القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية عذراً لقد نفذ رصيدكم شارع خطاب الفصل السادس والخمسون بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده

 


رواية عذراً لقد نفذ رصيدكم شارع خطاب الفصل السادس والخمسون بقلم fatma_taha_sultan حصريه وجديده 



اذكروا الله.


دعواتكم لأهلكم في فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وجميع البلاد العربية.



_____________________



"لم يدلّني عليكَ


‏الطريقُ


‏ولا النداءاتُ المحبّة


‏ولا باقي ذكريات الوجد؛


‏بل هي الألفةُ،


‏وحدها،


‏من كانت معي


‏على طولِ المسير


‏إليك"



مقتبسة



لا أجـد غيـره لائـقاً على 


أن يكـون رفيـق حيـاتي وحبيـب عمـري .



#مقتبسة



‏"تخاف عليك من الريح، امرأة مزقتها عواصف العمر".



مقتبسة



أحدَهُم قَالَ لِي:


أنتِ، خُطْوَة الوَاثق فِي عِزّ التِّيه.



مقتبسة



_____________



-سيبك من ده، في موضوع تاني في بالي..



-مش هسيبني بس ممكن نعرف الموضوع التاني دلوقتي ونرجع لموضوعنا الأساسي..



ردت عليه سلمى بقلق:


-مش عارفة جهاد بتقول أجيب بابا الفرح وأنا مش عارفة أعمل إيه؟؟



هنا ساد الصمت بينهما..


حينما يصل الأمر إلى تلك النقطة الحساسة جدًا في حياة سلمى، والتي شكلت جزء كبير قد يتفق نضال أو يختلف معه في شخصيتها، يكن حذرًا حتى لا يتفوه بأي شيء قد يجرحها دون أن يقصد أو يتدخل في الأمر هو يحاول أن يكون على الحياد في تلك النقطة تحديدًا....



-نضال، أنتَ سامعني؟؟..



تنحنح ثم غمغم بنبرة حاول جعلها عادية:


-اه سامعك يا سلمى..



-طب رأيك إيه؟؟.



تنهد نضال ثم أردف بنبرة حازمة:



-أنا مقدرش يا سلمى في الموضوع ده بالذات أقولك تعملي إيه ومتعمليش إيه، يعني مقدرش أقولك هاتيه الفرح، ولما تشوفيه تحسي نفسك متنكدة واليوم يبوظ، ومقدرش اقولك متجيبهوش وكده بمنعك أن ابوكي يحضر وكده هكون بدخل ما بينكم...



ابتلع ريقه ثم أسترسل حديثه متابعًا:



-الموضوع ده بالذات لا أنا ولا غيري ولا حتى جهاد له حق يقولك تعملي إيه، لأن ده يومك وفرحك وأنتِ لازم تعملي اللي أنتِ حساه وعايزاه....



سمع صوتها مرتبكًا وهي تخبره:



-المشكلة إني مش عايزاه يحضر وعايزاه في نفس الوقت، حاسة إني مبقتش عارفة أنا عايزة إيه....



ابتلعت ريقها ثم أخبرته الفكرة التي طرأت على عقلها والوحيدة التي قد تبدو منطقية:



-نضال أنا محدش تعب في تربيتي غير ماما وخالو وجوده وأنه يأخد دور الأب اللي مقامش بيه ولا مرة أنا مقدرش اتقبله؛ الحاجة الوحيدة اللي ممكن استحملها أنه يحضر زيه زي الغريب، واللي يسلمني ليك هو خالو...



قال نضال ببساطة:



-لو ده هيريحك وده اللي أنتِ عايزاه اعمليه؛ وعمومًا كلامك منطقي...



ثم أسترسل حديثه بخفة محاولًا أن يخرجها من تلك الحالة:



-المهم بس علشان الموضوع مطرمخيش عليه زي ما بيقولوا أنا جاي الحنة بكرا، شوفي بقا اعملي اتصالاتك واتصلي بالست اللي أنتِ حاجزة معاها واتصرفي بقا...



سمع صوت ضحكة بائسة خرجت منها من وسط أفكارها ثم قالت:



-مفيش فايدة برضو..



-لا مفيش، وخدي بالك أنا هاجي ألم التليفونات من كل اللي قاعدين، شغل أن كلكم تصوروا ده مش عندي ماشي؟؟؟...



-ماشي، يلا أقفل بقا علشان الحق أكلم البنت ده لو مكنتش نامت أصلا، وأنا كمان عايزة أنام..



تمتم نضال برقة:



-ماشي تصبحي على خير..



-وأنتَ من أهله الخير يا حبيبي...



قبل أن تغلق تحدث هو:



-في اغنية هبعتالك اسمعيها قبل ما تنامي...



قالت بنبرة شبة ناعسة:



-ماشي..



هكذا انتهى الحديث بينهما وبالفعل أرسل لها أحدى المقاطع...



تليفوني هيتقفل هيتقفل


وانا وانت هنحتفل هنحتفل


باللحظة الحلوة دي


والنوم ده حرام عليه


ده حرام لو الواحد غفل


وانا لما اقابلك عندي كلام تاني


كلام من اللي هتسرح فيه


اسمك وسيرتك لازمة على لساني


في القرب ممكن يحصل ايه هيحصل ايه


تليفوني هيتقفل هيتقفل


وانا وانت هنحتفل هنحتفل..



عند سلمى...



ضحكت وابتسمت رغم أن حديثها عن والدها قد ازعجها جدًا، لكنها شعرت بالسعادة الآن وعلى ما يبدو هي يجب أن تشعر بالسعادة كأي عروس، ليس هناك أي مشاعر سلبية يجب أن تسيطر عليها لذلك قررت الاتصال بتلك الفتاة حتى تخبرها بالقرار المفاجئ...



______________



تجلس "ايناس" على الأريكة المتواجدة في الغرفة الواسعة والكبيرة نوعًا ما عن الغرف التي أعتادت عليها طوال حياتها؛ لكنها بدأت تعتاد على تلك..



عبست قليلاً؛ لم تكن في أحسن حال بعدما اطمأنت على الصغار ونسمة....



لقد غفا الثلاثة منذ وقت، وها هو جواد عائد للتو، وصوت خرير الماء يخرج من الحمام.



بعد مرور ربع ساعة تقريبًا..



خرج جواد من الحمام وهو يمسح نظارته الطبية بمنديل ورقي بعدما بللتها قطرات المياة......



لم ينفع الأمر فذهب ناحية الكوميدنو، المتواجد فوقه الغلاف الخاص بالنظارة وأخرج منه منديل مخصص لها وقام بمسحها ثم لبسها وتوجه صوب الأريكة وجلس بجوار إيناس مغمغمًا:



-مالك يا إيناس؟؟



ردت عليه إيناس بنبرة حاولت جعلها طبيعية:



-مفيش، صحيح احضرلك العشاء؟.



أمسك يداها برفق بين كفيه ونظر إليها ثم تحدث:



-سيبك من الأكل دلوقتي، قوليلي مالك؟!.



هزت كتفيها ثم نظرت إليه وقالت ما يزعجها ويثقل قلبها فهي معه كتاب مفتوح، وكان هو المثل:



-مش عارفة، حاسة جنى وجواد مش عارفين يندمجوا مع المدرسة كويس، يعني كل الولاد هناك مختلفة عنهم ومتعودين على حاجات كتير هما مش متعودين عليها، خير طبعا الدراسة نفسها..



ابتلعت ريقها ثم غمغمت بتوضيح:



-يعني هما من البداية مكنوش متأسيسين على كده، وفي النهاية برضو اختبارات القبول أكيد نجحوا فيه علشان الواسطة بتاعتك مش أكتر وأنا حاسة أنهم مش مرتاحين شوية.



استوعب جواد ما تقول، فأجابها بعقلانية وحنان:



-ده شيء متوقع، بس كل يوم بيعدي الوضع هيكون أحسن وفي كذا حد بيتابعهم هنا وأنا متابع معاهم زي ما أنتِ شايفة، وبعدين هما لسه في مرحلة التكوين مش بقالهم سنين في نظام معين واتغير، هما لسه صغيرين جدًا، يعني كل semester بيعدي عليهم الوضع هيكون أحسن...



شعرت بأن حديثه منطقي ولا تدري هل هذا شيء جيد أم سيء أنه يستطع دومًا أن يقنعها؟!!..



-يعني أنتَ شايف كده؟؟



-ايوة شايف كده وثقي فيا وثقي في اللي بقوله ليكي، صدقيني الوضع كل شوية هيكون أحسن وهيتأقلموا وهيكون ليهم صحاب كمان....



ابتسمت له حينما تسللت الطمأنينة إليها...


غمغم جواد بنبرة جادة:



-تعرفي إني نفسي أكل بيتزا مع اني في العادة مش بطلبها ولا بأكلها بليل، بس تقريبا زهقت من الاكل كله وجعان؛ إيه رأيك نطلب ونشوف حاجة نتفرج عليها، أنا بكرا مش رايح المستشفى ممكن نسهر مع بعض شوية إيه رأيك؟! 



-ماشي...



احتضتها جواد بعدما أعلنت موافقتها ثم حاول طمأنتها وهو يخبرها:



-متقلقيش كل حاجة هتكون كويسة وبكرا هتشوفي....



حاوطت عنقه وقالت من قلبها:



-أنا واثقة فيك وبثق في اللي بتقوله، أنا بس اضايقت شوية لما لقيتهم مضايقين..



تراجع قليلاً، ووضع قبلة خفيفة على ثغرها، ثم حاوط وجهها بكفيه قائلاً بعذوبة:



-متقلقيش وأنا بكرا ان شاء الله الصبح هتكلم معاهم قبل ما يروحوا المدرسة، وطول اليوم هكون معاهم لما يرجعوا كمان...



نظرت له بامتنان حقيقي وقالت بنبرة صادقة:



-أنتَ أحلى حاجة حصلت في حياتي جواد الفترة اللي فاتت...



عانقها جواد من جديد، وصوته يحمل صدقًا لا تزييف فيه:



-أنتِ أحلى حاجة حصلت في حياتي عمومًا يا إيناس.........



تركت قُبلة على وجنته ثم تحدثت حينما ابتعدت:



-صحيح كنت هنسى، فرح نضال وسلمى كمان يومين واتصلوا وعزموني وعزموك..



نظر لها باستفهام فقالت:



-نضال ابن عم زهران لو تفتكره اللي قعد معاك لما جيت أول مرة، وكانوا موجودين في الخطوبة وكتب الكتاب.



-اه، افتكرت، أنتِ عايزة تروحي يعني؟؟.



أومأت برأسها موافقة ثم غمغمت بجدية:



-ايوة يعني مبنفعش مروحش، نضال زي اخويا وسلمى برضو جارتنا، والحقيقة هما أهل لينا مش مجرد جيران، نضال وعم زهران وقفوا في مشاكل كتير لينا أوي كانوا معانا في الوحش قبل الحلو..



-خلاص تمام روحي أنتِ و الولاد، وهشوف حسب يومي ساعتها لو عرفت اجي، هاجي متقلقيش...



ثم غير مجرى الحديث:



-أنا جعان جدًا على فكرة يلا نشوف نأكل إيه ونجهز لينا فيلم حلو كده، تحبي حاجة عربي ولا اجنبي؟.



-اللي أنتَ عايزه..



_____________



في "الغردقة"..



جلست ريناد في غرفتها بأحد الفنادق المعروفة، وصديقتها إلى جوارها وقد غلبها النوم منذ وقت.......



هي وحدها لم تستطع الاستسلام للنعاس، تتمدد فوق الفراش والهاتف ملتصق بأذنها...



قالت بنبرة ساخرة يعلوها تعب:


-سيبني أنام يا دياب، هو أنتَ مبتنامش ليه بجد؟ نام شوية يا دياب أنتَ صبح وليل، في كل وقت بتتصل ده أنا لما كنت مرزوعة عندك مكنتش بتكلمني كده...



سافرت ريناد مع صديقاتها بعد موافقة دياب..



....... قبل أيام ..........



وقف دياب في الشرفة ليلًا، السيجارة بين أصابعه، والدخان يتصاعد متقطعًا مع أنفاسه الثقيلة، كان ممسكًا بهاتفه في يده الأخرى، وصوته يظهر ضيقًا وهو يقول:



-ضيعتيه ازاي؟



جاءه صوت ريناد متصنعًا:



-ضيعته زي ما ضيعته يا دياب، معرفش قلعته فين ومش لقياه، قلبت البيت كله ومش لقياه وشوفت في العربية وكل حتة مش لاقية حاجة..



زفر دياب بضيقٍ ثم غمغم بنبرة مرهقة وشبة ناعسة:



-اهدي طيب وابقي دوري بكرا وعرفي اللي في البيت يبصوا عليه برضو، ممكن لما تهدي وتفتكري قلعتيه فين تعرفي تدوري كويس...



ساد الصمت بينهما لثواني ثم أردفت ريناد بعفوية وحديثها مقترن بضحكاتها:



-كنت بهزر معاك، الخاتم مضاعش ولا حاجة أنا أصلا، بلبسه فوق الدبلة ومش بخلعه، ولو خلعته بيكون قليل جدًا وبحطه في مكانه طبعًا...



تجهم دياب وهو يقول باستنكار:



-مش فاهم؟ مدام مضاعش بتقولي كده ايه وإيه الهزار في كده؟.



ردت ريناد ببساطة:



-شوفت بوست على الفيس بوك إني اعمل مقلب في خطيبي إني ضيعت الدبلة، واشوف رد فعلك هتتعصب عليا ولا لا؟!..



ابتسم دياب ابتسامة ساخرة ثم قال بصوت جاد:



-هو مقلب ملهوش لازمة يعني، هي أكيد حاجة تضايق لأن ده معناه أنك مهملة في حاجتك بس برضو حاجة واردة أنها تحصل أكيد مش هقيم عليكي الحد يعني، سيبي بوستات الفيس بوك واعقلي..



أجابت ريناد بخفة:



-هحاول اسيبني بس موعدكش يعني، أنا بكرا ان شاء الله هتحرك على الضهر كده....



شعر بالضيق الشديد..


حينما تذكر تلك السفرية التي وافق عليها مُرغمًا....


هو تعرف على صديقاتها المُقربين منذ الطفولة في قراءة الفاتحة وحفل الخطبة، والتي تسافر معهن كل عام تقريبًا، بموافقة والدها...



يعلم بأنه ليس لديه حكم واضح عليها، ولا يستطيع مرة واحدة منعها من كل شيء تحبه، فهو يدرك الاختلافات التي بينهما ويحاول التأقلم معها كما تفعل هي، فقط ما جعله يشعر بالقليل من الطمأنينة هو أن جميعهن فتيات، وفي فندق معروف وأنها لن تسافر بسيارتها وتقود تلك المسافة الكبيرة بل ستذهب في أحدى الباصات مع مجموعة كبيرة......



ابتلع اعتراضه وقال:



-اهم حاجة تخلي بالك من موبايلك علشان هرن عليكي كل شوية، ومتقلقنيش عليكي ياريت..



سمع صوتها مشرقًا:



-متقلقش هرد عليك ده مش بعيد أنا اللي اقعد اكلمك كل شوية واتصل بيك قبل ما تتصل أنتَ، وبعدين أنا عايزة اشكرك..



سألها دياب بغباء:



-تشكريني على إيه مش فاهم؟.



أجابت عليه ريناد بوضوح:



-أشكرك أنك وافقت على اني اروح، ايوة أنتَ قولت ان بابا هو اللي من حقه يوافق أو يرفض، وأنك ملكش دخل بس كفايا أنك منكدش عليا وأنا عارفة أن الموضوع مش عادي بالنسبالك..



ضحك دياب رغمًا عنه وقال:



-انا موافقتش من قلبي على فكرة بس اعمل إيه بقا، أهم حاجة تروحي وتيجي بالسلامة، وتخلي بالك من نفسك ومن لبسك لأني هشوف شكلك قبل ما تنزلي أي حتة تبعتيلي صورة..



ضحكت ريناد وهي تقول بمراوغة:



-مش سمعاك الشبكة بتقطع يا دياب..



ابتسم رغم الغيظ الذي اجتاحه لأنها تدلل عليه:



-لا بلاش تستعبطي أنتِ سامعة كويس وفهمتي، يلا بقا تصبحي على خير، بكرا عندي ميعاد بدري رايح أنا ونضال مشوار كده بخصوص الشغل، كلميني أول ما تصحي..



- حاضر، يلا وأنتَ من أهل الخير..



.......... عودة إلى الوقت الحاضر ..........



جاءها صوته عبر السماعة، نبرة عتاب ممتزجة بالانزعاج:



-خايف عليكي، يعني مش كفاية أنك مسافرة، لا كمان هتقعدي تقولي بتصل ليه بيكي؟؟.



ردت عليه ريناد بجدية:



-عارفة أنك خايف، بس برضو يعني، روح اقعد على القهوة لغايت الفجر زي كل يوم أحسن مع نضال وترجع لما أكون نمت بعد ما كنت مستنياك، زي ما كنت بتعمل، صحابي حرفيًا شوية وهيرجعوني من كتر ما زهقوا من اتصالاتك..



سمعت صوته ساخرًا:



-تمام يا ريناد، خلي صحابك ينفعوكي أنا هقفل ومش هتصل تاني، ولا هقعد اعبرك من أساسه...



ابتسمت ريناد بخفة وأجابت بمكر:



-برافو تبقى عملت جميلة لو اتقمصت مني وزعلت ونتصالح لما ارجع...



أغلق الهاتف في وجهها من كثرة غيظه بينما هي ابتسمت وبدأت العد من واحد إلى ستين، وهنا اهتز هاتفها يعلن عن اتصال منه....



كما توقعت تمامًا لأنها


كانت تعرف بأنه سوف يفعل هذا!!


تقريبًا هذا يحدث بين كل مكالمة والأخرى..



أجابت عليه بهدوء وكأن شيئًا لم يكن:



-الو، ازيك يا دياب عامل إيه؟؟..



رد عليها بطريقة طبيعية جدًا وكأنه يحدثها للمرة الأولى وليست العشرين اليوم:



-الحمدلله أنا بخير، إيه اخبارك في السفر؟ أمورك تمام احكيلي يومك مشي ازاي؟ وبعدين أنا لازم أكلم عمو أقوله أنه لازم يشد عليكي شوية، في جامعة والهانم مسافرة...



ضحكت ريناد ثم غمغمت:



-بلاش تسخين يا دياب الدنيا مش ناقصة وبعدين أنا أمور في الجامعة تمام ولسه في وقت على الامتحانات، وتعالى بقا احكيلك يومي عامل ازاي، وخلاص كلها يومين وهكون راجعت وهكون معاك في فرح سلمى ونضال...



____________



في اليوم التالي...



عاد نضال إلى البيت بعد صلاة العصر.


كان قد استيقظ مبكرًا هذا اليوم ليستقبل الفني الذي جاء لضبط بعض الأمور في شقته، وحين نزل معه إلى الأسفل ليفتح له البوابة، سمع صوت الأذان لذلك قضى فرضه قبل أن يصعد في المسجد....



حينما صعد، وجد والده "زهران" جالسًا فوق الأريكة، خرطوم الأرجيلة بين يديه كالعادة...


ينفث الدخان ببطء.....



كان يشعر منذ أيام بألم في قدمه، لذلك لم يهبط حتى الآن....



قال نضال وهو يغلق باب المنزل:



-منزلتش يعني لغايت دلوقتي؟!..



-رجلي وجعاني شوية..



ثم سحب نفسًا عميقًا من أرجيلته وقال بعدها:



-شكلي مش هنزل النهاردة خالص، وعلشان كده في حوار عايزك تخلصه وفي راجل بليل جاي عايزك تقابله علشان تتفق معاه على مكان جديد عايز أجره..



جلس نضال متجهمًا ثم غمغم بعدم فهم:



-مش فاهم؟ تأجر إيه؟؟.



-نفتح مشويات خطاب في ****** المنطقة هناك حلوة ومش بعيدة من هنا، ده في ناس كتير أصلا بتجيب من عندنا والدليفري بيوصل لهناك، يعني من زمان الفكرة في بالي بس كنت منتظر اشوف الجزارة اللي في السوق هتمشي أمورها كويس ولا لا؟! والدنيا كويسة الحمدلله جدًا..



اعترض نضال سريعًا:



-طب أجل معاه لـ بكرا، أو أقابله قبل العشاء يا اما على الساعة تسعة كده لو مش هينفع نأجله لبكرا.



ضيق زهران عينه متحدثًا بفضول:



-ليه؟ وراك إيه بليل في الوقت ده؟؟..



-رايح الحنة..



تمتم زهران مصححًا:



-الحنة قبل الفرح بيوم اللي هعملها ليك زي ما عملنا للواد سلامة، والدبيح وكل حاجة أنا مظبطها، هعملك ليلة حلوة، واضح أنك من كتر الانتظار عقلك طار شكلك مش هتشرفني والله...



ضحك نضال بسخرية، ورد عليه بغيظٍ:



-لا منستش حاجة، أنا لسه معنديش زهايمر ولا عقلي طار، أنا رايح حنة سلمى..



ارتفع حاجبا زهران بدهشة:



-حنة سلمى!!، دي حنة بنات أنا سألتها وقالتلي كده وحتى أنا هبعتلهم الأكل النهاردة، رايح أنتَ فين بقا؟؟..



-رايح أول نص ساعة كده أو أول ساعة كده وبعدين همشي...



صاح زهران بغضب واضح:



-هتروح تعمل إيه في حنة البنات يا صايع؟؟ شكلك اتعاديت من صاحبد، ده أنا زهران خطاب ومعملتهاش والله العظيم، عيب عليك، في حنة البنات كلهم بيقلعوا وبيكونوا على راحتهم، رايح أنتَ تهبب إيه؟ أنا مربتكش يا بتاع السلالم...



تذمر نضال وهو يتحرك من مكانه:



-يعني هما هيقلعوا قدامي؟ هقعد شوية وخلاص وهمشي مش هقعد اشرح بقا، أنا هقوم اشوف هلبس إيه....



صاح زهران بغضب:



-برضو رايح الحنة؟ مفيش فايدة فيك يا ابني عيب والله، الناس تقول إيه عليك؟ ويقولوا إيه عليا؟ يقولوا المعلم زهران معرفش يربي؟..



ضحك نضال عاليًا، ثم حاول تهدئة أبيه بمرح كبير:



-متقلقش يا بابا، لو حد اتكلم على تربيتك هقول دي اجتهاد شخصي مني وأنتَ ملكش علاقة أبدًا، وإيه اللي مزعلك أروح ولا مروحش مش فاهم؟!.



أخذ زهران نفسًا عميقًا من أرجيلته ثم قال بمرحٍ هو الأخر:



-خدني معاك ومش هزعل..



ضرب نضال كفًا على كفٍ..


ليس هناك أمل أن يتغير والده أبدًا...



_____________



وضع "أحمد" فنجان القهوة على المكتب متحدثًا بعدم رضا وقد ارتسم على وجهه ملامح منزعجة:



-لازم الواحد يجيلك علشان يشوفك يا جواد؟!.



أجاب جواد معتذرًا وهو يجلس على المقعد الخاص بأبيه، وفي غرفته بالمستشفى:



-معلش والله يا أحمد أنتَ عارف الظروف، أنا أصلا بقالي اسبوع بروح كل يوم على الفجر وبصحي يدوبك أفطر واجي في ضغط الفترة دي وعلشان المستشفى اللي بروحها كل يوم اتنين دي..



تنهد أحمد وقال بهدوء:



-ماشي يا سيدي هخليها عليا المرة دي زي كل مرة، وبعدين إيه كل يوم تروح الفجر دي؟ أومال العروسة فين من ده كله؟ ده أنا قولت اللي شاغلك عني الفترة دي الجواز بس كالعادة جواد مفيش حاجة بتاخد وقته إلا الشغل..



مال بجسده للإمام ثم تحدث وكأنه أصبح أمًا تتفقد أحوال ابنها:



-صحيح إيه اخبار الجواز على حسك المرة دي؟ زي المرة الأولى ولا إيه؟



ضحك جواد ثم غمغم بثقة:



-لا طبعا بعد الشر، الدنيا تمام الحمدلله.



قال أحمد مبتسمًا وبنبرة ممازحة:



-طب كويس أصلي بفكر أجرب تاني..



قهقه جواد ساخرًا:



-أنتَ بُق يا أحمد والله مكالمة واحدة لمراتك هترجع بيتك طيران...



تمتم أحمد بخوفٍ مصطنع في البداية:



-لا وعلى إيه؟ الطيب أحسن، ده احنا حتى كنا عايزين نيجي نزورك في بيتك بس كنت بأجل يعني لغايت ما تكونوا فاضيين واجيب الولاد معايا، طبعا الأستاذة مراتي كالعادة عماله تفكر في هدية ليكم، لكن أنا بقا جاي بنفسي اديك الهدية...



ضيق جواد عينه متحدثًا بجدية لم يفهم ما يقصده أحمد:



-مفيش داعي تتعبوا نفسكم، وبعدين تنوروا في أي وقت تيجوا ممكن اظبط مواعيد شغلي وابلغ إيناس ونحدد ميعاد مناسب حتى جنى وجواد يتعرفوا على (علي) وريماس ونور...



ابتسم أحمد بمكرٍ واضح وهو يقول:



-طب معندكش فضول تعرف الهدية اللي أنا جاي علشانها؟؟ هي مش هدية مادية، اعتبرها معنوية كده.......



قال جواد بنفاذ صبر:



-بصراحة أنا مش فاهم ومبحبش الألغاز يا أحمد اتكلم علطول أحسن...



-أحلام فاكرها ولا لا؟!



تمتم جواد بانفعال حقيقي:



-اهو دي أخر حاجة كنت مستني أني اسمع عنها..



ضحك أحمد مطمئنًا:



-لا متقلقش منها خالص أنا ريحتك منها...



-يعني إيه عملت إيه يعني؟؟.



اعتدل أحمد في جسلته ثم تحدث بثقة وهو يخبره بما فعله الفترة الماضية:



-بصراحة معجبنيش أنها تفضل تشتغل في مستشفى تانية هنا، حسيت أنها مش هتسكت وهتوجع رأسنا، جيبتلها عقد عمل في قطر حتى تذكرة السفر والأوراق وكل حاجة خلصتها على حسابي، وسافرت من كام يوم والنهارده بدأت شغلها بشكل رسمي لسه كانت بتشكرني الصبح....



-أنتَ بتتكلم بجد؟!.



أومأ أحمد برأسه، وأردف ببساطة:



-ايوة بجد ريحتك منها أهو، رانيا كمان لو نطت ليك هي التانية هبعتها على قطر هي كمان تونسها هناك رغم أنها صعبة، بس كل اللي هيضايقك هتصرف معاه..



ضحك جواد رغمًا عنه لا يصدق صديقه حقًا...


لا يدري أهو مذهول من فعلته أم ممتن له؟!...



أسترسل أحمد وهو يراقب ضحكاته:



-المهم سيبك أنتَ من المستشفى يا دكتور وروح البيت شد حيلك علشان أنا نفسي اشوف أحمد الصغير.....



_____________



يوم الزفاف....



كانت أمسية رائعة.....


حفل الزفاف مضى كما أراد نضال...


لم ينزعج أحد واليوم من بدايته إلى نهايته مر بصورة طبيعية جدًا، وفي النهاية تم توصيل العروسين إلى شقتهما وعاد الجميع إلى بيوتهم بإرهاق ومنهكين من التعب لكن بسعادة وذكريات لا تُنسى أبدًا....



تركت جهاد الولد مع سلامة، ثم أخذت تخلع حجابها وتمسح ما تبقى من مساحيق التجميل التي وضعتها لها "سامية" صباحًا بعدما انتهت من شقيقتها...



كانت لمساتها متقنة، حتى إن جهاد شعرت أنها في ذلك اليوم أجمل مما كانت في يوم زفافها.....



أخذت حمام ساخن وجسدها كله يعلن عن الألم الواضح النابع من التجهيزات التي كانت تمر بها اليوم وطوال الفترة الماضية؛ ولادتها أولا وبعدها محاولتها أن تكون بجوار شقيقتها في التجهيزات الأخيرة...



بعدما انتهت أخذت الولد من سلامة ثم ذهب هو ليغير ملابسه ويأخذ حمامه هو الأخر...



ورغم أن كليهما تناول الطعام في الحفل، إلا أن الجوع باغتهما من جديد...



أعدّ سلامة شطائر من الجبن واللحوم الباردة، تناولاها معًا، ثم حاولت جهاد تهدئة الصغير لينام، لكن محاولاتها جميعها باءت بالفشل......



قامت بإرضاعه، وحتى غيرت حفاضته وقامت بتغيير ملابسه، فعلت كل شيء لكنه لا ينام..


ليس هذا فحسب بل بدأ بالبكاء...



أخذت تبكي هي الأخرى حينما شعرت بالفشل...



اقترب منها سلامة بهدوء، ثم أخذ الطفل من بين يديها وهتف مستنكرًا:



- الواد بيعيط، شوية هيسكت، لكن أنتِ بتعيطي ليه؟؟.



مسحت جهاد دموعها سريعًا وهي تبرر:



-علشان هو بيعيط، أنا مش بعرف أسكته أغلب الوقت، سلمى بتعرف...



رد عليها سلامة بعفوية صادمة بالنسبة إلى جهاد وكانت ملامحه لا تمزح:



-خلاص سلمى مش بعيدة، بالعكس هي في الشقة اللي قصادنا تعالي نوديهولها تهديه شوية..



انفجرت جهاد ضاحكة بين دموعها، بينما هو يرمقها بدهشة حقيقية، وتمتم بغباء وعدم تركيز:



-يعني أنتِ بتعيطي وفي ثانية وبتضحكي؟ أنتِ مجنونة طيب ولا إيه قصتك؟ قولت إيه يضحك أنا..



اندهشت جهاد من انفعاله!!


إذا لم تكن تلك مزحة، ماذا سوف تكون إذن؟!!



تمتمت جهاد ساخرة وهي تنظر له بذهول:



-سلامة!!، أنتَ عايزني اروح أقول لسلمى اللي النهاردة فرحها هي ونضال، اروح أخبط عليها واقولها لو سمحتي سكتي ابني...



أسترسلت حديثها بنبرة واضحة:



-أحنا لسه راجعين من الفرح وسايبنهم في شقتهم...



تمتم سلامة بضيق وهو يهز رأسه:



-يعني هما حبكوا يتجوزوا النهاردة؟؟ طب نعمل إيه؟...



قالت جهاد بحزمٍ وهي تحاول السيطرة على أعصابها:



-ما احنا لازم نحاول نسكته يعني، انتَ ابوه وأنا امه، لازم نتعود نتحمل المسوؤلية...



قال سلامة بنبرة شبة ناعسة:



-مينفعش اتحملها بكرا؟ أنا هموت وأنام وعندي شغل الصبح معرفتش أخد اجازة النهاردة وبكرا، هو كان يوم واحد وقولت أخليه النهاردة...



تنهدت جهاد ثم أخذت الصغير من ذراعيه وقالت وهي تحاول أن تبدو قوية:



-طيب روح نام، وأنا هتصرف، هتصل أسال طنط انتصار إيه ممكن اعمله وإيه اللي ممكن يخليه يعيط كده؟!، وممكن أديله دش لو هدي علشان ينام بعدها..



قال سلامة بشكٍ:



-متأكدة أنك هتعرفي تتصرفي؟؟



-ايوة، ادخل نام وأقفل الباب عليك وأنا هتصرف لو احتست أوي هصحيك...



-ماشي صحيني علطول أنا نومي خفيف



ترك سلامة قُبلة على رأسها، ثم غادر يحاول الخلود إلى النوم...



قهقهت جهاد ساخرة ثم نظرت إلى الصبي الذي توقف عن البكاء لمدة ثواني قائلة:



-قال نومه خفيف قال..



-سامعك..


جاءها صوته من الداخل...



أردفت جهاد بنبرة جادة:



-كنت بقول تصبح على خير يا سلامة..



_____________



لقد انتظر هذا اليوم طويلًا...



صدقًا شعر بأن هذا اليوم لن يأتِ وأن حفل زفافه لن يراه إلا في أحلامه...


وأن سلمى ستظل بعيدة عنه مهما اقتربت.....



مر الكثير عليه هو وسلمى!!


مرت اختبارات كثيرة لعلاقتهما..


وظروف صعبة وأهمها وفاة والدتها...



لم يكن يظن بأنه يومًا سوف يدخل علاقة ويمر بهذه التحديات، سلمى أمرأة بها صفات كثيرة لا يفضلها في الانثى، لكنه أحبها فيها هي فقط....



اليوم عيناه لم ترى غيرها..


كانت جميلة جدًا في عينه كالمعتاد...



كان وجود خالها بمثابة دفء حقيقي.... 


حضر رغم مرض زوجته، ليسلم ابنة شقيقته بنفسه، ويؤكد أنه لم ينس يومًا مسؤوليته عنهما...



سلمى وجهاد بمنزلة ابنتيه..


لم ينساهما يومًا، كان بعيدًا أغلب الوقت، لكنه كان يتحمل المسؤولية ويعاون شقيقته ويحدثهما باستمرار وينفق عليهما بما استطاع....



حضر والد سلمى بعدما وجهت له الدعوة، لكنه حضر كأنه شخص غريبًا، لم يكن له مكان، كانت لوحة جميلة ومثالية لم يكن له مكان فيها رغم حضوره...



لم يفعل أي شيء حتى يستحق أن يشعر نفسه مهمًا في يومٍ هكذا، رغم أن زهران رحب به، وصافح جهاد واحتضنها ورأى صغيرها، وسلم على سلمى ونضال، لكن بالرغم من هذا كله، كانت عواقب أفعاله تمر أمام عيناه جعلته يشعر بالضيق والذنب...



ويفكر هل كان الأمر يستحق؟؟


هل كان هناك أي شيء يستحق ألا يكن رجلًا ويهتم بزوجته وابنتيه؟؟..



اليوم كان بمثابة صحوة ولعله يستطيع أن يفعل شيئًا....


لأنه فات الأوان كما يظن...



عادت سلمى برفقة زوجها إلى عش الزوجية..



أخذ يساعدها في تبديل فستانها الضخم وخلع خمارها الأبيض المثبت بالكثير من الدبابيس....



بعدها أخذت حمام دافئ وارتدت إسدال الصلاة بعدما ارتدت منامة حريرية بيضاء كانت اشترتها شقيقتها من أجل تلك الليلة.....



كانت خير البداية لهما في شقتهما تلك هي الصلاة..



بعدها قرأ الدعاء....



"اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه"



جلس بجوارها على الأريكة في النهاية ومازالت سجادة الصلاة موضوعة أرضًا في أحدى الجوانب...



جلست هي الأخرى بين ذراعيه، كأنها وجدت الوطن الذي لم تبحث عنه يومًا لأنها  فاقدة الأمل لكنه هو من وجدها....



حمدت ربها كثيرًا..


أنه رزقها رجلًا مثل نضال..



قطع نضال اللحظة بابتسامة مرحة:



-حاسس أننا المفروض نصلي ركعتين كمان شكر...



رفعت سلمى رأسها من على صدره ثم نظرت إليه بتعجب متحدثة:



-مش فاهمة..



وضح لها نضال الأمر بنبرة شبة جادة؛ والبسمة لا تفارق ثغره:



-يعني ركعتين شكر أننا عيشنا وشوفنا اليوم اللي دخلنا فيه الشقة وسيبنا السلم، ده يوم المفروض يُخلد في التاريخ بجد، مينفعش يعدي عادي....



ضحكت سلمى وهي تنظر إليه، فتأمل هو ضحكتها؛ لا يدري لما يختارها العبوس في بعض الأحيان أم أنها هي تختاره، لا يدري من الجاني!!



لكنه يدرك شيء واحد فقط هو أن الضحك يليق بها...



وضع نضال يده على وجهها يمرر أصابعه عليه، برقة أذابتها، وأفسدت سحر اللحظة بسبب شعورها بالجوع والارتباك:



-أنا جعانة....



ضحك وهو يقربها منه:



-وأنا كمان بس سبيني أقول حاجات عايز أقولها مش قولتلك لما أقابلك عندي كلام تاني كلام من اللي هتسرح فيه..



أسترسل حديثه بعدما توقف عن الغناء:



-أنا بحبك يا سلمى ومبسوط أننا خلاص بقينا مع بعض، وبدأنا النهاردة حياتنا بعد حاجات كتيرة أوي عدينا بيها..



"داخل شقة سلامة وجهاد"



دخلت جهاد حجرة النوم، وضعت يدها على كتف سلامة الغارق في النوم، بينما باليد الأخرى 



-سلامة، قوم، سلامة اصحي بقا، عمال تقولي نومي خفيف نومي خفيف....بقالي ساعة بقولك قوم..



تحدث سلامة قبل أن يفتح عينه:



-في إيه يا جهاد؟ بتعيطي أنتِ والواد تاني يعني ولا إيه؟؟..



تمتمت جهاد ساخرة:



-قوم ولا بنعيط ولا زفت سكتنا أنا وهو، طنط انتصار كلمتها علشان كنت اسألها عن زاهر..



فتح سلامة عينه ببطئ مقاطعًا حديثها:



-وإيه المشكلة؟ بتصحيني علشان كلمتيها يعني؟؟ ما انتِ قولتيلي يا حبيبتي قبل ما أنام...



هدرت جهاد تحاول أن توضح له ما يحدث:



-سلامة فوق وركز معايا، سامية تعبانة جدًا، من الصبح وأنا وسلمى حاسين أنها تعبانة من لما كنا بنجهز في الفندق وهي كانت مصممة أن مفيش حاجة، طنط انتصار بتقولي أنها تعبانة جدًا، ولازم سامية تروح المستشفى وأنا مش عارفة عم زهران فين بنتصل بيه مش بيرد، أنا خايفة تكون ولادة مبكرة...



فتح سلامة عينه على أخرها مغمغمًا وهو يعتدل ويجلس:



-ولادة إيه، هي في الشهر الكام أصلا؟؟.



هتفت جهاد بارتباك شديد:



-في السابع، معرفش يا سلامة غير أنك قوم اغسل وشك وتنزل حالا وتوصلهم المستشفى وأنا هحاول اوصل لعم زهران وأخليه يجي ونحصلكم، بس انزل بسرعة الله يخليك......



-أنتِ بتاعت أفلام الولادة في السابع، لما كنتي تحسي بأي حاجة وأنتِ في السابع كنتي تقولي هولد وتندبي، ان شاء الله مفيش حاجة...



أنهى حديثه ثم نهض فورًا من الفراش حتى يغسل وجهه ويهبط إلى شقة عمه..



________



في المقهى الذي يتواجد في شارع خطاب..


كان يجلس زهران مع صديق عمره..



الأرجيلة بين يديه وصديقه يتناول القهوة..



أردف زهران يقص إلى صديقه همومه ومشاعره:



-والله يا جبورة أنا كنت فاكر أن بعد ما حب عمري اتوفت ربنا يرحمها، قلبي مش هيتفتح لحد، بس نعمل إيه؟ ده اللي حصل، الإنسان طول ما هو عايش لازم يحب..



ارتشف جابر رشفة من القهوة مغمغمًا بجدية:



-مين دي يا زهورة اللي حركت قلبك ومشاعرك ومقعدني لغايت دلوقتي معاك علشانها؟..



-انتصار...



تمتم جابر بعدم استيعاب:



-انتصار مين؟؟؟..



-أرملة اخويا ربنا يرحمه، سيبني اقولك اللي حصل في الفرح وأنا قاعد مستنيك...



......قبل ساعات.......



بعدما انتهت الزفة كان زهران تنحى جانبًا جلس في أحدى الطاولات البعيدة وأخذ يبكي، لا يصدق بأنه رأى ابنه أخيرًا ببدلة العرس، اليوم حفل  زفاف ابنه البكري، لقد تزوج الاثنان يتبقى فقط وفاء، التي ذهبت إلى المرحاض الآن وتركته لأنه لم يكن يبكي وقتها، فذهبت لتعدل هيئتها بعد خضوعها إلى جلسة تصوير مع العائلة.......



يضع زهران الهاتف على أذنيه ويتحدث بانفعال وهو يحاول أن يتوقف عن البكاء:



-فينك يا صاحب عمري، فينك يا عيوطه، اتأخرت ليه كده؟ ما أنا كنت بواسيك لما كنت بتعيط ودلوقتي أنتَ مش موجود..



سمع شيئًا من جابر عبر الهاتف فقال بعدها:



-خلاص ماشي على مهلك، أنا كويس وشوية وهقوم ارقص عقبال ما تيجي، يلا سلام...



انتهت المكالمة بهذا الشكل، وأخذ زهران يمسح دموعه لكن الدموع تغلبه، مشاعر كثيرة لا يستطع وصفها في تلك اللحظة.......



جاءت انتصار حينما أخذ نضال يسألها أين اختفى والده مرة واحدة؟!



فأخبرته أن يجلس على المنصة وهي سوف تبحث عنه وتأتي به..



وجدت زهران يبكي فوقفت بجواره متمتمة:



-بتعيط يا زهران؟ اومال هتعمل إيه في فرح وفاء ان شاء الله..



مسح زهران دموعه سريعًا ثم أنكر الأمر ببساطة قبل أن ينظر لها:



-لا مش بعيط، هعيط ليه يعني؟؟ ده هيكون ساكن فوقي يوم ما يوحشني هاخد كريمة واطلع أطب عليه..



ضحكت انتصار على حديثه، تذمره الغريب، و إنكاره الغير طبيعي....



رفع زهران بصره لها ثم نظر لها مرة واحدة تلك المرة كانت نظرته مختلفة فشعرت هي بعدم الفهم، وسألته تحديدًا حينما وجدته ينهض من مكانه:



-في حاجة يا زهران ولا إيه؟.



سمعت شيء غريب جدًا منه للمرة الأولى بعد تلك السنوات حتى أنها ظنت بأنه يمزح رُبما:



-هو ازاي السنين دي كلها مفكرتش اتجوزك؟!، يعني كنت بدور على حب عمري برا وهي قدامي السنين دي كلها...



هدرت انتصار ساخرة:



-لا واضح أن عقلك خف على الآخر يا زهران وبقيت بتخرف، يلا عمومًا أنا جاية اقولك أن ابنك عايزك روحله....



أنهت حديثها ورحلت فسار خطوتين بعدها:



-استني يا حب عمري نتفاهم...



جاءت وفاء في تلك اللحظة وقاطعت طريقه:



-في حاجة ولا إيه يا بابا؟!..



.........عودة إلى الوقت الحاضر.........



انتهى زهران من سرد ما حدث ممل جعل جابر يعقب:



-والله يا صاحب عمري أنا من ساعة ما عرفتك، كنت عايز أسالك سؤال..



-إيه هو يا صاحب عمري؟..



ضحك جابر ثم أخبره بجدية:



-يعني في جوازاتك السابعة مفيش ولا مرة فكرت تتجوزها مع أنها في وشك، يعني لما حكيت ليا عن عيلتك مفهمتش متجوزتهاش ليه؟!، مع ان اخوك الله يرحمه اتوفى من بدري أوي وأنتَ راجل مزواج يعني يا صاحب عمري وكل شوية بتفكر تتجوز مفكرتش فيها ليه؟؟.



حاول زهران أن يفكر في السنوات الماضية ويفكر لما بالفعل لم تخطر على عقله أو رُبما خطرت وهو استبعد الفكرة..



علق على حديث صديقه بوضوح:



-يعني أول سبب مكنتش حابب الفكرة أو بعيدة لدرجة أنها مكنتش بتيجي على بالي، وكمان انتصار عمرها ما كنت ست عايزة تتجوز تاني، حتى أخوها كان بيجيب ليها عرسان كتير وكان كل مرة بخلصهم من بعض في الخناقة بسبب موضوع الجواز ده...



أسترسل حديثه بجدية:



-هي كانت عايزة تربي بنتها وبس حتى هي فضلت سنين بعد موت اخويا لابسة الاسود وأساسا من فترة قريبة بدأت تلون....



تمتم جابر بنبرة جادة وهو يحاول شرح الوضع لنفسه قبل أن يكون لزهران:



- بس أنتَ مش غريب المفروض تدخلك على حفيدها وبنتها وهي مطمنة، هي أصلا هتلاقي زيك فين يا صاحب عمري؟!، أنا لو منك ألم شمل العيلة كله واتجوزها وتقنعها، واوعى تضيع منك حب عمرك زي المرة اللي فاتت..



جاء الصبي الذي يعمل في المقهى وهو يحمل هاتف زهران...



-معلم زهران، موبايلك صامت وعمال يرن، لسه واخد بالي لما كنت بشوفه ليك شحن ولا لا....



أخذ زهران الهاتف منه ليجد جهاد لا تتوقف عن الاتصال فأجاب عليها:



-ايوة يا جهاد، في إيه؟؟..



سمع شيئًا منها ثم أردف:



-بتقولي إيه؟؟..



___________



"عودة مرة أخرى إلى شقة سلمى ونضال".



تناولت الطعام معه، وبعدها استقرت في أحضانه مرة أخرى بعدما خلعت إسدالها، كانت لا ترغب في أي شيء في تلك اللحظة سوى أن تكون معه فقط......


رغم الإرهاق واليوم الطويل تلك اللحظة لا تقارن....



-مبسوط؟؟



تمتم نضال بنبرة مرحة:



-أنا مبسوط والله سألتي السؤال ده مليون مرة، أنا بس نفسي نبطل رغي ونركز، احنا رغينا والبيت كله اتفرج علينا على السلم الشهور اللي فاتت..



حاوط خصرها فرفعت رأسها ناظرة إليه بانزعاج:



-يعني اخرس؟!..



ضحك نضال رغمًا عنه متمتمًا:



-يعني مش بالمعنى الحرفي، مش يا كده يا كده..



ثم رفع يديها ووضعها حول عنقه وحاوط خصرها مجددًا، أقترب منها حتى لامست أنفها أنفه وتخالطت أنفاسهما وتعالى نبض قلوبهما....



غمغمت سلمى بنبرة هامسة:



-أنتَ بتحبني صح؟.



ترك قُبلة على أنفها وبصوت متقطع قال:



-لا بكدب عليكي، ووصلنا لغايت هنا النهاردة علشان أنا كداب...



ضحكت هي الأخرى، قبل أن تتوقف فجأة، حاجبة ضحكتها بدهشة:



-نضال في صوت غريب...



لم يهتم بشيء سوى بسحر اللحظة الذي انتظرها طويلًا أن تكون بين يديه وفي بيته أخيرًا، فأردف بعدم اكتراث:



-صوت إيه بس؟ متهايقلك، سيبك...



ابتعدت عنه سلمى قائلة وأصغت أكثر فهي لا تتوهم:



-في حد بيصوت وصوت دوشة، أنتَ مش سامع ولا إيه؟!.



-هيكون مين اللي بيصوت يعني يا سلمى؟!..



توقف هو الآخر، شد انتباهه الصوت الذي بدأ يخترق صمتهما...



فنهض متجهمًا، نهضت خلفه وهي تسحب إسدالها الموضوع على المقعد وخلعته منذ قليل، بينما الخارج ينذر بأن ليلة العمر لن تمضي هادئة كما تمنّيا.....



___________



صاحت سامية والدموع في عينيها، تنقبض البشرة حول فمها من شدة الألم.



-مش قادرة يا ماما، وجع مش طبيعي، خايفة يكون حصل حاجة..........



كانت انتصار تمسك ذراعها بيدٍ ترتعش من الخوف والقلق، وسلامة واقف من الجانب الآخر، لا يعرف....



كانت محاولة انتصار بائسة وغير مُقنعة، لكنها تعلم في كرارة نفسها أن الوضع قد يكون خطيرًا..



-متقلقيش ان شاء الله مفيش حاجة وحشة.



كانت جهاد تحمل ابنها وتقف على أول درجات السلم، غير قادرة على فعل أكثر من ذلك...



أردف سلامة بنبرة متوترة:



-أنا رايح أجيب العربية وجاي حالا...



ظهر زهران فجأة ثم أعطى المفتاح بيدٍ ثابتة لابنه لكنه وجه كلامه بحزم:



-العربية بتاعتي قدام البيت يلا انزلوا، خد المفتاح وأنا هجيب عربيتك واجي وراكم روحوا المستشفى اللي في *****..



ثم نظر ناحية سامية يحاول طمأنتها:



-متقلقيش يا حبيبتي ان شاء الله مفيش حاجة...



نزل نضال مسرعًا وخلفه سلمى التي هتفت بقلق:



-في إيه؟؟..



ساعدت انتصار ابنتها هي وسلامة في السير بعدما أعطى مفاتيح سيارته إلى والده...



تمتم زهران محتويًا الموقف:



-سامية تعبانة شوية وهنروح المستشفى..



-هنيجي معاكم نطمن عليه..



خرجت تلك الكلمات من فم سلمى وهنا عقب زهران بجدية:



-لا طبعًا تروحوا فين أنتم؟؟؟ مينفعش، ومفيش حاجة، احنا هنطمنكم بالتليفون، خد مراتك يا نضال واطلع يلا...



بعد مرور نصف ساعة..


غادر الجميع، في البداية سلامة وزوجة عمه وسامية؛ وبعدها جهاد، ووفاء التي خرجت من شقتها ثم رحلت مع زهران في سيارة سلامة برفقتهما بعدما استيقظت من النوم حينما اتصل بها أبيها....



عاد نضال إلى الشقة مع سلمى ثم أغلق الباب خلفهما...



-والله أنا بقيت بقلق كل ما تقرب مني، يا حد يجي يا يحصل كارثة..



ردّ نضال بصوتٍ أقل اتزانًا مما اعتاد:



-وأنا كمان بقيت مقلق والله، في حاجة مش طبيعية، في حاجة غريبة، احنا عملنا حاجة وحشة في حد طيب؟؟..



سارت سلمى نحو الغرفة بخفة في الرواق:



-صح معاك حق علشان كده بقا خليك بعيد عني أحسن..



دخلت إلى الحجرة ثم أغلقت الباب مرة واحدة مما جعله يركض هاتفًا وهو يضغط على المقبض لكنها أغلقته من الداخل:



-افتحي، ده وقت كويس، البيت فضي ومعتقدش هيجي يعملوا كبسة علينا احنا مش على السلم في النهاية.....



جاءه صوتها من الداخل:



-أنا قلقانة دلوقتي على سامية واسكت لو سمحت..



- افتحي الباب بدل ما اكسره واعتقد باب اوضة النوم هين عن باب الشقة بكتير، افتحي يلا يا حبيبتي...



بعد مرور دقائق تقريبًا فتحت "سلمى" الباب حينما شعرت بأنه على وشك كسره بالفعل، ويفعلها!!



هي جربته مرة ولن ترغب في المغامرة مرة أخرى...



هنا التقت عيناه بعينيها، لحظة صامتة لكنها محمّلة بكل ما مرّا به....



كل قلقها، كل توتره، كل ما حدث في الأسفل من صخب وأحداث مربكًا صار بعيدًا...



ابتسم بخفة وهو يقترب منها، وكأن ابتسامته تُعلن بداية جديدة، لقد فتحت له الباب، ليس فقط باب الغرفة فقط!!



بل باب البداية الحقيقية التي طال انتظارها...........


الليلة، رغم كل ما يحدث حولهما، لن يتذكرا شيئًا سوى أنهما أخيرًا معًا…...



اليوم يوم فرحهما، واليوم وحده يكفي ليمحو أي توتر، وأي خوف لقد توقف العقل عن العمل ولو قليلًا، ومشاعرهما تريد التحرر والانطلاق ولهما كل الحق حتى ولو احترق العالم، لقد انتهى وقت التعقل والصبر....



_______يتبع_______



لو وصلتم لهنا...



دمتم بألف خير ونتقابل في فصل جديد ان شاء الله..



في الغالب أخر فصل في الجزء الأول..


هو فصل الأسبوع الجاي..



متنسوش الفوت والكومنت وارفعوا ريتش الرواية🩷🩷


يتبع 



بداية الروايه من هنا



❤️💙🌹🌺❤️💙🌹🌺❤️💙🌹🌺

الروايات الكامله من هنا 👇 👇




رواية سيطره ناعمه كامله من هنا



روايه منعطف خطر كامله من هنا



رواية خيانة الوعد كامله من هنا



رواية نار الحب كامله من هنا



رواية الطفله والوحش كامله من هنا


رواية منعطف خطر كامله من هنا


رواية فلانتيمو كامله من هنا


رواية جحيم الغيره كامله من هنا



رواية مابين الضلوع كامله من هنا


رواية سيطرة ناعمه كامله من هنا


رواية يتيمه في قبضة صعيدي كامله من هنا



الروايات الكامله والحصريه بدون لينكات من هنا


إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇 


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺


الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا


جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا


انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺







تعليقات

التنقل السريع
    close