القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الاربعون والحادي والأربعون بقلم الكاتبه فاطمه سلطان حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الاربعون والحادي والأربعون بقلم الكاتبه فاطمه سلطان حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الاربعون والحادي والأربعون بقلم الكاتبه فاطمه سلطان حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


أحببتك لدرجة انيّ هُنا وقلبي حُيث أنتِ.

مقتبسة

شعورك بالحنين لا يكذب

إنه قلبك يُشير إلى ما لم يُغلق بعد..

ضدّان شوقُك وافتعالُ كرامةٍ

‏نخفي الهوى والحبّ يعرف أهلهُ

‏”ثقبٌ ساخنٌ يئِنُّ

‏في صدري؛

‏موضِع قلبٍ تمزّق

‏واقتُلع”.


________________

بعد مرور شهرين.

انتهت من الامتحان الخاص بها اليوم وكان هذا هو الامتحان الأخير…

أخيرًا تحررت من السنة الدراسية الأولى في تلك الجامعة، وتلك الحياة التي كانت جديدة عليها كليًا….

ها هي في انتظار النتيجة على أي حال..

جلست في أحد الأماكن المخصصة للاستراحة في الجامعة في وهن؛ هي لم تنم حتى ولو ساعة منذ ليلة أمس..كعادتها طوال أيام الامتحانات..

في تلك الفترة حصدت كم مهول وجديد من الكتابعين رغم أنها لا تنشر يوميًا بسبب تلك الفترة “فترة الامتحانات”..


كانت تراقب وتنظر على من يسير أمامها بشرود كبير، تفكر فيه…

هي مازالت غاضبة جدًا لم يشفى جرحها في تلك المدة ولن يشفَ تقريبًا..

الجرح الأول لا ينسى وقد استطاع دياب جرحها ببراعة شديدة…

هي أحبته، نعم تعترف..

متى؟!


كيف؟!.

لا تعلم لكنها تحبه وكثيرًا لأول مرة في حياتها تجد شخصًا تكن له هذا الحب عوضًا عن العديد من الملذات في حياتها، المتعة والرفاهية التي كانت تعيش بها، فهي لم تجد حتى العلاقات شيء ضروري، بل حتى لم تفهم أو تعي ما معنى أن تحب شخصًا ما من دون سبب او إرادة منك يتغلغل بداخلك، كانت لا تفقه أي عن معنى الحب..

الآن هي تعي بكامل نضجها معنى أن تُحِب، وأن تُحَب، هو أحبها لكنه لم يمتلك الشجاعة في خوض علاقة معها أو أن يكون صريحًا بما يكفي……


كلاهما يراقب الأخر على مواقع التواصل الإجتماعي، حتى أن دياب الذي كان لا يقوم بمشاركة أي منشور أو صورة له أصبح متفاعلا يكون بتنزيل صور له؛ حالات، يشارك العديد من المنشورات التي تعبر عن حالته وحالتها في الوقت ذاته كأنه يخبرها بطريقة ما بأنه هنا..دون تواصل مباشر بينهما……

يشاركها وجدانه دون أن يتورط أحدهما في علاقة ليست منطقية حسب أي مقاييس خلقها المجتمع وحكمت بها الظروف..

مازالت تتذكر ذلك اليوم التي عادت فيه إلى المنزل..

….عودة إلى الماضي….

كانت تجلس في حجرتها بعدما عادت إلى المنزل في غياب والدها، عند عودتها كان يتواجد في عمله، عاد في المساء…

جلست معه على الطاولة تتناول الطعام برفقته والصمت كان حليفهما إلى أن قرر والدها يتحدث:

– رجعتي يعني من غير ما تعرفيني أو أنا اقولك ارجعي.


قالت ريناد بنبرة مُبهمة بعدما توقفت عن تناول الطعام:

-يمكن الدرس خلص، وخلاص اتعلمت بما فيه الكفاية ومحتاجة ارجع لبيتي وحياتي لو ده ميزعلكش ولا يضايقك في حاجة..


تمتم محمد بنبرة هادئة اكتسبها بعد مكالمة طويلة في الطريق بينه وبين بهية التي أخبرته بصراحة ما يحدث مع ابنته لأنها تعلم بأنه على قدر من التفهم الذي سوف يجعله يتقبل مشاعر ابنته البكر التي تختبر وجدانها ومشاعرها للمرة الأولى، وفي الوقت ذاته لا يضغط عليها من أجل أن تعود:

-ماشي يا ريناد بس ده مش معناه أن الدنيا رجعت زي الأول..

تحدثت ريناد بعد تنهيدة خرجت منها بعدما أخذت رشفة من الحساء الذي يتواجد أمامها:

-مفيش حاجة هترجع زي الأول أبدًا متقلقش…

صمت محمد مدركًا ما يصيبها…

ذلك اليوم كانت في حالة شاحبة ومتوترة إلى حدٍ كبير، تختبر نوع جديد من الألم واحترم والدها هذا ..

…عودة إلى الوقت الحالي…

ما جعلها تخرج من تلك الذكرى هو صوت هاتفها، التقطته لتجد أن المتصل هي بهية مما جعلها تجيب عليها على الفور:

-الو، ازيك يا قلبي عاملة إيه؟؟.

“الحمدلله يا حبيبتي، إيه اخبارك وعملتي إيه في الامتحان”


تسألها بهية كل يوم وتتصل بها بعد امتحانها مباشرة باهتمام وحنان كبير………

-الحمدلله كان كويس.

“الحمدلله، أنتِ عرفتي اللي حصل؟!”.

عقدت ريناد حاجبيها ولم تفهم شيء فعقبت:

-عرفت إيه بالظبط؟ إيه اللي حصل؟؟..

جاءها صوت بهية حزين نوعًا ما وسبب حديثها صدمة إلى ريناد:

-الست يسرا أم سلمى اتوفت امبارح ، وشوية هتكون الدفنة والعزاء هيكون بليل…

-لا إله الا الله، وده حصل ازاي؟.

ردت عليها بهية بحزن حقيقي:

-بيقولوا وهي في الشغل مع صحابها وقعت مرة واحدة ونقلوها المستشفى واكتشفوا هناك أنها ماتت، مكنتش بتشتكي من أي حاجة، ربنا يصبر بناتها بس ويعينهم…

تمتمت ريناد بنبرة حزينة بحق فمن قد يسمع عن وفاة شحص ولا يحزن على حال أهله:


-أمين يارب، أنا هروح البيت اغير هدومي واجيلك ان شاء الله….


______________

في احدى شركاته الخاصة بالتطوير العقاري كان يجلس في مكتبه وأمامه بعض الأوراق يقوم بقرأتها ولم يكن الأمر هام إلى تلك الدرجة ولكنه كان يأخذ وقته مما جعل المساعدة الخاصة به تهتف:

-أستاذ حمزة داخل على ساعة ونص قاعد برا هو من الساعة تسعة ونص هنا.

تذكره بالأمر وكأنه قد نسى..

ليس متعمدًا…

فهي لا تجد أي مبرر أخر يجعله ينتظره هذا الانتظار كله سوى بأن رب عملها قد نسى بأنها أخبرته منذ ساعة ونصف بأنه في الخارج…

تحدث زين بهدوء:

-مش قولتيله أني في meeting؟!.

هزت رأسها بإيجاب وهي تخبره بعدم استيعاب:

-ايوة قولتله بس…

رد عليها زين بثبات وهو يقاطعها:

-تمام اخرجي أنتِ دلوقتي ونص ساعة كده ابقي دخليه لو سألك قوليله أن لسه مخلصتش…


بعد مرور أكثر من نصف ساعة، ولج حمزة إلى المكتب الخاص بـ زين وهو عابس الوجه، بسبب تلك المدة الطويلة التي قضاها في انتظاره ولكن بالرغم من ضيقه إلا أنه قرر أن يصمد حتى النهاية لم يرحل ويستسلم، فهو منذ مدة ينتظر عودته من السفر…

نهض زين مصافحًا أياه والابتسامة تزين وجهه لكنه غمغم باعتذار بعدما صافحه ومازال محافظًا على ابتسامته:

-معلش اتأخرت عليك..

رد عليه حمزة مقتضبًا:

-ولا يهمك..

أشار له زين نحو المقعد بعدما عاد وجلس على مقعده مغمغمًا بترحاب:

-اقعد يا حمزة؛ تشرب إيه؟!

تحدث حمزة بنبرة مقتضبة وهو ينظر له بانزعاج شديد:

-أنا مش جاي أشرب يا زين أنا جاي اتكلم في اللي عملته مع ياسمين، اومال لو مكناش قرايب كنت عملت إيه؟ تطلقها كده من غير أهلها ومن غير ما تكلم حد وتروح بعدها مسافر ومترجعش إلا أمبارح.

رد عليه زين بهدوء شديد لا يفهم هو نفسه من أين يأتي به بعد الأحداث الأخيرة هو ليس بخير أبدًا لكنه يظهر ذلك ببراعة شديدة:

-أنا مطردهاش من البيت واخدت حقوقها كلها مظلمتهاش يعني خرجنا منها بالمعروف زي ما دخلنا بالمعروف زي ما بيقولوا، واحنا مش عيال صغيرة علشان ناخد رأي حد في قرار اخدناه..


قاطعه حمزة مستنكرًا:

-لما بيحصل مشكلة او خلاف بين الراجل ومراته وهما مش عارفين يحلوه لوحدهم المفروض بيجيبوا حد، بلاش أنا كنت جيبت خالتو على الأقل، مفيش طلاق بالساهل كده خصوصًا أنها باقية عليك وعلى بيتها.

تمتم زين بنبرة هادئة ومتماسكة رغم غضبه الشديد الذي يجعله على وشك أن ينهض ويلكمه لكمة لا ينهض من بعدها:

-ده النصيب يا حمزة، وده نصيبي معاها في تفاصيل خاصة كانت في علاقتنا مش مريحاني وأنا مش لازم أقولها ليك وأكيد لو الأمور كانت ينفع تتحل أو هو مجرد خلاف بسيط كنا جينا وقولنا وجبناكم لكن الموضوع ده يخصنا أحنا بس، وأنا آسف لو كنت ممشيتش حسب الأصول في نظرك…

تحدث حمزة بانفعال يحاول كبته قدر المستطاع:

-يعني ده أخر كلام عندك يا زين؟ أنا جيت علشان لسه باقي أن بيتكم ميتخربش ولأني مش مقتنع بكلامكم..

رد عليه زين رد مُبهم لم يعجبه لكنه أثار بداخله نوع طفيف من القلق بجانب غضبه الشديد من افساد زيجة كهذه كان من الممكن أن يحقق منها العديد من المنافع:

-كل حاجة في الأول والآخر قسمة ونصيب وسيب كل حاجة للوقت والظروف محدش عارف إيه اللي ممكن يحصل وربنا يعمل اللي فيه الخير..

______________

“بس يا جهاد”.


“بس يا جهاد بقا حرام عليكي”.

“اسكتي يا جهاد”.

“عيطي بس متصوتيش، بلاش تصوتي يا جهاد هنا اسكتي”.

كان هذا ما تقوله سلمى أثناء دفن والدتها في المقابر التي تعود إلى عائلتها…

كانت رؤيتها ضبابية منذ ليلة أمس منذ أن سمعت الخبر، الذي وقع على جهاد كالصاعقة فـ تصرخ منذ ليلة أمس…

بينما سلمى مازالت تشعر بالصدمة لم تعطِ أي ردة فعل حتى الآن، برغم أنها الوحيدة التي دخلت مع المرأة التي قامت بتغسيل والدتها وعاونتها في صمت رهيب..

كان نضال يحاول أن يُنهي جميع الإجراءات منذ ليلة أمس، ولم يتركها فكان يأتي بين الحين والآخر ويتحدث معها لكنها لا تتكلم، ولو عقبت على أي شيء تعقب على شيء مختلف تمامًا غير أمر والدتها….

صمتت جهاد بعد تعقيب شقيقتها وأخذت تبكي في أحضان انتصار التي تبكي هي الأخري متأثرة وتحاول مواساتها في الوقت ذاته…

سارت سلمى بعدما تم دفن والدتها، خالها لم يأتِ حتى الآن بسبب أمور عمله ومرض زوجته الشديد وهي طريحة الفراش منذ مدة وتتلقي العلاج لكنه أخبرهما بأنه سوف يحجز على أول طيارة ويأتِ في أقرب فرصة يطمئن بأن هناك شخص مع زوجته بعدما اتصل بشقيقها وطلب منها الاتيان…

كذلك سلامة الذي سوف يأتي فجر اليوم التالي…


كانت تتحدث مع ذاتها..

حتى بعد سيرها…

“اسكتي يا جهاد، اسكتي”..

كان هذا ما نطقت به قبل أن يصيح الجميع بأن سلمى قد سقطت مما جعل نضال يهرول ناحيتها ويحاول أن يرفعها أرضًا، بعدما تلطخت ملابسها بالأتربة، كما جاءت جهاد وخلفها زهران و انتصار، أما دياب أقترب لكنه ظل محافظًا على وقوفه بعيدًا وبمسافة مناسبة…

-سلمى، سلمى، سلمى ردي عليا…

تلك الكلمات خرجت من فم نضال وفي الوقت ذاته جاءت أحدى الفتيات وهي تحمل زجاجة مياة فأمسكها نضال ووضع بضعة قطرات يمسح بها وجهها، فتحت عيناها مما جعل جهاد تبكي بقوة وهي تسألها:

-سلمى أنتِ كويسة يا حبيبتي؟؟؟..

تمتمت سلمى بنبرة مكتومة وهي تحاول أن تنهض ليساعدها نضال:

-أيوة أنا كويسة متقلقيش…

هتف نضال مرتبكًا وخائفًا إلى أقصى حد عليها وهو يضع يده حول ذراعيها بعد نهوضها حتى لا تسقط، هي ليست قادرة على أن تتزن وكأن قدمها ما عادت تستطع حملها…


-سلمى تعالى نروح المستشفى..

غمغمت سلمى بإصرار واضح:

-لا أنا عايزة اروح البيت…

تمتم نضال بنبرة خائفة وكل ما يتواجد بها يدفعه إلى القلق:

-لا نروح المستشفى أنتِ شكلك مش كويسة.

هتفت سلمى بإصرار رهيب:

-لا أنا عايزة اروح البيت، أنا كويسة…

كادت جهاد أن تتحدث لكن قاطع زهران محاولة أي شخص للحديث:

-خدها البيت يا نضال تقعد ترتاح شوية وتأكل ليها لقمة ولو حصل حاجة ابقى وديها أو نجيبلها دكتور.

كان زهران خير من يُدرك الحالة التي تمر بها سلمى، ويشعر بها كما يشعر الجميع بأنها تمر بصدمةٍ…

لا يستطيع الطب في كل الأحوال مدواتها أو المستشفى على علاجها ففي بعض الأحيان هناك أوجاع تشفى منها بمفردك أو تتعايش معها، ليس كل شيء يستطيع الطب أو الناس مدواته، قد يخففوا منه فقط…

نظر نضال إلى سلمى مستجيبًا إلى مطلبها بعد حديث أبيه:


-ماشي يلا علشان أوصلك البيت..

سارت معه نحو السيارة بينما جهاد بقيت في مكانها تصافح من يصافحها ويحاول مواساتها، وجه زهران حديثه إلى وفاء التي كانت واقفة معهم:

-روحي معاهم يا بنتي وخدي المفتاح من جهاد، وأنا هخلص وأجيب مرات عمك وجهاد ونيجي وراكم…

-حاضر يا بابا.

قالتها وفاء ثم سارت خلفهما، فهي أعتادت على زهران بالفعل في مدة قصيرة حتى أن لسانها عقدته تم حلها بواسطة لُبها الذي بدأ يقتنع بأنه بالفعل والدها وتلك عائلتها التي سوف تقوم بتعويضها عن كل لحظة مرت في حياتها من دونهم….

بعد ساعة تقريبًا كان نضال ووفاء في الشقة الخاصة بالسيدة يسرا، تمتم نضال بنبرة هادئة قدر الإمكان رغم أنه يموت خوفًا عليها:

-هعملك حاجة تأكليها ادخلي غيري هدومك وخدي دش ولسه في وقت ممكن تنامي شوية كمان لغايت بليل..

جلست سلمى على الأريكة تحت نظرات الاثنان، تلك أريكة والدتها التي لطالما استمتعت وشاهدت التلفاز وهي تجلس فوقها، كما قامت بتمشيط خصلاتهما، حتى تقطيع الخضروات..

تلك الأريكة هي روح والدتها التي كانت تحب دومًا الجلوس عليها دون أي مقعد أو أريكة أخرى..

خلعت سلمى خِمارها الأسود بملامح باهتة وغير مفهومة، بقيت فقط بالجزء الذي ترديه أسفله مغمغمة بنبرة مرتجفة:

-اقفلوا المروحة..أنا سقعانة أوي…


كانت وفاء ضغطت على الزر عند دخولهما بحركة تلقائية منها لأن الطقس حار، هما في منتصف شهر يونيو الذي قارب على الانتهاء والصيف في شدة ذروته لكنها تشعر بالبرد!!!…

ذهب نضال وضغط على الزر فقام بإغلاق المروحة المُعلقة في السقف رغم سخونة الجو…

كررت سلمى الأمر:

-أنا سقعانة أوي…

هتفت وفاء بنبرة مترددة:

-أنا هدخل اجيبلها حاجة تتغطى بيها طيب…

ولجت وفاء إلى الحجرة وخرجت بعد دقيقين تألم فيهما نضال بما يكفي وهو يراها في تلك الحالة وكأنها في عالم منفصل عنهما تمامًا..

كانت وفاء تحمل بين يدها غطاء سميك وجدته في أحد الأركان لحسن الحظ لم تضطر لفتح الخزانة وهي غريبة عن المنزل وضعته عليها فأخذت سلمى تغطي نفسها بحركة تلقائية وهي تستلقى على الأريكة ثم أغلقت عيناها…

-سلمى…

قالها نضال يرغب في قول أي شيء لكنها لم تستجب له من الأساس هنا وضعت وفاء يدها على كتفه مغمغمة بألم وكأن ذكرى وفاة والدتها وحتى حبسها بعدها كل هذا يمر أمام عيناها:


-خلاص يا نضال سيبها أنا حاسة بيها، سيبها على راحتها بلاش نضغط عليها في أي حاجة خليها تنام شوية وتكون جهاد جت ونحضر ليهم أي لقمة يأكلوها…

تمتم نضال بخوف حقيقي ونبرة خافتة وهو ينظر لها:

-أنا خايف عليها سلمى من امبارح منطقتش، مدتش أي رد فعل؛ يمكن جهاد بتحاول تخرج اللي جواها سلمى ساكتة بشكل قالقني أوي يا وفاء..

-متقلقش مش هتفضل ساكتة كتير سيبها دلوقتي هي لسه مصدومة ووقوفها على أمها وهي بتتغسل ده شيء صعب جدًا أنا شخصيًا معرفتش أعمله….

_____________

….في المستشفى…

كانت إيناس تجلس أمام الحاسوب وهي ترتدي الملابس الخاصة بالعاملين في استقبال المستشفى التي تكن سترة من اللون الأزرق القاتم وأسفلها قميص أبيض وحجاب من اللون الرملي “البيج”، بنطال من نفس لون السترة، منذ شهر ونصف أصبحت منذ شهرين تعمل بشكل رسمي بعدما انتهت فترة تدريبها.

أقتربت منها شيرين بمقعدها المتحرك بعدما وجدت أن المرأة التي كانت تقف أمام صديقتها ذهبت بعدما انتهت إجراءاتها…

تحدثت شيرين بنبرة جادة للغاية:

-أنا خلاص هسقط من قلة الأكل النهاردة اليوم زحمة أوي، أيه هنأكل إيه؟؟؟..

تمتمت إيناس بنبرة هادئة وهي تنظر لها:

-مش عارفة أنا مش جعانة أوي، اطلبي أنتِ وهاجر والباقيين لأني الصبح فطرت أصلا قبل ما أنزل ومش جعانة..


هتفت شيرين بعدم استيعاب:

-أنا مش فاهمة يعني إيه انسان علشان فطر يبقى مش هيتغدى، أنا أصلا معرفش يعني إيه أنا مش جعان علشان ده شعور عمري ما حسيته أنا علطول جعانة..

ضحكت إيناس رغم ما يتواجد في خُلدها منذ الصباح، أسترسلت شيرين حديثها وهي تثرثر معها:

-المهم النهاردة الصبح كانت الدنيا زحمة لما جيتي ونسيت أسألك أنتِ لابسة أسود في أسود كده ليه؟..

تمتمت إيناس بنبرة حزينة نوعًا ما رغم أنها لم تكن تمتلك علاقة قوية معهم بل نادرًا ما كانت تراهم:

-واحدة جارتنا اتوفت وعقبال ما اخلص الشيفت وأوصل هيكون خلاص العزاء بدأ ولو طلعت بيتنا مش هقدر أنزل تاني، فهروح على طول بقا أقابل ماما هناك.

هتفت شيرين بأسف:

-ربنا يرحمها.

-يارب..

تمتمت شيرين بفضول:

-طب وجواد وجنى هتعملي إيه فيهم؟؟.

تحدثت إيناس وهي تفسر لها الوضع، شيرين أصبحت أكثر من مجرد زميلة عمل في حياتها بل بالفعل صديقة وأخت بكل ما تحمله الكلمة من معنى:


-واحدة جارتي ابنها في الحضانة معاهم هتاخدهم عندها البيت وأنا لما اروح العزاء واخلص دنيتي هروح اخدهم منها..

بمجرد أن عرف طليقها عمرو بأنها بدأت في الإجراءات الحكومية بأخذ الأطفال وهو رد الأطفال إليها هو يخشى تلك الأمور في كل الأحوال هو فقط يتحدث ويحاول اثبات نفسه فقط حينما لا تكن الأمور بشكل جادي ورسمي…

لكنها لم تتوقف بالرغم من أخذها أطفالها بل ظلت مستمرة في القضية الخاصة بنفقة أطفالها…..

لم تتوقف..

لأنها لا تريد التنازل في حق أطفالها أبدًا..

هي تنازلت في حقوقها في تلك الزيجة كثيرًا…

لكن أطفالها لن تسمح…

علاقتها بـ جواد…

كما هي تقريبًا لم يحدث أي تطور ملحوظ ولم تعرف هي أنه يساعدها بطريقة غير مباشرة…

فقط حينما يمر أمامها ويلقي عليهم التحية ترد مع الجميع، رغم شعورها بالارتباك من نظراته حتى ولو كانت عادية تربكها هذا الرجل غريب جدًا رُبما لأنه يمتلك هالة وجاذبية خاصة، أو رُبما لأن قلبها يشعر بأنه يمر كثيرًا من أجلها، كأنه يقصدها…

جزء بداخلها يشعر بهذا ورغم أنه محقًا في تلك النقطة إلا أن عقلها كان يرفض مجرد الاحتمال….


شيرين كانت ترغب كثيرًا في قول الأمر أمامها..

لكنها خشيت بسبب تحذيرات جواد..

لكن هل سوف تستمر كثيرًا وتكبح ذاتها ولسانها الثرثار؟!!!!!

_____________

أخرجت سامية من الخزانة بنطال أسود وكذلك كنزة سوداء وحجاب أسود، فهي تستعد من أجل الذهاب إلى العزاء الخاص بالسيدة يسرا..

خرجت من الحجرة لتجده يشرب سجائره بشراسة ويبدو عليه وعلى ملامجه الغضب الشديد منذ أن عاد من مقابلة ابن خالته “زين”.

جلست سامية بجواره مغمغمة بهدوء وكأنها تنتظر إجابة جديدة:

-مالك يا حمزة في إيه بس؟.

تحدث حمزة مستنكرًا سؤالها ويسخر منها:

-هيكون مالي يعني؟ ما أنا زي الفل أهو قدامك.

قالت سامية بنبرة مقتضبة:

-مش باين من ساعة ما رجعت من عنده وأنتَ مش كويس..

صاح حمزة مستنكرًا وهو ينظر لها غاضبًا إلى أقصى حد:


-طب ما أنتِ عارفة اهو كويس إيه اللي مضايقني ومخليني متعصب وفاهمة كل حاجة بس ليه نسكت، لازم أسئلة كتير ملهاش داعي وأنا على أخري أصلا.

نظرت له سامية بانزعاج شديد من طريقته الحادة والتي باتت أسلوب حياة مؤخرًا منذ طلاق شقيقته:

-عارفة أنك روحت و لما جيت قولت اللي حصل ما بينكم أنا مش بسأل على الفاضي بس أنا شايفة أنك مكبر الموضوع أوي بصراحة..

نظر لها حمزة نظرة كاد أن يقتلها بها وهو يردد جملتها:

-أنا مكبر الموضوع؟!!..

هزت رأسها بإيجاب ثم أسترسلت حديثها بشجاعة:

-ايوة مكبر الموضوع على الفاضي، أي جوازة احتمال فيها الطلاق، وأنتَ حالتك غريبة أوي بصراحة..

صاح حمزة ثم تحدث بنبرة متشنجة:

-بيت اختي اتخرب وتقوليلي مكبر الموضوع؟؟ أنتِ مستفزة جدًا وقاصدة تنرفزيني تقريبًا.

تمتمت سامية بتوضيح لوجهه نظرها:

-أنا مش مستفزة يا حمزة ولا قاصدة أعصبك بس أنا شايفة أنك مضايق أكتر من صحاب الشأن نفسهم، أنا كلمت أختك كذا مرة وفعلا أنا شايفاها أه مضايقة وده شيء طبيعي بس مش بالشكل اللي أنتَ فيه..

ابتلعت ريقها ثم أسترسلت حديثها :


-حتى جوزها رد فعله معاك طبيعي الاتنين انفصلوا بمنتهى الهدوء ومن غير مشاكل وهيتخطوا أكيد كل حاجة محتاجة وقت، ليه بقا كل اللي أنتَ فيه ده؟؟..

تمتم حمزة بنبرة غاضبة وهو ينظر لها بانفعال كبير:

-أنا زعلان على اختي وعلى بيتها وهي أكيد موجوعة وزعلانة بس مش عايزة تبين كده ومدام كلمتيها كذا مرة يستحسن تعقليها لأن موضوع تأجيلها الخلفة من راجل عايز يخلف اكيد ده سبب المشكلة الأساسية، عقليها تروح تصالح جوزها علشان يرجعها أحسن.

-وأنا مالي هو أنا وصية عليها كل واحد بيعمل اللي يريحه…

صاح حمزة بغضب كبير:

-خلاص يبقى اسكتي ونقطيني بسكاتك أحسن علشان أنا على أخري بجد..

هتفت سامية بانزعاج وهي تنهض من مكانها:

-ماشي أنا قايمة اخد دش وبعدين البس وانزل هتيجي معايا؟.

سألها حمزة بدهشةٍ:

-اجي معاكي فين وأنتِ رايحة فين أصلا؟..

-ما أنا قولتلك الصبح لما كلمتك، حماة سلامة ونضال اتوفت والنهاردة العزاء أنا مروحتش الصبح الدفنة بس أكيد لازم اروح العزاء، وأنتَ المفروض تيجي معايا دي الأصول..


تذكر ذلك الأمر وتلك المكالمة التي أتت له وهو يشعر بالغيظ الشديد أثناء انتظاره مقابلة زين وقتها لم يركز حتى فيما تقوله…

-ماشي امشي أنتِ وأنا هبقى أنام ساعة كده وهبقى اجي…

تمتمت سامية بتردد:

-ماشي بس اوعى متجيش علشان شكلي قدامهم ميبقاش وحش..

تحدث حمزة بنفاذ صبر:

-قولت جاي يا سامية مش لازم رغي كتير وبعدين أنا هاجي علشانك، لكن أنا ولا أعرف اللي ماتت ولا ليا علاقة بيها يعني…

____________

يجلس على السفرة يتناول الغداء برفقة شقيقته نسمة والسيدة منيرة، عادت شقيقته منذ مدة أخيرًا عادت تنير حياته من جديد بوجودها..

حياته من دونها لم تكن شيء أبدًا..

هناك رابطة تشكلت بينهما قوية جدًا أكثر مما سبق تشبه الرابطة التي كانت بينها وبين والده رحمه الله…

حياته تلك الفترة كانت غريبة…

اختفت رانيا لم يعد يراها عكس السابق وهذا شيء جيد جدًا بالنسبة إليه لكنه غريب نوعًا ما يبدو أن رانيا وجدت ورقة رابحة غيره؛ لكن هذا لا يهمه..

الشيء المهم والجيد أنها ابتعدت..


لكنه أصبح مشغولًا ومتوترًا…

أصبحت تشكل في حياته ووجدانه جزء كبير وهو ناضج بما يكفي حتى يستطيع تفسير مشاعره، لكنه فقط يشعر بالقلق والخوف من أن يخوض تجربة ثالثة، لكن إلى متى سوف يكبح نفسه ومشاعره؟!!

هو نفسه يدرك بأن هذا لن يستمر طويلًا..

هو يسأل عن أحوالها من المرأة التي هي صديقته ومديرتها المباشرة؛ يراقبها بطريقة جعلته أشبه بمراهق حقًا….

ولكنه يحاول التعامل بحذر قدر المُستطاع في النهاية هو لا يستطيع التأكد من كونه من الممكن أن يغامر ويدخل في علاقة مع أمرأة ثالثة ويستمع إلى حديث صديقه الذي يدعمه ويحاول تشجيعه على اتخاذ تلك الخطوة وأنه ليس برجل قد ترفضه أمرأة عاقلة؛ ولكن هو لا يظن بأنها تخطت تحربتها السابقة أيضًا…

تنهد تنهيدة مطولة والأفكار متزاحمة في عقله وحينما انتهى الغداء ذهب إلى المطبخ يحضر قهوة سريعة الذوبان بنفسه كالعادة قبل أن يرحل من أجل جدول عملياته، بينما شقيقته صعدت إلى حجرتها…

جاءت من خلفه منيرة مغمغمة والفتيات تقوم بترتيب المطبخ في الوقت ذاته:

-يعني كلنا موجودين وبتعمل لنفسك..

-عادي حاجة بسيطة، وبعدين أنا بحب أعمل الحاجة اللي عايز اشربها بنفسي، مش هاجي بعد العمر ده واتغير..

ابتسمت له منيرة ثم غمغمت بنبرة قلقة:


-هايدي جاية النهاردة نزلت إجازة وجاية تشوف نسمة، علشان كده نسمة طلعت علشان تجهز..

تمتم جواد بعدم فهم بعدما سكب القهوة في الكوب:

-إيه المشكلة؟ تيجي أي وقت ومدام نسمة عايزة تشوفها.

-أنا بس قولت اعرفك يعني…

هز رأسه بإيجاب ثم غمغم:

-أنا النهاردة بليل هتأخر محدش يستناني على العشاء، لو هايدي هنا خليها تتعشى مع نسمة لو كانت مشيت قبلها خلي نسمة تأكل وتنام بلاش تفضل صاحية مستنياني لأني مش هاجي قبل الفجر.

تمتمت منيرة بهدوء:

-حاضر يا ابني..

_____________

….في المساء….

تجلس جهاد في الغرفة بينما بدأت النساء في الاتيان من أجل تقديم واجب العزاء؛ والرجال كانوا في الأسفل في الصوان الكبير الذي أوقف الحركة في شارع خطاب من بدايته إلى نهايته..


الهاتف على أذنيها تتحدث مع زوجها سلامة الذي يبكي، نعم بكى من أجل حزنه على يسرا، وفي الوقت ذاته يبكي لأنه ليس بجوارها منذ ليلة أمس، يحاول مواساتها بأي طريقة ممكنة..

-حقك عليا يا جهاد؛ حقك عليا إني مش معاكي دلوقتي ولا جنبك..أنا مش مسامح نفسي..

مسحت دموعها وهي تخبره بنبرة هادئة وكان من الغريب جدًا بأنها رغم انهيارها هي المتماسكة نوعًا ما وواعية لما يحدث:

-محدش يعلم الغيب يا سلامة ولا كان حد عارف اللي هيحصل متقعدش تلوم نفسك ولا تضايق نفسك على الفاضي أنتَ ملكش ذنب كله نصيب.

هتف سلامة بتردد وانزعاج كبير من العجز الذي يشعر به فهو منذ أن تلقى الخبر أمس وهو يحاول السفر، رغم صعوبة الأمر إلا أنه استطاع بصعوبة أخذ خمسة أيام أجازة بسبب ما حدث بعد شجار دام بينه وبين مديره المباشر ليأتي شخصًا ما يحاول حل الشجار..

-لو كنت معاكي كان الوضع اختلف، ومتقلقيش يا حبيبتي أنا حضرت شنطتي وشوية ونازل رايح المطار وبإذن الله على الفجر هكون عندك..

ردت عليه جهاد بنبرة هادئة وهي تمسح دموعها التي لا تتوقف:

-تيجي بالسلامة، متشغلش بالك ولا تلوم نفسك.

ثم أسترسلت حديثها بخوف حقيقي يلازمها:

-أنا كل اللي خايفة عليه هو سلمى، سلمى مش بتتكلم مش بتطلع اللي جواها وكأنها في دنيا تانية أنا خايفة عليها أوي.

…في الخارج…


استيقظت سلمى منذ مدة ومازالت جالسة في عالم أخر يلقي الناس التحية عليها تهز رأسها فقط ومازال الغطاء فوقها، مازالت تشعر بالبرد..

جاءت انتصار وهي تحمل الأرز واللحم التي صنعته، أتت بكميات قليلة لكنها تتمنى أن تتناولها..

جلست بجوارها وهي تحمل الطعام في الصينية، بعدما رفضت سلمى النهوض والذهاب إلى الغرفة فأجبرت أن تأتي بالطعام إلى هنا…

-كُلي يا بنتي..

هزت رأسها نافية وهي تخبرها:

-مش جعانة.

تمتمت انتصار بأسف وحنان:

-كلي يا حبيبتي بس حتى لو معلقة واحدة أنتِ مكلتيش من امبارح يا بنتي كده مينفعش…

أقتربت منهما بهية التي كانت تقوم ريناد بتوجيهها فوقفت أمامها هاتفة بنبرة هادئة:

-كلي يا بنتي أي حاجة كده علشان خاطري.

قالت سلمى بنبرة ثابتة كأنها تخاطب ناس ليسوا أمامها:

-مش جعانة..

ثم نظرت على المكان الخالي لـ جهاد مغمغمة:


-هي جهاد فين؟؟..

تمتمت انتصار بنبرة عادية وهي تخبرها:

-في الاوضة جوا بتتكلم في التليفون مع سلامة..

سألتها سلمى باهتمام غريب في وضعها:

-كلت ولا لسه؟؟.

ردت عليها انتصار بنبرة مفسرة:

-وفاء هتودي ليها الأكل؛ كلي أنتِ بس..

نهضت سلمى بعدما أبعدت الغطاء عنها وحملت الصينية من انتصار ثم توجهت صوب غرفتهما وكان الباب مفتوحًا لترى جهاد وهي تبكي والهاتف على أذنيها فقالت سلمى بنبرة هادئة:

-كلي يا جهاد أنتِ حامل…

أنهت جهاد المكالمة بتلك الطريقة:

-سلام دلوقتي يا سلامة..

نهضت جهاد تحت أنظار انتصار وسلمى ثم اقتربت منها مغمغمة:


-أنا كلت من شوية يا سلمى، وهأكل تاني المهم تأكلي أنتِ مكلتيش حاجة من امبارح..

أردفت سلمى بهدوء:

-لا أنا مش عايزة أكل أنا هنام شوية كلي أنتِ بس…

كانت إيناس ووالدتها في الخارج يتحدثا مع بهية وريناد؛ وبسبب أن الوقت قد تأخر وفي الغد لديها موعد في الصباح:

-أنا هقوم امشي، أنتِ لسه قاعدة؟!.

تمتمت بهية بهدوء:

-اه هقعد شوية يمكن أعرف اتكلم مع سلمى شوية، روحي أنتِ لسه مشوارك بعيد، خلي بالك من نفسك ولما توصلي عرفيني..

هزت رأسها بإيجاب ثم وجهت التحية إلى حُسنية وإيناس:

-مع السلامة..

خرجت من فم إيناس أيضًا:

-مع السلامة.

هتفت حُسنية بتلقائية شديدة:

-الله يسلمك يا حبيبتي خلي بالك من نفسك وابقي تعالي اقعدي معانا اهو نشوفك وحشتينا يا بنتي والله اخدنا عليكي.


تمتمت ريناد بنبرة هادئة:

-ان شاء الله….

أنهت حديثها ثم غادرت…

خرجت من البناية ثم حاولت المرور في هذا الممر الضيق الموجود بجانب العزاء الخاص بالرجال…

ألتوت قدمها بسبب أحد الاحجار وخرج منها تأوهًا فحاولت الاعتدال والاستمرار في المشي وأثناء أخذها حقيبتها التي سقطت أرضًا فأستدارت رأسها مما جعلها تلمحه وهو يقف بجوار أحد الرجال…

كأن عينه قد لمحتها أيضًا….

هنا سارت بسرعة شديدة متوجهة صوب سيارتها التي لم تكن بعيدة كثيرًا بل في بداية الشارع التي يوازي شارع خطاب…

كان يسير خلفها يحاول النداء عليها لكنها لم تسمعه وحتى لو سمعته لن تتوقف….

توجهت صوب سيارتها ثم أغلقت الباب بسرعة شديدة……

فرمقته بنظرة أثناء محاولته المرور من الشارع للوصول لها، لكنها أدارت محرك السيارة وأنطلقت بسرعة رهيبة…..

هي لا تتحمل أكثر من ذلك مازالت تتذكر كلماته المستفزة، والتي جرحتها جرحًا عميقه وكأنه يرفض مشاعرهما، كأن مشاعره تجاهها خطيئة لا تغتفر….

بينما هو اشتاق لها بل جن جنونه بسبب شوقه لها وحبها الذي أتى في وقت لم يبحث عن الحب فيه ولا يوجد مكان له لكنه أتى…..


…عودة مرة أخرى إلى شقة السيدة يسرا…

جاءت زوجات أعمامها وبناتهم من أجل تقديم واجب العزاء كما أتى أعمامها، بينما والدها لم يأتِ كالعادة لا يعرف أحد أين مكانه..

متى عودته؟!.

مالت انتصار على ابنتها الجالسة بجوارها:

-جوزك جه ولا مجاش؟؟..

هتفت سامية بتوتر:

-يعني لسه نازل، هو في الطريق يعني..

أردفت انتصار بسخرية:

-وجاي على نفسه كده ليه، ده العزاء قرب يخلص؟؟..

…بالأسفل…

كان زهران يقف في أحد الأركان بعدما جاءه اتصال هاتفي من صديقه المقرب “جابر جبورة” الذي لم يأتِ بسبب ظروف طرأت لديه….

-الو.

جاءه صوت صديقه وهو يواسيه مباشرة:


“ايوة يا صاحب عمري، مش عارف أقولك إيه غير مضايقش نفسك أنا عارف أنها كانت حب عمرك وكنت خلاص ناوي تأخد خطوة لكن متزعلش نفسك، تماسك يا صديقي كل نفس ذائقة الموت.

________________

ذهب الجميع وانتهى عزاء اليوم الأول…

ما تبقى فقط العائلة، عائلة خطاب برفقة جهاد أما سلمى كانت نائمة في حجرتها؛ مستغرقة في النوم…

بينما نضال يجلس على أعصابه وخرج عن صمته مغمغمًا:

-وهو احنا هنفضل سايبينها كده؟.

تحدث زهران بنبرة عقلانية:

-كل واحد لازم تسيبه يعيش حزنه وتديله وقته، وهي لازم تاخد وقتها بالعكس محدش يضغط عليها وده أحسن وهي مع الوقت هتروق.

ثم أسترسل حديثه موجهًا أياه نحو جهاد:

-سلامة جاي على الفجر ان شاء الله؛ هنبقى نروح نجيبه من المطار، حقك عليه يا بنتي دي الظروف واحنا هنا معاكي…

ابتسمت جهاد ابتسامة باهتة مغمغمة بنبرة هادئة:

-أنا مقدرة كل ده، ربنا يهون يارب.


تمتم زهران موجهًا حديثه نحو نضال:

-يلا يا ابني نمشي بقا ونسيبهم يرتاحوا هما مع بعضهم ومرات عمك راحت البيت تعمل شوية حاجات وراجعة تاني هتبات هنا معاهم، قعدتنا ملهاش لازمة والوقت اتأخر، وهما شوية كده يصحوها يحاولوا تخليها تشرب أو تأكل أي حاجة..

تحدث نضال بنبرة مقتضبة:

-همشي ازاي يعني من غير ما أطمن على سلمى؟.

ردت عليه جهاد بنبرة مرهقة إلى أقصى حد:

-ادخل لو عايز تشوفها بس هي نايمة خالص بس ادخل شوفها علشان ترتاح…..

هز رأسه موافقًا ثم نهض حينما أشارت له ناحية الغرفة التي لم تكن بعيدة…..

توجه صوب الحجرة فتح الباب، الغرفة لم تكن مظلمة على أي حال، أقترب من الفراش الصغير ليجدها نائمة ومنكمشة على ذاتها أنفاسها مستقرة ومنتظمة..متدثرة بالغطاء ومتشبسة به…

خرج من الغرفة مرة أخرى على ما يبدو مثلما قال أبية لا يتواجد شيء يفعله تلك الليلة، و ياليته يستطع الجلوس بجوارها طوال الليل…

هو يتألم بالفعل.

اليوم يدرك إلى أي مرحلة وصلت سلمى في قلبه وفي حياته، أنه يشعر بحزنها وبها بشكل مُريب…..


هو ليس بخير إلى أن تكون سلمى بخير….

…. قبل حلول السادسة صباحًا…..

كان سلامة يقف ويقرع الجرس، فتحت له جهاد التي استيقظت منذ مدة حينما اتصل بها عند وصوله إلى مطار القاهرة…

بمجرد أن رأته بكت أكثر ثم احتضنته بقوة، بكت كأنها لم تبكِ منذ ليلتين ولم تتوقف دموعها…..

لم يكن يخطر في بالها أو يأتي في عقلها بأنها سوف تراه بعد تلك المدة وتراه في هذا الظرف…

صدقًا هي لا تعرف ما الذي يجب أن تقوله في تلك اللحظة وكذلك هو…

دخل معها الشقة وجلس على الأريكة وظلت بين أحضانه تبكي وهو يعطيها المساحة حتى تخرج مل ما يتواجد بها، لأول مرة يحضر سلامة وفاة شخص وهو ناضجًا بما يكفي كان صغيرًا وقت وفاة عمه ورضيعًا وقت وفاة والدته……

هذا ما استطاع قوله وهو يمرر يده على خصلاتها بحنان:

-كله هيعدي أن شاء الله، ربنا معانا، وأنا جنبك ومعاكي ربنا يرحمها يارب…

_____________

في اليوم التالي…

عند بوابة المستشفى كانت تهرول فهي تأخرت، لكنها توقفت حينما وجدته يقترب منها، أخر شخص تتمنى رؤيته…


تحديدًا هنا..

أقترب منها عمرو مغمغمًا بنبرة هادئة وابتسامة صافية:

-ازيك يا إيناس عاملة إيه؟؟..


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الحادي و الاربعون 41 

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الحلقة الحادية والأربعون

اذكروا الله.

دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.

_____________________

‏جميع من حولي أتحدثُ إليهم بعقلي بنضجي وبحذرٍ شديد ‏«إلا أنت» كنتُ دائمًا أتحدثُ معك بقلبي بعاطفتي وبكامل انغماسي فيك

“سأختاركِ

‏مهما كان حالكِ

‏ومهما تبدّلت ملامحُكِ

‏سأختار طريقنا

‏الذي مشيناه سويًا

‏سأختار ليالينا

‏التي غفونا بها معًا


‏سأختار ظلمتكِ

‏وتعبكِ

‏وكل لحظة انشغلتِ فيها عني

‏سأختاركِ

‏دائمًا.”

رُبما غدًا او بعد غد

رُبما بعد سنينٍ لا تُعد

رُبما ذات مساءٍ نلتقي

في طريقٍ عابرٍ من غير قصد.

‌#مقتبسة

_____________

في اليوم التالي…


عند بوابة المستشفى كانت تهرول فهي تأخرت، لكنها توقفت حينما وجدته يقترب منها، أخر شخص تتمنى رؤيته…

تحديدًا هنا..

أقترب منها عمرو مغمغمًا بنبرة هادئة وابتسامة صافية:

-ازيك يا إيناس عاملة إيه؟؟..

اندهشت!!

فعادت خطوة للخلف وهي تنظر له بـريبة، منذ أخر جلسة في المحكمة وهي لم تراه…

من أين عرف مكان عملها من الأساس؟!..

أسئلة كثيرة تخطر في بالعا…

فتحدثت تحاول استيعاب الموقف:

-أنتَ بتعمل إيه هنا؟ وعرفت مكان شغلي منين؟؟.

رد عليها عمرو ببساطة شديدة وهو مازال محافظًا على ابتسامته:

-اللي يسأل ميتوهش يا إيناس ده بالنسبة أني عرفت مكان شغلك منين، أما بعمل إيه هنا أكيد جاي علشانك وعايز أتكلم معاكي..


أردفت إيناس بثبات وتحذير واضح، كانت نبرتها حادة ولا تقبل النقاش:


-عمرو كلامك مع المحامي لو في أي حاجة ولو في حاجة تخص الولاد سمعني لكن غير كده مفيش ما بينا كلام وكفايا كل اللي حصل قبل كده مش ناقصين نغلط في بعض أكتر من كده حتى علشان ولادنا نحترم بعض شوية، وكفايا مشاكل دياب لو عرف أنك جيت ليا الشغل هنا مش هيحصل كويس…

تحدث عمرو بنبرة هادئة ولم يغضب من تحذيرها ومن طريقتها الاندفاعية وبالاخص ذكرها وتهديدها بشقيقها:


-إيناس أنا مش جاي أعمل مشكلة ولا عايز يكون في بينا مشاكل بعد كده، أنا جاي اتكلم معاكي ومش عارف اتكلم معاكي ازاي لأن أنتِ قاطعة كل طرق التواصل ما بينا وكل ما أكلمك من رقم غريب مبترديش..ولو رديتي وسمعتي صوتي بتقفلي في وشي، ولما ببعتلك رسالة في أي حتة بتحظريني.

صاحت إيناس مستنكرة:

-بتكلمني من باقي تليفونات صحابك يعني ولا إيه زي ما عملت قبل كده؟ وبعدين كل ده مش باين ليك إني مش عايزة أتكلم معاك؟ مش عايزة منك أي حاجة غير أنك تهتم بعيالك وتدفع حق مصاريفهم وبس ملكش دعوة بيا ولا في بينا أي حاجة يا عمرو ياريت تفهم ده.

تمتم عمرو بنبرة جادة:

-أنا لسه بحبك يا إيناس..

رفعت إيناس يدها وهي تشير لها بسبابتها:

-اسكت، ياريت تسكت وبلاش كلام ملهوش لازمة علشان اتنازل، وبعدين أنتَ مش كنت خطبت واتلهيت وريحتني من الاسطوانة دي…

قاطعها عمرو محاولًا أن يصحح ما تقوله:


-والله لا المرة دي أنا مش في نيتي أي حاجة، وبعدين أنا فسخت الخطوبة، الفترة اللي فاتت أنا اتعلمت الدرس، والله اتعلمت الدرس، واتغيرت وعايز عيالنا يتربوا وسطنا، وأنتِ هتشوفي أنسان جديد؛ اديني فرصة بس.

ردت عليه إيناس رد قاطع:

-كل مرة كنت بديك فرصة بترجع تخذلني تاني وبترجع تندمني، رفعت ايدك عليا بدل المرة ألف، بهدلتني، أمك مسحت بكرامتي الارض ومكنتش بتنطق؛ كنت ساعات بتضربني قصاد العيال وعياطهم مش بيفرق معاك، ولما خلصت منك وحاولت ترجعني كلمتني من تليفون راجل *** قال عني كلام بالباطل، فرصة إيه اللي ممكن تكون بيني وبينك، رصيدك عندي خلص يا عمرو…

تحدث عمرو بنبرة مقتضبة:

-عارف أني غلطت في حقك كتير بس ارجعيلي حتى علشان العيال وأنا مستعد لأي شروط وضمانات تعوزيها ومستعد أجي بيتكم واتكلم مع دياب وصدقيني هتندمي لو ضيعتي الفرصة دي، هتندمي لما تحرمي عيالك من أبوهم..

-أنا مش بحرمك من عيالك لو عايز تشوفهم في أي وقت اعتقد أنتَ عارف بيتنا فين ومحدش هيقدر يقولك لا رغم كل حاجة عملتها.

تمتم عمرو يحاول استمالتها لعب تكن له فرصة:

-جربي يا إيناس مش هتخسري حاجة لما تديني فرصة وهتشوفي أنتِ بنفسك انسان جديد، وكل الشروط اللي هتحطيها أنا موافق عليها متحرميش عيالك أنهم يتربوا بين أبوهم وأمهم.


صاحت إيناس في وجهه بضيقٍ ومشاعر مختلطة:

-أنا ماشية علشان أنتَ اخرتني على شغلي وياريت متجيش هنا تاني يا عمرو الكلام خلص..

-فكري في كلامي بالعقل، فكري براحتك، مفيش حد مش بيغلط وأنا بس عايز أعوضك عن كل اللي عملته، فكري وأنا هستنى ردك ، لو عوزتي توصلي ليا هتعرفي..


تركته ورحلت متوجهه إلى الداخل بملامح مرتبكة، حائرة وغاضبة.

_____________

يجلس في المكتب الخاص بصديقه أحمد..

وأمامه صورة من بطاقة عمرو طليق إيناس التي حصل عليها المحامي الذي يتابع القضية من صور المحاضر المرفوعة سابقًا على شقيقها…

تمتم جواد بنبرة مكتومة نوعًا ما:

-هو اللي كان موجود الصبح…

تأخر جواد في الصباح هو لم يعد إلى المنزل حتى في الفجر كما أخبر منيرة بل ظل حتى العاشرة صباحًا في المستشفى، وحينما كان يقف في غرفة والده التي تطل على البوابة الرئيسة للمستشفى والحديقة رأها، شاهدها تقف مع رجل غريب لا يعرفه هو!!

لكن ظنه كان صحيحًا هو بالفعل طليقها كما أتى في عقله، لكن لما هو من يشعر بالنار إلى تلك الدرجة؟؟ نار جعلته يأتى إلى هنا بدلًا من أن يذهب إلى منزله، ولما تلك النار مشتعلة إلى هذا الحد تجاة أمرأة لا يتواجد بينهما شيء أكثر من إلقاء التحية، وبعض المساعدة…


ما الذي تمتلكه تلك المرأة لتجعله يشعر بتلك المشاعر المختلفة، نعم هو يشعر…

يهتم..

يدقق في أصغر التفاصيل…

الأمر ليس مجرد ارتباط مثل زيجته التي رغب فيها والده حسب المنطق والظروف من رانيا؛ ولا حتى أمرأة ثانية مثل أحلام التي فعلت الكثير والكثير من أجل أن تجذبه إليها، ورأى بأنها قد تكون أمرأة مناسبة لزيجة ثانية لعل مشكلته تنتهي أن كان من شعوره بالخواء والفراغ، أو حتى في رغبته في الإنجاب وقتها…

لأن أحلام في البداية، بداية العلاقة كانت تظهر نفسها بشكل أخر، شكل أمرأة عطوفة، جيدة، مهذبة، مثقفة، تحبه، كانت مثالية في البداية لعلاقة يرغب في الهروب فيها من أسر زوجته الأولى والحالة التي كانت تجعله فيها…

هذا قبل أن تبدأ المنافع من خلفه وقتها تمردت..

تمردت حيث كانت ترغب في المزيد منه…

تلك المرة هو يشعر بمشاعر مختلفة بينه وبين أمرأة تختلف عنه في كل شيء، ولا يجمعهما شيء، ولا حتى بينهما أي نوع من أنواع الاحتكاك…

سحب صديقه نفس من سيجارته ثم أردف ببساطة شديدة:

-طبيعي طليقها يجي الشغل أو ينط ليها في أي مكان، دي حالة بعض الرجالة لما الموضوع يوصل للمحاكم في جزء منهم بيحاول يلم الدنيا ويكون نوع من التسوية بحيث أنهم يرجعوا وكده كده وقتها هيصرف على العيال بيكون هو ده محور الحديث وممكن يكون ندم فعلا الله أعلم.


سأله جواد بنبرة مقتضبة وهو ينظر له:

-يعني هي ممكن ترجعله؟..

ضحك أحمد رغمًا عنه بسبب سؤال صديقه:

-والله ده شيء محدش يعرفه، في ستات بتكون لسه باقية وبتفكر أن ده ممكن يكون في مصلحة العيال وممكن لسه بتحبه، ده شيء ولا أنا هعرفه ولا حلمي اللي متابع القضية هيعرفه هي بس اللي تعرف هتعمل إيه…

ازعجه صديقه وبشدة كونه يخبره باحتمالية عودتها إلى طليقها؛ وماذا عن مشاعره؟؟ الذي يتم القضاء عليها قبل أن يطلق لها العنان حتى…

هل هذا عدلًا؟!

هل من الممكن أن تعود؟!.

تلك الأسئلة جعلته يخاطب نفسه ساخرًا، لماذا لا تعود؟ ما الذي بينهما من الممكن أن يجعلها لا تعود؟؟..

لا شيء…

تمتم أحمد وهو يُعيد ويكرر الكلمات السابقة الذي أخبره بها:

-أنا بقولك يا جواد، لو حاسس بأي حاجة وفعلا عايز الست دي روح قولها في وشها، واحد اتنين ثلاثة، وشوف هي هتقولك إيه، ومعتقدش أن في بني ادمة عاقلة ترفضك، قولتها وبقولها تاني، مضيعش فرصة من ايدك خلي حياتك يكون ليها روح، لازم تتجوز وتلحق اللي ضاع من عمرك سواء هي أو غيرها…


____________

…بعد مرور يومان…

…في المساء…

بعد إصرار طويل من إيناس والسيدة حُسنية على هدير من أجل أن تمكث معهم تلك الليلة كونها ليلة الامتحان الأولى وكان من الصعب عليهما أن تقضي تلك الفتاة ليلة كهذه صعبة بمفردها في المنزل…

تناول الجميع العشاء وأقترب الوقت من الواحدة بعد منتصف الليل، خلدت إيناس إلى النوم بينما حُسنية جلست في حجرتها تاركة الفتيات تنهي مراجعتهما قبل أن يناما وكان من حسن الحظ هو أن أطفال إيناس خلدوا للنوم مبكرًا بسبب استيقاظهم في الصباح الباكر وذهابهم إلى الروضة يوميًا….

كان ناقوس الخطر قد دق في أذن هدير الذي أخذت تبكي بهستيرية، ولاحظ دياب هذا الأمر وهو يتناول قهوته قبل أن يهبط من أجل الذهاب والبيات مع نضال بعدما انتهى العزاء والآن يجلس في منزب السيدة يسرا، بعد هبوطه سوف يجلس معه على القهوة بعدما سوف يذهب إلى منزل عائلة خطاب…

هذا كله من أجل أن يترك الفتيات على راحتهن ويأتي في الصباح ليقوم بتوصيلهما إلى المدرسة من أجل الامتحان…

كانت حور متماسكة إلى أبعد حد طوال اليوم، حتى أنها كانت تحدث صديقاتها في الهاتف تخبرهن بأن الأمر هين وسهل؛ لا يجب البكاء والنواح، على شيء كهذا…

أنه امتحان كأي امتحان…


لقد فعل الجميع ما يقع على عاتقه والنتيجة المرجوة ستأتي لتسر الجميع حتى ولو ليس في يومها لكن في المستقبل سوف يعرف الجميع بأن هذا هو كان نصيبهم والأصلح لهم..

تمتمت حور وهي تواسيها:

-خلاص بقى مش كل شوية هقول نفس الكلام؛ والله خير يا جماعة تفائلوا مهوا مش معقول التوتر ده…هو امتحان زي أي امتحان يعني.

استطاعت أن تؤثر على هدير حتى تتوقف عن البكاء ولكن بمجرد أن توقفت فأنهى دياب قهوته، وكانت حور التي تواسي الجميع منذ بداية اليوم وحتى الآن هي التي تبكي…

ضحك دياب قليلا وهو يتابع المشهد؛ فأصبحت هدير التي كانت تبكي منذ دقائق هي التي تحث حور على التوقف وتحاول تشجيعها كما فعلت معها…

سحب دياب مقعدًا ثم جلس أمامهما على الطاولة هاتفًا:

-عايز اتكلم معاكم كلمتين قبل ما أنزل..

تمتمت حور بهدوء:

-قول يا دياب..

ابتلع دياب ريقه ثم تحدث بنبرة جادة إلى أقصى حد:

-أنتم عملتوا اللي عليكوا وزيادة في السنة دي كلها؛ لغايت ما خلصتم وتعبتم، لكن خلاص كلها أيام وكل ده هيعدي وهيبقى مجرد ذكري بعد سنين…


نظر لهما وكانت الاثنتان تسمعه بإنصات واهتمام كبير:

-أنتم عملتوا اللي عليكوا، وأحنا عملنا اللي علينا معاكوا، سواء أحنا معاكي يا حور أو طارق يا هدير، عملتوا اللي عليكوا ووفيتوا بعد ما كل واحدة فيكم شافت حاجات كتير وحشة السنة دي، وكانت صعبة نفسيا وعائليًا أكتر من في الدراسة أساسا…

كانت حور تشاهد مرض والدتها وضعفها أمامها؛ وأكثر مراحلها تعبًا، شاهدت طلاق شقيقتها وكل الأحداث الصعبة التي مرت عليهما، أما هدير عانت من الوحدة مهما حاول الجميع تعويضها، عانت من غدر شقيقتها، وشوقها لشقيقها، وقسوة شقيقها الأكبر وزوجته..

استكمل دياب حديثه وهو ينظر لهما:

-علشان كده أنا عن نفسي فخور بيكم أنتم الاتنين، وعارف أنكم تعبتوا في كل حاجة حصلت وخدت من طاقتكم سواء في الدراسة أو غيره علشان كده أحنا النتيجة مش هتفرق معانا في حاجة قد ما هيفرق معانا أن الامتحانات هتخلص وكل واحد فيكم في هم هينزاح من عليه، ومتأكد أن كل واحدة فيكم ربنا هيوفقها وهتكون في المكان الصح ليها..

ابتسمت هدير وكذلك حور…

هذا ما جعل دياب ينهض مغمغمًا قبل أن يرحل:

-كفايا كده بالكتير ساعة وتناموا علشان تكونوا فايقين الصبح و والله متقلقوش أنا متفائل بيكم وكل اللي جاي خير، وأن شاء الله بكرا تكون بداية كويسة ليكم ، وبلاش تتوتروا أبدًا…وافتكروا أننا مطلوب مننا نعمل اللي علينا والباقي مش بتاعنا أبدًا….


_______________

في الليل الذي يتجمع فيه الشوق، وتلتهب فيه المشاعر، كان يفكر في كل ما مر…

خلد نضال إلى النوم بجواره في الفراش أو تصنع ذلك فهو لا يستطيع النوم مادامت سلمى بتلك الحالة…

وهي مازالت في ذات الحالة لم يتغير شيء…

كان دياب يمسك هاتفه كان يمر بين المنشورات المختلفة في صفحتها الشخصية يراقب منشوراتها التي تقوم بمشاركتها، لم يجد شيء قد يخصه اليوم على ما يبدو هي توقفت عن إرسال رسائل خفية له من خلال منشوراتها…

مرت أسابيع الرد فيهم والجواب لا عبر الرسائل في محادثة خاصة بينهما لكن عن طريق مراقبة منشورات الأخر..

لم يمتلك أحد الجراءة الكافية من أجل أن يبدأ حديث إلى أن تغير كل شيء اليوم…

فتح دياب المحادثة التي تتواجد بينهما، الجدير بالذكر بأن أخر رسالة فيها هي شكره لها في وقت شجاره مع شقيقته بعد رسالة طويلة جدا منها….

“ازيك”..

كانت هي في الوقت ذاته الهاتف بين يدها تقلب بملل بين المقاطع إلى أن أتى لها إشعار زلزل كيانها، هزها ومن المفاجأة فتحته على الفور ولم تنتظر شيء…

فتحت المحادثة بعفوية شديدة منها…..

فهي لم تكن ترغب في فتحه الآن….


عاتبت نفسها…..

بالتأكيد هو علم بأنها رأت الرسالة الآن..

ما الحل؟!..

هل هو الرد؟ أم التجاهل..

قررت الثاني رغم صعوبته الشديدة عليها فهي ترغب في محادثته؛ ترغب في الحديث معه، اشتاقت..

وما أدراك ما الشوق الذي يفتك بها!!

خرجت ريناد من المحادثة لم تجب عليه ومرت دقائق ولم تجب عليه، هذا ما جعله يكتب رسالة أخرى ويرسلها…

لكنها كانت رسالة طويلة لكن مهما طالت لا تنافس شوقه لها، شوقه أن يراها صدفة حتى أثناء هبوطه او صعوده..

“يوم العزاء كنت عايز أسلم عليكي بس أنتِ مشيتي كأنك شوفتي عفريت، وعموما حقك تعملي كده وأكتر من كده كمان؛ أنا عارف إني غلطت في حقك، ومكنش ينفع أبدًا أعمل كده، أو اقول اللي قولته، بالعكس كان المفروض أشكرك على اللي عملتيه عشاني، واللي فرق معايا أكيد، فرق معايا في الشغل وفرق معايا من جوايا، مكنش عندي الجرأة وقتها أقولك كده، كنت خايف ومازالت خايف، القرب منك شيء صعب، ومكنتش اتمنى أقول اللي قولته وقتها؛ مش عارف أنا بكتب كده ليه وبقول كده ليه؛ بس كفايا تعرفي إني اللي قولته وجعني زي ما وجعك ويمكن أكتر، أنا مش عايزك تزعلي مني”..

هل هذا يكفي؟!


لا…

أرسل رسالة أخرى…

“ياريت حتى السلام اللي ممكن يكون باقي لينا متحرمنيش منه لو شوفتك بالصدفة تاني أو جمعنا أي طريق، تصبحي على خير”…

وضع هاتفه على الكومود الذي يتواجد بجانبه ثم أستلقى بجوار نضال..

أغلق عينه وهو مرتاح البال لأول مرة منذ أسابيع…

بينما هي كانت تقرأ..

تقرأ…

تقرا.

تكرر الكلام…

تنطقه…

لا تصدق حتى في أحلامها بأن يرسل لها دياب تلك الكلمات رغم ما تحمله من ندم، قسوة واعتراف خفي، لكنها كانت تكفيها، حتى وهي لا تجد رد مناسب عليها لكنها حُفرت في عقلها…

سوف تنام سعيدة جدًا…


لأن الرجل التي تكن له تلك المشاعر تنازل واعترف بخطئه حتى ولو كان متأخرًا، هي تغفر له، بالأساس هي لا تعرف شيء سوى الغفران له…

وأن تحبه كأنه الرجل الوحيد على وجه الأرض.

______________

وضعت مستحضرات التجميل التي تضعها قبل نومها في روتين سريع فهي مرهقة اليوم كان لديها بضعة مواعيد تخص عملها…

التقطت سامية هاتفها الموضوع أمامها ثم قامت بالاتصال بـ والدتها التي لم تجب عليها منذ ساعة ولم تتصل بها…

أجابت والدتها تلك المرة عليها بنبرة هادئة:

-ايوة يا سامية، عاملة إيه يا حبيبتي؟..

ردت عليها سامية بنبرة عادية:

-الحمدلله؛ إيه فينك كده مردتيش عليا يعني لما اتصلت بيكي؟؟..

جاءها صوت انتصار وهو يفسر لها ما حدث:

-كُنت عند جهاد وسلمى ومسمعتش التليفون لسه داخلة البيت حتى…

تحدثت سامية بانزعاج جلي وهي تنهض من فوق المقعد:

-كل ده هناك؟ الوقت اتأخر جدا..


تمتمت والدتها ساخرة:

-هو أنا كنت في السلوم؟ ده في شارعنا يعني مش بعيد؛ يوم أنا ببات معاهم ويوم وفاء ولو منمتش عندهم بروح اعدي عليهم..

هتفت سامية معترضة:

-والله أنا شايفة أن مش جاي من ورا عمي زهران وعياله غير القرف ووجع الرأس، الأول حوار اخت طارق وبعدين موضوع بنته؛ دلوقتي سلمى وجهاد وكل حاجة أنتِ اللي بتشيلي الطين فيها ورايحة جاية، ده كفايا سلمهم يعني..

ردت عليها والدتها بنبرة غاضبة إلى أقصى حد:

-هو البعيدة جبلة مش حاسة؟؟ حطي نفسك مكانهم أمهم زي الفل مكنش فيها ولا حاجة الست ماتت فجأة وكانت صدمة بالنسبالهم وفيهم واحدة حامل، حسي على دمك وبلاش كلام ملهوش لازمة..

ثم صاحت وهي تحدثها عبر الهاتف:

-وبعدين أنتِ مش هتحجري عليا ولا تقولي ليا أعمل إيه ومعملش إيه، أنا لسه بصحتي اروح واجي براحتي ومتدخليش في الموضوع ده، ولا تفتحي في مواضيع سبق واتكلمنا فيها..

هتفت سامية محاولة تبرير ما تقوله:

-أرجع واقولك إني خايفة عليكي مواضيع عمي زهران وعياله مش بتخلص وأحنا مش…


قاطعتها انتصار بغيظٍ كبير:

-والله مهما أكلم فيكي كأني بكلم في حيطة يا سامية؛ اسكتي علشان فورتي دمي مفيش مرة تحسي بغيرك وبالمصيبة اللي وقعت على الناس…

تمتمت سامية بتردد:

-عارفة ربنا يصبرهم بس اهو اجوازتهم معاهم، نضال وسلامة معاهم يعني وأكيد في ناس غيرك أنا بس خايفة عليكي..

-لو خايفة عليا تبطلي تدخلي في اللي ملكيش فيه وتحسي بالموقف اللي الناس فيه، لو خايفة عليا متفوريش دمي بكلامك المستفز ده، ويلا علشان هنام، ربنا يهديكي و تصبحي على خير.

أنهت والدتها حديثها ثم أغلقت الهاتف في وجهها لم تسمع حتى حينما ردت عليها سامية:

-وأنتِ من أهله…

هذا ما جعلها تزفر بضيقٍ وها هي تلقي الهاتف على الفراش بانفعال، تزامن فعلتها هذه وقت دخول حمزة الغرفة الذي أقترب منها ثم ترك قُبلة على رأسها فأبعدت هي رأسها بغضب غير محسوس مازالت العلاقة بينهما ليست جيدة بدرجة كافية أو بمعنى أدق لم تعود كالسابق منذ أن رأته يشاهد تلك المقاطع…

حتى حينما تكون بين ذراعيه ونادرًا ما تكون بسبب غضبها منه في تلك النقطة، تكون بلا روح، الأمر مختلف كثيرًا عن السابق…

كلاهما أعصابه مشدودة وأفعاله غريبة لكن يتجنب كلاهما الحديث في تلك النقطة كونها محرجة، هناك شيء تم كسره…

تمتم حمزة حينما رأى ملامحها وفعلتها تلك عند دخوله:


-مين مزعل حبيبتي؟؟.

تحدثت سامية بانفعال وهي تدخل إلى الفراش وتستلقي فوقه:

-ماما، مفيش فايدة كل يوم رايحة جاية عند سلمى وجهاد وأنا مش عاجبني أنها بتتعب نفسها زيادة..

أنانية..

كانت في تلك اللحظة أنانية…

وتلك اللحظة تشبة العديد من اللحظات التي لم يعجبها أهتمام والدتها بأي شخص أخر غيرها، تحديدًا لو هذا الشخص هو ابناء عمها أو زوجاتهم أو أي شخص من طرفهم مثل هدير…..

تمتم حمزة وهو يجاورها في الفراش ببساطة ازعجتها كونه لم يضخم الأمر مثلها:

-سبيها براحتها عادي، كل واحد حر في اللي عايز يعمله، واديها بتسلي نفسها مهي قاعدة لوحدها…

صمتت سامية ولم تعقب، هذا الأمر يغضبها ولا ينقصها شجار أخر معه بعد شجارها مع والدتها…

أردفت سامية تحاول الحديث في أي شيئًا أخر وهي تستدير وتنظر له:

-كنت بتكلم مين كل ده؟..

رد عليها حمزة بصراحة:


-ده حد، صاحبي عرفني عليه، المفروض يعني أنه هيساعدني في موضوع القرض اللي مقدم عليه، علشان هو كبير شوية ومعنديش ضمانات كافية، وحاسس الموضوع معصلج..

أعتدلت سامية في الفراش، لتجلس في نصف جلسة مغمغمة:

-قرض!! أنتَ مقولتش يعني أنك مقدم على قرض..

قال حمزة موضحًا القرار الذي اتخذه بعدما عرف بأن طريق أخته مسدودًا الآن على الأقل:

-يعني الموضوع يخص شغلي ومش حابب أدوشك بمشاكلي، مش عايز أقلقك…

-طب ليه أصلا قرض من أساسه وقرض بكام ده؟..

أخبرها حمزة الرقم والمبلغ الذي يريده هذا ما جعلها تشعر بالصدمة فأخبرها لماذا يريده:

-يعني في شوية ديون عليا محتاج اسدها، غير مشروع كده عايز أعمله وعلشان ابدأ فيه محتاج سيولة، حاجة ربحها هيجي أضعاف مضاعفة…

تمتمت سامية بتردد وهي تخبره بوجهه نظرها:

-مش عارفة بس أنا موضوع القروض ده بيقلقني، وبعدين حرام يعني حسب ما اسمع…

تحدث حمزة وهو يمرر يده على خصلاتها:

-في ناس كتير حللته، وشيوخ كتير قالت لو الواحد مضطر خلاص، وبعدين دي فرصة لازم استغلها، والناس كلها ماشية بالقروض علشان تخلص حاجتها، ومفيهاش قلق ولا حاجة في كل الأحوال هسد…


_____________

في اليوم التالي..

-خلاص يا بابا بقا هو أنا هواسي جهاد واختها ولا هواسيك أنتَ..

من المرات القليلة جدًا والتي تعد على الإصبع يبكي فيها زهران أمام ولده سلامة…

تمتم زهران وهو يجفف دموعه بالمنديل الورقي:

-كانت حب عمري اللي حرمتوني منه، ملحقتش اعترفلها بمشاعري ولا نتجوز بلاش نتجوز ملحقتش البسها دبلة، ده أنا مزعلتش كده من ساعة موت أمك وعمك، أنا مش هسامحك..

تحدث سلامة منزعجًا:

-وهو أنا عملت إيه بقا؟..

غمغم زهران وهو يوضح له ما فعلته:

-اشتركت مع اخوك العاق ومنعتم جوازتي اللي ما لحقت ادلع الست حتى، مش هسامحكم في حقي، وبعدين أنا قررت قرار…

أردف سلامة وهو يمنع نفسه من الضحك وسط الهموم الواقع فيها:

-إيه القرار اللي قررته يا معلم زهران قولي وعرفني..


تحدث زهران وهو يسحب منديل ورقي أخر بدل الذي تبلل من دموعه:

-المعلم زهران هيفضل عازب خلاص، من بعد ما حب عمره ماتت…

-لا مش معقول، مش معقول يا بابا للدرجاتي؟؟.

قالها سلامة متعجبًا فرد عليه زهران وهو يشير ناحية قلبه:

-اه قلبي اتحرق على فراقها وملحقتش اصرح بمشاعري هعيش ومشاعري محبوسة جوايا…

أنهى حديثه وقبل أن يتفوه سلامة بشيء كان نضال يخرج من غرفته هنا ساعة زهران وهو يوجه حديثه نحو سلامة وهو يغير الموضوع تمامًا:

-قوم روح لمراتك، اختك هناك هتفضل قاعد هنا بقا وسايبها لوحدها يلا بطل رغي واقف معاها، وخد الافندي اللي جوا ده معاك….

هتف سلامة بنبرة ساخرة:

-دلوقتي بقت كده؟ ماشي ده أنتَ لما جيت أنزل قعدت تقولي متسبنيش لوحدي يا سلامة أنا محتاجك جنبي الفترة دي وقعدت تـ…

قاطعه زهران ولم يتركه يستكمل حديثه وهو يغمغم ينفي هذا كله:

-قطع لسانك أما عيل كداب صحيح هتبقى أب اهو بس لسه كداب، وأنا هقولك خليك ومحتاجك جنبي ليه يا روح أمك يعني هو أنا نُغة، يلا روح بقا وحل عني وخليك جنب مراتك أحسن قبل ما تسافر…..

…بعد مرور نصف ساعة تقريبًا…


كان يجلس سلامة بجوار نضال على الأريكة، أما وفاء في المطبخ، هي تعتبر مقيمة معهم تذهب لمدة قصيرة ثم تعود…

أما جهاد كانت في المرحاض وسلمى في غرفتها كعادتها منذ أيام العزاء كلها؛ تجلس في الحجرة، تتناول القليل جدًا بعدما يلح عليها الجميع، حركتها محدودة تذهب للمرحاض ثم تعود؛ هي لا تفعل أي شيء أخر بالمعنى الحرفي.

مال سلامة ناحية نضال مغمغمًا:

-ادخلها جوا، هي مش هتخرج زي الأيام اللي فاتت، قوم ادخلها أنتَ جوزها ميهمكش..

هتف نضال ساخرًا وهو يعقب على حديثه:

-شكرًا يا سلامة معلوماتك جديدة ومعرفهاش؛ ما أنا كل يوم بتنيل ادخلها جوا، أنا عايزها تتحرك هما عرفوها إني جيت يمكن تقوم وتخرج من الاوضة شوية…

جاءت جهاد أثناء حديثهما وهي ترتدي عباءة منزلية وحجاب أسود مغمغمة:

-ادخلها يا نضال لأن هي تقريبًا مش هتخرج ومن ساعة ما قولتلها وهي قاعدة في مكانها ماسكة الموبايل زي ما هي متحركتش..

نهض نضال بعد حديث جهاد ثم توجه صوب غرفة النوم التي لم تكن بعيدة، الشقة بسيطة في الأثاث والمساحة في الوقت ذاته، طرق باب غرفتها بعدما ولج كونه كان مفتوحًا فانتبهت سلمى له بعدما أبعدت عيناها عن الهاتف التي تقوم بمشاهدة بعض المقاطع عليه…

كانت ترتدي ملابس منزلية خريفية، تغطي نفسها بذلك الغطاء تجلس في نصف جلسة على الفراش..

جلس نضال على طرف الفراش الذي يتواجد قبالة فراشها مما جعلها تعقب بنبرة عادية وكأن كل الأحوال التي حولها طبيعية:


-ازيك يا نضال عامل إيه؟؟

هي التي تبادر كعادتها كل يوم تتصرف بطريقة طبيعية، رد عليها نضال بهدوء:

-الحمدلله بخير، أنتِ عاملة إيه؟؟..

لم يكن سؤاله عفوي أو في سياق الحديث لكنه كان بالفعل يرغب في أن تخبره عن حالها، حالها بالفعل لكنها عوضًا عن ذلك غمغمت:

-الحمدلله، إيه مواركش شغل؟ بقالك كتير قاعد برا روح شوف شغلك أحسن أنا كويسة.

هل هي تسمي حالها هذا بأنها بخير؟!..

تمتم نضال بنبرة عادية وهو يعقد ساعديه:

-أنا مواريش حاجة عادي بابا هنا ودياب هناك، وبعدين قاعد برا مستنيكي تقومي وتخرجي تقعدي معانا شوية أنتِ بقالك كام يوم يا سلمى وأنتي مش بتخرجي من الاوضة حتى..

ردت عليه رد منطقي بحت لم يكن ينتظره أبدًا وهي تبرر له:

-مكسلة أقوم واكوي الخمار واشوف حاجة البسها بما أن سلامة برا..

هتف نضال يسألها سؤال بسيط:

-صليتي العصر؟.


هزت رأسها نافية هي لا تؤدي صلاتها وفروضها منذ وفاة والدتها تقريبًا…

تمتم نضال بنبرة هادئة:

-قومي اتوضي وصلي زمان وفاء شوية وهتخلص الأكل، علشان نتغدى كلنا مع بعض وابقي اخرجي بالاسدال بلاش تكوي خمار ولا تتعبي نفسك…

أثر بها وكأنه يذكرها بتقصيرها..

والدوامة التي تتواجد بها…

ثم سألها سؤال أخر بسيط وهو يعرف أجابته لعلها تتحدث في أي شيء:

-خالك لسه مقالش ليكم هو جاي امته؟؟.

كانت تتحدث بنبرة دبلوماسية لا تحمل أي نوع من أنواع الضغينة:

-لسه مش عارف ياخد إجازة من شغله غير أن مراته ربنا يشفيها من شهور وهي تعبانة ومحدش من أهلها عارف يسافرلهم علشان يقعد معاها وينزل هو، ربنا يعينه ويعين كل واحد على همه..

…في الخارج…

يجلس سلامة بجوار جهاد على الأريكة وحاولت أن تخبره بهدوء بعدما استمعت له وعلمت بأنه عليه أن يسافر بعد الغد.

هو أخذ تلك الاجازة بصعوبة أساسًا…


تمتمت جهاد بنبرة مرهقة لكنها عقلانية وهي تنظر له:

-سافر يا سلامة وبلاش تقلق نفسك أنا كويسة وطنط انتصار ووفاء وعم زهران كلهم محدش فيهم سايبنا، وأنا عارفة أنه غصب عنك؛ وهانت قريب هتكون معايا علطول..

قال سلامة بأسف حقيقي ورُبما ندم من أخذه تلك الخطوة:

-حقك عليا أنا بجد أسف إني…

قاطعته جهاد بهدوء:

-محدش كان عارف إيه المستخبي يا سلامة بلاش تلوم نفسك الوضع مش متحمل حاجة وأنا والله مش زعلانة وعارفة أنه غصب عنك….

_______________

في اليوم التالي…

منذ معرفتها بـ انتصار أدركت معنى الأم، معنى المرأة العطوفة..

عرفت معنى العائلة منذ أن خطت بقدمها شارع خطاب……

أما مع جهاد وسلمى، تحديدًا جهاد أدركت معنى الصديق الحقيقي والراحة التي تنتابك في وجوده رغم الفترة القصيرة جدًا التي عرفتها فيهم..

ها هي تقف مع جهاد في المطبخ كلاهما الهاتف بين يده؛ كانت تحاول وفاء التهووين عليها قدر المُستطاع كونها ذاقت مرارة هذا الألم سابقًا لذلك لا أحد سوف يشعر بهما أكثر منها، حتى أن ألمها لايزال حديثًا…


تمتمت وفاء بنبرة هادئة وهي تنظر لها بعدما أبعدت نظرها عن هاتفها:

-أنا بعتالك ريكوست، فولو يعني على الانستا وأنتِ مقبلتهوش لسه..

كان من الممكن فتاة غير جهاد تظن بأن تلك الفتاة عديمة الاحساس كونها تتحدث في شيء هكذا في تلك الظروف التي هي بها لكنها تعلم جيدًا بأن وفاء تحاول أن تبذل قصارى جُهدها من أجل مواساتها بشتى الطُرق، كما أنها تحاول تشتيت ذهنها قدر المستطاع…

هتفت جهاد بهدوء وهي تفتح التطبيق على هاتفها وتبحث عنها:

-حالا هقبله ياستي وماله وهبعتلك كمان.

وجدتها بعدما فتحت التطبيق فقامت بقبول الطلب، لتفعل وفاء المثل، مما جعل جهاد لديها صلاحية رؤية ملفها الشخصي، وبعفوية ولجت إليه بعدما جاءها الاشعار، وتغيرت ملامحها بعد ما رأته…

سألتها وفاء باهتمام:

-مالك؟؟.

قلبت الهاتف لتكن الشاشة ناحية وفاء فـ رأت أخر صورة نشرتها في الحساب تقريبًا، صورة تعود إلى سنة تقريبًا من حفل خطبتها البسيطة التي قامت في منزلها في مرسى مطروح.

لقد نست، نست تلك النقطة بالأساس هي نادرًا ما تنشر لها صورة، هي فقط تتابع بعض المشاهير على التطبيق، والحالات منهم ومن أصدقائها….


لم تتذكر بأن هناك صورة وحيدة تم جمعها به وقامت بتنزيلها كأعلان عن الخطبة…

هتفت وفاء بنبرة متوترة:

-سبيني أشرحلك….

جاء سلامة من خلفهما مغمغمًا بنبرة عادية بعدما كان يجلس في الخارج ويشرب قهوته:

-نضال جه ودخل لسلمى…

نظرت وفاء إلى جهاد برجاء حقيقي، مما جعل وفاء تنظر لها نظرة ذات معنى بألا تتحدث…

تمتمت جهاد بعد تنهيدة خرجت منها بنبرة حاولت جعلها عادية رغم أن كلماتها السابقة التي كانت تحكي فيها عن خطييها تدور في عقلها:

-تمام؛ خلاص نسخن الأكل ونحط الغداء…

هتف سلامة بنبرة جادة وهو يقترب منها مغمغمًا:

-ماشي سخنوا الأكل بس متعملوش حساب نضال ولا سلمى..

نظرت له وفاء بعدم فهم معقبة رغم خوفها من أن الأمر قد انكشف:

-ليه..

-نضال هيخرج سلمى وهيتغدوا برا…


قالت جهاد بنبرة ساخرة:

-هي راضية تخرج من الاوضة علشان تخرج تتغدى برا؟..

ثم أسترسلت حديثها في تمني:

-ياريت..

بداخل حجرة سلمى….

بعدما طوت سجادة الصلاة وهي تجده أمامها، هي تحاول الالتزام كما كانت في السابق بعد انقطاع دام لأيام….

وجود الجميع يزعجها رغم إدراكها الكلي بأنهم يفعلون هذا من أجلها هي وشقيقتها….

وجود الجميع يشعرها بالشفقة على ذاتها….

تمتم نضال وهو ينظر لها فكان إسدالها التي ترتديه جميلًا ومناسب أشبة بالعباءة كونه من اللون الأسود، لذلك هو مناسب لما يرغب في فعله:

-عاملة إيه؟.

هو لا يمل ولا يكل من سؤاله هذا على أمل أن تخبره يومًا عن حالها، وما تشعر به حقًا…

لكنها خيبت ظنه مرة أخرى وهي تخبره بالإجابة المعتادة لها:

-الحمدلله.


تنهد نضال ثم نظر لها مغمغمًا وهو يشير بأصبعيه:

-قدامك حلين، الحل الأول تلبسي وتنزلي معايا الحل الثاني هاخدك زي ما أنتِ وهننزل..

قالت سلمى برفض قاطع ونبرة حادة:

-أنا مش عايزة أنزل أصلا ومش هنزل…

أمسك نضال معصمها وسحبها من الغرفة وهي تحاول الافلات منه لكنه كان يحكم يده بشكل قوي؛ يسير بها حتى باب الشقة تحت صراخاتها واعتراضها الواضح..

-نضال أنا مبحبش كده..

ثم نظرت ناحية سلامة، جهاد ووفاء الذي يجلسون ويتابعون الموقف في صمت مما جعلها تغمغم بانفعال واضح:

-أنا مش عايزة انزل هو بالعافية؟ ما حد فيكم يتكلم.

رد عليها سلامة بهدوء بينما امتنع الجميع:

-أحنا منقدرش ندخل بين راجل ومراته…

في أثناء ذلك كان نضال يبحث بيد عن شيء تريديه في قدمها واليد الأخرى يمسك يدها بها ولم يعبأ بأي اعتراض منها أو تهديد بل كأنه لا يسمعها وهذا ما جعل جنونها يتزايد…


______________

يسير بدون اتجاة واضح، يقود السيارة منذ ساعة وأكثر، وكانت هي صامتة إلى حين فاض بها فقالت:

-أنا تعبت من اللف ده، أنا عايزة اروح..

تمتم نضال وهو يعطي كامل تركيزه للطريق، لكن أذنيه تسمعها بشكل جيد وفمه يتحدث معها:

-اهو ادينا ماشيين لغايت ما تقولي نأكل إيه ونعمل إيه وبعدين تعبانة إيه أنا اللي سايق مش أنتِ، ولو زهقتي تقدري تقولي عايزة تأكلي إيه وتخلصي نفسك…يا أما شوية وهتلاقينا في العين السخنة ولا اسكندرية…

أردفت سلمى بانزعاج جلي وهي تعقد ساعديها لا تصدق بأنها بثياب الصلاة التي لا ترتديها إلا في المنزل قد ذهبت تلك المسافة كلها بتلك الملابس، أخذها قصرًا رغم كل اعتراضاتها..

-ياريت علشان نقابل لجنة واشتكي عليك، وبعدين خلاص أكلنا أي حاجة مش فارقة معايا بس نخلص.

بعد مرور نصف ساعة تقريبًا..

كانت تناولت معه الطعام في أحد الأماكن التي كانت قريبة منهم….

تناولت طعامها كله لأول مرة بعد أيام من دون أي إلحاح أو إصرار منه، فعلت هذا بدون شهية منها، كانت ترغب في أن تعود إلى المنزل بسرعة ولا ترغب في الحديث في أي شيء…


تناولت أحد المشروبات سريعًا أيضًا بعدها عقبت بنبرة جادة:

-يلا يا نضال روحني لو سمحتي أكيد مش هفضل قاعدة كده بالاسدال أنا عايزة اروح اديني كلت وشربت وعملت اللي أنتَ عاوزة متختبرش صبري أكتر من كده…

بطاعة لا تناسبه تحديدًا اليوم وافقها:

-ماشي يلا…

قام بدفع الحساب ثم أخذها وركبت السيارة بجواره، قاد السيارة مرة أخرى متوجهًا صوب الأماكن التي يحب تناول القهوة منها تحديدًا في السيارة، أخذ قهوة له ولها بعد إصراره تلك المرة…

كان يتناولها بجوارها مغمغمًا:

-اديكي قاعدة في العربية ولا حد شايفك ولا غيره..

تمتمت سلمي بنبرة قوية:

-نضال أنا مش عايزة حد يشفق عليا ولا تحاول تعاملني معاملة المجنونة؛ ولا اللي تعبانة في دماغها، سيبني الفترة دي مع نفسي لو سمحت أنا مبحبش احس إني صعبانة على حد، ومش معنى إني خرجت إني هنسى اللي أنا فيه وياريت اللي أنا فيه بيتنسى…

حاول نضال تصحيح ما قالته بعدما ترك القهوة ووضعها في المكان المخصص للأكواب بجواره في السيارة:


-مفيش حاجة اسمها صعبانة على حد، وطريقتك في التفكير كده غلط يا سلمى، كلنا حواليكي وحوالين جهاد علشان أحنا بنحبكم وعلشان أحنا أهلكم وعيلة واحدة، بنحاول نخفف من حزنكم مش علشان صعبتى علينا ولا علشان ننسيكي…

-تفتكر ممكن حد يخفف من حزني؟.

رد نضال عليها بنبرة حنونة:

-كفايا بس أنك تتكلمي وتحكي اللي جواكي وأنا مستعد اسمعك حتى لو مش عايزاني اتكلم ولا انطق أقول حاجة كفايا أنك تتكلمي يا سلمى، تتكلمي وبس خرجي اللي جواكي…

أردفت سلمى بألم حقيقي وهي تعقد ساعديها:

-هتكلم أقول إيه؟ إيه اللي المفروض أقوله في موقف زي ده؟؟؟ هو في كلام ممكن الواحد يقوله يوصف الكسرة اللي أنا فيها…

-اتكلمي وأنا هسمعك أنا هنا جنبك ومعاكي علشان اسمعك وهفضل علطول جنبك..

أردفت سلمى بعد ضحكة ساخرة خرجت منها:

-أنا كنت وحشة أوي يا نضال..

ضيق حاجبيه ولم يفهم جيدًا ما تريد قوله لكنه سألها بهدوء دون أن ينفي ما قالته بل يُريدها أن تتحدث بـ حرية عما تريد:

-ليه بتقولي كده؟.


تمتمت سلمى بألم حقيقي وهي تسرد له ما يؤلمها حقًا أكثر من ألم الفراق:

-أنا عمري ما شكرتها، كان في كلام كتير محتاجة اقوله ليها ومقولتهوش، عمري ما قولتلها شكرًا على كل حاجة عملتيها، شكرا أنك كنتي الأب والأم والعم والخال وكل الناس، مكنش فيه غيرها، عمري ما قولتلها شكرًا أن عمرك ما فضلتي نفسك علينا، هي حرمت نفسها من حاجات كتير علشان نكون احنا كده قدامك دلوقتي…

هبطت دموعها وكانت تلك أول دموع تهبط منها منذ وفاة والدتها:

-في كلام كتير كان المفروض أقوله ومعرفتش أقوله، أنا شخص مش بيعرف يقول كلام حلو؛ حتى حبي ليها ولجهاد كنت بطلعه بشكل غريب، وكنت علطول اتخانق معاهم على أتفه الأسباب، كان في كلام كان المفروض تسمعه مني بدل ما فضلت علطول اتخانق معاهم واقعد اصحح واقولهم ده صح وده غلط….

فهم نضال الآن بأنها تعاني من عدة الآلام مختلفة…

منها الفراق..

ألم الفقد..

ألم الندم من عدم الافصاح…

تمتم نضال وهو يحاول التهووين عليها بنبرة جادة:

-ومين قالك حتى لو مكنتيش بتتكلمي معاها ولا بتقولي اللي جواكي ولا بتشكريها أنها كانت مستنية شكر أساسا منك؟؟ أو بلاش كده، مين قالك أنه أصلا هي مش عارفة كل ده من غير ما تتكلمي، وأكيد هي عارفة حبك ليه من غير ما تنطقي بحرف…


تبكي بل أنهارت وهي تخبره:

-كان المفروض أقول، كان المفروض أعمل حاجات كتير، أنا…أنا كنت فاكرة أن لسه معايا وقت..

حاول أن يريح ضميرها ويتحدث معها بطريقة منطقية:

-مفيش أم مستنية شكر من عيالها، وهي كانت بتحبك وأكيد هي أكتر حد كانت عارفة أنك مش بتعرفي تتكلمي وبالعكس هي كانت قريبة منك وكل ما تشوفني كانت توصيني عليها وفي كل خناقة كانت تعرفني أنك مش بتعرفي تعبري كويس وكانت بتهديني هي أكتر حد كان فاهمك.

أردفت سلمى وهي تمسح دموعها يكفي إلى هذا الحد:

-ياريت تروحني بقا أنا محتاجة أروح، أنا تعبت واحنا اتأخرنا اصلا..

-حاضر بس بكرا ننزل تاني وتحاولي ترجعي لحياتك الطبيعية…

هزت رأسها موافقة تعلن عن لتعا سوف تحاول…

لا تعلم هل سوف تنجح أم لا لكنها………

ستحاول…

قاد نضال السيارة وبدأ في طريقه نحو شارع خطاب استغرق الأمر ساعة تقريبًا إلى أن أصبحت تقف معه أمام باب الشقة كلاهما يقف لكن لم يقرع أحد الجرس بعد…


تنهدت سلمى ثم قالت:

-شكرًا يا نضال..

-مفيش شكر ما بينا..

ابتسمت له بألم ثم أردفت بأعين حمراء ومازالت متورمة من كثرة بكائها طوال الطريق…

-يمكن محتاجة اقول اللي جوايا وللي حواليا كل حاجة في وقتها ومستناش..

أقترب منها نضال ثم فتح ذراعيه ليأخذها بين أحضانه مقبلًا رأسها بحنان، احتضنته وبكت أكثر؛ لكنها حاولت الاستمتاع بدفء أحضانه لعل المواساة هنا…..

هي تتألم كثيرًا، كثيرًا وكأن اليوم علمت بوفاة والدتها، تبكي بعدما ظن الجميع بأنها كانت متبلدة، أو فقدت عقلها، ابتلعت لسانها…

اليوم كان الأمر بمثابة انفجار…

غمغم نضال بنبرة هامسة:

-أنا معاكي وجنبك؛ عمري ما هسيبك يا سلمى…

لا يدري لما قد يخبرها بأنه لن يتركها!

هل هذا بسبب خوفها الذي لاحظه اليوم كونها وحيدة من بعد والدتها…

أم أنه بالفعل سيظل بجوارها….


العلاقة تعمقت بينهما حتى أن الفرار من مشاعرهما وحبهما أصبح مستحيلًا…

مهما واجهتهما المصاعب، يقسم بأنه لن يتخلى عنها….

هل القسم صادقًا؟؟

أم لا أحد يعلم بما ممكن أن يحدث؟!..

بالتأكيد سيكون هناك اختبارات تظهر أما ضعف أو قوة العلاقة…


الفصل الثاني والأربعون من هنا


بداية الروايه من هنا


إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل اللي بيدور عليه من هنا 👇 ❤️ 👇 


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺


جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا


انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺




تعليقات

التنقل السريع
    close