رواية أحيت قلب الجبل الفصل الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون والخامس والثلاثون والسادس والثلاثون بقلم ياسمين محمد
![]() |
رواية أحيت قلب الجبل البارت الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون والخامس والثلاثون والسادس والثلاثون بقلم ياسمين محمد
الفصل الثالث والثلاثون
********************
كده ياماما تسيبيني من غير حتى ماتقولي انك مسافرة ..
اتسعت عينيها بزهول تضع يديها على فمها .. ابنة أختها ..! ..أدركت الآن من هو الشخص الذي لن يستطيع ولدها الرجوع من أجله ..ادركت ان قطعة مِن روح مَن سلبت روحها تقف بين يديها ..تمر جميع آلامها الآن على مر سنوات ماضية امام عينيها ..كشريط سينمائي اسود ..رتيب حد الموت ..
بين فطرة سلام ..وانتقام ..هي في صراع الآن .. حبست انفاس قصي ..ينظر إلى امه باستجداء ..
احدهم نزع الفتيل وهما الآن بانتظار الإنفجار ..تصلب جسد كل منهم ..فقط ردة فعل واحدة وينتهي الأمر ..اما عن الفطرة ..فسلامها قد غلب ...رفعت حنان ذراعيها تمسك بمرفقي يمنى تبعدها عن أحضانها ..تنظر مباشرة الى عينيها ..ذلك الجرم بكونها والدتها لم يكن لها يد فيه ..لم تمتلك رفاهية اختيارها كأم ..هكذا كانت تحدث نفسها ..تناظرها يمنى بعدم فهم .. حتى دنت على ركبتيها تحتضن وجه الصغيرة بين يديها بإبتسامة تمتزج بدموع عينيها قائلة
: ماتزعليش ..
وهناك في زاوية ما يقف شيطان الإنتقام باكيا متحسرا ..
دفعت الفتاة بنفسها إلى احضان امها كما تظن ..لتستقبلها حنان بود تغلق عينيها بقوة تضغط على شفتيها بألم ..
اطلق قصي انفاسه ..ينظر إلى امه بامتنان وقد حازت علوا كبيرا بداخله ..حمدت حياه الله سرا لمرور الأمر ..لحظات وأتى فتى توصيل الطعام ..نظرت يمنى إلى حياة باستغراب توجه سؤالها إلى حنان قائلة
: مين دي يا ماما ..؟
و مأزق آخر ..مررت حنان نظرها بارتباك بين كل من حياة وقصي الذي انتهى من أخذ الطعام مغلقا الباب ..نظر اليها يفكر سريعا في اجابة ما ..
: انا حياة خطيبة قصي ..
بابتسامة واسعة ونبرة حيوية قالتها حياة منتشله اياهم من ذلك المأزق ..تعلقت نظرات ثلاثتهم بحياة ..نظرات زهول .. وشبه ابتسامة غامضة من حنان ..ثم شهقة تفاجأ من يمنى قائلة بفرحة
: بجد ..؟ ..انت خطبت يا أبى ..؟
وهو بعالم آخر ..عالم فاقد للنهار ..عالم ليلي ...حيث نظرته المعلقة بليل عينيها مباشرة ..اذدرد ريقه يومأ لها إيجابا.. ..لتتقدم يمنى بمرح تقف امام حياة قائلة بسرور
: انا يمنى اخت أبى قصي الصغيرة ..
اسرعت حياة تحتضنها مرحبة بها ..لتتحدث يمنى توجه حديثها إلى قصي تتصنع التذمر قائلة
: امتى ..وازاي بقى تخطب من غيري ..؟ كل ده حصل وانا مش موجوده ..؟
نظرت حياة إلى كل من حنان وقصي نظرات ذات مغذي ..لتتحدث الى يمنى قائلة بمرح ..
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
: هو المطبخ فين ..تعالي نحضر الأكل سوا واحكيلك انا على كل حاجة عايزة تعرفيها..
صفقت يمنى بيديها بحماس ..لتلتفت حياة تتناول اكياس الطعام من بين يدي قصي .. تومأ له بعينيها تبتسم باطمئنان ..في نظرة مفادها "لا تقلق سأتولى الأمر " ..اتجه الفتاتين نحو المطبخ لتحضير الطعام ..جلس كل من حنان وقصي ..يسود الصمت بينهم لتقطعه حنان تنظر إليه بشفقة قائلة
: هتعمل ايه ..؟
زفر قصي بتعب ..ينظر اليها بحيرة ..لا يمتلك من الحيلة حتى قليلها .. الأمر بات معقد ..لتتحدث حنان مردفة بابتسامة تصنف جنة .. وكأنها تزيل جبالا وتلال من الهموم يثقل بها ظهره
: انا ما عنديش مشكلة يبقى عندي 3 ولاد ..انت وحياة و ...؟
صمتت والصمت هنا يتسائل عن اسم الثالثة ..لينظر لها ولدها بصمت والصمت ايضا يتسائل ..كيف لها ان تكون بمثل تلك السعة من رحابة الصدر ..كيف لروحها ان تغفر سنوات من العذاب والألم ..فاجابها بنظرات اعتزاز ..فخر بكونها امه ..
: يمنى ..
نظرت ارضا ثم رفعت نظراتها اليه مرة ثانية على نفس ابتسامتها قائلة
: انت وحياة و يمنى ..
ثم اردفت بنبرة جادة بعض الشيء
: بس هي لازم تعرف ..سواء دلوقت او بعدين ضروري هتعرف اني مش امها ..
اغمض عيونه بتعب ..لا مفر من اخبارها بحقيقة والدتها ..هو يخشى فقط عواقب الأمر عليها ..لن يستطيع خسارتها ..تنهد بثقل قائلا
: عارف ..بفكر أقولهالها ازاي بس خايف عليها ..
ثم نظر اليها بأسف مردفا بحزن
: يمنى ما بقاش ليها حد غيري ..انا اللي مربيها ..ايا كانت الحقيقة ايه مش هقدر اتخلى عنها..
التمعت في رأسها فكرة ..لن تسمح لتركه ولو بمجرد المرور كفكرة بخاطرها .. اتسعت عينيها قليلا قائلة بلهفة
: ايه رأيك لو اقعد معاكم هنا ..؟، هي دلوقتي بتعاملني على اني امها .. يمكن لما نقرب من بعض تتقبل الحقيقة بعد كده بصدمة اخف ..؟
شرد بتفكير فيما تحدثت به والدته ..بدت له فكرة جيدة ..او على الأقل حل مؤقت ..تنظر هي إليه بلهفة مترقبة تتمنى موافقته ..ستفعل كل ما بوسعها فقط لتكون بالقرب منه ..بابتسامة صغيرة ونصف ايمائة حصلت موافقته ..لينتبه كلا منهما إلى صوت ضحكات حياة ويمنى بمرح يخرجان بين يديهما صنيتين من الطعام ..وضعوا الطعام على الطاولة امامهم ..لتتحدث يمنى جالسة بجوار قصي تغمز له بعينها هامسة قرب أذنيه ..
: مش كنت تقولي ان انت غيرت مهنتك ل منقذ يا haro ..
قطب جبينه يحاول كبت ابتسامته يحك ذقنه بيده هامسا لها بدوره
: هي اللي قالتلك كده ..؟
بثقة تامة جهل سببها أومأت له يمنى تميل إلى اذنيه مرة أخرى قائلة
: بس بصراحة هي قمر و تستاهل ..
نظر إلى حياة اللتي سرعان ما احمرت وجنتاها خجلا ..قائلا بابتسامة صافية لم تزر وجهه منذ ايام
: انا بقول كده بردو ..؟
علت ضحكات يمنى قليلا ..لتدعوهم حنان إلى الطعام٠ تشاركهم اياه وحياة ..التي اخذت تسب حمشاقتها وتسب يمنى وتسب تلك الساعة اللتي قررت بها المجيء اليه والتحدث لأول مرة في أول نبضة نطقت بحبه داخلها ...
_________________________
اتسعت عينيه باستنكار ما ان لبى نداء جدته المستغيث ..تقدم منهما راكضا و رجفة داخله لم يستطيع تفسيرها ..تضاربت افكاره عند رؤيتها امامه فاقدة للوعي .. بين كيف ومتى اتت ..؟وما الذي حدث لها ..؟ ،
تختلج خفقاته بعنف ..للمرة الثانية التي يرى فيها دموع عينيها ..الأولى كانت اغاثة عصفور ..والثانية اغاثتها هي ..حملها إلى غرفته باعتبارها الغرفة الاقرب .. عندما فشل في محاولة ايفاقها ..وضعها على الفراش ..تبعته جدته تبسمل وتحوقل تلتمع عينيها بالدموع ..فأخذ هو يحاول إفاقتها مرة أخرى بلهفة يتحدث إلى جدته
: ايه اللي حصل ..؟
: ما عرفش انا اول ما فتحت لقيتها بتعيط ووقعت من طولها فجأه ..
افكاره مشتته ..مرتبك ..كاد ينسى انه طبيب ..يمكنه إسعافها ..بعد عدة محاولات ..بين قلق وخوف وتوجس.. ..ببطء شديد فتحت سارة عينيها شيئا فشيئا ..اذدرد ريقه يزفر بارتياح ..ها هي شمسه اشرقت من جديد ..لكن لحظة .. ذلك البريق العسلي لم يظهر بعد ..ما بال شمسه منطفئة ..؟..، لبضع ثوان فقط فتحت عينيها غير مبدية اي ردة فعل ..وكأنها مخدرة الحواس ..
: مالك يا بنتي سلامتك الف سلامة ..
اجفلت على صوت تفيدة فنهضت جالسة تستند بكلتا يديها على الفراش ..وهو يحدق بها ..بقسمات وجهها المرهقة ..ينتظر ردا منها يطفأ نيران قلقه عليها ..نظرت الى تفيدة ..ثم نقلت نظراتها نحو أرجاء الغرفة ..وأخيرا استقرت عسليتيها امام نظرة عينيه ..وقد آتاه الرد بإطراء رأسها تشهق باكية ..ردا لم يفي تسائلاته ..لم يطفأ نيرانه بل زادها اشتعالا ..ردا لم يفقهه ..لكن يبدو ان تفيدة قد أتقنت فهم الرد ..اشارت له برأسها بالخروج ..فلم يتحرك من جوارها وكأن أحدهم ألصقه بالأرض جوار الفراش ..اقتربت منه تلكزه بذراعه هامسة له
: استناني بره انت دلوقت ..
بصعوبة خرج من الغرفة ونظراته معلقة بها ..اغلق الباب خلفه تاركا شيئا منه بالداخل ..متى وكيف تعلق بها لا يعلم ..؟ ، اخذ يخطوا صالة المنزل ذهابا وإيابا بقلق ..ماذا جرى لها ..؟ لما تبكي بتلك الحرقة .. عقله يطرح جميع الاحتمالات الواردة ...بينما بداخل الغرفة ..قصت لها سارة عناوين ما حدث لها ..منذ وفاة والدتها ..وكانت العناوين فقط كافية ..تشهق ..تنتحب ..تتأوه بخفوت بينما صراخ يشق الكون اذا ما أتاحت له فرصة الخروج ..والماثلة امامها تبكي لما حل بتلك المسكينة ..اما بما سيحل بقلب حفيدها فكان له النصيب الأكبر من البكاء ..ضمتها إلى صدرها ..ارهقها البكاء حتى استسلمت لسلام احضانها بوهن ..شاردة بعالم آخر ..لم تدرك انها لن تسلم من ردة فعلها ..استقامت تفيدة ببطء ..تريح رأسها على الوسادة برقق تدثرها بالغطاء جيدا ..تفاجأت بها تمسك بيديها قائلة بصوت خافت تتوسلها نظرة عينيها
: ارجوكي ما تقوليلوش ..
علمت على الفور من تقصده ..يبدو انها كانت تحمل له من المشاعر ما ترفض من اجلها علمه بالأمر ..ربتت تفيدة على كتفها بإيمائه صغيرة .. تلقى عليها نظرة حسرة ..تكفكف دموعها خارجة من الغرفة ..انتفض قلبه يحثه على النهوض متلهفا يقترب من جدته بعيون متسائلة .. قابلت نظراته بنظرات مشفقه ..لم تروقه قط نظرات جدته ..بنبرة لا جدال بعدها ..أو مماطلة ..تحدث وقد ايقن بعيون جدته انها تخفي أمرا ما
: مالها ..
بتلعثم ردت
: اا..تعبانة بس شوية اصل..ااا..
:اتكلمي على طول يا تيتا ..
قالها بنبرة حادة بعض الشيء
اذدردت ريقها تنظر جانبا تتخطاه بتذمر غاضب ..يعلمها تماما ..هكذا تفعل دائما عندما تريد اخفاء شيء ما سيحزنه ..
: يوووه يا حمزة ..ما قولتلك تعبانة شوية ..سيبني دلوقتي انا مش قادرة اقف من الخضة اللي خدتها ..
تركته ذاهبة تتجه إلى غرفتها ..تركت قلبا ينبش القلق بجناباته ..تركت عقلا يطوف به سرب من التسائلات ..وغضبا كغضب مارد يحبسه صاحبه قسرا داخل مصباح صدأ .. يكاد يثور محطما المصباح ..وربما يفتك بصاحبه ..وهذا ما تخشاه هي ..ربما كان الصدأ وبرودة المصباح ..اهون من نيران فقده للأبد ...
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
_____________________________
تناظره صورته بالمرآة بشموخ فارس همام ..خاض حرب وحده ..ببسالة ونبل تغلب على المنافس منتصرا بفخر وعزة ..وشرف ..بينما بداخل عينيه ..تكمن الحقيقة كاملة دون نقصان ..الحرب لم تكن عادلة .. كان المنافس اعزل ..بينما يسن فارسنا جميع أسلحته صوبه ..انتصر حتما ..لكن من يقترب قليلا من عينيه ..سيرى حقيقة الأمر ..سيرى العزة تواسي الفخر وكلاهما ينتحب ..حيث اضحى الشرف شهيد الحرب ..اما عن الفارس ..فكان ورق ...
وقف يعدل من عمامته البيضاء فوق رأسه ..يرتدي ذلك الجلباب الأبيض ..الخاص بالعرس في عاداتهم ..يهندم شاربه ..ثم ينتهي بارتداء عبائته بنية اللون ..حيث عرسه سيقام الليلة ..خرج من غرفته بشموخ كما تبدي عادته دائما ..لكن بداخله يدرك جيدا مدى حقارته ..يدرك إلى اي مدى قد انحدرت انسانيته ...الجميع بانتظاره بالأسفل ..أمر بجمعهم لخبر سار ..ينزل درجات السلم واحدة تلو الأخرى ..ينظر له الجميع بابتسامة متلهفة لسماع ذلك الخبر عدا هي ..هيئته وحدها كفيلة بتنبأ الخبر ..و قلبها بانتظار مقصلة ..وقف امامهم قائلا
: الليلية كتب كتابي على سارة بت عمي ..
زغاريد وصياح ..ابتسامات ..مباركات ..
..صراخ ونواح ..جنون .. والهيئة صمت تام .. وجوم ..كم تمنت الآن ان تكون فاقدة للسمع كما هي فاقدة للنطق ..
أردف سالم ينحي نظره عنها جاهلا السبب ..
: العروسة ادلت مصر تجهز حالها ..على ما نوصلوا تكون كل حاجة جاهزة ..
والخبر السار ..تبدلت رائه ميم ..كان له وجه آخر ..وجه لم يراه أحد ..لم يشعر به غيرها ..وجه مدبب حاد .. مسموم ..قذفه شيطان ما يبتسم لها بتشفي ..والهدف منتصف قلبها تماما ..وقد اصاب ..ومن بين سرورهم وفرحتهم وأوامر عديدة لانهاء المطلوب قبل حلول الليل ..لم يلاحظ أحدا منهم ارتطامها بالأرض فاقدة للوعي ...
___________________________
يجلس بمكتبه يبتسم بارتياح ..أوشك على ان يلملم شمل عائلته ..هو كرجل يدرك ذلك البريق بعيون ولده جيدا كلما ظهرت حياة ..وكأب يعرف تماما مشاعر ودواخل ابنته ..ادرك انها تحبه ..ما فعله الآن أشبه بجزيرة ومنفى وقارب نجاة ..عليهما فقط ركوبه والتجديف معا للعودة ..قطع خيالاته المتفائلة ..استماعه إلى رنين هاتفه برقم شريف ..التقطه ليرد ..سرعان ما اندثرت ابتسامته ما ان رد حيث صوت شريف و نبرته المتخاذله عبر الهاتف ..
: منصور بيه ..ناهد هربت !!!
اتسعت عينيه هلعا ..القارب على وشك ألتهشم .. عاصفة ما ستثير غضب البحر دافعه امواجه لالتهام الجزيرة ..خيلاته الآن تنحصر ..بسلامة ولده و صد العاصفة ..والبحث عن شاطئ الأمان ...
_____________________________
سكون تام لا يقطعه سوى صوت مرور السيارات سريعا ..على ذلك الطريق .. وترصد ..نتيجة إصرار دام تحضيره لسنوات ..حيث كبر الولد على فكرة الثأر ..ولن يثأر لأبيه غيره ..يرى سيارة سالم على مشارف الطريق ..
:جاهز …؟
قالها بنبرة رتيبة والسؤال هنا غير قابل للأجابة ..السؤال هنا بمثابة أمر ..
: واخيرا بعد السنين دي كلاتها ..هنول مرادي ..هاخد تار ابوي ..
قالها بنبرة كالجحيم ..حقد اسود قد تربى عليه منذ الصغر ..
تقترب السيارة ..ويتضح الهدف أكثر ..يقرب سلاحه مصوبا اياه بمنتصف رأسه تماما ..يرى روح ابيه حبيسة وسينفك حصارها بضغطة واحدة ..
: وجف وجف يا واد عمي ..وجف
صوت زاعق مهرولا يأتيه من خلفه ..التفت ليجد أحدهم يشير إليه راكضا بالتوقف عن ضرب النار ..السيارة تقترب ..والفرصة لن تعوض ..والشيطان يحثه دافعا إياه نحو تحقيق الخلاص ..بينما هناك أوامر لشيطان آخر ..
فتوقف على مضض ينظر لذلك اللاهث امامه منحنيا يلتقط أنفاسه بغضب
: ايه يا ولد المحروج انت عاوز ايه ..؟
من بين انفاسه المتقطعة تحدث
: الكبير ..عيجولك ..وجف.. ما تنفذش دلوجتي ..
نظر له بعدم فهم تشتعل النيران بعينيه غضبا ..ومرت من امامه سيارة سالم وكأنها تخرج له لسانها في غيظ ..ليكمل الرجل بما أخمد تلك النيران المشتعلة بداخله قائلا ..
: عرسه الليلة ..الكبير عيجولك لازمن نعملوا الواجب في فرحه ..التنفيذ هيبجى الليلة ..وسط ناسه في جلب داره
______________________________
بشوق ولهفة ..جمع اغراضه بداخل إحدى الحقائب يستعد للسفر ..لإستعادة شقيقته ..لاستعادتها و إسعادها ..لأخذها تحت جناحه ورعايته ..ليكون لها درعا واقيا ضد مساوئ الحياة ..كلما مرت بخاطره فكرة كونها تواجه العالم وحيدة ..بمفردها ..تألمه ..هي عوض له عن أبيه الذي لم يراه قط ..و سيعوضها هو عن كل شيء ..ابتسم عندما لاح بخاطره صديقه الذي يبدو عليه غارقا في حب أخته ..التقط هاتفه ولا ضير من التسلية قليلا ..ضغط طالبا رقمه ينتظر الرد ..بعد لحظات آتاه الرد صراخ ..واستغاثة من تفيدة باكية
: ادم يا ابني .. الحق حمزه هيضيع نفسه ..
: طوفي في ايه فهميني ..ماله حمزه ..؟
قالها يستقيم بلهفة متسع العينين يتجه نحو باب المنزل
..لتجيبه تفيدة صارخة
: الحقني يا آدم مافيش وقت تعالى بسرعه ياابني ..
_________________________
قبل بعض الوقت ...
اتجه يتبع جدته بخطوات تكاد تطوي الأرض تحت قدمه ..حتى وقف امامها يحل الغضب محل قسمات وجهه قائلا
: في ايه بالظبط ..؟ يعني ايه تعبانه ..؟ انا لسه مكلمها امبارح باليل ماكانش فيها حاجه ..كانت مسافرة عند أهلها وقالت يومين وراجعه ..الاقيها مغمى عليها تاني يوم بالمنظر ده في بيتي وتقوليلي تعبانه ..؟
المارد حطم المصباح ..
اذدردت ريقها بتوتر ..تبتلع غصة مريرة لما ستلقيه بوجهه الآن .. اقتربت منه تربت على صدره دامعة
: مش من نصيبك يا ابني ..ربنا مش رايد تبقى من نصيبك يا حبيبي
الفتك كان من نصيب قلبه ..
حل الوجوم والصدمة على ملامح وجهه ..لما تقول جدته ذلك ..؟ ما الذي حدث ..؟
: ليه بتقولي كده ..؟ ايه اللي حصل..؟
تحدثت زاعقة بحدة تنبع في الأصل من خوف فقده
: اللي حصل ما يخصناش يا حمزة ..دول اهل في بعض ..وابن عمها هيصلح غلطته و يتجوزها ..احنا ناس في حالنا يا ابني مالناش دخل بحد ..
توقف عقله عند جملة واحدة ..يترجمها بجميع اللغات ..والمعنى واحد ..اتسعت عينيه فجأة ..وقد تحول الغضب بداخله إلى غول أخرق ..ينهش دواخله ..يعيد عقله صورة هيئتها منذ قليل ..دموع الإنكسار عندما تلاقت نظراتهم .."هيصلح غلطته ويتجوزها ..غلطته .." أخذت تتردد تلك الكلمة بداخل عقله ..حتى تحرك من أمامها كبركان على وشك الإنفجار يتجه إلى غرفته ..تتبعه هي مهرولة وقد أدركت عواقب ما تفوهت به ..
: حمزة ..؟، استنى يا ابني ..؟
اظلمت عيناه وكأن شيطانا ما قد سكنها ..جميع حواسه في نوبة من الغضب ..الجنون ..الإحتراق ..عندما فتح باب غرفته فلم يجدها ..بدون لحظة واحدة للتفكير ركض خارجا باحثا عن شمسه اللتي بدلت نور نهاره بظلمة القبور ...
_____________________
الفصل الرابع والثلاثون
********************
تجلس جواره بتوتر وخجل ..قلب يخفق بعنف ..وجنتين قد راق له النظر إلى حمرتهما ..لم تكن تعلم انها ستذهب اليه برفقة والدتها ..و تعود برفقته ..هي وهو فقط ..وذلك ما اضطر إليه الأمر .. ان تظل والدته بمنزلهم ..ويذهب هو ليوصل خطيبته إلى المنزل ..ليكون الأمر في إطاره الطبيعي امام اخته الصغيرة كما يدعوها ..
: متشكر ..
أجفلت على نبرة صوته رغم هدوئها ..فاذدردت ريقها تسأله بعدم فهم وقد نست الأمر ..
: على ايه ..؟
نظر إليها للحظات ثم تابع سيره بالسيارة قائلا..
: إنك انقذتي الموقف وقولتي انك خطيبتي ..
اشتدت خفقاتها أكثر ..ارتبكت ..وما زاد الارتباك وجنتيها سوى احمرارا ..رمشت بأهدابها عدة مرات ..والصورة كاملة محببة إلى قلبه .. فردت تبرر عن قصد انها فعلت فقط من أجل والدتها ..
: اصل اا..ماما يعني ما عرفتش ترد ..فإضطريت اقول كده ..
اومأ لها تلتمع عينيه بمكر وقد فهم مقصد التبرير .. ليتصنع الأسف قائلا
: بس في حاجة ما عملتيش حسابها ..
نظرت له بانتباه مهتم ..ليردف
: هتضطري تكملي الدور للنهاية ..
اتساع طفيف بعينيها ..ومازالت خفقاتها تعلو وتيرتها ..
: يعني ايه ..؟
فرد كمن يوشك على تقديم تضحية ما
: يعني انا وانتي هنمثل دور المخطوبين لحد ما نلاقي حل ..
شعور ما ولد داخلها بضيق ورفض ..ليس لفكرة الإرتباط .. بل لتمثيلها ..وها هو يرد لها الصاع بابتسامة داخلية ظاهرها أسف
: هضطر اطلبك من والدي ..خالك يعني ..
أطاح بما تبقى لها من رقة ..ولكل انثى بداخلها شخصيتين احداهما عكس الأخرى ..وهذا ما اكتشفه هو عندما ردت بنبرة مستنكرة ..حادة ..غاضبة ..تلتفت بجميع جسدها تجاهه
: هتضطر ..؟..مين قال اني هوافق اصلا ..؟
قابل غضبها ببرود ولا مبالاة قائلا
: انتي وافقتي خلاص ..انتي اللي ورطتي نفسك ..
هل نسى بشأن زواجهم كما أخبرها خالها ..ام لحديثه هدف آخر ..؟ ..تخاذلت مكانها بخزي ..تعدل من جلستها ..تنظر من خلال نافذة السيارة إلى الطريق ..ماذا يقصد بإضطراره للارتباط ..هل كان خالها محق بشأن حبه لها ..؟ ..هل أخطأت تفسير حديثه عن زوجته ..؟ وشعور أشبه بإصتدام وهم ما امام حقيقة ..وفكرة تترسخ بذهنها ..حتما اضطر هو ايضا رغما عنه قبول الزواج منها شهامة منه لا أكثر ...
يقال ان حواء لها القدرة على امتلاك الشيء ونقيضه في ذات الوقت ..الرقة والشراسة ..الثرثرة والرزانة ..الذكاء الداهي والغباء التام ..ويبدو ان الأخير يفرض سطوته الآن على جميع افكارها ..
اشتباك ما بين دموع لعينه عاصية التمعت تثور طالبة الخروج من عينيها ..و كرامة تنظر لها محذرة ..تدفعها لعدم الظهور أمامه .. وغافل هو عن تلك المناوشات بداخلها ..ابتلعت غصة ما بصعوبة تربع يديها امامها تنظر من نافذة سيارته ترفع ذقنها قائلة باندفاع
: زي ما انت ما إتورطت كده و وافقت على جوازك مني ..؟
نظر إليها بصدمة برع بأخفائها خلف معالم وجه غير مقروءه.. متى علمت بشأن زواجهم ..وازت نظرته التفاتة منها ترفع ذقنها للأعلى قليلا قائلة بكبرياء تستعيد به بعضا من كرامتها المبعثرة كما تظن ..
: انا مش موافقة ..وتقدر تقول اننا فركشنا الخطوبة أو ما حصلش نصيب ..
و مازال الغباء متحكما بشراسة ..
اما هو فلم تكن رغبته تطرف الحديث بينهما بذاك الإتجاه .. لكنه لم يرد ..لم ينكر ..ولم يبرر ..فقط صمت ..التفتت برأسها تجاه النافذة ..وما زاد صمته كرامتها سوى تبعثرا ...عضت باطن وجنتها ترغم عيونها على ابتلاع تلك الدموع ..وئدها ..حرقها .. بينما تلتمع عينيه للمرة الثانية ..وتلك المرة لم تكن إلتماعة ماكرة فقط ..بل أشد مكرا ..وابتسامة جانبية .. وضغطة قوية ..ثم ضغطات متتالية على مكابح السيارة بقدمه دون ملاحظة منها .. ارتدت اثرهما للأمام والخلف صارخة تتسع عيونها بخوف ..لتتوقف السيارة فجأة ..نظرت إليه بتسائل فزع
: ايه ده ..في ايه ..؟
زفر يحاول ان يدير السيارة مرة أخرى ..او بالأحرى يتصنع المحاولة ..لتنظر حياة حولها باستكشاف ..دب الخوف بأوصالها ..مسيطرا على جميع حواسها ..حيث طريق مظلم ..لا تستطيع تحديد هويته ..خالي من البشر تماما .. ونبرة هادئه تخبرها بأن عليها تقبل الأمر وكأنه من طبائع الكون الفيزيائية ..عندما قال قصي بلا مبالاة جالسا فوق مقعد السيارة بإسترخاء
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
: العربية عطلت ..مش هتمشي ..
حيث عليه ان يثبت لها كونه بات يفضل ذلك النوع من "ألورطه" يفضله بشدة ...
_______________________________
تهاوت جالسة على تلك الأريكة بمنزلها ..تنظر أمامها بخواء ..تفتقد احتضان والدتها بشدة ..شعور طاغي بالفقد يسيطر على جميع مشاعرها ..فقد ثقة ..حب ..امان ..سند ..ملجأ ...
تثور دموعها نزولا تحرق وجنتيها في حالة من الصمت ...صمت أباح لها وأخيرا الأنهيار ..أغمضت عيونها بقوة ..تطلق العنان لآهات أبت المكوث بجوفها أكثر .. آلام مهلكة حد الموت ..روح تحترق ..تنوح ..تمرر فقط صراخ حاد يكاد يشق ذلك السكون من حولها ..
: يا أمي ..يا أمي ..يا أمي
أخذت تصرخ ..تنادي الموتى في احتياج لضمة واحدة ..فقط ضمة لم تعثر عليها بين من يحملون قلوبا تنبض بالحياة ..كفت عن الصراخ تتهاوى أرضا ينشيج باكي ..يتخافت صوتها بانهاك ..ترتجف هامسة وقد تمددت تلامس وجنتها جفاء الأرض ..
: سبتيني ليه ..سيبتيني لوحدي ليه ..ارجعي يا أمي ..ارجعيلي انا ماليش غيرك ..
________________________
قادته شياطين غضبه نحو منزل منصور مباشرة ..صورتها لا تبارح عينيه ..كلماتها يتردد صداها بداخله ( ماما متوفية....بابا مات ..مات من زمان ..) يقترب من المنزل تشتعل عينيه بحمرة الغضب ..تحترق أنفاسه ..( مسافرة ..عند اهلي....ده ابن عمي ..عن إذنك ..) ..يصك اسنانه ببعضها قهرا ..يكاد يسحقها ..وكلمات جدته تجول برأسه تزيد من اشتعال نيرانه كالوقود ..( مالناش دعوة يا حمزة دول اهل مع بعض.....ابن عمها هيتجوزها ويصلح غلطته ) ...وهنا قد حطتمت كلماتها آخر حصون ثباته ..أخذ يطرق باب منزل منصور بعنف ..بجنون .. بغضب يكفي لإحراق الكون ..فتحت الخادمة الباب بزعر تنظر له بخوف ..لينطلق الى داخل المنزل زاعقا ..
: سارة ..سارة ..
لترد الخادمة سريعا بخوف
: انسة سارة مش هنا .. مسافره ..
التفت لها ..بوجوم صادم ..لم تأتي إلى هنا ..!
لم تلجأ لأحد غيره ..!.. ليزعق بألم ..بحدة ..باحتراق ..
: انداهيلي أي حد أكلمه ..
بتلعثم وخطوات خائفة إلى الخلف ردت الخادمة تجيبه بارتباك
: مااا مافيش ححد هنا والله العظيم ..كككلهم خرجوا ..
يلهث ..يعلو صدره ويهبط ..يرتجف قلبه بعنف ..أين هي ..؟ أين ذهبت ..؟ ..وتصور له خيالاته أسوء الإحتمالات ..بنظرات حائرة ..يشد علي شعر رأسه للخلف بعنف خارجا من المنزل ..ليتفاجأ بصديقه يصف سيارته بأهمال يهرول ناحيته راكضا ..(أخبرته تفيده بما حدث ليغلق الهاتف معها متوجها بسرعة البرق نحو منزل منصور ) ..والقلق يتجسد بنظرة عينيه ..وقف امامه قائلا بلهفة
: هي فين ..؟
زعق فيه بحده ..دافعا اياه بصدره قائلا
: وانت مال أهلك ..؟ إبعد عن وشي يا آدم ..
تخطاه خارجا ..ليمسك آدم بذراعه يلفه إليه صارخا
: سارة فين يا حمزة ..؟ اخت..
ولم يستطيع إكمال جملته حيث صب المارد عليه جام غضبه ..يكيل له لكمات متتاليه زاعقا ما ان نطق بإسمها
: قولتلك ابعد عن وشي ..ما لكش دعوة بيها ..
ارتد ادم خطوات للوراء تآثرا بلكمات حمزة ..ليتركه الأخير ذاهبا ..بينما أسرع آدم يقبض على تلابيب ملابسه من الخلف يرد له ما تلقاه منه من لكمات قائلا بتقطع يتناسب مع كل لكمه ..
: انت ..اللي مال ..أهلك ..بأختي ..
أنحني حمزة للأمام قليلا ..يمسح خيطا من الدماء اندفع يسيل من جانب فمه ..يلهث باستيعاب آخر كلمة ..(أختي ) ...بأنفاس متقطعة سأله بعدم فهم
: أختك ؟ ..هي مين دي اللي أختك ..؟
والآخر يلهث بدوره ..يزعق بغضب قائلا
: سارة ..سارة أختي يا حمزة ..تفيدة حكيتلي ..هي فين ..؟
وقف كل منهم صامتا لا يسمعان سوى صوت لهاثهما ..يحاول حمزة فهم ما تفوه به آدم ..ليتركه الأخير بنفاذ صبر راكضا نحو منزل منصور ..بعد دقيقة واحدة ..خرج آدم كالإعصار يركب سيارته ..وحمزة مازال واقفا بمكانه يحاول استيعاب قوله ..ليركض نحوه مباشرة ما ان رآه يتحرك بالسيارة .. فتح الباب يجلس جواره دون كلمة واحدة ..تشتعل براكين في عيني كل منهم ..تحرك بالسيارة مصدرا صريرا صارخا أثر احتكاك العجلات بالأرض ..يتجه بسرعة صاروخية باتجاه منزل أخته كمل علم سابقا حسب ما جمعه عنها من معلومات ...
_____________________
نظرت له تبلع لعابها بخوف ..تعيد النظر حولها فلا ترى سوى ظلام ..فتح الباب بجواره خارجا من السيارة ..ليتفاجأ بها تتشبث بأكمام سترته بقوة ..تتسع عيونها ..ترتجف حدقتيها بزعر ..تختنق نبرة صوتها قائلة
: رايح فين ..؟
نظر إليها بتفحص .. للمرة الثانية يراها على تلك الحالة من الخوف المبالغ به .. ذلك الإرتجاف ..ذلك الخوف ..حالة الرهب التي تبدو عليها الآن ..يدركها تماما .. يعرفها عن ظهر قلب ..يدرك انها نتيجة حدث ما ..حدث بمثابة عدو ..حدث مؤلم يظل عالقا بالذاكرة لا ينسى ..أي ألم مرت به حسنائه ..؟
: هشوف العربية عطلت ليه ..
قالها بإيمائة ونبرة مطمئنة ..لتترك ملابسه بقلب يرتجف ..تتعرق بغزارة ..وبررودة قاسية تجتاح جسدها .. لفت ذراعيها حول نفسها ..تغمض عينيها تحاول تنظيم أنفاسها ...بينما يرفع هو غطاء السيارة يخرج هاتفه مغلقا إياه ..ينزع إحدي اسلاك بطارية سيارته ..ثم أغلق الغطاء مرة أخرى ..ركب بجوارها .. ينظر أليها بقلق ليسألها وهي مازالت على حالتها قائلا
: حياة ..؟
نبرة صوته سكن .. أمان .. فتحت عينيها تنظر إليه متنهدة براحة ليردف
: انتي كويسة ..؟
اذدردت ريقها بتوتر شديد تومأ له عدة مرات ..
ليدير السيارة مرة أخرى ..وتلك المرة لا تصدر أي حركة أو صوت ..نظر إليها متحدثا بجد أتقنه جيدا
: شكلها كده مش هتدور ..اكيد عايزة ميكانيكي ..
نظرت إليه تتسائل بعدم فهم ..
:يعني ايه ..؟ طب كلم اي حد يجي يلحقنا ..
كبت ابتسامته بصعوبة يتحسس جيوبه لينظر لها في صدمة قائلا
: الظاهر نسيت تليفوني في البيت ..
بدون تردد ..او تفكير لجزء من الثانية .. فتحت حقيبتها تخرج منها هاتفها تناوله إياه قائلة بلهفة ..
: خد تليفوني اتكلم منه ..
جز على اسنانه غيظا ..ضاعت الفرصة ..أخذ الهاتف من بين يديها على مضض ..يفتحه ..سرعان ما ارتسمت على شفتيه ابتسامة مبهجه لم يستطيع كبح جماحها ..حيث محاسن الصدف كانت من نصيبه ..فرد قائلا
: تليفونك فاصل شحن ..
أخذت الهاتف من بين يديه بعنف طفيف.. تضغط على زر تشغيله بقوة ..ترتبك فيقع الهاتف من بين يديها لتتحسس تحت قدميها حتى وصلت إليه ..تكاد تبكي ..وهو يصر على معرفة السبب ..ذلك الخوف الشديد ..تلك الحالة من الرهاب ..حتما لها سبب ..نظرت حولها مرة أخرى تلتفت له تختنق بعبراتها قائلة
: يعني إيه ..هنفضل هنا ..دي حتة مقطوعة ..
: انا معاكي ..ما تخافيش ..
قالها بنبرة حانية يحتوى بها خوفها ..نبرة أشبه بإحتضان ..لكن الأمر لا علاقة له بحاجة إلى إحتضان او ما شابه ..الأمر أكبر مما يظن ..وهذا ما سيدركه متأخرا ..لفت ذراعيها حولها مرة أخرى ..تغمض عينيها ..تحاول تنظيم أنفاسها ..ترتجف ...دام الصمت بينهم لبعض الوقت ..ليقطعه بروي و صوت هاديء
: وانا صغير ..كنت بخاف انام لوحدي ..حتى لو النور مفتوح ..
فتحت عينيها ..تصغي إلى ما يتفوه به ..ليكمل شاردا ينظر امامه بجمود
: في مرة ..قومت مفزوع .. لقيت النور مطفي وامي مش جمبي ..
توقفت عن الإرتجاف ..جذب انتباهها إليه ..لكنها مازالت تحتضن نفسها في خوف ..فأردف قصي مكملا لازال على جموده لكن تفيض عينيه بنظرة من الحزن
: صرخت ..ناديت عليها ..ما ردتش ..خرجت من الأوضه جري بعيط ..روحت صحيتها ..اقولها اني خايف ..اني ما بعرفش انام لوحدي ..
التفتت إليه تحل وثاق يديها تتسارع خفقاتها بشدة ..وومضات من الظلام تعج بخيالها ..ليلتفت اليها بدوره ..وكان لها السبق ..باعتراف احدهم ..حيث أردف بحزن يلفه الانكسار قائلا
: لأول مرة في حياتي ..أعرف يعني إيه ندم ..ندمت اني قولت انا خايف .. اني عرفتها نقطة ضعفي ..
عقدت حاجبيها بتعجب تسأله باستفهام ..
: ليه ..؟
ابتسم ساخرا يشرد بتلك الذكرى التي كان لها أثرا قويا في نفسه ..لن ينساه أبدا ..أثرا يمقته ..و يمتن له كل الأمتنان ..
عشان استغلت نقطة ضعفي ..والسبب عرفته متأخر اوي ..من أيام بس ..
بنبرة فضوليه متسائلة ردت
: إزاي ..؟
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
ليكمل ومازال على شروده بجمود
: ضربتني بالقلم ..ودخلتني اوضه ضلمه .. قفلت بابها عليا بالمفتاح ..وسابتني ..
شهقة صدمة خرجت منها ..تليها دموع لا آخر لها ..كيف توجد قلوب بلا رحمة إلى هذا الحد ..
أظلمت عيناه ..تنكمش تعابير وجهه بغضب ..بألم ..مردفا بهدوء ظاهري بينما أعادت له الذكرى زعر اللحظة ..ظلامها ..
: غمضت عيني مافتحتهاش .. فضلت اصرخ ..انده عليها ..أخبط بكل قوتي على الباب ..ما ردتش عليا ..
تكتم شهقات بكائها بيديها ..تنساب دموعها فوق وجنتيها بلا توقف ..
لأول مرة يبيح لنفسه التحدث في ذلك الأمر ..وشعور مريح يتسلل نحو روحه ..
: فضلت صاحي طول الليل خايف... خايف اروح في النوم ..خايف افتح عنيا .. فضلت على كده فترة ..كل يوم تحطني في الاوضه الضلمه ..وتقفل الباب وتمشي ..
نظرت اليه بزهول ..تتعجب وجود تلك القوة بطفل صغير ..عندما أردف قصي وقد تحول الحزن بداخل عينيه إلى نظرة ثقة ..نظرة ثاقبة ..نظرة تحدي ..
: فكرت في الوقت ده ان كل اللي بيحصلي عشان قولت انا خايف ..لو ماكنتش قولت كده على الأقل كنت هنام في اوضتي والنور مفتوح ..
صمت قليلا ..ثم ابتسم لبرائته التي اهدته طوق النجاة..مردفا
: فتحت عيني فجأه ..وتخيلت الضلمة بتقرا أفكاري ..والكلام اللي بردده جوايا ..خوفت أكتر تكتشف اني بخاف منها ..لتعرف هي كمان نقطة ضعفي .. لحد ما قررت اقنع نفسي ..ان الضلمة ما بتخوفش ..انا خايف منها لأني عاوز أخاف ..انما هي ما بتخوفش ...
نظر اليها يبتسم بهدوء وكأنه يمرر مزحة ما وليست مآساة ..مردفا
: قررت اصاحبها .. تخيلتها صاحبي ..بقيت أتكلم ..اكل اشرب ..ألعب ..مع الضلمة ..ما بقيتش استنى لما تيجي تاخدني تحبسني وتقفل الباب ..
نفى برأسه مردفا
: بقيت اطلع لوحدي ..ما كانش تعود ..كان تحدي .. طلعت منه كسبان ..
نظر امامه مرة أخرى يكمل قائلا
: كسبت صاحب ما بقيتش اخاف منه .. لما بطلت أخاف بطلت تهتم بحبسي في الأوضه .. عرفت ان مهما كنت خايف ما أقولش ..ما ابينش نقطة ضعفي لحد ..اي حاجة كنت بخاف منها بعد كده ..كنت اطلع الأوضة الضلمة ..اقفل الباب ..واحكي .. واخرج بعد كده مش خايف ..
حتما كان انتصاره مربح ..اكتسب قوة تفوق عمره بمراحل ..لكنه لم يدرك حينها انه ترك جزء منه بتلك الغرفة ..بذلك الظلام ..شيء ما لا يمكن تعويضه ..حيث قايضه الظلام سالبا منه طفولته ..برائته ..نقاء فطرة شاب الظلام جزء منه ...
نظرت إلى الفراغ تستمع إليه شاردة بجمود ..بظلامها الخاص ..ترى الآن ذلك الركن المعتم بذاكرتها ..منزل فارغ ..و فتاة صغيرة بضفيرة مشعثة ترتجف بخوف ..تختبأ تحت مكتب غرفتها الصغير تضم ركبتيها إلى صدرها باكية ..تنتظر عودة والدتها ..حيث خرجت في جولة قصيرة لكنها لم تعد .. تأخرت ..تأخرت كثيرا ..
يعود والدها في كل صباح ..هيئته تخيفها ..يهرتل بكلمات لا تفقه لها معنى ..يتخبط مستندا إلى الأشياء من حوله ..ينظر اليها ضاحكا بصخب كلما سألته عن عودة والدتها ولماذا تأخرت ..ضحكاته تصيبها بالفزع ..فتركض هاربة نحو غرفتها ..تحتمي تحت سقف مكتبها الصغير تضمها جوانبه في شبه إحتضان ..ستنتظر والدتها ها هنا .. ستعود ..وإقتحام مفاجيء ..ثم صرخة خوف إثر جذب عنيف ..والجزء الأكثر ظلاما ..ذلك الجزء الذي لم تخبر عنه أحدا قط ..ربما طمست عتمته على ذاكرتها ..حيث نزع والدها قناع وجهه ..ليظهر لها وجهه الحقيقي ..شيطان تتسع عينيه بخلل .. يضغط على ذراعها الرقيق بعنف ..يتحدث بغرابة ..
: عاوزة تعرفي ماما اتأخرت ليه ..؟
تتسع عينيها بفزع ..قلبها كعصفور يرفرف داخل صدرها ..تتساقط دموعها لا تعلم لماذا يفعل والدها هكذا ..مال عليها لتبتعد بخوف للوراء ..اقترب هامسا بفحيح قرب أذنيها ..
: عشان ماتت ..انا قتلتها ..مش هترجع تاني ..
كانت صغيرة جدا .. لكنها كانت بالقدر الكافي لإدراك ما يقول ...بكت صارخة تنفي برأسها بين يديه ..ليضحك هو بخفوت ..ثم علت ضحكاته بصخب شيئا فشيئا خارجا من الغرفة .. والصغيرة في نوبة بكاء .. فزع ..صراخ ..حتى غفت رغما عنها .. تصر على الإنتظار .. تنعت ما قاله لها بالكذب ...
عادت من شرودها .. وفي تلك الحالة لم يأخذ منها الظلام شيئا قط ..بل ترك بداخلها جزء منه . ..لن تستطيع التخلص منه .. دمعات حارقة ..بمذاق الموت ..تتساقط بغزارة من عينيها .. لم تخبر أحد بشأن همس والدها في ذاك اليوم .. ليس لإعتقادها بأنه كذب ..فقد صدق الشيطان ..وكفت عن الانتظار .. حفرت حفرة ما ..بقاع الذاكرة..انتقت البقعة الأكثر ظلاما.. ثم ألقت فيها بما حدث في ذلك اليوم ...نسته تماما .. لكن يبدو ان أحدهم نبش القبور ..ليطفو ظلام القاع فوق سطح مخيلتها ...
نظر إليها بدوره وشعور ما يلح عليه بشدة لاحتضانها بين ذراعيه .. مد يديه دون تردد نحو وجنتها يزيل تلك الدموع بحنو .. فظلت على جمودها لم تبدي أي ردة فعل .. تأكد انها واجهت ظلاما ما ..ربما تغوص به الآن .. تسارعت خفقاته قلقا .. ومخافة عليها من الغرق جذبها سريعا نحو أحضانه يضمها إليه برفق ..يحيطها بذراعيه ..يشدد من ضم رأسها إلى صدره ..فكانت أحضانه أشبه بشاطيء النجاة ..تنهد مغمضا عينيه ..أراد ان يبثها بعض الإطمئنان ..فكان له المثل ..أسدلت ستائر ليل عينيها رغما عنها .. تسكن ظلاما من نوع آخر ..رفقت بها أفكارها تمنحها غياب مؤقت عن الوعي ...
___________________________
دقائق ..بعض دقائق فقط كانت فارقة ...وصلت سيارة آدم متوقفا بها امام منزل سارة ..نزل حمزة يسبقه بخطوات سريعة ..يشير باتجاه المنزل قائلا ..
: هو ده ..؟
أومأ له آدم راكضا بدوره نحو باب المنزل ..القلق يتجسد بنظرات كل منهم ..لهفة طاغية الحضور ..والمشاعر تختلف ..بين عاشق محب ..ورابطة دم يرافقها خوف أب ..وكانت الصدمة بمثابة ثقل ضيف لا رغبة لهم في استقباله ..وقف كل منهم متسع العينين ..خفقاتهم تشتد وتيرتها .. يكاد يسمع كل منهما صوت نبضات الآخر وكأنها موصلة بجهاز ما ..حيث باب منزلها مفتوح إلى آخره ..ابتلع كل منهم غصته يتقدمون بترقب ..غافلين عن تلك الدماء التي يخطو كل منهم فوقها ..دخلا إلى المنزل لينادي آدم زاعقا بإسمها ..
: سارة ..؟
مازال كل منهم يستمع نبضات الآخر ..وقد حل ثقل الضيف على قلوبهم لتتسارع الخفقات أكثر .. اتسعت عينيهم ينظر كل منهما إلى الآخر ..عندما لاحظوا تلك الفوضى بالمكان ..وبقعة دماء واسعة إلى حد ما ..يستريح جوارها وشاح رجالي علم حمزة سريعا صاحبه ..همسة خاوية خرجت منه بإسمها
: سا..سارة ..
قطرات دماء صغيرة ..تابعة لتلك البقعة الأم ..يصوبون انظارهم أرضا بزعر ..يتتبعا سير قطرات الدماء ..حتى خرجا من المنزل وما زالت القطرات ممتدة ..توقف كل منهما فجأة .. يتوقف معهم صوت نبضاتهم ..وصفير تام ..يعلن نهاية ما لقطرات الدماء بمنتصف الشارع تماما ...
___________________________
دمتم في حفظ الرحمن 🌸💙
الفصل ٣٥ و ٣٦
الفصل الخامس والثلاثون
***********************
قد تعني الهزيمة موت ..اما الاستسلام فسقوط
الموت في الأولى عزة ..علو ..مجد
اما السقوط في الثانية عار ..ذل ..مهانة
______________________
توقفت السيارة في وسط الطريق حيث أحد كمائن الشرطة ..دنا الضابط ناظرا داخل السيارة يحدث السائق بإقتضاب ..
: رخصك وبطاقتك ..؟
ناوله الرجل اياهما ..ليتحقق منهما ناظرا مرة أخرى داخل السيارة قائلا بإيمائة صغيرة دون ابتسام
: الف مبروك ..
ليرد سالم بحفاوة مصطنعة
: الله يبارك فيك يابيه ربنا يحفظك ..
ثم انطلقت السيارة مرة أخرى ..
(الف مبروك )
انتقلت تتسرب إلى مسامعها بثقل كابوسي ..
(الف مبروك )
تسللت عبر ذلك الضباب الذي يلف أفكارها..
(الف مبروك )
يتردد صداها داخل فراغ روحها ساخرا ..حيث الصورة عروس تطرأ برأسها خجلا في سكون ..بينما لم يكن الإطراء سوى كسرا ..اما السكون فسقوط ..وبين هزيمة واستسلام نالت هي الأنصاف ..هزيمة دون موت وسقوط بلا استسلام ...نظر إليها نظرة جانبية يتحسس ذلك الجرح أعلى ذراعه قرب كتفه ...
Flash back
تمددت على جنبها أرضا في سكون كورقة خريف جافة ..تنظر الى الفراغ أمامها بعيون متورمة ..مازالت دموعها تتساقط بصمت لا يقطعة سوى تلك الشهقات المتتالية ..انتفضت بفزع ما ان استمعت إلى رنين جرس المنزل ..استقامت بانهاك وعيون شبه متسعة تنظر من خلال ثقب الباب ..قبضت على ملابسها بذعر ترجع خطوات عدة إلى الوراء تعثرت في شيئا ما فسقطت ثم قامت سريعا وعيونها معلقة بباب المنزل ..حيث تجسد ظلامها واقفا خلف الباب ..التقطت هاتفها سريعا تحاول الإستغاثة بأحدهم ..بيد مرتعشة ..وجسد يرتجف ..وانفاس كالجليد ..حاولت الإتصال بمنصور ..بصديقتها ..لم تلقى إجابة فهواتفهم مغلقة .. مازال جرس الباب يرن كناقوص بداية حرب.. أو موت ..
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
لا يوجد أمامها سوى شخص واحد ..رقمه مدون بشاشة الهاتف أمامها ..شخص تأبى كرامتها او ما تبقى منها الإستغاثة به مرة ثانية بعد إستماعها لحديث جدته ..وبين ضعف وخوف و كرامة أبت الخضوع ..انبعثت قوة ما تحثها على الإنتقام ..ركضت سريعا بارتجاف نحو المطبخ ..و فكرة الخلاص تتهيأ امامها في سكين حاد بين يديها ..باتت الأنفاس حارقة ..اشتعلت نيران داخلها تدفعها لرؤية دمائه بين يديها ..فتحت له باب المنزل ..تخبئ يديها خلف ظهرها بالسكين ..دخل سالم ببطء وابتسامة جانبية ساخرة تؤكد لها هزيمتها أمامه ..توقف يوليها ظهره ..أغلقت هي باب المنزل ..تنظر إليه صدرها يعلو ويهبط في تأجج غافل هو عن صرخات نيرانه تعطشا لرؤية لدمائه ..التفت لها قائلا باستهزاء
: كيفك يا عروسة ..؟ بجى تمشي لحالك اكده من غير ما تخبري جوزك ..؟
اقترب منها خطوتين يضيق عينيه مردفا بنبرة مهددة
: اني هعديهالك المرة دي ..عشان كانت بمزاجي ..حاجة كنت عاوز اوصلها ..
ثم ابتسم بانتصار مردفا
: و وصلت ..همي جدامي عشان نلحجوا نوصل ..البلد كلاتها مستنيانا ..همي يا عروسة ..
لم تبدي أي ردة فعل ،فقط تتظر إلى عينيه بغضب ،تحترق أنفاسها ..إقترب منها خطوة أخرى ،هيئتها امامه أصابته بوخذة داخل ضميره ..إذا كان يحمل بقاياه ..ليتحدث بنبرة جافة رغم هدوئها
: بصي يا بت الناس، اني ما جورتش عليكي ..حجك و نصيبك من ريع الأرض والتجارة هتاخديهم على داير مليم ، مالياش صالح بيهم ..أكتر من إكده ما تحلميش ..وهتبجي مرتي جدام الناس و جدام ربنا ..
: ربنا ..؟ ، وانت ما عملتش حساب ربنا ده ليه ..ما افتكرتوش ليه قبل ما تضيعني وتضيع حياتي ..
قالتها بصراخ حارق ..تتناثر دموعها حول وجهها بعيون متسعة جاحظه غضبا تلهث كمن تعدو في سباق ما .. ولمحة من الألم مرت بنظرة عينيه ..قبضة ندم وحزن تعتصر داخله ..أردفت بانهيار و دموع حارقة توجه اليه نظرات حسرة وكره قائلة ..
: ليه ..؟ عشان الفلوس ..؟ ،الورث..؟ ..كنت خدتهم ..كنت خدت كل حاجة وسبتني ..
شرد للحظات ثم تنهد بثقل يمد يديه نحو مرفقها قائلا بلا مبالاة
: يلا عشان ما نتأخروش ع...
: أوعي إيدك ما تلمسنيش ..
قاطعت حديثه وامتداد يديه صارخة تطعنه بذلك السكين بين يديها بصدره ..وفي حركة سريعة منه تفاداها ممسكا بيديها والسكين معا .. لتصيبه بجرح غائر أعلى ذراعه قرب كتفه ..ليتحدث بغضب متألما ..
: هتعملي إيه يا بت المركوب ..عاوزة تجتليني ..؟
تتحرك بعنف بين يديه تدفعه بكل قوتها تحاول الفكاك منه ..ليتحدث قرب أذنيها بما جعلها تسكن تماما في زهول ..في ظلام آخر أحلك سوادا ، بنبرة حارقة ضاغطا على أسنانه يكاد يسحقها غضبا
: اسمعيني زين يا بت عمي ، لو لوعتي معايا وركبتي راسك الجزمة دي ..ديتها رصاصة.. وهلبسك اسود على دكتور البهايم حبيب الجلب ..
قال ما قاله ثم تركها تشرد بخوف امامها ..تعيد كلماته بثقل ..ببطء داخل رأسها ..التفتت إليه تنظر له بخوف ..وقد حصل هو على ما يريد ..تلك النظرة التي ستنصاع بها تحت أوامره ..ليردف بتوعد قائلا
: عجلك في راسك .. تعرفي خلاصك ..جدامي يلا ..
جذبها من مرفقها كالمغيبة خارجا بها نحو تلك السيارة اللتي كانت تتبعها منذ خروجها من البلدة ...
_______________________
: يعني ايه ..إزاي هربت يا شريف ..؟
هتف بها بمنصور بصوت جهوري غاضب امام باب غرفة العناية بالمشفى ..ليحاول شريف تهدئته قائلا
: اهدى يا منصور بيه ..أرجوك اهدى واحنا هنتصرف ما تقلقش ..
نظرة جنون وابتسامة ساخرة وصوت هادئ وجهه منصور إليه
: أهدى ..؟
ثم تحولت نبرته إلى نبرة حادة زاعقة مردفا
: واحدة خطفت ابني وحرمتني منه 25 سنة ..و متهمة في جريمة قتل ..عيلتي في خطر بسببها ..وتقولي اهدى ؟
رد شريف بتروي مازال يحافظ على هدوئه
: ارجوك يا منصور بيه العصبية دي مش هتساعدنا في شيء ..
تركه منصور تتزايد نيران غضبه ..و وقودها الخوف .. زاعقا في رواق المشفى
: انا عاوز مدير المستشفى ..إزاي مريضة في غيبوبة متهمة بجريمة قتل تهرب كده بكل سهولة ..إزاي ..؟
وفي آخر الرواق يتقدم إليه طبيب ما بخطوات سريعة يعدل من نظارته بارتباك ،وقف امامه قائلا ..
: انا المدير ،أرجوك يا فندم حافظ على هدوئك ..انت في مستشفى م...
ليقبض منصور على تلابيب معطفه الطبي يهزه بعنف قائلا بغضب
: انا عاوز أعرف حاجة واحده بس ..ازاي كان عندها غيبوبة وتهرب ..؟
اتسعت عيني الطبيب بخوف مما يواجهه من شرارات تنبعث من عين منصور فحاول شريف تخليص الطبيب من بين يديه ليردف الطبيب قائلا بنبرة تقريرية سريعة ..
: يا فندم ما يصحش كده ..المريضة جات هنا في حادث كسر مضاعف في الذراع والكتف ونتيجة اصتدام تضرر الرأس فدخلت في غيبوبة مؤقتة ودي ممكن تفوق منها في اي وقت ..
انهى كلامه ينظر إلى منصور بفزع ..ليتركه منصور بنظرات حائرة ثم ترك المشفى بأكمله خارجا منه يحاول الاتصال بقصي ..فكانت الإجابة انه مغلق ..تفاقم الخوف بداخله حتى استطاع تذوق مرارته بحلقه ..ليحاول التماسك والاتصال مرة أخرى ولا مجيب ..ليتصل بحنان وما ان ردت حتى سارع قائلا بلهفة وقد تسلل لها الخوف من خلال نبرته بالهاتف
: حنان انتو كويسين..؟ قصي فين ..؟
اذدردت ريقها ترد بترقب مستمع
: قصي بيوصل حياة البيت ..في ايه يا منصور ..؟
أغمض عينيه بقوة متنهدا بتعب قائلا
: ناهد هربت ..
جملة واحدة كانت كفيلة بحبس أنفاسها ..تهاوت على المقعد خلقها بزعر يخرج صوتها خفيض جدا تكاد تتحدث بلا صوت
: هه..هربت إزاي ..؟
زفر منصور يجيب عبر الهاتف
: هربت من المستشفى ..المهم اقفلي عشان اتصل بحياة قصي تليفونه مقفول ..
اتسعت عينيها تتسارع خفقاتها بعنف تغلق الهاتف وصوت خاقت هامس يخرج منها بإسمه ،،
: ابني ..مازن ..
________________________
بداخل منزل يبدو عليه القدم ، مجلس عائلة يترأسه شيخ كبير ..دخل حفيده في تبجل واحترام ينحني مقبلا يديه ثم جلس جواره قائلا بحنق
: كنا خلصنا عليه على الطريج يا جدي ..ما جادرش اصبر لآخر اليوم لاجل اشفي غليلي واخد بتار ابوي ..
نظر اليه الجد بفخر وابتسامة صغيرة قائلا بصوت متحشرج رخيم ..
: كله بآوانه يا ولدي ..كله بآوانه ..
تنهد بنفاذ صبر ليردف الجد
: لولا وصية ابوك الله يرحمه وهو بيموت بين ايديه انك انت اللي تاخد بتاره ..كنت خليت حد من اعمامك يشفي غليلي وفجعتي في ابوك من زمان ..لاجل يرتاح في تربته صبرت،واستنيت لما عودك شد وجه آوان رد الدم ..
نظر اليه حفيده تشتعل عينيه بنار الثأر ،تلك النيران التي لن تخمدها سوى إراقة الدماء ..ليكمل الجد بحقد
: هتنفذ الليلة في عز فرحته ..هتاخد تار ابوك وتريحه في تربته ..هترفع راسنا وسط البلد بعد ما كسرها حزننا على ابوك يا ولدي ..
التمعت عينيه بابتسامة جانبية يرى مراده على وشك التحقق ..تنهد بحماس يستأذن جده خارجا استعدادا للأخذ بالثأر ...
__________________
فتحت عينيها بتثاقل ..وألم حاد يدور داخل رأسها ..رفعت يديها تمسك رأسها بتأوه ..سرعان ما اكتملت الرؤية لديها لتجد امامها مجرد ظلام راكض عبر نافذة السيارة ..انتفضت بعنف تنظر حولها فوجدته يسوق السيارة بهدوء ..لتتحدث بعدم فهم ..
: ايه اللي حصل ..؟
نظر اليها .. إلى عينيها مباشرة لعدة لحظات .. ثم تحدث بنبرة مستنكرة ..
: مش فاكرة ايه اللي حصل ..؟
ضيقت ما بين حاجبيها تحاول التذكر ،تنفي برأسها قائلة
: انت ..كنت بتحكي انك اتحبست في اوضة ضلمة وااا ..
صمتت تتنهد متذكرة حديثه بالكامل ..و تلك الذكرى العابرة دون موعد ..لكنها حقا لا تذكر شيء آخر ..لتسأله بعدم فهم مستغربة ..
: افتكرت افتكرت ..بس انا نمت ازاي ..؟
وتذكرت انه كلما مرت تلك الذكرى بمخيلتها تفقد الوعي مباشرة ..تذكرت بعد فوات الأوان
: في حضني ..اول ما خدتك في حضني نمتي ..
اجابها بابتسامة مراوغة وصدق تام ..لتلتفت إليه سريعا حتى كادت رقبتها ان تكسر ..نظرت اليه بعيون متسعة قائلة بحدة
: ايه اللي انت بتقوله ده ..؟ انت اتجننت ..؟
رد عليها بهدوء
: مش مصدقاني ..؟
لترد ومازالت الحدة بصوتها
: لا طبعا مش مصدقاك ،انت كذاب ..
: جايز ..
والرد غير عابئا منه بتهمة الكذب ..لتنظر هي أمامها غاضبة من ادعائه نومها بأحضانه ..لتلاحظ سير السيارة بسرعة وسلاسة ..اتسأله مرة أخرى
: انت لقيت ميكانيكي فين..؟
لم يلتفت لها بل رد ناظرا امامه
: ما لقيتش ..
: اومال العربية مشيت ازاي ..؟، مين صلحها ..؟
: انا ..
يبدو ان صدقه هذا سيلازمه طويلا ..ضيقت عينيها لما مر بخاطرها ..لتسأله بشك
: و مين عطلها ..؟
نظر اليها يحاول كبح جماح ابتسامته بصعوبة ثم نظر امامه بدون رد ..وتنظر هي اليه بترقب ..لتتسع عينيها بصدمة عندما آتاها رده قائلا بأريحية
: أنا اللي عطلت العربية ..
ثم اخرج هاتفه يضعه امامه بدون نطق ..وهي في حالة زهول وغضب ..ذلك الخوف وتلك الحالة التي تكره دائما ان تكون عليها ..ذلك الظلام الذي تمقت مروره بذاكرتها ..كان هو المتسبب فيه عن قصد ..بنبرة هادئة تعاكس ذلك الاشتعال بداخلها رغم حدتها
: انت اللي عطلت العربية ..وما نسيتش تليفونك زي ما قولت ..وقفت بينا في مكان مقطوع وضلمه ..تقدر تقولي ليه ..؟
والإجابة لم تكن تتوقعها تماما ..رد بتأكيد وكأنه يطمئنها
: على فكرة انا خدتك في حضني بس ..ما تخافيش ..تقريبا في منوم في الجاكيت ..اول ما حضنتك نمتي على طول ..
تلون وجهها بحمرة قانية ..مابين خجلا وغضبا تجيب مبررة بعيون تلتمع بها الدموع ..ترد سريعا دون توقف
: على فكرة بقى انا ما نمتش انا فقدت الوعي ودي حالة بتجيلي لما بفتكر حاجة معينة بيبقى غصب عني ما بحسش بعدها بأي حاجة ..وانا مش فاكرة اساسا اللي انت بتقول عليه ده ..
اذدردت ريقها تتنفس سريعا و نظرة ندم لاحت بعينيها لما افشت به من سريرتها ..تلك النظرة يدركها جيدا ..ليمرر الأمر بهوان يتصنع عدم الاهتمام بما قالته يسألها بمشاكسة
: طب انتي متضايقة دلوقتي عشان مش فاكرة الحضن ولا عشان نمتي ..؟
نظرت له بصدمة و مجددا إجاباته غريبة الأطوار تثير بداخلها غيظ شديد ..لم يجد غضبها بدا من ذلك لترد بتهور وصوت حاد
: انت قليل الأدب ..وقف العربية دي ونزلني ..
لم يعيرها اي اهتمام فاكمل طريقه ناظرا امامه
لتردف بنبرة زاعقة
: بقولك وقف العربية ،انت ما بتفهمش ..؟
ضغط فجأة بقوة على مكابح السيارة لتتشبث هي جيدا بالكرسي تنظر إليه بفزع لترى امامها نظرة ارعبتها لاول مرة ترى تلك النظرة بعينيه ..ليتحدث قصي بهدوء رغم اشتعال نظراته ..
: وقفت العربية ..هتنزلي فين بقى ..؟
اتسعت عيونها ما ان لاحظت خلو المكان من حولهم يوجد انارة خفيفة بعكس ذلك المكان المظلم تماما من قبل ..لكنه خالي تماما من البشر ..انتفضت بفزع ما ان زعق بها قائلا
: ردي هتنزلي فين ..؟
تسارعت انفاسها يعلو صدرها ويهبط ..يخفق قلبها بعنف ..يتجسد هلاكها خلف باب تلك السيارة بمجرد الخروج ..لتبتلع غصة ما بحلقها ..تمد يديها ببطء مرتعش نحو الباب ، بهت وجهها يتصبب منه العرق تشعر ببرودة كالجليد تحيط بجسدها ..فتحت باب السيارة تنزل منه بخوف شديد ..
: ها ااا..هنزل هنا ..
ليفتح هو الباب ناحيته بعنف يتوجه إليها بخطوات غاضبة ..تعاند رغم انها تكاد تموت رعبا وهذا يبدو بشدة على هيئتها ..وقف قبالها يتحدث بحنق قائلا
: ايوه وبعدين ..؟
نظرت حولها ثم نظرت اليه لتلاحظ ذلك الفارق المتفاوت في نسبة حجم الكتلة بينها وبينه .. اذدردت ريقها بخوف قائلة
: مش هركب معاك تاني ..بعد إذنك اتفضل امشي .. انا اللي غلطت من الأول اني وافقت وخليتك توصلني ..
نظرت جوارها تربع يديها امام صدرها باعتراض ..ليضيق هو عينيه قليلا ..سرعان ما فتحها متحدثا بهدوء ..و يبدو انه ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة ..
:حياة ..اطلعي العربية حالا ..
همت ان تتحدث باعتراض لتتفاجأ بنبرته الزاعقة ونظرات عينيه معلقة خلفها تتناثر منها شرارات الغضب
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
: قولتلك اطلعي واقفلي عليكي يلا ..
وما ان تحركت خطوة واحدة حتى توقفت امامهم سيارة ضخمه ينزل منها 3 اشخاص ..ليجذبها قصي خلف ظهره هامسا لها دون ملاحظتهم ..
: اركبي واقفلي عليكي ..لو حصل ايه ما تفتحيش الباب ..دوري العربية وامشي ...
__________________________
تتسابق افكارهم ..الوقت يشكل لهم الآن عدو ..عليهم التغلب عليه ..تقطع السيارة الطريق امامهم كالشهب ..يحاول آدم الاتصال بها ولا مجيب .. رغم ما يتجسد بعينيه من خوف، يمني نفسه انها بخير ..اما فاقد الروح جواره ..يتأمل صورتها الأخيرة في ظلام الطريق ..والمارد بداخله يثور ..يتوعد لمن أطفأ شمسه بالهلاك ..يضغط على اسنانه غضبا يكاد يسحقها .. هناك ألم ينهش داخله بنهم ..يريد الصراخ ..تهشيم رأس أحدهم ..ضمها بقوة داخل أحضانه ..شيء من هذا القبيل او ما شابه ..ليتنهد باحتراق يسأل آدم
: فاضل كتير ..؟
ليرد آدم يذدرد ريقه بقلق
: لاء قربنا خلاص ..
زفر بنفاذ صبر عائدا مرة اخرى لصورتها وشروده وظلمة الطريق ...
_______________________
وققت كالصنم تتشبث بملابسه من الخلف بقوة ..تتسع عيونها بخوف ناظره اليهم ..جذبها سريعا يلقي بها إلى داخل السيارة مغلقا الباب جيدا ..نظرت اليه بلهفة خائفة تستند بكفيها على زجاج النافذة ..و من ثم لم ينظر اقترابهم أكثر ،بل توجه اليهم بثبات يلكم أحدهم لكمة قاسية ، والآخر أسدى له ركلة عنيفة ..بينما يقف الثالث بتروي وهدوء مستندا إلى سيارته وكأنه ينتظر انتهاء العرض امامه ..استقام أحدهم من الأرض يباغت قصي بضربة رأس قوية ..ترنح آثرها لكن سرعان ما استعاد توازنه ..اصدر زمجرة بصوت عال لم تنكر نظراتهم انها دبت الرعب بداخلهم ..ليمسك كل منهم بذراعي قصي مقيدين حركته ..والثالث يتقدم ناحيته بخطوات ثابتة ..ينظر اليه قصي بغضب يحاول دفعهم عنه والتحرر من قبضتهم ..وهي تشاهد ما يحدث بدموع كالشلال تطرق الزجاج امامها بعجز وخوف ..أخرج الرجل من جيب سترته هاتف ما يتحدث إلى شاشته قائلا
: تمام ياباشا مع سيادتك اهو ..
ثم وجه شاشة الهاتف نحو قصي ..اتسعت عينيه للحظة سرعان ما صرخ بغضب امام الهاتف تحترق انفاسه ..عندما رأى مراد يبتسم له بتشفى وما ان صرخ حتى دوت ضحكاته خارجة من الهاتف باستمتاع متحدثا بسخرية
: والله و وحشتني يا ابن الزيني .. اوعا تفكر انى شيلتك من دماغي ..مش هسيبك غير لما اخد اللي ليا عندك .. آه بالمناسبة ، في حاجه تخصك معايا ..هستناك تيجي تاخدها
رد قصي بصوت كالجحيم ونبرة متوعده
: مش هسيبك ..مش هسيبك يا مراد لو روحت آخر الدنيا ..
: مستنيك ..مستنيك يا ابن الزيني
قالها مراد بنبرة متمنيه كمن يعد فخا ما للهدف ثم يثير إستفزازه للتقدم ..
هكذا فقط وانتهى الاتصال ..ليأخذ الرجل هاتفه يتجه نحو السيارة مشيرا لهم باتباعه ..دفع كل منهما قصي راكضين نحو سيارتهم لتنطلق كما لم يكن لها وجود ..
وقف ناظرا إلى أثرهم بشرود غاضب ..عينيه فوهة بركان ..انفاسه لهيب محترق ..نزلت من السيارة تتجه إليه باكية تمسك بين يديها علبة المناديل الورقية الخاصة بسيارته ..تنظر إلى تلك الدماء المتدفقة بغزارة من أنفه بأسف ..رفعت يديها بورقة منديل تسد بها نافورة الدماء تلك .. تتساقط دموعها قائلة بجزع
: مين دول .. و كانوا عايزين ايه منك ..؟
صوتها الباكي اعاده من شروده المحترق ..وقد حازت هي على نظرة بركانية لم يكن يريد لها رؤيتها .. أجفلت مبتعدة إلى الوراء تذدرد ريقها بخوف .. ليتركها متجها إلى السيارة وقبل ركوبه اهداها زعقة واحدة كانت كفيلة بجلوسها جواره في جزء من الثانية ..
: اركبي ..
يخفق قلبها بشدة لرؤيته هكذا ..لأول مرة تشعر بذلك الخوف تجاهه ..انطلق بالسيارة غير عابئا بتلك الدماء، ليرى يديها ممتدة في الهواء بتردد تناوله عدة مناديل تشير نحو أنفه قائلة بصوت مختنق ..وربما خائف ..
: في دم كتير ..
التقط ما بين يديها يسد انفه متنهدا بإنزعاج لذلك الخوف البادي في عيونها ، ظنت هي انه منزعج لتصرفها او لوجودها وربما كان غير راغبا فيها بالمرة ..ويبدو ان حواء تلك اسنثناء ..حيث في جميع اوقاتها يفرض غبائها سطوته ...
__________________
انوار متراقصة .. مزامير و طبول ..زغاريد تشق مسامع البعيد والقريب ..عصر تتراقص بأيدي الرجال ..وأخرى تتبارز ..احصنه مزركشة تتراقص على انغام الفرح ..بينما بالداخل مجلس النساء ..بين ضحكات ومباركات وتهليل ورقص ..تقف فاطمة تصب ذلك المشروب الاحمر الخاص بالافراح في اكواب توزعهم على الحضور بكل فرح وحب ..بينما إحدى الجيران تسألها بفضول
: اومال فينها بتك جمر يااختي ..ما شايفهاش واصل ..؟
لترد فاطمة بابتسامة حزن لم تستطيع اخفائها
: بعافية حبتين ..دلوجتي تلاقيها نازلة ؟
: عجبالها لما ربنا يعدلها ويفرحك بيها وتشوفيها في بيت العدل ..
قالتها السيدة منصرفة تاركة فاطمة في شرود حالم وشبه ابتسامة ..تتمنى رؤية ابنتها يوم زفاقها في ذلك الفستان الابيض كما تتمنى كل ام .. فاقت من شرودها على صوت إطلاق النيران يصدح خارجا معلنا عن وصول العروسين ..طلقات كان لصداها اثر وقوع صخور ما فوق رأس تلك الأميرة النائمة ..التي فقدت أمل الرجوع إلى الحياة بقبلة الحبيب .. او بالأحرى فقدت الحبيب نفسه ..استقامت بفزع ودموع ملئ عينيها تنظر من شرفة غرفتها المطلة على جميع انحاء الحديقة .. وبين قسوة الشعور وفقد القدرة على التعبير هي غارقة حد الإختناق ..لا وسيلة لإفراغ الألم سوى تلك الدموع النازفة ..ولا تجدي نفعا ..تراه ينزل امامها بشموخ يلتف حول السيارة ليخرج العروس من الناحية الأخرى ..ابتسمت بشرود ..حيث العروس تتقافز فرحا تتشيث برقبته غير عابئة بالحضور من حولها ..تهمس له قرب أذنيه "احبك كثيرا" ..اتسعت ابتسامتها اكثر ..حيث بادلها العريس بقوله " وانا ايضا أحبك كثيرا " ترى العروس هي ..ومع صفعة واقع هي بصدد قتله ..تغازرت دموع عينيها ..حيث العروس لم تكن سوى سارة ..مطرأه الرأس تنظر إلى اللا شيء بوجوم ..معالم وجهها غير مقرؤه .. يخطو بجانبها يحي من حوله في شبه ابتسامة مصطنعة ..جمع غفير يبتسم فرحا ..بينما قلوب تحترق من حولهم ولا يبالي ..جمع غفير وقف سالم وسارة بينهم حيث وصلة رقص ألأحصنة على انغام المزامير أمامهم ..
جمع غفير ..و زاوية فارغة احدهم يختبأ بها يمسك بين يديه سلاح ناري ..
جمع غفير ومن بينهم لم يكن السلاح موجه لاحد سواه ..
يخطو فتتحرك فوهة السلاح نحوه وتتوقف حيث يقف ..
لا يراه غيرها ..تسارعت نبضاتها تخفق بعنف ..تتسع عيونها تشير بهلع ..لم تلفت انتباه احد .. تلهث بجنون وكأن شيئا ما بداخلها ينازع للخروج ..تردد اسمه بصمت ..توقف عن الحركة وتوقف السلاح باتجاهه يقترب حامله بتركيز للتصويب ..
: ساااااالم ..
وعاد صوت العصفور يغرد ..او يستغيث ..لا يهم ..تتنفس بصعوبة ودون ادراك منها لرجوع صوتها مرة أخرى إلى الحياة ..ركضت كمن تصارع الموت ..تنادي باسمه ..ركضت بلهفة ..فزع ..خوف ..انهيار ..تنزل درجات السلم امام الجميع صارخة
: سالم ..
تنظر اليها والدتها بفرحة عارمة لاستماع صوتها ودهشة مستغربة لركضها بفزع هكذا ..
خرجت من بوابة المنزل مهرولة تدفع الجميع امامها .. تحارب للوصول إليه ..تراه على مقربة منها ..تناديه فلا يستمع ..ومع دفعتها للشخص الأخير بينها وبينه كان انطلاق رصاصة من بين باقي الرصاصات ..لكنها تختلف ..
رصاصة توقف كل شيء بعدها ..
رصاصة حلت عقدة لسانها و قلبه ...
نظر امامه وحوله بعيون متسعة هلعا ..وهي بين يديه تغرق دمائها ملابسه ..تنظر اليه وتبتسم ..تناديه بخفوت ..
: سا ..س..سالم ..
تكاد عينيه تخرج عن محجرهما ..يصرخ قلبه وقد تحطمت اسوار حصنه ..ذلك الحاجز الذي كان يمنعه عن رؤية ساكنه ..ونبرته هو عدم تصديق .. إنكار ..انها بين يديه تلفظ آخر انفاسها ..يمر امامها الآن شريط حياتها .. وأمامه .. تفقد هي الحياة وهو يفقدها ..وكلاهما موت ..أتت والدتها مهرولة تجثو ارضا صارخة
: بتي ..حبيبتي ..بتي ..
ابتسمت بشحوب تنظر إلى عينيه ترفع يديها تتحسس وجنته ..اغمضت عينيها باسترخاء ..سقطت يديها أرضا وسقط معها قلبه نحو هاوية الجحيم بلا رجوع ..ومازالت افكاره ..نظرته ..انفاسه ..وكل حواسه تنكر ما يراه امامه ..تنكر فقدها ..نظر حوله بتيه ..سارة تقف بعيون متسعة فاقدة للشعور بمن حولها وكانها تمثال من الشمع ..والدتها تصرخ باكية تلطم وجهها حاملة تراب الأرض إلى رأسها ..وعى اخيرا كونه يغرق الآن بدمائها ..نظر اليها ودموع متتالية تتساقط من عينيه لاول مرة بحياته ..ضمها بقوة نحو قلبه ..وصرخة ذبيحه مدوية شقت سكون الكون من حوله ..
: جمر ...
صرخة بدت كلحن موت ايقظ الطيور النائمة بأعشاشها في سلام .. صرخة بكت لها نجوم السماء ..حيث غاب القمر ..تاركا جفاء الارض ..وظلمة السماء .. إلى مكان طالما كان يستحقه ...
_____________________
الفصل السادس والثلاثون
********************
هرولة ..صراخ ..دموع ..استغاثات ..وجسد بلا روح تتسع عيونه بهلع يحمل قلبه بين يديه راكضا ..انفاسه كالجليد ..بينما فؤاده يحترق ..جميع حواسه تتعلق بأمل كلمة صدرت من أحدهم بأنها لاتزال على قيد الحياة .. افكاره تقايضه ..محدثا نفسه .. أن تبقى .. أن تبقى و فقط ..و يرحل الجميع ..كل شيء ..هو ذاته اذا تطلب الأمر ...اتى الطبيب بخطوات راكضه يشير اليه نحو السرير بداخل غرفة الحالات الطارئة ..مددها سالم تتبعه فاطمه باكية ..تأتي من خلفها سارة ونظرة عدم التصديق مازالت باقية بعينيها ..والجدة تنوح مولولة تجرها ام السعد بكرسيها المتحرك ..وقفوا جميعهم خارج الغرفة بعدما زعق فيهم الطبيب بالخروج ..لتنوح فاطمة باكية تلطم وجهها قائلة
: بتي ..بتي اللي ماحلتيش غيرها ..مالحجتش افرح برجوعها تتكلم من تاني ما صدجتش نفسي لما سمعت صوتها ..
ثم تتسع عينيها بزهول ونظرة جنون تردف بنبرة متسائلة
: تروح مني ..؟ تروح مني اكده في غمضة عين ..؟ليه ،ليه ..؟
وسريعا تتجه سارة ناحيتها تحاول تهدئتها قائلة وذلك الجمود قد سكن معالم وجهها لكنها حانية النبرة ..
: ماتخافيش ..هتبقى كويسه ..
توطدت علاقتها بقمر بعض الشيء في الآونة الأخيرة ..لكن جمود ما قد تمكن من مشاعرها ككل ..اذدردت ريقها تنظر بكره شديد إلى ذلك الذي في عالم آخر غير عالمهم تعجز عن تفسير حالة الذعر التي يبدو عليها ..معللة عدم ثبوت ما يدل على وجود تلك المشاعر الانسانية بداخله ..بينما هو ..خارج نطاق الوجود ..عازل ما يعزل عنه السمع والبصر ..ينظر فقط إلي دمائها بين يديه ..تلك الدماء التي فرضت حمرتها بسخاء فوق بياض عبائته .. فوهة زمنيه القت به في مكان خال لاوجود فيه لغيره ..وتلك الدماء ..أجفل على فتح باب الغرفة وخروج الطبيب ..ليلتف الجميع حولة بلهفة وترقب للإطمئنان عليها ..تحدث الطبيب قائلا ..
: الحمد لله ربنا ستر ..الرصاصة جت في تجويف الصدر ما بين القلب والرئة اليسرى بدون ما تخترق مكان حيوي ..
أطلقت الأنفاس المحبوسة ..عادت قلوبهم تنبض من جديد ..بين حمد وثناء وسجود شكر من فاطمة ..ليردف الطبيب آسفا
: لكن لسه في حطورة شديدة على حياتها لانها فقدت كمية دم كتيرة جدا واحتمال نحتاج متبرع ..اتجه سالم نحو الطبيب مباشرة بلهفة ..عيونه تلتمع بالدموع قائلا
: خد مني اللي انت عايزه يا دكتور ..بس تجوم ..تفضل عايشة ..
وتتحدث فاطمة بقلب ام ملتاع
: واني ..واني يا دكتور ..خدو مني جلبي وبتي تعيش ..
تحدث الطبيب يهم بالمغادره قائلا
: بإذن الله خير ..هتدخل عمليات دلوقت ..اتفضلوا حضراتكم عشان نختبر العينات ..
وما ان انهى حديثه حتى خرجت ممددة على ذلك السرير النقال شاحبة الوجه بلا حراك ..يتجه بها كلا من الضبيب وبعض افراد التمريض نحو غرفة العمليات ..ترك روحه معلقة بجسدها الواهي يتحرك بالاتجاه المعاكس ترافقه فاطمة لاختبار عينة الدماء ..بينما هي تحيطها هالة داكنه من الاستنكار ..تلك اللهفة ..الدموع بعينيه ..لم تراها من قبل ..تحمل نفس صفة القرابة بالنسبة له ..كيف له التبدل بشخص آخر يحمل تلك المشاعر الإنسانية بعكس ظلمه وقسوته معها ...
______________________
صمت تام يضفي سطوته بينهم ..تغتلس هي بعض النظرات نحوه في ريبة ..بينما هو جامد الملامح ..حاد النظرة ..يحلل بدقة شديدة حديث مراد الموجه إليه عبر تلك المكالمة منذ قليل ..
: لو سمحت ممكن تفتح تليفونك ..؟ زمانهم قلقانين علينا ..
قالتها حياة بنبرة ناعمة متوترة ..
نقل نظراته اليها حانقا ..سرعان ما ابعد عنها نظراته عندما لمح بعينيها بعض الخوف الذي تحاول جاهده اخفائه بفشل ..التقط هاتفه يضغط على زر الغاء القفل ثم وضعه مرة اخرى وما ان تركه من بين يديه حتى اخذ الهاتف بالإهتزاز معلنا عن تلقي مكالمة ما ..فتحه بمكانه ضاغطا على زر مكبر الصوت ليصل إلى مسامعهم صوت منصور الهادر بغضب اتسعت له عيون حياة يخفق قلبها بعنف ..
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
: انت فين بكلمك من الصبح ..؟
تنهد قصي بنفاذ صبر ..لكنه استطاع التحكم بنبرة صوته يرد بهدوء ..
: انا في الطريق ..
ثم نظر نحوها يكمل بنبرة ممتعضة
: بوصل المدام ..والتليفون كان فاصل
نظرت له بزهول لجرئته وحزن داخلي من طريقته في الحديث ..تعجز كل العجز عن تفسير ردوده وافعاله ..
تشعر وكأنه لا يرغب بوجودها ..ليأتيه صوت منصور من خلال الهاتف وقد هدأ قليلا قائلا..
: ناهد هربت من المستشفى ..
شهقت هي بفزع ..بينما هو لايزال على جموده غير مبديا ردة فعل واحده لمشاعره الغاضبه، فقط شرد بتفكير للحظات ..ليرد قائلا بثبات
: دقايق واوصل عندك ..
: انا في الفيلا عندك مع حنان مش في البيت ..
اجابه قصي
: تمام ..هوصلها واجيلك ..
اتسعت عينيها على آخرهما تتجمد أطرافها تكاد تبكي من فرط الإحراج ..عندما تحدث منصور عبر الهاتف مندفعا بنهي ثم أخفض من نبرته قليلا قائلا
: لاء ..ما تسيبهاش في البيت لوحدها ..
تسارعت خفقاتها أكثر تتمنى ان يصمت ..ان لا يخبره .. اطال قصي النظر بتركيز تام إلى عينيها التي على وشك طرد تلك الدموع و لفظها خارجا ..ليسأله بفضول ومازالت نظراته معلقة بعينيها ..
: ليه ..؟
: عندها رهاب ..بتخاف تقعد لوحدها ..
أغمضت عينيها تضغط على أسنانها بقوة.. اضطهاض نظرته لها ..و شعورها بالقهر لعلمه بأعظم مخاوفها ..كان كافيا بالسماح لعينيها بفك أسر دموعها ..
: تمام .. هجيبها معايا ..
قالها وقد تأكد من تلك الشكوك التي تنتابه عندما يراها على تلك الحالة المزرية ..ليتحدث منصور سريعا
: خليك معاها وانا جاي ..
انهى المكالمة ..نظر اليها وجدها تنظر إلى الجهة الأخرى تضغط على يديها بشدة ،يبدو انها تبكي ..انزعج بشدة ..وللمرة التي لا يعلم عددها ..اراد احتضانها بقوة ..ادرك تماما الآن ان ذلك الرهاب نتيجة لعتمة ما مرت بها صغيرته ...
______________________________
وقف آدم بسيارته داخل البلدة يسئل أحد الماره عن منزل عائلة حافظ ..فرد الرجل يجيبه بأسى واسف يحوقل ضاربا كفا بكف ..مما اثار دهشة حمزة ،وصف لهم الطريق ثم استرد قائلا
: بس ما هتلاجيش حد من اهل البيت هناك ..
نظر آدم إلى حمزة بتوجس قلق ليلتقط حمزة نظراته محدثا نفسه ..ترى لم يأتي بها إلى هنا ومازال بالقاهرة ..؟ ..لتتسع عينيه فجأه يقع قلبه في في أخمص قدميه خافقا بعنف عندما اردف الرجل قائلا
: كلاتهم راحو المستشفى ..كان فرح سالم بيه انهارده ..وعيجولو بت عمه اتضربت بالنار ..
نظر آدم إلى الرجل وشعور ما يعتصر قلبه ..ليتحدث حمزة وقد حضرت شياطين غضبه تتلاعب بأفكاره بين يديها ..
: مستشفى ايه ..؟
____________________
وقفت امام غرفة العمليات تدعي القوة ..تتصنع اللامبالا فلم يعد لها شيء إطلاقا لتخسره ..بينما ذلك النابض بداخلها يرتجف خوفا على ساكنه ..يتوقف ...يختبر الموت في كل لحظة تتذكر فيها تهديد سالم لها بقتله ما ان حاولت الهروب ..شعرت بالقهر يقيدها ان تظل بهذا الجحيم ..لن تستطيع البقاء ..ولا تملك خيار الفرار .. استمعت إلى صوت الأخير زاعقا ثائرا بغضب و توسلات فاطمة الباكية ..تأتي من آخر الرواق ..توجهت ناحية ضجة اصواتهم بخطوات رتيبة ..فوجدت سالم يمسك بتلابيب شخص ما يهزه بعنف صارخا بجنون
: يعني ايه ..يعني ايه اللي عتجوله ده ..؟
ليتحدث الرجل بين يديه بصبر تقديرا لخطورة حالتهم ..
: يافندم فصيلة دم حضرتك مختلفة عن فصيلة المصابة
ردت فاطمة بلهفة واستجداء
: اني امها يا ابني ..خدو اللي انتوا عايزينه مني
: ما ينفعش يا حاجه ..حضرتك مريضة بمرض مزمن يمنع التبرع ..
ضربت فاطمة على فخذيها بقلة حيلة باكية ..وهم هو بتعنيف الطبيب بين يديه اكثر ليوقف ثلاثتهم صوت سارة ثابتا بجمود
: انا هتبرع ،لو ينفع ..؟
تخلص الطبيب من قبضة سالم حول ملابسه يشير اليها لسحب العينة .. والأخير مازال على وضعيته وكأن الطبيب يقف بين يديه ،تتعلق عينيه بها بزهول شارد ..
بينما هي وقفت بعدما دخل الطبيب ليختبر توافق الفصيلة تتجاهل النظر اليه كرها ..
بعد دقائق خرج الطبيب يبشرهم بخطوات متسارعة قائلا
: نفس الفصيلة ،المصابة في خطر و مافيش وقت هنضطر ندخلك مع الحالة العمليات نقل الدم هيبقى مباشر بينك وبينها ..
ابتهجت الأم تلتقط كف سارة مقبلة اياه قائلة ببكاء
: احمدك يارب واشكر فضلك ، يدك احب عليها يا بتي ..
سحبت سارة يديها سريعا مربتة على كتفها بشبه ابتسام ..لاح بعينيها نظرة تردد .. ألم ما تجسد داخل حدقتيها بارتعاش ..لتبتلع غصة مريرة ترمش بأهدابها في توتر وإيمائة موافقة تليها خطواتها المتسارعة خلف الطبيب نحو الباب الخاص بدخول الأطباء إلى غرفة العمليات ...
نظر في أثرها بشرود مفكر .. وانتباهة متأخرة لتضائل قيمته داخل نفسه ..دنو مبادئه وما اصبح عليه من حقارة ...
_____________
بعد مرور ساعة تقريبا ...
توقفت السيارة امام الباب الرئيسي للمشفى لينزل منها كل من آدم وحمزة بلهفة وتسارع ،وكان للأخير أسبقية الوصول امام الرواق المؤدي لغرفة العمليات ، أظلمت عينيه ..تتسابق خطواته .. انفاسه .. نبضاته .. نيران تدفعه راكضا بقوة صاروخية ..عندما رآه واقفا بنهاية الرواق ..انقض يسحق معالم وجهه تحت لكمات من قبضة كالحديد ..دون انذار ..دون تريث ..ومن بين لكماته يزمجر صارخا بصوت كالجحيم
: عملت فيها ايه يا *** يابن ال*** عملت فيها اييييه ؟ ..
تولول فاطمة بإستغاثة ..بينما الجدة تحدق فيهما بصمت ..حمله آدم من الخلف ينهره قائلا بغضب
: مش كده يا حمزة ..انت اتجننت ..؟ اصبر لما نتطمن على سارة ..استنى بره دلوقت ..
استقام سالم محاولا الاتزان يتحسس تلك الدماء الغزيرة التي اخذت تتدفق كالشلال من جميع الجهات بوجهه ..علم هويته سريعا .. التفت له آدم يدفعه دفعة عنيفة بصدره ترنح سالم أثرها خطوات للوراء ..نظر له بغضب مستعر متحدثا بحده بما جعل سالم يذدرد ريقه متسع العينين بصدمة ..
: اوعى تفكر انك هتقدر تفلت مني بعملتك السودة ..او اني هسيبك في حالك ..قسما عظما لهاخد حق اختي منك تالت و متلت .. بس اطمن عليها الأول ..
عيون الجميع تتسائل بعدم فهم (من اخته ؟) ليتذكر هو ما يخفيه خلف باب خزانته في سبيل الحقد والطمع ..
هم حمزة بمهاجمته مرة أخرى عندما اطال الصمت ليدفعه آدم خارج الرواق يستجديه بالانتظار خارجا يعده بالخروج سريعا إليه ..دخل يقف امامهم ،ينظر إلى سالم بغضب واحتقار ..ليتحدث بما جعل عيون كل من الجده وفاطمه تتسع بصدمة وعدم تصديق
: انا آدم فؤاد حافظ ..ابن فؤاد حافظ الله يرحمه ..واخو سارة فؤاد حافظ ..
شهقت الجدة تضع يديها على صدرها موضع القلب ..فاطمة في حالة زهول تام ..اما هو ..انكسرت نظرته أرضا ..لم يستطيع رفعها امام وجهه ..صرخ آدم فيه بغضب أعمى مما جعل فاطمة ترد سريعا
: اختي فين ..؟
: جوه في العمليات يا ولدي ..مع بتي ..
اندفع يمسك سالم من تلابيبه صارخا
:لو جرالها حاجه هموتك ..حصلها ايه انطق ..؟
____________________
بينما خارجا ...
تحترق الأرض تحت خطواته الغاضبة ذهابا وإيابا ..معالم وجهه في حالة اشتعال شيطاني ،رغبة شديدة تلح عليه بالفتك به .. شرارات نارية تتناثر من عينيه رغم ظلمتها ..وبنظرة جانبية ابتهج داخله لرؤيتها سالمة امامه .. تخطو بتروي تمسك ذراعها بألم..يبدو عليها الانهاك ..اسرع راكضا نحوها بلهفة عندما اختل توازنها ..اسند ذراعها بكلتا يديه تتسع عينيه يسألها بخوف عندما لاحظ شحوب بشرتها
: سارة انتي كويسه ..؟
دوار ..كانت تشعر بدوار بسيط ،الآن هي بصدد عاصفة ..نظرت امامها تنكر اذنيها الاستماع إلى صوته ..التفت تنظر بجانب عينيها نحو وجهه ..لتتسع عينيها بخوف ما ان رأته ..خفقاتها تكاد تسمعها اذنيها تزلزل انفاسها ..دفعته تلتصق بالحائط خلفها تنظر حولها بفزع وكأنها تبحث عن أحد ما .. يناظرها هو بدهشة لردة فعلها .. يعلو صدرها ويهبط تتنفس الصعداء لتسأله
: انت ايه اللي جابك ..جيت هنا ازاي ..؟
: جيت أخدك ..يالا نمشي من هنا ..
قالها بدناميكية امر واقع ..مفترض ..جذب يديها خارجا ليتفاجأ بها تنفض يديه بعنف تتحدث بحدة
: تاخد مين ونمشي ايه ؟..انت اتجننت ..؟
والصدمة تتجسد بنظراته إليها ..اما هي وجدت ثغرة ما للحفاظ على حياته ..لرحيله عنها للأبد ربما ..همسة متسائلة خرجت منه بكلمة واحدة
: سارة..؟
فرصة لن تمررها من بين يديها .. ستضغط على قلبها حد الاختناق ..الموت ..وستكون ممتنة ..
: انا متجوزة دلوقتي يا دكتور حمزة اللي انت بتعمله ده ما يصحش ..
صفعة مدوية ألمت به ..نظر لها بألم ..بعدم فهم يسألها بفضول
: متجوزة ..؟ امته و ازاي ..؟
ابتلعت غصة ما تتمنى رحيله الآن ..وللعبث.. تمنت بشدة الذهاب برفقته ..أجابته ببرود مصطنع تاركه اياه
: ده شيء ما يخصكش ..عن إذنك ..
اخذت افكاره تتسائل ..هل انتهى الأمر الآن ..؟ هكذا فقط وترحل ..؟
قبض على مرفقها بعنف يلفها إليه ..وقد حازت أفكاره على اجابة ..وكانت مرضيه ..مرضية حد الإشتعال ..حيث نظر إليها بشرارات غضب مشتعل لا يحرق سواه ..يضغط على اسنانه بغيظ قائلا
: واما جيتي لحد بيتي كان شيء يخصني ..؟ ..لما حكيتي لجدتي عن اللي حصلك والجريمة اللي أبن عمك عملها كان شيء يخصني ..؟ ..مش انتي اللي تحددي ..لان انتي نفسك بقيتي شيء يخصني
اغمضت عينيها بألم ..تحاول استعاد ثباتها ..ثم فتحتها تنظر جانبه في محاولة للتهرب من نظراته خلاياها ..قلبها ..جميع حواسها ..تحترق ..ويبدو انه سينال قدرا لا بأس به من الاحتراق ..تصنعت البرود تنظر في جميع الاتجاهات عدا عينيه ..تبتلع غصة قاتلة بمثابة سم ما ..ترد بصوت مرتعش ..
: ما عملش جريمه ..كان بموافقتي ..ولما ندمت مشيت ورجعت واتجوزنا ..
ارادت انقاذ حياته من رصاصة قاتلة .. فأجادت نحر قلبه بكلماتها .. استرخت معالم وجهه ..اظلمت ..بينما ما يشعر به ..موت ..ألم بمثابة موت لا شيء آخر ..تركها يحدق فيها للحظات ..رفعت نظراتها ببطء لتنظر إليه ..لو كان فقط أباح لعينيها لقاء نظراته لعلم على الفور انها كاذبة ..فقبل ان تتقابل نظراتها بخاصته ،كان كفه في مقابلة قاسية مع وجهها ..صفعة قوية ..حادة ..صفعة كانت كختم انتهاء طلب ما ..صفعة بقدر احتراق وجنتها ألما ..اراحت قلبها تجاهه ..الآن فقط سيكون بمأمن ..تحترق انفاسه ينظر إليها باحتقار ..قبض على خصلات شعرها بقسوة يجرها خلفه متجها بها نحو رواق غرفة العمليات ..تفقد القدرة على المثابرة ..فتسقط و يرفعها هو جاذبا خصلات شعرها بعنف يكاد يقتلعه من جذوره حتى وقف امامهم دافعا إياها أرضا ..وتتألم هي بصمت ..نظرة تفاجئ من الجميع قابلها هو ببصقة ..
اتسعت عيني آدم بجنون يساعدها على الوقوف صارخا
: حمزة ..انت اتجننت ..؟
ابتسم بسخرية قائلا
:اختك ال***** اهي ..مش عايز اعرفها ولا اعرفك ..
قالها بوجه ساخر.. ثم خرج بقلب نازف
ومع نزول اول دمعة لها سقطت بين يدي آدم فاقدة للوعي بجسد كالثلج ...
_________________________
اتمنى اكون عند حسن ظنكم جميعا
دمتم بود 🌸💙
روايات كامله وحصريه
![]() |
روايات كامله وحصريه
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
الصفحه الرئيسيه للروايات الكامله اضغطوا هنا
❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️💙❤️
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
روايات كامله وحصريه
لعيونكم روايات كامله من هنا 👇👇👇👇👇👇
رواية ملاك في عالم الشياطين كامله
رواية لثام الخلود كامله من هنا
رواية جميله في قلب الاسد كامله
رواية اختبار القدر كامله من هنا