![]() |
عزلاء أمام سطوة ماله
الخامس والسادس
بقلم مريم غريب
( 5 )
_ الوجه الأخر للثعبان ! _
إلتفتت "سمر" وراءها بوجه عاصف لتري الشخص الذي نادي بإسمها
لتتسمر بمكانها فجأة و تتبدل ملامحها الثائرة إلي أخري ذاهلة ..
-أسـ أستاذ عـ عثمان ! .. قالتها بشيء من الإضطراب و قد أربكها ظهوره المفاجئ أمامها ، ثم أردفت بإستغراب :
-حضرتك إيه إللي جابك هنا ؟
عثمان و هو يجيبها بإسلوبه اللبق الذي نادرا ما يستخدمه في تعاملاته مع الآخرين :
-إبن عمي عامل حادثة و كل العيلة هنا .. إنتي بقي إيه إللي جابك هنا ؟؟!
إنتبهت "سمر" إثر سؤاله للسبب الرئيسي الذي جاءت من أجله إلي هنا ، فشددت ذراعيها الملتفين حول شقيقتها و أجابته :
-أختي حرارتها عليت فجأة ماعرفش ليه ! فخدتها و جريت بيها علي هنا .. ثم أطرقت رأسها في تخاذل ، و أكملت :
-بس بيقولولي مالهاش مكان !
عثمان عاقدا حاجبيه في إستنكار :
-مين إللي قالولك ؟؟؟
-الأنسة دي .. و أشارت له برأسها نحو موظفة الإستقبال
ليتجاوزها "عثمان" و يتوجه إلي الموظفة بصوته الغليظ :
-لو سمحتي يا أنسة ، معانا طفلة هنا حرارتها عالية ، محتاجين دكتور ، يا ريت تطلبيلنا حد دلوقتي حالا.
الموظفة بهدوء مستفز :
-أسفة يافندم ، الأماكن هنا كلها مشغولة و الدكاترة كمان مشغولين.
عثمان و هو يتبجح برعونة مستهجنة :
-يعني إيه حضرتك ؟ بقولك البنت حرارتها عالية و إنتي ملزومة تدخلينا و تستدعيلنا دكتور يشوفها كمان.
الموظفة ببرود :
-و الله أنا ليا في إللي في شايفاه قدامي ، مافيش أماكن فاضية و مافيش دكاترة متوفرين حاليا ، أديك حضرتك شايف قسم الطوارئ و المستشفي كلها زاحمة إزاي !
إرتعشت شفتيه المزمومتين من الغضب ، ليستدير في اللحظة التالية نحو "سمر" قائلا بإقتضاب آمر :
-إتفضلي معايا يا أنسة سمر ، هنروح مستشفي تانية .. ثم عاد ينظر إلي الموظفة ثانيةً ، و قال بحدة شديدة :
-إحنا ماشيين يا أنسة ، بس أوعدك الموقف ده مش هيعدي علي خير أبدا ، و بالذات عليكي إنتي.
و غادر "عثمان" المشفي كلها بخطواته المتغطرسة مصطحبا في إثره "سمر" و أختها الصغيرة ..
بينما أتت موظفة الإستقبال الثانية ، و سألت زميلتها :
-في إيه يا بنتي ؟ كنتي بتتخانقي مع مين ؟؟
الموظفة الأولي بعدم إهتمام :
-ماكنتش بتخانق و لا حاجة .. أهو ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم سايبين العيادات و مستخسرين ڤزيتة الدكتور و جايينلنا إحنا هنا يقرفونا عشان مستشفي زفت حكومية.
الموظقة الثانية و هي تشهق بصدمة :
-ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم إيه يا مجنونة ؟ إللي إنتي وقفتي تقاوحي فيه ده عثمان البحيري إبن يحيى بيه البحيري الشاب إللي عمل الحادثة و جالنا إمبارح يبقي واحد من عيلتهم.
الموظفة الأولي بإستخفاف :
-مين الناس دول يعني ؟ صحاب المستشفي مثلا ؟!
الموظفة الثانية بإستنكار :
-ماتعرفيش عيلة البحيري ؟ و بتتريقي كمان ؟ دول يشتروكي و يشتروا المستشفي باللي فيها ، محدش في إسكندرية مايعرفهمش و إللي برا إسكندرية كمان ، ناس كبار و إيديهم طايلة و أقدم عيلة هنا.
هزت الأخيرة كتفاها بلا إكتراث قائلة :
-كبار و إيديهم طايلة علي نفسهم .. و علي كل حال الدنيا مش سايبة.
-إدعي ربنا بس مايحطكيش في دماغه و ينسي إللي حصل ، عثمان البحيري ده مش سهل أبدا ، أكتر واحد شراني في عيلته و محدش بيهمه لسا مطلق مراته بنت رشاد الحداد نايب الأنفوشي يوم فرحهم و ماهمتوش الفضايح.
-شراني علي نفسه بردو ، و يلا بقي علي شغلك و سيبيني أشوف شغلي أنا كمان .. قالت الفتاة في لامبالاة ، إلا أنها لم تنكر القلق الذي أخذ يتسرب بأعماقها ..
-ربنا يستر .. تمتمت لنفسها ، ثم عادت إلي العمل مجددا ..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في مطار القاهرة ... تصل الرحلة القادمة من مطار "باريس" و تهبط الطائرة تدريجيا علي الأراضي المصرية الموّقرة ..
تنفتح البوابة ، لينزل منها "رفعت البحيري" و معه إبنته "هالة" التي لم تكف عن البكاء منذ علمت بخبر الحادث الذي وقع لأخيها
يقطعا تذكرتان إلي الأسكندرية ، و فورا يكونا علي متن رحلة أخري ، ليصلا في زمن قياسي جدا ..
بعد نصف ساعة فقط ، كانا خارج ساحة مطار الأسكندرية ، ركبا سيارة فخمة شيعت مخصوصا بسائقها لأجل إستقبالهما بأمر من "يحيى البحيري"
وصل بهما السائق أمام بوابة المشفي في غضون خمسة عشر دقيقة ، صعدا إلي الطابق الثالث حيث "صالح" هناك بغرفة العمليات ..
كان "يحيى" واقفا بمنتصف الردهة جامد الوجه ، متوتر الجسد عندما هرول نحوه "رفعت" هاتفا بلهجة مختلجة :
-إبني ماله يا يحيى ؟ صالح جراله إيه ؟؟؟
إعتدل "يحيى" في وقفته و إستعد لمواجهة شقيقه ..
-إبني فين يا يحيى .. تساءل "رفعت" بحدة ، ليرد الأخير بهدوء حذر :
-إهدا يا رفعت .. ماتقلقش صالح بخير.
رفعت بإنفعال :
-بخير ! بخير إزاي و هو بقاله 12 ساعة في العمليات ؟ إنت شايفني عبيط قدامك ؟!!
يحيى و هو يجيبه بسرعة :
- لأ لأ خلاص هيخرج دلوقتي الدكتور لسا مطمنـ آا ..
-إسمع يا يحيى .. صاح "رفعت" مقاطعا ، ثم تابع بعنف شديد :
-إبني لو حصله حاجة مش هسامحك ، إبني لو ماخرجش من هنا علي رجليه لا إنت أخويا و لا أعرفك.
عبس "يحيى" في حزن ، و قال :
-ماتخافش يا رفعت .. إبنك هيخرج من هنا بالسلامة إن شاء الله !
و هنا ، فـُتح باب غرفة العمليات ، ليخرج الطبيب أولا ، ثم "صالح" خلفه ملقي فوق التورللي ، ملفوفا بالشاش و الجبس في معظم أجزاء جسده ..
ركضت نساء العائلة صوبه في الحال ، بينما توجه كلا من "رفعت" و "يحيى" نحو الطبيب ..
-طمني يا دكتور أرجوك .. قالها "رفعت" برجاء ، و أردف :
-إبني عامل إيه ؟ بقي كويس صح ؟؟؟
الطبيب بأرق و هو يخلع الكمامة المعقمة عن وجهه :
-إطمن يافندم .. إبن حضرتك بخير ، أنا خرجت من شوية و طمنت يحيى بيه .. هو بلغ حضرتك باللي قولتهوله ؟!
نظر "رفعت" بريبة إلي شقيقه الذي تلعثم قليلا هو يقول بإرتباك :
-آا ي دكتور أنا بـ برجح إن حضرتك تشرحله بنفسك أحسن !
تنفس الطبيب بعمق ، ثم قال بلهجته العذبة المنمقة :
-طيب .. شوف يافندم ، هي معجزة إننا قدرنا ننقذه ، إبن حضرتك إنكتبله عمر جديد بفضل الله ، طبعا مافيش شك إن الحادثة كانت قاسية جدا .. عشان كده للأسف حصلتله شوية مضاعفات !
تجمدت ملامح "رفعت" و جف حلقه فجأة ، فإزدرد ريقه بصعوبة ، ثم سأله بصعوبة بصوت مبحوح :
-مضاعفات ؟ .. مش فاهم يا دكتور !!
عض الطبيب علي شفته ، و إستغرق منه الأمر لحظات قبل أن يجد طريقة ملائمة ليخبره بما حل بإبنه ..
الطبيب بتمهل و لطف :
-شوف حضرتك .. بصراحة إبنك إتعرض لشرخ بسيط في عموده الفقري ، الشرخ ده هسيببله إعاقة لفترة معينة !
بـُهت "رفعت" و قد ألجمت الصدمة لسانه .. لكنه نطق بثقل :
-يعني إيه يا دكتور ؟ .. تقصد إنه .. إتشل ؟؟؟
-مش بالظبط كده .. قال الطبيب بحيرة ، ثم تنهد و أكمل :
-هو فعلا مش هيعرف يمشي في الأول بس في علاج طبيعي هنتابعه لما يقوم بالسلامة.
-و العلاج ده هيجيب نتيجة ؟؟
-أه طبعا هيجيب .. بس !
يحيى بوهن :
-بس إيه ؟
أجاب الطبيب و هو يتهرب من النظر في عينيه :
-جايز الفترة تطول .. كله بأمر ربنا ! .. ثم إستأذن بسرعة ليذهب :
-عن إذنكوا هروح أشوف المريض.
ظل "رفعت" واقفا بمكانه كما هو ، تماما كالصنم ، حتي توجه "يحيى" إليه بالقول :
-رفعت .. إطمن ، و الله هيبقي كويس.
أدار "رفعت" رأسه و أخذ يرمقه بنظرات حاقدة ، ليجفل "يحيى" بتوتر و يزم شفتيه في ضيق ، لكنه عاد يقول و هو يحتضنه بأخوّة :
-إن شاء الله هيبقي كويس.
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في إحدي العيادات الخاصة ، و المتخصصة لعلاج الأطفال ..
فرغ الطبيب المسن من الكشف علي "ملك" ثم نزع سماعته الطبية و هو يداعب ذقنها بلطف قائلا :
-سلامتك يا جميلة ، إنتي زي الفل ، إضحكي بقي و ماتكشريش تاني خالص.
إستجابت الصغيرة لمداعبته التحببية ، و راحت تكرر بصوتها الطفولي الرنان ، لتبتسم "سمر" و هي تعدل لها ملابسها ، بينما يقف "عثمان" وسطهم يراقب ما يحدث بإبتسامته الفاترة الدائمة ..
جلس الطبيب الوقور خلف مكتبه ، لتحمل"سمر" أختها ، و تعود ثانيةً لتجلس أمامه ، و تسمعه و هو يقول بجدية :
-شوفي حضرتك .. مبدئيا الأعراض إللي عند أختك عادية جدا بالنسبة للأطفال إللي في سنها ، التقلصات المعوية حاجة شائعة جدا في الفترة دي بالنسبة لها ، لكن السخونة و الكحة إللي بتشتكي منهم دول حاجات محتاجين نعمل عليهم تحاليل ، و علي حسب بقي لو قالت التحاليل هتخف بالعلاج يبقي خير و بركة ، إنما لو حاجة تانية لا قدر الله هنشوف ساعتها ممكن نعالجها إزاي !
سمر بصدمة :
-قصدك إيه يا دكتور ؟ هي ممكن يكون عندها إيه ؟!
-أنا مش عايزك تتخضي .. بصي هي بوادر إلتهاب رئوي بس هنحاول نعالجها قبل ما الموضوع يتطور أكتر .. ثم شرع في كتابة روشتة و هو يتابع :
-أنا هكتبلها علي أدوية مهمة و هكتبلك إنتي مواعيد كل دوا ، و هاخد منها عينة دم دلوقتي و إن شاء الله أشوفها الأسبوع الجاي زي إنهاردة.
إنتهت جلسة الكشف بعد أن أخذ الطبيب عينة من دم "ملك" لتخرج "سمر" من البناية الراقية برفقة "عثمان" و هي تحمل شقيقتها غير قادرة علي محو علامات الوجوم المرتسمة علي وجهها ..
أعادها صوت "عثمان" إلي أرض الواقع حين سألها بلطف :
-أنسة سمر ! .. إنتي كويسة ؟!
إنتبهت إليه قائلة :
-هه ! أه .. شـ شكرا أوي يا عثمان بيه ، بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي علي كل إللي عملته معايا أنا بقيت مديونالك بكتير أوي.
عثمان بعتاب مصطنع :
-عيب كده يا أنسة سمر ، أنا ماعملتش أي حاجة ، و بعدين دي حاجات بسيطة جدا.
سمر بإبتسامة رقيقة :
-حاجات بسيطة إيه بس ؟ دي الڤزيتا لوحدها بتاعة الدكتور ده أكتر من المبلغ إللي أخدته من حضرتك قبل كده ، أنا بإذن الله هردلك كل ده قريب بس عمري ما هقدر أردلك لطفك و كرمك معايا.
عثمان و هو يعبس بضيق :
-بجد هزعل منك يا أنسة سمر ، أختك زي أختي بالظبط أنا قمت بواجب طبيعي .. ثم قال بخبث :
-و لو إن الدكتور فوق إفتكرها بنتي .. أنا ماحبتش أصلحله الغلط لإني بجد حبيت ملوكة أوووي و من هنا و رايح خلاص هعتبرها فعلا زي بنتي.
و مد يده و ربت علي خد الصغيرة بلطف ، لتحمـّر "سمر" خجلا و هي تقول :
-حضرتك كل شوية بتكسفني بكرم أخلاقك أكتر .. مش عارفة أقولك إيه !!
عثمان بإبتسامته الجذابة :
-ماتقوليش حاجة .. أنا إتبسطت لما شوفت ملك إنهاردة ، و إن شاء الله في معاد الإستشارة الجاية هاجي معاكوا تاني.
سمر ضاحكة بخفة :
-لأ إستشارة جاية إيه ! مافيش الكلام ده ، كفاية أوي كده علي حضرتك ، أنا هبقي أخدها أوديها لدكتور تاني تكون الفزيتا بتاعته أقل شوية.
-كلام إيه ده يا أنسة سمر ! ماينفعش تسيبي دكتور خلاص شخـَّص حالة أختك و تروحي لواحد غيره لسا هيشخص من أول و جديد ، ماينفعش.
-بس آا ..
-مافيش بس .. قاطعها بصرامة ، و أكمل :
-الأسبوع الجاي زي إنهاردة هجيبكوا بنفسي لحد هنا و هحضر الإستشارة كمان.
إبتسمت "سمر" و قالت بإستسلام :
-خلاص .. إللي تشوفه حضرتك !
رد لها الإبتسامة و هو يقول :
-أيوه كده .. و يا ريت ماتنسيش معاد شغلك من بكره ، و بعتذرلك تاني بالنيابة عن شيري ، إحنا كنا ملخومين في إبن عمي زي ماقلتلك و كل حاجة عندنا واقفة من إمبارح.
-لا أبدا مافيش حاجة ربنا يقومه بالسلامة.
-أمين .. طيب ، يلا بقي عشان أوصلكوا.
سمر بحرج :
-يا خبر .. كمان !
عثمان بإصرار :
-أيوه .. إنتي ساكنة فين ؟؟؟
-عند محطة الرمل كده !
أومأ مرارا و هو يقول مبتسما :
-تمام ، إتفضلي بقي .. و أشار لها لتتقدمه نحو سيارته المصفوفة أمامهم
ففعلت ذلك علي إستحياء ...
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
-ما أنا مشغل معايا شوية أغبية ! .. قالها "رشاد الحداد" بصياح غاضب دوي عاليا بأرجاء حجرة مكتبه ، ليرد عليه أحد رجاله بحذر شديد :
-طب و إحنا ذنبنا إيه بس يا رشاد باشا ؟ مافيش حاجة بتخفي عن الصحافة ، و بعدين كل المعلومات إللي إتنشرت دي خدوها من المستشفي.
رشاد بإنفعال :
-ما إنتوا لو رجالة عدلين ماكنتوش سمحتوا لشوية كلاب تعلي صوتها علينا .. ثم إلتفت إلي المدعو "عباس" الذي كلفه بمهمة إغتيال "عثمان" بدلا من "صالح" :
-و إنت يا عباس بيه .. فين نتايج خطتك إللي ماتخرش المايه ؟ بجد خيبت أملي فيك !
عباس عاقدا حاجبيه في إنزعاج :
-أنا ماليش ذنب يا باشا ، أنا عملت المطلوب و لو ماكتش إبن عمه هو إللي طلع بالعربية كنت هتسمع خبره زي أمرت.
رشاد بتهكم :
-طيب و ليه ماسمعتش خبر إبن عمه لحد دلوقتي يا مستر عباس ؟ ده كمان في ناس كلموني و قالوا إنه خرج من العمليات و بقي زي الفل.
بـُهت "عباس" و ما عاد للكلام جدوي أمام تصريحات "رشاد" الأكيدة ..
-إخفوا من قدامي .. هتف "رشاد" بحدة ، و تابع :
-مش عايز أشوف واحد فيكوا لحد ما الموضوع ده ينتهي ، أنا أسف إني إعتمدت عليكوا.
أطرقوا رؤوسهم جميعا و هم ينسحبون الواحد تلو الأخر من مكتبه ، بينما إستدار هو بعنف ، و ضرب الطاولة بقبضته المضمومة و هو يتمتم من بين أسنانه :
-فلت من إيدي المرة دي يابن يحيى .. بس و الله ما هسيبك !
يتبـــع ...
( 6 )
_ تهديد ! _
وصلت "سمر" إلي بيتها أخيرا بعد أن أطمئنت علي "ملك" و تعرفت علي أسباب علتها ..
أمسكت "ملك" بيد ، و باليد الأخري أدارت المفتاح في القفل ، ثم دفعت الباب و دخلت و هي تتنفس بصورة غير منتظمة بسبب درجات السلم الكثيرة التي صعدتها ..
أغلقت الباب بروية ، و أستدارت لتنظر في عمق الصالة
بالطبع .. كان "فادي" هناك ، واقفا في محاذاة الحائط قبالتها ، في الظل وراء باب النافذة المفتوحة ..
كان ينظر إليها صامتا ، وجهه جامد قاسٍ و جسده متوتر
لم يصعب عليها كثيرا فهم أنه شاهدها من خلال النافذة و هي تترجل من سيارة "عثمان" هذا بدا واضحا جدا من نظرات العنف و الإتهام المنطلقة كالأسهم من عينيه ..
إنقبضت في إنتظار السيل الجارف من اللوم و الإهانات
لكنه لم يأت بحرف ، بقي متفرسا في وجهها ، توقعت أنه لا يقو علي الكلام من شدة الغضب ، فباشرت هي بتبرير ما قامت به ..
سمر و هي تقول بإبتسامة مرتبكة :
-فادي ! .. إنت رجعت يا حبيبي ؟ أنا إتصلت بيك كذا مرة قبل ما أنزل عشان أقولك إن ملك سخنت فجأة بس إنت ماكنتش بترد ، فإضطريت أخدها أنا علي المستشفي .. و ألقت نظرة نحو الطاولة في الوسط حيث نسيت هاتفهها ، و تابعت :
-بس نسيت الموبايل هنا .. أسفة ، أكيد إنت إتصلت بيا كتير !
سمعت صدي حشرجة في حنجرته ، لكن بقيت ملامحه علي حالها ، إلي أن تحرك أخيرا و قال بهدوء شديد يختبئ ورائه غضب عظيم :
-سمر .. يا ريت من فضلك تشرحيلي دلوقتي حالا مين الشخص إللي جابك لحد البيت بعربيته ده ؟ و إيه هي علاقتك بيه بالظبط ؟؟؟
أخذت تتنفس بسرعة ، بينما إتسعت عيناه و كانتا باردتان و قاسيتان جدا ..
-علاقة إيه و زفت أيه ؟ .. صاحت بصوت عالٍ ، و أردفت بغضب :
-هو أنا لاقية آكل و لا آكلوكوا لما هروح أعمل علاقات ؟ إنت إتجننت ؟؟!
فادي بعصبية و هو يقترب منها :
-أومال تفسري إللي لسا شايفه بعنيا ده بإيه ؟ تفسري بإيه ركوبك عربية زي دي مع واحد زي ده ؟ و بعدين مين ده أصلا ؟ عرفتيه منين ؟؟؟
-ده يبقي صاحب الشغل يا مجنون .. أجابت بصراخ ثائر :
-ده يبقي عثمان بيه إللي حكيت لسيادتك عنه ، ده يبقي الإنسان الوحيد إللي وقف جمبنا و ساعدنا بعد ما كل الناس جم علينا و ظلمونا ، و شوف كمان .. و رفعت كيس الآدوية التي أوصي بها الطبيب لشقيقتها ، و أكملت :
-أصر إنه يشتري الدوا لملك رغم إنه دفع حق الكشف عند أكبر دكتور أطفال هنا في إسكندرية !
فادي متسائلا بحدة :
-و هو إيه إللي يخليه يعمل معانا كل كده أساسا ؟ عاشقنا في الضلمة !! .. نطق جملته الأخيرة بتهكم لاذع ، ثم قطب بإستغراب مكملا :
-و بعدين تعالي هنا ؟ إنتوا إتقابلتوا إزاي ؟ لما هو ماكلمكيش عشان تروحي تستلمي الوظيفة إللي قالك عليها ! شوفتيه إزاي ؟؟!!
تنهدت "سمر" بضيق ، لكنها حكت له كل ما حدث ، بدءاً من عراكه مع موظفة الإستقبال بالمشفي ، و حتي عودتها إلي هنا بعد أن قام بتوصيلها ..
-أنا بردو مش مقتنع ! .. قالها "فادي" بعدم إقتناع ، و أردف بشك :
-بيعمل معاكي إنتي بالذات كده ليه ؟ .. إشمعنا إنتي يعني ما المحتاجين كتير !!
سمر بسخرية :
-و إنت إيش عرفك إنه مش بيعمل كده مع ناس كتير ؟ عمرك ما شفت حد بيعمل خير مع ناس كتير ؟!!
لم يرد و ظل ينظر إليها في عدم إقتناع ..
فأدارت عيناها بضيق و هي تطلق زفرة حانقة ، ثم إختفت من أمامه بسرعة متجهة إلي غرفتها ، و أخذت "ملك" معها ...
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في مستشفي الأسكندرية العام ..
يعود "عثمان" إلي هناك و يصعد للطابق الثالث ، ليخبره المسؤول عن الدور بأنه تم نقل "صالح" إلي غرفة عادية لإستكمال العناية به ..
ذهب "عثمان" إلي غرفة رقم (407) حيث أرشده المسؤول ، ليجد أنها ليست غرفة بالمعني الحرفي ، و إنما هي مجرد عنبر كبير إكتظ بالمرضي بمختلف أنواعهم
رجال ، نساء ، و أطفال ..
وقف مشدوها للحظات يحدق في كمية الإهمال و المناظر المريعة الممتدة أمام ناظريه ، لكنه ما لبث أن راح يبحث بعيناه عن أفراد عائلته وسط هذا الكم الهائل من الناس
وجدهم بصعوبة .. هناك ، جمعيهم يقفون بركن قاصي من العنبر ملتفين حول سرير معين .. لابد أنه السرير الذي يرقد عليه "صالح" ..
-مساء الخير يا جماعة ! .. قالها "عثمان" و هو يقترب بخطوات واسعة ثم يقف بجوار والده الذي ما أن رآه حتي صاح به :
-إنت كنت فين يا بني آدم من الصبح ؟ و بكلمك قافل تليفونك ليه ؟ إزاي تسيبنا في موقف زي ده ؟؟؟
عثمان بفتوره المعتاد :
-كان ورايا مشوار مهم خلصته و رجعت علطول أهو .. ثم توجه بالنظر نحو عمه و "هالة" و قال :
-حمدلله علي السلامة يا عمي ، حمدلله علي السلامة يا هالة.
تجاهله "رفعت" متعمدا و أدار وجهه للجهة الأخري ، لكن "هالة" لم تفعل ..
هالة بصوتها الرقيق و المغلف بالحزن :
-الله يسلمك يا عثمان .. إزيك ؟
-تمام الحمدلله .. قالها بإبتسامة قصيرة ، ثم عاد إلي والده و قال و هو يصوب نظره نحو "صالح" الموارى تحت طبقات من الجبس و الشاش :
-إنتوا إزاي لسا مستنين هنا ؟ إزاي ما طلبتوش نقله لمستشفي خاصة ؟؟!
"يحيى" بنظرة عابثة :
-و إحنا كنا مستنين رأيك مثلا ؟ عملنا كده يا حبيبي ، حجزناله أوضة في أحسن مستشفي و خلاص عربية الإسعاف علي وصول.
أومأ "عثمان" متجاوزا رنة الإستهزاء في نبرة والده ، ثم إستأذن منهم لدقيقة و خرج أمام العنبر ليجري مكالمة خاصة ..
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل "رشاد الحداد" .. داخل حجرة الطعام
يترأس المائدة كعادته بوقاره و هيبته الطاغية ، إبنتيه تجلسان معه ، الكبيرة علي يمينه ، و الصغيرة علي شماله ..
يتم الغداء في جو صامت متوتر ، لا يُسمع خلاله سوي أصوات الملعاق و بقية آدوات الطعام و هي تحتك بالصحون و الأطباق ..
يرن هاتفهه فجأة ، فيخرجه من جيب سترته و ينظر إلي إسم المتصل ... "عثمان البحيري" !!!
تصلبت عيناه عند رؤيته للإسم ، و لاحظت إبنتيه جمود تعابير وجهه
لكنه أعطي أمر بالتحفز لجميع حواسه ، و أجاب بنبرة تحدٍ :
-أهلا بالغالي !
صمت قصير علي الطرف الأخر ، ثم جاء صوت "عثمان" الناعم كجلد الأفعي :
-إزيك يا رشاد بيه .. إنشالله تكون كويس !
-كويس جدااا يا عثمان.
إنتفضت "چيچي" إثر سماع إسمه ، و مضغت الطعام بصورة خاطئة مما تسبب لها في نوبة سعال حادة ..
جاءتها أختها بكأس من الماء ، بينما تابع "رشاد" مكالمته :
-فيك الخير و الله يا عثمان .. بتتصل عشان تسأل ؟ بجد العيش و الملح مابيهونوش.
عثمان بضحكة مجلجلة سمعتها "چيچي" جيدا منبعثة من سماعة الهاتف :
-هو أنا أه ممكن أتصل أسأل عليك بس المرة دي أنا إتصلت عشان حاجة تانية.
-خير يا عثمان ؟؟ .. تساءل "رشاد" ببرود ، ليرد "عثمان" و قد تحولت نبرته تماما من اللين إلي الغضب الشديد :
-إسمعني كويس يا رشاد يا حداد .. إبن عمي في المستشفي دلوقتي بسببك ، أنا عارف إنك كنت قاصدني أنا ، بس خليني أقولك لو صالح ماقمش بالسلامة زي ما كان ، أنا همحيك إنت و بناتك من علي وش الأرض ده طبعا بعد ما أنشر الفضيحة التانية إللي لسا شايلهالك عندي.
رشاد بخشونة :
-فضيحة إيه ؟؟؟
-الفيلم الساخن بتاع بنتك المصونة .. قالها "عثمان" بصوته الخبيث ، و إستطاع "رشاد" أن يري الإبتسامة الشيطانية التي إرتسمت علي شفتيه الآن دون أن يراه ..
تابع "عثمان" بإسلوبه المنحرف الماكر :
-أنا لسا محتفظ بيه .. بصراحة لو تشوفوا هتفتخر ببنتك أوي ، ما شاء الله يعني مخلف ------- محترفة ، عارف لو كنت إتجوزتها أكيد كنت هتبسط معاها أوووي ، چيچي في نظري كانت أنسب بنت ، جميلة و بنت .. بنت عيلة ، بس نقول إيه بقي هي إللي إستعجلت و مشيت شمال ، و علي رأي المثل .. يا خسارة الجمال لما يمشي شمال .. ثم تنهد بخفة و قال :
-يلا بقي أنا مضطر أقفل دلوقتي ، بس يا ريت متنساش كلامي هه ! إفتكر كويس إني حذرتك يا رشاد بيه ، قبل ما تفكر تعمل أي حاجة تمسني أو تمس حد يخصني إفتكر الفضيحة بتاعة المرة الجاية و قدر حجمها كده هيكون أد إيه ... سلام يا باشا ، و إبقي سلملي علي چيچي ، قولها عثمان باعتلك سلام خصوصي أووووي.
و أغلق "عثمان" الخط و هو يضحك بشدة ، بينما جرش "رشاد" بأسنانه و إزدادت حمرة وجهه الغليظ ..
دوي فجأة صوت إنفجار علبة الصودا المغلقة التي كانت بين أصابعه ، فإنتشر السائل في كل مكان و بلل كلا من "چيچي" و أختها ..
لم تجرؤ واحدة منهما علي سؤال "رشاد" ماذا قال له "عثمان" ؟!
فآثرتا الصمت ، بينما غمغم "رشاد" و هو يشتعل غضبا و غيظا :
-بتعجزني يابن الـ--- .. ماشي ، ماشي يا عثمان !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في منزل "سمر" ... كانت بغرفتها
تغير لـ"ملك" ملابسها ، عندما ولج "فادي" في هدوء ممسكا في كلتا يداه كوبان من الشاي الأحمر ..
إقترب ببطء من السرير ، ثم مد يده إلي "سمر" قائلا :
-إتفضلي يا ستي ، عملتلك معايا كوباية شاي إنما إيه هتروقك عالأخر.
تطلعت "سمر" إليه في شك ، و لكنه بدا طبيعيا للغاية ، و كأن لم يحدث شجارا بينهما اليوم ..
أخذت منه كوب الشاي و لم تستطع إخفاء تعجبها ، فضحك بخفة و هو يسألها :
-إيه يا بنتي مالك ؟ مذبهلة كده ليه ؟!
سمر و هي تضع "ملك" في حجرها :
-أصل إللي يشوفك دلوقتي مايشوفكش لما كنت بتزعق و عصبي من شوية !
فادي بإبتسامة :
-و أنا يعني إتعصبت و زعقت ليه ؟ أكيد إنتي عارفة إني خايف عليكي .. صح ؟
سمر و هي ترد له الإبتسامة :
-طبعا عارفة يا حبيبي .. بس لازم يكون عندك ثقة شوية في أختك الكبيرة ، أنا دلوقتي يا فادي بقيت مكان ماما و بابا بالظبط ، إنت و ملك مسؤولين مني و واخدين كل وقتي ، يعني إطمن .. مافيش حاجة ممكن تشغلني عنكوا لا راجل و لا غيره ، أنا ماعدتش بفكر في مواضيع الإرتباط دي أساسا.
-طب أولا إنتي غلطانة .. لأن إنتي و ملك إللي مسؤولين مني أنا ، أنا هنا راجل البيت .. قالها بإسلوب مسرحي أضحكه و أضحكها معه ، و أكمل :
-ثانيا أنا واثق فيكي جدا جدا كمان ، لكن مش واثق في إللي حواليكي يا سمر ، ثالثا بقي و ده الأهم ليه يا حبيبتي مش بتفكري في الإرتباط ؟ لا تكوني عايزة تقعدي في أرابيزي ! لأ يا ماما ده أنا هزقك بدري بدري عشان أفوق لملوكة عمري أنا دي.
و راح يداعب أخته الصغيرة و يدغدغها من بطنها و أسفل إبطها فيجعلها تضحك بهستريا محببة لديه ..
-يا سيدي قول يا باسط .. قالتها "سمر" بإبتسامة باهتة ، ليرد "فادي" بحسه الفكاهي :
-يا باسط ياستي ، عايزاني أقول حاجة تاني ؟ ده إنتي قمر يا بت و بكره العرسان هيبقوا طوابير مش هلاحق عليهم يروح واحد يجوا عشرة لحد ما ألاقيلك الزوج إللي هو ، إللي عليه العين و النية.
ضحكت "سمر" من قلبها ، و قالت :
-يخرب عقلك يا فادي .. ضحكتني ، عرسان إيه إللي هيبقوا بالطوابير دول ؟ هيجوا علي إيه يا حسرة !!
-شوفي يا سمر يا حبيبتي ، إحنا مش أه معانا فلوس ، بس الحمدلله ربنا معوضنا بحاجات تانية.
سمر و هي تسأله بدهشة :
-ربنا معوضنا بإيه يا فادي ؟؟
أجابها و هو يأخذ منها "ملك" و يجلسها علي حضنه :
-أقولك ياستي .. مثلا ملك ، معوضها بينا إحنا الإتنين لما بابا و ماما ماتوا أنا و إنتي بقينا مكانهم بالنسبة لها يعني مش هتحس باليتم ، و أنا .. أنا بدرس الحمدلله و باقيلي السنة دي و هتخرج و هبقي مهندس زي ما كنت طول عمري بحلم باللقب ده .. و إنتي يا سمر ، إنتي أغني مني أنا و ملك.
سمر بفم مفتوح :
-هه ! غنية ؟ .. إزاي ؟!!
-ربنا مديكي وش جميل ، إنتي جميلة يا سمر ، و رأس مالك في جمالك .. أي راجل غني و معاه فلوس يتمناكي .. و رفع إصبعه السبابة مكملا بشرط :
-بس تعززي نفسك .. إوعي تحسسي إللي قدامك بحاجتك للفلوس ، ماتخليش حد يعرف نقطة ضعفك ، ده إللي أنا طول الوقت بحاول أوصلهولك ، لازم تستقوي شوية و ماتبقيش سهلة أبدا ، الكل بيحوم حواليكي و أنا علي أد ما بقدر بوقفهم عند حدهم ، لكن خوفي بقي من الناس إللي بتتعاملي معاهم برا .. مش عارف هتتصرفي إزاي لوحدك !
سمر بعد صمت طويل حاولت خلاله إحتواء حديث "فادي" كله داخل عقلها :
-إنت خيالك واسع أوي يا فادي .. أنا مش جميلة الجميلات علي فكرة ، و بعدين أنا مابشوفش حد بيحوم حواليا !
فادي مشددا علي كلامه بصرامة :
-عشان أنا موقف الكل عند حده زي ما قلتلك .. محدش هنا يقدر يهوب ناحيتك و أنا موجود.
رمقته بنظرات ساهمة و قد حلت علي ذاكرتها جميع المواقف ذات الدلالة علي كلامه
مثلا تذكرت مجيئ عم "صابر" مالك الشقة إلي هنا منذ أيام ، تذكرت كيف إرتبك عندما وجد "فادي" بوجهه و كيف أنه حاول إخفاء إرتباكه بكلماته اللاذعة
و تذكرت أيضا "كرم" شقيق الجارة "عطيات" التي تسكن فوقها ، كثيرا ما يدق بابها أثناء غياب "فادي" بحجة أشياء قام بإسقاطها رغما عنه من الشرفة بالأعلي فتدخل هي بحسن نية و تجلب إليه أشياؤه بإبتسامة رقيقة
و "مصطفي" الشاب الذي يملك محل كوي الثياب الرجالي ، هو الأخر يأتي بطلب ملابس "فادي" و لكن في غيابه طبعا ، و غيره و غيره ..
فهمت "سمر" معني كلام أخيها الآن عندما تجلت أمامها الأمور ، أحست و كأنها أخذت صفعة علي وجهها ، و لكن الصفعة مفيدة و جاءت بوقتها ، فقد أفاقت و أزداد وعيها بما يدور من حولها ..
-إيييه ياينتي ! روحتي فين ؟ .. قال "فادي" بتساؤل عندما أطالت في شرودها
بينما إنتبهت إليه "سمر" و قالت :
-أنا معاك أهو !
تمطي "فادي" بكسل و هو يقول :
-لا معايا إيه ، أنا هستأذنك بقي و هروح أنام مش قادر .. خدي الأميرة الصغيرة دي و نايميها هي كمان شكلها نعسانة.
و ناولها "ملك" ثم قام و مشي في إتجاه الباب ..
و لكن صوتها إستوقفه قبل أن يخرج :
-فادي !
فادي و هو يلتفت ثانيةً :
-في حاجة يا سمر ؟!
-أه .. كنت عايزة أقولك إني هبدأ الشغل من بكره.
-من بكره ؟ .. قال بدهشة ، و أردف بضيق :
-و عثمان بيه هو إللي قالك كده ؟
-أيوه.
زم شفتيه في إستسلام ، ثم قال :
-طيب يا سمر .. بس ملك مين هياخد باله منها ؟؟!
سمر و هي تطمئنه بثقة :
-ماتقلقش أنا إتفقت مع الحاجة زينب مرات عم صابر هسيبهلها الكام ساعة بتوع الشغل و هي هتاخد بالها منها ، ماتخافش يا فادي .. الحاجة زينب بتحب ملك و بتحب الأطفال عموما عشان إتحرمت منهم.
أومأ "فادي" بتفهم و قال :
-ماشي .. بس أوعديني ، خلي بالك من نفسك.
سمر بإبتسامة :
-ماتقلقش يا حبيبي .. أنا هبقي كويسة إن شاء الله !
يتبـــع ...
البارت السابع والتامن هنا 👇
بداية الروايه من هنا 👇👇👇
تعليقات
إرسال تعليق