القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أحيت قلب الجبل الفصل الخامس والاربعون والسادس والأربعون والسابع والأربعون والثامن والأربعون بقلم ياسمين محمد

رواية أحيت قلب الجبل الفصل الخامس والاربعون والسادس والأربعون والسابع والأربعون والثامن والأربعون بقلم ياسمين محمد 



رواية أحيت قلب الجبل البارت الخامس والاربعون والسادس والأربعون والسابع والأربعون والثامن والأربعون بقلم ياسمين محمد 

الفصل الخامس والأربعون 

**********************

الشياطين لا تشرب الماء ...

الشياطين تحرق ..ولا تُحرق ...

________________________________

صراخ ..وهتاف معاتبة واستنكار ..وسالم يزعق بصوت جهوري ..الجميع يقف مستغربا لما يحدث ..ومن بين الجميع تقف هي في الوسط ..تحدث محسن هاتفا بلوم معاتبا بحنق عندما دفعه سالم للخروج

: ياسالم ما يصحش كده ..انا غرضي شريف وجاي طالب ..

باندفاع غاضب يقاطعه زاعقا بحده ..

: لو لسانك كرر اللي قولته جوه هندمك عليه ..

نظر له نظرة تهديديه ينفض عبائته يرد بعضا من كرامته المهانة ..

: ماشي ياسالم ..اللي تشوفه ..بس ما ترجعش تزعل بقى من اللي هيحصل ..

ثم خرج ينضج الخبز الساخن فوق رأسه مستشيط غضبا ..

الجميع يقف مستغربا وهي بالوسط ..ولا يرى هو الجميع سوى حيز الوسط ..نظراته ..خفقاته ..قلبه ..تجاهها..تحدثت فاطمة بتسائل 

: ايه يا ولدي في ايه ؟ من امتى واحنا بنعامل ضيوفنا كده ؟

اسماعيل مستفسرا ..

: في ايه يا سالم محسن بيه بنتعامل معاه بقالنا سنين ؟ ..ايه اللي حصل غضبك كده ؟

قاطعهم يزعق بدون سبب من وجهة نظرهم ..

: مافيش حاجة كل واحد يخليه في حاله ده موضوع بيني وبينه ..

وجه حديثه إليها ..او غضبه لا فارق ..

: انتي واقفة كده ليه ..اطلعي على فوق يلا 

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

اتسعت عينيها عجبا تنكر داخلها انه يخصها بالحديث ..لتنظر حولها في دهشة والجميع في حالة زهول مما يبدو عليه هذا الصباح ..انتفضت تصعد بخطوات راكضة إلى الأعلى تتبعها والدتها عندما اردف على نفس وتيرة نبرته الزاعقة ..

: على فوق قولت ..

ثم خطا نحو مكتبه صافعا الباب بقوة ...

________________________________


استيقظت مبكرا ..مبكرا عن موعد الطائرة بساعات ..او بالأحرى هي لم تنام من الأساس ..في عتمة الليل اخذت تقارن بينها وبين نظراته لها في ذاك الوقت  ..شهب نارية تلفظها السماء امامها كما لفظ هو كلماته التي نحرت كرامتها وكوت فؤادها ..أعدت الحقائب ..وأعدت عقاقير نسيان الماضي بكل مافيه ،الا و هي الإرادة ..نسيان كل ماضيها ..ماعدا حياة ..

: ممكن نعدي على واحدة صاحبتي اودعها قبل ما اسافر ..؟

قالتها بنبرة مشبعة بالحزن ..ليكون رده حانيا مبتسما بجوار انفطار قلبه لما تشعر به  ..

: انتي تؤمري ..

ابتسمت له بامتنان ليقترب منها داعما إياها بقبلة فوق جبينها قائلا ..

: لو مش عاوزة تسافري بلاش يا سارة ..انا هبقى معاكي مكان ماتحبي ..

جميع خلايا قلبها تتوسلها البقاء ..لكن للعقل رأي آخر ..وباللغة الدارجة ..( ما عادش ينفع ) ..

: بالعكس انا محتاجة ابعد ..انا عاوزة كده ..

قالتها بشرود عازم وكأنها تخبر نفسها ..تجبرها ...

خرجا يركبان السيار سويا يحتضنها تحت ذراعه بأمان ..هي نجمه المدلل ..وهو يحتويها كمجرة ...

_______________

يطلق صفيرا متناغما مع تلك الموسيقى الكلاسكية المنبعثة من مشغل الصوت الخاص بسيارته ..وبين حين وآخر ينظر اليها بجانب عينيه وكأنه يذكرها بتلك اللحظة القريبة ..بينما هي تجلس جواره بالسيارة تكتف يديها امامها بغيظ ..ابتزها بأبشع صورة ممكنه ..ووحدها تراها الابشع، اما هو فلا ..

جانب آخر تكتشفه بشخصيته ..

نظرت حياة اليه بغضب ثم زفرت تنظر عبر نافذة السيارة بغيظ ..فقد اعطته موافقتها بسرعة البرق مع اول خطوة تقدمها نحوها بعد خلع قميصه ..هكذا دون تردد ..دون ادراك ..اندهشت تنظر امامها بقلق ..حين توقف بالسيارة امام مشفى ما ..

: في ايه ..؟ وقفت هنا ليه ..؟

صف السيارة يرد بكلمات قلائل ..

: انزلي ما تخافيش ..مافيش حاجة ..

فضل عدم ذكر خالها بجوار كلمة رصاصة في جملة واحدة لتجنب الكثير من الزهول والدموع والصدمات ..فعندما تراه امامها يتحدث سيكون الوضع اخف وطأة ..وحسنا فعل ..

ولجا سويا إلى داخل المشفى ..انقبض قلبها بشدة تمسك بذراعه برجاء تنظر إليه قائلة بنبرة على وشك البكاء ..

: قصي في ايه ؟ قولي عشان خاطري ..

التقط كفها بين قبضته بحنو ينظر إلى عينها يبث خلال نظراته اطئنانا ما قائلا ..

: اهدي ماتقلقيش ..تعالي معايا ..

تبعته بارتياب تتمنى داخلها الا يكون مكروها ما قد حدث ..وقفا سويا امام الغرفة ليفتحها قصي ويظهر منصور ممددا على السرير الخاص بالمشفى ..اتسعت عينيها بزهول والأخير يبتسم لها في اشارة مفادها انه بخير ..رفع يديه امام وجهها قائلا سريعا عندما لاحظ دموعها التي على وشك الهبوط ..

: ما تخافيش انا كويس ..

تقدمت إليه بخطوات متسارعة ..تحتضنه ناظرة إلى عينيه بتسائل ..

: خالو ،مالك في ايه ..؟ انت بتعمل ايه هنا ..؟

: ماتقلقيش يا حياة انا كويس والله ..دي رصاصة ..

: ايه ..؟

قاطعته بصرخة متسائلة ..مط فيها الواقف خلفها شفتيه يائسا ..حيث ها هي الصدمات والدموع ستنهمر لا محالة ..

اكملت مستفسرة بزهول باكي ..

: رصاصة؟ رصاصة ايه دي ..؟ازاي ده حصل ..؟

مررت نظراتها سريعا على جميع جسده مردفة ..

: وفين ..جات فين ؟

: ماتقلقيش يا حبيبتي والله بسيطة ..جت في رجلي .

تساقطت دموعها ألما عليه وبين كيف ومتى ولما، كان منصور يجيبها ..بينما هو خلفها يغزو داخله شعورا ما بالارتياح ..بالقصاص ..عندما تذكر ان احدى الرصاصتين سكنت قدم ناهد باستقرار تام ..هدأت قليلا ليلتفت إلى والده عندما تحدث قائلا..

: قصي ..في شغل لازم يتسلم في معاده ..انا هعتمد عليك انت وحياة ..وماتنسوش حفلة الشركة الاسبوع الجاي ..

توترت حركة عينيها ..ارتبكت حيث وعلى ما يبدو وجودها معه في مكان واحد يصيبه بمتلازمة خلع ملابسه .. تحدثت تعير افكارها السلام المؤقت قائلة ..

: ماما فين ؟

رد منصور يرجع ظهره إلى الوراء ..

: راحت تتطمن على يمنى ..

اتسعت عينيها بصدمة ..بينما هو غامت عينية بالحزن ..

: مالها يمنى ..؟

تنهد منصور بأسف يجيبها متجنبا بعض التفاصيل المرهقة لعقلها الصغير ..تلقائيا نظرت إلى قصي بحزن ، تعلم انها مقربة إليه واكثر من كونها اخت ..

_______________________________

دخلت إلى غرفتها يجتاع الغضب جميع حواسها ..لتتبعها والدتها تتحدث بعدم فهم 

: ايه اللي حصل يابنتي ..؟ و سالم بيزعقلك ليه فهميني ؟

: ما عرفش حاجة ..انا نزلت على صوته اشوف في ايه لقيته زي ما شوفتي كده بيزعق فيا من غير سبب ..

قالت كلماتها بحدة دفعة واحدة ..لتحوقل فاطمة قائلة 

: ايه اللي جرى بس ياربي ..دي عين وصابتنا ولا ايه ..انا لازم ابخر ..

قالت كلماتها تخرج من الغرفة لتجلس قمر فوق فراشها بحنق تسترجع ما حدث ليلة امس ..علها اغضبته ..

بينما يطرق بابها وتدخل منه (سعدية ) احب الخدم إليها وأصغرهم سنا ..دخلت متسللة تنظر خلفها بحذر ..تنظر قمر إليها باستغراب لما تفعله ..

: في ايه يا سعدية ..داخلة بتتسحبي كده ليه ..؟

اشارت لها بسبابتها نحو فمها ان تصمت ..اغلقت الباب تتجه نحوها قائلة بهمس ..

: عاوزة اقولك على حاجة مهمة ..

استقامت قمر تنظر اليها باهتمام ..لتردف سعدية وكأنها تفشي بأسرار حربية ..

: وانا معدية من جنب المكتب وداني وقعت مني على الباب شوية ..

نهرتها قمر قائلة ..

: انتي لسة ما بطلتيش الداء ده ..

: اسمعي بقى ده انتي هتشكريني دلوقت ..

انصتت لها قمر بإصغاء لتتحدث مكملة ..

: سمعت محسن بيه بيطلب ايدك من سالم بيه ..

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

وحتمت حديثها بنظرة فخر وكأنها استمعت لأسرار دولة ما ..اما هي اصتبها الوجوم ..تخبطت افكارها ..نصل حاد لايزال بطبيعته مغروزا بقلبها لكن وكأن احدهم ضغت فوقه لتشعر بألم العشق ..من الجنون بقائها هكذا دون زواج فكما تنص الحياة لا بد لها من بيت زوجية وهي بكل بساطة لا تريد ..لكن لابد ..

: انتي متأكده من اللي بتقوليه ده يا سعدية ..

: إيوة زي ما انا متأكدة اني شايفاكي دلوقت ..

تنهدت بحزن 

: طب وبعدين ...ايه تللي خلى سالم يغضب ويطرده كده ؟

: ما اعرفش هو اول ما الراجل نطق بانه طالب يتجوزك ..وعينك ما تشوف الا النور ..نزل فيه ضرب وشتيمة من غير سبب ..بس بقول يمكن شايف فيه حاجة تعيبه وانه مش قد مقامك ..

اخذت تثرثر بكلمات لا تستمع اليها هي بالمرة ..حيث غرقت في البحث عن شيء واحد ..سبب غضبه؟..ما تعرفه ان ذاك الرجل لا تشوبه سمعته شائبة ..اجابات عدة واسباب ..واجابة واحدة تستنكرها تماما ..ودائما ما نستنكر الحقائق ..نستبعدها ..سالم يحبها كأخت له وهذا ما تراه ..لا تدرك ان حبها يسري بشراينه مقترنا بدمائه ...

_______________________

رابط الصداقة ..رباط له قدسيته لمن يدرك قيمة الصديق ..عناق حار ..بكاء ..ودموع  ..عندما لم تجد سارة احد منهم بالمنزل هاتفتهم فعلمت بوجودهم في المشفى ..تحدثت حياة تشد على عناقها بتشبث قائلة

: هتوحشيني أوي ..هتسافري ليه خليكي هنا ..

لم تخبرها بذلك الكابوس المميت الذي مرت هي به ..غضت الطرف عنه ،تناسته حيث هي ستبدأ حياتها مجددا بلا كوابيس .."فقط شبح واحد سيبقى " لن تستطيع نسيانه ..

: تغيير ..

قالتها بمرح زائف ..عيون مثقلة بالكثير من الآسى ..ونبرة تحمل هموما جوار حروفها ..

مسحت حياة عينيها تنظر إلى آدم بريب ..

: انتي متأكدة انه أخوكي ..؟ 

ضحكت سارة لسؤالها ثم تنهدت تنظر إليه بشرود تومأ مبتسمة ..

: متأكدة ..انا للحظة دي مش مصدقة ان ربنا بيحبني للدرجة دي يا حياة ..آدم ده رحمة ربنا عليا ..الدنيا طبطبت عليا بيه ..

: يعني لقيتي الطبطبة ..؟

تبادلا الضحكات سويا لتغمز لها سارة تشير إلى قصي واقفا على بعد منهما 

: انتي لسة مالقتيهاش ؟ ..

تنهدت حياة تنظر إليه بيأس قائلة 

: لسه ..انا بشوف معاه المرمطة بس ..

والأحاديث لا تنتهي .."نجد دائما لذة خاصة ..فريدة، في آواخر الأشياء المحببة لدينا "

استأذنت منها سارة بعدما اطمأنت على منصور مودعة اياه وحنان ..وذهبت حيث عالمها الجديد ..ستشرق الشمس بعوالم أخرى .. تاركة جانب ما من الكون رمادا ...

_________________

بعد مرور عدة أيام ...

جلست جوارهم وكأن جبلا ما يجثم فوق صدرها ..جدها وبعض اعمامها يتملقون بحديث زلق تعلم تماما عدم صدقه ..تتحدث فاطمة بترحيب رغم ضيقها الشديد من وجودهم بعد علمها بما كانوا يفعلوه بتلك المسكينة اللتي سكنت قلبها سريعا ..

: أهلا وسهلا ..نورتوا ..سالم نازل حالا

تحدث عوض يوجه إليها نظرات غامضة لاحظتها حور لكن لم تفقهها ..

: البيت منور بصحابة يا فاطمة يابنتي .. خليه ياخد راحته احنا ما بقيناش اغراب ..

: عن إذنكم ..

تركتهم وشيئا ما يلح عليها بالبقاء جوارها ..شيء مجهول الهوية وشعور لا يريدها تركها بمفردها معهم ..

بمجرد ذهابها اسرع احد اعمام حور بالجلوس جوارها ينظر حوله بحذر ..هامسا 

: ها ..عملتي ايه ..جيبتي اللي قولنالك عليه ..؟

اذدردت حور ريقها بخوف ..تتلعثم وقلبها يكاد يلفظه صدرها من شدة خفقاته ..

: للل..لسه ..؟

قبض عمها على ذراعها بقسوة يتحدث من بين أسنانه بغضب 

: هو ايه اللي لسه يابت انتي ..بقالك اكتر اسبوع معاه ومش عارفه تتصرفي ..يمين بالله يا حور ان ما نفذتي اللي بنقولك عليه لهعيشك سواد بقيت حياتك ..

دمعت عينيها ألما أثر شدة قبضته ..وصعوبة تنفيذ ما يطلبونه منها ..لتتحدث بعفوية مسرعة لتتخلص من قبضة يده الطاغية..

: غصب عني .. هو مش بيبات في البيت من ساعة ما اتجوزنا والله العظيم ..

تبادل النظرات ووالده ..نظرات لا يفقه معناها سواهما ..ليدفعها بعنف وينطق عوض ببطء وصوت رخيم ..

: من ليلة الفرح ولا بعدها ..؟

سؤاله يحمل مضمونا ما ويريد اجابة معينة هي بعيدة كل البعد عن ادراكها ..تحسست ذراعها دامعة تمسح عينيها كطفلة تجيبهم 

: لا من ليلة الفرح ..

التمعت عينيه يبتسم ابتسامة جانبية ..يميل إلى جانبه هامسا لاحد ابنائه بشيء ما ليستقيم خارجا من المنزل بخطوات متسارعة ...

استمع إلى صوت خطوات سالم ينزل الدرج ليشير إليها بمسح دموعها وسريعا هي تطيع اوامره بقهر كما اعتادت دائما ...

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

_______________________

ينتظرها منذ ساعة تقريبا وكلما هاتفها تجيبه بعلامة الرد المسجلة ( انا خلاص نازله اهو ) ..واخيرا التمعت نجمته ظاهرة في تحدي واضح تضاهي نجوم السماء جمالا..نظر إليها بافتتان ..شارد الفكر عما حوله سواها ..يراها تخطو نحوه كأميرة هاربة من احدى حواديت الجدات ..تتألق بفستان أسود لامع وحجاب ذهبي اللون ..نزل من السيارة ونظراته معلقة بها ..حمحمت بإحراج لتحديقه بها وخفقاتها تدعي الجنون وتنكر نبضات عشقا ما تفضحه عيونها بكل رحابة ..

: اسفة ..اتأخرت عليك ..

لم يرد ..فقط ينظر لها بتمعن ..رفعت نظرتها إليه قائلة 

: ايه مش هنمشي ..؟ 

تنهد ينظر بجانبه ثم التفت يفتح لها باب السيارة لتركب مبتسمة بسعادة ..ركب جوارها يدير محرك السيارة ولا إراديا نظرته لا تحيد عنها ..

: هو مافيش مأذون قريب من هنا ..؟

توردت وجنتاها تحاول كبح جماح ابتسامتها بفشل ..لتنظر إلى الخارج عبر النافذة ..وسريعا تندثر ناظرة إليه بعيون متسعة بزهول عندما اردفف وهو يحررك السيارة ..

: واحد صاحبي عايز يطلق مراته ..

جرعة من السعادة كادت تصل إلى حد النشوة بحواسها ..لتهبط مجددا بخيبة أمل فادحة ...ويبتسم العاشق خفية بنظرة خاطفة تمنى لو أراد مداراتها عن العالم بأكمله فقط بين جفنيه ...

______________________

على الجانب الآخر ..يسوق السيارة متذمرا بملامح حانقه ..ينظر إلى تلك الصغيرة جواره بيأس ..

: كان لازم يعني البيبي سيتر تعتذر في يوم الحفلة ..

نظرت إليه تلاعب جروها الصغير تضغط على شفتيها كاتمة ضحكتها ببرائة مشاكسة ..

: انا وعدتك يابابي مش هروح في حته وهفضل جنبك انا بيكسي ..

زفر ينظر إلى بيكسي بامتعاض ،حيث أصرت ابنته على شراء حلة سوداء بربطة عنق فضية .."للكلب" ..معللة ( لازم بيكسي يلبس بدلة زيك يا بابي ) فاليوم حفل ضخم لمجموعة شركات لها مقامها الاول وكانت شركته من ضمنهم ..ومن ضمن المدعوين كلب ابنته ..

: هتقعدي مكان ما اقعدك ما تتحركيش يا حياة ..والا هزعل اوي منك وهخاصمك ..

رفت الصغيرة الكلب باتجاهه قائلة ببرائة عفوية 

: انا هسمع الكلام ..بيكسي هو اللي بيجري ويسيبني ..قوله انك هتخاصمه لو سابني وجري ..

نظر إليها بتعابير وجه عير مقرؤه سرعان ما علت ضحكاته يوجهه تعليماته لبيكسي كما ارادت ...

_________________________

ولج اسماعيل إلى المنزل يترائي إليه جلوسها منكسة الرأس يبدو على ما يظهر من معالم وجهها الحزن ..او شيء اعمق لا يفقه ..بمجرد دخوله يلقي السلام عليهم باقتضاب ..تسارعت خفقاتها تنظر إليه وكأنه البرد والسلام الذي يكاد يطفئ جحيمية تلك الجلسة فوق قلبها ..بنبرة غامضة قال عوض ..

: اهلا يا زينة الرجال ..

مرر نظره بينهم ببرود يجيب

: اهلا بيك ..نورتوا ..

ما كاد يجلس جوارها وقد شعرت انها تحتمي به ..حتى دخل عمها الاصغر الذي خرج منذ قليل يتبعه غفير العمدة قائلا ..

: العمدة جاي ورايا حالا ..

تبادل اسماعيل وسالم نظرات الاستغراب ..ما الذي يستدعي وجود العمدة في منزلهم الآن ..اشار اسماعيل اليها برأسه ان تنهض حيث المجلس سيزوره غرباء ..همت بالنهوض ليهتف عوض بما جعلها تفقد القدرة على التنفس ..تتجمد اطرافها و ترتخي في آن واحد ..

: لااا ..لازمن تبقى موجودة وحاضره اللكلام ..

ضيق اسماعيل ما بين حاجبيه بضيق يتحدث غاضبا ..

: كلام ايه ..؟كلام ايه اللي هتحضروا مراتي في قاعدة رجالة ؟

ابتسم عوض باستهزاء ساخر  ..

: مراتك ..ولما هي مراتك سايب بيتك ليه من ليلة الفرح ياولدي ..؟ ..

اتسعت عيني سالم غضبا .. اما هو فنظر اليها نظرة قاتمة ..معتمة ، تكاد تجزم ان سواد عينيه طغى على بياضها ..ارتعبت .. ترتجف ساقيها خوفا ..مررت نظرها بينهم بهلع ..تخمن بأفكارها ..لمن سيكون السوط هذه المرة .. وكل ما تتمناه ان لا تكون قبضته هي الحاملة للسوط ..

: هو حر ..

نطق بها سالم بنبرة غامضة رغم حدة حروفها ..عندما لمح نظرة ترقب متلهفة لشيء ما بعيني عوض ..وحتما ذلك الشيء سوء لهم ..

: هي مراته وده بيته يعمل اللي على كيفه هو حر  ..

نظر إلى عينيه بتحدي مغلف بشرارات غضبه المكبوت اللتي لم تستطيع نظراته كبح جماح تناثرها .. 

دخل في ذلك الوقت العمدة ..جلس يلقى التحية ثم وجه حديثه إلى عوض 

: خير يا عوض ايه هي المشكلة اللي بعتلي عشانها ..

هم ليتحدث ليقاطعه سالم بنبرة قوية قائلا وقد لم الآن بما في نفس عوض

: اقولك انا ايه المشكلة ..

نظر إلى عوض بمهانة مردفا 

: المشكلة ياحضرة العمدة ان عوض وولاده ما عرفوش يربوا حريمهم صح ..ولا يعلموهم ازاي ما يطلعوش اسرار بيوتهم لأي حد ايا كان ..

شهقت هي تتساقط دموعها واحدة تلو الأخرى وقد أدركت ان ضربات السوط اهون مما تشعر به الآن ..اما عنه فهناك بداخله حرب ..ثورة .. فلو كان احد آخر غير أخيه هو من تفوه بذلك الكلام لما كانت لأنفاسه الدخول مرة أخرى إلى جسده ..اشار لها مرة ثانية بمغادرة المجلس ..تسارعت بخطواتها مغادرة ليبتر تلك الخطوات المرتجفه صوت صارم 

: اقفي عندك ..

كان صوت سالم ..تجمدت بمكانها وقد ذهبت انفاسها ادراج الرياح ..

إلى هذا الحد وكفى لن يستطيع الصبر اكثر ..دمعانها وارتجافها خوفا يؤلمه ..اراد لو احرق جميعهم والابتعاد بها فقط مطمئنا اياها ..رغم غضبه الشديد منها ..بصوت جهوري نادا سالم

: سعدية ..

اتت الخادمة مهرولة ليكمل 

: اطلعي لمي هدوم مرات اخويا ..هتروح مع اعمامها وجدها ..اللي ما تصونش سر بيتها مالهاش مكان عندنا ..

الآن هي بين المطرقة والسندان ..تكاد تموت من فرط الخوف ..تتمنى لوفقط ترحم تلك الأرض بها وتنشق صلابتها لتبتلعها وستكون رحيمة عن تلك القلوب المتحجرة .. وتأتيها الرحمة غاضبة معنفة لسالم ..

: جرى ايه يا سالم ،حور لساها عيلة ..مالقيتش اللي يوجهها ويوعيها ..غلطت اه لكن مش معنى كده يبقى خلاص ونخرب البيت ، نفهمها غلطها ولو اتكرر تاني يبقى لينا الحق بعد كده ..لكن ماتحسبهاش على غلطة مش مقصودة ..بالهداوة يا ولدي مش اكده ..

لفظت فاطمة بتلك الكلمات وفكرة تأصلت بداخلها" لن تتركها بين يدي هؤلاء زوات القلوب عديمة الرحمة ابدا" بعدما رأت من تشوهات بجسد تلك المسكينة ..هتف زاعقا وكأنها لم تقل شيئا 

: سعدية ..همي نفذي اللي قولتلك عليه ..

نظر عوض إلى ولده بتوتر عندما شعر ان كل ما خطط له سيضيع هبائا ..

:  حور مش هتمشي  .. 

التفت الجميع يتظرون إليه ..ليردف 

: بعد إزنك يا اخوي كلامك فوق راسي ..مراتي غلطت وانا بس اللي احاسبها مش اي حد تاني ..

قالها باشتعال مكبوت ليتقدمهم جميعا يقبض على ذراعها صاعدا الدرج ، تتبعه وعينيها معلقة بجانب وجهه بزهول ..غارقة هي تختنق والموت محقق ..وهو ضفة النهر الآمنه ..والمنقذ الشجاع..والحبيب المنتظر نجاتها على تلك الضفة ..هو جميعهم ..فليفعل بعد ذلك ما يشاء ..وصل أمام باب الغرفة ليتحدث من بين أسنانه ناظرا إليها بغضب مشتعل ..تحترق حروفه جوار نبرته ..

: اذا كان أهلك ماعرفوش يربوكي ..فانا هوريكي التربية تبقى ازاي  ..

هكذا فقط ثم دفعها إلى داخل الغرفة مغلقا عليها الباب بالمفتاح ..عائدا اليهم مرة أخرى ..

تحدث العمدة قائلا ينهر عوض بنظرات محتقرة ..

: انت كمان باعت تجيبني وانت المحقوق ..كيف ياعوض يطلع منك الكلام الماسخ ده ..ده انت راجل كبير وعاقل ..لو طلع من عيالك هنقول معلش ..

هو يتنفس الصعداء لما حدث فلينهره الجميع وسيتحمل ..فقط لتبقى حور ها هنا لتنفيذ ما خطط له ..جلس سالم يصك اسنانه غيظا ..لما فعله اخيه من معارضة لأوامره ، ..تحمد الله فاطمة بداخلها لتصرف اسماعيل رغم غضبه البادي لكنها لن تسمح له بمساسها بسوء ...

_____________________________

اضواء متراقصة ..ونغمات كلاسكية هادئة ..تحتضن الصغيرة جروها بملل تذكره كلما حاول القفز من بين يديها بتعاليم والدها بصوت عال تقصد به الوصول إلى مسامعه..

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

: بابا هيخاصمك يا بيكسي لو نزلت ..

ثم تدنو نحو اذنيه تهمس قائلة ..

: اصبر لما يبعد شوية وننزل انا وانت ..بعدين نبقى نصالحه ..

~~~~~~

وعلى جانب آخر من الحفل ..تجلس هي بملل مشابه حيث امر صارم ومتحكم منه ..بعدم مشاركتها وسط رجال الاعمال ونخبة من المتملقين الذين يتوددون إليها بحديث لزج، ..ارادت الذهاب إلى الحمام فنهضت تتجه إلى آخر القاعة لتسأل عن مكانه فدلها احد القائمين على الحفل ..انتهت من ترتيب هيئتها واعادة هندام فستانها وخرجت لتصتدم بجرو صغير هيئته مؤلوفة لديها ..سريعا عرفته عندما لمحت تلك الطفلة تركض خلفه بمرح ..

: حياة ..

هتفت بها تنادي الطفلة الصغير لتتوقف حياة الصغيرة للثوان تنظر إليها بتذكر سرعان ما ركضت تحتضنها مقبلة وجنتها حين دنت حياة إلى مستواها 

: انتي هنا بتعملي ايه ؟ ..اوعي تقولي ان بيكسي جري وانتي جريتي وراه وبابا تاه منك تاني ؟

: واضح انك عارفاها هي واستاذ بيكسي كويس ..

قالها علاء بمرح ينظر إليهما بزهول ملتقطا الجرو الصغير من الأرض ..استقامت حياة سريعا لتتولى حياة الصغيرة مهمة التعارف قائلة بلهفة وكلمات متسارعة تتشبث ببنطال ابيها مبتسمة بسعادة  ..

: بابي بابي دي طنط حياة الطيبة اللي مامتها صاحبة ماما في الجنة هي دي ..

نظر اليها بصدمة يذدرد ريقه بحرج عندما هتفت الصغيرة 

:اللي اخدها عمو الشرير بعد ما ضربك ووقعك في الارض ..

حمحمت حياة باحراج تنظر حولها بينما الصغيرة بنظرة زهول متسائلة التفتت اليها قائلة 

: صحيح انتي هربتي منه ازاي ..قتلتيه وجيتي الحفلة صح ؟

بنبرة مؤنبة هتف والدها 

: حياة ..

التفتا له سويا ليرتبك قائلا 

: انا متأسف جدا للي حصل المرة اللي فاتت ،حياة شرحتلي الموقف ..حقيقي كان سؤ تفاهم مني ..والموقف ما ساعدنيش افهمه ..

عبثت حياة بشعر الصغيرة تشعر بالتوتر ولا تدري لما شعورا ما يجتاحها بالخوف من ان يراها قصي بتلك اللحظة ..

: لا ابدا انا عذره حضرتك اكيد اي اب في موقفك كان هيعمل كده ..

نظرت أرضا بحرج مردفة ..

: انا اللي بتأسف جدا ليك ولحياة على اللي حصل وزي ما حضرتك قولت كان سوء تفاهم ..

مد يديه نحوها يقدم نفسه قائلا ..

: لا ابدا حصل خير ..باشمهندس علاء الحسيني ..

نظرت ارضا تهم بالاعتذار عن السلام ..و قبل ان تنطق بحرف واحد ..رفعت نظراتها إليه فإذا بحائط جداري يتصلب امامها يحجب عنها الرؤية ..ظهر شخص ما لم تدرك انه هو إلا عندما ابتعدت خطوة للوراء وصوت الصغيرة يهتف برقة وصدمة تنظر إليها..

: عمو الشرير ..؟ انتي ما قتلتيهوش ..؟

فقط لو تصمت تلك الثرثارة .. والا سيزداد الامر سؤا ..هكذا حدثت نفسها بخوف ..بينما عيون صقرية ..وقبضة يد فولاذية ظاهرها سلام وباطنها يسحق كف يد علاء الممدود اليها منذ قليل ..نظر اليه علاء ببرود يفرد قبضة يديه بدوره ليشد بها على يده مثلما يفعل ..يتبادلان نظرات التحدي لتتحدث حياة واقفة امامهم قائلة بتوتر وابتسامة مرتعشة ..

: ده باش مهندس علاء ياقصي والد حياة .. قصي ابن خالي ..

تحاول جعله امر عادي ..وصمتت يهرب منها الكلام من شدة ارتباكها ..حدجها بنظرة حادة غاضبة ..ليتحدث الآخر قائلا باقتضاب

: اهلا وسهلا ..

: اهلا ..

هتف بها قصي وكأنه يبصق بصقة ما ..ثم وجه نظرته اليها مرة ثانية مردفا 

: استانيني في العربية ..

سئمت من تلك الطريقة اللتي يعاملها بها فذهبت بخطوات  غاضبة تنفذ امره على مضض ..

بينما وقف كلا منهم قبالة الآخر ليتحدث قصي بمعالم وجه جامدة قائلا بتسائل لم يفقه الآخر مبتغاه ..

: مش غريبة نتقابل مرتين صدفة ..؟

مط علاء شفتيه بابتسامة صفراء مضيقا عينيه قائلا 

: ده القدر ..الصدفة لما بتتكرر بتبقى قدر ..

لا يستسيغ كلماته ..او بالأحرى لا يستسيغه كليا ..علم من هويته الخاصة انه مهندس معماري لشركة صغيرة ..اي لا وجود للخطر من ناحيته ابدا .."لكنه لا يستسيغه"

ابتسم قصي بجمود ابتسامة قاسية قائلا عن قصد 

: صدفة سعيدة يا بشمهندش ..ياريت ما تتكررش تاني ..

ثم تركه  بنظرات صادمة مما قاله ذاهبا إلى خارج الفندق ..وسرال واحد يدور داخله ..كيف لفتاة بهذه الرقة والنقاء الطاغي ..ان تتعامل مع من بمثل وقاحته ..؟

~~~~~~~

بينما خارجا جلست بداخل السيارة غاضبة من تصرفه تجاهها يعاملها وكأنها طفلة كل ما عليها ان نطيع أوامره ..تفاجأت بطرق رقيق فوق زجاج السيارة والصغير تبتسم لها بسعادة ..استغلت انشغال والدها و"الشرير" لتتسلل إلى الخارج حيث امر هام للغاية ..فتحت الباب نازلة من السيارة تقبل الصغيرة ..

: ايه اللي خرجك لازم نفضل جمب بابا عشان مايتوهش تاني ..

: هقولك حاجة صغننة وهدخل ..

ابتسمت حياة تومأ لها إيجابا وكم احبتها ..ارتسمت معالم الحزن على ملامح الصغيرة قائلة

: ممكن تخلي مامتك تقول لمامتي انها وحشتني اوي ..وتخليها تيجي تلعب معايا زي الاول في الحلم ..بقالها ايام كتير مش شوفتها ..

اندثرت ابتسامتها تجذب الصغيرة في عناق عميق تدمع عينيها سريعا ..خرجت الصغيرة من احضانها تسألها برجاء 

: هتقوليلها ..؟

اومأت لها تمسح دموعها المتساقطة 

: حاضر ..هقولها ..

قبلتها قبلة رقيقة فوق وجنتها ثم شكرتها تكض ذاهبة إلى الداخل مرة أخرى ..استقامت حياة تنظر إليها بحزن ..قد اعادت لها تلك الصغيرة ذكرى لحظات سعيدة كانت تقضيها برفقة والدتها ..تفاجأت بها تأتي إليها مرة أخرى قائلة بجد واهتمام ..

: انا هعرف ازاي لما تقوليلها ؟..انا مش عارفة مكان بيتك عشان اجيلك ..ولا انتي تعرفي بيتنا ..

تصنعت حياة التفكير ثم وكأنها وجدت فكرة ما قائلة تخرج من السيارة ورقة صغيرة وقلم ..

: امممم ..بس ،لقيتها ..خدي رقمي خليه معاكي ووقت ما تحبي نكلميني هتلاقيني رديت عليكي على طول ..

قفزت الصغيرة تسفق بفرح تأخذ منها تلك الورقة ..القت بنفسها داخل احضانها بسعادة وكأنها تشكرها ..وفي تلك اللحظة خرج هو ينظر إليهما بضيق ..لاحظته حياة لتهمس للصغيرة بالدخول ومهاتفتها في وقت لاحق ..ثم ركبت السيارة بمعالم وجه جامدة تعبيرا عن غضبها منه ..ركب هو جوارها ينظر إليها نظرات غير مقروءه ..ثم حرك السيارة مغادرا دون كلمة واحدة ..ليعم الصمت بينهم حتى وصولهم ..نزلت من السيارة بغضب وهو لم يلحق بها ..بل حدق بهاتفه عندما رن يعلن عن استقبال رسالة ما من رقم مجهول ..نصها احكم قضبان العشق حولها ..نصها ..بمثابة دعوة لدخول الجحيم .. حكم عليها بالمنفى  ..هناك حيث قلب الجبل .. حيث الظلام ...

( حياتك بين ايديا ) ...

______________________

خرج عوض  ومن معه من المنزل ليزفر ولده بارتياح قائلا 

: كل حاجة كانت هتضيع في ثانية ..شوفت فاطمة كيف بتدافع عنها ..تفتكر عرفت حاجة ..

ضيق عوض عينيه اللتي يحولها تشقق جاف آثر تقدم سنوات عمره قائلا بسخرية يلفها الحسرة و ذكرى وفاة ولده على يد سالم تجول بخاطره ..

: لا ..هي طول عمرها حقانيه ..ما افتكرش انها عرفت حاجة ..

ثم نظر إليه قائلا بغموض وقد شرد قليلا 

: لو عرفت الحقيقة ماكناش خرجنا من عنديهم على رجلينا ..لو انكشف المستور هتقيد النار من تاني ..ولابد من كشفه ..لاجل ما اطفي ناري القايدة بحرقهم ..

قالها بحقد سوداوي ..زفر ولده بنفاذ صبر ..ليعودا ادراجهما بخف حنين ..لا يدرك ان تلك النيران سينال منها مايستحق ...

__________________

البعض منا وسيلة ..و الشيطان فكرة ..و الفكرة لا تموت ..مادامت الوسائل على قيد الحياة ...

مدداها على ذلك السرير الحديدي ..بعجز تام صكت اسنانها غيظا ..لايمكن ان ينتهي بها المطاف إلى هنا ..هناك بجعبتها الكثير ..تلك النهاية المخزية لا تليق بها ..تشعر بالعار ..بالقهر كون مجرد ممرضتين يحملانها من كل جانب كي تتمدد فقط ..عينيها متأهبة في اقتناص تام لأحدهم ..احدى الممرضات التي رأتها تسرق خلسة احد الأدوية باهظة الثمن ..ابتسمت بشيطانية ..تلك هي الوسيلة المناسبة لفكرتها ..والشيطان هنا يقترح النجاة على هيئة   " تبديل الأدوار " 

: عندي ليكي صفقة ما تتعوضش ..تبقى غبية لو ضيعتيها من ايدك ..

قالتها ناهد تلتمع حدقتيها بحماس داكن ..تقف امامها الممرضة تلوك علكة ما بفمها بشكل مقزز قائلة تنظر حولها بحزر 

: صفقة ايه يااختي ده انتي مقبوض عليكي وتقريبا محكوم عليكي بالاعدام يعني مافيش منك منفعة ياحسرة ..

ابتسمت ابتسامة جانبية ..لن تنال المشنقة ..ذلك الحبل القاسي لا يناسبها ..يليق أكثر برقاب الساذجون ..يناسب حنان ..نسختها ..بهمس شيطاني ردت 

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

: اسمعيني كويس ومش هتندمي ..مش هتحتاجي اكتر من ازازة ماية نار صغيرة ..هترشيها على واحدة في مكان معين ..انتي ..او تجيبي حد ينفذ ..براحتك ..المهم تكوني واثقة فيه ..وبعد التنفيذ هيبقى في ايدك 50 الف جنيه ، مبلغ مش قليل هيخليكي تبطلي سرقة الدوا لحسابك ..قولتي إيه ..؟

بزهول لا تسمع سوى تردد عدد المبلغ ، وعينين متسعتين ولعاب قذر يسيل بمجرد تخيل مبلغ كبير كهذا بالنسبة لها ..

: 50 الف جنيه ..؟ 

رمشت بأهدابها المكحلة بشكل مبالغ فيه تفكر قائلة ..

: مواقفة بس اخد الفلوس الاول ..

اتسعت ابتسامتها اكثر تومأ لها بالموافقة .. اقتربت منها الممرضة تسئلها..

: تبقى مين تعيسة الحظ اللي عايزة تشوهيها دي بقى ؟

اتسعت عينيها لآخرهما بزهول وصدمة عندما ردت ناهد قائلة بعيون مشتعلة ونبرة مستمتعة ..

: انا ..

: انتي مخك لسع ياست ولا ايه ..؟عايزة تشوهي نفسك ..؟

ردت ناهد قائلة 

: هفهمك كل حاجة ..

ثم كشفت عن خلف رقبتها ليظهر الاختلاف الوحيد بينها وبين توأمها ..تلك الشامة اللتي تراها ما يفرق بينهم ..بينما الاختلاف بينهم مجرة ..اردفت تندثر ابتسامتها قائلة 

: الاول عاوزاكي تخفيلي دي بنفس المادة ..

نظرات زهول من الممرضة القتها عليها بتعجب ..بينما اخذت تلبي اوامرها ..ففي النهاية ستحصل على ذلك مبلغ الكبير...

________________________

بعد مشادات كلامية شائكة بينه وبين اخيه ادت إلى خروجه من المنزل مندفعا بغضب .. بينما جلس هو وحده بمكتبه لوقت متأخر ..استقام بتعب يصعد إلى غرفته ..واثناء مروره توقفت قدما اما باب غرفتها ..يتنهد بغضب مما حدث منذ أيام ..ادرك الآن انه يريدها بكل جوارحه ومشاعره ..لم يكن يدرك مقدار عشقه لها وقد ادرك ..فالغيرة  هي نار على علم ..هي احدى علامات الحرب ..والحب ..استمع إلى حركة بداخل غرفتها فعلم انها مستيقظة ..بدون إدراك طرق الباب ..لتفتحه بعد لحظات وتتفاجئ بوجوده ..وذلك النابض بيسارها اخذ يخفق بجنون ..خفقاته تلعن عشقا يدميه حد الموت ..

: خير ياسالم في حاجة ..؟

قالت كلماتها بجفاء كاذب ..ورد هو بكلمة واحدة ..نظر إلى عينيها مباشرة بكل احتياج ..اشتياق ..لوعة ..

: تتجوزيني ياقمر ..

اذدردت ريقها وقلبها الآن لا تعد لخفقاته نبضا ..اتسعت عينيها باتساع طفيف ..مشاعر مضطربة ..متفاجئة ..خمنت انه فاقد لوعيه او ما شابة .. بارتباك اجابت متلعثمة ..

: سالم ..ااا ..انت تعبان ..فيك حاجة ..؟

اومأ ببطء تخترق نظرات عشقة عينيها ..يرد بجد من اعماق قلبه

: انا بحبك يا قمر ..

وضعت يديها على شفتيها تكتم شهقة قاتلة ..قلبها المحترق الآن ازدادت نيرانه اكثر ..غامت عيونها بقوة تنهمر منها العبرات متتالية ..لا تصدق ما تسمعه بإذنيها منه ..ما يطلبه لا يمكن حدوثه ..ولا حتى بأحلامها ..مسحت دموعها امام نظراته المتعجبة ينتظر ردا ..رفعت رأسها بشموخ تنفي بها ببطء قائلة ..

: لاء ..

المقصلة إحدى وجوه العشق ..وبعض القلوب تستحقها ..

انقلبت عينيه بنظرات شرسة..مظلمة ..يتحدث من خلال قلبه القابع ببراكين العشق الآن ..

: ليه ..؟ في حد تاني في حياتك ..

ضغطت على شفتيها بألم تغمض عينيها ثم تفتحه قائلة بحزن ونبرة باكية ..

: انا مفيش في حياتي غيرك ..طول عمري وانا بتمنى صوتي يرجع بس عشان اقولك اللي في قلبي ..قلبي اللي انت موته ألف مرة باللي عملته ..

نظر بزهول اليها يلهث بضعف ..لتردف 

: صوتي رجع بس يوم فرحك ياسالم  ..رجع وانا باخد الرصاصة مكانك هنا ..

أشارت إلى قلبها ..

: وانا بموت بين ايديك وماكنتش عايزة حاجة تاني اكتر من انك تكون آخر حاجة اشوفه ،اقفل عنيا عن الدنيا عليك ..زي ما فتحتها عليك وتحت جناحك ..

تلقى كلماتها على قلبه كالصواعق ..كالقذائف المتفجرة ،تتساقط دموعها بحرقة وبكاء حار ..اكملت بانفعال تشير إلى قلبها بعنف

: لحد ما فتحتها على كابوس اني لسه عايشة ..لسه ده هيتوجع تاني ..لسه هيتحمل نار قايدة ما بتطفيش كل ما هشوفك مع بنت عمي اللي انقذتني من الموت ..واللي خدتها غصب عشان الفلوس و الورث ..عرفت ليه لاء ..؟ 

وتحت المقصلة ..قبل الموت بلحظات ..يكتشف قلبه جميع الحقائق ..نظر إليها بزهول لم يكن يتخيل انها تعيش كل ذلك العذاب وهو غافل عنها ..صغيرته وساكنة قلبه ..تتألم كل ذلك الألم وهو غافل لا يدرك ..

اختطفها ..في عناق لا هوية له ..فاقد قلبه وقلبها جميع الهويات ولا يعترف بغير الحب هوية في تلك اللحظة ..اغمضت عينيها بألم تبكي فوق صدره تستمع لخفقات قلبه وكم تمنت ذلك كثيرا ..اخذت تهمس من بين دموعها وقد اكتفت باستماع أذنيها لنبضات عشقه ..

: ما عادش ينفع ..خلاص يا سالم ما عدش ينفع ..صعبتها قوي يا ابن عمي ..انا عمري ما هبقى ليك يا سالم ..

إلى هنا وتحولت طاقة العشق إلى الغضب ..اخرجها من احضانه يهزها بعنف متحدثا بانفعال ملتهب مدمج بملكيته لها ..

: انتي مش لحد غيري ياقمر ..انتي فاهمة ؟..ما فيش قوة  هتمنعني عنك بعد انهاردة ..

: انا همنعك ..وابقى خدني غصب لو قدرت ..لكن بالرضى مش هيحصل ..

حدجها بنظرات بركانية وقبل ان يهم بالرد ..استمع إلى صراخ أحدهم مستغيثا يهرول إلى داخل المنزل ..

: ياسالم بييييه ..يا سالم بييييه ..الحقنا يا سالم بيه ..بيتنا اتخرب ..حريقة ..حريقه ..

نزل الدرج راكضا ليخر الرجل ارضا بمجرد ان رآه يولول باكيا ..

: الحقنا يا سالم بيه بيوتنا اتخربت ..المخازن اتحرقت باللي فيها ...

وازت كلماته دخول اسماعيل لينتفضا سويا يركضان نحو النيران ...

____________________________

اشرق الصبح بدون شروق ..نيران حارقة جعلت ظلام الليل نهار ..دخان متصاعد فوق اللهبة النيران بقتامة واقعية تناسب نفوس احدهم مبتسما بشماته.. شظايا هنا ورمادا هناك ..وكل شيء متفحم بلا استثناء ..بعض النساء تصيح مولولة والاخريات يلطمن وجوههن  ..والآسى يملئ وجوه الرجال ..وبعضهم تدمع عينيه بحزن ..حيث قطعت ارزاقهم وعليه السداد ..وقفت قوات الاطفاء برفقة قوات الشرطة ..وهو واخيه من بينهم تتجسد الحسرة بنظراتهم ..والفاعل مجهول ...

~~~~~~~~~~

والمجهول يقف بسيارته في مكان نائي بعيدا عن الأنظار بانتظار احدهم .. من بين الغيطان الكثيفة ظهر رجل ملثما ينظر حوله بحذر ..لينزل المجهول مفتعل الحريق من سيارته لمقابلته ..وبمكان آخر أكثر رقيا قد يكون المجهو طبيبا ..وربما عاشقا ...

نزل حمزة من سيارته يتحدث إلى ذلك الملثم قائلا 

: عملت ايه ..؟ 

: كله تمام يا باشا ..المخازن بالمحصول جم على الأرض ..

: متأكد ..

: بيته اتخرب يا باشا ..

ليست الشياطين فقط من تحرق ..العشّاق ايضا يفعلون  ..فلينالوا شظية مما شعر به يوما ..اومأ إليه يخرج من سيارته حقيبة نقود متوسطة الحجم ..والرجل يفرك بين يديه بلهفة متحمسا ..يأخذ الحقيبة من بين يديها ليغرق مرة أخرى في بحر الغيظان الأخضر ..وينطلق ذو القلب المحترق بسيارته عائدا نحو كونه طبيب ..طبيب لا يزال عاشقا ...

__________________________

صباح معطر برائحة الموت ..

خطت خارجة من مكتب مدير المشفى بخيلاء حيث هي قدمت استقالة ابدية ،فلن تحتاج إلى ذلك العمل الشاق والمرهق الذي يدر عليها بقلائل النقود ..هي بصدد ثروة قدرها 50 الف جنيها ..اما عن القيمة ..الجوهر في تلك المهنة ..هي لا تعلم بوجود تلكا المصطلحين من الاساس ..اليوم ستستلم كل التعليمات الخاصة بالصفقة ..مكان المهمة ..اسم السيدة التي ستشوه الجزء المقصود منها ..والأهم طريقةةأخذ النقود ..اتجهت نحو غرفتها ذات الحراسة ..مرت خلال سيرها بعمال يتكبدون تعبا في اصلاح مصعد المشفى المتهالك .. لتنظر إليهم بسخرية ومهانه ولسان حالها يقول .(.لا تأتي الفرص للجميع ..كم هي محظوظة)

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

وفجأة انطلقت صافرات الانذار من جميع الاتجاهات.. ومضات نور تنطفأ وتشتعل والجميع بين صراخ وركض وهرولة 

: حريقاااااه ..حريقاااااه


حريق هائل اثر ماس كهربائي ..والمشفى تحترق ...

كل ينجو بحياته ..وهي وحدها بغرفتها المغلقة ..تصرخ بأعلى صوتها ولا يلبي احد صراخها ..ابتسمت ..حيث الشيطان يملي عليها قوانينه ..يدفعها نحو مايليق بها ..اخذت تتحامل على قدم واحدة حتى وصلت إلى ذلك الكرسي المتحرك بنهاية الغرفة ..سريعا دفعته بيد واحدة حيث الأخرى مصابة ..وفرصة نحو الفرار ..نحو ما تستحق تماما ..فتحت باب الغرفة والحماس يملئ عينيها ..لا وجود للحراسة ..فروا بحياتهم ..خرجت تدفع بالكرسي ولا تسعفها يد واحدة بين ذلك الجمع الغفير الراكض ..جميعهم ينزلون الدرج ..ولا احد يستخدم المصعد ..والمصعد على بعد امتار في رواق خاص لا يوجد به أحد ..والباب مفتوح ..بجنون ترى الهروب محقق ودرب الانتقام لم ينتهي بعد ..ذاك الكثير بجعبتها سيلقى حتفه ..بكل قوة دفعت نفسها بداخل المصعد ..صراخ لم يسمع ..وسقوط ..حيث لا وجود لكابينه المصعد ..والماس الكهربائي ..الحريق ..بأسفل البئر الخاص به ..والشيطان يقف في احد الاركان المشتعلة ضاحكا بانتصار.. يشاهد خسارتها ..سقوطها في نيران اخرى اشد واقوى  ..في معركة هو خاسر بنهايتها لا محالة ..فقط لو كان يدرك ....

_____________________________

الفصل السادس والاربعون 

**********************

بين مد وجزر اخذت افكاره تأرجحه ..يزفر حانقا لما فعله بندم ..وبعد لحظات كلما تذكر ..تذكرها ..يتنهد كالبركان يشتهي المزيد من الحرائق ..الضمير مايزال مستيقظا ..يؤنبه ..والقلب مازال عاشقا ..يؤلمه ..والعقل توقف تماما ،عند رنين هاتف واجابة منه ..مكالمة من الطبيب الخاص بحالة جدته ..

: دكتور حمزة ..الحالة جالها نزيف مفاجئ في المخ ولازم تدخل العمليات فورا ..

لفظها الطبيب بنبرة صوت اخبارية متسارعة ..ليتلقاها هو بصدى بطئ ..متكرر وكأن اشخاص عدة تخبره به من جميع الجهات ..كانت تجري افكاره مندفعة في اتجاه واحد ..الآن تشتت ..تبعثرت ..تناثرت يكتسحها الندم .. وسؤال يطرح نفسه داخله ..( هل هذا هو العقاب ؟ ..هل هي عقاب فعلته ؟) ..ضيق عينيه بانزعاج وغضب ليس من احد سواه ..ضيق ما يجثم فوق صدره ..وخوف ..

: انا جاي حالا ..دخلوها..

_________________________

بانحناء مخزي ..وقهر يقسم ظهره دخل المنزل بخطوات كسيحة ..يملئ الرماد ما بين يديه ووجهه ..حالته يرثى لها ..استقامت فاطمة من حديقة المنزل تتجه اليه  متحدثة بلهفة و حزن تتبعها حور ..

: ايه اللي حصل يا ولدي ؟ حد جراله حاجه ..؟

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

جلس على مقعد خشبي ما يطلق آه متعبه ..ذاب لها قلب الواقفة خلفهم تنظر له بألم وصمت ..استند برأسه إلى الوراء يتحدث بانهاك مغمض العينين ..

: لا ماحدش جراله حاجه ..بس هيجرى ..هيفتحوا بوقهم لما يجوعوا وما يلاقوش اللي يسد جوعهم ..

بحزن وحسرة نظرت إليه فاطمة تندب حظهم 

: انت اللي عملت كده ..

اعتدل برأسه ينظر إلى المتحدث بتعجب ..ليكمل اسماعيل بلوم قاسي 

: انت اللي جلبت لينا المصايب دي بسبب طمعك في وليه واكل مال يتيم ..كنا مستنين ايه ..ربنا يسيبنا نتمادى في الظلم ونتمرمغوا في حق مش حقنا ؟

استقام من مكانه كمن لدغه عقرب يصرخ ماسكا بتلابيب عبائة اخيه يهزه بعنف قائلا 

: انا ما اكلتش مال حد ..انا كنت بحافظ على ورث اجدادنا ..كنت عايزني اسيبهولها تضيعوا هي واخوها الخواجة ..انا ما عملتش حاجه غير اني حافظت على املاكنا ما عملتش حاجه ..

: لاء عملت ياسالم ..مش اكلاكنا انت اخدت حقها منها بالغصب واتجوزتها بالغصب بعد ما هددتها بالفيديو اللي صورتهولها وانت معاها عشان تمضيلك التنازل عن الورث ،يا اخي ملعون ابو الورث والقرابة والدم اللي يخلينا نفكر كده ..

بحدة رد عليه اسماعيل ..على مرأى ومسمع من قلب مازال يخفق " حلاوة روح" .. وأخرى تضع يديها على فمها شاهقة تقف بشرفة غرفتها تشاهدهم بعيون مصدومة ..وفاطمة تلطم خديها مما تتلقاه على مسامعها كالرصاصات ..

دفعه سالم بعنف يلكزه بصدره بقسوة متحدثا بسخرية وغضب ..

: بقيت دلوقت انا الشيطان وانت الملاك البرئ الطاهر اللي ما عملش حاجه ها ؟ ايش حال ماكنا طبخينها سوا يا اخوي وبموافقتك على كل حاجه ..

غامت عيني اسماعيل بحزن وندم ..يذدرد ريقه بغصة مؤلمه وبنبرة اخف غضبا رد بحدة ..

: معاك حق ..انا خططت معاك ايوة ..بس عند التنفيذ مااقدرتش ..ما قدرتش اجي على لحمي وعرضي وانفذ ..وما قدرتش كمان امنعك عنها ياسالم ..انا مابقدرش ابص لنفسي في المراية يا اخوي ياكبير ..ياللي خلعت توب رجولتك وعريت عرضك عشان الفلوس ..

ثلاث شهقات خرجت من صدورهن في آن واحد ..عندما صفعه سالم صفعة قاسية ..انكس اسماعيل رأسه بغضب فمهما فعل اخيه لن يجرء على رفع يده مثل ما فعل ..زعق سالم بغضب يتجه نحو مكتبه مناديا ..

: محرووووس ..انت يا زفت يا محروس ...

ليهرول احد الغفر يدخل راكضا باتجاهه 

: ايوة يا سالم بيه ..تحت امرك ياسالم بيه ..

امره سالم بغلق باب المكتب ليفعل محروس سريعا، ليشرع سالم في فتح خزنة مكتبه قائلا

: هديك الفلوس دي تروح طاوالي تديها للعمدة تقوله ان دي بقيت حق الفلاحين ويومين وهجيب فلوس التجار اللي دفعوها في المحصول اللي اتحرق ..

~~~~~~~~~~~~~

بينما خارجا اندفع بطوفان غضبه نحو غرفته .. وتلك الواقفة اللتي كانت تشاهد ما يحدث من الشرفة ارتعدت اوصالها تتجه إلى الداخل بارتجاف ..وما ان دخلت حتى استمعت إلى صوت فتح الباب وعاصفة تعصف شرا تدخل عليها فتنحت واقفة في ركن بعيد من الغرفة تراقب حركاته العنيفة بترقب مرتاع ولا تفقه ماذا يفعل ...

: هتمد يدك عليا ياسالم ..انا مش قاعد وياك في بيت واحد ..

اخذ يهتف بها من بين اسنانه يفتح جميع ابواب الخزانة معا بعنف وغضب يحضر من فوق ظهرها حقيبة كبيرة يعبئ بداخلها ملابسه بعشوائية ..وفي لمحة منه لتلك الواقفة بارتجاف تكاد تلتصق بالحائط خلفها خوفا ..حتى وجه جام غضبه إليها في نظرة ..غيرت العاصفة وجهتها تجاهها ..كادت تموت خوفا ..بينما هو معالم وجهه مخيفة بشكل مبالغ ..بخطوات سريعة اتجه إليها واشتعال حدقتيه موجه نحو عينيها اللتي امتلئت بسحابات دموع ماطرة تهطل فوق وجنتيها ..اقترب منها فسريعا رفعت كلتا يديها امام وجهها بصراخ مكبوت في شبه حماية واستعداد لضرب مبرح ..نظر اليهاوقد توقف فجأة وتر الغضب ماوال مشدود لكن يوازيه نظرة استغراب .. لم يكن ابدا ليضربها لتكون ردة فعلها بتلك الحالة ..احتضانها وطمئنتها فكرة تلوح بخاطره لكن نحاها جانبا ...

لتتفاجئ به يحضر حقيبة أخرى من فوق ظهر قطعة آثاث بجوارها ثم القاها بوجهها بغضب قائلا ..

: خدي ..حطي هدومك في دي ..هنمشي من هنا ..

سريعا بلهفة مسحت دموعها.. تومأ له ايجابا، تتنفس الصعداء بداخلها، تسرع بلملمة ملابسها واطاعة اوامره ...

~~~~~~~~

اعطى لمحروس النقود لياخذها خارجا يلبي أوامر رب عمله ..تنهد سالم بثقل ..ليفتح ذلك الباب الصغير بداخل الخزانة يطلع على وصية عمه الراحل اللتي يخفيها بإحكام ، وورقة الزواج العرفي "قسرا" بينه وبين ابنة عمه " سارة" ..ودلو ماء بارد يصبه احدهم فوق رأسه المستشيط غضبا ..لا وجود للأوراق ..بجنون اخذ يبحث ..يخرج كل محتويات الخزنة ..يفتش جيدا ..لا وجود لهما ..ليشرد لحظة ..فقط لحظة همس فيها الشيطان له بإسم اخيه ..سالم ..

: بتخوني يا سالم ..بتخوني ..

همس بها حقدا من بين اسنانه ليخرج بخطوات تكاد تزلزل الأرض من تحتها ..

~~~~~~~~

تتوالى السهام المسمومة مصوبة نحو قلبها ..والمميت ان من يصوبها هو ذاته من يسكنه ..ان لم يفنى من السهم ..سيفنى من السم.. وان لم يفنى من كلاهما سيموت حتما من مالكه ..في كل الحالات خافقها يحتضر ..استقامت تدخل وامها مهرولة إلى داخل المنزل عندما استمعا إلى صراخ سالم زاعقا ..

: اسماعيييل ..اسماعيييل ...

نزل اسماعيل الدرج يحمل حقيبته بين يديه ..التي لم يلخظها سالم قط ..هو فقط ينظر اليه ببركانية موحشة لا يرى من خلالها سوى شياطين غضبه .. نزل يقف امامه مباشرة ليتحدث سالم ..

: فين الوصية ؟ وعقد الجواز ...

رفع اسماعيل رأسه بتحدي يجيبه ببرود ..

: مع صحابهم ..

لكمة تتبعها اخرى واخرى، وجهها سالم لأخيه الصغير ..والتوقيت رجفة قلب وهعقة متألمة ..حيث كان خروجها من الغرفة تحمل حقيبة ملابسها موازيا للكمة .. فاطمة تصرخ تنهيه عن التمادي ..قمر تنظر إليه وكأنه من عالم آخر عالم غريبوا الاطوار  ..

استقام يمسح تلك الدماء المتفجرة من انفه وفمه بظهر يديه .. 

: بتسرقني يا اسماعيل ، بتخوني ..بتستعماني وتغفلني يا اخويا ..؟

قالها سالم بعتاب لا يوضع موضع المعاتبة .. نظر إليه ساخرا يرد 

: عشان مايبقاش حد فينا احسن من التاني ..انت سرقت وخونت ..وانا كمان ..

دفعه ولم يلاحظ بعد الحقيبة بجواره قائلا يزعق بعنف ..

: اطلع بره مالكش قعاد هنا تاني ..بره ..

: لو كنت بصيت للصورة كاملة ..كنت هتلاقيني ماشي من غير ما تقول ..

ثم أشار إلى حور التي تتعلق عينيها بعينيه في تيه تام دون وعي منها ... إلى هنا وقد لاحظ سالم


الفصل ٤٧ و ٤٨


الفصل السابع والاربعون 

********************

احيانا نحتاج للخروج من حيز الصورة ..ان نقف خارج الاطار ..نتأملها من جميع الجهات ..حتى ندركها  كاملة ...

_


________

خارج نطاق العقل افكاره ..مشاعره ثورة ..فوضى ..كلمات قلائل من حارس البناية اللتي يقطن بها صديقه"آدم" ..كانت كفيلة بتلك العاصفة داخل افكاره ..

( سافر هو واخته من اسبوع يا بيه ) ..

صورتها امامه ولا شيء سواها .."مهلا ..إلى اين ..؟ ..مازال هناك الكثير  ".. ..وآخر تحليلات عقله ..انها سافرت إلى البلدة التي كان زائرا لها امس برفقة الحرائق ...الان هو مقيد ..مشتت ..تنهد تنهيدة عميقة ثم عزم النية على الذهاب لها بعد الاطمئنان على جدته مباشرة ...

__________________________

رنين اشعار ينبه عن استلام رسالة جديدة ..رنين يشبه ناقوس الخطر بالنسبة إليه ..يصيبه بالخوف وفحواها تصيبه بالجنون ..

( الف الف مبروك النجاح لحياتك ،بتتنطط من الفرحة  ) ...

باعث تلك الرسائل يلعب على اوتار عشقه ..و خوفه..كل رسالة من رقم مختلف ..لا يمكنه الوصول إليه ..قاده جنونه نحو السيارة يقودها سريعا ،الهاتف بين يديه يحاول الاتصال بها ولا تجيب ..فعاود الاتصال بأمه يسأل عنها لترد

: راحت تشوف النتيجة يا حبيبي علشان كان لازم تجيبها من بدري ...

لحظة تجمدت فيها نظراته بينما قلبه يشتعل .. رد بنبرة هادئة تعاكس حرائقه ..نبره يلفها التوعد 

: انا مش قولت مافيش خروج ليها غير معايا ..

لم ينتظر ردها اغلق الهاتف يتجه إلى جامعتها كالبرق ..كالعاصفة ..التي يسبقها الهدوء ...

~~~~~~~~

في غضون دقائق كان قد وصل امام باب كليتها ..دخل باحثا عنها يحاول الاتصال بها والان فقط ردت ..

: انتي فين ..؟ ..

اجابته بصوت فرح 

: انا في الجامعة ياقصي كنت ب....

ليعاود سؤالها مرة اخرى قاطعا حديثها 

: فين بالظبط في الجامعة ..؟

عن المكان بالتدقيق أجابته ..ثم اغلق الخط متجها إليها ..

بينما هي تقف مع زملائها يتبادلون التهاني والضحكات بسعادة ..من بعيد لمحت طيف عشقه يشير اليها بوجوده ..هدتها وردية افكارها ان سبب قدومه نجاحها ..

استأذنت من زملائها تتقدم نحوه وبعد خطوات قلائل تقابلا ...وطيف العشق كان غاضبا ..بابتسامة وفرحة تتقافز بقلبها قابلته قائلة بسعادة طفلة صغيرة 

: قصي مش هتصدق انا ...

قبض على مرفقها يجرها خلفه بعنف ..انطفأت شعلة الفرح بداخلها يحل محلها الظلام ..نظرت نحو زملائها لتجد بعضهم ينظرون إلى ما حدث باستنكار والبعض الآخر بانزعاج والبعض منهم مزهول  ...ابتلعت غصة مريرة تتبعه بخطوات تكاد تكون ركضا ..وصل الى السيارة ليفتح لها الباب دافعا اياها إلى الداخل ،دار حولها راكبا خلف مقود السيارة منطلقا بها يسارع الريح ..نظرت امامها بحزن لتنقل نظرتها إليه تسأله بنبرة مثقلة بالعتاب ..

: انا عملت ايه ..؟ 

مشاعره قمم بركانيه غاضبة مختنقه تريد الانفجار ..هي لن تتحمل ذاك الانفجار ..التفت لها ..ولا داعي للهسيس لترتعب ..فقط نظراته فعلت ..

: انا مش قولتلك ما فيش خروج غير معايا ..؟ 

بنبرة غامضة اجابها ..ردت بعقلانية تجهل ما يحدث ده ..

: مش خلاص ..؟ ..ناهد دي ماتت ومابقاش في حاجة تقلقك عليا ..وبعدين يعني ايه ما اخرجش غير معاك هو انا طفلة ياقصي ؟

زفر حانقا بغضب .. لتنتفض بمكانها عندما ..زعق بصوت جهوري ..يضرب سطح المقود بعنف ..

: انت ما بتسمعيش الكلام ليه ..قولت مافيش خروج لوحدك ..بتخرجي ليه ..؟

عينيها متسعة بخوف واستنكار لكل ذاك الغضب ،عقلها ينهر ذلك الذي يخفق لأجل حبه ..لا يمكن ان يكون ذلك المنقذ الحنون هو ذاته من يجلس امامها زاعقا بغضب ..ملجئ امانها بكل اصرار يخيفها .. رنين ..

وصوت رسالة أخرى في توقيت غير مناسب بالمرة من رقم جديد ..

( تؤ تؤ تؤ ...ما تزعقلهاش عشان بتخاف ) ..اصاب قلبه العشق واصاب هقله الجنون ..وتلك التي جواره سيفنى فقط من أجلها ..بصمت اكلم سيره حتى وصل إلى المنزل ..اندفعت تخرج من السيارة عينيها على وشك البكاء ..خطت باتجاه غرفة خالها ..مصدر الامان والحماية لها ..القت بنفسها داخل احضانه باكية ..ليشد على احتضتنها بيديه دون تفاجئ ..يوجه نظرات لوم وعتاب لذلك الواقف على باب غرفته ..

: خالوا انا مش هقدر اكمل بالطريقة دي معاه ..علشان خاطري مش عايزة اكمل. ..

ارتجف قلبه ..جف ريقه ..عندما استمع لما

تتفوه به ..مسح على وجهه بحنق وغضب صامت ..هو بين خوفه وعشقه لها في حيرة قاتلة ..والاب يتصنع عدم المعرفة ..حيث ان بجعبة صغيرته ما يجب عليها اخراجه ..

: اهدي يا حياة وقوليلي في ايه .. ايه اللي حصل ..؟

استقامت تجلس جواره تمسح عيونها بظهر يديها لتروي له ما تتلقاه منه من معاملة سيئة ..وتهميش شخصها  في اي شيء وكل شيء ..انتهت بافراغ ما يعج بقلبها من انزعاج ..ليتحدث منصور بهوادة ..

: خلاص يا حياة اللي انتي عاوزاه انا هعملهولك ..

إلى هنا وتدخل قلب العاشق حيث محبوبته على وشك البعد عنه ..تحدث بانزعاج معترض

: يعني ايه ..؟ والمأذون اللي جاي كمان كام يوم ده ..؟ نرجعه ..؟

استقامت واقفة تمرر نظرها بينهم بزهول ..بينما منصور ينظر إلى ولده شزرا  ..

: مأذون ايه ..؟ مأذون جاي هيجوزني انا ..؟ من غير ما اعرف ..؟

قالتها بنبرة مستنكرة بينما تنظر إلى خالها بعتاب ..

: انتي فاهمة غلط يا حبيبتي ..انا بس كنت حابب اعملهالم مفاجئة ..عشان كده رتبنا انا وقصي كل حاجه ..لكن مافيش حاجة هتتم من غير موافقتك طبعا ..

: هي موافقة ..

نطق بها باقرار وثقة ..بينما الأخرى تنظر إليه بعينين متسعتين ..الامر يزداد سوء ..

: لاء انا مش موفقة ومش هتجوز ..

القتها دفعة واحدة لتخرج راكضة نحو غرفتها ..التفت منصور ينظر إليه بغضب ونبرة معاتبة

: قولتلك اتعامل مع الموضوع ده بهداوة وعقل يا قصي ..مش تكره البنت فيك ...

زفر بحزن هو حقا يفقد صوابه ..كلما شعر بالخوف تجاهها يفقد عقله ..

: عاوزني اعمل ايه ..متراقبة بكل تحركاتها من شخص ما اعرفوش ..موضوع ناهد اتقفل ولسه الرسايل بتجيلي ..وهي مش بتسمع الكلام ..ومش راضية توافق عشان قال ايه ..ما خدتش رأيها ..بزمتك كل ده وعايز عقل وهداوة ..؟

لفظ كلماته بحنق غاضب ..

: انا حاسس بيك يا ابني ..

: انا خايف عليها ..!!

قاطع بها منصور ..قالها بصوت خافت ونبرة عاشقة ..ثم اردف 

: اللي بيبعت الرسايل شخص مش سهل ..كون انه مجهول بالنسبالي مش عارفه ده شيء بيموتني من الخوف عليها ..

تنهد منصور بثقل متعب ،لاول مرة بحياته يقف امام امر ما دون ايجاد حلول ...اكمل قصي حديثه ..

: حضرتك مش عايز تسيبني اتصرف بطريقتي ..

: حياة ما بتتعملش كده يا قصي .. لو وافقتك على طريقتك دي هتكرهك وتكرهني ومش بعيد نخسرها ..سيبهالي بس يومين انا هحاول اقنعها ...

قالها منصور ببعض اليأس ..ان تحارب شبحا ما غير ملموس ..ترى نتائج افعاله ..تأثيره ..ولا تراه ..تلك هي المعاناة ...

_______________________

هنا يقطن الشر المطلق ..حيث جميع الوسائل متاحة .. حيث التحول من محض وسيلة إلى هدف ...صدحت موسيقى حماسية صاخبة من جميع الجهات ..يتمايل عليها ضاحكا بصخب موازي للموسيقى  بين حين وآخر ..كانت احدى وسائله لتحقيق انتقام ما ..الآن باتت هدف .. سيحقق بها هزيمة وانتصار وغنيمة وآخرا هي ..اخذ يدور ويدور على انغام تلك المعزوفة الصاخبة ..ليدخل عليه احد رجاله متحدثا ..

: سيدي ..لقد ارسل السيد ديفيد مندوب  يطلب طعما آخر لأسوده الجائعة ...

ابتسم مراد بتلذذ يميل برأسه مع انخفاض الموسيقى ..ثم يتحرك فجأه مع علوها ..قائلا بنفس لغة الرجل ..

: ارسل إلى ديفيد احدث ما لدينا ..نحن تحت إمرة اسود السيد ديفيد ..

وما هو إلا شيطان حديث الشر تحت إمرة ابليس " السيد ديفيد "  .. حمم الرجل قائلا 

: احم ..سيدي انه لايزال على قيد الحياة ..هل اااا؟

ضحك مراد بخفوت قائلا 

: وما فائدة التهام شيئا ما فاقدا للحياة ..اين المتعة في ذلك يا صديقي ..؟ ..اسود السيد ديفيد لا يجوز لها ملئ معدتها فقط  .. يجب إشباع غريزتها  .. متعة الافتراس ان ترى عذاب الفريسه ولحمها بين اسنانك ..ان تلفظ النفس الأخير امام عينيك بينما جزء منها تنعم به معدتك .. 

ثم تبسم ضاحكا ..

: ان تكون اسدا من اسود السيد ديفيد هو متعة خاصة ..هيا خذه إليه وبلغ سلامي لأسوده ..

انحنى الرجل باحترام تام له خارجا ..بينما هو جلس يراجع آخر مكالماته ..رسائله ..هدفه الآن هي ..والوسيلة بعيدة كل البعد عن الشك بها ،الوسيلة احد تلاميذه  ...

_______________________________

تجلس بتجهم ..لم يعد لها احد ..الاب تخلى ..والاخوة تبخرت اخوتهم واحدا تحت التراب والآخر سبب وجوده تحت ذاك التراب.. لم تكن له اخت من الاساس ..اما عن الام فلاقت ما تستحق .. وصلها الخبر بطريق غير مباشر ... الغريب انها لم تدمع ..

: يمنى ممكن اتكلم معاكي ..؟

ولت مرحلة الانهيار ..هي الان بمرحلة الجمود ..عدم الاكتراث بأي شيء وكل شيء ..

نظرت إليه بنظرات جامدة ليردف ..

: انا مش عارف ايه اللي غيرك من نحيتي كده ..لو عملت حاجة زعلتك وانا مش عارف قوليلي ..؟

سخرية مريرة ..بمرارة الفقد مرت بأفكارها ..صمتها دفعه للمضي قدما في حديثه معها .. كان يتحدث بتردد يمسك بمقبض الباب ..كيث امره الطبيب بالخروج فورا ما ان يلقى الرفض وعدم الرغبة في وجوده منها ..جلس قصي قبالهها ينظر إليها بحنو وشوق لتلك المشاكسة بينهم ..

: يمنى انتي هتفضلي اختي وبنتي وحبيبتي ..انا ماليش غيرك .. مستعد اسيب الدنيا كلها علشانك ..نعيش لوحدنا لو عايزة ..

هم برفع يديه ليلامس وجنتها لتبتعد مزعورة تنظر إلى يديه برعب  ..ليقابل نظراتها بنظرات متعجبة ..حتما هناك امر ما ..

: مالك يا يمنى ..انا ابى قصي ..صاحبك ..

نفت برأسها تهطل دموع عينيها سريعا ..تتحدث بارتعاش ..

: انت عايز تموتني ..زي ما موتت عمر ..

اتسعت عينيه فجأة ..يربط بين ما هتفت به وبين ما قالته ناهد سابقا ( مش هسيب حق عمر ..هقتلك زي ما قتلته ) ..الخيوط الآن تتلاحم ..حتما هناك خطأ ..بتروي وهدوء اقترب منها يرفع يديه في وضع مسالم ..يستدرجها بشكل غير مباشر ..

: انا مستحيل افكر ائذيكي ..او أئذي عمر الله يرحمه ..ليه بتقولي كده ..

بكاء حار ..ودموع تشعل نيران شوقه لاحتضانها بين يديه يزيل ذلك الخوف بعينيها ..

: انت قتلته يا ابيه ..كان بيموت قدامك وانت ما اتحركتش ..ما ساعدتهوش ..كنت بتتفرج عليه وهو بيموت ..انا شوفتك ..

: شوفتيني فين وامته ..انا مظلوم يا يمنى مستحيل أئذي شعرة واحدة منك انتي وعمر 

شهقت تبتلع ريقها بتفكير ..تنظر إليه بشك ..بينما هو يوما لها بلهفة في صدق كلامه ..

: شوفتك في الفيديو .. ماما ورتهولي عشان انقلها اخبار عنك تساعدها تنتقم منك ..

اتسعت عينيه .. الخيوط الآن لا تتلاحم ..جميع الخيوط ترابطت في عقدة ما كان حلها كلمة واحدة .." مراد " ..الرسائل ..ذلك الفيديو الذي تتحدث عنه يمنى ،معرفتها من الاساس بموت عمر ،والأكبر معرفة ناهد وتلفيق تهمة قتل عمر له ..والجميع اجابته .." مراد مختار" ..الآن بات شيطانه واضح ..وبوضوح الشمس ..

اقترب منها يضم كلتا يديها داخل قبضته بحنو ينظر خلال عينيه مباشرة ..

: مش انا يا يمنى ..اقسم بالله ما انا ..ازاي تصدقي فيا كده ..اكيد الفيديو متفبرك ..وسهل جدا الحاجات دي تتعمل دلوقت ..

هي غارقة وهو قارب نجاة تخاف ان يكون سراب ما قبل الموت ..فليكن ..ستتعلق به ولا خيار آخر لديها ..بتيه نظرت إليه ..ترتجف حدقتيها بتفكر ما ..ليتلقف تيهها داخل احضانه في عناق حار مربتا فوق رأسها ..

: انا ماليش غيرك يا يمنى ..ثقي فيا يا حبيبتي ..مستحيل أئذيكي ..مستحيل ..

والحقيقة انها هي التي لم يعد لها احدا سواه ..لكنه يشعرها بالعكس لكي لا تتأذى مشاعرها بالاحتياج والمن ..نظرته ثاقبة ..تشبه رصاصة محترقة برأس أحدهم  ..حيث افكاره تتجمع حول فكرة واحدة ..العثور على " مراد " ...

__________________________

بعد مرور عدة ايام ...

خرج من المشفى بفرحة عارمة تملئ روحه ..حالة جدته تتحسن تفتح عينيها بين حين وآخر تبتسم له من بين غفوتها ثم تغيب مرة أخرى ..اخبره الطبيب بأن الحالة تتحسن والتأثير الجانبي للجراحه اقل من المتوقع حدوثه ..الآن فقط يمكنه الذهاب نحو الشمس ..ذهب إلى منزله يعد نفسه للسفر ..كان نادما لافتعال الحرائق قبلا ..الآن يتمنى لو فقط يرى ذلك ال " سالم " امامه وسيحرقه شخصيا ..ركب سيارته متجها بها نحو قدر مجهول ...

________________________ 

لم يكن يدرك ان وجودهم قربه هو بتلك الأهمية ..حالته مزرية ..ياكل فقط بضع لقيمات لكي يبقى على قيد الحياة ..عائلته تشتتت ،او بالأحرى نبذوه من حياتهم ..يختلي بنفسه ليلا في بكاء يريح قلبه ..لا احد يراه ..لا احد يسمعه ..يراجع حسابات عقله ..وقلبه ..والاهم حساباته و ربه ..التي غفل عنها منجرفا في تلاهي تلك الدنيا ..اغتصب حق مسكينة لا احد لها ..لكن وحده الله يعلم انه لم يمسسها بسوء ..

يذرف الان دموع الندم ..دموع تثلج صدره وخو واقفا بين يدي الله ..استيقظ القلب من غفلته ..داواه كما قالها اسماعيل ..اخيه الحبيب ...

_____________________

على الجانب الآخر ببيت ليس بكبير .. فاطمة والجدة بغرفة ..سالم وحور بغرفة أخرى..والثالثة لقمر برفقة احزانها ..على استحياء تقدمت منه حور تفرك بين يديها بارتباك تقدم خطوة وترجع الأخرى بتردد ..يجلس هو على الفراش مستندا بمرفقيه إلى ركبتيه ..يرى انعكاس حالتها في المرآة امامه ..و الحمقاء لا تلاحظ ..

انتفضت شاهقة تضع يديها فوق صدرها بفزع عندما تحدث بنبرة مفاجاة ..

: عايزة ايه ..واقفة كده ليه ..؟

زفر بحنق لخوفها ..وداخله سبب الحنق ربما كان رغبة ملحة في عناق ما لم يتاح له ..تحدثت بتوتر ..

: اااا انا بس كنت عاوزة ..يعني ..كنت بقول ...

استقام يقف امامها لتبتلع ريقها بصمت تنظر فقط إلى هيبته امامها وذلك الفارق الجسدي الهائل ..

: اتكلمي على طول عايزة ايه ..؟

نظرت أرضا تتحدث بارتياك ..

: كك كنت بقول يعني لو ينفع تروح ازور جدي واعمامي ..بس لو مش عايز خلاص يعني مش مهم ..

قالت جملتها الأخيرة بلهفة وكأنها تتقي شر ما ..

صمت شاردا بها ..يننابه شعورا ما بالراحه جوارها ..شعور غريب لا يعلم له ماهية ..رفعت نظرتها إلى عينيه مباشرة ..ليغوض فيهما وابتسامة جانبية حالمة كانت على وشك الارتسام فوق ثغره ..اذردر ريقه يستفيق قائلا ..

: ماشي ..حضري نفسك ..هاخدك في طريقي وارجع اخدك وانا راجع ..

كان ينتظر ظهور فرحة ما لهفة وربما شوق لهم ..لكن ما رآه على وجهها آثار حفيظته ..اظلمت ملامحها ببؤس  ،وجوم تام احتل وجهها ..وكأنها كانت تتمنى رفضه لطلبها ..تركها خارجا من المنزل ينتظرها بالسيارة ..غافلا عن تلك الرسالة التي ارسلها لها احد اعمامها بضرورة الحضور .. لتغير الخطة ...

_________________________________

نزلت درجات السلم بيأس ..لم تخرج من المنزل منذ ايام ..غالبا هي في فترة تقلب مشاعري ..وربما هي على مشارف اكتئاب .."لا تعلم انها على مشارف فراق .." 

اتجهت نحو غرفة خالها التي استبدلها بالغرفة العلوية خاصته لظروف قدمه وحتى يشفى ..قبل ان تطرق الباب انتقل إلى مسامعها ما جعل دمائها تتجمد ..نظراتها تصلبت ..قلبها اخذ يخفق بشدة واذنيها تستنكر ما تستمع إليه ..صوت والدتها ..حنان باكيا باعتراض حاد ..

: اتصرف يا منصور ..ما حدش غيرك هيعرف يتصرف ..اعمل حاجة ..كلمها ..اقنعها انه لازم يبقى معانا ..وسطنا ..انا اتعذبت كتير في بعده عني ومش هستحمل بعده تاني بسببها ..يا تروح تشوف حياتها بعيد عننا  يا تبقى معانا هي وهو وسطنا ..انا مثلت دور الام ومستعدة اكمل بيه ليها كمان بقيت حياتي ..لكن مش مستعدة اتحمل بعد ابني عني تاني بسببها ...مش هقدر ..

سهام من نار تنفذ الآن نحو قلبها ..اهي بذلك الثقل على كاهلهم ....مخالب وحش مفترس نهشت قلبها عندما نفذ إلى مسامعها قول خالها ...منصور بحنق وضيق ..

: يعني عايزاني اعمل ايه يا حنان ..دي مالهاش حد غيرنا دلوقت ..تخيلي لو بعدت ..هتروح فين بس ..

حنان ببكاء ..

: اتصرف بقى ..تبعد ما تبعدش انا عايزة ابني جنبي وخلاص ...

اسرعت بخطوات راكضة نحو غرفتها ..تكتم شهقات بكائها حتى لا ينتقل إلى مسامعهما ..امها ..حنان التي كان لها نصيب من اسمها دائما ..كيف تقسو لهذه الدرجة ..خالها المسكين في حيرة من امره بين ولده وابنة اخته  ..ربيبته ..انفطرت في بكاء حارق ..قبضة من نار تعتصر قلبها ..وروحها تدمي جراحا نازفة ..لا احد لها كما قال خالها ..لكنها ستنزع تلك الشوكة اللتي تمرر عليهم مذاق احضان ولدهم العائد من الفقد ..بينما لو كانت فقط انتظرت لبضع ثوان ..لعلمت انها لم تكن المقصودة ..

~~~~ 

حنان ببكاء ..


: اتصرف بقى ..تبعد ما تبعدش انا عايزة ابني جنبي وخلاص ...

ربت منصور فوق يديها لتردف قائلة 

: مش كفاية اللي عملته فيا امها ..اخدته مني السنين دي كلها ودلوقتي بنتها بتبعده عني ..

: اهدي يا حنان ..يمنى لسة طفلة ..اتحملي شوية معلش ..قصي كمان متعلق بيها ما ينفعش نطلب منه يتخلى عنها في الوقت اللي هي محتاجة فيه لدعمه وحنيته ..دي يتيمه ياحنان وانتي قلبك كبير انا عارف .. اصبري بس شوية المسئلة مسئلة وقت ...

لبث طفيف ..سينتج عنه حرائق لقلب عاشق ..وحياته ...

__________________________

الفصل الثامن والاربعون 

**********************


استقلت السيارة بجواره في شرود ..تتسائل عن سبب استدعاء جدها لها ..ذهابها اليهم بمثابة ثقل الكون فوق قلبها ..

: هعدي عليكي وانا راجع تكوني جاهزة ..

لفظها اسماعيل وحقيقة اراد الحديث معها فقط في اي شيء لا يهم ..التفت ينظر إليها بتعجب ..لم ترد عليه ..بل تنظر فقط امامها إلى اللا شيء بشرود لدرجة انها لم تستمع إلى ما قال. .

: حور ..حور ..

والثانية كان برفقة يده تربت برفق فوق كتفها فأجفلت ..

كانت ردة فعلها مبالغ بها ..انتفضت بفزع ...

: بكلمك وانتي مش معايا ..سرحانة في ايه ..؟

قالها بحدة و جفاء معاكس لرفق يديه فوق كتفها .."تترجم افكار بعض الرجال شرود النساء دائما ..بشخص آخر" .. وعند تلك الفكرة ..انزعج ..

: مافيش ...انا بس ما سمعتكش ..

قالتها بنظرات مرتبكة ونبرة تائهة ..لينظر إليها في ريب 

: هعدي عليكي كمان ساعتين ..

تنهدت بثقل لترد بإيمائة صغيرة إيجابا بدون تركيز ..

اما هو قد احتل الشك افكاره ..اي عروس حديثة ستوافق على الذهاب لأهلها لمدة ساعتين بدون اعتراض .. هناك خطب ما خلف ذهابها إلى أهلها ...

______________________

تسارع عجلات السيارة فوق الطريق خفقات قلبه .. تأكل الأرض من تحتها كي يصل في اقرب وقت ..يريد الاعتذار ..ابداء ندم ما .. اخذها ولو كلفه الامر ..قتل احدهم ..اقترب من القرية ..توقف يسأل احدهم عن منزل " سالم حافظ " ..ليجيبه ..وما كان سؤاله لذاك الرجل سوى دليل ادانة ..وربما شاهدا على جريمة ما ..جريمة لم يفعلها ..او ربما هو بطور اختبار ..

__________________

ابتسامات يسكنها الشيطان ..بل يقطن داخل صدورهم ..بانتشاء وسعادة تحدث عوض يملي على مسامعه حصيلة اخبار الايام السابقة ..

: يعني مخازنه كلها اتحرقت ..وقرب يفلس من كتر الديون إللي عليه ..اهله كلهم باعوه وهو لوحده دلوقت ..

مال احد ابنائه إليه قائلا بغموض

: بتفكر في اللي بفكر فيه يا ابوي ..؟ اهي جات من عند ربنا ..حريق المخازن إللي كنا ناوين نسرقها ونحرقها حد تاني قام بالواجب ده ..دلوقت بجى فرصة ناخد بتارنا إللي ما عارفينش ناخده ده ..

بغموض اكبر اجابه يضيق عينيه هامسا 

: كله بأوانه يا ولدي ..كله بأوانه 

ثم التفت اليه يسأله مردفا .

: شيعت لبت عمك تيجي ..نعرف منها الاول الوضع ايه ..

زفر ولده بضيق قائلا 

: بت البوم دي ما هتعرفش حاجه ..زي قلتها ..سيبهالهم يا ابوي ياخدوها وكفايه علينا اكده ..جحى اولى بلحم طوره ..

تبادل ووالده النظرات الغامضة ..ليتحدث عوض ..

: مش قبل ما اشفي غليلي واطفي نار قلبي على ولدي ..

ساعتها بس ..يبقوا يعرفوا هي مين .. يبقى كل واحد اولى بلحمه ...

في ذلك الوقت دخلت حور تلقي التحية مقبلة يد جدها ليحدجها عمها بنظرات كارهه ،دائما ما ينظرون إليها بتلك النظرة و لا تعلم لما ..جلست ليسألها عوض ..

: ها يا حور ..ايه اخر اخبار ولاد حافظ ..

رمشت بتوتر تجيبه بتوجس ..

: ولا حاجة يا جدي ..مافيش جديد من بعد ما حرقتوا المخازن من غير ما اجيبلكم مفتاحها زي ما كنتوا عايزين ..

استقام عمها ينهرها قابضا على ذراعها يهزها بعنف ..

: اقفلي بوقك والكلام ده ما يطلعش تاني ..فاهمة ..

: حاضر حاضر ..

اجابت بها سريعا بخوف ..وان كانوا يبيتون النية لفعل ذلك ..لكنهم في النهاية لم يفعلوا .. بصوت رخيم تحدث الجد ..

: بس كده ..؟ مافيش حاجة تاني ..

لا تريد ..ضميرها يجلدها ..لا تريد افصاح شيء آخر عن تلك الأسرة اللتي تنعم بدفئ احضانهم ورعايتهم لها ..

: مشينا كلنا من البيت بسبب مشكلة بين اسماعيل واخوه ..

قالتها بخفوت ..وذكر اسمه على لسانها كان بمثابة بحر من ندم غرقت هي فيه حد الاختناق ..تحدث عوض 

: يعني مافيش حد قاعد مع سالم ..ولا بيروح يزوره ...

اذدردت ريقها بشعور يقسم قلبها لنصفين تجيبه برأسها نافية ..

نظرة تصميم عازمة حدج بها الجد اللا شيء وابتسامة جانبية ماكرة ارتسمت على شفتي ولده ..وهي تنظر اليهم في ترقب .. حتما شيء ما سيحدث ..

: نفز الليلة يا ولدي ..خبر موت سالم يجيني الليلة ..

قالها عوض بنبرة حقد مشتعل ..يستلذ بكل حرف بها ، يخيل له مذاق دمائة .. لتتسع عينيها تذدرد ريقها بخوف ..صورة زوجها تتجسد امامها حزنا على اخيه ..ماذا عليها ان تفعل  ..هل تقف كتوفة الايدي تشاهد زهق روح احدهم ..؟ ..اخذ ذاك السؤال يطوف بأفكارها ...

____________________


بابتسامة مشجعة دفعها برفق للدخول، قابلتها هي بابتسامة باهتة وقلب خائف ..ولجت يمنى برفقة قصي إلى بيت منصور ..يمسك بيديها كانها طفلته ..كانت حنان بانتظارهم فاستقبلتهم بابتسامة لا تليق سوى بها ..اما عن الصغيرة ..لم تبكي يوم اتاها خبر موت والدتها ..الان تفجرت عينيها بينابيع دموع حارة وكأنها توا علمت بموت والدتها ..تلاشت الابتسامة من وجه حنان تمرر نظرها بينهم بقلق بينما قصي يحاول تهدأتها ..

: بس بس ..مالك يا يمنى .. خلاص تحبي نمشي ..؟

تقدمت منهم تسكب عليها من من الحنان كما اسمها ما جعلها تهدأ كالاطفال بين يدي امهاتهم ..بين ذراعيها اخذت تربت فوق ظهرها تارة وتملس على منابت شعرها تارة اخرى مع قبلات متفرقة فوق رأسها وجبهتها ..كفت الصغيرة عن البكاء تستلقى مستريحة بين احضانها بشهقات حارقة ..اشارت حنان لقصي بعينيها ..لتتحدث تحثها على المضي ..

: تعالي معايا يا حبيبتي ..هوريكي اوضتك تغيري هدومك وترتاحي  ..

تبعتها يمنى كمن اخذ جرعة مهدأ ما .. تعجب قصي لتبديل حالها السريع وذهابها برفقتها دون تردد ..لكنه كان سعيدا بهذا .. اتجه بعدها نحو غرفة أبيه للإطمئنان عليه ..

~~~~~~~~~~~~

مضت ساعات وساعات ..تحسب حسابات العقل والقلب وفي جميع الأحوال ..هي الخاسرة ..هدتها افكارها إلى ذريعة ما هي الأنسب للجميع ،عداها ..مسحت وجهها من آثار الدموع ،تحبس الكثير والكثير منها إلى وقت لاحق ..الآن عليها الانسحاب ..نزلت تتجه نحو غرفة خالها لتخبره برغبتها اللتي لاترغب بها إطلاقا، لكن شيء ما يحتم عليها قبول ذلك ..طرقت الباب ودخلت مباشرة ..

: خالو لو سمحت عاوزة اتكلم معاك ..

نظر منصور إلى قصي الذي يقف أمام مكتبة صغيرة بنهاية الغرفة يحمل كتابا ما بين يديه ثم نقل نظرته إليها قائلا 

: تعالي ياحياة ..تعالي ياحبيبتي مالك ..

ضغطت على اسنانها تمنع عينيها عن فتح بوابات الدموع حيث كلمة " مالك " هي المفتاح دائما ..تقدمت تجلس على المقعد امامه غافلة عن ذلك الواقف خلفها بقلب مترقب ..وعيون ثاقبة ..

: حضرتك عارف اني نجحت ..وااا

تلعثمت لتكمل ..

: عايزة اكمل دراسة ..اعمل دراسات عليا ..

بسرور أجابها منصور ..

: طيب ده شيء كويس جدا يا حياة ..برافو يا حبيبتي ..

بينما هو مازال مترقب ..يشعر ان هناك شيء آخر ..يشم رائحة "نكد " وضع الكتاب من بين يديه برفق ..ليتحدث النكد 

: انا عايزة اسافر اخدها من بره ..

انطفأت شعلة السرور بعيني منصور يقطب جبينه باستغراب ..بينما اشتعل بداخل احدهم شيء آخر ..

: نعم يا اختي ..؟

قالها باستنكار مفاجئ ..سخرية هادئة ..لتنتفض هي شاهقة بفزع تنظر اليه باضطراب ..تقدم بضع خطوات حتى بات يقف امامها مباشرة عينيه لا تنبأ عن خير " وهذا بأقل الخسائر " بينما عينيها سماء ليلية دامعة تتشح بوشاح الحزن

: سفر ايه اللي عايزة تسافريه ..؟

قالها مستنكرا يقطب جبينه بغضب .. استعادت هي ثباتها توليه ظهرها وكأن لا وجود له، التفتت إلى منصور تكمل ..

: دي رغبتي يا خالو و حضرتك عمرك ما اجبرتني على حاجة مش عايزاها ..

عض الآخر على شفتيه ينظر إلى جانبه بغضب ..ليتحدث منصور بعد تفكير ..

: انا عمري ما اجبرتك ولا هجبرك على حاجة يا حياة ..لكن فكرة السفر لوحدك ..دي مستحيلة ..

خرجت منه الاخيرة عن قصد ..يذكرها بمعاناتها والوحدة ..اغمضت عينيها ارادت ان تخبره انها رغبتها وهي من عليها تحمل ما في الامر من عواقب ..ليتحدث هو بثقة وهدوء ..

: ممكن على فكرة ..مافيش حاجة مستحيلة ..

نظر منصور له بعدم فهم بينما هي بحزن مترقب ..ليكمل وقد وازى كلماته دخول حنان ..

: نتجوز ..نسافر انا وهي وتكمل دراستها ..وانا معاها ..

لفظ كلماته بنبرة تقريرية ..لا تحمل وجه العرض والطلب ..هو قرار ..بينما الام صدع قلبها بانشقاق مؤلم ..تطول نظرتها بقسمات وجهه ولمحة من الجنون تحتل حركة حدقتيها ..وكأنها تنسائل  .."أيتركني مرة اخرى ..؟"

لاحظتها حياة ..هي لن تقف حاجزا بين ام و ولدها .. 

: انا مش هتجوز ..مش عايزة اتجوز ..انا عايزة اكمل دراستي الاول ..

: تمام ..نكتب الكتاب ونسافر تخلصي دراستك ونرجع نتجوز ...

يباغتها بمخرج و حل ما لكل عقدة ..زفرت بضيق ..همت لتعترض ..ليتحدث منصور وقد وجد الفرصة على طبق من ذهب لتوافق على الزواج منه ..

: انا شايف يا حياة ان ده الحل المناسب لموضوع سفرك بره ،انا مش هعارض رغبتك يا حبيبتي ..لكن وجودك في بلد غريب لوحدك ..انا مش هوافق عليه ..

قالها منصور والامر منتهي .. 

: نكتب الكتاب بكره ،وحددي السفر اليوم اللي يعجبك ..ايه رأيك ..؟

قالها قصي ولأول مرة في التاريخ ياخذ رأيها غي شيء ما ..ربعت يديها امامها تبستم بسخرية 

: غريبة دي ..اول مرة تاخد رأيي ..

ضيق ما بين حاجبيه يجيبها باستفزاز ..

: طبعا لازم اخد رأيك ..امال يعني انا اللي هحدد اليوم اللي هتسافري فيه ..؟

استشاطت رأسها غيظا ..بينما الام ترى بعين قلبها وتسمع بأذنيه دقات العشق بينهما ..لن تقف امام سعادته رغم قلبها المنشق ..فليكن نصفا لحياة ..ونصفا لولدها الحبيب ..بابتسامة باهتة فطنها منصور وحياة فقط ..تقدمت تربت فوق ظهرهما بحنو

: ربنا يسعدكم يا ولاد ..ده يوم المنى يوم ما اشوفكم احلى عريس وعروسة يا حبايبي...

اذدردت ريقها ..تبادل حنان العناق بينما تتسائل داخلها .. ما الذي يحدث ..؟ لماذا تجري الأمور هكذا ..؟ لماذا لا تعترض على ما يحدث حولها ..حنان رغم ما سمعته منها من عدم الرغبة في وجودها كعائق بينها وبين ولدها ..تهنئها وتبارك لهما ..كم هي عظيمة ..مضحية ...اخذت حياة تردد كل تلك التسائلا بداخلها ..لا تشعر بالسعادة لكونها سببا في حزن قلب أم ..شيء ما يجهض شعور الفرح بداخلها قبل ولادته ..شيء ما يرفضه قلبها بينما يؤيده العقل بكل اصرار ...

__________________

اسرعت تأخذها افكارها مهرولة بين ذهاب واياب ..عليها فعل شيء ..لن تبقى مقيدة بذلك الصمت اللعين ..فطرتها السلام ..وسلام افكارها هداها إلى انها ستذهب إلى سالم محذرة اياه واخباره عن نية قتله من احد اعمامها ومن ثم تتوسلة عدم لحاق أذى به ،يكفي إفشاء امر خيانته ونقض الميثاق امام جميع البلدة ،هكذا لن ترى نظرة حزن بعيني زوجها ..نظرت إلى خلو المكان حولها ..ثم تسللت خلسة إلى الخارج ..بخطوات متسارعة اتجهت إلى الطريق المؤدي لمنزل سالم ..غافلة عن ذلك الذي يتبعها كالظل بامر سيده ..زوجها ..

________________________

فارق التوقيت لعنة .. احيانا كارثة ..فقط بضع دقائق فاصلة ..يمكنها تغير الكون ..صدفة ؟ ..ام تدابير قدر ؟ ...

لثم وجهه جيدا ..الهدف منتصف قلب احدهم  تماما ..الذريعة ..ثأر واهي ..والسلاح لم يكن ذو طلق ناري ..حيث لا افراح صاخبة يتسلل صوت الاعيرة من بينها خلسة ..تلك المرة فاصلة ..ناهية ..نصل حاد مدبب ..يشبه السكين لكنه اكبر ..من نافذة مكتبه تسلل بخفة ..ومن المكتب بخطوات كالظل خرج إلى وسط المنزل ..هم بصعود درجات السلم ومن ثم يتجه إلى غرفته ليتفاجئ بصوت خطوات ما آتية من أعلى .. عاد ادراجه سريعا يختبئ بذاك الفراغ تحت الدرج ..مر سالم من امامه يتجه نحو مكتبه ..ما ان دخل إلي المكتب حتى دس هو يديه بجيب عبائته " صدره" يخرج ذلك السكين يلتمع كابتسامة الشيطان ..وزعقة ..

: سالم ..

ثم انتباهة منه تلاها اختراق السكين بخافقه ..اصاب الهدف ..تماما بمنتصف صدره ..جحظت عينيه يمد يده نحو وجه قاتله ..فقط يريد معرفة على يد من انتهت حياته ..ليوفر القاتل جهده فاعلا ..رفع اللثام عن وجهه يلهث بابتسامة شيطانيه ظافرة ..ما ان رآه ..علم هويته ..تهاوى بثقل جسده فوق سطح مكتبه .. يلهث بأنفاس متسارعة ..فقط يريد البقاء كي يكفر عما اقترف  ..تلك الفكرة الوحيدة اللتي استوطنت بخاطره .. التوقيت كارثة ..لعنة لزمت احدهم ..وصل حمزة أمام المنزل يصف سيارته وبخطوات متسارعة وقلب عاشق وعينين متلهفة لرؤيتها دخل إلى المنزل ..لا احد ..

: سارة ..

هتف مناديا باسمها ولا مجيب ..

: آدم ..

نظر حوله باستغراب لم يرد احد ..حركة ما بغرفة امامه تقدم نحوها ..بتمهل ..ليجد شخصا ما خارجا منها بحركة غريبة بعض الشيء ..رجع إلى الوراء خطوتين في حذر، ثم جحظت عينيه عندما وجد من يشتهي نهش لحمه بين اسنانه ..غارقا في دمائه و لايزال مثابرا ..استند سالم على احدى المقاعد ينظر إلى حمزة وكأنه يستغيث بصمت  ..فلتت يديه ليتهاوى ارضا تدفق نافورة الدماء من صدره ..صمت حمزة .. وصمت صوت الطبيب بداخله ..صمت العشق ..وتحدثت فقط الانسانية ..اسرع بعيون متسعة يومأ له باطمئنان ..جزب احدى المفارش بجواره يسد بها الجرح دون تحريك النصل المعانق لصدره

: اتنفس .. اتنفس ..ما تخافش ..

وفارق التوقيت كارثة ..دخلت بخطوات حذرة تتجهة نحو مكتب سالم مباشرة ..لم تلحظ وجودهم ارضا بعد ..اصتدمت نظراتها بنظرة سالم قبل ان تسدل عينيه ستائرها مباشرة ..ومن ثم نظرات زهول بينها وبين حمزة ..وشهقة متأخرة بجوار لطمة وجه ..وازت هتاف الرجل الذي كان يتبعها ..

: سالم بيه اتقتل ..خياااااانة ..سالم بيه اتقتل ...

_________________________________

صراخ ..صراخ ايقظها من غفوة نومها الصغيرة ..استقامت سريعا تبسمل ترتدي خفها المنزلي للخروج ..وفجأة تجمدت اوردتها ..حركتها ..خفقاتها ..

: ساااالم اتقتل ..

طنين ما يصم اذنيها وصدى الكلمة يتردد داخلها ..رفعت يديها نحو صدرها ..وضعتها فوق قلبها مباشرة ..هنا تماما استلقت رصاصة ما بكل سرور كي يحيا هو  ..لماذا وقع تلك الجملة على قلبها يفوق الم الرصاصة ألف مرة ..عدت راكضة خارج الغرفة ..وآخر ما لمحته لطم فاطمة لوجهها وفخذيها تبكي بحرارة صارخة ..عدت راكضة نحو باب المنزل بخف منزلى منفرد والقدم الأخرى عارية ..تجمدت الدموع بعينيها كما كل شيء من حولها ..ستصل إلى المنزل وتراه ..ستلقي بنفسها بين يديه وهي على استعداد كامل لتلقي حروب وليست مجرد رصاصة فقط فداء نظرة عينيه ...توقفت خطواتها قبل الوصل إلى المنزل ببضعة امتار ..فقد كان الفارق مجرة ..حيث اللحظة الاخيرة ..جسده مسجي يختفي داخل احدى سيارات الإسعاف ..وكل شيء حوله يتلطخ باللون الاحمر ..لم ترى سيارة الشرطة اللتي يقبع بداخلها شخص ما لا تعرفه برفقة زوجة ابن عمها الباكية ..حيث مابين اللونين الأحمر والاسود غرقت في ظلام حالك 

_________________________


نهاية الرواية من هنا


روايات كامله وحصريه

روايات كامله وحصريه


🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا  

❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️


روايات كامله وحصريه


 لعيونكم روايات كامله من هنا 👇👇👇👇👇👇


رواية لمسة حب كامله


رواية هل كان ذلك حبا كامله


رواية عشقني في ماضيه كامله


رواية بناتي كامله


رواية قتلني ورحل كامله


رواية نعيمي وجحيمها كامله


رواية ملاك في عالم الشياطين كامله


رواية جبر السلسبيل كامله


رواية الصقر الجريح كامله


رواية ليلي وسجين الماضي كامله


رواية لثام الخلود كامله من هنا


رواية جميله في قلب الاسد كامله


رواية ليلي وسجين الماضي كامله


رواية الصقر والنمر كامله


رواية اختبار القدر كامله من هنا


رواية شهد القاسم كامله من هنا


رواية عشق الحور كامله من هنا












رواية بيت العيله كامله


رواية أجبرني على الإنجاب كامله من هنا


رواية صعيدي ولكن عاشق كامله من هنا


رواية زوجتي المصون كامله


رواية تار صعيدي كامله من هنا


رواية اصحاب المزاج من هنا


رواية الرغبه كامله من هنا


رواية وإذا تملكك الهوى


رواية نور عيني كامله


رواية عرف صعيدي كامله


رواية عشقها المستحيل كامله


رواية الصقر الجريح كامله


رواية عذراء علي حافة الهاوية كامله


رواية إعادة حب كامله


نوفيلا نبضي كامله


رواية نجمة القاسي كامله


رواية شهد القاسم كامله


رواية أحببت مصارع الجزء الاول


الجزء الثاني من رواية أحببت مصارع


رواية ضحية زواج كامله


رواية حور الشيطان كامله


رواية ليست خطيئتي كامله


رواية شمس ربحها القيصر كامله


رواية نيران انتقامه كامله


رواية عفريت مراتي كامله


رواية صغيرة رجل صعيدي كامله


رواية عشقت عمدة الصعيد كامله


رواية ست البنات كامله


رواية أحيت قلب الجبل كامله


رواية غنوة الداغر كامله


رواية عشق الأدهم كامله


رواية جنة الصقر



تعليقات

التنقل السريع
    close