أخر الاخبار

رواية أرناط الفصل الخامس عشر حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه حور طه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


رواية أرناط الفصل الخامس عشر حتى الفصل الثاني والعشرون بقلم الكاتبه حور طه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


ليلــة كانت مشبعــة بالنـ ـار المكبــوتة…

والشـــك المسمـــ ــوم…!


سحر دخلت الأوضة، وهي بتكتم الغليان في صدرها

وشافت عبد الحميد واقف قدام المراية

بيرش برفانه الغالي، ويدندن بصوت ناعم:


ــ جانا الهوى... جانا...!


وقفز الشك جواها، زي لهب بيكبر كل ثانية...

كلام راهب بيرن في ودنها:


ــ الباشا ناوي غيرك…


قربت منه بابتسامة باردة تخبي الإعصار اللي جواها:


ــ انت…خارج ياحبيبي؟


عبد الحميد بص لها من فوق لتحت…

من غير ولا قطرة حنين…

وقال ببرود وهو بيعدل الكرافتة


ــ أيوا… عندي اجتماع مهم…!


سحر قربت أكتر، صوتها ناعم بس خيط الغيرة فيه واضح:


ــ مع مين بقى الاجتماع المهم ده؟ 


هو مش أنا… شريكتك؟ لازم أعرف كل حاجة…


عبد الحميد شد نفس عميق، وبعدها بص بعيد وقال:


ــ الشغل ده ما يخصكيش…!


وخطى ناحية الباب، بيقفل قلبه قبل ما يقفل الأوضة،لكن سحر لعبت آخر كارت...

فجأة، وقعت على الأرض، كأن اغمى عليها…؟


عبد الحميد اتفاجئ، رجع جري عليها:


ــ سحر! مالك؟ فوقي! سحر!


فتحت عينيها ببطء، ونطقت بكلمة زلزلت الدنيا تحته:


ــ أنا... حامل…!


اتسعت عينين عبد الحميد، وكأن الزمن وقف:


ــ إيه؟ حامل؟ إزاي يعني؟!


سحر تمثلت البراءة، صوتها ناعم ومكســ ـور:


ــ يعني إيه إزاي؟ حامل... منك. هتكون أب يا حبيبي...!


عبد الحميد اتراجع خطوة…

وكأن ضـ ـربته رصــ ـاصة:


ــ لا... لا! مستحيل ده يكون ابني؟!


سحر بضعف مصطنع، وعينين فيها دموع:


ــ إنت بتقول إيه يا عبد الحميد؟!

دي الفرحة اللي كنت بستناها منك... 

ليه بتكســ ــرني كده؟


وقف لحظة، سكوته كان أفظع من الكلام...

وبعدها، قالها وهو بيشد جزمته:


ــ لما أرجع... هنتكلم…!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان راهب واقف في وسط الحديقة الخلفية للفيلا… تحت ضوء خافت ينبعث من المصابيح… 

تحيط به الأشجار الكثيفة كأنها جدران صامتة… تحبس أنفاسه…أمسك بهاتفه بشدة…

وصوته منخفض لكنه مرتجف:


ــ قدرت توصل  لـ ليلي؟


جاءه الصوت من الطرف الآخر…

هادئا لكن يحمل شيئا من التوتر:


ــ لا... مفيش ليها أي أثر…

كأنها تبخرت…!


شهق راهب، وصوته اهتز من الخوف:


ــ ممكن يكونوا وصلوا لها...؟


الطرف الآخر بحذر:


ــ ما أظنش... لو كانوا لقوها، كنت عرفت…

كانت هتسيب وراها علامة... د،م مثلا …

شقه متبهدله… لكن ما فيش اي حاجه من دي…!


راهب لف حوالين نفسه كأن الأرض ضاقت به…

وصــ ـرخ وهو يضغط على الهاتف:


ــ طيب هتكون راحت فين؟ مش معقول!

الارض اتشقت وبلعتها!؟


الطرف الآخر:

ــ يمكن غيروا مكانهم تاني... من يوم الحــ ـادثة وهم كل شوية يغيروا. ما بيثبتوش في مكان…!


صوت راهب ارتفع، فيه مزيج من الرجاء والتهديد:


ــ اتصرف بأي طريقة... لاقي ليلي بسرعة…

قبل ما يوصلوا لها…!


الطرف الآخر بحزم:

ــ أنا هقلب هولندا عليها، وهلاقيها…

و أول ما أوصلها، هطمنك…!


أغلق راهب المكالمة ببطء…

ووقف للحظة كأن الهواء حوله صار أثقل.

همس لنفسه، والقلق ينهش صوته:


ــ هستنى…ما قداميش حل تاني …غير اني استنى! 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في صباح اليوم التالي، فتحت ليلى عينيها بتعب… شديد، شعور بالدوار يسكن رأسها. التفتت بجانبها… فوجدت عالية نائمة على السرير نفسه، كأنهم لم… يتحركا منذ البارحة…!


ليلي هزتها بخوف:

ــ عالية...عالية…فوقي... إحنا فين؟


فتحت عالية عينيها ببطء…

وبصوت متهدج من التعب قالت:

ــ مش عارفة... هو إيه اللي حصل؟


اتسعت عينا ليلى فجأة…

وارتفعت بجذعها تتلفت حولها بلهفة:

ــ شادي! فين شادي؟! ابني فين؟!


نظرت عالية حولها، ثم نهضت مذعورة:

ــ مش هنا... مش في الأوضة!


ركضوا نحو الباب وفتحاه بسرعة…

تتقاطع أنفاسهم وهما يبحثان في الممرات…!


وفجأة، ظهرت فتاة شابة بملابس خادمة

تحمل صينية فارغة وابتسامة هادئة:

ــ صباح الخير يا هوانم.


صـ ـرخت ليلى بفزع:

ــ شادي فين؟! فين ابني؟ اتكلمي!


أمسكت عالية بذراعها تهدئها:

ــ اهدي يا ليلى، يمكن معاهم...


لكن ليلى لم تتمالك دموعها:

ــ اهدى؟! أخدوا ابني من حضني! 

اتكلمي فين ابني…


أشارت الخادمة بيدها نحو غرفة في آخر الممر:

ــ الطفل نايم جوه..!


تبادلتا النظرات، ثم ركضتا نحو الغرفة…

فتحت ليلى الباب بسرعة، لترى شادي نائما في… سريره، يتنفس بهدوء ووجهه الصغير غارق في… سلام…!


احتضنته بقوة كأنها تحميه من عالم بأكمله:

ــ يا حبيبي... يا روحي…انت... الحمد لله...!


عالية قبلت جبينه، ثم تمتمت:

ــ الحمد لله إنه بخير...!


رفعت ليلى عينيها إليها:

ــ بس إحنا فين؟ مين جابنا هنا؟


دخلت الخادمة مجددا بابتسامة مطمئنة:

ــ حضراتكم في المعادي... هجهز لكم الفطار حالا…


تبادلت ليلى وعالية نظرة صـ ـدمة…

ثم جاء صوتهم خافت من بعيد:

ــ مصر...!؟


همست عالية بدهشة:

ــ يعني إحنا رجعنا مصر؟! بس... إزاي؟


كانت ليلى لا تزال في حالة ذهول:

ــ مبارح كنا في هولندا... النهاردة إحنا هنا؟

في مصر… مين اللي رجعنا؟ وليه؟


اقتربت عالية من الشباك، تطل بحذر، فلاحظت …

أن كل شيء طبيعي. لا حراس…

لا أبواب مغلقة…لا كاميرات مراقبه:


ــ ليلى، مفيش حاجة بتدل على إننا محتجزين... 

ده بيت عادي جدا...!


ليلى وضعت شادي بلطف في سريره:

ــ تعالي ننزل... نسأل البنت اللي تحت…

يمكن نعرف منها حاجة…!


نزلا إلى الطابق السفلي. وجدا الإفطار معدا بعناية على السفرة، لكن الخادمة اختفت تماما…!


سألت عالية:

ــ هي راحت فين؟


اقتربت ليلى من الطاولة، فلاحظت ظرفا صغيرا… بجانب طبق الفاكهة. فتحته ببطء، وقرأت بصوت… مرتجف:


ــ لو خايفة على ابنك، ما تفكريش ترجعي هولندا تاني... حياة ابنك في خطـ ـر هناك…


ــ إيه دا؟!

قالت عالية وهي تمسك بالورقة…!


سلمتها ليلى الورقة وجلست تفكر بعمق:

ــ في حد رجعنا عشان يحمينا... بس مين؟ وليه؟


قالت عالية بتردد:

ــ كل حاجتنا هنا... هدومنا، الفلوس…

حتى الموبايلات...

يعني مش خطف بالمعنى المعروف...!


وقفت ليلى فجأة، نظرتها حاسمة:

ــ بغض النظر مين ورا دا كله...

احنا مش هينفع نثق في اي حد…

لازم نمشي من هنا... فورا…


أومأت عالية بصمت، وبدأتا بجمع حاجات بسيطة… فقط ما يمكن حمله بسهولة…

لم يتجرؤا على لمس الطعام…

وكأن الطمأنينة فيه تحمل سـ ــم خفيا…؟


فتحت ليلى الباب الخارجي بحذر…

الهواء الصباحي في المعادي…

ضـ ـرب وجهيهم بدفء غريب... لا وجود حراس…!


همست عالية:

ــ غريبة... مفيش حد بيراقبنا؟


قالت ليلى دون أن تلتفت:

ــ هو ده اللي مخوفني أكتر…؟!


نزلا درجات السلم بسرعة، وكل خطوة تقربهم من… الشارع كانت كأنها تقطع خيطا من شباك العنكبوت…


وهم على وشك عبور الرصيف، لمحت عالية سيارة سوداء متوقفة على جانب الطريق أمام البيت:

ــ ليلى… بصي هناك…


ليلي اقتربت بحذر. السيارة نظيفة، لامعة بشكل… لافت، كأنها وضعت هناك للتو. ليلى مدت يدها… وفتحت الباب الأمامي… لم يكن مغلق…

على الكرسي، وجده المفتاح في مكانه…

وبجواره ورقة مطوية بعناية…!


فتحتها ليلى، وقرأت بصوت مبحوح:

ــ أنتم مش مخطوفين… أنتم أحرار…!


تبادلت نظرة مشوشة مع عالية، ثم دخلتا السيارة… ببطء، كأنهم تنتظران أن تصـ ـرخ بهم السماء أو… ينقض عليهم أحد. لكن… لا شيء. الشارع كما هو… البيت صامت. والرسالة الأخيرة لا تحمل تهديدا… فقط حرية مشروطة بالخوف…!!


أدارت ليلى المحرك…

وصوت السيارة اشتغل بهدوء غريب…

كأنه ينتظرهم…!


قالت عالية وهي تربط حزام الأمان:

ــ لو كنا أحرار بجد… 

ليه بحس إننا لسه جوه لعبة كبيرة؟


همست ليلى، وعينيها على الطريق:

ــ علشان أحيانا… 

السجن بيكون أوسع من أربعة حيطان…!؟


وانطلقت السيارة… وتركت وراءها بيت ما زال أسراره تخفي أكثر مما تفصح…!

صلي على الحبيب 💙

«البارت 16من روايه ارنــاط»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في عيادة فخمة بتفوح منها ريحة المعقمات والقلق...


عبد الحميد قاعد قدام الدكتور أيهم…

عينه فيها ريبة، وصوته محمل بالضغط:


ــ دكتور... سحر قالتلي إنها حامل…!

بس أنا وانت عارفين… إني كنت بتعالج من إصابة منعتني أخلف سنين طويله...


الدكتور أيهم عدل نضارته بهدوء

وبص في الملف قدامه، وقال:


ــ بص يا عبد الحميد بيه...

أنا مش هكذب عليك، حالتك فعلا كانت صعبة…

لكن بقالك سنين بتاخد علاج منتظم...

وآخر تحاليلك كانت بتشير لتحسن بسيط…!


عبد الحميد قطب جبينه:


ــ بسيط يعني إيه؟ ينفع يحصل حمل؟


الدكتور ايهم تنحنح، وقال بنبرة محسوبة:


ــ علميا...الاحتمال كان ضعيف. بس مش مستحيل…

ولو سحر فعلا حامل، يبقى وارد يكون ابنك... خصوص مع طول فترة العلاج…

ليه انت كنت ماشي عليك…!

بس علشان نقطع الشك،لازم نعمل تحليل حديث… للسائل المنوي، ونشوف إذا كان فيه أي تغيرات… إيجابية…!


عبد الحميد يهز راسه بشك:


ــ يعني فيه احتمال…ان الطفل ده يكون ابني؟!


الدكتور أيهم بابتسامة محسوبة:


ــ احتمال ضعيف... بس موجود. ولو سحر حامل… فعلا، التحليل ده هيجاوب على كل الأسئلة…!


عبد الحميد يتنهد، يطلع من جيبه علبة السجائر… ويفتحها، وبعدين يقفلها تاني بدون ما ياخد سيجارة.. عقله مشغول:


ــ طيب اعمله دلوقتي...أنا عايز أعرف الحقيقة…!


الدكتور أيهم يهز راسه:


ــ تمام، تعالى بكرة الصبح على صيام…

وهنجهز التحليل…!


بعد ما يخرج عبد الحميد من العيادة...


الدكتور أيهم يفتح درج مكتبه…

يطلع ورقة فيها نتائج جاهزة…؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


دخل راهب مسرعا من باب الفندق… 

يتلفت حوله كمن تأخر عن شيء مهم…

الوقت يضغط، والوجوه حوله بلا ملامح…

اندفع نحو المصعد، لكنه اصطدم فجأة بفتاة خارجة.. بنفس سرعته…!


اهتز جسده للحظة، لكن الفتاة لم تتوقف…

أكملت طريقها بسرعة، غير مبالية بالاصطدام…

وهي تمشي، التفتت نحوه بخفة، وشعرها التف معها.. في حركة ناعمة. رفعت يدها سريع وقالت:


ــ آسفة…!


تجمد راهب في مكانه. شهقته خرجت كأنها حشرجة:


ــ ...ليلي؟!


نظر إليها مذهولا، يراها تبتعد

تخترق بهدوئها عالمه الذي ظل معلق بها لسنوات..

ليلي؟ هنا؟ في مصر؟ بعد كل ما فعله ليجدها في... هولندا؟


رن هاتفه، كأنه يجبره على العودة للواقع…

رفعه إلى أذنه وعيناه ما زالتا تلاحقانها:


راهب بصوت غائب:

ــ ألو؟


جاءه الصوت من الطرف الآخر، متوترا:


ــ راهب، ليلي مالهاش أي أثر ف هولندا كلها…

رجالتي فتشوا كل مكان ممكن تكون فيه، اختفت…


بلع راهب ريقه، وهمس كأنه يخبر حلم بالحقيقة:


ــ ليلي... هنا…!


الطرف الآخر بصدمة:

ــ إيه؟ هنا إزاي؟ في مصر؟!


لم يرد راهب. أغلق المكالمة بعــ ـنف عندما رآها… تعود…ليلي كانت تقف أمام الفندق…

ومعها شاب يبدو من موظفي خدمة التوصيل…


سمعها تقول له:


ــ آسفة، نزلت مستعجلة ونسيت الفلوس فوق…

هطلع أجبها حالا…!


الشاب بابتسامة:

ــ ولا يهمك يا مدام، هستنا حضرتك هنا…


راهب لم يصدق عينيه. كانت أمامه…

تمر بجواره وكأنها لا تعرفه…

صعدت إلى غرفتها، ثم نزلت بعد دقائق…

تبحث بعينيها:


ــ راح فين ده؟!… سبته هنا!


اقترب منها راهب ببطء وقال:


ــ أنا…حسبته! ومشي…


ليلي التفتت إليه، نظرت له من رأسه حتى قدميه…

ثم عقدت حاجبيها:


ـــ ومين حضرتك عشان تدفعلي الحساب؟


تألم راهب من السؤال. نظراتها غريبة…

باردة، كأنها تنظر إلى شخص غريب تماما…

داخل نفسه، صاح:


ــ أكيد مش هتعرفيني… بعد ما شكلي… وصوتي،اتغيروا واتكســ ـروا في الطريق…

اللي اخترته…!


ليلي لاحظت صمته الطويل ونظراته الثقيلة:


ــ ألو؟… حضرتك معانا هنا ولا سافرت؟!"


ثم وضعت المال في يده بقوة:


ــ دي الفلوس اللي دفعتها… شكرا…!


واستدارت ورحلت… ببساطة…!


ظل راهب واقف، عيناه معلقتان بها

كأن روحه خرجت معها.

بعد لحظات، جاءه صوت من خلفه،كان يوسف:


ــ راهب! واقف ليه؟ اتأخرنا على الاجتماع…

الناس جوه مستنيانا…!


راهب لم يرد إلا بعد لحظة، ثم تمتم بصوت خافت:


ــ ...يلا…؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|فيلا العراف|


سحر كانت قاعدة على الكرسي الهزاز…

بتتحرك ببطء كأنها بتعد أنفاسها...

نظرتها فيها بريق نصر، لمعة شيطانية بتلمع…

في عينها، وابتسامة خفيفة على شفايفها…


تمتمت لنفسها، بصوت واطي لكنه مليان خبث:

ــ ماكنتش أعرف إن استغلالك ليا يا أرمان...

هيكون في صالحي…!


ضحكت ضحكة قصيرة… ثم بصت للباب…

كأنها شايفة المستقبل بيتفتح قدامها:


ــ الطفل ده... هو الكارت الذهبي بتاعي... 

بيه هتحكم في عبدالحميد، وأخليه تحت رجلي…

لا يقدر يقول آه ولا لأ…!


سكتت لحظة، وكأنها بتستمتع بالفكرة…

ثم شردت بنظرة حادة:

ــ أما انتي يا الما... 

ليكي عندي مفاجأة، هتعجبك أوي...

هدية من النوع اللي يخليكي تفكري ألف مرة… 

قبل ما تلعبـي مع سحر الطوخي…!


وقربت وشها للمرآة اللي قدامها

وهمست كأنها بتتكلم مع طفلة:

ــ انتي لسه صغيرة يا شاطرة... 

واللعبه اللي بتحاولي تلعبيها كبيره قوي عليك…!


لمست بطنها بخفة، وابتسامتها بتتسع كل لحظة…!؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|في غرفة ليلى|


جلست على طرف السرير، تضع يدها بلطف على جبين شادي، الذي يتقلب في نومه بحرارة مرتفعة

كانت عالية تحمل الطفل للحظة بين ذراعيها قبل أن تعيده إلى سريره بلطف…!


عالية بصوت مطمئن:

ــ ما تخافيش…هيكون كويس،شويه وحرارته هتنزل


ليلي تمسك يد شادي الصغيرة

تقبلها بحزن، ثم ترفع عينيها إلى عالية:


ــ تفتكري…هقدر أحافظ عليه؟


عالية تجلس بجوارها، تمسك يدها بحنان:


ــ انتي أعظم أم ربنا اختارها لشادي… 

هو محظوظ بيك…!


صمتت ليلي، دموعها تترقرق

وعيناها على ابنها، ثم همست بصوت مختنق:


ــ بس…أنا خايفة لما يكبر…ما يسامحنيش… 

إني حرمته من أبوه…!


عالية تمسح دموعها، تحدق فيها بعينين دامعتين:


ـــ هو اللي حرم نفسه… هو اللي خدعك.

أرناط السبب في كل حاجة حصلت… ليكي ولشادي.

هو ما يستاهلش يكون جزء من حياتكم…!


هزت ليلي رأسها بألم، وصوتها خرج كأنه اعتراف:


نفسي يرجع… واساله…هو ليه عمل فيا كده؟

ما عملتلوش حاجه… انا والله العظيم، حبيته.…!


ما كانت تدري أن الباب خلفها ما كان مغلق جيدا…

وأن راهب كان يقف خلفه… يسمع كل حرف…!


دمعة هربت من عينيه، وانكســ ـرت على خده…

همس لنفسه، كأن الجــ ــرح داخله يئن:


ــ كنت غبي… لما اخترت أخسرك…!


مسح دموعه بكف مرتجفة…

واستدار مغادرا في الممر الطويل…

كل ركن في قلبه مكسور… ميــ ــت…!


عالية تفتح ذراعيها وتضم ليلي إلى صدرها…

تحاول احتواء ارتجافها…


عالية بهمس دافئ:

ــ تمام… اهدي، أنا جنبك…


ليلي تشهق شهقة طويلة

وصوتها يطلع من مكان موجوع في قلبها:


ــ أنا حاولت أنسى…بس الوجع ما بينامش…

بينطلي ف كل ضحكة، ف كل لحظة لوحدي…

حتى شادي، لما بيبصلي بعينيه…

بحس كأني شايفاه هو…! 


عالية تمسح على ظهرها بلطف

وتشد الحضن كأنها عايزة تمتص عنها كل التعب:


ــ صدقيني هو اللي لازم يتوجع مش انت…!


ليلي تهمس بصوت منكسـ ــر:


ــ بس ليه؟ ليه خدعني؟ ليه كنت لعبة؟

أنا كنت مستعدة أضحي بكل حاجة عشانه…


عالية تشد على إيدها، وتبصلها بعيون ثابتة:


ــ علشان ما كانش يستاهلك…

بس ربنا وهبك هدية أغلى من أي حب…شادي…!


لحظة طويلة تمر… ليلي تبكي، وعالية تضمها أكتر…

والهدوء في الغرفة يحمل وجع السنين…


عالية وهي بتبص لـليلي بنظرة فيها حزم وقلق:

ــ ماينفعش نفضل في الفندق... 

رائد وجدك لازم يعرفوا إنك في مصر…


ليلي وهي قاعدة على طرف السرير 

صوتها واطي ومليان حيرة:

ــ كنت بس محتاجة وقت... أرتب دماغي…

أفكر...لما أقف قدامهم هقولهم إيه؟


عالية تقعد جنبها وتلمس إيدها:

ــ هنفكر سوا، وهنرتب كل حاجه…

بس لازم تكوني جاهزة تقفي قدامهم...

مش علشان تبرري، بس علشان…

نقدر نعدي المرحله دي…


ليلي تسند راسها على كتف عالية…

صوتها مبحوح من كتر التفكير:

ــ خايفة يا عالية... خايفة أقف قدامهم وأنهار…


ليلي تغمض عينيها…

تاخد نفس عميق كأنها…

بتحاول تجمع شتات نفسها…!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صلي على الحبيب 💙

«البارت17من روايه ارنــاط»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سحر تدخل غرفة راهب على أطراف أصابعها…

تشوفه نايم بهدوء على السرير. تقفل الباب من وراها ببطء، تتقدم منه بخطوات مترددة، وتقعد على طرف السرير. عيونها تسرح في ملامحه، كلها شوق وحب رغم إنه ما عطاها يوم حتى ذرة اهتمام. ومع ذلك... لسه بتحبه…!


تمد يدها تلمس خده، وفجأة، يفتح عينه بفزع

كان هيصــ ـرخ، لكن بسرعة تحط إيدها على فمه:


سحر بهمس: 

ــ ششش... ما تطلعش صوت…


راهب يشيل إيدها بعصبية، ثم يرفع اللحاف، ويقوم واقف بحدة:

ــ  هو انتي ماعندكيش د،م؟!

أبويا في البيت، وإنتي داخلة عليا في الوقت ده؟!


سحر ببرود واطمئنان: 

ــ ماتخافش اوي كده، أبوك نايم…

ما بيصحاش غير الصبح…!


يمسكها من ذراعها بعنـ ـف:

ــ اطلعي بره! أنا قلت الأوضة دي ما تدخليهاش تاني!


رغم القسوة، سحر تبتسم بحزن وتحط يدها على خده:

ــ  أعمل إيه؟ بحبك. حتى قسوتك... بحبها…


راهب يبعدها عنه بخشونة:

ــ أنا قلتلك طلعيني من دماغك!

اللي بتفكري فيه مش هيحصل... مستحيل!


تحط إيدها على قلبها، وتقول بتوجع:

ــ  أشيلك من هنا...!تشاور على صدرها…!

ولا من هنا؟ !تشاور على راسها!… بقولك بحبك!


راهب بانفجــ ـار:

ــ  وأنا ما بطيقش حتى أبص في وشك! افهمي بقى!


سحر تسكت لحظة، وبنظرة متحدية ترمي القنبلـ ــة:

ــ غصب عنك هتتعود على وجودي... 

لأني هجيبلك أخ!


راهب بذهول:

ــ  إيه؟!


سحر بخبث وهي تلمس بطنها: 

ــ أنا حامل... في أخوك…!


راهب باحتقار: 

ــ الكلام ده يمكن يمشي على أبويا...

إنما أنا لأ. مين أبو اللي في بطنك؟


سحر تتمسكن وتتدلع: 

ــ كنت بتمنى يكون منك...

ما تمنيتش حد يلمسني غيرك…!


راهب بعينين نارية:

ــ  كدبك هيبان…وهكشفه… أنا متأكد إن اللي في بطنك مش من أبويا، ولا لي علاقة بيا يا مرات ابويا! 

ودلوقتي... اطلعي بره. وجودك بيحسسني بالقرف 


سحر تتحول فجأة، تصــ ـرخ، وتفتح باب الغرفة وهي تولول وتتصنع الانهيار:

ــ  إلحقني يا عبد الحميد! ابنك عايز يسقطني!


راهب مذهول: 

ــ إنتي بتعملي إيه؟!


سحر بتضحك وسط الصــ ـريخ: 

ــ عبد الحميد! الحقني! ابنك قتـ ــل ابني!


يدخل عبد الحميد ومعاه شهد على صوت الزعيق. سحر ترتمي في حضنه، والـــ ـدم نازل من بين رجليها.


سحر بأنفاس مقطوعة: 

ــ ابنك... قتــ ـل ابني...


تقع مغمى عليها…


راهب بذهول ودفاع: 

ــ والله ما لمستها! دي بتمثل!


عبد الحميد يبص له بنظرة نار، مصدق سحر.


شهد بعينين متحجره بهم الدموع:

ــ  قتــ ـلته... زي ما قتلـ ــت سيف... إنت قــ ــاتل... مجرم...


راهب يحاول يقرب منها، يمد إيده... لكنها ترتعش وترجع للخلف:


شهد بصدمة: 

ــ ابعد عني! ليه قتــ ــلته؟ ليه؟!


راهب: 

ــ أنا ما قتلتــ ــش حد! دي بتكدب! والله ما لمستها…


عبد الحميد يشيل سحر بسرعة يصـ ـراخ: 

ــ اتصل بالإسعاف! حسابك معايا بعدين!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

| اليوم التالي في الصباح|


نزلت ليلى من العربية، وقفت قدام البيت الكبير…

اللي بيطل بواجهته الهادية على جنينة صغيرة…

لكن منظمة، وأنيقة بشكل يريح القلب…

لحقتها عالية، فتحت شنطة العربية وسحبت منها… عربية أطفال فيها سرير صغير، نايم فيه شادي… وبدأت تزقه بهدوء لحد ما وقفت جنب ليلى…


قالت بصوت واطي، كأنها بتحترم سكون اللحظة:

ـ يلا ندخل...


ليلى أخدت نفس عميق، عينيها اتنقلت…

على ملامح البيت اللي كان في يوم وطنها…

خطوتها كانت مترددة، لكنها ثابتة…

وكل ما بتقرب، ذكريات بتقرب أكتر…!


في ركن من أركان الجنينة، كان راجل كبير في السن بينضف حوالين شجرة قديمة…

ليلى ثبتت نظرها عليه، وابتسمت...

دي الشجرة اللي كانت بتجري حواليها هي ورائد زمان…


ومشهد الطفولة رجع بوضوح...


ــ رائد بيتخبى ورا الشجرة

وليلى بتجري وراه وهي بتضحك: 

ــ …همسكك…!


رائد بيرد وهو بيجري بصوت طفولي فرحان: 

ــ مش هتعرفي، أنا أسرع منك!


رجعت ليلى لواقعها…

بس قلبها لسه متعلق باللحظة القديمة…

كانت على وشك تنادي على جدها، بس قبل ما تطلع الكلمة من بقها، فجأة قال بصوت فيه دهشة:


ــ ليلى؟


التفت ولقاها قدامه، عينيه نوروا، فتح دراعاته…

وليلى ما ترددتش لحظة... جريت، واستخبت في… حضنه،كأنها بنت صغيرة بتتخبى من برد الدنيا كلها


ليلى وهي بتعيط:

ــ جدو أكمل... وحشتني أوي...


مسح على شعرها بحنية وهو بيهمس:


ــ وأخييييرا، رديتي لجدك العجوز روحه تاني...


ليلى بعدت شوية عنه، وقبلت إيده:


ــ سامحني يا جدو...


ابتسم أكمل ودموع الفرح بتلمع في عينيه:


ــ انتي حفيدتي الغالية، ومهما قسيتي... 

أنا بمحي… وبنسى…!


حضنته تاني، حضن كانت بتتمنى من سنين...

من يوم ما سافرت وهي طالبة، وتخرجت، واتعينت معيدة... بس قلبها ماكنش ساب البيت يوم.


بصلها أكمل بحنية، وبعدين نقل عينيه لعالية،

اللي واقفة جنب عربية الطفل:


ــ عاملة إيه يا عالية يا بنتي؟


عالية قربت منه، وباست إيده بمحبة:


ــ شوفتك بخير يا جدو أكمل... بقيت كويسة أهو...


بص أكمل لعربية الطفل باستغراب…

وصوته طلع تلقائي:


ــ مين ده؟ ابن مين؟


ليلى اتجمدت للحظة، مافيش صوت طالع منها.

عالية قربت من العربية، وشالت الطفل بابتسامة:


ــ ده شادي... ابني، يا جدو أكمل.


ليلى بلعت ريقها بصعوبة، وهي شايفة جدها بيقرب من شادي،خده في حضنه، وباسه من جبينه:


ــ ما شاء الله، تبارك الرحمن... ربنا يحفظه ليكي يا بنتي.


عالية:

ــ يا رب، تسلم يا جدو...


سأل أكمل باستغراب صادق:


ــ بس ما قولتوش إنك اتجوزتي... 

فين أبوه؟ ما جاش معاكي؟


ليلى غمضت عينيها، والمشهد ضــ ـرب في بالها...

خناقة، صــ ـراخ، دمعة، وانكسـ ــار…

وأرناط بيقع على حافة الترابيزة...

وبيروح من غير وداع…!


عالية تدخل بهدوء، صوتها فيه ألم مكســـ ــور:


ــ جوزي مات في حادث، بعد ما شادي اتولد بايام، يا جدو...


وفي لحظة، انضم رائد...

لف دراعيه حوالين ليلى من ورا…

وضحكته العالية غطت على الجو…!


ليلى بضحك:

ــ نزلني… يا رائد!


لفها زي زمان، زي ما كان بيعمل وهي صغيرة.

ضحكت من قلبها... كأن الوجع اللي جواها هدأ فجأة.


نزلها، حضنها بقوة:


ــ وحشتيني يا قلبه... يا روحي…!


ليلى بحب وشوق:

ـ والله انت اللي وحشتني...


رائد عبس بدلع:


ــ ليه ما قولتيش إنك نازلة؟

كنت جيت جبتك من المطار!


ليلى نظرت لعالية في صمت، وقالت جواها:

ـ حتى أنا، يا رائد... ماقالوليش إني نازلة...


عالية قطعت الصمت بضحكه:


ــ ايه يا داك! مش هتسلم عليا ولا إيه؟


رائد ضحك وسلم عليها:


ــ آسف جدا يا عالية... حمد الله على السلامة.


وبعدين بص للطفل اللي جده شايله:


ــ مين ده؟


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|في المستشفى|


عبد الحميد واقف قدام باب الغرفة، إيديه متشابكة وعينه معلقة بالممر، منتظر الدكتور يخرج يطمنه على سحر والجنين. فجأة، بيرن تليفونه، ولما شاف الاسم على الشاشة قال بسرعة بتوتر: 


ــ أيوه،يا أيهم؟


الدكتور أيهم بحماس:


ــ  الحمد لله، نتيجة التحاليل وصلت، وقلت لازم أبشرك بنفسي... الإصابة القديمة اتعالجت،يا عبد الحميد.بيه تقدر تخلف تاني. والطفل اللي سحر حامل فيه... ابنك!


عبد الحميد ماصدقش نفسه، ابتسم ابتسامة مهزوزة بين الذهول والفرحة، بس قبل ما ينطق بكلمة، باب الغرفة اتفتح وخرج الدكتور بوجه حزين:


ــ سحر هانم بخير... بس الطفل نزل. حصل إجهاض.


الفرحة اتكســـ ـرت في لحظة، كأن السقف وقع على راس عبد الحميد. في اللحظة دي، كان راهب واقف جنب يوسف، وشه متجمد.


عبد الحميد لف ناحيته، عينه مليانة غضب، واندفع عليه، ماسكه من ياقة قميصه بعــ ــنف:


ــ  قتــ ـلت أخــوك... يا كــ ـلب! مش هرحمك... مش عايز أشوف وشك تاني!


راهب بيحاول يدافع عن نفسه: 


ــ أنا ماعملتش حاجة! 

وبعدين اللي كانت حامل فيه ده مش...


عبد الحميد ضــ ـربه بالقلم قبل ما يكمل:


ــ … اخــ ـرس…!


يوسف متدخل:

ــ  عمي، ماينفعش كده، اهدا شوية!


عبد الحميد بيشاور على راهب: 


ــ قتــ ـلت أخوك عشان الطمع... عشان الثروة… تروحلك لوحدك، بس والله ما هتشوف منها جنيه! اطلع بره... مش عايز أشوفك هنا تاني!


يوسف شد راهب من دراعه:


ــ تعال معايا، ياراهب، دلوقتي مش وقت الكلام...


راهب كان مصمم يرد، بس يوسف شده وهو بيقول بهدوء: 

ــ علشان خاطري...يا راهب…امشي!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|قدام المستشفى، في الهوا البارد|


كان الهوا بيصفر حوالين يوسف وراهب…

بس اللي جوا قلب راهب كان أشد برودة…


يوسف بنبرة هادية، بيحاول يهدي نار ابن عمه:

ــ اهدا شوية، عمي قال الكلام ده وهو منهار... ماكانش واعي لكل كلمة. لما يروق، هيفكر بعقله وهيعرف الحقيقة


راهب بعصبية متفجــ ـرة، عينه بتبرق من الغيظ:

ــ اللي بيجنني إنه صدق! صدق إنها حامل منه!


يوسف بتردد، صوته منخفض:

ــ ما يمكن... فعلا يكون ابنه؟


راهب بضحكة قصيرة حزينة، فيها مرارة:

ــ سحر بتكدب يا يوسف! لو كان ابنه بجد…

كانت وقفت قدام العالم كله علشانه…

بس ضحت بيه... بسهولة…

كأنها بتتخلص من نقطة ضعف كانت هتفضـ ــحها!


يوسف،بحيره:

ــ  بس ليه تعمل كده؟ ليه تتهمك بإجهاضها؟


راهب بيقولها بأسى، وكأنه شايف الصورة قدامه بوضوح:

ــ علشان عارفة إني كنت هكشف لعبتها... وأثبت إن اللي في بطنها مش ابن عمك، اللي مصدق إنه ممكن يخلف، رغم إن كل الدكاتره قالوا…

إنه مستحيل،يخلف، بعد الحادثة…


يوسف بصوت واطي:

ــ طيب... مين أبو الطفل؟


راهب بهمس مشوش، كأنه بيكلم نفسه:

ــ ماعرفش... بس متأكد إنها خططت لكل تفصيلة... حتى اللحظة دي، كانت محسوبة…

هي عايزة تبعدني عن أبويا تماما!…


يوسف بعزم ضعيف:

ــ عمي... مش ممكن يستغنى عنك، مهما حصل.


راهب بعين فيها مرارة وغصة

بيكتم وجع أعمق من الكلام:

ــ لو كنت شفت عينه وهو بيبصلي... 

كنت فهمت. أنا خرجت من قلبه خلاص...

وسحر؟ سحر كسبت أول جولة من لعبتها…


يوسف بيحاول يتماسك:

ــ اهدا، راهب... أكيد هنلاقي حل…


راهب بنبرة قاطعة، وملامحه فيها قرار اتخذ خلاص:

ــ يوسف... اللي كنت مأجله، جه وقته…!


يوسف بتوتر وخوف من القادم:

ــ راهب، أرجوك... اللي ناوي عليه ممكن يولـ ـع الدنيا أكتر بينك وبين عمي. خلينا نهدى ونفكر بالعقل.


راهب بصوت غليظ، من غير ما يبصله:

ــ يوسف، نفذ اللي قلتلك عليه... وبسرعة…!


يوسف بهمس مطيع:

ــ حاضر، ياراهب...حاضر ربنا يستر…


راهب بعد ما خلى ضهره ليوسف، مشي خطوتين لقدام. وقف، رفع راسه للسماء، والبرد بيقرص وشه وقال بصوت بالكاد مسموع، كأنه بيوقظ شبح مدفون…!!


راهب بغموض مـ ــرعب:

ــ جه الوقت... اللي تطلع فيه من كفنك... 

وترجع تاني يا أرناط…!

صلي على الحبيب 💙

«البارت 18من روايه ارنــاط» 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جلسوا جميعا في الصالون…

بعد أن أزالوا بعضا،من شوق الغياب الطويل…

والسكينة تتسلل بهدوء بين أنفاسهم…!


قال رائد وهو ينظر إلى عاليه:


ــ أنا هشوف واحدة تيجي تنضف الشقة…

اللي فوق، عشان عاليه وشادي يقعدوا فيها…!


عاليه ردت بإحراج وهي تبص في الأرض:


ــ ماتشغلش بالك يا رائد، أنا هشوفلي بيت قريب…


لكن أكمل، اللي لسه شايل شادي …

في حضنه بص لها بحنان وقال:


ــ البيت هنا كبير، وانتي زيك زي ليلي…

وبعدين... انتي عايزة تبعدي عن صحبتك؟


عاليه بصت لليلي وضغطت على إيدها بحب:


ــ ليلي مش صاحبتي يا جدو، ليلي أختي…

وما ليش غيرها في الدنيا بعد ما أهلي مـ ـاتوا…!


ليلي نزلت دمعة من عينها…

وحتت إيد عاليه بإيدها التانية:


ــ وأنا لو كان عندي أخت حقيقية…

ماكنتش هتكون أحن ولا افضل منك…!


رائد قاطعهم بضحكة وهو يقوم من مكانه:


ــ طيب، على ما تخلصوا المسلسل الدرامي ده…

أنا طالع أشوف حد ينضف الشقة اللي فوق…!


ضحكوا كلهم ومسحوا دموعهم في نفس اللحظة… كأن الضحك والمشاعر اختلطوا ببعض…!


أكمل بص لشادي وقربه من صدره، وهو يقبله بحنية:


ــ وبعدين أنا حبيت شادي من أول لحظة شلته فيها... حسيت كأنه شق قلبي وقعد فيه من غير استئذان…


ليلي وعاليه تبادلوا نظرات طويلة…

نظرات فيها ألف كلمة، وأكتر من سر…!

نظراتهم كانت بتحكي اللي لسه متقالش…


وأكمل، وهو فرحان بحفيد مش عارف إنه حفيده… فضل يضحك لشادي ويحضنه…

من غير ما يعرف إن الطفل اللي في حضنه…

مش ابن عاليه، لكن ابن ليلي…!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|بعد مرور أربعة أيام|


البيت ساكن، لكن الصمت فيه له صوت…

عبد الحميد واقف في نص الصالون…

عينه بتقدح شرار، عضلات وجهه مشدودة…

كأنه بيقاوم بركان جواه…!


سحر قاعدة على الكرسي، حاطة إيدها على بطنها.. كأنها لسه خارجة من معركة، ملامحها شاحبة…

تمثل الألم والإرهاق ببراعة…!


عبد الحميد صوته عالي، ثابت، بيقطع الصمت:

ــ البيت ده... مش عايز أشوفك فيه تاني يا راهب!


راهب يتقدم بخطوتين…

صوته غاضب مبحوح من الوجع:

ــ انت بتطرد ابنك؟ علشان واحدة زي دي؟!


عبد الحميد يرفع صباعه في وشه، صوته مر:

ــ اتكلم بأدب، اللي بتتكلم عنها دي تبقى مراتي…

أنا ما بطردكش علشانها...

أنا بطردك علشان مش قادر أبص في وشك!

انت السبب في مـ ـوت أخوك... وهو لسه ما كملش حتى شكل الإنسان، كان مجرد شوية د،م!


راهب يبتسم بوجع، بعين فيها تحدي:

ــ بجد؟ بجد مصدق الكذبة دي؟

مصدق إن واحد في سنك…

بعد اللي حصله، يقدر يخلف؟ولا إيه…

عمتك … بطلت تشوف خلاص؟


عبد الحميد صوته يرتعش 

من الغضب بيقاوم الانفجـ ــار:

ــ اطلع بره... ما تورينيش وشك تاني!

انت زي الفيروس... كل اللي يقرب منك يتسمم!

دمـ ــرت أختك... سبتها كفيفة…

بتتخبط في الظلام لوحدها…

ولما عرفت إن سحر حامل...

قتلـــ ـت الطفل،بطنها!

ولك عين بعد كل ده تتكلم…اطلع بره!


راهب صوته مكسور

وعينه بتلمع من الذل والخذلان:

ــ انت كبرت وخرفت...

معقول مش شايف الحقيقة؟

مراتك دي... سلعة رخيصة

بترمي روحها في حضن أي راجل!

والله أعلم الطفل اللي كانت شايله ده ابن مين!


عبد الحميد يندفع عليه…

وضـ ـربه بالقلم، صوت الصفعة دوى في المكان:

ــ اخرس! ما تسمعنيش صوتك تاني...

اطلع بره، مافيش ليك مكان هنا!


راهب ما اتكلمش، نظرته كانت هي اللي بتحكي… خرج وهو بيشد نفسه بصعوبة، مشي للجنينة…

الهوى بيقرص وشه، بس اللي بيقرص قلبه أقسى…


راهب بيطلع موبايله، صوته غليظ:

ــ يوسف... كلم الما، وخليها تبعتلي كل الإيميلات...

اللي تخص الشغل لازم توصلني، بسرعة…!


قبل ما يوسف يرد، حس بنفس أنفاسها ورا ضهره. سحر وقفت جنبه، وهمست في ودنه، بنفس نبرة صوت يوسف:


سحر بنبرة باردة:

ــ الما... ماجتش النهارده…

اترش عليها ميه نـ ــار، وهي دلوقتي في المستشفى...


راهب لف لها، عيونه متسعة بدهشة مرعوبة…


راهب بصوت مش مصدق:

ــ انتي؟ انتي اللي عملتي كده فيها؟!


سحر بخبث وهي بتقرب منه، نبرتها هادية وقاتلة:

ــ أنا؟

أنا ما بحبش أعـ ــدائي يختاروني خصم…

أنا بشفق على أعـ ــدائي...

وإنت شفت بنفسك النتيجة…!


راهب يمد إيده ويمسك دراعها بقسوة

عينه بتتوهج بالغضب والوعيد:


ــ أنا عارف إنك اللي مدبرة كل حاجة...

بس خدي بالك، الشاطر اللي بيضحك في الآخر…

واللي انتي فاكرة إنك مسكاه دلوقتي...

في لحظة ممكن تفتحي إيدك ما تلاقيهوش!


سحر تهز إيده وتتخلص من قبضته

بصوت واثق:

ــ الما؟

دي كانت سمكة صغيرة...

في بحر القروش، السمك الصغير ما بيعومش كتير...


راهب بابتسامة باردة، صوته اتغير 

بقى أهدى... لكن أخطـ ـر:

ــ القروش اللي عندك؟أنا هكسـ ـرلك زعانفهم…

واحدة ورا التانية…

وهاخليكي تبقي عبرة...

الكل هيشفق عليكي، حتى أعــ ـدائك…


راهب ركب عربيته، الباب اتقفل بعصبية، وصوت… الموتور دوى في سكون الليل. انطلقت العربية… بسرعة، والطراب طار حوالين إطاراتها…

وساب وراه ريحة غضب ووعيد…!


سحر وقفت في نص الجنينة، كانت بتتفرج…

على ضهر العربية وهو بيختفي، ملامحها ثابتة…

بس عيونها بتلمع ببريق شيطاني ساكن…


سحر تبتسم ابتسامة باهتة

وتهمس بصوت واطي لكنها حاد زي السكـ ـين:

ــ واضح يا راهب...

إنك مصمم تكون عـ ــدوي…

يعني القرار قرارك... وانت اللي اخترت الطريق ده…؟


تلف جسمها ببطء، وكأنها بتخاطب حد مش موجود أو يمكن كانت بتخاطب الهوى نفسه…

بس نبرتها كانت مقصودة، محسوبة…


سحر تكمل الكلام بصوت أعلى شوية

مليان خبث وتخطيط:

ــ واضح إن الوقت جه...

الوقت اللي نبدأ نستفيد فيه من الطير اللي اصطدناه 

ما يصحش نخليه في القفص أكتر من كده...

الطير لازم يغني... وإحنا نسمع ونستفيد…!


تمشي سحر بخطى هادية، كعب جزمتها بيطق على الأرض الرخام، وكل خطوة فيها رسالة…

أنا اللي بلعب، والكل أدوات…!!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اليوم التالي – في مكان مهجور تحيط به الجدران المتهالكة والهدوء القــ ـاتل…!!


ليلى واقفة وسط الخراب، تلف بعينيها في كل الاتجاهات، تتنفس بسرعة، في يدها تليفونها مفتوح على رسالة قصيرة تحت خريطة تحديد موقع…


الرسالة:

افتكر إنك مستنية حد يكلمك من وقت ما رجعتي مصر. تعالي على المكان ده حالا…!


ليلى تهمس لنفسها وهي تبص حواليها بقلق:

ــ مافيش حد... المكان فاضي...؟


فجأة، يرن في المكان صوت معدني، بارد كأنه خارج من جهاز آلي، صوت فقط... من غير جسد، من غير أي مصدر واضح…


الصوت:

ــ ماتتعبيش نفسك في إنك تدوري عليا...

مش هتشوفيني…


ليلى تتوتر، تبص حوالينها:

ــ انت مين؟ وعايز مني إيه؟


الصوت:

ــ خلينا نختصر. انتي ذكية، زي ما كنت متوقع…

ملك خدت منك البحث، بس انتي كنتي أذكى...

سبتي الشفرة الأخيرة معاك…

الشفرة اللي من غيرها البحث مايسواش…

مجرد ورقة فاضية…


ليلى تتراجع خطوة…

ملامحها تتقلب بين الصدمة واليقظة:

ــ يعني أنتو اللي بعتوا ملك علشان تساعدني وتاخد البحث؟أنا حسيت من الأول إن مساعدتها مش براءه منها… وكلام غزل الله يرحمها أكد شكي...

علشان كده خدت احتياطي…


الصوت بهدوء مريب:

ــ وده اللي عاجبني فيك…

بس أنا في كل الحالات هاخد الشفرة...

لكن علشان ذكائك عجبني… هديكي عرض…

تديني الشفرة... وأنا أقولك معلومة هتغير حياتك كلها


ليلى بصوت متردد:

ــ وليه أصدقك؟ إيه الضمان؟


الصوت:

ــ مافيش ضمانات…!


ليلى تفكر، عيناها تضيقان:

ــ طيب، قول المعلومة... وبعدها أبعتلك الشفرة…!


لحظة صمت طويلة... بعدها الصوت ينطق بكلمات سقطت على قلبها كالرعد…!


الصوت:

ــ أرناط... اللي كنتي فاكرة إنك قتــ ـلتيه... 

عايش، يا ليلى.


ليلى تتجمد مكانها. عيناها تتسعان

وشفتيها ترتعشان.بهمس مذهول:

ــ لا... مستحيل...

أنا شفته، كان غرقان في دمــ ـه قدامي...

كان ميــ ـــت... ميـــ ـت!


الصوت:

ــ مش كل اللي بنشوفه حقيقي...

يمكن اللي شفتيه كان غطاء...

بس دلوقتي، أنتي عرفتي...

نفذي... وبعتي الشفرة…


ينقطع الصوت. تفضل ليلى واقفة مكانها، ودماغها بتغلي. كل فكرة تضـ ــرب التانية، ووش أرناط قدامها ما بيفارقش خيالها. في الآخر، بتضغط على الشاشة... وتبعت الشفرة…


لكنها كانت عارفة...

إن حياتها ماعدتش هترجع زي الأول…


بعد ما تبعت الملف، تقفل ليلى الموبايل ببطء وتحطه في جيبها. ملامحها ساكنة بس عينيها بتقول حاجة تانية… فيها عمق، فيها سر…


ليلى بصوت خافت:

ــ فاكر إنك كسبت؟

دي مجرد خطوة…

خطوة لازم تتحط عشان اللعبة تبدأ…

لكن المفتاح الحقيقي... لسه في جيبي…


تلف ليلى وتبص حواليها كأنها بتتأكد إن مافيش حد ثم تمشي بخطوات ثابتة، وكأنها داخلة على مرحلة جديدة كانت بتحضر لها من الاول…؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

داخل سيارة متوقفة أمام بيت صغير…

على أطراف المدينة…!


راهب قاعد جنب يوسف…

عينه على البيت بعينين فيها مكر قديم…

وأصابعه بتطقطق على تابلوه العربية…


راهب بهدوء سام:

ــ شايف البيت ده؟

جوه البيت ده... أكبر سر مدفون… 

في حياة سحر الطوخي…!


يوسف بفضول:

ــ سر إيه؟


راهب بابتسامة جانبية:

ــ ابنها.

الولد اللي محدش يعرف عنه حاجة… عاش هنا…!


يوسف ينقلب صوته لصدمة:

ــ سحر عندها ولد؟! إزاي؟

ده حتى عمي عبد الحميد مايعرفش…


راهب:

ــ عمري ما شوفت غلطة استخبت حلو…

مهما اتخبت، بتسيب ريحة... 

وأنا شميت الريحة دي من زمان…

لكن عمك ده بيشوف تحت رجله …

وهو لابس النظاره بالعافيه…


يوسف ساخر:

ــ طيب وبعدين؟ هنعمل إيه؟

يعني عايزنا نخطف طفل؟!


راهب يقهقه:

ــ لأ يا يوسف، إحنا ناس متربيين…

هننزل ناخده عادي… زي ما سحر كانت بتعمل…


يوسف بتعجب:

ــ أيوه سحر… مش إحنا…

هي لما بتبعت حد بيبقى معروف …

للدادة اللي بتربي الطفل…

لو نزلنا إحنا،است اللي جوه دي هتطلعنا هاشتاج…


راهب يرفع تليفونه:

ــ عشان كده تليفونه معايا.

أول ما توصل هناك، الدادة هتتصل، وأنا اللي هرد…

وهديها صوت مألوف، يخليها تسلمك راكان وهي مطمنة…


يوسف ينفجر ضاحكا:

ــ والله يا راهب انت شيطان بعينين بني آدم…

طيب… رايح…!!

صلي على الحبيب 💙


«البارت 19من روايه ارنــاط»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دخلت ليلي الغرفة بهدوء، خطواتها ساكنة كأنها تمشي على أطراف الغياب، عينيها مش شايفة اللي قدامها، عقلها بعيد تماما عن المكان اللي واقفة فيه…


كانت عاليه بتغطي شادي في سريره…

ولما شافت ليلي داخله، سألتها بصوت خافت:

ــ عملتي إيه؟... قدرتي تعرفي مين الناس دول؟... شفتي ملك؟


مافيش رد. ليلي قعدت على الكرسي بصمت...

وشها شاحب وعينيها فاضية...

وكأنها بتعيش لحظة مش من الزمن ده...


كانت جملة واحدة بس اللي بتتردد في عقلها: 

ــ أرناط اللي كنتي فاكرة إنك قتـ ـلتيه... عايش...


عاليه قربت منها، ولمست إيدها بلطف...

وليلي اتخضت كأنها فاقت من حلم مفزع:


ــ ليلي... اهدي، مالك؟ في إيه؟


ليلي بصت لها، دموع بتلمع في عينيها لكنها... 

مش قادرة تنطق، وكأن الكلام نفسه خانها...


عاليه بدأت تقلق أكتر، هزتها برفق:

ــ ليلي! مالك؟ ردي عليا، إنتي كويسة؟


وأخيرا نطقت ليلي... بصوت مكســ ـور وواطي...

جاي من آخر الدنيا:

ــ ...عايش…!


عاليه ما فهمتش:

ــ مين اللي عايش؟


ليلي نزلت دمعتها المحبوسة

وقالت بصوت مهزوز:

ــ أرناط... أرناط عايش...!


عاليه شهقت بدهشة:

ــ إزاي؟! إحنا شوفناه وقتها ميـ ـت... 

كان واقع وسايب آخر نفس فيه!


ليلي بدأت تنهار، دموعها نازلة بدون توقف:

ــ مش عارفة إزاي... 

بس اللي كنت عايشة فيه كان كدبة...

حبه كدبة... وحياته كدبة...

حتى مــ ـوته طلع كدبة!


عاليه حضنتها بسرعة، تحاول تهديها:

ــ طيب، طيب اهدي... بس قوليلي مين قالك كده؟


ليلي اتنهدت بصوت فيه وجع:

ــ الناس اللي ورا سرقة البحث... هم اللي قالولي...


عاليه شدت نفسها:

ــ يعني... شفتي ملك؟

هي اللي قالتلك إن أرناط عايش؟


ليلي هزت راسها بالنفي:

ــ ما شفتهاش... محدش ظهرلي... اتواصلوا معايا... بصوت... كان شبه صوت الإنسان الآلي...


سكتت لحظة، وبصت في الفراغ:

ــ بس كانوا عارفين كل حاجة... 

تفاصيل عمري مع أرناط... 

وكأنهم كانوا بيشوفوني وأنا مش واخدة بالي...!


عاليه بصوت مشحون بالقلق:

ــ ليلي... إنتي لازم تنسي أرناط، اللي فات مـ ـات... وانتي اللي بدأتي اللعبة معاهم... وهم راجعين... راجعين، تاني... 


ليلي بهدوء غريب يخبي وراه نـ ـار:

ــ هم اللي هيوصلوني لأرناط، عاليه...


عاليه بتنظر لها بدهشة:

ــ يعني ناوية تديهم البحث؟! علشان توصليله؟!


ليلي نظرة حاسمة في عينيها:

ــ أنا عشت عمري كله لعبه في إيد غيري... 

لكن دلوقتي، جه وقت اللعبة تبقى في إيدي أنا...!


عاليه بصوت مهزوز وقلق بيكبر:

ــ ليلي... احنا مانعرفش الناس دي...

ممكن يعملوا فيكي إيه لو ماخدوش اللي عايزينه... 

ممكن يـــ ـأذوكي، يــ ــأذونا كلنا!


ليلي بتنهض ببطء، نظرتها فيها نار وتصميم:

ـ اللعبة دلوقتي على المكشوف...

مفيش أقنعة، الاقنعه خلاص سقطت...!


تمشي خطوتين وكأنها بتخطط على أرض المعركة:


ــ والشاطر هو اللي يمشي فوق الغــ ـم ...

كأنه ماشي على رمل ناعم...

يسحبهم وراه، يــ ـدمرهم...

ويخرج من الحكاية كأنه ما دخلهاش...!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مساء - منزل يوسف ورهيفا...!


رهيفا تنظر إلى الساعة بقلق

تمسك الهاتف وتتصل بيوسف:

ــ يوسف... إنت فين؟


يوسف بتلقائية:

ــ مستني راهب...!


رهيفا تتنهد:

ــ وسيبني لوحدي؟


يوسف:

ــ أيــوه...


رهيفا ترفع حاجبها بتهديد ساخر:

ــ طيب، ولما أنكد عليك وأسود عيشتك؟


يوسف بهدوء مستفز:

ــ ولما أبعتك عند أمك...؟


رهيفا:

ــ ولما أزود النكد ومارجعش...!


يوسف:

ــ ولما أطلقك...


رهيفا:

ــ ولما تلاقيني خالعاك أصلا...


يوسف يضحك:

ــ هنستفاد ايه يا اني...


رهيفا بحنان:

ــ مش عارفة...


يوسف بحب:

ــ طيب، أنا جايلك...؟


رهيفا بدلع:

ــ وأنا هحضرك العشا...؟


يوسف بابتسامه حب:

ــ بحبك...!


رهيفا:

ــ بموت فيك...


يوسف يغلق الهاتف، يلتفت إلى راكان الجالس بجانبه.


يوسف يتمتم:

ــ قلت لما راهب يجي هيشيل عني...

وأقضي وقت مع مراتي... 

طلع زود انشغالي...

وآخره مقعدني جنب الولد اللي خطفوه...


يقترب من راكان، يبتسم له بلطف:

ــ بقولك يا بطل... تيجي أعرفك على مراتي؟


راكان بطفولة:

ــ إنت بتحبها؟


يوسف ينظر له بعين مليانة حنية:

ــ مفيش حد بحبه قدها...!


راكان:

ــ طب أنا جعان...


يوسف يضحك ويحمله:

ـ من عيوني، أختك رهيفا عاملالنا أكل يجنن... 

هتاكل وتدعي لها...


بعد قليل ينزلان من السيارة، يفتح يوسف الباب...

يعلو صوت رهيفا من المطبخ بداخل:

ــ ثواني... والأكل هيكون جاهز يا حبيبي!


تخرج من المطبخ ومعها كبشة في إيدها...

تقف للحظة لما تشوف يوسف ومعاه طفل...

بعدها...بصوت عالي:

ــ إتجوزت عليا؟!


وترمي الكبشة على يوسف. يوسف يتفادى الضـ ـربة مصدوم، تبدأ في الجري وراه وهو يهرب 

وهي تصـ ـرخ.بتبكي:

ــ ومخلف كمان؟! جايبه لحد بيتي؟!


يوسف يحاول التبرير:

ــ اهدي بس واسمعيني...يا حبيبتي!


رهيفا ترمي عليه مخدة:

ــ ماتقولش يا حبيبتي!


يوسف:

ــ حاضر... بس اسمعيني.


راكان من بعيد:

ــ أنا مش ابنه... هم خطفوني...!


رهيفا بذهول:

ــ يا نهار إسود يا يوسف!


يوسف يمسك إيده:

ــ ممكن تهدي وتفهميني؟ وانت يا بطل تعال العب... هنا... وانتي تعالي معايا...


يوسف يدخل رهيفا إلى الغرفة، وهي مرتبكة...


رهيفا بهمس:

ــ يوسف... ابن مين ده؟ وخطفته ليه؟


يوسف بجديه:

ــ الطفل ده ابن سحر... مرات عمي...


رهيفا مصدومة:

ــ سحر؟!


يوسف:

ــ أيوه... راهب خطفه عشان يضغط عليها...


رهيفا تنظر للطفل من بعيد:

ــ مش شبهها خالص... البراءة دي مش فيها...


يوسف:

ــ وأنا كمان مش مصدق إنه ابنها...


رهيفا تلف دراعها على رقبته وتبتسم بعد ما هدأت:

ــ فكرتك اتجوزت عليا...


يوسف يضحك:

ــ طيب، لو افترضنا إنه ابني... يبقى أنا متجوزك إنتي عليها، يعني إنتي الجديدة!


رهيفا تضحك بدلع:

ــ دانا كنت خنقتـ ــك...


يوسف يقبل إيدها:

ــ بحبك...


يعلو صوت راكان من الخارج:

ــ أنا جعان!


يوسف ورهيفا يضحكان.


يوسف:

ــ يلا نأكله... بدل ما يفضــ ـحنا!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

داخل شركه العراف في مكتب سحر الطوخي!


سحر ماسكة الموبايل، بتتصل بالدادة.:


ــ ألو... أيوه يا نجاة، طمنيني... راكان كويس؟


صوت الدادة من التليفون بهدوء:

ــ حضرتك بعتي خدتيه امبارح يا هانم... نسيتي؟


سحر بتقطب حاجبها، تحس بحاجة غلط...

فجأة باب المكتب يتفتح ببطء...


راهب يدخل،بنبرة هادئة وابتسامة باردة:

ــ راكان معاكي يا هانم...

انتي بعتي خدتيه امبارح مش كده؟


سحر تلف بسرعة لورا، تشوفه واقف...

والتليفون يقع من إيدها على الأرض...

تنحبس أنفاسها...!


راهب بيمشي جوه وبيقعد...

يحط رجل على رجل ويخلع نضارته:

ــ كده تكســ ـــري التليفون...!

طب هتطمني على ابنك ازاي دلوقتي؟


سحر بهمس مصدوم:

ــ... عرفت إزاي؟


راهب واقف، بيتحرك ناحيتها:

ــ سألت عمو جوجل... وكان كريم جدا معايا...!


سحر بوجع:

ــ ابني... لا يا راهب... أنا خبيته حتى عن نفسي... عشان يفضل بعيد عن كل ده...


راهب بضحكة صغيرة:

ــ كنتي فاكرة نفسك ذكية؟

انتي أغبى خلق الله يا سحر... 

والله مش بجاملك.دلوقتي ابنك...

هيشيل تمن خطاياكي، واحدة ورا التانية...!


سحر بصوت مهزوز وشرس:

ــ لو لمست شعرة من ابني... 

هخليك تتمنا المــ ـوت وإنت حي...!


راهب يقعد تاني، بهدوء يرفع تليفونه:

ــ بتتهدديني؟


يضغط على الشاشة:

ــ خلص على الولد.


سحر بصــ ـرخة مرعوبة:

ــ لأاااااااااااااااااااااااااااااااااااا!!!


تجري عليه، تقع عند رجله، تبكي، تتوسل:

ــ أرجوك... أرجوك لا... أنا هعمل كل حاجة...

كل اللي تطلبه... بس ابني... 

ابني مالوش ذنب، والله مالوش ذنب يا راهب!


راهب بيقفل التليفون، يشــ ــدها من شعرها بعــ ـنف:

ــ أنا كنت دفـ ــنت، أرناط، وخلصت منه...

بس انتي اللي نبشتي قبــ ــره بإيدك...

دلوقتي جاية تتوسلي عشان أرحم ابنك؟

نسيتي إن الرحمة مش في قاموس ارناط؟!


سحر بدموع وسواد:

ــ مش هتستفيد حاجة لو أذيــ ــت ابني...


راهب يسيب شعرها، يبص لها بتلذذ:

ــ لما قلبك يتحـــ ــرق عليه... أنا هستفيد...!


!يشوفها تبوس جزمته!


سحر تبكي وهي تبوس الأرض عند رجليه:

ــ ابوس رجلك... بلاش ابني. أنا ماليش غيره... مستعدة أعمل أي حاجة... أي حاجة...


راهب يمسح دموعها بإيده:

ــ مش قلتلك... هخلي حتى أعدائك يشفقوا عليكي؟

بس انتي عندك حق... ابنك فعلا بريء...

بس للأسف اتولد من وســ ـاختك...!


سحر بتهمس:

ــ رجعلي ابني...


راهب يرجع يلبس نضارته:

ــ انتي مستعجلة ليه؟

نفذي اللي مطلوب منك الأول...

روحي لجوزك واعترفي بكل حاجة... 

عن الطفل اللي كان في بطنك...


سحر بصوت مخنوق:

ــ ده معناه نهايتي...!؟


راهب بنبرة نهائية:

ــ صح...!

تحبي نهايتك تكون في بيت العراف؟

ولا نهاية ابنك؟

صدقيني...هنريحه إنه يكون عنده أم زيك...


سحر بانهزام:

ــ خلاص... هطلب الطلاق من أبوك... 

وهخرج من حياتكم...


راهب يقف:

ــ بس قبل الطلاق... 

لازم يعرف إن الطفل مش ابنه...


سحر تنظر له بعينين فيها نار:

ــ النــ ـار اللي بتلعب بيها... هتحـ ـرقك، صدقني.


راهب واقف عند الباب، يده على المقبض، يفتحه نص فتحة بهدوء، يدخل منه ضوء باهت من الممر.


يلتفت بنص جسمه ناحية سحر، اللي لسه واقفة منهارة ومكسـ ــورة في الأرض، شعرها مبعثر ودموعها نشفة على خدها، لكن عنيها مشتعلة.


راهب بابتسامة ماكرة:

ــ قوليلي صحيح يا سحر...

مين أبوه؟


سحر تتنفس ببطء، تمسح دمعها 

وهي ترفع عينها فيه:

ــ هتفرق معاك لو عرفت؟


راهب بلا مبالاة وهو يطالعها بنص ابتسامة:

ــ لا... مش هتفرق...

بس... يمكن تفرق مع راكان...؟

الحي أبقى من اللي مــ ــات...


راهب يغمز بعينه، يغلق الباب وراءه ببطء وهو يخرج، وتسمع صدى الخطاف المعدني للباب يتقفل...


سحر تبص للمكان حواليها، عنيها تلف في كل ركن... ثم ترجع تصـ ـرخ فجأة وتضـ ــرب المكتب...

الكتب تقع وتحاول تكسـ ــر أي حاجة قدامها...


نفسها يتسارع، بتجري ناحية الشمعدان، تفكر تـ ــولع في المكتب... لكن تقف في اللحظة الأخيرة، تعض شفايفها وتهمس،بغضب مكتوم:

ــ مش هسيبك يا راهب...؟!

ده كان الخطا الوحيد اللي مش ممكن اسامحك عليه…؟!

صلوا على الحبيب💙


«البارت 20من روايه ارنــاط»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|مساء – بيت يوسف|


يوسف يجلس على الأريكة،راكان يلعب في الغرفة

وصوت هاتفه يرن اسم المتصل،راهب…


يوسف يرد:

ــ أيوه يا راهب؟


راهب بعصبية:

ــ أنا وصلت البيت، إنت أخدت راكان ورحت فين؟! أنا مش قايلك ماتتحركش غير لما اجي؟!


يوسف بهدوء:

ــ أنا في بيتي... والولد معايا، ما تقلقش…


راهب منفعل:

ــ الله يخربيتك يا يوسف! إنت اتجننت؟

بتاخد الولد على بيتك؟!


يوسف:

ــ فيها إيه يعني؟ الولد لطيف جدا…

رهيفا كمان حبته أوي…!


راهب يحذره:

ــ آه …بس أمه مش لطيفة... 

ومش هتفكر لحظة لو عرفت إن ابنها عندك…

ممكن تروح فيها إنت ومراتك،يا يوسف!


يوسف بدأ يشعر بالتوتر:

ــ طيب... أعمل إيه؟


راهب بصوت حازم:

ــ اسمع اللي هقولك عليه ونفذه بالحرف…!


يوسف يصمت، يستمع جيدا، نظراته جدية…

ثم يغلق الهاتف بهدوء. رهيفا تخرج من المطبخ…


رهيفا بقلق:

ــ مالك،يا يوسف؟ حصل حاجة؟


يوسف يحاول السيطرة على صوته:

ــ جهزي نفسك... هننزل حالا…


رهيفا:

ــ ننزل؟ هنروح فين؟


يوسف يرتدي جاكيت بسرعة:

ــ هوديكي عند أمك... تقعدي معاها يومين…!


رهيفا باندهاش:

ــ ماما كويسة! ليه عايز تمشيني من البيت؟


يوسف وهو يبحث عن مفاتيحه:

ــ يلا يا حبيبتي، مش عايزين نتأخر... 

لسه هنسافر الشرقية، والطريق طويل…!


رهيفا تنظر له، تدرك أن هناك شيء خطيــ ـر…

لكنها لا تسأل أكثر. تبدأ في تجهيز نفسها بسرعة…!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|شقة سحر – مساء|


إضاءة خافتة، ستائر مغلقة، سحر تجلس على الأريكة بثوب داكن، أمامها طاولة عليها كأس مشروب… ورجلها صلاح واقف بالقرب منها.بحزم:

ــ أنا هقلب كل مكان يخص راهب... 

مخازنه، شققه، وحتى الأماكن اللي بيقابل فيها… رجالته. لازم ألاقي راكان…


سحر بانفعال، تمسك الكأس بقوة:

ــ راهب مش غبي يا صلاح... مش هيخطف ابني اللي كنت مخبياه عن الدنيا كلها... ويسيبه في مكان احنا نقدر نوصله!


ترتجف يدها من الغضب، ثم فجأة ترمي الكأس في الحائط، يتحطم بصوت حاد…


صلاح يحاول تهدئتها:

ــ راهب كان عارف بوجود راكان من الأول... 

وعارف يستخدمه ضدك في الوقت المناسب …!


سحر تتنفس بصعوبة، تمرر يدها على جبينها:

ــ سفر عبدالحميد النهارده هيديني شوية وقت... أرتب أفكاري... وأقرر أنا هعمل إيه…


صلاح بانتباه:

ــ تامريني بحاجة دلوقتي؟


سحر ترفع يدها دون أن تنظر له:

ــ امشي... عايزه أكون لوحدي…

مش طايقة أشوف حد…


صلاح يومئ برأسه بصمت ويخرج من الغرفة…

سحر تغمض عينيها لحظة…

ثم تفتحهم وفي نظرتها وعد بالانتقام…


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|بعد المغرب، في غرفة هادئة|


ليلي كانت بتكتب ملاحظات عن شادي…

أكله ونومه،لكن فجأة لاحظت حاجة…


شادي، اللي لسه في عمر ست شهور…

قاعد بيتفرج على المكعبات اللي قدامه…

بس مش بيتعامل معاها زي أي طفل…


كان بيبدل مكان كل مكعب…

بنفس الترتيب اللي بتحطه ليلي …

في الرف بعد ما تنضفه…


ولما غيرت أماكنهم قدامه،ابتسم…

وبدأ يعيد ترتيبهم بنفس النمط القديم…

كأنه بيختبرها…


ليلى قلبها دق بسرعة،تهمس:

ــ إنت حفظت ترتيبهم؟


هو ماكانش بيتكلم…!

بس نظرته كانت مركزة علي، إيديها،كأن بيقولها: 

ــ أنا واخد بالي… من كل حاجة…!


في يوم تاني…تذكرت ليلى! 

كان في نقاش بينها وبين عالية في الصالة…

عن موضوع حساس…ولقوه بيبكي فجأة…

بس مش عشان جعان أو متضايق…

كان بيبكي وقت ما عالية قالت كلمة ،خطـ ــر…


عالية مستغربة:

ــ هو… فهمنا؟


ليلي:

ــ مستحيل. بس شادي مش طفل عادي…!


من بعدها، بدأت تلاحظ:

شادي بينتبه لعيون الناس، مش لصوتهم…

بيركز على ملامح الوجه…

بيرمش لما حد يكدب…

وبيضحك بس لما الكلام يكون صادق…!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|بعد مرور يومين|


خرجت شهد من الكافيه بخطوات هادئة…

عصاها البيضاء تتحرك أمامها بثقة تحفظها ذاكرة… الأماكن. الجو ساكن، لا صوت إلا همسات الشارع… ونبض المدينة في المساء. وقفت في المكان المعتاد. اللي دايما بتنتظر فيه سواقها، متولي…

وسمعت صوت سيارة بتقف قدامها…


فتحت الباب بهدوء، 

وقبل ما تتحسس أي حاجة قالت بصوت عاتب:

ــ اتأخرت ليه يا عمي متولي؟ أنا واقفة بقالي كتير...


في الكرسي الأمامي، كان رائد بيبصلها بنظرة مبهورة. دي هي. البنت اللي بييجي مخصوص عشان يشوفها كل يوم، ولأول مرة تبقى قدامه بالشكل ده... 

راكبة عربيته من غير ما تعرف!


ابتسم، قلبه بيرقص فرح… 

وحرك العربية على مهل…

عينه كانت مش بتفارقها من المراية…!


شهد وهي قاعدة في العربية…

بتشم ريحة عطر مش مألوفة…

فبتكشر وتقول بتوتر:

ــ استنى... أنت مش عمي متولي. دي مش ريحته...


رائد بهدوء، بيحاول يطمنها بصوت رخيم ومتزن:

ــ عندك حق... أنا مش عمي متولي…

شكلك اتلخبطتي والعربية شكلها شبه عربيتك…

وأنا لقيتك داخلة وما حبيتش أزعجك…!


شهد بسرعة تمد إيدها لشنطتها…

وبتدور على تليفونها، أصابعها…

متوترة وهي تتحسس الزرائر:

ــ لو سمحت... وقف العربية فورا…


رائد وهو بيركن على جنب بسرعة وبهدوء:

ــ حاضر... خلاص، وقفنا. بس بالله عليكي…

ما تخافيش. أنا مش هــ ـأذيك... اهدي…


شهد بنبرة شكاكة:

ـ إنت مين؟ وليه سايبني أركب عربية مش عربيتي؟


رائد ياخد نفس عميق…

ويحاول يكون صادق في نبرته:

ــ لأنك كنتي باين عليكي تعبانة…

ومشيتي بسرعة ناحية العربية…

ولما قلتي اتأخرت ليه…

خفت أقولك الحقيقة فجأة تتوتري…

بس والله ما كان قصدي أي حاجة وحشة…


شهد تسكت لحظة، كأنها بتحلل صدقه من صوته وبعدين تقول بنبرة أقل حدة:

ــ بس صوتك... سمعاه قبل كده. فين قابلتك؟


رائد يبتسم، ونبرته دافئة:

ــ في الكافيه... من حوالي شهر. خبطتيني بالغلط… وإنتي خارجه، وقلتي أنا آسفة ومشيتي بسرعة…


شهد بصوت هادي:

ــ آه... افتكرت. إنت كنت لابس جاكيت خشن... حسيته لما خبطت فيك…


رائد بدهشة لطيفة:

ــ صح، إنتي عندك ذاكرة حس رائعة…!


شهد بابتسامة خفيفة، لكن لسه حذرة:

ــ ما قلتليش... إنت عايز إيه مني؟


رائد:

ــ ولا حاجة. بس حبيت أتعرف...

من غير ما أبان فضولي أو مزعج…


شهد:

ــ طب وأنت ليه ما قلتش إنك مش السواق…

قبل ما العربية تتحرك؟


رائد بعد تردد بسيط:

ـ بصراحة؟ لأني اتوترت... وحبيت أتكلم معاكي حتى لو دقايق. مش عايز أكون مجرد صدفة…


شهد، بنبرة فيها شيء من القبول:

ــ طب طالما نيتك سليمة…

وصوتك مش مـ ـرعب... وصلني…


رائد بصوت ناعم:

ــ زي ما تحبي... بس لو قابلتك تاني…

تسمحيلي أقول اهلا، واعزمك على فنجان قهوه؟


ضحكت شهد بهدوء:

ــ لو عرفتك من ريحتك أو صوتك...

هرد عليك. واقبل عزومتك…


رائد ابتسم، لكن قبل ما يرد…

عينه راحت للمرآة الجانبية…

ووجهه اتبدل فجأة…


ضوء عربية سوداء من غير نمر بتقرب بسرعة… وبتلحقهم، وسائقها بيدوس على الكلاكس… 

مرتين كأنه بيبعث تحذير…


رائد ضغط على دواسة البنزين فجأة…

وشهد اتشبكت في الكرسي:

ــ في إيه؟! ليه سرعت كده؟!


صوته اتغير، بقى مشوش، فيه خوف لأول مرة:

ــ معلش، فيه عربية ورا شكلها بتتابعنا...

ماتخافيش، أنا مش هسيبك…


شهد مسكت طرف الباب، وجسمها كله توتر:

ــ مين بيتابعنا؟! إنت مين أصلا؟!


رائد ما ردش، بس العربية كانت بتزيد سرعتها… والطريق حوالينهم بدأ يضلم أكتر من العادي…

وكأن الدنيا كلها سكتت تستنى اللي جاي…؟!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في أحد المستشفيات الخاصة، كان يعقد اجتماع… لمجموعة من رجال الأعمال والمستثمرين…

هدفه دعم المستشفى والتبرع لها…

انتهى الاجتماع، وتفرق الحضور في الممرات…

وهم يتبادلون التحايا والابتسامات…!


راهب كان يسير بجوار صديقه الدكتور رائف


الدكتور رائف بامتنان:

ــ شكرا بجد يا راهب إنك لبيت دعوتي...

وتبرعك الكبير ده؟ مش عارف أشكرك عليه إزاي…


راهب بابتسامة هادئة:

ــ يمكن أنا اللي محتاج أشكرك...

عن التبرع يمكن يخف ذنوبي…!


رائف بتعجب:

ــ مش فاهم قصدك؟


راهب بصوت منخفض، كأن الكلام خرج منه غصب:

ــ انسا الموضوع... لو احتجت أي حاجة هنا، بلغني…


قبل أن يرد رائف، جاءت ممرضة مسرعة وعلامات القلق على وجهها…


الممرضة دخلت بسرعة، ملامحها مشوشة

وعينيها فيها لمعة رجاء:

– دكتور رائف! في مريضة حاولت تنتحـ ــر...

نــ ـزفت كتير،ومحتاجه نقل د،م حالا...

فصيلتها نادرة جدا، ومش موجودة عندنا…!


رائف وقف، وجهه اتشد، وصوته خرج متوتر:

ــ فصيلتها ــ Rh-null ــ الــ ـدم الذهبي…


قبل ما تكمل الممرضة، كان راهب واقف عند الباب صوته جه هادي لكن حاسم:

– دي فصيلة دمــ ـي... أقدر أتبرع ليها…


رائف لف له بسرعة، بص له بقلق واضح:

– راهب... متأكد؟ دي جرعة مش بسيطة…

والجسم بيتعب بعدها…


راهب اتنفس بهدوء، وبنبرة أقرب للعتاب:

– نسيت إني كنت دكتور زيك؟ وساعات بشتاق… أحس إني لسه بقدر أنقذ حد. يلا نلحقها…


رائف بنبرة مفعمة بالإعجاب والحنين…

وهو ينظر له بتمعن:


ــ راهب، لما كنت بتدخل غرفة العمليات…

كان الكل بيحس بالأمان… 

كأنك داخل تحارب المـ ـوت بإيدين بتكتب حياة…

ماكنتش بس جــ ـراح ماهر…

كنت عالم بيشتغل بمشــ ـرط… 

وبيفك شيفرة الألم كأنه بيحل معادلة…

الطب ما خسرش جـــ ـراح وبس…

خسر عقل نادر…زي فصيلة دمــ ـك، الـ ـدم الذهبي.


دخلوا معا غرفة التبرع. راهب جلس بهدوء…

وبدأت الممرضة تسحب منه الــ ـدم…

أنهى التبرع دون أن يرى المريضة…!


رائف بامتنان:

ــ ماعرفش أقولك إيه... أنقذت حياتها…!


قبل أن يدخل راهب لرؤية المريضة

رن هاتفه.يرد بسرعة:

ــ …ألــو…


صوت السائق متوتر وقلق:

ــ أنا جبت شهد هانم الكافيه زي كل مرة…

بس لما رجعت اخدها... ملقتهاش…

مش عارف راحت فين!


راهب يصاب بالتوتر:

ــ كلمتها على تليفونها؟


السائق:

ــ تليفون الهانم مقفول يا باشا…


راهب ينظر بسرعة نحو رائف:

ــ أنا لازم أمشي... هكلمك بعدين يا رائف


وخرج مسرعا، ونبضه يتسارع…؟!

صلوا على الحبيب💙


«البارت 21من روايه ارنــاط»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يخرج الصوت الآلي بنبرة حادة، باردة كالسكــ ـاكين:

ــ ذكاؤك خانك المرة دي... وده ما عجبنيش…


ليلى بثبات مغلف بالتهكم:

ــ أنت اللي اشترطت... معلومة قصاد معلومة…

وبتهيألي أنا التزمت بقوانين لعبتك…

قلتلي أرناط عايش... وأنا اديتك الشفرة…!


الصوت بارد وقاسٍ:

ــ أنتي ادتيني… رمز... مش …الشفرة…!

وغلطتك دي... ما ينفعش تتغفر…

وأنا ما بعرفش أسامح في الغلط…

علشان كده... كان لازم يبقى فيه …عقاب…!

وعقابك... مستنيكي في المستشفى…!


ليلى تتوتر وتشهق:

ــ يعني إيه؟!


الصوت بجمود مقلق:

ــ أخوك رائد... اتعرض لحــ ـادثة…

دلوقتي في المستشفى…

بعثتلك العنوان على تليفونك…


ليلى بخوف وانفعال، وهي تفتح الرسالة:

ــ لو أخويا حصله حاجة...؟


الصوت يقاطعها بصرامة:

ــ حالتك ما تسمحلكيش إنك تهــ ـدديني…

ابعتي الشفرة... دلوقتي…


ليلى بصوت متحدي يرتعش من الغضب:

ــ قوانين لعبتكم الــ ـوسخة... عرفتها خلاص…

وأنا دلوقتي اللي بإيدي كل حاجة…

لو عايز تقتــ ـلني... اقتــ ـلني دلوقتي…

بس أنا عارفة... ومتأكدة... إنك ما تقدرش…

لإنك لو عملتها... اللي انت عايزه عمرك ما هتاخده…


الصوت بهدوء شيــ ـطاني:

ــ اللي أنا عايزه،باخده... ما بيهمنيش الطريقه اللي باخده بيها بس بيتهيا لي يهمك انتي…


ليلى تستدير للخروج، تقف لحظة عند الباب:

ــ صدقني... لو أخويا حصله حاجة…

اللي بتدور عليه؟

مش هتشوفه إلا في كــ ـوابيسك…

وساعتها بس هكون انا كــ ـابوسك…

اللي عمرك ما هتعرف تتخلص منه…


ثم تخرج، وهي مرفوعة الرأس…

عينيها مشتعلة بتحدي…

عارفة إن اللي بيهددها... أقوى…

لكنها دلوقتي بقت تعرف إنها مش أضعف…


ليلى همست لنفسها وهي بتقفل باب العربية:

ــ لو إيده وصلت لرائد... أنا اللي هبقى العقاب…!


دارت المحرك، والنور الأمامي شق الظلمة...

والمعركة لسه ما بدأتش…!؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|داخل غرفة المستشفى|


رائد يجلس على كرسي صغير بجوار السرير، 

عيونه على وجه شهد اللي نايمة قدامه

وملامحها مجهدة.بصوت خافت وندمان:

ــ أنا آسف... آسف إني عرضتك للخطـ ــر…


شهد بابتسامة شاحبة، وجرح بسيط على جبينها:

ــ انت مالكش ذنب يا رائد...طمني... إنت كويس؟


لكن قبل ما يرد، الباب اندفع بقوة... 

ودخل راهب بانفعال عنـ ـيف…

مسك رائد من ياقة قميصه…

وبضــ ـربة مفاجئة، وجه له بوكس في وشه…

صوته مبحوح من التوتر:

ــ إنت مين؟! ومين اللي زقك على أختي؟!


شهد اتفزعت... اتشنجت مكانها…

ونزلت من السرير وهي بترتعش…

وقفت في ركن الغرفة، عينيها مفزوعة، وصرخت:

ــ ماتقتــ ــلوش! ماتقتــ ـلوش يا راهب!


راهب اتجمد، إيده لسه معلقة في الهواء، وقلبه وقع...

حاول يقرب منها بهدوء، صوته هادي رغم خوفه:

ــ تمام... اهدي... أنا مش هعمله حاجه...


لكن شهد جسمها بيترعش…

صوتها طالع متقطع، بتكرر جملة واحدة…

ــ كأن مشهد من الماضي انفجـ ــر في دماغها:


شهد بهمس مهزوز:

ــ ماتقتــ ـلوش... هو مالوش ذنب...

أنا اللي طلبت منه... نتجوز...


رائد اتجمد من الصدمة…

بس في لحظة، طلع الطبيب اللي جواه…

قرب منها بهدوء، مد إيده، مسك يدها…

وبدأ يرسم دوائر صغيرة بإبهامه فوق كفها…

صوته خرج ناعم، مطمئن:

ــ أنا كويس... مافيش حاجه حصلت...

أخوكي حتى ما لمسنيش...


كأن صوته شال عنها حمل…

بدأت شهقتها تخف، وعيونها تهدى…

راهب كان واقف بعيد، سايب له المساحة…

بيتابع من غير ما ينطق، لحد ما شهد رجعت تقعد… على السرير،ورائد غطاها بالبطانية بخفة…


بعد لحظات، خرجوا برا الغرفة...

وقفوا سوا في الممر، وبدأ رائد يحكي بهدوء:

ــ كل اللي حصل...

كنت واقف بعربيتي قدام الكافيه…

وهي فجأة طلعت وركبت…

ما لحقتش أفهم حاجه، بعدها بشويه…

عربية زانقت علينا...

حاولت أهرب، بس خبطنا في عمود…


راهب ينزل عيونه، صوته مليان ندم:

ــ أنا آسف جدا...

كان لازم أشكرك، مش أمد إيدي عليك…


رائد بابتسامة وهو يلمس مكان الضــ ـربة:

ــ ولا يهمك... بسيطة…أنا مقدر خوفك عليها…


راهب ابتسم، مد له إيده:

ــ اتشرفت بمعرفتك... يا؟


رائد، بابتسامة دافية:

ــ رائد... اسمي رائد…


راهب بامتنان وصوت منخفض فيه خجل:

ــ مش عارف أشكرك إزاي يا رائد...وآسف... 

آسف إني رفعت إيدي عليك قبل ما أفهم اللي حصل

بس... أنا بخاف على شهد جدا…


رائد بهدوء وتفهم:

ــ لا، عندك حق...

أنا لو كنت مكانك، كنت هتصرف نفس التصرف بالضبط…!


راهب يهز راسه بشكر، وعينيه فيها تقدير:

ــ شكرا لتفهمك الموقف...

أنا هروح أشوف الدكتور، أطمن منه على حاله شهد…


رائد بابتسامة بسيطة:

ــ الدكتور طمني... شهد كويسة، محتاجة ترتاح بس...


راهب يبتسم وهو بيتنفس بعمق:

ــ ومع ذلك... خليني أطمن بنفسي…


راهب يلمح ابتسامة خفيفة على وجه رائد قبل…

ما يلف ويمشي ناحية مكتب الطبيب…

رائد ياخد نفس هادي ويفتح باب الغرفة...

ويدخل بهدوء يشوف شهد…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في أحد ممرات المستشفى…

يمشي راهب بخطى سريعة وهو على الهاتف…


راهب بصوت منخفض وقلق:

ــ سحر مش هتهدا... وهتقلب الدنيا لحد ما تلاقي ابنها.

بس هي مستحيل تتخيل إن راكان... عندك…


يأتيه صوت يوسف عبر الهاتف…

ساخر قليلا لكنه ثابت:

ــ مع احترامي لكلامك يا راهب...

تعديل بسيط… الولد مش عندي…

الولد عند حماتي…! فاهم يعني ايه عند حماتي…!


راهب يتوقف فجأة، يلف بجسمه

وكأنه بيعيد حساباته، ثم بصوت مطمئن:

ماتقلقش...

هي عمرها ما هتتوقع إن راكان عند حماتك…


وقبل ما يكمل خطوته، يصطدم فجأة بفتاة كانت ماشية ناحيته، وبدون تفكير، يمد دراعيه ويمسكها قبل ما تقع...

حضن خفيف، لحظة خاطفة... 

لكن كانت كافية عشان الزمن يقف…

ولما عينه جات في عينها... الدنيا كلها اختفت…


كانت ليلى…!


نظرت له، وقلبها خفق بشدة غريبة…

إحساس عجيب اتحرك جواها…

فيه حاجة بتشدها، بتحسسها…

بالأمان، بالضعف، بالحيرة...

رغم إن شكله مش هو، لكن فيه حاجة...

حاجة من حبيبها…؟


وهو... وقف ساكت…!

راهب شاف في عينيها نفس النظرة اللي عمره 

ما نسيها…نظرة ليلى…!


ليلى بهمس لا إرادي:

ــ أنا... آسفة…


راهب بصوت مخنوق، شبه ابتسامة:

ــ أنا اللي آسف...


يسود صمت غريب بينهم

مليان مشاعر مش مفهومة...


صوت طـ ـلق نـ ـاري فجأة يشق الهواء...

صوت الــ ـرصاص يرتد في أرجاء المستشفى الخارجية…

راهب يشد ليلى بسرعة ويخبيها وراه…

بيحضنها بذراعيه ويضغطها لجسمه… 

وكأنها جزء منه، يحميها بجسده من أي خطـ ــر…


ليلى، وهي واقفة خلفه…

تسمع دقات قلبها تدوي كأنها رصـ ـاص تاني…

بصت له من ورا كتفه، في حاجه غريبة...

ليه بتتمنى اللحظة دي ما تخلصش؟

ليه بتحس بالأمان، رغم الرصـ ـاص؟

مين الشخص ده؟

وليه بتكون ضعيفة قدامه؟


راهب يلتفت فجأة، صوته خشن وغاضب:

ــ أكيد دي سحر...عايزه تخلص مني!


ليلى بسرعة، بنبرة مرتبكة لكن صادقة:

ــ لأ... لأ، أكيد عايزين يخلصوا مني أنا…

إنت مالكش ذنب!


[داخل المستشفى – غرفة شهد]


صوت الرصاص اللي برا بيخترق جدران الغرفة وشهد تنتفض في سريرها، بتشهق بقوة

وعينيها بتتسع بخوف مفاجئ. وهي بتتهز:

ــ ضـــ ـرب نـ ـار... ضـ ـرب نـ ــار تاني... لأااا!…


رائد، يقوم من الكرسي بسرعة

يقرب منها، ويمسك إيدها بلطف:

ــ شهد! بصيلي...أنا معاك، مفيش حاجة هتحصل…اهدي


لكن شهد تنهار أكتر، وتقوم تتجه له بخطوات مترنحة، وترمي نفسها في حضنه، تحضنه كأنها بتتشبث بالحياة نفسها…


شهد، وهي بتبكي بخوف:

ــ أنا مش عايزة أمـ ـوت...


رائد، يحتضنها بكل قوته، يلف دراعاته حواليها ويحاول يهديها، صوته يخرج واطي، دافي:

ــ أنا جنبك... مش هسيبك...اهدي بس…


[خارج المستشفى]


راهب بعناد، وعيونه بتلمع بالتحدي:

ــ مين هيفكر يقتـ ــل بنت؟!

دول شكلهم جايين عشاني...!


ليلى، بصوت عالي وهي بتحاول تبعد نفسها عنه:

ــ إنت بتقلل مني؟

أنا عارفة إن الناس دي جايالي أنا!

إنت مين عشان حد يفكر يقتـ ــلك أصلاً؟!


راهب، وهو بيشدها تاني وبيخليها تلزم مكانها وراه صوته حازم لكن فيه نبرة غريبة من الألم:

ــ أنا رجل أعمال كبير

وعندي عداوات...

ناس بتتمنى يوم يلاقوني فيه لوحدي…

اللي زيي بيدفع تمن كل نجاحه... غالي…


ليلى، وعنيها بتلمع بين الغضب والارتباك:

ــ آه يعني ملياردير؟!

وشايف إن العالم بيلف حواليك؟

إنت فاكر نفسك بطل فيلم أكشن،هنا؟!


راهب، بابتسامة ساخره لكن عنيه مش بتسيب عيونها:

ــ يمكن...

بس البطل الحقيقي بيكون عنده نقطة ضعف…

وأنا شكلي لقيت نقطتي…؟


ليلى تسكت لحظة، قلبها يخبط في صدرها ومشاعرها تتلخبط أكتر،بس قبل ما ترد


رجالة بيجروا ناحية العربية، لكن المهاجمين يركبوا بسرعة ويهربوا، العربية تطير من المكان، والناس حواليهم مرعوبين.


شرطي ييجي بيجري ناحية راهب وليلى:

ــ حد اتصاب؟ خدتوا رقم العربية؟


راهب، وهو بيبص لليلى اللي لسه مدهوشة ومرتبكة:

ــ لا... مفيش نمر على العربية.


[داخل الغرفة]


شهد لسه ف حضن رائد، أنفاسها بدأت تهدى، ورائد لسه بيطبطب على ضهرها، وعينيه فيها مزيج من الراحة والحنان، وهو بيهمس لها:


ــ خلاص... راح الصوت، انتي بخير...مش هخلي حد يؤذيكي تاني…!


[خارج المستشفى]


الشرطي يهز راسه بإحباط…

ويكمل استجوابه لباقي الشهود…

بينما ليلى بتلتفت بسرعة وتدخل المستشفى…

عيونها بتلف بتوتر في الممرات لحد ما تلمح رائد…

بسرعة بتجري عليه، تحتضنه بقوة، صوتها متهدج:

ــ حبيبي، إنت كويس؟ طمني عليك…


رائد، بيحضنها برفق، وهو يطبطب على ضهرها:

ـ أنا كويس... ما تخافيش، بسيطة…

المستشفى اتصلت بيك، صح؟


ليلى بخفة:

ــ أيوه... أول ما عرفت جيت طايرة، المهم إنت سليم... إيه اللي حصل؟


رائد، بنبرة مستغربة:

ــ مش عارف... عربية زنقت عليا وأنا سايق

فقدت السيطرة وخبطت في عمود.

بس الحمد لله عدت على خير.


ليلى، وهي تحضنه تاني ودموعها قريبة:

ــ الحمد لله... يلا نرجع البيت.


رائد وهو بيبص ليها بتردد:

ــ هو إيه صوت ضـ ـرب النـ ـار اللي كان برا؟!


ليلى، بتتوتر وتحاول تخفي ارتباكها:

ــ مش عارفة... الدنيا كانت ملخبطة…

يلا نروح…


رائد يهز راسه ويمشي معاها وليلى وهي خارجة من المستشفى بتبص ناحية الباب…

تدور بعنيها على راهب، لكنه مش باين…

تتنهد وهم يكملوا طريقهم للخروج…!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[في المصحة – غرفة ناهد]


أكمل يقترب من الباب، يلمسه بحذر كأن الجدار بيحكي له حكايات ماحدش سمعها. ياخد نفس عميق، يفتحه ببطء، ويدخل.


الجو ساكن... حتى أنفاسه مسموعة.


هي جالسة عند الشباك، على كرسي خشب باهت ضهرها مستقيم بشكل آلي، وشعرها واقع على كتفها كأنه بيخفي ملامح الحزن اللي عايش في وجهها. بتبص بعيد... بعيد أوي... وكأنها شايفة حاجة محدش غيرها يقدر يشوفها. لا التفتت، ولا رمشت.


أكمل يقعد على كرسي جنبها. يسيب بينه وبينها مسافة، فيها احترام وألم. يبص معاها على الحديقة اللي ورا الإزاز، شجر مهتز بهوا خفيف، بس هي مابتحسش بيه.


أكمل، بصوت هادي لكنه مشحون:

ــ ليه عايزه تمــ ــوتي؟

صلي على الحبيب 💙


«البارت 22من روايه ارنــاط»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أكمل، بصوت هادي لكنه مشحون:

ــ ليه عايزه تمــ ـوتي...يا ناهد؟


يسكت لحظة، يمكن تستجيب

بس الصمت أصدق من أي رد:


ــ لما تختاري تمــ ـوتي وإنتي لسه بتقدري تعيشي... يبقى فيه حاجة وجعتك للدرجة دي...


يحاول يشوف رد فعلها... بس هي تمثال حي، ساكنه:


ــ زي ما اختارتي تسكتي سبع سنين... 

اخترتي تمــ ـوتي وتختفي كمان؟


عينيه بتروح لإيدها الملفوفة بشاش.... 

آثار جرح الانتحــ ـار لسه واضحة...

لكنها مش بتشوفه كأنه مش يخصها...

كأنها جسد غريب هي محبوسة فيه...


أكمل، بنظرة مختلطة بين الشفقة والغضب المكبوت:

ــ الانتحـ ــار مش حل يا ناهد...


يصمت، صوته يخفت وهو يقوم من مكانه:

ــ هبعتلك الممرضة تغيرلك المفارش... 

الــ ـدم مش لازم يبقى جزء من يومك...


خطا للباب بهدوء...

لكن قبل ما يفتحه، وقف.

بص عليها من فوق كتفه...


لسه قاعدة...

بس مش هنا.

زي شبـ ـح قاعد جوه جثـ ـة فيها نبض خفيف...!


خرج، وقفل الباب وراه...

قفل بهدوء غريب، كأنه بيقفل على سر كبير محدش لسه عرفه...!


لكن قبل ما يبعد، لمحها من الشباك...

ولأول مرة، شافها بتحرك إيدها...

بتمسك القلم... وبتكتب...

دفتر صغير مهزوز على ركبتها، وإيدها بترتعش...

كتبت... حرفين بس...

...ر... وبعدين ...ا...؟!


عنيها كانت مسطولة كأنها بتكتب بلا وعي...

لكن هو حس... لأ، دي بداية...

مش مجرد حروف

ــ را...

مش ممكن تكون صدفة...؟


رجع بسرعة، عينه على الدفتر...

ــ را... يعني إيه؟

اسم؟ رمز؟

حد من الماضي؟ ولا بداية رسالة كانت نفسها تقولها ومقدرتش؟

كل شيء وارد...!


بس الحاجة الوحيدة اللي متأكد منها...

إنها لما اختارت تكتب، بعد سكوت سبع سنين...

مش هتكتب حاجة فاضية...؟


ــ را... وراه سر...

وسرها... بقى شغله الشاغل...؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|بعد مرور عشرة أيام|


وافقت سحر، لأول مرة، إنها تنزل من عليائها…

وتروح لراهب تتوسل منه يرجعلها ابنها…


سحر بصوت مخنوق

وهي واقفة قدامه بعينين مدمعين:

ــ أنا طلبت من أبوك الطلاق يا راهب...

وقلت له كل حاجة…

قلت له إن الطفل اللي نزل مش ابنه... 

وإنك مالكش ذنب ف اللي حصل…

نفذت كل حرف من اللي قلتلي عليه...


سكتت لحظة، تحاول تسيطر على رعشة صوتها 

ثم انفجـــ ـرت:

ــ بس هو سكت!

رفض يطلقني!

كنت فاكرة إنه أول ما يسمع الحقيقة هيطردني ويطلقني فورا...

أنا عملت اللي طلبته... فين ابني يا راهب؟


راهب وهو بيبعد عينه عنها

يفكر بصوت شبه مسموع:

ــ ليه... ليه رفض يطلقك؟


سحر بانفعال:

ــ روح إسأله!

اسأله بنفسك!

بس دلوقتي... رجعلي ابني!

ابني مليش ذنب…خرج ابني بره اللعبه دي!


راهب يخفض صوته بحدة:

ــ واطي صوتك!

ابنك رجع للمكان اللي اخذته منه…


سحر بسرعة تمسك تليفونها وتتصل بالدادة.

صوتها بيرتعش:

ــ راكان عندك؟


الدادة تطمنها:

ــ أيوه يا مدام... 

راكان معايا في عربيه نزلته قدام البيت…


تتنهد، وتقفل المكالمة…

تدي راهب نظرة غاضبة، وتخرج من المكان…

لكن في عينيها وعد بالانتقام…


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|في الحديقة... بعد قليل|


عبد الحميد كان قاعد على الكرسي الخشبي …

ساكت، بيبص للشجر قدامه كأنه مش موجود…

يجيله راهب، وخطواته فيها نـ ــار…!


راهب بغضب مكتوم:

ــ عرفت الحقيقة...

وعرفت إن اللي ف بطنها مش ابنك...

وبرضو رافض تطلقها؟

ممكن افهم ايه هو سبب برودك!


عبد الحميد بنبرة صارمة:

ــ اتكلم معايا باحترام يا راهب...


راهب بصوت ساخر:

ــ سيبك من جوا الاحترام...

لأنه مش لايق عليك!


عبد الحميد بصوت عالي:

ــ راهب! ما تنساش إن اللي قدامك دا أبوك!


راهب ضحك بمرارة:

ــ أبويا؟

اللي طردني من البيت لما صدق كذبة مراته؟

اللي اختار يصدقها ويسيبني أنا؟

ودلوقتي بعد ما عرف إنها خانته... قاعد؟

ولا حتى رفعت ايدك واديتها قلم زي اللي اديتهوني؟

ما عملش حاجة!

وبتكلمني عن الاحترام اللي انت نفسك نسيته؟


عبد الحميد بحدة:

ــ أنا ما ينفعش أطلقها…

لو طلقتها... هبقى بكافئها…

نص أملاكي باسمها، ولو طلقتها، تبقى كسبت!


راهب قاطعه وهو بيضحك:

ــ ما شكتش لحظة في غبائك...

وعشان كده، عمري ما اعتمدت عليك…


عبد الحميد بغضب:

ــ وضح كلامك!


راهب قعد قدامه، ببرود مقصود:

ــ كنت متأكد إنك هتاخد القرار الغبي ده...

علشان كده، أمنت نفسي…

كل الأملاك اللي باسمك... 

انت بايعها لي بيع وشراء…

قانوني.

أي تصرف تاني يعتبر باطل…


سكت لحظة، ثم كمل:

ــ لما سحر قالت لي إنك رفضت تطلقها…

كنت فاكر إن في حاجه تاني!

تقدر ترمي عليها يمين الطلاق…

وتحافظ على الشويه اللي فاضلين…

في كرامتك قدام الناس.


عبد الحميد بصوت مكتوم بالغضب:

ــ يعني انت سرقتني؟


راهب بصوت هادي:

ــ لأ، أنا حافظت على حقي... وعلى حق أختي.

حق شهد مش هيروح، وحقك انت كمان محفوظ...

طول ما انت ما بتعديش حدودك.


عبد الحميد:

ــ يعني عايز تتحكم فيا؟


راهب:

ــ أنا مش بتحكم...

أنا بس بحط سقف لغبائك…

علشان ما تضيعش الباقي…

ما تقلقش...

هتعيش في بيتك معزز مكرم…

بس اللعب من دلوقتي... بشروطي…


يسيب أبوه، يقوم، يمشي بخطوات واثقة، وسايب وراه أب مسموم بالصمت، وأرض بتغلي تحته.


لكن فجأة...

يرجع بخطوتين للوراء، يقف قدامه...

نبرته هادية لكن بتخفي عاصفة:


ــ أنا عندي استعداد أرجعلك أملاكك كلها دلوقتي وأخرج من الباب ده وما خلكش تشوف وشي تاني...

لو إديتني إجابة على السؤال اللي سألته لك من سبع سنين…أمي راحت فين؟


عبد الحميد يتنهد، وصوته ممزوج بين العجز والدفاع:

ــ وانت تفتكر إني عارف مكانها؟

ناهد من ساعة ما اختفت، وأنا ما أعرفش عنها حاجة...

دورت، فتشت، سألت...

بس للأسف ما قدرتش أوصل لها


راهب بوجع مكتوم، ونظرة مكسورة:

ــ للأسف... مش دي الإجابة اللي أنا مستنيها


عبد الحميد بحزن حقيقي:

ــ انت ليه مش قادر تصدق إني فعلا ما أعرفش مكانها؟

ناهد من ساعة ما اختفت، لا أنا ولا غيري قدرنا نوصل لها...

كأن الأرض انشقت وبلعتها


راهب يحدق في ملامح أبوه...

بصوت منخفض، كأنه بيكلم نفسه:

ــ بس انت كداب...


عبد الحميد يتشد:

ــ إيه؟


راهب يقرب منه خطوة:

ــ أيوه كداب...

فاكر لما دخلت أوضتك من سبع سنين؟ 

كنت واقف بتعيط...

مش بكاء حزن... لا... بكاء ندم…


عبد الحميد يتوتر، ينقل نظره بعيد:

ــ كنا وقتها كلنا مكســ ـورين... 

مش كل دمعة لازم يكون وراها سر…!


راهب يهز راسه، بصوت هادي لكن مشحون:

ــ لا... مش كل دمعة، بس الدموع اللي وراها ندم

دي مش عادية

وسنين وأنا ساكت...

بس دلوقتي، أنا مش هسكت

ولو كانت ناهد مــ ـاتت... 

يبقى أنا لازم أعرف مــ ـاتت… إزاي.

ولو كانت عايشة...يبقى أنا هوصل لها

حتى لو طلعت إنت السبب فاختفاءها...

وصدقني لو اتاكدت انك السبب ساعتها بس هنسى انك ابويا…!


عبد الحميد بصوت مبحوح:

ــ راهب... إياك تدخل في حاجات أكبر منك


راهب يضحك بسخرية:

ــ أنا ما عدتش صغير...

والحاجات اللي أكبر مني؟

أنا بقيت أكبر منها…!


يسيب أبوه... ويمشي ببطء…

لكن المرة دي ما بيرجعش!


وعبد الحميد،بيقعد على كرسي الحديقة…

عرق بارد نازل من جبينه…

وصوت خطوات راهب بيبعد... بس الحقيقة قربت!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|في شقة رائد|


كانت عالية قاعدة بتتفرج حواليها…

وعينها وقعت على صندوق قديم فوق الدولاب…


عالية بحماس:

ــ ده شكله يخص رائد... ننزله له؟


ليلى ابتسمت وهي بتقرب من الصندوق:

ــ هو في الحقيقة مش بس يخص رائد...

يخصني أنا كمان!

ده كنا بنحط فيه صورنا وإحنا صغيرين…

تقدري تقولي عليه صندوق الذكريات!


فتحت ليلى الصندوق…

وبدأت الصور تقع في إيديهم واحدة ورا التانية…

ضحكوا على صورة من ابتدائي…

واتأثروا بصورة من الثانوي...

وكانت ليلى تحكي قصة كل صورة…

كأنها بتعيش اللحظة من تاني…

لحد ما وقعت صورة مختلفة…


صورة لرائد... وجنبه بنت...

القرب اللي بينهم في الصورة كان واضح... ووشوشهم بتضحكوا لبعض.


سكتت ليلى... وعالية... لحظة صدمة…

بصوا لبعض، والهدوء ساد…


عالية بصوت مخنوق:

ــ م... ملك؟!"


ليلى بتهز رأسها بنفي مرتبك:

ــ لا، مستحيل... دي واحدة شبهها وخلاص... مستحيل تكون ملك.؟


عالية بثقة:

ــ لا، دي ملك... أنا متأكدة مليون في المية


ليلى وقفت، خدت الصورة، وخرجت بانفعال

نزلت بسرعة على شقة جدها،اكمل 

دخلت غرفة رائد من غير استئذان

كان قاعد بيرسم في لوحة باين إنها لبنت

بس ما اكتملتش


ابتسم أول ما شافها، لكن ملامحها خلته يتجمد.


ليلى بغضب:

ــ انت تعرف البنت اللي في الصورة دي منين؟!


رائد بدهشة:

ــ مالك؟! إيه اللي حصل؟!


ليلى بصوت مكسور:

ــ جاوبني يا رائد... منين تعرف البنت دي؟ 

وإيه علاقتك بيها؟!


رائد يحاول يهديها:

ــ اهدي بس يا ليلى...

دي كانت زميلتي في الجامعة. كنا مرتبطين وقتها شوية…

حب مراهقة يعني، بس بعد التخرج كل واحد راح لحاله…

أنا حتى نسيت الموضوع ده خلاص…


ليلى منهارة:

ــ بس ليه خبيت عليا؟!

ليه ما قلتليش إن كان في علاقة بينك وبين... ملك؟!


رائد بيرفع حاجبه باستغراب:

ــ ملك...مين؟! دي اسمها سحر... سحر الطوخي…


ليلى بصدمة:

ــ إيه؟! إنت بتقول إيه؟!


رائد بياخد الصورة منها:

ــ أيوه، اسمها سحر... مش فاهم مين ملك اللي بتتكلمي عنها؟!


ليلى خدت الصورة من إيده تاني

وخرجت من الأوضة متلخبطة، عقلها بيغلي.


رائد ينده وراها:

ــ ليلى! مالك؟! فهميني يا بنتي! إيه اللي بيحصل؟!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

|بعد مرور يومين|


توقفت سيارة عالية وليلى على بعد خطوات من فيلا فخمة محاطة بسور عالي، وبوابة حديدية مزخرفة


عالية نظرت حولها بتوتر:

ــ ليلى، إنتي عرفتي عنوانها منين؟


ليلى كانت عيناها معلقة بالفيلا:

ــ لما رائد قالي اسمها الحقيقي…

ماكنش صعب ألاقيها…


عالية بدهشة:

ــ ايوه… يعني ازاي؟! مش مستوعبة بصراحة!


ليلى التفتت لها ببرود، وكأنها بتلومها على سؤاله:

ــ عالية... البنت طلعت مهووسة بالسوشيال ميديا أول ما كتبت اسمها، لقيت صور، فيديوهات ومقابلات.

وبينهم... كانت في صورة ليها وهي بتحضر افتتاح مشروع مع جوزها... عبد الحميد العراف

رجل الأعمال المعروف.

بقيت عارفة كل حاجة عنها تقريبا

بما فيها عنوان الفيلا دي


عالية بقلق:

ــ طيب وإحنا واقفين هنا ليه؟! ناوية تعملي إيه؟"


ليلى بنبرة مصممة:

ــ لازم أدخل البيت ده


عالية برعب:

ــ إيه؟! تدخلي؟! طيب ليه؟! ولو دخلتي فعلا

وملك... أو سحر دي، عرفت إننا كشفناها؟!


ليلى بعينين مشتعلة:

ــ أنا لازم أواجهها

لازم أفهم علاقتها ايه باللي سرقه البحث بتاعي؟

اكيد هي تعرف حاجه عن أرناط؟


عالية تتمتم بحذر:

ــ ليلى... إنتي لسه بتحبي أرناط؟


ليلى بوجع عميق، وعيونها فيها لمعة غدره:

ــ أنا عايزة أوصله...

مش عشان أرجعه...

عشان أسمع منه، أفهم ليه...

ليه عمل فيه كده؟

هو حبني؟

ولا كنت لعبة؟


عالية تبتسم بحزن:

ــ أول مرة تكدبي عليا

إنتي لسه بتحبيه يا ليلى


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أمام بيت قديم، الطراز فيه جميل وباهت في نفس الوقت...راهب ويوسف واقفين قدامه

 والجو فيه ريحة حنين مش مفهومة


يوسف بتساؤل وهو بيبص حوالينه:

ــ ممكن أفهم إحنا واقفين هنا ليه؟


راهب بنظرة جانبية وابتسامة فيها خبث:

ــ معندكش فضول تعرف أبو راكان يبقى مين؟

يعني... الزوج الأول، أو زي ما مرات عمك بتحب تسميه... الرجل الأول

مع إني لسه مش عارف هي خلفت راكان بشرع 

ولا بورقة عرفي؟


يوسف بنبرة مش عاجباه اللعبة:

ــ هو انت ليه مهتم بسحر؟!

بيتهيألي معلومة زي دي مش فارقة معاك


راهب ببرود وهو بيقفل زرار الجاكت:

ــ صح، ما تفرقش حاليا

بس سحر عاملة زي الأفعى، ساكنة طول الوقت وفجأة تطلع السم كله

أنا بس باخد احتياطي...

لما عرفت إنها مخلفه وعندها ولد،زمان

 ساعتها المعلومه ما كانتش تفرق

بس المعلومة دي بقت مهمة بعدين


يوسف بضحكة قصيرة:

ــ مش معقول... عقلك شغال حتى وأنت ساكت

ما بتحبش تسيب حاجه للحظ!


راهب بهدوء عميق:

ــ عشان تعيش وسط الأفاعي... لازم تكون رفاعي.

تعرف تمسكها من رقبتها من غير ما تلدغك...

 وتعرف إمتى تقص أنيابها


يوسف بغمزة ساخرة:

ــ طيب، هنعمل إيه دلوقتي؟


راهب وهو بينزل من على الرصيف ويعدل هدومه:

ــ هنتعرف على نسيب عمك


يوسف يضحك وهو بيتبعه:

ــ أو زي ما بتحب تسميه... 

الراجل الأول لمرات أبوك

صلي على الحبيب 💙

تابعووووني 


بداية الروايه من هنا


رواية وتبقي لي كامله من هنا


رواية ديب كامله من هنا


رواية عشقني متوحش من هنا


رواية حوريه في الجحيم من هنا


رواية عاشق بدرجة مجنون كامله من هنا


رواية سر الشيطان الأسود كامله من هنا


رواية العنود كامله من هنا


رواية رحيل الهواري كامله من هنا

رواية دكتور قلبي كامله من هنا


رواية انكسار امرأه كامله من هنا


رواية عشق بلا رحمه كامله من هنا


رواية جرح يداويه العشق كامله من هنا


رواية ظل حب قديم كامله من هنا


رواية من أجل أبنائي تزوجتك من هنا


رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا


رواية بسمه موجوعه كامله من هنا


رواية معشوقتي الصغيره كامله من هنا


رواية طلاق بلا تبرير كامله من هنا


رواية شهد حياتي كامله من هنا


رواية العاصفه كامله من هنا


رواية الفرار من الحب كامله من هنا


رواية توكيل زواج كامله من هنا


رواية شوق العمر كامله من هنا


رواية مستشفى بلا حياه كامله من هنا


رواية كيان الزين من هنا


نسيم العاصف من هنا


رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا


نوفيلا الراهب كامله من هنا


رواية العشق الأخير من هنا


رواية زينه من هنا


غاردينيا من هنا


رواية الجميله والوحش من هنا


رواية دكتور نسا من هنا


رواية آصرة العزايزه من هنا


رواية رحلة قدر من هنا


رواية ليالي الغول من هنا


رواية لعنة الإرث من هنا


رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا


رواية لعبه بين يديه من هنا


رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا


رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية وتبقي لي من هنا


رواية عشق الحور من هنا


رواية طلاق غيابي من هنا


رواية اغتصب روحي من هنا


رواية غصن من هنا


رواية بلا ذاكره من هنا


رواية عودة الذئاب من هنا


رواية الجامحه والبدوي من هنا


رواية الحب والخطيئه من هنا


رواية جبرونا عالزواج من هنا


رواية لعبة الحب من هنا


رواية لما القلب بحب من هنا


رواية إبن الصعيدي من هنا


رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا


رواية بائعة الخضار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية غريق علي البر من هنا


رواية اللعب مع الشياطين من هنا


رواية كم من قلوب احرقت


رواية جمعتهم الاقدار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية لي نصيب من إسمي من هنا


سكريبت بنت الشارع من هنا


رواية طريقي كامله من هنا


رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close