الفصل السابع والثلاثون من عذرًا_لقد_نفذ_رصيدكم شارع_خطاب بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
اذكروا الله.
دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية
أعدُكَ لن يُحبِك احداً أكثرَ مني.
مقتبسة
يبحث الإنسان في الحياة
عن مكانٍ آمن
لا يحتاج فيه أن يتكلف ليُقبل
تلك غاية المرء مهما تاه بين الرغبات!
- د/ مصطفى عبده
ليتك
تستطيع
أن ترى الطريقة
التي أنظر بها إليك
ليتك
تستطيع أن ترى
كيف أنت تبدو بِداخلي
مقتبسة
______________
سَــمــعــت.
سمعت من إيناس، حُسنية وحتى حور سمعت منها...
يبدو أن سماع معاناة الناس غير مشاهدة أجزاء منها تم تأليفها على التلفاز وفي الأفلام السينمائية أو حتى غير قرأتها في الكتب والأساطير....
الأمر مختلف تمامًا....
أنتَ تشاهد بنفسك أبطال حقيقية تعاني، تتألم، تغضب، تثور....
تشعر بأنها وسط حكاية قديمة تتميز بأصالة أصحابها...
![]() |
هذا ما شعرت به بداية من جلوسها مع السيدة بهية الصابرة رغم كل ابتلاء مرت به فهي شكرت ربها، أمرأة فاقدة بصرها لم تتزوج قط لم يتبقى إلا القليل من عائلتها تعيش بمفردها ودومًا راضية غير نافرة أو غاضبة، حتى غير متذمرة...
أما سلمى تلك الفتاة لم تحتك بها كثيرًا لكن يكفي معرفته ما عانته هي ووالدتها في تلك الحياة بعدما تركهما والدها هي وشقيقتها برفقة والدتهما دون سبب...
ولا ننسى أنه هناك عائلة دياب التي تتحمل كل بلاء...
نعم يحدث شجار وغضب اعتراض بسيط...
لكنهم في النهاية يرضخون إلى القدر...
دياب ذلك الشاب العجيب، الذي يثور ثم يهرب لمدة ساعات ويعود مرة أخرى يتحمل المسوؤلية كأن شيئًا لم يكن...
حتى إيناس التي لا تلومها بسبب ما فعلته فالجميع يعرف ردود أفعال دياب و من الخوف فعلت ذلك...
أما حُسنية كانت هادئة في نظرها وكأنه لم يحدث شيء تخبرهم بأنه سوف يعود بمجرد أن يهدأ ويفكر ما حدث...
كانت ريناد تفكر فيما حدث حينما صعدت إلى الأعلى أما هي الآن في شقة بهية...
انتفضت ريناد على صوت بهية الحنون البعيد نوعًا ما وهي تقف عند باب الغرفة هاتفة:
-إيه يا بنتي؟ لسه صاحية لغايت دلوقتي ليه؟؟..
ردت عليها ريناد بهدوء ورقة:
-هغسل سناني وبعدين أنام متقلقيش نامي أنتِ.
كانت تعلم بهية ما ينتباها لكنها تركتها ولم ترغب في أن تدخل أكثر من ذلك في خصوصيتها ومشاعرها لذلك أردفت بنبرة هادئة وهي تنسحب:
-ماشي يا حبيبتي تصبحي على خير.
-وأنتِ من أهله.
غادرت بهية وبقيت ريناد محاصرة بأفكارها..
شعور غريب يحتلها..
وكأنه من الواجب عليها الوقوف بجواره..
رغم إدراكها الكلي بأنها ليس لها شأن بهذا الأمر...
لكن إذا كان كذلك لماذا هذا الشعور والألم الذي يجتاحها وعذاب الضمير الكبير كأنه يعني لها شيئًا كبيرًا...
شيئًا يجبرها بأن يجب عليها التصرف أو مواساته بأي طريقة..
هي ليست معها رقمه لكنه صديق عندها على
"الفيس بوك" هل ترسل له رسالة؟...
لم يستغرق الأمر وقت طويل للتفكير هي عزمت على فعلها لكن الذي أستغرق وقتًا طويلًا ما هي الرسالة التي شوف ترسلها؟؟؟
كلما تكتب شيئًا تقوم بقرأته فلا يعجبها فتقوم بـ محوه....
فعلت الأمر أكثر من عشر مرات حتى شعرت بأن اليأس يتملك منها...
إلى أن قررت قرار هام..
هي أنها سوف ترسل ما تشعر به لن تقوم بترتيب كلماتها فتخرج منها على هيئة برقية حمقاء، ستكتب ما تشعر به ويأتي في خاطرها دون مراجعته...
أمسكت هاتفها للمرة التي لا تعرف عددها لكنها قررت بأن تكتبها تلك المرة ولن تمسح شيئًا..
"مساء الخير يا دياب، يارب تكون بخير، أنا عرفت اللي حصل أنا ونينا بهية لما طلعنا فوق عندكم، احترت كتير أفكر هل إيناس معاها حق ولا أنتَ، أنا شايفة أنها خافت من رد فعلك هي ومامتك علشان كده اتصرفوا بالشكل ده خصوصًا أنها معملتش أي حاجة غلط بالعكس هي خافت عليك، ولو فكرت من ناحيتك أنتَ برضو معاك حق أنك تخاف على أختك وده أكتر شيء بحترمه وبقدره فيك علاقتك بأهلك، محدش فيكم غلط اللي غلط هو طليقها والشاب التاني ده، واتكلمت عن علاقتك بيهم لأني مش شايفة أي شيء يستدعي أنك تسيب البيت وتسيبهم مهما كان الخلاف اعتقد تقدروا تحلوه سوا، متخليش غضبك يتملك منك على أعز الناس إليك، يارب تكون بخير وكويس وتكون بس عايز تفصل شوية علشان متقلقهمش أكتر من كده"..
"وأنا كمان قلقانة عليك أوي".
كتبت تلك الجملة لكنها الوحيدة التي مسحتها على الفور شعرت بابتذالها رغم صدقها، يكفي ما كتبته هذا كله...أرسلتها له وتتمنى أن يراها سريعًا...
قررت أن تحاول النوم في محاولات بائسة منها وهي تحاول القضاء على فضولها واسئلتها؟؟
هل سوف تصله الرسالة؟.
هل ستعجبه؟
ستوثر به؟
أم أنه لن يراها من الأساس.....
..في أحد المقاهي..
في حي يبعد تمامًا عن الحي الذي يتواجد به شارع خطاب..
يجلس دياب وأمامه كوب القهوة الرابع...
والسيجارة تتواجد بين أصابعه، هو أتى حيث وجهته قدمه لكنه لم يأتي إلى هذا الحي من قبل وكان هذا الجميل في الأمر لن يعثر عليه أحد حتى نضال الذي يعرف مكانه على الفور...
هو يرغب في الابتعاد عن الجميع وأن يكون بمفرده قليلًا لقد أُرهق، أرهقت مشاعره ونفسه...
لم يعد قادرًا على الثبات هو إنسان في النهاية ليس ألة ولا حائط....
سمع صوت إشعار جديد من هاتفه وظن بأن هذا سيكون من نضال الذي يتصل ولا يجب عليه فـ يرسل له العديد من الرسائل غاضبًا وساخطًا منه وتارة أخرى يحاول الحديث بطريقة لينة من أجل أن يخبره بمكانه لكنه يتجاهلها هنا غمغم قبل أن يفتح هاتفه..
-أنا هقفل التليفون ده أحسن...
ما لم يكن في الحسبان هو إشعار كهذا...
منها هي...
فتحه لـ يقرأ رسالتها بهدوء..
قرأها مرتين ورغم عشوائيتها إلا أنها اعجبته...
لم تكن رسالة ذات مفعول سحري قرأها وزالت كل مخاوفه أو اختفى غضبه لكنها كانت تكفي بأن تثلج جزء من ناره الموقدة....
كان هذا يكفيه...
وكونه لا يستطيع التعبير أو الامتنان أرسل لها رسالة بسيطة..
"شكرًا".
قرأتها ريناد وتهللت أساريرها وقررت النوم فهي ظنت بأنه لن يجب عليها من الأساس..
لكنه طمأن قلبها بهذا الرد البسيط جدًا...
هي لم تتخيل يومًا بأنها قد تسعد لمجرد أن هناك شخص قد أرسل لها كلمة مختصرة وبسيطة على رسالة طويلة منها غير معتادة على أن ترسلها للآخرين...
لكنه لم يكن مثلهم أبدًا..
هو حالة خاصة بذاته..
اليوم فقط أدركت حقيقة بأنه يعني لها شيئًا لا تفهمه ولكنه كبيرًا، كبيرًا بشكل لا تدري متى تم نموه إلى هذا الحد؟؟؟
______________
في اليوم التالي...
استدعاء...
طلبها...
هو طلب رؤيتها..
يبدو أن وقت تركها للعمل قد حان وإلا لما يطلب "دكتور" جواد مقابلتها؟!..
هل سمعها تتحدث عن شخصًا ما؟؟
بالتأكيد هذا هو ما حدث...
هي ترغب في أن تمر تلك المرة بدون مشاكل وهي في المرة القادمة سوف تتوقف عن الثرثرة هي لا تستطيع القسم ولكنها سوف تحاول بـ قصارى جهدها بأن تتحكم في لسانها ولن تتحدث مطلقًا عن أي شخص..
ادخلتها السكرتيرة الخاصة به إلى داخل المكتب ثم أغلقت الباب وهنا اعتدل جواد بعدما كان يعطي تركيزه كله إلى الحاسوب الموضوع أمامه هاتفًا ببسمة هادئة:
-اقعدي يا شيرين اتفضلي...
جلست شيرين على المقعد تنظر له بأعين زائغة تفكر في كل المهام التي انجزتها منذ أن أتت إلى العمل تتذكر أي شيء فعلته غير صحيحًا فيهم..
لاحظ جواد توترها فـسألها بهدوء:
-عاملة إيه؟.
ردت عليه شيرين بارتباك طفيف:
-أنا الحمدلله كويسة..
سألها جواد باهتمام واضح فهو يتذكر حالة والدها الصحية منذ مدة:
-والدك عامل إيه دلوقتي؟..
تحدثت شيرين باستغراب فهي لا تفهم إلى أين سوف يصل بينهما هذا الحديث وتلك البداية العجيبة في العادة جواد ليس لديه احتكاك مباشر بهما إلا نادرًا، في الغالب نادين هي الوسيط بينهما:
-الحمدلله بخير صحته دلوقتي احسن كتير..
-كويس جدًا.
كان الأمر صعب هو يتصرف بطريقة هو نفسه لا يفهمها ولا يتعهدها، هو لا يفهم حتى لماذا يفعل ذلك أو حتى لماذا يأتي بها إلى هنا؟..
تمتم جواد بلهجة رسمية لا تناسب لهفة ظهرت في عينه لمدة لحظات أثناء حديثه:
-النهاردة أنتِ وميرنا شايلين شغل إيناس هي مجتش النهاردة صح؟..
حاولت الدفاع عن صديقتها مغمغمة:
-هي لسه جديدة ولسه هتبدأ من الاسبوع الجاي تقريبا هي كل ده كانت training يعني وظروفها صعبة واحنا شايلينها بلاش تمشوها، وبعدين حسبي الله ونعم الوكيل أصل لو حضرتك تعرف اللي فيها هتتعاطف معاها والله...
أسترسلت حديثها بما يريد معرفته من دون أن يتفوه هو بـحرف واحد:
-طليقها خد العيال وهي محتاسة وأكيد هتظبط أمورها وتيجي الله لا يسامحه ولا هو ولا صاحبه...
أين الوعود التي قالتها بأنها سوف تتوقف عن الثرثرة؟؟
يبدو أنها ذهبت إلى الجحيم الآن..
كان جواد لديه نبذة عما حدث من نادين كونهما أخذا منها الأذن، سألها هو ليلة أمس حينما مر ولم يجد الاثنتين، لكنه كان يرغب بـ شيرين كونها ذهبت معها كان يرغب في الاطمئنان عليها..
رد عليها جواد بنبرة عملية:
-بس الحضانة المفروض معاها..
تحدثت شيرين بنبرة ساخرة:
-يا دكتور الحاجات دي بتعوز محامي ولف وهي أم هتقعد كتير عقبال ما تلاقي محامي وهي فعلا قالتلي هتشوف حد بس الفكرة أنها هتستوي عقبال ما كل ده يحصل..
تمتم جواد بجدية وانزعاج أصابه مما سمع منها:
-لا متقلقيش الأمور دي مش بتأخد وقت هي بس محتاجة محامي كويس..
ثم نهض من فوق مقعده الجلدي بعدما أخذ هاتفه من أجل الاتصال بالشخص المراد:
-خليكي هنا خمس دقائق وجاي لسه كلامنا مخلصش...
____________
طرقات قوية على الباب جعلت زهران يترك أرجيلته الحبيبة وينهض من فوق مقعده ثم يتوجه صوب الباب وهو يهتف:
-استرها يارب في إيه...
فتح زهران الباب ليجد أمامه سلامة بوجه غاضب مما جعل زهران يهتف بقلق:
-في إيه يعني علشان تخبط بالشكل ده وبعدين أنتَ مش معاك مفتاح؟؟؟
رد عليه سلامة ساخرًا:
-مفتاح إيه بقا ما أنا خوفت أحسن تكونوا غيرتوا الكالون وأنا مش واخد بالي..
تركه زهران ثم توجه إلى الداخل مرة أخرى يجلس على مقعده ثم أمسك خرطوم أرجيلته وفي الوقت ذاته أتى نضال وهو يحمل سجادة الصلاة فهو انتهى لتوه من صلاته مغمغمًا:
-في إيه مين اللي بيخبط كده؟
حينما وجد سلامة أمامه عرف الطارق ولكنه اندهش، لم يعطِ سلامة أي فرصة لأي شخص أن يتحدث بل تفوه هو:
-إيه بقا الفويس اللي أنتَ باعته ليا على الواتساب ده؟ مش أنا اللي معلمك الواتساب بس مني لله عمومًا...
رد عليه زهران ببساطة شديدة بعدما أخذ نفس من أرجيلته:
- أولا علمتني بفلوسي اللي علمتك يلا متنساش نفسك، وبعدين هكون باعت إيه يعني؟ ما أكيد حضرتك سمعتني، أنتَ شوفت والواتساب عملي علامتين صح وزرق معناه أنك شوفت وسمعت يا روح أمك...
أخرج سلامة الهاتف من جيبه ثم قام بفتحه على المحادثة التي بينه وبين أبيه مغمغمًا:
- اسمع يا أستاذ نضال اسمع معايا...
قام سلامة بتشغيل المقطع الصوتي..
"اه كده بيسجل مدام عمل العلامة دي، واد يا سلامة سامعني؟ بقولك تعالى فضي الاوضة ولو ليك حاجة فيها خدها علشان عايز ابيضها واغيرها واعملها للبت وفاء أختك حبيبتك علشان لما تتعود علينا تطلع تقعد معانا، وتكون اوضتها".
انتهى المقطع مما جعل زهران يتفوه بعدم فهم:
-وإيه المشكلة في اللي أنا قولته ما اللي أنا قولته واضح وصريح مش محتاج تفسير..
تحدث سلامة بغيظٍ واضح:
-هو خلاص سلامة هيتشال من حياتكم؟ سلامة خلاص كده، وبعدين مهوا المشكلة ان الكلام واضح وصريح وإني فهمته..
رد عليه زهران بضجر تحت متابعة نضال كالعادة بهدوء واهتمام مثل كل نقاش بين سلامة وأبيه:
-وإيه المشكلة؟ بعدين نشيلك إيه ما أنتَ مرزوع فوقينا ومديك شقة كاملة واتجوزت ومستني عيل اهو ما شاء الله؟ باصص بقا لاختك على حتة أوضة..
لم يعجبه سلامة الحديث واستنكر صمت نضال مما جعله يتفوه وهو يقترب منه ثم يضع يده على كتفه:
-جرا إيه يا نضال، أنتَ حبيتها أكتر ما بتحب اخوك؟ ده أنا اخوك بقالي ثلاثة وعشرين سنة وأكتر ازاي تحبها أكثر مني وتوافق على المهزلة دي..
ضحك نضال من همه هذا الأمر كله بالنسبة له ما هو إلا كوميديا سوداء:
-أنا ولا حبيت حد ولا كرهت حد سيبني بقا علشان هي مش ناقصة جنان وشغل عيال...
تركهم نضال ثم توجه صوب غرفته مما جعل سلامة يعقب بخذلان:
-طبعًا ما أنتَ اوضتك زي ما هي لكن أنتم بتيجوا على الغلبان وبس...
كاد زهران أن يتحدث لكن أوقفه سلامة بحركة من يده وهو يقوم بتوصيل الهاتف بالشاشة في ثواني وهو يستخدم أصابع اليد الثانية لتصدع كلمات الاغنية...
" واتنسيت ، كإني ماجيت و لو حسيت .. هتخسرني
و داريت ، ف قلبي مشيت على عيني تغربني.....
_______________
تبكي...
لا تعلم كم مر من الوقت وهي تبكي؟؟
ليلة كاملة أم أقل قليلًا؟
لا تتذكر حقًا..
دموعها لا تتوقف من أجل ترك شقيقها للمنزل ومن أجل أطفالها...
لم تستطع حتى الذهاب إلى العمل اتصلت فقط بـ نادين أخبرتها بالأمر ولم تهتم بالنتائج أو بما سوف يحدث حتى ولو هذا سوف يكلفها خسارة عملها الذي لم تبدأ فيه بشكل جدي حتى الآن...
يبدو أنها مازالت جديدة...
مازالت لا تستطيع مواجهة العالم وأن تذهب إلى العمل وهي تشعر بهذا الانكسار والضغف...
لم تصل إلى تلك المرحلة على ما يبدو حتى الآن..
لم يكن هناك شيئًا غريبًا في نظرها إلا اتصال شيرين بها، الحقيقة أنه لم يكن اتصالها الأول اليوم لكنه كان غريبًا لأنها كانت تخبرها بأنها قادمة إليها...
جاءت ومعها بعض الفواكة والعصائر فهي شعرت بالحيرة ما الشيء الذي من الممكن أن تدخل به؟؟
هذا ما استقرت عليه...
تمتمت شيرين وهي تجلس على الأريكة بجوار إيناس:
-عاملة إيه دلوقتي؟..
مسحت إيناس دموعها ثم غمغمت بحسرة:
-هكون عاملة إيه يعني؟ اديني اهو قاعدة بتحسر على نفسي وعلي عيالي اللي وحشوني أوي..
ردت عليها شيرين بنبرة قوية وكلمات صادقة:
-الانفصال والطلاق لأي ست قرار مش سهل في كل أحواله حتى لو الست مرتاحة ماديًا وأهلها معاها؛ لكن لما بتقل منهم حاجة الموضوع بيصعب أكتر؛ في كل الأحوال عيالك عايزين أم قوية وقادرة تصلب طولها علشان تعرفي تاخديهم؛ الطلاق مش مجرد ورقة لا ده تحمل مسؤولية في أغلب الأوقات خصوصًا لو أبوهم نطع كده..
كلماتها أصابتها وفي الوقت نفسه جاءت حُسنية وهي تحمل أكواب الشاي متمتمة:
-اتفضلي يا بنتي نورتي يا حبيبتي..
ردت عليها شيرين بحرج:
-تسلمي والله يا طنط بتتعبي نفسك والله ده كفاية إني طبيت عليكم مرة واحدة كده بس كان لازم اطمن على إيناس.
تحدثت إيناس بامتنان حقيقي بالرغم من أن معرفتهما لم تتجاوز ثلاثين يومًا لكنها بالفعل كانت كافية بأن تعلم بأن تلك المرأة ذات معدن نظيف وجيد:
-ربنا يخليكي يا شيرين بجد والله تعبتي نفسك أنك تيجي المسافة دي كلها بعد الشغل.
لم تكن شيرين لديها نية بأن تأتي اليوم...
لكنها بسبب جواد جاءت..
كانت لا تنوي المجئ لشعورها بالحرج كونها لا تعرفهما جيدًا...كانت سوف تكتفي باتصالاتها الهاتفية فقط...
أردفت شيرين بنبرة جادة:
- برغم المدة اللي عرفت فيها إيناس الا إني بجد بعتبرها زي اختي واكتر...
ثم أسترسلت حديثها وهي تحاول أن تتذكر كلمات جواد كونه أخبرها بأنه لا يريد الظهور في الصورة ولم تفهم لما يهتم بأمرها..
و لا يرغب في أن يساعدها بشكل صريح لكنها لم ترفض أن تساعد إيناس لو كان هذا الأمر سوف يساعدها ويعيد أطفالها لها:
-في محامي اعرفه اسمه أحمد وهبي مشهور أوي وكده وأنا قولتله اللي حصل معاكي وهو قال أنه مستعد يساعد...
أردفت إيناس باستغراب:
-تعرفيه منين ده؟..
رفعت شيرين حاجبيها مغمغمة باستنكار:
-هو إيه اللي هعرفه منين، أنتِ مستقلية بيا ولا إيه يا إيناس؟ لا أنا معارفي كتير، وأنا جيبتلك رقمه كلميه قوليله أنك إيناس صاحبة شيرين اللي شغالة في المستشفى بتاعت دكتور عز الدين وهو هيعرف انك تبعي كلميه وقوليله كل حاجة...
ابتلعت ريقها ثم أسترسلت حديثها موضحة:
-وهو هيبعتلك محامي من المكتب يتحرك معاكي من بكرا على العموم يعني هو قريب واحدة جارتي.
تحدثت إيناس وبدأت الفرحة تدب في أوصالها حتى ولو بنسبة ضئيلة شعرت بأمل:
-بجد يا شيرين؟ طب وأتعابه، أنا نزلت الصبح بيعت الدهب هو معملش كتير بس ممكن يسد يعني..
قالت شيرين بنبرة هادئة:
-متقلقيش من الموضوع ده؛ هو أصلا عايز يخدمني بأي طريقة وقالي أن الموضوع بسيط والعيال هيكونوا في حضنك في أقرب فرصة.
ثم أسترسلت حديثها بثرثرة:
-وبعدين اللي فهمته من شخصية طليقك ده أنه لما بيلاقي الموضوع بيدخل في الجد بيكش علشان كده مجرد ما يعرف أنك اخدتي خطوة أنا متأكدة أنه هيرجع العيال من نفسه..
أردفت حُسنية هنا بابتسامة صافية:
-والله معاكي حق يا بنتي..
ثم وجهت حديثها إلى ابنتها متمتمة:
-شوفتي مش قولتلك بإذن الله هتتحل..
ثم عادت توجه حديثها إلى شيرين:
-ربنا يفرح قلبك ويباركلك يا حبيبتي....
_____________
وضعت الطعام فوق الطاولة ثم نادت عليه بطريقة غير طبيعية كانت مقتضبة ومتحفظة لا تقوم بتدليله كما كانت تفعل...
لكنه ظن بأنها قد أرهقت في تحضير الطعام لذلك مزاجها غير رائقًا مما جعله يجلس على المقعد وظل في انتظارها لعلها في المطبخ وتأتي بطبقها، فـرفع صوته...
-إيه يا جهاد بتعملي إيه دا كله..
كانت تجلس خلفه على الأريكة مما جعلها تهتف:
-أنتَ بتنادي وتعلي صوتك ليه.
أستدار برأسه متمتمًا بهدوء:
-افتكرتك في المطبخ، قاعدة عندك ليه؟ وبعدين يلا فين طبقك؟..
عقدت ساعديها متحدثة بنبرة لم يفهمها ولكنها مقتضبة نوعًا ما:
-شكرًا مبأكلش مع رجالة...
غمغم سلامة بعدم فهم:
-يعني إيه الكلام ده؟.
قالت جهاد بجدية شديدة ولهجة رسمية:
-يعني مش هأكل معاك، أنا مبتكلمش معاك يعني أعتقد الموضوع واضح أنا بس عملتلك الأكل اكمني زوجة صالحة ومش عايزة اغضب ربنا واهو علشان اخد ثواب برضو.
ردد سلامة كلماتها باستنكار شديد:
-علشان حضرتك إيه يعني؟..
عادت تكرر له لعله يسمع:
-علشان زوجة صالحة..
-صالحة اه..
قالها بسخرية ثم أسترسل حديثه:
-براحتك أنا هأكل على فكرة يا ست صالحة خليكي كده محدش فاهم ليكي مالك ولا فيكي إيه واديني سألت اهو ومردتيش عليا..
تصنعت اللامبالاة وهي ترد عليه عاقدة ساعديها وتنظر نحو التلفاز:
-كُل أنا هبقى أكل لوحدي ما أنا علطول لوحدي..
تناول القليل من الطعام رغم جوعه فهي افقدته شهيته، وبعد ربع ساعة كان يسألها مكررًا وفي رغبة أن يفهم ما أصابها:
-دي عاشر مرة أقولك مالك وتقوليلي مفيش؟.
ردت عليه جهاد بحنقٍ:
-مفيش قولت يبقي مفيش.
تحدث سلامة ساخرًا وهو يناظرها:
-هو إيه اللي مفيش؟ كل قلبة الوش ده وتقوليلي مفيش؟ أومال لو في بقا هيحصل إيه؟ قولي يا جهاد مالك علشان أنا مبحبش النكد..
لم تحاول الإنكار مرة أخرى لذلك سألته مرة واحدة:
-يعني حضرتك مش عارف أنتَ عملت إيه؟؟.
صاح سلامة بغضب حاول كتمه كثيرًا:
-لا مش متنيل عارف بس حابب جنابك تعرفيني لو عارف مش هقعد أهاتي كل ده...
ردت عليه جهاد بنبرة غاضبة لا تقل عنه شيئًا:
-فاكر يا باشا من كام يوم لما حكيت ليا على موضوع السفر..
لقد تنساه حقًا لم يتحدث أحد في العمل ثانيًا عن الأمر، ولا يفهم ما الذس يزعجها في أمرٍ هكذا؟!..
في تلك الليلة كانت هادئة بين أحضانه تدعُ له بأن يحدث كل ما هو خير له...
تمتم سلامة ينتظر تفسير واضح:
-يعني إيه المشكلة أنتِ مش قعدتي تقولي ربنا يعملك اللي فيه الخير يا حبيبي ومفيش مشكلة...ولسه فاكرة يكون ده رد فعلك بعد كام يوم ده أنتِ اتجننتي بقا..
تحدثت جهاد بانزعاج:
-معرفش لما قعدت فكرت فيها حسيت أنك بايعني وأنا مش هماك علشان كده عايز تسافر وتسيبني حسيتني مش غالية عندك وأنك مش بتحبني كفاية حبك ليا قل بعد الجواز زيك زي كل الرجالة.....
نهض سلامة من مكانه حينما وجد ملامحها غاضبة حقًا ثم وضع يد فوق رأسها واليد الأخرى على جبهتها هاتفًا:
-الله أكبر....
بسم الله الرحمن الرحيم....
ربنا يهدي....
مما سبب في صراخها كونه يسخر من حديثها هذا ما جعله يضغط على رأسها بقوة:
-اهو ده يبين أن الشيطان معشش فيكي لازم نصرفه وارقيكي....
_____________
لقد عاد.....
عاد مرة أخرى...
تقريبًا بعدما رحلت صديقة إيناس بـ نصف ساعة، كانت حور مازالت في درسها بينما والدته كانت تأخذ حمامها لعلها تتوقف عن التفكير..
فتح باب المنزل ووجد إيناس جالسة على الأريكة لقد توقفت عن البكاء لكن يظهر على عيناها ووجهها بأن ليلتها لم تكن سهلة أبدًا مثل خاصته...
خلع حذائه كالمعتاد ثم سار بضعة خطوات حتى وصل إليها وبمجرد أن رفعت رأسها ووجدته أمامها نهضت مرة واحدة من مكانها بطريقة افزعته نوعًا ما ثم قامت باحتضانه وهي تبكي بقوة ليحضنتها...
اندهشت من رؤيته فهي كانت تظن بأن حور هي من أتت، كانت تحتاجه وبشدة حتى لو كان غاضبًا...
احتضنها دياب بحنان جعله يغضب من ذاته لأنه كان سبب من ضمن الأسباب التي جعلها بتلك الحالة....
أردفت إيناس بحب كبير وقد نست كل شيء حتى أنها نست بأنه كان على وشك أن يرفع يده عليها:
-كنت قلقانة عليك جدًا يا حبيبي الحمدلله أنك بخير.
ثم عاتبته وهي تبتعد عنه قائلة:
-رد علينا يا دياب حتى لو كنت متعصب ومهما كان السبب بلاش تسيبنا وتمشي من غير ما نكون عارفين أنتَ فين احنا كنا هنموت من القلق عليك...
تمتم دياب بنبرة مرهقة:
- بعد الشر عليكم، حقكن عليا يا إيناس، أنا كنت متعصب وعايز أبقى لوحدي لأن قعادي وأنا بالحالة دي مش هتكون حاجة حلوة أبدًا بالعكس هتطلع غضبي وأنا مش عايز أجي عليكي أكتر من كده.
ثم أسترسل حديثه بندم كبير:
-حقك عليا لو كنت رفعت ايدي عليكي أنا بجد مكنش قصدي...
هتفت إيناس بأسف حقيقي:
-حقك عليا أنا يا دياب حقك عليا يا حبيبي والله أنا عمري ما بكون قاصدة اضايقك أو اعصبك أو حتى احطك في مشكلة، أنتَ ابويا وصاحبي وحبيبي واخويا وكل حاجة ليا أنا بس كنت خايفة من رد فعلك وخايفة عليك مش أكتر.
تحدث دياب وهو يحاوط وجهها بحنان:
-حقك عليا كل ده من خوفي عليكم مش عايز حد يمسكم بأذى يا إيناس كان المفروض تعرفيني تحت أي ظرف.
ردت عليه إيناس بنبرة جادة:
-حقك عليا دي أخر مرة، صدقني بعد كده لو حصل أي حاجة هقولك أنتَ أول واحد ومش هخبي عليك...
ابتسم لها دياب ثم أردف:
-العيال هيجوا متقلقيش..
-صاحبتي جابتلي محامي كلمته وقالي نروحله بكرا هو معرفة وبتقول عليه شاطر ومعروف أوي.
ثم أستدارت برأسها لتجد والدتها واقفة ومبتسمة وعلى ما يبدو منذ مدة واقفة خلفهما تراقب المشهد والدموع تنهمر من عيناها...
اقترب منها دياب وأمسك كف يدها ثم قام بتقبيله مغمغمًا:
-متزعليش مني حقك عليا..
وضعت حُسنية يدها على وجه ابنها متمتمة وهي ترفع بصرها له:
-عمري ما ازعل منك يا ابني لو زعلت من كل الناس مزعلش منكم يا حبايبي ربنا يخليكم ليا ويبارك فيكم.......
هتف دياب بنبرة هادئة يحاول التخفيف مما أصابهما:
-بكرا الخميس الافتتاح بقا، يلا ننزل كلنا نجيب لبس جديد، ونقابل البت حور عند السنتر ناخدها معانا..
تمتمت حُسنية بنبرة أمومية بحتة:
-يا ابني وفر فلوسك شوية....
قال دياب بهدوء:
-مفيش حاجة لو في مرة عملنا حاجة من نفسنا وبعدين يلا خشوا البسوا علشان نلحق ننزل ونلف...
____________
في اليوم التالي...
الآن هي تشعر بالندم...
في المكالمة التي دارت بينها وبين والدتها كانت عنيفة وحادة كانها تخرج غضبها والمشاعر السلبية التي تتواجد بها بتلك الطريقة..
تدفع ثمن رضوخها بأنها سوف تبدأ في محاولة نسيان مة حدث بسبب وعده بالتغيير...
تشعر بالندم بسبب شجارها مع والدتها...
وجلوسها في المنزل بدلًا من أن تحتفل مع عائلتها؛ كانت ذهبت ما الذي سوف يحدث يعني؟؟!!...
ألم يكن أفضل؟!!..
نضال ابن عمها، كما أنه لم يكن شخص سيء معها حتى ولو كان يرغب في الزواج بها...
وهي لم ترغب به هذا ليس سببًا..
توقفت عن الحديث مع نفسها بتلك الطريقة هي محقة في كل الأحوال لم يكن عليها أن تحضر وما قالته لوالدتها كان صحيحًا ليس عليها أن تتعاطف بهذا الشكل ما فعلته وما قالته هو الصحيح هذا مجرد صوت أحمق بداخلها هو من يتحدث بتلك الطريقة...
أتى حمزة منذ قليل تناول الغداء معها ثم ولج إلى المرحاض حتى يأخذ حمامه ومنذ دقائق تقريبًا سمعت خطواته وهو يتوجه صوب غرفة النوم بالطبع هو يرتدي ملابسه ويقوم بتصفيف خصلاته كان هذا ما يتواجد في ظنها...
لكن ما لم يكن في الحسبان هو أنه يأتي من الداخل مرتديًا ملابسه مستعدًا للخروج بأناقة مُبهرة وهذا جعلها تضيق عيناها معقبة:
-أنتَ رايح فين كده؟!
رد عليها حمزة بهدوء وهو يجلس بجوارها:
-أبدًا رايح اسهر مع صحابي في شقة واحد صاحبنا.
اندهشت مما يقوله وقالت بطريقة عفوية:
-يعني مقولتش من ساعة ما جيت..
تحدث حمزة بنبرة عادية:
-نسيت مش اكتر احنا متعودين نتجمع في بيت كل واحد فينا كل فترة وبالمناسبة المكان مش بعيد ده هو ساكن في العمارة اللي فيها الماركت اللي بنروحه كل اسبوع نجيب طلبات البيت منه..
ثم أسترسل حديثه ببساطة:
-هتأخر ومتقلقيش عليا يعني نامي متفضليش مستنية علشان مش عارف هرجع امته بالظبط.
الشك راودها وهي تنظر له واستطاع هو قرأته مما جعله يحدث بنبرة جادة ولكنها ليست حادة فهو لا يرغب في النهاية صُنع شجار جديد لأن هناك حادثة لم تذهب من عقلها بعد حتى أنها ترفض قُربه منها وهو يعطيها وقتها....
-لو عايزة أفضل قاعد ومروحش مفيش مشكلة لو ده هيريحك..
ردت عليه سامية بنبرة هادئة محاولة أن تبعد شكوكها:
-لا عادي روح أنا أصلا هعمل شوية حاجات في البيت وهنام..
-تمام يا حبيبي، ولو تحبي اوديكي عند مامتك وابقي اجي اخدك مفيش مشكلة..
أردفت سامية بتردد وهي تحاول اختلاق كذبة منطقية بدلًا من قول مكان والدتها الحقيقي:
-لا أصلا ماما مش في البيت عند خالو وبعدين متقلقش عليا يعني أنا بقعد لوحدي عادي..
تحدث باستسلام وهو ينهض من مكانه:
-ماشي يا روحي اللي يريحك.
ثم أقترب منها تاركًا قُبلة على وجهها وقبلة على وجنتيها وأخرى على ثغرها سريعة متمتمًا:
-لو احتاجتي أي حاجة كلميني....
______________
يوم الخميس..
تلك المرة ليست تجمع عائلي أو مناسبة سعيدة، أو حتى يوم سعيد لمجرد أنه في الغد عطلة وهناك من سوف يصنع فطور متين....
الأمر كان مختلف تلك المرة لأنه يوم الافتتاح..
افتتاح مكان جديد..
خلفه خوف، ترقب وقلق..
لكن الأمل يسيطر على الأجواء..
كان المكان مزدحمًا معارف نضال ودياب يتواجدون في المكان وجميع من تلقى دعوة منهما..
كانت سلمى تقف بجوار نضال في أحد الأركان وحينما لاحظت بأنه يعطي تركيزه ناحية الشباب التي تعمل في المكان أخرجت علبة صغيرة تعود إلى أحد العلامات التجارية المحلية المعروفة جدًا اقتنت منها ساعة لأجله هدية من أجل مكان عمله الجديد..
هذه أول هدية منها له..
أستدار برأسه مرة أخرى نحوها ليجد العلبة موجهه إليه فتمتم بحماقة:
-إيه دا؟.
ردت عليه سلمى بتوتر وانفعال طفيف:
-هيكون إيه يعني يا نضال، رز بلبن؟
ثم أسترسلت حديثها موضحة الأمر:
-دي هدية ليك بمناسبة أن النهاردة بتبدأ خطوة جديدة في حياتك أنا مش شاطرة في اختيار الهدايا عمومًا ولقيت أسهل حاجة هي الساعة ودي أول مرة اجيب هدية لراجل أصلا حتى خالو مكنتش متوعدة اجيبله حاجة اوي وكمان أنا لسه بتعرف على اهتماماتك، يارب تعجبك بس.
كلماتها كانت كثيرة وغير مرتبة لكنه استشعر صدقها وكانت عيناها جميلة تعبر عن حبها الصافي الذي بات يشعر مثلها به...
خلع ساعة يده ثم وضعها في حقيبتها التي مازالت مفتوحة ومعلقة في ذراعها بحركة خفيفة منه وسريعة، ثم قام بفتح العلبة فشاهد اختيارها كانت جميلة وأنيقة رُبما ليست أجمل ما رأى لكنها كانت قادمة بشعور محب جعلها في عينه أفخم ساعة على ما يبدو..
أخرجها من العلبة وأخذ يقوم بضبطها بسرعة، ثم وضعها في بداية معصمه وأغلقها تحت نظراتها الممتنة والسعيدة بأنها في معصمه..
هي لم يكن لديها حتى ولو أمل بأنها قد تنال أعجابه هي لا تفهم ذوق الرجال وخصوصًا أنها أول هدية له هذا ما أعطاها شعور بالقلق حيال رأيه فيها...
-تسلم ايدك بجد حلوة أوي..
سألته بفرحة طفلة صغيرة:
-بجد يا نضال عجبتك؟.
-كفاية أنها منك....
ابتسمت له وكان الحديث إلى هنا جميلًا والفراشات تطير من حولهما إلا دخول انتصار برفقة شقيقها من عند الباب أمامها من مسافة ليست بعيدة كليًا هنا عقبت سلمى بنبرة غريبة:
-هي سامية مش جاية؟
رد عليها نضال بنبرة عادية:
-معرفش بابا قال لطنط انتصار واعتقد أكيد اتصل بيها قالها هي كمان...
"سامية"
هي الصفعة التي تتلقاها في عز شعورها بأن العلاقة بينهما على ما يرام، سامية هي شبح الماضي الذي يطاردها وتخشى أن تكون مجرد تعويض عنه.....
عند الطاولة التي يجلس عليها زهران ووفاء، جاءت انتصار وشقيقها وقد ألقوا التحية عليهما...
حينما جلست انتصار مال عليها زهران هاتفًا بتساؤل:
-هي البت سامية مجتش ليه لغايت دلوقتي أنا مش عازمها هي والشملول جوزها؟؟..
"والله عامل كافية يعني بيحاول يعمل نفسه حمزة؟ للدرجاتي هو معلق معاه وحاطه في دماغه إيه مش عارف يعمل موف أون بسببي اومال ست سلمى بتعمل إيه بقا"
"بقولك إيه يا ماما أنا مش جاية قوليلهم أي حاجة، قوليلهم أن اخت حمزة تعبانة واحنا عندها أي حاجة وخلاص وبعدين حمزة بيغير ولو قولتله الموضوع مش هيرضى أصلا أنا مرضتش أقول لعمي زهران كده علشان اتكسفت"
تذكرت انتصار كلمات ابنتها والمشاجرة التي دبت بينهما ليلة امس ليس لأنها لا ترغب في الاتيان هذا الشيء يخصها ولكن طريقتها في الحديث لم تعجبها أبدًا...
تمتمت انتصار بعدما تغيرت ملامحها:
-عند اخت جوزها باين تعبانة علشان كده معرفتش تيجي بس هي بتبارك لنضال ودياب..
هكذا انتهى الحديث في تلك النقطة لكنه كالعادة لم يصدق زهران ولا كلمة بل عقله بدأ بتكوين أسباب ليست بعيدة كل البُعد عن الحقيقة بينما وفاء ظلت تفكر في حديث انتصار لم يمر عليها مرور الكرام...
هل بالفعل يحب سامية وهو منعها من الاتيان مثلًا؟
هل من مثله قد يحب حقًا؟؟
من ليس لديه ضمير ولا أخلاق لا تظن بأنه قد يستطيع تكوين علاقة حب سليمة مهما بلغ حبه عنان السماء، أما سامية قد تعرضت إلى سحر أسود على ما يبدو يجعلها تصدق أوهام....
الأيام بينهم وسوف تكشف كل شيء....
على أحد الطاولات...
تجلس يسرا بين سلامة وجهاد الذي كلاهما عاقدًا ساعديه يتجنب النظر نحو الأخر...
تمتمت يسرا بنبرة عاطفة ولطيفة:
-مش معقول يعني كل الخناق والتكشيرة اللي أنتم فيها في يوم زي ده علشان كوباية شاي..
تحدثت جهاد وهي تخرج عن صمتها مشيره نحوه بغضب واضح:
-علشان هو وقع كوباية الشاي على الفستان وهو على السفرة وهو قاصد..
دافع سلامة عن نفسه بعدما حل عقدة ذراعيه وغمغم بانفعال:
-يا طنط أولا هي اللي بتكوي على السفرة وفي ترابيزة المكواة متلقحة عندها دي أول نقطة تاني نقطة الفستان مكنش عاجبني وضيق واتخانقنا امبارح قبل ما ننام أنها مش هتلبسه، وكده كده مكنتش هخليها تلبسه يعني، بس وأنا بشرب الشاي الصبح ادلق غصب عني على الفستان..
صاحت جهاد باستنكار:
-لا أنتَ عاملها قصد، أنا عارفاك كويس...
رد عليها سلامة بنبرة هادئة:
-لو عاملها بقصد مش هخاف منك هقولك في وشك وأنا كده كده مكنتش هخليكي تلبسيه مش هدلق عليه الشاي زي حركات العيال علشان تشوفي غيره اللي حصل صدفة مش أكتر...
تمتمت جهاد بغضب:
-أنا مش مصدقاك على فكرة.
أردف سلامة ببرود:
-براحتك متصدقيش أنا قولت اللي عندي بلاش نكد على الفاضي وافرحي كده بلاش هطل..
نظرت له جهاد بغضب ثم وجهت نظراتها إلى والدتها متمتمة:
-خليكي شاهدة يا ماما اهو بيغلط فيا قدامك اهو..
هتفت يسرا بنبرة متهكمة:
-أنا لو قاعدة بحكم في خناقة عيال صغيرة في الحضانة مش هتكون كده والله اعقلوا شوية ده أنتم كلها كام شهر وهيكون معاكم عيل....
على طاولة أخرى....
كانت تجلس هدير برفقة عائلة دياب، ذهبت إيناس في الصباح برفقة دياب إلى مكتب ذلك المحامي من أجل إجراءات التوكيل وعرفهما جميع الإجراءات اللازمة وبعد توصيات صديقه جواد تصنع بأنه على معرفة حقًا بالفتاة التي تدعو شيرين من أجله....
وكان هذا سبب التأخير حينما ذهبوا بعدها فعلوا بعض الأشياء التي طلبها منهما ثم عادت إلى المنزل برفقة شقيقها من أجل أن يتجهزون لتلك المناسبة وارتداء الملابس الذي أتى بها دياب ليلة أمس من أجل الجميع حتى أنهم تناولوا العشاء في الخارج...
كان دياب يقف بعيدًا عنهما ناحية الباب تقريبًا يراقب الرائح والغادي على ما يبدو أنه ينتظر شخص بعينه وهذا أثار انتباه زهران الذي اقترب منه هاتفًا:
-ما تشغلولنا حاجة للقيصر...
انتبه له دياب مبتسمًا وقرر أن يمرح معه:
-مين القيصر ده يا عم زهران؟ ده يوليوس قيصر ولا مسلسل القيصر بتاع يوسف الشريف.
قهقه زهران ساخرًا ثم عقب:
-القيصر ده يا جاهل كاظم الساهر بدل عمرو دياب اللي أنتم مشغلينه.
تمتم دياب معترضًا:
-طب وليه الغلط ده يا عم زهران، وبعدين ما تقول لابنك شوفه فين أنا مش شايفه قوله أنتَ..
قال زهران ببساطة شديدة:
-اهو اللي بلاقيه قدامي بقوله هو أنا لسه هدور على حد.....
ثم أسترسل حديثه بمكرٍ:
-وبعدين مقولتليش بقا يا حلو أنتَ واقف هنا كده ليه ومستنى مين كده بقا؟..
توتر دياب مغمغمًا بقوة حاول التظاهر بها:
-هكون مستني مين يعني؟ أنا ولا مستنى حد ولا غيره بعدين أنا رايح اقعد مع امي وأخواتي اهو..
أشار له زهران على مكان وقوفه:
-لا خليك براحتك يا ابني أنا كده كده رايح اقعد، استنى اللي تستناه...
رحل زهران وظل دياب واقفًا يشعر بالتساؤل لماذا لم تأتِ إلى الآن؟
لم يكتفي باتصاله بـ بهية، بل أصر على إرسال لها رسالة عبر حسابها على الفيسبوك يدعوها وقامت بتهنئته، إذن أين هما حتى الآن؟؟؟
بدأ يفقد الأمل رغم أن قلبه كان متحمس إلى لقائها....
على الطاولة الخاصة بزهران ذهب وجلس مغمغمًا وهو يوجه الحديث إلى زوجة أخيه:
-وفاء راحت فين ومحمد اخوكي راح فين..
ردت عليه انتصار بنبرة عادية:
-محمد راح الحمام أما وفاء قالتلي هتعمل مكالمة برا علشان الشبكة هنا مش حلوة...
عند نضال وسلمى...
مازالت تقف بجواره عاقدة ساعديها فاقدة للبسمة بشكل غير معهود في يومٍ هكذا وبعد بداية اليوم بينهما والهدية التي أتت بها من أجله........
تمتم نضال بعدم فهم:
-هو إيه لازمتها قلبة الوش دي بقا من غير سبب؟.
تحدثت سلمى بنبرة هادئة:
-أنا مش قالبة وشي ولا حاجة عادي يا نضال متاخدش في بالك..
أشار على وجهها مغمغمًا بسخرية بعض الشيء:
-كل ده ومش قالبة وشك أومال لو قالبة هيكون الوضع إيه؟.
قالت بانزعاج حاولت اخفاءه قدر المستطاع لكن على ما يبدو أنه هو بدأ يشعر بها وهناك تواصل بينهما أصبح كلاهما يشعر بالآخر بشكل كبير مهما ادعى بأنه بخير:
-مفيش حاجة يا نضال صدقني أنا رايحة اقعد مع ماما وجهاد...
قبل أن ترحل جاءت وفاء مبتسمة ناحيتهما مغمغمة بنبرة هادئة وسعادة حقيقية حتى ولو كان ما بينهما مجرد أيام:
-ألف مبروك يا نضال ربنا يوفقك.
ابتسم لها نضال ولم يقابلها ببرود كعادته رغم تعقيبه المختصر على حديثها إلا أنها شعرت بـ وده تحت نظرات سلمى لهما الهادئة والسعيدة رغم ما تشعر به من مشاعر سلبية الآن:
-الله يبارك فيكي يا وفاء تسلمي...
ناحية الطاولة التي يتواجد عليها دياب وعائلته...
جاءت..
جاءت أخيرًا وهدأ قلبه لكنه كان منزعج من التأخير.........
أقتربت ريناد من مقعده مما جعله ينهض بشكل تلقائي مدت ريناد يدها لمصافحته وصافحها بالفعل وهي تتحدث:
-ألف مبروك يا دياب أنا واثقة أنها ان شاء الله هتكون خطوة حلوة بإذن الله.
-الله يبارك فيكي شكرًا أنك جيتي..
على وشك أن تفقد وعيها دياب يتحدث بكلمات جيدة لها؟؟؟
ثم سألها ولم يتركها تستوعب شكره وامتنانه:
-اتأخرتم كده ليه؟.
نظرت ريناد ناحية بهية المنهمكة في الحديث مع حُسنية، ثم ردت عليه ببساطة:
-بابا مكنش موافق أوي إني أنا اجي بس أنا حاولت اقنعه علشان مسيبش بهية لوحدها..
عبارة تحمل الكثير والكثير خلف طياتها..
نداء نضال هو ما جعله يستأذن ويتركها بينما هي ذهبت نحو الطاولة التي يجلس عليها زهران...
-اونكل زهران، ممكن رقم حضرتك..
استدار زهران ليجدها وتذكرها على الفور تلك الفتاة هي قريبة السيدة بهية تمتم زهران بعنجهيته المعهودة:
-لسه كنت بقول لـ انتصار ومحمد إني كاريزما ولافت الأنظار خدي الرقم يا بنتي وماله...
______________
في صباح اليوم التالي...
كانت تجلس على الأريكة وأمامها يجلس شقيقها على المقعد متمتمًا:
-ها قولتي إيه؟.
ردت عليه ياسمين ساخرة مما يتفوه وكانت نبرتها عالية لكن لحسن الحظ كان زوجها وخالتها خارج المنزل...
-أنتَ مجنون؟ عايزيني اطلب منه الفلوس دي ازاي مرة واحدة...
تمتم حمزة بهدوء:
-عادي هي مش أول مرة يا ياسمين وبعدين أنا بردهم ليكي بعد كام شهر..
تحدثت ياسمين بنبرة متهكمة:
-بس دول غير كل مرة يا حمزة ده ثلاث أضعاف أي مبلغ أنتَ طلبته وهو الفترة دي عنده مشاكل في شغله مقدرش اطلب منه ده..ومش هيصدق إني هعوز المبلغ ده لنفسي...
-ده أخر كلام عندك ولا إيه؟ لأني مش معقول هفضل أهاتي اكتر من كده.
ردت عليه بقوة:
-اه اخر كلام عندي.
-خلاص نشوف هو رأيه في الصور إيه ابعتها ليه ونشوف رأيه إيه والمبلغ ده كتير عليها ولا لا؟؟؟..
_______يتبع________
لو وصلتم لحد هنا دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله🫡🤎🤎🤎🤎🤎🤎
متنسوش الفوت والكومنت ارفعوا ريتش الرواية التفاعل نايم....
بوتو يحبكم...
رواية عشق بلا رحمه كامله من هنا
رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا
رواية بسمه موجوعه كامله من هنا
رواية معشوقتي الصغيره كامله من هنا
رواية طلاق بلا تبرير كامله من هنا
رواية الفرار من الحب كامله من هنا
رواية مستشفى بلا حياه كامله من هنا
رواية فرقتنا الظروف وجمعنا القدر من هنا
رواية متمرده عشقها الشيطان من هنا
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم من هنا
رواية نار قلبي وانكسار فؤادي من هنا
رواية قاصره في قلب صعيدي من هنا
رواية مالم تخبرنا به الحياه من هنا
رواية اللعب مع الشياطين من هنا
رواية أحببت مربية ابنتي كامله من هنا
❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺
الروايات الكامله والحصريه من هنا
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺