أخر الاخبار

عزلاء أمام سطوة ماله التالت والرابع بقلم مريم غريب كامله علي مدونة النجم المتوهج للروايات والوصفات



 عزلاء أمام سطوة ماله

التالت والرابع بقلم مريم غريب

( 3 )

_ حادث مدبر ! _ :


صباح يوم جديد ..


إستيقظت "سمر" من نومها عندما شعرت بشعاع حار يضرب في وجهها و يلسع جلدها الرقيق لسعات متواصلة بلا توقف ، فتحت عيناها بتثاقل و إنزعاج ، لتكتشف إنها الشمس تسللت خيوطها الذهبية عبر شباك غرفتها الموارب لتوقظها ، و عندما لم تستجيب لسعتها بآشعتها الحارقة لتعاقبها ..


تثاءبت "سمر" بكسل و هي تتحرك في الفراش بعيدا عن آشعة الشمس ، و عقدت حاجبيها فجأة بإستغراب ، لقد نبهت "فادي" البارحة أن يأتي و يوقظها في المساء لكي تعطي "ملك" بنفسها جرعة دوائها .. لماذا لم يفعل ؟ لماذا تركها نائمة كل هذا الوقت ؟ لا يمكن أن يكون قد نسي !!


قامت "سمر" من فراشها ، و إتجهت للخارج بخطوات غير متزنة نسبيا


وجدت "فادي" بالصالة ، يقف هناك حاملا "ملك" التي كانت تبكي و تصرخ بشدة ، و يحاول أن يجعلها تهدأ ..


-في إيه يا فادي ؟ .. قالتها "سمر" بتساؤل و هي تمد ذراعيها لتأخذ منه "ملك" ..


أجاب "فادي" حائرا و هو يناولها الطفلة :


-مش عارف مالها ، أنا صحيت من شوية علي عياطها قلت جعانة فأكلتها ، دلوقتي بقي لاقيتها عيطت تاني ، شكلها لسا جعانة .. ثم أكمل بغضب :


-بس أكلها خلص.


سمر بإستغراب :


-إنت مش بتقول أكلتها ؟ يعني شبعت !


فادي بضيق :


-لأ .. علبة اللبن بتاعتها ماكنش فيها كتير.


زمت شفتيها بتفهم ، ثم قالت :


-طب إستني.


و ذهبت بالصغيرة نحو غرفتها ، لتعود بعد لحظات و هي تمد يدها له ببعض النقود قائلة :


-خد ، إنزل هاتلها علبتين لبن و شوف لو الدوا بتاعها ناقص هاتلها غيره و كمان لو مافيش بامبرز هات.


نظر "فادي" إلي النقود  ، ثم لأخته و هو يقول بدهشة :

 

-جبتي الفلوس دي منين يا سمر ؟ .. و أردف بإبتسامة واسعة :


-معقول صرفولك فلوس بابا إمبارح ؟؟


سمر بفتور :


-لأ طبعا.


فادي بتعجب :


-أومال إيه دول كلهم ؟ جبتيهم منين ؟!


سمر بكدر :


-ما أنا قلتلك إمبارح إبقي صحيني بليل عشان أحكيلك علي إللي حصل إنت إللي سيبتني لحد دلوقتي.


-علي فكرة جيت أصحيكي مرتين إمبارح ، مرة عشان تدي ملك الدوا زي ما قولتيلي و مرة عشان نتعشي سوا ، بس إنتي إللي مارضتيش تقومي ، قلت جايز تعبانة فسبيتك تنامي براحتك و خدت ملك تنام معايا .. ثم سألها بإهتمام :


-قوليلي بقي إيه إللي حصل ؟؟؟


تنفست "سمر" بعمق ، ثم حكت له ما حدث بإيجاز شديد ..


-إيه ده ؟ إزاي يعني ؟ .. قال "فادي" بعدم فهم ، و تابع :


-يعني المدير و لا صاحب الشركة إللي قابلتيه ده قالك مالكوش عندنا حاجة و بعدين قالك هشغلك عندي سكرتيرة ؟!!


سمر شارحة له :


-لأ يابني ما قالش مالكوش عندنا حاجة ، قال إن بابا كان عامل مش موظف و عامل بالآجرة كمان ، أه كان بيعمل صيانة علي المصاعد كل شهر و كان بياخد مرتب بس إسمه مش في سجلات التوظيف يعني مالوش أولويات الموظفيين الفعليين إللي بيشتغلوا هناك ، فهمت ؟


عبس "فادي" قائلا :


-فهمت .. و إنتي ناوية تقبلي الشغلانة دي يعني ؟؟


سمر بتأكيد :


-أيوه طبعا ، إحنا محتاجين فلوس عشان نعرف نعيش أنا و إنت و ملك ، و الراجل كتر خيره حب يساعدني بطريقة كويسة جدا ، هشتغل و أجيب فلوس بجهدي ، إيه إللي يخليني أرفض مساعدته بقي ؟ .. ثم صاحت بإستذكار :


-و أه كنت هنسي أقولك .. إحنا مش هنسيب البيت ، أنا إمبارح عديت علي الست زينب مرات عم صابر و أشتكتلها منه ، و هي قالتلي هتتصرف معاه و مش هتخليه يجي يضايقنا تاني.


صمت "فادي" قليلا ، ثم قال بعدم إرتياح :


-أنا مش مطمن يا سمر .. مش عارف ، في حاجة مش مريحاني في حكاية شغلك دي !


سمر بإبتسامة مطمئنة و هي تربت علي كتفه :


-ماتقلقش يا فادي .. و اطمن ، كل حاجة هتبقي كويسة بإذن الله.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في قصر آل "بحيري" .. داخل حجرة الطعام الفاخرة


يجلس "يحيى البحيري" علي رأس المائدة ، تجاوره "فريال" من جهة اليمين ، أما في الجهة الأخري ، جلس جنبا إلي جنب كلا من "صالح" و "صفية"


تناولوا فطورهم جميعا من دون شهية و في إقتضاب شديد جدا ، و "صالح" الذي يأس من مراضاة "صفية" ترك الطعام نهائيا و سكب لنفسه قدحا من القهوة راح يحتسيه و هو يهز قدمه الغير مرئية في عصبية مفرطة ..


لاحظت "فريال" توقف زوجها عن تناول الطعام ، فسألته بقلق :


-إيه يا يحيى مالك ؟ بطلت تاكل ليه ؟؟


يحيى بضيق :


-ماليش نفس يا فريال.


فريال بحزن :


-ليه بس ؟ طب تحب أعملك بإيدي أي حاجة تانية ؟؟


-لأ مش عايز.


فريال بإنزعاج :


-في إيه بس يا يحيى ؟ كل حاجة بقيت تقول عليها لأ مش عايز !!


يحيى بإنفعال و هو يضرب بيده علي المائدة :


-هو إبنك خلاني عايز أي حاجة ؟ عمل كل إللي في نفسه و مش عايز يوريني وشه لحد دلوقتي ، البيه كأنه بيقولي مالكش لازمةربالنسبة لي.


فريال بلهجة هادئة وهي تهز رأسها سلبا :


-مايقدرش يا يحيى ، إنت أبوه ، عثمان بيحترمك و الله ، هو بس آا ..


يحيى مقاطعا بإزدراء لاذع :


-بلا بيحترمني بلا نيلة بقي ، أنا ماعرفتش أربيه أصلا ، طالع سافل و قليل الأدب محدش بيهمه .. ثم أكمل بوعيد :


-بس و الله لأفرجه ، يرجع البيت بس و هتشوفي هعملك فيه إيه !


-علي فكرة يا عمي عثمان هنا من إمبارح .. قالها "صالح" ببرود و هو يرفع فنجان قهوته إلي فمه


ليلتفت له "يحيى" متسائلا بصوته الخشن :


-عرفت إزاي ؟ إنت شوفته و هو راجع ؟


-أنا كنت سهران معاه إمبارح و رجعنا سوا بليل متأخر.


حدجه "يحيى" بغضب و عضلات فمه ترتجف بقوة و كأنه يحاول مقاومة شرا مؤذيا ، لكنه فشل في ضبط نفسه ، فوثب من مجلسه ، و مشي بخطوات واسعة في إتجاه غرفة إبنه ..


لحقت به "فريال" بسرعة ، بينما قالت "صفية" و هي ترمق "صالح" بنظرات محتقنة :


-إيه إللي إنت عملته ده ؟؟؟


صالح ببراءة مصطنعة :


-عملت إيه ؟!


°°°°°°°°°°°°°°°°°


في الطابق الثالث من القصر ، و الذي تقع به غرفة "عثمان" حيث إختارها بعيدا عن أنظار و آذان الجميع هنا ..


تركض "فريال" وراء "يحيى" و تترجاه بصوت خائف :


-عشان خاطري يا يحيى ، بالراحة عليه ، إنت عارف إنه ماعملش حاجة غلط ، أي راجل مكانه كان هيعمل أكتر من كده.


توقف "يحيى" بمنتصف الردهة الطويلة ، و إستدار لزوجته ، و صاح بها :


-إمشي يا فريال ، إنزلي تحت دلوقتي.


"فريال" برفض :


-لأ .. مش هسيبكوا مع بعض و إنت في الحالة دي.


"يحيى" بعصبية :


-يعني هعمل فيه إيه ؟ هضربه بالنار ؟ ماتقلقيش عليه يا حبيبتي و بعدين هو للأسف إبني أنا كمان .. ثم زفر بحنق ، و قال بشيء من الهدوء :


-إطمني يا ستي ، مش هعمله حاجة .. مابقاش عيّل صغير عشان أعاقبه يعني ، أنا هتكلم معاه بس.


نظرت إليه في تردد ، لكنها أذعنت لرغبته في الأخير ، و ولت تاركة إياه يذهب لغرفة "عثمان" بمفرده ..


فتح "يحيى" باب غرفة إبنه ، ليجدها غارقة في الظلام


إبتسم بسخرية ، ثم إتجه نحو الشرفة العريضة ، و أزاح الستائر عنها ، ليخترق ضوء النهار الزجاج المغلق ، و يزعج "عثمان" المستلقي علي وجهه فوق سريره الضخم ..


تململ "عثمان" مطقطقا عضلات ظهره العاري ، ثم فتح عيناه بروية كي يتمكن من رؤية الشخص الذي إقتحم عليه غرفته دون إستئذان


فوجد والده يقف أمام السرير أحمر الوجه غاضبا


تآفف "عثمان" بضجر و هو يقوم ليجلس نصف جلسة ، سقط الغطاء حتي وسطه عندما إستوي جالسا ، فظهرت عضلات بطنه السداسية الصلبة ..


-صباح الخير يا بابا .. قالها "عثمان" بلهجة ناعسة و هو يفرك وجهه بكفيه


ليرد "يحيى" بغلظة :


-صباح الزفت علي دماغك.


عثمان بإبتسامة هادئة و هو يومئ برأسه :


-ماشي يا بابا .. إتفضل حضرتك قول دلوقتي كل إللي إنت عايزه ، أنا جاهز لكلامك.


يحيى ببغض :


-يا بجاحتك يا أخي .. نفسي أعرف جايب البرود ده كله منين ؟!


عثمان بسخرية :


-و عايزني أتكدر ليه ؟ أنا عامل حاجة لا سمح الله ؟!


يحيى بلهجة حانقة :


-بعد كل إللي عملته ده و بتسأل ؟ أنا يا غبي مش إتفقت معاك و قلتلك كفاية تمضيها علي التنازل بس و بعدين تبقي تطلقها بعد فترة صغيرة ؟ إيه إللي خلاك تتصرف من دماغك ؟؟


عثمان و قد إنتابه الغضب :


-كنت عايزني أبقي ---- ؟ كنت عايزني ماخدش حقي و أرد كرامتي ؟ مش أنا إللي تيجي بت ----- زي دي و تعلم عليا ، أحمد ربنا إني إلتزمت بنص إتفاقنا و ماشربتش من دمها ، و الله لولا جيتلي إنت قبل ما أخدها و إمشي بعد الفرح و نبهت عليا لكنت دبحتها بإيدي و ماكنتش هاخد فيها يوم.


-و تضيع و توسخ إيدك ليه أصلا ؟ ماتستهلش.


عثمان و هو ينتفض بعصبية :


-لأ تستاهل .. لما تبقي مخطوبة لعثمان البحيري و تفتكر إنها إستغفلته و تروح تتـ---- علي كيفها تبقي تستاهل الدبح و الحرق كمان.


صمت "يحيى" بعد إفراغ "عثمان" شحنة غضبه الحبيسة ، و قد إلتمس له العذر الآن فقط ، إذ أدرك أن إبنه مجروح في صميم كرامته و كبريائه ، فلم يعد ليجادله مجددا ..


يحيى بهدوء :


-طيب يا عثمان .. و أديك خلاص عملت إللي إنت عايزه و إرتحت ، يا ريت بقي ماتتهورش تاني و كفاية كده.


عثمان و هو يلوي ثغره بسخرية :


-أنا عايزك تعرف بس إنها و لا حاجة بالنسبة لي ، أنا وافقت علي الجوازة بس عشانك إنت ، قولتلي نفوذ أبوها و بتاع ، و أهو دلوقتي أبوها بقي لا عنده نفوذ و لا نيلة بعد الفضيحة .. يعني مابقناش محتاجينه.


أومأ له "يحيى" ثم قال :


-ماشي .. قوم بقي خدلك حمام و ألبس هدومك و إنزل عشان نفطر سوا ، أنا لسا مافطرتش.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في منزل "رشاد الحداد" .. يجلس أمامه في المكتب هذا الشاب المذعور ، الذي يرتجف خوفا بين الحين و الأخر


يشمله "رشاد" بنظره تقييم مشمئزة ، ثم ينطق بصوت غليظ :


-إنت غلطت غلطة عمرك لما فكرت تقرب من بنتي.


إزدرد الشاب ريقه بتوتر ، و قال بإرتباك و هو يتردد في النظر إلي عينيه الحادتين :


-و الله يا رشاد باشا أنا .. آا أنا بـ بحب چيچي ، بحبها بجد و عمري ما فكرت آذيها و آ ..


-إخرس .. قاطعه "رشاد" بغضب ، و أردف بحدة :


-إسمع ياض .. إنت هتتجوزها.


أومأ الشاب بسرعة :


-أتجوزها يا باشا.


رشاد بتهكم مرير :


-لحسن حظك إني عايز ألم الموضوع و أغطي عالفضيحة .. إنما في أي حالة تانية إنت ماكنتش هتبقي بالنسبة لي أكتر من كلب أقل واحد من إللي شاغلين عندي يضربك برصاصة واحدة في قلبك.


أقشعر بدن الأخير ، ببنما أكمل "رشاد" بلهجة أمر :


-تجيلي بكره الساعة 8 بالظبط عشان نتمم الموضوع و نعمل خطوبة.


-أنا تحت أمرك يا باشا.


رشاد بتوعد :


-عارف لو ماجتش !


الشاب و هو يقسم بإضطراب :


-هـ هاجي و رحمة أمي هاجي.


-إوعي يعني عقلك يوزك تخلع أو تهرب .. هتلاقيني جايبك من قفاك حتي لو طلعت سابع سما ، بس ساعتها بقي يا ويلك مني.


الشاب مؤكدا :


-ماتقلقش يا باشا ، أنا هاجي بكره في الميعاد.


رشاد بصرامة :


-أنا مش قلقان يا حبيبي .. إنت إللي لازم تقلق.


و هنا سمع طرق علي باب مكتبه ، فآذن بالدخول


ليدخل رجل ضخم الجثة يرتدي حلة سوداء ، و تبدو علي وجهه ملامح الإجرام ..


أصرف "رشاد" الشاب زوج إبنته المستقبلي و حبيبها السابق الذي تسبب في طلاقها ليلة زفافها ..


-اهلا عباس .. ها طمني ! عملت إيه ؟


عباس بصوته العميق :


-كله تمام يا باشا .. زي ما قلت لسيادتك كل حاجة بتمشي بالفلوس.


-يعني عملتها بنفسك ؟؟


-عملتها بإيديا الأتنين ، ماتقلقش.


رشاد بإبتسامة واسعة :


-يعني إنهاردة هسمع أخبار كويسة ؟!


-إن شاء الله .. إطمن حضرتك.


تنهد "رشاد" تنهيدة طويلة و هو يسترخي فوق مقعده و يتمتم لنفسه :  " إن شاالله أجي أعزيك بنفسي بكره يا يحيى ، أومال إيه ؟ مش كنا نسايب ! "


و رفع رأسه مطلقا ضحكة مجلجلة ..


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في غرفة "صالح" .. كان يخاطب والده عبر الهاتف ، عندما تلقي إنذار بمكالمة جديدة ..


أبعد الهاتف عن أذنه ، و وضعه أمام عينيه ، ليري أسمها يضيء الشاشة


إنتفض من الفرحة ، و أستأذن من والده و أغلق معه سريعا ، ثم أجاب إتصالها ..


صالح بسعادة :


-صافي ! مش مصدق نفسي و الله ، هتشل من الفرحة ، إنتي بتكلميني فعلا ؟


صفية بفتور :


-صالح ..


-عيون صالح .. قالها بغزل ، لترد بحدة :


-هتتكلم عدل و لا أقفل في وشك ؟


قال بسرعة :


-لا لا لا خلاص خلاص ده أنا ما صدقت .. ثم سألها بإستغراب :


-بس إنتي بتكلميني بالموبايل ليه ؟ ما إحنا في نفس البيت يا حبيبتي ما تيجي ، و لا أجيلك أنا.


قال أخر كلماته بخبث حاول إخفاؤه ، لتقول هي :


-لأ ياخويا لا تجيلي و لا أجيلك ، أنا بس كنت عايزة منك خدمة هتعملها شكرا مش هتعملها بردو شكرا.


صالح بإهتمام :


-خدمة إيه يا صافي ؟ أنا أعملك كل إللي إنتي عايزاه طبعا ، قوليلي عايزه إيه ؟؟


-كنت عايزاك تروح المستشفي تجيبلي عنتر من هناك ، خلاص هو خلص تطعيم و المفروض يرجع بس أنا حاسة إني داخلة علي دور برد و مش قادرة أتحرك من السرير ، فـ Please تروح إنت ؟


صالح و قد تقهقر عن موقفه الشهم :


-عنتر ؟ .. عايزاني أنا أروح أجيبلك عنتر ؟ ماتقوليها أسهل يا صافي ، قولي إنك عايزه تخلصي مني ، أخرتها هتخلي حتة شبل يستفرض بيا و أكون العشا بتاع جنابه الليلة دي !


-ما تسترجل شوية يا صالح ، أديك قولتها بنفسك ، حتة شبل هيعملك إيه ؟ ده لسا بيبي أولا ، ثانيا هما في المستشفي هيسلموهلك بالقفص بتاعه يعني ماتقلقش مش هيتعشي بيك الليلة دي.


صالح بتردد :


-مش عارف .. مش مطمنلك يا صافي !


صفية بتآفف :


-أنت جبان أووي يا صالح.


أثارته بنعتها له بـ" الجبان" فقال :


-جبان ؟ .. طيـــب ، أنا هوريكي الجبان ده ، هاتي العنوان.


أخذ منها عنوان المشفي ، ثم إندفع للخارج قاصدا غرفة "عثمان"


إلا إنه قابله أعلي الدرج ، كان "عثمان" سينزل عندما إستوقفه صوت "صالح"

إلتفت له ، فقال الأخير و هو يقترب منه :


-عثمان .. إديني مفتاح عربيتك ؟


عثمان بإستغراب :


-مفتاح عربيتي ! إشمعنا ؟


-إنت ناسي إننا جينا مع بعض إمبارح بعربيتك.


-طيب .. أيه يعني !!


-هو إيه إللي يعني ؟ عربيتي سايبها هناك من إمبارح.


عثمان و هو يهز كتفاه بعدم إكتراث :


-أعملك إيه يعني ؟!


صالح بصبر :


-محتاج عربيتك نص ساعة ، هروح بيها مشوار و هرجع علطول.


-طب ما تروح بتاكسي يابني !


-يرضيك يعني صالح البحيري يركب تاكسي.


-أه و فيها إيه عادي ، بتحصل في أحسن العائلات.


صالح بضحكة صفراء :


-خفة .. إنجز يا عثمان ، بقولك عندي مشوار مهم.


عثمان بجدية :


-ماينفعش يا صالح أنا خارج دلوقتي.


صالح بفضول :


-رايح فين ؟؟


-مالكش دعوة.


-طب هات المفتاح بقي ، خليك جدع ، مش هتأخر و الله هي نص ساعة.


تنهد "عثمان" ثم قال بضيق :


-نص ساعة ، عارف لو إتأخرت ؟


-يا سيدي ماتخافش هي نص ساعة.


أعطاه "عثمان" مفتاح سيارته و هو يسأله :


-هتروح فين بقي ؟؟


صالح مستعملا نفس جملته السابقة :


-مالكش دعوة.


و هبط الدرج مسرعا ، بينما صاح "عثمان" بإبتسامة فاترة :


-مااااشي .. ليك يوم يابن عمي.


°°°°°°°°°°°°°°°°°


ينزل "صالح" إلي الكراچ ، و يعثر علي سيارة "عثمان" بسهولة ..


إذ تعد سيارته من أحدث و أغلي السيارات التي تم إنتاجها لهذا العام ، و هي  لامبورچيني بسرعة 350 ميل/س ، و هي أيضا بمثابة طلقة نارية تشق الأجواء لدي الإنطلاق بها ..


إستقل "صالح" في كرسي القيادة ، شغل السيارة ، ثم تحرك بها بروية حتي خرج من الكراچ


أطلق بوقا تلو الأخر لتنفتح له بوابة القصر الضخمة التي تعمل إلكترونيا


و في الطريق ، مشي علي الوصفة التي أعطته إياها "صفية" إلا أنه نسي نصف العنوان تقريبا


فقلل من سرعة السيارة ريثما يخرج هاتفهه و يحدثها ، و لكن السيارة لم تستجب له ، بل إزادت من سرعتها


حاول "صالح" مرة ثانية ، و ثالثة ، و رابعة .. دون جدوي ..


لتصدر الإطارات صريخ إحتكاكها بالأسفلت ، عندما إنحرف "صالح" يمينا ليتفادي سيارة أخري ، بينما يدخل هو في الإتجاه المعاكس ، و بصورة سريعة يحدث الإصطدام بينه و بين تلك السيارة التي ظهرت أمامه فجأه !!!!!

يتبـــع ...


( 4 )


_ صدفة ! _


في الثامنة صباحا بتوقيت "باريس" .. تجلس فتاة في الثانية و العشرين من عمرها داخل غرفتها


كانت تتصفح أخبار الموضة و المجتمع عبر حاسوبها الخاص ، عندما دلف والدها حاملا صنية الفطور ..


"رفعت " بإبتسامة هادئة و هو يقترب من سريرها :


-لولا حبيبتي .. يلا سيبي إللي في إيدك ده و تعالي نفطر سوا.


إعتدلت "هالة" في جلستها ، ثم قالت و هي تبادله الإبتسامة :


-إيه ده يا بابي ! أنت إللي عامل الفطار بنفسك كمان ؟ أنا كنت فكراك نايم ، طب ليه ماقولتليش كنت حضرته بدال حضرتك !


-يعني أنا سيبتك لوحدك إسبوع بحاله محتاسة ، قلت أعوضك بقي بالفطار الملوكي ده .. و أعطاها كأس العصير مكملا :


-بس ماتاخديش علي كده ماشي ؟


هالة ضاحكة بسرور :

-ماشي يا بابي .. ربنا يخليك ليا يا حبيبي.


-ها بقي .. قوليلي عملتي إيه في غيابي ؟؟


هزت كتفيها بخفة قائلة :


-و لا حاجة ، كنت بروح الجامعة كل يوم الصبح ، و كنت برجع أطبخ و أكل و أنام .. بس ، علي كده طول الإسبوع إللي سيبتني فيه.


-مش عارف بس مارضتيش تيجي معايا ليه ؟ رغم كل المصايب إللي حصلت ، بس كنتي هتغيري جو.


هالة و قد عاودها السرور بشدة ، فسألته بحماسة :


-قولي يا بابي .. هو صحيح عثمان طلق چيچي خلاص ، يعني طلقها بجد ؟!


-أيوه يا بنتي طلقها ، بقولك كانت فضيحة ، إنتي ماشفتيش الأخبار علي البتاع إللي في إيدك ده ؟ .. و أشار إلي حاسوبها ، لتجيبه بفرح :


-لأ شفت .. شفتها كلها يا بابي.


رفعت بنظرة شك :

-إنتي مالك مبسوطة كده ليه يا هالة ؟ .. لا تكوني لسا حاطة عثمان في دماغك.


رمقته في صمت و لم ترد ، ليتابع هو بصرامة :


-عموما لو كنتي بتفكري فيه فأنا بقي بقولك لأ مش هينفع ، بعد كل إللي عمله ده مستحيل أوافقك.


هالة بإنفعال مدافعة :

-ليه بس يا بابي ؟ هو كان عمل إيه يعني ؟ عثمان ماغلطش في حاجة ، رد فعله كان طبيعي جدا.


رفعت بحدة :

-عثمان إتجبّـر يا هالة .. شم نفسه و مابقاش يهمه حد ، إوعي تكوني لسا فكراه إبن عمك الطيب الظريف ، لأ ، ده إتغير و بطريقة بشعة .. صدقيني ، عثمان ماينفعكيش و لا ينفع أي واحدة غيرك كمان.


-بس أنا بحبه يا بابي .. قالتها بشرود دون وعي منها ، فزم "رفعت" شفتيه في أسف ، و قال :


-و هو ماعندوش إستعداد يحبك زي ما تحبيه .. مانتي كنتي قدامه يا حبيبتي .. و توقف فجأة عندما لمح بوادر دموعها ..


كوب وجهها بكفيه ، ثم قال بحنان أبوي :


-إنتي تستاهلي أحسن منه يا هالة !


و مسح علي شعرها برفق ، ثم تنهد بعمق قائلا :


-يلا بقي كملي فطارك و أنا هروح أشتغل في مكتبي شوية.


أومأت له و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة لتكبت دموعها ، لكنه حالما خرج من الغرفة أطلقت لنفسها العنان و راحت تنتحب بمرارة في صمت ..


حتي رأت من وسط غيمة الدموع التي غشيت عيناها صورة أخيها تظهر فجأة علي الحاسوب


كانت صورة عادية ، إلتقطت له بإحدي المناسبات و هو يضحك بعفويته المعهودة ، لكنها إعتصرت جفناها بقوة لتري بوضوح الخبر الذي نـُشر علي صفحة المجتمع المصرية ..


" أحد أبناء عائلة البحيري يتعرض أمس لحادث سير عنيف جدا أثناء قيادته لسيارة فائقة السرعة إنحرف بها في الإتجاه المعاكس من الطريق السريع ، ترى هل الحادث مدبر ؟ أم أنه قضاء و قدر ؟ "


لم تعط لنفسها فرصة لتُصدم ، و صرخت بأعلي صوتها :


-صــــــــــااااااااااااااااااالح !


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


عودة للأسكندرية ... كان "عثمان" يجلس هناك علي بعد أمتار من غرفة العمليات


وجهه واجما ، مبهم التعابير ، لطالما كان بارعا في إخفاء مشاعره و إنفعالاته ، تلك ميزة يحسده عليها كل من عرفه و تعامل معه طوال حياته ..


كان يفكر في الحادث الذي تعرض له "صالح" و هو يقود سيارته الخاصة .. تساءل في نفسه .. تري من فعلها ؟ الإجابة لم تأخذ منه تفكيرا طويلا ، إذ أن المسألة واضحة تمام الوضوح ، ليس هناك غيره .. "رشاد الحداد" يريد أن ينتقم منه ..


كز علي أسنانه في غضب جم ، و تمتم لنفسه :


-بتحرجم علي إيه يا رشاد يا حداد ؟ .. لسا في كارت في إيدي ، أقسم بالله لأندمك .. بس أعرف الأول مين إللي دخل بيتي و فكلي الفرامل.


إنتبه "عثمان" لصوت جلبة بأخر الممر ، فأدار رأسه ليري والديه و شقيقته يهرعون نحوه و الفزع باديا علي وجوههم ..


قام من مكانه ، و تحضر لإستقبالهم بفتوره المعتاد


-في إيه عثمان ؟ ماله إبن عمك ؟ .. قالها "يحيى" بتساؤل ، و أردف :


-إحنا لسا شايفين الخبر في الجرايد ، و الصحافيين واقفين برا أد كده ، إنت إزاي ماتقولناش حاجة زي دي ؟ إزاي نعرف من الغرب ؟؟؟


نطق أخر كلماته بغضب ، ليرد "عثمان" بهدوء شديد لا يتناسب إطلاقا مع الموقف :


-ماحبتش أخضكوا ، عموما ماتقلقوش حالته مستقرة لحد دلوقتي.


-إيه يا أخي البرود إللي إنت فيه ده ؟ .. صرخت فيه "صفيه" و أكملت ببكاء :


-فين صالح ؟ رد عليا هو فين ؟ أنا السبب في إللي حصله .. لو ماكنتش طلبت منه يروح بدالي المستشفي إمبارح !


و إنهارت أكثر ، لتحاول "فريال" أن تهدئها


ضمتها إلي صدرها ، و أخذت تمسد علي شعرها و ظهرها بحنو ، بينما أخذ "يحيى" إبنه من يده و وقفا بعيدا ليتحدثا بسرية ..


يحيى بلهجة خافتة :


-عمل الحادثة بعربيتك .. إنت المقصود مش هو !


عثمان بنظرات غامضة :


-عارف .. و عارف كمان مين إللي وز عليا ، بس مش هسكت.


أحمـّر الأخير غضبا و هو يغمغم بإنفعال مكبوت :


-إنت مش هتعمل أي حاجة ، إحنا مش ناقصين ، كفايانا فضايح.


عثمان بغلظة و قد علا صوته :


-يعني إيه ؟ عايزني أطرمخ عالموضوع ؟ عايزني أسيب حقنا كلنا ؟ بلاش إحنا .. حق صالح المرمي جوا ده !


يحيى و هو يرمقه بنظرات محتقنة :


-أنا ماقلتش هنسيب حقه .. في حاجة إسمها قانون و إحنا مش قليلين في البلد.


أطلق "عثمان" زفرات حانقة و هو يشيح بوجهه عن أبيه ، بينما وضع "يحيى" يده علي كتف إبنه ، و ضغط بخفة و هو يقول بحزم :


-عايزك تهدا شوية و ماتتهورش ، نطمن بس علي إبن عمك و بعدين هنتصرف.


-أستاذ يحيى البحيري ؟!


إلتفت "يحيى" وراءه ليرد علي محدثه :


-أيوه أنا !


كان شرطيا وقف أمامه و خاطبه بلهجة رسمية مهذبة :


-أسف يافندم عارف إن مش وقته بس معلش لازم نفتح محضر بالحادثة دلوقتي .. و وزع نظراته بينه و بين "عثمان" مكملا :


-هما شوية أسئلة لحضرتك و لعثمان بيه.


أومأ "يحيى" بتفهم و قال :


-إحنا تحت أمرك يا حضرة الظابط.


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


في منزل "سمر"  ... إنه اليوم المنشود ..


منذ بزوغ النهار ، كانت في إنتظار مكالمة العمل التي وعدها بها "عثمان البحيري"


إستيقظت مبكرا قبل أخويها لأجل هذا ، و لكن كم هي محبطة الآن .. لم يدق جرس هاتفهها أبدا ، لم تصلها رسالة حتي ..


ماذا يعني هذا ؟ ألن يفي السيد "عثمان" بوعده لها ؟ ألن يعطها المنصب الذي أشار إليه ؟ هل كان يقول ذلك عبثا ؟ كان يتسلي ؟


حتما كان يتسلي .. إبتسمت "سمر" بسخرية ، و حدثت نفسها بخفوت : " كنتي فاكرة إيه يعني يا غبية ؟ معقول هيقبل يشغلك عنده في وظيفة زي دي ؟ .. كان بيضحك عليكي يا هبلة ، هو إتجنن يوظف سكرتيرة مش مدربة و معهاش شهادة خبرة ؟ كان بيقولك كده و خلاص .. إكتفي بإنه ساعدك بالمبلغ إللي خدتيه منه ، قال يحسن عليكي يعني ، عمره ما كان هيعمل أكتر من كده طبعا .. فوووقي ! "


عادت "سمر" لأرض الواقع عندما دق جرس هاتفهها ، إنتفضت في مكانها غير مصدقة ، و بيد مرتعشة إلتقطت الهاتف من فوق الطاولة أمامها


لكنها أصيبت بخيبة أمل كالعادة ، إذ كان المتصل ليس سوا شقيقها ..


-ألو يا فادي ! .. أجابت بلهجة فاترة متعبة ، ليأتيها صوت "فادي" من وسط ضجيج زحام و عدة أصوات متداخلة :


-أيووه يا سمر ! هاا طمنيني .. الناس بتوع الشركة دول كلموكي ؟


سمر و هي تحاول سماعه بوضوح :


-الناس بتوع الشركة ؟ .. لأ لسا محدش كلمني ، إيه يا فادي الدوشة دي ؟ إنت فين يابني ؟؟؟


أجابها بصعوبة :


-أنا دلوقتي داخل أستلم الكتب.


-داخل تستلم الكتب ؟ و هي الكتب عليها الإقبال شديد أوي كده ؟!


فادي متهكما :


-إقبال ؟ إقبال إيه يا حبيبتي ، ده في عركة هنا .. ثم قال بجدية :


-المهم قوليلي لسا محدش كلمك يعني ؟؟


سمر بحزن :


-قولتلك لسا !


-خلاص يا بنتي ماتزعليش ، أصلا الحمدلله كويس إنهم ماتصالوش أنا ماكنتش مرتاح للموضوع ده ، بكره أنا هدور علي شغل و مش هنحتاج لحد إن شاء الله.


-إن شاء الله.


-ملوكة عاملة إيه ؟


-كويسة أهيه نايمة في أوضتي.


-طيب مش عايزين حاجة أجيبها و أنا راجع ؟!


-لأ يا حبيبي ترجع بالسلامة .. و تبادلا السلام ، ثم أغلقا معا ..


تنهدت "سمر" تنهيدة مطولة مثقلة بالحزن و العجز اللذين تشعر بهما منذ وقت طويل ، و أخذت تفكر في سبيل جديد تسعي إليه لسداد إحتياجات كلا من "ملك" و "فادي"


حيث أنهما أغلي ما تملك في الحياة ، و من أجلهما هي علي أتم الإستعداد بأن تلقي بنفسها في نار السعير ، لم تعد تفكر في حالها كما في السابق قبل أن يتوفا والديها


لقد زهدت حياتها و أوهبتها كلها لرعاية شقيقيها ، لم تعد تفكر في الإرتباط أو الزواج ، ببساطة لأن إمكانياتها محدودة إن لم تكن معدومة !


لتوفر المال لأخيها و أختها .. هما بحاجة إليه أكثر منها ، لتضحي لأجل سعادتهما ، حتما ستحصد نتائج مرضية بالنهاية و لن تندم ..


هذا كان تفكيرها في البادئ و ما رتبت عليه مخططاتها المستقبلية أيضا ، "ملك" و "فادي" أولا ، ثم نفسها ، و لكن حتي نفسها تأخذ منها بحدود معينة و لا تجور يوما علي حقوق أخويها ..


صدح فجأة صراخ "ملك" مدويا بالأجواء ، فقامت "سمر" و هرعت إليها بسرعة


كانت الطفلة تبكي بصراخ متألم و هي تتلوي في سريرها الصغير ، بينما إنحنت "سمر" فوقها لتري ما بها


مسحت علي شعرها القصير الأملس في لطف ، و تمتمت بعذوبة :


-إيه يا لوكا .. مالك يا حبيبتي ؟ بتعيطي جامد كده ليه ؟ .. إنتي جعانة ؟ ها ! أحضرلك أكلك ؟


أزادت "ملك" من وتيرة بكائها ، لتعبس "سمر" بضيق و هي تمسح لها دموعها ، ثم تحملها بين ذراعيها


راحت تهدئها و تؤرجحها و هي تقبل وجنتها الحمراء المكتنرة بخفة .. فإنتبهت بذعر لدرجة حرارتها المرتفعة عندما لامست بشرتها الملتهبة بشفتيها ..


أمسكتها بإحكام و هي تضعها بين صدرها و ذراعها الملتف حولها ، ثم رفعت ذراعها الأخر و تحسست وجهها الصغير بكفها ..


-يا خبر ! .. همست "سمر" في هلع ، و تابعت :


-حرارتك عليت كده إزاي و ليه ؟ فيكي إيه بس يا ملك ؟ كل شوية بتتعبي !


و عادت بها إلي الصالة حيث تركت هاتفهها هناك ، أجرت الإتصال بـ"فادي" مرة ، إثنان ، ثلاث .. لكنه لم يرد ..


فلم تجد أمامها حلا أخر ، إرتدت ملابسها بسرعة ، و أخذت شقيقتها و نزلت من البيت متجهة إلي المشفي ..


•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••


-يعني إيه عنده حصانة و محدش يقدر يقرب منه ؟ .. قالها "عثمان" بعصبية و هو يجادل الشرطي الواقف أمامه


ليرد الأخير بهدوء :


-عثمان بيه إنت سيد العارفين .. رشاد الحداد عضو مجلس شعب و عليه حماية مش من السهل يتوجهله إتهامات.


عثمان و هو يصيح بغضب شديد :


-يعني إيه ؟ بقولك هو السبب في الحادثة ، هو إللي بعت كلابه يفكولي فرامل عربيتي و لو كنت ركبتها قبل صالح كان زماني مكانه دلوقتي !


-حضرتك عندك دليل علي كلامك ده ؟


عثمان بإنفعال :


-واحد عضو مجلس شعب زي ما بتقول بيني و بينه عداوة عشان فضحته هو و بنته و طلقتها ليلة الدخلة ، في أدلة أكتر من كده ؟ في أسباب أقوي من دي تخليه عايز يقتلني ؟؟؟ 


آتي "يحيى" الذي كان يتحدث في هاتفهه بعيدا ، تدخل مهدئا إبنه و هو يقول :


-خلاص يا عثمان ، إهدا هنشوف حل .. ثم توجه إلي الشرطي بصوته الخشن :


-طب إحنا دلوقتي مابنتهمش حد غيره يا حضرة الظابط ، إيه العمل بقي ؟ هتقفلوا القضية عشان عنده حصانة و عليه حماية ؟؟؟


هز الشرطي كتفيه قائلا في حيرة :


-في الحالة دي الموضوع أكبر مني أنا .. الباشا رئيس النيابة ممكن يتدخل و يطلع أمر رسمي بإحضاره للإستجواب ، لكن أنا أو بقية زمايلي محدش فينا يقدر يهوب ناحيته.


يحيى بإقتضاب :


-طيب .. شكرا يا حضرة الظابط ، أقفل المحضر بتاعك بقي علي كده و أنا بنفسي هطلع بكره علي النيابة.


و بعد ذهاب الشرطي ، وقف "يحيى" أمام "عثمان" الثائر الملامح و قال له :


-عمك عرف !


عثمان هو يسأله بإهتمام :


-و قالك إيه ؟؟


-حجز علي أول طيارة طبعا و زمانه جاي هو و هالة .. كان بيكلمني و هو حالته صعبة أوي و قالي ننقل صالح لمستشفي خصوصي.


عثمان بتأفف :


- مش لما يفوق الأول ! هننقله دلوقتي إزاي ؟ هو أي كلام و خلاص !


-يابني مش أي كلام و لا حاجة ، هو أب و خايف علي إبنه.


رمقه "عثمان" بنظرة عابثة ، ثم تجاوزه و مضي بطريقه ..


-رايح فين ؟ .. صاح "يحيى"متسائلا ، ليجيبه بجمود دون أن يلتفت :


-رايح أشم شوية هوا لو حصل حاجة إبقي كلمني.


°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°


أخذ "عثمان" المصعد و هبط إلي الطابق الأول ، مر علي قسم الطوارئ ، و كاد يخرج


لكن صوت شخص ما إستوقفه ..


-يعني إيه ماعندكوش مكان ليها ؟ أنا داخلة مستشفي حكومية مش خاصة ! بقولك أختي حرارتها عالية لو فضلت كده هتموت.


-الصوت ده أنا عارفه ! .. قالها "عثمان" لنفسه ، ثم إلتفت ليتأكد مش شكوكه ..


حملق فيها بدهشة و في هذه الطفلة الباكية التي إحتضنتها بقوة ، و راقب كيف هددت عاملة الإستقبال بنفس الحدة التي إستعملتها معه من قبل :


-إنتي لو مادخلتنيش أنا و هي دلوقتي حالا أنا هوديكي في ستين داهية و مش إنتي لوحدك ، إنتي و كل المسؤولين عن الهبابة دي.


-أنسة سمر ؟!

يتبـــع ...

البارت الخامس والسادس هنا 👇👇👇👇👇👇👇👇

من هنا


بداية الروايه من هنا 👇👇👇


من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close