رواية وبقي منها حطام انثي الفصل الثالث عشر والرابع عشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية وبقي منها حطام انثي الفصل الثالث عشر والرابع عشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
الفصل الثالث عشر
_ بداخل منزل إيثار _ أحتدت المناقشة والمُشدات بين '' مدحت '' و '' رُحيم '' حتى تدخل عمرو بالمناقشة ليزيد الطين بله ، كانت الخُطبة برمتها لا تروق له '' عمرو '' ولذا وجد الفرصة قد سنحت له لإنهائها وضرب الفاتحة التي قُرئت بعرض الحائط.. وما زاد من حماسته هو وجود البديل والفوري .. أي أنه لا حاجة به للإنتظار و....
رُحيم وقد هدر بصوته الغاضب : عيب يامدحت متقولش كده على بنتي ، حتى لو كانت غلطت فأنا مربيها أحسن تربية
مدحت وقد إنعقد حاجبيه بتذمر : مقولناش مربيتهاش يارحيم ، بس الواد كل بعقلها حلاوة و...
قاطعه رحيم مشيراً بسبابته ومحذراً بصرامة : متكملش يامدحت ، انا بنتي اشرف من الشرف ومفيش فضايح عايزين نداري عليها ، ولو كنا وافقنا على الخطوبة فا ده عشان الناس اللي قدرتنا ودخلوا بيتنا وجم طلبوا بنتنا ، انما انت جاي تقولي فضايح ونداري ومنداريش .. عيب والله
عمرو وقد أصابه الهياج : قولتلك يابابا من الأول بلاش منها الشبكة السودا دي ومنجيبش لنفسنا الكلام والسمعة الزفت
رحيم وهو يلوح بيده في الهواء : يعني كنا هنعمل ايه يابني ، ما كله كان على يدك والناس متمسكين بالموضوع
عمرو بلهجة جامدة ونبرة خشنة : يعني ايه نعمل ايه!؟ مفيش عندنا بنات للجواز وخلاص
مدحت وهو يضغط بكفه على كتف أخيه : فضها الجوازة دي يارحيم ياخويا ، وبنتنا الف مين يتمناها
عمرو وهو يكز على أسنانه بغيظ : هو ده اللي هيحصل ، أختي مش هتتجوز العيل ابن ال.... ده
.........................................
_ بحجرة إيثار ، كانت تطل برأسها للخارج بين الحين والآخر لتسترق السمع لحديثهم الخطير ..
كانت نبضاتها تتصارع بداخلها وكأنها طبول الحرب ، نطقت تحية بضيق :
تحية : لا حول ولا قوة الا بالله، مش عارفه عمك ومراته وبنته عايزين إيه مننا ، أكيد الولية إيمان وبنتها العقربة هما السبب .. ده عمك لسه راجع من السفر وملحقش يستريح حتى
إيثار بنبرة مرتجفة وهي تفرك كفيها بتوتر : وبعدين ياماما ، شكلهم مش هيعدوها على خير أرجوكي تتصرفي وتعملي حاجة
تحية وهي تطرق رأسها للأسفل : عالله بس أبوكي ميركبش راسه
_ وقفت إيثار أمام الباب مجدداً ثم وضعت أذنها عليه لتستمع لآخر حديث بينهم فإنقبض قلبها وإرتجفت أطرافها حينما إستمعت لعبارة أخيها الأخيرة و.....
رحيم : يابني ميصحش بعد ما أدينا كلمة للناس نرجع فيها
عمرو وهو يرفع من صوته لتستمع إليه هي : العيب هو اللي عمله أبنهم ، ولو الجوازة دي تمت أنا هسيب البيت ومش هتشوفوا وشي تاني
رحيم وهو يهدر به صائحاً : أنت بتهددني يا ولد!؟
عمرو وهو يخفض من صوته بحذر : لا يابابا ، بس انت مش عايز تريحنا كلنا من الهم ده
مدحت وهو يهز رأسه مستنكراً : قولتلك يارحيم الواد ده مينفعكوش ، ولو كان راجل صح كان جه من الأول طلب ايدها من غير لف ودوران وراها
_ شعرت إيثار بأن الأمر يزداد سوءاً ، بل ويتدهور أكثر بمرور الوقت ، فلم تستطع كبح رغبتها في الدفاع عن حبها ودلفت خارج الحجرة بخطوات متشنجة و...
إيثار وهي تهدر بنبرة شبه مختنقة : بابا ، أنت أديت كلمة للناس وقرينا الفاتحة ، خلاص مترجعش في كلامك
رحيم وهو يوجه نظراته الحادة إليها : إنتي إزاي تتجرأي تتدخلي في الكلام يابت انتي
عمرو وهو يزيد من سوء الموقف : لأ خلاص الست إيثار شافت نفسها علينا
مدحت بهدوء زائف : إيثار يابنتي ، انتي تستاهلي واحد أحسن منه ميت مرة
إيثار وقد تجمعت الدموع في مقلتيها : أنا مش عايزة اللي أحسن منه ده ياعمي .. كل اللي عايزاة بابا ميرجعش في كلامه مع الناس
رحيم بصرامة وهو يشير بيده لها : أدخلي أوضتك بدل ما أوريكي الوش التاني يا إيثار
عمرو بنبرة قاتلة : مش هتتجوزيه يا إيثار ، على جثتي يبقى ده جوز أختي.. حتى لو حصلت أقتله
شعرت إيثار بطعنات قاتلة في قلبها ، وكأن روحها تقتلع منها قلعاً بلا رحمة ..
رحيم وهو يضرب كفاً بكف وبضيق جلي : يابني أعقل وبلاش طيش الشباب ده وأنا هخلص الموضوع
مدحت مضيفاً : متلبسش ابنك مصيبة يارحيم وتخلي العيال يمسكوا في بعض
_ عرجت تحية للخارج بعد أن اشتد الصدام مع ابنتها وعائلتها ثم هتفت بنبرة واهنة :
: ياحج خلاص قرينا فاتحة وأنت بنفسك أمرت أنهم ميشوفوش بعض إلا هنا قدام عنينا ، وبنتي مبتعملش حاجة غلط
مدحت وهو ينظر للأسفل : كلام الناس زي حد السيف يامرات أخويا
تحية مستنكرة وهي تنظر لحال إبنتها : كلام ؟! ليه ان شاء الله ! بنتي مخطوبة وهتتجوز على أخر السنة واللي عنده كلمة هيحطها جوة بؤه !
عمرو بنبرة منفعلة : مش هتتجوزه برضو ، وعريس إيثار عندي ومستني كلمة منكوا
شهقت إيثار بذعــــر ، ووضعت يدها على فمها لتكتم صرختها وهي تقول بهلع :
هااا ، ايييه؟!
رحيم مضيقاً عينيه بعدم فهم : تقصد إي ياعمرو !؟
عمرو بتباهي مزيف : محسن صاحبي طالب إيدها والراجل شاري ومستعد يتجوزها من بكرة لو عايزين
رحيم وهو يحك صدغه بتفكير : محسن؟! هو الراجل ميتعيبش بس...
إيثار مقاطعة بصراخ وقد إنهمرت الدموع من عينيها : لأ يابابا مش هتجوز محسن لأ ، متعملش فيا كده ده أنا بنتك
رحيم بصوت جهوري أجش : إيثار!!
مدحت بذهول وقد أرتفع حاجبيه : وهو هيعمل فيكي إي يابنتي!! أبوكي ويهمه مصلحتك
_ دنا منها عمرو ثم أطبق على رسغها بقوة وهو يردف بلهجة عنيفة
عمرو بنبرة عدائية : جرالك إي يابت!؟ القطة المغمضة فتحت وبتتكلم ولا إي
إيثار بتأوه : اااه ، سيب إيدي وملكش دعوة بيا انت مش ولي أمري
تحية وهي تنهر إبنها على أسلوبه العنيف : عمرو ، سيب إيد أختك عيب كده
رحيم وهو ينهض عن مكانه بأنفعال : ماشاءالله على عيالي ، يازين ما ربيت !! بتتخانقوا قدامي أمال لما أموت هتعملوا إي ؟! هتقطعوا في بعض
إيثار وقد تحشرج صوتها : انت يابابا اللي طول عمرك مفضله عني ومديله الصلاحية يتصرف في حياتي .. والله حرام اللي عايزين تعملوه فيا ده
_ لم يشعر إلا وكفه قد صفع وجنتيها لترتسم أصابعه على وجهها إصبعاً إصبعاً .. فأجفلت الأخيرة بصرها لأسفل ثم ألتفتت لتترك المكان برمته حيث لحقت بها والدتها ، في حين أنتهز عمرو هذه الفرصة و...
عمرو : بكرة تتفرعن أكتر من كده ومحدش هيعرف يلمها
رحيم وقد عزم على شيئاً ما : وأنا مش هستنى بكره ده ، كلم محسن وقوله أني موافق يتقدم لبنتي
عمرو وقد أنفرجت أساريره : حالا هكلمه
...................................................................
_ على الجانب الأخر ، كان مالك متأهباً لمغادرة المكتب عقب إنتهائه من كل الأعمال المكلف بها .. انحنى بجسده ليستند بمرفقيه على ركبتيه ثم تلوى بجسده وتأوه بخفوت وهو ينطق ساخراً : آآآآه ياعضمك يامالك ، ده انا أتفصصت خالص الأسبوعين اللي فاتوا آآه
_ إعتلت البسمة ثغره ثم نطق بخفوت محدثاً نفسه :
بس كله عشان حبيبتي يهون
'' وعلى وجنتيها الوغزتين ، تضحك لي گشمس في ضحاها وآه من عينيها البنيتين ، قلبي سفينة وهي مرساها ''
_ هاْم بمخيلته قليلاً شارداً بالمستقبل الذي سيبنيه معها ، أسرة صغيرة تتكون منهما ومن نتاج حبهما ، فقط هذا ما يريده.. نهض عن مكانه ثم أمسك بحقيبته القماشية ووضع بها جهاز الحاسوب الصغير وأغلقها ثم أنطلق للخارج ..
حاول الوصول إليها طوال الطريق ، والأتصال بها ولكن باءت محاولاته بالفشل ، فقد كان هاتفها مغلقاً مما أثار قلقه .. فكر في زيارتها والإطمئنان عليها ولكنه تذكر معاملة أخيها له في المرة الأخيرة فقرر الإنتظار لساعة لا يتواجد بها عمرو في المنزل حتى لا يترك له الفرصة لإختلاق المشكلات والعراك معه بأي حُج' .
................................................................
_ كان الحصار يحاوط إيثار من جميع الجهات ، حيث سُحب هاتفها المحمول ، كما أهتم عمرو بنفسه بحل أمر النافذة الموجودة بحجرتها عن طريق إغلاقها نهائياً بإستخدام المسامير المعدنية ...
كان يومان عصيبان مرت بهما ، لم تجف دموعها عن وجنتيها ، ولم تكف عن النحيب والبكاء عقب أن علمت بقرار والدها بإنهاء الخطبة وتزويجها من ذلك الغريب لمجرد أقتناع أخيها به
، كانت رسائل مالك وأبيات الشعر التي خصصها لأجلها هي خير جليس معها .. تؤنسها في وحدتها وعزلتها الإجبارية
تفاجئت هي بزيارة محسن لمنزلهما فتضرعت لله أن يخلصها من هذا الكابوس المقيت...
---------------------------------------------
في الخــــارج ، وقف رحيم معتداً بنفسه ، وابتسامة عريضة بادية على محياه ..
رحيم وهو يصافح محسن : نورت البيت يابني
محسن وهو يربت على صدره ممتنناً : منور بأهله ياعمي
رحيم وهو يشير بيده : أتفضل أقعد
عمرو وهو يمدح بصديقه لنيل رضا والده : محسن من الناس النضيفة والمحترمة اللي قابلتها في الهيئة ، والصراحة هو اللي مصبرني على قرف الشغل ومشاكله يا بابا
رحيم وهو يبتسم بعذوبة : ربنا يديم المحبة بينكوا ان شاء الله
عمرو : ثواني وراجع
_ ولج عمرو للمطبخ ليرى ما ستقدمه والدته لهذا الضيف ولكنه تفاجئ بـ......
عمرو وقد إتسعت عينيه بذهول : ايه ده ياماما!؟ أنتي معملتيش حاجة للضيف ولا اي؟
تحية وهي تلقي بالمنشفة أرضاً : لأ معملتش ومش هعمل ، عايز أنت تضايف الناس اللي تبعك ضايفهم أنا ماليش دعوة
عمرو وقد عبست ملامحه : اي اللي بتقوليه ده ياماما؟ ده عريس بنتك برضو
تحية وهي تلوح بكفها بعدم إهتمام : بلا عريس بلا بتاع ، اللي بتعمله انت وأبوك ميرضيش ربنا .. ده النبي قال ولا يخطب أحدكم على خطبة أخيه .. وانت عايز تضيع فرحة أختك ! ليه كده يابني؟
عمرو وهو ينطق من بين أسنانه بغل : أنا أدرى بمصلحتها ، ولا عاجبك سيرتنا اللي على كل لسان
تحية : يوووه ، يخرب بيت الناس وسنينها ، ربنا ينتقم منك ياإيمان أنتي وبنتك وربنا يوريكي يوم على فرحة بنتي اللي ضيعتيها .. وسع من سكتي
_ دفعته والدته والحنق بادي عليها ، ثم خرجت من المطبخ لتهرع إلى حجرتها ، فأنزعج عمرو من موقفها الذي إتخذته ضده ثم تلوى بشفتيه وأخذ يبحث في المبرد عن إحدى المشروبات الباردة لتقديمها للضيف حتى وجد زجاجة من العصير الطازج فقام بسكب بعضها في كأس زجاجي أنيق ووضعه على الحامل البلاستيكي ( صينية) وخرج بها من المطبخ
عمرو : نورت يامحسن.. أتفضل
محسن وهو يلتقط الكأس : تسلم أيدك ياعمرو
_ نظر محسن حوله باحثاً بعينيه عنها ولكن...
محسن بتساؤل : أمال فين العروسة والحاجة؟
رحيم متنحنحاً بحرج : العروسة مكسوفة حبتين ، احم .. ما انت عارف البنات
عمرو مبتسماً وهو يضيف : الحاجة تعبانة شوية فـ.. آآ.. فخدت العلاج ونامت
محسن وهو يهز رأسه بعدم اقتناه : الف سلامة عليها !
حاول محسن أن يحافظ على بروده التام ، فقد جاء لغرض معين ، وسيتأكد من تنفيذه رغم أنف الجميع ..
أخذ نفساً عميقاً ، وتابع بجدية : طب نكمل كلامنا .. زي ما قولتلك ياعمي أنا شقتي جاهزة من كل حاجة وان شاء الله ناوي أشتري أوضة نوم جديدة عشان عروستنا تفرح برضو
رحيم وهو يومئ رأسه : وأنا مجهز بنتي وجايبلها كافة شئ ، مش ناقصها غير حاجة المطبخ
محسن وقد إنفرج ثغره : على بركة الله نقرا الفاتحة؟
..............................................
_ إستمع جميع من بالغرفة لصوت قرعات خفيفة على باب المنزل فتوجس رحيم من أن يكون '' مالك '' هو القارع .. وتأكدت ظنونه عندما فتح عمرو الباب له فقابله مالك ببسمة باهتة وهو يهتف
مالك : سلامو عليكو
عمرو وهو يستند بكفه على الباب ليمنعه من الدخول : وعليكوا ، خير؟
مالك متعجباً من أسلوبة الفظ : ممكن أدخل؟
عمرو وهو يهز رأسه نافياً : لأ مش ممكن ، خلاص معندناش بنات للجواز وفضيناها السيرة دي
مالك وقد تملكه التوتر : أفندم؟؟! أنت بتقول إي؟
رحيم وهو يقف خلف أبنه : زي ما سمعت كده يابني ، أنا فكرت كويس ولقيت أن مفيش نصيب بينك وبين بنتي
مالك وقد بدى التجهم على ملامحه : أي اللي بتقوله ده ياعمي ! هو مش أحنا قرينا فاتحة وأنا وافقت على كل شروطكوا
رحيم وهو يهز رأسه نافيا : كل شئ قسمة ونصيب
_ هتف محسن بنبرة مرتفعة قليلاً و......
محسن : في حاجة ياعمرو ولا إي؟
عمرو وهو يستدير برأسه للخلف : متشغلش بالك يامحسن ، حوار وبنخلصه
مالك وهو يطل بعينيه للداخل : مين ده وإي اللي بيحصل بالظبط؟!
_ إستطاع محسن أن يستنبط هوية ذلك الشاب فأراد أن يؤكد له ظنونه و...
محسن : معلش ياأخينا متعطلناش عشان لسه هنتفق على القايمة بعد ما نقرا الفاتحة
مالك وقد دب الذعر بداخله : فاتحة وقايمة!!
عمرو مؤكداً بنبرة مستفزة : أه ، أختي هتتخطب عقبال عندك
_ إنقض عليه مالك وأمسك بتلابيبه ، فقد إبتلع منه ما يكفي ويفيض ولم يعد بإستطاعته التحمل أكثر من ذلك ..
وبلا تردد هدر به بصوت صادح إستمع له الجيران و.....
مالك : يعني إي اللي بتقوله ده؟! أنا قريت فاتحتها يعني بقت خطيبتي ، ولا يجوز خطبتها لحد تاني إلا لو أنا فسخت الخطوبة
عمرو وهو يدفعه بعيداً عنه : أوعى إيدك بدل ما أقطعهالك ، هو الجواز بالعافية
_ خرجت إيثار من حجرتها وهي وتضبط حجابها فوق رأسها ثم نظرت للخارج بأعين ذابلة دامعة وما أن لمحها مالك حتى خفق قلبه وشعر بالعجز من الحصول عليها و...
مالك : طب إسألها لو هي موافقة تفسخ الخطوبة أنا هوافق
_ إلتفت رحيم ليجد أبنته تقف على مقربة منهم فحدجها بنظرات مخيفة ثم أشار لها للداخل وبنبرة آمره هتف
رحيم بنبرة آمرة : أدخلي جوه يابت
محسن بلهجة مثيرة للإستفزاز : إي البلاوي دي ، انت هتتجوز بنتهم غصب عنهم يعني!
إيثار وهي تنظر للأخير بأحتقار : أنت مالك ، أنا مش عوزاك مش عايزة أتجوزك مش عايزة
_ اتجه عمرو نحوها ثم قبض على ذراعها ، وجذبها قسراً خلفه من ساعدها في حين ظلت هي تصرخ وتصيح به ليتركها ولكن دون جدوى
أدخلها لحجرتها ، والقاها بعنف على الأرضية ، ثم خرج مسرعاً ، وأغلق عليها الباب من الخارج لتأتي والدته و...
تحية وهي تنهره بحدة : بتعمل إي ياعمرو ، هات المفتاح ده
عمرو بتحدٍ : بنتك مش هتشوف نور الشمس لحد ما تتجوز وتخلصنا من همها ، ولو هي مش متربية أنا هربيها بنفسي
تحية وهي تصيح بهبغضب: هات المفتاح بقولك
_ ألقى عمرو بالمفتاح أرضاً ثم تركها وعـــاد للخارج ، فتفاجأ بمالك ومحسن يتشاجران سويا وإحتد بينهم العراك حتى وصل للضرب وقد تجمع الجيران لرؤية ما يحدث و....
مالك وهو يلكمه في وجهه : مش عايزاك ياعديم الرجولة
رحيم وهو يحاول الفض بينهم : كفاية فضايح الناس كلها بتبص علينا
أحد الجيران : تحب نطلب البوليس ياحج؟
رحيم وهو يهز رأسه بتوتر : لالا ، ده شغل شباب طايشين وهيخلص دلوقتي
عمرو وهو يدفعه بقوة ليرتد للخلف : أمشي من هنا بدل وعهد الله أجيبلك النجدة وهي تشيلك
_ إستمعت العمة ميسرة وروان لما يحدث فركضت روان للأعلى لتسكشف ما حدث فتفاجئت ب....
روان : مالك ، اي اللي حصل ومين بهدلك كده؟
رحيم بلهجة حادة : خد أختك وأمشي من قدام بيتي ومش عايز أشوف وشك تاني
_ صفق رحيم الباب بوجهه ، فإستمع مالك لصوت همسات الجيران و همهماتهم عما يحدث ، فأمسك بأخته وهبط بها سريعا للأسفل و.......
ميسرة بضيق بالغ : أزاي اللي بتقوله ده؟ ، هو احنا عيال عشان يرجعوا في كلمتهم معانا.. ده عمك إبراهيم قعد وأتفق على كل حاجة ووافقنا على كل شروطهم
روان وهي تلعن عمرو : أكيد حمبوزو الزفت هو السبب ، ده وشه يقطع الخميرة من البيت
ميسرة وهي تنهض عن مكانها : أنا هنزل أكلم مع الست تحية وهي أكيد هتساعدنا
.........................................
_ كان مالك جالساً بعالم أخر ، لا يشعر بمن حوله ، فقط آكل الحزن منه وجعله غير قادر على النطق .. أشفقت روان على حال أخيها فأجفلت بصرها لأسفل بضيق ثم توجهت نحو المطبخ لأحضار بعض قطع الثلج .. ثم راحت تضعه على رأس أخيها الذي أصيب على أثر العراك و....
روان : متقلقش يامالك ، ربنا هيقف جمبكوا عشان حبكوا طاهر
مالك وهو يبعد يدها عنه : سيبيني في حالي ياروان
_ نهض مالك عن مكانه ثم توجه لحجرته وصورة حبيبته الدامعة لا تفارق خياله ،
يعتصر قلبه ألماً على عجزه حيال نزح دموعها .. وقف بالشرفة الملحقة بحجرته ونظر للأعلى ليجد النافذة مغلقة وقد تراكم عليها بعض الغبار نتيجة إغلاقها لأيام عديدة .. أطرق رأسه لأسفل بحزن لتسقط عبراته على حذاءه ، فأغمض عينيه بقهر ، وكور قبضته بقوة ثم ضرب بها باب الشرفة
'' وآآآه على قلبي محطماً و قطرات لؤلؤٍ تنسدل من عينيها آلماً ، تبرحني صفعاً وتدمي قلبي المتيم بها دماً ''
............................................................
_ توجه عمرو نحو الباب لفتحه بعد أن تم الطرق عليه ، وقد أنتوى شراً إن كان هو الطارق.. فأندفع لفتح الباب بصورة همجية و
ميسرة والعبوس يغزو قسماتها : سلامو عليكو؟ ممكن أكلم مع الست تحية
عمرو وهو يتلوى بشفتيه حانقاً : خير ياطنط في حاجة؟
ميسرة وهي تشبك أصابعها سويا ، ثم نطقت بإستنكار : هي دي اللي الأصول اللي علموهالك أهلك !؟ بتسيبني واقفة على الباب وتتكلم من طرف منخيرك ليه هو انا جاية أشحت والعياذ بالله!!
رحيم وقد آتي من خلف ابنه : حاشا لله ياست ميسرة ، عمرو ميقصدش كده متأخذيهوش .. أتفضلي
_ دلفت ميسرة للداخل وهي ترمق عمرو بأزدراء ثم نظرت حولها وهي تقول
ميسرة : أنا مش هطول ياحج ، ياريت بس تنادي الست تحية أقولها كلمتين
رحيم وهو يشير للداخل : أتفضلي أدخلي عندها جوه هي في أوضة إيثار .. تاني أوضة على إيدك اليمين
_ ولجت ميسرة للداخل ثم دخلت للحجرة عقب أن طرقتها وتحدثت بعتاب ممزوج بالضيق إلي والدتها و...
ميسرة : يعني هو جوزي ده كان بيلعب معاهم ياست تحية عشان ميعملوش ليه قيمة
تحية وهي تطرق رأسها بأسف : حقك عليا ياحبيبتي ، يقطع الناس وكلامهم هو السبب .. خلى أبوها حكم راسه الجوازة دي مهياش ماشية
ميسرة وقد أنعقد حاجبيها بذهول : كلام إي وبتاع إي!! قطع لسانهم بنتك زي الفل وفي حضنكوا ، سيبك من الكلام الفاضي وقولي ان ابوها بيتحجج .. وأبنك كمان ما صدق يفركشها
_ نظرت ميسرة لحال إيثار وذبول وجهها فأشفقت على حالها كثيراً والذي لا يفرق عن حال إبن أخيها فتنهدت بضيق ثم هتفت
ميسرة : يعني مش حرام اللي بنعمله في الولاد ده؟
رحيم : لأ مش حرام ، بنتي وأنا أدرى بمصلحتها
_ هتف رحيم بعبارته الأخيرة وهو يقف على باب الحجرة و أستكمل حديثه قائلاً
رحيم : لو سمحتي يعني لو جاية زيارة انتي فوق راسنا ، لكن لو جاية تلعبي في دماغ بنتي وتقويها على أبوها وأخوها أنا مش هسكت على كده
تحية وهي تقبض على شفتيها بحرج : ميصحش كده ياحج
رحيم بلهجة آمره : أسكتي انتي ياتحية
_ نهضت ميسرة عن مكانها وقد شعرت بالحرج الشديد ، فكأنه قام بطردها بصورة متوارية .. فركت كفيها ثم نطقت بنبرة متذمرة
ميسرة : تشكر ياأستاذ رحيم ، عن إذنكوا
_ إنطلقت مسرعة للخارج في حين هتف رحيم قائلا بغضب :
الناس اللي تحت دول ملناش علاقة بيهم تاني ، ولا هما ييجوا هنا ولا انتي ليكي علاقة بحد فيهم انتي وبنتك
_ وكأن عضلات لسانها قد توقفت عن العمل ولم تستطع التحدث، فقط نظرت لوالدها نظرات خالية من الحياة ثم وجهت رأسها للجهة الأخرى وأطلقت العنان لعبراتها المنكسرة ..
.....................................................................
_ جاهد مالك للحصول على إجازة من العمل ولكنه عجز عن ذلك ، كانت الأعمال قد تكاثرت عليه ولم يستطع الأفلات منها ، ولكن مازال التفكير خليله في حل للكارثة التي حلت به .. أيام عديدة مرت عليه وهو يحاول الوصول إليها ولكنه يعجز عن ذلك ، في حين تمسك محسن بتلك الزيجة أكثر وأكثر حتى قام بتحديد موعد للذهاب وأتمام الخطبة وتحديد موعد لحفل الزفاف و....
إيثار وهي تضرب الأرض بقدميها : مش عايزاه يابابا ، هتجوزوني بالعافية؟
رحيم وقد نفذ صبره : بقى شوفي بقى ، أنا صبرت عليكي كتير .. ولو حاطه في بالك إني هوافق على الواد اللي تحتنا ده يبقى بتحلمي
إيثار بصوت متحشرج : يابابا انا.....
رحيم وهي يشير بأصبعه محذراً : ألبسي هدومك وتعالي سلمي على عريسك
_ حضر عمرو مهرولاً من الخارج وهتف بلهجة متعجلة
عمرو : أنتو أتأخرتوا ليه ، الراجل قاعد بره هو وقرايبه ومستنين ، يلا يابابا
إيثار بنبرة راجية : بابا أرجوك أنا ....
رحيم بنبرة تهديد قوية : والله ياإيثار لو معقلتيش ورجعتي بنتي حبيبتي المطيعة لأكون متبري منك ولا أنتي بنتي ولا أعرفك ، وده أخر ما عندي !!!!!
إيثار بشهقة عالية : هااااا
عمرو بتأفف : أنا هروح المطبخ أشوف ماما
_ تركاها بمفردها فغطت وجهها بكفيها وشرعت بالبكاء الصامت الذي والتي كانت دموعاً من صميم القلب تحرقه قبل أن تحرق روحها الملتاعة ..
لقد سحقت أحلامها .. وتدمرت طموحاتها ، وبات لزاماً عليهاأن ترضخ لأبيها ..
نعم .. جارت عليها الحياة وظلمتها ، وتركتها وحدها لتعاني .. فمن يسمع أنين قلبها ؟
--------------------------------------------------------
في نفس التوقيت ، كانت سارة قد تأنقت بردائها الأخضر ولطخت وجهها بمساحيق الزينة المختلفة وأخيراً وضعت طلاء الشفاه النبيذي وخرجت من حجرتها تتمايل بخطواتها حتى رأتها والدتها فنظرت لها بأعجاب و......
إيمان وهي تتجول ببصرها عليها : ماشاء الله الله أكبر عليكي ياحبيبتي ، قمر
مدحت وهو يتأمل ملامح وجهها التي تبدلت كثيراً : اي اللي انتي عملاه ده ياسارة ، انتي جميلة من غير كل العك ده
سارة بنظرات خبيثة : يابابي ده عشان خاطر خطوبة إيثار ، معنديش أغلى منها
مدحت ببسمة عذبة : ربنا يكملك بعقلك
إيمان وهي تتلوى بشفتيها : طب يلا عشان نحضر الخطوبة من أولها
_ هبطا سويا على الدرج حتى وصلا للطابق القاطن به أسرة رحيم وأثناء ذلك لمحت سارة مالك وهو يصعد الدرج فقبضت على شفتيها وقررت النزول لأبلاغه الخبر بنفسها ، فهمست لوالدتها في أذنيها وهزت الأخيرة رأسها بتفهم وهبطت سارة حتى رأها مالك ، ولكنه التفت بجسده لفتح باب منزله بعدم إهتمام فبادرته قائلة ببرود :
زيك يامالك؟
مالك دون النظر إليها : الحمد لله
سارة وقد رسمت قناع الحزن على وجهها : أنا زعلت أوي لما عرفت أن خطوبتك انت وإيثار اتفسخت ، وإتفاجئت أنها وافقت على خطوبتها من واحد تاني النهاردة ، معقول تكون باعتك بسهولة كده ؟
مالك وهو يلتفت لها وقد أصابته الصدمة : إييييييه !! ؟
سارة بتصنع : أنت مكنتش تعرف أن الخطوبة النهاردة ، تؤ، تؤ يا حرام ، دول خلاص هيحددوا الفرح ؟
_ استمع مالك في هذه اللحظة لصوت الزغاريد يأتي من الأعلى فإهتز كيانه بالكامل وإرتجف قلبه بفزع .. فها هو حلمه يحققه رجل غيره ، ابتلع ريقه بصعوبة شديدة و.............
#الفصل_١٤
الفصل الرابع عشر
(( لستُ وَحدك من يُعَاني !
فَعِشقك قد سَلبَ عَقلي وأضنَاني ،
وَهَشم روحي وعبث بأحلامي ،
فَتبقى مِني حُطًــام أُنثَى تُقاسِــي.. ))
التوى ثغر ســـارة بإبتسامة خبيثة وهي تراقب ردة فعل مالك المصدومة حينما أبلغته بخبر خطبة إيثار ..
ضيقت نظراتها لتقول بحزن زائف :
-تؤ.. تؤ .. تؤ يا حرام ، باين مكونتش عارف
ظل مالك على حالته المذهـــولة لوهلة ، مع الفارق أن قلبه كان يُعتصر آلماً ، وروحه تنتزع قهراً من جسده ..
وشـــرد سريعاً في أخــر لقاء جمعه بإيثار ...
.......................................
((( راقب مالك الدرج جيداً من العين السحرية لباب منزله مترقباً بتربص خروج عمرو للعمل ، ولحاق أبيه به ليتسنى له رؤية حبيبته التي حُرم منها ..
وما إن تحقق غرضه حتى أسرع صعوداً عليه ، ولحقت به أخته روان ..
طرقت هي الباب حتى لا تثير الشكوك ، بينما توارى أخيها عن الأنظار ..
فتحت تحية الباب ، واندهشت من وجود روان أمامها ، فتساءلت بنزق :
-روان ! إنتي .. جاية هنا ليه ؟
اضطربت روان لوهلة ، وابتلعت ريقها لتحافظ على هدوئها المصطنع ، ثم ردت عليها متساءلة :
-ممكن أشوف ايثار ؟
ترددت تحية في الرد عليها ، وبدى الوجوم واضحاً على تعابير وجهها ، خاصة بعد أخــر مصادمة حدثت مع العائلتين ، فتلعثمت قائلة :
-بس آآ..
قاطعتها روان بنبرة ودودة :
-مش هاعطلها يا طنط ، أنا بس هاطمن عليها
ضغطت تحية على شفتيها ، وتنهدت بإستسلام :
-طب تعالي جوا
اعترضت روان بغرابة :
-لأ هاشوفها هنا عند الباب
تعجبت تحية من طلبها ، وأصرت قائلة :
-مايصحش ،خشي مافيش حد جوا
ردت عليها روان بتوتر قليل وهي تحاول الحفاظ على ابتسامتها الودودة :
-لأ .. كده أحسن يا طنط ، أنا هاسلم عليها وأمشي
أومــأت تحية برأسها إيجاباً وهي تقول :
-طيب ، لحظة
ثم ولجت للداخل لتستدعي ابنتها ، فإستدارت روان برأسها للخلف ، وأشــارت بإبهامها علامة الانتصار ، فاطمن مالك نوعاً ما ..
بعد ثوانٍ قليلة ، لمحت هي إيثار وهي تقترب منها ، فاحتضنت كلتاهما بعضهما البعض بشوق ..
سـألتها إيثار بنبرة شبه حزينة :
-ازيك يا حبيبتي ؟ عاملة ايه ؟ وآآ...
ردت عليها روان مقاطعة إياها بتفهم :
-أنا كويسة
تنحنحت تحية بحرج ، وأردفت قائلة بهدوء :
-طيب هاسيبكم مع بعض وأشوف الأكل اللي في المطبخ
ردت عليها روان بإبتسامة باهتة :
-خدي راحتك يا طنط
وما إن تأكدت هي من ابتعاد والدة إيثار حتى همست بتلهف :
-طمنينا عليكي يا ريري ؟ انتي كويسة ؟
-إيثار
قالها مالك بنبرة مشتاقة وهامسة وهو يتحرك نحوها
تفاجئت إيثار من وجوده ، وانتابها إحساس مرهف جعل قلبها يقفز طرباً لرؤيته
همست بصعوبة :
-مـ.. مالك !
رد عليها ونظرات الشوق والحب تشتعل من عينيه :
-إيثار .. وحشتني ، عاملة ايه يا حبيبتي ، قوليلي حد آذاكي آآ..
قاطعته قائلة بإبتسامتها الساحرة :
-أنا .. انا كويسة
ســـاد صمت محدود بينهما ، لكن نطقت أعينهما عن مشاعر فياضة ..
راقبتهما روان بأسف ، فكم كانت تود أن تدوم قصة حبهما العذري وتتوج في النهاية بالزواج ، لكن للأسف أفسدتها تلك العقول العقيمة بسبب أفكار بالية ..
مـــد مالك يده ليمسك بكف إيثار ، وهمس لها بجدية وهو مسلط أنظاره المتلهفة عليها :
-إيثار ، أنا بأحبك وعاوزك ، واستحالة أتخلى عنك
شعرت بلمساته الضاغطة على كفها ، فسحبته بحرج منه ، وهمست له بعاطفة واضحة في نبرتها :
-وأنا كمان يا مالك .. بأحبك
أردف هو قائلاً بجدية واضحة في صوته ونظراته :
-أنا مش هاسمحلهم ياخدوكي مني ، احنا نهرب !
فغرت شفتيها مصدومة وهي تردد :
-نهرب !
هز رأسه إيجاباً وهو يتابع بحزم :
-ايوه ، هاخدك ونهرب سوا ونتجوز ونعيش في القاهرة وآآ..
قاطعته قائلة بقلق :
-بس أنا مقدرش أعمل كده
ضاقت نظراته وهو يقول بإنزعاج :
-إيثار هما هيمنعونا عن بعض ، وأنا مش هاسيبك !
شعرت إيثار بمرارة حلقها الجاف ، فازدردت ريقها بخوف ، كانت تتوقع حلاً أخراً غير هذا ، ولكنها تعلم أن إقدامها على تلك الفعلة سيؤدي إلى فاجعة حقيقية بكل المقاييس ، ناهيك عما يمكن أن يحدث لوالدتها وربما إصابتها بسكتة قلبية ، وهي لا يمكن أن تفعل بها هذا ، فهي الوحيدة التي وقفت إلى جوارها
كذلك خشيت أن تبثت بهروبها تلك الشائعات التي تتردد عنها .. لذا لا مفر عن الرفض ..
استجمعت هي رباطة جأشها ، وردت عليه بتوتر وقد تجمعت العبرات في مقلتيها :
-بس .. بس مش بالشكل ده ، أنا .. انا مقدرش أعمل كده في أهلى ، مقدرش أسيبهم وأهرب !
تابع قائلاً بضيق وهو يرمقها بنظراته الجادة :
-أهلك هايبعوكي بالرخيص ، دول .. دول بعدونا عن بعض بالغصب ، وآآ...
قاطعته قائلة بضعف :
-أنا هاقف قصادهم وهامنعهم ، لكن مش هاهرب وأجيبلهم العار
أدرك مالك إنه غير قادر على إقناع حبيبته بفكرته ، لذا تودد إليها بتوسل :
-ايثار أنا عاوزك ليا وبس ! أنا معرفتش الحب إلا معاكي
ردت عليه بتنهيدة حارة :
-أنا ليك يا مالك !
لم تستطع كبح عبراتها من الإنهمار ، فبكت أمامه وهي تتابع بصوت منتحب :
-بس مقدرش أهرب ، سامحني مقدرش !
نكست رأسها في خوف .. وأكملت بكائها الصامت ..
فاستشعر هو حالة التخبط التي تعانيها ، فحاول أن يترك لها مساحة من التفكير لتصل إلى قرار صائب دون أن يضغط عليها ..
كذلك آلمه أن يراها تبكي بحرقة وهو عاجز عن فعل أي شيء من أجلها ..
وبصعوبة بالغة سيطر على انفعالاته ، وأردف قائلاً بهدوء :
-اهدي يا حبيبتي ، وأنا معاكي مش هاسيبك
أومــأت برأسها وهي ترفعها لتنظر إليه بعينيه الدامعتين ..
فأكمل قائلاً بجدية :
-اوعديني انك مش هاتبعدي عني ، وأنا هاعمل المستحيل عشان نكمل مع بعض
ردت عليه بخفوت :
-أوعدك يا حبيبي
هتفت روان قائلة بخوف وهي تتلفت حولها :
-مالك ، حاول تنجز ، أمها ممكن تيجي في أي وقت
استدار نحوها برأسه ، ورد عليها بإيجاز :
-طيب
ثم التفت ناحية إيثار ، وتابع بصوت خفيض ونظراته معلقة بوجه حبيبته :
-ايثار خلي بالك من نفسك
مسحت عبراتها بكفها ، وردت عليه بهمس :
-حاضر .. وانت كمان
ابتسم لها وهو يضيف بتنهيدة مطولة :
-بأحبك يا أحلى حاجة حصلت في حياتي !
ردت عليه بعاطفة صادقة :
-بأعشقك
لكزت روان مالك في اخيها ، وهتفت بقلق :
-مالك يالا
لوح لها قائلاً بكفه وهو يتحرك مبتعداً :
-مع السلامة يا حبيبتي
ودعته إيثار بنظرات أخيرة مطولة وهي تطلق تنهيدات عميقة .. )))
.......................................
أفـــــاق مالك من شروده على صــــوت الزغاريد العالية ، فتبدل حال وجهه للتجهم ، والعبوس الشديد ..
أضافت ســــارة قائلة بتشفي :
-بصراحة إيثار مش بتضيع وقت ، بتدور على اللي معاه فلوس وترمي شباكها عليه
زادت من نظراتها المحتدة وهي تتابع بتهكم :
-هي لاقيت اللي يدفع أكتر فوافقت عليه ، معلش خيرها في غيرها يا ملوكة
احتقن وجهه بحمرة غاضبة ، ونبض عصب وجهه بشراسة ، ثم تحرك راكضاً ، وبلا وعـــي إلى الأعلى ...
................................
مــــد محسن يده ليمسك بكف إيثار ، وجذبه للأمام رغماً عنها ليلبسها خاتم الخطبة ..
جفل جسدها من لمسته الخشنة ، وقفز قلبها رعباً من نظراته الغير مريحة نحوها ..
أشاحت بوجهها بعيداً عنه ، وقاومت بصعوبة رغبتها في البكاء ..
شعوراً قوياً بالخزي سيطر عليها ..
تذكرت وعودها لمالك ، وإصرارها على الحفاظ عليه حتى الرمق الأخير ، ولكنها تراجعت مؤقتاً عنهم لتكسب المزيد من الوقت ليرى أهلها بوضوح نفورها من ذلك السمج ..
انتبه الجميع إلى صوت الدقـــات العنيفة على باب المنزل ، فأسرع عمرو بفتحه ، وتفاجيء بمالك يدفعه للداخل بقوة وهو يلج للصــالة ..
صدم عمرو من رؤيته ، وهتف محتداً :
-إنت بتعمل ايه هنا
كانت نظرات مالك محتقنة للغاية ، وصـــاح بغضب :
-انتو اللي بتعملوا ايه ؟
رد عليه عمرو بنبرة محتدة وهو يلوح بذراعه :
-احنا مش فاضينها سيرة وفسخنا الخطوبة ، اتفضل من غير مطرود
هتف مالك بنبرة عصبية تحمل الإصرار :
-مش هامشي من هنا قبل ما أشوف إيثار
اتسعت مقلتي عمـــرو بغضب جم ، واحتج قائلاً :
-انت اتجننت ؟!
رد عليه مالك بإنفعال :
-ايوه أنا مجنون ، ومش هامشي
ثم اندفع للداخل ليبحث عنها ، وبالفعل وجد إيثار جالسة على الأريكة وهي مطرقة الرأس في غرفة الصالون .. استشعرت هي بقلبها وجوده قبل أن تراه ، فرفعت بصرها نحوه ، ونهضت عفوياً من مكانها وهي تشهق مصدومة ..
التقت الأعين ، وتقابلت الأفئدة ..
رأت هي في نظراته المطولة لها العتاب واللوم .. فعضت على شفتيها بتحسر من خذلانها له ..
وتمنت لو قرأ في عينيها صعوبة وقسوة ما تعانيه بدونه ...
وقعت عينيه على الخاتم الذي يزين إصبعها ، فشعر بوخز عنيف في قلبه ..
طعنة غائرة صدمته وأوجعته بشراسة أتته منها ..
بينما كان خاتم محسن يمثل لها حلقة من اللهب والتي أحرقت قلبها وروحها ..
ودت لو انتزعته وألقته في وجهه رافضة تلك الخطبة لكنها كانت عاجزة أمام بطش أخيها وأبيها ..
فهي لا حول لها ولا قوة ..
هب محسن من مكانه وحدجه بنظرات مستعرة وهو يهتف بصوت جهوري غاضب يحمل التهكم :
-في ايه يا عم الحبيب ، أنا مش مالي عينك ، مالك ومال خطيبتي بتبصلها كده ليه
لم يجبه مالك ، بل لمعت عينيه بشدة وهو يســألها قائلاً بحزن :
-ليه يا إيثار ؟
جف حلقها ، وأغرورقت عينيها بالعبرات ، وردت عليه بصعوبة :
-أنا .. آآآ
عجزت عن الرد عليه ، ونكست رأسها قهراً ، فقد اندفع إلى عقلها ذكريات الأيام الماضية مع عائلتها ، وخوفها من تهديداتهم المستمرة بإيذائه في كل ما له صلة به .....
.....................................
((( خشيت إيثار على مالك من عائلتها ، وتحملت لوحدها ظلمهم ..
لكن ما أرعبها حقاً هو وعيد عمرو لها بتدميره بشراسة إن لم تتراجع عن التفكير فيه وتتخلى عنه للأبد ..
ابتلعت ريقها بمرارة كبيرة ..
كانت الأيام عصيبة عليها ، ظلت تقاوم تلك الخطبة المزعومة بكل السبل
تعرضت للضرب وللإهانة منه ، وتحملت ما لا يطيقه أحد حتى يأس أخيها من موافقتها ..
أهانها والدها ، وأجبرها على الخضوع لأوامره ، لكنها ظلت ثابتة على موقفها ..
ولكن لم يتغير شيء أو تعدل عن قرارها حتى حينما جلست مع محسن ..
فرأت منه الوجــه الخفي المخيف ، ذلك القناع الزائف الذي يضعه على وجهه سقط مع أول لقاء لهما ..
فكشف لها بصراحة عن نيته المبيتة للزواج منها شاءت أم أبيت ..
صدمت من مســألة زيجته السابقة ، واتخذتها ذريعة لرفضه ، لكنها وجدت موقفاً مغايراً من أخيها الذي دافع عنه بإصرار :
-مراته ماتت ، مش نهاية العالم إنه متجوز قبل كده ، على الأقل عارف ومقدر يعني ايه حياة زوجية
صاحت ببكاء وهي تتوسله :
-مش عاوزاه ، مش بأحبه ، ليه مش عاوزين تسمعوني !
رد عليها والدها بنبرة جافة :
-هاتتجوزيه يا إيثار
اعتضرت قائلة بنشيج :
-يا بابا ده أكبر مني ، وآآ...
قاطعها عمرو قائلاً بقسوة :
-فرق السن مش كبير !
رمقت أخيها بنظرات حادة ، وهتفت معترضة وهي تحاول السيطرة على نوبة بكائها :
-أنا معرفش عنه حاجة ، ازاي عاوزيني اتجوزه ؟
رد عليها عمرو بسخط :
-واحنا بنقولك اتجوزيه خبط لزق ، اقعدي معاه ، واديله فرصة
هزت رأسها مستنكرة وهي تقول برفض جلي :
-لأ مش قابلة أشوفه أصلاً ، ده .. ده مش مريح !
أمسك بها عمرو من ذراعيها ، وهزها بعنف وهو يصرخ بها :
-انتي بتتلككي عشان ترفضيه ، بس اللي بتفكري فيه ده مش هايحصل ، ولو حتى متجوزتيش محسن ، مش هاتجوزي مالك مهما حصل !
تألمت من أصابعه المغروزة في ذراعيها بشراسة ، وســألته بصوتها المنتحب :
-طب ليه ؟
تلك المرة أجابها والدها بصوت شبه أسف :
-أنا لو وافقت تجوزيه يبقى بأكد كلام الناس ، وأنا مش هاسيب حد ينهش في لحمي !
بينما أضاف أخيها بصرامة وهو يدفعها بقسوة للخلف :
-من الأخر كده محسن أكتر حد مناسب ليكي ، وجوازك منه هايخرس لسان أي حد يفكر بس يجيب سيرتك ، ده غير إنه هيعرف يعيشك في مستوى كويس ويصرف عليكي ببذخ
لم تتحمل إيثار ما يقوله أخيها ، فصرخت فيه بإهتياج :
-مش عاوزاه ، اتجوزه انت
لم تشعر بيده وهي تهوى على صدغها لتصفعها بعنف وهو يقول بخشونة شرسة :
-الظاهر إن الذوق مش هايجيب نتيجة معاكي
صدمت إيثار مما فعله أخيها ، وتجمدت في مكانها مصدومة منه ..
بينما هبت تحية مذعورة من مكانها ، وصرخت على إثر صفعها :
-بنتي !
أمسك رحيم بإبنه ، ومنعه من الإقتراب منها وهو يقول بجدية :
-عمرو ، استنى
نفخ عمرو بصوت مسموع ، ورد عليه بعصبية :
-انت مش شايف يا بابا دماغها الناشفة
نهره رحيم قائلاً بهدوء :
-بالراحة شوية
هتف عمرو بوعيد وهو يرمقها بنظرات مهددة :
-قسماً بالله لو موافقت لأخليها تتحسر على حبيب القلب
نظرت إيثار لأخيها بإزدراء ، ونفرت من تصرفاته العنيفة معها .. واحتجت بإصرار جدي ورفضت الخطبة علناً ، لكن لم يقابل رفضها هذا إلا بالتعنيف الزائد ..
لم تتناول الطعام ، وضعفت صحتها ، وقاومت حتى أخر نفس فيها ..
توسلت لها والدتها تحية أن توافق مؤقتاً ، وأقنعتها بصعوبة على الإقدام على تلك الخطوة البغيضة معللة:
-حرام عليكي يا بنتي ، محدش هيتأذى إلا انتي ، اتخطبيله كام يوم وبعد كده فركشيها ، بس اللي بتعمليه في نفسك مش هايجيب نتيجة مع حد ، اسمعي كلامي يا بنتي ، اتخطبي كام يوم وسبيه
بكت إيثار بحرقـــة وآسى .. وهمست بوهن :
-مش عاوزاه ، مش بأحبه
أضافت والدتها قائلة بحزن :
-يا بنتي متركبيش دماغك ، أبوكي وأخوكي مش هايرحموكي ، أنتي عاوزاني أموت مقهورة عليكي !
بكت إيثار بمرارة أشـــد وتعالت شهقاتها ، ودفنت وجهها في راحتيها ..
توسلت لها تحية بصوت مختنق :
-وافقي يا بنتي وأنا في ظهرك
أبعدت إيثار كفيها ، وردت عليها بإصرار :
-مقدرش ، أنا وعدت مالك
هتفت تحية بإستنكار :
-ومالك فين دلوقتي ؟ مافيش إلا انتي بس قصاد أبوكي واخوكي ، وهو منعرفش عنه حاجة
كانت والدتها محقة في تلك الجزئية ، فلم ترى مالك أو تعرف عنه شيئاً منذ فترة ، وهذا ما أوجعها أكثر ..
أضافت تحية بخزي :
-وكلام الناس ما بيحرمش !!!!
ردت عليها إيثار مستنكرة :
-أنا معملتش حاجة
هزت والدتها موافقة إياها وهي تقول بصوت خفيض :
-أنا عارفة ، ده أنا اللي مربياكي ، بس الناس كلامها مابيرحمش حد ، والمصيبة إنه جاي من القرايب ، وافقي يا بنتي الله يهديكي ، يومين بس وهاننهيها !
حركت إيثار رأسها نافية بجدية مفرطة :
-لأ
مسحت والدتها على صدغها ، واستعطفتها برجاء :
-يا حبيبتي لو موافقتيش أخوكي هاينفذ تهديده في مالك ، إنتي يرضيكي يتأذى بسببك ؟ طب بلاش كده ، مش اللي بيحب حد بيضحي عشانه
ردت عليها ابنتها بتنهيدة متحسرة :
-دي مش تضحية ، ده انتحار
يئست تحية من إقناع ابنتها ، فعمدت إلى اللجوء إلى وسيلة أخرى لإقناعها ، وهي الإشارة إلى الخطر المحدق بمالك في حال إصرارها على الرفض ، لذا هتفت بنزق :
-يا بنتي ، مالك لسه في أول حياته ، ومش حمل تهديدات أخوكي ولا أبوكي ، ده غير عمك ايده طايلة ، ومش بعيد يخربوا بيته ، ومايبقاش في فرصة خالص إنه يتجوزك !
ازدردت إيثار ريقها بخوف ، وفكرت ملياً فيما قالته والدتها ..
استشعرت تحية وجود بارقة أمل ، فأكمل قائلة بحنو :
-عشان خاطري وافقي ، وبعد كده طلعي القطط الفاطسة فيه ، وأنا هاكون معاكي وهاقف جمبك !
إضطرت إيثار في النهاية أن ترضخ لتوسلات أمها ، ووافقت مستسلمة بإستياء كبير على تلك الخطبة المقيتة ..
لكن على عكس توقعاتها ، كانت موافقتها تعني فتح أبواب الجحيم عليها ، فقد أســـرع عمرو في ترتيب كل شيء بمعاونة محسن لإتمام الزيجة في أقرب وقت ، ولم يتركا لها الفرصة للإحتجاج أو التذمر .. )))
.......................................
أفاقت إيثار من حزنها على صوت أخيها الذي كان يصرخ بإهتياج :
-اطلع برا أحسنلك ، هي خلاص مش ليك واختارت الأحسن منك
لم يعبأ مالك بصراخه الجهوري ، فقد كان شاغله الأكبر هو حبيبته .. فنظر لها متفحصاً إياها ، وســألها بقوة :
-اتكلمي يا إيثار هما أجبروكي عليه ؟
صـــاح عمرو محتجاً :
-أجبرناها ، إنت متخلف ؟! هي وافقت برضاها
تدخل محسن في الحوار قائلاً ببرود :
-كلمني أنا يا أخ انت !
ســألها مالك بعصبية :
-انتي وافقتي عشانه أغنى مني زي ما أخوكي بيقول ؟
تسارعت أنفاس إيثار وجفل جسدها من كلماته الصادمة ، وتوترت بشدة وهي تحاول الرد عليه :
-أنا آآ...
فركت أصابعها بإضطراب جلي ، وبدت أكثر شحوباً وهي تحاول انتقاء كلماتها بحذر ..
لم يمهلها عمرو الفرصة للرد ، فنطق بتهور :
-شوف يا ابن الناس ، اختى وافقت على راجل ملو هدومه هيقدر يصرف عليها ويعيشها ملكة في بيتها ، وده مش عيب
بينما أضاف محسن قائلاً بنبرة مهينة وهو يرمق مالك بنظرات إحتقارية :
-أومال يعني كنت عاوزاها تتخطب لواحد زيك فقري مش لاقي يأكل نفسه !
تابع عمرو قائلاً بسخط :
-بالظبط ، لاقيت اللي يستاهلها ويقدرها ، مش واحد آآ...
لم يصدق مالك ما تفوه به الإثنين ، وبدى على وشك الإنفجار فيهما ، فقاطعهما قائلاً بنبرة عنيفة :
-اللي بيقولوه ده حقيقي ؟
ابتلعت ريقها بخوف ، فقد كانت هي الأخرى مصدومة ، وأجابته بتلعثم :
-مـ.. مالك ، أنا آآ...
قاطعها محسن قائلاً بجمود :
-هو انت شغال في مكتب (( ...)) ، بإشارة مني لواحد من معارفي أنا ممكن أضيعك وأنسفك !
شهقت إيثار مذعورة من تهديد محسن الصريح لمالك ، ونظرت له شزراً ..
رد عليه مالك بتحدٍ سافر :
-متقدرش
التوى ثغر محسن بإبتسامة خبيثة وهو يقول :
-انت مجربتنيش !
اشتعلت نظرات مالك ، وأصبحت نبرته أكثر عنفاً وهو يرد قائلاً :
-وريني هاتعمل ايه !!!!!
شعرت إيثار بأن الجميع على حافة الإنهيار ، وان الوضع قد تأزم للغاية ، وأن مالك بات مهدداً ليس من قبل أخيها فحسب ، بل من محسن أيضاً ، ففزع قلبها خوفاً عليه .. فهتفت بنبرة مرتعدة وهي ترمق مالك بنظراتها الباكية
-مالك ، من فضلك ، امشي الوقتي
صاح بها مالك بغضب وقد ضاقت نظراته نحوها :
-مش هامشي قبل ما تردي عليا !!!
رأت إيثار الشرر المستطر في نظرات أخيها ، وتحفزه للإنقضاض فوراً على مالك ، فهتفت متوسلة ببكاء حارق :
-مالك ، أرجوك ، مش هاينفع ، امشي عشان خاطري
أصر قائلاً بعصبية :
-أنا عاوز أسمعها منك ، انتي وافقتي برضاكي عليه ؟
ابتلعت ريقها ، وأجابته بصعوبة وبنبرة مرتجفة :
-آآ... ايوه
اتسعت حدقتيه بصدمة كبيرة ، واكتست تعابير وجهه بالخزي والإنهيار ..
لقد طعنته في ظهره طعنة غائرة .. لم يتوقعها على الإطلاق ..
أنهت بكلمتها المقتضبة حبهما ..
لم يتوقع منها هذا الرد المفاجيء والموجز ...
حاولت إيثار أن تبرر له ، فخرج صوتها مذعوراً وهي تقول :
-بص ، أنا هافهمك بعديــ ..آآآ...
قاطعها بصراخ صــــــارم :
-ششش ! مش محتاج تقولي مبررات ، إنتي فعلاً ماتستهليش إن الواحد يضحي بنفسه عشانك ، إنتي أرخص من إني أفكر فيكي ، أنا لو ندمت على حاجة عملتها في حياتي فهو إرتباطي بيكي من الأساس ، إنتي غلطة مش هاكررها في حياتي
شهقت من كلماته القاسية التي أدمت قلبها فوراً ، وإنهمرت عبراتها بغزارة أشد ..
حدجها مالك بنظرات أخيرة احتقارية ومهينة ، ثم أولاها ظهره ، وانصرف مسرعاً .. فصرخت بشهقة عميقة :
-مالك استنى
حاولت اللحاق به ، وأيقافه ، ولكن قبض عمرو على ذراعها ، ومنعها من التحرك ، وكز على أسنانه قائلاً بغلظة :
-رايحة فين ، اقعدي مع خطيبك !
تلوت بذراعها محاولة تحريره من قبضته الشرسة ، ولكنها عجزت عن هذا ..
وقف محسن قبالته ، وهز رأسه وهو يقول ببرود :
-سيبها يا عمرو ، برضوه الكلام كان جامد عليها !
رمقت هي الاثنين بنظرات نارية إحتقارية ، وصاحت بجنون :
-حرام عليكو ، حرام !!
أرخى عمرو قبضته عنها ، فركضت إيثار نحو غرفتها وهي تدفن وجهها في راحتيها ..
أسرعت والدتها خلفها ، وهي تصيح بها بأسف :
-بنتي
أشــــار رحيم إلى ابنه بجدية وقد عبس وجهه بشدة :
-لم المهزلة دي يا عمرو
أجابه قائلاً بإمتعاض:
-حاضر يا بابا
تابعت ســـــارة ما يحدث بتشفٍ كبير .. وعقدت ساعديها أمام صدرها .. وتغنجت بجسدها بدلال وهي تردد لنفسها :
-تستاهلي يا إيثار ، ولسه ، أنا هاخلي الكل يكرهك !
...............................
عــــاد مالك إلى منزله وهو يجر أذيال الخيبة والحسرة .. فلم يكن يتصور أن حبيبته التي تربعت على عرش فؤاده قد تخلت عنه مقابل شخص أكثر مقدرة مادية منه ..
كان هائماً على وجهه ، الظلام والحزن مسيطران على نظراته ..
كانت عمته ميسرة في انتظاره ، وشهقت مذعورة حينما رأته على تلك الحالة البائسة ..
أسرعت نحوه ، وضمته بذراعيه وهي تقول بحنو :
-ابني !
لم يمنع مالك نفسه من البكاء ، بل إنتحب بأنين مرير وهو يرد عليها :
-باعتني بالرخيص يا عمتو ، سابتني
ربتت على ظهره بحنو ، وهمست له بعاطفة :
-اهدى يا حبيبي
رفع رأسه لينظر نحوها ، وتقطع صوته وهو يتابع بنبرة مخذولة :
-أنا .. أنا كنت فاكر إنها هتستناني
هزت رأسها مستنكرة ما يقوله ، وأضافت بحذر :
-متظلمهاش
تفاجيء من كلمتها الأخيرة ، وردد بلا تصديق :
-أظلمها
بررت قائلة بهدوء :
-انت مش عارف ممكن يكون أهلها عملوا فيها ايه !
بدى واجماً للحظة ، فأكملت برجاء :
-اديها فرصة
تحرك مبتعداً عنها وهو يقول بغضب بعدما تجسد أمام عينيه طيف الخاتم الذي يزين إصبعها :
-لأ .. هي قالت بنفسها انها وافقت عليه برضاها
فغرت شفتيها قائلة :
-ايه ؟!
تابع مالك قائلاً بمرارة واضحة :
-هي باعتني للي دفع أكتر
همست لنفسها مواسية :
-لا حول ولا قوة إلا بالله
صـــاح مالك بإنفعال شرس :
-أنا بأكرهها ، بأكرهها على أد حبي ليها !
حضرت روان إلى غرفة أخيها على إثر صوته المتعصب ، ووضعت يديها على فمها وهي تقول بخوف :
-يا ربي !!
أكمل مالك بصعوبة وهو ينتحب :
-أنا كنت مستعد أموت نفسي عشان اعملها اللي نفسها فيه ، بس طلعت ماتستهلش ، خدت كل حاجة مني في لحظة !
أدمعت عيني روان تأثراً به ، وهمست بصوت مختنق :
-مالك
رفع هو رأســـه عالياً بشموخ ، وهتف بقساوة :
-أنا هنساها ، هي أكبر غلطة ونقطة ضعف في حياتي
اقتربت منه عمته ، ووضعت يدها على كتفه بحذر ، وهمست بتردد :
-اهدى يا حبيبي
وقعت أنظاره على آلته الموسيقية ، فتحولت نظراته للشراسة .. فهي تذكره بها ، وألحانها التي كانت تصدر عنها كانت من أجلها ..
بلا تفكير ، اندفع كالمجنون نحوها ، والتقطها بيده ، ثم رفعها عالياً في الهواء ، وهوى بها على حافة الفراش عدة مرات ليحطمها إلى أجزاء صغيرة ويحطم معها قلبه الذي استسلم لحبها ..
وضعت ميسرة يديها على فمها لتكتم شهقاتها المصدومة
ووقفت روان على عتبة الغرفة تراقب ما يحدث بأعين تفيض من الدمع ..
ركضت هي نحو أخيها واحتضنته بقوة ، وبكت في صدره متأثرة بما حدث له ، بينما تجمد هو في مكانه لوهلة ، وهو ينهج بصدره الغاضب ، وبصعوبة بالغة سيطر على انفعالاته ..
...................................
لم تتوقف ســـــارة عن تسميم أفكار عائلة مالك عن نوايا إيثار الخبيثة في الإيقاع بالعريس المناسب من أجل المال ..
واستغلت خطبتها السابقة لشريف في مليء رأس العمة ميسرة بهذا اللغو الفارغ ..
لم تصدقها الأخيرة ، وظنت أنها تحمل في قلبها حقداً نحوها ، و لهذا تتفوه عنها بتلك الأكاذيب ، ولكن كان مالك على النقيض .. فقد رأى بعينيه شريف في مكتب المحاسبات الذي يعمل به حينما كان يقضي بعض المعاملات التجارية ، وتفاجيء به يلقي الأقاويل عنها ..
لم يصدق أذنيه حينما أبلغه بسعيها هي وعائلتها للبحث عن الزوج الثري الذي ينتشلها من مكانتها ، وأنها عاشقة للمال ، وتستغل براءتها وطيبتها الزائفة للإيقاع بالمغفلين أمثاله ...
ربط مالك ما قاله شريف بذكرى رؤيته له أول مرة ، وتذكر خوفها الكبير من رؤيتها إياه بصحبته.. فظن أنها كانت خائفة من فضح أمرها أمامه ، وإظهار حقارتها وحبها للمال .. وليس كما أخبرته ..
اعتصر قلبه آلماً على ضعفه وحبه لها .. وزاد بغضه لكل ما يتعلق بها ..
..........................................
مـــرت الأيـــام على إيثار وكأنها أدهـــر ، لم تشعر بفرحة العروس ، ولا ببهجة الخطبة ..
وكانت تســاق كالمغيبة في كل لقاء يجمعها بمحسن الذي لم تتقبله على الإطلاق .. وأصرت على حضور والدتها معها حتى لا ينفرد بها ..
أشفقت تحية على ابنتها ، وودت لو استطاعت أن تهون عليها الأمر ، وتجعلها تتقبل وجود خطيبها الحالي في حياتها خاصة أنها لم تجد فيه ما يعيبه .. لكن لم تستطع .. فابنتها كانت وفية لعهد الحب ...
ظل محسن يحكي بفخر عما ينتوي أن يفعله من أجلها ، وهي لم تعبأ بما يقول ..
كانت تستثقل لقائهما .. وتعد اللحظات لكي تعود إلى منزلها ، فترتمي في أحضان وسادتها وتبكي حالها البائس ..
لم تفارقها عبراتها ، وذبل وجهها بصورة واضحة ، وتشكلت الهالات السوداء أسفل عينيها .. وبدت أكثر إرهاقاً ..
كانت سلواها الوحيدة هي خواطر مالك الشعرية .. فكانت ككنزها الثمين الذي يهون عليها ما أدمى قلبها وفطره ..
ما زاد من حزنها هو انقطاع ألحان مالك الشجية و التي كانت تخترق ضلوعها لتصل إلى قلبها .. فتذوب معها فتعيش في أحلامها الوردية ..
لكن بات هذا مستحيلاً في الوقت الحالي ، فهي لم تسمع منه لحناً واحداً لليالٍ طوال ، وكأنه يعاقبها لخيانتها حبهما الطاهر ..
لم تعد إيثار تتحمل البقاء في المنزل أكثر من هذا ، وخاصة حينما اقترب ميعاد الزفـــاف ، فزادت خنقتها ، وشعورها باليأس ..
إحتاجت هي إلى مكان تختلي فيه بنفسها ، مكاناً تستعيد فيه ذكرياتها لمرة أخيرة قبل أن تدفنها في صدرها للأبد .. فتحججت بحاجتها لشراء بعض اللوازم الخاصة لتحصل على فرصة للذهاب إلى مكانها المفضل ..
وبالفعل سمح لها والدها بالذهـــاب ..
ســــارت إيثار بخطوات ثقيلة نحو تلك البقعة المميزة في ( الكورنيش ) وجلست عليها
تنهدت بعمق وهي تحدق في أمواج البحر المتلاطمة ..
ترقرقت عينيها بالدمـــوع ، وشهقت دون مقاومة ، فسيل ذكرياتهما وضحكاتهما العذبة زاد من الأمــر سوءاً وحطم فؤداها أكثر ..
أغمضت عينيها لتمنع عبراتها من الإنهمــار ..
لكن هواء البحر المرطب لم يكن في صفها ، وساعد في ذرفها للعبرات المريرة ...
ابتلت وجنتيها بغزارة .. ورددت مع نفسها بحسرة :
(( شَكَوتُ لموجِ البَحرِ أَحزَاني ،
لَعَله يَذهب إِليك ، وُيُبلِغ عَنِي أشوَاقِي
فَتَعود مُسرعاً لأحضَاني وملبياً لِندَائي ..
ولكني بِتُ وَحِيدة ، وَ أسِيرَة آمَالِي .. ))
-إيثار !
قالها مالك بنبرة مصدومة ، ففتحت هي عينيها فجــأة ، وأدارت رأسها في إتجاهه لتحدق فيه بعدم تصديق
ظهر شبح ابتسامة خفيفة على ثغرها وهي تراه أمامها ..
رمشت بعينيها عدة مرات ، وهي تهمس له بصوت مختنق :
-مالك
صدمت أكثر حينما باغتها بسؤالها بنبرة أقرب للقسوة وقد تحولت نظراته للإظلام :
-ايه اللي جايبك هنا ؟
اضطرب جسدها ، ودبت في أوصالها قشعريرة قوية ، وإرتبكت وهي تحاول إجابته :
-أنا .. أنا
قاطعها بصوتٍ قاسٍ :
-معندكيش طبعاً اللي تقوليه !
ابتلعت ريقها ، وتوسله برجاء :
-مالك ، أرجوك اسمعني ! اللي حصل كان غصب عني وآآ..
قاطعها بنبرة صـــارمة :
-متقوليش حاجة
أضافت قائلة بإصرار وقد زاد لمعان عينيها :
-إنت .. إنت مش عارف عمرو كان ممكن يعمل فيك ايه لو مكونتش وافقت على الجواز من محسن !
صاح فيها بغضب مخيف :
-اخرسي ماتنطقيش اسمه قدامي
جفلت إيثار من صراخه ، وإرتعشت من نظراته القاتمة ، فهتفت بتلعثم :
-مـ.. مقصدش ، بس والله خوفت عليك منه ، صدقني !
التوى ثغره بإبتسامة متهكمة وهو يردد :
-بجد خوفتي عليا ، لأ حقيقي إنتي ممثلة هايلة ، عاوزة تعيشي على طول في دور الضحية ، والباقي كله ظالم ومفتري !!
شعرت بوخــــز قوي في صدرها من عباراته اللاذعة .. وزاغت أبصارها وهي تتابع حديثه المرير :
-أنا كنت مستعد أعمل أي حاجة عشانك ، بس الظاهر كلام الناس عنك صح
ســألته بهلع وقد تجمدت أنظارها عليه :
-تقصد ايه ؟
رد عليه بسخط وهو يرمقها بنظرات مهينة من رأسها لأخمص قدميها :
-انتي بتبيعي نفسك للي يدفع أكتر ومش مهم عنك تكسري قلب مين !
وضعت إيثار يدها على صدرها ، وكورتها في غضب ، وهزت رأسها مستنكرة ما يقوله ، وصاحت بنبرة مرتبكة :
-انت غلطان ، أنا مش كده
أضاف قائلاً بحنق :
-أنا كنت غبي وعبيط وصدقتك
إنهمرت عبراتها قهراً ، وهتفت محتجة :
-حرام عليك ، إنت مش عارف حاجة
اقترب منها خطوة ، فرأت في عينيه قساوة غريبة ..
نعم لقد تبدلت نظراته الحانية الشغوفة إلى نظرات حانقة مميتة ..
انتفضت فزعة في مكانها على صوته وهو يقول بنبرة آلمتها للغاية :
-ومش عاوز أعرف ، بس هاقولك حاجة أخيرة ، على أد ما أنا حبيتك على أد ما أنا كرهتك !
ارتجفت شفتيها وهي تهمس بإسمه :
-مــ.. مالك
صرخ فيها بصوت هـــادر أرعبها :
-ماتقوليش اسمي ، سامعة !
نكست رأسها بحزن .. وأغمضت عينيها بقوة ..
تابع هو قائلاً بإهانة وهو يرمقها بنظرات إزدراء :
-إنتي أرخص من إني أزعل عشانك ، أو أضيع مستقبلي وحياتي على واحدة زيك
ضمت يديها إلى صدرها ، وبكت بأنين خفيض وهي تستمع إلى عتابه القاسي ..
هي لم تفعل ما يستحق هذا
هي حاربت من أجله لوحدها ..
ولكنها لم تستطع الصمود أمام بطش عائلتها ..
أكمل قائلاً بنبرة جافة تحمل الشراسة :
-عارفة ! أنا هنساكي ، أيوه هادوس على قلبي ، وهأمحيكي من حياتي ، إنتي هاتكوني مجرد ماضي أليم هتنسى مع الزمن !
شهقت إيثار بصوت مسموع ، وزادت خنقتها ..
شعرت بأن الدنيا قد أظلمت من حولها ..
أنها خسرت كل شيء في لحظة
إحساسها ، قلبها ، مشاعرها ، حبها ، قلبها ، واخيراً حريتها ..
لكن لم يكف مالك عن توبيخها بكل قسوة لديه ، فأضاف بصوت قاتم أخير :
-إنتي هاتبقي مش اكتر من واحدة عرفتها ونسيتها !
ثم رمقها بنظرات أخيرة احتقارية قبل أن يتركها وينصرف لتنهار في مكانها باكية على رحيل أخـــــر ما تبقى من حبها .. للأبد ................................
تابعووووووني
الفصل الخامس عشر والسادس عشر من هنا
رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا
رواية خيانة الوعد كامله من هنا
رواية الطفله والوحش كامله من هنا
رواية جحيم الغيره كامله من هنا
رواية مابين الضلوع كامله من هنا
رواية سيطرة ناعمه كامله من هنا
رواية يتيمه في قبضة صعيدي كامله من هنا
الروايات الكامله والحصريه بدون لينكات من هنا
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
تعليقات
إرسال تعليق