أخر الاخبار

رواية ما بين الحب والحرمان الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم ولاء رفعت حصريه وجديده

 


رواية ما بين الحب والحرمان  الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم ولاء رفعت حصريه وجديده 

و في منزل حبشي،  تمكث بداخل غرفتها منذ ليلة الأمس يجافيها النوم تحتضن صورة والدتها و والدها كم تمنت إنهما يعودا إلي الحياة ربما لم يحدث لها ما تتلقاه علي يد شقيقها الظالم الذي لديه إستعداداً و دون تردد بيع شقيقته إلي من يزيل عنه مسئوليتها و لا يصرف قرشاً واحداً، فالبخيل مثله لا يصرف سوي عندما يوقن أن الجنيه عندما يخرج من جيبه سوف يعود إليه أضعافاً مضاعفة

طرقت هدي الباب و قالت من خلفه: 
- ليلة يلا عشان آذان المغرب هيأذن أهو.

أجابت الأخري: 
- مليش نفس يا هدي كولي أنتي و العيال، و معلش سبيني لوحدي و لا أقولك اعتبروني هوا في البيت.

أدارت المقبض و ولجت إليها قائلة بعتاب جلي: 
- طيب أنا ذنبي أي تخاصميني و عارفه معزتك و محبتك في قلبي زي أختي الصغيرة.

نظرت إليها بطيف إبتسامة ثم أخبرتها بنبرة يتخللها الهزيمة و الإنكسار: 
- أنتي أكتر واحدة مصبراني أعيش و أستحمل القرف و الذل اللي شايفاه علي أيد أخويا، صعبانة عليا أوي انك وقعتي معاه ياريتك أتجوزتي واحد أحسن منه يمكن كان حالك يبقي احسن و عندك كل اللي نفسك فيه.

جلست بجوارها لتري بداخل عينيها تلك النظرة التي طالما كان بخاصتها نحو عمار و أخبرتها : 
- مش بأيدي يا ليلة ، القلب هو اللي بيختار لنا ناس لو فكرنا بالعقل هانقول إستحالة نعيش معاهم،  و أنا مهما أخوكي عمل و علي كل عيوبه دي بحبه أوي و ماقدرش أتخيل أعيش يوم من غيره،  قولي عليا مجنونة أو واحدة معنديش كرامة، بس أحكام القلب بتجبرنا نعيش في وسط النار كأنها الجنة و نعيمها.

ضحكة قوية أطلقتها ليلة حتي سألتها الأخري بحنق: 
- هو أنا كنت بقول نكت يا ست ليلة؟

توقفت عن الضحك و أجابت: 
- معلش يا هدي مش قصدي اللي فهمتيه، بس مستغربة كمية الكلام العميق اللي قولتيه و أنتي ماوراكيش حاجة طول الليل و النهار غير شغل البيت و تجري ورا العيال و طلبات أخويا اللي ما بتخلصش فأستغربت.

أخرجت هاتفها من جيب عبائتها و اخبرتها بإبتسامة: 
- أكمني يعني معايا دبلوم يبقي مش بعرف اتكلم،  عموماً يا ستي هقولك علي السبب، أنا بيني و بينك عامله حساب علي الفيس بأسم الولاه محمد ابني و مشتركة في جروبات بتنشر روايات حلوة أوي، دي اللي علمتني الكلام اللي قولته ده و مش هاعرف أعيده تاني، و بصراحة بتهون عليا خصوصاً لما بكون مخنوقه بقعد أرفه عن نفسي و اقرأ.

عقبت ليلة و تكتم ضحكاتها: 
- و كمان عامله فيس،  ربنا يستر و حبشي لو شم خبر هايمسك التليفون و يفتح بيه دماغك.

شهقت هدي و ضربت بكفها علي صدرها: 
- يا مصيبتاي حرام عليكي يا ليلة أوعي تكوني هاتفتني ليه عليا!

ضحكت و قالت: 
- جوزك أصلاً لا يفقه أي حاجة في التكنولوجيا و كل فكرته عن الفيس أنه بتاع العيال الفشلة و البنات اللي بتدخل عليه مش محترمه، جوزك دماغه تعبانه خالص تحسي إنهم شالوا مخه و حطو له بطاطس بدالها.

أخذت تضحك الأخري قائلة: 
- يخرب شيطانك يا ليلة ده أنتي فظيعة، بمناسبة البطاطس يلا بقي تعالي أفطري قبل ما الأكل يبرد عاملالك صينية بطاطس في الفرن اي نعم قرديحي بس هتاكلي صوابعك وراها و جمبها بتنجان مخلل زبدة يستاهل بوقك.

و قبل أن تذهب ليلة و تغادر غرفتها أوقفتها هدي و اردفت: 
- بصي هقولك نصيحة و لو مش عجباكي ماتعمليش بيها،  أنا لو مكانك و جالي واحد زي معتصم شاريني و ينجدني من جحيم أخويا هوافق علي طول.

عاد الحزن إلي ملامح ليلة التي أكتفت بهز رأسها و عقبت:
- هافكر يا هدي و هابقي أرد عليكم، سبيني بس علي راحتي.

ــــــــــــــــــــ

- عايدة،  بت يا عايدة. 
كان نداء نفيسة علي زوجة إبنها التي لم تجب عليها، خرج جلال يتثائب و قال: 
- صباح الخير يا ماه.

- صباح أي يا بني قول مساء الخير، ده الضهر قرب يأذن، فين المحروسه مراتك؟

رفع كتفيه بعدم معرفة و يحك فروة رأسه: 
- و الله ما عارف أنا لسه صاحي ما لقتهاش جمبي يمكن نزلت تشتري حاجة و طالعة.

- أنا صاحية من الفجر صليت و قرأت قرآن، يعني لو صحيت كنت شوفتها.

أشار إلي والدته و طلب: 
- معلش و النبي ياماه ولعي لي فحم خليني اخدي لي نفسين يفوقوني بدل ما أنا قايم مصدع.

رمقته بغضب و رفض قائلة: 
- الناس تصحي تصلي ، أنت أول ما تصحي عايز تشرب شيشة،  ده أنت لو لاقي صحتك في الشارع مش هاتعمل في نفسك كدة، و كأنك ناسي إحنا في رمضان يا موكوس.

تأفف و زفر بحنق: 
- يوه بقي كل يوم الموال الأخبر ده علي الصبح، مش ناوية ترحميني بقي من الأسطوانة الحمضانة دي!

- شكراً يا أبني، الحق عليا خايفه عليك و تبقي دي جزاتي في الأخر...

ظلت تتمتم بكلمات متكررة حتي شعر إبنها بالضجر و تركها و دلف إلي المرحاض: 
- يوه بقي مش هانخلص من الموشح.

بينما في مكان أخر،  مكان موحش و تفوح منه روائح البخور و روائح أخري كريهة 
يلقي هذا الدجال ذو المظهر المخيف و لحيته التي تشبه لحية السحرة و الكهنة قديماً حفنة من مادة تجعل الفحم المشتعل ينبعث منه دخاناً كثيفاً و يتمتم: 
- حي، أرزق ياللي بترزق،  أبعت ياللي بتبعت.

دخلت بتردد و تضع طرف وشاحها تخفي به نصف وجهها: 
- السلام عليكم يا شيخنا.

أشار لها للجلوس قائلاً: 
- اتفضلي يا اختاه قولي علتك.

نظرت إليه بتوجس من مظهره المخيف ثم قالت له: 
- علتي هي قلبي يا سيدنا الشيخ، بحب واحد و هو مش حاسس بيا نفسي يحبني و يبقي يتمني مني كلمة و سمعت إنك ياما جمعت حبايب و جوزت بنات فاتها قطر الجواز.

صاح مُهللاً: 
- حي،  حي،  كله بأمره كله بأمره يا بنتي، و عشان تنولي المراد من رب العباد لازم ترضي الأسياد.

كانت في حالة ذعر من النيران المشتعلة و زيادة رائحة البخور فقالت بتوتر: 
- أنا تحت أمر الأسياد، قولي أيه طلباتهم و هاتكون عندك في الحال.

أخرج من جيبه ورقة مطوية و مد يده بها إليها: 
- بكرة زي دلوقتي يكون عندي كل الطلبات دي و هاديكي اللي يخلي حبيبك ما بين إيديكِ و ماتنسناش في دعواتك.

أومأت له و قالت: 
- من عينيا. 
و كانت السعادة تتخلل ملامحها و تنضح من عيناها ذات النظرة الشيطانية.

ـــــــــــــــــــــ

عادت من الخارج و ركضت إلي غرفتها و بدات في خلع عبائتها لتبدلها بأخري، دخل زوجها و يرمقها بنظرة لم تستشف منها شيئاً: 
- كنتي فين؟

أنتفضت بفزع و أجابت: 
- ككـ كنت صاحيه مخنوقة و احتاجت أشم شوية هوا فوق السطوح.

أشار إلي ثيابها و سألها بتهكم: 
- طالعة تشمي هوا بعباية الخروج!

حالفها الحظ و وجدت الإسدال علي كرسي طاولة الزينة و أشارت إليه قائلة: 
- ما أنا كنت لابسة الإسدال و لسه قلعاه.

أقترب منها و عانقها:
- ما تسبنيش نايم لوحدي تاني و تقومي،  و بعدين لو مخنوقة صحيني و أنا أفرفشك.

غمز لها بعينه فأبتسمت بشفتيها فقط و قالت: 
- حاضر.

أخذ يستنشق بأنفه رائحتها: 
- أي الريحة العِفشة دي؟

تذكرت أمر البخور فأبتعدت و التوتر يخالج ملامحها و سرعان تصنعت الدلال: 
- قصدك اي يعني، علي فكرة دي ريحتك أنت من الشيشة بتاعتك و مكنتش عايزة أقولك عشان ما جرحكش.

حك فروة رأسه بحرج و قال: 
- معلش بقي يا حب أصلي كنت سهران مع جماعة صحابي و طلبت معاهم سجاير محشية و وجبو معايا بصراحة مرضتش أكسفهم.

قالت له و كأنها تكترث لأمره: 
- طيب ياريت بلاش تشرب تاني عشان صحتك.

جذبها بين ذراعيه و سألها: 
- خايفة عليا يا دودو؟

ظهرت أسنانها في إبتسامة مصتنعة: 
- طبعاً يا روحي أنا ليا مين غيرك أخاف عليك يا سبعي.

- بقولك أي إبقي أستنيني لما أرجع بالليل عشان عايز اقولك كلمة سر ما ينفعش اقولها لك في الصيام .

دفعته عنها دون أن تنظر له: 
- يا عم إجري أنت بتفطر من هنا و بتبقي بعدها زي الفراخ البيضا اللي مفرهدة في القفص.

و قبل أن ينطق صاحت والدته من الخارج:
- واد يا جلال، واد يا معتصم .

- روح شوف مامتك و أنا هاخد لي هدوم عشان عايزة أخد لي دش و أغير و ألحق احضر للفطار بدل ما أمك تفرج عليا الجيران.

خرجت من غرفتها و في طريقها إلي المرحاض فوجدت معتصم يخرج من غرفته و عندما تلاقت أعينهما رمقها بإزدراء، رفعت أنفها بكبرياء واهي و لم تهتم أو ربما تصنعت هذا و الحقيقة غرار ذلك.

ــــــــــــــــــــــ
و عقب صلاة التراويح بمنزل حبشي يجلس كل من معتصم و شقيقه و جلال و والدتهما نفيسة التي ذهبت بعد عناء و محايلة من ابنها بعدما رفضت الذهاب و تلك الزيجة لكن لم تستطع رفض مطلب إبنها الصغير.
لكن لم تأت معهم عايدة و تحججت بالتعب و لديها ألم برأسها، لا تريد أن تري إتمام مراسم الإتفاق.

تحمحم معتصم و يبدو كأنه أنتهي من طلب يد ليلة و ينتظر إجابة شقيقها: 
- قولت أي يا حبشي؟

أعتدل الأخر في جلسته و قال: 
- طبعاً أنا أتمني يا صاحبي بس لما نسمع رأي العروسة الأول،  روحي ناديها يا أم محمد.

وجه أمره إلي زوجته التي تضع يدها علي قلبها و تخشي رفض ليلة التام و ينشب عراك مرة أخري بين زوجها و شقيقته، نهضت علي الفور و ذهبت لتخبرها، فتفاجئت بخروج ليلة من المطبخ و تحمل صينية يعلوها كؤوس المياه الغازية. 
- و أنا اللي كنت فاكراكي هاتقلبي الدنيا زي المرة اللي فاتت!

ردت الأخري و ترفع وجهها بكبرياء: 
- أطمني يا هدي هانفذ اللي أخويا عايزه بس بشروطي.

ذهبت أمامها و الأخري تتمتم بتوجس: 
- يا تري ناوية علي أيه، ربنا يستر.

قامت ليلة بتقديم لكل من الجالسين كأساً فالأول كانت نفيسة التي رمقتها شزراً و بتوعد لكن الأخري لم تعط لها أدني إهتمام،  ثم ذهبت لتعطي الكأس الثانية لجلال الذي لكز شقيقه بمرفقه و همس إليه: 
- عروستك قمر ياض يا معتصم علي طول محظوظ.

بينما كان معتصم لم يسمع و لا يري سواها، فكلما يراها يشعر بشئ غريب يختلج صدره، لكنه لن يوهم نفسه مرة أخري فالمتاعب لا تأتي سوي من وراء الحب و الغرام و تستيقظ علي حقيقة مريرة سوداء لا تعلم متي ستأتيك الضربة.

- أتفضل. 
كان صوتها رقيق عذب، تناول كأسه قائلاً: 
- تسلم أيدك.

تركت الصينية علي المنضدة و جلست بجوار شقيقها عاقدة ساعديها أمام صدرها و ترمقهم بعنجهية جلية للعيان مما جعل نفيسة تسألها بتهكم:
- قولي لي يا حبيبتي بتعرفي تطبخي زينا و تعملي شغل البيت و لا مرات أخوكي هي اللي شايلة البيت كله فوق دماغها لوحدها!

رفعت ليلة إحدي حاجبيها و قالت: 
- أنا و الله يا طنط كان عندي ثانوية عامة يعني وقتي و تركيزي كله للمذاكرة.

- أومال هاتبقي ست بيت إزاي، ده الواحدة فينا مهما أخدت شهادات في الأخر ملهاش غير بيت جوزها.

ردت الأخري عليها بنبرة مماثلة لها: 
- دي ظروفي و أظن إبنك جاي و فاهم وضعي.

عقب معتصم قائلاً: 
- اه طبعاً يا عروسة،  أنا خلاص أتفقت مع أخوكي علي أي طلب أنتي عايزاه.

فسألته و تراقب ردة فعل والدته: 
- و طنط عارفه أي شرطي ليكون عندها إعتراض و لا حاجة.

رمقته والدته علي الفور بغضب، فقال: 
- أمي راحتي من راحتها، و طالما أنا موافق هي موافقة. 
و ألتفتت إلي والدته و سألها بنظرة أدركت ما يريد قوله لها: 
- صح يا أمي؟

ردت بتصنع السماحة و الطيبة كالعادة: 
- طبعاً يا حبيبي، أنا كل اللي عايزاه أشوفكم مرتاحين و يبعد عنكم ولاد الحرام.

و نظرت إلي ليلة التي أدركت مقصدها في الحديث فأجابت عليها: 
-أيوه ربنا يبعد عننا ولاد الحرام.

تدخل جلال قائلاً قبل أن ينشب خلاف بين والدته و ليلة : 
- أنا بقول خير البر عاجله و نقرأ الفاتحة كدة بالصلاة علي النبي.

ردد حبشي: 
- عليه الصلاة و السلام.

رفع جميعهم إيديهم و بدأو يرتلون آيات سورة الفاتحة و عندما أنتهو أطلقت هدي زغاريد الفرح و السعادة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
و في اليوم التالي ذهب الجميع لشراء الحُلي ماعدا عايدة التي تصنعت التعب. 
كانت ليلة تراقب ملامح معتصم عن قرب و هو يقف بجوارها و ينظر إلي قطع الحلي ليختار لها ما سيهديها إياه.

- أي رأيك في طقم الكوليه و الإسورة بالخاتم بتاعها أظن هيبقي حلو أوي عليكي. 
رمقته بوجه متجهم عندما شعرت بإطراء منه: 
- أنا أصلاً ما بحبش الدهب.

كانت والدته تستمع إليهما فسألتها بتهكم: 
- أومال عايزاه يجيب لك سولتير و عقد ألماظ!

رمق معتصم والدته بإمتعاض فأصلح ما أفسدته : 
- لو عايزة سولتير أنا معنديش مشكلة، الحمدلله خير ربنا كتير، شاوري بس و أنا هاجيب لك اللي أنتي عايزاه.

تعجبت ليلة من هذا المعتصم الذي كلما يحدث شئ لا تجد منه سوي معاملة طيبة يشوبها الحنان، زفرت بضيق حيث شعرت بالإختناق كلما علمت إنها مجرد أيام قليلة و سوف تصبح زوجة لرجل يوجد بينهما فارق ثلاثة عشر عام كما يوجد فرق في التعليم و الفكر و فوق هذا و ذاك لا تعلم عنه سوي إنه جارهم في الحارة و كان إحدي أصحاب شقيقها و هذا أكثر ما يثير مخاوفها.

- أنا كل اللي عايزاه دبلة و خلاص مش فارقة معايا أي حاجة تانية.

همس شقيقها إلي زوجته من بين أسنانه: 
- خديها علي جمب و عقليها بدل ما أجرها علي البيت و أعقلها بقلمين علي وشها.

بادلته هدي هامسة: 
- أهدي يا حبشي ما ينفعش تعمل اللي كنت بتعمله فيها،  كده أنت بتقل من كرامتها قدام نسايبها.

تحدث معتصم إلي الصائغ و يشير إليه نحو طقم الحلي و المتشكل علي هيئة فراشة: 
- لو سمحت إحنا عايزين الطقم ده و دبلة فضة إيطالي و أحفر لي إسم ليلة بالعربي جواها.

نظر جميعهم نحوه بتعجب، و بعد أن جلب الرجل لهم ما قام بطلبه: 
- ألف ألف مبروك ربنا يتمم بخير.

أطلقت هدي الزغاريد مثل الأمس ثم قامت بتهنئة و مباركة العروسين
صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹

الفصل السابع
ما بين الحب والحرمان
بقلم_ولاء رفعت علي

كانت تزرع الأرض ذهاباً و إياباً منذ أن غادرت والدة زوجها و إبنها الأخر لشراء الحُلي للعروس،  و ليست بأي عروس بالأحري ستسميها غريمتها أو من أختطفت منها الشخص الذي تحبه بل و يغمرها الهوس به.

صوت فقعات مياه الأرجيلة و الدخان الذي يعبئ المكان، يخرج من فم و أنف جلال الذي يتابعها بتعجب و عدم فهم لما تفعله: 
- عماله رايحة جايه زي الخيلة الكدابة، مالك في أي!

وقفت لدي النافذة المطلة علي الشارع، أزاحت الستار قليلاً و ألقت نظرة من الفتحة الصغيرة تري هل عادوا أم لا، و لم ترد علي سؤال زوجها فأردف: 
- طب لما كنتي عايزة تروحي معاهم ماروحتيش ليه و لا غيرانة؟

ألتفتت إليه في لحظة و رمقته بتوتر، فسألته بتوجس و تراقب ملامح وجهه لعلها تستدل إلام يقصد بحديثه: 
- غيرانة إزاي و من مين؟

ضحك بسخرية و أجاب: 
- أصل خلاص كلها أيام و هتيجي اللي تاكل منك الجو، و البت أي صغيرة و حلوة و متعلمه و كمان شارطة علي أخويا تكمل تعليمها و تدخل الجامعة.

نظرت إليه بحنق و ودت أن تقبض علي نحره و تجعله يصمت لكنها تصنعت غرار هذا و أخبرته: 
- و أنا هاغير من حتة عيلة و لا أي،  و ما تنساش أنا أبقي مرات الكبير يعني ليا وضعي و لا أي!

غمز لها بعينه ثم قال بإشادة: 
- أموت فيك و أنت واثق في نفسك و مسيطر.

أقتربت منه و تناولت عصا الأرجيلة قائلة: 
- و خد عندك بقي أمك مش بالعه البت و هتوريها النجوم في عز الضهر،  بكرة هاتقول عايدة قالت. 
و سحبت نفساً عميقاً من الأرجيلة و نفثت الدخان بإحترافية مما جعل زوجها صاح بتهليل: 
- الله عليك يا باشا، ما تقومي قبل ما يجو أرقصي لي شوية،  واحشتني أوي هزة وسطك.

أعطته العصا و نهضت لتقوم بتشغيل المسجل،  فبدأت موسيقي لإحدي الأغاني الشعبية و أخذت تتمايل بخصرها المنحوت لكن ملامح وجهها تبدو هادئة و هي بالحقيقة عكس ذلك، و إذا تمعنت بالنظر في عينيها الكحيلة ستجد ألسنة نيران مشتعلة تود إحراق الأخضر و اليابس! 
ـــــــــــــــــــــ
مرت الأيام و ها قد جاء اليوم السابق ليوم الزفاف و الذي يسمي بيوم الحناء، تتجمع به الفتيات و النساء، يهللن و يصفقن و يتراقصن علي الأغاني المأخوذة من الفلكلور المصري.

و في زواية تجلس ليلة شاردة فيما يحدث معها، القلق و الخوف ينهشان قلبها، تمنت أن يكون زفافها غداً علي عمار الذي أحبته بصدق بينما هو لم يحب سوي نفسه فقط و الذي فعله قبيل أيام قضي علي ما تبقي في قلبها نحوه. 
أنتبهت إلي إبنة شقيقها الصغيرة تجذبها من طرف ثوبها:
- عمتو، عمتو.

أنحنت نحوها و أبتسمت و هي تربت عليها بحنان: 
- قلب عمتو من جوة، عايزة أي يا روحي؟

رفعت يدها لها ممسكة بهاتفها: 
- خدي الموبايل بتاعك كل شوية يرن كتير.

و في تلك اللحظة لاحظت من النافذة المفتوحه علي مصراعيها و المطلة علي الشارع حيث تري كل المارة و هم يرونك، تفاجئت بهذا الذي يرمقها بتهديد و وعيد. 
صدح رنين هاتفها، فأشار لها من بعيد أن ترد علي إتصاله، أستغلت إنشغال الجميع في الرقص و الغناء، نهضت و أسرعت إلي داخل غرفتها و أوصدت الباب من الداخل حتي تتمكن من التحدث إليه دون أن يسترق أحدهم الإستماع إليها.

أجابت علي الإتصال بصوت خافت: 
- يا بجاحتك يا أخي،  جاي بعد اللي عملته بتتصل بيا و كمان جاي لحد البيت.

أتاها صوته الثائر من الغضب الذي يضرم به كالنيران : 
- وقفي كل اللي بتعمليه ده إلا و الله العظيم لأطربق الدنيا علي دماغك.

شعرت بالخوف من تهديده الذي يبدو إنه لا يمزح بتاً، فقالت له: 
- عمار أرجوك كفاية بقي و أنساني، كل اللي ما بينا أنتهي.

- ده أي اللي أنتهي!  ،  اللي ما بينا عمره ما بينتهي و لا هينتهي خالص و لازم توقفي كل المهزلة اللي بتحصل دلوقت.

أخبرته من بين أسنانها بتحذير:
-المهزلة الحقيقية هو أنا رضيت أرد علي تليفونك أصلاً و لو ما بعدتش عني أنا هخليك تبعد غصب عنك.

- طب وريني هاتعملي أي. 
تعجبت لصدي صوته المتردد، ألتفتت خلفها و كانت الصاعقة! 
- أنت!  ، إزاي دخلت هنا؟

رمقها بإبتسامة و سخرية و أشار لها نحو النافذة الذي دلف منها و قال: 
- دخلت زي ما كنتي بتخرجي كل يوم منها و بتجي لي فوق السطوح.

و أخذ يقهقه علي ملامح وجهها الغاضبة، فأجابت:
- كنت مغفله و غبية و الحمدلله ربنا كشفك ليا قبل ما كنت اتدبست فيك و ابقي شربت مقلب العمر كله.

- تقومي سايباني و تروحي تتجوزي صاحب أخوكي اللي أكبر منك بـ 13 سنة! 
قالها بتهكم ساخر، فأرادت رد الصفعه إليه: 
- بس علي الأقل راجل و قد كلامه مش حتة عيل ما يعرفش عن الرجولة حاجة.

تلك الكلمات كافية بسبر أغواره،  فقال من بين أسنانه و حقد دفين: 
- أنا بقي هوريكي مين فينا الراجل و القوي كمان.

و ما أن أنتهي أنقض عليها و أخذ يُقبلها غصباً و إقتداراً قائلاً:
- أبقي صرخي عشان تفضحي نفسك و يقولو العروسه بتخون العريس من يوم الحنة.

و أنقض عليها مرة أخري بينما هي أخذت تقاومه دون إصدار صوت حتي جاء صوت أخر أفزعها مع طرق الباب: 
- أفتحي يا ليلة، أنا حبشي و معايا معتصم خطيبك.

يا للكارثة ، إذا دلف شقيقها و خطيبها الآن ستصبح فضيحة علي مرئي و مسمع أهل الحارة ، أخبرت عمار بهمس: 
- أستخبي بسرعة في الدولاب.

و فتحت الخزانة و جعلته يختبئ بداخلها و سرعان ما جعلته يدخل و أوصدت عليه بابيها. 
- حاضر يا أبيه ثواني.

و ذهبت لفتح الباب دلف شقيقها أولاً: 
- قافله علي نفسك ليه و سايبة الهيصة بره؟

أجابت بتصنع التعب: 
- حسيت بشوية صداع فدخلت أريح لي حبه،  فيه حاجة؟

أشار إلي هذا الواقف في الإنتظار أمام الباب: 
- تعالي يا عريس. 
ثم قال لها: 
- عريسك جاي يقعد معاكي شوية،  افردي وشك و أتكلمي معاه عدل و بلاش الغشومية بتاعت أول إمبارح بدل ما أنتي فاهمة.

دلف الأخر و جلس بالقرب منها: 
- ألف مبروك يا ليلة، قصدي مبروك لينا أنا و أنتي.

رمقته بإبتسامة زائفة و قالت : 
- الله يبارك فيك.

نهض حبشي و قال: 
- لما أقوم أجيب لك حاجة تشربها يا عريس.

غادر و تركهما بمفردهما، تحمحم معتصم و بدأ يتحدث: 
- أنا بصراحة سيبت الحنة اللي عاملها قصاد بيتنا و قولت اجي اطمن عليكي لتكوني محتاجة حاجة أنا تحت أمرك.

- لاء، شكراً مش محتاجة حاجة. 
تزحزح قليلاً حتي ألتصق بجوارها و قال: 
- بصراحة أنا جيت عشان أقولك وحشاني.

و قام بتقبيل خدها، أتسعت عينيها و نهضت و وقفت بغضب: 
- أي اللي هببته ده!

أشار إليها لتكف عن صوتها المرتفع و أجاب: 
- أهدي كده ما حصلش حاجه للنرفزة اللي أنتي فيها دي  غير  أن كلها بكرة و هاتبقي مراتي يعني أظن ما ينفعش تقولي لي وقتها ايه اللي هببته ده!

تذكرت تلك المأساة فقالت: 
- لما يجي وقتها و بعدين أنا يا دوب لسه عرفاك بقالي أسبوع لازم ناخد علي بعض الأول.

زفر بضيق و قال بنفاذ صبر : 
- حاضر يا ليلة اللي أنتي شيفاه براحتك ، عموماً أنا راجع لأصحابي.

كاد يتركها و يغادر عاد من جديد و أخرج من جيب بنطاله كيس من المخمل أخرج منه سلسلة ذهبية يتوسطها إسمها بالعربي: 
- أتفضلي.

رمقته بتعجب ثم أخبرها: 
- كنت معدي إمبارح من قدام محل الدهب اللي اشترينا منه الشبكة لاقيت عنده السلسلة دي فدخلت و اشتريتها لك.

طيف إبتسامة أرتسم علي ثغرها فقالت: 
- شكراً.

أشار لها نحو جيدها و سألها: 
- ممكن ألبسهالك؟

لاحظت فتح الخزانه قليلاً و ينظر عمار لها يحذرها لتبتعد عنه، خشيت أن يراه معتصم فقامت بدفعه نحو الحائط و رفعت وشاحها عن عنقها ثم ولت ظهرها إليه: 
- أتفضل لبسهالي بسرعة.

تعجب من ما فعلته للتو فقام بفتح قفل السلسلة و وضعها حول عنقها، خرج عمار من الخزانة و ود أن يذهب و يقوم بخنق غريمه لكن سرعان ما لحقت ليلة الموقف و ألتفتت إلي معتصم و إشغاله بأمر يسلب تركيزه فقامت بتقبيل وجنته: 
- تسلم إيدك.

تراجع عمار عند سماع خطوات قادمة نحو الغرفة ، بينما معتصم أستغل ذلك الموقف و أقترب منها لتقبيلها من شفتيها،  أوقفته شهقة زوجة شقيقها التي دخلت و تمسك بصينية يعلوها كأسين من المياه الغازية، أبتعد الأخر عن ليلة بحرج و قال: 
- طيب أستأذن أنا بقي عشان أصحابي و جماعة قرايبي مستنيني قدام البيت هناك،  سلام عليكم.

و بعدما ذهبت ضحكت هدي و لكزتها في كتفها: 
- يخرب عقلك يا ليلة أي يا بت مستعجلين أوي كده، ده خلاص الفرح كلها بكرة.

- هو اللي مش محترم أعمله أي يعني،  و جوزك عمال يقولي بطلي تكشري و أضحكي  .

ضحكت مرة أخري و أخبرتها: 
- طيب ياختي خدي أشربي الحاجة الساقعة لما أروح أدور أعمل الشاي لأخوكي و أصحابه و أنتي أبقي اخرجي و أقعدي مع البنات و الستات بره.

وافقت ليلة و قالت لها: 
- ماشي،  روحي أنتي عقبال ما أصلح مكياچي و خارجة.

ضحكت الأخري و غادرت، فأسرعت خلفها و أوصدت الباب من الداخل، و ذهبت لفتح الخزانة و قالت له: 
- ياريت تطلع و ما شوفش وشك هنا تاني، أديك شوفت خطيبي عامل إزاي ده لو نفخ فيك هايطيرك.

صاح بها: 
- و لا يقدر هو و لا عشرة زيه يعملي حاجة.

دفعته نحو النافذة و قالت له: 
- طب يلا أمشي بسرعة قبل ما حد يشوفك.

أومأ لها و بغضب أخبرها: 
- أنا هامشي بس خدي بالك مش هاسيبك تتجوزي و تتهني علي حساب قلبي سلام يا عروسة.

و قفز من النافذة بعدما ألتفت يميناً و يساراً،  لم ينتبه إلي تلك الواقفة علي بعد مسافة و حين تأكدت من المنزل،  أبتسمت بإنتصار  و قالت: 
- الله،  هي الحكاية كده!  ، حلو اوي اوي !

ـــــــــــــــــــــــــ

و في صباح اليوم التالي،  تخرج عايدة الثياب من المغسلة و تضعها في إناء بلاستيكي  ،  سألها زوجها: 
- طالعه فوق و لا أي؟

أجابت دون النظر إليه: 
- اه عندي حبة هدوم لسه غسلاهم، هاطلع انشرهم فوق السطح ينشفو بسرعة و عشان فيهم حاجات هنلبسها بالليل في الفرح.

- خلصي و أنزلي علي طول،  أيوه يا جدعان و الله و كبرت يا واد يا معتصم و هاتتجوز ربنا يتمم له علي خير.

تركته دون إهتمام و صعدت إلي السطح بعدما علمت بوجوده في الأعلي، بينما هو يقف أمام حوض مياه قديم تعلوه قطعة مرآه، كان جذعه عارياً و يرتدي بنطال فقط، يقوم بحلق ذقنه فأنتبه إلي التي تخبره: 
- بتحلق دقنك ليه ما أنت رايح للحلاق.

رمقها عبر المرآة بإزدراء و قال لها: 
- لاء ما أنا اللي هحلق و اظبط لنفسي، أنا أدري بالحاجة الكويسة و الأنضف ليا،  لكن الحاجة الوسخة برميها في الزبالة.

أختطفت من يده شفرة الحلاقة و رمقته بتحدي و جنون : 
- بطل الوهم اللي معيش نفسك فيه و فوق بقي.

زجرها و هسهس من بين أسنانه بغضب: 
- بطلي أنتي بقي و أبعدي عني، عايزاني أخسر أخويا و أمي و خطيبتي اللي هاتبقي الليلة دي مراتي و كل الناس اللي بحبهم عشانك أنتِ!

أطلقت ضحكة ساخرة قبل أن تلقي عليه قنبلتها الموقوته: 
- طيب ياريت تخلي بالك من اللي هاتبقي مراتك لأنها ضاحكة عليكم كلكم و علي علاقة بواحد غيرك .

أمسك بيدها بقوة و هدر من بين أسنانه: 
- هي وصلت بيكي وساختك تسوقي سمعة مراتي!، أقسم بالله يا عايدة لو أتكلمتِ عليها بحرف و لو ضايقتها لأخلي عيشتك جحيم و هخلي اخويا يعيشك زي الخدامه تحت رجله.

جذبت يدها و صاحت به: 
- فوق أنت و أعرف بنفسك، أنا مش بتهمها  و لا برمي بلايا علي حد،  أبقي اسألها لما تشوفها و قولها مين اللي كان خارج من شباك أوضتك إمبارح زي الحرامية و كان بيعمل ايه جوه!

ــــــــــــــــــــــ

حل المساء و بدأت مراسم الزفاف وسط أهل الحارة و أهل العروسين... 
كانت ليلة تجلس شبه مبتسمة بجوار معتصم الذي  كان متجهم الوجه فكلمات تلك الأفعي عايدة تجول برأسه و يخشي أن الشك يخترق قلبه و يقلب حياته جحيماً.

أنتبه إلي حبشي الذي يصافحه و يدس في يده حبة مغلفة قائلاً: 
- ألف مبروك يا صاحبي. 
و أقترب نحو أذنه ليخبره بصوت لا يصل إلي شقيقته: 
- بقولك أي البت ليلة أختي دماغها صرمه قديمة لو طلبت منها حاجة و ما سمعتش كلامك أديها بالجذمة، و لو زودتها قولي و أنا هكسر لك دماغها و هخليها من قبل ما تأمرها تقولك سمعاً و طاعة.

رمقه معتصم بإمتعاض و قال له: 
- ليلة مراتي أنا يا حبشي و عارف هاتعامل معاها إزاي يعني أنسي ولايتك و سلطتك عليها لأنها خلاص بقت علي ذمتي و مني و اللي يمسها يمسني.

غر فاهه  ثم ضحك و حك ذقنه قائلاً: 
- ده أنت الهوا رماك و قلبك طب يا صاحبي،  خد بالك بقي ياما رجالة بشنبات الحب ضيعهم و ضيع هبيتهم و خلي النسوان لامؤاخذة تسوقهم زي الحمير.

- دي عقلية أشباه الرجال يا صاحبي، الراجل الصح اللي يحط مراته و أخته و أمه و بنته فوق راسه لأن رسولنا عليه افضل الصلاة والسلام وصانا عليهم و قالنا رفقاً بالقوارير.

شبه ضحكة أطلقها حبشي من فاهه و قال بتهكم : 
- ماشي يا أخويا أبقي خلي بالك من قارورتك و خد بالك لتتكسر و تعورك.

و في منزل نفيسة لم يوجد أحد سوي عايدة حيث أستغلت وجود الجميع في الفرح و صعدت إلي شقة العروسين و تتذكر كلمات الشيخ الدجال و هو يخبرها: 
( الحجاب ده تدسيه في مكان ما هينام و الميه دي ترشيها علي عتبة الباب اللي هيخطي عليها)

ذهبت إلي غرفة النوم و قامت برفع الفراش و دس هذا الشئ أسفله ثم أعادت ترتيب الفراش مرة أخري كما كان و قبل أن تغادر رأت ثياب العروسين مطوية،  أمسكت بثياب ليلة و تأملتها بحقد و ضغينة قائلة بنبرة مليئة بالكره و الغل: 
- إلهي ما تلحقي تلبسيه و تقلعي فستان فرحك علي كفنك علي طول.

أنتهت مراسم الزفاف و بعد مباركات و توصيات من هدي زوجة أخيها إلي معتصم علي أن يراعي ليلة و هذا علي غرار زوجها الذي لا يكترث أن يفعل هذا بل كان يوصيه علي تعنيف شقيقته كما يفعل معها هو، و يا له من أخ حنون!

و لدي وصول العروسان إلي المنزل و قبل أن يصعدا أمسكت نفيسة إبنها من ذراعه و همست له: 
- بقولك أي يا معتصم خليك جد و ناشف معاها و إياك تبقي نحنوح لتركب فوق كتافك و تدلدل رجليها،  حكم أنا اللي عرفاك ابو قلب حنين.

أطلق زفرة كتعبير عن ضيقه و نفاذ صبره و قال: 
- أمي أنا مش عيل صغير و حياتي أنا و مراتي خاصة بيا و بيها عارف اللي ليا و اللي عليا.

ثم ألتفت إلي ليلة التي يبدو عليها التوتر و الخوف كلما أقتربت خطاها إلي عش الزوجية.

- يلا يا حبيبتي أطلعي. 
و أمسك بيدها ليساعدها علي صعود الدرج حتي لا تتعثر في طرف ثوبها الواسع... 
كانت عايدة تقف علي الدرج بالقرب من شقة معتصم و قالت له: 
- أطلع أنت يا عريس الأول و أفتح الباب و أنا هساعدها.

نظر إلي ليلة فقالت له: 
- أطلع أنا عارفه أتحرك ما تقلقش.

و عندما فتح الباب و خطي فوق المياه المنسكبة فوق قطعة البُساط قاتمة اللون أتسع فم عايدة بإبتسامة إنتصار و قالت بداخل عقلها: 
- ليلة سعيدة يا عريس الهنا

صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹

الفصل الثامن
ما بين الحب والحرمان
بقلم_ولاء رفعت علي

تجلس عايدة في غرفتها و نيران الغيرة و الحقد تنهش قلبها بضراوة ودت أن تصعد و تفسد عليهم تلك الليلة بشتي الطرق لكن ما يطمئن قلبها ما قامت بدسه في الفراش و ما سار عليه معتصم،  لم تنتبه إلي زوجها الذي دلف للتو و يردد كلمات الأغاني التي سمعها في الحفل وجدها جالسة في حالة سكون تضع ساق فوق الأخري فقال: 
- ربنا يستر،  يا تري قاعدة كده و بتفكري في مصيبة لمين؟

رفعت إحدي حاجبيها إليه و قالت: 
- ليه شايفني أي بالظبط عشان أفكر في مصايب لحد،  ليه ما تقولش المصايب بتتحدف علينا لحد عندنا و أنتم نايمين في العسل.

ضيق عينيه و عقد حاجبيه فسألها: 
- قصدك علي مين؟

نهضت من فوق المقعد و وقفت عاقدة ساعديها أمام صدرها و أجابت: 
- هي فيه غيرها ست الحسن و الجمال اللي أخوك بإذن الله هياخد فيها أكبر خازوق.

أنتبه لكلماتها جيداً فسألها مرة أخري: 
- قصدك أي بالكلام ده.

أقترب منها و أردف:
- أنتي تعرفي حاجة و مخبيها و لا أي، أنطقي.

جلست علي حافة الفراش و تصنعت وجه الحمل الوديع قائلة بتمثيل إحترافي: 
- لاء يا سيدي ما بحبش أتكلم علي حد دي أعراض، ربنا يستر علي ولايانا، و بعدين أخاف أمك و أخوك يقلبو عليا و لا يقولو غيرانه و بتلفق لسلفتها مصايب عشان تتخلص منها  .

أمسكها من يدها و صاح بها بحنق: 
- ما تتنطقي يا بت أحسن ما أخليكي تنطقي بالعافية.

تصنعت ملامح الحزن و قالت: 
- أخص عليك يا سي جلال،  ماشي هقولك بس ياريت ما تجبش سيرتي، أول إمبارح و انا رايحة الحنة لسه كنت واقفة قبلهم بتلات بيوت لاقيت الولاه اللي اسمه عمار اللي ساكن فوق بيت شوقي بينط من شباك أوضتها اللي بيطل علي الحارة و عمال يتلفت من حوليه زي الحرامية، تفتكر ده كان بيعمل أي جوه عندهم و لا علاقته أي بالبت ليلة!

عقب زوجها علي كلماتها: 
- ما هو ممكن يكون كان بيسرق من بيتهم حاجة، إن بعد الظن إسم،  بقولك أي أوعي تقولي كلمة هنا و لا هنا،  أخويا ممكن يقلب الدنيا فوق دماغنا غير أخوها حبشي ده مجنون و ممكن الموضوع يوصل للدم.

أشارت إلي فمها ببراءة قائلة: 
- و أنا مالي يا أخويا مليش دعوة هكتم بوقي أهو.

و وضعت كفها علي فمها كدلالة علي عدم البوح.

ــــــــــــــــــــــ
و بالأعلي كانت تجلس في الغرفة تحاول خلع الوشاح الأبيض، تلتقط الدبابيس منه و توخزها بداخل قطعة من الأسفنج الملون، 
بينما هو يجلس بالخارج في الردهة،  أزرار قميصه مفتوحة و ينفث دخان سيجارته بشراهة حيث ما ألقته عليه تلك الأفعي عايدة من كلمات مسمومة علي زوجته ليس بالشئ الهين، هل بالفعل زوجته علي علاقة برجل آخر!

نهض و ذهب ليتأكد من هذا، فتح الباب فوجدها تحاول خلع الثوب لكنه علق بجسدها، و هناك من خطف أنفاسه سلاسل خصلاتها المنسدلة علي ظهرها كشلالات من الحرير و ملامحها المختلفة عن الحجاب،  فهي أجمل بكثير عن ما رآها من قبل، وجد نفسه يقترب منها دون إرادة و وقف خلفها وضع يده علي بداية السحاب و قال لها:  
- ممكن أساعدك؟

أومأت له عبر المرآه بالموافقة دون أن تتحدث،  أخذ يفتح سحاب ثوبها ببطئ و عينيه تتأمل ملامحها في صورتها المنعكسة،  و عندما أنتهي من فتح السحاب كاملاً أزاح خصلاتها علي إحدي كتفيها و أخذ يُقبل كتفها، تحركت بين يديه لتبتعد فوجدته يشد من قبضتيه  : 
-  معتصم لو سمحت،  معتصم.

ظلت تكرارها ليبتعد عنها و هو كان كالوحش الجائع الذي وقعت تحت يديه فريسة و عليه أن يلتهمها، كانت قبلاته علي جيدها تتميز بالعنف فصرخت ليبتعد عنها: 
- أوعي، أبعد عني.

ابتعد و رمقها بغضب و عندما نظر إليها وجدها تبكي و تمسك موضع قبلاته التي تركت علامات وردية داكنة،  عاد إلي رشده بعد أن كان علي وشك أن يستسلم لوساوس شيطانه و يتعامل معها بهذا الأسلوب العنيف.

أقترب منها بحذر حتي لا يزيد خوفها منه و قال لها: 
- حقك عليا مكنتش أقصد اللي عملته.

رمقته بغضب و الدموع حبيسة داخل عيناها: 
-أطلع برة.

أشار لها بأن تتمهل قائلاً: 
- إسمعيني بس هقولك.

أخذت تدفعه في صدره نحو الباب بقوة لا يستهان بها من يديها الضعيفتين أو هكذا تبدو علي غرار قوتها: 
- مش عايزة أسمع،  أطلع برة.

و صفقت الباب في وجهه تحت نظراته المتعجبة و عيناه المتسعة من الصدمة.

ـــــــــــــــــــــ

في صباح اليوم التالي... 
- قوم يا حبشي خلينا نروح نصبح علي أختك و نشتري لها شوية حاجات خلينا نرفع راسها قدام نسايبها بدل ما أنت ما صدقت جوزتها و ماجبتلهاش خيط في إبره حتي.

أستيقظ بغضب و بصوت أجش: 
- يا فتاح يا عليم علي الصبح،  مش شيفاني نايم يا وليه بتصحيني ليه،  و بعدين فيه حد يروح لعرسان علي الصبح خلاص مفيش إحساس و لا دم!

رمقته بإمتعاض و قالت: 
- يا راجل بطل تهرب بقي من أي مشوار يبقي فيه فلوس و هايكلفك فاكرني هبلة و مش هافهم!

صاح بها بتهديد: 
- طب غوري من وشي علي الصبح بدل و ربنا و ما أعبد لأقوم أديكي علقة هخليها هي اللي تيجي تزورك و أطفي النور بدل ما أخليكي عايشة في الضلمة طول عمرك لما أديلك كشاف علي عينيكي يعميكي و أرتاح.

تأففت بضيق و غضب منه و ذهبت تتمتم بصوت خافت: 
- عادتك و لا تشتريها روح يا شيخ اللهي اللي بتحوشه من ورايا و حايشه عني أنا و اختك و عيالك يجي لك حرامي يقشهم كلهم و يحسرك عليهم. 
ــــــــــــــــــ
كان يتمدد علي الأريكة و مازال بثيابه منذ الأمس و لم يبدلها بعد ، أستيقظ علي صوت الجرس حينما فتح عينيه و تذكر خلافهما البسيط في البارحة،  نهض مُسرعاً و طرق الباب عليها: 
- أفتحي يا ليلة جرس الباب بيرن شكلها أمي و لا يكون أخوكي و مراته،  أفتحي ما ينفعش يدخلو يلاقوني لسه ببدلة الفرح!

فتحت الباب و أتسعت عيناه عندما رآها ترتدي منامة حريرية باللون النبيذ و مشطت خصلاتها بعناية و شكل فني جذاب، فقالت له و كأنه لم يحدث شئ ليلة أمس:
- هتلاقيهم أخويا و مراته.

أمسكها من يدها و سألها بحدة: 
- هو أنتي ناوية تطلعي لهم بالمنظر ده؟

ألقت نظرة علي هيئتها فقالت: 
- ماله منظري، دي بچامة ستان بكوم و بنطلون طويل، و بعدين بقولك أخويا و مراته يعني محدش غريب.

دفعها إلي داخل الغرفة و أخبرها بأمر: 
- روحي ألبسي عباية أو الإسدال و لو أتكررت الحركة دي تاني هتلاقي كل اللي في الدولاب ده مرمي في الشارع.

رمقته بسخط و قالت بتذمر: 
- هو يعني عشان شاريهم لي بفلوسك هتذلني مش عايزة منك حاجة،  انا هاكلم مرات أخويا تجيب لي هدومي القديمة.

رمقها بنظرة نارية قاتلة  : 
- ليلة، أحذري غضبي و أتقي شري و خشي أسمعي الكلام بسرعة.

أرتدت في النهاية كما أمرها علي مضض و ذهبت هي و قامت بفتح الباب ريثما يبدل ثيابه.

- السلام عليكم  ،  ازيكم يا عرايس. 
صاحت بها هدي بسعادة و تحمل علبة من الحلوي، عانقتها الأخري: 
- أهلاً بحبايبي وحشتوني.

ثم أنحنت إلي أولاد شقيقها و عانقتهما و ربتت عليهما بحنان، نظرت خلف هدي و سألتها: 
- أومال فين حبشي مجاش معاكم ليه؟

أجابت الأخري بإبتسامة تخفي توترها و الحرج الذي تشعر به: 
- أخوكي معلش مش هايقدر يجي لك النهارده أصله يا عيني من ساعة الفرح إمبارح و هو مصدع و تعبان ماقامش من النوم من وقت ما روحنا،  شوفتي نسيت خدي شيلي الحلويات دي في التلاجة أبقو كلوها بعد الفطار.

أدركت ليلة كيف تقوم بتشتيتها عن الإجابة لتداري عن زوجها البخيل الذي يخشي أن يأتي إلي شقيقته و يبارك لها و يهنئها و يجب أن يعطي إليها مبلغاً من المال كنوعاً من أنواع المباركة. 
- ربنا يشفيه، أدخلو أقعدو عقبال ما أجيب حاجة للعيال .

ذهبت لتحضر كؤوس من العصير و قطع حلوي وضعتها أمام الصغيرين، أقتربت هدي منها و سألتها بصوت خافت: 
- ها طمنيني عملتي أي؟

رمقتها الأخري بعدم إستفهام  : 
- في أي؟

لكزتها بمزاح و خفة: 
- ما أنتي عارفة يا بت قصدي أي.

أدركت ما تقصده فقالت بتردد و ترجع خصلاتها خلف أذنها: 
- ماحصلش حاجة.

غرت الأخري فاهها و شهقت: 
- أنتي هبلة يا ليلة، ده أنا فاكرة أول ما دخلنا أنا و أخوكي من باب الشقة يا دوب عقبال ما وصلنا لأوضة النوم كان حصل اللي حصل و أنتي تقولي لي ما حصلش حاجة!

نهضت ليلة لتتهرب من نظرات الأخري قائلة: 
- هدي لو سمحت دي حاجة خاصة بيا أنا، أنتي و أخويا كنتم عارفين بعض و بتحبو بعض قبل ما تتجوزو بخمس سنين،  أنا يا دوب لسه عارفه جوزي من أسبوع، لازم أتعود عليه الأول.

خرج معتصم من الغرفة يرتدي قميص و بنطال من القطن فأصبح شديد الوسامة،  لأول مرة ليلة تحدق به هكذا لم تصدق هذا الذي كان معها منذ أسبوع. 
- يا أهلاً و سهلاً البيت نور.

ردت هدي: 
- ده نوركم يا أستاذ معتصم،  و ألف مبروك عليك أنت و ليلة و ربنا يرزقكم بالذرية الصالحة.

رد بإبتسامة متكلفة: 
- تسلمي ربنا يحفظك، أومال فين حبشي؟

أجابت بتوتر يشوبه طيف إبتسامة: 
- تعبان من إمبارح و ماقدرش يقوم من النوم بعد الفطار هتلاقيه جاي لكم إن شاء الله  .

نهضت و أمسكت بطفليها و أردفت: 
- فوتكم بعافيه بقي.

فقالت ليلة بتعجب: 
- أنتي لحقتي تقعدي،  رايحة فين؟

- أنا جيت أطمن عليكم و الحمدلله أطمنت هابقي أجي لكم وقت تاني بإذن الله.

غادرت هدي، فقامت ليلة بحمل الصينية و دخلت إلي المطبخ ، وجدته خلفها فسألته: 
- تحب تاكل أي علي الفطار؟

أجاب و يبدو من نبرته لا يرغب في التحدث معها: 
- لما يجي وقت الفطار هاتصرف أنا.

ألتفتت إليه و سألته مرة أخري: 
- أنت زعلان مني عشان إمبارح؟

تأفف بضجر و أخبرها: 
- ليلة واضح جدا أنك لسه ما تعرفيش يعني أي جواز و لا أي حاجة، و شكلي هاخد وقت عقبال ما تتعودي عليا بس ياريت بسرعة عشان أنا مش من النوع الصبور، خدي بالك.

أبتلعت لعابها بتوجس و نظرت إليه بتوتر و قالت: 
- و أنا مش ذنبي أنك اتجوزتني بعد أسبوع من معرفتنا لبعض،  يعني مالحقتش أعرفك.

تلاقي حاجباه بضيق و قال: 
- و دي مش حجة أو مبرر كافي لمعاملتك الجافة ليا إمبارح.

- و المطلوب مني؟

اقترب منها ليخبرها : 
- المطلوب منك تسيبي لي نفسك و أنا هعلمك كل حاجة علي إيديا.

رمقته بصمت قاطعه صوت مزعج للغاية: 
- صباحية مباركة يا عرسان.

ألتفت كليهما إليها فسألها معتصم بغضب: 
- أنتي إزاي دخلتي هنا؟

لوت عايدة شفتيها جانباً و رفعت أمام عينيه مفتاح الشقة قائلة: 
- دخلت بمفتاح خالتي نفيسة و هي اللي قالت لي اطلعي لهم يمكن محتاجين حاجة و اقولكم تحبو تاكلو أي علي الفطار،طلعت افتكرتكم نايمين، بس واضح شكلكم صايحين من بدري، غريبة أول مرة أشوف عرسان يبقو صاحيين من صباحية ربنا الظاهر كانت ليلة مش ظريفة.

رمقها الأخر بنظرة جعلتها تتراجع إلي الخلف و حتي لا يثير شكوك ليلة حاول أن يهدأ من روعه و هو يخبر زوجة أخيه: 
- أعمل أي أصل ليلة حبيبتي وحشاني و مش طايق النوم يبعدها عني،  صح يا ليلة؟

إبتسمت الأخري و قالت: 
- صح يا حبيبي.

عقبت عايدة بتهكم و حقد جلي: 
- ما براحة علي نفسكم يا عرايس ده أحنا حتي في نهار رمضان و لا تكونو فاطرين!

لاحظت ليلة نظرة الغيرة و الحقد القاتلة في عينيي الأخري و قد فسرت هذا غيرة سلايف ليس إلا، لا تعلم ما خفايا كان أعظم! 
ـــــــــــــــــــــ

و بعد تناول الإفطار كان يجلس أمام التلفاز يشاهد مبارة كرة القدم ما بين فريقين كلاهما يتميز بالشهرة، يصب كامل تركيزه علي اللعب،  بينما هي كانت تتصفح الأنترنت علي هاتفها و إذ فجاءة يصدح رنين الهاتف الذي أجفلها،  شهقت عندما علمت بهوية المتصل فسرعان جعلت الهاتف علي وضع الصامت و بعدما أنتهي الإتصال تلقت رسالة كان فحواها كالتالي
( ردي عليا أحسن لك بدل ما أقابل المحروس جوزك و أحكي له علي اللي بينا أو أسمعه تسجيلات مكالمتنا )

أتسعت عيناها و الخوف ضرب قلبها، نهضت لتذهب و تري ماذا يفعل معتصم بالخارج،  و من بعيد رأته يصيح تارة و يهلل تارة و يشجع فريقه، عادت إلي الغرفة و قررت أن ترد علي الإتصال خوفاً من أن ينفذ ذلك الأحمق تهديده و يهطل علي رأسها المصائب. 
- ألو، عايز مني أي يا عمار؟

- عايز تنفذي إتفاقنا.

ردت بحنق من بين أسنانها : 
- إتفاق أي يا أبو إتفاق،  أنت أي ما عندكش دم و لا كرامة و لا ما حرمتش من أخر مرة لما أديتك علي دماغك.

قهقه بصوت أخافها و قال: 
- لاء مانستش،  بس كل اللي أعرفه إننا متفقين مهما حصل هانكون لبعض  .

شهقت و أجابت بغضب: 
- ده في أحلامك،  أنا دلوقتي خلاص ست متجوزة و بحترم جوزي حتي لو مش بحبه علي الأقل دخل البيت من بابه مش بيدخل من الشبابيك زي الحرامية،  و بص بقي لو ما بعدتش عني و لميت نفسك هخلي جوزي و أخويا يقطعوك حتت. 
أنهت المكالمة علي الفور و قلبها يخفق بقوة من الخوف و إذا بصياح أفزعها من الخارج  : 
- جول،  جيبنا جول،  أيوه بقي.

خرجت وجدته في حاله حماس،  ذهبت  و أحضرت طبق من الحلوي الشرقية و وضعتها أمامه علي الطاولة ثم جلست علي كرسي أخر و نظرت إلي التلفاز و سألته: 
- هما مين اللي بيلعبو؟

أجاب و عينيه نحو الشاشة: 
- الأهلي و الزمالك .

فسألته مرة أخري: 
- و أنت بتشجع أي؟

أجاب بإقتضاب و كامل تركيزه نحو المباراة: 
- الأهلي طبعاً،  و أنتِ؟

أبتسمت بمكر ثم أخبرته بزهو و فخر: 
- الزمالك طبعاً. 
أمسك بجهاز التحكم و ضغط علي كتم الصوت و أنتبه إليها و يشير نحو أذنه: 
- قولتي بتحبي أي؟

ترددت في الإجابة بعدما رأت في عينيه نظرة أرعبتها،  قالت بصوت خافت: 
- قولت بحب الزمالك،  فيها أي يعني.

نهض و أقترب منها مما جعلها تلتصق بظهر الكرسي من الخوف،  أستند بيديه علي مساند الكرسي الجانبية و أخبرها: 
- بما إننا بنتعرف على بعض أحب أفهمك تلاته ما بسمحش فيهم و ممكن تطير فيها رقاب.

أبتلعت ريقها بصعوبة و تركته يردف: 
- الخيانة و الكدب و تالتهم الزمالك  .

غرت فاهها فأكمل حديثه: 
- أيوه زي ما سمعتي كده أنا أهلاوي و تقدري تقولي أهلاوي متعصب كمان،  و بكره الزمالك جدا،  فلو مش عايزة مشاكل ياريت ما تجبيش الاسم ده علي لسانك أحسن ليكي و لمصلحتك.

كادت تضحك رغماً عنها،  لكن نظرته الجادة جعلتها توقفت عن الضحك فجاءة و أبتلعت ريقها،  أنقذها من هذا الموقف رنين جرس المنزل المتواصل فأخبرها: 
- ادخلي جوه و ألبسي حاجة عشان شكلهم أمي و أخويا.

نهضت و أسرعت إلي الداخل لتبدل ثيابها  ،  بينما بالخارج دلفت نفيسة إلي الداخل و تقول: 
- اللهم صل علي النبي،  اللهم بارك ألف مبروك يا حبيب أمك، أومال فين عروستك ؟

أشار إليها  لكي تجلس و أجاب: 
- أتفضلي يا أمي،  هي بتلبس حاجة و جاية.

صافحه شقيقه قائلاً: 
- مبروك يا عريس.

رد الأخر مبتسماً: 
- الله يبارك فيك  .

أقترب منه و ألتصق به  ليهمس إليه: 
- ها عملت اي يا بطل،  رفعت راسنا و لا أي؟

صمت الأخر و لم يعلم ماذا سيخبره فقال: 
- يابني حرام عليك ما كان علي يدك بقالي يومين ما نمتش و هي كذلك فمش معقول يعني كله ورا بعضه،  إحنا مش هانطير من بعض.

تذكر جلال حديث زوجته و ما أخبرته به،  لوي شفتيه جانباً و ربت علي كتف شقيقه قائلاً  : 
- شد حيلك بقي.

أكتفي بإبتسامة ثم نظر إلي ليلة التي خرجت للتو،  ترتدي عباءة بيضاء مزخرفة بالخيوط الفضية بأشكال من الطبيعة كما ترتدي وشاحاً باللون الخيوط،  و كالعادة جمالها يطفو علي أي شئ،  خاصة بشرتها الملساء الوردية.

- أزيك يا طنط. 
قالتها و تمد يدها إلي والدة زوجها فقالت: 
- طنط أي يا سنيورة  ،  إسمها ماما يا عينيا و لا أخوكي و مراته ما علموكيش إن أم جوزك يتقالها يا ماما!

نظرت ليلة إلي معتصم لعله يتخذ موقف لكنه أكتفي بالمشاهدة فأخبرتها : 
- أخويا علمني إن كلمة ماما ما تتقالش غير لأمي اللي ولدتني و سهرت عليا الليالي،  يعني مش أي حد يتقاله يا ماما.

رأي جلال الأمر أصبح صعباً و يخشي أن والدته تفعل ما لا يحمد عقباه فقال: 
- أنا عايدة مراتي بتقولها ياخالتي، قولي لها يا خالتي.

ردت و قالت: 
- لو كان كده ماشي، أزيك يا خالتي.

نهضت الأخري و أجابت بإزدراء و تهكم : 
- ماشي يا روح خالتك، تعالي معايا عشان عايزاكي في حاجة.

نظرت ليلة إلي معتصم الذي أومأ لها بأن تذهب ففعلت هذا و ذهبت معها و دخلت كلتيهما إلي الغرفة،  فقالت نفيسة لها بقوة و حزم: 
- أنا طبعاً مش هوصيكي علي ابني و أقولك  خدي بالك منه،  لأن لو حصل عكس كده مش هقولك أنا ممكن أعمل فيكي أي، أنا ولادي اللي يزعلهم أكله بسناني خصوصاً معتصم،  من صغره و هو شقيان يا قلب أمه و سافر و أتغرب عشان يساعد أخوه في الجواز و بني البيت ده و عشان يعرف يتجوز و يعيشك في الخير اللي أنتي فيه ده كله.

لاحظت الأخري لهجة والدة زوجها الحادة و العداء الجلي في نظراتها لها، فسألتها: 
- أنا ممكن أفهم ليه حاسه أنك كرهاني و مش طيقاني كأني خطفت منك إبنك!

أجابت الأخري بحدية: 
- أنا و لا بحبك و لا بكرهك،  انا بحذرك بس.

بالخارج كان يتحدث جلال مع شقيقه الذي يخشي علي ليلة من حديث والدته الحاد و خاصة عندما أخذتها إلي الداخل،  تأكد أن هناك خطب ما يحدث. 
نهض و ترك شقيقه بمفرده و ذهب ليري الذي يحدث و قبل أن يفتح الباب سمع قولها: 
- طب إسمعيني بقي زي ما سمعتك،  لو حضرتك فاكرة طريقتك دي ها تخوفني و جو الحموات و ماري منيب ده هيعمل معايا حاجة، أحب اقولك وفري مجهودك لأنه مش هياكل معايا، كل اللي ليكي عندي كل إحترام و أدب غير كده يبقي معلش،  إبنك و حاجته و خيره عندك، أصلاً أنا مكنتش موافقه علي الجوازة من الأول يا طنط.

فتح معتصم الباب و توقف ينظر لكلتيهما قائلاً: 
- في أي مالكم صوتكم جايب للحارة  .

و سرعان وجد والدته تبكي بحُرقة قائلة: 
- تعالي يابني شوف مراتك اللي لسه بقولها تاخد بالها منك و بنصحها زي أي أم تاخد بالها من بيتها و جوزها راحت مزعقة فيا كأني قتلت لها قتيل.

رمق ليلة بغضب فأقترب من والدته و عانقها و ربت عليها: 
- معلش يا أمي أكيد ليلة ما تقصدش حاجة،  صح يا ليلة؟

كانت الأخري تقف في حالة صدمة من تمثيل والدته المتقن و علمت إنها قد وقعت في براثن عقربة إذا لم تآمن غدرها فستلدغها لا محالة.

- أنا معملتلهاش حاجة هي اللي عماله تهددني  و تتكلم معايا بأسلوب مش كويس.

صاح بأمر و عينيه تنضح شرر: 
- ليلة، أعتذري لأمي.

نظرت إليه و الغضب ينبلج في عينيها، أجابت برفض تام : 
- مش هعتذر.

قالت له والدته: 
- خلاص يا بني هي زي بنتي برضو اللي مخلفتهاش.  

هدر بصوت أجفل كلتيهما و لأول مرة تراه ليلة في تلك الحالة: 
- هاتعتذر غصب عنها.

- خلاص يا بني أقصر الشر. 
وقف أمام الأخري و أجاب علي والدته: 
- أسكتي أنتي يا أمي،  أنا عارف أنا بعمل ايه.

كادت ليلة تذهب من أمامه قائلة:
- و أنا معملتش حاجة عشان أعتذر، أبقي أتاسفلها أنت عن أذنك.

أمسك يدها و أوقفها، تسحبت والدته قبل نشوب أي مشكلة و غادرت الغرفة بل و الشقة بعدما أشارت إلي إبنها الأخر و قالت له: 
- يلا بينا يا ولاه.

سألها بقلق: 
- هو في أي!

جذبته من يده إلي الخارج: 
- هابقي أقولك تحت.

و بالعودة إلي معتصم و ليلة التي تقف أمامه تتظاهر بالقوة لكن بداخلها عكس ذلك. 
- ممكن أفهم أي الأسلوب الزبالة اللي سمعتك بتكلمي بيه أمي قبل ما أدخل!

صاحت بغضب: 
- احترم نفسك و أنت بتتكلم معايـ...

قطع جملتها و هو يركل الكرسي من أمامه بقوة بدلاً من أن يصفعها أو يقترف بها شئ يندم عليه لاحقاً و لم يكتف بهذا فقط بل زجر كالوحش أمراً إياها: 
- أطلعي بره.

هرولت من أمامه قبل أن يدركها غضبه،  ذهبت إلي الغرفة الأخري و تبكي رغماً عنها، حسبت إنها تخلصت من ظلم و قساوة شقيقها لتجد نفسها وقعت في مصير أكثر قسوة!

صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹

#الفصل_التاسع
#ما_بين_الحب_والحرمان
#بقلم_ولاء_رفعت_علي

مضي اليوم بأكمله دون أن يري إحداهما الأخر مما جعل نيران غضبه تندلع كلما تذكر نظرة التحدي و التمرد التي رمقته بها عندما أمرها و لم تلبي أمره، علم أن القادم سيكون ملئ بالصعاب، لعن في داخله زوجة أخيه التي جعلته تسرع في هذه الزيجة .

أنتبه إلي رنين جرس المنزل نهض من فوق الأريكة بعد أن كان ممدد عليها، فتح الباب ليجدها أمامه مرة أخري تقف و لا تكترث إلي نظرة الإزدراء التي يرمقها بها. 
- أتفضلو السحور ، علي فكرة أنا اللي عملاه مش خالتي نفيسة .

عقد حاجبيه و ينظر إلي الطعام بتردد فقالت له: 
- ما تخافش مش هاكون حطلكم فيه سم يعني .

حدقها بتهكم و أخبرها: 
- مش بعيد عن واحدة زيك تقدر تعمل أي حاجة.

أبعدته عن طريقها و ولجت إلي الداخل حيث المطبخ، ذهب خلفها فوجدها تركت الصينية أعلي الطاولة الرخامية و ألتفتت إليه: 
- أنا أي حاجة بعملها بالنسبة لك وحشة، أنت السبب فيها، عموماً خلاص أنا مش هجري وراك تاني كفاية بس هاقعد أحط رجل علي رجل و أنا شايفة مراتك بتديك علي قفاك .

أمسكها من رسغها و عنفها قائلاً: 
- لمي لسانك أحسن لك، و مراتي أنضف و أطهر منك و لو جيبتي سيرتها علي لسانك مرة تانية هقطعه لك .

أقتربت منه و رفعت إحدي حاجبيها و قالت بجرأة سافرة دون خجل : 
- أقطع لك لساني أنا بنفسي لو كانت سمحت لك تتدخل عليها.

أبتسمت حين لم تتلق منه سوي الصمت فأردفت: 
- البت دي واخداك سلم عشان تكمل تعليمها و تهرب من عيشة أخوها البخيل .

جز علي أسنانه ود سحب لسان تلك الأفعي و قطعه بيده فقال لها: 
- عارفة يا عايدة لو كل اللي بتقوليه طلع صح، علي الأقل هي عندي أحسن منك بكتير و أنضف مش واحدة لا مؤاخذة.

جزت علي شفتها السفلي بغيظ فقالت له بتحدي و علي وشك الذهاب: 
- خليك نايم في العسل، بكرة الأيام تثبت لك كلامي. 
قالتها و ذهبت تاركة إياه في حالة غضب إذا لم يسيطر علي حاله لسوف يدمر كل شئ.

بعد مرور وقت... 
عندما شعرت بالجوع قررت الخروج من الغرفة و الذهاب للبحث عن أي شئ تأكله، ولجت إلي داخل المطبخ وجدت صينية الطعام، رفعت الغطاء فنظرت إلي الطعام بتلذذ تود أن تلتهم الأطباق، تناولت رغيف من الخبز و أخذت تأكل و تلتهم كل ما يقع عليها يدها بنهم.

- براحة علي نفسك محدش بيجري وراكي. 
كان يقف لدي مدخل المطبخ عاقداً ساعديه أمام صدره و يستند إلي الحائط. 
توقفت عن تناول الطعام و نظرت إليه و تشعر بالحرج، ضحك رغماً عنه من هيئتها الطفولية لاسيما عندما ضربت حُمرة الخجل خديها، تراجعت عن تناول الطعام فقال لها: 
- ما أنتي عندك دم و بتتكسفي، أومال ليه ما تكسفتيش و أنتي بتردي علي أمي و كمان مهنش عليكي تعتذري لها.

عادت نظرة الغضب إلي عينيها مُجدداً ، رمقته بإمتعاض و قالت: 
- مامتك اللي غلطت فيا الأول، عماله تهددني بكلام كل اللي فهمته منها شكلها متضايقة مني عشانك، روح شوف أنت حكيت لها ايه مخليها شايله مني.

قطب حاجبيه و أجاب بنفي: 
- أنا ما أتكلمتش معاها غير لما جت الصبح تبارك لنا و أحكي لها أي يعنـ...

صمت بعدما تفهم ما ترمي إليه الأخري فقال: 
- و فرضاً حكيت لها حاجة ، مش ده صح و لا أنا بكذب.

صاحت بعدم فهم: 
- هو أي اللي صح وضح كلامك أنا مش فاهمة أنت تقصد أي.

اقترب نحوها و هي تتراجع حتي أصبحت محاصرة بينه و بين الموقد : 
- قصدي هو أن المفروض يحصل ما بينا اللي يحصل بين أي اتنين متجوزين.

أنتابها التوتر و الخجل في آن فأخذت تتمتم : 
- أي اللي أنت بتقوله ده إحنا ما تفقناش علي كده ، عايزني إزاي أعمل اللي بتقول عليه و إحنا يا دوب عارفين بعض بقالنا اسبوع بس.

أقترب بشفتيه نحو أذنها و همس بصوت يعلم ماذا سيكون تأثيره عليها: 
- مش شرط علي فكرة إننا لازم نكون مخطوبين فترة كبيرة، و بعدين مش يمكن لما نقرب من بعض أكتر تتعودي عليا بسرعة.

حاوط خصرها بين يديه و هبط بشفتيه علي عنقها، يقبلها ببطئ جعلها تسمرت بين ذراعيه بإستسلام و كأنها فقدت الوعي، بينما هو عندما وجدها لم تقاوم أخذ يرتفع بقبلاته حتي وصل إلي شفتيها و كاد يُقبلها سرعان ما عادت إلي وعيها عندما صدح رنين هاتفه، شعرت بالفزع و دفعته في صدره و ركضت إلي الغرفة.

أخرج هاتفه من بنطال جيبه و أجاب: 
- عايز أي يا هادم اللذات. 
....... 
- طيب يا عم خمس دقايق و جاي لك، سلام.

أنتبه لإختفائها من أمامه فأبتسم و حك فروة رأسه بسعادة ثم قال إلي نفسه: 
- هاتجنني معاها بنت الأيه.

ــــــــــــــــــــــ
يجلس عمار علي المقهي و يحتسي كوب الشاي و حين أفرغ منه لاحظ قدوم معتصم و إحدي الجالسين علي طاولة قريبة منه يشير إليه: 
- تعالي هنا يا نجم.

أسترق الأخر السمع و صاحب معتصم يقول له: 
- معلش يا صاحبي خليتك تسيب عروستك و تنزل.

رد الأخر: 
- طب أنجز عشان سايبها لوحدها.

و حين أستمع عمار إلي هذا الحوار و علم إن ليلة بمفردها الآن ، ضربت رأسه فكرة جنونية، أسرع خطواته حتي وصل إلي منزل عائلة معتصم و دلف دون أن يراه أحد، صعد مسرعاً حتي وجد باب شقة جلال مفتوحاً، أسرع للطابق الأعلي و ضغط علي الجرس.

هي بالداخل كانت تجلس أمام التلفاز تنتظر زوجها لتناول السحور و عندما سمعت صوت الجرس تأففت بضجر و قالت: 
- لما أنت نازل المفروض كنت اخدت مفتاح و لا لازم انـ...

صمتت عند رؤيته أمامها، شهقت و وضعت كفها علي فمها و بعد ذلك أخبرته: 
- يخربيتك أنت جاي لحد بيتي! ، عايز مني أي يخربيتك هاتوديني في داهية و هاتفضح.

دفعها إلي الداخل و أغلق الباب خلفه ثم أخبرها: 
- اطمني المحروس جوزك قاعد علي القهوة و مش جاي دلوقت، أنا جاي لك بس عشان أسألك سؤال، أنتي بتحبيني لسه؟

أخذت تتلفت من حولها و قالت بصوت خافت: 
- أطلع برة و أمشي من هنا يا مجنون جوزي لو جه هيدبحك ده غير الفضيحة اللي هاتعملها لي .

و بالطابق الأسفل كانت عايدة تفكر في أمر ما و هي أن تصعد إلي ليلة و التحدث معها و محاولة الوقوع بينها و بين زوجها و هذا بعدما رأت من الشرفة معتصم يغادر المنزل منذ قليل. 
صعدت إليها و قبل أن تضغط علي زر الجرس أستمعت حديث كلا منهما و الشيطان يهيئ لها مئات السيناريوهات. 
و في لحظة أتت لها فكرة من الجحيم، عادت إلي منزلها و ذهبت إلي والدة زوجها التي تشاهد إحدي المسلسلات الرمضانية و قالت: 
- خالتي بقولك ما تيجي نطلع نقعد شويه مع العرايس و نتسحر معاهم.

أشاحت الأخري بيدها: 
- لاء خليهم علي راحتهم و بعدين أسكتي هتلاقيهم من وقت ما كنت عندهم و هم متخانقين.

عقدت عايدة حاجبيها و سألتها: 
- ليه هو أنتي عملتي لهم أي؟

أجابت نفيسة ببراءة و وداعة زائفة: 
- البت ياختي خدتها علي جمب و بوصيها علي جوزها بنصحها يعني لاقيتها هبت فيا زي نار الفرن و لا كأني قتلت لها قتيل بس أي معتصم إبني ربنا يبارك له نفخها سيبتهم و نزلت أنا و جوزك قولت خليه يربيها أم لسان متبري منها.

قالت الأخري بداخل عقلها: 
- هي برضو اللي لسانها متبري منها برضو!  ، اه منك يا حيزبون هتلاقيكي إديتلها كلمتين شبه وشك العكر و البت ما استحملتش،  يلا أحسن يكش تولعو أنتم الأتنين في بعض.

أنتبهت إلي سؤال حماتها: 
- بتقولي حاجة يا عايدة؟

أبتسمت لها إبتسامة صفراء و قالت: 
- بقول أن كنت لسه شايفه معتصم من البلكونة رايح ناحية القهوة فأي رأيك نطلع نقعد معاها و تفهميها إنك هنا الكل في الكل و الكلمة كلمتك.

أخذت نفيسة تفكر قليلاً و راق لها الأمر فقالت: 
- طب يلا بينا و أبقي أطفي التليفزيون ده و حصليني.

أتسع ثغرها بإبتسامة عارمة قائلة: 
- عينيا.

و عودة إلي ليلة و عمار الذي يقبض علي عضديها بعنف و يخبرها من بين أسنانه بتملك و هوس: 
- أنا مليش دعوة بكل اللي قولتيه أنا اللي أعرفه حاجة واحدة أنتِ بتاعتي أنا و بس.

دفعته بكل قوتها عنها مما أدي إلي إختلال توازنه فوقع علي الأرض، نهض و كاد يهجم عليها لكن صوت جرس الباب أوقفه، أتسعت عيناها و لطمت علي خديها قائلة بصوت خافت: 
- أنا أتفضحت،  أتفضحت.

رفع يديه و قال: 
- إهدي أنا هاتصرف بس خدي بالك لو معملتيش اللي قولت لك عليه المرة الجاية كلامي هايبقي مع جوزك نفسه، سلام يا حلوة.

و في لحظة ركض من أمامها و فر من نافذة المطبخ و منها يتسلق علي المواسير إلي أعلي السطح.

بينما ليلة ذهبت لتفتح الباب فوجدت أمامها نفيسة و عايدة التي قالت بتهكم : 
- معلش يا عروسة صحناكي من النوم. 
و أخذت تبحث بعينيها عن عمار في أرجاء المنزل حتي لاحظت نافذة المطبخ مفتوحة فأدركت أمر هروبه،  جزت علي أسنانها بحنق.

فقالت نفيسة: 
- معلش لو عملنالك إزعاج بس قولنا نطلع نقعد معاكي شويه و أقولك ما تضايقيش من كلامي أنا زي أمك برضو. 
و ربتت علي كتفها، فأخبرتها ليلة: 
- خلاص يا خالتي حصل خير. 
ــــــــــــــ
يمشط خصلات شعره ثم شاربه الكث أمام المرآه فجاءت زوجته بجواره قائلة: 
- حبشي إيدك علي فلوس عشان هاعزم أختك و جوزها يجو يفطرو معانا بكرة.

توقف عن ما كان يفعله و رمقها بنظرة من قاع الجحيم قائلاً: 
- عزومة أي يا روح خالتك !

لوت شفتيها جانباً بتهكم ثم أجابت: 
- بقولك هعزم أختك و جوزها فيها أي دي يعني.

قبض علي ذراعها و وضعه خلف ظهرها مما جعلها تتأوه بألم قائلاً: 
- أراكِ توزعين من مال أمك، ده عشان تقولي يا عزومة عايزه لك اقل حاجة 200 جنيه.

صاحت بسخرية: 
- 200 أي يا حبشي أنت مش عايش في الدنيا و لا أي دي الـ 200 دي يا دوب تجيب لك فرختين و بعدين يا أخي لا روحت زورتها و لا جيبت لها موسم أو خزين زي أي عروسة،  ده الحمدلله ربنا رزقها و كرمها بواحد زي معتصم راجل كريم و جدع مش بخيل و القرش بيطلع منه بالضالين.

زاد قبضته مما جعلها تصرخ بألم: 
- مين اللي بخيل يا بنت مفيدة ما أنتِ لو شقيانة و بتنزلي تحت العربية و تقعدي تصلحي فيها بالساعات كنتِ عرفتِ قيمة الجنيه اللي عايزة تبعتريه يمين و شمال و تقولي لي موسم و هباب علي دماغك، هي خلاص بقت علي ذمة راجل مسئولة منه مش كفاية قعدت أصرف عليها و علي تعليمها لحد ما خدت شهادة ثانوية عامة!

- يا شيخ حرام عليك أنت يعني كنت بتصرف عليها من جيبك ده لولا ورث أبوك و أمك الله يرحمهم كنت زمانك رمتها في الشارع.

كانت كلماتها كالنيران التي أضرمت فجعلته ثائراً بغضب عارم: 
- طب عليا الطلاق لأخليكِ تحرمي تنطقي إسطوانتك الحمضانة بتاعت كل مرة أنتِ اللي جبتيه لنفسك.

أنهال عليها بالضرب علي أنحاء جسدها حتي تمكنت من الهرب من أمامه و اللجوء للغرفة و إغلاق الباب عليها و وصده من الداخل: 
- حسبي الله و نعم الوكيل فيك.

- بتقفلي الباب عليكي و بتحسبني عليا،  ماشي يا هدي هانروح من بعض فين مصيرك تقعي في أيدي.

هم بالذهاب و أردف: 
- كتك الهم لازم تنكدي عليا كل يوم قبل ما أروح الشغل،  هات هات و كأن الواحد قاعد علي بنك و أنا مش عارف.

غادر و صفق الباب خلفه. 
ــــــــــــــ

أمام بناء في الحارة تقف تلك المتشحة بالسواد و ترتدي غطاء الوجه حتي لا يراها أحد و هي ذاهبة إلي عمار الذي عندما رأته ولج إلي داخل المبني و يصعد الدرج، ذهبت خلفه حتي وصل إلي غرفته المقيم بها أعلي السطح، توقف فجاءة و ألتفت إليها و أخرج مُدية من جيبه و أشهرها بالقرب من تلك السيدة: 
- أنت و لا أنتِ مين؟

تحدثت بصوتها الأنثوي و دون أن ترفع غطاء وجهها حتي لا ينكشف أمرها له : 
- نزل اللي في أيدك الأول و تعالي نتفاهم، ما تخافش أنا مش جاية أئذيك لأن مصلحتنا واحدة.

أخفض يده و أعاد المدية إلي جيبه و سألها بتوجس: 
- أنتِ مين و عايزة أي؟

أجابت بكل هدوء : 
- ليلة، أنا عارفة اللي بينك و بينها و أنك بتحبها و بتحاول تضغط عليها و عايزها تطلق من معتصم ، أنا بقي جاية أساعدك بس لمصلحتك.

نظر إليها بعدم فهم و سألها: 
- و أي مصلحتك أنتِ؟

بالطبع لم تخبره بحقيقتها حتي لا تكشف له نواياها الخبيثة و القذرة فأجابت: 
- مصلحتي أنا و معتصم كنا متجوزين في السر، عيشت معاه أسود أيام عمري و في الأخر رماني و خد كل اللي ورايا و قدامي، عايزة أخد حقي منه بس أنا مهما كان ست وحيدة و ضعيفة و ماليش أهل يقفوا له. 
شعر بأن هناك أمر ما خاطئ، و قبل أن ينصاع لها سألها للمرة الرابعة: 
- و المطلوب مني أي اعمله؟

أشارت إليه نحو أريكة خشبية بالية: 
- تعالي نقعد بس الأول عشان نعرف نتكلم.

ذهب كليهما و جلسا فأردفت: 
- بص يا سيدي، معتصم شغال بقاله أكتر من تلات سنين في الكويت و قبلها كان في السعودية ماشاء الله بيقبض حلو أوي و ربنا فاتحها عليه من وسع ، لولا أمه الحيزبون كنت زماني بتمتع في خيره و لما عرفت بجوازنا فضلت وراه لحد ما خلته يسيبني، طبعاً زمانك بتقول طب برضو أنا هاعملك أي، اقولك أنت بأيدك تعمل كتير أوي و الخير يعُم علينا إحنا الأتنين.

أتسعت عيناه عندما أدرك ما تقصده من حديثها الطائل هذا: 
- قصدك أبتز ليلة و اطلب منها فلوس!

أومأت له و قالت: 
- براوه عليك، أنا نظرتي ما تخيبش، هي كده و لا كده خلاص معدتش بتحبك و لا عايزاك و راحت أتجوزت غيرك و هو كمان باعني و قطع الورقة العرفي اللي بينا ، و ما تستغربش إن أنا عرفت إزاي، أنا كنت طالعة إمبارح لمعتصم  عشان محتاجة قرشين و قبل ما أخبط سمعت صوتك أنت و مراته و الحوار اللي دار بينكم.

لاحظت علامات الإعتراض و الرفض علي ملامحه، نهضت و أستعدت للمغادرة فقالت قبل أن تذهب: 
- خد وقتك في التفكير و اه قبل ما أنسي هات رقم تليفونك عشان أكلمك و اتواصل معاك و لو في أي جديد هابلغك، و ياريت و أنت بتفكر أعقلها صح و فكر في مصلحتك، القرش هيجيب لك اللي أحسن من ليلة لحد عندك .
صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹

#الفصل_العاشر
#ما_بين_الحب_والحرمان
#بقلم_ولاء_رفعت_علي

مر يوم تلو الأخر و هنا في منزل معتصم .. عقب صلاة التراويح أستيقظت ليلة علي رنين هاتفها و رأت المتصل زوجة شقيقها فأجابت: 
- الو أزيك يا هدي.

ردت الأخري: 
-الحمدلله يا حبيبتي، أنتِ في شقتك و لا عند حماتك؟

ردت ليلة بصوت يغلبه النعاس: 
- لاء،  في شقتي أنتِ و حبشي جايين ؟

أخبرت الأخري بتردد: 
- اه،  بس أنا اللي جاية لك،  معلش بقي أخوكي عنده شغل كتير يا دوب بيرجع يفطر و ينام.

قالت ليلة و الضيق جلي من نبرة صوتها: 
- خلاص يا هدي كفاية تبرري له موقفه و تخلقي له حجج و أعذار،  أنا عارفه كويس أنه ما صدق جوزني و خلص من همي و مصاريفي أهو وفرت عليه علي رأي المثل هم و أنزاح.

- ليه بتقولي كده،  أنتي فاهمة غلط هو فعلاً و الله مشغول أوي حتي قالي الصبح أول ما هفضي من اللي ورايا هايجي يزورك.

إبتسمت الأخري بسخرية و قالت: 
- و أي الجديد في كده،  طول عمري آخر إهتماماته  ،  عمتاً أنا مستنياكي و أبقي هاتي العيال عشان وحشوني أوي حبايبي.

أنهت المكالمة و نهضت تبحث عن عباءة  ترتديها لإستقبال الضيوف،  فخلعت منامتها بعدما ألقت نظرة علي الباب فوجدته مُغلقاً و لحظات و وجدت الباب يُفتح  علي مصرعه،  شهقت بفزع و تدثرت  بالعباءة،  صاحت بغضب: 
- أنت إزاي تدخل من غير ما تستأذن و لا تخبط!

غر فاهه ليعيد كلماتها داخل رأسه فقال: 
- أنتي هبلة و لا شاربة حاجة علي المسا ،  فيه واحد بيستأذن أو بيخبط الباب قبل ما يدخل أوضة نومه اللي فيها مراته!

فكرت قليلاً فوجدت لديه حق،  أنتابها التوتر مرة أخري و تلعثمت في الحديث: 
- برضو يعني و ما ينفعش و إزاي.

أخذ يضحك علي هيئتها و أفعالها الطفولية و خاصة عندما أقترب منها و هي تعود إلي الوراء بتوجس،  توقف عن الضحك و تبدلت نظراته من السعادة إلي أخري غامضة بل يرمقها بنظرة خبيثة جعلت خوفها يزداد:
- مالك بتبص لي كده ليه!

أجاب بهدوء أعصاب أثار ريبتها: 
-  عادي شايف قدامي واحدة زي القمر و يمكن أحلي كمان عايزاني أبص لها إزاي!

أشارت له بسبابتها و تحذره: 
- بطل الكلام  بتاعك ده و بصاتك دي اللي مش..

تعثرت و وقعت علي ظهرها أعلي الفراش،  دنا إليها و استند علي كفيه: 
- و لو ما بطلتش!

أبتلعت ريقها و لا تعلم لما قلبها يخفق و تتوقف الكلمات علي لسانها، لا تستطيع التفوه و غير قادرة أن تحيد عينيها عن خاصته و كأنه سحر شديد القوة. 
بينما هو ظل ينظر إليها بتمعن فهي كالحورية تسلب عقول من يري جمالها الأسر و ذات عيون يؤلف من أجلها الشعراء آلاف الدواوين.

توقف الزمان في تلك اللحظة فوجد حاله ينجذب إليها و يهبط بشفتيه إلي خاصتها،  ألتقمها كالظمآن عندما وجد بئر ملئ بالماء ظل يغترف منه و يرتشف بنهم،  تحركت إحدي يديه إلي العباءة التي تتشبث بها و أبعدها من يدها فأصبحت بثوب قطني يظهر معظم معالم جسدها من أسفله،  أبتعد عنها ليتمكن من رؤيتها في تلك الهيئة المثيرة فأفزعهما جرس المنزل،  فعادت إلي وعيها علي الفور شهقت و دفعته من فوقه لكنه أمسك يدها:
- رايحة فين؟

أجابت بحدة و ضيق منه و من جسدها الذي كان علي وشك الإستسلام له: 
- رايحة ألبس عشان مرات أخويا اللي بتخبط.

رمقها بإمتعاض و زفر بنفاذ صبر:
- ألبسي و أنا هاروح أفتح لها و نازل تحت شوية، أنا عارف إنها ليلة نحس و حد باصص لنا فيها أنها ما تكملش لحد الأخر.

ولي ظهره إليها و خلع قميصه القطني ليبدله بأخر من الخزانة، و لأول مرة تراه عاري الجذع،  خفضت بصرها من الخجل و نهضت لتُعد نفسها لإستقبال زوجة شقيقها. 
ـــــــــــــــــــــــ
و بعد قليل قام بفتح الباب و رحب بالزائرة: 
- أهلاً يا أم محمد،  بصي معلش أنا نازل ليلة عندك جوه اقعدو براحتكم  .

تركها و غادر مسرعاً،  تعجبت و ولجت إلي الداخل فرأت ليلة آتيه من المطبخ تحمل صينية مليئة بالحلوي و المشروبات، ركض صغيريها نحوها مُهللين : 
- عمتو يا عمتو.

- أهلاً أهلاً بحبايب قلبي اللي وحشني أوي. 
تركت ما بيدها أعلي المنضدة و جلست علي ركبتيها لتعانقهما معاً،  فقالت الصغيرة: 
- ليه يا عمتو سبتينا إحنا بنحبك أوي.

ربتت عليها بحنان و أخبرتها: 
- عشان خلاص أنا اتجوزت و ليا بيت تاني.

فسألها الصغير: 
- يعني مش هتيجي تعيشي معانا تاني؟

عانقته و قالت: 
- ياريت كان ينفع يا ميدو بس للأسف بقي خلاص مابقاش ينفع،  أنا ممكن أجي لكم يومين كده.

نهضت و ربتت علي كلا الصغيرين و أخبرتهما: 
- يلا بقي عايزاكم تاكلو كل الحاجات الجميلة دي و تشربو العصير.

جلست بجوار سهيلة التي سألتها بإهتمام: 
- عامله أي يا ليلة أنتي كويسه؟

أومأت لها و أجابت بإقتضاب: 
- الحمدلله.

- أنا عارفة أنك زعلانه من أخوكي،  أنتي المفروض تكوني عارفاه أدعي له ربنا يهديه.

رددت بحزن و شجن: 
- يارب.

- أنا شايفة إنه الله أكبر عليكي و اللهم بارك أحلويتي أوي،  طبعاً يا سيدي باين علي جوزك حنين و طيب،  الحمدلله ربنا عوضك عن أخوكي و قساوته.

أومأت لها بصمت مما جعل الأخري تسألها دون خجل: 
- ألا قولي لي يا ليلة،  هو أنتي و معتصم خلاص؟

قطبت حاجبيها بإستفهام: 
- خلاص أي؟

أخبرتها بهمس لايسمعه سواها بما تقصده من سؤالها ، شهقت ليلة و وبختها: 
- أي اللي بتقوليه ده يا هدي عيب.

غرت الأخري فاهها و قالت: 
- يخرب عقلك هو أنتي و هو لسه! ،  يا نهارك أزرق أنتي كده ناوية علي خراب بيتك و ياسلام لو الحيزبون حماتك شمت خبر بحاجة زي كده دي ممكن تخليه يدخل عليكي بلدي.

أنتفضت بفزع و قالت برفض تام: 
- إستحالة ده يحصل،  و بعدين هاتعرف منين هو و انا متفقين نتعود علي بعض الأول و بعد كده ممكن يحصل اللي هو عايزه.

كانت في الخارج من تسترق السمع علي حديثهما و حين التقطت الخبر المبين أتسع فمها بإبتسامة شيطانية،  الأمور تسير تماماً كما تخطط،  هبطت إلي اسفل قبل أن يراها أحد تتمتم في نفسها: 
- بركاتك يا شيخنا و بركات الأسياد.

و بالعودة إلي هدي و ليلة التي تخبرها: 
- هدي لو سمحت دي حياتي أنا و أنا حرة فيها،  و ريحي دماغك هو ما أعترضش علي حاجة.

- و هو يا خايبة عشان موافقك علي موضوع زي كده تقومي تسوقي فيها!، و الله اللي أنا شيفاه أن الراجل بيحبك و اشتراكي بالغالي و مادام  مطوعك  في حاجة زي كده يبقي ابن اصول و بيحبك و مش عايز يغصبك علي حاجة،  طب تصدقي بالله ده أنا عمري ما أنسي حبشي أخوكي يوم دخلتنا لسه برفع وشي و أبص له راح رزعني الكف و وراه يجي عشرة و في الأخر حصل اللي حصل و لما جيت سألته ليه ضربتني،  قالي هو لازم يفرض سيطرته من اول ليلة بالبلدي كده يدبح لي القطة،  تخيلي لو قولته له ما تقربش مني لما نتعود كان زمانه روحني لابويا بالفستان و معايا ورقتي.

رمقتها ليلة بإمتعاض و عقبت علي حديثها بسخط : 
- و مالك فخورة بنفسك ليه كده،  دي إهانة ليكِ و لكرامتك،  عشان كده كنت بستغرب كل ما تتخانقو و يديكي علقة موت تروحي تغضبي يوم و ترجعي علي طول.

ردت الأخري بسلبية تامة: 
- أعمل أي يا ليلة بحبه أوي رغم عيوبه و بخله اللي محدش يستحمله أبداً.

هزت رأسها بسأم و قالت: 
- ربنا يهديه ليكِ.

ـــــــــــــــــــــــــ
و بالأسفل تجلس عايدة علي الأريكة و تنظر نحو الفراغ،  دلف زوجها من الباب و تعجب لعدم رؤيتها له أو حتي لاحظت وجوده،  تحمحم و سألها: 
- اللي شاغل بالك؟

لم ترد حتي قذفها بعلبة السجائر في وجهها،  حينها أنتبهت بفزع و صاحت به: 
- في أي يا جلال مالك أتجننت و لا ايه !

ضحك و قال: 
- داخل من بدري و غيرت هدومي و لاقيكي من وقتها سرحانه،  أي اللي واكل عقلك كده و لا بتخططي لأي؟

نهضت و أقتربت منه و بنظرة غامضة رمقته و قالت: 
- و انا كنت بلم الغسيل من فوق السطوح ونزلت سمعت صوت واحده عند ليلة و معتصم اتاريها مرات أخوها،  و بيني و بينك أنا ما بطيقش الوليه دي بس اللي سمعته شدني و مش عارفه أخوك ساكت علي مراته دي إزاي.

نظر بإستفهام: 
- ساكت عليها في أي مش فاهم؟

أجابت بفرح و شماته: 
- أخوك الأهبل البت مش راضيه تخليه يجي جمبها،  يعني هي لسه بنت بنوت لحد دلوقت بقالهم اسبوع.

فقال الأخر بحسن نية: 
- يا شيخة أتقي الله ممكن سمعتي غلط و لا هم بيحكو عن حد و افتكرتي الكلام يخصها هي و اخويا.

عقدت ساعديها أمام صدرها و قالت: 
- طيب يا جلال أي رأيك بقي ليك ورقه بـ 200 جنيه من عندي لو طلع كلامي صح و أسأل أخوك كده بس من غير طريقة مباشرة و لو طلع كلامي صح لأخليك تجيب لي كل اللي نفسي فيه.

ضحك بتحدي و قال: 
- موافق!

ـــــــــــــــــــــ

جاء يوم أخر و ليس بجديد سوي أن يغادر معتصم المنزل و يذهب للجلوس علي المقهي برفقة أصدقائه ،  و ليلة تمكث في المنزل تتابع التنسيق و قامت بملئ إستمارة الرغبات الألكترونية و تدعو ربها بأن تأتي لها الكلية التي ترغب بها.

علي حين غرة وجدت باب الشقة يُفتح  و ظهرت أمامها عايدة و ترمقها بإزدراء: 
-  بقالك أكتر من أسبوعين عملالنا برنسيسة و قولنا نعديها عشان أنك عروسه،  لكن هتسوقي فيها و ماتجيش تعملي معانا حاجة ده بقي اللي مش هانعديه.

تركت ليلة هاتفها علي المنضدة و نهضت تقف في وجهها مباشرة: 
- في أي يا عايدة،  أنا عملت لك أي عشان تكلميني كده!  ، و حاجة أي اللي أعملها معاكم!

- صحصحي يا حبيبتي و شوفي أنتي ساكنه في بيت عيله يعني المفروض تنزلي تخدمي حماتك و تشوفي طلباتها من غير ما تقولك.

صاحت الأخري: 
- و مين قال الهبل اللي ذكرتيه ده كله، أنا لو نزلت و ساعدت حماتي ده بيبقي زوق مني مش فرض عليا،  و بعدين لو أنتِ بتعملي كل حاجة ده شئ طبيعي عشان أنتي عايشه معاها في نفس الشقة،  و علي كل حال أنا هانزل و أطمن علي خالتي نفيسة بنفسي و اشوفها لو محتاجه حاجه و مش عشان كلامك،  عشان انا بنت اصول و متربية.

تركتها بمفردها و ذهبت لتبدل ثيابها و ذهبت إلي الأسفل،  فوجدت والدة زوجها تعاملها بحدة و تلقي بعض الكلمات التي تحمل أكثر من معني لعل الأخري تدركها مما جعل ليلة تندم علي نزولها و مساعدة هؤلاء.

أنتهت من إعداد الطعام و من قبله قامت بجلي الصحون و ترتيب الشقة و كل شئ. 
و لدي وقت الإفطار همت بالذهاب فأوقفتها نفيسة قائلة: 
- رايحة فين،  جوزك كلمني و طالع دلوقتي عشان نفطر كلنا.

كانت تشعر بالإرهاق و التعب : 
- معلش يا خالتي هاطلع أنا هاريح شويه و هابقي أفطر بعدين.

صاحت الأخري بحدة: 
- جري أي يابت،  هو أنا عشان بعاملك بما يرضي الله هاتشوفي نفسك علينا و لا أي!،  و لعلمك الفطار و السحور من النهارده كل يوم هنا عندي و بعد كل ده أطلعي علي شقتك.

كادت ليلة تطلق لسانها لكنها أكتفت بالصمت فهي قد تعلمت من الموقف الفائت لكن دون أن تنصاع لأوامر تلك السيدة المتسلطة،  فغادرت بلا تردد و صعدت إلي منزلها،  لا تعلم أن ما فعلته جعل والدة زوجها تستشيط غيظاً بل و أثار غضبها،  توعدت لها بالإنتقام.

عاد معتصم من الخارج إلي منزل والدته كما أخبرته هي بأن يأتي ليتناول الفطور لديها وجد المنضدة مليئة بالطعام الشهي لكن لم يجلس حول المائدة أحد و وصل إليه صوت بكاء والدته: 
- و الله يا عايدة و ما ليكِ عليا حلفان لسه كنت بقولها أقعدي عشان تفطري و جوزك زمانه طالع من تحت راحت هبت فيا و فضلت تزعق و أخرتها قامت زقتني في كتفي جامد لما حسيت أن كتفي أتخلع.

لاحظت عايدة وجود معتصم دون أن ترفع عيناها لكنها تصنعت الحزن و ربتت علي كتف حماتها برغم علمها بالحقيقة : 
- معلشي يا خالتي ربنا يهديها ممكن تكون متضايقه من حاجه.

أخذت تبكي و قالت: 
- و رحمة ابو جلال يا بنتي ما عملت لها حاجة،  ده حتي كنت ناوية بعد ما نفطر أطلع لها الهدية اللي جبتها لها معرفش أنها هاتعمل معايا كده.

و أطلقت لعبراتها الزائفة العنان مما جعلت الأخر ثار كالوحش المفترس،  لم يتمهل و صعد إلي ليلة ليأخذ حق والدته!

ـــــــــــــــــــــــ
صعد إليها و قد وصل غضبه إلي ذروته، و كانت هي تستحم و أنتهت لتوها و بعدما جففت جسدها بالمنشفة تذكرت أمر ثيابها التي تركتها في الغرفة ، قامت بلف المنشفة علي جسدها و خرجت.

ولجت إلي داخل الغرفة و ضغطت علي زر الضوء،  شهقت بفزع عندما رأت هذا الجالس بزاوية و بين أنامله سيجارة مشتعلة نفث دخانها من فمه و أنفه حتي وصلت الرائحة إلي أنفها أنتابها السعال و قد ظن إنه أمراً عادياً فوجد السعال يزداد و وجهها أصبح محتقن بالدماء،  نهض ليطمئن عليها رغماً من غضبه الذي ينوي أن يلقيه فوق رأسها.

- مالك في أي؟

أشارت إليه نحو السيجارة التي بيده و أخبرته بصعوبة: 
- عندي حساسية علي الصدر و ريحة السجاير بتزودها.

سرعان أطفئ السيجارة في المنفضة فوق الكمود و أمسك بزجاجة مياه و سكب منها في الكوب: 
- خدي أشربي ميه و الكحه هتهدي، المغرب لسه مأذن من شوية.

أخذت من يده و لم تنتبه إلي نظراته الجريئة علي جسدها الشبه عاري أمامه لا يستره سوي منشفة تغطي من أعلي مفاتنها حتي منتصف فخذيها و خصلاتها المبتلة التي أعطتها هيئة مثيرة للغاية، أبتلع ريقه و يراقب تصرفاتها العفوية،  بعدما أنتهت من شرب الماء مسحت شفتيها بلسانها دون قصد منها.

- بقيتي أحسن؟ 
سألها فنظرت إليه و أجابت: 
- اه الحمدلله.

- حلو أوي، أنا بقي عايز أعرف أي اللي حصل تحت عند أمي و أي اللي عملتيه معاها ده!

و قبل أن تسأله عن ماذا يتحدث أنتبهت إنها تقف أمامه بمظهرها هذا،  أبتعدت و قالت: 
- عن أذنك هلبس هدومي الأول.

أوقفها و جذبها من يدها و أخبرها بحزم: 
- لما أكلمك تقفي و تردي مش تمشي و تسبيني!

ردت بخجل و دون أن تنظر إليه: 
- أنا بس كنت عايزة ألبس حاجة الأول و بعدها هانتكلم.

زجرها بحنق و قال: 
- أنتي واقفة قدام جوزك مش واحد غريب.

و من فرط ما تشعر به من الخجل و الحرج كانت علي وشك البكاء و ربما أنسدلت عبرة علي خدها مما جعلته يزفر بضجر قائلاً:
- بتعيطي ليه دلوقتي!

جلست علي طرف الفراش و أجابت باكية: 
- عشان كلكم جايين عليا،  أنت و مامتك و اخويا و كأني عدوتكم،  أخويا طول عمره  قاسي عليا و مامتك مش عارفه ليه بتعاملني وحش و كلامها كله جارح رغم ربنا يعلم أنا معملتش معاها حاجة وحشة و عملت شغل البيت و عملت معاهم الأكل و عشان طلبت بس ارتاح و ابقي أفطر بعدين زعقت فيا مقدرتش أرد عليها سبتها و مشيت و أنت جاي كمان تكمل عليا.

ها قد أتضح له الأمر،  يبدو هناك من يكذب و أحدهم من يقول الصدق،  و بعد أن كان ينوي توبيخها عدل عن قراره بل و شعر بالشفقة حيالها،  جذبها بين ذراعيه و عانقها بحنان و أخذ يربت عليها، هيهات و تحول تربيته إلي تمسيد علي طول نصف ظهرها العاري و هبط بيده إلي خصرها و بشفتيه دنا إلي خاصتها و تناولها في قبلة حميمية.

- و أنا اللي كنت فاكراك تقولها عيب اللي عملتيه مع أمي،  يا خيبتك نفيسة في إبنك النحنوح. 
انتفض كليهما بعد سماع صوت والدته التي فتحت باب الشقة الخاص بها و دون أن تستأذن أو تنبه ولدها،  بينما ليلة أختبأت خلفه و تشعر بالخجل.

أشار الأخر إلي والدته و أخبرها: 
- لو سمحتي يا أمي تعالي نطلع في الصالة نتكلم عقبال ما ليلة تلبس هدومها.

لوت والدته شفتيها جانباً و قالت و النيران بداخلها قد وصلت للعنان: 
- تعالي يا ضنايا،  تعالي.

و أخذت تتمتم دون أن يسمعها أحداً: 
- شكلك طلعتي داهية يا بنت آمال ،  أما وريتك ما بقاش أنا!

يتبع
صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹


الفصل الحادي عشر حتى الفصل الخامس عشر من هنا


بداية الروايه من هنا


رواية وتبقي لي كامله من هنا


رواية كيان الزين من هنا


نسيم العاصف من هنا


رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا


نوفيلا الراهب كامله من هنا


رواية العشق الأخير من هنا


رواية زينه من هنا


غاردينيا من هنا


رواية الجميله والوحش من هنا


رواية دكتور نسا من هنا


رواية آصرة العزايزه من هنا


رواية رحلة قدر من هنا


رواية ليالي الغول من هنا


رواية لعنة الإرث من هنا


رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا


رواية لعبه بين يديه من هنا


رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا


رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية وتبقي لي من هنا


رواية عشق الحور من هنا


رواية طلاق غيابي من هنا


رواية اغتصب روحي من هنا


رواية غصن من هنا


رواية بلا ذاكره من هنا


رواية عودة الذئاب من هنا


رواية الجامحه والبدوي من هنا


رواية الحب والخطيئه من هنا


رواية جبرونا عالزواج من هنا


رواية لعبة الحب من هنا


رواية لما القلب بحب من هنا


رواية إبن الصعيدي من هنا


رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا


رواية بائعة الخضار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية غريق علي البر من هنا


رواية اللعب مع الشياطين من هنا


رواية كم من قلوب احرقت


رواية جمعتهم الاقدار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية لي نصيب من إسمي من هنا


سكريبت بنت الشارع من هنا


رواية طريقي كامله من هنا


رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close