أخر الاخبار

رواية مابين الحب والحرمان الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الكاتبه ولاء رفعت علي حصريه وجديده

 رواية مابين الحب والحرمان الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم الكاتبه ولاء رفعت علي حصريه وجديده 

علي نغمات و صوت كارم محمود و أغنية  «مرحب شهر الصوم »، و روائح و نفحات رمضان تجول في شوارع المحروسة و الحواري، و متاجر الفوانيس و ياميش رمضان... و هنا بداخل إحدي الأحياء الشعبية الشهيرة في محافظة الجيزة، حي إمبابة الشهير، و بأعلي ذلك البناء القديم حيث يحلق أعلاه سرب من الحمام الزاجل يقوم هذا الشاب متوسط القامة بالصفير و التلويح بعلم كبير، أمتدت إيدي ذات ملمس ناعم و رائحة ذكية فوق عينيه، أبتسم و قال


-قال يعني لما تغمي عينيا مش هاعرفك.

أبعدت كفيها عن عينيه و لكزته في كتفه قائلة: 
-أنت رخم أوي علي فكرة.

ألتفت إليها و أخبرها بنبرة تلعب علي أوتار فؤادها المُغرم به حتي النخاع: 
-و أنتي حلوة و جميلة أوي يا ليلة.

ظل يحدق في عينيها مبتسماً و بداخله يريد أن يعانقها و يحلق بها مثل هذا السرب المحلق في السماء ، شعرت بالخجل من نظرته الثاقبة تلك فتهربت و قالت: 
-شوفت بقي نستني اللي كنت جاية لك عشانه.

أخرجت من حقيبتها ورقة رفعتها أمام عينيه و بكل سعادة أخبرته: 
-أولاً أنا جيت لك عشان أقولك كل سنة و أنت طيب بما أنه أول يوم رمضان بكرة و كمان عشان أنا جبت ٩٠٪.

شبه إبتسامة ظهرت علي شفاه قائلاً بإقتضاب: 
-مبروك.

أدخلت الشهادة إلي حقيبتها و سألته و القلق و التوتر يداهمان قلبها من ردة فعله التي لم تكن تتوقعها: 
- مالك مش مبسوط ليه، حساك زعلان؟

ولي ظهره إليها و أغترف بيده حبات القمح من الكيس البلاستيكي مُجيباً علي سؤالها: 
-مين قال كده،أنا فرحان ليكي بس..

صمت فوجدها تقف أمامه مباشرة تمسك بساعده و تسأله بترقب: 
- بس أي؟

أطلق تنهيدة من أعماقه ثم أخبرها: 
-خايف من أخوكي ليرفض جوازنا عشان فرق التعليم اللي ما بينا.

قطبت حاجبيها قائلة: 
-دي حاجة تخصني أنا هو مالهوش دعوة.

- و لما يرفضني زي المرة اللي فاتت و يسمعني كلمتين مالهمش لازمة!

داهم الحزن ملامح وجهها عندما تذكرت ذلك اليوم الأسود عندما تقدم عمار لخطبتها و قام شقيقها برفضه بحُجة إنه ليس يمتلك عمل مُستقر و لم يمتلك سُبل المعيشة البسيطة ليعطي إليه شقيقته.

ردت علي حديثه و هي تمسك بيده لتطمئنه: 
-ما تقلقش أنا الحمدلله خلصت من الثانوية العامة و هادخل الجامعة، و عقبال ماتفتح الدراسة هاشوف أي شغلانة و أهو قرش مني علي قرش منك يبقي معاك حق الشبكة و جمعية ورا التانية نقدر نجيب العفش.

زادت كلماتها أوجاعه، زفر بضيق و قلة حيلة، أخبرها بحدة: 
- و فكرك بقي أنا هوافق علي حاجة زي كده!

صاحت بنفاذ صبر و من فرط خناق شقيقها الذي يفرضه عليها: 
- هو مفيش غير كدة، عمار أنا بحبك و بحلم باليوم اللي هابقي معاك فيه و لينا بيت و حياتنا الخاصة، نفسي أصحي علي صوتك مش زعيق أخويا و خناقه يا إما معايا يا إما مع مراته،أنا تعبت و مابقتش قادرة أستحمل.

و مع أخر جملة داهمها البكاء، فأطلقت لدموعها العنان، أقترب منها و كاد يعانقها أوقفه رنين هاتفها، أنتفضت و أخرجت الهاتف من حقيبتها، أتسعت عينيها بفزع عندما رأت إسم زوجة شقيقها فأدركت سبب الإتصال.

ــــــــــــــــــ

و في البناء المقابل تقف تلك السيدة ذات الثلاثة و الثلاثون عاماً و إمارات الخوف تغزو ملامحها لاسيما بعدما سمعت صوت زوجها الذي ولج للتو من الباب مُنادياً عليها بصوته الأجش المُخيف: 
-هدي ، يا هدي.

ألقت نظرة أخيرة علي شاشة هاتفها و تمتمت بصوت خافت: 
- يخربيتك يا ليلة لو عرف أنك خرجتي و مارجعتيش لحد دلوقت هيقتلني و هيقتلك.

-بت يا ليلة. 
تركت هاتفها علي القطعة الرخامية و خرجت إليه تبتسم له بتصنع: 
-أنت جيت يا سي حبشي، أنا أفتكرتك هتيجي بالليل.

جلس علي أقرب كرسي و قام بخلع حذائه المتسخ قائلاً: 
-لا أنا قفلت الورشة بدري النهاردة،أصل الولاه صامولة جدته تعيشي أنتي.

عقبت بقليل من الحزن: 
-لا حول ولا قوة إلا بالله ده أنا لسه شيفاها ديك النهار كانت فرشة الفجل و الجرجير.

عاد بظهره إلي الوراء بأريحية: 
-عمرها كده بقي ربنا يرحمها، أومال فين البت ليلة لسه ماصحيتش؟

تجنبت النظر إليه حتي لا يكشف كذبها قائلة: 
- شكلها نايمة أصلها كانت شغاله معايا في الشقة بنحضر لرمضان بقي و كده،كل سنة و أنت طيب.

و بعدما أنتهت من إجابتها نظرت إليه لتتأكد من إقتناعه، فوجدته يرمقها بنظرة أخري و سألها: 
-هم العيال لسه مارجعوش من عند أمك؟

هزت رأسها بإيجاب: 
-اه، أصل أختي رجعت من السفر و أنت عارف العيال بيحبو خالتهم قولت أسيبهم لها و هابقي أروح أشوفها و أخد العيال و أنا راجعة.

نهض و أقترب منها و عينيه تنضح بنظرات جريئة سافرة، سألته بإرتباك: 
-فيه حاجة يا سي حبشي؟

جذبها من خصرها و أخبرها: 
-فيه إنك وحشتيني.

قطبت حاجبيها و سألته بعدم فهم كالبلهاء: 
-وحشتك إزاي يعني ما أحنا في خلقة بعض كل يوم.

هزها بين ذراعيه و عينيه تنضح بنظرة إشتهاء: 
-ما تفهمي بقي يا أم مخ تخين، بقولك وحشتيني، و بكرة رمضان.

عقدت حاجبيها بضيق ثم رمقته بنفور و إشمئزاز قائلة: 
-ريحتك كلها شحم و جاز.

تركها و قام بأستنشاق ثيابه: 
-عندك حق،كان عندي شغل كتير إمبارح و نسيت أجيب لك الهدوم تغسليهم، عشر دقايق هادخل أخد دش و أرجع لك فُلة.

و بعدما دلف إلي المرحاض، ركضت الأخري إلي باب المنزل تسترق السمع إلي خطوات تلك القادمة، صوت المفتاح في قفل الباب، سبقتها هي و قامت بفتحه، شهقت ليلة عندما وجدتها في وجهها: 
-خضتيني يا هدي حرام عليكي.

جذبتها الأخري إلي الداخل و أغلقت الباب بهدوء حتي لايصدر صوتاً يصل إلي زوجها، دفعتها إلي غرفتها لتوبخها: 
-أخص عليكي يا ليلة ،هي دي النص ساعة و جاية!

-هو جه؟ 
سألتها بخوف بعدما نظرت نحو الخارج و سمعت صوت إنهمار صنبور المياه في المرحاض، أجابت الأخري: 
-اه جه و سألني عليكي، قولت له أنتي نايمة، خليكي هنا بقي لحد ما أخلص الغدا، ألا قوليلي صح عملتي أي؟

أخرجت الشهادة من حقيبتها و قالت بشبه إبتسامة: 
-أتفضلي.

رددت و هي تنظر إلي النسبة المئوية: 
-بسم الله ماشاء الله، كده تقدري تدخلي الكلية اللي نفسك فيها.

جلست علي حافة الفراش و أخبرتها بسأم: 
-تفتكري حبشي هيخليني أدخل الكلية بعد ما حلف عليا ما هاخرج من البيت!

ربتت عليها بمواساة و قالت: 
-معلش ده شيطان و دخل ما بينكم، هو بيحبك و خاف عليكي لما طلعتي الرحلة من غير ما تقولي له.

عقبت بحزن و بنبرة مليئة بالشجن: 
-يعني هو سكت، ده فرج عليا أصحابي و الناس و جرني زي العيلة الصغيرة في الشارع و جابني علي هنا و دور عليا الضرب لولاكي كان زمانك بتقرأي عليا الفاتحة.

أطلقت الأخري تنهيدة لا تعلم بماذا تواسيها أو تخفف عنها آلامها، تدرك مدي قسوة زوجها علي شقيقته لاسيما بعد وفاة أبويهما نتيجة حادث سير و كانت ليلة في العاشرة آنذاك، تولي بعدها حبشي تربية شقيقته و هو في العشرين عاماً و رفض تدخل أو مساعدة أحد من الأقارب، لكن كلما كبرت زادت قسوته و طغيانه عليها، و فوق كل هذا لديه أسوأ الخصال و هو البخل!

ــــــــــــــــــــــ

و في إحدي الأبنية القريبة ولجت تلك المرأة ذات الوجه العابس و المتجهم،تغزو  تحمل الكثير من الأكياس البلاستيكية المليئة بالخضروات و الفاكهة، تتمتم بصوت غاضب: 
-لسه نايمة لي لحد الضهر يا ست عايدة والله عال ما هو لو اللي معاكي ليه كلمة عليكي مكنش بقي ده حالك.

و بداخل إحدي غرف الشقة تتقلب عايدة بتأفف و تلكز زوجها: 
-أصحي يا جلال و أخرج لأمك بدل ما أنا ما أخرج لها و أنت تزعل في الأخر و تقولي أمي.

زمجر الأخر و يزيح يدها عنه: 
-أخرج لها شوفيها عايزة أي، أنا عايز أنام و مش ناقص صداع.

-هو ده كل اللي ربنا قدرك عليه، نام يا أخويا نام ده اللي باخده منك و بس.

أزاحت الدثار بتأفف و نهضت، ذهبت لإرتداء عباءة محتشمة فوق منامتها القطنية، و ألقت علي رأسها وشاحاً ثم خرجت ترفع زواية فمها جانباً، فقالت لها حماتها بسخرية: 
-صباحية مباركة يا عروسة، نقش الحنة لسه علي رجلك!

رفعت إحدي حاجبيها بإمتعاض: 
-و ليه المسخرة اللي مالهاش لازمة دي علي الصبح،أنا فضلت سهرانة لحد ما إبنك رجع الفجر من الشغل.

ألقت ما بيدها فوق المنضدة و قالت: 
-تعالي خدي الحاجة دي و أبدأي جهزي في حاجة فطار بكرة ، و خدي بالك معتصم كلمني الصبح و زمانه علي وصول يعني عايزه كل يوم الأكل اللي بيحبه مش اللي علي مزاجكك أنتِ و جوزك.

إبتسامة عارمة دبت علي شفتيها: 
-هو خد الأجازة و لا أي؟

جلست علي الأريكة ذات الطراز القديم و خلعت و شاحها، أجابت:
-واخد أجازة شهرين بالعافية،يا دوب ألحق اشوف له عروسة بدل ما العمر يجري بيه نفسي أفرح بعياله قبل ما أموت.

كانت الأخري تجترع الماء فأصابها السعال، و عندما بدأت تهدأ قالت: 
-و مستعجلة عليه ليه، قصدي و هي العروسة دي هانلاقيها فين بالسرعة دي!

-البنات علي قفا من يشيل ياختي، و معتصم إبني جدع زي القمر طول بعرض و كسيب و لو شاور بصباعه بس كل البنات هيقولو له أمرك.

و كأنها أنتبهت إلي شئ فأردفت بصياح: 
-أنتي لسه هاترغي معايا روحي يلا أعملي اللي قولت لك عليه و أنا هادخل أصلي الضهر و أجي أحصلك.

ـــــــــــــــــــــ
يتجمع كلا من حبشي و ليلة و هدي حول مائدة الطعام المستديرة، كان الأخر يأكل بنهم ثم يجترع القليل من الماء و يمسح علي شاربه الكث، ينظر إلي شقيقته الشاردة في صحنها التي لم تتناول منه ملعقة واحدة، سألها: 
-مابتاكليش ليه؟

أنتبهت إلي سؤاله، و قبل أن تجيب وجدت زوجة أخيها ترمقها بنظرة و كأنها تخبرها بأن عليها الحذر في حديثها معه حتي لا تسبر أغواره. 
أجابت بهدوء بالغ: 
-أنا جبت ٩٠٪.

ما زال يأكل و علي غرار توقعها كان مُبتسماً و أفحمها بتعقيبه علي كلماتها: 
-و أنا أعملك أي ما تجيبي ٩٠ و لا ١٠٠٪ حتي، أنا كده كده حالف عليكي ما هاتكملي تعليمك و كفاية عليكي الثانوية العامة عشان تبقي تقرطسيني تاني و تطلعي رحلات من ورايا.

تركت الملعقة و نهضت قائلة: 
-و الله دي حياتي و أنا حرة فيها، أنت مجرد واصي عليا في الميراث آه، لكن حياتي الشخصية لاء.

شهقت زوجته و ضربت بكفها علي صدرها، جحظت عينيها ترمق الأخري بأن تتراجع عن قولها قبل أن يفتك بها، و ما لبث سوي لحظات حتي تردد صدي صرخات ليلة و شقيقها يجذبها من خصلاتها: 
-سمعيني تاني كده يا روح أخوكي اللي قولتيه من شوية، أصل سمعي تقيل أو الظاهر العلقة بتاعت المرة اللي فاتت مكنتش كفاية.

أنهال عليها بلطمة تلو الأخري و صفعات، صرخت زوجته: 
- أبوس إيدك يا حبشي سيبها لتموت في إيدك هي مكنتش تقصد.

زجرها بنظرة نارية أرعبتها و قام بتهديدها: 
-عليا الطلاق كلمة تاني لتكوني عند أمك، ملكيش دعوة أختي و بربيها.

ظلت ليلة تصرخ من ضربه المُبرح لها و جذبه لخصلاتها التي أقتلع البعض منها بين أنامله حتي أنقذها صوت رنين جرس المنزل، توقف عن عنفه و دفعها إلي غرفتها يأمرها من بين أسنانه: 
-غوري علي جوة و ما أسمعش ليكي نفس لحد ما أرجع لك.

ذهب ليري من الزائر، فتح الباب وجد طفل صغير من إحدي أطفال الحارة يخبره: 
-أسطي  حبشي، فيه جماعة واقفين قدام الورشة بيسألو عليك.

قطب حاجبيه بإستفهام قائلاً: 
-ياتري يطلعو مين دول كمان، ما هو يوم باين من أوله؟

و بعدما غادر، ذهبت زوجته لمواساة تلك المسكينة الباكية، تربت عليها بحنان: 
-معلش يا ليلة حقك عليا أنا، أخوكي و الله بيحبك بس إيديه سابقة دماغه.

رمقتها الأخري بسخط و أعين غارقة بالدموع، صاحت في وجهها: 
-حب أي ده اللي يخليه كل شويه يضربني و يذل فيا!

أثرت هدي الصمت لاتملك حق الدفاع عن زوجها الآثم، طالما توسلت إليه بعدم التعرض لشقيقته بهذا الأسلوب المؤذي فما كان من الأخر سوي التهديد و الوعيد إذا لم تكف عن رشده.

ـــــــــــــــــ

و هنا في إحدي المطاعم المزدحمة حيث يعمل عمار علي توصيل الطلبات المنزلية عبر الدراجة النارية، نزل من أعلاها للتو بعدما أوقف المُحرك، أخرج ما لديه من النقود و ذهب إلي مسئول الحسابات. 
-أتفضل يا عم حسن فلوس العشر أوردرات.

حدقه الرجل بنظرة أثارت قلقه و جعلته مرتبكاً لا سيما عندما سأله: 
-عشر أوردرات مش ١٣ يعني!

أبتلع الأخر ريقه بتوتر بدي علي ملامحه فأجاب بصوت يكاد يكون مسموعاً: 
-أه عشرة.

رفع الرجل زواية فمه جانباً ببسمة ساخرة و قام بالنقر علي لوحة المفاتيح التي أمامه ثم قام بتوجيه شاشة الحاسوب أمام محمود التي جحظت عينيه عندما رأي نفسه في تسجيل الكاميرات و هو يستلم الطلبات و بالفعل أعدادهم أكثر من عشرة، أجترع لعابه و نظر بتوجس إلي مديره الذي يرمقه بتجهم: 
-بص، أنا أديتلك فرصتين قبل كده و قولت لنفسي خلاص يا حسن سامحه يمكن كان معذور في قرشين عشان كدة عمل الحركة دي، و سامحتك مرة و التانية يمكن تتوب، لكن لما لاقيته داء فيك و فاكرني مغفل و ماتعرفش إن دبة النملة هنا بتكون بعلمي، يبقي كده خلاص ملكش عندي أكل عيش.

و بدلاً من أن يطالب العفو و السماح من رب عمله قام بخلع القميص المدون عليه شعار و إسم المطعم و صاح بكل تبجح: 
-أنت هتذلني يا عم، خدي قميصكم العرة أهو، أومال لو كنت بتقبضني مرتب عدل زي باقي الناس كنت عملت فيا أي.

ثارت أغوار الرجل فقام بمهاجمته: 
-يعني حرامي و بجح و كمان مش عاجبك، ألف و نص في الشهر مش عاجبينك غير التيبس اللي بتطلع بيه من الزباين.

لم يتحمل توبيخ الرجل له فقام بدفعه و كاد يضربه لكن قام العاملون بالمكان بمنعه، أخذ يتملص من قبضاتهم لكنه فشل.

و في الحارة كانت تجلس خلف النافذة تنظر عبر فتحات الخشب إلي الخارج بأعين بها آثار البكاء، تقوم بإجراء إتصال أكثر من مرة و لم تتلق أي إجابة منه، تريد أن تخبره كما تطوق أن ينقذها من ظلم شقيقها، لم تعد تتحمل أكثر من ذلك فهي تحبه و لا تريد العيش سوي معه، فمنذ أن جاء هنا و سكن في هذا البناء منذ سنوات،لم تكن تعلم عنه شئ سوي إنه شاب مُغترب من محافظة الدقهلية و جاء هنا للعمل و يعود إلي بلده من حين لأخر حتي أخبرها بأن والدته توفت و أشقائه الثلاثة لكل منهم حياته .

هناك صوت المسحراتي الجهوري و هو ينادي علي أطفال الحارة بينما هي كانت تنتظر عمار، 
فأنتبهت إلي صوت دراجته حيث توقف أمام البناء المقابل، لاحظت عدم إرتدائه لزي عمله كما أن ثيابه غير مهندمة، يبدو إنه تشاجر مع أحدهم. 
نهضت بهدوء و ألتقطت وشاحاً أرتدته علي عجالة و ذهبت لتطمئن بأن شقيقها و زوجته كلاهما يغطان في النوم و دون أي جهد للسير إلي غرفتهما كان صوت شخير شقيقها يصل إلي أذنها، تنفست الصعداء. 
تسللت من النافذة و تتلفت من حولها لمراقبة الأجواء و حتي لا يكتشف أمرها، ولجت إلي البناء و صعدت خلفه علي أطراف أناملها، و حينما وصلت إلي السطح وجدت يد تجذبها بعنف و تدفعها إلي الجدار!

  ❤️‍🔥❤️‍🔥

الفصل الثاني
ما بين الحب والحرمان
بقلم ولاء رفعت

تسللت من النافذة و تتلفت من حولها لمراقبة الأجواء و حتي لا يكتشف أمرها، ولجت إلي البناء و صعدت خلفه علي أطراف أناملها، و حينما وصلت إلي السطح وجدت يد تجذبها بعنف و تدفعها إلي الجدار!

شهقت بفزع و أخذت تلتقط أنفاسها و تردد بعض الأدعية حتي هدأت عندما أطمئنت إنه عمار و علي وجهه علامات الغضب يسألها: 
- أي اللي منزلك الشارع في الوقت المتأخر ده؟

ردت بخوف و علامات الذعر علي وجهها: 
-كنت جاية أطمن عليك لما لاقيتك ما بتردش.

أبعد يده عن تلابيب عبائتها و أطلق زفرة نافرة فهذا ما كان ينقصه في تلك الحالة التي يمر بها. 
-مكنتش بترد ليه؟

أجاب بتأفف: 
-كنت في الشغل.

ألقت نظرة علي ثيابه و مظهره المُزري فسألته مرة أخري: 
- و أي اللي عمل فيك كده؟

جلس علي أقرب مقعد خشبي بالي و أجاب بسأم: 
- أتخانقت و سبت الشغل.

غرت فاهها بصدمة ثم قالت: 
- أنت لحقت ده أنت لسه مكملتش شهرين!

رمقها من طرف عينيه و عقب علي كلماتها: 
-نصيبي كده أعمل أي يعني أبوس أيديهم و أتذل عشان أفضل أشتغل معاهم!

أقتربت منه و جذبت مقعد شبيه للجالس فوقه و جلست عليه بجواره قائلة: 
-أنا ماقولتش كده، أنا قصدي يعني أي شغل فيه مشاكل و قرف و أنت محتاج لكل قرش عشان الشبكة و العفش و تشوف أوضة وصالة إيجار جديد .

إبتسم بتهكم و قال: 
- شبكة و عفش و شقة إيجار، عايزاني أشتغلك حرامي!

ضيقت ما بين حاجبيها و تضايقت من حديثه الساخر: 
- و هو كل اللي بيتجوز كده بيشتغل حرامي!

- لاء، بس اللي ما بيشوفش من الغربال يبقي أعمي. 
أمسكت يده و بعينين مليئة بالرجاء و بنبرة توسل أخبرته: 
- عمار أنا بحبك و مش عايزة حاجة تفرقنا حتي لو كان أخويا، أنا هستناك مهما حصل، بس زي ما هاستحمل و أصبر و أجي علي نفسي لازم أنت كمان تعمل كده، عشان هو ده الحب، الحب تضحية عشان تسعد اللي بتحبه.

ما زالت ضحكة السخرية علي ثغره و قال: 
- كلام أفلام كانو بيضحكو علينا بيه، الواقع بيقول عكس كده فيه فلوس يبقي فيه حب، مفيش فلوس، يبقي مفيش حب و لا كلام الأغاني اللي كنا بنصبر بيه نفسنا و نفضل عايشين في وهم.

نهض و وقف أمامها و نظر نحوها من موضعه و أردف: 
-تقدري تقولي لي لو جيت تاني لأخوكي و أقول له طالب إيد أختك عشان بحبها و أصبر عليا عقبال ما أكون نفسي تفتكري هيرضي!، و لا هايصرف علينا أنا و أنتي!

نهضت لتقف أمامه و بداخلها قد سأمت حالته الإنهزامية تلك، فبرغم حبها له لكن تمقت سلبيته المُفرطة و حالة اليأس المسيطرة عليه بالكامل: 
-طول ما أنت إنسان سلبي و شايف كل حاجة سودة قدامك عمرك ما هاتتقدم خطوة واحدة، ماتنساش وعدك ليا و أنت بتعترف لي بحُبك و أنك هاتعمل المستحيل عشان أكون ليك، بس الظاهر كان كله كلام في كلام.

- أعتبريه وعد حين ميسرة. 
رمقته من أعلي لأسفل بإزدراء و تذكرت كل ما تحملته من معاملة شقيقها السوء لها و ها هو الآن الإنسان الذي أحبته يتخلي بإستسلام بائس عنها،فقالت بغضب: 
-لاء و أنت الصادق الوعد ده للرجالة بس و اللي شايفاه قدامي مش راجل.

تلقت صفعة قوية صاحبها صياحه بغضب: 
- أنا راجل غصب عنك.

رمقته بصدمة غير مُصدقة ما فعله بها للتو،و كأن بداخلها بركان قد أندلع و أطلق حممه الحارقة: 
-لاء مش راجل، و لا أخويا راجل عشان مفيش راجل يمد أيده علي واحدة بنت أضعف منه، هقولك علي حاجة أنا بقي اللي مش عايزاك و لو جيت بوست أيدي عشان أسامحك هقولك مليون لاء.

دفعته من أمامها و عادت إلي منزلها باكية ضائعة، شريدة القلب.

ــــــــــــــــــــــ
تتعالي أصوات التواشيح التي تسبق آذان الفجر و هناك أعين نائمة و أخري يجافيها النوم، و هناك في إنتظار إحدهم علي أحر من الجمر. 
نهضت بتأفف من جوار زوجها الذي لا يجيد في حياته شيئاً سوي النوم، وقفت أمام المرآة تنظر لصورة إنعاكسها، تتأمل قدها الممشوق و المهمل من هذا النائم، و لما لا فقد أخذت علي نفسها عهداً بأنه لم يستسلم هذا الجسد بإرادتها سوي من سلب قلبها منذ سنين، و زواجها من جلال لأنها تريد القرب من حبيب القلب و الذي أختطف لُبها، أفتنها شيطانها الغاوي و سيجعلها تخرج في بئر من الوحل كلما إستسلمت لأهوائها كلما كان طريق التراجع صار درباً من دروب المستحيل.

أنتفضت عندما سمعت صوت باب الشقة، قطبت حاجبيها و ذهبت لتوقظ زوجها: 
-ألحق يا جلال فيه حد بيفتح باب الشقة، قوم شوف ليكون حرامي.

هز كتفه و يغمض عينيه قائلاً: 
-هتلاقيها أمي قامت تصلي الفجر و بتقفل باب الشقة، ما أنتي عارفها موسوسه.

أشاحت بيدها له و قالت: 
-أمك زمانها في سابع نومة، فضلت مستنية أخوك لحد ما نامـ.... 
صمتت و هي تتذكر أمر ما ذكرته الآن، نهضت و أرتدت مأزرها و ألقت بوشاح فوق رأسها، و بمجرد خروجها أنتفضت عندما رأته يقف في منتصف الردهة، يكشف ذلك الضوء المنبعث من المطبخ نصف وجهه، تفوهت باللهفة و إشتياق: 
-معتصم!

- أزيك يا مرات أخويا عاملة أي؟ 
و ها هو يذكرها بأكثر شئ تمقته و تريد نسيانه، أقتربت منه و بإبتسامة تشق ثغرها من الأذن للأذن الأخري: 
- بخير، حمدالله علي السلامة.

جلس علي أقرب كرسي له و أجاب: 
-الله يسلمك، معلش بقي المفروض كنت جيت من ساعات بس حصل شوية حاجات كدة هي اللي أخرتني و عديت علي مطعم في طريقي أتسحرت فيه، كل سنة و أنتم طيبين.

نظر من حوله ثم سألها: 
-هو جلال لسه نايم؟

هزت رأسها بالإيجاب: 
-اه، ما أنت عارف أخوك قدامه للضهر عقبال ما يصحي، شكلك طبعاً عايز تنام، أنا مجهزه لك أوضتك و مروقها لك بنفسي و مخليها لك بتلمع.

- تسلم إيدك، أنا فعلاً كل اللي محتاجه دلوقت أريح و أنام. 
نهض و كاد يتحرك نحو غرفته أمسكت يده و سألته: 
-رايح فين؟

رمقها بتعجب من سؤالها و من ما فعلته، نظر نحو يدها التي تمسك بيده، و حين أدركت خطأ ما فعلته و قرأت ذلك في عينيه أبعدت يدها و أبتلعت ريقها: 
-قصدي يعني مش هتصلي الفجر؟

- داخل أتوضأ و بعد ما هيأذن هصلي،  أدخلي صلي أنتِ كمان خلي ربنا يهديكِ.

تركها و ولج إلي غرفته و وصد الباب عمداً كرسالة إليها لعلها تدركها!

ـــــــــــــــــــــــ

أستيقظت كالعادة علي صياح شقيقها و توبيخه لزوجته و هذا بسبب المصاريف التي لم تنته و متطلبات البيت من مأكل و أشياء كثيرة.

-مش هاقدر أستني أسبوع كمان يا حبشي دي الولية أم إمام ممكن تيجي لنا قدام البيت و تفضحني، ما أنت عارفها معندهاش تفاهم في تأخير فلوس الجمعية.

أخبرها بصوت هادر و دخان سيجارته يتطاير من فمه و أنفه، فلديه مبدأ عجيب بل و غريب بأن الصوم هو الإمتناع عن الطعام و الشراب فقط لكن تدخين السجائر و إطلاق السباب و الشتائم،كل هذا في قاموسه لا يبطل الصيام!

- ما قولتلك أصبري عليا كمان يومين، قولت لك معيش أنزل أسرق لك يعني!

وضعت الأخري يديها في خصرها و قالت: 
-ماشي أنا هدفع لها من مصاريف البيت بس ما تجيش تسألني عن أكل.

رد بصوت جهوري مُهدداً إياها: 
-طب و عليا الطلاق لو ما جيت لاقيت الفطار علي الطبلية لأخدك أرميكي عند أمك و أجيب واحدة بدالك.

تركته و لم تجب عليه، دلفت غرفة ليلة و هي تتمتم: 
-يا شيخ روح هو في واحدة هاتستحملك زيي، ده أنا ليا الجنة و ربنا.

نظرت إليها ليلة و سألتها بصوت ناعس: 
-أنا اللي نفسي تبطلو خناقة الصبح دي و لو يوم واحد،أو أقولك خليه يطلقني أنا و يرحمني أو يتبري مني.

ضحكت هدي رغماً عنها و لكزتها في يدها: 
-اهو ده اللي باخده منك تريقة وبس.

- حد قالك تتجوزي واحد إسمه حبشي .

قهقهت الأخري و أخبرتها: 
- أهو قدري و نصيبي كده،يلا يا لمضة قومي اغسلي وشك و جهزي نفسك عشان رايحين السوق.

ضحكت ليلة و هزت رأسها مُرددة: 
-صدق المثل اللي قال، الجبن سيد الأخلاق.

ألقتها الأخري بوسادة في وجهها، تلقتها ليلة و هي تقهقه، من يراها يحسب تلك الضحكة نابعة من قلبها لا يعلم أحد إنها تضحك من فرط حزنها!

ـــــــــــــــــــــ

-شهلي يلا يا عايدة عشان ما نتأخرش. 
كان صوت نفيسة التي ترتدي نعليها إستعداداً للذهاب للتسوق، ردت الأخري من داخل الغرفة: 
-حاضر جاية ثواني.

كانت ترتدي وشاحها و تضع به دبوساً فقام بإختراق طرف إصبعها تأوهت، فقال لها زوجها: 
-ألف سلامة عليكي من الآهه.

رمقته من خلال المرآه و قالت: 
-بدل ما أنت عمال تتمسخر عليا قوم أنزل أفتح المحل خلي ربنا يفتحها عليك بدل الفقر اللي ماسك فيك و عايش علي معاش أمك و فلوس أخوك.

لوح لها بيده قائلاً: 
-و الله الفقر ده راكبنا من يوم ما أتجوزتك.

أستدارت لتنظر إليه مباشرة: 
-و ليه ما تقولش الهباب اللي بتشربه هو ده السبب، و صرمحتك ويا أصحابك العرة اللي فاكرين تحت القبة شيخ!

نهض و أقترب منها ليجذبها من عضدها، و هسهس من بين أسنانه: 
-خليكي في حالك أحسن لك،  و لا عايزاني أمد  أيدي عليكي؟

رمقته بإزدراء جاذبة ذراعها من يده: 
-أبقي أعملها و شوف أنا هاعمل فيك أي وقتها.

أتسعت عينيه بشر مستطير: 
-قصدك أي؟

- اللي علي راسه بطحة بيحسس عليها، خد بالك من بطحتك يا جلال . 
ألقت كلماتها ذات المغذي و تركته و ذهبت لتجد حماتها في إنتظارها و ذهبت كلتيهما للتسوق.

ــــــــــــــــــــــ

و هنا يكثر الإزدحام حيث يتراص بائعين الفاكهة و الخضار علي جانبي الشارع و صوت البائعين و أفران عمل الكنافة و القطايف ، و تجد كل ما لذ و طاب، و هنا لدي بائع الدجاج تقف ليلة بعدما طلبت منها زوجة أخيها أن تنتظرها هنا حتي تشتري بعض الأشياء و تأتي إليها، و في الجهة المقابلة لها كانت تقوم عايدة بتعبئة ثمرات الطماطم فأخبرتها حماتها بصوت خافت: 
-مش دي ليلة أخت حبشي الميكانيكي؟

ألتفتت الأخري لتنظر نحو ما تشير إليها حماتها، و بعدما تحققت ردت: 
-اه هي.

عقبت نفيسة بإبتسامة: 
-يا صلاة النبي، ماشاء الله البت كبرت و أتدورت و أحلوت، أي رأيك ناخدها للولاه معتصم.

و هنا عند ذكر إسمه أضرمت نيران الغيرة بداخلها فقالت بإندفاع: 
-معتصم!،ماينفعش خالص إزاي، قصدي يعني دي لسه مخلصه ثانوي و هو قد أخوها، فيه فرق يجي ١٢ سنة ما بينهم.

- و أي يعني ما حماكي الله يرحمه كان أكبر مني ب١٥ سنة، و بعدين أهو كده أحسن خليه يشكلها و يربيها علي إيديه .

تخشي أن تستمر في مجادلتها و تظن الأخري ظناً أخر، قامت بشراء الثمرات و دفع المال، بينما ليلة كانت كالتائهة في عالم آخر لا سيما عندما أنتفضت لتوها عندما رأت عمار يقف مع بعض الشباب علي مقربة، تلاقت أعينيهما لكنها تصنعت عدم الإنتباه بل و أظهرت اللامبالاة إليه، أنتبهت إلي صوت زوجة أخيها: 
- يلا أنا خلصت و جبت كل حاجة.

ذهبت كلتيهما في إتجاه إحدي الشوارع المؤدية إلي الحارة، و في الطريق تعرض إليهما شابين في الطريق. 
-كنافة بالمانجا ماشية علي الأرض و في نهار رمضان، كده كتير !

رد زميله بوقاحة: 
-كنافة أي يا صاحبي ده بطل.

صاحت هدي بتوبيخهما: 
-جري أي يا أهبل منك ليه، أنتو ماتعرفوش إحنا نبقي مين!

أقترب منها الشاب بكل جرأه قائلاً: 
- عايزين نعرف، و لا عارفينا أنتي.

- لاء يا روح خالتك منك ليه، هاعرفكم أنا. 
كان صوت عمار الذي أنهال عليهم باللكمات، و هما كذلك يوجها إليه الكثير من اللكمات، أخذت ليلة تصرخ خوفاً علي عمار، تجمع المارة و تدخل الشباب في هذا العراك.

و في مكان قريب يقبع حبشي أسفل السيارة يقوم بتصليحها، سمع نداء مساعده الصغير و هو يناديه: 
-ألحق ياسطا حبشي في خناقة كبيرة في الشارع اللي جمبينا.

رد الأخر من أسفل السيارة و منهمك في إصلاحها: 
-خليك في حالك يا ولاه و ناولني مفتاح ١٠ من عندك.

جاء إحدي الأطفال إليهما ليخبره: 
- ألحق ياسطا حبشي الخناقة اللي دايرة في الشارع هناك بسبب أن فيه عيال كان بيضايقو الست هدي و الآنسة ليلة أختك .

دفع نفسه من أسفل السيارة و الغضب ينضح من ملامحه حينما سمع ما قاله الصبي، أخرج المُدية من جيبه و صاح بمساعده: 
- خلي بالك أنت من الورشة و أنا هاروح أشرح ولاد الـ......  دول.

و حين وصل إلي المكان المنشود وجد شقيقته تجلس بجوار عمار الذي يلتقط أنفاسه، جذبها من يدها بعنف و دفعها نحو زوجته، و بأمر: 
-خديها و أرجعو علي البيت.  

أومأت له بخوف، فأمسكت بيدها و أسرعت الخطي إلي المنزل، أمسك حبشي بالشابين و أبرحهم ضرباً و قام بخدشهم بالمُدية ثم صاح بصوته الغليظ الجهوري: 
-عليا الحرام اللي هيقرب من حد يخصني لأكون معلقه زي الدبيحه علي بوابة البيت.

و قبل أن يبتعد ألقي نظرة علي عمار، كانت نظرة تحذير أكثر من كونها وعيد لأنه أقترب من شقيقته مرة أخري.

ـــــــــــــــــــــ

عادت عايدة و تحمل الكثير من الأكياس بعدما تركت حماتها تثرثر مع جارتها التي تنقل لها ماحدث من العراك منذ قليل، ذهبت و تركت ما تحمله فوق طاولة الرخام بداخل المطبخ و في طريقها بدون أن تنتبه أصتدمت به و كادت تسقط، فأمسك بها: 
-معلش مكنتش واخد بالي.

رفعت وجهها و نظرت في عينيه و ظلت صامتة، تحمحم و تركها ثم سألها: 
- أومال فين أمي؟

أبتلعت ريقها بتوتر و أجابت: 
-خالتي تحت زمانها طالعة،محتاج حاجة؟

رمقها من أسفل لأعلي و قال لها بإقتضاب و نفور: 
- شكراً. 
ـــــــــــــــــــــــــــــ

دفع باب المنزل علي مصراعيه كالثور الهائج يبحث عن زوجته و شقيقته، و شياطينه تتراقص أمام عينيه: 
-ليلة،هدي ،أنتي يا زفتة منك ليها.

تختبئان بداخل الغرفة، قامت هدي باللطم علي خديها: 
-يالهوي، يالهوي خلاص ضيعنا.

عقدت ليلة ساعديها أمام صدرها و أخبرتها: 
-بطلي خوف بقي، أنتي اللي بتخليه يعمل فيكي كدة.

أشاحت الأخري بيدها و قالت بتهكم: 
-يا شيخة روحي ده أنا لسه حايشة عنك إمبارح لما كان هايموتك في إيده، مافكيش غير لسان و بس.

و قبل أن ترد الأخري أنتفضت ذعراً حين قام الأخر بطرق الباب بقوة أفزعتهما: 
-أفتحي منك ليها بدل و ربنا لأكسر الباب فوق دماغكم أنتو الأتنين و أبقو صرخو لحد بكرة محدش هايحوشني عنكم.

تفوهت زوجته بخوف و هي تبتلع ريقها: 
-طيب ممكن تسمعنا قبل ما تتهور و تمد إيدك و أنت مش عارف حاجة؟

زمجر كالوحش الضاري و قال بتهديد: 
- أنا هعد لواحد لغاية تلاتة و ديني و ما أعبد لو الباب ما أتفتحش بعدها لتكوني طالقة بالتلاتة.

🌹🌹

الفصل الثالث
ما بين الحب والحرمان
بقلم ولاء رفعت

فتحت بسرعة قبل أن ينفذ تهديده الذي لم يتراجع عنه إذا صمدت علي موقفها العنيد، ترفع يديها أمام وجهها بوضع الدفاع تخشي أن يجفلها بصفعة أو لطمة،و في لحظة كانت تلابيب عبائتها في قبضته و بصوت جهوري صاح بها: 
- مش قولت مليون مرة لو أي عيل و... عاكسك أو عاكس السنيورة ما تردوش عليه؟

هزت رأسها بخوف و طاعة: 
-صح يا سي حبشي، حصل.

عنفها مرة أخري و يرمق شقيقته بغضب لأنه يعلم خصالها جيداً و قال: 
- و مش فهمتكم قبل كده إن لو أي حد من المقاطيع اللي في الشارع عاكس واحدة فيكم ما تردوش لأن الواحدة ترد على واحد بيعاكسها تبقي واحدة لا مؤاخذة قليلة الأدب.

صاحت ليلة بإعتراض و سخط: 
-ما تبطل تخلف و جهل بقي، دلوقتي بقي فيه قانون للأشكال الزبالة اللي بتتحرش بللفظ بيتقبض عليه و يتسجن يعني يحمدو ربنا إننا ردينا عليهم بدل ما جرجرناهم علي القسم.

ليتها ما تفوهت بتلك الكلمات التي سبرت أغوار هذا الوحش الماثل أمامها، ترك زوجته و أمسكها هي و صدي صوته الأجش يتردد في الأرجاء: 
-كنتي بتقولي أي يا روح ماما، سمعيني كده تاني أصلي ما سمعتش كويس.

صرخت من هزه لها بعنف، لم تري أمامها شيئاً واضحاً حيث يهزها كزجاجة مياه غازية و يلقي عليها أفظع السباب و الشتائم المصاحبة بالضرب و السحل و كالعادة صوت صرخاتها يصل إلي كل أهل الحارة.

ــــــــــــــــــــ

و بعد إنتهاء صلاة التراويح، علي المقهي البلدي حيث يجلس الرجال و الشباب لمتابعة إحدي مباريات كرة القدم، يهللون تارة و يصيحون تارة أخري عندما يركض اللاعب نحو المرمي و علي وشك تسديد الهدف و كأنه يسمع تشجيعهم!

- واحد شيشة يا بني. 
صاح بها جلال إلي صبي المقهي، فأجاب الآخر: 
-واحد شيشة للمعلم جلال و زود الفحم و صلحو.

رمقه معتصم علي مضض قائلاً: 
-يا بني أرحم نفسك ده أنت فوق شارب لك يجي حجرين شيشة، صدرك مش كده.

أبتسم الأخر بتهكم و قال له: 
-اللي يسمعك و أنت بتنصحني ما يشوفكش و أنت السجاير ما بتفارقش إيدك!

أنتهي من سخريته و ختمها بقهقه مُجلجلة مما جعل شقيقه أشاح وجهه إلي الناحية الأخري، يعلم كم هو عنيد و جاهل لم يستمع إلي أي نصائح و هذا ما جعله يخشي أن يحذره إلي أمر زوجته التي تلاحقهدائماً.ً

و في زواية قريبة يجلس حبشي بالقرب منهما فأنتبه معتصم إليه، نهض فسأله شقيقه: 
-رايح فين الماتش لسه ماخلصش.

أشاح له بيده و قال: 
-هاروح أسلم علي الواد حبشي المعفن.

ذهب إلي حبشي الذي عندما رآه تمعن النظر إليه و هلل بسعادة: 
- أهلاً حمدالله على السلامة يا معتصم، جيت أمتي يا صاحبي؟

صافحه الأخر بعناق أخوي و قال: 
-لسه راجع إمبارح، أخبارك أي و الجماعة و العيال.

- الحمدلله كلنا بخير، أنت اللي أخبارك أي جاي و ناوي تتجوز و لا شايف حالك في الخليج؟ 
غمز له بعينه، ضحك الأخر وقال: 
- و الله يا صاحبي أمي اللي مُصرة علي موضوع الجواز ده و أنا بيني و بينك مش ناقص وجع دماغ، أنا راجل حر ما بحبش واحدة تقولي رايح فين و جاي منين.

عقب حبشي علي حديثه قائلاً: 
-علي رأيك و الله ده كفايه المصاريف و هات هات كأن الواحد قاعد علي بنك و مصاريف العيال ما بتخلصش، كتب و كراريس و دروس.

-يا عم أنت هاتشتغلني قال يعني بتصرف ده أنت ميت علي القرش، ألا قولي صح بقي عندك كام عيل بالصلاة علي النبي.

أجاب الأخر بعدما تجرع رشفة من كوب الشاي:
-عليه أفضل الصلاة و السلام، عندي ماشاء الله   بسنت و محمد.

رد معتصم بسعادة: 
-يا ماشاء الله ربنا يبارك لك فيهم.

أنتبه حبشي إلي شقيقته التي تشير إليه من بُعد مسافة قليلة، لاحظها معتصم و قال: 
-ألحق يا حبشي فيه مزة جامدة عمالة تشاور لك من بعيد الله يسهله يا عم.

تمعن النظر نحو ما أشار إليه الأخر فوجدها شقيقته و قال: 
- مزة أي يا جدع دي البت ليلة أختي. 
ثم تمتم بصوت لم يسمعه الأخر: 
-برضو خرجتي من غير استئذان و ربنا لأربيكي يا بنت الـ....

بينما الأخر عندما علم إنها شقيقته التي تركها قبل سفره كانت طفلة صغيرة ها هي أصبحت صبية يافعة تمتلك جسداً بضاً و جمالاً يسحر الألباب و يخطف الأنظار من أول وهلة، ربما سيعدل عن رأيه في عدم الزواج الأحري وجد ضالته أخيراً، كم تخيل فتاة أحلامه لليالي طوال، فهي مُراده الذي طالما تمناه و سيظفر به بأي ثمن.

وصل حبشي لدي شقيقته رمقها بنظرة من الجحيم و قال لها: 
-اي اللي خرجك من البيت و أنا محذرك؟

رمقته بسخط و ودت أن تصفعه بكل قوتها و قالت: 
-عايزة فلوس عشان أخلص ورق التنسيق و أطبعه في مكتب الكمبيوتر.

صاح بها و لكزها في كتفها بعنف، يا له من أخ وغد و مقيت لا يعرف الحنان درباً إلي قلبه،مثله من قيل علي أفئدتهم من الفولاذ لم تتأثر قط بأي مشاعر : 
-تنسيق أي يا روح خالتك، مش قايلك أنسي موضوع التعليم ده نوهائي!

لم تتحمل كم الإهانة و كعادتها أنفجرت بغضب و نفذ صبرها من هذا الأرعن: 
-أنت ما بتصرفش عليا من جيبك علي فكرة، أنا ليا ميراث أبويا الله يرحمه و لو مش هتديني يبقي خلاص تعالي نتحاسب و هاخد حقي أتعلم و اصرف بيه علي نفسي و لا الحوجه لأمثالك.

نظر من حوله يخشي أن يقترف فضيحة أمام الناس و يشمت فيه اعدائه، أمسك قبضته بشدة و قال لها: 
-غوري من وشي علي المسا أحسن لك، بدل و ديني و ما أعبد لأجرجرك علي البت و أخليكي تلحسي تراب الشارع و أكسر لك رجلك دي عشان أعجزك و تقعدي مكسحه في البيت و تبطلي تنطيط.

مسحت عبراتها علي مضض و تراجعت قائلة و قد فاض بها الأمر و وكلته إلي ربها: 
-مش هرد عليك بس كل اللي اقوله لك حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا ظالم.

و ركضت قبل أن يلحق بها، و أنتظر حتي رآها تدلف إلي داخل فناء المنزل و عينيه مليئة بوعيد ، عاد بعد ذلك إلي صاحبه: 
-معلش يا صاحبي، كنا بنقول أي؟

أرتشف معتصم الماء و السعادة تتلألأ داخل عينيه و قال دون أي مقدمات: 
-أنا عايز أتجوز أختك.

ـــــــــــــــــ

و بعد عودتها إلي المنزل ولجت إلي غرفتها باكية جلست فوق السرير و أخرجت صندوق من درج الكمود مليئ بالصور، أمسكت بصورة والدها الحنون قائلة و كأنها تحدثه: 
-ليه سبتني يا بابا، شوفت حصلي أي من بعدك، حبشي قلبه حجر و قاسي و عمره ما كان حنين، أنت عمرك ما مديت إيدك عليا ابداً و لو زعقت فيا بتيجي تطبطب عليا و تاخدني في حضنك، عمرك ما كسرت بخاطري، لكن أبنك ديماً كاسر بخاطري و عايش عشان يقهرني، لو الحياة هاتبقي ديماً كده ياريت خدني عندك عشان ارتاح بقي من العذاب و القرف اللي أنا عايشه فيه من وقت ما سبتني أنت و ماما.

وجدت يد حنونه تربت عليها و اليد الأخري تعطيها كوب عصير ليمون، صاحبة اليدين زوجة شقيقها قالت لها: 
-استغفري ربنا يا ليلة، ربنا بإذن الله هايفرحك و هايعوضك بفرحة كبيرة بس أنتي قولي يارب و بلاش التشاؤوم و تفاولي علي نفسك بالموت، انتي لسه شابه صغيرة و الطريق قدامك طويل، بكرة تلاقي ابن الحلال اللي ياخدك في حضنه و يطبطب عليكي و يعيشك في فرح و سعادة.

هزت الأخري رأسها و تجفف عبراتها في آن واحد: 
-أنا كل اللي عايزاه أكمل تعليمي و اخد شهادتي و أشتغل و أبقي حرة نفسي و أطلع بره الحارة دي خالص، للأسف مفيش راجل عدل تقدري تأمنيه علي نفسك، كلهم صنف واحد ملهمش أمان.

- و مين سمعك يا ليلة كلنا كان نفسنا في كدة، بس الواقع حاجة تانية، الظروف ساعات بتحكم عليكي و تفرض عليكي عيشة و حياة غير اللي نفسك فيها خالص، كل اللي في أيدك دلوقت هو الصبر، و إن شاء الله حياتك هاتكون احسن.

نظرت إلي الفراغ داعية ربها: 
-يارب.

ــــــــــــــــــــــــ

يتجمع أفراد عائلة معتصم حول المائدة لتناول طعام السحور، حيث تتراص أطباق مليئة بالطعام من الفول و الفلافل و البطاطا المقلية و الخضروات الورقية و البيض المسلوق و البذنجان و علب الزبادي، كل ما تشتهي الأنفس و تهواه المعدة. 
خرجت عايدة من المطبخ تحمل دورق المياه الزجاجي و كوب فارغ، وضعتهم أمام  زوجها الذي يلوك الطعام بفمه و شارد في الفراغ: 
-أتفضل يا حبيبي.

بينما كان معتصم يأكل في صمت لكن عينيه لا تبرح تلك العاهرة التي أتت إليه بالأمس لتراوضه عن نفسه، لكن محاولتها بائت بالفشل الذريع عندما لوي ذراعها خلف ظهرها و هددها بفضحها أمام والدته و شقيقه إذا لم تبتعد عنه، لكن كيف يمكنها الإبتعاد و هي تعشقه بكل ما بها قلبها و عقلها و تريده بشدة، و لا تكترث إنها ترتكب إثماً عظيماً و ربما إذا أفتضح أمرها ستكون فتنة كبيرة ما بين الأخوة ربما تودي بحياة إحداهما!

حدقها بإزدراء و إشمئزاز بينما هي تبادله بنظرة كبرياء و كأنها لم تقترف أي شىء يا لها من فاجرة وضيعة. 
كسر الصمت صوت نفيسة و تسأل إبنها: 
-مقولتليش يا معتصم يا بني، لسه ما لقتش عروستك و لا أنقهالك أنا؟

أخذ الكوب و قام بسكب الماء من الدورق ثم شرب الكثير من الماء و أجاب: 
- أيوة يا أمي لاقيتها.

خفق قلب عايدة و شعرت بالإختناق الذي قد يودي بحياتها عندما سمعت ما ذكره للتو هل قال إنه وجد عروسه، هل سيتزوج بأخري!

ردت والدته بإهتمام و فرحة: 
-و دي مين دي يابني و أنا أروح أخطبهالك من دلوقتي.

نهض و نفض يديه من آثار الخبز و أجاب: 
-تبقي ليلة بنت حبشي صاحبي.

تخلي جلال عن صمته أخيراً و تحدث و الطعام بفمه: 
-أي ده أخت الواد حبشي المكانيكي؟

أومأ له شقيقه ثم نظر إلي عايدة التي شحب وجهها و الجحيم يندلع من عينيها خاصة عندما قال زوجها: 
-يا إبن المحظوظة يا معتصم، دي بت زي البدر، ، بس لسه صغيرة عندها 18 سنة.

عقبت والدتهما بإمتعاض: 
-و أنت ما لقتش غير حبشي البخيل المعفن و رايح تناسبه، دول محلتهمش حاجة و هو بخيل و جلدة طول عمره، تفتكر هيجهز أخته!

أخرج معتصم سيجارة من العلبة و أشعلها بالقداحة و نفث دخانها ثم أجاب: 
-ملكيش دعوة ياماه ،  أنا هاخدها بشنطة هدومها و لا مش هيجيب لها هدوم أنا ممكن أخليكي تاخديها و تشتري لها بنفسك.

قال له شقيقه مبتسماً بمكر و يغمز له بعينه: 
-طبعاً ليك حق،  أنا لو مكانك ده أنا أبيع نفسي و أشتري واحدة زي ليلة.

علقت عايدة بغيرة و حقد لم تستطع إخفائهما: 
-دي حتة عيلة لسه خارجة من ثانوي،  و علي ما أظن هي ثانوية عامة و سمعت البت أسماء بنت أم شهاب كانت بتتكلم إمبارح إنها جابت مجموع حلو و داخلة كلية جميلة،  و معلش يا معتصم أنت يا دوب واخد دبلوم، تفتكر هتوافق؟

رمقها بحدة قد تكون قاربه للغضب ، يدرك سخريتها الواضحة و يشوبها الحقد و الضغينة، 
شهقت نفيسة و قالت: 
- فشر ياختي،  ماله معتصم أبني، ده جدع طول بعرض و زي القمر و كسيب، عنده اللي مش عند خريج الطب، يعني لو شاور بصباعه الصغير البنات هتيجي تترمي تحت رجله.

ضحك جلال و عقب: 
-طبعاً يا ماه و مين يشهد للعريس.

لوت زوجته شفتيها جانباً بتهكم و إمتعاض، نهضت من المائدة و قالت: 
-لما أروح أعلق علي الشاي .

قال لها جلال : 
-أبقي و النبي يا دودو ولعي لي حجر فحم و هاتي لي الشيشة معاكي.

ربتت نفيسة علي إبنها الأخر فقالت: 
-ماشي يا معتصم هاخد مرات أخوك و نروح نقعد قعدة ستات مع هدي مرات أخوها و نرمي لها الكلام و نشوف رأي البت أي و ربنا يقدم اللي فيه الخير.

نفث دخان سجائره مرة أخري و قال بصوت مرتفع حتي يصل إلي التي تقف في المطبخ و تسترق السمع و نيران الغيرة تنهش قلبها : 
-بس ياريت تفهميهم إنه هيبقي جواز علي طول يعني في خلال أسبوع، ما أنتي عارفة يا دوب واخد أجازة شهرين بالعافية  و ممكن يبعتولي في أي وقت ربنا يستر.

- إزاي يابني هاتتجوز في رمضان!، ما تخليها علي العيد طيب.

رد قائلاً: 
- أنا لسه بقولك هم شهرين بس اللي واخدهم أجازة و بعدين اليوم مش كله رمضان و الليل طويل.

بينما بالداخل كانت مثل المياه التي تغلي و تفور في براد الشاي، أطفأت الموقد و نسيت أن تمسك بعازل حرارة فأمسكت بمقبض البراد و سرعان ما أحرقتها الحرارة شديدة السخونة، صرخت و وقع البراد بداخل الحوض، نهض جلال يركض ليطمئن عليها: 
- مالك يا دودو ؟

تصنعت البكاء لكن بالفعل تتألم بشدة لكن ألماً أقل من ما يشعر به قلبها العاشق لشقيق زوجها. 
- إيدي يا جلجل لزقت في البراد.

أمسك بيدها و وضعها أسفل الصنبور و قام بفتحه، أنهمرت المياه علي أثر الحريق فأنتفضت و أخذت تصرخ بدلال، و عينيها صوب الذي يرمقها من بعيد شزراً. 
ـــــــــــــــــــــ

و قبل الفجر بساعة، بداخل تلك الغرفة  يتمتم لها و كأنه كالغريق : 
-بحبك أوي يا دودو، بحبك أوي يابت.

أبتعد عنها و أرتمي علي ظهره بجوارها كذكر الماعز دون أن يكترث إليها ، فهو كما كانت ترمي إليه دائماً حيث لا تجد منه سوي عدم الإكتراث لإحتياجاتها.

نهضت لترتدي ذلك القميص الحريري الذي قام بخلعه عنها هباءً، أرتدته و الإستياء يعتمل صدرها، تريد الصراخ في وجهه لكن ما الفائدة أن تستنزف كامل طاقتها في الصراخ أمام هذا الأحمق، و هذا ما جعلها تُحلل لنفسها مشاعرها إلي شقيقه!

ألقت نظرة من فوق كتفها وجدته قد غطي في النوم بعدما جذب الدثار و لم يكلف عناء نفسه و ينهض حتي للأغتسال، كم كرهت قذارته تلك، أرتدت المأزر الخاص بالقميص و كأنه يواري جسدها بقماشه الشفاف و خرجت متجهة إلي المرحاض لاحظت الهدوء الذي يعم الأرجاء، لكن يبدو هناك مستيقظ لا يريد النوم، راودها شيطانها بأفكاره السامة لتجد قدميها ذهبت أولاً للأطمئنان علي حماتها فوجدتها تغط في نوم عميق، ذهبت علي أطراف قدميها إلي الغرفة المنشودة و أدارت مقبض الباب بلا تردد، تجرعت لعابها بقلب من فولاذ لا يخشي شىء بتاً.

بينما مَنْ يشغل بالها يتمدد علي الأريكة و يضع سماعات الأذن المتصلة بهاتفه و يشاهد إحدي المسلسلات الرمضانية . 
و بدلاً من أن تتراجع و تعود إلي غرفتها، يبدو هذا راق لها الوضع فالكل نائم، يا لها من عاهرة قذرة تتوهم العشق المحرم و لا تعلم إنها بذلك ستنشب حرب ضروس بين الأخوة، فهي كالأفعي التي تتسلل بين الضباع و تزحف بينهم و تصطاد الأضعف منهم و تلدغه بسُمها الزعاف، يا لها من خبيثة و لعينة.

أقتربت منه بخطي وئيدة و عينيها تتأجج بالرغبة الجامحة، وضعت يدها علي كتفه بجرأة سافرة، أنتفض معتصم بفزع و كأن لدغه عقرب و عيناه وقعت علي ثيابها الفاضحة : 
- عايدة!  
يتبع... 🌹🌹

الفصل الرابع
بقلم ولاء رفعت

و في منزل حبشي الذي يصيح بصوت جهوري: 
- هدي، لما تخلصي الفطار أبقي أبعتي الواد محمد إبنك بعلبة الأكل عشان عندي شغل كتير و مفيش وقت أجي و أفطر و أمشي.

ردت من داخل المطبخ و تزفر بتأفف فهي تمسك بإسطوانة الغاز تقوم بهزها قليلاً: 
- ياريت تقول للواد اللي شغال معاك  يجيب لنا أنبوبة من المخزن اللي في الشارع اللي ورانا، الأنبوبة شكلها بتشطب.

كانت ليلة تجلي الصحون و قامت بشطف أخر كوب و وضعته بجوار الأكواب الأخري علي مصفاه أعلي طاولة الرخام القديم و الذي يخترقها شقاً كبير، سألت زوجة أخيها: 
- شوفتي يا هدي عمايل جوزك هو ناوي يحرمني أني أكمل تعليمي و لا أي!

ردت بقلة حيلة: 
- و الله ما أعرف ، هو كل اللي فهمته من رفضه و كلامه شكله ناوي يخليكي ما تكمليش.

صاحت بسخط: 
-نعم ! ، و ربنا ده أنا كنت كلمت خالي و خليته يجي من البلد يشوف شغله معاه، هو فاكر نفسه أي إن شاء الله.

أشارت لها بخوف و أن تصمت: 
-هشش يخربيتك هايسمعك و ينزل فيكي ضرب زي كل مرة،  و بعدين خالك ده و لا ليه أي ستين لازمة، إذا كان بيخاف من مراته مش هيخاف من حبشي!، يا شيخة أتوكسي.

هزت رأسها بسأم و رددت: 
- علي رأيك، ده أنا عمري ما أنسي لما كنت عايزة أبيت عندهم و اقعدي لي يومين مراته راحت سحباه من قفاه و تقوله بقولك أي أنا عايزة اقعد براحتي في بيتي مش ناقصة حد يقعد يكتم علي نفسي.

ضحكت الأخري علي أسلوب ليلة الساخر و تقليدها لزوجة خالها: 
-يخرب فقرك ،  هي فعلاً بتعمل كده، دي وليه حيزبون ربنا يهدها البعيدة.

- أنا ماشي و ماتنسيش اللي قولتلك عليه. 
صاح بها حبشي بصوته الغليظ و الجهوري،  فصرخت الاخري: 
- ما قولنا الأنبوبة شطبت عمال أهز فيها زي إزازة الحاجة الساقعة و يا دوب شعلتها سهراية.

أشاحت ليلة بيدها و قالت: 
- ياختي بلا هم، أموت و اعرف أنتي أتجوزتيه ليه،  مش هو أخويا بس و ربنا لو جالي واحد زيه عندي أقطع شراييني و لا أتجوزو.

أخبرتها هدي:  
- النصيب يا ليلة،  النصيب و القلب اللي بيدق من غير ما ياخد رأيك.

كادت الأخري تعقب علي كلماتها لكن صوت رنين هاتفها صدح من الغرفة، جففت يديها بمنشفة المطبخ و قالت: 
- شكلها البت سلمي صاحبتي عايزة تتطمن عملت أي، منك لله يا حبشي يا لي موقفي لي حالي.

ذهبت و أمسكت بهاتفها، أنتفض قلبها عندما رأت إسم المتصل (سلمي عمار)، تسحبت علي قدميها لتتأكد من عدم سماع زوجة شقيقها لها ثم أوصدت باب الغرفة، قامت بإجراء الإتصال: 
- ألو،  ليك عين بتتصل بيا بعد اللي عملته معايا أخر مرة!

اتاها صوته و يبدو عليه الإعياء و التعب: 
-أنا بكلمك عشان أقولك أنا بحبك أوي و ما تزعليش ربنا أنتقم لك مني و أديني راقد في سريري مش قادر أعمل لنفسي الفطار بقالي يومين عايش علي سندوتشات بيجيبها لي واحد صاحبي.

خفق قلبها بقلق و خوف فقالت: 
-مالك يا حبيبي بعد الشر عليك.

أخذ يسعل ثم أجاب: 
-عندي سخونية و زوري واجعني و جسمي كله همدان مش قادر أحرك دراعي،  حتي بكلمك من التليفون بالعافية.

أخبرته بحزن و قلق: 
-خليك مكانك و أنا جاي لك ما تقلقش عشر دقايق و هاكون عندك، سلام دلوقتي.

أنهت المكالمة بينما هو رفع زواية فمه كإبتسامة ذئب ينتظر فريسته الشهية ليفترسها بضراوة.

ــــــــــــــــــــ

و فوق سطح المنزل تمسك عايدة بقطعة ثياب مبتلة و ألقتها أعلي الحبل ثم قامت بتثبيتها بالمشبك الخشبي، و بمجرد سماعها صوت هذا القادم و الذي يصعد الدرج تركت ما بيدها و اختبأت في زواية لا يمكن من رؤيتها منها.

كان يطلق صفيراً و ذهب ليقف بالقرب من سور السطح ، و ما أن تأكدت من خلو السطح إلا من وجودها و وجوده أطلقت ساقيها بخطي لم يشعر بها الأخر، و في لحظة أجفلته بجذبه من يده و سألته و الغضب ينضح من سؤالها: 
- أنت صحيح هاتتجوز البت اللي إسمها ليلة يا معتصم !

لم يكن مذعوراً، هذا حدث كثيراً من قبل، رمقها من أعلي لأسفل و قال: 
- عايزة أي؟

أخبرته بنظرة ولع و عشق مدفون بقلب ملتاع: 
- عايزاك أنت و لا نسيت اللي ما بينا!

نفض يدها عن يده و قال: 
- للأسف ما نستش، ما نستش كذبك و خداعك لما كنتي بتوهميني بحبك و في نفس الوقت ماشية مع صاحبي، و جيت واجهتك بتسجيلات مكالمتكم قعدتي تحلفي كدب و تألفي لي قصص من خيالك و فاكراني أهبل،  و كله كوم و إن تستغلي رفض ليكي و خلتيني أسيب لك البلد و أطفش من وشك و عمايلك و قعدت في الغربة تلات سنين ما نزلش أشوف أهلي، في الأخر أتصدم يوم ما رجعت ألاقيكي متجوزة أخويا،  لولا نظرة حبه ليكي اللي شايفها في عينيه كنت حكيت له عن حقيقتك القذرة.

اقتربت منه و قالت: 
- أنت لسه برضو مش مصدقني،  و الله كل ده كذب و تلفيق، انا بحبك أنت و الواد سعد هو اللي عمل كل ده عشان ياما رفضت إن أرتبطت بيه و لما عرف إني بحبك أنت قرر ينتقم مني و منك، عايز تصدق براحتك مش عايز أنت حر.

إبتسامة هاكمة ظهرت علي محياه قائلاً: 
-علي أساس الوفاء و الإخلاص مقطع بعضه عندك!، كفاية عمايلك السودة و اللي كل مرة بتعدي بستر ربنا بدل ما تتفضحي و أنا أخسر أخويا.

أقتربت أكثر و كادت تلتصق به: 
-ما تبطل بقي دور المحترم و الأخ الوفي اللي عايش فيه ده، فاكر لما قولت لي أنا ماحبتش و لا هاحب زيك!

صاح بها و يرمقها بإزدراء: 
- كان كله وهم و كدب،  دلوقتي مش شايف غير واحدة لولا إننا في نهار رمضان و أنتي للأسف واحدة ست كنت قولت لك لفظ يليق عليكي.

اقتربت منه بشدة و كادت تلتصق به: 
- لو ده هايرضيك و يشفي غليلك مني أنا موافقة، بس تسامحني و ترجع لي.

يا للوقاحة إلي هذه الدرجة تجرأت في الحديث معه دون رادع أو خجل!

قبض علي عضدها و هدر من بين أسنانه: 
-أسمعي يا عايدة أقسم بالله أنا ماسك نفسي عنك بالعافية و عامل حساب لأخويا الكبير لكن  لو لاقيتك ما بطلتيش عمايلك الوسخة دي لهاعملـ..

- عايدة، بت يا عايدة. 
كان صوت والدته تنادي من الشرفة، نفض ذراعها من يده قائلاً من بين أسنانه: 
- أبقي كرري حركاتك و كلامك ده تاني و أنا هخليكي تندمي علي اليوم اللي دخلتي فيه البيت ده.

ـــــــــــــــــــــ

و في الليل وصلت إلي نهاية الدرج حيث يقطن عمار فوق السطح بداخل غرفة يتكون سقفها من الصفيح و الخشب القديم. 
و بخطي وئيدة تتقدم نحو الغرفة و قلبها يدق بشدة مثل جرس إنذار و الأحري ناقوس خطر لكن هنا العاطفة كان لها الكلمة الأخيرة، أختصرت خطواتها الأخيرة و دلفت و هذا بعدما وجدت باب الغرفة مفتوحاً، فـ نادت: 
- عمار ، عمار؟

كررت النداء و لم تجد تلبية و كادت تلتفت خلفها حتي أجفلها كجدار صلب يقف أمامها، أنتفضت بفزع و تراجعت، ترمقه بتوجس: 
-أنت بخير؟

لوي شفتيه جانباً بإبتسامة ماكرة كذئب أضحت فريسته أمامه و لم تجد مفر للهرب أو ربما هكذا ظن: 
- أنتي شايفة أي يا لولو ؟

رددت بتعجب و دهشة لاسيما عندما لاحظت تعابير وجهه التي تخبرها إنه ليس في حالته الطبيعية و عليها الحذر: 
- عمار أنت شارب حاجة؟

أغلق الباب خلفه و تقدم نحوها قائلاً: 
-لسه هاشرب، تعالي أوريكي أشرب أي.

و سرعان فاجئها بجذبها من خصرها و حملها إلي فراشه المُهترئ، أخذت تقاومه و تضربه بقوة محاولة أن تفلت من بين يديه: 
-سيبني يا حيوان، أبعد عني،  أنا كنت حاسة إن فيه حاجة غلط من الأول بس لما عرفت إنك تعبان مهونتش عليا و جيت لك جري.

ألقاها علي الفراش و أرتمي عليها بثقله حتي لا يمكنها الهرب، قام بتقبيلها بوحشية و يقول لها بثمالة : 
-طاوعيني مفيش غير الحل ده عشان نتجوز،  لازم نحط أخوكي قدام الأمر الواقع و يخليني أتجوزك غصب عشان الفضيحة.

أستطاعت فلت يدها و صفعته بقوة: 
- ده بعينك يا واطي يا قذر، عايزني أفرط في شرفي عشان أخسر نفسي و أخويا و تبقي فضحتي علي كل لسان.

نهض عنها و لم يصدق نفسه و ينظر لها بغضب عارم: 
- أنا بقي هادفعك حق القلم ده غالي و هخلي فضيحتك علي كل لسان يا زبالة.

و جذبها من تلابيب ثوبها و يدفعها نحو الحائط، أخذت تصرخ و لكن لم تستطع الإستغاثة فهي الآن المُدانة أمام الجميع،  هي من ذهبت إليه بإرادتها و دون علم شقيقها،  عليها أن تتحمل ذلك و يا ويلها إذا نال منها هذا الثائر بجنون و عزم علي أخذها بالقوة و لم يتركها سوي أن تراق الدماء علي جوانب شرفها!

- شكلك محرمتش من المرة اللي فاتت، يبقي أستحمل. 
صرخت بتلك الكلمات و ما أن قالتها ركلته بقوة بين ساقيه و لم تمهله أن يستوعب ما فعلته أمسكت بعصا خشبية و نزلت بها فوق رأسه مما سببت في فتح جرح أعلي جبهته، صرخت و ركضت إلي الخارج قاصدة الهرب و ربما إذا حدث له مكروه فلا تكون المتهمة و يفتضح أمر علاقتها الخفية به.

ــــــــــــــــ
خرجت من البناء تتلفت يميناً و يساراً بخوف تخشي أن يراها أحد،  كانت تضبط من هندام حجابها و إدخال خصلاتها التي تشعثت من الأمام، خبئتها أسفل الحجاب، ألقت نظرة أخيرة و لم تنتبه فأرتطمت بهذا الشاب الفارع الذي لم يهتز إنشاً واحداً و هي قد وقعت علي الأرض،  رفعت عينيها و رأت كف غليظ ممدود إليها: 
-قومي.

رفعت وجهها و نظرت إليه أجفلتها نظرته الثاقبة و كأنه يعرفها بينما هي تجهل هويته، لم تذعن لأمره و أستندت علي الأرض و لم تكترث للغبار الذي أنغمرت به يديها، أسرعت من خطاها للعودة إلي المنزل و إكتشاف إحداً بعدم وجودها.

بينما معتصم مضي في طريقه إلي ورشة حبشي الذي رآه قام بالترحيب به رافعاً يده: 
-يادي النور،  يادي النور، معتصم منورنا في الورشة، أجري ياض يا بلية هات حاجة ساقعة لعمك معتصم.

خرج الأخر من أسفل السيارة قائلاً: 
- أمرك يا سطي حبشي، فوريرة و جاي بسرعة.

أخبره معتصم بتهكم مازحاً : 
-أي يا عم جو الضيافة و الكرم ده،  أنت عيان و لا أي!

أستشف الأخر تهكمه و إتهامه بصفة الشح و هو كذلك بالفعل: 
- ماشي يا عم الله يسامحك.

جلس كليهما علي الكراسي فقال معتصم: 
- يارب يسامحنا كلنا، علي العموم أنا جاي لك في موضوع كده بس اسمعني للنهاية قبل ما ترد.

رمقه بإهتمام مبالغ و عقد حاجبيه و كأنه يخشي أن يطلب منه أموالاً سلفاً: 
- خير يا صاحبي.

ضحك الأخر عندما لاحظ علامات توجس صديقه: 
- ما تخافش مش هطلب منك فلوس،  بس طالب حاجة تانية،  مبدأياً كدة بالصلاة علي النبي أنت عارف بقالي أكتر من أربع سنين شغال بره و الحمدلله أنا راجل كسيب و بنيت البيت اللي أمي و أخويا و مراته اللي عايشين فيه، و بنيت التالت عشان أتجوز فيه.

أدخل الأخر طرف خنصره في أذنه و يهزه ليزيل شئ عالق يضايقه بداخلها و قال مُتظاهراً بالحماقة: 
- ربنا يزيدك يا معتصم يا أخويا، بس أنا مافهمتش برضو أنا داخلي أي بالكلام ده؟

أبتسم الأخر و تجلي الفرح علي ملامحه: 
- أنا طالب أيد أختك ليلة .

غر فاهه و كاد يتدلي فكه إلي صدره عندما أخبره صديقه:  
- بس أنا عايز خطوبة و كتب كتاب و فرح كل ده في خلال أسبوع و أنا متكفل بكل حاجة حتي شنطة هدومها أنا هجيبها لها، يعني عايز كل اللي عايزه العروسة بس.

حك ذقنه و يفكر في الأمر: 
- و الله يا صاحبي ده شرف ليا تتجوز أختي و كل اللي قولته كلام موزون و جميل، بس أستني أسألها الأول و أشوفها هتوافق و لا أي؟

- أنت هاتستعبط عليا يا حبشي!، ده أنت اللي مربيها و كلمتك مسموعة يعني لو أنت موافق هي هتوافق و تقولك آمين.

أتسع فمه بإبتسامة ظهرت فيها كل أسنانه: 
- برضو يا عصوم لازم أفاتحها خصوصاً لسه مخلصة ثانوية عامة و قال أي عايزة تدخل الجامعة و بيني و بينك أنا مش راضي علي موضوع الجامعة ده، هناك الشباب مع البنات و الدنيا مليطة مولد و صاحبه غايب،  و أنا راجل دمي حامي ما استحملش علي أختي الهوا.

أشاح الأخر له بيده بسخرية: 
- ياعم أجري أنت هاتعملهم عليا، أنت بس خايف من مصاريف الجامعة و اللبس،  خلاص أنا موافق أنها تكمل و تدخل الكلية اللي تشاور عليها، كدة كدة هقعد معاها أجازة الصيف و هسافر تكون هي بدأت الدراسة.

- يبقي كدة إحنا متفقين. 
قالها بسعادة واهية علي غرار حال شقيقته عندما تعلم بالأمر و يا ويلها إذا علمت بقراره الحاسم و الذي لا رجعة فيه.🌹🌹

الفصل الخامس
ما بين الحب والحرمان
بقلم ولاء رفعت علي

- بت يا ليلة،  أنتِ يا بت. 
كان صوت حبشي الجهوري و الذي ينبأ عن أخبار سارة، يحمل في يديه أكياساً تفوح منها رائحة الطعام الجاهز. 
كانت ليلة تمكث بداخل غرفتها و تبكي و عندما سمعت صوت أخيها بدأت تجفف دموعها التي تنهمر بسبب قلبها الحزين و إكتشاف حقيقة من أحبته المخادع الوغد.

ولج إلي المطبخ و رأي زوجته: 
- بتعملي أي يا وليه؟

أجابت عليه بإمتعاض: 
- هاكون بعمل أي يعني،  بحضر لكم السحور. 
أشار إليها قائلاً: 
- سيبي اللي في أيدك ده و تعالي جيب لكم كفتة و طرب من عند الحاتي اللي نفسك تاكلي عنده.

أتسعت عينيها غير مصدقة،  و لما لا فطالما كان شحه يغلب عليه كلما طلبت منه أي شئ: 
- سلامتك يا سي حبشي أنت عيان و لا حاجة!

صاح بسخط: 
- جري أي يا وليه محسساني إن بخيل و لا أي.

لوت شفتيها بتهكم قائلة: 
- كفي الله الشر يا أخويا هو أنا قولت حاجة!

- طيب ياختي،  هاتي الصينية و أطباق فاضية و معالق و تعالي علي أوضة البت ليلة .

طرق الباب: 
- أفتحي يا بت يا ليلة.

هذا أخر ما ينقصها في هذا اليوم العصيب، ذهبت و فتحت الباب: 
- أتفضل.

أشارت إليه بالدخول، ذهب خلفها و سألها: 
- مالك بتعيطي و لا أي؟

توترت ملامحها و أبتلعت غصتها قائلة: 
- أبداً أنا أنـ..

قاطعها و ربت عليها: 
- أنا عارف أنك لسه زعلانة مني عشان موضوع الجامعة،  و أنا جاي أصالحك بالأكلة اللي بتحبيها و ليكي عندي خبر لوز اللوز.

رمقته بعدم إستفهام، دخلت هدي باللهفة،  تناولت منه الأكياس و بدأت تخرج محتوياتها و ترص الأطباق: 
- خير يا سي حبشي، أي الخبر ده.

- تعالي أقعدي بس كولي و أكلي ليلة ، أومال فين الولاد؟

أجابت زوجته: 
- كنت شيعت لأمي عشان تبعتهم مع الولاه أخويا قالتلي العيال فضلو يعيطو مش عايزين يمشو.

رمقها بسعادة: 
- أحسن برضو عشان نحتفل أنا و أنتي بعد السحور الجامد ده . 
و غمز بعينه لها، لكزته في صدره و قالت له بصوت خافت : 
- عيب إختشي يا راجل أختك قاعدة.

حك ذقنه بحرج قائلاً: 
- عندك حق يا أم محمد،  المهم بصو بقي،  البت ليلة جالها عريس.

نهضت فزعاً و صاحت بإعتراض:
- و أنا مش موافقة.

رمقها محذراً إياها:  
-ما تتهدي يابت مش تسمعي الأول هو مين و هايعملك اي.

صاحت مرة أخري برفض تام: 
- و انا مش عايزة أعرف، بالتأكيد واحد من المقاطيع أصحابك و لا من أهل الحارة اللي أكتر واحد فيهم محترم بيشرب حشيش.

- ما تقعدي يا بت و أسمعيني بدل ما أسفخك كف علي صرصور ودنك أخليكي طرشة.

رمقتها زوجة أخيها بغمزة قائلة: 
- أقعدي يا ليلة أسمعي كلام أخوكي، حبشي بيحبك و عمره ما هيريد لك الأذي.

رمقتها الأخري بدهشة جلية رافعه حاجبيها لأعلي حتي قال شقيقها: 
- الواد معتصم صاحبي جه و طالب إيدك مني.

صاحت بغضب:
- نعم!، معتصم إبن نفيسة اللي أكبر مني ب ١٢ سنة!

تصنع الحنان الذي يفتقده في خصاله الخبيثة قائلاً: 
- ده راجل كسيب مش هيخليكي تشتري حتي هدمتك، هيجيب لك كل حاجة من الإبرة للصاروخ،  و فوق ده كله موافق تكملي تعليمك في الجامعة،  مش كان نفسك تكملي علامك، يالا أهي جت لك الفرصة علي طبق من دهب.

عقدت ساعديها أمام صدرها و رفعت إحدى حاجبيها برفض: 
- و أنا مش موافقة يا حبشي. 
ـــــــــــــــــ

- يا بت ربنا يهديكي أخرجي الناس بقالهم داخلين علي النص ساعة قاعدين مستنينك برة.

أومأت لها ليلة بالرفض و قالت: 
- أخرج لهم أنتي لأن أنا مش خارجة و مش موافقة، جواز أي اللي في اسبوع واحد ده أنا لو جوزك لاقيني علي باب جامع مش هايعمل فيا كده.

لطمت هدي علي خدها: 
- يخربيت مخك الحجر،  أخوكي حالف بإيمانات ربنا كلها لو رفضتي مش هاتشوفي الشارع تاني.

صاحت بإعتراض: 
- ده عند أمه الله يرحمها.

تدخل صوته كما تدخلت يده و قبضت علي عضدها بعنف  قائلاً بتهديد: 
- ما هو هيبقي عند أمك فعلاً،  لما اقتلك و اشرب من دمك و أخلص من قرفك.

جزت علي أسنانها بألم و غضب: 
- أوعي سيب دراعي، قولت لك مش هاتجوز و لا أتنيل، أنت أي ما بتفهمش،  و لا ما بطلتش تهديدك و لا أسلوبك ده معايا هارقع بالصوت و  ألم عليك الحارة و هخلي اللي ما يشتري يتفرج.

كانت كلا من نفيسة و عايدة تجلسان علي الأريكة ذات الفراش البالي و المهترئ، و قد وصل إلي مسمعهما صوت جدال حبشي و شقيقته ، و هذا أسعد قلب عايدة بعدما أستنتجت رفض ليلة من الزواج بمعتصم : 
- ألحقي يا خالتي شكل البت رافضة تطلع تقعد معانا، شكلها رافضة معتصم.

- يا بنت الرفدي، ليه هو أنا ابني عيبه اي،  ده ضفره برقبتها.

لوت الأخري شفتيها بتهكم و قالت: 
- شكلها مش عاجبها و لا نكون مش قد المستوي، ما أنتِ ما تعرفيش الأشكال دي واخده مقلب في نفسها و لا كأنها برنسيسة.

ردت الأخري بحنق و ضيق:
- ليه إن شاء الله فاكرة نفسها أي،  ده أبوها الله يرحمه كان حتة بياع علي عربية فول و أمها كانت خياطة و أخوها حتة ميكانيكي و لا راح و لا جه.

لكزتها عايدة و قالت بصوت خافت: 
- وطي صوتك ليسمعونا، أنا من رأيي تعالي ناخد بعضنا و نمشي بكرامتنا أحسن.

أقتنعت الأخري بحديث زوجة إبنها فقالت: 
- يلا يا بت بلا هم البنات علي قفا من يشيل.

و غادرت كلتيهما دون أن يشعروا من بالداخل،  و عندما أنتهي حبشي من حديثه مع شقيقته صعبة المراس، صاح بصوت مجلجل: 
- طب عليا الطلاق بالتلاتة ما هاتشوفي الشارع تاني و يوم ما رجلك تخطي باب الشقة لأكون كسرها و أخليكي عجزة طول عمرك.

ـــــــــــــــــ

طرق متواصل علي باب المنزل يتبعه رنين الجرس فصاحت هدي : 
- حاضر يالي بتخبط أنا جاية أهو.

فتحت الباب فظهرت لها فتاة في مثل عمر ليلة: 
- صباح الخير يا طنط هدي.

رمقتها الأخري بإمتعاض: 
- طنط أي يابت ده كل اللي بيني و بينك خمس سنين قولي هدي و خلاص.

تصنعت الفتاة الإبتسامة و قالت: 
- حاضر يا دودا ، أومال فين البت ليلة؟

أشارت لها نحو الداخل: 
- جوة في أوضتها صحيها عقبال ما أجهز الفطار كلها نص ساعة و المدفع يضرب،  أقعدي افطري معانا.

- معلش خليها يوم تاني عشان يا دوب جايه اقولها كلمتين عشان بس سايبة المحل و راجعة و امي لو عرفت هاتنفخني.

ردت الأخري بمزاح: 
- هاتنفخك أي أكتر من كده، ده أنتي قربتي تفرقعي.

طرقت الفتاة باب الغرفة: 
- قمر أنا مي ممكن أدخل؟

أتاها صوتها الحزين من الداخل: 
- أدخلي يا مي أنا صاحية.

دلفت و رأتها تجلس علي الأريكة و الحزن يكسو ملامحها شهقت من مظهرها المزري: 
- ليه يا بنتي عامله في نفسك كده، شايله طاجن ستك ليه فوق دماغك كفي الله الشر.

أشارت لها ليلة بأن تجلس جوارها و قالت: 
- تعالي يا مي أقعدي.

سألتها الأخري بإستفهام: 
- مالك يا بنتي في أي؟

ظلت صامته و لم ترغب في الحديث، فكما تعلم أن مي لم يدوم لديها سراً، أصرت الأخري بإلحاح: 
- هو أنا هاقعد أتحايل عليكي كل مرة عشان تحكي لي و لا أنتي مش مأمناني، حرام عليكي ده أنتي عارفاني بحفظ السر و كأني ما سمعتوش.

رمقتها ليلة و زمتت شفتيها جانباً بتهكم و أخيراً لم تجد مفر من تلك الفتاة ذات الفضول و لديها إستعداد أن تتفنن في الإسئلة و أن تلقي بكلمات تميل قلبك و تجعلك تشفق علي حالها حتي تتمكن من إيقاعك و العلم بكل شئ. 
- أخويا بيساومني يا أتجوز معتصم إبن نفيسة و أكمل تعليمي،  يا إما أتحبس في البيت و مفيش كلية.

غرت فاهها بصدمة و رددت: 
- معتصم أخو جلال الحلاق !

أومأت لها ليلة و قالت:
- أيوه هو بعينه.

ضحكت الأخري و قالت: 
- بغض النظر إن ما بطقش الوليه أمه و لا مرات أخوه اللي شايفة نفسها علينا و هي ماتسواش في سوق الحريم ربع جنيه، بس بصراحة لسه شايفاه إمبارح معدي من قدام بيتنا، بصراحة الواد قمر طول بعرض و عيون عسلي و أسمراني اللون يا لالالي.

زجرتها ليلة قائلة: 
- ما تتجوزيه أنتي و ريحيني.

ضحكت الأخري و قالت: 
- ياختي مش لما أمي تجوز أخواتي الكبار الأول دي أمنية أختي خللت بس تستاهل هي اللي اتبطرت علي الولاه خطيبها الأولاني عشان ظروفه كانت وحشة و أهو ربنا فتحها عليه من وسع و بقي عنده مطعم كبير و بيفتح الفرع التاني في وسط البلد، أهي بتندم و بتدعي علي نفسها و مخها الغبي.

ضحكت ليلة رغماً عنها من حديث صديقتها و نبرتها الفكاهية كلما تحكي لها عن شقيقتها،  فقامت بسرد لها كل ما ألقاه عليه شقيقها من أمر و وعيد و في نهاية الحديث أخبرتها: 
- هي مشكلة فعلا، و بعدين جواز أي أن جوزك بعيد عنك طول السنة و يجي لك شهرين بس، طيب ما تسافري معاه.

أنتفخت أوداجها من تلك الحمقاء: 
- بقولك مش عايزة أتزفت أتجوز، أنا عايزة أخد شهادتي الأول و يبقي ليا كيان و أبقي حرة نفسي ما طلعش من بيت أخويا أروح لبيت تاني و هاعيش مع ناس عمري ما أرتاحت لهم و الست نفيسة أمه دي تقول للشر قوم و أنا أقعد مكانك.

رددت الأخري بعد تفكير عميق: 
- خلاص أنا جاتلي فكرة.

- قولي.

تحمحمت و أخبرتها بكل ثقة: 
- أهربي!

ـــــــــــــــــــــــــــ

في هدوء و سكون الليل في وقت متأخر، بعدما أصبح أهل الحارة نيام و خاصة شقيقها الذي يصدر من فمه و أنفه شخيراً متواصلاً يصل إلي أخر الحارة و زوجته التي تتمدد بجواره تغط في نوم عميق، تسحبت علي أطراف قدميها و أطمئنت إن النوم يسيطر عليهم جميعاً ليتثني لها الهرب كما قررت،  ذهبت و أخذت حقيبتها الصغيرة و أخذت بها كل متعلقاتها مع بعض الثياب و الأموال التي أدخرتها دون علم شقيقها و ما تمتلكه من حُلي ذهبية قد أتتها هدية من خالها و أقاربها.

فتحت النافذة بتروي و أشرأبت بعنقها لتتأكد بخلو الحارة من المارة، وقفت علي الأريكة و قفزت عبر النافذة المرتفعة عن الأرض بمقدار نصف متر فقط.

أخذت تركض و تنظر خلفها تارة و أخري تنظر أمامها و قبل أن تغادر الحارة أرتطمت بهذا الجسد الصلب مرة أخري،  شهقت عندما رأت ضوء من بعيد يكشف عينيه الحادة و التي ترمقها بنظرة أجفلتها و جعلتها تتراجع إلي الخلف، لكن مهلاً هذا الشخص تعلمه جيداً يا الهي هذا الذي تهرب الآن حتي لا تقع أسيرة له تحت مسمي الزواج. 
سألها و لسانه شبه ثقيل من الثمالة و صوته غليظ مُخيف : 
- رايحة فين؟

أبتلعت ريقها و هزت رأسها بتوجس حينما تذكرت هويته، لم ترد عليه و شرعت في المضي ركضاً لكنه أوقفها بقبضة من أنامله علي ساعدها حتي شعرت بأن لو زاد من ضغطه أكثر من ذلك لأنكسرت عظمة الساعد، صاح بصوت أفزعها:
- لما أكلمك تجاوبيني، رايحة فين في وقت زي ده و إزاي خرجتي؟

رمقته بغضب و هدرت: 
- و أنت مالك عايز مني أي؟

ظل يراقب ملامحها و ردة فعلها، فيبدو إنها راقت له كثيراً و أخيراً وجد الفتاة التي طالما تمناها، صبية و جميلة يمكن التحكم بها و لو بنظرة مثل التي يرمقها بها الآن، أخبرها و عيونه لا تحيد عن خاصتها و ألقي عليها بأمر و كأنها ملكه : 
- يلا أرجعي علي بيتكم بدل ما أتصل علي أخوكي و أقوله يجي يرجعك بنفسه.

أزدردت ريقها بخوف يا له من وغد مخيف، لما يرهبها بنظرته و نبرته التي جعلت فرائصها ترتعد للتو لا سيما عندما قام بتهديدها و إبلاغ شقيقها و هي تحت رحمته الآن: 
- و أنت مالك بيا!

زجرته بنظرة عدائية و سألته بضيق و غضب، جذبها خلفه إلي البناء الذي يقف كليهما أمامه و كان هذا البناء الخاص بعائلته، دفعها نحو الحائط و أقترب منها حتي أخترق أنفها أنفاسه الكريهة بسبب رائحة الخمر و السجائر، هسهس إليها و في ذات الوقت يقترب من موطن كلماتها: 
-عشان هاتبقي ملكي. 
و كاد يلتهم شفتيها لكن جمعت قواها و فعلت كما فعلت مع حبيبها السابق، صفعته بكل قوتها و دعست علي قدمه مما جعلته يتأوه و يبتعد عنها، ركضت من أمامه و تراجعت عن فكرة الفرار،  عادت إلي منزلها عبرة النافذة و قلبها يكاد يقفز من بين ضلوعها من فرط الخوف.

ـــــــــــــــــــــ
بينما هو عاد إلي منزل عائلته وجد المنزل ساكناً دون أي صوت أو حركة، ولج إلي غرفته و لم يهتم لإغلاق الباب، نام علي ظهره أعلي سريره يشعر بثقل فـ رغماً من حالة الثمل التي هو بها لكن ليلة تشغل تفكيره بملامحها التي تمتاز بالجمال و البراءة.

أنتبه لحركة في الظلام لدي باب الغرفة الذي أُغلق دون تدخل منه و حين ألتفت و نظر أمامه تفاجئ بالتي تقف ، بصيص من الضوء ينبعث من نافذة الغرفة و يسقط علي وجهها و يبدو من إبتسامتها و نظرة الشماتة التي تنضح من عينيها إنها ستخبره بما سيكدر صفوه، سألها بضيق: 
- عايزة أي؟

دنت نحوه و أستندت علي يديها و علي مقربة شديدة منه حيث ترتدي ثوب عاري يعلوه مأزر مفتوح، قامت بفك حزامه عند ولوجها إلي هنا، تقصد إغرائه و ترويضه عن نفسه كما تسعي كلما أنفردت به: 
- عايزة أقولك البت رفضت تقابلنا أنا و أمك و صوتها جايب لأخر الحارة مش عايزاك و لا عايزة تتجوز، شوفت بقي عشان تعرف مهما عملت و لا لافيت أنت بتاعي في النهاية.

رمقها بإزدراء و إشمئزاز ثم نهض بجذعه جالساً علي طرف السرير و قال: 
- أنتي طايقة نفسك إزاي!  ، أنا لولا أخويا كنت دفنتك بالحيا بس خسارة ألوث إيدي بدم واحدة قذرة زيك.

هبطت علي عقبيها أمامه و أمسكت يده بتوسل دون أن تهتم لما ألقاه عليها من صفات شنعاء: 
- أنا مش قذرة يا معتصم،  أنا بحبك و جاية لحد رجلك عشان أقولك أنا ملكك كل حالي و مالي ليك،  تعالي نهرب أنا و أنت نروح أي مكان بعيد عن أمك و أخوك اللي عايشة معاه مجرد جسم من غير روح، عايشة معاه ميتة، أنا عايزاك أنت أكون مراتك أنت مش هو.

وقف بصعوبة و صاح بغضب رداً علي ما تهذي به تلك المجنونة: 
- أنتي أكيد مجنونة أو شاربة حاجة، أطلعي برة بدل ما أنا اللي أخدك بأيدي و أرميكي تحت رجل جوزك و هخليه هو اللي يتصرف معاكي.

هزت رأسها بنفي و كانت كالتي فقدت عقلها، جذبته من تلابيب قميصه بعنفوان و تملك و غضب: 
- ما تقولش جوزي،  أنا بكرهه و لولا هو أخوك كنت حطيت له سم في الأكل و أخلص منه.

برقت عيناه باللهيب مستعر، فقد السيطرة علي غضبه صفعها بقوة شقت شفتها السفلي و ذرفت دماءً، أخذت تبكي و ترمقه بنظرة إستعطاف لعل قلبه يرق لحالها.

عيناها تغرقهما الدموع و تنهمر، تلك النظرة التي رآها منذ قليل في عيون ليلة، بل يري الآن زوجة شقيقه ليلة ذاتها، هنا صدح وسواس إبليس في أذنه و زين له أسوء ما يمكن حدوثه، بينما هي لم تكلفه عناء أن يبادر لتبدأ هي بتقبيله، و قبل أن تلمس شفتيها خاصته عاد لرشده و قبض علي ذراعها: 
- أنتِ كده جبتي أخرك معايا، غوري بقي.

دفعها خارج غرفته علي الأرض و بصق عليها ثم صفق الباب في وجهها، ظلت تنظر نحو الباب قائلة بتوعد: 
- ما بقاش عايدة غير لما أدفعك تمن اللي عملته دلوقتي غالي أوي.

يتبع
صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹


الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر من هنا


رواية وتبقي لي كامله من هنا


رواية كيان الزين من هنا


نسيم العاصف من هنا


رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا


نوفيلا الراهب كامله من هنا


رواية العشق الأخير من هنا


رواية زينه من هنا


غاردينيا من هنا


رواية الجميله والوحش من هنا


رواية دكتور نسا من هنا


رواية آصرة العزايزه من هنا


رواية رحلة قدر من هنا


رواية ليالي الغول من هنا


رواية لعنة الإرث من هنا


رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا


رواية لعبه بين يديه من هنا


رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا


رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية وتبقي لي من هنا


رواية عشق الحور من هنا


رواية طلاق غيابي من هنا


رواية اغتصب روحي من هنا


رواية غصن من هنا


رواية بلا ذاكره من هنا


رواية عودة الذئاب من هنا


رواية الجامحه والبدوي من هنا


رواية الحب والخطيئه من هنا


رواية جبرونا عالزواج من هنا


رواية لعبة الحب من هنا


رواية لما القلب بحب من هنا


رواية إبن الصعيدي من هنا


رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا


رواية بائعة الخضار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية غريق علي البر من هنا


رواية اللعب مع الشياطين من هنا


رواية كم من قلوب احرقت


رواية جمعتهم الاقدار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية لي نصيب من إسمي من هنا


سكريبت بنت الشارع من هنا


رواية طريقي كامله من هنا


رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close