القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الأربعيني الاعزب الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه آيه محمد رفعت حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية الأربعيني الاعزب الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه آيه محمد رفعت حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 




رواية الأربعيني الاعزب الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه آيه محمد رفعت حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


حاولت "لوجين" النوم كثيراً، ولكنها لم تستطيع فهبطت للحديقة تتمشى جوار حمام السباحة، عل الهواء المنعش يساعدها على التفكيرٍ، فالمهلة أوشكت على الإنتهاء وعليها اللجوء لخطةٍ بديلة تحميها من "قاسم"، زفرت بضيقٍ فكلما شعرت بأنها وجدت الحل المناسب يسده عليها من جميع الإتجاهات، وكأن جميع العالم يصب لمصلحته، مرت أكثر من ساعتين ومازالت تجلس على الأريكةٍ المسطحة القريبة، حتى غفلها النوم فإستسلمت له وتمددت محلها، فإبتسم من يراقبها من الاعلى بسخريةٍ، ثم ولج لغرفته وجذب وسادة وغطاء، ليهبط إليها، فرفع"عاصي" رأسها ثم وضع الوسادة أسفلها، وداثرها بالغطاء جيداً، ثم جلس على الأريكة المجاورة لها يتأملها بشرودٍ قذفه لبقاعٍ الماضي المؤلم. 

##

_"عاصي" أنا حاسة إن كده خلاص.

قالت كلماتها المتقطعة ببكاءٍ حاولت السيطرة عليه، ولكنها فشلت بذلك، فإحتضن يدها بين يديه وهو يعنفها: 

_قولتلك ألف مرة متتكلميش كده تاني، إنتي هتقومي يا "هند"، هتخفي وهعملك فرح الدنيا كلها تحكي وتتحاكى عنه، فاهمة؟

أغلقت جفن عينيها بقوةٍ، وكأنها تحاول تحمل الآلآم التي تضرب جسدها الهزيل، فإرتعشت أصابعها المتعلقة به، فحاولت الحديث رغم إرهاقها: 

_كان نفسي أحقق كل أحلامي وأنا جنبك يا"عاصي"، بس الموت سبقني وخطفني. 

لمعت عينيه البنية بالدموعٍ، ومع ذلك يحاول السيطرة على نفسه، ليبدو صامداً أمامها: 

_هترجعي تتكلمي في اللي ينرفزني تاني يا" هند". 

نهج صدرها بإندفاعٍ، وإحتدت حدقتيها التي باتت يكسوها حمرة مخيفة، فإلتقطت نفسها بصعوبةٍ وقد شحب وجهها للغاية، حتى جسدها هاجمته برودة غريبة، إتجهت نظراتها تجاهه وكأنها تودعه الوداع الأخير الذي شعر به "عاصي" فضمها لصدره وهو يبكي كالطفل الصغير، فمنح قدرة غريبة لحثها على نطق الشهادة، حينما هزها بين يديه وهو يردد بدموعٍ تسبقه: 

_رددي الشهادة يا حبيبتي. 

نطقتها بأحرافٍ متقطعة لحقها صمت جاف، وبعدها برودة قاسية إستهدفت جسدها وجسده، لتظل تلك الذكرى المؤلمة تلاحقه حتى تلك اللحظة. 

إستند "عاصي" على جسد الأريكة وهو يزيح دمعات تذكرها، فكلما يتذكرها يدعو لها بالرحمة والمغفرة، ويتسابق لفعل المشاريع الخيرية لأجلها، فمن قال أن وصال الحب ينقطع بموت من أحببت، بل يظل حياً يرزق بداخلك، تستحضره أينما يريد فيتجسد أمامه كأنه روحاً من لحم ودم! 

                      ******

توسطت الشمس كبد السماء، فتسللت خيوطها الذهبية لتنسدل على سطح المياه فمنحته مظهر خلاب، فتعالى صوت زقزقة العصافير لتزعج تلك الناعسة، ففتحت جفن عينيها الثقيل بتكاسلٍ، رفعت "لوجين" يدها لتعصب عينيها من شدة الضوء التي تعرضت إليه، فبدءت تستوعب مكان نومها رويداً رويداً، فتذكرت جلوسها هنا بالأمس ولكن ما تعجبت لأمره ذاك الغطاء الموضوع من حولها، فاستدارت على يسارها فوجدته نائم على الأريكةٍ المقابلة لها، تأملته "لوجين" بإبتسامةٍ ساحرة، فاسندت وجهها على كفة يدها وهي تتأمل معالم وجهه الرجولي بوضوحٍ، ذلك الأربعيني الأعزب إكتسب إعجابها منذ موقفهما الأول، مجرد تخيلها لوجوده جوارها طوال الليل جعل وجهها يكسوه حمرة طفيفة، إختفت إبتسامتها الحالمة حينما وجدته يستيقظ من نومه، فأستدارت بوجهها بالإتجاه الأخر، نهض "عاصي" عن محله وهو يردد بصوتٍ ناعس:

_أنا نمت هنا إزاي؟ 

تطلعت إليه وهي تجيبه بسخريةٍ: 

_وأنا هعرف منين وأنا سبقتك! 

رمقها بنظرةٍ ساخطة، تتبعها قوله المستهزأ: 

_ما أنتي السبب، ضاقت في وشك يعني وملقتيش غير المكان ده اللي تنامي فيه! 

إقتربت منه لتشير له بغضبٍ: 

_أنا حرة أنام في الحتة اللي تريحني أنت اللي جيت هنا ليه! 

مشط شعره بتشتتٍ، فربما بحث عن إجابة يرد بها عليه، ولكنه لم يجد، فتهرب حينما تطلع لساعة يديه: 

_أنا إتاخرت على الشركة ولأول مرة بسببك. 

لحقت به وهي تردد بذهولٍ:

_ليه هو أنا اللي قولتلك نام جنبي هنا! 

لم يجيبها "عاصي" وإستكمل طريقه حتى ولج لغرفته، فجذب بذلة رسمية، ثم إستدار ليتجه لحمامه الخاص، فوجدها خلفه، تساءل بدهشةٍ: 

_إنتي بتعملي هنا أيه؟ 

تطلعت حولها بتفحصٍ، فتملكتها الحيرة التي لحقت بربكتها: 

_معرفش أنا كنت ماشية وراك وفجأة لقيت نفسي هنا! 

حك طرف أنفه وهو يجيبها بسخريةٍ: 

_وماشية ورايا ليه عيلة صغيرة إنتي! 

إدلت شفتيها السفلية بضيقٍ من لهجته، ثم قالت: 

_كنت عايزة لاب أو موبيل، أي حاجة أسلي بيها وقتي.

جز على أسنانه بضيقٍ، ثم إتجه لخزانته الشخصية ليعود إليها بعد قليل بجهاز حاسوب وهاتف، حملتهم منه بإبتسامةٍ واسعة: 

_متشكرة جداً ومتقلقش يا باشا هسلمهولك لما هجي أمشي زي مهما.. كن مطمئن. 

ضحك رغماً عنه، ثم حاول رسم الجدية بأمره الصارم: 

_طب ممكن بره بقى مش عايز أتأخر أكتر من كده.

إحتضنت ما تحمله بطفوليةٍ، ثم تخفت من أمام عينيه والبهجة والسرور تنير وجهها، تاركة بسمة هادئة دوماً ما تنجح برسمها على وجهه. 

                         *******

بشقة "عمر". 

إنتهى أخيراً من جلي الأطباق، ثم خلع مريول المطبخ ليتفحص هاتفه الذي عاد ليدق للمرة الثالثة، ففتحه وهو يرد على مضضٍ: 

_أيه يا"سالي" نازلة رن رن في أيه! 

أتاه صوت الممرضة التي تستغيث: 

_إنت فين يا دكتور "عمر"، في مرضى كتير هنا وأنا عمالة أقولهم على وصول لما قربوا يخنقوني. 

زفر بضيقٍ شديد: 

_هعمل أيه بس ورايا مسؤوليات بالنسبة للمدام أهم من تاريخي الطبي كله. 

ثم استطرد بإنفعالٍ: 

_إقفلي نصاية وجاي، ولو إتاخرت عن كده إتصلي بالبوليس. 

وأغلق الهاتف ثم توجه لغرفته فأسرع بتبديل ملابسه، وجذب مفاتيح سيارته ليتجه للمغادرة، فلحقت به"إيمان" لتناديه بتعبٍ بدى عليها: 

_"عمر" أنا هسبقك عند "عاصي"  ، متنساش تيجي عشان نشوف موضوع "عائشة". 

أومأ برأسه بخفةٍ ثم غادر على الفور قبل أن توقفه مجدداً.

                   *******

بفيلا" قاسم خلدون"

فشل رجاله بالعثور عليها جعل غضبه ينفرد بنيرانه التي كادت بحرق كل من يقترب منه،  فصرخ بعصبيةٍ مخيفة: 

_بقالكم يومين بتحاولوا توصلوا ليها ومش عارفين، أنا لو مشغل معايا بهايم كانوا نفعوني أكتر منكم. 

الصمت كان سجنهم ليحتموا من غضبه الشرس، فقطع أحد رجاله جلسته الخاصة، حينما هرع إليه ليضع من أمامه جهاز حاسوب صغير الحجم، ليعرض مقطع فيديو قصير، فتساءل "قاسم" بإهتمامٍ: 

_ده أيه؟ 

أجابه الرجل سريعاً حتى يتلاشى غضبه: 

_ده تسجيل للكاميرات الخاصة بالعمارة اللي قدام القاعة يا باشا. 

ثم ضغط على زر التشغيل فوجد "عاصي" يصعد سيارته وبصحبته "لوجين"، سيطرت الصدمة عليه، بالدرجة التي جعلته لم يصدق ما تراه عينيه، فجذب شاشة الحاسوب تجاهه ليعيد عرض الفيديو مجدداً، فاشتعلت حدقتاه على الأخير ليصيح بإهتياجٍ أشد: 

_إزاي يعمل كده! 

قال أحد رجاله دون تفكير: 

_" عاصي سويلم" مش من طباعه إنه يعمل كده. 

زم "قاسم" شفتيه مؤكداً: 

_فعلاً، الا لو هي أقنعته إني هتجوزها من غير رضاها.. 

وردد بنفس الصوت الهادئ: 

_لازم أخد حذري في دخلتي ليه،  ووقتها هفهم دماغه فيها أيه؟ 

                     *******

حل المساء سريعاً، وإجتمعوا سوياً أخيراً بالحديقة الخلفية لقصر "عاصي"، فقال "عمر" بحنينٍ للماضي: 

_بقالنا كتير متجمعناش كده. 

زوى "غيث" حاجبيه بضيقٍ مصطنع: 

_على أساس إنك قاطع فينا أوي، إنت ليل نهار عندنا في الشركة يا ابني! 

امتعض وجهه وهتف محتجاً: 

_خلاص يا عم الاسطوانة اللي حمضت دي. 

ازدرد "عاصي" ريقه متسائلاً في جدية، وقد ترك محله ليكون في مواجهة ابن خالته: 

_سيبك منه وقولي عملت أيه إمبارح مع خالتي! 

وكأنه نزع فتيل قنبلة ثورته، فانفجر هادراً بغضبٍ وقد انتفخت أوداجه: 

_متفكرنيش باللي حصل يا "عاصي"  ، أنا لسه لحد الآن مصدوم في اللي شوفته وسمعته! 

تساء مستفهماً وهو لا يستطيع إخفاء دهشته: 

_حصل أيه! 

رد هامساً من بين شفتيه المضغوطتين: 

_سمعتها وهي بتطلب من "عائشة" إختبار الDna. 

برقت عينيه وهو يعاود التحديق نحوه بعدم تصديق، فكان يظن بأن المشاكل بينهما لن تصل لذاك الحد، صدمته في خالته وطلبها كان عظيماً، فشعر الآن بما يخوضه "غيث"، فسأله"عمر" بعينٍ تطالعه في قلقٍ: 

_طب وناوي تعمل أيه؟ 

رد بعبوسٍ: 

_والله ما أنا عارف يا"عمر"، الموضوع فعلاً صعب.

عاد السكون يغلف الأجواء للحظاتٍ، فمزقه "عاصي" حينما قال بشفقةٍ على حاله: 

_فكر كويس قبل ما تأخد أي قرار تندم عليه بعدين يا "غيث"، متنساش إنها في النهاية والدتك. 

ثم حثه على المشي لجواره وهو يشير إليه: 

_يلا عشان الأكل هيبرد كده. 

لحق بهما"عمر" للداخل، فوجد زوجته تجلس جوار "عائشة" بالصالون القريب من المائدة، تتهمسان كعادتهن كلما تجمعن بمكانٍ واحد، فإبتسم "غيث"  وهو يردد ممازحاً: 

_رجعيتوا إتلمتوا على بعض! 

هز "عمر" رأسه في استنكارٍ، ليعلق على حديثه: 

_ربنا يستر من اللي جاي، مش بتفائل بالحزب ده. 

استفزتها كلماته، فدفعها لثورةٍ محتجة ولكن بصوتٍ خفيضٍ:

_ بقى كده يا "عمر"، ماشي.. 

تراجع على الفور مصححاً قبل أن يندلع غضبها: 

_لا يا قلبي أنا أقدر، أنا أقصد إن التجمع ده بيبقى كله خير مش كده ولا أيه يا"غيث". 

كبت ضحكاته وهو يهز رأسه: 

_بالظبط. 

ثم تركه يواجه حربه بمفرده، وجلس جوار زوجته ثم قال وعينيه تفترسها: 

_فين الأكل لحسن أنا واقع من الجوع. 

أخفض"عاصي" سماعة أذنيه بعدما تأكد من إنتهاء ثورة المشاكسة بينهما: 

_دقايق وهيكون على السفرة. 

تفحصت "إيمان" الردهة من حولها، فقد أنستها رفقة صديقتها الوحيدة عدم وجود "لوجين"  ، فسألت أخيها بذهولٍ: 

_فين "لوجين" يا "عاصي"؟ 

طوف المكان بنظرةٍ متفحصة قبل أن يجيبها: 

_معرفش جايز في أوضتها! 

إتجهت لتصعد الدرج وهي تخبره: 

_هطلع أشوفها. 

وضعت"عائشة" كوب العصير عن يدها، لتسأله بدهشةٍ: 

_مين "لوجين" دي، أنت إتجوزت ولا أيه يا "عاصي"؟ 

أومأ برأسه مؤكداً في لؤم خبيث: 

_أيوه في السر ومعزمتش حد! 

ضحك"غيث" على بلاهةٍ زوجته، فعلق عليها بتهكمٍ قاصداً التلميح بما يراود عقله: 

_بندعي كلنا من قلبنا إننا نوصل حتى لمرحلة الإشاعات دي. 

إستفرض "عمر" بالفرصةٍ حينما أضاف: 

_والله تبقى مراتك جابت البشارة يا "غيث". 

نظر لهما "عاصي" شزراً، فقال "عمر" رافعاً كفه في لهواء موجداً لنفسه المبررات الواهية:

_ مش ده شرع ربنا يا ابني، هتحرمه كمان! 

مال عليه "غيث" ناصحاً: 

_كفايا زودت الدور ونهايتك هتبقى مخيفة. 

تنحنح وهو يعتدل بجلسته، ليهمس إليه: 

_كويس إنك نبهتني. 

                       *******

بالأعلى. 

طرقت عدة مرات على باب غرفتها، فولجت حينما استمعت لآذن الدخول، راسمة إبتسامة مشرقة على وجهها: 

_الجميل صاحي ولا نايم؟ 

تركت "لوجين" الحاسوب من يدها، لتردد بفرحةٍ: 

_"إيمان" أيه المفاجأة الجميلة دي. 

وإحتضنتها بحبٍ، فربتت الأخيرة على ظهرها بحنانٍ،  ثم عاتبتها قائلة: 

_طب أما هي مفاجأة جميلة منزلتيش ليه تقعدي معانا تحت! 

تجسد الخجل بوجهها، فجاهدت للحديث: 

_كان نفسي والله بس أنا معيش هدوم كويسة.. 

 وأكملت حديثها بمشاغبةٍ: 

_أنا كل مرة بعمل حسابي وأنا هربانه من الملزق ده بس المرادي خدني على خوانة. 

كركرت "إيمان" ضاحكاً، ثم قالت: 

_ مش ممكن يا لوجي إنتي دمك شربات. 

إكتفت برسم بسمة صغيرة، فغابت عنها ثم عادت بعد قليل حاملة فستان أسود ضيق من منطقة البطن ويتسع من الأسفل، فوضعته بيدها ونظراتها بدت مريحة نوعاً ما: 

_لو كنتي قولتيلي كنت جبتلك حاجة من لبسي وأنا جاية، أو على الأقل كنا نزلنا عملنا شوبنج وجبنا الحاجات اللي على مزاجك، بس معلش تتعوض، حاولي تمشي نفسك بده. 

جذبته منها ثم وقفت تقيسه على جسدها أمام المرآة، فسألتها بترددٍ: 

_ده بتاع "هند" صح؟ 

زوت حاجبيها متسائلة بخوفٍ: 

_هو مش عجبك! 

ردت مؤكدت دون أن تهتز لها جفن: 

_لا والله جميل، بس أنا خايفة "عاصي" ينزعج لما يشوفني لبساه. 

عقبت على ما قالته: 

_لا طبعاً أيه اللي هيضايقه، هدومها مركونة هنا وبعدين أكيد هيجي اليوم اللي هتسكن فيه القصر وقلبه واحدة غيرها. 

حملقت فيها كالمبهوتة لثوانٍ، تستوعب ما قالته فشعرت بمسؤولية غريبة تجاهها وتجاه رغبتها الحالمة،  تركتها "إيمان" لتبدل ثيابها ثم هبطت لتنتظرها بالأسفل. 

                     *******

وضع الطعام الشهي على السفرة التي جمعتهم بعد وقتاً طويل، فوزعت "إيمان" الأطباق على الجميع، وشرعوا بتناوله في جو من الألفة والمحبة المتبادلة فيما بينهم، فإنتبهوا لمن تهبط الدرج محدثة بحذائها صوت لفت إنتباههم، إستدار "عاصي" تجاه الدرج، فتعلقت عينيه بما ترتديه، كان مألوفاً بالنسبة إليه، فتجسدت أمامه "هند"، وكأن هناك من استحضرها لتسكن هذا الجسد، هامت عينيه بها وهي تتبادل السلام مع"عائشة" وخاصة بعد أن عرفتها "إيمان" عليها، شعرت "لوجين" بالحرجٍ من نظراته حتى أن الجميع لاحظ ذلك،  فتمنت لو إنتهت تلك الزياردة سريعاً حتى تبدل ثيابها، وبعد دقائق إنصرف كلاً منهما لمنزله بعد أن إتفقت "إيمان" مع "عائشة" للخروج بالغد للتنزه قليلاً وشراء بعد المستلزمات الخاصة بولادتهن.

وما أن تأكدت "لوجين" من مغادرة الجميع حتى إتجهت لمكتب "عاصي" بعدما فضل الجلوس به بمفرده، دقت على الباب قبل دلوفها رغم إنه كان مفتوح، فقال دون أن يرى من الطارق: 

_تعالي يا "لوجين". 

خطت للداخل بإرتباكٍ، فكانت تقدم قدماً وتؤخر الأخرى، فجلست أمام مكتبه وبعد صمت طال بها أجلت حبالها التي علقت به الكلمات: 

_أنا أسفة إني لبست من لبسها، بس"إيمان" والله اللي ادتهوني لإني مكنش عندي لبس أنزل بيه تحت. 

توقعت أن تواجه غضب منه أو حتى عتاب، ولكنها وجدته يمنحها إبتسامة تذهب العقل، ليجيبها بصوته الرخيم: 

_وأيه ممكن يزعلني في كده! 

ثم نهض عن مقعده وإتجه ليجلس على المقعد الذي يقابل مقعدها: 

_أنا فاتني الحتة دي بس إن شاء الله نجيبلك لبس يكون خاص بيكي أنتي. 

أسرت بذوقه وإبتسامته الجذابة، فقالت بإرتباكٍ: 

_مفيش داعي، أنا لسالي يوم واحد وهوفي بوعدي لاني مش عايزة أسببلك مشاكل مع "قاسم". 

بلل شفتيه السفلى بلعابه ثم قال: 

_لا مش هتمشي من هنا. 

تطلعت له بذهولٍ، فإستطرد بتوضيحٍ لها: 

_لإنه عرف إنك عندي فعلاً. 

اتسعت حدقتاها في عدم تصديق مرددة باستنكارٍ: 

_إزاي! 

رد مؤكداً: 

_بعتلي رسالة بيطلب فيها يقابلني بكره، ومن طريقة كلامه فهمت إنه عرف.

هربت الدماء من وجهها ونظرت له بعينين متسعتين في توترٍ: 

_طب هعمل أيه دلوقتي؟ 

علق مبتسماً قبل أن يترك مقعده ليتجه للأعلى: 

_سيبي الملزق ده عليا. 

وإستكمل طريقه وهو يشير إليها: 

_روحي نامي يا"لوجين" ومتفكريش في حاجة تانية. 

كلماته منحتها أمان لطالما إفتقدته بوجود عائلتها التي تهاب "قاسم" ورجاله، وبالرغم من خوفها الشديد الا أنها إبتسمت على وصفه بالكلمة التي تنسبها إليه كلما لعنته أو نال منها معزوفة من الردح الخاص به، فعبثت بخصلات شعرها بشرودٍ في ذلك الأربعيني الذي بدى خطراً على قلبها ومشاعرها التي باتت تنجرف تجاهه، فنهضت "لوجين" عن مقعدها ثم إتجهت لتجلس على مقعده الأساسي، فمددت جسدها عليه بأريحيةٍ  والابتسامة تزين وجهها، فإحتضنت سطح مكتبه ومازالت كلماته تحاصرها فصنعت لها سحر إستحوذ عليها. 

                        *******

👤👤👤👤👤

 أباد ضوء الشمس الساطع ظلمة الليل الكحيل، وحينما احتضنت عقارب الساعة السادسة صباحاً، حتى إستيقظ "عاصي" ليركض بحديقة القصر مثلما اعتاد وفور إنتهائه إتجه لغرفة مكتبه من الباب الزجاجي الخارجي فوجدها تستكين على مقعده كالملاك، اقترب منها "عاصي" وعقله


مشدوهاً بها، فزارت شفتيه إبتسامة شبه ساخرة، فمن يرى جمالها الهادئ لا يصدق بأنها تلك المشاغبة التي أضافت شيئاً لحياته، مسح وجهه بيديه ثم اقترب منها ليرفع صوته حتى يزعجها


"لوجين".


فتحت نصف عين، وهي ترد بنوم ها.


سيطر على ضحكاته بصعوبة، ليشير إليها بحزم


ورايا شغل لازم أخلصه قبل ما أروح الشركة.


أتاه صوتها المنزعج


ما تخلصه أنا مسكتك يا عم!


إنتصب بوقفته ثم هز رأسه ساخراً


هخلصه إزاي وإنتي تقريباً نايمة على اللاب!


وجدت ما يقوله غريباً بعض الشيء، ففتحت عينيها لتتأمل المكان الذي غفلت به فنهضت عن مقعد مكتبه وهي تلملم خصلات شعرها المبعثرة بحرج


أنا مش عارفة نمت هنا إزاي!


حدجها بنظرة مشككة، قبل أن يتبعها خشونة نبرته:


إنتي أي حتة بتنامي فيها!


زمت شفتيها وهي تجيبه


لما يبقى عايزة أنام مبيفرقش معايا أنا فين ؟


ضحك رغماً عنه، ثم أشار لها تجاه الدرج بمزح:

أوكي، إطلعي السلم هتلاقي أوضتك على الشمال وإتاكدي من الأوضة الأطلع ألقيكي نايمة المرادي في خزنة هدومي.


رسمت ضحكة مستهزئة رغم حدة نظراتها الشرسة تجاهه


مبتضحكش على فكرة، أنا مش مسطولة للدرجادي يا حضرت.


وأبعدت المقعد عنها فوجدته يعيق طريقها بوقفته القريبة منها، فأشارت


له بضيق:


وسع كده.


رفع يديه للأعلى وهو يتراجع للخلف بخوف مصطنع، حتى مرت من جواره وصعدت للأعلى بعصبية كادت بإبادته، فردد بعدم تصديق والإبتسامة مازالت مرسومة على وجهه


مجنونة!


عبقت رائحة القهوة التي يعشقها من صنع يدها منزله، فنهض "غيث" ليجدها تصنع له الطعام بحب لطالما عهده منها ، راقبها ببسمة عشقت تفاصيلها، فشعرت من توليه ظهرها بوجوده، وكأنه مرهون بدقات قلبها النابضة داخل صدرها، إستدارت "عائشة" للخلف ببسمة رسمت برؤياه الفطار جاهز


سؤاله المعتاد في كل صباح جمعهما، فكانت تسرع دوماً بإجابته مثلما فعلت اليوم، تحرك "غيث " تجاهها ليضمها من الخلف، ثم همس لها بإنفاس كادت بحرق رقبتها


الأهم من الفطار إني أشوفك قبل ما أنزل كل يوم الشغل.


دفعته بعيداً عنها وهي تشير إليه بتحذير:


على فكرة أنت إتاخرت ولازم تنزل بسرعة.


اقترب ليسد طريقها وهو يغمز بخبث:


مش مهم

إنحنت "عائشة" من أسفل ذراعيه ثم أسرعت تجاه الطاولة:


أنا لازم أنزل حالاً عشان رايحة مع "إيمان" و"لوجين" نشتري شوية


حاجات للبيبي.


مرر يديه على ذقنه النابتة بضيق:


لحقتوا تتفقوا على خروجات من دلوقتي


ضحكت وهي تجذب المقعد للخلف لتجلس جواره


وده يضايقك في أيه بس ما أنت بتكون في الشغل وأنا لوحدي.


غمس قطعة الخبز بالجبن ثم تناولها قبل أن يشدد عليها:


روحي بس خلي بالك من نفسك.


وضعت يدها بين يديه الموضوعة على الطاولة وبحب أظهرته إليها


بحدقتيها قالت:


بأحب خوفك عليا ونفس الكلمة اللي بتقوليهالي كل ما بقولك إني خارجة.


قرب يديه الأخرى ليحتضن كفها ، وعينيه تغمز لها بمكر:


في كلام تاني كتير محوشه ليكي بس أنتي اللي مش مدياني الفرصة.


سحبت يدها سريعاً، ثم جذبت كوب الحليب لترتشفه في محاولة للهرب


من نظرات رغباته التي تفضحه، وحينما وجدته مازال يتطلع لها غمغمت


وهي تشيح بوجهها بعيداً عنه:


بعدين يا "غيث".


عاد ليتناول طعامه ببسمة هادئة تلاشت تدريجياً حينما قرب شاشة هاتفه


إليه ليرى من يتصل به بالصباح الباكر، خمنت "عائشة" كناية المتصل فتساءلت بارتباك


ماما ؟


أجابها باقتضاب عابس:


أيوه.

كظمت إنزعاجها ، فرغما عنها تتذكر ما فعلته بها لتنهي هذا الزواج بالرغم من أنها بذلت ما بوسعها لتنال حبها، ولكنها كانت تكن لها كراهية وعداء لا تعلم "عائشة" سببه، فكانت تظن بأنها ستلين حينما تجدها تعاملها بلطف فسيطرت على التغير الجذري الذي طرأ على تعابير وجهها فور تأكدها بأنها


المتصلة ثم أضافت متسائلة:


طب أيه مش هترد؟


صمته المطول جعلها تستميله بحديثها


دي مهما كانت والدتك يا "غيث" ، رد عليها يمكن في حاجة مهمة.


حملق فيها بصدمة مذهولة حتى إن تفكيره إضطرب كلياً، فردد في عدم تصديق:


بعد كل اللي عملته فينا وعايزاني أرد!


هزت رأسها محتجة


أنا بس كنت ...


بتر كلماتها على لسانها حينما نهض عن مقعده الذي سقط أرضاً من قوة دفعه له :


أنا مش عايزك تتدخلي في الموضوع ده تاني يا "عائشة"، سامعة ؟ أومأت برأسها دون أن تنطق بحرف واحد، فعاد ليكمل بنفس اللهجة المتعصبة:


أنا اللي يطعن في شرف مراتي كأنه طعني أنا ويارتها كانت من حد غريب


وتركها وإتجه لعمله دون أن ينبس بحرف واحد..


استشاطت "سمية" غضباً من تجاهله لمكالماتها فصاحت بتهور بعدما جرفتها مشاعر السخط تجاهها


أكيد هي اللي ملت دماغه من نحيتي بعد ما نصبتلي الفخ.

وضغطت على شفتيها بقسوة وهي تردد بوعيد لها :


طب والله لأوريكي يا لمامة يا تربية الملاجئ، إما خلتك تقولي حقي برقبتي!


على صوت جرس بابها فحواطتها مشاعر متدفقة بالسرور والبهجة، لظنها بأن ابنها قد أتى إليها، فنهضت عن الأريكة بسرعة لا تتناسب مع عمرها، ثم إتجهت لتفتح بابها، حافظت "سمية" على إبتسامتها وإن كانت شبه مصطنعة حينما خاب أملها بالطارق، فرددت بترحاب زائف "عاصي" تعالى يا حبيبي.


وتنحت جانباً حتى مر للداخل، فتبعته للداخل ثم أشارت له بالجلوس:


اقعد يا حبيبي بقالي كتير مشفتكش


جلس "عاصي" بهدوء رغم شعوره بالنفور مما فعلته خالته، فساد بينهما صمت على غير عادتهما باللقاء، فكان يبحث عن كلمات لائقة لا تجرحها أما هي فتتهرب من مواجهة حتماً ستحدث بينهما، إلى أن قرر قطع حبال الصمت المطولة:


أنتي أكيد عارفة أنا جاي هنا النهاردة ليه يا خالتي، فمفيش داعي إني ألف وأدور عليكي.


وفرت عليه ما سيقول وقالت مباشرة


لو جاي عشان تدافع عن تربية الملاجئ إنت كمان يبقى بلاش تتكلم يا "عاصي".


رد عليها بتعابير مشدودة


لا مش جاي أتكلم عن تربية الملاجئ، أنا جاي أتكلم عن بني أدمة زيك وزيي، وتبقى مرات ابنك وأم حفيدك اللي أنتي مشككة في نسبه. ردت عليه بنزق:


ليا حق أشك في نسبه مهو في النهاية ابن واحدة ملهاش لا أب ولا أم. أخرج زفيراً مطولاً من صدره قبل أن يرد عليها:

هو أحنا اللي بنختار حياتنا، محدش بيختار لنفسه الوحش يا خالتي.


ثم استكمل بصوت حزين


بلاش تخسري ابنك الوحيد بسبب عمايلك دي.. إنتي أكثر واحدة عارفة


اد أيه هو عنيد.


أتاه ردها فاتراً:


وأنا أعند منه ومش هتقبل اللي في بطنها غير لما تعمل التحليل.


أوشك على فقدان آخر ما تبقى بطاقة صبره، وبصعوبة شديدة كبح


إنفعالاته:


يبقى هتخسري وهتخسري كتير.


زمت شفتيها معلقة في سخط


ده ابني، يعني مهما عمل في النهاية مستحيل هيتخلى عني.


أنتابها بعقلانية بعدما استقام بوقفته ليستعد للرحيل:


بنك مبقاش صغير بقى راجل والراجل أكثر حاجة توجعه إن حد يطعنه في عرضه وشرفه.


نظرة مترددة تكونت في عينيها، أخافها بما قال عن عمد بما قال ليتنحنحبعدها مردداً بهدوء:


فكري كويس قبل ما تضيعيه من إيدك.


وتركها شاردة بما قال ثم هبط ليصعد لسيارته التي كان سائقها بإنتظاره ليتجه به للشركة على الفور.


فتحت الحاسوب بلهفة لترى نتائج ما فعلته بالأمس، فارتسمت ابتسامة


رضا على وجهها حينما رأت نتائج مبهرة لما فعلته، فصفقت بيدها وهي تمدح نفسها:


برافو "لوجي".. كده بقى ضميري هيكون مرتاح من نحيته


فرحتها كانت غامضة وغير مفهومة، ولكن بعد ساعات مبسطة صارت  علني للجميع على وسائل التواصل الإجتماعي، مما جعل "عمر" يسرع بالإتصال بغيث"، فأخبره بما حدث ثم أكد عليه قائلاً:


بلغه بسرعة بكلامي ده وخليه يتصرف بسرعة قبل ما نتفضح.


أجابه " غيث" بنبرة ساخرة:


أبلغ مين أنت مصدق إنه يعمل الهبل ده!


"غيث" الموضوع مش هزار، إلحق بسرعة بلغ "عاصي" يمكن يتصل


باللي نشر الكلام ده ويتراجع.


ببسمة خبيثة أخبره


أنا أفضل إنك تبلغه بنفسك.


وأغلق الهاتف وهو يراقب ما أرسل إليه بصدمة وعدم إستيعاب لما سيحدث حينما يعلم "عاصي" بالأمر.


بمكتب "عاصي"..


إنزعج من الإتصالات المتعددة التي يتلاقها هاتفه من "عمر"، فرفعه وهو يجيب على مضض


كل دي مكالمات على الصبح


أتاه صوته الذي بدى إليه منصدماً بعض الشيء:


أنا عارف إنك بتمر بأزمة عاطفية من وقت وفاة" هند" وكلنا كنا


بندعيلك إنها تعدي على خير وتقطع وعدك بالعزوبية وتتجوز بس اللي


أنت عملته ده كان صدمة بكل المقاييس.


واستكمل ساخراً:


أنا قولت لأختك أكثر من مرة إنك خبيث بس هي مكنتش مصدقاني


بس أكيد لما تشوف اللي شوفته هتصدق كل حرف قولتهولها.


مرر يديه على جبينه ليحارب صداع رأسه الذي يهاجمه فور سماع صوته، ثم قال بفتور: يا ابني والله ما فايق لألغازك دي على الصبح، إنجز وقولي مالك؟


أجابه بحدة، وكأنه لا يصدق بأنه لا يعلم مغزى حديثه:


بعتلك الخبر على الواتس روح وشوف بنفسك.


أغلق "عاصي" مكالمته ثم فتح لينك الموقع الذي قام "عمر" بإرساله إليه، فقرأ بعدم إهتمام المدوت من أمامه، جحظت عينيه في صدمة حقيقية، فاعتدل بمقعده سريعاً ليعيد القراءة مرة أخرى ببطء وإهتمام رجل الأعمال الشهير "عاصي سويلم"، يبحث عن فتاة أحلامه، ويضع شروط خاصة لذلك، فمن ترى نفسها تليق بالأربعيني الأعزب الوسيم تملي تلك الاستمارة وسيتم اختيار عدد لمعاينة مقابلة سريعة في قصره الخاص»


فتح الاستمارة الموضوعة أسفل الإعلان، فصعق حينما وجدها عبارة عن أسئلة متعلقة بالوزن والطول، ولون البشرة وطول الشعر وأخرى متعلقة بالعلاقات السابقة والمؤهلات التعليمة، أغلق الهاتف وهو يردف بتعصب شدید


لوجين"... عملتي أيه يا مجنونه!


و نهض عن مقعده ثم جمع ملفاته الهامة ليسرع بالخروج، فوجد أمامه


السكرتير يسرع بإخباره حينما وجده يستعد للخروج


"قاسم" باشا بره من فترة وعايز يقابل حضرتك.


إتجه للدرج وهو يشير إليها بإنزعاج


مش فاضيله دلوقتي بلغي "غيث" وخليه يقابله مكاني.


وهبط للأسفل سريعاً، ليتجه بسيارته للقصر على الفور، والدماء تفور داخل أوردته، فما أن توقفت السيارة حتى أسرع بالهبوط ومن ثم ولج للقصر باحثاً عنها بغضب عاصف، فإهتدت عينيه على الخادمة التي تنظف الطاولة القريبة منه، فصاح بصوت جمهوري: فين المجنونه دي؟ت

ارتعبت الخادمة من ملامحه المتعصبة، فأسرعا بالإشارة بإصبعها المرتجف تجاه مكتبه، تجهمت معالمه وهو يتساءل بدهشة:


بتعمل أيه لسه في مكتبي ؟


عادت لتشير بكتفيها بقلة حيلة، فتركها واستكمل طريقه للداخل، فتفاجئ بها تجلس على مقعد مكتبه وتضع قدميها على حافته ، وبين يدها ثلاث من هواتفه الهامة، فبدت حائرة بالرد على أي منهما، فرفعت سماعة


إحداهما ثم قالت بابتسامة واسعة


أهلاً بكي في قصر الاربعيني الاعزب، أنا "لوجين" سكرتيرته الخاصة.... وأنتي مين؟


انصتت للجهة الاخرى بعناية، فانتفضت بجلستها وهي تردد بصدمة:


أيه 120 كيلو، لا يا حبيبتي أنا بقترح عليكي تعملي ريجيم قاسي، وبدل


ما تتصلي بينا إتصلي بنادي رياضي ينفعك.


وأغلقت الهاتف وهي تهمس بسخرية:


دي عايزة حزام ناسف مش عريس


وأمسكت القلم من أمامها ثم وضعت علامة «» أمام الاسم المطروحأمامها، وعادت لترفع السماعة المجاورة لها لتستقبل مكالمة أخرى


فارتسمت ابتسامة مصطنعة وهي تردد:


الصوت مبشر بس قوليلي بسرعة كده وزنك أد أيه؟ لو طلع أزيد من 100 هزعل.


ارتخت تعابير وجهها الرقيق حينما استمعت لما قالته، ثم قالت بحماس


طبعاً بعد اللي سمعته ده تقدري تيجي بكره لمقابلة "عاصي سويلم"...


وأغلقت الهاتف بإبتسامة متعجرفة ثم رددت بثقة :


حاسة كده إن مشكلة المعقد على وشك أنها تتحل.. ويمكن لما نعالج مشكلته حال القصر الكئيب ده يتعدل لما يتجوز بنت كويسة. وأنا كنت إشتكيتلك

كلمات انطلقت من فاهه بعصبية شديدة، جعلتها ترتد عن مقعدها بفزع فرفعت يدها على صدرها وهي تتحكم بدقاتها المتسرعة


خضتني، إنت متعرفش تتكلم بصوت واطي أبداً!


أنهى المسافة بينهم، حتى أصبح قريباً منها وبصوت كالرعد قال:


هو أنتي لسه شوفتي حاجة اللي جاي أبشع من اللي بيحصل هنا دلوقتي.


ومن ثم جذبها من تلباب قميصها الوردي وهو يصرخ بانفعال:


قوليلي حالاً أيه الجنان اللي أنت عملتيه ده، وعروسة أيه اللي بتدوري


عليها دي !


قالت بابتسامة واسعة:


أنت متعرفش حاجة عن حل الامور المعقدة اللي أنت بتمر بيها، أنت


محتاج بنت عشان تقدر تتخطى أزمتك دي بنت تكون جميلة ورقيقة كده


هي اللي هتقدر تساعدك وتصنع المعجزات...


جز على أسنانه ومن ثم شدد من ضغطه على خصلات شعره قبل أن يقول:


وانتي اللي هتقرري بدالي أيه اللي محتاجله


أجابته بكل غرور


أيوه أنا.


لعن ذاته في تلك اللحظة على تقديمه المساعدة لتلك الحمقاء، فتشبث


بأخر ذرة أعصاب يمتلكها ثم قال:


اسمعيني إنتي هنا ضيافة فإتصرفي على الأساس ده، ولأخر مرة هقولك متتدخليش في حياتي الشخصية لإن ده مش من إختصاصك.


وكاد بالخروج من الغرفة، فاتبعته وهي تشير له بحماس:


اختيار شريكة حياتك مش أمر خاص بيك لوحدك، سيبلي المهمة دي


وأوعدك أختارك بنت كويسة تليق بيك يا وسيم...استدار تجاهها ليحدجها بنظرة قاتلة، فجذبت لوحة الاسماء ثم جلست


تتابع عملها وهي تردد بصوت منخفض بعض الشيء:


أنت ساعدتني إني أتخلص من "قاسم " الملزق ده عشان كده لازم أساعدك إنك تتخلص من عقدتك دي وتتجوز في أسرع وقت.


أطبق على شفتيه بقوة كادت بأن تبترهما، فاستكمل طريقه للاعلى هامساً


بحنق:


أنا اللي عملت في نفسي كده.


بعيادة الدكتور "عمر أيوب" الخاصة بالعلاج النفسي.


ارتشف كوب قهوته التي تعدت السابعة، وهو يتأمل خبر الموقع للمرة


التي نسى عددها، ليهمس بقلق:


يا ترى أيه اللي حصله ؟


وأردف بعد مهلة من التفكير:


أكيد البت الغريبة دي هي السبب في جنونه ، عشان كده بقى بيدور على


عروسة علناً بعد ما كان عامل إعتصام عشر سنين.


وأغلق حاسوبه وهو يدندن بسخرية:


مراتي دائماً شايلة هم أخوها العانس وهو قايم بالواجب وبيدور على


عروسة على النت حاجة بجد يدعو للفخر.


وجذب الهاتف الموضوع لجواره ثم صاح بضيق:


هاتيلي فنجان قهوة كمان ودخلي أول حالة.


وبالفعل سمحت بدخول أول حالاته، فتمدد المريض على السرير المريح


ومن ثم بدأ بأول جلساته، فأذا بضوضاء تأتي من الخارج ليتبعه صوت


اصطدام قوي، تعجب "عمر" فحاول التعرف على مصدر الصوت فلم يكن


سوى باب المكتب الذي دفعته "إيمان" بقوة، لتدنو من زوجها الماسد جوار مريضه ثم صاحت بحدة

قول للممرضة الهبلة دي متمنعنيش تاني من الدخول، أنا أجيلك في الوقت اللي أنا عايزاه أنت فاهم؟


تحولت نظراته لتلك الممرضة البائسة التي تعاني من تسلط هرمونات زوجته التي توشك على الولادة، وكلما شعرت بتعب بسيط هرعت اليه وكأنه طبيب متخصص بالنسا والتوليد، وضعت "إيمان" يدها حول


خصرها وهي تتأوه بألم:


أنا مش عارفة أنت هتحس بيا وبالتغب اللي أنا فيه أمتى؟


سلطت نظراته على المريض المستلقي أمامه، ثم قال بحرج من طريقتها:


وطي صوتك يا حبيبتي، هتضيغي مسيرة سنين دراستي بالطب بسبب


أفعالك الجنونية دي!


لوت شفتيها بسخط، وهي تصرخ بوجهه


ده كل اللي يهمك ؟ شهاداتك والمرضى


هز رأسه بخفوت، فجزت على أسنانها بغيظ، ثم تركته واتجهت للتخت لتلكز المريض بغضب


أنت إتعميت زي الدكتور بتاعك نايم ومتهني ولا كأنك شايف قدامك


ست حامل وعلى وش ولادة خلي عندك دم وقوم.


ودفعته بعيداً عن الفراش ثم تمددت وهي تشير لزوجها المنصدم مما يحدث


إكشف عليا بسرعة وقولي مالي؟


وتنهدت ببطء وهي تخبره بوجع


حاسة إن ابني مش كويس وبالذات لما خلصت غسيل الهدوم اللي كل


بقعة فيها أد كده بسببك...


عبث بعينيه وهو يجيبها بإستهزاء:


متقلقيش يا روح قلبي أنا هبطل ألبس هدوم خالص، هعلم نفسي إني أتكيف على المشي عريان عشان سلامتك إنتي والولد.

وسألها بثبات مصطنع :


مبسوطة كده؟


أومأت برأسها بابتسامة نصر، ثم قالت:


بدأت أبقى مبسوطة، ودلوقتي بقى إطلبلي عصير عشان أهدي أعصابي لحسن حاسة إني مش تمام.


تحكم بانفعالاته الثائرة، ثم أشار للممرضة بابتسامة يرسمها بالكد:


هاتيلها كوبيتين عصير يا "سالي" ، وأوعي تتأخري لحسن تبلعني وأنا واقف بالبلطو كده.


كبتت السكرتيرة ضحكاتها وهي تسرع بالخروج لتنفذ طلبه، فجذب


"عمر" المقعد ثم قربه منها وهو يناديها بخوف


بقيتي كويسة دلوقتي ؟


هزت رأسها بابتسامة واسعة، فلعق شفتيه الجافة بارتباك مما سيقول:


طيب يا حبيبتي، أنا عايزك تسمعيني كويس بس بقلبك، لو فضلتي تجيلي هنا كتير وتطردي المرضى بالشكل ده هنجمع فلوس ولادتك منين


ضيقت عينيها بضيق من حديثه، ثم قالت:


يعني أعمل أيه يا "عمر" ، لما ! بحس بوجع بخاف يكون معاد ولادتي قرب


عشان كده بجيلك جري..


اصطنع ابتسامته، ثم قال بهدوء


يا روحي إتصلي بيا بس وأنا أوتدك هسيب كل حاجة في إيدي وهجيلك


جري بدل الفضايح اللي بتحصل هنا دي.


احتدت نظراتها الشرسة تجاه، فصرخت بعصبية


أنت تقصد أيه بكلامك ده، أنا اللي بعملك فضايح!


ابتلع ريقه بخوف وهو يجيبها


لا يا حبيبتي انا بس كنت .....


ابتلع كلماته حينما وجدها تحتضن بطنها وتصرخ بجنون

لا يا حبيبتي انا بس كنت .....


ابتلع كلماته حينما وجدها تحتضن بطنها وتصرخ بجنون


آآه.. "عمر" ، بطني مش قادرة..


واتبعها صرخة أكثر ارتفاعاً وقولاً يلاحقه:


الحقني يا "عمر" أنا بولد .


حملها "عمر" ثم هرول للاسفل ركضاً، فوضعها بسيارته ثم حمل هاتفه ليطلب "عاصي" الذي أجابه بتأفف:


أيه تاني!


أتاه صوته المتقطع من فرط أنفاسه اللاهثة:


أنا أسف لو بزعج جناب الاربعيني الأعزب الوسيم، والله ما عايز أعطلك عن مقابلاتك الهامة اللي تخص مستقبلك الوردي بس كنت عايز أقولك إن أختك بتولد فلو عرفت تيجي يبقى ده كرم منك كبير.


رد عليه بنبرة حادة حملت وعيداً سيحققه ذات يوماً:


سقتلك في يوم من الأيام، خليك فاكر ده كويس.


ثم أغلق الهاتف بوجهه وهو يلعن هذا اليوم الغامض في حياته الذي بدأ بما فعلته تلك الحمقاء وانتهى بشقيقته وزوجها، فجذب جاكيته وأسرع للدرج ليتجه بالهبوط، فتفاجئ بها تختبئ خلف أحد المقاعد وهي تشير له بالاقتراب، أطبق شفتيه ببعضهما بغيظ، فإنحنى إصبعها تجاه الطابق السفلي وهي تهمس برعب:

قااسم.....


الفصل السابع والثامن من هنا


بداية الروايه من هنا


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

متخرجوش كل حاجه عوزينها عندنا واتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


تعليقات

التنقل السريع
    close