تقول: 


-ساعتها قولت افرحي واطمني يا ياسمين، ليكي أخ متفهم وواقف في ضهرك والموضوع هيعدي، بعدها بكام يوم قالي الموضوع خلص أنام وأنا مرتاحة، ساعتها شكرته، وحضنته، اتأسفت ليه، بوست إيده وكان ناقص أبوس رجله، وكنت بحمد ربنا أن أنا عندي أخ زي ده.. 


كان ينظر لها لا يصدق ما تقوله ولا يفهم كيف تكون هذه ردة فعله وأن الأمر انتهى بتلك السهولة ولو كان كذلك، لما تخبره الآن، هل هي ترغب في أن تفضح ذاتها صدقًا لا يعرف... 


ابتلعت ريقها ثم فجرت القنبلة في وجهه: 


-لغايت قبل فرحنا بكام يوم كان أول مرة يهددني إني لازم اروح معاه من ورا ماما علشان يخطب بنت من مرسى مطروح... 


نظرت له متأسفة وهي تخبره، لا تعلم كيف قصت كل هذا رغم الخوف والترقب من رد فعله إلا أنها شعرت بأن هناك جبل انزاح من فوق ظهرها: 


-ساعتها مفهمتش هو بيهددني بإيه، مجاش في بالي أصلا، بس سكت علشان كنت مشغولة في تجهيزات الفرح، لغايت ما الميكب ارتست اللي كنت حاجزة معاها لغت الحجز بسبب حالة وفاة عندها وساعتها هو قالي هيتصرف وهيجيب واحدة، بس قولتله لا أنا اللي هختار على مزاجي وأنه مش هيفهم.حاجة زي دي.. 


ابتلعت ريقها ثم أسترسلت: 


-قالي لا وقالي إني مش قد إني أرفض حاجة بيقولها وأنه عارف مصلحتي وأنها واحدة صاحبته من أيام الجامعة وساعتها وراني الصفحة بتاعتها وعجبني شغلها بصراحة فوافقت، تخيل أن في المرتين أنا مجاش في بالي إنه بيهدد علشان الموضوع ده... 


تنهدت ثم أردفت: 


-مكنتش متخيلة أن ممكن اخ يهدد اخته بحاجة زي دي، لكن طلع فعلا بيهددني وروحت معاه مرسى مطروح لو تفتكر لما قولتلك هروح اشوف الكافية بتاعه هناك يومين وجاية... 


أنهت حديثها وهي تغمغم: 


-وبعدها هددني علنًا إني في أي وقت هيطلب مني فلوس وأنا مرضتش ساعتها هيبعتلك الصور وكل حاجة من خلال حد تاني علشان ميكنش في الصورة..وكل مرة طلبت منك مبلغ كان علشانه. 


تحدث زين بنبرة لم تفهمها كانت مُبهمة إلى حدٍ كبير: 


-وبتقوليلي دلوقتي ليه؟؟؟.. 


غمغمت ياسمين بتوضيح ونبرة مميتة: 


-علشان أنا تعبت من التهديد ومش عايزة حد يمسكني من أيدي اللي بتوجعني وعلشان مش عايزة أفضل عايشة في انتظار كل لحظة علشان تعرف فيها... 


نهض من مكانه هاتفًا بنبرة صدعت في كل خلية في جسدها من شدتها، لكنها لم تكن أبدًا عالية: 


-أنتِ طالق.... 


ثم أسترسل حديثه: 


-أنا ماشي قدامك يومين لما أرجع تكوني لميتي حاجتك قبل ما ماما تيجي وورقتك وكل حاجتك هتوصلك..ومتعرفيش اخوكي أنك قولتيلي حاجة... 


بعدها رحل...

رحل كما هو من دون أن يأخذ أي شيء كانت متعلقاته الشخصية تتواجد في سيارته لذاك لم يحتاج أي شيء....... 


يكفي الصدع الكبير الذي حدث بينهما وما سمعه منها، ولحسن الحظ أنه كان متماسكًا لأخر لحظة.... 


______________ 


تسمع منه وتفهم..

لكنها تشعر بالحيرة والضيق.... 


يخبرها بكل التفاصيل...

منذ أن كتب اسمه وقام بإرسال سيرته الذاتية.... 


تجلس جهاد بجواره على أركيتهما المفضلة؛ تعقد ساعديها، تسمعه بكل هدوء ورزانة لا تعطي أي رد فعل، لكنها لم تقاطعه أبدًا.. 


رُبما ليس بيدها الأمر أن تكون مستنعة جيدة، هي فقط كانت تشعر بالصدمة... 


تمتم سلامة بتردد أخيرًا محاولًا أن يعرف رد فعلها على ما يقوله: 


-ها قولتي إيه؟.. 


سألته جهاد بطريقة غير مفهومة: 


-أنتَ عايز تسافر؟؟.. 


أجابها سلامة بنبرة صادقة: 


-أكيد عايز أسافر وأكيد دي حاجة هتعلي مني وهترفع مني وهتعلمني حاجات، وفي نفس الوقت أنا عايز أفضل معاكي ومسبكيش لوحدك، أنا محتار يا جهاد ومش عارف أعمل إيه بجد. 


أسترسل حديثه بنبرة جادة: 


-أنا والله مكنتش متخيل أصلا أنهم ممكن يردوا بالسرعة دي أو أنهم ممكن ياخدوني في النهاية أنا مكملتش سنة. 


أردفت جهاد بانزعاج طفيف وهي تنظر له: 


-أنتَ من زمان عايز تسافر يا سلامة أصلا. 


تمتم سلامة مدافعًا عن نفسه فهو يدرك حساسية الموقف وهو لا يرغب في ازعاجها في الوقت ذاته: 


-هما ست شهور يا جهاد أنا مش رايح استقر هناك وبعدين ممكن تبقي تسافري ليا تقعدي كام يوم معايا هناك ونظبط الدنيا.. 


عقدت جهاد حاجبيها وهي تسأله بعتاب واضح: 


-أنتَ خلاص كده يعني واخد قرارك وجاي تبلغني بيه؟؟؟. 


هز رأسه نافيًا وهو يخبرها بصدقٍ: 


-لا والله أنا لسه أصلا مردتش عليهم في الشغل لو واخد القرار أكيد كنت رديت عليهم وتقدري أنتِ تتأكدي من ده، أنا عايز أسافر يا جهاد فعلا، مش هكدب عليكي بس في نفس الوقت والله العظيم لو أنتِ مش عايزاني أسافر أنا مش هسافر يمكن لو كنا مخطوبين كنت أخدت القرار لوحدي لكن دلوقتي مفيش حد فينا المفروض يأخد قرار إلا والتاني موافق وراضي عنه... 


لوت فمها بتهكم وهي تحاول استيعاب فكرة بأنها قد تبتعد عنه، هي لا تحبه فقط بل معتادة على وجوده يوميًا ومنذ سنوات، في الدراسة وفي العمل، في كل شيء كان سلامة في يومها: 


-علشان تفضل تشيلني الذنب وتلومني.. 


ابتسم رغمًا عنه ثم قال بجدية: 


-لا والله لو رفضتي مش هلومك ولا هشيلك ذنب ياستي... 


قالت جهاد بحيرة حقيقية فهي ترغب في وجوده وفي الوقت نفسه، تريد أن يحقق حلمه والخطوة الذي يريدها: 


-أنا مش عارفة أقولك إيه يا سلامة أنا محتارة جدًا... 


تنهد ثم أخذها في أحضانه متمتمًا بهدوء مما جعلها تحاوك عنقه ثم تضع رأسها على كتفه بحركة تلقائية ليصبح كلامه همسًا بجوار أذنيها: 


-فكري مع نفسك في اللي قولته ليكي، وشوفي اللي يريحك وأنا أي قرار هتاخديه مش هناقشك فيه والله بس حاولي تفكري بسرعة علشان لو اه الحق اخلص ورقي لو لا يلحقوا هما يشوفوا حد بدالي.. 


______________ 


في الصباح الباكر. 


كانت لا تصدق!!

حقًا لا تصدق ما تراه منذ دقائق... 


أنه خامس مقطع، لخمس فتيات يمتلكن شهرة واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي يتحدثن ويتناولن الطعام في المكان الخاص بشقيقها وأصدقائه... 


لا تعرف هل قام شقيقها وأصدقائه باستعمال هذا النوع من الدعاية أم ماذا؟!... 


المقاطع حققت ملايين من المشاهدات، ألآلاف التعليقات منها من هو يسأل ومهتم ومنها من يقوم بكتابة أي نقد قد أتى في عقله من دون أي سبب... 


كان سادس مقطع تراه هو مقطع لريناد...

هذا ما جعلها تشهق وهي تشعر بالصدمة للمرة التي لا تعرف عددها... 


هل طلب شقيقها من ريناد أيضًا؟؟.. 


حور قد تتوقف؟!

وتنتظر؟؟ 


هذا خيار لا يتواجد في قاموسها يا أعزائي فهي ذهبت نحو الأريكة الذي ينام عليها وأصبحت فراشه منذ عدة أشهر، ذهبت إيناس إلى العمل بينما والدتها نائمة، مازالت الساعة لم تتخطى التاسعة صباحًا على أية حال..... 


وضعت يدها على كتفه ثم حاولت إيقاظه: 


-دياب...دياب...دياب قوم.... 


فتح دياب عينه متمتمًا: 


-في إيه يا حور، في حاجة حصلت.. 


وجهت الهاتف إلى وجهه على المقطع الخاص بـ ريناد تحديدًا... 


فتح دياب عينه بصعوبة بسبب إضاءة الهاتف وكونه لم يستيقظ جيدًا بعد، رأي ريناد ويسمع صوتها فهي تتحدث عن مكانه الخاص وتتناول الطعام... 


التقط منها دياب الهاتف بطريقة افزعتها حينما بدأ يستوعب ما يحدث... 


اعتدل ثم جلس في نصف جلسة وأخذت حور تثرثر وهي تخبره بما رأته وفهمته: 


-ريناد وكذا بلوجر مشهورين أوي منزلين فيديوهات للمكان بتاعكم وبجد التعليقات والمشاهدات فظيعة.... 


صاح دياب بانفعال شديد: 


-هي عملت ده امته أساسًا؟؟ وأنا كنت فين؟؟. 


ثم بدأ يستوعب أحداث اليوم الماضي ليغمغم بنبرة مُنفعلة: 


-هو نضال مفيش غيره علشان كده مكنش عايز يوديني امبارح خالص وعمال يلفلف بيا... 


تمتمت حور معقبة على حديثه مع ذاته المسموع نوعًا ما: 


-أنا مش فاهمة حاجة فهمني طيب في إيه اللي حصل ووشك قلب كده ليه؟!. 


قال دياب مستنكرًا وهو ينهض من مكانه: 


-مش لما افهم أنا الأول علشان افهمك... 


نهض وأخذ يبحث عن هاتفه بغضب كبير ولم يهتم حتى بالتوقيت ثم ولج إلى حجرته التي أصبحت حجرة إيناس، مغلقًا الباب خلفه وأخذ يبحث عن نضال ثم قام بالاتصال به على الفور لم يجب في المرة الأولى فـ كررها مرة أخرى ليجب عليه بصوتٍ ناعس: 


-في إيه يا دياب على الصبح؟؟.. 


صاح دياب مستنكرًا: 


-متستعبطش يا نضال هو إيه اللي في إيه؟ أنتَ اللي خليت ريناد هي وشلتها دول ولا معرفش هما مين يصوروا عندنا صح؟. 


اندهش نضال بأنهم قاموا بتنزيل المقطع سريعًا... 


تحدث نضال بنبرة هادئة: 


-الموضوع ده هيفيدنا وهي عملت كده علشانك على فكرة... 


قاطعه دياب بغضبٍ واضح: 


-متنرفزنيش يا نضال، وبعدين أصلا أنتَ اتواصلت معاها ليه؟ وازاي؟؟.. 


رد عليه نضال بصوت به بقية نومٍ: 


-بطل هطل يا دياب هو أنا يعني اللي هروح ادور عليها وأكلمها؟؟؟ ما أنا لو في بالي حاجة أصلا أن حد يعملنا دعاية بالشكل ده كنا هنشوف حد وندفعله، لكن هي اللي اتصلت بيا..وعملت كده علشانك أنتَ. 


كان سؤاله مستفز: 


-جابت رقمك منين؟.. 


ضحك نضال رغمًا عنه وهو يجيبه مدركًا غيرته الواضحة: 


-لا مجبتش رقمي أنا، عي اتصلت بيا من على رقم بابا وهو اللي اداني اكلمها أما جابت رقمه هو منين والله دي معرفهاش ومفكرتش أسال عنها... 


ثم أسترسل حديثه بنبرة لطيفة نوعًا ما: 


-أنا مش شايف حاجة مستاهلة العصبية دي كلها.. 


صاح دياب بغيظٍ كبير: 


-لا في حاجة مستاهلة أنك طول اليوم امبارح تلف بيا علشان تبعدني عن هناك ومعرفش، كان لازم تقولي هو أحنا مش شركاء في المخروبة دي. 


مازال نضال محافظًا على أعصابه: 


-هي اللي طلبت أنك متعرفش وبرضو ارجع واقول مفيش حاجة مستاهلة العصبية دي كلها، دي عملت كل ده علشانك وبعدين حتى أنا اتفاجئت أنها جابت ناس تانية معاها كنت فاكرها هتكون لوحدها عادي، هي حبت تساعدك وتدعمك في مشروعك بس أنتَ فقري.... 


تمتم دياب بغضب كبير: 


-ماشي يا نضال، ماشي، عمومًا الكلام على التليفون ده مبحبهوش لما أشوفك هقولك بس الموضوع ده مش هيعدي بالساهل علشان تبقى عارف... 


ثم أغلق المكالمة في وجهه، وخرج إلى الخارج، لم تكترث حور كثيرًا إلى صوته المرتفع وشجاره مع صديقه بل تحدثت بحماقة وفضول كبيرات يسيطران عليها: 


-ما تقولي بقا في إيه يا دياب بالظبط... 


هتف دياب بنبرة حاول جعلها هادئة لكنه يفشل: 


-لا تعالي أنتِ اكتبيلي رقم الهانم اللي تحت دي علشان اتصل بيها وروحي يلا أنتِ اتاخرتي مش المفروض وراكي درس يلا... 


بعد مرور ثلاثين دقيقة تقريبًا... 


اتصال منه جعلها تشعر بالارتباك والخوف حتى أنها لم تسأل عن كيف أتى برقمها... 


أخبرها باختصار شديد بأن تخرج له، لو كانت في المنزل، ولم تكن نائمة فهي كانت على وشك الخروج من أجل الجامعة... 


خرجت من الشقة وكانت بهية مستغرقة في نومتها، الباب كان مفتوحًا بعد خروجها وهو يقف أمامها بهيئة عشوائية عكس المعتاد فهو دومًا مهندم رغم كل شيء......... 


تمتم دياب بنبرة غاضبة بعدما تأكد من رحيل شقيقته: 


-أنتِ مين قالك تتكلمي مع نضال وتعملي كل ده من ورايا، أصلا مين اداكي الحق أنك تعملي كل ده؟!.. 


ليلة أمس كان يوم صعب ومرهق وصديقاتها الجدد رغم كل شيء حاولوا مساعدتها من أجل هذا الأمر من دون مقابل أو كـنوع من أنواع المجاملة أو فث انتظار مقابل رُبما في المستقبل... 


هي حاولت فعل كل شيء يقع في يدها من أجل مشروعه ومساعدته... 


تمتمت ريناد بعدم استيعاب هجومه الكبير رغم أنها تتوقعه ولكن ليست بتلك الدرجة: 


-كل ده علشان عملت حاجة علشانك أنتَ وعلشان أساعدك؟!. 


هتف دياب مستنكرًا وهو يحاول السيطرة قدر المستطاع على صوته: 


-متساعدنيش ومتعمليش حاجة علشاني ولا تدخلي في أي حاجة تخصني ولا المفروض يكون في بينا أي حاجة ولا مساعدة ولا غيره.. 


تمزق قلبها حقًا أثر كلماته.. 


قالت ريناد ساخرة: 


-في إيه يا دياب، إيه اللي حصل علشان كل ده؟؟؟ أنا حاولت أساعدك... 


تحدث دياب بنبرة فقد بها السيطرة على حاله حتى أنه لا يدري هل هو يخبرها أم يخبر ذاته وفؤاده: 


-كده أنا مش عايزك تدخلي في أي حاجة تخصني ولا عايز أصلا يكون في بينا حاجة لأنه مينفعش. 


سألته بتوجس كبير وكأن أجابته قد شطرت قلبها وهي تعي جيدًا ما يقصد: 


-هو إيه اللي مينفعش؟؟. 


كانت نبرته مهتزة وهو يخبرها بتردد: 


-مينفعش أصلا ولا تساعديني ولا يكون في بينا كلام ولا يكون في بينا حاجة لأنه مينفعش... 


حاولت لملمة ما تبقى من كبريائها كونه يرفض مشاعرهما بطريقة غير مباشرة، كانت كاذبة وهو يعرف أنها كاذبة وهي تخبره مشيره له بسبابتها: 


-أنا عملت كل ده علشان بس أنا السبب في أنك تسيب شغلك الأولاني علشان كده أنا حبيت اساعدك علشان محسش بالذنب مش أكتر أنا كنت بريح ضميري... 


قال بتمني نابع من عقله لا من قلبه أبدًا: 


-ياريت تكوني عملتي كده علشان كده بس... 


صاحت ريناد باستنكار: 


-أنتَ بتندمني على أي حاجة عملتها معاك كويسة، بتندمني حتى على اليوم اللي شوفتك فيه، أنا اصلا معرفش أنا عملت إيه في حياتي علشان اعرفك وعلشان.... 


صمتت ولم تستكمل حديثها...

ما يتبقى هي لحظة انهيار يلحقها اعتراف ولذلك كان الصمت أفضل شيء من الممكن أن يحدث في تلك اللحظة... 


لا يمكنها السيطرة على نفسها.. 


هتف دياب بعد تنهيدة خرجت منه بصعوبة وهو يتأملها تلك المرة: 


-أنا مش عايز اورطك أكتر من كده معايا ياريت تفهميني... 


تحدثت ريناد وهي تكبح دموعها المسجونة بين جفنيها: 


-أنا مش عايزة أفهمك ومش عايزة اتكلم معاك كل اللي عملته ده عملته علشان بس محسش بالذنب ياريت خيالك ميروحش لبعيد، وعمومًا دي أخر مرة هتشوف فيها وشي أنا راجعة بيتي... 


أنهت حديثها وركضت متوجهة صوب الشقة مغلقة الباب في وجهه، وكأن بتلك الطريقة تنهي قصة لا يمكنها الانتهاء مثلما تريد هي.... 


بل هي تبدأ فقط.... 


أغلقت هي الباب ثم هبطت دموعها المحبوسة بينما هو كان يرغب في الصراخ حقًا بسبب ما يحدث لكنه غادر البناية بأكملها كان هاتفه ومحفظته معه هذا ما يحتاجه فقط.... 


_________________ 


تجلس مع شقيقتها.... 


جاءها اتصال منها في الصباح بأنها ترغب في أن تأتي لها قبل أن يأتي سلامة، ولحسن الحظ كانت اليوم تُنهي عملها مبكرًا فجاءت لها كما طلبت.. 


سلمى هي مخزن أسرار جهاد..

أكثر من اي صديقة ورغم اختلافهما الجذري في شخصياتهما إلا أنها تحب نصيحتها، تحب رأيها حتى لو كانت تقوله بطريقة ساخرة في بعض اللحظات أو حادة... 


لكنها تحب حديث سلمى وبعدها سوف تأخذ رأي والدتها فهي في الغد سوف تقوم بدعوتها على الغداء، لكنها رغبت في أن تخبر سلمى أولا لأن والدتها في رحلة تبع المدرسة التي تعمل بها سوف تعود متأخرة اليوم... 


قصت لها جهاد كل ما حدث بينها وبين زوجها لا تستطيع التفكير بمفردها ولا حتى معه، لا تستطيع إتخاذ قرار... 


تمتمت سلمى بنبرة هادئة: 


-محدش يقدر يقولك في الموضوع ده رأيه يا جهاد لأن في كل الأحوال أنتِ اللي جوزك هيسافر وأنتِ اللي هتحسي أنه مش موجود ولو قولتي ميسافرش أنتِ اللي ممكن تحسي برضو أنه ضيعتي عليه فرصة علشان كده محدش يقدر يفيدك... 


هتفت جهاد بنبرة ساخرة وهي تنظر لها بنزق: 


-شكرًا يا سلمى من غيرك مكنتش عارفة من غيرك هعمل إيه بصراحة كنت هموت نفسي دلوقتي هنتحر.. 


ضحكت سلمى وهي تخبرها: 


-إيه الفرق؟ ما الاتنين واحد، بعد الشر عليكي يا ستي وبعدين هدي نفسك انا بتكلم معاكي بجد لازم أنتِ اللي تشوفي أنتِ محتاجة إيه وتقدري تستحملي إيه، لأن أي حد هيقولك نصيحته هو مش هيعيش مكانك فهماني؟؟.. 


تحدثت جهاد بنبرة خافتة وهي تعقد ساعديها بملامح عابسة: 


-مش عارفة يا سلمى أنا قلقانة وخايفة أنا عايزاه يسافر بس في نفس الوقت خايفة أنا بحب سلامة أوي ومتعودة عليه من سنين طويلة وأنا بشوفه تقريبًا يوميًا مش عارفة هعيش كام شهر من غيره، وفي أصعب فترة وأنا حامل.. 


ردت عليها سلمى وهي توضح لها كل شيء: 


-أكيد احنا مش هنسيبك وكمان لو الحمل وكل حاجة تمام ممكن تنزلي الشغل من تاني مش مشكلة، مش هيكون عندك مسؤوليات زي الأول وتسلي نفسك وأكيد سلامة مش هيقول حاجة وتكوني خلتيه يحقق اللي عايز يعمله سواء نجح أو فشل، يكلمك فون وفيديو كول عادي والنت مخلاش وبعدين هما ست شهور هيعدوا هواء.. 


حديث سلمى كان منطقي بعض الشيء لكنها تقلق من أنها لا تتحمل غيابه... 


هتفت سلمى وهي تضع يدها على كتف شقيقتها: 


-استخيري ربنا يا جهاد وشوفي هتحسي بإيه، ومتضغطيش على نفسك؛ وتأكدي أن اللي هيحصل ليكي أو ليه خير، أوصلي للـقرار اللي تحسي نفسك مرتاحة له وبس... 


ظل الحديث مستمرًا لمدة ليست طويلة...

إلي حين خروج سلمى وهبوطها على الدرج ووصولها إلى فناء المنزل لتجد نضال في انتظارها كما أخبرها والبوابة أمامها مفتوحة تطل على جزارة خطاب... 


تمتمت سلمى بهدوء وهي تنظر له بابتسامة صافية: 


-مساء الخير عامل إيه؟؟.. 


هتف نضال بنبرة متوترة: 


-والله مقريف يا سلمى مش طايق نفسي... 


عقدت سلمى ساعديها تحاول التفكير فيما حدث كونها رأت مقطع ريناد: 


-خلاص مش صعبة أخمن، دلوقتي ضرتي عرفت أن ريناد نزلت فيديو وأكيد اتخانق معاك صح؟.. 


ضحك نضال وهو يضيق عينه مغمغمًا: 


-أنتِ مسمية دياب ضرتك؟.. 


هزت رأسها موافقة وهي تخبره: 


-أكيد هو أكتر حد بتقعد معاه وبتكلمه ورايح جاي معاه فأكيد هو ده ضرتي. 


ثم أسترسلت حديثها بنبرة جادة: 


-هو عمل إيه طيب؟. 


تمتم نضال باستنكار شديد: 


-اتخانق معايا ومبيردش عليا؛ قالي لما أشوفك أنا معرفش ليه قلب وشه للدرجة دي، البت باين عليها بتحبه وعايزة تساعده.. 


نظرت له سلمى ساخرة وهي تتحدث بغيظٍ كبير: 


- حلو ده موضوع الحب والمشاعر وأحساسك الطاغي بحبها ليه ده.. 


غمغم نضال بهدوء: 


-واضحة الحاجات دي بتتلقط هواء.. 


تمتمت سلمى بنبرة جادة تلك المرة: 


-معاك حق، بس يعني هما بعاد عن بعض أوي مش عارفة حاسة أن الموضوع مش مظبوط عمومًا... 


تمتم نضال مرة واحدة ودون أي مقدمات وهو يقوم بتغيير الموضوع: 


-مجدي الـ *** اللي المفروض أبو وفاء ده اتكلم وقال أنه موافق على اللي ابويا قاله عليه والمحامي هيمشي في الإجراءات معرفش هتأخد قد إيه بقا... 


هتفت سلمى محاولة بث الطمأنينة فيه فالأمر مزعج وتقبله ليس سهلًا: 


-طب كويس، خير ان شاء الله يا نضال. 


-ان شاء الله. 


ثم أسترسل نضال حديثه بنبرة هادئة بالرغم من ضيقه الشديد: 


-تعالى نشرب حاجة مع بعض أنا مخنوق وعايز اتكلم وبعدين ابقى أروحك علشان أنتِ وحشتيني... 


هزت رأسها بإيجاب هنا غمغم نضال ساخرًا: 


-بتهزي رأسك ليه هو أنا بقولك تحية الصباح يعني ولا إيه أنا بقولك وحشتيني. 


-وأنتَ كمان ليك وحشة.. 


ضحك نضال وهو يشير لها في نهاية حديثها نحو الخارج: 


-اه اللي هو ريح الزبون وخلاص، يلا نمشي يا سلمى يلا...... 


____________ 


...في اليوم التالي... 


كانت تعبث في أغراضها جميع أغراضها تضعها في الحقيبة ويبدو أنها سوف تحتاج إلى حقيبة أخرى. 


جاءت بهية من الخارج وهي تستعمل العصا الخاصة بها سارت حتى جلست على طرف الفراش بجوار الحقيبة التي تحسستها بهدوء مغمغمة: 


-هتمشي؟؟؟.. 


تنهدت ريناد ثم تحدثت بطريقة أظهرت كم الألم الذي يتواجد بها منذ ليلة أمس: 


-اه للأسف خلاص كفايا كده... 


تمتمت بهية بنبرة حزينة: 


-محمد عارف أنك راجعة؟. 


هزت رأسها نافية ثم أردفت ببساطة: 


-لا ميعرفش بس أكيد مش هيطردني يعني ده بيتي ومن حقي ارجع وقت ما ارجع واللي عايزه يعمله. 


تحدثت بهية بنبرة جادة تلك المرة وهي تتذكر بكائها طوال يوم أمس واعترافاتها بما حدث أمام بهية والمحادثة التي حدثت بينهما: 


-مش ملاحظة أن ده قرار متسرع تاخديه مش مهم اللي دياب يقوله، ومش مهم أصلا اللي حصل تجنبيه وخلاص.. 


تمتمت ريناد بعد تنهيدة خرجت منها: 


-أنا مش هعرف أعيش في مكان هو فيه، تقريبًا رحلتي خلصت على كده، لازم ارجع بيتنا، مع أنه والله أنا مش عارفة هعيش من غيرك ازاي... 


ردت عليها بهية بعاطفة قوية: 


-أنا كمان اخدت على وجودك معايا يا بنتي، حسيتك بنتي وحفيدتي... 


هبطت دمعة من عين ريناد ثم أمسكت كف يدها الممتلئ بالتجاعيد: 


-اوعديني أنك تيجي تقعدي معانا حتى لو يومين كل أسبوع، أنا برضو اخدت عليكي ومش هقدر أعيش زي الأول من غيرك... 


ابتسمت لها بهية مغمغمة: 


-اعملي اللي يريحك يا بنتي مقدرش أقول حاجة ولا اتكلم في النهاية انتِ حرة، خلي بالك على نفسك.. 


قالت ريناد بإصرار شديد:


-اوعديني..


ردت عليها بهية بنبرة هادئة:


-اوعدك بس حتى لو معرفتش أجي أبات معاكي على الأقل هاجي ازورك كل أسبوع، أهم حاجة خلي بالك من نفسك، وبلاش يا بنتي ترجعي لنفس الطريق اللي كنتي فيه قبل ما تيجي هنا، عايزاكي تخلي بالك على نفسك وعلى محمد، متعمليش أي حاجة تقل منك يا حبيبتي ومترجعيش لورا..


-حاضر.


ثم احتضنتها ريناد وكأنها كانت بحاجة إلى حضن أم، صديقة، أمرأة قد تشعر بمشاعرها الجريحة والتي أصبحت واضحة إلى حدٍ كبير للجميع لم يعد سرًا...............


_____________


...بعد مرور عدة أيام...


عرف من حارس البناية بأن شقيقته تجلس في شقة العائلة منذ أيام وهي لم تخبره حتى، هذا ما جعله يأتي على الفور بعدما تلقى الاتصال من هذا الحارس...


فتحت له الباب بعدما قرع الجرس، هو لم يتبقى معه نسخة من المفتاح، كانت المفاتيح كلها معها هي...


-واضح أن عم محمد مقدرش يمسك لسانه اتفضل..


قالت ياسمين تلك الكلمات ثم توجهت إلى الداخل، ولج حمزة خلفها ثم صفع الباب خلفه بقوة..


جلست ياسمين على المقعد ثم وضعت قدم فوق الأخرى كعادتها مغمغمة ببرود وبطريقة ازعجته إلى حدٍ كبير:


-اعملك شاي ولا قهوة؟ ولا أقولك تحب نتغدى مع بعض كنت كده كده هطلب أكل..


صاح حمزة بنبرة مُنفعلة:


-أنتِ بتعملي إيه هنا وسايبة بيت جوزك ليه؟؟..


نظرت له ياسمين بلامبالاة وهي تخبره:


-زين طلقني.


أتسعت عيناه وشعر بالصدمة حتى أن لسانه أنعقد واتخذ الوضع معه لعدة دقائق، كانت تلك الدقائق كافية لتشفي جروحها وندوبها وهي تراقبه في تلك الحالة إلى حين أن تحدث بنبرة غاضبة فهو توقع بأن الأمر لن بتعدى مجرد شجار:


-طلقك ليه كده مرة واحدة، أوعي تكوني قولتيله حاجة؟؟..


جاوبت عليه ياسمين بهدوء:


-أكيد لا، إزاي هقوله حاجة زي دي؟! هتكسف على الأقل أطلعك مش راجل مهما كان أنتَ اخويا.


خرج منه كلمات بذيئة ردًا عليها فتحدثت ياسمين محاولة إتقان كذبتها نوعًا ما:


-خليك ذكي شوية يا حمزة تفتكر هو هيعرف حاجة زي دي وهيسكت ويطلقني كده؟؟..


صاح حمزة مستنكرًا:


-اخلصي وقولي طلقك ليه؟؟..


تمتمت ياسمين وهي تخبره بسيناريو من وحي خيالها:


-قولتله على موضوع الفلوس اللي أنتَ طلبتها مني وأني عايزة أساعدك هو حس أني بستغله وده اللي قولته ليك أنه كل فترة بطلب منه مبلغ كبير حتى لو ساعات برجعه ده شيء يشككه فيا، حس إني طمعانة فيه وعلشان هو كمان كان مضايق من تأجيل الخلفة...


تحدث حمزة بضيقٍ شديد ونبرته كانت مرتفعة جدًا:


-أنا مش مصدقك على فكرة، زين ميطلقكيش كده علشان الفلوس، ولو على موضوع الخلفة لو طلقك علشان كده فأنتِ تستاهلي أنك بترفصي النعمة هو أنتِ تطولي تخلفي منه..


أردفت ياسمين بتعب حقيقي:


-روح اسأله ليه طلقني لو مش مصدقني يا حمزة ولو سمحت أنا مش طايقة نفسي ومش قادرة اتجادل معاك، اللي عندي قولته...


هتف حمزة بنبرة غاضبة وهو يشير لها بسبابته:


-مهما كان السبب اللي طلقك علشانه تروحي وتصلحي الوضع وتعتذري وتخليه يردك لعصمته من تاني وترجعي بيتك..


ضحكت ياسمين ساخرة رغمًا عنها وهي تغمغم:


-إيه لو روحت اتذللت ليه يرجعني وموافقش هتروح توريله الصور يعني ولا إيه؟؟؟..


-أنا هندمك على طيشك وعلى أنك بضيعي كل اللي احنا عملناه، شكلك مبتعرفيش تعيشي في النضافة ولا تعيشي مع راجل زي زين، ليكي في الشمامين بس، على العموم أنا هروح الشركة وهتكلم معاه؛ ولو اقنعته هترجعي غصب عنك...


تمتمت ياسمين بهدوء مُسببه في أن تصيبه بالجنون: 


-لو لقيته بقا، لأنه اتصل بيا الصبح وقالي أنه هيبعت ورقتي لما يرجع من السفر لأنه سافر...


________________


يجلس زهران على الأريكة وأمامه أرجيلته الحبيبة يسمع حديث سلامة وهو يخبره بأنه عازم على سفره بل بدأ في الإجراءات بعدما أعطت جهاد الموافقة له وأخبرته بأنها توافق على سفره لعل تلك الخطوة هي خير لهما.


تمتم زهران معترضًا بعدما سحب نفس من الأرجيلة:


-يا ابني هو أنتَ ناقصك إيه علشان تتغرب وتوجع قلبي عليك هو العمر في كام ست سنين علشان أرجع اشوفك من تاني..


تحدث نضال موضحًا:


-يا بابا بيقولك ست شهور، ست سنين إيه؟ هو رايح يتسجن...


هتف سلامة بنبرة ساخرة في بدايتها ثم جادة بعدها:


-يا بابا أنا عارف أن مش ناقصلي حاجة بس دي فرصة حلوة بالنسبالي وفي نفس الوقت هما ست شهور هرجع ان شاء الله قبل ما جهاد ما تولد، مهوا مش معقول تيجي فرصة زي دي وأنا في السن ده، وكمان بالسرعة دي يتوافق عليا وجهاد توافق وتيجي أنتَ تعقدها...


رفع زهران حاجبيه بعدما سحب نفس من الأرجيلة ثم قال:


-أنا مش بعقدها يا سلامة، أنا بس خايف عليك أنا مبحبش حوارات السفر ده...


تمتم سلامة محاولًا الوصول إلى حل وسط:


-استقر هناك والدنيا هتتظبط وتعالى زورني وهات جهاد معاك عادي لو الدكتورة قالتلها تسافر، الموضوع بسيط يا بابا قولي ربنا يوفقك بقا وادعيلي.


تحدث زهران بنبرة مقتضبة بعض الشيء وهو ينظر له بعدما ترك الأرجيلة:


-ربنا يوفقك يا ابني ويسهلك كل صعب؛ ويعملك اللي فيه الخير، مدام أنتَ عايز ومراتك راضية مبقاش في كلام أنا أقوله...


ثم أسترسل حديثه وهو يشير صوب نضال:


-هتسيبني مع الواد ده لما بعوز حد يفهمني حاجة على الواتس والفيس أو أي حاجة هيقعد يذلني علشانها، ويحرق في دمي وهيفضل حاطط عينه على كريمة نامبر تو وعلى أصيلة ومش هعرف اخد راحتي..


تمتم نضال وهو يرفع حاجبيه بعدم تصديق:


-خلاص أنا المشكلة في البيت ده والولد العاق..


هتف زهران ببساطة شديدة:


-الاعتراف بالحق فضيلة ودي الحاجة الوحيدة اللي بحترمها فيك..


تحدث سلامة محاولا فك الاشتباك:


-خلاص افصلوا شوية كل واحد فيكم يقعد في شقة لوحده أحسن..


تمتم زهران وهو يرفع يده ويتخذ وضعية الدعاء:


-يارب بقا، ربنا يزيح الغمة ويتجوز بقا بدل الجوازة الجملي دي ويقعد في شقته ويريحني منه..


هتف نضال ساخرًا وهو يرمقه بنظرات مرحة:


-حتى لو الغمة انزاحت فأنا فوقيك يعني مش هتكون انزاحت أوي هفضل قاعد على قلبه....


نظر له زهران بشذر هنا غمغم سلامة بارتباك طفيف:


-أنا فعلا بدأت أقلق أني اسيبكم لوحدكم أكتر ما أنا قلقان على جهاد...


تمتم نضال بنبرة خبيثة بعض الشيء وهو يقترب من سلامة ثم يضع يده على كتفه:


-متقلقش انا وابوك سمنة على عسل، المهم بس في موضوع حبيت أقوله ليك ابوك هيدبح عجلين علشان مجدي وافق على عرضه، وهيدبح قدهم مرتين لما وفاء تكون على اسمه أنا قولت اعمل عمل خير...


تمتم زهران بنبرة غاضبة ومتوترة:


-أنتَ عيل خباث ومش سهل والله...


أقترب سلامة من والده هاتفًا:


-الكلام ده حقيقي يا بابا؟؟؟..


ضحك نضال ثم أردف بهدوء شديد:


-أنا رايح اتوضى وانزل علشان الحق العصر يا جماعة ربنا يهديكوا...


صاح زهران مستنكرًا وهو يراقب رحيله بينما سلامة يأكله بنظراته:


-عيل مش سهل والله لاوريك رايح تصلي بعد ما ولعتها......


-الكلام ده حقيقي؟..


هز زهران رأسه موافقًا ثم اخذ يصيح:


-اه حقيقي وأكتر حد أنا هكون مركز معاه الفترة الجاية هي وفاء، وفاء أنا مليش ذكريات معاها وهي صغيرة ولا هي ليها ذكريات معاها، هي اتحرمت مني وأنا اتحرمت منها وأي حاجة هعملها هي هتكون نقطة في بحر من حقها...


______________


وضعت فنجان القهوة على الطاولة التي تتواجد أمام خالتها...


حينما انتهت جلست على المقعد مما جعل خالتها تتحدث بانزعاج كبير مما يحدث:


-يا بنتي اتكلمي أنتِ طيب؟ مهوا مش معقول اللي بيحصل ده يعني لولا حمزة كلمني وقالي مكنتش هعرف حاجة وكنت هفضل في اسكندرية، ده أنا جيت علطول أول ما اتصل بيا.


لن يتوقف شقيقها!!

سيحاول فعل أي شيء من أجل أن تعود إلى زين...

لذلك تحدث مع خالته...


سألتها ياسمين بتردد لا تصدق حقًا ما وصل إليها لذلك كانت ترغب في السؤال لحتى يطمئن قلبها:


-هو زين مقالش ليكي حاجة؟؟.


هزت خالتها رأسها نافية متحدثة بسخطٍ:


-هو لو كان قالي أي حاجة أو ريح قلبي كنت هقعد اتذلل ليكم أنتم الاثنين علشان حد فيكم ينطق ويقولي إيه اللي حصل وأنا في اسكندرية؟...


لا تصدق  أن ابن خالتها وزوجها قد يصون سرها وشرفها رغم كل شيء حتى أمه لم يخبرها، على العكس شقيقها هو من يبتزها...


تحدثت ياسمين بتوتر:


-عادي احنا مش متفقين مع بعض وده وارد يحصل، لكن زين مفيهوش أي حاجة تعيبه وبالعكس هو هيديني كل حقوقي...


هتفت خالتها بنبرة غاضبة بسبب ما تسمعه:


- مفيش اتنين بيطلقوا من غير سبب، وأنتم كنتم زي الفل مفيش أي مشاكل بالعكس زين بيحبك جدًا، مهما كان السبب يا حبيبتي عرفيني أنا امه وخالتك وزي أمك الله يرحمها يعني أنا مش غريبة مهما كان السبب نقدر نحله ونوصل لحل خراب البيوت مش بالساهل.


تمتمت ياسمين كاذبة فهي لن تستطع أن تخبر خالتها بالسر الذي كتمه هو نفسه:


-صدقيني مفيش سبب هو في الأول والآخر نصيب وأنا زين هفضل طول عمري احترمه وربنا يعوضه باللي أحسن مني ويعوضه عن كل حاجة...


هتفت خالتها وهي تشعر بأن ضغطها قد ارتفع:


-والله العظيم لو حصلي حاجة هتكونوا أنتم السبب، هو مسافر وبينقطني بالكلام واللي قدامي مش عايزة تنطق بحاجة، مفيش اتنين بيطلقوا من غير سبب أنا في مقام والدتك طيب سيبك منه هو، مش لو أمك الله يرحمها كانت عايشة كنتي هتتكلمي معاها...


قاطعها ياسمين بنبرة مختنقة:


-صدقيني الموضوع كله قسمة ونصيب ومفيش حاجة ينفع نقولها بلاش تزعلي نفسك وأهم حاجة صحتك مفيش حاجة بتنتهي علشان اتنين اطلقوا يعني..


رمقتها خالتها بضيقٍ ثم أخذت فنجان القهوة وأخذت منه رشفة قائلة:


-لما يرجع هو من السفر أنا ليا كلام تاني معاه...


________________


بعد مرور أسبوعين تقريبًا....


لا يستطيع النوم وكذلك هي لم تختلف عنه...

في الغد موعد طيارته في وقت الظهيرة تقريبًا...


جلس سلامة في نصف جلسة على الفراش بعدما شعر باليأس من أن ينام أحدهما حتى...


فـضغط على الزر الموجود بجوار الفراش من ناحيته لتنتشر الإضاءة في الغرفة، كانت جهاد توليه ظهرها وتشعر بحركته، أستدارت ثم جلست مثله مغمغمة بنبرة هادئة:


-مالك مش عارف تنام ليه؟؟.


تحدث سلامة بنبرة مترددة:


-مش عارف، وبعدين ما أنتِ كمان مش عارفة تنامي..


هتفت جهاد بحنان وهي تضع يدها على كتفه:


-قلقان؟ أكيد قلقان علشان دي خطوة جديدة في حياتك...


تمتم سلامة بجدية وهو يناظرها:


-أكيد قلقان من كده وقلقان عليكي ومش عارف أنام خالص..


تحدثت جهاد محاولة أن تدعمه قدر المستطاع:


-احنا الاتنين صلينا استخارة وحسينا أن دي خطوة كويسة ليك ان شاء الله، أما القلق ده طبيعي يا سلامة وبعدين متقلقش عليا سلمى وماما وعم زهران وكلهم معايا، وهشوف لو قدرت ارجع الشغل هرجع وهنكون على تواصل طول اليوم...


هز رأسه موافقًا هنا تبدلت نبرتها وصاحت باستنكار:


-وبعدين المفروض أنتَ اللي تطمني مش أنا اللي اقعد اقولك الكلام ده..


ضحك سلامة من وسط همه والحالة الذي يتواجد بها، ثم أخذها بين أحضانه واستند بظهره على ظهر الفراش مغمغمًا:


-حقك عليا خليكي أنتِ الكبيرة..


-كبيرة في عينك أنا صغيرة...


قالتها بنبرة طفولية ثم تنهدت وعاد مرة أخرى العبوس يسيطر عليها:


-كلمني كل ما تكون فاضي كلمني أو اتصل، أنا مش عارفة أيامي هتعدي ازاي من غيرك، بس المهم توعدني أني قبل ما أولد تكون رجعت مش هولد إلا لما تيجي...


ابتسم سلامة ثم أراد مشاكستها وهو يداعب أنفها:


-طب لو الطلق جه قبل ما اجي هتعملي إيه؟؟..


-مش عارفة وبعدين متكلمنيش في الأمور اللي زي دي علشان أكبر مني بس أكيد هلاقي صرفة في الموضوع.


تمتم سلامة بنبرة هادئة بعدما ضحك على كلماتها:


-أنتِ عارفة إني بحبك؟ أنتِ أول حب في حياتي وأخر حب، وكل حياتي يا جهاد عارف أننا بنتخانق كتير بس يعني القط مبيحبش إلا خناقه يمكن..أنتِ حب عمري...


انتفضت جهاد من بين أحضانه وهي تصيح:


-لا، لا، لا بقولك...


لم يفهم سلامة ما ينتابها فسألها:


-مالك يا بنتي في إيه؟ هو أنا قولت إيه؟؟..


-حب عمري دي بتاعك أبوك بتشائم منها متقولهاش ليا تاني..ده كان بيقولها لكل واحدة بيتجوزها..


ضحك سلامة بقوة هو حقًا لا يصدق أي ذهب عقلها في لحظة عاطفية كهذه...


احتضنته جهاد بقوة مغمغمة:


-أنا بحبك أكتر يا سلامة ربنا يخلينا لبعض وان شاء الله تكون خطوة خير ليك يا حبيبي..


احتضنها وهو يرد عليها:


-أمين يارب...


...في الصباح الباكر....


أمام صالة المسافرين، في المطار كانت تقف العائلة، زوجته وشقيقتها، شقيقه ووالده، كذلك زوجة عمه، إما يسرا كانت في العمل ودعته ليلة أمس....


حتى وفاء كانت موجودة...


احتضن سلامة " انتصار " التي احتضنته بأمومة وحب كبير ثم ابتعد عنها فوضعت يدها على كتفه مغمغمة فهي بمثابة أم له، يحبها ويقدرها كثيرًا:


-خلي بالك على نفسك يا حبيبي وتوصل بالسلامة.


-الله يسلمك..


انتهى دور انتصار فأقترب سلامة من نضال الذي احتضنه قائلا:


-مع السلامة وان شاء الله نشوفك على خير..


-الله يسلمك خلي بالك من نفسك ومن أبوك اوعى تتجوز قبل ما ارجع، محدش هيرقص في فرحك غيري..


صاح زهران مستنكرًا:


-وهو احنا هنقعد الشهور دي كلها؟ احنا عايزين نفرح بالولاد...


تحدث سلامة موجهًا حديثه نحو سلمى التي تقف بجوار زوجته:


-ارميله الشبكة وارجعي رجعيه تاني بعد ست شهور..


تمتم نضال منزعجًا:


-خليك في نفسك أنتَ بس..


وقف سلامة أمام سلمى متمتمًا:


-خلي بالك من جهاد هي في أمانتك أهم حاجة تخلي بالك من غير ما تنطقي وتسخني من بعيد لبعيد يعني...


ضحكت سلمى وكانت ضحكتها أكثر شيء قام بالتعديل من مزاج نضال...


أردفت سلمى بنبرة هادئة:


-ماشي يا سيدي متقلقش، خلي بالك أنتَ من نفسك وتوصل بالسلامة...


-الله يسلمك...


اقترب زهران من سلامة واحتضنه مغمغمًا:


-مع السلامة يا حبيبي، خلي بالك على نفسك وأول ما توصل طمني عليك ها؟؟.


رد عليه سلامة مبتسمًا:


-حاضر.


أسترسل زهران حديثه:


-متبصش للستات هناك خليك زي ابوك خط مستقيم كده...


-اه خط مستقيم اه، بس يا بابا بقا مش هقدر أكدب واجاملك أنا طالع على طيارة وهطير في الجو..


ثم قال مرة واحدة:


-ديـــاب...


كان دياب يأتي من بعيدًا فنظر الجميع ناحيته، أقترب منهما دياب وكان بالفعل متأثرًا إلى حدٍ كبير سلامة بمثابة شقيق له، ذهب سلامة نحوه واحتضنه، فعقب دياب بنبرة هادئة:


-مع السلامة، مكنش ينفع مجيش رغم أني مبحبش لحظات الوداع دي، توصل بالسلامة يا وحش وترجعلنا بألف سلامة..


يتذكر دياب وداعه إلى طارق..

الذي يفتقده جدًا.


-الله يسلمك يا دياب، بالك أنتَ لو مكنتش جيت كنت هشيل منك لحقت نفسك..


ابتسم دياب له ثم أردف متصنعًا الخوف:


-لا وعلى إيه الطيب أحسن..


انتهى دور الجميع تقريبًا إلى أن أتى دور جهاد التي احتضنته بقوة غير عابئة بوجود الجميع وعانقها هو إلى حين ابتعادها عنه مغمغمة:


-خلي بالك من نفسك يا سلامة، وكل كويس واتغطى كويس واهتم بنفسك...


حاول سلامة أن يمرح معها فهو على وشك أن يبكي فهو لأول مرة يختبر معنى الوداع وتلك المرة هو الذي يقوم بوداعهم لا شخص أخر:


-كله ماشي بس بلاش حوار الأكل ده أنا كده كده مكنتش بأكل كويس معاكي..


ضحكت جهاد وهي تمسح دمعة فرت من عيناها:


-كداب كنت بجيبلك دليفري وماما ونضال كانوا بيأكلوك كويس..


-كده بدأت اقتنع...


همست له جهاد مغمغمة:


-روح سلم على وفاء واقفة بعيد وخايفة تقرب منك.


هز رأسه موافقًا ثم تخطى الجميع وتوجه صوب وفاء وكان الوداع بينهما صعب جدًا، نظاراتهم عاطفية إلى حدٍ كبير....


تنهدت وفاء وغمغمت بقلق طفيف عليه وكأن هناك رابطة تشكلت بينهما رغم كل شيء:


-مع السلامة.


-الله يسلمك...


ثم سألها برفقٍ حقيقي ومشاعر جياشة كأنها باتت تنتمي لهم حتى لو كان تقبل الأمر لم يكن سهلًا أبدًا:


-ينفع أحضنك، أنا زي اخوكي، أو أنا اخوكي....


ابتسمت له وهزت رأسها موافقة فاحتضنها ولم يطل الأمر بينهما ثم غمغم سلامة بنبرة لم يسمعها سواهم:


-ان شاء الله لما ارجع الاقيكي معاكي بطاقة عليها اسمك وفاء زهران خطاب، هتوحشيني يا وفاء، كلامنا كان قليل بس الوضع كان صعب علينا كلنا، أسف لو كنت قولت أو عملت أي حاجة تزعلك...


-اي حاجة عملتها كانت رد فعل طبيعي وأنا مش زعلانة منك يا سلامة.


تمتم سلامة بهدوء:


-خلي بالك على نفسك، وجهزي اوضتك واطلعي وعيشي وخدي علينا اللي فات مكنش بأيد أي حد مننا، كوني وسط عيلتك..


ثم أسترسل حديثه بطريقة مرحة جعلتها تضحك وكان يعتبر هذا شيء قاله قبل أن يودع الجميع بطريقة سريعة حينما نداه أحد اصدقائه بأنه عليهما الدخول من أجل الإجراءات:


-أهم حاجة متخليش أبويا يحبك أوي....

لو وصلتم لهنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله؛ بأحداث جديدة كليًا❤️


تفاعل حلو ياريت...

تابعوووووووني 


بداية الروايه من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية معا تحلو الحياة من هنا








رواية وتبقي لي كامله من هنا


رواية زوجة أخي من هنا


رواية عشق لايموت من هنا


رواية ديب كامله من هنا


رواية عشقني متوحش من هنا


رواية حوريه في الجحيم من هنا


رواية عاشق بدرجة مجنون كامله من هنا


رواية سر الشيطان الأسود كامله من هنا


رواية العنود كامله من هنا


رواية رحيل الهواري كامله من هنا

رواية دكتور قلبي كامله من هنا


رواية انكسار امرأه كامله من هنا


رواية عشق بلا رحمه كامله من هنا


رواية جرح يداويه العشق كامله من هنا


رواية ظل حب قديم كامله من هنا


رواية من أجل أبنائي تزوجتك من هنا


رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا


رواية بسمه موجوعه كامله من هنا


رواية معشوقتي الصغيره كامله من هنا


رواية طلاق بلا تبرير كامله من هنا


رواية شهد حياتي كامله من هنا


رواية العاصفه كامله من هنا


رواية الفرار من الحب كامله من هنا


رواية توكيل زواج كامله من هنا


رواية شوق العمر كامله من هنا


رواية مستشفى بلا حياه كامله من هنا


رواية كيان الزين من هنا


نسيم العاصف من هنا


رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا


نوفيلا الراهب كامله من هنا


رواية العشق الأخير من هنا


رواية زينه من هنا


غاردينيا من هنا


رواية الجميله والوحش من هنا


رواية دكتور نسا من هنا


رواية آصرة العزايزه من هنا


رواية رحلة قدر من هنا


رواية ليالي الغول من هنا


رواية لعنة الإرث من هنا


رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا


رواية لعبه بين يديه من هنا


رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا


رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية وتبقي لي من هنا


رواية عشق الحور من هنا


رواية طلاق غيابي من هنا


رواية اغتصب روحي من هنا


رواية غصن من هنا


رواية بلا ذاكره من هنا


رواية عودة الذئاب من هنا


رواية الجامحه والبدوي من هنا


رواية الحب والخطيئه من هنا


رواية جبرونا عالزواج من هنا


رواية لعبة الحب من هنا


رواية لما القلب بحب من هنا


رواية إبن الصعيدي من هنا


رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا


رواية بائعة الخضار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية غريق علي البر من هنا


رواية اللعب مع الشياطين من هنا


رواية كم من قلوب احرقت


رواية جمعتهم الاقدار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية لي نصيب من إسمي من هنا


سكريبت بنت الشارع من هنا


رواية طريقي كامله من هنا


رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close