أخر الاخبار

رواية ما_بين_الحب_والحرمان الفصل السادس عشر حتى الفصل العشرون والاخير بقلم_ولاء_رفعت_علي حصريه وجديده

 


رواية ما_بين_الحب_والحرمان الفصل السادس عشر حتى الفصل العشرون والاخير 
بقلم_ولاء_رفعت_علي حصريه وجديده 


و في تلك اللحظة أتي صوت آخر يصيح بإسمها بنبرة تنذر أن هناك كارثة علي وشك الحدوث: 
- ليلة.

استدارت إليه رأت الغضب ينضح من عينيه يسألها: 
- إيه اللي أنا سمعته ده؟

أقتربت منه و بحلقها غصة عالقة، أجابت بتحدي و كبرياء: 
- زي ما سمعت بالظبط، بحسبن علي أمك عشان عايزه تخرب بيتي.

أشار إليها نحو والدته قائلاً لها بأمر: 
- أتأسفِ لها

هنا لم تتحمل، أمامها أن تبكي أو تتصنع القوة و هي تكره أن يري أحداً عبراتها، أجابت بصوت مرتفع: 
- لاء يا معتصم مش هتأسف، أنا معملتلهاش حاجة، هي اللي جاية لحد عندي و بتقولي عايزة تجوزك لعايدة.

ظل يرمقها بتلك النظرة المخيفة و المليئة بالغضب الجامح، هدر من بين أسنانه و كأنه يُقيد شيطانه: 
- أعتذري يا ليلة و أحذري غضبي.

أجابت بنبرة أكثر إرتفاعاً عن سابقتها و بسخط: 
- و أنا بقولك لاء و ألف لاء، أنا قبل كده أعتذرت عشان كان موقف سهل أعديه لكن المرة دي مش هعديه.

تدخلت نفيسة قائلة: 
- يا بنتي هو أنتِ شوفتيني جبت المأذون و جوزتهم!، أنا كنت باخد رأيك و...

- خلاص يا أمي. 
قاطع والدته و نظر إليها ثم عاد ببصره إلي ليلة و تحدث بجدية و حسم: 
- هي أمي غلطانة فعلاً، بس غلطها إنها بتاخد رأيك، و ده مش إختيار ده أمر مفروغ منه.

أبتلعت  ليلة غُصتها المريرة كالعلقم و سألته: 
- يعني إيه؟  

مازالت نظرته تحتفظ بالجدية و يخبرها بقراره: 
- يعني أنا هاتجوز عايدة بعد ما تقوم بالسلامة.

غرت والدته فاهها و نظرت إليه فرمقها إبنها بتحذير، بينما ليلة صاحت و جالت: 
- أنت واحد كداب و خاين و إبن أمك.

- أخرسي. 
هوي بكفه علي خدها بصفعة جعلت والدته شهقت، تراجعت ليلة غير مصدقة إنه صفعها و يرمقها دون أي نظرة ندم لما أقترفه للتو.

- طلقني. 
صاحت بها فأجاب برفض قاطع: 
- مفيش طلاق.

أجهشت في البكاء رغماً عنها و صرخت: 
- بقولك طلقني و لو مش هاطلقني أنا هاسيب لك البيت و هاروح لخالي و هو هيعرف يطلقني منك.

و كادت تذهب من أمامه أوقفها قابضاً علي ذراعها بقوة: 
- و أنا بقولك مفيش طلاق و رجلك مش هاتخطي عتبة الشقة و لا أقولك. 
جذبها خلفه بالقوة فتأوهت من قبضة يده، ذهبت خلفهما والدته: 
- معتصم إهدي يا ضنايا مش كده، سيب إيدها.

توقف و قال لوالدته: 
- لو سمحت يا أمي ما تدخليش، دي مراتي و أنا عارف بعمل إيه.

- كتر خيرك يابني أنا نازلة تحت. 
تركتهما و غادرت و نعود إلي ليلة التي تحاول التملص من قبضته: 
- أوعي سيبني، انا خلاص عرفتك علي حقيقتك،  كلكم صنف واحد أنا بكرهكم.

ترك يدها و أجفلها بصياح أخافها و جعلها تتقهقر إلي الوراء: 
- مش عايز أسمع نفس، كلمة تاني و هخليكي لا تتكلمي و لا تسمعي و لا حتي تشوفي، الظاهر دلعتك كتير و كان المفروض أسمع كلام أخوكي لما قالي دي ما بتجيش غير إنها تاخد علي دماغها بالجذمة.

تهز رأسها يميناً و يساراً برفض قائلة: 
- و أنا مش هاسمح لك بكدة.

قفز نحوها كالفهد في وضع هجوم و سألها: 
- وريني هاتعملي إيه.

رفعت وجهها لتنظر إليه و تبتلع ريقها بخوف ثم أخبرته: 
- ههرب و مش هاتعرف لي طريق.

رفع زواية فمه جانباً بسخرية و قال: 
- لما أشوف هاتقدري تهربي إزاي.

- إيه هاتحبسني و تعذبني! 
أبتعد عنها و ذهب و أخذ مفتاح الغرفة و قبل أن يغادر أخبرها: 
-  أكلك و شربك هيبقو عندك، مفيش خروج غير علي الحمام و بس، و هاتفضلي علي الوضع ده لحد ما تتربي من أول و جديد.

و سرعان خرج و أوصد الباب من الخارج، ركضت تصرخ و تضرب الباب بيديها: 
- أفتح الباب يا معتصم بدل ما أفتح الشباك و أستنجد بالجيران.

أطلق ضحكة ساخرة و قال لها: 
- أيوه أفتحي الشباك اللي بيفتح علي المنور و أبقي أستنجدي بالفيران و العرسة و قولي لهم معتصم حابسني و بيعلمني الأدب.

أخذت تدب بيديها علي الباب بغيظ و حنق: 
- أنا بكرهك يا معتصم.

وقف خلف الباب ليصل صوته بقوة إليها ليثير جنونها قائلاً: 
- و أنا بحبك يا قلب و روح معتصم، عن إذنك بقي لما أنزل أطمن علي ضرتك أصلها حامل بقي و لازم أخد بالي منها.

قالها و ذهب تاركاً إياها تحترق و تصرخ بكل قوتها. 
ـــــــــــــــــــــــ
و في صباح اليوم التالي يجلس حبشي في القطار المتجه إلي محافظة الإسكندرية و بداخله مراجل تحترق كلما تذكر أمواله التي سرقتها زوجته لكن سرعان ما ظهرت إبتسامة شر علي محياه و هذا عندما علم بالمكان التي ذهبت إليه بالأمس من والدتها... 
(حدث بالأمس)

في منزل عائلة هدي يرتشف الشاي بهدوء يُحسد عليه و تقول والدة زوجته: 
- و أخيراً رضيت علينا يا جوز بنتي و جيت تزورني.

أبتلع أخر رشفة و قال: 
- معلش بقي مشغول من الورشة للبيت، بالتأكيد بنتك بتقولك.

تنهدت ثم أخبرته: 
- بنتي، و هي فين دي بقي لها من وقت العيد و مجتش ألا هي مش معاك ليه!

ترك الكوب الشاغر علي المنضدة و أجاب: 
- أصل أنا كنت في مشوار جمبكم قولت أجي أطمن و أسأل عليكي يا حبيبتي يا حماتي. 
و أطلق ضحكة صفراء فبادلته مثلها قائلة بسخرية: 
- سألت عليك العافية يا أخويا.

أعتدل و سألها بمكر ثعلب: 
- ألا قولي لي يا حماتي مفيش ليكم قرايب في إسكندرية، أصل ناوي أخد هدي و العيال و نقضي لنا يومين مصيف و بصراحة معرفش أي مطرح هناك.

أجابت علي الفور و بتلقائية: 
- اه، أختي اللي كانت عايشة مع جوزها في ليبيا رجعت بقالها يجي خمس سنين أهي، دي بقي بتموت في هدي مراتك و كانت علي طول بتتحايل عليها تروح لها تقضي عندها كام يوم هناك، أصلهم عندهم شاليه علي البحر بس حاجة فخمة أوي.

أتسع ثغره بإبتسامة عارمة و قال: 
- حلو أوي يا ماشاء الله،  طيب ما تديني رقمها و عنوانها.

نهضت بثقل بسبب وزنها الزائد: 
- ثواني هاقوم أجيب لك الأچندة اللي كانت هدي كاتبه فيها الرقم و العنوان، بعيد عنك بقي الذاكرة بقت علي القد فبخليها تكتب لي ارقام و عناوين أخواتي و أخوات أبوها و قرايبنا.

و بعد قليل جاءت و لديها الدفتر الورقي و أعطته إياه، فتحه و قام بتقليب الصفحات حتي توقف لدي صفحة مدون بها خالتي هيام و أسفل الرقم عنوان مسكنها في أسكندرية.

(عودة للزمن الحالي) 
- يا سطا هو فاضل قد إيه و نوصل؟

أجاب السائق: 
- فاضل حوالي ساعتين.

قال حبشي داخل عقله: 
- كلها ساعتين و جاي لك أطبق علي زمارة رقبتك يا حرامية يا بنت الـ..... 
ـــــــــــــــــــــ
تجول في الغرفة ذهاباً و إياباً و هذا بعدما تذكرت أمر عمار الذي يبدو إنه وقع في كارثة ستهلك به إذا لم تلحق به و تعطيه المال. 
أمسكت هاتفها تتردد في الإتصال عليه و تخبره إنها لم تستطع أن تساعده نظراً للظروف التي لديها.

و إذا به و هي آسيرة أفكارها وجدت الباب فُتح علي مصرعه ولج إليها معتصم يحمل صينية الطعام: 
- صباح الخير.

ولت إليه ظهرها و لم تجب، وضع الصينية أعلي الطاولة قائلاً: 
-أحمدي ربنا إن حبستك في الأوضة و مخلتكيش تخرجي، تخيلي لو روحتي لخالك  تفتكري لو قولتي له عايزة أتطلق هيفتح لك درعاته و يقولك من عينيا!، ده يوم ما حضر كتب الكتاب خد ديله في سنانه و مشي علي طول كأنه جاي يقضي مهمة تقيلة علي قلبه،  و لا أخوكي ذات نفسه اللي بيموت علي الجنيه   يا سلام لو قولتي له عايزة أتطلق تخيلي برضو كده إيه يا تري هاتكون ردة فعله!

استدارت و رمقته بإمتعاض تحول إلي إزدراء قائلة: 
- و أنت بقي تفرق إيه عنهم!

أقترب منها و وقف أمامها مباشرة:
- أنتِ أكتر واحدة تعرفي الفرق بيني و بين غيري كويس.

أبتلعت لعابها عندما ظنت لوهلة بأن لديه علم بأمر عمار، لكن سرعان ما تلاشي ظنها و هو يردف: 
- أنا عمري ما كنت زي أخوكي و لا هاكون  زيه أبداً.

رمقته بعتاب و حزن ثم أخبرته: 
- بس مديت إيدك عليا.

شعر بغصة في قلبه عند تذكره صفعه لها لكن تذكر أيضاً السبب الذي دفعه فقال: 
- أنا ضربت لما رديتي عليا بقلة أدب، تقولي لي أنا كداب و خاين و إبن أمي!

- عايزني أقولك إيه و أنت بتقول هاتجوز عايدة!

رفع إحدي حاجبيه قائلاً: 
- و أنتِ خلاص شوفتيني روحت أتجوزتها!، شوفتي بقي كان عندي حق لما قولت لك إنك ما عندكيش ثقة فيا!

ردت بعند و مكابرة: 
- لو قصدك علي موضوع الرسالة فيه فرق ما بينه و بين أنك واقف و بتتكلم جد و تقول لمامتك قدامي أنك موافق علي جوازك من أرملة أخوك و لا كنت بتغيظ فيا و تحرق في دمي!

إبتسم رغماً عنه و قال: 
- ما أنتِ طلعتي ذكية أهو، ليه بقي طولة اللسان و تجيبي لنفسك الضرب.

عقدت ساعديها أمام صدرها كالطفلة بتذمر: 
- أنا لما بتعصب ما بعرفش أنا بقول إيه و أنت كمان غلطت لما ضربتني بالقلم و أنت عارف موضوع الضرب ده أكتر حاجة بكرهها.

أقترب منها و أحتضنها: 
- أنا هاعلمك إزاي تتحكمي في لسانك ساعة غضبك و بالنسبة للقلم. 
دنا بشفتيه نحو خدها الذي قام بصفعه و طبع عليه قُبلة ناعمة ثم أردف: 
- لسه زعلانة؟

هزت رأسها بالنفي و أجابت: 
- لاء، و أنا كمان بقولك آسفة علي الكلام اللي قولته لك و أنا متنرفزة.

- و أنا مش قابل الإعتذار.

رمقته بتعجب و حزن فأردف بإبتسامة ماكرة: 
- قصدي مش هقبله كلام.

سألته بتوتر و دقات قلبها تخفق بقوة عندما رأت بريق العشق في عينيه: 
- أومال أنت عايزني أعتذر لك إزاي؟

رد بنبرة حالمة تنضح بفيض من العشق كغيث يهطل علي صحراء قاحلة فجعلها مروج خضراء تُسر الناظرين إليها: 
- الإجابة مش كلام، الإجابة همس.

و أقترب من أذنها و همس: 
- بحبك أوي و أنتِ عندي بكل ستات العالم.

ثم أمسك بيدها و وضعها فوق صدره لدي موضع قلبه و أردف: 
- و لمس، ألمسي قلبي و حسي بكل دقة فيه و هي بتقول بعشقك يا ليلة و لا ألف ليلة و ليلة.

و دنا نحو شفتيها و قال: 
- و إحساس، عايزك تحسي بكل همسه و لمسة مني ليكِ يمكن ده يجدد ثقتك فيا و يعرفك ليلة بالنسبة لمعتصم تبقي إيه.

رمقته بنظرات عشق و وله: 
- و أنا مش بثق في أي حد غيرك أنت و بس،  و أي ردة فعل ليا كانت من غيرتي عليك و حبي لـ....

- هوسس... 
جعلها تكف عن الحديث بوضع سبابته علي شفتيها و أخبرها: 
- عارف، ممكن ننسي اللي حصل و خلينا نعيش كل لحظة حلوة و نستمتع بيها و ما نخليش أي حاجة تنكد علينا تاني!

أومأت له و الإبتسامة تشق ثغرها من الأذن للأذن الأخري ثم تفوهت بحروف إسمه بدلال يسلب الألباب و يقفز له الفؤاد: 
- معتصم.

- قلبه و روحه.

- أنا لو فيه كلمة أقوي من كلمة بعشقك فده اللي أنا حساه،ربنا ما يحرمني منك و يبارك لي فيك.
أحتضنها بقوة و قال:
- أنا بقي اللي جوايا أضعاف حبك ليا و عارف إيه هي الكلمة اللي أقوي من العشق.

نظرت إليه بإستفهام فأردف مُبتسماً:
- كلمة ما بتتقالش بتتحس كده.

و أنهال علي شفتيها بسيل من القُبلات  يتخللها همس يطرب قلبها الصغير و يجعله يقفز و يود أن يترك صدرها و يذهب إلي قلب عاشقه و يعانقه بشدة. 
ـــــــــــــــــــــ
و في المساء في غرفة عايدة، تجلش شاردة تضيق عينيها و هي تعقد العزم علي أمر ما و هذا بعدما أجري عمار الإتصال بها صباح هذا  اليوم ليقوم بتهديدها إذا لم تأت له بالمبلغ الذي يريده سوف يقوم بفضحها أمام الحارة لا سيما عائلة زوجها المتوفي و تصبح خاسرة كل شئ.
أرتدت ثيابها السوداء و خبأت في حقيبتها غطاء الوجه.

ترجلت من سيارة الأجرة حيث ثم دلفت إلي داخل البناء الذي يقطن به عمار لتنفذ مخططها الشبطاني و التي ستطيح به كلا من عمار و ليلة. 
وجدت باب غرفته مفتوحاً و رأته مستلقي علي وجهه أقتربت منه و وكزته بإصبعها : 
- عمار، عمار .

و إذا به و هي تزيحه لعله يستيقظ تفاجأت بجسمانه ينقلب علي ظهره و لدي نحره قطع بالعرض تتدفق منه الدماء و جواره سكين ملطخة بدمائه ،  يبدو إن أحدهم قام بذبحه شهقت بفزع و قامت باللطم علي خديها: 
- يا لهوي يا لهوي.

أبتعدت و ألتقطت أنفاسها حتي أتي لها أبليس بفكرة من الجحيم، أخرجت من حقيبتها دزينة من المال و أساور ذهبية ألقت بها في زاوية من الغرفة ثم تناولت محرمة ورقية لتمسك بها السكين و تحرص أن لا تلامس يدها مباشرة و غلفتها بعدة أوراق من المحارم و وضعتها في حقيبتها و قبل أن تغادر بحثت عن هاتفه المُلقي جواره و قامت بمسح أي إتصال وارد و صادر بينهما و كذلك الرسائل أيضاً، و بعدما أنتهت بأسرع خطوات لديها ركضت قبل أن يراها أحد. 
ــــــــــــــــــــ
أستيقظت ليلة بعد غفوة فوجدت نفسها بين ذراعيه و رأسها علي صدره العاري، إبتسمت عندما تذكرت ما حدث لعدة ساعات بينهما و كلماته التي ظل يلقيها علي مسامعها و جعلها ترفرف كالطير من فرط ما تشعر به من لذة الحب و العشق الذي يأسر حواسك. 
و إذا بأمر ما يضرب ذاكرتها و يعصف بتفكيرها و ما هو سوي أمر عمار الذي تلاشي بمجرد قرب معتصم منها، نظرت إليه و هو نائم في سكون، أخذت تلمس بأطراف أناملها بشرته و تتأمل ملامحه التي أصبحت تعشق كل إنش بها فقالت بداخل عقلها: 
- يا تري يا معتصم لو حكيت لك عن عمار هتسامحني!، و لا هاتكون ردة فعلك حاجة تانية!، أنا خايفة أخسرك بعد ما لاقيتك و حبيتك و عايشة معاك أجمل أيام عمري.

أتاها صوت آخر من النفس اللوامة: 
- أحكي له و قولي له علي كل حاجة و ما تخليش حد يهدد حياتك، هو بيحبك و أحن الناس عليكِ، عمار كان مجرد تجربة و عدت و أديكي أتعلمتِ من أخطائها و ربنا رزقك بزوج صالح شايلك جوه قلبه و لما يعرف إنها تجربة قبل ما يكون جوزك بالتأكيد ده هيكون دافع قوي إنه يسامحك، و لو زعل جامد أو غضب يبقي من غيرته و حبه ليكِ بس في النهاية هو بيحبك و ما يقدرش يستغني عنك، يا ليلة الأصعب من البلاء هو إنتظار حدوثه.

سحبت جسدها من بين ذراعيه ثم ألتقطت المأزر خاصتها المُلقي علي الأرض بجوار الفراش فأرتدته و هي ترد علي حديث نفسها: 
- بس قبل ما أحكي له لازم أقفل صفحة الماضي.

أمسكت هاتفها و بدأت بالمس الحروف لتكتب رسالة فحواها كالتالي
( آسفة يا عمار مش هاقدر أساعدك من ورا جوزي لأن كده تبقي خيانة و أنا عمري ما كنت خاينة
أرجوك إبعد عني و إنساني و ربنا يرزقك باللي أحسن مني)

ضغطت علي علامة الإرسال، و علي الجانب الآخر لدي جثة عمار، تصل دماءه إلي هاتفه الذي أضاء للتو مُعلناً عن الرسالة الواردة.

صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹

الفصل السابع عشر
ما بين الحب والحرمان
بقلم ولاء رفعت علي

تتلاطم الأمواج علي صخور شاطئ عروس البحر، توقفت سيارة أجرة جماعية أمام إحدي الشوارع القريبة من الكورنيش و ترجل منها حبشي ذو الهيئة المزرية و شعره المبعثر  يبدو كالذي فقد رشده، صعد أعلي الرصيف ثم أخرج من جيبه ورقة مدون بها العنوان و عندما وجد إنه وصل إلي المكان المنشود مسح علي شاربه و قال بتوعد: 
- هانت يا هدي أبقي وريني منظرك و أنتِ بتبوسي إيدي عشان أرحمك هوريكي وش حبشي التاني اللي عمرك ما شوفتيه. 
و تجلت إبتسامة شيطانية علي ثغره، و علي بُعد أمتار بداخل بناء مرتفع...

تجلس هدي أمام التلفاز لكنها لم تنظر إليه بل تتأمل صغيريها و هما يلاعبان و يركضان في الردهة و يدور ذهنها عدة أفكار عديدة عندما تتذكر أمر زوجها الذي سرقت أمواله و هربت،أحياناً تشعر بالندم لكن عندما تعود ذاكرتها عليها بما كان يفعله معها من معاملة قاسية و يدخر أمواله و يبخل عليها و علي أولادهما كان ذلك كافياً ليجعل الشعور بالندم سرعان ما يتبدد علي الفور.

- يلا يا محمد، يلا يا بسنت تعالو يا ولاد كولو الفشار و التسالي. 
كان صوت خالتها التي خرجت من المطبخ و تحمل صينية كبيرة مليئة بأطباق التسالي و ذرة الفشار، ترك الأطفال اللعب و ركضا إليها و قبل أن يتناول أي منهما شيء توقفا ينظران إلي والدتهما فسأل الولد والدته: 
- أكل يا ماما؟

أنتبهت هدي إليه و ربتت عليه: 
- كُل يا حبيبي.

نظرت إليهم الخالة بشفقة و قالت : 
-أنتو بتستأذنو في بيت خالتكم كده هزعل منكم، كولو يا حبايبي الخير كتير.

عقبت هدي علي ما حدث: 
- معلش يا خالتي أصل أبوهم معودهم ياكلو و يشربو بستأذان.

- ماشي يا بنتي ده لو كان هما في بيت حد غريب لكن هيستأذنو في بيت أبوهم!

إبتسمت الأخري بسخرية و قالت: 
- دي أقل حاجة يا خالتي، لو حكيت لك علي اللي كان بيعمله مش هاتصدقي، يلا الله يسامحه.

ربتت خالتها عليها و سألتها: 
- لسه بتحبيه رغم كل اللي شوفتيه معاه؟

أطلقت تنهيدة ثم أجابت و عبراتها تجمعت للتو: 
- للأسف يا خالتي برغم كل ده لسه بحبه، قلبي بيحبه و عقلي كارهه مش عارفه أعمل إيه، أنا في دوامة و خايفة و تايهة، حسبي الله و نعم الوكيل. 
و أطلقت سراح دموعها الأسيرة فأحتضنتها خالتها و اخذت تربت عليها بحنان و بمواساة: 
- ما تخافيش يا حبيبتي أنتِ هنا في أمان و الحمدلله إنه ما يعرفش أنا عايشة هنا يعني عمره ما يقدر يوصلك و ربنا يريح بالك و يشيل الحزن من قلبك.

صدح رنين جرس الباب، نهضت الخالة قائلة: 
- هتلاقيه عمك مراد بس إيه اللي رجعه من الشغل بدري كده.

و بمجرد أن فتحت الباب وجدت من يدفعها من أمامه و يصيح بصوت غليظ و جهوري: 
- هي فين الخاينة الحرامية؟

أنتفضت هدي و نهضت، ركض نحوها الصغيرين يرتجفان بخوف، لحقت به الخالة توبخه: 
- أنت مين سمح لك تدخل و كمان بالطريقة الهمجية دي!

أزاحها بيده من طريقه قائلاً : 
- و النبي أركني علي جمب يا حاجة أنا جاي أخد مراتي عشان ليها عندي حساب عسير.

صرخت هدي و كان الخوف يبدو عليها: 
- ده بعينك، عمري ما هرجع لك تاني يا بخيل يا معفن.

و في لحظة كان شعرها في قبضته و يخبرها بتهكم و صياح: 
- مين البخيل و المعفن يا حرامية يا بنت الـ....

حاولت الخالة دفعه و تخلصها من يده: 
- أبعد عنها يا حبشي و عيب اللي بتعمله ده، أبعد أحسن ما أتصل بالبوليس.

رمقها بنظرة من نار قائلاً بتحدي: 
- أتصلي يا ست الحاجة بس هيجو ياخدو بنت أختك الحرامية اللي سرقت شقي عمري.

ردت الخالة بصياح: 
- مفيش اللي أنت بتقوله ده و أبعد إيدك عنها أحسن لها.

- يا وليه غوري من وشي أنا محترم سنك و محترم إن في بيتك.

صرخت هدي و هي تحاول التملص من قبضته: 
- أتصلي بالبوليس يا خالتي.

فقالت الخالة: 
- أنت بني آدم قليل الأدب و زبالة و إستحالة هدي تقعد علي ذمتك دقيقة كمان.

صرخت هدي: 
- طلقني يا حبشي.

أخذ يدفعها ذهاباً و إياباً و شعرها ما زال في قبضته: 
- أخد فلوسي الأول يا حرامية و هاطلقك بالتلاتة.

رمقته بغضب و عينيها باكية: 
- ده علي جثتي، الفلوس دي حق سنين عمري اللي ضاعت معاك و صبري علي بخلك و حق عيالك اللي فضلت حارمهم من كل حاجة.

ما زاده حديثها سوي تأججت نيران مراجل غضبه أكثر فأكثر بدلاً من أن يعترف بخطأه قال لها: 
- علي جثتك!، أستحملي بقي اللي هعمله فيكي.

و كاد يصفعها حتي وجد قبضة قوية، صاحت الخالة: 
- شريف!

فسأله حبشي بإستهزاء و يبدو علي وجهه إمارات الشر و علي وشك أن يهاجمه: 
- و مين أنت يا عم الأمور؟

كان شريف ينظر إلي هدي التي تسمرت في تلك اللحظة و نظرات الخوف تنضح من عينيها بينما قالت الخالة: 
- شريف يبقي إبني يا حبشي.

نظر شريف إلي والدته و قال لها: 
- ماما، خدي هدي و الولاد و أدخلو جوه.

و قبل أن تخطو هدي خطوة أوقفها حبشي و يقبض علي ساعدها: 
- مش هاتخطي غير رجلها علي رجلي،  و أنت مالك و واحد جاي ياخد مراته إيه اللي يحشرك ما بينا.

رمقه شريف بتهديد جلي و أخبره: 
- إحمد ربنا إن أنا جيت في الوقت المناسب و زي ما هي مراتك أنا أبقي ابن خالتها و لما ألاقيك تمد إيدك عليها مش هاسكت لك.

ترك حبشي ذراعها و أبتسم بتهكم و سأله: 
- مش هاتسكت إزاي يا عم شريف!، طيب و عليا الطلاق لأنا واخدها حالاً و لو دكر أبقي أتكلم حتي.

و جذب زوجته من خصلاتها مرة أخري مما جعل الأخر ينفذ صبره و لم يتحمل حماقة ذلك الوغد فزمجر كالوحش قائلاً: 
- الظاهر الذوق و الأدب ما ينفعوش مع واحد حيوان زيك.

و أخذ يكيل له اللكمات و الركلات،  بينما ركضت هدي بعيداً عندما حررها زوجها خصلاتها من قبضته و أخذت تصرخ بتوسل: 
- خلاص يا شريف بالله عليك. 
ـــــــــــــــــــــ
تمكث عايدة في غرفتها منذ أن عادت و بعدما علمت من نفيسة أن كلا من معتصم و ليلة غادرا المنزل، أخذت تفكر فيما هي مُقبلة عليه و حينما تتخيل نجاح تلك الخطة الشيطانية فقلبها يتراقص من السعادة، تريد إزاحة ليلة بشتي الطرق من أمامها.

و دقائق كانت تخطو بخفة بعد أن سرقت مفتاح شقة معتصم من نفيسة التي تغط في النوم منذ قليل، أدارت المفتاح داخل قفل الباب و ولجت إلي الداخل، ذهبت إلي المطبخ فتحت الضلفة العليا لتضع بها السكين الملفوف لكنها تراجعت. 
خرجت و أتجهت إلي غرفة النوم و قررت أن تضعها داخل خزانة الثياب لاسيما الرف الذي يخص ثياب ليلة و قامت بدسها أسفل الثياب المطوية و ما أن أنتهت من مهمتها غادرت علي الفور.

دلفت إلي غرفتها و أمسكت بالهاتف، و قامت بإدخال شريحة ثم أجرت إتصالاً: 
- ألو، أنا عايزة أبلغ عن جريمة قتل!

ــــــــــــــــــــــ
داخل قسم الشرطة يقف كلا من حبشي و يكبل أحد يديه أصفاد حديدية طرفها الأخر بيد العسكري، وجهه ملئ بالكدمات مما زاد مظهره رعباً و تجلس هدي التي تبكي أمام مكتب الضابط و أمامها يجلس شريف إبن خالتها. 
قال الضابط: 
- أهدي يا مدام هدي و بطلي عياط عشان عايز أسمع أقوالك.

مال شريف للأمام قليلاً نحوها و أخبرها: 
- بتعيطي ليه إحنا هنا أصحاب حق و الرائد عماد يبقي صاحبي.

صاح حبشي بصوت كالحمل الوديع المجني عليه: 
- يا باشا أنا اللي المفروض أقدم بلاغ فيهم هما الأتنين مراتي الحرامية اللي سرقت فلوسي و هربت علي هنا و لما روحت لها عند خالتها و بسألها الفلوس فين جه إبن خالتها اللي قاغد قدامك ده و نزل فيا ضرب يعني أنا بقدم بلاغين كده.

عاد الضابط بظهره إلي الوراء و رمق حبشي بسخرية و أخبره: 
- أولاً مراتك لو خدت منك فلوس في عرف القانون ماتبقاش جريمة سرقة إلا إذا زورت في أوراق باسمك بيع و شراء عقود ملكية لكن خدت فلوس منك دي مسأله تحلوها ما بينكم و من غير تعدي أي طرف فيكم علي التاني و وشها عليه آثار ضرب، إما بالنسبة لأستاذ شريف ده يبقي بيته هو و والدته و أنت اللي جيت تعتدي عليهم بالضرب و السب و القذف و الجيران تشهد و شئ طبيعي هيدافع عن نفسه و عن أهل بيته حتي بنت خالته اللي تبقي مراتك.

صاح حبشي مرة أخري بسخط و إساءة: 
- اه هي بقت كده و اللي سمعته ده صح، أنت و هو أصحاب فعايز توجب مع صاحبك و تلبسوني مصيبه و أنا مش هاسكت.

- أخرس يا متهم و خدو يا عسكري تحت في الحجز. 
ثم نظر إلي كاتب المحضر و أمره: 
- ضيف عندك علي المحضر تهمة التعدي علي السلطات، خليه يتعلم الأدب و يتربي له كام سنه في السجن.

هنا توقفت هدي عن البكاء و نهضت لتتوسل الضابط: 
- أرجوك يا بيه أنا خلاص متنازلة بس بلاش تحبسه.

رمقها شريف بصدمة فقال للضابط : 
- معلش يا عماد ممكن أتكلم معاها دقيقتين علي إنفراد.

لبي الأخر طلبه و حينما أصبح كليهما بمفردهما  قال لها: 
- هتتنازلي عن حقك، بعد ما ضربك و بهدلك و لولا أنا جيت في الوقت المناسب الله أعلم كان عمل فيكي إيه!

أزاحت عبراتها بأطراف أناملها من عينيها ثم قالت: 
- يا شريف إحنا ملناش غيره أنا و العيال، لو طلقني مين اللي هايستحملني بولادي و أمي يادوب معاش أبويا يكفيها بالعافية،  و غير المصاريف العيال محتاجين أبوهم زي ما هم محتاجيني.

عقد حاجبيه و هز رأسه برفض: 
- أنا مستغرب تفكيرك، إزاي تقبلي تعيشي مع واحد حسب ما سمعت إنه بخيل و مجوعك و بيعملك اسوأ معاملة من ضرب و إهانة، إزاي تقابلي كل ده علي نفسك.

أطلقت زفرة لعلها تزيح و لو قليلاً عما بداخلها من حزن دفين ثم قالت: 
- ساعات الظروف و الحياة بيحكمو عليك ترضي بالأمر الواقع و كمان لما تبقي مسئول عن أطفال يبقي لازم تفكر فيهم قبل نفسك.

- غلط يا هدي، لو كنتِ فاكرة إن اللي بتعمليه ده عمل بطولي و أهم حاجة سعادة ولادك حتي لو علي حساب حياتك ده يبقي إسمه إنتحار، عايشة مجرد جسد من غير روح، و ليه كل ده و أنتِ ربنا و دينك حافظ لك حقوقك لما تلاقي عيشتك مع جوزك مستحيلة و فيها ضرر نفسي و مادي عليكي و علي أولادك ليه تكملي، ليه تيجي علي نفسك لحد ما في يوم يسبب لك عاهة مستديمة و لا لا قدر الله يديكي خبطة تموتي فيها، ساعتها هترتاحي بس هاتسيبي عيالك هيتبهدلو مع أب ظالم و بخيل و مفيش في قلبه رحمة.

ردت بتأفف و إصرار: 
- في ستات كتير عاشت و أستحملت و كان بيحصلهم اللي اسوأ من الضرب و برغم كده كملوا عشان خاطر ولادهم.

أخبرها بتهكم و غضب : 
- و في الأخر يطلعو لنا عيال معقده نفسياً و يكملو مسيرة أبوهم في الهمجية و القرف اللي ما بيخلصش.

صمتت و لم تعلم بماذا تجيب عليه، فلديه حق لكن ما بيدها حيلة أو شئ تفعله، تخشي كلمة مطلقة و كذلك حمل مسئولية طفليها بمفردها و ما ستواجهه من بطش زوجها بعد الطلاق من مضايقات و التهرب من دفع النفقة.

- أنت بتتكلم بقلب جامد يا شريف عشان أنت مش في مكاني و اللي إيده في الميه مش زي اللي في أيده في النار.

نهض و وقف أمامها ليدافع عن نفسه من ذلك الإهتمام و يفجر لها ما بداخله : 
- أنا قلبي اللي في النار من زمان يا هدي، من وقت ما أتفجأت زي أي حد غريب و عرفت بخبر جوازك في نفس يوم الفرح، و برغم كدة جيت بس وقفت من بعيد عشان أقدر أشوفك لاقيتك فرحانة، و أنا عشان بحبك كنت بتمني لك تكوني سعيدة أهم حاجة.

أتسعت عيناها و غرت شفاها بصدمة فأردف: 
- أيوه بحبك و مازالت بحبك و كنت بتابع أخبارك من بعيد لبعيد، أنا لما شوفته و هو بيمد إيده عليكي كان نفسي أقطع له إيده دمي غلي و ما أستحملتش، يا هدي أنتِ اللي زيك يتشال علي الراس و يتحط جوه العين.

نهضت و تهربت من النظر إليه، أمسكت بمتعلقاتها قائلة: 
- أنا عايزة أمشي.

عقد حاجبيه بضيق فسألها: 
- انا عارف كلامي مش وقته، بس ارجوكِ فكري في الكلام التاني و بصي ليكِ و لولادك، لو التنازل عن المحضر هيرضيكي هاعمل اللي يريحك.

- أنا هتنازل عن المحضر عشان مش عايزة حد في يوم من الأيام يعاير عيالي و يقولهم يالا يا للي أمكم سجنت أبوكم أو ياللي ابوكم رد سجون.

ــــــــــــــــــــ
يمسك في يديه كوبين من مشروب حمص الشام الساخن و يسير نحو تلك الجالسة أعلي السياج علي كورنيش النيل كانت تغني مع الأغنية الصادرة من المركب الراسية علي الشاطئ: 
- علي عش الحب طير يا حمام...

صمتت عندما وجدته يقف أمامها و يتأملها بإبتسامة حالمة فقال لها: 
- كملي، وقفتي ليه.

ضربت حُمرة الخجل خديها فأشاحت وجهها و نظرت نحو مياه النيل المتلألأة: 
- أصل بتكسف أغني قدام حد، أخري أدندن مع نفسي لما بكون فرحانة و مبسوطة.

عقد حاجبيه بحزن زائف: 
- و أنا بالنسبة لك أبقي حد!

هزت رأسها بالنفي ثم أجابت: 
- أنتَ ليا العالم كله.

غر فاهه بسعادة و ترك الكوبين جانباً علي السياج و أقترب منها ليخبرها بحماس شديد: 
- عارفة أنا لو قولت لك حاسس بإيه دلوقت و نفذت اللي حسه هانتمسك بفعل فاضح في الطريق العام.

أطلقت ضحكاتها إلي العنان و شاركها الضحك أيضاً حتي توقفت عن الضحك و عقبت: 
- خير اللهم أجعله خير، قلبي حاسس آخرة الضحك دي نكد مستنينا.

أمسك يدها بحنان و قال: 
- طول ما أنتِ جمبي فرحة الدنيا و ما فيها، يبقي النكد هيجي منين!

رمقته بعتاب و أجابت باللوم: 
- جوازك من عايدة ده يبقي إيه إن شاءالله.

تذكر إلحاح والدته و ماحدث في الأيام المنصرمة، أطلق زفرة من أعماقه ثم أخبرها: 
- بصي للمرة الأخيرة بقولها لك يا ليلة، أنا قلبي اللي يملكه واحدة بس، هي اللي خطفتني من أول نظرة لدرجة ما بقتش شايف غيرها و بس.

صدق كلماته أخترق فؤادها فأصابته كالسهم مما جعل بريق عيناها قد توهج و أصبحت تلمع كالنجوم في سماء ليلة شاعرية صافية، أتسع ثغرها ببسمة تنضح بعشق غامر: 
- أنا بحبك أوي يا معتصم، حب عمري ما سمعت عنه و لا هايكون زيه.

نزلت من فوق السياج و رمقته بسعادة تملأ الكون بهجة و سرور قائلة: 
- بمناسبة اللحظة الحلوة أوي دي ليك عندي مفاجأة.

قطب ما بين حاجبيه و رمقها بفضول فسألها : 
- ممكن أعرف إيه هي ده لو معندكيش مانع يعني.

إبتسمت و قامت بالضغط علي وجنته بإصبعيها السبابة و الإبهام: 
- و لما هقولها لك هاتبقي مفاجأة إزاي!

أمسكت بيده و خللت أناملها الرقيقة بين خاصته الغليظة و أردفت: 
- يلا بينا نروح و لما نوصل بيتنا هحكي لك عن المفاجأة عشان دي محتاجة طقوس خاصة. 
ــــــــــــــــــــــــــ
- يا بنتي هاتروحي فين الساعة دي، عيب اللي بتعمليه ده. 
قالتها خالة هدي التي ردت و تتجنب النظر إلي شريف الجالس في حالة صمت: 
- معلش يا خالتي أنا هانزل في أي فندق و هاشوف لي شقة إيجار.

رمقتها بغضب و قالت: 
- فندق و شقة إيجار و أنا موجودة!، ما تقولها حاجة يا شريف.

و قبل أن يتحدث الأخر بحرفٍ واحد سبقته بإصرار و لهجة حادة موجهة إليه: 
- خالتو أنا مش صغيرة، و بعدين أنا عايزة أبقي علي راحتي.

نهض شريف و ينظر إليها بإمتعاض: 
- أنا أصلاً رايح أقعد في الشاليه، أتفضلي خليكِ هنا علي راحتك.

رمقته بتحدي و إصرار عاقدة ساعديها: 
- و أنا قولت هامشي يعني هامشي.

زفرت الخالة بسأم و قالت: 
- علي راحتك يا بنتي، و أنا شقتي مفتوحه ليكِ في أي وقت.

أبتسمت لها هدي: 
- شكراً يا خالتو.

و همت بالذهاب فقامت بالنداء علي صغيريها و قبل أن تفتح الباب و تغادر أوقفها شريف قائلاً: 
- أستني هاجي أوصلك.

رفعت إحدى حاجبيها و الرفض بادي علي ملامحها: 
- شكراً، أنا هاخد تاكس.

أطلق زفرة بنفاذ صبر و قبل أن يتهور بفعل أهوج تركها و دلف إلي الداخل، بينما هي ذهبت برفقة صغيريها، وصلت إلي نهاية الشارع الذي يعمه الهدوء، أنتظرت لدقائق علها تجد سيارة أجرة حتي توقفت أمامها سيارة أجرة خاصة، سألت السائق الذي يرتدي قبعة و نظارة شمسية يخفي بها معظم وجهه: 
- في فندق قريب من هنا يا سطا؟

أكتفي بالإيماءة و لن تدقق في ملامح هذا الغريب، فتحت الباب، فولج الأولاد إلي داخل السيارة و وضعت الحقائب جوارهما بينما هي جلست في المقعد الأمامي بجوار السائق الذي بمجرد أن دخلت و أغلقت الباب، أنطلق بسرعة جعلتها تشعر بالقلق لاسيما بعد أن وجدته يضغط علي زر أوصد كل الأبواب و النوافذ، ألتفتت إليه و سألته بخوف جلي: 
- أنت بتقفل الأبواب ليه؟

رفع زواية فمه بإبتسامة ساخرة ثم بدأ يخلع القبعة و النظارة و رمقها بنظرة تكفي أن تخبرها بالذي ينتظرها من أهوال: 
- معقول يا دودو معرفتيش حبشي جوزك حبيبك أبو عيالك.

أطلقت صرخة فقام بدفع رأسها إلي الأمام و يصيح بها: 
- أخرصي أنا لسه عملت فيكي حاجة!

أصتدمت جبهتها في التابلوه مما أفقدها الوعي في التو و هذا كان علي مرأي و مسمع الصغار، أكتفي كليهما بالبكاء و جسدان يرتجفان بشدة من الخوف. 
ـــــــــــــــــــــ
و لنعود إلي معتصم و ليلة التي تُعد ليلة و لا ألف ليلة حيث طلبت منه بأن ينتظرها في الأسفل و يصعد إليها بعد أن تقوم بمهاتفته ريثما تنتهي من إعداد طقوس مفاجأتها.

كان يقف داخل الشرفة لدي منزل والدته و كانت تتحدث في الهاتف، بينما هو ينفث دخان سيجارته في الهواء الطلق فشعر بخطوات خلفه، علم في الحال صاحبة الخطوات: 
- عايزة إيه يا عايدة، و لا تكوني ناوية تعترفي و تقولي مين أبو اللي في بطنك!

و ابتسم بتهكم فوقفت جواره و أرتسمت علي ملامحها إمارات القلق و الخوف: 
- اللي في بطني يبقي إبن عشيق مراتك.

و في لحظة كانت تلابيب عبائتها في يديه،قائلاً بغضب من بين أسنانه: 
- أقسم بالله كلمة تانية علي مراتي لهكون رميك من البلكونة و لا يهمني.

أمسكت بيديه و رمقته بتمثيل مُتقن لتكمل له السيناريو الذي علي وشك أن يتم: 
- و رحمة أخوك ما بكدب، ليلة فعلاً كانت علي علاقة بواحد إسمه عمار و لما أنت أتجوزتها فضل يكلمها و مرة جالها هنا، و لما نزلت السوق كان مستنيها يشوفها، فضلت مراقباها لحد ما عرفت إنها بتروح له المكان اللي عايش فيه، شافتني و هددتني إن لو مابعدتش عنها و لو اتكلمت بحرف هتخلي اللي إسمه عمار يدلق علي وشي مية نار، و في آخر مرة سمعتها بتقول إنها رايحة له روحت هناك عشان أصورهم و ابعت لك الصور كدليل بدل ما أنت ما بتصدقنيش، أتاريه كان كمين من عشيقها، ضربني علي راسي و فوقت لاقيته ربطني في السرير و...

تصنعت الحرج فأردفت: 
- و عمل اللي عمله معايا بالغصب و صور فيديو بكده و هددني لو أتكلمت هينشر الفيديوهات دي علي النت، مراتك جت لي بعدها بيومين و عرفت اللي حصلي فضلت تشتم و تزعق إنه إزاي عمل معايا كده، تقدر تقول غارت و أستحلفت لي إنها هاتدفعني تمن اللي حصل ده غالي،  أنا عارفة إنك مش مصدقني بس مصير الأيام تثبت لك.

كانت نظرات عيناه كالذي فقد صوابه، جاحظة من صدمة ما سمعه للتو فقاطع أفكاره المُظلمة في تلك اللحظة صوت سيارة الشرطة التي توقفت أمام منزله و ترجل منها رجال الشرطة.

و بالأعلي قد أنتهت للتو من إعداد السهرة الرومانسية و أضواء الشموع و صوت الموسيقي الذي قاطعها رنين الجرس و طرقات شديدة علي الباب، ظنت إنه هو فقالت: 
- للدرجدي مش قادر تصبر، حاضر أنا جاية أ...

فتحت الباب فـ تفاجأت برجال الشرطة أمامها، شدت من طرفي مأزرها و تناولت وشاحها الموضوع أعلي منضدة بجوار باب المنزل، أرتدت الوشاح علي رأسها بعشوائية و الضابط يسألها: 
- أنتِ ليلة محمد نصار؟

ابتلعت ريقها بخوف و رهبة ثم أجابت: 
- ايوه أنا

صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹

الفصل الثامن عشر
ما بين الحب والحرمان
بقلم ولاء رفعت علي

فتحت الباب فـ تفاجأت برجال الشرطة أمامها، شدت من طرفي مأزرها و تناولت وشاحها الموضوع أعلي منضدة بجوار باب المنزل، أرتدت الوشاح علي رأسها بعشوائية و الضابط يسألها: 
- أنتِ ليلة محمد نصار؟

ابتلعت ريقها بخوف و رهبة ثم أجابت: 
- ايوه أنا.

رفع أمام بصرها ورقة قائلاً: 
- معانا أمر بالنيابة بالقبض عليكِ.

حاولت إستيعاب ما قيل لها للتو و قبل أن تسأل لما فسبقها زوجها الذي صعد للتو و خلفه كلا من والدته و عايدة،يسأله بعد أن أمسك زوجته و جعلها تقف خلفه بسبب ما ترتديه من ثياب لا يجب أن يراها بها سوي زوجها رغماً من أنها ترتدي معطف حريري محتشم : 
- القبض عليها بتهمة إيه حضرتك؟

أجاب الضابط بنبرة حادة: 
- أسأل المدام و هي هتقولك. 
و أشار إلي الرجال قائلاً: 
- أدخلوا فتشوا.

ولج الرجال و سرعان أنتشروا في جميع أرجاء المنزل، لم يتحمل معتصم ما يسمعه أو يراه فسأل الضابط مرة أخري: 
- لو سمحت ممكن حضرتك تفهمنا، دلوقتي بتقولي معاك أمر من النيابة بالقبض علي مراتي و المفروض هتاخدوها علي القسم أنا بقي من حقي أعرف تهمتها إيه؟

كانت ليلة ترتجف خوفاً لا تصدق ما يحدث، و ما تلك الجريمة التي أرتكبتها؟ 
- لاقينا دي يا باشا في المطبخ.

و أعطاه الكيس البلاستيكي و به السكين الملفوف، أخذه الضابط و نظر إلي ليلة يسألها بتهكم: 
- واضح إن مدام ليلة ملحقتش تتخلص من السكينة.

تنظر الأخري بعينين جاحظتين من هول ما تري، فأخذت تردد بنفي: 
- أنا معرفش عنها حاجة و الله.

و رمقت زوجها و تتشبث بذراعه: 
- معتصم ألحقني....

- هاتوها علي البوكس. 
كان أمر الضابط و قبل أن يقترب منها أحدهم فقال معتصم: 
- لو سمحت ممكن تغير هدومها ما ينفعش تروح بالمنظر ده سعادتك. 
※ ــــــــــــــــــــــ ※
شهقة فزع قوية أنطلقت من فاه هدي الجالسة علي كرسي خشبي قديم مُقيدة اليدين و القدمين و هذا بعدما ألقي زوجها علي رأسها دلو من الماء المثلج 
، يرمقها بشر بعدما افرغ كل الحقائب رأساً علي عقب و لم يجد سوي ملابس أولاده و زوجته.

- إيه كنت فاكرة هاصحيكي بالورد و الأحضان، ده أنا لسه هوريكي النجوم في عز الضهر يا حرامية.

أنقض علي تلابيب عبائتها و هدر بها: 
- فلوسي فين يا بنت الـ...، خبتيهم عند خالتك و لا أمك؟

أخذت تلتقط أنفاسها من إثر ما أقترفه للتو ثم قالت و ترمقه بإزدراء : 
- ريح نفسك أنا شيلتهم بإسم عيالك و أنا الواصية عليهم عشان ده حقهم اللي حرمتهم منهم طول السنين اللي فاتت.

أطلق قهقهة ساخرة ثم قبض علي خصلاتها و صاح بصوت فزع صغاره داخل الغرفة حيث أوصد عليهما الباب من الخارج: 
- فاكراني أهبل يا بت عشان أصدق الحوار اللي ما يدخلش علي عقل عيل صغير، فوقي يا روح خالتك ده أنا حبشي نصار اللي يصيع علي بلد بحالها.

- اللي عندي قولته يا حبشي، عايز تصدق و لا ما تصدقش دي حاجة ترجع لك، و أنت عارفني ما بكذبش.

صفعها بقوة قائلاً: 
- ما بتكذبيش اه لكن تسرقي، فلوسي فين يا مره.

صاح الصغيران بطرق عنيف علي الباب: 
- ماما، ماما.

صاح بهما: 
- أخرسوا بدل و عليا الطلاق من أمكم أجي أعلقكم بدالها.

أجهشت الأخري في البكاء فأخبرته بتوسل: 
- خرج العيال و وديهم لخالتي يا حبشي، دول ملهمش ذنب.

- ذنبهم هو أن أمهم حرامية، خليهم محبوسين كده من غير ميه و لا أكل و أنتِ شرحه لحد ما تقولي علي مكان الفلوس.

ما زالت تبكي و قالت: 
- يا خسارة يا حبشي، يا خسارة حبي ليك و أستحملت قسوتك و بخلك و أي حاجة عشان بحبك، عمري ما كنت أتوقع تعمل معايا كده، روح يا شيخ منك لله.

أخرج سيجاره من العلبة و قام بإشعالها ثم نفث الدخان من فمه: 
- و النبي بلاش جو الصعبنيات ده يا ختي عشان أنتِ عرفاني كويس ما بياكلش معايا خالص، أنا كل اللي عايزه منك ترجعي لي فلوسي و أوعدك هخلصك من الشرير القاسي البخيل و أبقي روحي أتجوزي إبن خالتك السيس أهو ده مقامك.

رمقته بكل نظرات الكراهية التي تشعرها حياله الآن إلي هذا الحد عاشت معه في وهم كانت تدعوه الحب! 
تذكرت حديث إبن خالتها الآن و شعرت بالفرق الشاسع بينهما، لكن ما الفائدة من الندم. 
هيهات و أجفلها بدفن سيجارته المشتعلة في يدها المقيدة في المسند الجانبي للكرسي، فأطلقت صرخة ألم دوي صداها في كل الأرجاء.

صاح الصغار بذعر و خوف بمناداة والدتهما، لكن طغي صوت هذا الطاغي: 
- قدامك دقيقة لو مقولتيش علي مكان الفلوس لهدخل للعيال دلوقت و هانزل عليهم ضرب بالحزام و خلي دماغك اللي أنشف من الحجر تنفعك.

رفع إحدي حاجبيه بكبرياء مُنتظراً إجابتها، أشتد بكائها أكثر: 
- حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا ظالم، منك لله.

وضع يده علي حزامه و شرع بفكه و بدأ العد: 
- شكلك هاتضيعي الدقيقة في النواح، و فاكراني بهدد، طب إيه رأيك لأقطعه عليكِ قبل منهم.

و بالأسفل وصلت سيارة شرطة ترجل منها شريف و الضابط: 
- أنت متأكد يا شريف إنه خدهم علي هنا؟

أجاب الأخر و يهرول إلي داخل البناء: 
- قولت لك بعد ما نزلت بشوية قلقت عليها نزلت أشوفها لاقيتها راكبه تاكسي مع سواق شكله غريب متأكد إنه هو جوزها.

رمقه الضابط بإمتعاض و قال: 
- يارب يطلع ظنك غلط، ربنا يستر و ما يكنش عمل فيها حاجة.

و بالأعلي تصرخ و تبكي في آن واحد بعدما أنهال عليها بحزامه مرتان،يصيح بصوت مُخيف : 
- فلوسي فين يا وليه؟

و كاد يهوي عليها بالضربة الثالثة فأوقفه كسر باب الشقة و ولج الضابط و رجاله و كذلك شريف، فصاح الأول في رجاله : 
- خدوا الحيوان ده علي البوكس.

زمجر حبشي كالمجنون: 
- أبعدوا عني، أنا عايز فلوسي، فلوسي يا بنت الـ....

ركض شريف إليها و ينظر لها بحزن و خوف عليها،بدأ بفك قيودها: 
- إهدي ما تخافيش هم خدوه خلاص، و أوعدك هاخدلك حقك منه و أدفعه تمن اللي عمله فيكِ.

أنتبه إلي صراخ و بكاء الأطفال، نهضت و ركضت إلي الغرفة: 
- العيال حابسهم جوه و قافل عليهم بالمفتاح.

أشار لها بالإبتعاد قائلاً: 
- أوقفي أنتِ بعيد.

ثم أمر الصغيرين بصوت جلي: 
- محمد، بسنت، أبعدوا عن الباب يا حبايبي عشان هاكسروا.

و بالفعل بعدما نفذ الصغيران أمره، أخذ يدفع الباب بجسده بقوة حتي نجح في فتحه علي مصرعه، ركضت هدي نحو صغيريها و أحتضنتهما و بادلها العناق، قالت الصغيرة و تتفحص آثار الضرب علي وجهه والدتها: 
- بابا ده وحش، أنا مش بحبه عشان سمعته بيزعق لك و بيضربك.

عقب شقيقها: 
- ماما خلينا قاعدين عند خالتو و عمو شريف، مش عايزين نرجع لبابا تاني، أنا خايف منه.

عجز لسانها عن الرد، عانقتهما مرة أخري و تعتصر عينيها بألم، فكان ألم قلبها أقوي و أشد من ألم جسدها.

※ ـــــــــــــــــــــ ※
و داخل قسم الشرطة تقف ليلة و تبكي عندما قال لها الضابط: 
- العياط مش هايفيدك بحاجة، أنتِ دلوقتي متهمة في قضية قتل عمار إبراهيم عبدالوهاب، أداة الجريمة لاقيناها عندك و رسالة من تليفونك اللي واضح جداً أنك كنتِ علي علاقة بالمجني عليه، و شكله كان بيهددك فقولتي تخلصي منه.

صاحت ببكاء و نفي: 
- و الله ما قتلته، أنا فعلاً كنت أعرفه بس قبل ما أتجوز و هو كان بيطاردني بعد ما أتجوزت، و أخر مكالمة كان عايز مني 100ألف جنيه، شكله كان متورط في فلوس مع حد.

كان الضابط مُنصت لها جيداً فسألها: 
- مين الحد ده؟

أخذت تجفف عبراتها بالمحرمة الورقية و أجابت: 
- معرفش، كل اللي أعرفه قولته لحضرتك، بس و الله العظيم ما أقتلته و لا أعرف حاجة عن السكينة و معرفش مين اللي حطها عندي!

هز الأخر رأسه و قبل أن يتحدث قاطعه طرق إحدي العساكر: 
- محامي المتهمة وصل يا فندم.

أشار له الضابط قائلاً: 
- خليه يدخل.

ولج رجل في الأربعينات يبدو عليه الوقار و كان خلفه معتصم التي وقعت عيناه علي ليلة يرمقها بصدمة،لم يستوعب ما يحدث حتي الآن.

أعطي المحامي للضابط بطاقات الهوية الخاصة بهما: 
- السلام عليكم، مع حضرتك مدحت وفيق المحامي يا فندم.

و تحدث الأخر: 
- و أنا معتصم جوز مدام ليلة.

- أتفضلوا.

جلس الأخر أمام المكتب و قال: 
- لو سمحت ممكن تسمح لي أقعد مع موكلتي عشر دقايق أفهم منها كل حاجة؟

خرج الضابط و من معه تاركاً ثلاثتهم، أنتفضت ليلة بعد غلق الباب لا سيما عندما رمقها معتصم بنظرة تحمل مئات من الأسئلة علي رأسها مَنْ هو عمار و ما العلاقة التي بينها و بينه؟

- مدام ليلة عايز حضرتك تحكي لي كل حاجة بالتفاصيل عشان أقدر أساعدك، الموضوع مش سهل دي جريمة قتل و أداة الجريمة علي حسب اللي عرفتوا من أستاذ معتصم طلعوها من مطبخك و ده لو دل يدل أن فيه حد واضح أنه مبلغهم عن التفاصيل دي، أنتِ كنتِ علي معرفة بالمجني عليه؟

أبتلعت لعابها بتوجس و توتر ثم أجابت: 
- أيوه أعرفه.

و هنا كانت الصدمة لدي معتصم الذي لم يسمعها بأذنيه فقط بل كل حواسه أجمعها صاغية إليها و هي تسرد كل شىء منذ بداية علاقتها بـ عمار حتي وقت القبض عليها.

- أفهم من كده إنهم أتهموكِ بناءً علي الرسالة اللي لاقوها علي موبايل القتيل، و كمان السكينة اللي لاقوها دي صعبت موقفك خالص.

أخبرته بنبرة أوشكت علي البكاء مرة أخري: 
- أنا ما قتلتهوش.

ثم نظرت إلي معتصم الذي أثر الصمت و أردفت: 
- معتصم أنا و الله بحبك أنت هو كان مجرد علاقة و راحت لحالها قبل ما نتجوز، أنا خبيت عليك عشان خوفت تروح تتخانق معاه و يحصلك حاجة لا قدر الله،عمار مكنش ليه أمان و كان كل همي أنت.

أومأ لها قائلاً: 
- ايوه ما أنا عارف بأمارة لما جالك في شقتنا و أنا مش موجود ، و لما نزلتِ السوق كان مستنيكِ يشوفكِ، و لما رجعتِ شوفتيني في وشك أتخضيتِ، و لا عايدة اللي شافته نازل من عندك و في مرة راحت وراكِ و لما شوفتيها هددتيها إن لو مابعدتش عنك و لو اتكلمت بحرف هتخلي اللي عشيقك يدلق علي وشها مية نار، و عشان يكمل جميله راح أغتصبها
و صورها فيديو بكده و هددها لو أتكلمت هينشر الفيديوهات دي علي النت، فأنتِ روحتي لها بعدها بيومين بعد ما عرفتِ اللي حصلها من عشيقك فضلتي تشتمِ و تزعقِ إنه إزاي عمل معاها كده،و الله أعلم يمكن ده اللي خلاكِ قتلتيه!

صاحت بدفاع و قلب محترق من تلك الإتهامات التي ألقاها عليها كوابل من الرصاص: 
- كدب، كل ده كدب و الله ما حصل، كل اللي حصل يوم ما روحت السوق شوفته و مرة جالي فعلاً بس هددته لو ما بعدش هقول لأخويا و أنت عليه، و بعدها فضل يبعت ليا في رسايل و يتصل و أنا مكنتش بعبره، و لما أنت غيرت لي الخط قولت الحمدلله أرتحت منه لاقيته أتصل عليا علي الرقم الجديد و كنت هاتجنن عرفه إزاي!، و لما كلمني و طلب مني الفلوس ما أنكرش إنه صِعب عليا لما حسيت إنه في خطر بس قررت أقطع أي خيط ما بينا فبعت له الرسالة اللي لاقوها علي التليفون بتاعه، يعني لو كان كلامك حقيقي و قتلته زي ما بتقول مكنتش بعت له رسالة أدين بيها نفسي، و الله العظيم ما بكذب أنا قولت كل الحقيقة.

نهض و وقف بكل هدوء جعلها تشعر و كأنها علي حافة هاوية جبل شاهق، تفرقت شفتيه قائلاً: 
- من غير ما تحلفي مصدقك، و أنا إبن أصول و هاقف معاكِ لحد ما نشوف إن كان كلامك صادق و لا كذب،و بعدها كل واحد فينا هايروح لحاله.

أتسعت عيناها و تجمدت أوصالها، و قبل أن تتفوه بكلمة دلف الضابط و قال: 
- الوقت خلص يا حضرات.

سأله المحامي: 
-طب وضع موكلتي كده هايكون إيه سعادتك؟

أجاب الأخر: 
- هاتتحبس 4 أيام علي ذمة التحقيق و هاتترحل علي النيابة لحد ما يخلص تقرير المعمل الجنائي و تفريغ الكاميرات الموجودة قدام بيت المجني عليه. 
※ ــــــــــــــــــــــــــ ※
عاد إلي المنزل و داخله صراع ما بين قلبه و عقله، كلما يتذكر إعترافها و كيف كانت تخدعه عندما رأي رسائل المرسلة إليها قبل ذلك و عندما سألها أنكرت عدم معرفتها به، و ما زاد شكوكه ما أخبرته به تلك الأفعي عايدة التي بخت سُمها في أذنه و لم يلبث دقيقة للتفكير في صحة أو كذب حديثها حتي تفاجئ بالقبض علي زوجته. 
يشعر بالإختناق من فرط التفكير و الوقوع بين شقي الرُحا ود لو أن يطلق صرخة ليث مجروح علها تخفف وطأ الضغط عليه.

صعد الدرج فوجد والدته تنتظره: 
- ليلة فين يا بني؟، و مين اللي قتلته؟

تركها و صعد إلي الأعلي و كأنه لا يسمع أو يري و أكمل صعوده حتي ولج إلي داخل منزله و صفق الباب بقوة لينفرد بـ ذاته و قلبه الجريح.

عادت نفيسة إلي داخل منزلها و تقول: 
- يا عيني عليك يا بني، كان مستخبي لك فين كل ده.

بينما عايدة كانت تراقب ما يحدث و تنتظر وصوله علي أحر من الجمر لتعلم ما حدث مع ليلة، حدسها يخبرها أن الساحة أصبحت شاغرة أمامها و عليها أن تستغل تلك الفرصة و تكن بجوار معتصم حتي تستحوذ علي عقله و قلبه، هكذا صور لها شيطانها الفاجر.

ظلت تنتظر حتي غفت نفيسة في غرفتها، فقامت و أبدلت عبائتها السوداء بأخري ملونة و ملتصقة بجسدها حيث تظهر كل منحنيات جسدها، وضعت بعض مساحيق التجميل و تركت خصلات شعرها تنسدل بـ حرية علي طول ظهرها، أتممت هندامها بنثر قليل من العطر الفواح.

أخذت مفتاح منزله الخاص بحماتها ثم صعدت علي الفور لأعلي، قامت بفتح الباب و دلفت بهدوء تبحث عنه ببصرها في الأرجاء، أخترق أنفها رائحة دخان سيجارته، لكن رائحة تعلمها جيداً طالما كان جلال شقيقه يدخن هذا النوع من المخدر المسمي بـ (الحشيش).

البسمة شقت ثغرها و أظهرت تفاحتي وجنتيها، لمع بريق عيناها عندما رأته يجلس علي الأرض داخل غرفة النوم و جواره إطار صورة تجمعه هو و زوجته، يستند بـ ظهره إلي جانب السرير و يُريح رأسه إلي الخلف علي الفراش، ينفث دخان سيجارته.

أقتربت منه فأزاحت إطار الصورة بقدمها ثم نظرت إليه فوجدته مغمض العينين، هبطت علي عقبيها جواره، مدت يدها إلي ذقنه تتخلل بأناملها شعر لحيته، أنتفضت فجاءة و أبعدت يدها عندما فتح عينيه و رمقها بحدة يسألها: 
- أنتِ إيه اللي جابك هنا؟

أجابت بنبرة أنثوية ناعمة و ضعف يأسر لُب أقوي الرجال: 
- قلبي اللي جابني ليك، قالي أنك محتاج لحضن يحتويك في اللحظة دي.

و كادت تمد يدها إلي صدره فقبض علي رسغها و أقترب منها للغاية فـ ظنت إنه سيقبلها لكنه أخبرها: 
- لو أنتِ أخر واحدة في الدنيا، فمن عاشر المستحيلات اللي في دماغك ده يحصل.

أزدردت ريقها ثم أخبرته: 
- فوق بقي، أنا أول واحدة كانت في حياتك و هاكون الأخيرة.

رمقها بإزدراء قائلاً: 
- جايبة الثقة دي منين،! شكلك غرقانة في الوهم، أبعدِ أحسن برضاكِ بدل ما أنا أخليكِ تبعدي غصب عنك.

و إذا بها نهضت لتجلس أعلي فخذيه و تقبض علي تلابيب قميصه و تخبره بشفتيها التي تقترب من خاصته: 
- مش هابعد يا معتصم،و أنا فعلاً غرقانة بس مش في الوهم، غرقانة في حبك و نفسي أكون ليك، هاخليك تعيش أجمل أيام حياتك اللي جاية، هاكون خدامتك، مجرد إشارة من إيدك هاتلاقيني بين إيديك.

تفوهت تلك الكلمات بدهاء أنثي تنخدع بها قلوب الرجال عند سماعها، لم تمهله فرصة للإجابة، باغتته بقُبلة كانت لها السيطرة بها عليه بل كانت هيمنة إبليس تسيطر عليه و جعلته أغمض عينيه و بدأ بالرضوخ لها و يبادلها تلك القبلة المُحرمة حتي صدح صوت النور داخل عقله الشبه واعي من تأثير المُخدر عليه، كان صوتها الذي كان يبكي و يتوسل له منذ ساعات و هي تتدافع عن نفسها، أكتمل الصوت بصورتها و عيناها تذرف عبراتها التي هبطت كالجمار علي قلبه فمزقته لأشلاء تريد نهشها تلك الأفعي التي ما زالت تقبله بل و بكل جرأة قامت بجذب تلابيب قميصه فتطايرت أزراره.

تردد صوت نداء ليلته بإسمه داخل عقله و فؤاده، كان كافياً لجعله يفوق فجاءة، فتح عينيه و عاد إلي رشده، دفع تلك الحرباء عنه و نهض مُبتعداً عنها، أسندت يدها علي الفراش و نهضت تصيح به: 
- أنت بتزقني!، للدرجدي هي مسيطرة عليك رغم إنها خانتك و كمان قتلت عشيقها عشان خايفة ليفضحها قدامك و تفضل عايش معاها واخد علي قفاك!

تملك منه غضبه فقام بصفعها علي وجهها قائلاً: 
- أقسم بالله لولا اللي في بطنك لكنت جايبك من شعرك و جرجرتك علي السلالم و أرميكِ بره البيت كله، و كلمة تاني تخص ليلة حتي لو من بعيد مش هاتردد لحظة هاقطع لسانك بنفسي و أرميه لكلاب الشارع اللي هم أنضف منك.

دفعها من أمامه و ترك لها المنزل و غادر دون وجهة، خشية أن يأذيها أو يستسلم لكيدها طوال الوقت حتي توقعه في براثنها السامة.

صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹
#الفصل_التاسع_عشر
#ما_بين_الحب_و_الحرمان
#بقلم_ولاء_رفعت_علي

تقف أمام الضابط و بجوارها المحامي الذي كلفه ابن خالتها من أجل محضر إختطافها عنوة و التعدي عليها، و في زاوية يقف هذا الهمجي مقيد اليدين و بجواره العسكري يمسك ذراعه. 
تحدقه بطرف عينيها و لم تصدق في يوم من الأيام هذا كان زوجها و لديهما أطفالاً، كيف سولت إليه نفسه بأن يفعل بها ما أقترفه من تعدي من الممكن قد يصل إلي القتل إذا لم تبلغه عن مكان أمواله.

- مدام هدي، أمضي هنا. 
قال لها الضابط و يشير إلي نهاية الورقة، أخذت القلم و ترددت في الإمضاء، نظر إليها المحامي و أومأ لها فقامت بتوقيع إسمها ثم عادت حيثما تقف.

نظر الضابط إلي حبشي بازدراء ثم عاد ببصره إلي هدي و قال لها: 
- حضرتك كدة في أمان، الأستاذ هيتحول علي النيابة و بالمحضر ده لو رفعتي قضية طلاق هتكسبيها علي طول، لأنه زوج غير مؤتمن و غير أهل للثقة و لا عليكِ و لا علي عياله.

نظر إلي العسكري و بأمر أردف: 
- خد المتهم علي الحجز.

ثم قال لهدي: 
- تقدري حضرتك تروحي دلوقت.

أومأت في صمت و ذهبت، و في الخارج وجدت خالتها التي جذبتها بين ذراعيها: 
- هدي حبيبتي، عامل فيكِ إيه ابن الحرام ده؟

تدخل شريف قائلاً: 
- يلا يا أمي خلينا نمشي من هنا. 
كان لا يتحمل النظر إلي حبشي، ود لو قام. بطرحه أرضاً و ينهال عليه باللكمات و هذا لما فعله في ابنة خالته، و هذا ليس بدافع الحب بل بدافع الغيرة و المروءة، يبغض الرجال الذين يحللون إلي أنفسهم التعدي علي المرأة.

دلفت هدي إلي داخل سيارة شريف و كذلك خالتها بجوارها، كانت الأخري تلتزم الصمت و تلاحظ نظرات شريف لها عبر المرآة و كأنه يسألها ماذا بعد؟

وصل ثلاثتهم إلي المنزل، و كانت تمسك الخالة بيد هدي: 
- تعالي يا حبيبتي، تعالي أقعدي أرتاحي.

كانت تبحث بعينيها عن شىء ما فسألتها: 
- فين ولادي؟

أجابت الخالة و تربت عليها بحنان: 
- ما تقلقيش عليهم، أول ما وصلهم شريف أكلتهم و حمتهم و أخدتهم في حضني لحد ما ناموا، صعبوا عليا لما فضلوا يعيطوا خايفين عليكِ، منه لله أبوهم.

عقب ابنها قائلاً: 
- خلاص هانت، بكرة المحامي هيرفع قضية الطلاق.

فقالت الخالة: 
- أصبر عليها يا ابني لما تاخد نفاسها و ترتاح لها يومين، و بعدين ده قرارها هي اللي تقول تطلق و لا لاء.

نظرت إلي هدي الشاردة في الفراغ و سألتها: 
- ناوية علي إيه يا بنتي؟

انتبهت إلي سؤال خالتها و رمقتها بتيه، نظرت إلي شريف المحتقن وجهه بالدماء من حالة الغضب التي يشعر بها كلما ينظر إلي آثار أيدي حبشي علي وجهها و الدماء المتجلطة علي جانب شفتيها.

أجابت و الحيرة تغلب أمرها: 
- مش عارفة.

ليتها ما نطقت، هنا تحول شريف المعروف إنه هادئ الطباع إلي شخص آخر، صاح بصوت جهوري: 
- مش عارفة إيه!، أنتِ لسه باقية علي واحد لولا جينا أنقذناكِ منه كان زمانه قتلك عشان شوية فلوس اللي عنده أهم منك و من ولاده!

أجهشت في البكاء، حدقته والدته بعتاب و لوم: 
- وطي صوتك يا شريف و اهدي، مالك بتزعق لها كدة ليه، الست في حالة يعلم بيها ربنا مش قادرة تفكر، تيجي أنت و الزمن عليها.

ابتعد عنهم قليلاً، ولي ظهره إليهما و يزفر بقوة لعل يهدأ من روعه و يخبو غضبه الثائر، ألتفت إلي والدته و قال: 
- عن إذنك يا أمي، سبينا لوحدنا خمس دقايق.

فقالت الأخري و تخشي علي ابنة شقيقتها من غضب ولدها: 
- عارف لو زعلتها و الله يا...

- ما تخافيش يا أمي، عمري ما أقدر أزعلها و أنتِ أكتر واحدة عارفة كدة.

نهضت الخالة قائلة: 
- إذا كان كدة ماشي، هادخل أقعد جمب الأولاد و خمسة و راجع لكم.

و عندما دخلت الخالة في احدى الغرف، سار الأخر إلي الكرسي المقابل لهدي و جلس و بهدوء تحدث: 
- حقك عليا ما تزعليش مني، أنتِ ما تعرفيش جوايا إيه كل ما أبص لوشك و أشوف آثار ضربه ليكِ المعلمة علي وشك، بصي أنا مش هجبرك علي حاجة، و هاقف جمبك لحد ما تقفي علي رجلك و أي حاجة أنتِ عايزاها هتتنفذ، بس عايزك تفكري في نفسك و في عيالك قبل أي شىء.

نظرت إلي عينيه التي تخبرها بمدي حبه إليها و كيف يريدها أن تكون إليه زوجة و حبيبة، بينما عقلها بداخله صراع دائر لا تعلم ماذا عليها أن تفعل.

- أنا حالياً كل اللي في دماغي عيالي و عشانهم استحمل أي حاجة.

اندفع الأخر قائلاً: 
- و ولادك هيبقوا عيالي و هخليهم يعيشوا حياة و تعليم و مستقبل أحسن، و طبعاً حقهم يشوفوا أبوهم بس طبعاً لازم يكون في محيط آمن ليهم.

حديثه كان صريحاً علي طلبه للزواج منها، و هي الآن ما زالت علي ذمة زوجها العفن البخيل.

نهضت و قالت: 
- شريف، أديني فرصة حتي لو أطلقت لسه فيه تلات شهور عدة، ما ينفعش أتكلم و لا أقول حاجة غير لما يخلصوا.

أخبرها بإصرار: 
- و أنا مش عايز حاجة غير كلمة موافقة و هاستني حتي لو سنة مش تلات شهور بس، ده أنا أكتر واحد يعرف معني الصبر.

شعرت بالضغط و هي في حالة لا تسمح بأي قرار حتي لو كانت لديها موافقة: 
- و أنا مش قادرة أتكلم دلوقت.

عقد ما بين حاجبيه و ظل ينظر لها ثم قال: 
- علي راحتك، أنا علي أي حال مشغول اليومين دول يعني مش هاتشوفيني كتير، ده غير إني مسافر بعد شهرين و إحتمال هقعد فترة كبيرة برة.

سألته و الحزن جلي في صوتها: 
- و هترجع أمتي؟

نهض و وقف أمامها بمسافة قصيرة: 
- مش عارف، بس بكلمة منك ممكن أرجع عن قرار السفر خالص، كله بأيدك أنتِ. 
※ـــــــــــــــــــــــ※

أمام مكتب الضابط داخل قسم إمبابة، يجلس المحامي الموكل في قضية ليلة، يمسك بمجموعة من الأوراق: 
- دي يا فندم بيانات بكل الأرقام و الرسائل الصادرة و الواردة للقتيل عمار، و اضح إن حد مسحهم وقت وقوع الجريمة و بحكم مهنتي و خبرتي قدرت أوصل لصاحبة رقم كانت بتبعت له رسايل مضمونها إنها بتحرض القتيل إنه يبتز مدام ليلة أو يبلغ جوزها الأستاذ معتصم إنهم كانوا علي علاقة ببعض.

سأله الضابط المحقق و ينظر إلي الأوراق: 
- و دي مين دي اللي من مصلحتها تخلص من ليلة؟

ابتسم الأخر بثقة و يضبط من عويناته قائلاً: 
- تبقي الأستاذة عايدة مرات أخو معتصم.

و في مكان آخر موحش و ألا هو الزنزانة حيث تجلس في ركن بعيد عن تلك النسوة و الفتيات اللاتي يضحكن و يتغامزن بينهن، قالت إحداهن بصوت مرتفع حتي تسمعه الأخري: 
- و مالها دي من وقت ما جت عمالة تعيط زي اللي مات لها ميت.

عقبت فتاة أخري بسخرية: 
- لا دي شكلها اتمسكت في شقة.

ردت فتاة ثالثة: 
- دي شكلها صغير علي كدة، دي هتلاقوها اتقفشت مع الواد بتاعها بعد ما خرجوا من الدرس.

- يا ضنايا، صعبت عليا. 
قالتها إحداهن فأطلق الباقي ضحكات سافرة

- طب أستنوا هاروح أسألها مش ممكن تكون زميلة لينا في الكفاح. 
قالتها إمرأة ترتدي ثوب فاضح يبدو علي مظهرها إنها من فتيات الليل الماجنات، اقتربت منها و جلست بجوارها تتشدق بالعلكة: 
- مال القمر قاعد لوحده ليه و عمال يعيط، ما تفرفشي كده محدش واخد منها حاجة.

رمقتها ليلة بازدراء ثم نظرت بعيداً مما أثار حنق الأخري، فصاحت: 
- لاء يا حبيبتي ده أنتِ بصي عدل بدل ما أخزوق لك عينيكِ الحلوين دول، شايفة نفسك علي إيه يا بت.

و كادت تدفعها من يدها، أوقفها صوت إمرأة: 
- نعيمة، أقصري الشر و أبعدي عن البنت.

نظرت المرأة إلي تلك السيدة الوقور و وقفت بإحترام قائلة: 
- أمرك يا حاجة كوثر يا بركة القسم كله.

عادت إلي أدراجها، و قامت السيدة بالإشارة إلي ليلة: 
- تعالي يا بنتي أقعدي جمبي.

توقفت ليلة عن البكاء و ترددت في الذهاب إلي الأخري التي أدركت هذا فأردفت: 
- تعالي يا حبيبتي، ما تخافيش أنا زي والدتك.

نهضت و ذهبت إليها و بحذر جلست بمسافة قليلة، تمكنت رؤية وجهه تلك السيدة بوضوح، وجهها كالبدر المنير في ليلة التمام، و عليه إمارات الخير و السماح.

- أنا اسمي كوثر، دخلت هنا بسبب أشتريت معظم جهاز بنتي بالقسط، قدرت أدفع قسط ورا التاني و من أول خامس قسط مقدرتش، الأسعار ولعت و ما بقتش قادرة علي طلبات ولادي و لا جهاز أختهم اللي ما بيخلصش، صاحب المحل مقدرش يصبر عليا أكتر من خمس شهور، راح قدم فيا محضر و جابوني علي هنا، مش هانكر قلبي واكلني علي عيالي، بس اللي متأكدة منه ليهم رب يحميهم و يحفظهم لحد ما رجع لهم، بدعي لهم ربنا يوقف لهم ولاد الحلال، أنتِ بقي اسمك إيه؟

أجابت الأخري بإقتضاب: 
- ليلة.

ابتسمت إليها و قالت: 
- اسمك حلو أوي يا ليلة، بس شكلك صغير أنك تدخلي في مكان زي ده، عملتي إيه خلاهم يقبضوا عليكِ؟

أجابت الأخري قائلة بحزن دفين: 
- أنا صغيرة في العمر فعلاً، بس لحد دلوقت الدنيا علمتني فوق عمري عمر تاني، كفاية إحساس الظلم في حاجة ما عملتهاش، يمكن ربنا بيعاقبني عن ذنوب أستهونت بيها، أو بدفع تمن غبائي لما خبيت عن جوزي حاجات يمكن لو حكيتها له من يوم ما عرفته، مكنش بقي ده حالي.

لم تفهم السيدة السبب كاملاً لكنها أدركت بأن ليلة وقعت في براثن الظلم، و تنتظر العدل من رب العباد، ربتت عليها و أخبرتها: 
- بصي يا بنتي، خديها نصيحة من واحدة شافت قد اللي شوفتيه ميت مرة، مهما الدنيا غدرت بيكِ مفيش غيره اللي تلجأي له في أي محنة، أرفعي إيديكِ و قولي يارب و أشكي له همك و أدعي يقف جمبك و يظهر الحق و براءتك لو كنتِ مظلومة.

عقبت الأخري بكل ما يدور في رأسها و يفيض به قلبها الملتاع: 
- أنا فعلاً مليش غير ربنا، من وقت ما بابا و ماما أتوفوا و سابوني لأخ عمري ما شوفت معاه حنية أخوه و أهله الجنيه و بس، وثقت و حبيت واحد و قولت يمكن ده اللي هلاقي معاه اللي أتحرمت منه من حب و حنان، أتاريه كان بيخدعني و بيتسلي بيا، و يوم ما ضحكت لي الدنيا و ربنا رزقني بالراجل الحنين اللي كنت بحلم بيه،حبني و حبيته و كأن الدنيا أستكترته عليه، في يوم و ليلة فرقتني عنه و 
يا عالم دلوقت لسه بيحبني و لا كرهني بعد اللي حصل و هيبعد عني هو كمان زي كل اللي بعدوا و راحوا، أنا تعبت أوي، مبقتش قادرة، يارب.

ضمتها الحاجة كوثر إلي صدرها و أخذت تربت عليها: 
- اهدي يا بنتي، سمي الله و أستغفريه، و ادعي بكل اللي نفسك فيه، ربنا أقوي و أحن من أي بشر.

- و نعم بالله. 
قالتها ليلة و أخذت تبكي بحرقة و بألم، تنادي ربها من أجل نصرتها في تلك المحنة و يلهمها الصبر علي هذا الإبتلاء.

و في الخارج كان المحامي قد أنتهي من ما جاء إليه و تقديم بعض الأدلة التي ربما يجد بها براءة ليلة، قابله معتصم الذي ينتظر خارجاً و يحمل أكياساً كثيرة مليئة بالطعام و بعض المستلزمات.

- ها عملت إيه يا متر، الظابط شاف السجل و الرسايل؟ 
كان سؤال معتصم و الذي أجاب عليه المحامي قائلاً: 
- قالي مش كفاية لنفي التهمة عن مدام ليلة، بس قالي لسه المعمل الجنائي و التحريات شغالة لأن فيه دايرة مفقودة، برغم أنهم لقوا أداة الجريمة و التليفون اللي جالهم من مجهول إن مدام ليلة المتهمة، لكن مفيش بصمات ليها، طبعاً ممكن يقولوا كانت لابسه جوانتي أو حاجة عازلة عشان البصمات، بس أحسن حاجة إن التحريات شغالة و لسه فيه أمل.

أغمض الأخر عينيه، كم هو قلبه يموت من الخوف و القلق عليها بالرغم من صدمته بعد علمه بكل شئ و موقفه الذي أتخذه اتجاهها لكن هذا لم يمنعه عن الوقوف جوارها و مساعدتها حتي إظهار براءتها.

ذهب إلي إحدي العساكر و أعطاه ورقة مالية من أجل أن يقوم بإيصال ما جلبه إليها من طعام و أشياء أخري. 
※ــــــــــــــــــــــــــــ※
بداخل هذا البناء القديم، يتسلل إثنان من الرجال الملثمين حتي وصل كليهما إلي أعلي البناء حيث يوجد مسرح الجريمة، توقف إحداهما و قال للآخر: 
- بقولك إيه يا واد يا مسعود، اللي بنعمله ده خطر أوي لو المعلم كشف الحكاية هيخلينا نحصل المرحوم، و لو البوليس طلع مراقب المكان هنروح في ستين داهية و برضو المعلم هيبعت اللي يخلص علينا عشان ما نعترفش عليه للحكومة.

لكزه الأخر و أخبره بصوت خافت: 
- فال الله و لا فالك، ما تبطل نواح زي غراب البين، قولت لك نلاقي بس البضاعة و هناخدها و نقول يا فكيك و لا من شاف و لا من دري، و افترضنا الحكومة كانت مراقبة المكان، كده كده مخبيين وشوشنا و ساعة القدر برضو نجري.

تراجع الأول و قال بتردد: 
- لاء يا عم أنا قلبي مقبوض، و المصلحة دي شكلها هتبقي خراب فوق دماغنا، تعالي نمشي.

- بطل ياض يا جبان و أنجز، تعالي دور معايا نشوف المرحوم كان مخبي الحاجة فين، أهو نصرفها و نطلع لنا بقرشين حلوين.

أذعن الأخر في النهاية، و ذهب معه و أخذ كليهما يبحثان، بينما توقف إحدهما في مكانه فسأله الذي يدعي مسعود: 
- مالك ياض واقف كده ليه، ما تدور معايا.

- أصلي مزنوق و عايز أدخل الحمام.

حدقه الأخر بإشمئزاز قائلاً: 
- روح الله يقرفك، فك زنقتك برة بعيد عني.

خرج و ابتعد عن الغرفة، أخرج هاتفه من جيبه و قد ظن أن الأخر لا يراه، بل كان مسعود يشعر بالخوف من أن صاحبه يوشي به إلي المعلم، خرج ليطمئن قلبه لكن رأي ما كان يخشاه، صاح و يوجه لكمة لصاحبه: 
- يا ابن الـ... بتسلمني للمعلم يالاه.

دافع الأخر عن نفسه: 
- أنت فاهم غلط، ده تليفوني جاله مكالمة، اسمعنـ...

سدد له لكمة أخري قوية، أخذ كل منهما يضرب الأخر و لا يدركان ما يحدث بالأسفل، فبعد أن صعد كليهما، قام مراقب العمارة بإبلاغ الضابط و الذي أرسل قوة للقبض عليهما.

- وقف ضرب منك ليه و سلموا نفسكم. 
صاح بها الضابط، فقال مسعود: 
- إيه ده يا باشا و الله ما عملنا حاجة، ده إحنا كنا بنهزر مع بعض مش أكتر.

حدقه الضابط بازدراء و أخبره: 
- جايين تهزروا في مكان حصل فيه جريمة قتل!، هاتوهم علي البوكس. 
※ـــــــــــــــــــــــــ※
و في المخفر صاح مسعود بألم بعد أن لطمه بقوة مساعد الضابط

- و عليا النعمة يا باشا معرفش حاجة أزيد من اللي قولته لك، إحنا كنا جايين نشقر علي عمار و منعرفش إنه أتقتل.

حدقه الضابط بإبتسامة ساخرة قائلاً: 
- و أنا مقولتش إن عمار أتقتل، أديك وقعت بلسانك و كدبك أتكشف، ها مش ناوي برضو تقول مين اللي قتل عمار و إيه السبب؟ و إلا...

نظر الضابط إلي مساعده و الذي ألتقط شيئاً من منضدة خلفه فكان صاعق كهربائي، و عندما رآه مسعود لا سيما قام الضابط بتشغيله فأصدر أزيزاً، صاح بذعر مبالغ به: 
- لاء، كهرباء لاء، مش عايز أموت، أبوس إيدك يا باشا هعترف بكل حاجة بس بلاش كهربا.

أستنتج الضابط من علامات الفزع علي وجه مسعود إنه لديه رهاب من الكهرباء، و بإبتسامة انتصار قال: 
- أنجز و قول و إلا أنت عارف.

هز الأخر رأسه و عينيه لا تحيد عن الصاعق بذعر: 
- هقول، هقول يا باشا، الحكاية هي أن عمار خد بضاعة مخدرات برشام علي حشيش علي كوك من المعلم بحوالي ربع مليون جنيه يمكن أكتر، المعلم أداله مهلة لو خلصت تكون فلوس البضاعة عنده و هدده و قاله لو ماجيبتش الفلوس و لا البضاعة رقبتك هاتكون التمن، المعلم افتكر إن عمار هيغدر بيه بعت واحد اسمه التروبيني، ده تخصصه يخلص أي عملية انتقام للمعلم من غير ما يسيب وراه دليل ضده.

أمره الضابط الذي ينصت له: 
- ها، كمل و بعدين.

أجاب الأخر بتردد و خوف: 
- و الله يا باشا زي ما حكيت لك بالظبط و الباقي حضرتك عارفه و هو قصة قتل عمار، و المعلم اطمن لما أستقص و عرف إن حد شال الموضوع، و ده خلاني أنا و الولاه مدبولي نيجي عشان ندور علي البضاعة اللي مرجعهاش عمار و قولنا خلينا نسترزق منها و من غير ما يعرف المعلم.

مد الضابط الصاعق بالقرب منه و يسأله: 
- مفيش حاجة تاني؟

صرخ الأخر بخوف و فزع: 
- أقسم بالله يا باشا ده كل اللي أعرفه و قولته لسعادتك.

- كده حلو أوي، يلا يا عسكري خدوهم الأتنين علي الحجز. 
نفذ الأخر الأمر علي الفور، فقام الضابط بالإتصال: 
- حضروا لي قوة بسرعة عندنا طالعة في المُنيب. 
※ــــــــــــــــــــــــــــ※
و في اليوم التالي أستيقظت ليلة علي نداء العسكري لها: 
- ليلة محمد نصار.

نهضت و أجابت: 
- حاضر.

و قبل أن تغادر الزنزانة رمقتها السيدة كوثر بإبتسامة مشرقة و أخبرتها: 
- أنا حلمت لك حلم جميل أوي، أبشري يا بنتي.

أومأت لها الأخري و ذهبت مسرعة عندما كرر النداء عليها مرة أخري. 
و في مكتب الضابط، أشار إليها قائلاً: 
- تعالي يا ليلة أتفضلي أقعدي.

وجدت المحامي يجلس و الضابط تظهر علي ثغره بسمة، جعلتها توترت أكثر، جلست بتوجس و سألته: 
- خلاص هترحل علي النيابة؟

أجاب الضابط: 
- لاء هتترحلي علي بيتكم، الحمدلله قبضنا علي المجرم إمبارح و جاري التحقيق معاه، لأن طلع الموضوع وراه عصابة مخدرات كبيرة كان شغال معاهم القتيل.

تذكرت أمر مكالمة عمار لها حين أتصل عليها ليستغيث بها و يريد المال.

- يعني أنا كدة براءة؟

أجاب المحامي الذي يجلس في سعادة من أجل موكلته: 
- هنخلص حضرتك شوية إجراءات بسيطة.

و عقب الضابط: 
- هتخرجي بضمان محل إقامتك و هتفضلي تحت المراقبة لحد ما تخلص التحقيقات مع المجرم، ألف مبروك علي البراءة.

- الله يبارك في حضرتك. 
قالتها بشبه ابتسامة، و بعد أن أنتهت من إجراءات إخلاء سبيلها، خرجت من القسم لم تجد أحد، كانت تود إن يكون في إنتظارها لكن خاب ظنها.

وجدت المحامي يقف بجوار سيارة أجرة و أخبرها: 
- مدام ليلة، تعالي أركبي السواق هيودي حضرتك علي البيت.

ذهبت و دلفت إلي داخل السيارة، أخذت تراقب الطريق من خلف النافذة و تبكي و تقول داخل رأسها: 
- للدرجدي هونت عليك يا معتصم، بالتأكيد المحامي أتصل عليك و قالك إن أنا بريئة، اه لو تعرف أنا بحبك قد إيه و صعب عليا بعدك عني. 
※ـــــــــــــــــــــــــ※
وصلت السيارة داخل الحارة و نزلت ليلة لتجد السيدات تتهافت عليها بسعادة: 
- حمدالله علي السلامة يا ليلة.

و قالت أخري: 
- و الله كنا بندعي لك يا بنتي، أصل معدنك طيب و عمرك ما تعملي اللي سمعناه ده.

هزت ليلة رأسها بإمتنان: 
- شكراً.

أطلقت أخريات الزغاريد التي وصلت إلي والدة معتصم و عايدة التي نهضت من أمام التلفاز لتري مصدر الزغاريد، وقفت هي و حماتها في الشرفة ليجدن الجارة المقابلة تخبرهما بفرح: 
- ألف مبروك يا أم معتصم، ليلة خرجت بالسلامة بس بيقولوا راحت عند بيت أخوها.

ردت الأخري بسعادة عارمة: 
- يا فرج الله، لما أروح أكلم معتصم و أقوله.

و كانت عايدة تقف و الشر يتطاير من عينيها تقول بصوت خافت: 
- هي البت دي مش عارفة أخلص منها!، صبرك عليا يا ليلة يا أنا يا أنتِ في البيت ده.

كانت نفيسة تتصل بولدها لكنه لم يرد كالعادة، فقالت: 
- الله يسامحك يا معتصم، لازم أنزل أدور عليه و قبلها هاروح لـ ليلة أطمن عليها و أخليها ترجع لبيتها عقبال ما معتصم يرجع هو كمان، و ينوروا عليا البيت.

بعد قليل... 
أخذت تطرق الباب، نهضت ليلة من فوق الأريكة بصعوبة: 
- حاضر.

قامت بفتح الباب فوجدت والدة زوجها التي بمجرد رؤيتها قامت بعناقها: 
- حمدالله على السلامة يا حبيبتي، و الله فرحت لك لما خرجتي و طلعتي براءة.

- الله يسلمك يا خالتي، أتفضلي اقعدي، تشربي إيه؟ 
قالتها و همت بالذهاب إلي المطبخ، فأوقفتها الأخري و قالت: 
- تعالي هنا أنا مش جاية عشان أشرب، يلا تعالي معايا علي بيت جوزك.

وقفت ليلة و حدقتها بنظرة ساخرة: 
- و فينه جوزي أصلاً؟، مجيت حضرتك علي عيني و راسي، لكن أنا مش راجعة و قولي لابنك ما تقلقش أنا مش عايزة أي حاجة منك، أنا ليا ربنا اللي أحن من الكل.

حدقتها الأخري بحزن و سألتها: 
- ليه بتقولي كده يا حبيبتي، كفي الله الشر، إيه اللي حصل.

شعرت بدوار مفاجئ لاسيما بعد أن ازداد التوتر لديها: 
- مفيش يا خالتي، كل اللي أقدر أقوله لك مش راجعة البيت تاني و...

لم يتحمل جسدها أكثر من ذلك، يكفيها ما تحملته الأيام السابقة و كانت لا تأكل و تكتفي بشرب الماء فقط مما جعلها نقصت وزناً قليلاً، و حول عينيها بدأت الهالات السوداء في الظهور. 
وقعت مغشي عليها، صرخت والدة معتصم: 
- ليلة؟
صلي علي النبي و لا تنسي أن تدعمنا بلايك و كومنت و متابعة ليصلك كل جديد🌹🌹

#الفصل_العشرون_والأخير
#ما_بين_الحب_و_الحرمان
#بقلم_ولاء_رفعت_علي

- مالها ليلة يا دكتورة؟ 
سألتها والدة معتصم، فأجابت الأخري و
تخلع السماعة الطبية من أذنيها: 
- أطمني يا حاجة، مدام ليلة بخير الحمدلله، كل الحكاية إنها محتاجة تاكل و تتغذي و تبعد عن أي ضغط نفسي عشان ده عندها عملها أنخفاض في ضغط الدم، و ده خطر عليها و علي الجنين.

غرت نفيسة فاها عندما أخترقت أذنيها الكلمة الأخيرة، فسألت لتتأكد من سمعها: 
- حضرتك قولتي جنين، هي حامل؟

أومأت لها الأخري بنعم و قالت: 
- اه يا حاجة، و لازم تروح تتابع مع دكتور نسا عشان هيطلب منها تحاليل و يكتب لها علي شوية حاجات.

- الحمد و الشكر ليك يارب. 
أخذت ترددها والدة معتصم، فكان وقع خبر حمل ليلة عليها جعل كان كنقطة الضوء وسط ظلام دامس، ذهبت مع الطبيبة و قامت بإعطائها المال، فقالت الأخري قبل أن تغادر: 
- معلش يا حاجة ممكن تهتمي ببنتك شوية، واضح إنها ما بتاكلش بقي لها يومين.

ردت الأخري بحزن: 
- حاضر يا دكتورة، هجيب لها كل حاجة نفسها فيها.

- إن شاء الله، سلام عليكم.

ردت الأخري التحية ثم أغلقت الباب و عادت إلي ليلة المستلقية علي الفراش دون حراك، و علي خدها عبرة كاللؤلؤة.

- ألف مبروك يا حبيبتي، ما تتصوريش أنا فرحانة قد إيه، يمكن أكتر من فرحتي لما عايدة حملت.

ليلة لا رد منها أو نظرة، فأردفت الأخري: 
- أنا عارفة إنك زعلانة مني من كام موقف، أخرهم لما طلبت من معتصم يتجوز عايدة، بس و الله كان قصدي خير، عايزة أجمعكم كلكم تحت سقف واحد و أتباهي بيكم، أنا ما أنكرش كنت بغير علي ابني منك في بداية جوازكم، بس لما شوفت في عينيه إنه قد إيه هو بيحبك و عمري ما شوفته فرحان غير بعد ما أتجوزك، لاقيتني كنت غلطانة أوي في حقك، فبقولك حقك عليا يا بنتي متزعليش مني.

أعتدلت ليلة و قالت: 
- خلاص يا خالتي، حصل خير.

عانقتها الأخري بسعادة ثم أخبرتها: 
- بصي أنا عارفة مش هاتقدري تقومي، أنا هاروح البيت عندي هاجيب شوية حاجات و اعملك لقمة تاكليها، و لما تاكلي و تقومي هاخدك و ترجعي علي شقتك.

ألتزمت ليلة الصمت، ليس لديها طاقة للرفض أو الجدال أو التفكير أيضاً. 
نهضت الأخري قائلة: 
- هاروح بسرعة و مش هغيب عنك، لو فيه حاجة رني عليا. 
※ــــــــــــــــــــــــ※
تركتها و ذهبت إلي المنزل، فوجدت عايدة ترتدي عباءة سوداء و تهم بالذهاب، سألتها: 
- رايحة فين يا عايدة؟

حدقت الأخري بتوتر فقالت: 
- مفيش، أصل قلقت لما لاقيتك أتأخرتي عند ليلة، فقولت أجي أشوفك و بالمرة أطمن عليها.

جلست نفيسة علي الكرسي و أطلقت زفرة ثم قالت: 
- اسكتي يا عايدة ده أنا كنت هاموت من الخوف عليها، البنت يا قلب أمها مقهورة من اللي حصلها و اللي فهمته معتصم بعيد عنها المهم عماله أقولها أرجعي، و مرة واحدة أغمي عليها و وقعت من طولها، بعت عيل من عيال الحارة يبلغ الدكتورة اللي فاتحة عيادة علي الناصية، جت و كشفت عليها و طلع سبب إغمائها تخيلي إيه؟

عقبت الأخري بقلق و نيران الغيرة و الحقد تنهشها من الداخل: 
- أوعي تكون...

صاحت حماتها بسعادة: 
- يا ماشاء الله طلعت حامل.

- حامل! 
رددتها عايدة بصدمة لم تنتبه لها الأخري، نهضت و أجابت: 
- أيوه حامل، ربنا يقومكم بالسلامة أنتم الأتنيم و تملوا عليا البيت بالصبيان و البنات، لما أقوم بقي أعملها حاجة تاكلها دي يا ضنايا ما كلتش حاجة من وقت ما تقبض عليها، سيبتها قاعدة لوحدها و جيت، منه لله اللي كان عايز يحبسها ظلم، ربنا ينتقم من كل مفتري و ظالم.

قالتها و دخلت إلي المطبخ، بينما عايدة كانت تنظر في إثرها و الشر يندلع من عينيها، تتحدث داخل عقلها: 
- و كمان حامل، أقسم بالله ما هخليكي لا تتهني أنتِ و لا اللي في بطنك، و لا يطلع عليكم صبح. 
استغلت انشغال الأخري و غادرت المنزل علي الفور، كانت تهبط الدرج بخطي أشبه بالركض حتي خرجت من البناء، و لم تلاحظ ذلك القادم من الجهة الأخري، و قبل أن يدلف إلي البناء ألقي نظرة إلي التي تسير بخطي مسرعة، زفر بأريحية فكان لا يريد رؤيتها خاصة بعد ما حدث بينهما في أخر لقاء لهما عندما كان ثملاً.

بعد أن صعد الدرج وجد باب شقة والدته مفتوحاً، دخل ليطمئن عليها: 
- سلام عليكم يا أمي.

شهقت والدته بفزع: 
- بسم الله الرحمن الرحيم أنت جيت أمتي؟

أجاب و يتهرب من النظر إليها: 
- لسه جاي دلوقت، هي ليلة فوق؟

تركت ما بيدها و رمقته بعتاب و قالت: 
- لاء، ليلة رجعت علي بيت أخوها و روحت لها عشان اطمن عليها و أخدها ترجع لاقيتها رافضة ترجع و بتلوم عليك، أنت عملت لها إيه؟

لم يعلم بماذا يجيب، فقال بإقتضاب: 
- مفيش.

- فاكرني هبلة يالاه، ده أنا أمك اللي مربياك و حفظاك من و أنت في اللفة، واضح أوي إن فيه حاجة و حاجة كبيرة كمان.

أخبرها بإمتعاض لا يريد الإفصاح عن أي شئ: 
- أرجوكِ يا أمي، دي حاجة ما بيني و ما بين ليلة.

- يعني إيه؟، أنا اللي فهمته منها إنك مسألتش عليها و المفروض تكون أول واحد مستنيها لما خرجت من القسم، أستغربت أنت مش موجود إزاي.

زفر بضيق و فاض الأمر به: 
- حضرتك عايزة مني إيه دلوقت؟

رفعت حاجبها و سألته و القلق ينهش قلبها: 
- عايزة اعرف أنت ناوي علي إيه يا ابن بطني، لأن شكلك مش مطمني و قلبي بيقولي أنك ناوي علي نية سودة.

وصل إلي ذروة صبره الذي نفذ للتو فأخبرها بصوت مرتفع: 
- أيوه، أنا هطلقها، خلاص أرتاحتِ! 
※ــــــــــــــــــــــــــ※
و لدي ليلة بعد أن تغلب عليها النوم، أيقظها رنين جرس المنزل، زفت بتأفف لم تكن قادرة علي النهوض، لكن تذكرت أمر والدة زوجها، لابد إنها هي حيث أخبرتها إنها ستعود إليها.

نهضت بثقل و قالت بصوت يكاد مسموعاً: 
- حاضر، جاية أهو.

سارت بخطوات بطيئة من الوهن حتي وصلت إلي الباب و قامت بفتحه، تفاجئت بالتي تقف أمامها و ملامح وجهها لا تنذر سوي بالشر. 
- عايدة؟

دفعتها الأخري بكتفها و دخلت دون أن تسمح لها ليلة بذلك و قالت ساخرة: 
- أيوة عايدة، إيه مكنتيش عايزة تشوفيني؟

أجابت ليلة بنفي قائلة: 
- لاء، يعني مش عايزة أشوفك ليه؟

جلست علي أقرب كرسي و وضعت ساق فوق الأخري: 
- أنا أصلاً مش جاية عشان أطمن عليكِ، أنا جاية عشان حاجة هعملها بس قبلها أحب أعرفك إن معتصم قبل ما يكون ليكِ كان ليا أنا كمان. 
قرأت علامات الدهشة و التعجب علي ملامح ليلة فأردفت: 
- أنا و معتصم كان بينا قصة حب من زمان، كنت بشتغل في محل تصوير و جمب المحل سايبر بتاع واحد صاحبه، كان كل يوم يجي له مخصوص عشان يشوفني، مرة في التانية و حصل ما بينا كلام، من أول نظرة عرفت إنه واقع في غرامي و مستني مني رد، طلب مني نخرج، خرجنا و اتفسحنا و في كل مرة أشوف في عينيه نظرة حب ما شوفتهاش في عيون أي راجل قبل كدة، جه واحد صاحبه اسمه سعد منه لله كنت أعرفه قبل معتصم و لما عرف بقصتي أنا و معتصم، راح فبرك حوار و قدر يفرق ما بينا، يشاء القدر في نفس الوقت ده صاحب محل التصوير لمح لي إنه عايز يتجوزني و هايجيب لي كل اللي أنا عايزاه بس بشرط جوازنا هيكون في السر.

نهضت و سارت إلي النافذة تنظر إلي الشارع و تسطرد: 
- أنا زي الهبلة طمعت و بدل ما أحافظ علي حب معتصم ليا و أدافع عن نفس قدامه، بيعته و قولت له يبعد و ينساني، و أتجوزت أنا و صاحب المحل اللي كنت شغالة فيه، بس عرفي، مكنتش أعرف إنه متجوز أو هو كان مخبي عليا، شهرين و مراته عرفت، حد شافنا و إحنا خارجيين مع بعض و راح قالها، في لحظة غدر باعني و قطع الورقتين اللي ما بينا، قعدت أترجاه إنه ما يسبينيش و لو أهلي عرفوا ممكن يقتلوني، عايرني و قالي فين أهلك دول، أبوكِ اللي إزازة الخمرة ما بتفرقش إيده و لا أمك اللي بعد ما أتطلقت سابتك أنتِ و أخواتك و راحت أتجوزت، حسيت وقتها إن حق معتصم بيترد له، كنت ضايعة مش عارفة أعمل إيه، شيطاني خلاني أروح أعمل عملية و أرجع بنت بنوت عشان أقدر ألاقي ابن الحلال، بعدها قعدت أدور علي معتصم عرفت إنه سافر، و في يوم كنت بدور علي شغل قابلت جلال الله يرحمه، كان فاتح محل في العتبة طلبت أشتغل عنده، لاقيته أول ما بص لي قالي أنا هقولك علي حاجة أحسن من الشغل، و طلب إنه يتجوزني علي سنة الله و رسوله، طبعاً فرصة ما تتعوضش، و بعد ما كتبنا الكتاب، أكتشفت إنه يبقي أخو معتصم، عرفت قد إيه الدنيا ضايقه و مهما هربت من الماضي هتلاقيه ملحقك طول العمر.

سألتها ليلة بعدما ابتلعت غصتها: 
- و معتصم عمل إيه أول ما شافك؟

حدقت إليها بإبتسامة سخرية ثم أخبرتها: 
- اتصدم، كانت أول اجازة ليه لما رجع من برة و كنت فاكرة نفسي نسيته و اعتبره ماضي و انتهي، لاقتني بتشد له أكتر، عايزاه ليا بأي طريقة، عرضت عليه كتير إننا نهرب و نتجوز و يسامحني عن اللي فات، رفض و أستحقرني ما صدقتش إنه معتصم اللي عرفته زمان خصوصاً بعد ما شوفت في عينيه كمية كره ليا، ما أستحملش و سافر بعد أسبوع علي طول، فضل ما ينزلش كام سنة لحد ما نزل السنة دي، و ياريته ما نزل، قرر إنه يتجوز و جيتي أنتِ خدتيه مني بعد ما كنت خلاص هرجعه ليا بطريقتي. 
※ـــــــــــــــــــــــــــ※
- أنت أتجننت! 
صاحت بها والدته بعدما صرح عن ما ينوي عليه، فأجاب الأخر: 
- لو سمحت يا أمي، دي حياتي و ياريت محدش يدخل فيها.

أخذت تربت بحدة علي كتفه و تقول: 
- دي ما بقتش حياتك لوحدك يا قلب أمك، مراتك لسه الدكتورة كانت كاشفه عليها و طلعت حامل.

هبط الخبر فوق رأسه كالصاعقة 
- حامل! 
رددها بصوت خافت، فأخبرته والدته: 
- أيوه حامل، و كان مغمي عليها من قهرتها منك، ده بدل ما تروح تطمن عليها و تقولها حمدالله علي السلامة، جاي تقولي هتطلقها!، 
ما تقولي له حاجة يا عايدة.

عقد ما بين حاجبيه يتذكر أمر عايدة الذي رآها بالأسفل في الشارع
- عايدة شوفتها كانت في الشارع و بتمد، هي رايحة فين؟

رفعت كتفيها إلي أعلي و أخبرته: 
- معرفش.

ضرب قلبه شعور مخيف و كأن صوت يأمره بالذهاب إلي زوجته. 
- ليلة، أنا لازم أروح لها.

رفعت والدته يدها إلي السماء: 
- ربنا يهديك يا بني و يبعد عنكم الشيطان أنت و مراتك.

ذهب إليها راكضاً، و هذا بعد ما شعر بأن هناك خطر يحيط بزوجته، فإنه يعلم عايدة جيداً، و هذا بعدما علم من المحامي إنها هي التي قامت بتدبير المكائد لليلة حتي لو جعلتها متهمة في قضية قتل.

وصل إلي البناء بلهاث، توقف أمام باب الشقة و يستمع إلي الحوار الدائر بين عايدة و ليلة التي تصيح بصعوبة: 
- أنتِ إستحالة تكوني بني آدمة طبيعية، ربنا أدالك فرصة تتوبي و تتعدلي، لكن طلعتي ما تستهليش.

أخرج هاتفه و ضغط علي علامة التسجيل، 
بينما بالداخل ردت عايدة بزهو و فخر كأنها ستخبرها أمراً عظيماً: 
- أومال لو تعرفي إن أنا كنت علي تواصل مع عمار و أنا اللي أديته له رقمك الجديد و كنت متفقة معاه إنه يفضل يزن عليكِ عشان تطفشي و أنا من ناحية تانية أخلي معتصم بنفسه يكرهك بعد ما يشوفك واحدة خاينة، و عشان هو كان عيل و.... أعتدي عليا بالغصب، أهو خد جزاءه و أتقتل، و زي ما أستغليته و هو عايش، أستغليته و هو ميت و أخدت السكينة اللي أتدبح بيها حطتها لك في المطبخ و بلغت عنك في نفس الوقت، لكن أنتِ زي القطط بسبع أرواح كل ما أدبر لك مصيبة تطلعي منها.

تراجعت ليلة إلي الوراء و بتوجس سألتها: 
- مش خايفة لأروح أحكي لمعتصم و مامته اللي حكتيه دلوقت؟

أطلقت ضحكة الشر عنوانها و قالت: 
- مش لما تلحقي تروحي لهم الأول، أنا خلاص مش هدبر لك مصايب تاني، المرة دي أنا هخلص عليكِ بنفسي. 
زمجرت و أنقضت عليها، أخذت ليلة تركض و تحاول أن تدافع عن نفسها، في ذات اللحظة اقتحم معتصم الشقة و قبض علي ذراع عايدة التي كانت كالوحش الضاري. 
- أوعي سيبوني أقتلها و أخلص منها.

دفعته بقوة فأطرحته علي الأرض، و أستطاعت في القبض علي عنق ليلة، تقوم بخنقها، كانت الأخري في حالة ضعف و هزال لكنها أخذت تقاوم حتي تمكن معتصم من جذبها بالقوة و ضربها بحافة يده علي جانب موضع عنقها المتخفي أسفل الحجاب مما أدي إلي إنها تفقد الوعي في الحال.

تركها و جذب ليلة بين ذراعيه، يسألها بقلق و خوف: 
- أنتِ بخير؟

أخذت تتحسس عنقها المحتقن بحمرة الدماء آثار قبضة عايدة و قالت: 
- بخير، بخير الحمدلله. 
※ـــــــــــــــــــــــــ※
تم القبض علي عايدة بتهمة تضليل العدالة و هذا بعدما قدم معتصم تسجيل إعترافها و إصرارها علي التخلص من ليلة.

و في مكان آخر بداخل مصحة نفسية، يجلس حبشي علي التخت في حالة لا يرثي لها، يمسك في يده ورق مقصوص في حجم العملة الورقية و أمامه صندوق خشبي صغير، يمسك كل ورقة علي حده و يضعها قائلاً: 
- أدي جنيه و دي خمسة، و دي ١٠٠، و لو حطينا دول هيبقو خمسة آلاف.

تلفت من حوله بتوجس، يخشي أن يراه أحد و هو يخبئ ما يظنها أمواله، أغلق الصندوق ثم قام برفع الفراش و خبأه أسفله: 
- كده هدي مش هتشوفهم و لا هتاخدهم تاني.

و أطلق ضحكة هيسترية، فهو بالفعل فقد عقله بسبب صدمة فقدانه لماله الذي كان يجمعه طوال السنوات و أخذته هدي التي أصبحت طليقته بعد رفع دعوي طلاق و سرعان ما أخذت الحكم بعد أن قدم المحامي الشهادة الصحية الخاصة بحبشي من المصحة النفسية.

و لدي هدي التي كانت تمكث لدي خالتها بعد. إصرار من الخالة و هذا خوفاً و حرصاً عليها و لكن الأمر الخفي هي وصية و إصرار شريف و إتفاق بينه و بين والدته لا تعلمه الأخري، و كان الأخر يهاتفها بشكل يومي ليطمئن عليها، كان حديثها دائماً معه مقتضباً، فقطع الإتصال مرة واحدة، أجرت هي الإتصال عليه و كان الأخر لا يجيب مما أثار خوفها، وقعت عيناها علي تاريخ اليوم في النتيجة المعلقة علي الحائط و تذكرت إنه قد مر شهران بالفعل منذ أخر لقاء بينهما و إنتظاره لكلمة يطوق لها شوقاً.

نهضت بفزع و ذهبت إلي خالتها في غرفتها وجدتها تقرأ آيات الله بعد أن أدت فرضها، وقفت أمامها ريثما قالت: 
- صدق الله العظيم.

رفعت الخالة عينيها إليها و سألتها: 
- فيه حاجة يا هدي؟

أجابت الأخري بتوتر و سألتها: 
- هو شريف بيكلمك، أصله بقي له يومين ما أتصلش و جيت أتصل بيه ما بيردش.

خلعت الخالة عويناتها الخاصة بالقراءة و أخبرتها بهدوء: 
- هو ما بيتصلش عشان مشغول و كان بيحضر للسفر، و كان مكلمني الصبح قالي إن ميعاد طيارته الساعة ستة المغرب.

نظرت هدي في هاتفها لتجدها الخامسة و خمسة عشر دقيقة، شهقت و قالت: 
- ده فاضل ساعة إلا ربع علي الطيارة، ليه يا خالتي ما قولت ليش من بدري؟

تنهدت الخالة و أجابت: 
- و هيفرق معاكِ في إيه، ما أنتِ ما بتسأليش عليه، و كلامك كله معاه كان علي قد السؤال، و ابني ما بيحبش يغصب حد علي حاجة.

سألتها مرة ثالثة بلهفة، فالوقت ليس في صالحها و عليها أن تلحق به قبل خسارته: 
- هو فين كده دلوقتي؟

- زمانه بيجهز و نازل دلوقت لأن المطار قريب منه.

فقالت لها الأخري و يبدو عليها العجلة من أمرها: 
- خلي بالك من محمد و بسنت، أنا نازلة.

قالتها و ذهبت تبدل ثيابها و غادرت المنزل في دقائق، أشارت إلي سيارة أجرة و أخبرت السائق بالمكان الذي يمكث فيه شريف، و عندما اقتربت السيارة من البناء، وجدت شريف قد ولج إلي داخل السيارة التي سوف توصله إلي المطار، أنطلقت به، فصاحت في السائق: 
- معلش ممكن تطلع ورا العربية دي بسرعة.

نفذ الأخر طلبها، أسرع خلف السيارة، و في طريق السيارات، أقتربت السيارة التي هي بها من السيارة الأخري حيث يجلس شريف.

قامت بفتح زجاج النافذة و قامت بالنداء عليه: 
- شريف، يا شريف.

و كان الأخر ينظر إلي شاشة هاتفه و لم يسمع شيء و هذا لأن الزجاج بجواره مغلقاً، رأي سائقه عبر المرأة هدي التي تناديه بكل قوتها: 
- لو سمحت يا فندم، فيه واحدة ست في العربية اللي جمبنا عماله تنادي علي حضرتك.

ألتفت ينظر من خلف النافذة المغلقة، فتح الزجاج و حدق إليها يسألها: 
- إيه اللي جابك ورايا؟

صاحت بجملة واحدة: 
- أنا موافقة.

لم يصدق ما سمعه، فأشار لها نحو أذنه لتكرر ما تفوهت به، فصاحت مرة أخري: 
- أنا موافقة نتجوز.

أسرع قائلاً إلي السائق: 
- وقف لو سمحت علي جمب.

و فعلت هي المثل، فتوقفت السيارة التي بها، ترجل كليهما و تقابلا و أعينهم تنضح بالسعادة و الفرح

حاول أن يهدأ روعه ليهدأ أيضاً قلبه الذي ينبض بقوة، و قال: 
- و أنا أوعدك طول ما أنا فيا نفس هشيلك جوه عينيا، بحبك.

حدقت إليه بسعادة و خجل معاً ثم أجابت: 
- و أنا كمان...

سألها بلهفة: 
- و أنتِ إيه؟

نظرت إلي أسفل و خديها يضربهما حمرة الخجل: 
- أنا كمان بحبك. 
※ـــــــــــــــــــــــــــ※
و لدي ليلة بعد أن قام معتصم بإنقاذها، أمرها بالعودة إلي منزلهما و هذا بعد إصرارها علي المكوث في منزل عائلتها خاصة بعد علمها ما حدث إلي شقيقها و بالرغم ما كان يفعله به أشفقت عليه و دعت له بالهداية.

لكن بعد أن عادت و ظنت إنه قد غفر لها و يعود إليها، تفاجئت إنه جعلها تعود من أجل أن يعتني بها حتي تضع مولودها و سوف يقرر حينها ماذا يفعل معها، كان ينفصل عنها في غرفة أخري و لا يتحدث لها سوي في الضرورة.

كان هو بداخل غرفة و هي في غرفة أخري، تبكي علي جفاءه و قسوته برغم وجوده معها في نفس المنزل، البعد في القرب من أسوأ أنواع الفراق.

و في المساء، كانت تجلس داخل الغرفة و تعلم بوجوده في الغرفة الأخري، كم آلامها ذلك و شعرت بالقهر، و في خضم تلك الأفكار، انقطع التيار الكهربي فجأة، أنتابها خوف شديد من الظلام، أخذت تردد بعض الأذكار ليطمئن قلبها، نهضت و مدت يديها تلمس كل ما يقابلها حتي أستطاعت الوصول إلي الغرفة المجاورة حيث يغط في النوم أو هكذا تعتقد، فكان مستيقظ لكن لأنه يغلق الباب و الإضاءة مغلقة أيضاً لذا لا يعلم بإنقطاع التيار.

قامت بإدارة المقبض و ولجت تناديه بنبرة لمس بها رجاء: 
- معتصم، يا معتصم.

حاولت الوصول إلي السرير الذي يتمدد عليه، أجاب بجدية و إقتضاب: 
- نعم؟

وضعت يدها علي السرير لتجلس فقالت: 
- النور قطع و أنا بخاف من الضلمة.

بمجرد أن سمع كلماتها ابتسم ثم تصنع عدم الإكتراث قائلاً: 
- و أنا أعملك إيه؟

- ممكن أقعد معاك لحد ما النور يجي. 
أطلق زفرة و نهض يلتقط هاتفه من فوق الكمود و قام بتشغيل ضوء الفلاش، رآها تجلس علي طرف الفراش و تحدق إليه بخليط من النظرات الرجاء و الخوف و أخيراً الندم و طلب السماح.

تفوهت بتوتر تخشي من ردة فعله: 
- مش كفاية بُعد، بقي لنا أكتر من شهرين يا دوب الجواب علي قد السؤال، و أنت في أوضة و أنا في أوضة زي الأغراب، أتكلم، عاتبني، طلع كل اللي في قلبك بدل ما أنت سايبني هاموت من كتر التفكير.

حدقها بذات النظرة التي رمقها بها في المخفر عندما علم بكل شئ: 
- سكوتي أحسن لك بكتير، لأن لو أتكلمت كلامي هيزعلك.

باغتتها غصة علقت في حلقها و قلبها يخفق بقوة من كلماته و نظرته التي تمنت أن يقتلع قلبها بيده و لا ينظر إليها هكذا. 
- طيب لما أنت شايل مني أوي كدة، ليه خلتني أرجع؟

- لأن واخد عهد علي نفسي، عمري ما أتخلي عنك.

بدأت تتجمع الدموع في عينيها و قالت بصوت يوشك علي البكاء: 
- بس أنت أتخليت، عايش معايا و بعيد عني في نفس الوقت، عقابك ليا مش قادرة أستحمله، عارفة إني غلطت لما خبيت عليك، بس برضو أنت غلطك ما يفرقش عن غلطي، خبيت عليا إن مرات أخوك كانت البنت اللي بتحبها، و علي كلامها اللي قالته ليا شكلها كانت بتحاول معاك تكون ليها، و اللي زي عايدة دي ممكن أتوقع منها أي حاجة، و قلبي بيقولي مليون في المية حصل ما بينكم مواقف و محاولات منها و أنت بالتأكيد مخبيها عليا، صح؟

أثر الصمت و يتذكر تلك المشاهد لاسيما الموقف الأخير الذي حدث بينهما بعدما تم القبض علي ليلة.

نهضت و صاحت به: 
- يعني إحساسي طلع صح، طيب أنا علي الأقل يشهد ربي عليا من ما أتجوزتك صونت عرضك و شرفك في غيابك قبل حضورك، و لما خبيت عليك تهديدات عمار ليا مش عشان خوف منك، عشان حاجتين أولهم عارفة أنك دمك حامي و مش هاتسكت و ممكن كنت هتودي روحك في داهية، الحاجة التانية خوفت لتفهم غلط و تسيبني و تبعد بعد ما قلبي أتعلق بيك و حبيتك، أي واحدة فينا قلبها مليان أسرار، ساعات البوح بيها زي ما بيرفعها لسابع سما ممكن يخسف بيها لسابع أرض، و أنا مكنتش عايزة غير بر الأمان و هو حضنك.

لم تستطع السيطرة علي دموعها التي تحررت علي وجنتيها كمجري نهر منهمر، نهضت و أتجهت نحو الباب: 
- أنا هامشي و هاقعد في بيت أهلي، لأن خلاص ما بقاش عندي طاقة أستحمل.

و قبل أن تخطو قدمها خارج الغرفة و جدت يده تجذبها و جعلها ترتمي علي صدره، ينظر إلي عينيها التي تصل إليها إضاءة الفلاش الخافتة، قال لها بكل جوارحه: 
- أهلك و ناسك هما أنا، و قسماً باللي خالقني و خالقك، ده عمره ما عرف يعني إيه حب غير علي إيديكِ. 
أشار لها إلي قلبه و أردف: 
- أنا سبب زعلي منك هو إن كل ما أتخيل إن الحيوان ده كان بيكلمك أو بيشوفك، دمي بيغلي و حظه إنه أتقتل، عشان لو كان عايش كنت أنا اللي خلصت عليه بنفسي، اليومين اللي بعدت عنك فيهم لما كنتِ في الحجز، كان كل دقيقة بتمر عليا كنت بتعذب فيها، عاقبت نفسي قبل ما أعاقبك، أكتشفت أن كلمة حب دي قليلة أوي علي اللي جوايا ليكِ، ليلة أنا بعشقك أوي.

أنهي حديثه بإلتقام شفتيها في قبلة بث إليها من خلالها كل مشاعره و هيامه، عانقها بشوق الغائب الذي عاد إلي أرض وطنه بعد عذاب الغربة، تحولت القبلات إلي همسات و نظرات و لمسات أنتهت بإتحاد جسديهما في تناغم و عشق فاضت الأفئدة به فأصبح التيم و الهيام عنوان قصة عشقهما. 
※ــــــــــــــــــــــــــــ※
بعد مرور شهر و نصف تم عقد قران هدي و شريف في حفل عائلي، بعد أن أنتهي أخذها إلي الساحل الشمالي ليقضي معها أجمل ليالي العشق و الغرام، فها هو قد فاز بحب عمره بعد صبر سنوات.

و في يوم عاد من الخارج يبحث عنها وجدها تقف في المطبخ تعد الطعام و لم تنتبه إليه، مد يديه إلي خصرها ليعانقها من الظهر فشهقت بفزع.

- مش تكح و لا تعمل صوت بدل ما تخضني؟

جعلها تلتفت إليه و قال: 
- سلامتك يا روحي، أصل بصراحة أول ما شوفتك نسيت نفسي و لاقيتني بحضنك، أصلك وحشاني أوي.

ابتسمت وقالت بمشاكسة: 
- لحقت أوحشك و أنت لسه سايبني من الصبح!

- أنتِ أصلاً بتوحشيني و إحنا مع بعض، فما بالك لما ببقي بعيد عنك و لو دقيقة. 
قالها و أختطف قبلة ناعمة من شفتيها

و بعدما حرر موطن كلماتها من خاصته، قالت: 
- روح غير هدومك، عقبال ما أحط الأكل.

أخرج من جيبه علبة مخملية و قام بفتحها ليظهر منها خاتم تتوسطه ماسة: 
- كان نفسي أشتريهولك قبل كتب كتابنا بس مكنتش ظروفي متظبطة، و الحمدلله من يوم ما بقيتي مراتي و ربنا رزقني من وسع.

- حبيبي ربنا يخليك ليا، بس أنت مش مخليني محتاجة حاجة أبداً، و الخاتم ده شكله غالي أوي.

أمسك يدها و قام بتقبيل راحة كفها: 
- أنا لو بأيدي، أجيب لك نجمة من السما، و الغالي أتعمل علشانك.

حدق إليها بابتسامة ماكرة و اخبرها بنظرة شوق عاشق متيم و أردف: 
- أنا مش عايز أتغدي.

سألته بدلال و تتغنج بين يديه: 
- أومال عايز تاكل إيه؟

- عايز أكلك أنتِ. 
قالها و ألتقط شفتيها و عانقها بقوة، يريد أن يخبئها بين أضلعه، كل يوم يزداد عشقه نحوها، فكل منهما كان للأخر الفوز بعد صبر و عناء. 
※ـــــــــــــــــــــــ※
بعد مرور خمسة أشهر... 
أستيقظ معتصم بفزع علي صوت صرخات ليلة التي لم يعرف النوم درباً إلي عينيها منذ الأمس، بدأت آلام المخاض تتزايد حتي وصلت ذروتها في الصباح الباكر، و لم تتحمل كبت الألم أكثر من ذلك.

- ألحقني يا معتصم، أنا بولد اه. 
صرخة ألم و تقف تستند علي الحائط داخل المرحاض.

نهض و ركض إليها: 
- حبيبتي معلش و الله نمت غصب عني، ثانية هاتصل بهدي و لا أقولك أتصل علي الدكتورة.

كانت تقف منفرجة الساقين و بملامح متألمة تخبره: 
- مش قادرة أتحرك من مكاني. 
اقترب منها و أمسك بيدها يسندها

- يا قلبي تعالي نامي علي السرير، هنادي لك علي أمي عقبال ما أروح أجيب لك الدكتورة عشان الوقت ده بالتأكيد مش في العيادة أو المستشفي.

صرخت بألم: 
- لاء، خليك جمبي ما تسبينيش.

حاوط كتفيها بذراعه و قام بتقبيل رأسها: 
- معلش يا حبيبتي، أستحملي.

تحدث مع أحد أصدقائه ليحضر إليه سيارة أجرة أتت في دقائق لا تذكر، حمل ليلة علي ذراعيه و نزل الدرج ثم وضعها داخل السيارة و جلس بجوارها، يمسك بيدها و يمسح علي رأسها يزيل قطرات العرق من فوق جبهتها.

و في داخل المشفي، بمجرد أن دلفت غرفة العمليات تمت الولادة علي الفور. 
و في غرفة تملؤها الزينة و البالونات، تحمل هدي الرضيعة و تنظر لها بسعادة: 
- بسم الله ماشاء الله، بنوتة زي القمر، ربنا يبارك لكم فيها و تفرحوا بيها، و حمدالله على سلامتك.

عقبت ليلة التي تمسك بيد معتصم: 
- الله يسلمك يا هدي، و ربنا يقومك بالسلامة.

أعطت هدي الرضيعة إلي والدة معتصم التي حملتها بحرص: 
- بسم الله ماشاء الله.

و نظرت إلي ليلة: 
- حمدالله علي السلامة يا بنتي.

ابتسمت الأخري و قالت: 
- الله يسلمك يا ماما.

كان شريف يقف في زاوية و يمسك بيد بسنت و شقيقها محمد الذي سأل: 
- عمو شريف هي ماما هاتجيب لنا نونة زي نونة عمتو ليلة؟

أجاب الأخر: 
- اه يا حبيبي، هاتجيب أخوك الصغير و تلعبوا مع بعض.

فقالت الصغيرة: 
- اشمعنا محمد ماما هتجيب له أخ و أنا كمان عايزة أخت.

ضحك الجميع علي كلمات الصغيرة، فسألت هدي: 
- ألا قولوا لي سميتوها إيه؟

أجاب معتصم و الفرح يرسم بسمة تملئ ثغره: 
- ليلة.

تمت بحمدالله. 
 

بداية الروايه من هنا


رواية وتبقي لي كامله من هنا


رواية كيان الزين من هنا


نسيم العاصف من هنا


رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا


نوفيلا الراهب كامله من هنا


رواية العشق الأخير من هنا


رواية زينه من هنا


غاردينيا من هنا


رواية الجميله والوحش من هنا


رواية دكتور نسا من هنا


رواية آصرة العزايزه من هنا


رواية رحلة قدر من هنا


رواية ليالي الغول من هنا


رواية لعنة الإرث من هنا


رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا


رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا


رواية لعبه بين يديه من هنا


رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا


رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا


رواية ملياردير الصعيد من هنا


رواية وتبقي لي من هنا


رواية عشق الحور من هنا


رواية طلاق غيابي من هنا


رواية اغتصب روحي من هنا


رواية غصن من هنا


رواية بلا ذاكره من هنا


رواية عودة الذئاب من هنا


رواية الجامحه والبدوي من هنا


رواية الحب والخطيئه من هنا


رواية جبرونا عالزواج من هنا


رواية لعبة الحب من هنا


رواية لما القلب بحب من هنا


رواية إبن الصعيدي من هنا


رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا


رواية بائعة الخضار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية غريق علي البر من هنا


رواية اللعب مع الشياطين من هنا


رواية كم من قلوب احرقت


رواية جمعتهم الاقدار من هنا


رواية مشكله عائليه من هنا


رواية لي نصيب من إسمي من هنا


سكريبت بنت الشارع من هنا


رواية طريقي كامله من هنا


رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close