القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية وبقي منها حطام انثي الفصل الحادي عشر والثاني عشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية وبقي منها حطام انثي الفصل الحادي عشر والثاني عشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


رواية وبقي منها حطام انثي الفصل الحادي عشر والثاني عشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


الفصل الحادي عشر

_ كان ممتعضاً عابس الوجه ومكفهر الملامح ، تلك التقاسيم التي كانت سابقاً تنعم بالحيوية والنشاط والمرح .. أختفى كل ذلك الآن عقب هذه الأيام العصيبة التي مر بها ، حيث وقف أمام المرآة الصغيرة المعلقة على الحائط وأخذ يغلق أزرار قميصه وهو مثبتاً بصره على الفراغ .. ثم أنتبه مؤخراً عندما أستمع لصوت هاتفه وقد ذاع رنينه ، فأنحنى برأسه قليلاً ليتبين من المتصل حتى علم أنه صديقه .. فألتقط الهاتف وقام بالضغط عليه لينطق بنبرة يختلجها الضيق


مالك : أيوة ياعبدالله، لأ لسه منزلتش .. متقلقش مش هتأخر عليكوا ، يدوب أخلص اللي ورايا وهاجي على المكتب .. مفيش حاجة أنا كويس


_ في هذه اللحظة ، طرقت ميسرة باب حجرته ودلفت وعلى مبسمها بسمة عذبة ، فبادلها مالك بالأبتسامة المزيفة ثم نطق ب...


مالك : هقفل معاك وأكلمك تاني .. سلام

ميسرة وهي تتقدم حياله وبلهجة استفسارية : انت نازل ياحبيبي؟

مالك وهو يهز رأسه إيجاباً : أيوة ياعمتو ، رايح البنك أصرف مرتبات الموظفين وهطلع بعد كدة على المكتب عشان أستاذ فايق عايزني

ميسرة بنبرة مترددة : طب .. مش هتتغدي معانا النهاردة ولا أي؟

مالك وقد إستشف ما يختبئ خلف لسانها : عايزة تقولي ايه ياعمتو وماسكة لسانك عنه؟

ميسرة وهي تطلق زفيراً محتقناً : فيك ايه يامالك؟! ليه مش عايز تطمني وتقولي


_ أستدار مالك ليوليها ظهره ثم تصنع العبث في أشيائه ليتفادى مواجهة الوجه لهذه التي قامت بتربيته وتنشئته وهي أعلم الناس بحاله .. ثم هتف بإيجاز ملحوظ....


مالك : مفيش ياحبيبتي ، متقلقيش عليا لو في حاجة هقولك


_ أمسك بحقيبة قماشية سوداء اللون ثم وضع بها حاسوبه الشخصي الصغير وقام بوضعها محل كتفه ثم أنطلق للخارج ليجد شقيقته المشاغبة الصغيرة، فنظرت له بتلهف ممزوج بالحزن وأردفت ب.....


روان : مالك .. هي إيثار كويسة؟!

مالك : .......


_ نظر لحدقتيها وقد ظهر بعينيه العجز ثم هز وأسه بالسلب لتفهم هي الإجابة ثم تركها دون أن يتفوه حرفاً وخرج ليهبط الدرج فأصطدم برؤية '' عمرو '' وهو يدلف عبر بوابة العقار ومعه شخصاً غريب الأطوار لم يره من قبل .. في حين بدى له إهتمام عمرو الشديد بذلك الضيف وإبتسامته الواسعة التي غزت وجهه حتي رأه الأخير فتبدلت تقاسيمه ورمقه بنظرات مهينة وهو يردد وكأنه يلثن بالكلام ...


عمرو : نورت يامحسن أتفضل ، بيتك ومطرحك وكفاية أنك راجل واجب وابن أصول

محسن بعدم أهتمام : دي أقل حاجة ياعمرو ، المهم الست أم عمرو تقوملنا بالسلامة


_ نظر مالك للطريق أمامه في محاولة منه لعدم الأكتراث ثم عبر البهو الخاص بالبناية بسرعة ليكون خارجها بلمح البصر .


_ كانت إيثار بداخل حجرتها تجلس منكبة على مكتبها الصغير وتجاهد لكي تتحصل على قدر كبير من المعرفة والمعلومات والدراسة حتي تتمكن من خوض الأمتحانات بتحدٍ سافر لنفسها وللآخرين من حولها .. ولكن من الحين والآخر كانت تشرد وتذهب لعالماً آخر غير عالمها وواقعها الذي لا يروق لها ، تبتسم حيناً ويختنق صدرها حيناً آخر .. حتي تفاجئت بأخيها يقتحم عليها حجرتها دون أستئذان فرمقته بحنق ثم صبت بصرها في المراجع المتكدسة أمامها بينما بادر هو قائلاً بحزم..


عمرو : قومي أعملي اي حاجة بدل القعدة اللي ملهاش لزوم دي

إيثار بلهجة مضجرة : أنا بذاكر مش بدلع ، انت عارف ان عندي امتحانات الأسبوع ده

عمرو ساخراً منها : وانتي ماشاءالله مركزة اوي ، قومي اعملي شاي ولا اي حاجة لمحسن صاحبي عشان جه يطمن على ماما

إيثار وهي تلقي بالقلم الحبري على سطح المكتب بإنفعال : والله مش مسؤليتي ، صاحبك تضايفه بنفسك انا ماليش علاقة بالموضوع ده


_ أطل عمرو برأسه للخارج ليرى ما أن كان صديقه مازال بنفس المكان أم لا ، ثم أقترب منها ليردد بخفوت غاضب


عمرو : ماشي يا إيثار ، خليكي فاكراها

إيثار بنبره أشبه للهمس : مبنساش ، ويا ريتني بنسي


_ قام عمرو بنفسه بإعداد أكواب العصير الطازج للضيف كما حضرت '' تحية '' لكي تشكر محسن على مجيئه إليها .. لمح محسن ظل الأم من بعيد فظن أنها إيثار .. تأهب لرؤيتها وإرتسم شبح البسمة علي ثغره إلا أنه أختفى فجأة عندما علم بأنها الأم وليست الأبنة ، لاحظ عمرو إمتعاض وجه صديقه فجأة فتسائل عن سبب ذلك و...


عمرو : مالك يامحسن! ؟ في حاجة ضايقتك ولا إي؟

محسن وهو يكبح غيظه : لا ياعمرو سلامتك ، عايز شوية ميا بس أبل بيهم ريقي


_ تقدمت تحية حياله بخطى بطيئة ثم هتفت بنبرة رخيمة


تحية : اهلا وسهلاً يابني ، شرفتنا

محسن وهو ينهض عن مكانه : الشرف ليا ياحجة ، الف سلامةعليكي

تحية بلهجة راضية : الله يسلمك من كل سوء ، أتفضل أستريح

محسن مشيراً لها للمقعد المقابل لها : ميصحش ياحجة ، أتفضلي أنتي الأول

تحية : تسلم


_ جلست تحية قبالته في حين جلس هو يفرك أصابعه بتوتر جلي .. وظل ينظر من الحين للآخر للرواق المؤدي لحجرات المنزل ولكن دون جدوى ، فلم تظهر له أبدأ


........................................................


_ قام مالك بتنفيذ المهام التي وُكلت إليه على الوجه الأكمل ، حيث أنه لم يترك الفرصة لحزنه وهمومه أن تكون هي المنتصرة وتصرفه عن تحقيق الذات التي يحلم بها وبناء الكيان المنفرد الذي عاهد نفسه على بناءه .. وعقب أن أنتهى من عمله بأحد البنوك لصرف مستحقات الموظفين توجه صوب مكتب المحاسبة الذي يعمل به كمتدرب لمقابلة رئيسه والمشرف على تدريبه '' فايق ''

وعندما علم فايق بإنجاز '' مالك '' لمهمته بوقت وجيز وعدم أحتياجه لعدة موظفين للقيام بذلك.. أنشرح صدره وزاد تعلقه به .. هو يمثل مصدر موثوق وجدير بالثقة بالنسبة إليه حتى إنه بدأ يشعر بالعجز بدونه .. أثنى فايق كثيراً على مجهوده بالفترة الأخيرة و...


مالك وقد أتسعت حدقتيه : مكافأة !! حضرتك صرفتلي انا مكافأة؟!

فايق وهو يتقدم نحوه ، ثم يضرب على صدره بخفه : تستحقها يامالك ، وطبعاً أتمني متفضلش في مستواك ولا تقل عنه.. انا عايزك تكبر أكتر وأكتر

مالك ببسمة عذبة : يارب أكون عند حسن ظن حضرتك

فايق : انت عارف من غير ماأنا اقولك انك معايا لما تخلص وساعتها مش هتكون مجرد متدرب ، لأ انت هتكون عمود المكتب

مالك وهو يهز رأسه بعدم أعتراض : ان شاء الله يافندم.. أكيد يشرفني الشغل مع شخصية زي حضرتك


_ وبالرغم من إطراء رئيسه بالعمل عليه حيث أنه لا يتفانى في عمله .. إلا أنه لم يشعر بالفرحة بل شعر بالنقص .. هناك شيئا ناقصاً يعلمه جيداً.. فجوة بداخله يجاهد لسدها ، ومع ذلك فهو يحتاج لعمله لإثبات مدى جدارته وقدرته على تحمل المسؤلية


................................................................


_ مر العديد من الأيام المشحونة والمملؤة بالكبت ، حيث كانت جهود الأثنين '' مالك، إيثار '' تنصب على الأستذكار .. وبالرغم من عدم نسيان أي منهم للآخر إلا أن هدفهم هو أثبات ذاتهم ، وبأول أمتحان لإيثار أصر شقيقها الأكبر على أصطحابها بنفسه إلى حيث مقر الجامعة كما شدد عليها أنه سينتظرها بالخارج ولن يتهاون معها في حالة تأخيرها عن الحضور إليه .. فقد حاول كثيراً عبور بوابات الجامعة ولكن رفض الأمن بشدة فأضطر للأنتظار خارجاً...

_ بينما ولجت إيثار للداخل ومرت بطريقها على مبنى كلية التجارة وأدارة الأعمال فنظرت للمبني بيأس ثم أطرقت رأسها وأستةملت طريقها صوب المدرجات الخاصة بالأمتحانات ، وعلى حين غره تفاجئت بظهور مالك أمامها ليسد عنها الطريق .. وبعينيه لمعة تعرفها جيداً ، لنعة مشتاقة متلهفة لرؤيتها ، كان الظمأ للنظر إليها ينهش بأغواره گالحيوان المفترس وهاهي أمامه الآن ليروي ذلك الظمأ .. توقفت عقارب الساعة وتعطل الزمن من حولهم عدة لحظات وهم يتعمقون بالنظر لبعضهم البعض ، حتى أُفيقت إيثار على مشهد ضرب أبيها وهمجية أخيها عليها فهزت رأسها بعنف وكأنه الكابوس .. ثم رددت ب....


إيثار : عن أذنك عندي امتحان

مالك بلهجة معاتبة يغزوها الحنو : مكنتيش بتيجي ليه؟

إيثار مجاهدة لتمالك فيضان المشاعر التي بدأت في تبدو عليها : اا... م مكنتش فاضية ، قصدي كنت بذاكر

مالك وهو يزفر بضيق : مبتعرفيش تكدبي ، أكيد هما اللي كانوا منعينك صح !؟

إيثار وهي تتحاشى النظر إليه : ..........

مالك وقد شعر بالندم لما تسبب به إليها : انا أسف ، والله ما كان قصدي يحصلك إي حاجة ولا كنت أعرف أنهم ممكن يتعاملو مع كائن زيك بالشكل ده

إيثار وقد شعرت بالشفقة على حالها : مالك ، انا عندي أمتحان وو و......


_ أمسك مالك كفها وكأنه يحتضن أصابعها بين يديه ثم هتف بنبرة عميقة صادقة وكأن قلبه خرج من ضلوعه ليتحدث نيابة عنه و.........


مالك : أوعدك اني هعمل المستحيل عشان أصلح اللي حصل وانا قد كلمتي .. وقريب مش هنقف الوقفة دي وأحنا باصين على عيون الناس اللي مبترحمش ولسانهم اللي مبيسكتش ، هقف بيكي قدامهم وأنا بقول أن دي اللي ربنا عوضني بيها وبعتهالي هدية


_ استشعرت الأمان على أثر كلماته وإزداد تأملها في الحياة الوردية التي ستبنيها معه، فإبتسمت بهدوء ثم سحبت كفها وهي تردد ...


إيثار : عن أذنك بقى

مالك : خلي بالك من نفسك وركزي في الأمتحان

إيثار وهي تومئ رأسها بحركة خفيفة : حاضر


'' ياالله ، أنت الأقدر والأعلم ، وعلى تبديل الظروف وحدك تقدر وتعلم ''


....................................................................


_ بعد مرور أسبوعين كاملين ، أنهمك فيهما بطلانا للتخلص من عبئ هذه السنة الدراسية.. كان أخر أمتحان تخوضه إيثار وقد شعرت بالراحة أثناء عودتها للمنزل ، وبينما هي في طريقها لعبور البوابة الخاصة بصحبة أخيها بالعقار تفاجئت بهبوط سارة للدرج ثم رمقتها بنظرات شامتة والسعادة تتقافذ من عينيها .. فبادرتها بلهجة ساخرة


سارة : ازيكوا عاملين إي

إيثار بجمود : الحمد لله

عمرو بإيجاز : كويسين ، انتوا عاملين إي وعمي عامل اي

سارة وهي تنظر لإيثار بمغزي : الحمدلله كلهم بخير ، إلا قوليلي ياإيثار .. انتي ليه مبقتيش تنزلي غير مع عمرو ، في حاجة لاقدر الله وأنا معرفش!


_ علقت الكلمات بفمها ولم تقوى على التفوه ، في حين شعر عمرو بما أصاب شقيقته فقرر تدارك الموقف لأخراجها من هذا الذي تتعمده إبنة عمهم ولا يعلم له تسمية و...


عمرو بلهجة حازمة : المواصلات بقت زي الزفت ياسارة ، وإيثار بتضايق من الزحمة عشان كده طلبت مني أوصلها وأجيبها .. انا عارف انك واخده على الزحمة والناس الكتير عشان كده مش هتفهمي كلامي ، انما إيثار غيرك


_ أشار عمرو لشقيقته التي عادت الحيوية لملامحها لكي تتقدم هي الدرج في حين وقفت سارة بمكانها والنيران تشتعل بأم رأسها غيظاً .. وعندما وصل عمرو وإيثار أمام باب المنزل نظرت له إيثار نظرة شاكرة ممتنة ثم هتفت....


إيثار : شكراً ياعمرو

عمرو وقد أنعقد مابين حاجبيه : على اي!؟ إيثار انتي اختي .. يعني دمي ولحمي ، لو بقسى عليكي يبقى عشان مصلحتك ولأني خايف عليكي.. بس ده مش معناه اني مش في ضهرك

إيثار وقد أطرقت رأسها بحرج :...........


_ قضت ماتبقى من ساعات اليوم في راحة للتخلص من آلام جسدها وأرهاقه وعندما حل الظلام بحالكه أستمعت إيثار لطرقات على باب المنزل فقامت بسحب الوشاح الحريري ولثمت به رأسها ثم تقدمت لفتح الباب وإذ بها تقف مصدومة برؤيته أمامها ، ألتفتت يميناً ويساراً لترى هل من أحد غيرها قد رأه ثم ألتفتت إليه لتردد بلهجة مرتبكة يشوبها التوتر.....


إيثار : أنت جاي تعمل إيه هنا!!

مالك بلهجة مصره : جاي أقابل أستاذ رُحيم ، هو جوه؟

إيثار : أمشي من هنا حالاً احسن اا ا......


_ لم تستكمل عبارتها حتى أستمعت لصوت والدتها وهي تهتف بأسمها ، فصفقت الباب بوجهه دون أنذار ثم دلفت إليها ولكن قام مالك بطرق الباب مرة أخري ولكنها كانت طرقة أعلى من السابقة حضر على أثرها عمرو من الداخل ، وما أن فتح له الباب حتى أنقبضت عضلات وجهه ونطق بسفور


عمرو : جاي هنا ليه يابجح

مالك بغلظة طفيفة : انا جاي أقابل أستاذ رُحيم صاحب البيت مش جاي عشانك أنت

عمرو بنظرات مستحقرة : ميشرفناش واحد زيك يدخل ب...


_ أنقطع صوته عندما أستمع للهجة أبية الآمره وهو يأتي من الداخل نحوهم و يقول


رُحيم : ميصحش ياعمرو ، الراجل على عتبة بيتنا، وان جالك عدوك لباب دارك قولو مرحبابك

عمرو وهو يكز على أسنانه بغيظ : أيوة بس....

رُحيم : مفيش بس ، أتفضل ياأستاذ


_ أشار له رُحيم للداخل ثم قاده للمقعد التابع للصالون وجلسا قبالة بعضهم ، في الحين الذي أرتسمت فيه الجدية والحزم علي وجه رُحيم كان عمرو قد رسم الحنق والأنزعاج على عكس مالك الذي وضع قناع الهدوء والرزانة على تقاسيمه .. تردد في بادئ الأمر ولكنه عزم على الحديث فلا وقت يهدره.......


مالك بثبات : يمكن حضرتك متعرفنيش كويس ، أو متعرفش عني غير تفاصيل قليلة أوي ، بس الأكيد ان حضرتك متعرفش اني راجل وقد كلمتي .. وعمري ما هلعب ببنات الناس على الأقل لأن عندي زيهم '' روان ''

رُحيم بنبرة حادة : لو صحيح كنت راجل وبتراعي ربنا في بنات الناس مكنتش عملت اللي عملته مع بنتي ، كنت جيت خبطت على باب بيتي مش من ورايا

عمرو بتهكم مثير للغضب : شكله واخد على الشبابيك

مالك مبتلعاً أهانته على مضض : من فضلك أنا بكلم صاحب البيت واللي ليه كلمة هنا

رُحيم مشيراً بيده لأبنه : أستني انت ياعمرو .. هات اللي عندك ومتضيعش الوقت

مالك بصوت جامد : انا جاي أطلب أيد بنتك إيثار

رحيم متهكماً : وانت حيلتك اي عشان أديك بنتي!

مالك بثقة زائدة : عندي شقتي في القاهرة ممكن ابيعها وأجيب شقة هنا بكل سهولة ، وخلصت سنة رابعه ومستني شهادة البكالوريوس وبشتغل في مكتب محاسبة كمتدرب وأول ما شهادتي تطلع وتعتمد من الهيئة العليا للجامعات هتثبت في شغلي .. وكمان بحضر نفسي عشان أقدم في معهد الكونسرفتوار ، متقلقش حضرتك أنا جاهز للأرتباط ده

عمرو وقد تخالج الرفض القاطع بلهجته : بس معندكش أخلاق يبقى مالهوش لزوم كل اللي رصيته ده

مالك وقد هب واقفاً من مكانه :أنا مسمحلكش تهيني ، اعمل حساب اني في بيتك وقاعد مع والدك

رُحيم وهو يلجم زمام الأمر : عمرو ، سيبي مع مالك لوحدنا

عمرو :......


_ انصرف عمرو ليجد والدته تستمع لحديثهم وشقيقته تقف بوسط الرواق والقلق يسيطر على كيانها فحدجها بعنف ثم لكزها بكتفها لتدلف إلي حجرتها.. في حين كان رُحيم يحاول أختلاق الأعذار لرفض طلب مالك ولكنه لم يجد السبب المناسب ، فقرر.....


رحيم بصلابة : اسفين يابني ، معندناش بنات للجواز

مالك وهو يبتلع ريقه بثقل : ليه!؟

رحيم بثبات : من غير أسباب ، انا شايفكوا مش مناسبين لبعض .. معلش مضطر أستأذنك عشان نازل أصلي العشا

مالك وقد زاغت عينيه وكأنه لا يرى أمامه :...........


_ ما كان منه إلا أنه تحرك نحو باب المنزل بخطوات منكسرة ثم أدار مقبض الباب ودلف للخارج وأغلق الباب خلفه بهدوء.. فجلس رُحيم على الأريكة ثم راح يفكر بالأمر جيدا.. هل أخطأ أم لا، بلى لم يخطئ فأنه لا يستطيع تأمينه علي أبنته ، يرى منه شخصاً لا يُعتمد عليه وغير موثوق به .. بينما وصل مالك لمنزله ومنه إلي الحجرة الخاصة به .. كان قد قرر عدم السماح بتدني معنوياته ولكن الشعور بالخيبة يتملكه .. جلس على طرف الفراش ثم أنحنى بجسده ليستند برأسه علي مرفقيه ، دلفت إليه ميسرة عقب أن أنتبهت لحالته التي دخل بها للمنزل حيث قررت عدم مغادرة الحجرة إلا وهي تعلم ماذا أصابه طيلة الفترة الماضيه و....


مالك بنفاذ صبر : ياعمتي مفيش حاجة صدقيني

ميسرة وهي تشير بسبابتها : لالالا في حاجة انا متأكدة .. انت مش على بعضك ليك فترة وانا مش خارجة من هنا إلا لما أعرف مالك

مالك وقد قبض علي جفنيه : إيثار ، بتضيع مني

ميسرة بعدم فهم : ليه كده! لو متخانقين ولا حاجة عرفني و.......

مالك مطرقاً رأسه لأسفل : الحكاية أكبر من كدة ، اهلها مش موافقين عليا لأنهم فكريني بلعب بيها

ميسرة وهي تتلوى بشفتيها متذمرة : وهما هيلاقوا زيك فين !! وبعدين لو فاكرينك بتلعب أحنا ممكن نتقدملهم وساعتها هنثبت حسن نيتنا و......


_ أضاء المصباح فوق عقله وكأن هالة أُزيلت من فوق رأسه، أملاً جديداً ظهر بريقه أمام عينيه ثم أتسعت حدقتيه وحملق بها وهو يهتف


مالك : عمتو ، أنتوا فعلا مستعدين تيجوا معايا ونتقدملهم

ميسرة وهي تمسح على وجهه بحنو : طبعا ياحبيبي ، احنا نطول نفرح بيك

مالك وهو يقفذ من مكانه فرحاً : يبقى نحدد معاد ونروحلهم في أسرع وقت

ميسرة وهي تغمز له بعينيها : سيب الحكاية دي على إبراهيم، انا هكلم معاه وافهمه يعمل اي بالظبط

مالك وهو ينظر للسماء : يارب ، أجعلها من أهل بيتي وأجمعني بيها على خير


..................................................................


_ كان ممدداً على الأريكة يتناول ثمرات الفاكهة بشراهة، وكأنه لم يتناول الفاكهة بحياته قط .. بينما على صوت هاتفه فرمقه بأستخفاف ثم أعتدل في جلسته وترك الصحن جانباً وضغط عليه ليقول


محسن : ايوة ، انا الحمد لله بخير، لالا مفيش قلق ولا حاجة .. المهم انتوا بخير؟ كويس.. انا قربت أخلص مصلحتي هنا وهرجع قريب ، خلاص المراد بيقرب مني شوية شوية وبمجرد ما يحصل مش هقعد في أسكندرية .. عارف عارف ، خلاص أنا هقفل وأعمل اللي أتفقنا عليه عشان ننجز في الوقت ، سلام


_ أغلق الهاتف ثم تركه جانباً وأمسك كوب الشاي وتجرع ما تبقى فيه برشفة واحدة ثم تنحنح وهو يتركه وحك طرف ذقنه بقوة قبيل أن يمسك بهاتفه مرة آخرى ثم ضغط عليه والمكر لا يبتعد عن حدقتيه ثم وضعه على أذنيه و...


محسن : الو ، أزيك ياصاحبي

عمرو وقد خالج الأقتضاب نبرته : الحمدلله يامحسن ، خير في حاجة ولا اي؟

محسن وهو يدس قطع الفاكهة بفمه : هو لازم يكون في حاجة عشان أكلمك ياراجل

عمرو وقد قوس فمه بعدم أهتمام : لأ عادي ، بس مش متعود تكلمني متأخر كده

محسن : لأ أتعود ياأبو نسب ، المهم قولي هشوفك الساعة كام بكرة


_ أنعقد ما بين حاجبيه '' عمرو '' عقب عبارته الأخيرة فقد فهم بديهياً ما يرمي إليه ، فأتسع مبسمه بحيوية وحماسة زائدة ثم هتف بعجالة ...


عمرو : هشوفك من النجمة ياشقيق

محسن وقد ظهر وميضاً مثير للقلق بعينيه : بالمرة عايزك في موضوع مهم جدا .. موضوع مصيري هيعجبك على الأخر

عمرو بفضول جلي : موضوع إيه ده !؟

محسن : متستعجلش ، بكرة تعرف و.... وتستريح.............


#الفصل_١٢


الفصل الثاني عشر

لعينيكِ ما يلقى الفؤادُ وما لَقي

وللحبّ ما لم يبقَ منّي وما بقي

وما كنتُ ممّن يدخلُ العِشقُ قلبَه

ولكنّ من يُبصِر جفونَك يَعشَقُ

اعتذر عمرو عن الذهـــاب إلى عمله في اليومين التاليين ، وقدم على أجازة ( عـــارضة ) مما سبب الإزعـــاج والضيق لمحسن الذي كان يريد مفاتحته في أمـــر التقدم لخطبة أخته ..

ضرب كفاً على الأخــر ، وصـــر على أسنانه قائلاً بحنق :

-وده وقت تغيب فيه ! ده أنا كنت هاخد خطوتي وأنفذ المطلوب !

نفخ بصوت مسموع ، ثم فرك طرف ذقنه ، وهو يتابع قائلاً :

-كده أنا مضطر أفكر في حاجة تانية ، وأعرف الجماعة عندي بالجديد !!!

....................................

على الجانب الأخـــــر ، وقف مالك أمـــام المرآة ، وارتسم على محياه ابتسامة سعيدة للغاية ، وطالع نفسه بنظرات متأملة ..

عــدل من وضعية ياقة قميصه ، ثم أحكم ربط عقدة رابطة عنقه ، ومشط شعره للخلف ..

كان اليوم مميزاً بالنسبة له ، بل هو أفضل يوم في حياته على الإطلاق ، فقد تمكن زوج عمته من مقابلة الأستاذ رحيم ، وطلب منه تحديد موعد رسمي للتقدم لخطبة إيثار ..

اعترض الأخير في البداية ، ولكنه وافق في النهاية بعد محاولات مقنعة على تلك الزيارة العائلية حتى توضع الأمـــور في نصابها الصحيح ..

إستندت روان بجسدها على باب الغرفة ، وعقدت ساعديها أمام صدرها ، ورمقت أخيها بنظرات إعجاب ، ثم هتفت ي تغمز له :

-ايوه يا عم مين أدك !

التفت مالك ناحيتها ، ورمقها بنظرات حنونة وهو يردد بسعادة :

-ها ايه رأيك ؟

أرخت ساعديها ، واقتربت منه ، وأجابته بثقة :

-مـــز الصراحة

حرك رأسه قليلاً ،وســألها بإبتسامة عريضة :

-ماشي يا روني ، يعني أعجب ؟

أجابته دون تردد:

-ده انت تعجب الباشا يا مالوك

تنهد بعمق وهو يتابع قائلاً بتوتر :

-ادعيلي ربنا يسرها معايا لأحسن مقلق أوي من أبوها !

-يارب يتمهالك على خير !

-أمين

صـــاحت ميسرة من الخـــارج بنبرة مرتفعة :

-جاهز يا مالك

أجابها بصوت عالٍ :

-ايوه يا عمتو ، أنا جاهز

-طب يالا يا حبيبي

-حاضر

وبالفعل اجتمعت العائلة عند بـــاب المنزل ، وتحركوا إلى الخــارج حيث المقابلة المنشودة ..

..................................

لم تصـــدق إيثار أذنيها حينما أبلغتها والدتها بحضور مالك وعائلته اليوم لخطبتها ..

ظنت أنها تتوهم ما سمعته منها ، لكنها طمأنتها قائلة :

-أبوكي بنفسه اللي وافق

احتضنت والدتها بعاطفة قوية ، واستعدت بفرح واضح على جميع تصرفاتها لهذا اليوم الهام في حياتها ..

فإرتدت فستاناً طويلاً من اللون الزيتي ، ولفت حجاب رأسها بطريقة جميلة ، ووضعت لمسات باهتة من مساحيق التجميل لتزيد من إشراقـــة وجهها ..

كان عمرو هو الوحيد المعترض على تلك الخطبة ، فبدى متذمراً وغير راضي على الإطلاق ..

اضطر أن يوافق على الجلوس من أجل أبيه ، فهو لا يريد تصغيره أمـــام الغرباء ، بالإضافة إلى نيته في تعقيد الأمـــور عند مالك حتى لا يظن أنه فــاز بأخته ببساطة ..

سمع عمـــرو قرع الجرس ، فنفخ بضيق ، ثم اتجه ناحية الباب ليفتحه ..

استمعت إيثار هي الأخرى لصوته ، فقفز قلبها في صدرها ، وتلاحقت أنفاسها بشدة ..

فركت أصابع يديها بتوتر ، وحـــاول أن تضبط أنفاسها اللاهثة .. لكن شعور السعادة بداخلها لا يمكن أن يوصف ..

اقتربت من باب غرفتها ، وألصقت رأسها به لتستمع إلى صوت مالك وهو يلقي التحية على الجميع ، فتنهدت بحرارة كبيرة ..

تراجعت بجسدها للخلف ، ورفعت كفيها وبصرها للسماء ، وهمست بتضرع :

-يا رب كملها على خير يا رب !

..................................

استقبل الأستاذ رحيم عائلة مالك بترحاب رسمي ، وجلس الجميع في غرفة الصالون ..

تنحنح رحيم بصوت خشن وهو يقول :

-منورين يا جماعة

رد عليه ابراهيم بنبرة هادئة :

-البيت منور بأصحابه ، ازيك يا حاج رحيم ؟

أجابه الأخير قائلاً بنبرة شبه منهكة :

-الحمدلله في أحسن حال

-يدوم يا رب

راقبت روان عمـــرو بنظرات حـــادة ، فقد كانت تبغض وجوده .. وبادلها هو نفس الشعور بالإضافة إلى كرهه لوجود مالك .. لكن ما بيده حيلة ..

بعد لحظـــات ولجت تحية وهي تحمل صينية كبيرة مليئة بالمشروبات ، تناولها منها ابنها عمـــرو وأسندها على الطاولة التي تنتصف الغرفة ..

نهضت ميسرة لتقبلها ، وهتفت بسعادة :

-ازي أحوالك يا ست تحية

-بخير يا حبيبتي

قالتها الأخيرة وهي تقبلها من وجنتيها

ثم أضـــافت بحماس :

-ده البيت نور بوجودكم فيه ، ده احنا زرنا النبي

رد الجميع بخفوت :

-عليه الصلاة والسلام

تساءل ابراهيم بإهتمام وهو يتلفت حوله :

-أومـــال عروستنا الجميلة فين ؟

ردت عليه تحية بحماس :

-جاية اهي

تجهم وجــــه عمرو بصورة واضحة ، ولم يكلف نفسه العناء لتصنع الرضا ..

..............................

تحركت إيثار في الغرفة ذهاباً وإياباً بتوتر بائن عليها ..

جلست على طرف فراشها ، وتمتمت مع نفسها بإرتباك :

-يا رب مايكونش حلم ، يا رب كملها على خير

حانت منها إلتفاتة للجانب ، وسلطت أنظارها على الكومود ، ففي درجه العلوي تضع تلك الرسائل الغرامية التي جمعتها من مالك .. وشـــرد عقلها لوهلة في مواقفهما السابقة .. ووجدت نفسها تبتسم تلقائياً ..

استمعت هي إلى صوت والدتها ينادي عليها من الخــــارج ،

فازدردت ريقها بتوتر أكثر ، وأخذت نفساً عميقاً حبسته في صدرها لتسيطر على انفعالاتها العصبية .. ونهضت بحذر عن الفراش ، ثم ألقت نظرة أخيرة على هيئتها في المرآة .. واستعدت للخروج

....................................

ولجت إيثار إلى داخل غرفة الصالون وعلى وجهها حياء جلي ..

جلست بإستحياء على أقرب أريكة بعد أن رحبت بميسرة وروان ..

اختلس مالك النظرات نحوها ، وحاول ألا يبدو أمام أخيها وقحاً بالتحديق فيها ..

استطرد ابراهيم حديثه قائلاً بهدوء جدي :

-شوف يا حاج رحيم إحنا جايين النهاردة عشان نطلب إيد بنتك المصون إيثار لابننا الغالي مالك ، فإيه رأيك

كانت تحية على وشك الرد ، ولكن أشـــار لها رحيم بكف يده ، وأجابه قائلاً بنبرة ثابتة :

-والله المواضيع دي محتاجة ناخد وندي مع بعض الأول في تفاصيلها

-إن شاء الله مش هانختلف

تدخل عمرو قائلاً بنبرة شبه متهكمة :

-وهو الـ .. الأستاذ مالك قادر يفتح بيت ، ولا هياخد المصروف منكم ؟!

رد عليه مالك بهدوء حذر :

-أنا قولت لحضرتك قبل كده يا استاذ عمرو إن عندي شقة أهلي في القاهرة ، هابعها ، وأجيب حاجة مناسبة هنا ، غير إني بأتدرب في مكتب محاسبة ، وآآ...

قاطعه عمرو بنبرة جافة وهو يحدجه بنظرات قاتمة :

-كل ده أنا عارفه ، بس هاتقدر على مصاريف الجواز ، ولا هاتقضيها حب ؟!

تلك المرة رد عليه إبراهيم بجدية :

-أستاذ عمرو ، احنا مش هانسيب ابننا لوحده ، هنسانده لحد ما يقف على رجله

بينما أضافت ميسرة بنبرة شبه حــــادة:

-مالك ابن أخويا الله يرحمه هو رزق من ربنا ليا ، وأنا استحالة مكونش واقفة معاه

استشعرت إيثار اضطراب الأجواء ، وبدى رفض أخيها جلياً للعيان ..

تضرعت لله في نفسها ألا يسوء الوضــع ..

لم يختلف حال مالك عنها كثيراً ، فقد كان مثلها ، ولكنه تحامل أكثر على نفسه كي يبدو هادئاً أمام عمرو ، فمبتغاه في النهاية هو الظفر بحبيبته ..

ظلت الأوضـــاع ما بين شـــد وجذب حتى اتفق الطرفـــان في النهاية على قراءة الفاتحة ولكن بشروط تضمنت عدم مقابلة مالك لإيثار بمفردهما ، أن تكون اللقاءات بينهما مقتصرة على الزيارات المنزلية ، وكذلك إعطاء مهلة لمالك لبيع منزله القديم وشراء أخــر وتجهيزه في أقرب وقت ..

تنفست إيثار الصعداء بعد أن قرأ الجميع الفاتحة ، وصدح صوت الزغاريد في المكان ..

نهضت تحية لتوزع المشروبات والحلوى على الجالسين ..

دنت روان من إيثار ، وقبلتها بشغف من وجنتها ، وهمست لها بسعادة :

-مبروك يا ريري ، هاتبقي أحلى عروسة

-ميرسي

قالتها إيثار بخجل واضح في نبرتها

إعتلى ثغر مالك إبتسامة سعيدة ، وسلط أنظاره على عروســـه المرتقبة ..

في حين كانت نظرات عمرو له حـــادة للغاية .. لكنه عقد النية في نفسه ألا يجعل تلك الخطبة تستمر طويلاً ..

.........................................

استمعت ســــارة وهي ممددة على فراشها إلى صوت زغاريد عالية ، فإعتدلت في نومتها ، وأغلقت هاتفها المحمول ، وانتبهت جيداً لمصدر الصوت ..

تكررت الزغاريد مرة أخــرى ، فهبت من فراشها ، واتجهت إلى الخـــارج ، وتساءلت بإستفهام :

-سامعة صوت الزغاريد دي يا ماما ؟

ردت عليها والدتها إيمان قائلة بهدوء :

-ايوه

ثم هزت كتفيها في عدم إكتراث وهي تتابع :

-بس مش عارفة جاية منين !

صــدح الصوت لمرة ثالثة ، فتحركت ســـارة ناحية باب المنزل ، وفتحته ، ووقفت على عتبته ، وإشرأبت بعنقها للأعلى ، ولكنها انتبهت لقدومه من الأسفل .. فتحركت نحو الدرابزون ، وسلطت أنظارها على الطابق السفلي ، وتمتمت بضيق واضح على تعابير وجهها :

-لأحسن يكون اللي في بالي !

........................................

عـــــــــــاد مالك مع عائلته إلى منزلهم بعد ذلك اللقاء العصيب ، وشكر عمته وزوجها بإمتنان كبير ، وأضاف بسعادة :

-أنا مش عـــارف من غيركم كنت هاعمل ايه

احتضنه إبراهيم بذراعه ، ونظر له بحنان أبوي وهو يجيبه معاتباً :

-عيب تقول كده ، ده انت ابننا الغالي

هتفت روان بنزق :

-بس اخوها ده يتفاتله بلاد

ردت عليها ميسرة قائلة بتنهيدة منهكة :

-مالناش دعوة بيه ، احنا يهمنا إيثار

أضاف مالك مؤكداً :

-بالظبط ، هو ولا يفرق معايا ، أنا عاوز إيثار وبس

تابع إبراهيم حديثه قائلاً بتحذير :

-أهم حاجة يا بني تلتزم بالاتفاق معاهم ، انت عارف أخوها بيتلكك

لوى ثغره وهو يقول بإمتعاض :

-مع إنه قاصد انه يقرفني بس هاستحمل عشان خاطرها

..................................

خاصم النوم جفني إيثار ، فقضت ليلتها هائمة في أحلامها الوردية مع حبيبها ..

لم تصدق أنها بالفعل ستخطب إليه ..

فقد اتفق مع والدها على كل شيء .. واليوم كانت أولى خطوات تحقيق أحلامها ..

ظنت أن السعادة عرفت طريقها إليها بعد فترات مجحفة من الظلم البين ..

ما لم تعرفـــه أنها ستطعن من أقــرب الناس إليها ..

............................................

في اليوم التالي ، عـــــاد عمرو إلى عمله ، فإستقبله محسن بعتاب زائف وهو يصافحه :

-بقى كده يا عم تغيب وتقول عدولي !

أجابه عمرو بتنهيدة مطولة :

-دول هما يومين مش أكتر

جلس محسن على المقعد المقابل لمكتبه ، وسلط أنظاره عليه ليتفرس ملامحه العابسة ، وتابع قائلاً بمكر :

-أنا حاولت أكلمك بس إنت طنشتني

رد عليه عمرو بفتور :

-معلش ، كنا مشغولين

ســأله محسن بإهتمام وقد ضاقت نظراته:

-خير يا أبو نسب ؟

تعجب عمرو مجدداً من تكرار مناداته بهذا اللقب ، وشعر بالحرج منه ..

فأسبل عينيه بعيداً ، وأجابه بحذر :

-احم .. آآ.. كنا بنقرى فاتحة أختي !

اتسعت مقلتي محسن في صـــدمة ، وكأن دلواً مليئاً بالماء المثلج قد سقط فوق رأســه فصعقه ..

هتف بنزق وقد تبدلت تعابير وجهه لتتجهم :

-هي اتخطبت ؟

رد عليه عمرو بنبرة شبه منزعجة :

-ايوه ، مع اني مش موافق

أصـــر محسن قائلاً بضيق :

-لأ احكيلي كل حاجة بالتفصيل

لوى عمرو ثغره وهو يردد بعدم إكتراث :

-معدتش يفرق الكلام في الموضوع ده !

إعترض محسن قائلاً بحنق :

-لأ يفرق معايا ، ده أنا كنت ناوي أخطبها !

إندهش عمرو من عبارته الأخيرة ، وفغر ثغره مصدوماً ، وردد بتلعثم :

-هـــاه ، تـ.. تخطبها !

أومـــأ برأســـه بحركة واضحة وهو يكمل :

-ايوه ، بس كنت مستني الفرصة المناسبة عشان أفاتحك فيها !

شعـــر عمـــرو أنه في مــأزق حقيقي ، وبدى حائراً في التصرف معه .. فوالده قد وافق على الخطبة رغم اعتراضه عليها ، وفي نفس الوقت هو يرى في زميله الشخص المناسب لها ...

لم يتركه محسن لهواجسه ، وهتف بلؤم :

-شوف يا عمرو دي لسه خطوبة ، وأي حاجة ممكن تحصل فيها ، فمتشلش هم !

قطب عمرو جبينه ، وســـأله بعدم فهم :

-قصدك ايه ؟

التوى ثغر الأخير بإبتسامة ماكرة وهو يجيبه :

-هافهمك !

...............................

عرفت ســـــارة بخطبة إيثار فإستشاطت غضباً ، وثارت ثائرتها ، وهتفت بإهتياج وهي تلوح بذراعها :

-بقى دي تتخطب يا ماما ، وأنا .. أنا اللي أحسن منها أفضل كده !

ردت عليها إيمان مواسية إياها :

-بكرة يجيلك نصيبك يا حبيبتي

هزت رأسها معترضة ، وصاحت بغل :

-لالالا .. يعني عمي رحيم رضى باللي كانت بتعمله ، ووافق يجوزها لمالك ، وأنا قدامه من سنين !

تقوس فم والدتها وهي تقول بإمتعاض :

-خلاص بقى يا سارة ، شيليها من دماغك

اعترضت بإصرار أشد :

-لأ مش هاسكت يا ماما ، الموضوع ده فيه إن !

ســـألتها والدتها بإهتمام :

-تقصدي ايه ؟

ضاقت نظرات ســــارة وتحولت للقتامة ، وتساءلت بخبث :

-ايه اللي يخليهم يوافقوا على مالك بعد اللي عرفوه عنه ، والكلام اللي اتقال ؟!

ردت والدتها بنبرة عادية :

-يعني .. جايز بيحبها !

تشنجت تعابير وجه ســـارة أكثر ، وهتفت بسخط :

-حب ايه يا ماما ، أكيد في حاجة غلط عملوها ، فضيحة وبيداروا عليها

ردت عليها والدتها متساءلة بإستنكار :

-قصدك بيتستروا عليها ؟

أضافت ســــارة قائلة بإزدراء :

-مش بعيد ، هي أول مرة يعني ! ماهو حصل قبل كده في القاهرة ، إنتي نسيتي يا ماما

لطمت والدتها على صدرها ، وهتفت بصدمة :

-يا لهوي !

أكملت ســــارة بنبرة أكثر خبثاً :

-قولي كده لبابا وشوفي هايقولك ايه ، وأنا متأكدة إنه رأيه هايكون زي

هتفت والدتها بذهـــول :

-حقة لو كان ده حقيقي !

ثم هزت رأسها بإيماءة خفيفة ، وأضافت بعزم :

-أما يرجع أبوكي من سفره هاقوله

عقدت ســـارة ساعديها أمام صدرها ، وصاحت بغضب :

-أنا مش نازلة أباركلها

-براحتك

ثم حدثت نفسها بتوعد :

-من الأخر كده أنا مش هاخلي بنت تحية تتهنى بمالك ، ومابقاش أنا سارة إن ما عملت كده !!!

....................................

خلال الأيام التالية ، اجتهد مـــالك في عمله كثيراً ، وطلب من صاحب مكتب المحاسبة تكليفه بمهام أكثر خارجية مع من يعرفه من رجال الأعمال أو حتى التجار ومستخلصي الجمارك حتى يتمكن من توفير أكبر قدر من المبالغ المالية ليشتري بها ( مصوغات ذهبية ) تليق بحبيبته ..

لم يعبأ بالمجهود المضاعف الذي يبذله ، فكل شيء يهون من أجل الظفر بمن ملكت قلبه ...

ورغم قلة اللقاءات المنزلية بينهما ، إلا أنه كان راضياً بها ، فبعد أن كان محرماً عليه رؤيتها ، أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه معها ..

رسم الاثنين سوياً الخطوط العريضة لحياتهما معاً ..

كذلك لم يتركهما عمرو بمفردهما إلا في لحظات معدودة ، حينما تناديه والدته ، فيضطر أسفاً لترك الغرفة ..

همس مالك لإيثار بإنزعاج :

-أخوكي صعب أوي

ابتسمت له إبتسامة رقيقة وهي ترد عليه بخفوت :

-معلش ، استحمل يا حبيبي

إرتفع حاجبه للأعلى ، وســألها بتلهف :

-بتقولي ايه ؟

ردت عليه بإيجاز :

-استحمل

هز رأســـه نافياً ، وهمس بإصرار :

-لأ اللي بعدها

توردت وجنتيها خجلاً منه ، وأسبلت عينيها للأسفل وهي تقول بصوت خفيض :

-ماتكسفنيش بقى

أصــــر مالك قائلاً بتنهيدة حـــارة :

-ماتحرمنيش يا حبيبتي إني أسمعها منك ، قوليها تاني !

ضغطت إيثار على شفتيها بإرتباك ، وفركت أصابع يديها بتوتر ، ثم همست بتلعثم :

-حـ.. حبيبي

أرجع مالك ظهره للخلف ، وهتف بحماس :

-الله ! كمان مرة وحياتي عندك

لمحت إيثار أخيها وهو يقترب ، فإبتعدت عن مالك ، وهتفت بقلق :

-ششش .. عمرو جاي !

نفخ مالك بضيق ، وغمغم بخفوت :

-برميل الرخامة

وقف عمرو قبالة مالك ، وحدجه بنظرات باردة ، ثم هتف بإيجاز :

-أهلاً

رد عليه مالك بإبتسامة باردة :

-شكراً

ســـأله عمرو بنبرة وقحة :

-انت هاتفضل أعد كتير ، ماوراكش حاجة تعملها ؟

شعر مالك بالحرج الشديد من عبارته الأخيرة ، وكــأنه يتعمد فيها أن يطرده ولكن بأسلوب مستفز .. فأدار رأســه ناحية إيثار ، فرأى في عينيها نظرات حزينة .. فلم يرد أن يزيد الطين بلة ، فنهض عن الأريكة ، وتنحنح قائلاً بخشونة :

-احم ، لأ هاقوم .. !

ثم رسم على ثغره إبتسامة مهذبة وهو يضيف :

-سلملي على الحاج رحيم !

رد عليه عمرو بنبرة جافة :

-إن شاء الله ، مع السلامة

ثم تحرك مالك مسرعاً إلى الخــــارج ..

استشاطت إيثار غضباً ، ونظرت إلى أخيها شزراً ، وصاحت فيه بعتاب :

-ليه كده بس يا عمرو ؟ انت ناقص تقوله اطلع برا !!!

رد عليها بفظاظة :

-عاوزاني أعمله ايه ، هو هايفضل مبلط هنا

صاحت فيه بحنق :

-عامله كويس ! دي فيها ايه !

ضاقت نظرات عمرو ، وهتف مهدداً :

-ده أسلوبي معاه ، ولو مش عاجبك أفركشهالك الخطوبة دي !

اتسعت حدقتيها في صدمة ، واستشعرت جدية ما يقول ، فهتفت مدافعة :

-الله ! في ايه يا عمرو ، ده مالك بيعمل أقصى ما عنده عشان ينفذ طلباتنا كلها ، ومش بيعترض ، وإنت بتقول تفركشهالي ؟

رد عليها ببرود مستفز :

-اه ، لأنه مش عاجبني

هتفت إيثار بغيظ بعد رده المثير للضيق :

-أنا اللي هاتجوزه مش انت

حضرت تحية على إثر صوتهما العالي ، وتساءلت مستفهمة :

-في ايه يا ولاد بتتخانقوا ليه ؟

لوحت إيثار بيدها وهي تجيبها بصوت حاد :

-يا ماما عمرو بيعامل مالك باسلوب مش ظريف ، وده وحش في حقه

هـــدر بها عمرو بصوت غاضب :

-وانتي هاتعلميني إزاي أتعامل مع الناس ؟ معدتش إلا انتي !!

هتفت تحية بجدية وهي تشير بكفيها :

-خلاص يا ولاد !

ثم التفتت برأسها ناحية إيثار ، وأضافت بهدوء :

-هو يعامله زي ما هو عاوز

احتجت إيثار قائلة :

-بس آآآ...

قاطعتها والدتها بجدية :

-ماتعدليش على أخوكي ، هو بيعمل اللي فيه مصلحتك

هتفت إيثار بعصبية :

-ده ظلم والله

أشـــارت لها والدتها بإصبعها وهي تأمرها

-روحي يا إيثار على أوضتك ، وشوفي اللي وراكي ، وقفلي السيرة في الموضوع ده !

تعصبت إيثار في مكانها ، وركلت الأرضية بقدمها ، ثم تحركت للأمام وهي تتمتم مع نفسها بغيظ :

-كده كتير والله ، يا رب هون باللي جاي

......................................

كذلك سعى زوج عمته إبراهيم في البحث عن منزل مناسب ليشتريه له بعد أن يبيع منزل عائلته الراحلة الموجود بالقاهرة ..

وبالفعل وجد ضالته المنشودة .. ورتب المسائل المادية مع صاحب المنزل ، واتفقا سوياً على سعر مناسب للبيع.. وأبلغ مالك بهذا ، والذي تحمس كثيراً للأمــر ، وطلب منه تجهيز كل شيء ريثما يبيع منزله بالقاهرة ..

كما وضــع في إعتباره ألا يغفل حق اخته روان ، وعقد العزم على وضــع نصيبها في حساب مصرفي بإسمها تستخدمه حينما تبلغ سن الرشد ..

.......................................

عــــاد مدحت من سفرته القصيرة ، وســأل عن أحوال عائلته ، فسردت له زوجته إيمان ما حدث في غيابه ، وخاصة خطبة إيثار ، في البداية فرح لها ، ولكن بعد أن أضافت إيمان لمستها الخاصة من أكاذيب باطلة ، تبدلت ملامح وجهه للتجهم ، وأظلمت نظراته ، وتملكه الغضب ، وقرر التصرف فوراً وعدم السكوت عن الأمـــر

هتف مدحت بنبرة محتقنة للغاية :

-لو أخويا سكت عن الحكاية دي ، فأنا مش هاسكت ، وهاتصرف ! كله إلا الشرف وسمعة العيلة ........................ !!!

تابعووووووني 



الفصل الثالث عشر والرابع عشر من هنا



بداية الروايه من هنا



رواية منعطف خطر كامله من هنا



رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا



رواية خيانة الوعد كامله من هنا



رواية نار الحب كامله من هنا



رواية الطفله والوحش كامله من هنا


رواية منعطف خطر كامله من هنا


رواية فلانتيمو كامله من هنا



رواية جحيم الغيره كامله من هنا



رواية مابين الضلوع كامله من هنا


رواية سيطرة ناعمه كامله من هنا


رواية يتيمه في قبضة صعيدي كامله من هنا



الروايات الكامله والحصريه بدون لينكات من هنا


إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇 


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺


الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا


جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا


انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺





تعليقات

التنقل السريع
    close