القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أغوار عزيز الفصل الرابع بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده

 رواية أغوار عزيز الفصل الرابع بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده 


رواية أغوار عزيز البارت الرابع بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده

رواية أغوار عزيز الجزء الرابع بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده

رواية أغوار عزيز الحلقه الرابع بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده


رواية أغوار عزيز الفصل الرابع بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده


- في إيه يا عزيز .. عزيز كفاية!!

- إبـــعـــدي!!!

صرّخ فيها بصوته الجهوري اللي إتلم على أثره المشفى بأكملها، بيحاولوا ينتزعوا الطبيب من بين إيدين عزيز، وقفت نادين قُدامُه، ماسكة في قميصه بترجوه بعيون متوسعة:

- خلاص يا عزيز و حياة أغلى حاجة عندك!


إنتفض بيكلم باقي الدكاترة و الممرضين كإنه مش سامعها بيهدر فيهم بعنف و إيديه على خصر نادين:

- الــوسـ.ـخ ده دخلت لقيته بيتحـ.ـرش بمراتي و فاتحـ.ـلها القميص، و رحمة أبـويـا ما هسيبُه إلا في القِسم أو في كـ.ـفنُه!!!


ثم حاول إبعاد نادين صائحًا بعنف:

- و أنا قررت يبقى في كفـ.ـنُه!!!


إنتفضت نادين المصدومة من كلامه و فِضلت ماسكه في قميصُه بتقول راجية إياه:

- يا عزيز بالله عـليك!!!


- إسكتي خالص!!

قالها بعنف بيبصلها بعيون بتخرّج شرار، أسرع الطبيب بيقول بحدة:

- إنت أكـيـد مجنون!! أنا كنت بكشف عليها و بشوف نبضها ف طبيعي لازم أفتح زراير القميص!!!



أمسك بذراع نادين يبعده عن تلابيبه لكنها تشبثت به أكتر رافضة تركُه شايفة ملامح وشُه القاسية اللي بتتشنج من شدة عصبيته و هو  بيصرّخ فيه:

- بتكشف عليها يا زبـ.ـالة، مش عليا الشويتين دول، قسمًا بـ ربي ما هحلك و هطربق المخروبة دي على دماغ اللي خلفوكوا كلكوا!


أسرع طبيب آخر بالتدخل يقول معتذرًا:

- إهدى يا عزيز بيه و هنعمل لحضرتك اللي إنت عايزه، أرجوك إهدى شوية بس و صدقني لو ده فعلًا حصل إحنا مش هنسيب الموضوع يعدي بسهولة .. دي مهما كانت مستشفى مُحترمة!


قال جملته الأخير بينظر للطبيب اللي بيتصبب عرقًا بنظرات ذات مغزى، هتف عزيز بقسوةٍ:

- و أنا مش هستنى لما تتأكدوا، أنا شوفته بعيني و مش مهتم تتأكدوا ولا لاء، سلمولي الدكتور ده بدل ما هطلع على أقرب قسم و هخلي سمعتكوا في الأرض و هشمّعلكوا المستشفى دي .. ده أنا عزيز القناوي يا حتة زبـ.ـالة!!! بتغلط مع عزيز القناوي!!!


شهق البعض بعدما تعرفوا على هوية الواثب أمامهم، أغمضت نادين عينيها من عجرفتُه اللا مُتناهية، بينما إنتفض الطبيب يقول بتلهفٍ:

- لاء و على إيه يا عزيز بيه، مدام حضرتك متأكد من اللي شوفته يبقى خدُه و إتصرف معاه براحتك!!


ثم تابع مترجيًا إياه:

- بس أرجوك يا بيه .. في بيوت مفتوحة من المستشفى دي، أرجوك بلاش شوشرة!!!


إبتسم بخبثٍ بعد ما خد اللي هو عايزُه، و قال و صدرُه بيعلى و بيهبط .. بلُهاث:

- و أنا موافق!


بصتلُه نادين مش مصدقة الللي بيعملُه، لقتُه بيطلع تليفونه و بيتصل بواحد من حُراسه اللي كان واقف برا المستشفى عشان ييجي ياخد الدكتور، إنتفض الطبيب و في لحظة كان بيجري برا الأوضة، إنتفض عزيز و بعد نادين عنه بكل قوته لدرجة إنها وقعت على الفراش، و طلع يجري وراه من غير تردد بينما ضرب الطبيب الآخر كف على كف بيقول:

- هو اللي جابُه لنفسه!!!


خرجت نادين وراه و لقته مسكُه فعلًا و بيلكـ.ـمُه بقسوةٍ حتى نز.ف الآخير من فمُه و أنفه، ركضت نحوه و وقفت قُدامه بتصرّخ فيه:

- يا عزيز كفاية بقى فضحتنا!!!


لم يُلقي بالًا لكلماتها، و جذب الطبيب من ياقات قميصه بيصرخ في وشه:

- والله لأندمك على اليوم اللي قررت تعمل فيه كدا و تمد إيدك عليه!!!


أنقذه الحارس من بين براثنه، وجه عزيز كلماته للحارس و قال بحدة:

- أنا عايزُه في المخزن ..محدش يلمسُه لحد م أنا آجي فاهم!!


- أمرك يا عزيز بيه!

أخذه الحارس و خرجا من المشفى، بينما وقفت نادين مستندة على الحائط بظهرها، تضم ذراعيها لصدرها واضعة أناملها فوق شفتيها بتتابعُه بعينيها بصدمة إختلطت بحيرة، من بداية خصلاته اللي بقت مُشعثة، جبينُه المتكرمش و هو مكشّر بشكل خلّاها تبتسم غصب عنها، حاجبيه المعقودين، و عينيه الحمرا من شدة غضبه و إنفعاله، شفايفُه المطبوقان للداخل و لرُبما هو دلوقتي بيتخيل نفس المشهد تاني، صدره اللي بيعلو و يهبط كإنه طالع من ماراثون، إتنهدت و هي بتبصلُه بحب، إتحول لخضة و هي شايفاه بياخد خطوات نِحيتها و الغضب متملك منه، كانت هتهرب لولا كفيه اللي إتمدت على كتفها و ثبتتها بعنف في الحائط بيهمس بـ نبرة شعرت بخطورتها:

- إنتِ نومك للدرجة دي تقيل!! إزاي مصحتيش لما كان بيلمـ.ـس .. جسمك!!!


إهتاج صدرُه أكتر في الجملة الأخيرة من شدة غضبُه، فقطبت حاحبيها و همست ببراءة:

- أنا محستش بـ حاجة .. والله!!


حاول تهدئة أعصابُه، و سابها و هو بيشد على شعره للخلف بعنف، إزدردت ريقها و غمغمت بتردد:

- ممكن تهدى شوية؟


إبتسم ساخرًا و لف ليها و هو بيقول:

- ههدى حاضر .. أنا إيه اللي معصبني فعلًا؟ مجرد واحد حط إيده الوسـ.ـخة على مراتي حاجة عادية يعني!!


إبتسمت من قلبها فـ أشعلت نيرانه أكتر، رفع كفيه لوجهها فـ إتخضت لكن لاقته بيطبطب على وجنتيها و هو بيقول بإبتسامة صفراء و سُخرية:

- إضحكي .. إضحكي كمان!!


كتمت ضحكاتها لما لف بيديها ضهرُه، و رجعت زيفت الجدية على وشها لما لفلها بيقول بحدة:

- أنا شايف إنك بقيتي زي القردة أهو، نمشي بقى!!


أشارت لنفسها مصدومة و هي بتقول:

- أنا زي القردة!


مردش عليها وسحب معصمها للغرفة، مشيت معاه بقلة حيلة مبتسمة على حالُه، خد حاجتها و خرجوا برا المستشفى بأكملها بعد ما دفع تكاليفها، ركبت معاه و إفتكرت اللي جابها هنا المستشفى، شردت بحزن بتُدرك إن باباها خلاص مابقاش موجود، بصلها هو و عرف اللي بتفكر فيه، فـ قال بهدوء:

- هنروح الڤيلا عشان نعمل العزا و نرجع بيتنا تاني!!


إنتفضت و إلتفتت له قائلة بفزع:

- مين غسِّل بابا؟!!!


- أنا بعت لـ واحدة تغسِّلُه!!

قال و هو بيلف المقود عارف كويس إنها هتنفجر فيه دلوقتي، وبالفعل إنفجرت في وجهه بتقول بحدة:

- إزاي تعمل كدا من غير ما أقولك!!! 


ضعفت نبرتها و هي بترجع بضهرها على الكرسي:

- أنا .. أنا كنت عايزه أغسِّله بنفسي! كنت عايزه أنا اللي أعمل كدا و أشوفه لآخر مرة!


صدحت شهقة باكية منها طرق على أثرها فوق المقود بيمنع نفسه من إنه يجذبها لأحضانه، سأل نفسه .. و ليه يمنع نفسه؟ صف السيارة جانبًا و بصلها، لقاها بتعيط بتبص لصوابعها و دموعها تسقط تباعًا:

- ليه يا عزيز كدا!! ليه مسبتنيش أنا أغسّل أبويا؟


ضم رأسها لصدرُه برفق، بيمسح على خصلاتها و ضهرها بيحاوطها برفق قائلًا:

- مكُنتيش هتستحملي .. أنا عارفك كويس!!


أراحت رأسها على صدرُه و هي بتغمغم:

- كنت هستحمل .. كنت آآ


قاطعها و هو بيمسح على وجنتها زي الأطفال قائلًا بهدوء:

- إدعيلُه بالرحمة يا نادين!!


إستكانت على لمساتُه، و إبتسم و هو شايفها بتحاوط خصرُه بتتنهد، بدأ يقود و هي لسه في حُضنه، لحد ما وصلوا للڤيلا، بصت حواليها بألم و هي شايفة أبوها في كل مكان، خرجت من حضنه و من العربية، سارت بشرود و مشي هو وراها بحذر، عينيه عليها و على التليفون فـ إيده، و رفعه على ودنه بيقول بهدوء:

- عايز أكبر صوان عزا يبقى هنا في ڤيلا رفعت مندور، هديك العنوان!!


• • • • • • • 


وقفت مُتشحة بالسواد، بتاخد عزا أبوها في الڤيلا و بالخارج الرجال، لابسة بليزر إسود و أسفله بلوزة خفيفة سوداء و بنطال من نفس اللون، ململمة شعرها على هيئة كعكة للخلف، وشها شاحب و عينيها شديد الإحمرار، ربتت عمتها على كتفها بتقول بحُزن:

- إجمدي يا نادين .. مش واخدة عليكي بالإنهيار ده يا حبيبتي!


- بابا راح يا عمتو .. راح و مش راجع تاني خلاص!!


إتنهدت عمتها تقول:

- إدعيله بالرحمة يا حبيبتي .. إستهدي بالله و إدعيله!!!


رفعت راسها لفوق بتدعي ربنا بصمت إنه يرحمه و يغفرله اللي عملُه، و حسِت إنها عايزة دلوقتي تروح و تترمي في حضن عزيز و تريّح راسها عليه يمكن الأصوات المتداخلة في عقلها تهدى، فضلت واقفة بصمود بتحاول تبينُه للناس، لحد ما قعدت بإرهاق بعد ما معظم الناس مشيوا، فـ إقتربت منها عمتها تميل عليها مربتة على رأسها:

- أنا همشي دلوقتي يا حبيبتي .. عوزتي أي حاجة كلميني يا نادين!!


أومأت لها نادين بإبتسامة تربت على كفها، فـ قبلت الأخيرة رأسها و ذهبت، جلست وحيدة تُطالع المكان حولها، هُنا ضحكت معه، هُنا جلست بأحضانه، و هُنا داعبها بحُب أبوي، شهقت ببكاءٍ تحاول إلتقاط أنفاسها، رفعت رأسها فوجدت عزيز يخطو للداخل، و توقف عندما رآها على هذه الحالة، أسرعت تنهض و هي التي كانت تنتظر ظهوره، مشيت ناحيته بخطوات أشبه بالركض، و رفعت أصابع قدميها عشان تطوله رغم طولها وسط أقرانها إلا إن طوله كان فارع، و حاوطت عنقه تجهش في بكاءٍ مرير، غمّض عينيه و حاوط خصرها و شهقات بكائها .. دموعها اللي نزلت على رقبته خلتُه يقطب حاجبيه بحزن على حالها، تشبُثها بقميصُه .. لأول مرة في حياته تحضنه بالشكل ده، ربّت على ضهرها، و شدد على حُضنها بيستمتع بإحساس بيجربُه معاها لأول مرة، رغم إن اللي يبان إن هي اللي محتاجة حضنه، لكن في الحقيقة هو كان محتاج قربها ده أكتر منها، بعدت براسها بس عنه فـ أعادت غرتها للخلف ينظر لوجهها المتعرق اللي مليان دموع و هو بيقول بهمس:

- هيزعل أوي لما يشوفك بتعيطي كدا!!


بكت أكتر فـ لانت محياه لها بيبُص لوشها الأحمر و تفاصيله الحزينة و هي بتغمغم:

- إنت مش فاهم يا عزيز .. بابا ده كان كل حاجة ليا!!


أومأ لها بيمسح دموعها بحنان بكفيه:

- فاهم 


أكملت بشفاه ترتجف:

- ماما راحت .. يزيد راح .. و دلوقتي بابا! ليه بسيبوني يا عزيز .. هو أنا وحشة؟ مش بيحبوني صح؟


طالعها مصدومًا، لا يصدق أن تلك المنهارة بين ذراعيه هي نادين القوية الشرسة العنيدة اللي عُمرها ما شككت في نفسها، بل لطالمة كانت مزهوة بنفسها و بجمالها و بحب الناس ليها، حَس إنه واقف قُدام نادين اللي قابلها لأول مرة و ركبت معاه العربية بسذاجة، حاول إحتوائها، حملها بين ذراعيه و طلع لأوضتها اللي حافظ مكانها كويس، بيقول و هو بيريح جسمها على السرير:

- لاء إنتِ جميلة .. نادين جميلة و أي حد بيشوفها بيحبها!!


- إلا إنت تقريبًا!

قالتها ساخرة بتريح راسها لورا، سكت و معرفش يرُد عليها، إزاي يفهمها إنه بيعشقها، بس مينفعش علاقتهم تستمر، إتنهد و قعد قُدامها و مسح على خصلاتها فـ غمّضت عينيها متذكرة أبوها اللي لطالما كان يفعل لها المثل، إبتسمت فـ إبتسم و لأول مرة يلاحظ إنها بتحب الحركة دي، يمكن لإنه أول مرة يعملها ليها، فضل أكتر من ربع ساعة من غير ما يزهق لحد ما حَس إنها نامت، قلع قميصه بتعب و دخل ياخد شاور، طلع بالفوطة يدور في جناح أبيها على بنطلون يناسبُه، و لقى بالفعل و رجع ليها لاقاها لسه نايمة لكن مكشرة، عِرف إنها جايز تكون بتشوف كابوس، قعد قُريب منها، و ميّل على مقدمة رأسها يُقبلها بحنان .. تابع ردة فعلها ف بدت و كإنها محستش بيه، نزل بشفايفه لجوار شفتيها و قبلها بعمق .. بيتنفسها، لقى وجهها بيرجع لطبيعته، فـ بَص لكرزتيها، و مقدرش يمنع نفسه من تقبيلها بشغفٍ، و هو بيروي شفتيه بعسل حبات الكرز تلك، بِعد عنها لما حَس بتململها و إبتسم، قرّب شفتيه من خاصتها و همس:

- كُل يوم من ده!!


عادت تقطب حاجبيها و كإنها سمعتُه فـ ضحك، و غمغم:

- متقلقيش .. هتتعودي!!


• • • • • • •


إستفاقت من نومها، تشعر بشيء صلب أسفل وجنتها، فركت عيناها بنعاسٍ و رفعت وشها لقتها نايمة في حضنه .. لاء .. هي نايمة عليه، إيديها محاوطة عنقه و قدميها داخل قدميه، شهقت و بعدت عنه بترمي نفسها على السرير جنبُه كاتمة شهقاتها بكفها، تنظر له فتجدُه مغمض عيناه، لتتنهد براحةٍ:

- مشافنيش ..الحمدلله!!


- مين قالك كدا!!

قال مُبتسمًا و هو لسه مغمض عينيه، شهقت و كانت هتقوم من على السرير لولا ذراعه اللي قبض على خصره مُطلًا عليها بكتفيه، ينظر لها بعبث مُراقبًا تحول وجنتيه لإحمرارٍ خفيف، فتجده يهمس بخبثٍ:

- ينفع تكلبشي فيا كدا؟ و كل شوية تبوسيني في رقبتي و آآآ!!


كتمت حديثه بكفها تضعه فوق شفتيه قائلة بأعين متسعة:

- أبوس مين! إنت بتقول إيه!


- مش مصدقاني؟

قالها رافعها حاجبه الأيمن، صمتت و إرتجف بدنها لما نزل على رقبتها بشفتيه، يطبع فوقها قبلات عميقة و رجع يقول بخبث:

- عملتي كدا بالظبط! 

و مال مرة تانية و كإنه مكتفاش من القبلات الخفيفة اللي وضعها على رقبتها فأعاد الكرة يُقبل عنقها المرمري قبلات عميقة، حطت إيديها على صدرُه بتحاول تبعدُه و هي حاسة إن دقات قلبها العنيفة وصلت لمسامعه، لكنُه لم يبتعد، بيرفع وشه ليها و بيقول وسط أنفاسُه المبعثرة:

- و بعدين يا نادين .. صبرت عليكي كتير! كفاية كدا!!


قطبت حاجبيها لكلماته التي أثارت حنقها، تدفعه من صدرُه بضيق قائلة بحدةٍ:

- صبرت عليا!! هو إنت ناسي كلامك ليا ولا إيه يا عزيز بيه؟ مش قولتلي إنك إتجوزتني عشان التار؟ و لولاه مكنتش هتفكر فيا؟!


إتنهد و أبعد خصلاتها عن وجهها متأملًا براعة الخالق المتمثلة في خلقتها، يُردف بهدوءٍ لا يمت للهيب مشاعره الداخلية بصلة:

- و دلوقتي عايزك .. ده حقي!


- مستحيل .. ده بعينك!

قالت بتحدٍ أثار غضبُه، فـ هتف بغضبٍ أخافها:

- إتعدلي يا نادين و إتكلمي كويس، أنا لولا إني مراعي ظروفك كنت حاسبتك على لهجتك معايا دي!


فضلت ساكتة، و بلحظة إتكونت الدموع لعينيها، تُردف بحزنٍ زيفته ببراعة:

- عايز إيه يا عزيز .. ليه بتفكر في نفسك و بس، أهم حاجة إنبساطك و راحتك لكن أنا .. أنا في ستين داهية!!


إتوتر و إرتبك لما شاف الدموع في عينيها، و لاحظ نبرتها المختنقة بالعياط، فـ قال بهدوء و أنامله تسير على طول ذراعها:

- و ليه العياط دلوقتي؟


كتمت إبتسامتها في نجاح مخططها و جعله ينسى مطلبه، و رجعت تقول بألم مصطنع:

- سيبني يا عزيز .. متوجعنيش أكتر من كدا أنا قلبي واجعني بما فيه الكفاية!!!


و في لحظة لم تتوقعها كان يميل مُقبلًا ذلك المكان للرقيق الذي يحوي ما هو أرق، طبع قبلة مكان قلبها فـ إقشعر جسدها بخجل و أسرعت تكتم شهقة مصدومة، كيف له أن يُذيب الجليد الذي سبق و وضعه بينهما و بتلك البساطة!


عاد يرفع وجهه لها، بيقول بهدوء و رفق:

- سلامة قلبك!


قام من عليها سايبها مُبعثرة، و قال و هو بيتفحص هاتفه:

- يلا قومي إجهزي عشان نروح البيت!!


تضايقت من أمر رؤية أمه مجددًا لاسيما في موقفهم الأخير معًا، فـ إستندت بمرفقيها للخلف تقول بلهفة:

- طب م تخلينا هنا!!


رفع حاجبيه لأعلى كعلامة على رفضُه بيقول بهدوء:

- لاء مينفعش، لازم نرجع .. مينفعش أسيب أمي لوحدها أكتر من كدا!!


مطت شفتيها بضيق، و إستغلت إنشغاله تسخر منه مقلدة ما قال في سرها تنكمش بمحياها، رفع عيناه لها فـ أسرعت تبتسم له بإصفرارٍ، و قامت تضرب الفراش بالغطاء متجهة إلى المرحاض لكي تستحم!!


• • • •  • • •


قعدت جنبُه في العربية مُستندة بـ راسها على النافذة، بتفتكر المرة الموالية اللي قابلت فيها عزيز، و إزاي مشاعرها إبتدت تتحرك ناحيته أكتر!


كانت خارجة من مكتب باباها بتجري بفرحة بعدما أخبرها بالسيارة التي سيجلبها لها، مخدتش بالها من الحيط المنيع اللي كان واقق قُدامها فـ إرتطمت بصدره لما كانت لافة راسها لمكتب أبوها، إتخضت و شعرت بجسدها يؤلمها لما خبطت فيه .. رجعت لـ ورا وبصتلُه بغضب إتمحى تمامًا لما إكتشفت ماهيتُه، بصلها عزيز من فوق لتحت، كانت لابسة ثوب أبيض بأكتاف ساقطة و خصلات لُملمت للخلف تاركة بعض الخصلات المتمردة ساقطة على عنقها المرمري، كان الثوب أعلى ركبتيها، ظاهرًا جمال ساقتيها البيضاويتين، و نحرها المُزين بعظمتين ترقوة تمنّى للحظة لو وزع قبلاته عليهما، ملاحزتش تأمله لهيئتها، بل إبتسمت بنقاء و مدت كفها له بتقول بـ طاقة سعادة تشع منها:

- إزيك؟!


مقدرش يسيب كفها ممدود، و سلِّم عليها مُستشعرًا طراوة كفها، و تلقائيًا إنزوت شفتيه بإبتسامة جذابة لما شافها بتبتسم و عيونها .. بتلمع .. أهي هكذا أم أنها فرحت بوجوده؟، نطق أخيرًا برزانته المعهودة:

- بخير!


شالت إيديها من إيديها فـ بدت وكأنها ركلته خارج الجنة، فضلت محافظة على إبتسامة بريئة بتقول بلُطف:

- إنت عزيز مش كدا؟


أول مرة يستشعر جمال إسمه، تدحرجت مقلتيه لشفتيها .. و رجع يبُص بعينيها يكاد يقسم إنه نسي هو مين .. و فين .. و ليه هي مش مراته؟


إبتسم على تفكيرُه، و قال بهدوء:

- أيوا .. عزيز القناوي!


أومأت و هي بتقول ببراءة:

- تعرف إن إسمك حلو .. سينيمائي!


سكت .. نفسُه يوقف الزمن عشان يفضل يتأملها من غير حرج، 

إستغرب لطافتها رغم الموقف الآخير اللي كان بينهم، و كإنه إتمحى من ذاكرتها، هل هي بريئة لدرجة إنها تنسى إهانتُه ليها؟ 

لقاها بتقول بود:

- أنا بقى نادين .. نادين رفعت!


أومأ لها بيقول:

- عارف!!


إبتسمت و هتفت و هي تفسح له المجال:

- مش هعطلك بقى .. أكيد بابي مستنيك! باي!


أشارت له و مستنتش ردُه، و إختفت من قُدامه كإنها سحابة قطنية جميلة برقتها و براءتها، نفى برأسه بيحاول يبعد أفكاره دي عن عقلُه .. الفرق بينهم كبير و مُستحيل يفكر فيها إلا أخت .. صغيرة!!


إستفاقت على شرودها على توقفُه بالسيارة، لتجده يخرج من السيارة، فتحت الباب و ترجلت شاردة، إنزلقت قدمها و كانت هتُقع لولا دراعُه القوي اللي حاوط خصرها بيشملها بعينيه و هو بيقول بهدوءُه المعتاد .. حتى باتت تراه صقيع جليدي:

- بُصي تحت رجلك و إنتِ ماشية!


بِعدت عنه بضيق و مشيت بخطوات حادة بتطوي الأرض أسفل قدميها، بينما هو مِشي ببرود على وشُه إبتسامة مستنكرة واضع كفيه في جيب بنطاله، دلفت نادين إلى الڤيلا، و وقف هو يتحدث بالهاتف، دخلت و اللي توقعته لقتُه، والدته قاعدة على الكنبة بتقول بسُخرية فور وقوع عينيها عليها:

- ها يا نادين .. اللي بتتحامي فيه خلاص .. مـات!!!


ثم تابعت بخبث:

- خلاص صُباعك بقى تحت ضرسنا، و هعرف أچيب منك حق إبني اللي إنتوا أكيد قتلتوه حتى لو مافيش حاچة تثبت ده بس أنا متوكدة! و الله لأحسر أبوكي عليكي يا نادين يا بنت رفعت مندور!!!


إنتفض كامل جسدها بغضب حقيقي تتجه إليها واثبة أمامها ترفع إصبعها في وجهها قائلة بحدة:

- إياكِ تتكلمي مرة تانية عن بابا!!


- نــــاديــــن!!!!

إلتفتت له بحنقٍ فوجدتُه واقفًا بوجهٍ مُكفهر و أعين تشتعل غضبًا، كادت نادين أن تتحدث ولكنها عادت تلتفت إلى أمه مصدومة لما قالت بحزنٍ زيفته ببراعة:

- شايف مرَتك يا عزيز، بعزيها فـ أبوها .. فَزعت فيا!


طالعتها نادين مصدومة، تقول بأعين متوسعة:

- إنتِ إزاي كدابة كدا!!!


لم تشعر سوى بـ قبضة عنيفة فوق دراعها، بيشدها على السلم عشان يطلعوا جناحهم، حاولت تبعد إيدُه بتقول بشراسة:

- إبعد إيدك عني!! إبعد يا عزيز بـقـولـك!!!


هزّها بعنف جعل جسدها ينكمش و هو يهدر في وجهها:

- إخـــرســـي!!!


زقّها للجناح فـ حاولت تتوازن و هي بتصرّخ فيه:

- إنت هـمـجـي و حيـو!!


قاطعها لما دفعها للحيطة بكل قسوة، حاولت تداري رعبها منه بصعوبة و هي شايفة صدرُه بيعلو و يهبط من شدة غضبُه، عينيه حمرا و عروقة بارزة، كان زي الوحش اللي على أتم الإستعداد يفتك بفريسته، تآوهت بألم لما قبض على فكها لدرجة إنها حست إنه هيتكـ.ـسر بين إيديه، إرتفعت تآوهاتها لما ضغط أكتر على وشها و هو بينطق بقسوة:

- صوتك لو عِلي هخرسهولك عُمرك اللي جاي كلُه، و لسانك الزبـ.ـالة ده هقطعهولك يا نادين، مـش هيكفيني فيكي عُـمـرك لو قليتي أدبك على أمي ولا دايقتيها بكلمة، إنتِ فـاهـمـة!!!!!


إتسعت عيناها بعنف، ، و رفعت كفيها تدفعه من صدرُه تقول بشراسةٍ:

- و إنت إياك ترفع إيدك عليا تاني و لا تزُقني بالهمجية دي!!


ثم إلتمعت الدموع بعيناها بتقول بصوت عالي لاحظ فيه غصة بكاء:

- إنت مش فاهم أي حاجة .. بتزعق و تشخط و تمد إيدك بس!!


إرتبك أثر الدمعات اللي شافها بتلمع في عينيها، و صوتها المخنوق بالبكاء و هي بتقول:

- أمك قالتلي بالحرف كدا إن اللي كنت بتحامى فيه مات و إنها هتحسّره عليا!! عايزة تذلني و تكسرني بموت أبويا!!! إنتوا كلكوا مبتحسوش بحَد .. أنا بكرهكوا كلكوا!!


كانت هتبعد من بين قبضتيه لولا إيده اللي إتمدت على خصرها بيرجعها مكانها قُدامه والحيطة وراها، فـ وقفت بتداري وشها بكفيها و هي بتعيط بإنهيار، غَص قلبُه بضيق و هو عارف إن دموعها صعب تنزل إلا على حاجة كبيرة وجعتها، إدايق من كلام أُمه ليها، مسح فوق خصلاتها المموجة بنعومة، و حاوط جانبي وجهها و رقبتها عشان يرفع وشها ليه، قائلًا بهدوء و هو بيبُصلها:

- شيلي إيدك و بُصيلي!!


نفت براسها و لسه كفيها على وشها لكن عياطها هِدي، مسح بأنامله على ما ظهر من جانبي وجهها فـ شالت إيديها بتبصلُه بضيق، إنتفض قلبه و هو شايف دموعها ملطخة وشها و عالقة في أهدابها الطويلة، وشها أحمر و شفايفها بتترعش، إتنهد و قرّب منها بشفايفُه يُزيل دمعاتها برفق خلّاها بتفتح عينيها بتوسُع مصدومة، بِعد عنها و بصلها بهدوء بيقول و وشه لسه قريب منها:

- غمضي عينيكِ!


فعلت بإستغراب، لتجدُه يمسح بإبهاميه رموشها و عينيها، رجعت فتّحت عينيها و بضعف من أفعالُه، دق قلبها بعنف لما لقت عينيه مُثبتة على شفتيها، كانت هتنطق لكن إبتلع هو كلماتها في جوفُه، بيُقبل شفتيها قبلات مُتقطعة كإنه بيحاول أن يوقف شفتيها عن الإرتجاف، بِعد عنها و هو ساند كفيه جوار رأسها، أسند جبينه فوق مقدمة رأسها بيتنفس بصعوبة، مش قادر يتمادى معاها أكتر من كدا عشان ميوصلش لنقطة ميقدرش يرجع منها، غمّض عينيه و بصعوبة .. صعوبة شديدة بِعد عنها بيدخل المرحاض و بيصفع الباب خلفه، صُدمت من فعلتُه، فـ هي كانت على وشك أن تستسلم لأفعاله، كيف له أن يخلق لها أجنحة و يبترها بعد دقائق، إرتجف قلبها فـ حطت إيديها عليه بتحاول تهدي نبضاته، و نزيفُه

دي مش المرة الأولى اللي يرفضها .. أو يبعد عنها، مقدرتش تتحمل، إنهارت و مسكت فازة و بكل قوتها رمتها على الأرض، مخدتش بالها و هي بتخطو للفراش من شظايا الإزاز اللي دخلت في رجلها، شهقت بوجع و إترمت على الأرض بتصرّخ:

- آآآه يا رِجلي آآآه!!!

 تابعووووووني 



الفصل الاول من هنا



الفصل الثاني من هنا



الفصل الثالث من هنا



الفصل الرابع من هنا





تعليقات

التنقل السريع
    close