رواية وبقي منها حطام انثي الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية وبقي منها حطام انثي الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
الفصل التاسع
_ توقفت الكلمات على حافة لسانها وعلقت الحروف بحلقها وكأنها لاتقوي على السيطرة على حالها .. في حين أنتبه هو لحالة الأرتباك الملحوظ التي طغت على كيانها فأردف قائلا
مالك : مش هتقولي حاجة
إيثار وهي تجاهد للنطق ولكن دون جدوى : آآ.. اانا ....
_ لم يكن أرتباكها وحمرة الخجل التي علت وجنتيها إلا سبباً قاطعاً يزيد من تعلقه بها وإيمانه بإنها هي ضالته التي يبحث عنها .. رأى بها مكملتة ونصفه الأخر الذي سيكمل النقص فيه ، أما عنها فقد رأت حلمها به وشعرت بخطوات قلبها تخطو نحوه ولا تستطيع إحكام سيطرتها عليه ، لقد أنفلت منها زمام الأمور وأصبح فؤادها متعلقاً بأمل حبه .. وما الأمل إلا حلماً ستسعى وراءه
مالك بنظرات مغزية : طب طالما مش عايزة تتكلمي أنا عندي فكرة
إيثار وهي تهز رأسها بعدم فهم : ا اايه؟
مالك وهو ينظر لخارج العقار : هاخدك للمكان بتاعي .. هناك بس هتلاقي كل الكلام اللي تقوليه
_ هزت إيثار رأسها برفض ثم نظرت حولها بتوجس وهي تهتف بأرتجافة في صوتها
إيثار : انا لازم أطلع عشان متأخرش وو.. و
_ جذبها مالك خلفه دون الأستماع لما تبقى من حديثها في حين عارضته بشدة وظلت تنطق به لكي يتركها ولكنه أصر على فعل ذلك .. سحبها خلفه حتي خرج من العقار ثم نظر للطريق جيداً وعبره وهو يمسك بكفها ثم سار بها لبعض الوقت وهو ملتزم الصمت .. جاهدت لتوضح له مدى الخطأ الذي يرتكبانه ولكنه لم يصغي لها ، فقط يصغي لصوت نبضاته التي أصبحت تنطق بإسمها ثم توقف عن السير فجأة وألتفت لها لتصاب عينيها بنظرة عميقة من عينيه فتلاشى الحديث وتوقفت عنه في حين هتف هو بنبرة عازفة
'' أتركي وثاق الخوف ينفلت عن نحركِ .. ألا تكفي نبضاتي مطمئنة لقلبكِ ، أتركي الهوا ليبعثر روحكِ كما فعل في حبكِ ''
_ أطرقت رأسها حياءاً من حروف كلماته المتناسقة التي تستشعر فيهم الصدق ومن ثم توقفت عن نهره وسارت معه بإستسلام .. حتي وصلا للبقعة الخاصة به أمام البحر فتقدم بقدمه صوب البحر ناظراً للرمال الصفراء بتأمل ثم هتف بخفوت
مالك : خمسة يمين من أول الصخر وبعدين واحدة شمال وبعدها كان اي يامالك .. كان اي ...!؟
إيثار وقد أرتفع حاجبيها بأندهاش : أنت بتكلم نفسك؟!
مالك وهو يشير بيده لكي تنتظر : أستني بس أنا كنت حافظ بس نسيت
إيثار وهي تنظر لموضع بصره : مش فاهمة حاجة!؟
مالك وقد أتسع مبسمه بإبتسامة واسعه : صح صح ، خلاص عرفت .. تعالي كده
_ جذبها بخفه ثم أدارها ليكون ظهرها قبالة البحر ثم أشار لها بسبابته نحو صخرة كبيرة الحجم ثم هتف
مالك : شايفة الصخرة دي .. أمشي من جمبها خمس خطوات واسعين بما أنك قزمة
إيثار وهي ترمقه بغيظ : بقى كدة!! ؟
مالك مقتربا منها وقد لمعت عينيه بحبها : مابلاش البصة دي أحسن أتجنن
إيثار وهي تعود للخلف خطوتين : لا خليك زي ماأنت
مالك : طب يلا أمشي وعدي بس برجلك اليمين مش ناقصين
_ خطت إيثار خمس خطوات متسعة كما وجهها هو ثم توقفت وألتفتت إليه لينطق ب...
مالك : تحت رجلك بالظبط أحفزي في الرملة علي بعد شبر بالظبط
إيثار وهي تعقد حاجبيها بذهول : نعم !! أنت جايبني ألعب في الرملة.. ليه ان شاء حد قالك بحن لأيام الطفولة
مالك وهو يحك طرق ذقنه : اه لو تسمعي الكلام وميبقاش لسانك 6 متر .. يلا يابنتي عشان الوقت
_ أنحنت إيثار بجسدها ثم بدأت تنبش الأرضية الرملية حتي لمحت ورقة بيضاء صغيرة مطوية فنظرت له حتى وجدته يهز رأسه إيجاباً لكي تحضرها .. فأمسكت بها وأعتدلت في وقفتها ثم فتحتها لتجد نقش بحرف الباء '' ب '' فضيقت عينيها في حين بادرها هو قائلا
مالك : دلوقتي هتمشي خطوتين شمال تاني وتجيبي اللي تحت رجلك
إيثار بلهجة متسائلة : تاني؟
_أومأ رأسه ثم أشار لها للتحرك ، فتقدمت شمالاً كما وجهها ثم أنحنت لتنبش الأرض حتي وجدت ورقة صغيرة أخرى فأعتدلت لتفتحها لتجد حرف الحاء ، فأعتلت أبتسامتها ثغرها ولكنها جاهدت إلا تبرزها حتي لايفطن هو أنها قد أكتشفت اللعبة ..
'' يَهجُر الجمَال كُل أَوطَانهِ لِيَستَقِر فِي ثُغركِ، إِذا إبتسمّتِي.... ''
_ هكذا لمعت عيناه متلذذاً برؤية إبتسامتها ، فنظرت له بفضول ثم هتفت
إيثار : وبعدين
مالك وهو يرفع رأسه قليلاً ليتعمق بالتفكير : متهيألي هتمشي خطوتين يمين .. لالا 3 خطوات يمين
إيثار وهي تشير بأصبعها ليبتعد : طب ابعد شوية
مالك وهو يرفع حاجبيه : هو أحنا متخاصمين ياإيثار ولا حاجة.. ليه المعاملة دي بس
إيثار وقد برز صوت ضحكتها أخيراً : ايوة كده اضحكي وارفعي من معنوياتي احسن دي هبطت خالص
_ تحركت بهدوء ثلاث خطوات ثم أنحنت تنبش الرمال بأصابعها ولكنها لم تجد شيئا .. فأستمرت بالنبش ظناً منها إنها ستجد شيئا ولكن....
مالك : متهيألي أنك لازم تيجي يمين شويتين ، ماانتي قصيرة والمفروض كنت اعمل حساب ده بس معلش المرة الجاية
إيثار بتنهيدة : اللهم طولك ياروح
_ تحركت خطوة واحدة ثم أعادت الحفر حتي وجدت ورقة أخرى ولكنها كبيرة الحجم شيئاً ما ، فتحتها لتجد أربعاً من الأحرف المفرطة غير الملتصقة '' ب ح ب ك '' وقد تجمعت بظهر الورقة .. فأرتسم الحياء على محياها ثم عاودت النظر له وقد تلاشى خوفها وأزداد إيمانها به .. كانت عيناه تتحدث بصمت وقد أستشعرت الصدق بهما ، فأطرقت رأسها بخجل في حين بادرها هو قائلا بنبره أقرب للهمس
مالك : بحبك ياإيثار ، ماانا مش هسكت كتير
إيثار بتوتر جلي : مش مستعجلة شوية!؟
مالك ببسمة عذبة : أنا اعرفك بقالي شهرين .. معتقدش كل الفترة دي استعجال ، بالعكس انا حاسس اني كنت بارد
_ أمسك كفها ثم أمرها أن تغمض عينيها فأنصاعت له .. فنقش لها علي بطن كفها '' بحبك '' دبت القشعريرة في أوصالها وكادت تنتزع كفها منه ولكنه أحكم قبضته عليه وبدأ ينقش كلمة أخرى '' تتجوزيني '' فأضطرب شعورها وفتحت جفنيها فجأة لترمقه بعدم تصديق فنطق هاتفاً
مالك : انا عايزك تصدقيني ياإيثار، انتي متعرفنيش كويس ومش حابب انك تحكمي عليا من غير ما تعرفي .. انا اه لسة طالب لكن بشتغل ودي اخر سنه ليا في الجامعة .. وشقة اهلي مقفولة بقالها سنين طويلة مستنياني انا والأنسانة اللي بحبها ، يعني أقدر أشيل مسؤلية بيت وأسرة
إيثار وقد لمعت عيناها فرحاً : ........
مالك مترقباً لرد فعلها : تقبليني! ؟
_ أجفلت بصرها وعلقت عيناها على الورقات الصغيرة المطوية بيديها ثم تحدثت ب.....
إيثار : اهلي مش هيوافقوا عليك ، وخصوصاً عمرو
مالك وقد تجهمت ملامحه : انا مش هسيب سبب يرفضوني بيه ياإيثار ، انا مش عايز غير انك تثقي فيا وتستنيني الكام الشهر دول ، لحد ما أخلص بس السنة دي
إيثار بتأمل : ......
مالك وهو يقبض علي كفها بخفة : مستعد أحاربهم بالسياسة عشانك ، بس تبقي معايا
_ هزت رأسها موافقة علي خوض معركة الحياة معه فبثت بداخله الأمل ليري بعينيها دنيا جديدة مفعمة بالسعادة والسرور ، ولكنه حبذ أن تطرب أذنيه بسماعها فهتف ب.....
مالك : طب انتي حاسة بحاجة ناحيتي !! صح ؟
إيثار وهي توزع نظراتها حولها بتوتر :.......
مالك بلهجه راجية : لا والنبي ما تسكتي، قولي إي حاجة طمنيني
إيثار وهي تهز رأسها : اا آآ آ... اه
_ سحب شهيقاً عميقاً وقد شعر بإنتعاشة تقتحم صدره .. فقد أطمئن من ناحيتها وضمن وجودها معه على الأقل بهذه المرحلة وحتي ينتهي من إعداد نفسه لملاقاة أهلها ، أصرت هي على الرجوع لمنزلها حتي لا ينكشف غيابها أكثر من ذلك .. فأنصاع لرغبتها مستسلماً وقام بتوصيلها للمنزل
..............................................................
_ على جانب آخر _ كانت المناقشات على أشُدها بين سارة ووالدتها ، والتي راحت الأولى تنثر بالسم في أذن والدتها وقامت بتزوير الحقائق وتغييرها حتى يكتمل أنتصارها بتشتيت شملهم الذي أجتمع للتو .. كان الحقد ذئباً يأكل من ضلوعها وصدرها ، فهى أعلى جمالاً وأنوثة من تلك الإيثار ولكن لم ينظر لها مالك يوما أو ينجذب نحوها ولو بنظرة .. لما هى بالذات دون غيرها ، لن تهنأ إلا بعد أن ترى ثمرة ناجحة لمخططها الذي بدأت في تنفيذه للتو وكان أول عنصر به هو والدتها
إيمان وقد أتسعت شفتيها بشهقه عالية : انتي متأكدة ياسارة ، شوفتيهم بعينك؟
سارة وقد أمتلئت نبرتها بالجشع والحقد : يعني هكدب عليكي ياماما ؟! ده انا شايفاه بعيني وهو بيبوسها تحت السلم .. وعايشين أخر انسجام مع بعض
إيمان وهي تستند برأسها علي أطراف أصابعها : بنت ال .... يعني الكلام اللي اتقال عليها في مصر صح بقى!!
سارة وهي تزيد من إشعال صدر والدتها : واضح كدة ياماما ، وجاية هنا بقى تكمل حواديتها القذرة
إيمان بنصف إبتسامة وهي تتحدث بسخرية : وقال اي ابوكي جايبهم هنا عشان يجيبولنا الفضايح بعد ما عشنا سنين كافيين خيرنا شرنا .. لا القرف ده ميتسكتش عليه ، يااامدحت
سارة وقد أنتفض فلبها ذعراً : انتي هتعملي اي ياماما!!
إيمان ولهجتها لا يبدو فيها الخير : لازم ابوكي يسمع بودانه
مدحت بتذمجر : في ايه !؟ هو ايه ده اللي اسمعه ياإيمان؟
_ قالها مدحت وهو يلج خارج حجرته ، فباغته إيمان بنظرات ساخرة وهي تتلوى بشفتيها ثم تحدثت ب ....
إيمان : بنت اخوك ال... هتجيب لأهلها الكلام وتجيب لنا احنا كمان
مدحت وهو يرمق ابنته بنظرات متفحصة : قولتي اي لأمك وسخنتيها كده ياسارة
سارة وقد بدا عليها التوتر؛ اا انا ، انا مقولتش غير اللي شوفته
إيمان بتهكم : بنت أخوك مقضياها مع ابن الجيران واخرتها سارة تقفشهم وهما بيبوسو بعض تحت السلم
مدحت وقد أتسعت حدقتيه بعدم تصديق : انتي اتجننتي ياولية ، عيب اللي بتقولية ده ، هى حصلت للدرجة دي!
إيمان وهى تضع يدها اوسط خصرها : وهو انا بقول حاجة من عندي؟! ، انا بنتي متكدبش في الحجات دي أبدا
مدحت وهو يقبض علي ساعد إبنته : جيبتي الكلام ده منين يابت انتي؟
سارة بتأوه : اااه ، وانا مالي يابابا ، ده انا شوفتهم بعيني تحت وانا طالعة والله
مدحت وهو يتغلغل بنظره بعينيها : شوفتيهم؟! متأكدة من الكلام ده؟
سارة وهي تتملص من يده : اه يابابا متأكدة والله شوفتهم ، لو مش مصدقني أستني بنفسك لما ييجوا سوا بعد شوية وهخليك تشوف بعينك
_ دفعها مدحت بقوة وهتف بحدة قائلا
مدحت : اما اشوف هبقى اصدق ، غير كده حسابك معايا
سارة :................
...................................................................
_ تركها بمنتصف الطريق حتى تعاود الوصول بمفردها منعاً لأثارة الشكوك حولها ، في حين كانت إيثار تخطو خطواتها بمرح غير عابئة بدنياها التي من حولها.. صعدت منزلها بفرحة غريبة لم تشعر بها من قبل ، يتراقص قلبها فرحاً ، فهذا هو أفضل وأسعد أيام حياتها على الأطلاق .. نزعت عنها ملابسها بسرعة وهي تتلهف للأستذكار ولأستماع الموسيقي وتتلهف للطعام والحلوى و.. و.. و.. الخ
ترغب بفعل الكثير من الأشياء بوقت واحد ، فقامت بالتقدم نحو المبرد وسحبت منه صحن من الأرز باللبن وملعقة معدنية ثم دلفت لحجرتها لتستمع لصوت '' كمانه '' وكأنه ينادي عليها ، فقامت بوضع الحجاب علي رأسها وأطلت بجسدها من النافذة لتجده ينظر إليها بأعين عاشقة يملأها الشغف في حين لمح بيدها الملعقة الصغيرة فأبتسم وهو يهتف
مالك : بتاكلي اي؟
إيثار بعفوية زائدة : رز باللبن ، عملته أمبارح
مالك وقد أتسع مبسمه بإبتسامة واسعة : طب عايز أدوق .. أبعتيلي طبق بسرعة
إيثار وهي تعض على شفتيها بحرج : مش هينفع ، ابعته ازاي؟
مالك وهو يحك رأسة بتفكير : ابعتيه في السبت او حبل إي حاجة ، المهم عايز أدوق عمايل مراتي المستقبلية.. على الأقل أطمن على نفسي
إيثار وقد لمعت عيناها بالتفكير : طب ثواني
_ ذهبت سريعاً لإحضار ما تبقى من حبل الغسيل الذي تركتة بالشرفة ثم عاودت لحجرتها سريعاً ثم قامت بربط الصحن من الأتجاهات الأربع ونظرت من النافذة بحذر ثم بدأت تهبط به بهدوء حتي ألتقطه منها بسرعة ثم أشار لها بيدة لتنتظر .. وما هي إلا دقائق معدودة حتى عاود النظر إليها وقام بربط الصحن فارغاً مرة أخرى وأشار لها لتسحبه .. وعندما رفعته تفاجئت بزهرة حمراء متفتحة أوراقها قد ألتصقت بالصحن من الأسفل ومشبوك بأوراقها الخضراء ورقة صغيرة .. إبتسمت بحيوية ثم حلت التشابك لتقرأ بها
'' تلثمت يداها بالحرير ، وقلبي لحب غيرها .. لضرير ''
_ تنهدت بإرتياح ثم وضعت الصحن جانباً وصبت حواسها أجمع على الحروف التي خط بها بيده .. ثم لامست بأنفها الزهرة لتستنشق عبيرها
................................................................
_ بينما كان مالك يغلق النافذة فدلفت إليه عمته '' ميسرة '' وهي تتقدم نحوه بخطوات متمهلة ، فألتفت هو ليُصدم من رؤياها في حين رمقته هى بنظرات متفحصة ثم هتفت
ميسرة : يارب تبقى مبسوط على طول ياحبيبي ، بس ياتري أيه اللي بسطك أوي كدة
روان وهى تدخل عليهم لتشاركهم الحديث : وانا كمان ملاحظة حجات غريبة كدة
مالك وهو يحك مؤخرة رأسة بحرج : للدرجة دي باين عليا!!
ميسرة بنبرة خبيثة : هو ايه بقى اللي باين عليك؟!
روان وهي تصطنع عدم المعرفة : اه هو ايه بقى !؟
مالك : مفيش حاجة ياجماعة .. بس احتمال يحصل حاجة قريب تفرحكو ان شاء الله
_ جلست ميسرة على حافة الفراش ثم نظرت له بأهتمام أكثر وهى تنطق ب ....
ميسرة : طب ما تفرحني من دلوقتي يامالك ، مش هقدر أستنى
روان وهي تغمز لمالك : حاجة جاية من فوق، مش كدة يالوكتي
مالك وهو يحدق بها لتصمت : ياه لو تسكتي ، هتكوني زي العسل ياروان
ميسرة وهى تهز رأسها بمكر : قولتولي بقى ، هى الحكاية فيها فوق !!
مالك وهو يجلس على مقعد المكتب المقابل للفراش : بصراحة كدة في بنت داخلة دماغي اوي ، وان شاء الله اول ما اخلص سنة رابعة هنروح نطلبها من اهلها
ميسرة وقد على مبسمها الأبتسامة : بجد !! وماله ياحبيبي ، خلص على خير واللي انت عايزه هنعملهولك .. بس هى مين !؟
مالك مطرقا رأسه : هتعرفي ساعتها ياعمتو
_ كانت بديهتها أقوى مما يتخيل هو ، فقد لاحظت منذ فترة تغييره وهيامه الدائم وشروده المستمر .. علمت بالفطنة أنه أحب تلك الفتاة التي قطنت بعقارهم قريباً فشعرت بالراحة لأجله .. فَطالما تمنت أن يكون گباقي الشباب في مرحلته العمرية وينتقي له الفتاة التي تناسب تفكيره وأرائه .. فتاة تعوض عليه الحب وتسد فجوة الحرمان التي يشعر بها رغم وجوده وسطهم ، تنفست بأرتياح وهى ترى صورته المتجسدة أمامها وهو يرتدي حُلته متأنقاً بها ليجتمع بنصفه المكمل فسيطر الفرح على ملامحها ثم شرعت تعد برأسها ترتيبات خاصة لهذا اليوم الذي تنتظره بفارغ صبر
.................................................................
_ على الجانب الآخر _ كان يقف مدحت بالنافذة غير مصدقاً لما يراه ، لقد رأي بعينيه إبنة أخيه وهى تتحدث بودّ لأبن الجيران بل وترسل له الطعام أيضاً .. ياللكارثة !! ماذا سيفعل الآن ، لابد من اللحاق بالأمر قبل أن يتطور عن ذلك.. فرأي أن ما عليه هو أن يحدث أبيها بهذا الأمر ليلحق بالأمر قبل أن يتفاقم ويتطور عن ذلك .. وكانت زوجته تحبذ هذه الفكرة بصورة كبيرة بل وحثته عليها بشدة أيضاً حتي علقت الفكرة برأسه وقرر تنفيذها ..
تحية : ايوه ، ثواني ياللي على الباب
_ كانت هذه عبارة تحية عقب أن أستمعت لصوت قرع علي الباب ، فألتقطت حجابها الطويل '' الخمار '' ثم أرتدته سريعاً وفتحت الباب لتجد مدحت أمامها .. فأفسحت الطريق له وهي تهتف
تحية : أهلاً يامدحت أهلاً ، أتفضل
مدحت مطرقا رأسه : هو رحيم هنا يامرات أخويا؟
تحية وهي تومئ برأسها إيجاباً : ايوه جوه ، أتفضل أدخل ده بيتك
مدحت وهو يربت علي صدره بإمتنان : تشكري ياتحية
_ دخل لمحيط الصالة بينما حضر رُحيم عقب أن أستمع لنبرته التي يعرفها .. فأبتسم له بودّ ثم أشار له للجلوس وهو يقول
رحيم : أقعد أقعد ، أعملي شاي ياتحية أوام
مدحت وهو يشير بكف يده : لالا ملهوش لزوم ، انا عايزك في موضوع كده وهطلع تاني
رحيم بجدية : وماله يااخويا قول ، بس لازم نشرب حاجة الأول
مدحت بإيجاز : هنشرب بعدين ، في حاجة غلط شوفتها ولازم تعرفها .. عشان مينفعش أسكت عنها يااخويا
رُحيم وقد شعر بالريبة من المقدمة التي بدأ بها : في اي يامدحت قلقتني ، اوعي يكون عمرو عمل مشاكل في الشغل ولا حاجه؟
مدحت وهو يهز رأسه نافيا : لا أطمن ، عمرو ماشي كويس .. المشكلة في إيثار
رُحيم وهو يبتلع ريقه بتوجس : إإ.. إيثار !! مالها إيثار ؟
مدحت وهو يزفر أنفاسه بضيق : واضح أنها على علاقة بإبن الجيران اللي تحتيكوا
رُحيم وهو ينهض عن مكانه بعنف : إيه!!!!!
......................................................................
_ وضعت الزهرة بأحد الكتب القديمة التي تحتفظ بها ثم دسته بأحد الأدراج الخشبية بالكومود.. ثم أمسكت بالورقات الصغيرة المطوية وأخذت تتحسسها بأناملها ثم وضعتهم بمظروف صغير بجانب الورقة التي أرسلها إليها مؤخراً .. ثم دست المظروف أسفل وسادتها وجلست على فراشها تسترجع ذكرى أعترافه لها وكلماته الصادقة التي وقعت علي مسامعها گالسحر بل وأقوى تأثيراً .. حتي قطع عليها لحظتها السعيدة صوت أبيها وهو يهدر بإسمها منادياً فأنتفضت فزعاً وأرتجفت أوصالها وقد شعرت بالخطر يحوم فوق رأسها .. فقامت بالخطو بحذر نحو الخارج .. في هذا الحين وصل عمرو من عمله وقد أستمع لصوت أبيه وهو يصرخ منادياً فدب الذعر بداخله وتسائل عن سبب ثائرة أبيه ، فلم يتررد رُحيم في أخباره
رحيم : أختك مديانا علي قفانا كلنا ، بتصيع مع ابن ال.... اللي ساكن تحتينا
عمرو فاغزا فاه : ااي ! ؟ انت متأكد يابابا؟
تحية وقد أغرورقت عيناها بالدموع : بنتي متعملش كده مش ممكن
إيثار وهي تخطو نحوهم بحرص شديد : نعم يابابا ، حضرتك ناديت عليا!؟
_ شعر عمرو بالغليان يصل لرأسه وقد أمتلئت عينيه بالغضب فتقدم صوبها بعنف بيّن ثم جذبها من جذور شعرها حتي كاد يقتلعه بين يديه بشراسة لم تعدها منه من قبل ، ثم هدر بها گالمجنون
عمرو : بتعملي أي مع ابن الجيران يا .... يا..... ، مكفاكيش اللي حصل في مصر جاية تكملي هنا يا.....
تحية وهي تحاول الصد عنها : يابني سيبها تكلم ونشوف هتقول اي!؟
إيثار وهي تصرخ من هول الآلم الذي أجتاح رأسها : والله ما عملت حاجة ، في ايه بس اااه راااسي
رحيم وهو يجذبها من يديه ليصفعها بقوة : ياو.... يابنت ال..... ، ده انا هموتك النهاردة .. بتحطي راسي في الأرض يا......
إيثار وقد علت شهقاتها وشعرت بالتمزق داخلها : ليه بس يابابا انا معملتش حاجة والله في اي فهمني
مدحت وهو يقبض على ساعد أخيه : يارحيم المواضيع دي متتحلش كدة أستهدا بالله
رحيم وهو يجذبها من رأسها نحو الأرضية لتسقط : ده انا همووووتها ، مش هخليها تشوف الدنيا تاني
_ أنهال عليها بالضرب المبرح حتى أن أخيه وزوجته فشلا في منعه عن ذلك .. فكانت حالة الهياج التي وصل إليها لا توصف من هولها ، لم يشفع لها صراخها وصوت نحيبها المتكرر وهي تهتف بعدم فعلها شيئا ولكن لم يهتم لها أحداً ، وظلت والدتها ترجوه أن يصفح عنها ويكف عن إيذائها ولكن دون جدوي ، كان الضغط النفسي والعصبي قد إشتد عليها فلم تتحمل كل هذا العبء .. حيث سمحت لقواها أن تخور وتركت العنان لقدميها لتسقط مغشياً عليها فأنتبه الجميع لها و.....
عمرو بقسمات فزعة وهو ينحني عليها :ماما .. ماما ردي عليا
رحيم وهو يضرب على وجنتيها برفق : تحية ، جرالك أي ياتحية
عمرو وهو يرمق أخته بنظرات ملتهبة : كله بسببك، هتفضلي سبب في المصايب اللي بتحصلنا كلنا
مدحت : يابني مش وقته ، يلا نوديها على المستشفي اوام أحسن تكون حاجة وحشة والعياذ بالله
_ نهض رحيم من مكانه حيث كان يجثو على ركبتيه ليرى زوجته ، ثم توجه نحو إيثار الملقاة على الأرض وجذبها من ذراعها بعنف وهو يجرها على الأرض حتي وصل لحجرتها ثم دفعها بأنفعال وألتقط المفتاح وأوصد الباب عليها ثم توجه للخارج لنقل زوجته للمشفى في حين كانت إيثار تتلوى بجسدها من شدة الآلم الذي أقتحم جسدها على أثر عنف أخيها وأبيها معها .. كانت تذرف الدموع بصمت فقط أصدرت بعض التأوه تألماً ولم تستطع حتي النهوض عن الأرض.
_ حمل رُحيم وعمرو السيدة تحية ثم هبطا الدرج بهدوء وحذر شديدين في حين سبق خطوتهم مدحت لكي يستأجر سيارة الأجرة التي ستقلهم للمشفى ..
وعقب أن وصلا أمام بوابة المشفى أسرع عمرو بالترجل عن السيارة ثم ركض للداخل ليطلب المساعدة فلبى الممرضون طلبه وأحضروا الفراش النقال لحملها به ، فى هذه الآونة كان مالك قد أنتهى من عمله وسار بضع خطوات ليستقل أحدى الحافلات التي تمر من هذا المكان فلمح بزاوية عينيه عمرو ورحيم وهم يلتفون حول الفراش النقال ويدلفون للداخل خلف الممرضين فأضطربت حواسه وأزداد الذعر بداخله فتقدم نحوهم سريعاً ليلحق بهم خوفاً من أن تكون تلك المحمولة على الفراش هي حبيبته، ولكنه عندما عبر بوابة المشفى كان الجميع قد أختفى من أمامه فتقدم بخطى متعجلة نحو الأستقبال وأستفسر عن الحالة التي حضرت للتو فأبلغته موظفة الأستقبال بأنه تم نقلها إلى قسم الطوارئ وأشارت له على الطريق فأنطلق مسرعاً
عمرو وهو يتأفف بغيظ : سيبتولها السايب فى السايب لحد ما فضحتنا
رُحيم : كل حاجة لسه في إيدينا ياعمرو ، أهدى وخلينا نطمن على أمك وبعدين نشوف حل مع الو.... دي
مدحت وهو يضغط علي ساعد أخيه : خير إن شاء الله ، بس كله بالهداوة يارحيم ، لو اعرف انك هتتعامل مع الحكاية كدة كنت اتصرفت انا ومقولتلكش
عمرو بنبره متذمرة : انت بتقول أي ياعمي !! ده انا هدفنها و........
_ جحظت عينيه بقوة وأشعل الغضب من رأسه فأندفع نحوه عندما رأه يتقدم نحوهم بينما أمسكه أبيه حتى لا ينفلت منه زمام الأمور و...
رحيم : رايح فين يابني أستنى مش كدة
عمرو وهو يكز على أسنانه بقوة : هروح أقوله أديني أختك ألف بيها لفتين عشان داخلة دماغي
_ سحب عمرو ذراعه بعنف من أبيه ثم أنطلق بخطى أشبه للركض نحوه في حين كان مالك مصاباً بالذهول من هيئته ونظراته له حتى أفيق على تهجم عمرو عليه وقد أمسك بتلابيبه وصرخ به بعنف و..
عمرو : ياعديم الرجولة يا.... ده انا هطلع..... و......
مالك وهو يدفعه بقوة : انت أتجننت ياأخينا ولا أي ، أوعى إيدك من عليا لأقطعهالك
عمرو : ده أنا لأقطع أيدك اللي أتمدت على حاجة مش بتاعتك
_ أنقض عليه عمرو بشراسة حتي أسقطه أرضاً و..........
#الفصل_١٠
الفصل العاشر
(( وأي راحة بعد فراقها .. وقد سكنت روحي قلبها ))
إندفع عمـــرو كالثور الهائج حينما رأى مالك أمـــامه لينقض عليه ، ثم طرحه أرضــاً ، وإنهـــال عليه باللكمات المتتالية ، في حين نجح الأخير في صد معظمها ..
ثم صــاح بصوت حــاد وهو يدفع عمرو بعيداً عنه :
-اسمعني طيب الأول
رمقه عمرو بنظرات نارية وهو يهدر فيه بغضب :
-بنات الناس مش لعبة عشان تلف وتدور عليهم
نظر له مالك بإندهاش ، وسأله بتعجب :
-ليه بتقول كده
هـــدر فيه عمرو بنبرة غاضبة :
-ترضى إني أقرطس أختك وألف عليها
زادت نظرات مالك حدة ، وسأله بحنق :
-الله ! ليه الغلط بس ؟
رمقه عمرو بنظرات قاتلة وهو يصرخ فيه :
-يعني مش عــارف عملت إيه ولا بتستعبط ؟
تدخــل رحيم في الحوار ، وهتف بضجر وهو يمسك بكتف ابنه :
-ياخي ده انت عندك أخت راعي ربنا فيها !
تجهم وجــــه مالك بشدة ، وتجمدت تعابيره .. وابتلع ريقه بتوجس .. وتسائل بحيرة هل كُشف أمره ، وعُرفت مســألة إرتباطه بإيثار .. ولكنه لم يفعل معها أي شيء مشين ، هو أحبها ، واعترف له بحبها ..
إزدرد ريقه مجدداً ، ورمش بعينيه ..
انضم مدحت إلى أخيه ، وصاح بغلظة :
-وهما شباب اليومين دول يعرفوا ربنا أصلاً ، ولا عندهم رجولة أو نخوة .. !!!
هتف مالك بلا لحظة تردد ليحسم سوء الظن بـ :
-أنا .. أنا غرضي شريف ، وعاوز أخطبها وآآ...
قاطعه عمرو قائلاً بتهكم :
-بقى حتت عيل تافه زيك لسه بياخد المصروف من أهله ، عاوز يخطب ويتجوز
دافع مالك عن نفسه قائلاً بحنق :
-أولاً أنا مش عيل ، وقريب أوي هاخلص دراستي ، وهاكون نفسي وآآ...
قاطعه تلك المرة رحيم بسخط :
-كمان يعني محلتكش اللضة أصلاً وجاي تتكلم !
أضــاف عمرو قائلاً بنبرة مهينة وهو يرمقه بنظرات إحتقارية :
-مش بأقولك تافه وعويل
رد عليهما مـــالك بثقة وثبات :
-ماهو كل واحد بيبدأ حياته من الصفر ، محدش بيتولد كبير ، وأنا نيتي خير ، وإن شاء الله هاعملها كل حاجة !!
هتف عمرو بصوت جــــامد يحمل الصرامة :
-طلبك مرفوض ، وامشي من هنا بدل ما أخرشمك
اتسعت حدقتي مالك بصدمة ، بينما أكمل رحيم بصوت يخلو من الحياة :
-معنديش بنات للجواز
ثم ربت على كتف ابنه ، وتابع بحدة :
-يالا يابني خلينا نشوف أمك ونطمن عليها
تسمــــر مالك في مكانه وهو يتابع بعينيه الدامعتين انصــراف عائلة إيثار ..
ربما يكون قد تسرع في عرض طلبه فقُوبِل بالرفض القاطع لأن الظروف غير مهيئة .. ولكنها كانت محاولة يائسة منه للدفاع عن حبه العذري لها .. لقد أســاء التصرف ، ومع هذا أراد أن يحمي تلك النبتة الطيبة التي غرست في أرض حبهما ..
جــل ما شغل تفكيره الآن هو ما الذي حل بها .. وإن كانت عائلتها قد عاملته بتلك القسوة ، فماذا عنها ؟
خفق قلبه برهبة كبيرة وهو يظن الأســوأ قد حل بها ..
فغمغم مع نفسه بخوف بائن في نظراته ونبرته :
-إيثــــار ، لازم اطمن عليها واعرف اللي حصلها !
ركض مالك ناحية مدخل المشفى ليعود إلى المنزل ليطمئن على حبيبته قبل عودة أهلها ...
......................................
تحسست إيثار موضع الآلم الذي ترك ورماً واضحاً أسفل عينها ، وتلك الزرقة البارزة في شفتيها ..
تأوهت بأنين خافت وهي ترثي حالها ..
بكت حزناً على والدتها التي حاولت أن تفديها ، وتذود عنها من بطش أخيها وأبيها ..
إنتحبت وهي تحدث نفسها :
-ليه كل ده ؟ أنا .. أنا معملتش حاجة غلط ، ليه الافترى والكدب عليا ! ليه ؟
كفكفت عبراتها بظهر كفها ، وتابعت بصوت باكي :
-يا ترى انتي عاملة ايه يا ماما ؟ قلبي هايموت عليكي
رفعت بصرها للسماء ، وهمست برجاء :
-يا رب اشفيها ، وخفف عنها ، وهون عليها تعبها !
إستمعت هي إلى صوت دقـــات خافتة على باب منزلها ، فركضت خــارج غرفتها لترى من الطارق ..
إشرأبت بعنقها لتنظر من ( العين السحرية ) الموجودة بالباب فرأته أمامها ..
خفق قلبها بشدة ، وضمت ذراعها إلى صدرها ، وكتمت بكفها فمها ..
إنه ذلك الحبيب الذي أوقعته الصــدف في طريقها ..
كافحت لتكتم شهقاتها ، وانهمرت العبرات بغزارة لتغرق صدغيها ..
شعـــر مالك بإنتحابها المكتوم .. فأسند كفيه على الباب ، وهمس لها بصوت مختنق :
-أنا عارف إنك جوا وسمعاني
تنهدت بحرقة وهي تقاوم بشراسة خروج صرخاتها من صدرها المكلوم ..
أضــاف بنبرة حزينة وهو يمسح بأنامله على الباب :
-إيثار طمنيني عليكي ، حد عملك حاجة ؟ اخويكي مد ايده عليكي ؟
استشعر إختناقة صدرها ، فهتف بتوسل شديد :
-إيثار أنا حاسس بيكي .. إيثـــار ، ردي عليا ، أنا ... أنا لو ماسمعتش صوتك مش هامشي من هنا !
خشيت هي أن يصر على بقائه ، وتتعقد الأمـــور أكثر ، فأجابته بصوت منتحب :
-أنا .. أنا كويسة
استعطفها قائلاً بإصرار :
-طب خليني أشوفك لو لثانية بس ؟
ردت عليه بنشيج وهي تزيح عبراتها :
-امشي يا مالك ، من فضلك امشي قبل ما حد يجي ويشوفك
سألها بتلهف وهو يتنهد مطولاً :
-انتي كويسة طيب ؟
أجابته بإيجاز :
-ايوه
سألها بفضول أكبر وهو يحاول طمأنة نفسه :
-طب .. طب عمرو عملك حاجة ؟ أبوكي ضربك ؟ ريحيني
انفطر قلبها أسفاً ، وتحسست أثار الإعتداء على وجهها ، وردت عليه بنبرة زائفة :
-لأ .. امشي بقى ، مش عاوزة مشاكل الله يخليك
كور مالك قبضة يده ، وهتف بصوت شبه جـــاد :
-ماشي ، أنا هامشي الوقتي ، بس راجع تاني يا إيثار ! ومش هاسيبك لوحدك ، أنا طلبتك للجواز وهاصر على ده ، اطمني يا حبيبتي ، أنا هافضل جمبك
وكــأن كلماته كانت المسكن لأوجاعها .. فإبتسمت رغماً عنها وسط تلك الأنهر المسالة من الدمعات الحارة .. وهمست لنفسها برجاء :
-يا رب نكون لبعض !
.......................................
عـــــاد مالك إلى منزله ، ودلف إلى غرفته دون أن ينطق بكلمة ، وأمسك بآلة الكمـــان ، وبدأ في العزف على أوتارها بلحن شجي حتى تصل نغماته إلى قلب حبيبته لتعرف أنه إلى جوارها في أشد أزماتها ..
أشفقت ميسرة على حاله ، واعتقدت أنه تشاجر مع إيثار ، ولم ترغب في مقاطعة عزلته .. فعادت إلى المطبخ لتغسل الصحون الفارغة ..
وقفت روان إلى جوارها ، وأمسكت بمنشفة جافة لتجفف الصحون المبتلة ، وتسائلت بفضول :
-هو مالك ماله ؟ أخد جمب ليه
ردت عليها بتنهيدة منهكة :
-سيبه على راحته
سألتها بلؤم وهي محدقة بها :
-طب هو الاسعاف كان بيعمل ايه هنا ؟
ردت عليها بصوت متعب :
-مش قولتلك طنطك تحية تعبت وراحت المستشفى
أضافت قائلة بفضول أكبر :
-بس أنا سمعت طراطيش كلام آآ..
قاطعتها ميسرة بصوت حـــاد وهي تجذب المنشفة من يدها :
-روان ، مالناش دعوة بأي حاجة تتقال ، خليكي في مذاكرتك ، وسيبي دول من ايدك
زفرت على عجالة وهي تردد بإمتعاض :
-ماشي يا عمتو !
......................................
مــــرت عدة أيــــام ظلت فيها إيثار حبيسة المنزل ، ومنقطعة عن الدراسة رغماً عنها .. فقد منعها أخيها من الخروج ، وامتثلت مضطرة إلى أوامره .. كما تعمد أن يوصــد الشرفة ، فحُرمت من التمتع بلحظات معدودة من رؤية من خفق لأجله قلبها .. ولكنها لم تُحرم من الإستمتاع بموسيقاه الحزينة التي عزفت على أوتــار قلبها لتؤكد لها أنه مازال معها وإن كان يفصل بينهما عشرات الجدران ..
فقط ذكرى تلك الزهرة وما قبلها من لحظات غالية هي أثمن ما بقي معها .. وامتزجت بشوق مع ألحانه الشجية ..
مسحت بأناملها العبرات العالقة بأهدابها ، وتنهدت قائلة بيأس :
-أكيد هنشوف بعض قريب !
.....................................
لاحقاً ، عـــادت تحية إلى منزلها ، واستقبلتها ابنتها بسعادة جلية ، واحتضنتها بشغف واضح ، فقد حُرمت من رؤيتها طيلة تلك الفترة ..
تمددت تحية على الفراش ، وأسندت إيثار الغطاء عليها ، وقبلت رأسها وهي تقول بنبرة فرحة :
-حمدلله على سلامتك يا ماما ، ألف بعد الشر عليكي
دفعها عمرو من كتفها للخلف وهو ينهرها بصوت جاف :
-وسعي شوية ، سبيها تاخد نفسها !
رمقته بنظرات معترضة ، وهتفت بإحتجاج :
-مش وحشاني ، عاوزة أفضل جمبها !
أردف رحيم قائلاً بصوت هاديء :
-بعدين يا إيثار ، روحي جهزي لأمك لقمة تاكلها
ردت عليه تحية بصوت مرهق وهي تشير بكفها :
-مش وقته يا حاج .. أنا هريح شوية
هتفت إيثار بنبرة متحمسة :
-نورتي البيت يا ست الكل ، والله مكنش ليه حس من غيرك ، وآآآ...
قاطعها عمرو بنبرة غليظة وهو يلكزها في جانبها :
-لازم أشخط فيكي عشان تسمعي الكلام ، وسعي وسيبي أمك ترتاح !
نظرت له بغيظ ، وهتفت معاتبة :
-يا عمرو دي ماما ، مش كفاية مشوفتهاش الأيام اللي فاتت ومخرجتش خالص من البيت ومرضتش أتكلم
رد عليها بصوت منفعل :
-وانتي عاوزة تخرجي تعملي ايه بعد اللي هببتيه ؟
هتفت بإستغراب وهي مضيقة لعينيها :
-مش عندي كلية وامتحانات وآآ...
قاطعها بنبرة جــــادة للغاية وهو متجهم الوجـــه :
-انتي مش هاتروحي إلا ورجلي على رجلك ، وأنا جبت جدولك خلاص ، وهاوصلك وأوديكي !
إتسعت حدقتيها في إندهـــاش عجيب ، وإنفرجت شفتيها لتردد بصدمة :
-هـــاه ، انت ..إنت بتقول ايه ؟
رد عليها بإقتضاب صـــارم :
-ده اللي عندي !
إلتفتت إيثار برأسها نحو أبيها ، وأشارت بذراعها وهي تقول بنفس النبرة المصدومة :
-بابا ، انت سامع عمرو بيقول ايه ؟
أجابها ببرود وهو يحدجها بنظرات قاسية :
-ده الصح ، ولو هو مش فاضي أنا موجود ، يا إما تفضلي هنا في البيت لحد الامتحانات !
أدركت إيثار أن كلاً من أبيها وأخيها حسما أمرها ، والنقاش معهما بات مستحيلاً .. لذا هتفت بصوت يائس وتعابير وجهها مليئة بالإحباط :
-خلاص اللي تشوفوه !
...........................................
لازم مـــالك غرفته ، وظل قابعاً بها لفترات طويلة ، وشـــارداً وسط ألحانه الحزينة ...
إنزعجت ميسرة مما أصابه ، وما زاد من حزنها عليه هو معرفتها لسبب ذلك الضيق الذي يعتريه ..
فقد انقطعت لحظات التواصل المميزة مع ابنة الجيران ، وأيضاً مراقبته إياه جالساً بالشرفة لساعات ومحدقاً بالأعلى .. فتأكدت ظنونها بوجود خطب ما بينهما ..
لذا هداها تفكيرها أن ترسل إليه زوجها ليتحدث معه ، لعله يفيض إليه بما يحبسه في صدره خاصة وأنه يرفض الحديث معها ، فتوسلت إليه قائلة :
-روح يا ابراهيم اقعد معاه ، خليه يفضفضلك ، يمكن.. يمكن يقولك على اللي مضايقه ، ده أديله زمن على الحال ده !
أجابها ابراهيم بصوت رخيم :
-يمكن تعب المذاكرة وآآ...
قاطعته لنبرة متوجسة وهي تهز رأسها معترضة :
-لأ ،الموضوع مش مذاكرة ، دي حاجة تانية ، أنا قلبي مايكدبش عليا
تنهد مطولاً ، وتابع بإستسلام :
-طيب .. أنا هاقوم أشوفه
ابتسمت له إبتسامة باهتة وهي تردد :
-ربنا يباركلك يا رب ، ويهديك يا مالك ويريح بالك !
..................................
طرق ابراهيم الباب على مالك ليستأذنه قبل أن يلج للداخل .. فترك الأخير آلة الكمان ، ورمق زوج عمته بنظرات حزينة وهو يترك الشرفة ..
جلس ابراهيم على طرف الفراش ، وانضم إليه مالك ..
ظل الصمت سائداً لعدة دقائق قبل أن يقطعه زوج عمته متسائلاً بحنو أبوي :
-ايه اللي تاعبك يا بني ؟
رد عليه مالك بفتور :
-مافيش
ســأله ابراهيم مستفهماً :
-إزاي مافيش ، ده الكل هنا حاسس بيك ، وآآ..
اقتضب مالك في حديثه قائلاً بإرهاق :
-صدقني مافيش !
وكيف يخبره بذلك الحزن الدفين الذي بات رفيقه بعد أن حُرم من رؤية من أضاءت حياته ..
فلا يمر عليه يوماً إلا وبحث عنها بقلبه قبل عينيه بين جموع الطلبة في الحرم الجامعي .. ولا أثر لها .. فيزيد آلمه ، ويعود يائساً إلى غرفته ، ثم يمكث بالشرفة معلقاً أنظاره بشرفتها لعلها تخرج إليه فتستقبلها عينيه بحنين معاتب لتعذيبها إياه واشتياق جلي لحضورها الآســر ...
ربت ابراهيم على ظهره ، وشجعه قائلاً :
-طيب انا عاوزك تركز الأيام الجاية في امتحاناتك ، وبعدها ربك هيعدلها ، وهينصلح الحال
ابتسم له مالك ابتسامة باهتة ، وأجابه بإيجاز :
-إن شاء الله !
...........................................
أحضــــر محسن طعاماً جاهزاً وأسنده على مكتبه ، وهتف متحمساً وهو يفتح العلب المغلقة :
-قوم مد ايدك يا عمورة ، حاجة أخــر حلاوة !
رد عليه عمرو بفتور وهو يرص الملفات فوق بعضها البعض :
-ماليش نفس !
أصـــر محسن قائلاً :
-لالالا ، مش هاسيبك النهاردة ، ده أنا عازمك يا سيدي
هز عمرو رأســه معترضاً وهو يكمل بنبرة محبطة :
-متشكر يا محسن ، والله ما عاوز حاجة
ضيق محسن عينيه ، ونظر له متفحصاً وجهه ، وســأله مستفهماً :
-الله ! انت مالك بالظبط ؟ بقالك فترة أخد جمب ومش زي تملي !
رد عليه بإقتضاب :
-عادي
وقف محسن قبالته ، ورمقه بنظرات دقيقة وهو يستأنف حديثه :
-لا مش عادي خالص ، ده انا صاحبك ، ولا تكونش مكسوف مني
لوى عمرو ثغره وهو يجيبه بجمود:
-ماتقلقش كله بيعدي
انحنى محسن عليه ، وسأله هامساً وهو يضرب مؤخرة رأســه :
-انت عاوز فلوس ، مزنوق في قرشين ، أنا رقبتي سدادة وآآآ...
قاطعه عمرو بجدية :
-مستورة والحمدلله
سألها بفضول أشد وهو يحدجه بنظرات غامضة :
-اومــال في ايه بس ؟
زفر عمرو بصوت مسموع مردداً :
-الحاجة تعبانة شوية
اعتدل محسن في وقفته ، وضاقت عينيه بلؤم وهو يهتف بعتاب زائف :
-تعبانة !!! ألف سلامة عليها ، ومتقوليش ! عيب عليك يا راجل
التوى فمه مجيباً إياه بإمتعاض :
-يعني ، أهو الواحد كان ملبوخ معاها !
سأله محسن بإهتمام :
-طب هي عاملة ايه الوقتي ؟ وديتوها للدكتور ، أنا أعرف واحد شاطر أوي ، وآآ...
قاطعه عمرو بجدية :
-اطمن ، هي بقت أحسن !
تابع محسن قائلاً :
-أنا ليا عندك حق عرب ، بقى تخبي عليا حاجة زي دي ، ده الست الوالدة زي أمي بردك
-معلش
أضــاف محسن بخبث :
-طب اسمحلي هارزل عليك واجي بنفسي أشوف الحاجة وأطمن عليها
رد عليه عمرو مبتسماً :
-تأنس وتشرف
إلتوى ثغر محسن بمكر وهو يضيف :
-الله يخليك يا رب ، وبعدين عيادة المريض واجب ، ولا ايه ............................... ؟؟!!!!!
تابعووووووني
الفصل الحادي عشر والثاني عشر من هنا
رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا
رواية خيانة الوعد كامله من هنا
رواية الطفله والوحش كامله من هنا
رواية جحيم الغيره كامله من هنا
رواية مابين الضلوع كامله من هنا
رواية سيطرة ناعمه كامله من هنا
رواية يتيمه في قبضة صعيدي كامله من هنا
الروايات الكامله والحصريه بدون لينكات من هنا
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
تعليقات
إرسال تعليق