نوفيلا صرخة حواء الفصل الاول حتى الفصل العاشر والاخير بقلم إسراء أحمد
![]() |
اقتباس
في بيت آدم ...
يجلس آدم في غرفته على فراشه بعد يوما من العمل لينال قسطا من الراحة .. يضع رأسه علي وسادته
وبيده هاتفه الجوال .. يتصفح بعض مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الصفحة الشخصية لخطيبته
( حنان ) .. حيث تفاجئ بوجود شخص من الاصدقاء لديها قد كتب لها تعليقا أثار غيرته وخاصة ان
هذا الصديق رجل وغير معروف بالنسبة ل آدم ... تنهد ادم بغضب .. وقد اجرى اتصالا .. بضع ثواني
وقد آتاه الرد من حنان ..
حنان : حبيبي ازيك وحشتني ..
آدم بضيق : حنان مين اللي اسمه شادي ده اللي عندك على الفيس ؟!!
حنان بتوتر : شادي !! .. شادي مين ؟!!
آدم : حنان .. ماتستهبليش ,, في واحد اسمه شادي معلق على صورتك التي انتي رافعاها على الفيس وبيقولك طول عمرك زي القمر يا حبي .. انطقي مين شادي ده ؟!!
توترت حنان للحظات من دقات قلبها العنيفة ,, ولكن سرعان ما استجمعت قوتها .. وأجابته بجمود ..
.. شادي دده واحد زميلي في الشغل ,, وبعدين كلام زي القمر , ويا حبي , كلام عادي بيتقال يوميا محدش
بيقصد بيه حاجة يعني ..
تابعت حنان حديثها ولكن تغيرت نبرة صوتها ,, فقد علت أكثر حتى تنهي وضع الاتهام ,, ثم أردفت بحدة ..
.. وبعدين انت ازاي بتتكلم معايا كده ؟!! ,, وايه نبرة الشك اللي في كلامك دي !! ,, عايز تقول ايه ! اني
على علاقة بالشخص ده ؟!!
تعجب آدم من قوتها المفاجئة ,, حيث تمكنت حنان من عكس الموقف ,, فقد أصبح آدم الان في وضع الاتهام وعليه أن يدافع عنه نفسه .. وان يجد مبرر لفعلته ..
آدم بتوتر : لا يا حبيبتي انا مقصدش,,
قاطعته حنان بلهجة غاضبة : حبيبتي ايه بقي !!,, انت خليت فيها حبيبتي .. اسمع بقى يا آدم أنا مبحبش الاسلوب ده ,, مفيش ثقة للدرجة دي ؟!! .. صراحة أنا شايفة طالما مفيش ثقة كده يبقى كل واحد يروح لحاله ..
ثم أنهت المكالمة ...
حاول آدم أن يقاطعها كثيرا ليحاول تهدئتها ولكن بدون جدوى .. ولكن استطاعت حنان بدهائها من قلب السحر علي الساحر وتغيير الادوار ..
زفر آدم بضيق ونهض من على فراشه وتجه الى خزانته ثم أخرج منها الثياب عازما على الذهاب الي حبيبته لمصالحتها .. انتهى آدم ثم خرج من حجرته فوجد والدته تجلس أمام شاشة التلفاز تشاهد احدى المسلسلات .. اقترب منها آدم وقبل رأسها بحب ثم جلس بجانبها ..
نظرت له سامية بتعجب ..قائلة
.. ايه ده انت رايح فين ؟!! ..
آدم : رايح لحنان ,, اصل انا زعلتها شوية وبفكر اجيب لها هدية وأروح اصالحها ..
وضعت سامية كوب الشاي على الطاولة بغضب ,, ثم التفت له قائلة بغضب ,,
.. تصالح مين يا أخويا ؟!!! ,, على فكرة انت بتدلعها اوي باللي انت بتعمله ده ,, وبكرة تتحكم فيك ,,
وبعدين انت ......
قاطعها آدم بالتقاط كفيها وقبلهما ..
آدم بحب : خلاص بقى يا ست الكل متحبيكهاش ,, ايدك بقى على 200 جنيه ..
سحبت سامية يدها من بين ايدي أدم بغضب ..
.. نعم ,, 200 جنيه هتعمل بيهم ايه ؟!!
آدم : هجيب هدية لحنان وانتي عارفة بقى المرتب وظروفه .. نهضت سامية وسارت متوجهة الي حجرتها ثم عادت بعد أن جلبت المبلغ الذي طلبه آدم .. ثم مدت يدها اليه بالمال .. ثم نهض آدم والتقط منها المال مقبلا يدها ,, بينما لوت سامية شفتيها بضيق قائلة ..
.. دلع انت فيها كده وبكرة تركب وتدلدل رجليها ..
غادر آدم المنزل ,, ثم ذهب وابتاع هدية جميلة لحبيبته .. وبينما هو في طريقه لخطيبته .. رآها تسير مع رجل .. متشبثة بذراعه ,, تتمايل وتضحك بطريقة غير لائقة ..
أسرع آدم اليها .. وهو في أشد حالات غضبه .. هم أن يجذبها من ذراعها ليديرها نحوه .. فقد كانت توليه ظهرها .. ولكن استوقفه حديث حنان ..
حنان : بس اصبر بس معايا لحد ما اسحب من آدم كل الفلوس اللي انا عايزاها بتاعت ورث مامته واسيبه ونجتمع أنا وانت في بيت واحد ..
جذبها آدم من ذراعها بعنف .. فانتفضت حنان عندما وجدت آدم يقف أمامها في هذه الهيئة الغاضبة وبشدة .. حاولت حنان التحدث ولكن ضربات قلبها العنيفة أبت أن تخرج الكلمات من فمها .. قاطع هدوء الموقف صفعة آدم القوية لها .. التف المارة حولهم بتعجب .. وعلت الهمهمات ..
ألقى آدم الهدية في وجهها .. ونظر لها نظرات غضب واحتقار قائلا ..
.. انتي أحقر من أني اقف معاكي ولا حتى أسمعك ..
هم آدم أن يرحل ولكن جذبته حنان من ذراعه قائلة ببكاء ..
.. أرجوك بس يا آدم اسمعني ..
نفض آدم يد حنان من عليه .. ثم خلع خاتمها من يده والقاه في وجهها ثم رحل .. وتركها تبكي بحسرة ..
الشخصيات الاساسية : ....
( حواء ) فتاة رقيقة ، تبلغ من العمر سبعة عشر تقريبا ، في سنتها الاخيرة من الثانوية العامة ، متوسطة
الجمال ، جميلة بأخلاقها وحيائها ، ودودة ، ضحوكة ، اجتماعية ، تعشق الناس ، حسنة المظهر والملامح ،
أكبر اخواتها ..
أحلامها بسيطة كأي فتاة في عمرها ، تسعى لتخطيط مستقبلها التعليمي والمهني ، وأيضا الحياة الزوجية ..
تريد الزوج الصالح ، الذي يحتويها ، الذي يشعرها كأنها ملكة متوجة جالسة علي عرشها بتفاخر ..
يشعرها بانوثتها ، يعيد اليها ثقتها التي فقدتها بسبب الكثير من المضايقات .. الخلاصة الزوج الذي يستطيع ان يحتويها ...
........................................
( آدم ) ...
شاب في ريعان شبابه ، يبلغ من العمر السبعة والعشرون ، شاب طويل ، عريض ، ذو بشرة سمراء ،
وعيون خضراء ، يعمل باحدي الوظائف الحكومية بعد تخرجه ، تربطه صلة قرابة ب ( حواء ) فوالدته
أخت والد ( حواء ) ، حالته الاجتماعية ( خاطب ) ، مدلل جدا من والديه ، فهو اكبر ابنائهما ، وقليل ما
يحملونه المسئولية ، يساعدنه كثيرا في تجهيز سكنه المقرر ان يتزوج به ..
.....................
( ياسر) والد حواء وخال ( أدم )
( منى ) والدة حواء ..
( هاجر ، بسمة ، أحمد ، أمجد ) اخوات حواء ..
..........................
حسن ) والد ( أدم ))
سامية ) والدة ( ادم ))
( ماهر ، فاطمة ، سامي ، هدى ) أخوات ( أدم )
حنان) خطيبة أدم ...)
سنتعرف علي بقية شخصيات القصة لاحقا ....
....................................
الفصل الاول :
في احدى المكاتب الضخمة .. التي تتميز بالفخامة .. وعلي مستوى عالي من الذوق .. تجلس حواء بكل ثقة .. تستمع الى احدهم .. وتجري حوارا صحفيا ..
الصحفية : أحب أختم حواري المثمر مع حضرتك بنصيحة تقدميها
لكل سيدة في المجتمع ..
نظرت حواء الى الصحفية بابتسامة مليئة بالثقة والفخر ..
حواء : أوعي ابدا تعتمدي علي حد لتحقيق ذاتك واحلامك .. طريقك انتي اللي هترسميه بايدك .. أوعي
تقولي بيتي هيوقفني .. لان لو اعتمدتي علي راجل عشان تبني نفسك اعرفي انك هتقفي عمرك كله في
مكانك .. لازم يبقى انتي عندك الجرأة والارادة .. ولازم تقولي
) .... انا استطيع .. I can do it )
الصحفية : هل حضرتك بتحضري لعمل جديد ؟ ..
حواء بابتسامة : في عمل اوشكت علي الانتهاء منه .. واتمني انه يعجبكم .. بعنوان ( صرخة حواء ) ...
الصحفية : في انتظار ابداعاتك .. اتمنى لحضرتك المزيد من النجاح والتوفيق .. شكرا لحضرتك ...
غادرت الصحفية .. تأملت حواء حالها ,, تنهدت بارتياح ثم ابتسمت بفخر لما وصلت اليه .. مدت يدها الى
بعض الاوراق التي امامها لتعيد قراءة ما قد انتهت من كتابته ..
(( في احدى الغرف تقف احدى الفتيات أمام المرآة ناظرة الي نفسها متأملة ، تضع كلتا يديها على
خصرها وتتفحص وجهها وجسدها وشعرها ، مالت بجسدها الي الكرسي الموضوع أمام المرآة ، والتقطت
احدى الفساتين التي قد اشترتها مؤخرا من أجل زفاف احدى أقاربها ، وضعت حواء الفستان علي جسدها ،،
تتأمله علي نفسها بابتسامة ، ولكن ....
سرعان ما اتختفت هذه الابتسامة ، حينا نظرت الي وجهها ذو البشرة السمراء وجسدها النحيل القصير ..
فبالرغم من هذه الملامح الا أنها جميلة وبريئة ، ولكن ما الذي يمكن أن يفعله الجمال بدون الثقة ...
غرقت حواء بخيالها وهي تتأمل نفسها بفستانها ذي اللون الأزرق السماوي وحجابها الابيض ، مع حذائها
ذو الكعب العالي ، تسير بين الفتيات بثقة ، تتمايل وتجذب أنظار كل ما تقع عينيه عليها .. تتعالى
الابتسامات ونظرات الأعجاب بجمالها وقوامها .. فجأة تسمع حواء بعض الفتيات اللاتي يسخرن منها
(( هي شايفة نفسها علي ايه ؟! هي معندهاش مرايات في بيتهم ؟! اللي يشوفها يديها عشر سنين بالكتير
مش بنت في ثانوي ، هو كل من لبست فستان حلو بقت بنت ؟! ))
اختنقت حواء من حديثهم وهمزهم ولمزهم ، اقتربت منهم محاولة الدفاع عن نفسها ، ولكن استقيظت من
من أحلامها علي صوت شقيقتها التي هتفت بضيق ..
بسمة : انتي يا برنسيسة ..
انتفضت حواء فور سماع صوت شقيقتها بفزع : ايه في ايه ؟!
نظرت اليها بسمة بضيق ..
بسمة : عايزين ننام اطفي النور بقى ورانا مدارس الصبح ..
انتبهت حواء لنفسها ، وحمدت ربها انها ما كانت الا مجرد خيالات وأوهام ...
اخذت حواء فستانها ووضعته في خزانتها ، ثم أطفئت اضاءة الغرفة ، ثم توجهت الي فراشها عازمة النوم .
ووضعت غطائها عليها ووضعت كفها أسفل وجهها لتترك عقلها يسرح بمخيلتها ثانية ، محدثة نفسها
بضيق ...
حواء في نفسها : هو انا ليه يارب مخلقتنيش حلوة زي كل البنات ؟!!
استسلمت حواء للنوم بعدما أرهقت نفسها بالتفكير ....
……………………………
في صباح يوم جميل ... في بيت ( حواء ) ...
دخلت منى حجرة بناتها الثلاثة .. اللاتي كانوا ينعمن بنوم هادئ ..
نادت عليهم منى بصوت مرتفع : يلاااااااا ، كله يصحى ، يلا عشان هتتاخروا علي المدرسة ...
بدأوا البنات يتحركن في فراشهن بنعاس ، وانزعجن من صوت والدتهم المرتفع ...
تابعت منى حديثها ،وذهبت باتجاه النافذة ، وازاحت عنها الستار، حتي تسمح لضوء الشمس أن يدخل
ويساعدها أن توقظ الفتيات ..
حواء بتثاؤب : صباح الخير يا ماما ...
منى : صباح الخير ، يلا عشان متتأخروش ، صحي اخواتك لحد ما اروح اصحي اخواتك الولاد ، عشان
ميتأخروش هم كمان عن مدارسهم .
نهضت حواء واعتدلت من نومتها ، ثم أزاحت عنها الغطاء ..
حواء : حاضر يا ماما ..
خرجت منى من الحجرة ، ثم ذهبت الي حجرة الاولاد حتي توقظهم أيضا ..
قامت حواء وذهبت باتجاه فراش اختها ( بسمة ) .. وبدأت في محاولة ايقاظها .. ضربت حواء بسمة علي كتفها ضربات خفيفة حتي توقظها، وقامت بتحريك جسد بسمة ..
حواء : بسمة ، بسمة ، قومي ..... بسمة ، قومي بقى عشان منتأخرش ..
بسمة بضيق ونعاس : يووووة بقى ، سيبني انام شوية .. هو كل يوم ماما مسلطاكي علينا ، ارحميني بقى ..
حواء : قومي بطلي لماضة ..
وابتعدت حواء عن فراش بسمة ، وذهبت الي فراش اختها الثانية ( هاجر ) .. وبدأت بهزها بهدوء حتى
توقظها هي الاخرى ..
حواء : يلا يا هاجر قومي يا حبيبتي عشان المدرسة ..
فتحت هاجر عينيها بنعاس و نظرت ل حواء ..
هاجر بابتسامة : صباح الخير ..
ابتسمت لها حواء : صباح النور ، يلا يا حبيبتي عشان منتاخرش ..
قامت هاجر عن الفراش .. نظرت حواء ناحية فراش بسمة اللي مازالت نائمة ولا حاسة بشئ ، تضايقت
حواء من اختها العنيدة ، سحبت الغطاء من عليها بعنف ... ..
انتفضت بسمة من فعلة حواء ونظرت لها بغضب ..
بسمة : ايه اللي انتي بتعمليه ده ؟! في حد يصحي حد كده ؟!
حواء : اولا بقى وطي صوتك عشان الناس اللي نايمة ، ثانيا وده الاهم قومي بدل ما انادي ماما تصحيكي
هي بنفسها ..
قامت بسمة من علي فراشها في حالة من الضيق ..وبدات تتكلم بضيق بكلمات غير مفهومة ..
......................
انتهى البنات والاولاد من تحضيرا نفسهم للمدرسة .. وقفت حواء آمام المرآة حتى تعدل من حجابها ..
لتأتي بسمة وتدفعها بعيدا...
بسمة بسخرية : ما توعي كده يا اختي ، مش من حلاوتك اوي هتقفي ساعة تظبطي الايشارب ، خليني
اخلص ..
حواء بضيق : طيب ليه كده ؟ ما تتكملي كويس ، وبعدين انا اكبر منك لازم تحترميني ..
نظرت بسمة ل حواء باستهزاء , ثم عادت تنظر للمرآة مرة أخرى ..
بسمة بضحك : يا بنتي بصي لنفسك وليا ، بصي انا بيضاء وعيون عسلي وامورة ازاي ، ولازم اهتم
بنفسي اكتر .. وبعدين انتي الكبيرة فلازم تتجوزي الاول فكده كده انتي ضامنة نصيبك ..
تضايقت حواء جدا من نقد اختها لها باسلوب سئ ..
هل فعلا تراها اختها بهذا السوء ؟!
هل صحيح هي ليست بهذا الجمال ؟!
حواء بسخرية : هو في حد ضامن نصيبه ؟ ولا انتي عايزة تداري علي كلامك اللي بيوجع ده ؟!
هاجر : ميصحش كده يا بسمة اللي بتقوليه ده ،وبعدين البياض مش كل حاجة ، ياما في نفس بشرتهم سمراء
كتير بس دمهم زي السكر ، وياما ناس بتبقي بشرتها بيضاء وامورة بس دمها يلطش ..
قاطع الفتيات صوت منى الهاتفة بهم من خارج حجرتهم ..
منى : يلا يا هوانم اتاخرتوا اوي ..
خرجن الفتيات من حجرتهم، حواء كانت في حالة سيئة بسبب كلام بسمة ..
اخذن الفتيات طعامهم من والدتهن، ثم نزلن كلهم واخواتهم الاولاد ..
وصلوا كلهم الي مدارسهم ، تقابلت حواء مع اصحابها اللاتي كانوا متجمعين في فناء المدرسة يتحدثن
ويضحكن ..
اصحاب حواء ( مها ، جنى ، اروى ) ..
حواء بابتسامة : السلام عليكم ..
توقفن الفتيات عن الضحك ، ثم نظرن الي حواء ..
الكل :وعليكم السلام .. ازيك يا حوا ؟!
حواء بابتسامة : الحمدلله يا حبايبي ، ضحكوني معاكم ..
جنى : اصل يا بنتي مها اتعرفت على شاب من على النت ، وعمال يقولها كلام غرام ،
( بدات جنى بالتمثيل ) عيناكي الخضراوتان ، شفتاكي الكرزية ، قوامك الممشوق ،
( ثم توقفت جنى عن السخرية واكملت ) ، وهي زي الهبلة مصدقة الكلام ده ..مش عارفة انه بيسرح بيها ..
نظرت حواء الي مها بابتسامة ، ثم ربتت علي كتفها بحب ..
حواء : مانتي عارفة يا مها ان الكلام ده حرام ، وبعدين يعني لو عايز حاجة وفعلا بيحبك يبقي يتقدم ،
ويحافظ عليكي . مش يخليكي تخرجي معاه كل شوية ..
مها بضيق : انتي عمالين تتريقوا عليا وكل واحدة فيكم تقول مواعظ ( ثم نظرت الي حواء ) ، وانتوا مش لاقيين حد يعبركم ، عشان انتوا مش حلوين زيي ..( تركتهم مها وذهبت بضيق )..
تضايقت حواء للمرة الثانية من كلام مها واختها بسمة ..
هل هي فعلا ليست فاتنة ؟؟
هل من الممكن ان لا تجد من يحبها لمجرد انها ليست رائعة الجمال ؟!!
هل يعقل انه لا يوجد رجل واحد يمكن ان ينظر ل روحها وقلبها وليس لحسن وجهها او طول وجمال قوامها ؟!!
................................
في بيت أدم .....
دلفت سامية الى غرفته حتى توقظه ولكنها لم تجده في فراشه ..
سمعت صوت المياة فعلمت انه يستحم .. خرجت وذهب الي المطبخ حتى تعد له وجبة الافطار ..
دقائق وخرج أدم من الحمام ودلف الى غرفته ، انتهى من ارتداء ملابس العمل ثم خرج ناحية السفرة ، بعد ان انتهت سامية من تحضيرها ، وجلسا سويا في انتظار حسن ( والد أدم ) ..
خرج حسن من حجرته وذهب ناحية السفرة ..
حسن : صباح الخير ..
أدم وسامية :صباح النور ..
جلس حسن علي رأس الطاولة.. علي يمينه سامية وعلي يساره أدم .. مد حسن يده باتجاه الخبز والتقط رغيفا وقطعه ثم شرع في الاكل ..
حسن : الا قولي يا أدم ، انت ناوي بقى تفرحنا بيك امتي ؟
أدم : ما حضرتك شايف الظروف يا بابا ، العيشة صعبة ، والمرتب اللي انا بقبضه قليل ، ووظيفة السواق بعد الظهر كمان ، تعب تعب ومفيش مقابل ..
حسن : وحنان دي اللي خللت جنبك ؟!!
سامية بسخرية : ما تخلل ، مش لازم تستحمل ظروفه ،وبعدين ان ماكنتش الست تستحمل ظروف جوزها مين هيستحمل ؟!
أدم : المشكلة يا ماما انها مش مستحملة ، وعلطول بتقارني برجالة زميلاتها ، وده جاب لصاحبتي ، وده اخد صاحبتي وسافر ، وده اشترى لها ايه ؟ ،، ولا كاني مش عايز اجيب واعمل ، مانا لو اقدر مش هتاخر ، وبعدين هي عارفة ظروفي والمفترض تقدر ..
سامية : سيبك منها يابني ، وانا هجوزك ست ستها ..
حسن : ايه يا أم أدم ؟!! انتي عايزة تخربي علي ابنك ؟! ماتسيبيه براحته يحدد طريقه .. ربنا يقويك يابني ، هو الطريق صعب فعلا ، بس انت راجل شديد وهتقدر ان شاء الله تحقق كل اللي بتتمناه ..
أدم : يارب ..( ترك ادم الطعام من يده ونهض ) يلا بقى عن اذنكم ..
سامية : اقعد يابني كمل اكلك ..
وقف ادم عند باب الشقة : معلش يا ماما اتاخرت .. السلام عليكم ..
سامية وحسن : وعليكم السلام
اغلق أدم الباب ، نظر حسن ل سامية ..
حسن : وبعدين معاكي ، انتي كل شوية تقلبيه علي خطيبته ؟ البنت بتحبه وهو بيحبها ، مفيش داعي للكلام ده ..
سامية : البت مش بتحبه ، هي فرحانة انها مخطوبة لراجل زي أدم ، وعايزاه يشتغل زي الطور وتاخد الفلوس وتصرفها علي نفسها ، بدل ما تنزل وتشتغل وتساعده ..
حسن : اولا هم حرين سوا ، ثانيا بقى ابنك مش هيقبل ياخد مليم منها .. ثالثا بقى وده الاهم سيبيهم في حالهم ، قومي شوفي حالك وصحي ولادك عشان جامعتهم ..
نهضت سامية بضيق بسبب عدم موافقة زوجها لها..
الفصل الثاني
,,,,,,,,
انتهى اليوم الدراسي ل حواء .. خرجت من فصلها تحمل حقيبتها وتضمها الي صدرها ، سارحة في ملكوت
اخر ، خرجت من باب المدرسة وهي شاردة ، مضت يومها منزعجة مما حدث من زميلتها مها .. هل
بالفعل يرونها ليست جميلة .. هل جمال الشكل كل شئ . هل الرجل لا تلفت انتباهه الا المراة البيضاء ،
ممشوقة القوام ، صاحبة العيون الملونة ؟؟ لماذا لا ينظر الي قلبها وجمال روحها ؟! لماذا لا ينظر الي
صفاءها ؟!
هل سيحكم علي قلبي دائما بالمؤبد ان لا يطرقه الحب ؟!
هل ستعيش بدون الحب الذي تتمناه كل فتاة وتحلم بيه ؟
الن تجد رجلا في حياتها يحتويها ؟ يحبها ؟!
قاطع تفكير حواء نداء مها ..
مها : حوا ، حوا ، استني ..
نظرت حواء خلفها لتجد زميلاتها الثلاثة يلحقن بها بخطوات راكضة .. تنهدت حواء بضيق .. ثم ادارت
وجهها مبتعدة عنهم ، وسارت بخطوات بطيئة متثاقلة ..
تقدمت نحوها جنى ، ثم امسكت بكتفها لتوقفها ..
جنى : بجد انتي زعلتي من مها ؟! ما هو مش معقول يا حوا ؟!! ده احنا اخوات ، وانتي عارفة اننا بنهزر ،
من امتى يعني الحساسية دي بينا ؟!!
تنهدت حواء بضيق ، نظرت الي الارض ..
حواء : انا مش زعلانة من حد ، وانا اتعودت علي هزاركم ..
اقتربت مها من حواء ، تظهر علي وجهها ملامح الاسى والاسف ..
مها بأسف : انا اسفة جدا يا حوا انتي عارفة اني كنت متضايقة ، وبعدين انتي لازم تبقي فهماني اكتر من
كده ، ده احنا اصحاب عمر ..
احرجت حواء من كلمات مها ، التي تذكرها ان الاصدقاء في مكانة الاخوات ، ويجب ان تعلم ما تكن
صدوروهم ، فانهم علي قلب واحد ..
رفعت حواء نظرها الي مها ، ابتسمت برقة ، ثم ارتمت في احضان مها ..
حواء بحب : حبيبتي حصل خير ولا يهمك ، وبعدين انا مش زعلانة ..
ضمتها مها بحب مبتسمة .. ثم هتفت بضحك ..
مها : يعني صافي يا لبن ؟!
حواء باسمة : حليب يا قشطة ..
اقتربت منهم جنى و اروى ، ربتت أروى علي كتف كلا من حواء ومها .. وقالت بابتسامة ..
أروى : بذكر اللبن والقشطة انا جعانة ، ما تيجوا نجيب ساندويتشات فول من عند عم عبده ، ولا ايه ؟!!
ضحكت الفتيات علي مرح اروى ، ثم وافقنها الراي وذهبن الثلاثة معا في اجواء من المرح والضحك ..
........................
في بيت حنان خطيبة آدم ...
تجلس حنان مع أختها ( سمر ) ووالدتها ( فريدة ) يتحدثون ..
سمر : بس يا حنان آدم ده فقير وهيتعبك معاه ... ده غير انك بتعشقي الخروج والفسح ،، وكل
تشتري حاجات جديدة ..فساتين .. مكياج .. اكسسوارات ..
يعني من الاخر .. ادم مش هيقدر يوفي طلباتك .. وافقتي عليه ليه بقى ؟!!
ابتسمت حنان .. وضعت كوب الشاي من يدها علي الطاولة امامها .. ثم نظرت الي اختها بخبث
قائلة ..
انتي بي اللي مش فاهمة .. انتي فاكرة اني فارق معايا آدم ولا الملاليم اللي بيقبضها ، علي فكرة
أم آدم عندها ورث كبير من ابوها ، بيت طويل عريض ، وفيه علي الاقل عشر شقق ، وفي منطقة
حلوة .. يعيني دلوقتي ثمنه شئ وشويات .. وطبعا ادم حبيب مامته .. ولو طلب منها فلوس مش
هتستخسر فيه لما يطلب منه قرشين كل شوية .. او انه ياخد ورثها ويعمل بيه مشروع كبير ..
( نظرت حنان الي السماء وسرحت بخيالها تتصور حالها مع آدم بعد ان يحصل علي ورث والدته
والثراء الذي سيكونان عليه .. ثم تابعت حديثها ...
ياااه يا سمر ... لو حلمي اتحقق واعمل كل اللي نفسي فيه .. واقب بثى على وش الدنيا ..
نظرت فريدة الي حنان بابتسمة وشاركتها الاحلام .. قائلة ..
يااااه يا بنتي لو ده حصل فعلا .. ونطلع بقى من الفقر اللي احنا فيه ..
نظرت سمر اليهما بضيق .. بسبب تفكيرهم واستغلالهم ل آدم وعائلته .. قاطعت ضيقها بغضب
قائلة ..
بس اللي انتوا بتفكروا فيه ده لو اتكشفت نيتكم هتكون نهايتك انتي و آدم ..
ثم قامت سمر من مقعدها وهي تزفر بضيق وجلست بجانب حنان التي مازالت غارقة في احلام اليقظة
خاصتها .. لتقاطعها سمر قائلة بهمس ..
سمر : انتي يا بت يا حنان انتي ناسية حوار الواد شادي اللي انتي بتكلميه .. هتعملي معاه ايه ؟!!
انتفضت حنان من حديث سمر .. اشارت حنان بعينيها باتجاه والدتها لتفهم سمر وتتوقف عن الحديث ..
ثم اقتربت من سمر هامسة ..
حنان : انتي مجنونة يا بت انتي ؟! .. ازاي تقولي كده قدام ماما .. اسكتي خالص ومتفتحيش بقك تاني ..
ادي اخرة اللي يعرف سره لحد ...
نظرت فريدة بريبة الي ابنتيها اللتان تتهامسان ..
فريدة : في ايه يا بنات ؟!! مخبيين عليا ايه ؟!
نكزت حنان اختها ذراع اختها بخفة ..
حنان : لا ابدا يا ماما مفيش ...
...........................................
في بيت حواء ....
رن جرس الهاتف .. ذهبت منى لتجيب ..
منى : السلام عليكم ..
سلمى : وعليكم السلام .. ازيك يا طنط انا سلمي ..
( سلمى ابنة عم حواء .. تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما .. تعتبر اقرب صديقة لحواء .. تعتبرها حواء
كاختها .. )
منى : اهلا يا سلمى يا حبيبتي .. ازيك وازي يا مامتك ؟؟
سلمى : الحمدلله كلنا بخير .. طنط ممكن اكلم حوا.. ؟
منى : اه طبعا يا حبيبتي ثواني ..
دقائق وأتت حواء .. التقطت سماعة الهاتف .. وضعت السماعه علي اذنها واجابت بسعادة بعدما علمت من
والدتها ان سلمى هي من تتحدث ..
حواء : الو .. سمسمة.. حبيبتي وحشتيني يا بت ..عامله ايه ؟؟
سلمى : حبيبتي يا لولو .. وحشاني انتي كمان يا سكر .. وحشاني اوي اوي كمان .. مش قادرة اقولك
انا بعد الايام على الاجازة عشان اشوفك ..
ذهبت الابتسامة عن وجه حواء .. وحلت مكانها الضيق ..
حواء : وانا كمان والله يا سمسم .. بس انا لسه متكلمتش معاهم هنا ،، وهدخل لسه في حوار كل سنة ..
( تبدلت نبرة حواء الي الهمس ) .. طبعا متنسيش الخناق والبهدلة ، وعمي هيتدخل ويكلم بابا .. والحوار
بتاع كل سنة ..
ردت سلمى بضيق : مش فاهمة ليه كل ده ؟!! ما كل سنة بيحصل الحوار ده وبردو بتيجي بس بعد طلوع
روحنا .. عارفة يا حوا .. لو اعرف شاب اسكندراني حليوة كده ونجوزهولك وتقعدي معانا علطول ..
( ضحكت حواء بشدة من حديث سلمى .. فهمي تعتبر الوحيدة القادرة علي تغيير حالة حواء ورسم البسمة
علي شفتيها ) .. والله لو عندي اخ كنت دبسته فيكي بس اعمل ايه معنديش .. وبعدين انا حاسة انك هتقعدي
لنا ..
حواء بضحك : ربنا يسامحك .. خلينا بس نخلص امتحانات ويوافقوا وربنا يسهل نبقى نشوف موضوع
العريس ده .. سلمي لي على طنط سمحية لحد ما ابقى اجيلكم .. سلام يا حبي..
سلمى : ربنا يقرب البعيد .. سلام ..
اغلقت حواء الهاتف وهي تبتسم بسعادة .. وهي تتخيل الايام القادمة مع صديقة عمرها سلمى .. واجمل
الايام التي تعيشها ..
الفصل الثالث
في بيت آدم ...
يجلس آدم في غرفته على فراشه بعد يوما من العمل لينال قسطا من الراحة .. يضع رأسه علي وسادته
وبيده هاتفه الجوال .. يتصفح بعض مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الصفحة الشخصية لخطيبته
( حنان ) .. حيث تفاجئ بوجود شخص من الاصدقاء لديها قد كتب لها تعليقا أثار غيرته وخاصة ان
هذا الصديق رجل وغير معروف بالنسبة ل آدم ... تنهد ادم بغضب .. وقد اجرى اتصالا .. بضع ثواني
وقد آتاه الرد من حنان ..
حنان : حبيبي ازيك وحشتني ..
آدم بضيق : حنان مين اللي اسمه شادي ده اللي عندك على الفيس ؟!!
حنان بتوتر : شادي !! .. شادي مين ؟!!
آدم : حنان .. ماتستهبليش ,, في واحد اسمه شادي معلق على صورتك التي انتي رافعاها على الفيس وبيقولك طول عمرك زي القمر يا حبي .. انطقي مين شادي ده ؟!!
توترت حنان للحظات من دقات قلبها العنيفة ,, ولكن سرعان ما استجمعت قوتها .. وأجابته بجمود ..
.. شادي دده واحد زميلي في الشغل ,, وبعدين كلام زي القمر , ويا حبي , كلام عادي بيتقال يوميا محدش
بيقصد بيه حاجة يعني ..
تابعت حنان حديثها ولكن تغيرت نبرة صوتها ,, فقد علت أكثر حتى تنهي وضع الاتهام ,, ثم أردفت بحدة ..
.. وبعدين انت ازاي بتتكلم معايا كده ؟!! ,, وايه نبرة الشك اللي في كلامك دي !! ,, عايز تقول ايه ! اني
على علاقة بالشخص ده ؟!!
تعجب آدم من قوتها المفاجئة ,, حيث تمكنت حنان من عكس الموقف ,, فقد أصبح آدم الان في وضع الاتهام وعليه أن يدافع عنه نفسه .. وان يجد مبرر لفعلته ..
آدم بتوتر : لا يا حبيبتي انا مقصدش,,
قاطعته حنان بلهجة غاضبة : حبيبتي ايه بقي !!,, انت خليت فيها حبيبتي .. اسمع بقى يا آدم أنا مبحبش الاسلوب ده ,, مفيش ثقة للدرجة دي ؟!! .. صراحة أنا شايفة طالما مفيش ثقة كده يبقى كل واحد يروح لحاله ..
ثم أنهت المكالمة ...
حاول آدم أن يقاطعها كثيرا ليحاول تهدئتها ولكن بدون جدوى .. ولكن استطاعت حنان بدهائها من قلب السحر علي الساحر وتغيير الادوار ..
زفر آدم بضيق ونهض من على فراشه وتجه الى خزانته ثم أخرج منها الثياب عازما على الذهاب الي حبيبته لمصالحتها .. انتهى آدم ثم خرج من حجرته فوجد والدته تجلس أمام شاشة التلفاز تشاهد احدى المسلسلات .. اقترب منها آدم وقبل رأسها بحب ثم جلس بجانبها ..
نظرت له سامية بتعجب ..قائلة
.. ايه ده انت رايح فين ؟!! ..
آدم : رايح لحنان ,, اصل انا زعلتها شوية وبفكر اجيب لها هدية وأروح اصالحها ..
وضعت سامية كوب الشاي على الطاولة بغضب ,, ثم التفت له قائلة بغضب ,,
.. تصالح مين يا أخويا ؟!!! ,, على فكرة انت بتدلعها اوي باللي انت بتعمله ده ,, وبكرة تتحكم فيك ,,
وبعدين انت ......
قاطعها آدم بالتقاط كفيها وقبلهما ..
آدم بحب : خلاص بقى يا ست الكل متحبيكهاش ,, ايدك بقى على 200 جنيه ..
سحبت سامية يدها من بين ايدي أدم بغضب ..
.. نعم ,, 200 جنيه هتعمل بيهم ايه ؟!!
آدم : هجيب هدية لحنان وانتي عارفة بقى المرتب وظروفه .. نهضت سامية وسارت متوجهة الي حجرتها ثم عادت بعد أن جلبت المبلغ الذي طلبه آدم .. ثم مدت يدها اليه بالمال .. ثم نهض آدم والتقط منها المال مقبلا يدها ,, بينما لوت سامية شفتيها بضيق قائلة ..
.. دلع انت فيها كده وبكرة تركب وتدلدل رجليها ..
غادر آدم المنزل ,, ثم ذهب وابتاع هدية جميلة لحبيبته .. وبينما هو في طريقه لخطيبته .. رآها تسير مع رجل .. متشبثة بذراعه ,, تتمايل وتضحك بطريقة غير لائقة ..
أسرع آدم اليها .. وهو في أشد حالات غضبه .. هم أن يجذبها من ذراعها ليديرها نحوه .. فقد كانت توليه ظهرها .. ولكن استوقفه حديث حنان ..
حنان : بس اصبر بس معايا لحد ما اسحب من آدم كل الفلوس اللي انا عايزاها بتاعت ورث مامته واسيبه ونجتمع أنا وانت في بيت واحد ..
جذبها آدم من ذراعها بعنف .. فانتفضت حنان عندما وجدت آدم يقف أمامها في هذه الهيئة الغاضبة وبشدة .. حاولت حنان التحدث ولكن ضربات قلبها العنيفة أبت أن تخرج الكلمات من فمها .. قاطع هدوء الموقف صفعة آدم القوية لها .. التف المارة حولهم بتعجب .. وعلت الهمهمات ..
ألقى آدم الهدية في وجهها .. ونظر لها نظرات غضب واحتقار قائلا ..
.. انتي أحقر من أني اقف معاكي ولا حتى أسمعك ..
هم آدم أن يرحل ولكن جذبته حنان من ذراعه قائلة ببكاء ..
.. أرجوك بس يا آدم اسمعني ..
نفض آدم يد حنان من عليه .. ثم خلع خاتمها من يده والقاه في وجهها ثم رحل .. وتركها تبكي بحسرة ..
,,,,,,,,,,,
عاد آدم الى منزله غاضبا ,, لم يتحدث بكلمة واحدة ثم دلف الى حجرته .. ما ان رأته سامية حتى ذهبت خلفه لتطمئن عليه ..
دلفت سامية الحجرة فوجدت آدم يجلس على فراشه ,, وملامح الغضب تكسو وجهه ..
سامية : حنان زعلتك ؟!!..
آدم بغضب : مش عايز اسمع اسمها تاني خالص ,, انا وهي خلاص انفصلنا .. ولو سمحتي سيبيني لوحدي عايز ارتاح ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
في بيت حواء .. في غرفة الفتيات ,, تجلس حواء وأخواتها يستذكرون دروسهم .. فقد كان لدى حواء هدف تسعى لتحقيقه ,, وأن تكون ذات ِشأن عظيم ..
.....
يجلس والدي حواء أمام التفاز .. بينما يرن جرس الهاتف .. التقط ياسر السماعة .. وكان اخوه ( محمد) هو المتصل ..
ياسر : السلام عليكم ..
محمد : وعليكم السلام .. ازيك يا ياسر .. عامل ايه ؟ والعيلة عاملة ايه ؟
ياسر : الحمدلله كلنا تمام بخير .. طمني انت عليكوا .. يارب تكونوا بخير .. مش ناويين تيجوا بقى ؟!
محمد : احنا الحمدلله كلنا بخير .. ان شاء الله بس العيال يخلصوا امتحانات واكيد باذن الله هنيجي .. عشان وحشتونا والله .. وبالمرة كمان ناخد حوا معانا عشان تقضي معانا الاجازة زي كل سنة ..
ياسر : بردو الموضوع ده يا محمد .. ما تخلي سلمى هي اللي تيجي تقعد معانا ..
محمد : ما انت ماشاء الله عندك رجالة مش هتعرف تقعد معاكم .. وبعدين احنا كل سنة هنقعد نتكلم في الموضوع ده .. ما توجعش قلبي بقى معاك ..
تنهد ياسر ثم أردف : بس تخلص الامتحانات وربنا يسهل ..
محمد : ان شاء الله .. سلامي للجميع .. مع السلامة ..
ياسر : يوصل .. مع السلامة ..
وضع سماعة الهاتف .. ثم زفر بضيق .. نظرت اليه منى بتساؤل ..
منى : بردو بيكلمك عشان حوا تروح معاهم ؟!
أوما ياسر رأسه .. زفرت منى بضيق فلم يكن يروق لها هذا الوضع .. وتكره بعد ابنتها عنها .. وتكره تعلق حواء الشديد بعائلة عمها أكثر من أسرتها ..
ولكن منى هي السبب في هذا الجفاء .. فهي حالها حال الكثير من الامهات التي لا تجعل وسيلة اتصال بينها وبين أبنائها وتعاملهم معاملة الآمر والمأمور.. وقليل من هم يتخذ أبنائه كالاصدقاء ويقرب الطرق والتفكير حتى يحتويهم ..
وهذا حال أخوات حواء ,, فلم تجد حواء منهم القرب بسبب مثاليتها وعقلها الرزين ..
تلك الصفات التي توصف في وقتنا هذا ( مقفلة ) ,, وكانت تقوم بدور النصح والارشاد لهم وهذا ما يمقتونه .. ..................
مرت الايام والشهور علي آدم وحاله يصبح أكثر سوءا .. وهذا ما يقلق سامية .. وكانت تحاول بشتى الطرق عرض عليه خطبة أكثر من فتاة ولكنه كان يرفض بشدة ..
بعد يوم شاق في عمله يجلس آدم على فراشه ممسكا بهاتفه .. دلفت والدته الى حجرته ..
سامية : ايه ده انت لسه مجزهتش ؟!
آدم : مش هروح ..
سامية : يابني دي فرصة كويسة تخرجك من اللي انت فيه .. فرح والعيلة كلها متجمعة ..
حاول آدم الاعتراض ولكن اوقفته والدته ..
سامية : خمس دقايق وتبقى جاهز .. يلا ..
غادرت سامية ,, ثم أغلقت الباب خلفها .. زفر آدم بضيق .. نهض مستسلما وبدأ يستعد ..
,,,,,,,,,,,,,,
في بيت حواء .. يستعد كلا من حواء وأسرتها للاستعداد لحفل زفاف قريبتهم .. يجلسن الفتيات الثلاثة أمام المرآة يضعن بعض لمسات مساحيق التجميل الخفيفة ,, بعد أن اعترضت حواء عل ذلك ..
بسمة بضحك : يا بنتي انتي اكتر واحدة لازم تحطي مكياج .. من امتى الثقة اللي انتي فيها دي ؟!
انزعجت حواء من حديث شقيقتها ..
لماذا دائما تريد مضايقتها بسبب ملامحها .. ولكن لم تكن بسمة الا مازحة .. ولكن انعدام ثقة حواء في نفسها هي ما تجعلها تأخد اي كلمة على محمل الجد ..
انتهت شقيقاتها من الاستعداد وغادرن الغرفة .. نظرت حواء الى مساحيق التجميل فاقتربت من المرآة .. والتقطت احد هذه الادوات وجلست أمام المرآة وبدأت في وضعها على وجهها ..
بعد بضعة دقائق انتهت حواء من زينتها التي تكاد لا تكون ظاهرة .. نظرت الى انعكاس صورتها مرة أخيرة برضا .. أخذت نفسا عميقا بثقة .. ثم غادرت الغرفة ..وما أن رآها اخواتها حتى أطلقن صفارة اعجاب .. وبعض عبارات الاطراء ..
................
في قاعة الاحتفالات .. تخرج العروس في كامل زينتها بردائها الابيض .. تطل بطلة رائعة تتمناها كل فتاة ..
تتوجه اليها أعين الفتيات .. تسير متشبثة بذراع زوجها وشريك حياتها .. وسط الزغاريد والمباركات والتصفيقات الحارة ..
,,,
بعد بضع الوقت دلفت حواء وأسرتها الى قاعة الاحتفال .. اقتربوا من العروس وهنئوها .. ثم التقطوا بعض الصور التذكارية .. بعد ان انتهوا جلسوا جميعا على احدى الطاولات .. وبالصدفة كانت أسرة آدم تجلس بالطاولة المجاورة ..
فجأة التقت عينا حواء بعيني آدم .. فابتسم آدم لحواء مع ايماءة خفيفة من رأسه لتحيتها .. فابتسمت ثم نظرت الى الارض بخجل .. فيما ظل آدم معلقا عينيه بها.. لاحظت سامية هذه النظرات مالت مقتربة من أذنه قائلة بابتسامة ..
.. حلوة طول عمرها ..
توتر آدم وارتبك للحظات وظل يسرق النظرات لحواء ..
.. هي مين ؟!!
سامية بضحك : حوا ..
آدم يحاول يخفي توتره ..
.. طول عمرها محترمة وتملى عين أي حد .. بس هي النهاردة مش عارف ,, تحسي فيها شئ مختلف ..
مش عارف ايه هو .. بس اللي عارفه اني مش قادر أشيل عيني من عليها ..
ابتسمت سامية بحب ... فهي لن تجد أفضل من ابنه أخيها لابنها ..
,,,,,,,,,,,,,,
على الناحية الاخرى تجلس حواء متوترة من حصار نظرات آدم لها ,, فكلمها تتقابل أعينهم تجده ينظر اليها مبتسما ..
...........
قامت سامية بمسك يد ابنها بحركة مفاجئة تعجب آدم من فعلتها ولكنه أطاعها ,, وتحركت به باتجاه طاولة أخيها .. جلسا كلا من آدم وسامية بعد القاء التحية على الجميع .. كانت حواء تجلس علي يمين آدم .. ووالدته على يساره .. نظرت حواء الى الارض خجلا .. مما أثار ضحك شقيقاتها ..
مال آدم بجسده الى حواء قائلا ..
.. ما شاء الله عليكي النهاردة زي القمر ..
الفصل الرابع
آدم : ماشاء الله عليكي النهاردة زي القمر ...
ابتسمت حواء بخجل ومازالت تنظر الى الارض .. تفرك كفيها بتوتر .. تشعر بهروب أنفاسها .. وكان الدنيا ضاقت بها .. ابتسم آدم من شدة خجلها .. حاول تهدئة توترها فتابع قائلا ..
.. أخبار مذاكرتك ايه !!...
رفعت حواء عينيها اليه بابتسامة قائلة ..
.. الحمدلله تمام ..
آدم : سمعت انك شاطرة وعايزة تجيبي مجموع كبير .. صحيح نفسك تدخلي كلية ايه ؟..
حواء باندفاع : اعلام .. نفسي أبقى صحفية كبيرة .. أو كاتبة مشهورة ..
تحدثت حواء بكل ثقة .. نست توترها .. فهي تشعر بثقة كبيرة حينما يحدثها أحد عن حلمها ..
,,,,,,,,,,,,
انتهى الحفل وسط فرحة الجميع ..
في طريق العودة .. كان لكل من آدم و حواء نصيبهم من الاحلام ..
بدأ آدم يتعلق بحواء وبجمالها ,, طموحها ,, وبرائتها ,, جميلة الشكل والروح .. هادئة ..
رائعة بكل تفاصيلها ..
قاطعت سامية هدوء آدم .. قائلة ..
.. بس يا آدم .. حوا النهاردة كانت جميلة اوي .. ولا ايه رايك ؟!! ..
توتر آدم من سؤال والدته المفاجئ .. وكأنها تقرأ أفكاره .. فاومأ برأسه موافقا ..
ثم أردفت سامية حديثها ..
.. طيب ايه رأيك ؟!!..
آدم : في ايه ؟
سامية : نخطبهالك ؟
آدم : تاني يا أمي .. تاني !!!..
سامية : صدقني يا حبيبي .. حوا هتقدر تنسيك حنان ومشاكلها .. وبعدين حوا متربية على ايدينا ,, ومننا وعلينا يعني مش هتتعبنا .. عايز ايه بقى اكتر من كده ؟ ,, وبصراحة بقى أنا شايفة في قبول من الطرفين ..
ابتسم آدم ابتسامة جانبية عندما تذكر نظرات حواء .. فهمت على أثرها موافقة آدم لها ..
آدم : ان شاء الله يا أمي .. ربنا يسهل ..
,,,,,,,,,,,,
في نفس الوقت .. كانت حواء قد ذهب عقلها مع ابتسامة آدم لها .. وتعبيره عن اعجابه بها .. زادت ابتسامتها عندما تذكرت كلماته لها ( انتي زي القمر النهاردة ) ..
أيعقل ما سمعته أذنيك يا حواء ؟! ام هي مجرد مجاملة ؟!!
أم انك عطشة لكلمات الحب والغزل ؟!
هل يمكن ل آدم .. هذا الشاب الوسيم .. أن يعجب بيكي انتي ؟! أم أنه مازال تحت صدمة خطيبته السابقة وسيعجب بأي فتاة يقابلها ؟!
تابعت حواء حديثها لنفسها قائلة ..
.. ما تعيشي اللحظة بقى .. انتي مصرة تنكدي علي نفسك وخلاص ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,
في صباح اليوم التالي .. ذهبت سامية الى احدى جاراتها وصديقتها ( فريال ) لزيارتها ..
أخبرتها سامية في أثناء هذه الزيارة برغبتها بخطبة حواء ابنة أخيها الى آدم ..
فريال : فعلا يا سامية يا زين ما اخترتي .. جمال وأدب وأخلاق .. وكمان بنت أخوكي يعني مش هتتعبك وهتكون من ايدك دي لايدك دي .. ربنا يوفقهم سوا ويتم الموضوع على خير ..
سامية بموافقة : وده اللي أنا فكرت فيه فعلا آدم حسيته موافق وماعترضش .. رنا يتمها على خير ..
........ ما ان انتهت زيارة سامية ل فريال .. حتى ركضت فريال الى الهاتف ,, لتقوم بمهاتفة منى حتى
تخبرها بما علمته من سامية ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
مرت الايام وبدأ خبر خطبة آدم من حواء في الانتشار .. وأكدت هذا الخبر سامية بعد أن تناقشت مع آدم وتأكدت من رغبته في الارتباط ب حواء ..
,,,,,,,,,,,,,,,
أدت حواء اختبارها الاخير وهي في حالة قلق شديدة .. فمصيرها يتوقف على تلك السنة الدراسية ..
تجلس حواء مع صديقاتها بعد انتهاء الاختبار ..
جنى : اااه صحيح يا حوا مبروك .. بس يعني منعرفش عنك انك ندلة !! ..
حواء بتعجب : مبروك على ايه ؟! ... وبعدين ندالة ايه اللي بتكلمي عنها ؟!
مها : يعني يا حوا يبقى في خطوبة والناس كلها تبقى عارفة .. واحنا يعني بنعتبر نفسنا أصحابك بس من الواضح أننا كنا غلطانين ..
حواء : يا جماعة خطوبة مين ؟ انتوا بتجيبوا الكلام ده منين ؟! ..
أروى : انتي وآدم ابن عمتك سامية .. ده البلد كلها عرفت ..
حواء : كلها اشاعات ومفيش أي حاجة من الكلام ده خالص .. وبعدين لو في اي حاجة من كده انتوا اول ناس لازم تعرفوا ده انتوا زي اخواتي ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
مرت بضعة أيام بعد انتهاء الاختبارات .. حضر عم حواء ( محمد ) بصحبة عائلته لاصطحابها معهم الى محل اقامتهم ( الاسكندرية ) لقضاء العطلة الصيفية كعادتهم كل عام ..
تجلس الفتيات جميعا في غرفة حواء .. وتتعالى بينهم الضحكات خاصة بعد حضور سلمى فهي شخصية محبوبة ومرحة .. تغلق حواء حقيبتها التي جمعت بها كل متعلقاتها استعدادا للسفر ..
قاطعهم دلوف منى الى الحجرة بضيق .. استاذنتهم منى أن يتركوها بمفردها هي وحواء ..
غادرن الفتيات الحجرة ,, وما ان اغلقوا الباب حتى اقتربت منى من حواء بغضب قائلة ..
.. أنا مش فاهمة ايه اللي عجبك في بيت عمك كده ؟! انتي مش عايزة تقعدي معانا ؟!! ..
هو احنا مش عيلتك ولا ايه ؟! أد كده مش لاقية نفسك وسطنا ؟!!
حواء : يا ماما كل الحكاية اني بحب اقعد معاهم مش اكتر .. وسلمى دي زي اختي .. وفعلا أنا بلاقي نفسي وسطهم ..
قاطع حديث حواء صفعة قوية على وجنتيها من والدتها .. وفجأة انهالت عليها بالضرب ..
منى بغضب : مش لاقية نفسك معانا ليه ؟ عملنا لك ايه ؟!
ما تتبري مننا بقى لو مش عاجبينك كده ...
ظلت حواء تبكي بصمت كعادتها .. ابتعدت منى عن حواء .. ترمقها بنظرات الغضب والضيق ..
فبدلا من أن تحاول منى أن تتقرب الى ابنتها ,, تزيد المسافات والفجوات أكثر وأكثر .. وغالبا ما تلجأ للعنف للتعبير عن غضبها وضيقها .. وهذا ما جعل علاقاتها بحواء تملؤها الكثير من الخلافات والفجوات ..
,,,,
رحلت حواء معهم لتمضي أجمل أيامها مع رفيقة عمرها سلمى .. فقد كانت تجد الكثير من الحب والعطاء في هذا المنزل .. ولكن هناك ما حدث قد حول مسار هذه الايام الجميلة ..
الفصل الخامس
...............
في منزل محمد يجلسون جميعا يتناولن الطعام .. وسط اجواء مرحة بين حواء وسلمى ..
رن جرس الهاتف .. نهضت سلمى لتجيب ,, وكان عمها ياسر المتصل .. وبعد أن اطمئن عليها وعلى أسرتها طلب منها نحادثة حواء لأمر ضروري... بعد بضع ثواني أتت حواء لتجيب ..
حواء : السلام عليكم .. ازيك يا بابا .. عامل ايه ؟! .. وحشتني اوي ..
ياسر : وعليكم السلام .. الحمدلله ياحبيبتي .. بقولك يا حوا ,, حضري نفسك عشان هترجعي النهاردة .. أخواتك الشباب جايين لك في الطريق عشان يجيبوكي ..
حواء : خير يا بابا .. حصل حاجة ؟!
ياسر : لا ياحبيبتي متقلقيش .. انتي بس اتقدم عريس وحددنا معاه ميعاد بكرة ولازم ترجعي .. يلا انجزي عشان تلحقوا ترجعوا قبل الليل ..
حواء : حاضر يا بابا ..
أغلقت حواء الهاتف .. وأحست برعشة تسريفي جسدها ,, لا تعلم سببها ,, قلق ,, فرح ,, خوف ..
فهي على يقين أن هذا اليوم سيأتي ولكن ليس بهذه السرعة ..
,,,,,,,,,,,,,
بعد مرور ثلاث ساعات كانت قد عادت حواء الى منزلها بصحبة أخويها ..
..................
في غرفة حواء كانت قد انتهت من تحضير نفسها لهذه المقابلة ... دلفت منى الحجرة لرؤية ابنتها .. اقتربت منى من حواء ووضعت يدها علي كتفيها في حب ...
منى : حبيبتي ما شاء الله عليكي كبرتي وبقيتي عروسة ..
نظرت حواء الي الارض خجلا .. ثم تابعت منى ..
منى : مش كنتي حطيتي شوية مكياج ولا حاجة ... يعني وشك عليه آثار الارهاق بتاع الامتحانات .. حطي اي حاجة كده خفيفة وفي نفس الوقت ماتبنش ...
حواء : حاضر يا ماما ..
احتنضت منى ابنتها في حب وقبلتها وتركتها في فرحتها وسعادتها .. لم تستطع حواء ايقاف ضربات قلبها السريعة من فرط سعادتها ..
.............................
في حجرة استقبال الضيوف ..
يجلس كلا من ياسر ( والد حواء ) ،، حسن ( والد آدم ) ، سامية ( والدة آدم ) ، ومنى ( والدة حواء ) ...
حسن : والله يا ياسر ما هنلاقي احسن من حوا ل آدم .. بناتك ما شاء الله عليهم ادب واخلاق وجمال وعلم .. فعلا ربنا يكرمك فيهم انت احسنت تربيتهم ..
ياسر بابتسامة : ربنا يخليك يا ابو علي ، وانا مش هلاقي احسن من آدم ل حوا .. كفاية ان ابن الغالية ..
نظر ياسر الي اخته سامية التي قد ابتمست ..
سامية : امال فين حوا يا منى ؟! .. هو احنا اغراب ؟!!
منى : لا يا حبيبتي ده احنا اهل .. بتعمل بس الشاي وجايه .. هقوم اشوفها ..
مرت دقائق ودلفت منى الي الحجرة ومعها حواء التي تحمل اكواب الشاي .. وتنظر الى الارض في خجل .. وضعت الصينية على الطاولة .. ورفعت عينيها الي الضيوف الجالسين .. تعجبت حواء من وجود عمتها وآدم ..
حواء في نفسها : هل يعقل ان يكون آدم هو العريس؟! هل صحيح ما سمعته من صديقاتي برغبته في الارتباط بي ؟!!
قاطع سرحان حواء صوت سامية ...
سامية : تعالي يا حوا اقعدي جنبي هنا ..
جلست حواء بجانب عمتها في خجل ..
ياسر : حوا آدم طلب ايدك مني .. رايك ايه ؟!!
ابتسمت حواء بخجل ولم ترفع نظرها .. اكتفت حواء بالصمت من كثر خجلها ..
ابتسمت سامية قائلة : خلاص بقي ماتكسفهاش يا ياسر ..السكوت علامة الرضا .. نقرا الفاتحة ..
قاطعت منى سامية ..
منى : طيب انتوا مستعجلين علي ايه ؟! خلي حوا تاخد فرصتها في التفكير ..
قطبت سامية ما بين حاجبيها بضيق ..
سامية : تفكر ؟!! هي هتلاقي احسن من ابني فين ؟!!
منى : انا مش قصدي بس بردو احنا مش مستعجلين .. حوا لسه صغيرة وقدامهم وقت يفكروا براحتهم ..
ياسر : طيب بقول ايه ؟ ما تسيبوا العرسان شوية مع بعض وتعالوا ندخل البلكونة جوة ..
خرجوا جميعا من الحجرة وسط نظرات سامية الغاضبة من حديث منى ..
مازالت حواء موجهة نظراتها الى الارض في خجل .. وآدم يتابعها بنظراته .. نهض آدم واقترب من حواء التي اتفضت من قربه ..ظل الصمت يسيطر على المكان وبعض الابتسامات .. حتي قاطع آدم هذا الصمت ..
آدم : ازيك يا حوا ؟ عاملة ايه ؟!
حواء بخجل : الحمدلله ..
آدم : عملتي ايه في امتحاناتك ؟!
حواء : الحمدلله كانت كويسة ..
آدم : حوا .. انا معجب بيكي جدا .. انا طول عمري بتعامل معاكي بكل احترام .. وانتي صراحة فيكي صفات اي شاب يتمناها في مراته .. ياريت تفكري براحتك وبس لازم تحطي في بالك اني مستعجل .. وعايزك معايا النهاردة قبل بكرة ..
ابتلعت حواء ريقها بصعوبة من الخجل .. حاولت التحدث ولكن تأبى الكلمات ان تخرج ..
حواء : بس انا عايزة ادخل كلية الاعلام .. وده حلمي ..
آدم : ومين قالك اني همنعك عن تعليمك ؟!!...
حواء : انا بس حبيت اعرفك رغبتي ..
حاول آدم انا يمسك يد حواء ولكن .. سحبتها حواء بفزع ..
آدم بابتسامة : وانا مش همنعك عن اي حاجة انتي عايزاها ...
...............................
بعد مرور بضعة ايام ... ظهرت نتيجة الثانوية وقد حصلت على المجموع الذي يؤهلها للالتحاق بالكلية التي تريد .. كانت فرحتها لا توصف .. فهي علي بداية طريق تحقيق احلامها .. حضر آدم ووالدته لتهنئة حواء بهذا النجاح ..
سامية : الف مبروك يا حوا .. ها ناوية تدخلي ايه بقى ؟
حواء : كلية اعلام ان شاء الله .. نفسي ابقى صحفية ..
سامية : ياااه صحفية مرة واحدة ... يا بنتي هي الست ليها ايه غير بيتها وجوزها .. كانوا يعني عملوا ايه بالكليات ..
منى : خلاص مفيش الكلام ده يا سامية .. البنت دلوقتي زيها زي الولد .. تتعلم وتاخد شهادة وتكبر ..
لوت سامية شفتيها بضيق .. ووضعت كفها على الاخر باعتراض ..
سامية : احنا مقلناش حاجة .. بس يعني مش هتقعد هي و آدم كل المدة دي مخطوبين .. يتجوزوا وتكمل تعليمها وهي في بيتها .. ولا ايه يا آدم .. اكلم قول حاجة ..
آدم : ايوة فعلا .. ياريت . وانا زي ما قلت قبل كده مش همنعها عن احلامها .. ولا دراستها ..
ياسر : طيب ولو حصل خلفة وعيال ما هي اكيد هتتعطل ..
سامية : وانا بعمل معاهم ايه يا اخويا ؟! مانا هشيل معاها وهساعدها .. ( ربتت سامية بيدها على كتف حواء ) دي حوا دي زي بناتي بالظبط .. وهحطها جوا عينيا ..
منى : ربنا يقدم اللي فيه الخير ..
سامية : بقولك ايه يا آدم .. ما تاخد خطيبتك وتقعدوا شوية في البلكونة .. عايزة خالك في كلمتين كده ..
وبالفعل اطاع آدم والدته .. وخرج هو وحواء ..
نظرت سامية الى اخيها بعيون حائرة .. واخذت تفرك كفيها ببعضهما ..
سامية بتردد : انا كنت عايزة اكلمك في موضوع كده بس محرجة.. انا كنت محتاجة نصيبي من البيت عشان جواز آدم ..انت عارف ان البيت اللي انتوا قاعدين فيه ده ورثنا من ابونا .. وانا محتاجاه عشان اجهز آدم واخواته ..
تعجب ياسر من حديث اخته ..
ياسر : انتي عارفة يا سامية انا مقدرش ابيع البيت .. وانا وعيالي هنروح فين ؟
سامية : بيع البيت وسيب شقتك وادينا نصيبنا .. انا ومحمد اخوك ..
ياسر : هحاول يا سامية هعرض البيت وربنا يسهل ..
..................................
بعد مرور أيام ...
قبلت في كلية الاعلام .. وكانت فرحتها لا تقدر .. تمت خطبة آدم وحواء في بيت ياسر .. كانت حفلة بسيطة ولكن كادت حواء ان تحلق في السماء من فرط فرحتها ....
.........................
بدأت المشاجرات بين سامية وياسر علي ورثهم .. فهي تريد اخذ نصيبها من ورثها .. ولكن ياسر لا يجد من يشتري المنزل .. دخلت حواء وآدم في هذه المشاجرات رغما عنهم ..
في احدى زيارات عائلة آدم لبيت ياسر ..نشبت مشاجرة بين سامية وياسر بسبب هذا الورث ..
سامية بغضب : يعني ايه يا ياسر مالقتش بيعة للبيت .. يعني هجوز الواد ازاي ؟!
ياسر : هو بمزاجي يا سامية .. ما علي يدك مش لاقي حد يشتري البيت .. وكمان من غير شقتي .. وبعدين ابنك لما هو مش جاهز كان جاي يتقدم ليه ؟!.. انا مش طالب منه الذهب والالماظ .. يوضب شقته على اد ما يقدر .. واحنا نساعده وربنا يتمها علي خير .. ماتعقديش الامور بقي ..
آدم : بس يا خالو انا محتاج الفلوس دي .. ومش مشكلتي انا الكلام ده .. احنا عايزين الورث ده ياما بقى ادوني شبكتي وكل واحد يروح لحاله ..
ظهرت ملامح الصدمة على وجه ياسر ومنى .. واكثرهم حواء ..
أصحيح ما سمعت ؟! هل سيتخلى عنها آدم لاجل المال ؟! اليس هو من قال انه يحبها وسيظل معها ؟!
ياسر بغضب : أنت متعليش صوتك عليا انت فاهم ... عايز تاخد شبكتك خدها ماتفتكرش انك هتلوي ذراعي .. بنتي مليون من يتمناها ..
سامية بتوتر : معلش يا ياسر .. شاب طايش ومش فاهم بيقول ايه .. هو مايقصدش .. ( نكزت سامية ابنها ) معلش يا اخويا متزعلش .. قوم يا آدم اعتذر لخالك ..
نهض آدم عن مقعده واعتذر لخاله وقبل رأسه .. ولكن فوجئ الجميع بحواء التي انتفضت عن مقعدها بغضب .. عازمة على الخروج من الحجرة .. خرجت غاضبة وخرج ورآها آدم ..
أمسك آدم ذراع حواء محاولا ايقافها .. ولكنها ابعدت يده عنها بغضب ..
آدم بضيق : اقفي هنا انتي رايحة فين ؟!
حواء بغضب : رايحة اجيبلك شبكتك اللي بيني وبينك ..
التقط آدم كفها بحب .. طبع قبلة عليه انتفض على آثرها جسد حواء .. فلاول مرة يقترب منها أي شاب ..سحبت حواء يدها بتوتر ..نظر لها آدم بابتسامة .. غامزا ..
آدم : يا هبلة انتي صدقتي .. ده انا بموت فيك يا جميل ومقدرش استغنى عنك .. انا بعمل كده بس عشان ناخد فلوسنا واعملك الشقة علي ذوقك واعيشك في مستوى كويس .. لكن انا بحبك ومتمسك بيكي لاخر نفس ..
حواء : بس ده مش معناه انك تكلم بابا بالاسلوب ده .. انا مش موافقة على كده ابدا يا آدم ..
آدم بحب : انتي قولتي ايه دلوقتي ؟!!
حواء بتعجب : قولت ايه ؟! بقولك اني مش موافقة على الاسلوب ده ..
آدم : لالالا .. اللي بعدها .. قولتي يا آدم .. طالعة منك نغمة .. قوليها تاني عشان خاطري ..
خجلت حواء من حديث آدم وتركته وذهبت مسرعة .. تبسم آدم من حواء .. ودعى الله ان يجمع بينهما قريبا ..
..................................
استمرت المشاجرات والمشاحنات بين ياسر وسامية بسبب هذا الورث .. اصبح تهديد آدم الدائم ( كل واحد يروح لحاله ) يؤرق حواء كثيرا .. هل يستيطع آدم ان يتخلى عنها بسهولة ؟!
......................................
مرت سنتين ومازالت المشاكل مستمرة .. وبدأت فجوة بالظهور بين آدم وحواء .. فهناك بعض الكلمات أسوأ بكثير من الافعال ..
طلب أدم من ياسر أن يبدأوا باجراءات الزفاف .. على وعد بمساعدته لحواء حتى اتمام دراستها .. وافق ياسر وحواء على هذا الطلب .. مع اعتراض منى الشديد على هذه الزيجة من الاساس .. فهذه المشاكل قد اظهرت ما ستواجهه حواء مع هذه العائلة ....
...................................
حلم كل فتاة ..
اليوم الذي سترتدي فيه ثوب الزفاف الابيض لتكون في ابهى حلة ..
اليوم الذي ستصبح ملكة متوجة في بيتها ...
لقب العروس الفطرة التي تعيش البنت عليها ..
تطل حواء بفستانها الابيض .. في احدى القاعات .. وبجوارها آدم زوجها بعد اتمام مراسم الزواج ..
بدأ الاحتفال بأغنية هادئة .. قام آدم بألتقاط يد حواء .. واصطحبها وسط نظرات الكثيرات وبدأوا بالرقص ..
أشاحت حواء بنظرها بعيدا عن آدم من خجلها .. رفع آدم رأس حواء بيديه .. لتتقابل اعينهما سويا .. حاولت حواء ابعاد عينيها عن نظرات آدم العاشقة .. ولكن اقترب آدم من أذنها هامسا بحب ..
آدم : انتي مكسوفة مني ؟!! انتي خلاص بقيتي مراتي .. يعني كلها ساعة وهنبقى في بيت واحد انا وانتي بس .. بحبك يا حوا .. بحبك .. ونفسي اسمعها منك .. حن عليا بقى ده انا عاشق ولهان ..
حواء بخجل شديد : ب .. ب..بحبك ..
آدم : ياااااه واخيرا .. حنيتي علي قلبي الغلبان .. انتي ماتعرفيش انا كنت بحلم باللحظة دي ازاي ؟! .. ولا مستنيها من امتى ... انتي دخلتي قلبي في لحظة .. وهتفضلي جواه طول العمر .. ربنا يخليكي ليا ..
انتهت حفلة الزفاف ..
ودعت حواء عائلتها بصعوبة .. فهذا ألم فراق العائلة .. ولكنها سنة الحياة ..
دخلت حواء منزلها .. مملكتها .. حياتها الجديدة ..
قضى حواء وآدم ليلتهما في حب وعشق...
........................
في الصباح الباكر ..
ينام كلا من حواء وآدم في هدوء .. الى ان رن جرس الباب .. فقد جاءت اليهم سامية حتى تطمئن عليهم وتهنئهم ....
تحرك آدم في فراشه .. نظر الى حواء النائمة كالملاك .. ابتسم وقبل جبينها .. ثم نهض عن الفراش ..
فتح آدم الباب لوالدته .. التي اطلقت الزغاريد هي واخوات آدم بمجرد ان دخلوا المنزل ..
سامية : الف مبروك يا حبيبي ..
آدم بابتسامة : الله يبارك فيكي يا امي ..
بدأت فاطمة ( اخت آدم ) بالتجول في ارجاء المنزل باحثة عن شئ ما ..
فاطمة : امال فين حوا يا آدم ؟!!
آدم : لسه نايمة .. ثواني هصحيها ..
لوت سامية شفتيها في ضيق ..
سامية : بدأنا .. نايمة لحد الظهر .. ده العصر قرب يأذن ..
هدى ( اخت آدم الصغرى ) : عادي بقى يا فاطمة عرسان يعني ..
جلسوا ثلاثتهم في انتظار حواء .. التي خرجت بعد مرور بضع دقائق .. خرجت لاستقبالهم في ابتسامة وبكامل زينتها ..
حواء بابتسامة : السلام عليكم ..
سامية : وعليكم ... ايه يا بنتي النوم ده كله ؟!
خجلت حواء من عمتها ..
حواء : مفيش يا عمتو .. بس امبارح كان يوم مرهق .. تشربوا ايه ؟!
سامية بسخرية : مش لما تبقوا تفطروا .. انتي هتلحقي تحضري فطار .. ولا هتخلوها غداء بقى !!!...
جلس آدم على حافة كرسي حواء محتضنا اياها .. قائلا بابتسامة ..
آدم : عادي يعني يا امي .. مش ضروري اوي الاكل يعني .. وبعدين طنط منى عاملة وجبات لاسبوع كامل قدام .. فمتقلقيش من ناحية الاكل ..
سامية : طيب خلينا احنا نطلع بقى عشان نسيبكم براحتكم ..
( حواء بيتها في منزل عمتها ، فهو بيت للعائلة .. يسكن آدم وحواء في الطابق الاول .. وعمتها بالطابق الثاني ) .......
..............................................
يمر الشهر الاول .. وتمر حواء بأحلى ايام حياتها .. فقد كان آدم يسقيها من الحب والحنان .. ما جعلها تعيش في عالم من الخيال ... لا تبخل حواء في زينتها .. فكانت يوميا تطل بطلة العروس لزوجها ..
تربع حب حواء في قلب آدم .. وجعلته متيقنا من حسن اختياره ..
حواء ايضا كانت تعيش حالة من الحب والعشق .. فقد آدم كريما بمشاعره .. كان دائم الغزل .. لا يترك لها مجال للهرب من عشقه ..
..................................
ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن ... فها هي حواء حامل بطفلها الاول ... بشهرها الثاني ..
تقف حواء أمام المرآة تضع يديها علي رحمها .. متخيلة حالها بعد بضع شهور من الان .. فها هي مشاعر الامومة تظهر بمجرد معرفة المرأة بحملها ... قاطع خيالها آدم واضعا يديه حول خصرها محتضنا اياها من الخلف .. طبع بضع قبلات علي وجنتيها .. ابتسمت على آثرها حواء ..
حواء : مبسوط يا آدم انك هتبقى أب ؟!
آدم بحب : مبسوط ان هيبقى معايا حتة منك ..
احتضنت حواء يد آدم بحب ..
حواء : ربنا يخليك ليا يا حبيبي ..
قبلها آدم بحب : ويخليكي ليا يا احلى زوجة في الدنيا ..
......................................
بدات مضايقات سامية وابنتيها ( فاطمة وهدى ) ل حواء .. احتكروا اشيائها الخاصة ..
تقف فاطمة في غرفة نوم حواء .. تعبث في خزانتها وملابسها ..
فاطمة بصوت مرتفع : بقولك يا حواء معندكيش بلوزة حلوة اروح بيها فرح نوسة بنت خالتي ؟!
وتجلس هدى امام ادوات تجميل حواء .. وتبحث عن حمرة شفاه تناسبها ..
دخلت حواء انزعجت بشدة من هذا المنظر ..
حواء بغضب : في ايه يا بنات ؟! بتعملوا ايه عندكم ؟!
هدى : يعني بندور على حاجات ناقصانا ..
حواء : بس انا مبحبش حد يفتش في حاجتي .. وبعد اذنكم بقى ممكن تيجوا نقعد بره في الصالون .. بلاش اوضتي ..
هدى بغضب : انتي بتطردينا من بيت اخونا ؟!
حواء : انا مقولتش كده ..
فاطمة : لا كلامك معناه كده .. عامة احنا كلامنا مش معاكي كلامنا مع آدم لما يجي ..
ذهبت كلا من فاطمة وهدى في غضب .. حاولت حواء تهدئتهم ولكن هيهات ..
...............................
موعد عودة آدم من عمله .. فقد اعتاد ان يصعد الي منزل والدته قبل منزله .. بمجرد ان دلف آدم الي منزل والدته حتى تصنعت هدى وفاطمة الضيق والغضب .. تعجب آدم منهما ..
آدم : مالك يا بنتي منك ليها ؟!!
فاطمة بضيق : اسال مراتك ..
آدم بتعجب : حوا ؟!! ليه ايه اللي حصل ؟!...
هدى : طردتنا من بيتك .. صراحة احنا مرضيناش نرد عليها .. وقلنا انت لما تيجي هتاخدلنا حقنا ..
سامية : اتفضل يا سيدي .. دلوقتي طردتنا من بيتك .. بكرة تطردنا من بيتنا ..
غضب آدم بشدة .. نهض عن مقعده .. هبط الدرج مسرعا الي بيته .. فتح الباب واغلقه بعنف ..
آدم بغضب : حواااااااا ...
كانت حواء على وشك من انهاء الطعام لزوجها .. التي انتفضت من صوت زوجها المرتفع .. والذي بدا عليه الغضب .. خرجت حواء مسرعة ..
حواء : آدم حبيبي في ايه ؟!!
اقترب منها آدم بغضب ملتقطا بعض خصلات شعرها بين يديه ..
آدم : انتي بتطردي اخواتي من بيتي ؟!
بدأت العبرات تظهر في عيون حواء .. حاولت حواء الاعتراض لتدافع عن نفسها ..
حواء ببكاء : يا آدم اسمعني .. محصلش ...
قاطعها آدم بصفعة على وجهها سقطت على اثرها ارضا .. سحبها من ذراعها ليجعلها تنهض عن الارض .. وبدأ بصفعها عدة صفعات متتالية .. ثم صاح بها غاضبا ..
آدم : لاخر مرة اسمع انك طردتي حد من بيتي .. ده بيتي انا فاهمة .. مش بيتك انتي .. وامي واخواتي يدخلوا ويخرجوا في الوقت الي هم عايزينه .. فاهمة ولا لا ؟؟
لم تستطع حواء ان تتحدث سواء بالاعتراض او بالموافقة .. صاح بها آدم بغضب ممسكا بذراعها بشدة ..
آدم : انطقي ..
انتفضت حواء بفزع .. هزت راسها بالموافقة .. دفعها آدم بعنف .. حتى وقعت علي الكرسي المقابل لها .. تركها تبكي بحسرة على حالها .. ثم صعد الى منزل والدته ..
حواء في نفسها : ياربي هو انا عملت ايه ؟!.. طيب كان سمعني زي ما سمع اخواته .. ليه يا آدم كده ؟!!
ليه كده ؟! ...
في هذه الليلة لم يعد آدم الي منزله .. قضى يومه بأكمله عند والدته ..
قضت حواء ليلتها تبكي .. متعجبة من حال زوجها .. لماذا كل هذا التغير من اجل شئ لم تفعله ... فهل سيعود لينال رضاها .. ولكن تبخرت جميع احلام حواء عندما غاب آدم الى وقت متاخر ولم يعد الى المنزل .. فقد قرر المبيت لدى والدته ... جلست حواء في نفس المكان الذي تركها فيه آدم .. الي ان اغمضت عينيها بارهاق من كثرة البكاء ..
في الصباح الباكر .. دلف آدم الى منزله حتى يستعد للذهاب الى عمله .. انزعج من هيئة حواء .. فقد ظهرت ملامح الحزن على وجهها ... وتحول لون وجهها الى اللون الاصفر .. تنهد بضيق ثم اقترب منها وحملها بين ذراعيه .. فاستيقظت حواء أثر هذه الحركة .. فوضعت راسها على كتف آدم .. التقط شفتيها في قبلة سريعة .. فابتسمت حواء حين همس آدم في اذنها
... أنا أسف ..
حاوطت حواء عنق آدم بذراعيها تنتفس من رائحته التي افتقدتها ليلة امس بأكملها .. ولكن بمجرد ان حملها بين يديه فقد نست الدنيا بما فيها ..
...................................
الفصل السادس
,,,,,,,,,
منذ هذه الفعلة فقد اعتاد آدم على قضاء اغلب وقته في بيت والدته وسط اخواته ... يترك حواء بالساعات منتظرة زوجها ... اصبح روتينها اليومي المعتاد .. اعداد الطعام تنتظره بالساعات .. حتى تمل وترهق من طول انتظارها .. فتستسلم وترفع الطعام عن الطاولة ... وتحاول ان تستذكر دروسها حتى تفي بوعدها لوالدها باكمال تعليمها ...
................
بدأ الملل يتسرب الى نفس حواء .. اصبحت وحيدة .. يتركها آدم بالساعات ولا يعبئ لها ولا لمشاعرها ..
فقد قررت في هذا اليوم ان تحادثه .. تستعطف مشاعره تجاهها .. توقد نار الحب بينها الذي سبق وهدأت هذه النيران واللهيب ..
اتصلت حواء ب آدم في عمله تخبره أنها تريد مناقشة موضوع هام عند عودته الى المنزل وترجته الا يتاخر عليها كعادته .. استجاب آدم لطلب حواء .. ولم يتبقى على عودته الا القليل .. اعدت طعاما محببا الى قلب آدم .. واعدت مائدة الطعام بشكل جميل .. فقد وضعت عليها بعض الشموع .. وبعض اوراق الورد المجفف المعطرة ..
دخلت حواء الى غرفتها .. انتقت افضل المنامات لديها .. تحممت وارتدت منامتها .. وتعطرت ووضعت زينتها .. نظرت الى صورتها بالمرآة برضا ..
سمعت صوت مفاتيح آدم وهو يفتح باب منزله .. نظرت لنفسها نظرة اخيرة في المرآة بابتسامة .. هرولت مسرعة الى زوجها لاستقباله ..
تعجب آدم من الزينة الموجودة على مائدة الطعام .. ابتسم بتعجب .. حتى رآى حوريته تخرج اليه من حجرتها مهرولة .. فاستوقفها بضيق ..
آدم : انا كام مرة قلت بلاش تجري كده ؟!.. انتي ناسية انك حامل ..
لم تهتم حواء بكلمات آدم ولكن ارتمت في احضانه .. كأنه لقاء بعد فراق طويل ..
همست حواء لادم ..
.. وحشتني اوي ..
آدم بتعجب : حوا انتي سخنة ؟!.. مالك ؟! وحشتك ايه هو انا لحقت ..
سحبها آدم من يديها وجلسا سويا الى مائدة الطعام ..
آدم : ها بقى قولي ايه الموضوع المهم اللي جبتيني عشانه ؟!
حواء : طيب ايه رايك ناكل الاول ؟ وبعد كده نبقى نتكلم براحتنا ..
آدم باستسلام : ماشي ..
بدأت حواء بوضع اطباق الطعام في سعادة .. فهي عازمة اليوم على عودة آدم اليها بقلبه ...
بدأوا بتناول الطعام في هدوء ..
حواء : عجبك الاكل يا حبيبي ؟!!
آدم : جميل تسلم ايدك .. بس عارفة ماما بتعمله احلى .. ابقى اطلعي لها تعلمك بتعمله ازاي ..
تضايقت حواء من آدم فلا يترك موقفا الا ويذكر والدته .. صمتت حواء محاولة تمالك اعصابها وحفاظا
على هدوءها .. تبسمت مرة اخرى ..
حواء : بقولك يا آدم .. احنا متجوزين بقالنا اد ايه ؟!
آدم بتعجب : يعني حوالي 7 شهور .. ليه السؤال الغريب ده ؟!
حواء : قعدت فيهم معايا أد ايه ؟!
آدم بنفاذ صبر : علطول يا حوا .. ممكن افهم سبب الاسئلة العجيبة دي ايه ؟!
بدأ صوت حواء بالاختناق .. وظهرت بعض العبرات في عينيها ..
حواء : انت علطول مش معايا .. علطول فوق مع اخواتك ومامتك .. سايبني هنا .. مبتقولش حتى تعالي
اقعدي معايا .. مبتفكرش مراتك الحامل دي يا ترى تعبانة ولا لا .. محتاجة حاجة ولا لا ..
آدم مقاطعا : انتي حد قالت متطلعيش تقعدي ؟! ... وبعدين انا قلت اسيبك براحتك ...
حواء : آدم مينفعش تسيبني براحتي كده .. انا ملزمة منك .. ولازم تهتم بيا .. فين حبك اللي كل شوية كنت
بتحسسني بيه .. ليه فجأة كده سحبته مني ؟! فين اهتمامك ؟!.. حتى السؤال مش بتسال ... هو انا عملت
حاجة ضايقتك ؟!!...
نهض آدم عن الطاولة بضيق ..
آدم : يعني انتي جيباني من الشغل قلقان ليكون في حاجة .. وتيجي تقولي اصل محتاجة حبك واهتمامك ..
ايه التفاهة دي ؟! انتي مش عندك مذاكرة .. ما تشغلي نفسك بيها بدل ما انتي فاضية لي كده .. عايزة
تطلعي تقعدي معايا فوق اطلعي .. مش هقولك لا .. بطلي تفاهة بقى وحجج فارغة .. انتي مش
حاسة بحاجة .. بشتغل ليل ونهار عشان اوفر لك اللي انتي عايزاه .. حتى لا في شكر عاللي بعمله .. وفي
الاخر انا اللي مبسالش .. هو للدرجة مفيش احساس ...
حواء ببكاء : انا حاسة بيك وبتعبك .. بس من حقي انا كمان اخر اليوم الاقيك جنبي .. الاقيك بتاخدني في
حضنك وتقولي تعالي ارمي حمولك وتعبك عليا ..انت الراجل اللي لازم تشيل عني .. انا في حمل وفترة
صعبة .. تعب طول النهار والليل .. الم ملازمني ومابشتكيش . اغمى عليا كذا مرة واخواتك بيدخلوا عليا
البيت بالصدفة يفوقوني .. وانت ولا انت هنا ..
اقتربت حواء من آدم .. امسكت بذراعه .. نظرت اليه نظرة حب ..
حواء : انا ما طلبتش كتير يا آدم .. انا طلبت كلمة حلوة ... ايد تطبطب .. سند اترمي عليه وقت ضعفي ..
انا مش لاقية كل ده ومحتجاه ..
آدم بسخرية : لا بجد .. مش لاقياه ؟! طيب يا عيني ايه اللي مصبرك على المر ده ؟!!... ما تروحي لابوكي وماتستحمليش وماتجيش على نفسك .. عالاقل هتلاقي اللي يطبطب ويهتم .. بجد مش عارف ارد اقولك ايه ؟؟ انا طالع عند امي .. هتيجي معايا ولا هتقعدي تندبي حظك ؟!!....
صمتت حواء من صدمتها في زوجها العاشق الولهان ..
اكمل آدم حديثه : طيب براحتك .. خليكي ساكتة .. عموما انا فوق لو عايزة حاجة .. و آآآه لو عايزة حضن واهتمام هتلاقيه فوق .. سلام ..
تركها آدم مصدومة منه ومن قسوة كلماته .. ماذا فعلت ؟ّ! ما ذنبها ؟! هل تتمنى المستحيل ؟! تريد فقط الاهتمام .. تريد حبه وعشقه مرة اخرى .. لماذا هذه القسوة ؟! لماذا ؟!
..............................
مرت الايام وزادت الفجوة بين آدم وحواء .. فقد اصبح يومهم روتينيا جدا .. يستقسظ في الصباح .. يذهب الى عمله .. تنهي حواء اعمال المنزل بصعوبة بالغة .. فهي في شهرها الاخير وعلى وشك ان تضع مولودها الاول .. يعود من عمله الى بيت والدته يقضي الساعات في ضحك .. لا يسال عليها ولا يطمئن على احوالها .. افرغت حواء كل طاقتها في استذكار دروسها .. حاولت جذب ىدم اليها بشتى الطرق .. ولكن كان دائم السخرية منها ومن مشاعرها .. وزاد الامر سوءا فقد اصبح يسخر من هيئتها بعد تغير شكلها وملامحها بسبب حملها ..
اصبح الصمت رفيق حواء .. حياة كأي حياة .. لديها املا كبيرا في تغير آدم بعد رؤية ابنه .. وانه سوف يتخلى عن جفاءه وقسوته بعد وضع مولودها الاول ...
..................................
انتهت حواء من اختبارتها .. وبتقدير مرتفع جدا .. فكانت تخرج كل همومها في دراستها ..
بعد سماع حواء لهذا الخبر السعيد فكان أول شخص أتى على بالها هو هو حبيبها وعشقها آدم .. التقطت هاتفها الجوال واتصلت به .. وانتظرت دقيقة حتى آتاها الرد ...
آدم : الو ..
حواء بنبرة سعيدة : حبيبي آدم .. انا نجحت .. بامتياز ..
آدم : مبروك ..
حواء بتعجب : بس كده ؟!!
آدم : عايزة جايزة ؟! نجاحك ده لنفسك يا حبيبتي .. يلا سلام بقى عشان مش فاضي ..
أغلق آدم الهاتف .. واغلقت حواء جفونها بألم .. فقد ألقى آدم على مسامعها أخر ما كانت تريد ..
فجأة شعرت بألم في بطنها .. فقد كان جنينها يتحرك بقوة .. وضعت حواء يدها على بطنها تحسس حركة جنينها .. الذي شعر بحزن والدته فتحرك غاضبا ..
حواء : حبيبي انت كمان زعلان من بابا ؟!! ... هو اكيد ميقصدش .. بس انا مش عارفة هو بقى بعيد عني كده ليه ؟! ما هو نفس الشخص اللي كان بيقولي انا بعشقك وبموت فيكي .. ومش همنعك عن اي حاجة بتحبيها ... نفسي يرجع لي تاني .. نفسي اوي ...))
............................
أفاقت حواء من شرودها على صوت آدم .. لململت أوراقها في عجالة .. نهضت عن مقعدها مهرولة الى زوجها وحبيبها الذي عاد من عمله لتوه ..
يقف آدم عند باب المنزل .. يتعلق في رقبته صغيرته .. (( لوجي )) فقد أنجبت حواء ثلاثة أطفال ...
( مروان .. اياد .. و لوجي ) ...
لوجي : بابا حبيبي وحشتني اوي ..
آدم : وانتي كمان يا حبيبة بابا ..
اقترب آدم من أذن ابنته هامسا ..
آدم : أمال ماما فين ؟؟
لوجي : كان معاها طنط حلوة اوي في اوضة المكتب .. ومشيت .. وقاعدة ماما من ساعتها تقرأ .. تقرأ .. تقرأ .. صحيح يا بابا هي ماما بتذاكر زينا وبتمتحن ؟!!
ضحك آدم من براءة طفلته الجميلة .. أجابها هامسا ..
آدم : لا يا لولو ماما بقت كاتبة كبيرة اوي .. ومحتاجة تقعد تقرأ وتكتب ..
قاطعتهم حواء التي وصلت ورأت تعلق ابنتها بأبيها ..
حواء : ايه الحقد ده ؟!! ... قولوا ما شاء الله ..
ابتسم آدم الى زوجته .. ترك ابنته على الكرسي بجانبه .. اقترب من حواء واحتضنها وقبلها ..
آدم بحب : هو احنا نقدر نحسد .. ماحنا اتفقنا بقى خلاص ولا نسيتي .. وبعدين .. انا بحب الكتابة .. واللي بيكتب .. واموت في الكتابة ..
استمر آدم في تقبيلها .. ومازالت حواء تخفض عينيها خجلا منه ..
حواء : آدم بس عشان العيال ..
ابتعدت عنه حواء وجلست على الكرسي بجانب ابنتها ..
حواء بثقة : النهاردة عملت حوار صحفي .. في مجلة ***** ..
آدم : بجد ؟!!.... انتي كان نفسك تشتغلي في المجلة دي من زمان ..
رفعت حواء عينيها بفخر ..
حواء : وهم دلوقتي اللي بيعملوا معايا الحوار ..
انتهوا جميعا من غداءهم في جو من الهدوء ..
حواء : آدم انت خارج النهاردة ؟!!
آدم : النهاردة يوم العيلة .. ما انتي عارفة .. وبعدين فرصة نسيبك تكملي الرواية .. تحبي تيجي معانا ؟!
تنهدت حواء بضيق .. خفضت نظرها الى الارض .. فتابع آدم حديثه ..
آدم : خلاص .. خلاص .. ما تزعليش بقى .. انا قلت اسألك يمكن غيرتي رأيك ..
نهض آدم وقبل رأسها في حب .. وذهب ليستعد هو وأولاده للذهاب الى والدته ..
ما أن ذهبوا حتى هرولت حواء الى حجرة المكتب خاصتها ..
أصبحت هذه الغرفة المكان التي تشعر حواء بالفخر .. بالقوة .. بالمعنى الحقيقي للتمرد .. بروحها التي استردتها .. بقلبها الذي عاد اليها .. هذه الغرفة أكبر دليل على اكبر نقطة تحول في حياة حواء .. المكان الذي صرخت بأعلى صوت ( لا ) .. وقررت أن توقف المهزلة التي مرت بها ..
تنهدت حواء برضا لما وصلت اليه .. اتجهت الى مكتبها وجلست خلفه .. بدات بفتح اوراقها مرة أخرى لتستأنف كتابة اهم رواية من وجهة نظرها .. وبدأت بالكتابة ...
(( ها هي حواء في شهرها التاسع .. تزيد آلامها يوما بعد يوم .. تعيش أيامها بفتور وملل .. بعد فقدان حب واهتمام آدم ... منذ آخر شجار بينها وقد أعطى لاهله تأشيرة الدخول لبيته وقتما يشاؤون .. ولم يكن لحواء الحق في الاعتراض .. لا يوجد خصوصية في بيتها .. حتى في أوقاتهم الخاصة جدا .. فليست المرة الاولى او الاخيرة التي يقتحمون غرفة حواء .. وهي مع زوجها في أشد الأوقات خصوصية ..
...............................
مرضت سامية بشدة نتيجة أصابتها بمرض السكر ..فهي الان تحتاج لرعاية شديدة ..
أمر آدم زوجته حواء أن تراعي والدته وأن لا تتركها أبدا ..
حواء : بس يا آدم أنا تعبانة .. وانت شايف انا على وشك الولادة .. أنا محتاجة اللي يساعدني .. هطلع أساعد انا .. وبعدين ما فاطمة وهدى فوق أكيد مش محتاجني ..
انفعل آدم قائلا بغضب : أنا أقول الكلمة تقولي حاضر وبس .. وبعدين يعني دي عمتك .. ايه القسوة دي ؟!
حواء بضيق : انا مقلتش غير اني مش هقدر بسبب حملي .. انت عارف أني عمري ما هتاخر عنهم ..
آدم : انا قلت اللي عندي .. اطلعي ساعديهم وايدك بايدهم ..
...........................
في صباح اليوم التالي بدأت حواء تشعر ببعض الالام في ظهرها .. وهذا ما تشعر به في الاونة الاخيرة .. ولكن تجاهلته .. فأصبحت تفضل الصمت عن الشكوى ..
تقف حواء في مطبخ منزل عمتها والدة آدم .. تعد الطعام وتنظفه .. وبعد أن انتهت شعرت بأن الامها تزداد .. وقفت للحظات ممسكة بالطاولة وتضغط عليها من قوة الالم .. كتمت أنفاسها .. بعد دقائق توقف الالم واستطاعت الحركة .. خرجت الى غرفة الجلوس لتجد كلا من عمتها وابنتيها فاطمة وهدى يجلسن جميعا لمشاهدة احدى المسلسلات ..
آلمتها تلك الغصة في قلبها التى وضعها زوجها عندما اهانها واجبرها على خدمة اهله .. ولم تقوى على الاعتراض حتى لا ينفعل عليها او يغضب منها فيتطاول عليها بالضرب والعنف كعادته معها في الآونة الأخيرة ..
حواء بارهاق : عمتو انا خلصت .. عايزة حاجة تاني عشان تعبانة عايزة ارتاح وورايا مذاكرة ..
نظرت اليها سامية بلا مبالاة ..
..لا متشكرين ..
رن جرس باب المنزل وذهبت هدى لترى من القادم وكانت منى والدة حواء واخوات حواء بسمة وهاجر ..
قد جاءوا للاطمئنان على سامية .. ورؤية حواء التي اختفت في الايام القليلة السابقة ..
ما ان دخلت منى ورأت ابنتها التي شحب لون وجهها وهي ترتدي الغطاء الخاص بأعمال المطبخ ( مريلة المطبخ ) وتكز علي أسنانها بالم .. حتى فزعت من هيئتها وركضت اليها ..
منى : مالك يا بنتي ؟! انتي كويسة ؟! ...
أمسكت حواء بكف والدتها وكانها طوق النجاة الذي أرسله الله اليها .. ضغطت عليه بقوة من شدة الالم .. وحبست أنفاسها .. واجابتها بضعف ..
حواء : انا كويسة .. أنا كنت نازلة شقتي .. يلا ننزل ..
توترت سامية من حالة حواء الصحية .. فاجابت مسرعة ..
سامية : بنتك يا منى مبترضاش تأكل .. ومهملة في صحتها اوي .. وكل ما نقولها ترتاح مفيش فايدة ..
نظرت منى الى سامية بريبة .. وامسكت ب ( مريلة ) حواء .. وقالت بضيق ..
... واضح¬
امسكت بسمة بيد حواء وساعدتها على الحركة .. لتعود الى منزلها ..
منى : انزلوا انتوا .. وانا هطمن على عمتكم واحصلكم ..
جلست منى وسامية يتبادلان الحديث حول حالة سامية الصحية .. وحياة آدم وحواء
منى : حوا مش بتحكي حاجة .. طول عمرها كتومة .. بس انا قلقانة عليها يا أم آدم .. انتي مش ملاحظة حاجة عليها ؟!...
سامية : وحتى آدم كمان مش بيتكلم .. وانتي عارفاني .. انا مبحبش اتدخل ..
أحست منى بمحاولة سامية باخفاء الحقيقة عنها .. فقلب الام يشعر بحال اولادها ..
قاطع حديث منى وسامية .. بسمة وهي تصيح ..
الحقيني يا ماما .. حوا شكلها بتولد .. عمالة تصرخ من الوجع ..¬
.......................
بعد بضع ساعات كانت حواء ترقد على فراشها باحدى المستشفيات .. وهي تحتضن مولودها (مروان) ..
تنظر اليه وتبتسم بسعادة مختلطة ببعض عبرات الفرح ..
احست بفرحة شديدة .. ولكن فجأة شعرت بارهاق شديد .. وانها لا تستطيع حتى ان تحمل وليدها ..
كان الجميع متواجدون مع حواء وكان زوجها يجلس بجانبها في سعادة ..
دلفت الطبيبة الى حجرة حواء .. لتطمئن على صحتها ..
الطبيبة : ازيك يا حوا .. عاملة ايه دلوقتي ؟!
حواء بارهاق : الحمدلله ...
نظرت الطبيبة الى آدم في ضيق ..
الطبيبة : استاذ آدم .. أنا كنت بلغت حضرتك اننا محتاجين تحاليل مهمة عشان مدام حوا وصحتها .. وطبعا كالعادة اهملتوا التحاليل .. اتفاجئ بان عندها نقص كبير في نسبة الهيموجلوبين في الدم وكانت هتروح مننا .. انت مش خايف عليها ولا ايه ؟!
حاول آدم ان يتحدث مدافعا ولكن لم تسعفه الكلمات .. فلن يجد ما يدافع به عن نفسه واهماله لزوجته ..
انفعلت منى من حديث الطبيبة .. نظرت الى آدم في ضيق .. وزفرت بغضب ..قائلة ..
...بقى هي دي الامانة اللي احنا سايبنهالك .. آمنتك على بنتي وبتهملها بالشكل ده ؟!! ... اللي يشوفك وانت هتموت وتتجوزها ميشوفش اهمالك ليها كده ...
حواء : خلاص يا ماما محصلش حاجة ..
غضبت منى من استسلام ابنتها .. فصاحت بغضب ..
... انتي تسكتي خالص .. كل ما اقولك روحتي للدكتورة تكذبي عليا وتقولي آه .. بتسكتيني عشان متكلمش
معاه .. اديكي كنتي هتروحي فيها .. كنت هفرح بيكم دلوقتي ..
حاول ياسر ( والد حواء ) تهدئة الموقف ...
ياسر : خلاص يا جماعة صلوا على النبي .. هاتي يا حوا العسل ده ..( التقط ياسر حفيده بين يديه ) .. ما شاء الله اللهم بارك .. قمر .. شبهك يا حوا مش سايب منك حاجة .. يتربى في عزكم ...
...................................
المولود الاول ... الذي قلب حياة كلا من حواء وآدم رأسا على عقب .. بدأت المسئولية ..
بالنسبة لحواء .. فقد كان الوضع اكثر ارهاقا .. تسهر طوال الليل مع ولدها .. ثم تنام سويعات قليلة .. تستيقظ مع زوجها .. وتبدأ أعمالها المنزلية .. وتصعد الى منزل والدة آدم لتساعدها في اعمال المنزل .. ثم تعود الى منزلها مرهقة متعبة لا تستطيع الحركة ..
جديدة هي في عالم الامومة .. تريد من يأخذ بيدها حتى يعلمها كيفية الاهتمام بولدها .. ولكن كالعادة هي وحدها .. بل لا تجد من يهتم .. وتتحمل مسئولية حياتها بمفردها ..
أما بالنسبة ل آدم .. فمن وجهة نظره وضعه اكثر سوءا .. فهو من يتحمل الضغط في العمل .. وعليه ان يجتهد اكثر في عمله حتى يزيد من دخله .. حتى يستطيع توفير متطلبات مولوده .. فقد اصبح يتردد علي مسامعه الكثير والكثير من المتطلبات ..
( البيت ناقصه حاجات .. هات معاك بامبرز .. مروان تعبان وتعالى نروح بيه للدكتور .. اللبس ده صغر عليه تعالى نجيب غيره ....... ألخ )
.....................
يجب أن يجد كل من حواء وآدم الاحتواء لبعضهم .. أن ترفع حواء عن آدمها ضغوط الحياة وتشاركه بها ..
وايضا آدم يجب أن يقدر مجهود حواء داخل منزلها ..
فقد خلق آدم لتحمل المجهود العضلي ..
أما حواء خلقت لتحمل المجهود الذهني ..
ولا يمكن تبديل الادوار ....
.....................................
الفصل السابع
,,,,,,,,,,
تقف حواء في المطبخ تعد وجبة العشاء لزوجها الذي عاد لتوه من العمل ...
يجلس مروان على كرسيه الخاص به بجانب حواء في المطبخ ويبكي بشدة .. تحاول حواء تهدئته ولكن بدون فائدة .. ياتيها صوت آدم من الخارج .. الذي يجلس امام شاشة التلفاز يشاهد احدى المباريات ..
آدم : ما تسكتي الواد ده عمل لي صداع ..
زفرت حواء بضيق .. حملت مروان واتجهت خارج المطبخ الى زوجها .. وضعت الطفل بين يدي آدم بضيق .. قائلة ..
.. آهو عندك سكته انت .. انا مش بمليون ايد هعمل كل حاجة في وقت واحد ..
ابتعد آدم عنها باشمئزاز بعد ان حمل طفله ..
آدم : ايه الريحة دي ؟! ريحة هدومك صعبة اوي ..
حواء بضيق : ريحة ابنك .. والاكل .. والتنظيف فوق وهنا ..
قاطعها آدم ساخرا : ما انت مش حاسس بيا .. مش بتشتغل زيي .. طول النهار بلف حوالين نفسي ... ابوس ايدك يا حوا .. بلاش الاسطوانة المشروخة بتاعت كل يوم .. روحي خلصي اللي وراكي ..
زفرت حواء بضيق بعدما احرجها آدم بكلماته الجارحة .. وابتعدت من امامه بحسرة ..
بعد ان انتهوا من تناول عشائهم ..
حواء : آدم ممكن طلب ؟!
آدم : ومن امتى الادب ده ؟... ما انتي طول الوقت طلبات ...
حواء : هو انا كنت طلبت حاجة لنفسي .. ما كله عشان مروان ..
آدم بنفاذ صبر : اخلصي عايزة ايه ؟!!..
حواء بتوتر : محتاجة لبس جديد .. اللبس اللي عندي قدم اوي وعايز يتغير ..
آدم : مش وقته يا حوا .. مش وقته .. مفيش فلوس وانتي عارفة ..
حواء : انت لسه واخد مكافاة .. وجبت لنفسك هدوم جديدة .. ولابنك وانا لا .. طيب هات بس اجيب فستان جديد عشان خطوبة سلمى ..
آدم : حطيتهم في البنك .. هو احنا لازم نصرف كل اللي جاي لنا .. وبعدين مين قالك انك هتروحي فرح سلمى ..
نهضت حواء بفزع قائلة ...
... يعني ايه ؟!! سلمى دي زيها زي هاجر وبسمة يمكن اكتر .. انا لازم اروح ..
نهض آدم عن مائدة الطعام بضيق ..
أدم : بعدين .. نبقى نشوف الموضوع ده بعدين ..
تركها آدم وذهب الى غرفته .. جلست حواء وتنهدت بضيق وغضب .. وكالعادة فضلت الصمت ..
.............................
محاولات كثيرة من حواء لاقناع آدم باعطائها المال لتبتاع ما تريد ..
وكان رده دائما ( بعدين .. مش دلوقتي .. انتي مش حاسة بالظروف .. حسي بيا وخلي عندك دم ) ...
واخيرا .. لقد من آدم على حواء وأعطاها النقود .. ولكن ليته ما فعل .. لم يكن يكفي المال لشراء ما تحتاجه حواء .. ذهبت حواء واخواتها لشراء الفساتين لحضور حفل خطبة ابنة عمهم سلمى ..
تمسك هاجر باحد الفساتين وتمد يديها به لحواء ..
هاجر : ما تشوفي الفستان ده يا حوا .. هيبقى حلو عليكي اوي ..
ابتسمت حواء فور رؤيتها للفستان .. فقد كان رائعا .. ولكن نظرت الى الورقة التي مدون عليها سعر الفستان فقد كان باهظ الثمن بالنسبة للمبلغ الذي حصلت عليه من آدم .. مثلت حواء عدم الاهتمام ..
حواء : لالالا .. مش هيبقى حلو ..
تركت حواء الفستان واخذت تتجول في ارجاء المحل .. اقتربت منى من حواء .. محاولة حمل مروان من بين يدي حواء .. وهي تضع في يدها بعض النقود ...
منى : هاتي يا حوا مروان .. شكلك تعبتي منه .. وخلي الفلوس دي معاكي ابوكي بعتهالك ..
حاولت حواء الاعتراض ..
.. بس يا ماما ...
منى : اسمعي الكلام واسكتي بقى وروحي اختاري فستان كده جميل ...
اقتربت حواء من والدتها وقبلت رأسها في حب ..
........ ربنا يخليكي ليا يا ماما ....
.....................................
في حفل خطبة سلمى ... تقف حواء خلف سلمى التي قد انتهت من زينتها ..
ادمعت عيني حواء فرحا لرؤية صديقة عمرها في فستانها الرائع الذي يجعلها كالاميرات ..
التفت سلمى الى حواء .. تعلو الابتسامة وجهها ..
سلمى : ايه رأيك يا حوا ؟!... حلوة ؟؟!
جذبت حواء سلمى الى احضانها .. وبكت كل منهما في سعادة .. ابتعدت حواء بصعوبة عن سلمى وهي تضع كلتا يديها على كتف سلمى قائلة في حب ...
... زي القمر يا سمسمة .. ربنا يتم لك علي خير يا حبيبتي ..
احتضنتها سلمى بحب : وانتي كمان يا لولو زي القمر النهاردة ...
اسرعت الفتيات الى الخارج ويساعدن سلمى على التحرك .. ويرفعن اطراف فستانها كي يسهلوا عليها الحركة ..
تحركوا جميعا متجعين الى الصالة المخصصة للافراح .. وبدأ الاحتفال وسط فرحة الجميع ..
تركت حواء ( مروان ) مع والدتها واقتربت من سلمى .. التي همست لها الثانية ..
... حوا .. لو سمحتي عطشانة .. عايزة مية ..
ذهبت حواء لتحضر الماء لسلمى .. تقابلت مع احد اقاربها ( اسامة )
اسامة بتعجب : حوا ؟!! ... مش معقولة ..
ابتسمت حواء : اسامة .. ازيك يا ابني فينك .. مختفي ليه ؟!
اسامة : موجود .. انتي يا ستي اللي اختفيتي من ساعة ما اتجوزتي ..آدم اخدك مننا ..
حاولت حواء ان تتصنع البسمة .. لتخفي شقاء حياتها خلف الابتسامة ..
كادت حواء على وشك الرد.. ولكن جاء صوت آدم من خلفها ..
آدم : اه اخدتها ... في مشكلة ..
احرج آدم .. اسامة باسلوبه .. حاول اسامة تفادي هذا الاحراج ..
أسامة : ازيك يا آدم عامل ايه ؟!! ( رفع اسامة ذراعه يشير الي احدهم ,, ربت علي كتف ادم ) .. عن اذنك يا آدم هروح اشوف زمايلي ..
تركهم اسامة ورحل وسط نظرات آدم الغاضبة من حواء .. التي تفهم حواء مغزى هذه النظرات ..
مرت ساعات الحفل .. ودعت حواء اقاربها في حب .. وبدأت رحلة عودتهم .. التي مرت ساعات العودة في حالة من الصمت التام ..
ما ان دخلت حواء المنزل حتى وجدت من يلتقط حجابها مع خصلات شعرها بقسوة .. ومازالت تحمل مروان بين يديها ..
آدم بغضب : انتي واقفة مع الواد بتقولي له ايه ؟
حواء ببكاء و ألم : مكنش بيقول حاجة .. كان بيسلم بس .. مقالش حاجة والله مقالش ..
فاجئ آدم حواء بصفعة على وجهها .. صرخت حواء ببكاء في وجه آدم ..
حواء : مروان .. آدم مروان في ايدي .. احطه في سريره بس واعمل اللي انت عايزه ..
وبالفعل تركها آدم وهو في اشد حالات غضبه .. ذهبت حواء ووضعت ابنها في فراشه .. تنظر اليه ودموعها تنهمر علي وجنتيها بغزارة .. لتجد آدم يجذبها من ذراعها بقسوة .. ويدلف بها الي حجرتهم الخاصة .. وهنا انهال عليها بالضرب .. حاولت حواء تارة ان تتفادى تلك الضربات .. وتارة تدافع عن نفسها برد تلك الضربات ..
........................
ما ذنبي ؟! ... ماذا فعلت ؟!... لماذا ؟!
هل هذه ما تدعى الغيرة ؟! ما أبشع الغيرة ؟! ما أسوأ الحب الذي يؤدي الى هلاك صاحبه ...
لماذا يتمتع آدم بتعذيبي واذلالي ؟!
هل ينتقم مني او يكرهني ؟!
هل كان يدعي الحب والعشق ليوقعني في شباكه ؟!
ولكن ... لماذا ؟!
لقد كرهت حياتي ومعيشتي .. ولكن هل تقوي يا حواء ان تتركي آدم وترحلي .. حواء لنفسها:
اجابها قلبها : لا .. انا بعشقه..
اجابها عقلها وهي تتحسس تلك الكدمات علي وجنتيها وشفتيها بألم ..
.. بعد كل اللي حصل لسه بتحبيه ؟!!
قلبها : ايوة .. بحبه .. ونفسي يرجع زي ما كان .. بس نفسي اعرف انا غلطت في ايه عشان يعاملني كده ؟!
عقلها : غلطتي انك سايبة نفسك للذل والمعاملة دي .. آدم كده من زمان وانتي اللي بتكابري .. خليكي .. سيبي رجلك تنزل في الوحل اكتر واكتر .. ومش هتلالاقي غير الاسوأ ..
وضعت حواء المرهم المعالج لتلك الكدمات علي وجهها وبعض اجزاء جسدها .. خرجت من المرحاض بضعف شديد .. اتجهت الي غرفة مروان الذي صدح صوت بكاءه عاليا .. حملت رضيعها وضمته اليها بشدة .. اطعمته .. وجذبته الي احضانها .. وجلست علي الاريكة .. وغرقت في نوم شديد من شدة ارهاقها ..
....................................
تمر الايام .. والشهور.. والسنون .. حملت حواء بطفلها الثاني اياد ..
زاد الوضع سوءا مع آدم .. زادت المسئوليات والضغوطات ..
لا ينتهي اي شجار بين آدم وحواء الا بالعنف .. اصبحت مشاجراتهم امام ولديهم ..
الصوت المرتفع .. الغضب .. والعنف .. هو اساس هذا المنزل ..
ومن هنا اكتفت حواء بصمتها للابد .. فقد قررت الاستسلام لافعال آدم وطاعته خوفا من بطشه .. وخوفا علي اولادها .. الذين فقدوا كافة فرص التواصل مع والدهم من شدته ..
واصبحت حواء حينا تحتوي اولادها وتغمرهم بالحب تعويضا لحنان الاب .. وتعنفهم حينا بسبب عدم احتمالها كل هذا العنف وعدم الاستقرار ..
.........................
في منزل سامية .. تجلس هي و آدم ..
سامية : مالك يا حبيبي بقيت عصبي كده ليه ؟! صوتك علطول طالع في البيت ..
آدم : تعبت يا امي ..البيت والشغل .. طلبات .. طلبات .. طلبات .. وحوا مش واخدة بالها من نفسها .. علطول مع العيال .. واهي حامل في الثالث .. وكل شوية عايزة .. طيب اشتري لنا كذا .. وهم ما يتلم .. وتسيب لك كل ده وتيجي تقولي هو انت ليه بطلت تحبني .. فين حبك واهتمامك .. تحسيها مهما كبرت مش هتبطل تفاهة ..
نظرت سامية الي آدم بابتسامة خبث .. قائله :
... حلك عندي ..
اعتدل آدم في جلسته .. ناظرا الى والدته بانتباه شديد ..
آدم : ايه الحقيني بيه ..
سامية : الست ميعدلهاش غير كسرة العين .. واكتر حاجة تكسر عين الست( الضرة )..
لوى آدم شفتيه في ضيق ..
آدم : بقولك مش قادر علي حوا تقولي لي اتجوز غيرها ..
سامية : اسمع بس انت كلامي .. ولو عايز بجد طلقها واجوزك ست ستها ..
...................................
يجتمع آدم مع عائلته بعد زواج اخوات آدم ( فاطمة ..هدى.. ماهر وسامي )
يجتمعون مع زوجاتهم .. وازواجهم .. واولادهم ..
وكالعادة لا تشعر حواء بأن لها مكانا بينهم .. تجلس صامتة ..
وجهت سامية حديثها الى زوجة ابنها ماهر ( هند )
سامية : بس انتي لازم تهتمي ب ماهر اكتر من كده يا هند .. لا واخدة بالك من نظافة البيت .. ولا من صحة الواد .. اكبري كده شوية ..
تلألأت العبرات في عيون ( هند ) ولم تستطع الرد .. نظرت حواء حولها لتجد من يعترض على هذا الاسلوب ..
حواء بضيق : مالكيش حق يا عمتو .. هند بس حملها وحش .. واكيد ماهر مقدر حاجة حاجة زي كده .. وبعدين شهور الحمل دي شهور دلع الست .. حقها ولا ايه يا ماهر ؟!
سامية بضيق : ماشاء الله ياست حوا ..طلع لك صوت وبقيتي تردي .. ما تشوف مراتك يا آدم مش قادر عليها ولا ايه ؟!
حواء بتوتر : لا والله مش قصدي .. انا بس كنت .....
قاطعها آدم بغضب : انتي قليلة الادب .. حصلت انك تردي علي أمي .. اتفضلي اعتذري ..
حواء : هو انا قلت ايه ؟! انا مغلطتش ..
فاجئها آدم كعادته بصفعة قوية ..
هذه اقوى واقوى .. دائما نكون بمفردنا .. والان لقد اهنتني امام الجميع .. جعلتني اضحوكة .. نظرت اليه حواء بصدمة وغضب شديد ..
حواء : ولو ماعتذرتش ؟!
آدم بغضب : يبقى مالكيش مكان بينا ..
نهض ماهر محاولا الفصل بينهم .. ربتت هند على كتف حواء .. محاولة تهدئتها ..
صاح آدم : اعتذري يا حوا .. حالا ..
حواء بنبرة تحدي : مش هعتذر ..
آدم : انتي طالق ...
فزع الجميع من هذه الكلمة ...
( طالق ) !!!!!!!!!
ابتسمت حواء بصدمة وقهر قائلة : طالق ؟!!!
لم يجرؤ أحد علي فتح فمه ببنت شفه .. لقد ألجم السنة الجميع من ذهولهم ..
ماهر بغضب : انتي بتستهبل يا آدم .. هي قالت ايه ولا عملت ايه ؟!
اخذت حواء ولديها ورحلت غاضبة .. هبطت الدرج الي منزلها .. بدأت في تجميع اشيائها داخل حقيبة حتى تعود الى منزل والدها .. مرت بضع دقائق وكانت قد انتهت .. حملت حقيبتها عازمة على الرحيل ..
خرجت من المنزل ولكن وجدت ماهر يقف حائلا.. محاولا منعها من الرحيل ..
ماهر : استهدي بالله بس يا حوا .. هو ساعة شيطان وهتروح لحالها ..
جففت حواء دموعها الرافضة التوقف ..
حواء : كان المفترض اخوك هو اللي يبقى مكانك .. الشيطان ده داخل ما بينا من اول ما اتجوزنا .. وشكلي كنت مستنية الكلمة دي من زمان .. عن اذنك يا ماهر سيبني امشي ..
ماهر بضيق : طيب استني بس اوصلك ..
حمل عنها حقيبتها .. وباليد الاخرى امسك بيد صغيرها اياد .. واوصلها الي بيت والدها ..
.........................
في منزل آدم ...
...........
يعم السكون المكان .. فالجميع في حال من الدهشة .. الصدمة ..
نعم .. كثيرا ما تحدث الخلافات .. ولكن ..
أكان الامر يستدعي الانفصال من أجل لا شي ؟!!! ....
قطعت سامية هذا الهدوء .. مصطنعة البراءة ..
سامية : لا يا آدم .. ملكش حق .. مش لدرجة الطلاق ..
هند بغضب : انت مش هتروح ورا مراتك تصالحها ؟!! .. انت تماديت اوي يا آدم ..
زفر آدم بضيق .. ثم صاح غاضبا ..
... محدش يتكلم معايا في الموضوع ده ..
ثم تركهم ورحل ..
..............................
تجلس حواء في منزل والدها .. يلتف حولها عائلتها محاولين تهدئتها .. او الحصول علي ما يطمئن قلوبهم .. ولكن لا يصدر من حواء سوى صوت بكاءها وشهقاتها ...
اقترب ياسر من منى في ضيق .. ثم همس اليها ..
... شوفي بنتك مالها وعرفينا .. ثم أردف صائحا ..
... يلا كلكم تعالوا معايا بره وسيبوا اختكم ترتاح ..
وبالفعل انصاع الجميع لامر والدهم .. وخرجوا جميعا ..
.....
حاولت منى بشتى الطرق ان تهدئ ابنتها .. لتستطيع معرفة ما حدث ل حواء اوصلها الي هذه الحال ..
بعد بضع دقائق .. هدئت حواء قليلا .. ثم روت ما حدث معها في منزل عمتها .. ومعاملة آدم القاسية لها .. فقد فاض بها الكيل ..
تعجبت منى بشدة من أفعال آدم .. قائلة في صدمة ..
... ليه يا آدم كده ؟! بتعمل في بنتنا كده ليه ؟! عملنا لك ايه ؟!
نهضت منى عن مقعدها .. اتجهت صوب الباب وفتحته .. ثم طلبت من والد حواء الحضور ..
دلف ياسر الي الغرفة .. وبعد أن روت منى ما حدث مع ابنتها ..
ياسر : اكيد بنتك عملت حاجة .. ما هو مش هيبقى كده من نفسه ..
قاطعته حواء ببكاء ممزوج بالغضب ..
.. يا بابا احنا من اول ما اتجوزنا وده وضعنا .. انا مش عارفة عملت له ايه ؟! وليه معاملته دي .. ده
بيتعمد يهيني .. ويذلني ..
ياسر بتعجب : هو مساعدتك لعمتك ده ذل ؟!
منى : في فرق بين المساعدة والخدمة .. وبنتنا مش خدامة يا ياسر ..
نهض ياسر عن مقعده وزفر بنفاذ صبر .. قائلا ..
... عقلي بنتك يا منى ومتخربيش عليها .. فهميها ان البنت مالهاش الا بيت جوزها .. وهديها كده لحد ما
اروح اكلم آدم .. عشان نحل المشكلة دي ..
صاحت حواء بغضب : بس انا مش عايزة ارجع له .. هو طلقني وتعمد يهيني قدام عيلته كلها .. انا خلاص معتدش قادرة اعيش معاه ..
ياسر : اخزي الشيطان يابنتي .. بالعقل مش كده ..
غادر ياسر الغرفة .. وسط غضب حواء .. التي كسرت صمتها .. ونيران الغضب تشتعل في قلبها ..
تتحرك حواء في الغرفة ذهابا و ايابا .. محاولة التفكير كيف تسترد كرامتها ..
جاءوا اخوات حواء .. هاجر وبسمة ..
( فقد تزوجن كلا منهما .. ووضعت بسمة طفلها الاول الذي يبلغ من العمر عام .. اما هاجر في حامل في شهرها الثامن ) ..
حاولن كثيرا ان يهدئن من غضبها .. ولكن كان يزيد الامر سوءا عدم اهتمام آدم او سؤاله عنها ولا عن اطفاله .. او حتى يرسل لهما المال ..
.............
تمر الايام ويبقى الحال كما هو عليه .. لم يتصل آدم ولم يطمئن على حال زوجته ..
وبدأ الشك يتسرب الى قلب حواء .. بزواج آدم من اخري ..
فلا يوجد غير أنثى اخري من تستطيع ان تجعل قلب آدم قاسيا لهذه الدرجة ..
هاتف ياسر اخته سامية .. حتى يحاول أن يصلح الوضع بين ابنته وزوجها .. واتفقا ان يحضرن لزيارتهن بمجرد عودة آدم من عمله ..
.............................
يجلس كلا من ياسر وسامية الى جوار بعضهما بينما تجلس منى على الجانب الاخر ل ياسر ..
على الجانب الاخر يجلس آدم مطأطأ الراس ..
منى بضيق : يعني هي دي الامانة اللي امنتهالك ؟!! ... تضربها وتبهدلها وتسيبها تخرج من البيت لوحدها كده .. لا مكنش العشم يابني ..
آدم ومازال مطأطئ الرأس .. بينما دلفت حواء الي الحجرة وعلى وجهها نظرات الغضب .. فقد أجبرها على هذا اللقاء .. جلست حواء في الجهة المقابلة ل آدم .. ترمقه بنظرات الغضب والضيق .. بينما يرد هو بنظرات جامدة لا تعابير فيها ...
قاطع ياسر ذاك الهدوء .. قائلا ..
.... والله ده شيطان ودخل بينكم .. قوم يا آدم بوس راس مراتك وراضيها ...
نهض آدم عن مقعده ... يلوي شفتيه بضيق .. اقترب من حواء ثم قبل جبينها قائلا ..
.. حقك عليا ..
ثم جلس مرة أخرى .. وكأنه أيضا تم اجباره على هذا الصلح ...
ياسر : يلا يا حوا .. قومي مع جوزك هو ردك تاني .. قومي واخزي الشيطان ..
أحست حواء بالخذلان .. حتى والدها لم يأخذ حقها ويرد لها اعتبارها وكرامتها التي ازهقت ..
لن يكون لها قيمة الان بين افراد العائلة ..
لماذا دائما يحاول الاهل اصلاح وضع ابنتهم للمحافظة علي ابنتهم وحياتها .. بالرغم من الاهانات التي تتعرض لها .. ويكون المبرر الوحيد ( الست الشاطرة اللي تحافظ علي بيتها ) .. ولكن اي منزل هذا الذي أساسه السب والقذف والعنف .. اين الرفق ؟!! .. اين اللين ؟!! ( وعاشروهن بالمعروف )...
ولكن الان .. سيرتفع بناء هذا البيت علي أعمدة هشة .. ركيكة .. سينهار في أي لحظة ..
............................
الفصل الثامن
,,,,,,,,,,,,,,,,
بعد عشر سنوات من الآن.....
,,,,,,,,,
أصبح اولاد حواء هم شغلها الشاغل .. بعد ان فقدت حواء الامل في حصولها على معاملة طيبة من آدم ..
وخاصة بعد طلاقها للمرة الثانية في احدى المشاجرات العنيفة ... فهذه المرة قد تطاولت والدة آدم
على زوجات ابنائها جميعا بتهمة شنيعة في احدى مشاجرتهم .. وعندما حاولت حواء الدفاع عن نفسها
انتهى الامر بشجارها مع آدم وسبها بأبشع الالفاظ وتعرضها للاهانة والضرب .. وتدخلات الاهل
التي تنتهي بالضغط على ابنتهم والاعتداء على كرامتها من اجل الحفاظ علي بيتها ..
وبين الحين والاخر يقع آدم تحت الحاح والدته المستمر علي أن ينفصل عن حواء علي وعد ان تقوم باختيار
افضل النساء له .. وانها ستعتني هي بأولاده .. وستراعيهم هي وفاطمة (التي انفصلت عن زوجها مؤخرا) ولا يشغل باله بهم فهي ستكون سنده ....
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
والان تعيش حواء مع آدم حياتها حياة غير مستقرة .. فهي قشة بينهم وهي يمين الطلاق للمرة الاخيرة ..
تأقلمت هذه الفترة دائما علي انتقادات آدم الدائمة .. ونسب أي مشكلة مع أولادها او في البيت اليها ...
.ولكن بدأت حواء تدافع عن نفسها من بطش آدم .. وأصبح لهذه الهرة الضعيفة مخالب حادة تحمي بها نفسها...
تعرضت لكم هائل من الاهانات .. الخذلان من الاهل .. ومحاولتهم لاخفاء الشرخ في علاقاتها بزوجها لا
مداوته ..
رفض اقل متطلباتها والرد الدائم ( مفيش .. خلي عندك احساس بالمسئولية .. عيالك اولى بالفلوس اللي
هتصرفيها علي لبسك وشكلك )
اهمال .. جفاء .. روتين ..
تهديد ( لو مش عجبك امشي .. ومن بكرة اجيب غيرك ) ..
صدمات .. ألم .. غضب .. بركان على وشك أن يثور ويلقي باللهب في أي لحظة ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تحاول حواء دائما خلق فرص تواصل بين زوجها واطفاله .. ولكن يريد آدم ان يربي ابنائه كما ربته والدته
وهذا ما تعترض عليه حواء وبشدة .. فها هي تعاني من هذه التربية ..
لم تبتعد حواء فقط عن آدم .. ولكن اصبح أولاده يمقتون وقت تواجده في المنزل .. اصبحوا كالمسجون
الذي يحصل علي حريته عندما لا يتواجد آباهم في المنزل ..
نشبت احدى المشاجرات بين آدم وحواء على مستوى مروان التعليمي ..
آدم بغضب : شايفة يا هانم ابنك ودرجاته ؟ عجبك كده المجموع ده ؟!! ..
حواء بضيق : قلت لك مليون مرة ابنك محتاج دروس .. هو كبر والمدرسة ملهاش لازمة ومفيش مدرسين بيشرحوا ..
قاطعها آدم بغضب : لا يا هانم انتي اللي مش عايزة تتعبي معاهم .. وقاعدة طول النهار على الموبايل ده اللي الهي يولع .. تفاهة وشغل عيال ... عمرك ما تصلحي تكوني أم ..
نهضت حواء بفزع عن مقعدها صائحة بغضب مختلط ببعض العبرات ..
كل حاجة حوا .. كل مصيبة حوا .. كل مشاكلكم كلها حوا .. انا مقدرش أتابع ابنك مذاكرته كبرت عليا .. انا آخري اقوله ذاكر أكتر من كده مقدرش .. وبعدين الموبايل هعمل بيه ايه يعني .. اديني بهرب بيه من النار اللي انا عايشة فيها ... كرهتني في عيشتي وحياتي معاك .. كرهت عيالك فيك .. مش واخد بالك من بعدهم عنك ... حرام عليك يا اخي بقى ارحمني وارحمهم .. انت ايه ؟! مفيش حاجة ابدا عاجباك ولا حاجة ابدا بترضيك .. حياتي معاك من أولها لاخرها عذاب .. وساكتة ومستحملة .. يا أخي انت العيشة معاك بقت لا تطاق ..
صاح آدم غاضبا : وايه اللي جابرك على العيشة دي !!! ... ما تمشي حد كان ماسكك !!!
حواء ببكاء ..
... ولادك اللي ماسكني .. مقدرش اسيبهم .. ده الحبل الوحيد اللي بيني وبينك .. اولادنا .. عايزني
اسيبهم لك تربيهم ولا لمامتك .. وتطلع للناس كتير زيك .. وتيجي مرات ابني بكرة تدعي عليا علي ابني اللي معرفتش اربيه بيحترم الست ..
آدم : والله عال يا ست حوا .. انتي بتعيبي فيا وفي امي وفي تربيتنا .. دلوقتي مش عاجبينك .. اسمعي .. انا نازل .. لو رجعت لاقيتك هيبقى موتك علي ايدي ..
خرج آدم من المنزل غاضبا .. صافعا الباب خلفه .. ارتمت حواء على الاريكة خلفها ..
تبكي قهر السنين .. تنعي حالها .. لم تعد الدموع تشفي غليلها ..
التف حولها اولادها .. احتضنتهم حواء بقهر .. اخذت تقبلهم بحب ..
حواء ببكاء : سامحوني يا اولادي .. أنا اللي اخترت لكم أبوكم ده .. انا اللي اجبرتكم علي العيشة دي ..
انا اللي كنت فاكرة لما هاجي على نفسي عشانكم انكم هتعيشوا حياة افضل .. انا لاقيتكم انتوا اللي بتدفعوا التمن .. آنا اسفة .. سامحوووني ..
مروان بضيق : امشي ..
فزعت حواء لقول ابنها ونظرت اليه بصدمة ..
أردف مروان حديثه : امشي وسيبي البيت .. مينفعش تيجي علي نفسك عشانا .. انتي فين من كل ده .. انتي فاكرة اننا مبسوطين اننا شايفينك بتتعذبي .. سامعين اهانتك وساكتين .. بنشوفك كل فترة بيضربك ولا كأنك جارية عنده .. انا مش هفتخر بأمي لما افتكر معاملة ابويا ليها .. فكراني انا هعامل مراتي ازاي لما اشوفك انتي كده ..
حواء: وانتوا ؟!
مروان : ماما .. احنا حياتنا بقت زينا زيك .. جحيم ... ابعدي عن البيت ده وروحي خدي رواياتك وانشريها واشتغلي واكبري .. وارجعي لنا وهنستناكي ..
حواء بصدمة : رواياتي ؟!!!!
مروان : ايوة يا ماما .. احنا هنستناكي ترجعي احسن .. واكبر .. وافضل .. هترجعي احسن عشانا .. عشان ولادك يفتخروا بأمهم .. اعملي بقى مرة حاجة لينا .. ومتقلقيش علينا .. خالتو هاجر وخالتو بسمة معانا ومش هيسيبونا .. وأنا راجلك وسندك .. وبقولك امشي ..
انا أخدت من وراكي الروايات اللي كتبتيها وبعتها لواحد صاحبي باباه صاحب دار نشر واعجب جدا بالروايات وطلب مقابلتك .. وجبت لك عنوانه ورقم تليفونه .. هتروحي له القاهرة .. وتبدأي حياتك .. وتحققي نفسك بعيد عن الراجل اللي كسرك وأهانك ...
جذبت حواء مروان الي أحضانها .. فهي الان تشعر أنها حربها مع آدم لم تذهب هباء ..
فهي ترى رجل قست عليه الحياة وعلمته كيف يتخلى عن طفولته وبرائته .. ليصبح رجلا .. ليكون سندا وعونا لوالدته .. ابتسمت فخرا بغنيمتها في حربها في حياتها ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تجلس حواء علي فراشها .. تنظر الى حقيبتها التي جمعت بها كل ما يخصها .. تنهمر دموعها على وجنتيها .. يعتصر قلبها ألما على اطفالها التي أجبرت على فراقهم .. ولكن لن تخاطر بهم وبحياتهم عندما يطلقها للمرة الاخيرة .. مصرة على الرحيل لتعيد شتات روحها .. لتلملم انقاض قلبها ..
.....................
عاد آدم الى منزله بعد بضع ساعات .. عازما على مصالحة حواء .. بعد ان عاتب نفسه على اسلوبه ..
فدائما لسانه سليط .. ويده تسبق عقله في معاملته ..
,,,,,,,,,,,,,
دلف آدم الى منزله باحثا عن زوجته فلم يجدها ..
صاح آدم غاضبا : مروااان .. مرواااااان ..
جاء مروان الى والده بهدوء ..
.. نعم يا بابا ..
آدم بقلق : امك فين ؟
مروان ومازال بنفس الجمود والهدوء ..
.. مشيت ..
آدم : يعني ايه مشيت ؟! من امتى وهي بتسيب بيتها وبتمشي !!!
مروان ببكاء : من دلوقتي .. لما بدأت تقول ( لا ) ..
فزع آدم من رحيل حبيبته .. فهي لن تقوى على الفراق .. هرول آدم خارج المنزل متوجها الى منزل والد حواء ليحادثها .. فلم يعثر عليها .. ظل يبحث ويبحث .. لم يكل او يمل من البحث عن حواء .. ولكن بدون فائدة ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بعد مرور بضعة أيام ..
......
يجثي آدم على ركبتيه في حجرته .. يحمل صورة تجمعه بحواءه في يوم زفافهم ...
بدأ آدم يحدث نفسه .. خانته بعض العبرات من عينيه ..
.. طول عمرنا بنتخانق ماعملتهاش غير مرة .. كل ما اقولها امشي تقولي لا ده بيتي ومش همشي .. كل
ما اقولها مش عايزك تقولي بس انا عايزاك وعايزة بيتنا يبقي احسن .. عايزة حبك وحضنك وحنانك .. عايزاك تحتويني .. مش عايزة فلوس ولا عايزة دهب .. عايزاك بس في آخر الليل تاخدني في حضنك وتقولي بحبك ..
ارجعي يا حوا وهعملك اللي انتي عايزاه ... انا بحبك ومقدرش استغنى عنك .. انا كنت بتعصب عليكي من حبي فيكي .. انا جيت عليكي كتير بسبب أمي.. بس كنت هعمل ايه ؟! مقدرش اعملها حاجة دي أمي ..
ارجعي يا حوا عشان خاطر ولادك ... ارجوكي ارجعي ... ارجعي ..
.........................
في خلال هذه الايام انتقلت حواء الى القاهرة ... في حالة لا تحسد عليها .. فقلبها مفطور على أطفالها .. ولكن هم من كرهوا ضعفها ودفعوها للرحيل .. فانها اذنبت بحق نفسها وبحق أطفالها ..
يجب أن تفي بوعدها لسندها الاكبر (مروان ) يجب ان تجعله فخور بها .. مرفوع الرأس ..
,,,,,,,,,,,,,
في بداية أيامها في القاهرة .. باعت كل ما تملك من مجوهرات حتى توفر المسكن ... وحصلت على غرفة في بيوت المغتربات .. وما أن استقر حالها حتى ذهبت الى والد زميل مروان ( مجدي ) ...
داخل مكتب مجدي ... تجلس حواء بتوتر .. تفرك كفيها بقلق وتتصبب عرقا ..
زادت دقات قلبها بعنف حينما قدمت اليها مساعدة مجدي قائلة ..
... استاذ مجدي في انتظار حضرتك ..
نهضت حواء عن مقعدها .. ابتسمت بتوتر .. تمشي بثقل .. داعية ربها ان يوفقها وتنال ما تريد ..
دلفت حواء الى المكتب الخاص ب ( مجدي ) .. الذي نهض مستقبلا لها بابتسامة قائلا ..
مدام حوا .. اهلا بحضرتك .. اتفضلي ..
ابتسمت حواء بخجل .. قائلة بتوتر ..
متشكرة جدا ..
مجدي : تحبي تشربي ايه ؟
حواء : شكرا لحضرتك ..
رفع مجدي سماعة هاتفه وطلب لها العصير الطازج .. وبعد ان انتهي نظر الي حواء بابتسامة ..واضعا يديه مستندا على حافة مكتبه ..
مجدي : استاذة حوا .. ابن حضرتك بعت لي كل رواياتك .. احب أحيكي على أسلوبك الرائع .. انتي فعلا أنسانة حساسة .. وأسلوبك رائع .. أنا قضيت ثلاث ايام عشان اخلصهم من كتر ما شدوني .. كلمة ابداع قليلة عليكي ..
حواء بابتسامة : متشكرة جدا لحضرتك ..
أردف مجدي حديثه : انا عندي استعداد انشر الرواية اللي باسم (........) علي نفقتي الشخصية لان انا كلي ثقة في نجاحها .. بس طبعا ده بشرط ان كل روايتك اللي هتتنشر بعد كده هتبقى حكر لدار النشر بتاعتنا .. وطبعا لو حضرتك وافقتي نجيب العقد دلوقتي ونمضيه ؟؟
حواء : طبعا موافقة ..
ابتسم مجدي : تمام حيث كده نبدأ شغلنا .. ونقدر نتناقش في أحداث الرواية دي وطبعا حضرتك معاكي وقتك عشان تراجعيها براحتك .. يكفيكي وقت أد ايه عشان تراجعيها ؟
حواء : يعني ممكن ثلاث أيام ..
مجدي : تمام اوي .. أنا سعيد ان لسه في عندنا المواهب دي .. وان شاء الله الرواية دي تتعمل فيلم او مسلسل كمان ..
ضحكت حواء قائلة : لا مش للدرجة دي يا أستاذ مجدي ..
مجدي : لا طبعا .. متستهونيش بقدرتك وبنفسك .. أنتي فعلا هتبقي كاتبة عظيمة وكبيرة .. انا فعلا بتنبأ لك بمستقبل عظيم ..
حواء : انا متشكرة جدا لحضرتك دي شهادة أعتز جدا بيها ..
,,,,,,
بعد مرور بعض الوقت انتهت حواء من توقيع عقدها لنشر رواياتها الاولى .. غادرت مكتب مجدي وقلبها يقفز فرحا .. تشعر بأن أمامها الكثير لتحققه .. تشعر أنها فقدت الكثير وأضاعت حياتها هباء مع ذاك(الآدم)(
.. ولكن تذكرت أنها لم تكن هباء فقد وهبها الله ثلاثة جواهر هو أطفالها .. التقطت هاتفها من حقيبتها .. هاتفت مروان حتى تطمئن عليه وعلي احواله واحوال اخواته وتسعده بهذا الخبر ..
انتظرت بضع ثواني ثم آتاها الرد ..
مروان : ماما حبيبتي عاملة ايه ؟!
أجابت حواء في سعادة : حبيب ماما أنا بخير الحمدلله .. وحشتوني .. وحشتوني اوي .. طمني عنكم أنتم كويسين ؟!
مروان : احنا الحمدلله بخير ماتقلقيش علينا .. طمنيني عملتي ايه ؟ قابلتي عمو مجدي ؟
أجابته حواء بصوت يغمره السعادة والبكاء .. قائلة ..
.. آه يا حبيبي .. قابلته .. ومضيت العقد .. ده كمان عايز يعرضه علي منتج سينمائي عشان يعمله مسلسل ..
مروان بسعادة : الله .. ايوة بقى يا ماما واخيرا .. انا فرحان لك اوي اوي يا ماما ..
حواء : ربنا يخليك ليا يا أحلى راجل في حياتي .. ( ذهبت الابتسامة عن وجه حواء .. تنهدت بضيق .. ثم أردفت ..) .. مروان .. هو أبوك أخباره ايه ؟!
مروان بضيق : انتي لسه بتفكري فيه ؟!!!
حواء : ايوة طبعا ده احنا عشرة 17 سنة يابني .. لازم أفكر فيه .. انا بحبه .. بحبه اوي يا مروان ..
تنهد مروان بضيق : هو مش كويس ياماما .. تحسيه كده كبر خمسين سنة .. احنا كمان أغلب الوقت بعيد عنه .. بعد عننا وبطل يتكلم معانا خالص .. وخاصة بعد اللي عملته معاه تيتا وعمتو فاطمة ..
حواء بقلق : ايه اللي حصل يابني ؟ قلقتني !!
مروان : عادي يعني .. فضلت اول يومين مهتمة بينا .. وتتنزل عمتو فاطمة تطمن علينا وبعد كده خلاص .. وعمالة تزن علي بابا يتجوز اصل هي مش قادرة علي خدمتنا ولا انها تلبي طلباتنا ..وكمان هي مش خدامة عندنا .. وقالت له كمان روح شوف مراتك فين اللي هربت وحطت راسك في الارض .. ولا اهتمت اننا قاعدين ولا فرق معاهم حاجة ..
حواء بغضب : انا راجعة النهاردة .. انا مستحيل اتخلى عن ابوك وعنكم ابدا ..
مروان بانفعال : لو رجعتي ساعتها تنسي اني ابنك .. هي بتعمل كده عشان مش بتحبك ومش عايزاكي وسطنا .. وعايزة بابا يتجوز غيرك .. بس هو عايزك انتي يا ماما .. بس لو رجعتي هنا هيكسرك تاني وتالت .. مش عايزك ترجعي غير لما صورك تتنشر في التلفزيون وهم بيكرموكي علي نجاح الرواية .. ارجوكي يا ماما ..
حواء ببكاء : بس .. انتو يا مروان ..
مروان : احنا كويسين .. وقاعدين مع جدو ياسر اغلب الوقت .. وتيتا منى واخواتك مش مقصرين .. اثبتي للناس انك واحدة تانية .. انك أقوى .. خدي يا ماما لوجي عايزة تكلمك ..
لوجي : ماما حبيبتي وحشتيني ..
حواء ببكاء : حبيبة ماما وانتي كمان وحشتيني .. عاملة ايه ؟
لوجي : ماما مروان بيقول ان انتي هتطلعي في التلفزيون .. صح ؟!
ضحكت حواء علي براءة طفلتها ..
.. انتي عايزاني اطلع في التلفزيون ..
لوجي : ايوة طبعا .. واقعد اقول لاصحابي شوفتوا مامتي مشهورة ازاي .. واغيظهم بقى ..
حواء : طيب انا كده هتأخر ..
لوجي : مش مهم .. المهم انك تطلعي في التلفزيون .. ولما ترجعي نبقي خفورين بيكي ..
حواء بضحك : اسمها فخورين يا لوجي .. انتي عارفة يعني ايه الكلمة دي ؟
لوجي : مش عارفة هو مروان بيقول كده بس هو قال انك هتبقى مشهور زي الممثلين .. هو بياخد باله مننا اوي يا ماما .. انا بحبه اوي ونفسي بابا يبقى طيب كده زي مروان ..
حواء : لوجي خلي بالك من بابا .. انتي بنوته وحبيبته ..
لوجي : مانا مبعرفش اعمل اكل .. واصلا تيتا منى وجدو ياسر بيتصلوا بيه كل شوية وبيقولوا تعالى كل معانا .. ماما متتأخريش بقى .. ماشي ..
حواء بحب : ماشي يا حبيبتي ..
أنهت حواء مكالمتها مع ولدها بعد أن تحدثت مع والدتها وأخواتها وطمنأتهم على أحوالها .. ووصتهم على أولادها ..
..............................
الفصل التاسع
,,,,,,,,,,,,,,,,
بعد عشر سنوات من الآن.....
,,,,,,,,,
أصبح اولاد حواء هم شغلها الشاغل .. بعد ان فقدت حواء الامل في حصولها على معاملة طيبة من آدم ..
وخاصة بعد طلاقها للمرة الثانية في احدى المشاجرات العنيفة ... فهذه المرة قد تطاولت والدة آدم
على زوجات ابنائها جميعا بتهمة شنيعة في احدى مشاجرتهم .. وعندما حاولت حواء الدفاع عن نفسها
انتهى الامر بشجارها مع آدم وسبها بأبشع الالفاظ وتعرضها للاهانة والضرب .. وتدخلات الاهل
التي تنتهي بالضغط على ابنتهم والاعتداء على كرامتها من اجل الحفاظ علي بيتها ..
وبين الحين والاخر يقع آدم تحت الحاح والدته المستمر علي أن ينفصل عن حواء علي وعد ان تقوم باختيار
افضل النساء له .. وانها ستعتني هي بأولاده .. وستراعيهم هي وفاطمة (التي انفصلت عن زوجها مؤخرا) ولا يشغل باله بهم فهي ستكون سنده ....
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
والان تعيش حواء مع آدم حياتها حياة غير مستقرة .. فهي قشة بينهم وهي يمين الطلاق للمرة الاخيرة ..
تأقلمت هذه الفترة دائما علي انتقادات آدم الدائمة .. ونسب أي مشكلة مع أولادها او في البيت اليها ...
.ولكن بدأت حواء تدافع عن نفسها من بطش آدم .. وأصبح لهذه الهرة الضعيفة مخالب حادة تحمي بها نفسها...
تعرضت لكم هائل من الاهانات .. الخذلان من الاهل .. ومحاولتهم لاخفاء الشرخ في علاقاتها بزوجها لا
مداوته ..
رفض اقل متطلباتها والرد الدائم ( مفيش .. خلي عندك احساس بالمسئولية .. عيالك اولى بالفلوس اللي
هتصرفيها علي لبسك وشكلك )
اهمال .. جفاء .. روتين ..
تهديد ( لو مش عجبك امشي .. ومن بكرة اجيب غيرك ) ..
صدمات .. ألم .. غضب .. بركان على وشك أن يثور ويلقي باللهب في أي لحظة ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تحاول حواء دائما خلق فرص تواصل بين زوجها واطفاله .. ولكن يريد آدم ان يربي ابنائه كما ربته والدته
وهذا ما تعترض عليه حواء وبشدة .. فها هي تعاني من هذه التربية ..
لم تبتعد حواء فقط عن آدم .. ولكن اصبح أولاده يمقتون وقت تواجده في المنزل .. اصبحوا كالمسجون
الذي يحصل علي حريته عندما لا يتواجد آباهم في المنزل ..
نشبت احدى المشاجرات بين آدم وحواء على مستوى مروان التعليمي ..
آدم بغضب : شايفة يا هانم ابنك ودرجاته ؟ عجبك كده المجموع ده ؟!! ..
حواء بضيق : قلت لك مليون مرة ابنك محتاج دروس .. هو كبر والمدرسة ملهاش لازمة ومفيش مدرسين بيشرحوا ..
قاطعها آدم بغضب : لا يا هانم انتي اللي مش عايزة تتعبي معاهم .. وقاعدة طول النهار على الموبايل ده اللي الهي يولع .. تفاهة وشغل عيال ... عمرك ما تصلحي تكوني أم ..
نهضت حواء بفزع عن مقعدها صائحة بغضب مختلط ببعض العبرات ..
كل حاجة حوا .. كل مصيبة حوا .. كل مشاكلكم كلها حوا .. انا مقدرش أتابع ابنك مذاكرته كبرت عليا .. انا آخري اقوله ذاكر أكتر من كده مقدرش .. وبعدين الموبايل هعمل بيه ايه يعني .. اديني بهرب بيه من النار اللي انا عايشة فيها ... كرهتني في عيشتي وحياتي معاك .. كرهت عيالك فيك .. مش واخد بالك من بعدهم عنك ... حرام عليك يا اخي بقى ارحمني وارحمهم .. انت ايه ؟! مفيش حاجة ابدا عاجباك ولا حاجة ابدا بترضيك .. حياتي معاك من أولها لاخرها عذاب .. وساكتة ومستحملة .. يا أخي انت العيشة معاك بقت لا تطاق ..
صاح آدم غاضبا : وايه اللي جابرك على العيشة دي !!! ... ما تمشي حد كان ماسكك !!!
حواء ببكاء ..
... ولادك اللي ماسكني .. مقدرش اسيبهم .. ده الحبل الوحيد اللي بيني وبينك .. اولادنا .. عايزني
اسيبهم لك تربيهم ولا لمامتك .. وتطلع للناس كتير زيك .. وتيجي مرات ابني بكرة تدعي عليا علي ابني اللي معرفتش اربيه بيحترم الست ..
آدم : والله عال يا ست حوا .. انتي بتعيبي فيا وفي امي وفي تربيتنا .. دلوقتي مش عاجبينك .. اسمعي .. انا نازل .. لو رجعت لاقيتك هيبقى موتك علي ايدي ..
خرج آدم من المنزل غاضبا .. صافعا الباب خلفه .. ارتمت حواء على الاريكة خلفها ..
تبكي قهر السنين .. تنعي حالها .. لم تعد الدموع تشفي غليلها ..
التف حولها اولادها .. احتضنتهم حواء بقهر .. اخذت تقبلهم بحب ..
حواء ببكاء : سامحوني يا اولادي .. أنا اللي اخترت لكم أبوكم ده .. انا اللي اجبرتكم علي العيشة دي ..
انا اللي كنت فاكرة لما هاجي على نفسي عشانكم انكم هتعيشوا حياة افضل .. انا لاقيتكم انتوا اللي بتدفعوا التمن .. آنا اسفة .. سامحوووني ..
مروان بضيق : امشي ..
فزعت حواء لقول ابنها ونظرت اليه بصدمة ..
أردف مروان حديثه : امشي وسيبي البيت .. مينفعش تيجي علي نفسك عشانا .. انتي فين من كل ده .. انتي فاكرة اننا مبسوطين اننا شايفينك بتتعذبي .. سامعين اهانتك وساكتين .. بنشوفك كل فترة بيضربك ولا كأنك جارية عنده .. انا مش هفتخر بأمي لما افتكر معاملة ابويا ليها .. فكراني انا هعامل مراتي ازاي لما اشوفك انتي كده ..
حواء: وانتوا ؟!
مروان : ماما .. احنا حياتنا بقت زينا زيك .. جحيم ... ابعدي عن البيت ده وروحي خدي رواياتك وانشريها واشتغلي واكبري .. وارجعي لنا وهنستناكي ..
حواء بصدمة : رواياتي ؟!!!!
مروان : ايوة يا ماما .. احنا هنستناكي ترجعي احسن .. واكبر .. وافضل .. هترجعي احسن عشانا .. عشان ولادك يفتخروا بأمهم .. اعملي بقى مرة حاجة لينا .. ومتقلقيش علينا .. خالتو هاجر وخالتو بسمة معانا ومش هيسيبونا .. وأنا راجلك وسندك .. وبقولك امشي ..
انا أخدت من وراكي الروايات اللي كتبتيها وبعتها لواحد صاحبي باباه صاحب دار نشر واعجب جدا بالروايات وطلب مقابلتك .. وجبت لك عنوانه ورقم تليفونه .. هتروحي له القاهرة .. وتبدأي حياتك .. وتحققي نفسك بعيد عن الراجل اللي كسرك وأهانك ...
جذبت حواء مروان الي أحضانها .. فهي الان تشعر أنها حربها مع آدم لم تذهب هباء ..
فهي ترى رجل قست عليه الحياة وعلمته كيف يتخلى عن طفولته وبرائته .. ليصبح رجلا .. ليكون سندا وعونا لوالدته .. ابتسمت فخرا بغنيمتها في حربها في حياتها ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تجلس حواء علي فراشها .. تنظر الى حقيبتها التي جمعت بها كل ما يخصها .. تنهمر دموعها على وجنتيها .. يعتصر قلبها ألما على اطفالها التي أجبرت على فراقهم .. ولكن لن تخاطر بهم وبحياتهم عندما يطلقها للمرة الاخيرة .. مصرة على الرحيل لتعيد شتات روحها .. لتلملم انقاض قلبها ..
.....................
عاد آدم الى منزله بعد بضع ساعات .. عازما على مصالحة حواء .. بعد ان عاتب نفسه على اسلوبه ..
فدائما لسانه سليط .. ويده تسبق عقله في معاملته ..
,,,,,,,,,,,,,
دلف آدم الى منزله باحثا عن زوجته فلم يجدها ..
صاح آدم غاضبا : مروااان .. مرواااااان ..
جاء مروان الى والده بهدوء ..
.. نعم يا بابا ..
آدم بقلق : امك فين ؟
مروان ومازال بنفس الجمود والهدوء ..
.. مشيت ..
آدم : يعني ايه مشيت ؟! من امتى وهي بتسيب بيتها وبتمشي !!!
مروان ببكاء : من دلوقتي .. لما بدأت تقول ( لا ) ..
فزع آدم من رحيل حبيبته .. فهي لن تقوى على الفراق .. هرول آدم خارج المنزل متوجها الى منزل والد حواء ليحادثها .. فلم يعثر عليها .. ظل يبحث ويبحث .. لم يكل او يمل من البحث عن حواء .. ولكن بدون فائدة ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بعد مرور بضعة أيام ..
......
يجثي آدم على ركبتيه في حجرته .. يحمل صورة تجمعه بحواءه في يوم زفافهم ...
بدأ آدم يحدث نفسه .. خانته بعض العبرات من عينيه ..
.. طول عمرنا بنتخانق ماعملتهاش غير مرة .. كل ما اقولها امشي تقولي لا ده بيتي ومش همشي .. كل
ما اقولها مش عايزك تقولي بس انا عايزاك وعايزة بيتنا يبقي احسن .. عايزة حبك وحضنك وحنانك .. عايزاك تحتويني .. مش عايزة فلوس ولا عايزة دهب .. عايزاك بس في آخر الليل تاخدني في حضنك وتقولي بحبك ..
ارجعي يا حوا وهعملك اللي انتي عايزاه ... انا بحبك ومقدرش استغنى عنك .. انا كنت بتعصب عليكي من حبي فيكي .. انا جيت عليكي كتير بسبب أمي.. بس كنت هعمل ايه ؟! مقدرش اعملها حاجة دي أمي ..
ارجعي يا حوا عشان خاطر ولادك ... ارجوكي ارجعي ... ارجعي ..
.........................
في خلال هذه الايام انتقلت حواء الى القاهرة ... في حالة لا تحسد عليها .. فقلبها مفطور على أطفالها .. ولكن هم من كرهوا ضعفها ودفعوها للرحيل .. فانها اذنبت بحق نفسها وبحق أطفالها ..
يجب أن تفي بوعدها لسندها الاكبر (مروان ) يجب ان تجعله فخور بها .. مرفوع الرأس ..
,,,,,,,,,,,,,
في بداية أيامها في القاهرة .. باعت كل ما تملك من مجوهرات حتى توفر المسكن ... وحصلت على غرفة في بيوت المغتربات .. وما أن استقر حالها حتى ذهبت الى والد زميل مروان ( مجدي ) ...
داخل مكتب مجدي ... تجلس حواء بتوتر .. تفرك كفيها بقلق وتتصبب عرقا ..
زادت دقات قلبها بعنف حينما قدمت اليها مساعدة مجدي قائلة ..
... استاذ مجدي في انتظار حضرتك ..
نهضت حواء عن مقعدها .. ابتسمت بتوتر .. تمشي بثقل .. داعية ربها ان يوفقها وتنال ما تريد ..
دلفت حواء الى المكتب الخاص ب ( مجدي ) .. الذي نهض مستقبلا لها بابتسامة قائلا ..
مدام حوا .. اهلا بحضرتك .. اتفضلي ..
ابتسمت حواء بخجل .. قائلة بتوتر ..
متشكرة جدا ..
مجدي : تحبي تشربي ايه ؟
حواء : شكرا لحضرتك ..
رفع مجدي سماعة هاتفه وطلب لها العصير الطازج .. وبعد ان انتهي نظر الي حواء بابتسامة ..واضعا يديه مستندا على حافة مكتبه ..
مجدي : استاذة حوا .. ابن حضرتك بعت لي كل رواياتك .. احب أحيكي على أسلوبك الرائع .. انتي فعلا أنسانة حساسة .. وأسلوبك رائع .. أنا قضيت ثلاث ايام عشان اخلصهم من كتر ما شدوني .. كلمة ابداع قليلة عليكي ..
حواء بابتسامة : متشكرة جدا لحضرتك ..
أردف مجدي حديثه : انا عندي استعداد انشر الرواية اللي باسم (........) علي نفقتي الشخصية لان انا كلي ثقة في نجاحها .. بس طبعا ده بشرط ان كل روايتك اللي هتتنشر بعد كده هتبقى حكر لدار النشر بتاعتنا .. وطبعا لو حضرتك وافقتي نجيب العقد دلوقتي ونمضيه ؟؟
حواء : طبعا موافقة ..
ابتسم مجدي : تمام حيث كده نبدأ شغلنا .. ونقدر نتناقش في أحداث الرواية دي وطبعا حضرتك معاكي وقتك عشان تراجعيها براحتك .. يكفيكي وقت أد ايه عشان تراجعيها ؟
حواء : يعني ممكن ثلاث أيام ..
مجدي : تمام اوي .. أنا سعيد ان لسه في عندنا المواهب دي .. وان شاء الله الرواية دي تتعمل فيلم او مسلسل كمان ..
ضحكت حواء قائلة : لا مش للدرجة دي يا أستاذ مجدي ..
مجدي : لا طبعا .. متستهونيش بقدرتك وبنفسك .. أنتي فعلا هتبقي كاتبة عظيمة وكبيرة .. انا فعلا بتنبأ لك بمستقبل عظيم ..
حواء : انا متشكرة جدا لحضرتك دي شهادة أعتز جدا بيها ..
,,,,,,
بعد مرور بعض الوقت انتهت حواء من توقيع عقدها لنشر رواياتها الاولى .. غادرت مكتب مجدي وقلبها يقفز فرحا .. تشعر بأن أمامها الكثير لتحققه .. تشعر أنها فقدت الكثير وأضاعت حياتها هباء مع ذاك(الآدم)(
.. ولكن تذكرت أنها لم تكن هباء فقد وهبها الله ثلاثة جواهر هو أطفالها .. التقطت هاتفها من حقيبتها .. هاتفت مروان حتى تطمئن عليه وعلي احواله واحوال اخواته وتسعده بهذا الخبر ..
انتظرت بضع ثواني ثم آتاها الرد ..
مروان : ماما حبيبتي عاملة ايه ؟!
أجابت حواء في سعادة : حبيب ماما أنا بخير الحمدلله .. وحشتوني .. وحشتوني اوي .. طمني عنكم أنتم كويسين ؟!
مروان : احنا الحمدلله بخير ماتقلقيش علينا .. طمنيني عملتي ايه ؟ قابلتي عمو مجدي ؟
أجابته حواء بصوت يغمره السعادة والبكاء .. قائلة ..
.. آه يا حبيبي .. قابلته .. ومضيت العقد .. ده كمان عايز يعرضه علي منتج سينمائي عشان يعمله مسلسل ..
مروان بسعادة : الله .. ايوة بقى يا ماما واخيرا .. انا فرحان لك اوي اوي يا ماما ..
حواء : ربنا يخليك ليا يا أحلى راجل في حياتي .. ( ذهبت الابتسامة عن وجه حواء .. تنهدت بضيق .. ثم أردفت ..) .. مروان .. هو أبوك أخباره ايه ؟!
مروان بضيق : انتي لسه بتفكري فيه ؟!!!
حواء : ايوة طبعا ده احنا عشرة 17 سنة يابني .. لازم أفكر فيه .. انا بحبه .. بحبه اوي يا مروان ..
تنهد مروان بضيق : هو مش كويس ياماما .. تحسيه كده كبر خمسين سنة .. احنا كمان أغلب الوقت بعيد عنه .. بعد عننا وبطل يتكلم معانا خالص .. وخاصة بعد اللي عملته معاه تيتا وعمتو فاطمة ..
حواء بقلق : ايه اللي حصل يابني ؟ قلقتني !!
مروان : عادي يعني .. فضلت اول يومين مهتمة بينا .. وتتنزل عمتو فاطمة تطمن علينا وبعد كده خلاص .. وعمالة تزن علي بابا يتجوز اصل هي مش قادرة علي خدمتنا ولا انها تلبي طلباتنا ..وكمان هي مش خدامة عندنا .. وقالت له كمان روح شوف مراتك فين اللي هربت وحطت راسك في الارض .. ولا اهتمت اننا قاعدين ولا فرق معاهم حاجة ..
حواء بغضب : انا راجعة النهاردة .. انا مستحيل اتخلى عن ابوك وعنكم ابدا ..
مروان بانفعال : لو رجعتي ساعتها تنسي اني ابنك .. هي بتعمل كده عشان مش بتحبك ومش عايزاكي وسطنا .. وعايزة بابا يتجوز غيرك .. بس هو عايزك انتي يا ماما .. بس لو رجعتي هنا هيكسرك تاني وتالت .. مش عايزك ترجعي غير لما صورك تتنشر في التلفزيون وهم بيكرموكي علي نجاح الرواية .. ارجوكي يا ماما ..
حواء ببكاء : بس .. انتو يا مروان ..
مروان : احنا كويسين .. وقاعدين مع جدو ياسر اغلب الوقت .. وتيتا منى واخواتك مش مقصرين .. اثبتي للناس انك واحدة تانية .. انك أقوى .. خدي يا ماما لوجي عايزة تكلمك ..
لوجي : ماما حبيبتي وحشتيني ..
حواء ببكاء : حبيبة ماما وانتي كمان وحشتيني .. عاملة ايه ؟
لوجي : ماما مروان بيقول ان انتي هتطلعي في التلفزيون .. صح ؟!
ضحكت حواء علي براءة طفلتها ..
.. انتي عايزاني اطلع في التلفزيون ..
لوجي : ايوة طبعا .. واقعد اقول لاصحابي شوفتوا مامتي مشهورة ازاي .. واغيظهم بقى ..
حواء : طيب انا كده هتأخر ..
لوجي : مش مهم .. المهم انك تطلعي في التلفزيون .. ولما ترجعي نبقي خفورين بيكي ..
حواء بضحك : اسمها فخورين يا لوجي .. انتي عارفة يعني ايه الكلمة دي ؟
لوجي : مش عارفة هو مروان بيقول كده بس هو قال انك هتبقى مشهور زي الممثلين .. هو بياخد باله مننا اوي يا ماما .. انا بحبه اوي ونفسي بابا يبقى طيب كده زي مروان ..
حواء : لوجي خلي بالك من بابا .. انتي بنوته وحبيبته ..
لوجي : مانا مبعرفش اعمل اكل .. واصلا تيتا منى وجدو ياسر بيتصلوا بيه كل شوية وبيقولوا تعالى كل معانا .. ماما متتأخريش بقى .. ماشي ..
حواء بحب : ماشي يا حبيبتي ..
أنهت حواء مكالمتها مع ولدها بعد أن تحدثت مع والدتها وأخواتها وطمنأتهم على أحوالها .. ووصتهم على أولادها ..
..............................
الفصل العاشر
,,,,,,,,,,,,,
تمر الايام وحال آدم يزداد سوءا .. وخاصة بعد حواره مع والدته ..
سامية : وبعدين معاك في اللي انت فيه ده !! ما تنساها بقى وشوف نفسك .. انت مليون واحدة تتمناك .. انت بس انوي وانا اج وزك ست ستها .. وبعدين بقى انا تعبت منك ومن عيالك .. مش هقدر على خدمتكم كل شوية ..انا يعني قلت هي يومين وهترجع لكن هي شكلها مش راجعه.. وبعدين يعني انا وفاطمة مش خدامينك انت وعيالك ..
انفعل آدم بضيق : ما هي كانت شغالة خدامة ليكم .. وقت ما كانت بطنها قدامها مترين كانت بتشتغل ولا بتشتكي .. عشان ترضيكم دلوقتي انتوا مش عايزين تشيلوني انا وعيالي .. ضربتها وبهدلتها بسببكم كتير .. طلقتها مرتين بسببكم وجيت عليها كتير اوي عشانكم ... ودي جزاتي مش عايزين تشيلوني ولا تشيلوا عيالي .. فعلا انا غلطت في حقها كتير اوي .. واتمنى يرجع بيا الزمن وأبوس علي ايديها وراسها وتسامحني .. بس هتسامحني ازاي بعد اللي عملته فيها .. مفيش حاجة تغفر اللي عملته فيها .. مفيش .. انتي السبب يا أمي .. انتي اللي قسيتي قلبي عليها .. عمرها ماقصرت معايا ولا معاكم ولا مع عيالها .. عودتيني اخليها تعمل هي كل حاجة .. وانا بس بنتقد .. برفض اي حاجة تعملها .. ربتيني علي كده .. انا الراجل كلمتي تبقى مسموعة .. ومحدش يعترض ولا يقول لا .. خسرت مراتي واولادي بعدوا عني .. ربنا يسامحك .. ربنا يسامحك ..
سامية بانفعال : دلوقتي انا الغلطانة .. انتي عايز اي شماعة تعلق عليها اخطائك .. انا اللي عملتك راجل كلمتك مسموعة .. دي جزاتي ..
قاطعها آدم بغضب : كلمتي مسموعة اه .. واديني خسرت كل حاجة .. مراتي وعيالي ..
تركها آدم غاضبا ورحل .. يتجول في الشوارع بدون وجهة .. هائم علي وجهه .. يشعر بالضياع والوحدة .. يحدثه عقله ويلومه قلبه ..
( انت ماحبتهاش يا آدم .. انت عشقتها .. هي مش نصك التاني بس .. هي كل حاجة في حياتي .. استحملتني .. ضحت بحياتها واحلامها عشان ترضيني .. وانا عملت ايه .. خسرتها وكسرتها ..
صرخ قلبه مستنجدا بألم .. انتي فين يا حوا .. انتي فين يا حواءي ..)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تمر الايام وحواء تركض في طريق حلمها .. لقد اقتربت من خط النهاية .. لقد تم نشر رواياتها الاولى التي حققت نجاحا باهرا .. انتهت الطبعة الاولى .. والثانية .. ويتم طباعتها للمرة الثالثة ..
تعيش حواء أجمل أيامها .. تحقق ذاتها .. تشعر بانتصارها .. غمرت السعادة قلبها وخاصة بعد فرحة ابنائها عند رؤية صورتها في الصفحة الاولى في احدى الجرائد المشهورة وهي تتصدر احدى العناوين ..
( نجيب محفوظ القرن الواحد والعشرين ) ..
,,,,,,,,,
قررت حواء العودة الي منزل ابيها .. بعد ان وقعت عقد جديد مع احدى المنتجين السينمائين لعمل روايتها مسلسل جديد .. ولم يتوقف الامر عند هذا الحد .. فقد طلب منها الاستاذ مجدي مراجعة رواياتها جيدا حتى يتم نشرهم تباعا ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
في منزل ياسر ...
يجلسون جميعا .. ياسر ومنى واولادهم واحفادهم اولاد حواء ..
طرقات على الباب .. يذهب مروان ليفتح الباب فاذا بها حواء .. يقف مروان مصدوما لوهلة ولكن تجذبه حواء بعنف الي أحضانها .. فقد اشتاقت كثيرا لصغيرها .. اختطلت دموع حواء بدموع مروان الذي اشتاق ايضا لوالدته كثيرا .. تخرج حواء مروان من أحضانها تنظر له بحب واشتياق .. ثم تعيده مرة أخرى وتضمه بشدة وسط قبلاتها الحارة ..
قاطع هذه اللحظات الجميلة صوت مدللتها الصغيرة ( لوجي ) وهي تركض اليها بأذرع مفتوحة ..قائلة بسعادة ..
... مامااااااا ,, ماما جت ...
خرج مروان من أحضان حواء بابتسامة .. ويجفف دموعه .. بينما احتضنت حواء صغيرتها وابنها اياد الذي ركض خلف اخته الصغيرة محتضنا والدته بشدة ..
لم يدرك أحد كم من الوقت مر وهم على هذه الحالة .. الا أن قاطعهم صوت ياسر ..
.. ادخلوا جوه يا ولاد مش هنقعد علي السلم ..
ركضت حواء الى والدها واحتضنته بعد أن قبلت كفه ورأسه ..
,,,,,,,,,,,,,,
يجلسون جميعا في حب محتضنة حواء أولادها ولم تتركهم لحظة .. تسرد لهم كيف كان حالها .. ومعاناتها في بعدها عن أطفالها .. فكان قلبها يتعصر قلقا وحزنا .. ولكن كانت تريد تحقيق حلمهم قبل أن يكون حلمها .....
في صباح اليوم التاني ..
نائمة حواء علي فراشها .. تنعم بالهدوء .. ترقد في سبات عميق لم تحظى بيه منذ فترة طويلة ..
يوقظها ابنتها لوجي وهي تقفز على الفراش بسعادة قائلة ..
.. قومي يا ماما .. قومي ,, عاملة لك مفاجأة كبيررررة ..
فتحت حواء عينيها مع ابتسامة .. فقد افتقدتهم بحق .. اعتدلت في جلستها ثم جذبت لوجي الي أحضانها .. هامسة بحب في أذنها ..
.. ها يا قلب ماما ,, ايه بقى المفاجأة دي ؟!!!
اقتربت منها لوجي هامسة في أذنها ..
.. بصي هم قالوا متقوليش ,, بس عشان انتي حبيبتي هقولك .. بابا برة قاعد مع جدو وعايزينك ..
انتفض قلب حواء .. فكانت تعلم بأن هذه المقابلة ستحدث .. ولكن تفاجئت من سرعتها .. تنهدت حواء بثقة .. رافعة نظرها .. وعينيها تحمل الكثير من الجمود .. ابتسمت لابنتها وقبلتها .. ثم نهضت وارتدت افضل ثيابها .. وتزينت كالعروس في ليلة زفافها .. تضع مساحيق التجميل محاولة اخفاء قهر السنين .. والحزن والذل التي قضت فيه سنوات عمرها ..
نظرت حواء الى انعكاس صورتها بالمرآة بفخر .. وابتسامة الثقة والانتصار لا تفارقها .. فالان هي المتحكم الاول والاخير في حياتها وحياة أولادها .. فلم يعد أحد يمتلكها ..
سارت بخطوات ثابتة .. وابتسامتها لا تفارقها .. دلفت حواء الى الغرفة ,, وقعت عينيها على آدمها .. انتفض قلبها لهيئته السيئة ..انتفض قلبها حزنا على ما وصل عشقها الاول والاخير ,,, ولكن حاولت الحفاظ على جمودها وثباتها .. فيجب أن يتجرع الالم الذي عاشته .. جلست حواء بجانب والدها الذي قطع هذا الصمت قائلا ..
.. اسيبكم انا تتكلموا براحتكم ..
ما أن سمع آدم هذه الكلمات ورأى ياسر يمضي خارج الحجرة حتى رفع عينيه الى معشوقته التي اشعلت في قلبه نار الفراق والحرمان .. ينظر اليها كأنه يراها لاول مرة .. مازالت تحتفظ بابتسامتها ولكن تطفئ هذه الابتسامة سنون القهر والجحيم التي عانت منهم ..
حواء بجمود : ازيك يا آدم ؟ّ!!
آدم : انتي ايه رايك ؟
ابتسمت حواء بسخرية : رأيي ؟!! رأيي انك شربت من الكاس اللي انا شربت منه لسبعة عشر سنة .. بس شربتهم مرة واحدة .. اتألمت لايام .. مش سنين طووووويلة .. عامة الكلام دلوقتي مش هيفيد .. جاي عايز ايه يا آدم ؟
ابتلع آدم ريقه بصعوبة .. وقد حلت الدهشة والصدمة من زوجته ومدى القوة التى تتحدث بها ..
آدم : جاي عايز حياتي .. روحي اللي اتاخدت مني .. عايز اعيش .. أنا كنت بموت في اليوم من بعدك الف مرة .. ارحمي ضعفي .. انا محتاجك .. أنااااا....
قاطعه ضحكة حواء العالية .. ظلت تضحك حتى أدمعت عيناها .. حاولت التوقف حتى تستطيع التحدث .. بعد بضع ثواني .. تحدث قائلة بسخرية ..
.. ارحم ضعفك .. ده من امتى !!!! ...
نهضت حواء عن مقعدها بغضب .. تنظر الى آدمها في ضيق شديد ..
.. وانت ليه مارحمتش ضعفي .. اترجيتك سنين تحس بيا .. بوست ايدك ورجلك عشان تحسسني اني حتى
مهمة في حياتك .. عيشتني سنين ذل وتعذيب .. واقفل بوقي واسكت .. اتضربت واتهنت زي الحيوانات واتكتمت وسكت .. قلت استحملي بيحبك .. اسكتي عشان ولادك .. لحد ما ولادك نفسهم كرهوني .. وكرهوا ضعفي .. كرهوا اختياري ليك .. جربت تتسئل من ولادك انتوا جبتونا ليه ؟ لما انتوا كارهين بعض كده .. كنتوا اتجوزتوا ليه !!! ده اللي كانوا بيقولوه .. فما بالك باللي شايلينه في قلبهم .. ربينا عيال متقعدة .. انا السبب في حياتهم اللي عايشينها .. وانا اللي هعوضهم ,, فاكر لما كنت بتحايل عليك عشان تديني اجيب حتى ازازة ريحة كنت بتذلني عليها ومبتجيش وغيره وغيره .. دلوقتي انا اقدر اصرف عليهم وعليا واستغنينا عن خداماتك اللي كنت بتذلنا بيها .. ببساطة يا آدم .. انا معدتش محتاجاك في حياتي .. متشكرين ..
آدم : ارجوكي يا حوا ,,انا آسف .. آسف .. ارجعي وانا مستعد اعمل اللي انتي عايزاه .. بس ارجعي تاني بيتك ..
اعتصر قلب حواء ألما ,, كرهت رؤيته في هذه الحالة .. تتمنى ان ترتمي في أحضانه وتخبره مدى اشتياقها له .. تخبره انها مازالت تحبه لالالا بل تعشقه .. ولكن هناك ما يمنعها ويلجم لسانها من البوح بمشاعرها ..
نعم .. انه الجحيم .. الذي يطفئ نار العشق ..
حواء بجمود : انا اللي آسفة .. بس مش بتأسف ليك .. أنا بتأسف لنفسي .. عن اذنك ..
تركته حواء يبكى دما على حياته التي تهدمت .. رحل آدم مكسورا .. يحاول أن يستجمع قوته حتى يقوى على فراقهم .. ولكن خارت قواه تماما .. فانه يعشقها من كل قلبه ...
,,,,,,,,,,,,,,
مرت ثلاثة أيام والمحاولات كثيرة لاقناع حواء بالعودة الى منزلها ولكن حزنها كان أقوى من حبها ,,,
تجلس حواء في غرفتها على مكتبها تراجع روايتها ,, تقرأ في تركيز .. الى أن قطع تركيزها دلوف ابنها مروان ,, فزعت حواء من هيئة مروان فقد كان وجهه شاحبا فزعا ,, نهضت حواء واقتربت من مروان ووضعت كلتا كفيها على وجنتيه .. قائلة بقلق ..
.. مالك يا حبيبي ؟ ايه اللي حصل !!!...
حاول مروان التحدث ولكن تخرج الكلمات من فمه بصعوبة ..
بابا ,, بابا تعبان وفي المستشفي ..
هلعت حواء .. قائلة بصدمة ..
.. آآآ آآدم ...
ركضت حواء الى خزانتها .. لا تعلم ماذا ارتدت .. لا تفكر بأي شئ سوى آدمها ...
بعد مرور بعض الوقت , وصلت حواء ومروان الى المشفى .. دلفوا الى غرفة آدم بعدما علموا برقم غرفته من موظف الاستقبال بالمشفى ..
فزعا كلا من حواء ومروان فور رؤيتهم ل آدم ممدد على الفراش .. موصول به العديد من الاسلاك الخاصة بالاجهزة الطبية ..
وضعت حواء يدها على صدرها تحاول منع قلبها من شدة خفقانه .. أمسك مروان بيدها الاخرى وضغط عليها ضغطة خفيفة ليطمئنها بوجوده .. اقتربت حواء من زوجها مالت بجسدها وقبلت جبهته .. جذبت كرسي وجلست بجانبه واضعة رأسها علي كفه مقبلة اياه .. ثم احتضنت ذراعه باكية ..
,,,,,,,,,,,,,,,
مر الكثير من الوقت وحواء على هذه الحالة .. ويطمئن عليها مروان بين الحين والاخر ليجدها بنفس هيئتها .. تحتضن يد زوجها وتنهمر دموعها على وجنتيها ..
بدأ آدم يتململ في فراشه متآوها .. فتح عينيه بصعوبة ليجد حواءه تستند برأسها على ذراعه .. ابتسم آدم لوجودها بجانبه .. فها هي روحه قد عادت اليه ..
تمر الايام وحواء لا تفارق زوجها .. وبجانبه أولاده وعائلته ..
طمئنهم الطبيب على حالة آدم الصحية .. وأنه يستعيد عافيته ..
تتحرك حواء في الحجرة .. تجمع متعلقات آدم .. فقد استرد عافيته وأصبح في صحة جيدة .. وأخبرهم طبيبه أن يلزم الراحة التامة ..
نهض آدم عن فراشه .. امسكت حواء بذراعه ووضعتها علي كتفها .. نظر لها آدم بحب قائلا ..
آدم : انا هسند عليكي !!!
رفعت حواء عينيها ناظرة الى زوجها بحب ..
حواء : انا هفضل طول عمري سندك في الحياة ..
آدم : بس ده مش دورك .. حوا ,, أرجوكي ارجعي لي وانا هعوضك عن السنين اللي فاتت .. وهعملك كل اللي انتي عايزاه .. بس متبعديش عني تاني .. متاخديش روحي مني ..
ابتسمت حواء بخجل ,, فجذبها آدم الى أحضانه بحب هامسا ..
... بعشقك يا حواءي ..
حواء : بحبك يا آدم ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
عادت حواء الى آدمها .. انفصلوا عن بيت العائلة .. عاشوا في بيت بعيد عن المشاكل وتحكمات الاهل ..
عاشا حياة هادئة سعيدة .. كان فيها آدم سندا وعونا لزوجته .. وكانت فيها حواء سكنا لزوجها ..
الخاتمة
,,,,,,
أيتها الام .. أنعم الله عليكي بنعمة الذكر .. فأنتي بيدك من تصنعي منه رجلا يعتمد عليه .. يكون سندا
وعونا لزوجته .. الرجل الذي يستطيع احتواء زوجته .. الذي يعي جيدا ما هي الانثى .. وكيفية احتوائها ..
الذي يكون فارسها على حصانه الابيض ..
وأنتي بيدك من تصنعين منه أضحوكة .. يكون الآمر الناهي .. يعنف ,, يسب ,, يهين كرامة زوجته لحساب أهله ..
وتكون حجته الوحيدة أنا الرجل ..
بأي حق رجل ؟!!
أيتها الام .. علمي ولدك ,, أن الرجل الحق ,, من يكرم أنثاه ,, من يجعلها ملكة قلبه وحياته ,, ويرفع من
شأنها ,, يجعلها فخورة بكونها حواءه ...
أيتها الام .. ربي ولدك كما تريدين أن تري زوجك ..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
طوت حواء أوراقها ,, نظرت اليها برضا .. تنهدت بارتياح .. تتذكر كيف عادت الى آدم وكرمها ورفع من
شأنها .. وكيف انفصلت عن بيت أهل زوجها ,, ولم يهين كرامة عائلته بأي شئ .. وكيف كانت حياتها في منتهى السعادة ..
كيف قام آدم باحتوائها .. وكانت له نعم الزوجة والسكن ..
,,,,,,,,,,
(( أعشقك يا آدمي ))
تمت