أخر الاخبار

رواية ما_بين_الحب_والحرمان الفصل الحادي عشر حتى الفصل الخامس عشر بقلم_ولاء_رفعت_علي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


رواية ما_بين_الحب_والحرمان الفصل الحادي عشر حتى الفصل الخامس عشر بقلم_ولاء_رفعت_علي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

- بصي يا أمي ليلة بتقولي إنها كانت تعبانة و داخت شوية فحبت تطلع ترتاح و مكنش قصدها حاجة و مكنتش عايزة تشيلي همها و تقلقك عليها،  صح يا ليلة؟ 

و رمق ليلة بغمزة فأدركت مقصده فتقدمت نحو والدته بأداء متقن فهي قد تعلمت الدرس جيداً: 

- حقك عليا يا خالتي، أنا فعلاً كنت تعبانة و مقدرتش أقعد معاكم تحت و ياريت ما تكونيش زعلانة مني أنا بحبك أوي. 


و أقتربت منها و قامت بتقبيل رأسها مما جعل معتصم كاد يضحك لكنه خشي من غضب والدته، فقالت نفيسة علي غرار ما تكنه داخلها إلي ليلة: 

- ألف سلامة عليكي يا حبيبتي كنتي قولي لي،  أنا برضو ما يهونش عليا أشوفك تعبانه ما أنتِ في مقام بنتي اللي مخلفتهاش. 


إبتسمت ليلة و ودت أن تقول لها أتقِ الله لكن سايرت الأمر علي ما يرام و هذا من أجل معتصم الذي لم تجد منه سوي المعاملة الطيبة و العطف و الحنان. 


ــــــــــــــــــــــــــ


و بالأسفل تقف تسترق السمع من النافذة و التي يعلوها نافذة الطابق الأعلي و  المطلة علي غرفة النوم فأتاها صوت زوجها من الغرفة الأخري: 

- عايدة،  بالله عليكي و لعى لي علي الفحم و حضر لي الشيشة خلي الواحد يظبط دماغه. 


اشاحت بيدها دون أن تهتم و علي أحر من الجمر لمعرفة ماذا فعل معتصم مع ليلة ،  تود أن يعاملها أسوء معاملة. 


- واقفة عندك بتعملي اي يا اخرة صبري. 

أستدارت إلي صاحبة الصوت،  فكانت والدة زوجها قد أتت للتو،  ركضت نحوها و سألتها بلهفة: 

- ها،  عملها أي؟ 


أجابت الأخري بغيظ و حنق: 

- عملها أسود و مهبب ،  طلعت عشان أهدي ما بينهم و أطمن لتكون قومته عليا و لا لاء  لاقيت ياختي البت ضحكة عليه و عاملين استغفر الله العظيم يحضنو و يبوسو في بعض و مش ساتر جسمها غير البشكير .


أشتعلت نيران الغيرة بداخل عايدة أكثر فأكثر لكنها أصدرت شهقة زائفة و قالت: 

- يا لهوي عليها دي مطلعتش سهلة،  دي بقي اللي يتقال عليها علي رأي المثل يا ما تحت السواهي دواهي. 


نظرت الأخري لها و عقبت علي حديثها : 

- و لسه في الجراب يا حاوي،  بس علي مين ما بقاش أنا نفيسة غير لما خليته يكسرها و يذلها و يرميها تحت رجلي .


أشاحت عايدة بيدها دون أن تلاحظ الأخري كدلالة علي إستحالة حدوث ما تقوله. 


ــــــــــــــــــــــــــــ


و في اليوم التالي نزلت ليلة إلي منزل والدة زوجها تاركة زوجها نائم بالأعلي،  ترتسم السعادة علي محياها و ترمق بها الجميع فعليها أن تريهم كم هي قوية و ليست ضعيفة حتي لا تعطي إحداهما فرصة لتخريب ما بينها و بين زوجها ،  ذهبت إلي نفيسة و أنحنت علي رأسها و قامت بتقبيل جبهتها قائلة:  

- حقك عليا يا خالتي مش عايزاك تكوني زعلانة مني، أنتي مهما كان في مقام أمي الله يرحمها. 


و لم تكتف بهذا قامت بأداء مهام المنزل من تنظيف و غسيل و كل الأعمال و قبل أن تقوم بإعداد الطعام،  أخبرتها: 

- خالتي أنا هنزل للسوق أشتري شوية حاجات للمطبخ،  عايزة أي حاجة معينة  أجيبها لك من تحت؟ 


أجابت الأخري بإقتضاب : 

- شكراً. 


تركتها و ذهبت إلي التسوق و بداخلها يشعر بالسعادة و هذا بعدما وجدت نتيجة ما تفعله يأتي في صالحها. 

و في طريقها إلي السوق أمام بناء مهجور،  جذبها أحدهم بقوة و قال لها بسخرية: 

- أخيراً عريس الغفلة أفرج عنك يا عروسة.


أتسعت عيناها بخوف و قالت و هي  تحاول التملص منه: 

- عايز مني أي يا عمار،  ما خلاص بقي قولت لك أنا بقيت ست متجوزة و ما ينفعش اكلم راجل غريب وكل اللي ما بينا أنتهي. 


قهقه بسخرية و قال: 

- متجوزة، تصدقي مكنتش أعرف يا أخت حبشي الميكانيكي. 


- ما هو انت لو ما سبتنيش أمشي و لميت نفسك هخليه يأكدلك أنا اخته لما يقطع لحمك حتت و يخليك تحرم تتعرض لي تاني. 


ترك يديها و اخبرها بتهديد: 

-  ياريت تقولي له عشان أسمعه تسجيلات مكالمتنا الجميلة و أعرفه كان ما بينا حب و غراميات  ،  لاء و  أبعتها للمحروس جوزك عشان تبقي فضحتك بجلاجل. 


- حرام عليك يا أخي أنت عايز مني أي،  أنا معملتش معاك أي حاجة،  بالعكس أنا حبيتك بجد و دافعت عنك بكل قوة لما أتقدمت لي و أستحملت كلام زي الزفت و أتضربت و أتهانت لأن كنت فاكراك بتحبني،  طلعت غير كده خالص،  أنت واحد مستهتر و فاشل و معندكش تربية و لا اخلاق و.... 


قاطعها بصفعة قوية أتبعها صفعة أخري و لم تستطع التحمل أكثر من ذلك فدفعته بكل قوتها و ركلته في ساقه،  ثم تمكنت من الهرب و الفرار من  أمامه، قررت العودة دون شراء أي شئ و لم تعد تمتلك أعصاباً لتكمل. 

ظلت تركت حتي وصلت إلي بناء عائلة زوجها

و عندما ولجت إلي داخل المبني أصطدمت به فسألها بغضب: 

- كنتي فين؟  


كان يسألها بوجه متجهم بينما هي فرت الدماء من وجهها، أجابت بتلعثم: 

- كنت،  روحت، و رجعت. 


ثم أستعادت رباطة جأشها و قالت: 

- كنت رايحة السوق أشتري طلبات. 


و نظر إلي يديها الفارغتين و أشار إليهما: 

- و فين الطلبات؟ 


أبتلعت ريقها و قالت: 

- أصل لاقيت كشك العيش شغال قولت أرجع أطلع أخد بطاقة التموين من خالتي أجيب لها عيش. 


عقد حاجبيه بضيق و هذا عندما وجد إنها ترتدي عباءة ضيقة إلي حد ما و يخرج من حجابها قليل من الشعر، جذبها من يدها و قال من بين أسنانه: 

- يا نهارك مش فايت ايه ده! 


رمقته بتوتر وخوف فسألته: 

- في ايه؟ 


رمقها بتحذير قائلاً: 

- أول و أخر مرة تنزلي بالعباية دي تاني و شعرك الحلو ده لو شوفت شعرايه منه طالعه بعد كده هلبسك النقاب و أريح دماغي، مفهوم؟


هزت رأسها فصاح بها:

- مش سامع؟


ردت علي الفور:

- حاضر.


أشار لها نحو الدرج:

- يلا أطلعي علي شقتنا و أنا نازل هاجيب العيش و طالع تاني. 


صعدت تحت أنظاره فأبتسم و هز رأسه بسعادة فتلك الليلة بحُسنها و جمالها الباهي ستقوده إلي الجنون! 


ــــــــــــــــــ

صعدت إلي أعلي في منزلها و تنفست الصعداء،  حمدت ربها إنها عادت قبل أن يراها زوجها مع عمار و كانت ستصبح فضيحة يشهدها كل أهل الحارة. 


جلست علي الكرسي تتذكر ملامحه و هو يوبخها علي مظهرها و هذا يعود إلي غيرته التي جذبتها إليه و كذلك حنانه الغادق عليها حتي في حضرة أهله لا يتحمل عليها كلمة واحدة. 


أنتبهت إلي فتح الباب و ظنت إنه هو لكن خاب ظنها عندما رأت عايدة أمامها فسألتها و الضيق بادي علي ملامحها بسبب دخولها دون إستئذان: 

- خير يا عايدة فيه حاجة؟ 


جلست و وضعت ساق فوق الأخري قائلة: 

- ألا قولي لي يا ليلة، معتصم بيحبك؟ 


تعجبت من ذاك السؤال: 

- لو مش بيحبني أتجوزني ليه؟ 


قهقهت بصوت مدوي لتخبئ نيران الغيرة بداخلها و أخبرتها: 

- أيه اللي مخليكي واثقة أوي كدة،  مش يمكن متجوزك عشان يرضي أمه مثلاً. 


رمقتها بإمتعاض و لم تفهم لما تخبرها بتلك الترهات فقالت: 

- لو كلامك صح مكنش دافع عني لما مامته أتهمتني بحاجة معملتهاش. 


جزت الأخري علي أسنانها و ودت إقتلاع خصلات شعرها من الغيظ: 

-  أصل بصراحة و بيني و بينك أنا أول ما شوفتك حبيتك أوي و كمان صعبتي عليا جداً،  أصل أنا عارفة اللي فيها،  معتصم متجوز هناك في الكويت و مخلف بس مخبي علي مامته و قايل لأخوه بس جلال حبيبي ما بيعرفش يخبي عني حرف واحد خالص،  حبيت بس أوعيكي بدل ما تنخدعي فيه و تلحقي تنفدي بجلدك قبل ما تتدبسي و تحملي منه و يبقي طلعتي كمان بعيل و مسئولية. 


شعرت ليلة بضيق و إختناق و في نفس الوقت تشعر بأن هناك خطب ما أو كذب، فقالت لها: 

- طب لو افترضنا كل كلامك صح،  أي دليلك علي الكلام ده؟ 


شهقت الأخري بتصنع قائلة: 

- أخص عليكي يا ليلة،  بتشكي فيا،  عموماً لو مش مصدقاني أبقي أسألي جلال أخوه بس كده ها تعملي لي مشكلة ده غير أكيد هينبه أخوه و هيخليه يكدب عليكي أكتر و يخترع لك كام كذبة. 


أطلقت زفرة عميقة و عقبت علي كلمات الأخري ذات النوايا الخبيثة : 

- أطمني انا و لا هسأل جوزك و لا هسأل جوزي،  و لو عايزة أعرف هتأكد بنفسي مش هسأل حد. 


نهضت عايدة بعدما أنتهت من مهمتها: 

- فوتك بعافية بقي،  أنا نازلة عشان هاغير هدومي و رايحة أفطر عند أمي النهاردة و لو محتاجة أي حاجة أبقي رني عليا. 


أخذت هاتفها المتروك علي المنضدة و قامت بتدوين رقم هاتفها: 

- رقمي أهو أبقي سجليه و علي فكرة عندي واتس و فيس كمان هابقي ابعت لك عليه. 


ذهبت و تركت خلفها عاصفة من الأسئلة تدور في فلك ذهن ليلة التي شعرت بالضيق مجرد سماع ما أخبرتها به الأخري هل هذه بداية شرارة الحب! 

ـــــــــــــــــــ

و بالأسفل ترك الخبز علي طاولة الرخام و صاح: 

- العيش علي الرخامة يا أمي،  أنا طالع عايزة حاجة؟ 


ولجت عايدة من باب الشقة و وقفت بميل قليلاً: 

- أمك مش هنا نزلت عند أم جمال تدي لها الجمعية و أخوك لسه مارجعش من الشغل. 


رمقها بإزدراء  و قبل أن يذهب أوقفته قائلة: 

-  خلي بالك من ليلة عشان ولاد الحرام كتير و هي حلوة و صغيرة و فيها الطمع. 


صاح بتحذير: 

- ملكيش دعوة بيها و خليكي في حالك أحسن لك. 


ذهب و تركها تتمتم بتوعد: 

-  إما خليتك تخلص عليها بإيدك ما بقاش أنا عايدة. 


بينما هو صعد و دخل إلي المنزل يبحث عنها منادياً: 

- ليلة،  يا ليلة. 


كانت بداخل الغرفة و تضع في أذنيها سماعة الهاتف،  جذب واحدة من أذنها و قال لها: 

- عمال أنادي عليكي من الصبح ما بترديش ليه. 


خلعت السماعة الأخري و أجابت ببرود: 

- كنت بسمع مسلسل. 


و نهضت تاركة هاتفها ثم سألته: 

- عايز تاكل ايه علي الفطار؟ 


- ناوية تطبخي لنا ايه؟ 

سألها فأجابت: 

- هاعمل مكرونة و بانيه. 


ضحك و قال بمزاح: 

- افضل أكل طول السنة في الغربة مكرونة و بانيه و يوم ما اتجوز و اقول ربنا بيحبني و مراتي هاتعملي المحمر و المحشي و البشاميل في الأخر ألاقي المكرونه و البانيه ورايا ورايا. 


ردت بحنق طفولي: 

- لو مش عاجبك إنزل أفطر عند مامتك هاتعمل بط و محشي . 


أطلق قهقه فأصبح مظهره أكثر وسامة و قال لها: 

- يا حبيبتي بهزر،  أي حاجة من إيدك أكيد هاتبقي حلوة طالما أنتي اللي عاملاها  . 


ابتسمت بخجل و ذهبت لتعد طعام الفطور،  أما هو ألقي نفسه علي الفراش و تمدد ريثما تنتهي ،  أنتبه إلي صوت رسالة واردة فتلفت من حوله ظن إنه هاتفه،  لكنه وجد الصوت أتي من هاتف أخر بجواره،  أخذه الفضول قبل أن يناديها و يعطيها الهاتف،  ألقي نظرة فوجدها رسالة علي تطبيق الدردشة الشهير (WhatsApp)  و بدأ يقرأ فحواها: 

« حطي في دماغك دي مش أول مرة أقابلك الجايات أكتر من الرياحات و أبقي اعملي لي حظر تاني ها طلع لك من كذا خط جديد يا ليلة» 


قرأ الرسالة مرة أخري و أتسعت عيناه بغضب،  نهض و ذهب إليها و عيناه يندلع منها نيران كالشرر. 


- ليلة! 

أنتبهت إليه و تركت ما بيدها عندما رأت هيئته المخيفة،  رفع شاشة الهاتف أمام عينيها و سألها: 

- مين اللي روحتي قابلتيه النهاردة و بعت لك الرسالة دي؟ 

أبتلعت لعابها بخوف و سألته بتوجس: 

- رسالة أي!  ، أنا معرفش حاجـ... 


أطلقت صرخة عندما جذبها من عضدها بعنف  و صاح بها: 

-  ما تكدبيش عليا و تحوري،  مرواحك للسوق و رجوعك من غير ما تشتري حاجة و أول ما شوفتيني  خوفتي و أترعبتي  و دلوقتي  ألاقي رسالة زي كده عايزني أفهم أي! 


أتسعت عيناها و تخشي أن تخبره الحقيقة و هذا العمار يقلب الحقيقة ضدها و تنقلب الأمور فوق رأسها هكذا ظنت، قالت: 

- بالتأكيد مبعوته غلط و قدامك الرقم مش متسجل. 


قهقه ساخراً و قال: 

- مش متسجل لأنه بيقول انتي عمله له حظر و هو هيبعت لك من رقم جديد. 


كادت تتفوه فقاطعها صوت تنبيه رسالة أخري،  رفع إحدي حاجبيه و بدأ يقرأ لها الرسالة و قلبها يدق بخوف 


« و ماتنسيش تسلمي لي علي عريس الغفلة يا حب » 


صاح بغضب عارم: 

- مين ده يا هانم أنطقي؟ 


و كأن دلو من ماء ثلج أنسكب فوق رأسها،  فصاح بها مرة أخري و قبضته تضغط بقوة فشعرت بألم ساحق في ذراعها: 

- ما تنطقي الباشا بيقولك سلمي لي علي عريس الغفلة، الظاهر إنه يعرفك أوي . 


ردت بصعوبة بالغة و هي تفكر في حيلة تتهرب من سؤاله و نظراته النارية أو كذبة مقنعة تنطلي عليه: 

- ده يبقي أخو واحدة صاحبتي،  حاول يكلمني كذا مرة و أنا مدتهوش فرصة و النهاردة و أنا رايحة السوق قابلته بالصدفة و حاول يكلمني فهربت قبل ما يقرب مني و جيت علي هنا علي طول. 


ظنت أن هذا سيجعله يهدأ لكنه جعله غرار ذلك و كأنه ماء بداخل مرجل تشتعل أسفله النيران فألقت المزيد من الحطب فأزدادت النيران أكثر و جعلت المياه تفور  ،  صاح بها بصوت هادر: 

- صاحبتك دي ساكنة فين؟ 


أبتلعت غصتها فأجابت: 

- و الله ما أعرف،  أنا كل اللي أعرفه عنها إنها مش من هنا،  هي كانت قاعدة عند جماعة قرايبهم و بعد ما خدنا الأجازة معرفش عنها حاجة. 


- و هو بقي الأستاذ جالك هنا مخصوص! 


رفعت كتفيها علي عدم علمها بهذا الشئ فأخبرته: 

- معرفش،  أنا كل اللي أعرفه قولته لك. 


جز علي فكه بغضب و يرمقها بشر مستطير فقال لها: 

- عارفة يا ليلة لو حد تاني و شاف الرسايل دي علي موبايل مراته هيقول عليها أي! 


طأطأت رأسها بحزن و قالت: 

- و أنا مش خاينة. 


- و أنا مقولتش كده،  لأن لو عندي ذرة شك، مش هطلقك و أسيبك في حالك،  ده أنا هحرق دمك لحد ما هتيجي تحت رجلي و تتحايلي عليا عشان أطلقك،  فياريت لو مخبية عليا حاجة تقوليها قبل ما أعرفها بنفسي أو من برة،  ساعتها مش هتلومي غير نفسك. 


و أمسك بهاتفها و قام بإخراج شريحة الإتصال أمام عينيها و قام بكسرها و إلقائها في الحاوية قائلاً:

- أنا هاجيب لك خط جديد،  و أخرك تديه لأخوكي و مراته و أهلي بس،  أي حد تاني لاء لما نشوف أخرتها. 


و قبل أن يتركها سألته: 

- معتصم؟ 


ألتفت إليها فأردفت: 

- أرجوك ما تقولش لحبشي أخويا حاجة. 


أطلق زفرة و أخبرها بجدية و تحذير: 

- أنا أخوكي يوم ما أحكي له حاجة زي كدة أعرفي وقتها إن كل اللي ما بينا أنتهي. 

🌹🌹

#الفصل_الثاني_عشر

#مابين_الحب_والحرمان

#بقلم_ولاء_رفعت_علي


يتسحب حبشي علي أطراف أنامله ليتأكد من أن زوجته تغط في النوم، و بعدما تأكد من ذلك ذهب و جلس بإحدي الأركان ، أخرج من جيب بنطاله دزينة من المال و نظر إليهم بفرح و سعادة و تحدث بصوت منخفض: 

- تعالو بقي يا حلويين أشيلكم جمب أخواتكم تدفو جمبهم. 


و تلفت من حوله ثم هبط علي عقبيه و أنحني في وضع الجثو و سحب من أسفل الأريكة صندوق معدني كبير مدون عليه ( صندوق العدة) أي الأدوات الخاصة بعمله كمكانيكي تصليح سيارات. 

أخرج مجموعة مفاتيح و دس إحدهم في القفل و قام بفتحه، ظهر غطاء معدن، أمسكه و وضعه جانباً فظهرت العديد من الأموال المتراصة في صفوف، مسد عليهم بيده و السعادة تقفز من عينيه: 

- ما تقلقوش يا حبايبي أنا هانت هكملكم المبلغ اللي أنا عايزه و هاعمل بيكم المشروع اللي هيخليني أطلع من الحارة المعفنة دي. 


و كانت هناك عيون زوجته التي أستيقظت للتو مراقبة له و ترمقه بتوعد قائلة: 

- يعني بخلان علينا و وريتنا الذل و في الأخر طلعت بتحوش اه يا بخيل يا معفن إما حسرتك عليهم. 

ــــــــــــــــــ

قبل الإفطار بساعة صعدت عايدة و وقفت أمام باب شقة معتصم و أخذت تسكب ماء من زجاجة مجهولة تتذكر حديث الدجال لها: 

(العمل ده أقوي من اللي قبله ياريت يخطي عليه الأتنين هيبقي مفعوله أقوي و هينعكس عليهم بالفراق ) 

و بعدما أنتهت تجلت إبتسامة علي ثغرها ثم عادت إلي منزلها علي الفور قبل أن يراها أحد. 


و في حلول المساء تجمعت العائلة حول المائدة حين صدح أذان المغرب بدأ يتناولون الطعام فكان معتصم يتناول الطعام و لم ينتبه إلي ليلة التي لم تأكل و لو ملعقة و يبدو علي وجهها التعب، فسألتها عايدة بسخرية: 

- مالك ما بتاكليش ليه يا ليلة و لا عشان ده مش مكرونة و بانيه مش عاجبك الكرشة و الكوارع! ده حتي جوزك بيحبهم و هو اللي طالبهم من خالتي و أنا اللي طبختهم بإيديا. 


رمقتها الأخري بشبه إبتسامة لم تصل إلي عينيها و هذا لأنها لا تحب هذا الطعام، فقالت نفيسة بتهكم : 

- مكرونة و بانيه إيه اللي بيعملوهم البنات الخايبة اللي ما بتعرفش تعمل أكل ده غير إنه أكل العيال الصغيرة، أنا أبني شقيان و تعبان يا قلب أمه محتاج يتغذي، كول يابني و رم عضمك بدل ما أنت هفتان من وقت ما أتجوزت. 


قالتها و وضعت أمامه طاجن من الكوارع فتناول قطعة و أخذ يأكل منها  و لاحظ ليلة تراقبه بطرف عينيها بتقزز، مد يده نحو فمها بقطعة و قال: 

- علي فكرة طعمها جامد أوي دوقي كده. 


أشاحت وجهها عن يده بإشمئزاز و أنتابها الشعور بالغثيان، نهضت مسرعة إلي المرحاض لتفرغ ما بجوفها. 

ضحك جلال و غمز بعينه إلي شقيقه: 

- أنت لحقت يا عصوم و لا ايه ؟ 


عقبت والدته: 

- قول ما شاء الله عليه، شوفت أخوك أهو مكملش شهر و مراته شكلها حامل. 


توقف معتصم عن الطعام حينما استمع إلي حديث والدته و حين خرجت من المرحاض رمقها بنظرة أجفلتها ثم قال: 

- الحمدلله. 


و نهض فقالت له والدته: 

- هو أنت لحقت تاكل يابني!، ما تكمل فطارك. 


- الحمدلله شبعت يا أمي، يلا يا ليلة. 

فقالت عايدة بتهكم: 

- هتطلعو فوق غير لما تاكلو الحلو! 


لم يهتم أن ينظر إليها حتي فأجاب علي والدته: 

- معلش يا أمي أصل كنت سهران إمبارح و ما نمتش كويس، فطالع أريح حبة. 


تمتمت الأخري قائلة: 

- يا عيني يا بني البت هده حيلك اللهي يهدها. 


و قد سمعها جلال فأخذ يضحك و قال: 

- تريح و لا تطمن علي إبنك. 


و إذا الأخر هب كالريح غاضباً: 

- جلال خليك في حالك أنا مش فايق لك. 


ثم نظر إلي زوجته و أكمل صياحه: 

- واقفة لسه عندك، بقولك يالا أنجزي. 


ترددت ليلة بخوف قبل أن تذهب معه و ما أن خطت خطوة جذبها من يدها و سحبها خلفه إلي الشقة بالأعلي. 


و بعدما وصل كليهما دفعها علي الأريكة و وقف أمامها و اضعاً يديه لدي جانبي خصره و قال لها من بين أسنانه : 

- و أخرتها معاكي ايه؟ 


نظرت إليه بعدم فهم و سألته: 

- قاصدك أي؟، أنا مش فاهمة حاجة. 


جز علي شفته السفلي و أجاب: 

- بجد و الله مش فاهمة، هاقولك أنا، أهلي كانو فاكرينك حامل لما قومتي و قرفتي من الأكل و دخلتي الحمام. 


- أي التخلف ده، هو أي حد يقرف من الأكل يبقي حامل. 

صاحت بها مما أثارت غضبه: 

- لاء يا هانم، اللي أنتي مش فهماه إن أمي فكره علاقتنا الزوجية تمام، ما تعرفش اللي فيها، و اللي هو أنك بتستهبلي و أنا صابر عليكي كتير خلاص فاضل شهر و أجازتي تخلص. 


أجفلها حديثه فقالت: 

- و أنا ما منعتكش بس كل اللي طلبته نتعود علي بعض مش أكتر. 


صاح قائلاً: 

- و بقالنا أكتر من أسبوعين مش كفاية عرفتيني فيه و لا مستنية لما أسافر و أرجع لك السنة الجاية! 


تأففت و سألته بنفاذ صبر: 

- يعني عايز أي دلوقتي يا معتصم؟ 


صدمها بقوله: 

- عايز حقي الشرعي يا ليلة. 


تركته و دلفت إلي داخل غرفة النوم، ظل ينتظرها لدقائق، فخرجت إليه ترتدي قميص من الحرير الأبيض و تاركة خصلاتها و علي شفتيها طلاء حُمرة غير منتظمة، و وقفت أمامه ترمقه بإمتعاض : 

- أتفضل خد حقك. 


رفع إحدي حاجبيه بتعجب لما تفعله الآن، صاحت به لتثير غضبه: 

- أتفضل خد حقك مستني أي، يلا عشان مامتك لو ما لقتش بطني كبرت ما تتكلمش و تمصمص في شفايفها و تقول يا عيني يا بني دي البت حرماك من حقك، أتفضل يلا مستني ايه! 


كان ما بين الغضب و الإثارة من هيئتها الفوضوية، جذبها من يدها و أنهال علي شفتيها، يقبلها بعنف ثم هبط بشفتيه علي عنقها ثم إلي جيدها و يديه تزيح حمالات القميص و كاد يخلعه عنها سمع صوت بكائها، أبتعد ليتأكد من سمعه، رآها تبكي بالفعل، تجهم وجهه و سألها بأنفاس متهدجة: 

- بتعيطي ليه؟ 


و كأنها كانت تنتظر سؤاله فأجهشت في البكاء و أخبرته من بين بكائها: 

- مفيش . 


صاح بها: 

- ها تقولي و لا لاء، ما تنطقي. 


نظرت إليه بأعين باكية و أخبرته: 

- أنت حسستني إني مجرد جسم بالنسبة لك. 


شعر بالصدمة الجلية علي ملامحه، لما تقول له ذلك، أطلق زفرة لعله يخرج بها طاقة غضبه بدلاً من أن يطلقها عليها و يحدث ما لا يحمد عقباه. 


هز رأسه و يتمتم بكلمات غير مسموعة ثم قال: 

- لو أنتِ شايفة كده، فأنا بقولك خلاص كل واحد يروح لحاله أحسن. 


- بتتكلم بجد؟ 

سألته و الصدمة تبدو من نبرتها و عيناها المتسعة، أجاب عليها بوجه من فولاذ: 

- ايوه بتكلم جد، عارفة ليه لأن كل اللي حسيته من ناحيتك أن سبب موافقتك علي جوازك مني عشان تهربي من نار أخوكي و تكملي تعليمك، لكن أنا فين من كل ده و كأني هوا، هقولك علي حاجة أنا كنت قبل ما أتجوزك كنت بتفرج علي أفلام إياها و بصبر نفسي و قولت هابطل الموضوع ده لما أتجوز و أعف نفسي و أتوب ، لكن بسبب بعد ما أتجوزت خلتيني أرجع اتفرج علي القرف ده تاني و أعمل حاجة تغضب ربنا، شوفتي أنتي وصلتني لأي! 


قالها و ولي إليها ظهره غير مصدق بما تفوه به و كيف أخبرها بهذا،كان لا يريدها أن تنظر إليه بعدما صرح لها بمعصيته و شعر بالخجل من حاله أمامها. 

كانت ترمقه و كفها علي فمها بصدمة و هي  تسمعه، لم يتحمل الوقوف أمامها أكثر من ذلك فتركها و غادر، بينما هي عادت إلي الغرفة و أخذت تبكي و فاض بها الأمر حتي اهداها تفكيرها إلي أخر شيء يمكن حدوثه و ربما تسرعت في هذا القرار. 


ــــــــــــــــ

وضعت هدي الطبق أمام زوجها الذي قال لها بسخط: 

- كشري!، هو كل يوم كشري و لا أي، مفيش رز و خضار طبيخ!، ده إحنا حتي في رمضان يا شيخة. 


صاحت بتهكم: 

- و الله يا أ خويا الخمسين جنيه اللي بتدهالي يا دوب تقضي بتجيب حاجة الكشري بالعافية، بحبح إيدك و كفايه بخل و أديني فلوس بما يرضي الله و هاعملك المحمر و المحشي. 


- ما أنتي عشان ما تعرفيش تدبري حالك، لو أديت لك أكتر من خمسين هاتصرفيهم برضو. 


- حرام عليك و بطل إفتري الاسعار غالية نار و أنت عمرك ما زودت القرشين اللي بقالك من وقت ما أتجوزنا وبتديهم لي . 


ثم أردفت دون أن يسمعها: 

- روح يا شيخ اللهي يجي اللي يلهفهم منك. 


و صدح رنين جرس المنزل، فذهبت لتري من الزائر، فتحت لتجد ليلة تقف أمامها و عينيها منتفخة من البكاء و بيدها تمسك حقيبة صغيرة . 

دلفت في صمت و سألتها زوجة شقيقها: 

- خير يا ليلة، مالك عامله ليه كده في نفسك! 


ودت أن تصرخ و تجيش عما بصدرها، لكن ماذا عساها أن تقول فهذا قدرها و عليها التسليم به، و كبريائها لم يسمح لها أن تتغاضي عما أخبره به زوجها. 

ولجت إلي الداخل في صمت و حين رأت شقيقها، وقفت أمامه و بدون أي مقدمة أو ذكر أسباب مقنعة قالت: 

- أنا عايزة أطلق! 

شهقت هدي و ضربت كفها علي صدرها عندما أعربت الأخري عن رغبتها في الطلاق،  نهض حبشي و سألها و إمارات وجهه لا تبشر بالخير علي الإطلاق،  فسألها بسخرية و يشير إلي أذنه: 

- عايزة أي يا نن عين أخوكي؟ 


تقدمت نحوه و وقفت بشموخ تجيب بلا خوف: 

- زي ما سمعت يا حبشي،  عايزة أطلق. 


و في لحظة كانت في قبضته يهزها بعنف و بصياح هادر: 

- عايزة أي يا روح خالتك،  طلاق أي و أنتي مكملتيش شهر جواز،  عايزة تفضحينا يا بنت الـ...  ، عايزاهم يقولو دي أخت حبشي الميكانيكي أتطلقت و لسه مكملتش شهر جواز!، و طبعاً هم ما يعرفوش الأسباب مش هيقولو غير حاجة واحدة بس،  أن العريس لقاكي شمال و مش متربية عشان كده طلقك. 


جذبت ذراعها عنوة مما سبب لها ألماً لكنها لا تبالي بقدر ما تشعر به من ألم كلمات شقيقها التي تنهال عليها كالسياط،  صرخت بغضب و بكاء: 

- تغور الناس و طز في كلامهم،  أنا اهم حاجة عندي راحتي و نفسيتي،  أنا زهقت منك و من العيشة في الحارة و جوزي اللي أتجوزته عشان أخلص من قرفك،  عملو لي أي الناس،  عارف يا حبشي أنا بكرهك لدرجة إن نفسي ربنا ياخدك و ارتاح منك علي الأقل هاعيش في سلام. 


صاح الأخر بهياج عصبي و أنهال عليها بالضرب المبرح: 

- بتدعي عليا بالموت يا بنت الـ...  ،  بتدعي عليا يا و سـ.. 


كانت تصرخ و زوجته تصرخ بتوسل: 

- ابوس ايدك سيبها يا حبشي،  و غلاوة عيالك سيبها. 


صاح بها و كاد يوجه له لكمة: 

- خشي جوة بدل ما أديكي بونية تخرسك خالص. 


خشيت هدي أن يحدث لليلة مكروهاً علي يد زوجها الطاغية،  ارتدت إسدال الصلاة و ركضت سريعاً دون أن يراها الآخر و غادرت لعلها تفعل شيئاً لتنقذ ليلة من يدي شقيقها. 


ــــــــــــــــ

عاد معتصم من الخارج و وقف بداخل الشرفة يحسب أن ليلة في الغرفة نائمة، أخذ ينفث دخان سيجارته بكثافة يلوم نفسه لما تفوه به مع ليلة و لا يعلم لما فعل ذلك و بداخله يشعر بمزيج من المشاعر المتضاربة كالحب و الغضب و الغيرة و الشوق و اللوعة. 

و في الأسفل كانت نفيسة تتحدث مع عايدة: 

- أي يا عايدة مش ناوية تتجدعني و تبقي حامل زي سلفتك،  اللي يا دوب ابني اتجوزها شهر و حملت و أنتي بقالك يجي تلات سنين و لا حصل مرة حتي،  ده أنتي لو حتة أرض كان زمانها طرحت. 


أجابت الأخري بإبتسامة صفراء: 

- أدعي يا خالتي ربنا يرزقنا،  ما هو علي يدك كشفنا و حللنا أنا و ابنك يجي مليون مرة و مفيش حاجة. 


أنتبهت كلتيهما إلي صوت أقدام تصعد الدرج بقوة. 

سألتها نفيسة: 

- ده مين ده اللي طالع بيجري علي السلم. 


نهضت الأخري و أخبرتها: 

- خليكي لما أقوم اشوف مين. 


خرجت من الشقة فوجدت صوت الأقدام صعدت إلي أعلي و صوت أنثوي يردد: 

- أفتح يا أستاذ معتصم أنا أم محمد مرات حبشي. 


صعدت عايدة تستمع لما يحدث و تري ماذا يجري،  بينما بالأعلي دلف معتصن من الشرفة علي صوت رنين الجرس،  فتح الباب فوجدها هدي و الذعر يغزو ملامحها: 

- ألحق ليلة يا أستاذ معتصم، أول ما رجلها خطت البيت و بتقول لأخوها عايزة أطلق عينك ما تشوف إلا النور،  نازل فيها ضرب و مش عايز يسيبها و خايفة لبعد الشر يعمل فيها حاجة و لا تروح في إيديه. 


أشار لها و قال علي عجالة: 

- يلا قدامي بسرعة. 


بينما عايدة دلفت للداخل علي وجه السرعة فسألتها نفيسة: 

- أي اللي بيحصل؟ 


أجابت الأخري و أرادت ألا تخبرها و هذا بعدما أسترقت السمع علي حديث هدي و بعدما علمت بطلب طلاق ليلة من معتصم رقص قلبها، ظنت تلك نتيجة السحر الذي سكبته لهما من أجل أن يفترقا : 

- مفيش شكله واحد صاحب معتصم. 


و في منزل حبشي الذي ما زال ينهال عليها بالضرب و السباب،  يمسك تلابيب عبائتها و كاد ينهال علي وجهها باللطمة قوية: 

- أنا هوريكي يا بنت الـ... 


أوقفته قبضة من الفولاذ و بقبضة أخري وجه له معتصم لكمة قوية،  و أمسك بلليلة و حاوطها بذراعه قائلاً: 

- طول ما أختك علي ذمتي إياك إيدك تتمد عليها تاني بدل ما أزعلك. 


صاح حبشي بصوته الغليظ: 

- دي سابت لك البيت و جاي لي تقولي عايزة أطلق و أنتم لسه مكملتوش شهر،  عايزني أطبطب لك عليها! 


بصوت هادر لوح له بيده: 

- لما يحصل كده تكلمني أنا راجل لراجل و نتفاهم مع بعض لكن تمد إيدك عليها بالغباء ده يبقي ما تستاهلش تكون أخوها. 


كانت تبكي و تنتفض تحت ذراعه،  ربت عليها لتهدأ قائلاً: 

- خلاص أهدي يا ليلة و هاعملك اللي أنتي عايزاه،  بس مش هاتقعدي هنا. 


نظرت له بتردد و قلق فأردف: 

- أنا هنزل أقعد عند أمي تحت و هاسيب لك الشقة فوق تقعدي براحتك و اللي أنتي عايزاه هاعمله لك. 


و بعدما أطمئنت إليه،  و لما لا فمنذ أن تزوجته لم تجد منه معاملة سيئة بل و حنون عليها،  و يكون لها عوناً و حماية من أي شخص يريد أيذائها حتي لو بكلمة. 


ذهبت معه و غادرت منزل شقيقها الذي بعد أن ذهبا رمق زوجته نظرة نارية فصرخت و ركضت إلي غرفة ليلة و أوصدت عليها الباب من الداخل،  ظل يصيح كالوحش الثائر و يطرق الباب بعنف: 

- أفتحي يا هدي بدل ما كسر الباب علي نفوخك،  بقي تخرجي من ورايا و تروحي تنادي عليه عشان ينقذ أختي من إيدي،  بقت كده يا هدي!،  ماشي صبرك عليا أما علمتك الأدب ما بقاش أنا حبشي يا شوية رمم. 

🌹🌹

#الفصل_الثالث_عشر

#ما_بين_الحب_والحرمان

#بقلم_ولاء_رفعت_علي


فتح باب الشقة و ربت عليها بحنان:  

- أدخلي يا ليلة،  دي شقتك أنتي و أنا زي ما قولت لك هنزل أقعد عند أمي و لو محتاجة أي حاجة رني عليا و أطلع لك. 


أمسكت بيده و قالت من بين بكائها:

- أرجوك ما تسيبنيش لوحدي. 


رأي الخوف في عينيها فسألها: 

- خايفة تقعدي لوحدك؟ 


أومأت له كطفلة صغيرة تشعر بالخوف فعانقها و أخذ يربت عليها: 

- ما تخافيش أنا هاقعد معاكي مش هاسيبك. 


أبعد وجهها عن صدره و تأمل وجهها الملئ بآثار أنامل شقيقها الأحمق علي خديها،  أخذ يجفف عبراتها بأطراف أنامله و لم يجد أحد ملام غير سواه ، وبخ نفسه علي إنفعاله عليها و جعلها تترك المنزل و الذهاب إلي شقيقها الظالم الذي لم يرأف بها يوماً. 


- بصي يا ليلة إحنا ممكن نبتدي من أول و جديد زي ما بيقولو صفحة جديدة،  و كأني أعرفك أول مرة،  و عشان تبقي علي راحتك هاسيبك تقعدي في أوضة النوم براحتك و أنا هنام في أوضة الأطفال،  طبعاً كل طلباتك مُجابة و مش عايزك تتكسفي أبداً،  و بالنسبة لموضوع الكلية أنا مش ناسيه،  من بكرة هانروح الجامعة و نشوف أي الأوراق المطلوبة،  و قبل ما أسافر هاسيب لك مبلغ عشان مصاريف و كل مستلزماتك. 


أبتسمت من بين عبراتها،  غير مصدقة أخيراً وجدت يد حانية بدلاً من يد شقيقها الغليظة الذي يظلمها و لا تجد منه سوي بطشه و ظلمه لها. 

أقترب منها و قبلها أعلي رأسها و قال لها: 

- أدخلي خدي لك دش و خشي أرتاحي و أنا هانزل أقعد علي القهوة شوية مع أصحابي لو في اي حاجة رني عليا و أنا هاكلمك، و ما تحضريش السحور أنا هاشتريه جاهز. 


ـــــــــــــــــــــ

و ها هي حياتها قد تبدلت من الحزن و البؤس إلي السعادة و الفرح،  فكما أخبرها و وعدها أخذها إلي الجامعة و أنتهي من تقديم  كل ما طلبته شئون الطلبة من أوراق و مصاريف،  و بعد ذلك أخذها إلي إحدي مجمعات التجارية الشهيرة فقال لها: 

- نقي اللي نفسك فيه من هدوم خروج و شنط و جذم و أي حاجة أنتي عايزاها. 


نظرت إليه و قالت بحرج: 

- أنا عندي هدوم خروج كتير أنت جيبتها لي قبل الجواز. 


أمسك يدها و ربت عليها قائلاً: 

- و أي يعني جيبي تاني و تالت و كل اللي نفسك فيه هاتيه،  و ما تشليش هم أي حاجة أنا الحمدلله ربنا موسعها عليا فهستخسر فيكي ليه يعني،  أنتي أطلبي و أنا عينيا ليكي. 


ضحكت من فرط السعادة و ودت أن تقفز كالطفلة فأخيراً وجدت العوض و الحب الحقيقي،  ذهب كليهما بعدما أنتهت من الشراء و جلبت الكثير إلي إحدي المطاعم الشهيرة و ظل يتبادلا الأحاديث عن إهتمام كليهما و بدأت تشعر بشئ حياله و ربما قلبها قد خفق نتيجة شعور حقيقي تشعر به لأول مرة. 


و علي جانب آخر كان هناك من يحترق من الغيظ و الحقد و الغيرة، كانت زوجة شقيقه تراقبهما و كلما تراهما يزداد حقدها و تريد التخلص من ليلة بشتي الطرق فقررت الإنتقام في اقرب فرصة!

ـــــــــــــــــــ

ها هي تذهب بقدميها للمرة الثانية إلي عمار و هذا لعدم رده علي إتصالاتها منذ الأيام السابقة 

دلفت بخطي وئيدة و تتلفت يميناً و يساراً و إن وطأت قدمها غرفته وجدت من يدفعها إلي الداخل و يغلق الباب،  كادت تصرخ فرفع سبابته أمام شفتيه يحذرها بنبرة يغلب عليها الثمالة : 

- هوس يا ليلة هاتفضحينا و تسمعي بينا الجيران. 


رفعت غطاء وجهها و هدرت من بين أسنانها: 

- أبعد يا متخلف أنا مش ليلة. 


دفعها نحو الفراش فوقعت و جثي فوقها، أخذت تقاومه بدفعه و ضربه فأخرج مُدية من جيب بنطاله و أشهرها في وجهها و كأنه لم يري سوي ليلة فقط،هوي بكفه علي وجهها بصفعة قوية: 

- قولت أخرصي بقي، كل مرة تعملي كده و تهربي مني لكن دلوقت مش هخليكي تهربي لازم أعرفك إن ملكيش غيري أنا،  فاهمة يا ليلة. 


و سرعان ما قام بتقيد يديها و تكميم فاهها و شرع فيما عزم عليه و قد كان، فبدلاً من أن توقع ليلة في شر أعمالها فوقعت هي في شر من صنع يداها. 

ـــــــــــــــــــ

عاد جلال من عمله في ساعة متأخرة من الليل يترنح يميناً و يساراً حتي وصل إلي غرفته،  وجد زوجته تغط في النوم،  جلس بجوارها و خلع حذائه،  لكزها ليوقظها: 

- عايدة،  أصحي و قومي عايز اقولك حاجة. 


همهمت بصوت يخرج بصعوبة و يشوبه النعاس أو هكذا تصنعت فاللذي حدث لها ليس بالشئ الهين : 

- سيبني يا جلال عايزة أنام. 


لكزها مرة أخري و قال: 

- قومي يا بت عايزك افهمي بقي،  أنتي وحشاني أوي و أنتي بقالك يجي شهر مش سأله فيا و لا عايزة تقربي مني و كلها يومين علي العيد. 


زفرت بتأفف و نهضت بجذعها و فاضت بما تشعر به من حزن و هم فوق رأسه : 

- عشان قربك مني زي عدمه بالظبط و إحمد ربنا أنا مستحملاك و مستحملة تلقيح أمك عليا لمدة تلات سنين،  و أنا ساكتة و كاتمة في قلبي  . 


عقب بحزن: 

- كده بتعايرني يا حب،  أخص عليكي ده انا بحبك أكتر من نفسي،  أخرتها بقت أنا اللي وحش. 


تقلبت و ولت ظهرها إليه ثم دثرت جسدها بالغطاء بتأفف قائلة: 

- يوه بقي هاتقعد لي بقي تتمسكن،  ما تسكت بقي أنا أصلاً مش فايقة لك و عايزة أنام. 

لم تكن تريد أن يري عبراتها أو رجفة جسدها الذي أُنتهك رغماً عنها، أبتعد عنها بإمتعاض قائلاً: 

- ماشي يا دودو ،  بس عايزك تعرفي حاجة واحدة أنا مفيش حد بيحبك و هايستحملك قدي. 

ـــــــــــــــــــــ

تكبيرات العيد تصدح في كل أرجاء المعمورة 

و هنا أستيقظت ليلة من النوم و خرجت إلي الردهة وصل إلي مسمعها غناء بصوت عذب لأغنية العندليب أول مرة تحب يا قلبي 

ذهبت إلي المطبخ حيث مصدر الصوت وجدته يقف و يعد الطعام فقالت له: 

- كل سنة و أنت طيب يا حبيبي. 


نظر إليها مبتسماً: 

- كل سنة و أنتي لياليا و أيامي و منورة دنيتي كلها. 


توردت وجنتيها من الخجل فسألته: 

- أنت بتعمل أي؟ 


- أنا روحت صليت و رجعت و بما أنك لسه كسلانة و نايمة قولت هعاملك فطار تاكلي صوابعك وراه،  حاجة كدة شغل فنادق،  تدوقي؟ 

و مد يده بقطعة من الشطيرة فتقدمت لتأكلها من يده،  لامست شفتيها طرف أنامله دون قصد منها،  لكن تلك الحركة أثارت ما بداخله من مشاعر و رغبة أن يلتقط تلك الشفتين في قبلة عميقة لم تنتهِ. 


- تسلم إيدك حلوة أوي. 

نظر إليها بحب و هيام و أخبرها :  

- أنتي اللي حلوة أوي يا ليلة. 


و أقترب بشفتيه ليفعل ما يريده فوجدها في حالة إستسلام فقال لها بعشق:  

- أنا بحبك أوي. 


ثم أخذ يقبلها مرة أخري لكن بقوة و كأنه كالظمآن الذي يرتوي من بئر الماء،  لم يعد هناك وقت للإنتظار،  نظر إليها في حالة لا يرثي لها: 

- ليلة أنا مشتاق لك أوي. 


أدركت ما يقصده من نظرته الهائمة تلك و نبرته كالغارق في المحيط و هي طوق النجاة الذي سينقذه من الغرق،  أومأت له و كأنه تصريح عام. 

فسألها ليتأكد:

- يعني موافقة؟ 


أومأت له بنعم و خجل،  فترك كل ما بيده و حملها علي زراعيه و دخل غرفة النوم ليبدأ معها أول خطوات العشق فوق السحاب و كان من أجمل الأيام إليه فها هو أصبح يمتلك ليلته قلباً و قالباً. 

ــــــــــــــــــ

ولجت هدي إلي الغرفة لتوقظ زوجها،  فوجدته ما زال نائماً،  لكزته بخفة: 

- أصحي يا حبشي،  أصحي ده صلاة العيد خلصت و الناس فطرت و أنت لسه نايم هاتصحي أمتي؟ 


تقلب علي يمينه و قال بصوته الغليظ: 

- مش قولت يا وليه محدش يصيحني غير لما أصحي أنا من نفسي،  و لا الكلام ما بيتسمعش و لازم تاخدي لك قلمين. 


تمتمت و هي تبتعد عنه: 

- ما باخدش منك غير الشتيمة و طولة اللسان و مد الايد،  ربنا يهديك و لا يهدك. 


نادت علي أولادها: 

- واد يا محمد تعالي و أنت و أختك عشان تلبسو و نروح نعيد علي عمتكم،  الحمدلله ربنا نجدها من أخوها و رزقها بجدع ابن حلال. 


ـــــــــــــــــ

و في منزل نفيسة تلفت جلال من حوله  ليتأكد أن زوجته ما زالت نائمة و لم تراه و هو يبتلع قرصين باللون الأزرق بدلاً من كان يتناول قرصاً واحداً!،  أراد أن يثبت لها أنه رجل أفعال و ليس كما كانت تلقبه دائماً (جلال أبو دقيقة) و تعايره. 


بينما هي كانت تغط في النوم، فقام بإيقاظها: 

- قومي يابت كفاية نوم،  أنا ما صدقت أمي راحت تعيد علي خالتي،  قومي يلا قبل ما ترجع و أخويا و مراته ينزلو. 


تململت بتأفف و قالت بضجر : 

- يوه يا جلال سيبني أنام. 


- تنامي أي ما ينفعش خالص،  بقولك إحنا لوحدنا يا بت أخيراً،  تعالي يلا نحتفل بالعيد يمكن المرة دي تصيب و ربنا يرزقنا بعبدالجليل صغير. 


شهقت بسخط:

- نعم يا أخويا عبدالجليل أي ده،  و أنا مالي أتدبس في إسم جدك الكبير. 


- ماله إسم جدي مش عاجبك و لا ايه! 


أمسكت بالوسادة و تمددت للمرة الثانية: 

- طيب يا أبو عبده سيبني أنام و ابقي صحيني علي الغدا. 


جذبها من يدها و صاح بنفاذ صبر: 

- بقولك ايه مفيش نوم خالص. 


و أنهال عليها بالقبلات و هي تحاول أن تنسحب لكنه أرغمها علي ذلك.


و بعد قليل... 

آهات تنطلق من فاه جلال مَنْ يسمعها يظن إنها آهات من النوع الأخر لكنها في الحقيقة آنات نتيجة ألم ساحق داهمه و كان يضع كفه علي موضع قلبه،  صرخت عايدة : 

- مالك يا جلال في ايه؟ 


أبتعد عنها و يلتقط أنفاسه بصعوبة،  يغر فاهه لعله يلتقط بعض الهواء،  أشار لها و يشهق: 

- ألـ حـ قـ يـ نـ ي. 

يستغيث بصوت متقطع،  نهضت سريعاً و أرتدت عبائتها علي عجالة،  و أمسكت ببنطاله لتجعله يرتديه: 

- ألبس و أستر نفسك،  هاروح أنادي لك أخوك،  يالهوي ربنا يستر. 


أخبرها بشىء تكاد تسمعه بصعوبة:

- بـ حـ بـ ك يا عايدة.

و  خرجت شهقة قوية سكن بعدها جسده و وقع بجذعه علي الفراش،  أتسعت عينيها و أخذت تصرخ بأسمه: 

- جلال،  فوق أبوس إيدك،  أنت شربت أي المرة دي، جلال مالك في ايه! 


ظلت تهز جسده و أمسكت بيده لتجد جسده متراخي، وحين تأكدت إنه توفي بوضع أذنها علي قلبه فوجدته توقف عن النبض، أخذت تصرخ و تصرخ غير مصدقة انه قد فارق الحياة! 

ــــــــــــــ

صرخات تتعالي و صادرة من منزل نفيسة و تردد:

- جلال أبنااي،  مكنش يومك يا ضنايا  . 


فكانت ليلة تغط في النوم بين ذراعي معتصم و أنتفضت حيث أستيقظت بفزع:  

- يا ستار يارب ايه الصريخ ده. 


نهض الأخر قائلاً:  

- يا نهار ازرق ده الصويت ده جاي من عند أمي تحت. 


أرتدي ثيابه و كذلك هي و غادرا علي عجالة من أمرهما،  و عندما دخل كليهما وجد عايدة تبكي بحرقة و ربما يبدو هكذا،  و صوت والدته يأتي من الغرفة تبكي و تنوح علي ولدها البكري الذي توفي و ما زال في ريعان  شبابه. 

ــــــــــــــــــــ

نُصبت سرادق العزاء بطول الحارة و صوت الشيخ يتلو القرآن،  يعم الحزن علي الجميع فكان العيد سعيداً علي أهل الحارة سوي عائلة نفيسة التي فقدت إبنها الكبير. 

و في الأعلي تجلس الأم الثكلي و النساء يتوافدون عليها لتعزيتها، بينما تجلس عايدة في ركن هادئ بملامح ساكنة و كأن المتوفي ليس زوجها،  و مَنْ قال إنها ستشعر بالحزن حياله بل هي خير شاكرة للقدر بأنه أزاح عقبتها من أمامها. 


- بت يا ليلة هي مالها سلفتك قاعدة كده و لا بتعيط و لا بتنوح علي جوزها! 

سألتها هدي فأجابت الأخري: 

- ممكن مصدومة عادي يعني. 


- بيني و بينك وقت ما شوفتها دخلت علينا البيت وقت ما جت مع حماتها يطلبو إيدك ما رتحتش ليها،  و ديماً ببقي شايفة في عينيها و هي بتبص لك غل و حقد غيرة. 


عقبت الأخري بنفي: 

- لاء يا بنتي مش للدرجدي،  أنا ما نكرش أنها كانت بتضايقني بس أنا عارفة كانت بتعمل كده عشان تراضي حماتي،  يلا ربنا يصبرها علي فراق جوزها. 


رمقتها هدي بإمتعاض و قالت: 

- خليكي في هبلك و طيبتك اللي هاتوديكي في داهية و بكرة تقولي مرات أخويا قالت لما تشوفيها علي حقيقتها مش بعيد تلوف علي جوزك. 


تأففت الأخري بضجر و قالت:

- يوه بقي يا هدي ،  بطلي بقي سوء الظن اللي جايب لك وجع الدماغ،  يا ستي أصلاً جوزي نفسه مش بيطيقها يعني إستحالة أصلاً يفكر فيها. 


لاحظت هدي معتصم يقف أمام باب الشقة و يشير إلي زوجته فقالت لها زوجة أخيها: 

- طيب ياختي روحي كلمي جوزك. 


و عندما ذهبت الأخري إلي زوجها لم تحيد أعين هدي عن عايدة التي لم تلاحظ مراقبة الأخري لها و هي عيناها صوب معتصم و ليلة و نظرتها كافية لما تضمره من حقد دفين نحو شقيقة زوجها. 

ـــــــــــــــــــــ

مر أربعون يوماً علي وفاة جلال، و الحال كما هو، لكن هناك من يكون مثل الهدوء قبل العاصفة.

و لدي منزل نفيسة تجلس عايدة في غرفتها بوجه متجهم و شاردة في الفراغ و أمامها علي الطاولة إختبار حمل منزلي،  فالأختبار تظهر شرطتان و هذا يعني الحمل إيجابي، كانت لا تتوقع مثل تلك الكارثة و أكبر مخاوفها يكون هذا الحمل نتيجة الليلة التي أعتدي عليها عمار عندما كان في حالة ثمالة أم يكون هذا من زوجها المتوفي؟، لكن كيف يكون من زوجها الذي كان يعاني من مشاكل عديدة علي رأسها مشكلة عدم القدرة علي الإنجاب! 


طرق علي الباب جعلها نهضت مسرعة تُخبىء الأختبار سريعاً أسفل وسادة الأريكة و سألت الطارق: 

- مين؟ 


رد الطارق: 

- أنا يا بنتي. 


- أتفضلي يا خالتي أنا صاحية. 


فتحت نفيسة الباب و عيناها تفيض بالدمع،  ما زال قلبها منفطراً علي ولدها  : 

- هاتفضلي قافلة علي نفسك كده يابنتي؟ 


ردت الأخري و تخشي موقف حماتها تجاهها خاصة بعد وفاة إبنها  : 

- يعني أروح فين يا خالتي؟ 


أجابت حماتها: 

- أنا عارفة إن جلال الله يرحمه كان بيحبك أوي و كان نفسه يجيب حتة عيل منك يشيل إسمه بس ربنا ما أرادش. 


كانت الأخري تستمع في حالة صمت تخشي أن تتخلي عنها حماتها و هي لا تريد ترك المنزل أو الأحري لا تريد الإبتعاد عن معتصم. 


تنهدت نفيسة ثم أردفت: 

- أنا عارفة الكلام ده لسه سابق لأوانه بس مش حابة أظلمك و أنتي لسه شابة صغيرة و فيكي الطمع،  بعد ما تخلص شهور عدتك لو عايزة تتجوزي أتجوزي محدش فينا يقدر يمنعك. 


وجدت عايدة تلك اللحظة المناسبة التي تبدأ بها أن تحيك ألاعيبها الماكرة،  تصنعت دور الحمل الوديع فقالت: 

- أيه اللي بتقولي ده يا خالتي،  أنا ماليش غيركم،  أنتم أهلي و عزوتي و بعدين فيه حاجة لسه عارفها و كنت هاجي لك عشان أبلغك بيها. 


أنتبهت الأخري بكامل حواسها حتي أخبرتها زوجة إبنها بالمفاجأة، أخرجت الإختبار من أسفل الوسادة و أعطتها إياه قائلة بثقة و دون تردد: 

- أنا حامل . 

🌹🌹

#الفصل_الرابع_عشر

#ما_بين_الحب_والحرمان

#بقلم_ولاء_رفعت_علي


ذهب معتصم  إلي والدته بعدما تأكد من أن ليلة تغط في نوم عميق بعد يوم طويل من العمل فهي الآن تقوم بمهام عايدة التي أصبحت حامل و لم تستطع القيام بعمل أي أعمال منزلية شاقة من الممكن أن تضر بحملها و ربما هذا حديث نفيسة التي تتمسك بحفيدها و كأنه عوضاً عن إبنها الذي فقدته.

جلست مع ولدها لتخبره بهذا الأمر الهام و هو حمل زوجة أخيه المتوفي، سألها بعدم فهم : 

- طيب يا أمي و أعملها أي يعني، ربنا يكملها علي خير عايزة أي أنتي مني مش فاهم؟ 


أبتلعت ريقها و خشيت من ردة فعل إبنها بعدما تخبره بطلبها  :  

- عايزاك تتجوزها بعد ما تقوم بالسلامة. 


صاح بغضب كالوحش الكاسر : 

- نعم بتقولي ايه!،  أنتِ أكيد بتهزري  إستحالة. 


- يابني أسمعني بس قبل ما تقرر،  هي لو كانت لوحدها مكنتش هطلب منك الطلب ده و هقول تروح تتجوز أي حد،  لكن دي شايلة حتة من أخوك. 


أنتصب شعر جسده عندما أدرك ما تقصده والدته: 

- قصدك حامل؟ 


أومأت له و قالت: 

- أيوه لسه عارفة إمبارح،  ما تعرفش أنا فرحت قد أي قولت سبحان الله،  ربنا ليه حكمة بأن يرزقنا بحته من جلال الله يرحمه. 


نهض معتصم و ولي ظهره إلي والدته و أخبرها: 

- معلش يا أمي أطلبي مني أي حاجة ما عدا موضوع جوازي من عايدة،  أنا بحب ليلة و ما أقدرش أخونها. 


نهضت و وضعت يدها علي كتفه و قالت: 

- خيانة ايه يابني كفي الله الشر،  ده جواز علي سنة الله و رسوله. 


ألتفت إليها قائلاً: 

- يا أمي أرجوكي ما تضغطيش عليا أكتر من كدة. 


- ماشي يابني،  عموماً أنا بقولك فكر من هنا لحد ما تقوم هي بالسلامة يعني قدامك تسع شهور و لما تخلف و تربعن تكتب عليها. 


جز علي أسنانه يكبت غضبه حتي لا يصدر منه فعلاً أو قولاً نحو والدته يندم عليه لاحقاً، فأطلق زفرة و كأنها لهيب مستعر ثم ذهب من أمامها و بالطبع هناك زوج من العيون المليئة بالخبث و الشر تراقب و تسترق السمع من خلف باب غرفتها. 


ـــــــــــــــــــــــ

و في صباح اليوم التالي، أستيقظت ليلة علي صوت زوجها و هو يصيح بغضب و يتحدث في هاتفه: 

- إزاي ده يحصل من غير حتي يبلغني و لا هم فاكرين نفسهم ايه! 


الطرف الأخر في المكالمة: 

- أهدي يا صاحبي و بطل زعيق أنت عارف و أنا عارف إنهم ممكن يمشونا في أي وقت من زمان و خصوصاً عشان بنقبض بالعمله الصعبة. 


رد معتصم و صدره يضيق و يشعر بالإختناق: 

- طيب خلاص يدوني باقي فلوسي و أنا مش عايز من وشهم حاجة،  و بلغ الشيخ عبدالله أن خلاص مش راجع و باقي فلوسي و أتعابي يبعتهم لي في حوالة،  يلا سلام. 


زفر بحدة و ألقي بهاتفه علي الأريكة فجميع المصائب تتوالي فوق رأسه الأولي طلب والدته بأن يتزوج أرملة أخيه التي يمقتها و يكرهها بشدة و ها هو قد خسر عمله في الخارج و أصبح بلا عمل. 


أقتربت منه ليلة و سألته بإهتمام: 

- مالك يا حبيبي فيه حاجة حصلت في شغلك؟ 


حاول رسم إبتسامة علي شفتيه فلا يريد أن يشاركها أحزانه يكفيها ما رأته من حزن في الماضي،  ربت عليها بحنان و قال لها: 

- مفيش يا حبيبتي،  شوية مشاكل كده في الشغل. 


نظرت إليه بحب و حنان و قالت: 

- معتصم لو محتاج أي حاجة أنا دهبي تحت أمرك. 


ألتفت إليها و ظل يرمقها لثوان بسعادة فها هي تعرض عليه المساعدة دون أن يطلب منها ذلك،  أمسك بيدها و قام بتقبيل باطن كفها و قال: 

- ربنا يخليكي ليا و ما يحرمنيش منك يا روح قلب معتصم. 


ثم عانقها بحنان و حب فأخذت تربت عليه و قالت:

- و لا يحرمني منك أبداً يا حبيبي. 


أغمض عينيه و يتذكر طلب والدته بالزواج عليها،  كيف يفعل بها ذلك! 


ـــــــــــــــــــ

و في المساء كان شارداً في الأمر الذي يشغله و ينظر نحو سرب الطيور المُحلق في السماء فيبدو أكثر حرية منه، و قاطع شروده يد تربت عليه بحنانها الغادق دوماً فألتفت إليها قائلاً: 

- تعالي يا أمي. 


و أشار إليها لكي تجلس بجواره فقالت له: 

- أنت زعلان مني يا بني؟ 


نظر إليها و أمسك بيدها: 

- عمري ما أزعل منك يا أمي مهما حصل،  لكن اللي أنتِ طلباه مني صعب أوي أوي عليا، أنا فاهم و مقدر مشاعرك، و بعدين ما هي كده أو كده هي قاعدة معاكِ عشان ملهاش غيرنا و إبن أخويا يبقي زي إبني يشرف بس و يجي بالسلامة و أنا و الله ما هقصر معاه أبداً، ده هيبقي الغالي إبن الغالي الله يرحمه. 


ربتت عليه و ما زالت تُصر علي رأيها: 

- عارفة من غير ما تحلف، بس برضو ريح قلب أمك، أنت خلاص أهو قاعد و مفيش شغل و لا سفر فبالتالي ما ينفعش تدخل و تطلع عليا و مرات أخوك قاعدة معايا و هي من غير راجل يرضيك حد يقول عليها كلمة كدة و لا كدة! 


نهض و هم بالذهاب و الشياطين تتراقص أمام عينيه فسألته: 

- قايم رايح فين؟ 


زفر بتأفف و أجاب: 

- نازل هاقعد علي القهوة مع أصحابي. 


و قبل أن تتفوه بكلمة تركها مسرعاً و ذهب. 


و علي المقهي رأي حبشي يلقي مكعب الزهر علي القطعة الخشبية و يقهقه قائلاً: 

- ها آو تالت دور و غلبتك يلا حاسب علي المشاريب يا حلو. 


رد الشاب الأخر: 

- طب و ربنا حاسس إنك بتخُم،  لاء يا عم مش هحاسب،  حاسب أنت علي مشاريبك و أنا هحاسب علي مشاريبي. 


قبض حبشي علي تلابيب قميصه و أخبره بصوته الغليظ: 

- ما تطلع راجل قد كلامك يالاه و أدفع بدل و عليا الطلاق لـ... 


قاطعه معتصم الذي حضر للتو و أمسكه من يده قائلاً: 

- جري إيه يا أبو نسب مش لاقي غير الولاه حمدي اللي بيموت علي الجنيه زيك و تلاعبه علي المشاريب! ، أنا اللي هادفع إهدي بقي. 


قام الأخر بدفع ذلك الحمدي من ذراعه: 

- قوم يالاه من هنا و قعد سيدك معتصم. 


إبتسم معتصم رغماً عنه و جلس و أطلق تنهيدة فسأله حبشي: 

- مالك أختي منكدة عليك و لا إيه؟، و لا موت المرحوم أخوك لسه مأثر عليك. 


رمقه بإمتعاض و قال: 

- مفيش، سيبك مني أنا دلوقت إلا قولي يا حبشي،  هو أنت ما بتجيش ليه تسأل علي أختك،  و قبل ما ترد بإجابات ملهاش لازمة و عارف وراها إيه،  إحنا مش عايزين منك حاجة بس موضوع قلة سؤالك علي أختك و كأنك ما صدقت تخلص منها ده مأثر علي نفسيتها و اللي يزعل ليلة كأنه زعلني بالظبط. 


حك الأخر ذقنه و قام بقلب الأمر من الجدية إلي المزاح الساخر قائلاً: 

- أختي علي طول نكدية و أنت شكلك كده طري معاها ما تنشف يا صاحبي و بطل خيابة و أسترجل شوية أجيب لك بيريل و لا تاخد لك سوجارة؟ 


نهض معتصم و رمقه بإزدراء: 

- تصدق بالله أنت الكلام معاك خسارة و مضيعة للوقت و هقولك علي حاجة البيريل دي تشربها أنت يمكن ترفع عندك هرمونات الرجولة و لا اه صح نسيت إنك معفن و نتن مش هاتقدر تشتريها. 


تركه و ذهب قاصداً العودة إلي أحضان زوجته،  فكلما ضاق به الحال ذرعاً يذهب و يرتمي علي صدرها لعله يهدأ و يصبح في حال أفضل، لكن أحياناً يقدم لنا القدر ما يشرح صدورنا و ييسر لنا أمرنا. 


و قبل أن يصعد إلي ليلة قامت والدته بمناداته: 

- معتصم تعالي يا بني عايزاك دقيقة. 


ولج إليها و قال لها: 

- نعم يا أمي. 


- المحلات تحت مقفولة عايزة تتوضب و أفتح لك المشروع اللي يناسبك، هتلاقي أوراق الترخيص و الكهربا و الميه عندك في الأوضة جوة. 


أومأ لها قائلاً: 

- حاضر يا أمي، بس بعدين بقي. 


- يا بني ريحني و أعمل اللي بقولك عليه و لا أنت متكل علي القرشين اللي حيلتك تقعد تصرف فيهم لحد ما يخلصو! 


رمقها بإمتعاض ثم نهض: 

- حاضر. 


و ذهب علي مضض و ولج إلي داخل غرفته فتح الخزانة و أخذ يبحث عن تلك الأوراق فأنتبه إلي عدة ملفات لنتائج تحاليل طبية، قام بفتح إحداها فوجد إسم شقيقه و تقرير بالإنجليزية لم يفقه منه شيئاً، حتي وقعت عيناه علي ورقة مُرفقة بها إسم الطبيب و ضرب الشك صدره عندما رأي تخصص الطبيب أسفل إسمه، أخذ تقارير النتائج و عقد العزم علي معرفة شيئاً ما و إذا أصبح شكه يقيناً فسيجعل الدنيا تنقلب فوق رأس تلك الحرباء عايدة. 

ــــــــــــــــــــ

تتلفت من حولها عندما وصلت إلي هذا المكان النائي لتقابله بعدما أرسل لها رسالة إنه يريد مقابلتها أم سيأتي لها في منزل عائلة زوجها و هذا كافي لجعل الخوف يدب في قلبها،  تخشي أن ينكشف خداعها أمامهم لا سيما بعدما أقتربت من غايتها و هو الزواج من معتصم. 


- عايز ايه يا زفت عمال تبعت لي في رسايل و تتصل. 


أقترب منها و بإبتسامة شيطانية أخبرها: 

- خايفة لأكشف حقيقتك لمعتصم أخو جوزك المرحوم! 


أتسعت عيناها فأردف موضحاً لها: 

- أنتِ فكراني مغفل و معرفش أنتِ مين!، أنتِ لما مشيتي من عندي  أول مرة نزلت وراكي و شوفتك قبل ما تدخلي البيت بتقلعي النقاب ده غير لما حضرت عزا جوزك الله يرحمه و يبشبش الطوبة اللي تحت راسه اللي سبحان الله بقدرة قادر طلع أخو معتصم اللي كنتي بتقولي إنه كان متجوزك اللي هو إزاي يعني، فطبيعي فقست الحوار. 


أنقضت عليه و قبضت علي تلابيب قميصه تحذره من بين أسنانها: 

- إسمع ياض أنت و ربنا لو نطقت بحرف لأقول لمعتصم علي أنك بتشاغل مراته و بتجري وراها و يا سلام أخوها لو عرف هيمسكوك و يقطعوك حتت و يرموك للكلاب خاصة بعد ما أعرف معتصم اللي عملته فيا اليوم إيـ... 

صمتت حتي لا يفتضح أمرها و ما تخبأه علي معتصم و والدته إذا علموا بأمر علاقتها بعمار و إغتصابه لها. 


- سكتي ليه إيه اللي عملته فيكي! 


تهربت من النظر إليه و أجابت: 

- قصدي يعني تهديدك ليا، بقولك إيه إبعد عني بقي أنا دلوقت واحدة أرملة و بخاف علي سُمعتي. 

خفقات قلبها كانت تتزايد لكن بدأت تهدأ عندما أيقنت من سؤاله بعدم تذكره لأمر إعتداءه عليها. 


ضحك بسخرية و أخبرها: 

- أنا كده فهمت، أنتِ عينك من معتصم و كنتِ عايزة تزيحي ليلة من قدامك و تخليه يطلقها بعد ما يعرف علاقتي بيها و طبعاً دلوقتي موت جوزك حل ليكي المشكلة عشان كده واقفة قدامي و بقلب جامد تقولي لي أبعد عنك عشان سُمعتك!، طب بصي بقي أنا يا قاتل يا مقتول تتصرفي و تتشقلبي تخلي معتصم يطلقها و في نفس الوقت تشخللي جيبك و عايز 100ألف جنيه. 


صاحت في وجهه: 

- نعم يا أخويا!، ميت عفريت لما يلهفوك، مش هديلك حاجة و غور بقي بدل ما ألبسك مصيبة. 


قبض علي رسغها: 

- العفاريت دي اللي هطلعها عليكي لما أفضحك في الحارة و أقولهم علي أتفقنا و لا هيهمني و ساعتها هيطردوكي طردة الكلاب في الشارع، فياريت تسمعي الكلام زي الشاطرة و في خلال أسبوع ألاقيكي عندي و معاكي المبلغ. 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

- أنا نازلة هاروح عند أخويا أشوف العيال و هدي عشان وحشوني أوي. 

قالتها ليلة له فأجاب الأخر: 

- أستني هانزل أوصلك. 


ذهب معها و قام بإيصالها ثم ذهب إلي الطبيب الذي أخبره ما هو مدون في التقارير الطبية: 

- أستاذ جلال الله يرحمه كان بيتعالج بقاله سنتين بس للأسف كل محاولات العلاج فشلت و النتايج الأخيرة كلها بتقول إستحالة إنه يخلف. 


و بعدما غادر من العيادة عاد إلي المنزل و عند وصوله أمام شقة والدته وجد عايدة تقف تنتظره: 

- أنا عايزاك في موضوع مهم. 


رد بسخرية: 

- يا تري ها تقولي لي اللي في بطنك ده يبقي إبن مين؟ و لا لعبة جديدة هتلعبيها عليا من ألاعيبك القذرة ! 


لم تنظر إلي عينيه مباشرة تخشي أن يدرك خداعها و أكاذيبها فقررت أن تشغله بإخباره عن عامر و علاقته بالليلة: 

- المرة دي بجد مش لعبة،  و يلا قبل ما أمك ما ترجع من برة،  لأن اللي هاقوله لك ماينفعش حد يسمعه غيرك لأنه يمس سمعة مراتك.


أمسك ذراعها بعنف و صاح بها:

- بت أنتِ أقسم بالله لو جبتِ سيرة مراتي تاني و ألفتي لها مصايب لأفضحك و أفضح وساختك و هقول لأمي إن اللي في بطنك مش إبن أخويا لأن جلال الله يرحمه كان عنده مشكلة و بيتعالج  منها و للأسف التحاليل كلها اللي عملها بتقول إستحالة إنه يخلف. 


أبتلعت ريقها و أرتدت قناع الجمود و أرادات أن تقلب الطاولة فوق رأسه فألقت عليه تلك القنبلة الموقوتة لتنفجر في وجهه: 

- أخوك الله يرحمه مكنش بيخلف و داريت عليه عشان ما يبقاش مكسور قدامكم،  و فعلاً اللي في بطني ده مش إبنه. 


رمقته بجرأة سافرة و أردفت: 

- يبقي إبنك. 


نهض و أنقض عليها كالوحش حيث أمسكها من ذراعها بعنف: 

- أنتِ بتخرفي بتقولي ايه،  أقسم بالله الهبل ده لو كررتيه تاني مش هقولك أنا وقتها ممكن اعمل فيكي إيه. 


- أهدي كده و أسمعني، هتتكلم كلمة عليا هاتبلي عليك و أقولهم أنا كنت قاعدة لوحدي و أنت أتهجمت عليا و أعتديت عليا تحت التهديد و أنا عشان بنت أصول خوفت لأحكي لأخوك و يحصل فتنه ما بينكم و حد فيكم يقتل التاني. 


حاول إستيعاب ما ألقته عليه و ود إقتلاع لسانها و التخلص منها،  أخذ يهذي بكلمات غير مسموعة حتي صاح في وجهها و أشار لها بأصبعه قائلاً لها بثقة و قوة: 

- كدابة و سافلة و حقيرة، يخربيتك ده أنتِ شيطانة. 


و قبل أن تتفوه بحرف دخلت والدته تنظر إليهما بتعجب: 

- في أي يا معتصم أنت و عايدة  صوتكم عالي كده ليه؟ 


تصنعت عايدة البكاء و أخبرتها بزيف: 

- شوفتي يا خالتي،  معتصم جاي يقولي أنتي خلاص ملكيش مكان بينا و روحي أقعدي مع قرايبك و أنا و مراتي هانقعد مع أمي. 


أتسعت عيناه غير مصدق لما تقوله تلك الحرباء فقالت له والدته: 

- صحيح الكلام ده يابني!  ، أخص عليك ده أنا لسه كنت بوصيك عليها،  طب كنت أعمل خاطر حتي لأخوك الله يرحمه و ابنه اللي في بطنها. 


رمق معتصم عايدة بتوعد فبادلته الأخري بنظرة إنتصار و خبث أفعي ماهرة. 


- أنتِ بتصدقيها و تيجي عليا عشانها،  ماشي يا ماه خليكي فاكرة. 


قالها و ترك لهما المنزل و غادر،  بينما عايدة كانت تقول بداخل عقلها: 

- أنت لسه شوفت حاجه إما جننتك ما بقاش أنا عايدة، و برضو في الأخر هاتبقي ليا. 


ــــــــــــــــــ

تقف ليلة أمام الخزانة في حيرة تمسك بثوب و تضعه عليه ثم تهز رأسها بالرفض ثم تعلق الثوب في مكانه داخل الخزانة مرة أخري،  و كان معتصن يجلس علي الكرسي شارداً و ينفث دخان سيجارته،  يفكر في كلمات عايدة و مكائدها أو الكارثة التي أخبرته و الذي يخبره حدسه إنه عليه التحري في هذا الأمر و يثبت كذبها بالدليل و البرهان. 


- حبيبي ايه رأيك في الفستان ده؟ 

سألته ليلة و وجدته ما زال شارداً و غير منتبه إليها فأعادت السؤال عليه مرة أخري: 

- معتصم،  إيه رأيك في الفستان ده؟ 


نظر إليها و هز رأسه بنعم دون أن يجيب عليها،  تركت ما بيدها جانباً و أقتربت منه تسأله: 

- مالك يا حبيبي في إيه؟ 


أنتبه إليها و ظل ينظر إليها لثوان ثم أجاب: 

- مفيش يا حبيبتي،  خلاص جهزتي هدومك اللي هتلبسيها ؟ 


لكزته بخفة في كتفه قائلة: 

- أومال أنا عمالة أقولك إيه من الصبح،  بص بقي أنا هاستني مرات أخويا هاتعدي عليا و هانروح مع بعض. 


- ماشي بس أنا هوصلكم و حاجة تانية. 


نظرت إليه و منتظرة ما سيخبرها به فقال: 

- تلبسي فستان واسع و محترم و ممنوع تحطي نقطة مكياچ في وشك يا إما كده يا إما مفيش فرح. 


أبتسمت و حاوطت عنقه بذراعيها تسأله بدلال: 

- بتغير عليا يا حبيبي؟ 


أمسك بيدها و قام بتقبيل باطن كفها: 

- اه طبعاً،هو أنا ليا مين غيرك أغير عليه!، مبسوطة يا ليلة؟ 


- طبعاً مبسوطة طول ما أنت معايا. 

صمتت لثوان و رمقته بجدية و سألته: 

- بتحبني يا معتصم؟ 


أجاب من أعماق قلبه: 

- كلمة حب دي مش كفاية،ده أنا أنا بعشقك . 

و أختم جملته بقبلة قوية لعله يشتت عقله من التفكير في كل ما حدث اليوم. 


و بعد دقائق فصلت القُبلة قائلة: 

- هاروح بقي ألحق ألبس عشان ما أتأخرش و هدي تزعل مني،  ده فرح بنت خالتها. 


ابتسم بمكر و ذهب ليغلق باب الغرفة بالمفتاح و قال لها: 

- كلمي مرات أخوكي و أعتذري لها. 


- بطل هزار بقي و أفتح الباب دي كلها عشر دقايق و هلاقيها هنا. 

فاجئها بجذبها بين ذراعيه و عانقها قائلاً: 

- و أنا مش بهزر، أنتِ وحشاني أوي. 


و ألتقم شفتيها في قبلة جنونية حتي قاطعه هاتفها بإتصال وارد، أمسك بالهاتف و أجاب بدلاً منها: 

- الو يا أم محمد،  معلش ليلة تعبت فجاءة فخدت مسكن و نامت،  معلش بقي مش هاتقدر تيجي الفرح

...... 

- حاضر عينيا، مع السلامة. 

و بعد أن أنهي المكالمة صاحت به ليلة: 

- إيه اللي أنت عملته ده، هدي مش هبلة و زمانها هاتزعل مني. 


أقترب منها و عانقها مرة أخري ثم قال بنبرة مليئة بالشوق و اللهفة: 

- يعني خايفة علي زعل مرات أخوكي و مش همك جوزك حبيبك المشتاق ليكِ! 


- أبداً و الله يا حبيبي، بس.... 

قاطعها قائلاً: 

- مفيش بس و ركزي معايا. 


سألته ببلاهة: 

- أركز في إيه. 


- هقولك دلوقت. 

و ألتقم شفتيها مرة أخري في قبلة عميقة تلاها عناق و لمسات و همسات شوق عارم فوق فراش العشق الوردي. 

ـــــــــــــــــــ


و في يوم آخر ذهب إلي مركز تحاليل و الذي يوجد به معمل خاص لعمل تحليل الـ DNA. 

أقترب من موظف الإستقبال و سأله: 

- لو سمحت عايز أسأل عن عمل التحليل الوراثي أنا مش عارف إسمه أي بالظبط. 


رد الموظف: 

- تحليل DNA  يا فندم. 


أشار له قائلاً: 

- أيوه هو ده اللي بتقول عليه،  هو أنا عايز أعمله لجنين لسه عمره حوالي شهر أو شهر و نص في بطن أمه. 


أنتبهت له فتاة يبدو إنها مساعدة فأخبرته: 

- ما ينفعش يا فندم لازم يكون مر شهرين علي الحمل أقل حاجة و بناخد من الأم عينة دم بنقدر من خلالها نعمل التحليل. 


أومأ لها و قال: 

- شكراً لحضرتك. 


- العفو يا فندم. 


غادر المكان و يشعر بالإختناق فهل سيظل عشرون يوماً في هذا التفكير الحارق للأعصاب،  و بين رؤية تلك الأفعي أمامه طوال الوقت و سعيها أن تكون له بأي ثمن! 


عاد إلي المنزل و قبل أن يصعد إلي شقته سمع نداء والدته له: 

- معتصم ،  تعالي يا بني. 


دلف إليها و جلس أمامها: 

- نعم يا أمي. 


- فكرت في اللي قولت لك فيه يا ضنايا، دي وليه غلبانه و بعدين شايلة حته من أخوك و جوازك منها هتحافظ عليها و اللي في بطنها هيتربي وسطنا و تحت عنينا،  أحسن ما تروح تتجوز واحد غريب و هو اللي يربي ابن أخوك و يا عالم هيربيه إزاي و لا هيعامله حلو و لا وحش. 


أطلق زفرة عميقة و هز رأسه و أخبرها: 

- خلاص يا أمي اديني مهلة عشرين يوم و هارد عليكي. 


سألته بإستفهام: 

- اشمعنا عشرين يوم؟ 


أجاب و عيناه تنظر نحو الفراغ: 

- لما يجي وقتها هابقي أقولك السبب. 


ـــــــــــــــ


و لدي هدي و حبشي... 

- حبشي أنا هاروح أطل علي أختك عشان أطمن عليها مقدرتش تيجي الفرح و جوزها قالي كانت تعبانة، مش ناوي تيجي معايا؟ 


رد بعدما نفث دخان سيجارته: 

- هابقي اروح أعدي عليها أخر النهار و عشان عايز معتصم في مصلحة كدة. 


أنتبهت إلي ما قاله و سألته: 

- و ياتري إيه المصلحة دي يا أبو محمد؟


حك ذقنه و نظر بتمعن في الفراغ قائلاً: 

- مصلحة في الجون لو أتقضت هانعدي الفلانكات. 


غرت فاهها و قالت بتهكم و هي تعلم ما لديه من مخزون أموال : 

- و أنت حيلتك حاجة يا اخويا عشان تعمل بيها مشروع و لا حتي مصلحه. 


- ما هو اللي زيك أخره بيفكر في الأكل و الشرب و اللبس لكن تشغلي دماغك دي ازاي عمرك ما هاتعرفي،  بصي يا ام مخ بطاطس أنا جاي لي مجموعة عربيات موديل من قيمة عشر سنين محتاجين شغل و صاحبهم مسافر و عايز يتصرف فيهم بس طالب سعر حراء شوية، فقولت ممكن أستلف مبلغ من جوز اختي و أول ما هاظبط العربيات و أبيعها بسعر حلو هاسدد الفلوس علي طول. 


فسألته هدي بترقب: 

- طب و اللي هاتكسبه هاتعمل بيه إيه؟ 


أنتبه لها و أجاب : 

- ها!  ، و أنتي مالك اعمل بيه إيه ،  غوري يلا شوفي بتعملي أي و لا اقولك أنا اللي هاقوم اعمل خليني أروح اشوف أكل عيشي. 


غادر المنزل فتأكدت إنه لم يعد حالياً و أطفالها نيام،  ذهبت و جلبت سكين صغير و ركضت نحو المكان الذي يخبئ به أمواله و جلبت الصندوق الحديدي و قامت بفتحه عبر السكين،  غرت فاهها و لم تصدق نفسها من كثرة المال: 

- حرمنا و مجوعنا و مطلع عيننا و في الأخر طالع بتحوش كل ده طب و ربنا أنت اللي جبته لنفسك و تستاهل حسرتك عليهم. 


نهضت و جلبت حقيبة صغيرة و وضعت بها الأموال كلها ثم أبدلت ثيابها و أيقظت أولادها و جعلتهم يبدلون ثيابهم،فسألتها صغيرتها:

- إحنا رايحين فين يا ماما؟

أجابت و هي تغلق سحاب سترة إبنها:

- هانهرب من قرف و بخل أبوكم، هيعيشكم و أجيب لكم كل اللي نفسكم فيه،  يلا بسرعة نمشي من هنا قبل ما يرجع. 


و غادرت المنزل عاقدة العزم علي الهروب من زوجها البخيل الظالم! 

🌹🌹

#الفصل_الخامس_عشر

#ما_بين_الحب_والحرمان

#بقلم_ولاء_رفعت_علي


كانت ليلة تبحث عن معتصم في المنزل فـ لم تجده  لكنها أنتبهت إلي صوت رنين هاتفه،  ذهبت لرؤيته فوجدته أعلي منضدة الطعام،  أخذته و وجدتها إنها رسالة واردة من تطبيق الدردشة الشهير ،  ترددت في فتحها ثم بالنهاية قامت بفتحها و قراءة فحواها: 

( معتصم حبيبي أنا سوزي حبيبتك اه يا قاسي ناسيني كل ده و نسيت ليالينا و لا خلاص أتجوزت و نسيتني أخص عليك ) و بأسفل الرسالة صور لسيدة ترتدي ثياب فاضحة. 


أتسعت عينيها و ما لحقت أن تستوعب ما قرأته و رأته حتي وجدت طرق علي الباب بشدة و يتبعه رنين جرس المنزل،  ذهبت لتري من هذا الطارق الذي أفزعها،  وجدته شقيقها و عيناه يتطاير منها الشر و نيران مشتعلة يصيح بصوت مخيف: 

- هي فين؟ 


شعرت ليلة بالفزع حينما رأت شقيقها في تلك الهيئة المخيفة و لم يمهلها فدفعها إلي الداخل و أزاحها عن طريقه ثم أخذ يبحث عن زوجته و يصيح بغضب عارم: 

- هي فين ؟،  و ربنا لأقطع جتتها حتت و أرميها للكلاب الحرامية بنت الـ... 


أشارت له بيديها و قالت: 

- أهدي بس يا حبشي و فهمني فيه إيه . 


قبض علي تلابيب منامتها و صاح بها: 

- أنتي هاتعمليهم عليا يا روح خالتك!،  يعني مش عارفه الواطية هدي راحت سرقت فلوسي و هربت بيهم و شكلكم متفقين و مدبرينها مع بعض. 


صرخت به و تدفع يده عن تلابيبها  : 

- متفقين علي إيه يخربيتك،  أنا و ربنا  ما شوفت مراتك من وقت ما كنت عندكم آخر مرة . 


زفر بغضب و أخبرها: 

- الهانم خلتني بره و رجعت لاقيتها سرقت القرشين اللي كنت محوشهم للزمن و للعيال و كنت لسه بحكي لها عن مشروع هعمله و هناكل منه الشهد و كنت لسه هاجي لكم عشان أعرض الشراكه علي جوزك،  أبص ألاقي الحلوة مقلباني و سرقت شقا عمري و تعب سنين و ربنا ما هسيبها و يا ويلها و سواد ليلها. 


رمقته ليلة بغضب فقالت له: 

- يعني فضلت حارمني و حارم مراتك و عيالك عشان تحوش و تعمل مشاريع،  تصدق بالله هي لو فعلاً سرقتهم يبقي حلال عليها هي بنت حلال و صبرت معاك كتير أوي. 


كانت كلماتها كالنيران التي أقترب منها الوقود فأزدادت إشتعالاً ثار و جال فقبض علي ذراعيها: 

- أنتي شمتانه فيا يا بنت الـ.... 


و كاد يصفعها لكن أوقفته يد معتصم الذي عاد للتو  من الخارج قائلاً: 

- أنا المرة اللي فاتت حذرتك إياك تمد إيدك علي مراتي و المرة دي جاي تتهجم عليها و في بيتي يا بجاحتك و وساختك يا أخي. 


و سدد له لكمة قوية فتراجع و وقع علي الأرض تحت صرخة ليلة،  اقترب معتصم منه و أمسك بتلابيبه و كاد يسدد له لكمة اخري فأوقفته ليلة بتوسل  : 

- لابلاش و النبي يا معتصم . 


أشار له معتصم بإزدراء: 

- إكراماً للنسب اللي ما بينا و عشان خاطر أختك هاكتفي بطردك من البيت لكن لو اللي حصل ده أتكرر تاني هاتكون بموتك المرة الجاية . 


نهض حبشي بثقل و يمسك بخده المصاب و رمقهما شزراً و رحل،  فأقترب معتصم من ليلة و سألها: 

- أنتي كويسه؟ 


أومأت له فجذبها في عناق قوي و أخذ يربت عليها قائلاً : 

- ما تخافيش طول ما أنا جمبك . 


أبتعدت من بين ذراعيه رويداً و ذهبت لتأتي بهاتفه و قامت بوضعه أمام عينيه و سألته: 

- مين سوزي دي ؟ 

ـــــــــــــــــــ

و بداخل حافلة متجهة إلي الأسكندرية كانت تجلس هدي بجوار النافذة و بجوارها ولديها فسألها إبنها: 

- إحنا رايحين فين يا ماما ؟ 


ربتت علي رأسه و أخبرته: 

- أنا رايحة عند خالتي في الإسكندرية هانقعد عندها هناك كتير و ها شتري لكم كل اللي أنتم عايزينه و نفسكم فيه. 


فقالت لها إبنتها بصوتها الطفولي البرئ: 

- يعني مش هانرجع بيتنا و نشوف بابا تاني. 


رمقتها بحزن أليم فرغم ما يسدر منه ما زالت تحبه و لا تعلم ماذا ستفعل و تخشي أن يجدها و يفعل بها شئ،  فتذكرت إنه لا يعلم أين تعيش خالتها فتنهدت و حمدت ربها. 

ثم نظرت إلي صغيرتها و قالت لها: 

- دلوقتي مش هاينفع،  يمكن نرجع بعدين في وقت تاني،  بس عايزاكم تعرفو أنا بحبكم أوي و عملت كده عشانكم. 

ــــــــــــــــــــــ

تأوه عمار بشدة و هذا الشاب مفتول العضلات يلكمه بقوة في بطنه و يمسك به آخر من ذراعيه حتي لا يستطيع التحرك أو الفرار فقال رجل يجلس أمامهم  يزفر دخان الأرجيلة قائلاً: 

- أنت لما جيت لي أول مرة من قيمة شهر قولت شكلك راجل جدع و هتطلع قد المسئولية و هاتعرف تبيع البضاعة اللي معاك، لكن لأول مرة أتخدع في حد، قدامك بكرة و ترجع البضاعة و لو بعتها يكون الـ 200 ألف هنا علي التربيزة و برضو بكرة لإما هاتكون راسك اللي زي راس الحمار هي اللي علي التربيزة. 


بالطبع لا يريد أن يخبره بأنه تم سرقة البضاعة منذ أيام، ألتقط أنفاسه بصعوبة و أخبره: 

- أنت قولتي لي 100 ألف بس. 


ضحك الرجل ذو الملامح الغليظة و قال: 

- ده كان من أسبوع يا ننوس عين الحجة، لكن نعمل إيه بقي الأسعار كل يوم في العالي و الصنف اللي معاك مستورد يعني بنستورده بالدولار. 


رد عمار و جسده قد تراخي بين يدي الذي يمسكه و الأخر يقف إستعداداً للكمه مرة أخري: 

- كل اللي أقدر أدبره لك 100 ألف جنيه. 


ترك الأخر عصا الأرجيلة أعلي المنضدة و نهض يقف أمامه يرمقه بتوعد و يخبره في آن واحد: 

- لاء، هما 200 ألف و لو نقصو جنيه قول علي نفسك يا رحمن يا رحيم،  شغالنتنا دي ما بتعرفش غير حاجتين فلوسك يا روحك. 

ـــــــــــــــــــــ

- أقسم بالله ما أعرف واحدة بالأسم ده. 

صاح بها معتصم إلي ليلة التي ترمقه بإمتعاض: 

- يا سلام لو واحدة متعرفهاش هاتبعت لك صورها بقمصان النوم! 


زفر بضيق و نفاذ صبر أخبرها: 

- ما الصور مليانة النت و أقدر أطلع لك ألف صورة زيها، و لو خدتي بالك هتلاقيها هي بدأه المحادثة و أنا و لا رديت بحرف. 


إبتسمت بسخرية و قالت:

- يا سلام علي أساس مش ممكن تقدر تمسح أي رسايل قديمة ما بينكم!  ، أنا مش عيلة صغيرة يا معتصم عشان تضحك عليا بكلمتين. 


أطلق زفرة و ظل يتمتم بالإستغفار ثم قال: 

- و أنا مش كداب و لا بضحك عليكِ يا ليلة، بس واضح إنك مش واثقة فيا و ده موضوع تاني الحمدلله إن عرفته. 


شعرت بالندم علي ما تفوهت به: 

- بالعكس أنا واثقة فيك جداً، بس معنديش ثقة في اللي حواليك و شئ طبيعي أغير لما أشوف حاجة زي كده، حط نفسك مكاني. 


- أيوه عليكِ نور، شوفتي كان عندي حق  أتضايق لما شوفت الرسايل اللي كان بتتبعت لك من الواد الوسـ....  و أنا عشان بحبك و واثق فيكي صدقت دفاعك برغم لو راجل غيري و نروح بعيد ليه، ده لو واحد زي حبشي أخوكي كان زمانه موريكي النجوم في عز الضهر و ضرب و إهانة. 


جزت علي شفتها السفلي بحنق و كان لكبريائها السيطرة عليها في هذا الموقف لذا قالت له: 

- يعني بتعملها واحدة قصاد واحدة ماشي. 


أشار لها بسبابته بتحذير: 

- أحذري كلامك يا ليلة، أنتِ فعلا لو مش عيلة صغيرة زي ما بتقولي كنتِ فهمتي قصدي إيه من الأول، يا أستاذه يا متعلمة يا بتاعت الجامعة أنا كان قصدي ملخص الحوار كله إنك ماعندكيش ثقة فيا. 


كان صوته مرتفعاً كفاية أن يصل إلي عايدة التي وقفت لدي النافذة المطلة علي المسقط و تبتسم بإنتصار و تمسك بهاتفها و أرسلت إلي عمار رسالة فحواها رقم الهاتف الجديد الخاص بلليلة. 

ــــــــــــــــــــــــــ

يتمدد حبشي علي الفراش و يمسك بكيس ملئ بقطع الثلج يضعه علي كدمات وجهه: 

- اه يا ناري لو أعرف خدتي الفلوس و هربتي علي فين و ديني ما أنا سايبك، هخليكي توطي تبوسي رجلي عشان أرحمك عن اللي هاعمله فيكي، بس ترجع لي الفلوس الأول. 


طرق علي باب منزله فتأفف بضجر و قال: 

- و ده مين الرذل اللي جاي في وقت شبه وشه. 

نهض و ذهب ليفتح الباب: 

- أتفضل يا حاج نصر. 


قال الأخر بضيق: 

- أنا مش جاي أتضايف ياسطا حبشي، أنا جاي لك أخد إيجار الورشة المكسور عليك بقالك خمس شهور و كل مرة تقولي لما ربنا يفرجها و تطلع لي بمليون حجه. 


تمتم الأخر بصوت غير مسموع: 

- هي المصايب كلها بتيجي مرة واحدة فوق دماغي ليه كده. 


أنتبه علي صياح الرجل: 

- بقولك إيه فيه واحد هيأجرها و هايدفع أضعاف الملاليم اللي مش قادر تدفعهالي. 


بادله حبشي الصياح بصوت جهوري: 

- اه قول كده بقي، عايز من الأخر تطفشني، لاء يا عم الحاج بيني و بينك عقد تلات سنين فات منهم سنه و نص و لسه فاضل زيهم كمان. 


- ما أنت بقالك كام شهر ما بتدفعش عايزني أعملك إيه!، عندي عيال بتتجهز و محتاجين لكل قرش. 

لم يتحمل حبشي و قال له: 

- و أنا كنت هدفعلك بالليل و أديك شايف اللي في وشي، شوية عيال ولاد حرام طلعو عليا و قلبوني، قولي هادفع لك منين دلوقت ده حتي الولية و العيال بعتهم علي حماتي عشان معيش فلوس أجيب لهم أكل و أنت جاي تكمل عليا. 


عقد الأخر حاجبيه و رمقه بإزدراء قائلاً: 

- عيب عليك لما تكذب و تعمل عليا حوار عشان تصعب عليا، إزاي معكش فلوس و مراتك و عيالك سافرو في السوبر چيت اللي رايح إسكندرية الواد زيزو إبني لسه شايفهم من قيمة كام ساعة في الموقف. 


أنتبهت كل حواسه إلي ما وصل إلي مسامعه فسأله للتأكيد: 

- أنت قولت سافرت فين؟ 


أجاب الرجل بتهكم: 

- شوفت أنت إزاي كداب و بتاع حوارات، بقولك إبني شافها هي و عيالك بيركبو السوبر چيت اللي رايح إسكندرية. 


دفع الرجل من أمامه و ركض إلي الخارج مما أثار غضب الأخر الذي صاح بتوعد: 

- بتزوقني يا حبشي، طب و ربنا لأفضي لك المخروبة بتاعتك و أطردك منها أنت و حبة الخردة بتاعتك. 

ـــــــــــــــــــــــ

أصبحت بمفردها بعدما ترك لها المنزل و غادر قبل أن يحتدم بينهما العراك أكثر من ذلك، بينما هي ما زالت تبكي كلما تتذكر حديثه و معايرته لها. 

صدح رنين هاتفها فقالت قبل أن تري هوية المتصل: 

- ياسلام!، تتخانق معايا و تبهدلني و تيجي في الأخر تكلمني في التليفون طب شوف مين اللي هاترد عليك. 


و بعدما أنتهي الرنين تكرر مرة أخري فأردفت: 

- طب إيه رأيك هكنسل في وشك. 

و عندما أمسكت بالهاتف رأت رقم غير مسجل، داهمها شعور غريب، تكرر الرنين للمرة الثالثة ترددت في الإجابة و بالنهاية قامت بالرد: 

- الو. 


جاء لها صوته ذو النبرة الذي يشوبها التهديد: 

- إيه يا لولا غيرتي رقمك عشان معرفش أوصلك، غلبانه أوي. 


و أطلق ضحكة فصاحت بغضب و الخوف يسيطر عليها: 

- أنت معندكش دم و لا كرامة، عايز مني إيه يا عمار! 


- 100 ألف جنيه. 


- أنا ما بهزرش و إياك تتصل بيا تانـ.... 


قاطعها قائلاً: 

- و أنا ما بهزرش، أنا فعلا محتاج الـ 100 ألف ضروري. 


صمت لثوان و أردف بنبرة رجاء حتي ينال عطفها: 

- أنا و الله مش بكدب عليكي، أنا فعلاً محتاجهم ضروري خلال 24  ساعة يا لدفع يا رقبتي. 


شهقت و وضعت كفها علي فمها ثم سألته: 

- أنت ورطت نفسك في إيه المرة دي!، و بعدين هجيب لك المبلغ ده منين أنا معيش فلوس. 


- بس جوزك معاه و ماشاء الله كان شغال كام سنة بره، أنا هاخدهم منك علي سبيل السلف و هابقي أرجعهم لك تاني، قولي له إن مرات أخوكي محتاجه المبلغ ده أو أخترعي له أي حوار بس بالله عليك ضروري محتاجهم. 


كانت في تردد أن تنهي المكالمة علي الفور لكن هنا تغلبت العاطفة لديها علي عقلبها كما يخبرها قلبها بأن حديثه صحيحاً و بالفعل هو في مأزق و خطر إذا لم تقم بمساعدته، أطلقت زفرة عميقة و أنتبهت إلي ندائه عليها في الهاتف: 

- ليلة،  يا ليلة. 


أجابت: 

- معاك، بص أنا هاتصرف و ربنا يستر بس أقسم بالله لو طلع حوار نصب و إشتغالة أنا بنفسي اللي هاطلع روحك في أيدي، و ياريت بعد ما يخلص حوارك ده ما شوفش وشك تاني و لا رقمك علي الموبايل عندي. 


أنتبهت إلي صوت رنين جرس المنزل فأخبرت الأخر بهمس: 

- الفلوس هاتكون عندك بكرة الصبح سلام. 


و أنهت المكالمة علي الفور و قلبها يخفق بشدة، خرجت و ظنت معتصم من جاء لكنها وجدت والدته تقول لها: 

- أزيك يا حبيبتي. 


و كانت تبتسم لها علي غير عادتها، أشارت لها ليلة للدخول: 

- أتفضلي يا خالتي. 


ولجت إلي الداخل و قالت: 

- أنا عارفة إن معتصم مش هنا، كنت في البلكونة و شوفته رايح ناحية القهوة قولت ما أطلع و أقعد معاكِ حبة، أفضفض شوية و عايزاكِ في موضوع كدة. 


إبتسمت ليلة و سألتها: 

- خير يا خالتي أنا تحت أمرك. 


- ما يأمرش عليكِ عدو أبداً يا حبيبتي، أنا عارفة إنك شايلة مني من أول الجواز لحد ما مات جلال إبني الله يرحمه، معلش بقي أعتبريها غيرة حماه علي إبنها بس الحمدلله دلوقت ربنا يعلم أنا بحبك قد إيه و بعتبرك بنتي اللي مخلفتهاش. 


- تسلمي يا خالتي. 

ردت ليلة بإقتضاب و بشبه إبتسامة لأن لديها شعور أن هذا الحديث من المؤكد خلفه أمر آخر. 


- تسلمي يا حبيبتي، أنا كنت عايزة أخد رأيك في موضوع و أنا عرفاكِ عقلة و ماشاء الله عليكِ متعلمة و بنت أصول، بصي فيه واحدة جارتنا كان عندها ولدين اللهم بارك رجالة قد الدنيا و الأتنين متجوزين واحد منهم الله يرحمه و التاني ربنا يبارك لها فيه، أرملة إبنها اللي توفي طلعت حامل و جارتي خايفة إن مرات إبنها بعد ما تقوم بالسلامة تروح تتجوز و تاخد الواد يتربي عند واحد غريب الله أعلم هايعمله إزاي، فهي فكرت إنها تلم الشمل و هي إنها تجوز مرات إبنها اللي مات لأخوه هو أولي بتربيته و كمان في مقام أبوه. 


كانت تستمع ليلة إليها بتمعن و عندما أدركت ما ترمي إليه تلك السيدة أتسعت عيناها و وقفت بصوت هادر: 

- يخربيتك عايزة جوزي يتجوز عايدة الحرباية! 


نهضت و أمسكت يدها برفق: 

- إهدي و إسمعيني بس يا بنتي.... 


نفضت يد الأخري عن يدها: 

- بنتك إيه بس يا شيخة، ده أنا من ساعة ما دخلت البيت ده و أنتِ مش طيقاني و أستحملت كتير عشان خاطر إبنك و قولت يا بت عدي و أسكتي يمكن مع الوقت تحبك و تعتبرك زي بنتها و لما حسيت منك بكده بقالي فترة مكنش حب أتاريكي بتنيمني في العسل عشان تديني الخازوق المتين و تجوزي إبنك لعايدة حبيبتك و مش مهم أنا أتحرق و لا أولع بجاز، روحي يا شيخة حسبي الله و نعم الوكيل فيكِ. 


و في تلك اللحظة أتي صوت آخر يصيح بإسمها بنبرة تنذر أن هناك كارثة علي وشك الحدوث: 

- ليلة. 

يتبع

صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹


الفصل السادس عشر حتى الفصل العشرون والاخير من هنا


بداية الروايه من هنا


رواية وتبقي لي كامله من هنا


رواية كيان الزين من هنا


نسيم العاصف من هنا


رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا


نوفيلا الراهب كامله من هنا


رواية العشق الأخير من هنا


رواية زينه من هنا


غاردينيا من هنا


رواية الجميله والوحش من هنا


رواية دكتور نسا من هنا


رواية آصرة العزايزه من هنا


رواية رحلة قدر من هنا


رواية ليالي الغول من هنا


رواية لعنة الإرث من هنا


رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا


رواية لعبه بين يديه من هنا


رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا


رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية وتبقي لي من هنا


رواية عشق الحور من هنا


رواية طلاق غيابي من هنا


رواية اغتصب روحي من هنا


رواية غصن من هنا


رواية بلا ذاكره من هنا


رواية عودة الذئاب من هنا


رواية الجامحه والبدوي من هنا


رواية الحب والخطيئه من هنا


رواية جبرونا عالزواج من هنا


رواية لعبة الحب من هنا


رواية لما القلب بحب من هنا


رواية إبن الصعيدي من هنا


رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا


رواية بائعة الخضار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية غريق علي البر من هنا


رواية اللعب مع الشياطين من هنا


رواية كم من قلوب احرقت


رواية جمعتهم الاقدار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية لي نصيب من إسمي من هنا


سكريبت بنت الشارع من هنا


رواية طريقي كامله من هنا


رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close