القائمة الرئيسية

الصفحات

غرام_المغرووور البارت_الثاني_عشر والثالث عشر



 غرام_المغرووور 

البارت_الثاني_عشر والثالث عشر


عقد!!.

.. تكملة فلاش باااااااااااك.. 

"موافقه".. 

قالتها "إسراء" بصراخ، وهي ترمق "فارس" الذي ينظر لها بابتسامة واسعه تدل على فرحته الغامره،ووضع يده بجيب سرواله أخرج ورقه مطويه.. فتحها ببطء، واقترب من "إسراء" التي تتابع ما يفعله بدهشه.. 

أخفي يده داخل معطفه، واخرج قلم وضعه بيدها، وهو يقول بنبرة صارمة.. 

"أمضى".. 

عقد حاجبيها، وبتساؤل أردفت.. 

"أمضى على أيه؟!".. 

تأمل ملامحها بفتنان، وغمز لها بشقاوه وهو يقول.. 

"عقد جوازنا يا بيبي..عقد شرعي، ومتسجل في الشهر العقاري، وناقص امضتك وبس".. 

تنقلت "إسراء" بعينيها بينه، وبين تلك الورقه التي بيده بصدمه..أيعقل ستصبح زوجة هذا المغرور.. تسارعت دقات قلبها بعنف، وتعالت وتيرة أنفاسها، وبأنفاس متهدجه همست.. 

"أنت أكيد بتهزر!! "..

"لا مبهزرش، وامضي يا إسراء علشان أنا على تكه واحده، وصدقيني هثبتلك بالفعل أني مبهزرش".. 

قالها "فارس" بنبره محذره تحمل بين طياتها الكثير من الرغبه راتها هي بوضوح بعينيه الجريئه.. 

ارتجفت شفتيها، وبصوت هامس قالت مستفسره.. 

"طيب زي ما اتفقنا جوازنا هيكون على ورق بس، وهشتغل هنا لحد ما اطمن على ماما، ومش هنعلن غير لما يعدي أربع شهور زي ما قولتلك".. 

مال برأسه عليها لتتراجع هي برأسها للخلف سريعاً.. تعمق النظر داخل عيونها، وبتهكم واضح على محياه قال.. 

"وتفتكري مرات فارس الدمنهوري ينفع تشتغل خدامه يا ساحره؟!".. 

" دا شرطي يا فارس بيه.. علشان انا عارفه غرضك أيه من جوازك مني كويس أوي ".. 

همست بها بغصه يملؤها الأسى جعلته ضيق عينيه، وتحدث بتساؤل قائلاً.. 

"وايه هو بقي غرضي؟!".. 

ابتسمت ابتسامه زائفه تخفي بها عبراتها التي تجمعت بعينيها، وبهمس مقهور قالت.. 

"انت يا بيه عامل زي اللي داق كل حاجه حلوه في الدنيا، ونفسه جزعت.. فمال لحاجه حادقه.. اللي هي أنا للأسف".. 

مال عليها أكثر حتي لفحت أنفاسه الساخنه بشرتها الشاحبه، والبارده من شدة خوفها منه، وتحدث من بين أسنانه بغيظ قائلاً.. 

"وانا لو كان دا غرضي كنت قولتلك عايز أخلف منك؟!".. 

صمت لبرهه يحاول السيطرة على وتيرة غضبه من اندفعها، وتهورها بالحديث، وبصوت دب الرعب باوصالها قال.. 

"أمضى احسنلك".. 

"أوعدني الأول".. 

همست بها بصوتها الهامس الرقيق الذي يدغدغ مشاعره، وببطء رفعت عينيها، ونظرت له تستجديه ان يلبي طلبها، وبرجاء أكملت.. 

"أوعدني يا بيه متجبرنيش على حاجه أكتر من كده، وتخليني اشتغل هنا زي ما قولتلك".. 

هبطت دمعه حارقه على وجنتيها وتابعت بصوت متحشرج بالبكاء.. 

"خليني احس بحبة كرامه..بلاش تحسسني أني رخيصه أوي كده"..

اعتلت الدهشه ملامحه،وهو يقول.. 

"رخيصه؟!.. هتبقي حرم فارس الدمنهوري وتقولي رخيصه يا إسراء؟! ".. 

حرك رأسه بيأس من حديثها المتهور، وبنفاذ صبر قال.. 

"أمضى يا إسراء حالاً".. 

"طيب خليها لما اطمن على ماما الأول ".. 

أردفت بها" إسراء " برجاء.. 

نظر لها" فارس" نظره جامده، وتحدث بجديه مصطنعه قائلاً.. 

" وماله.. زي ما تحبي.. بس زي ما قولتلك.. هتلاقيني في حضنك في اي وقت،وفي أي مكان يخطر على بالك".. 

تأملها بجرائه مكملاً بعبث.. 

"مش همنع نفسي عنك، ولا هحرم نفسي منك، وكنت عايز اعمل كده وانتي على زمتي.. بس انتي اهو اللي بترفضي الحلال.. يبقي استحملي شقاوتي يا ساحرتي".. 

" قصدك سافلتك".. 

قالتها" إسراء " ببكاء شديد، وهي تأخذ الورقه، والقلم من يده بعنف، وكتمت أنفاسها وهي تدون أسمها معلنه أنها أصبحت زوجة" فارس الدمنهوري".. 

أنهت امضتها، وبسرعة البرق كانت ركضت مبتعده عنه بعدما قرأت ما يدور بعقله تجاهها.. لتتعالي ضحكاته بستمتاع، وبمكر تحدث قائلاً.. 

" بتجري مني من أولها يا بيبي..خلاص مبقاش ليكي غير حضني"..

.. نهايه الفلاش بااااك.. 

..صدمة اعتلت ملامح "إلهام" حين رأت توتر وارتباك وحيدتها.. تتهرب بعينيها منها حتي لا تقرأ ما فعلته بهما.. والدتها هي وتعلم ما يدور بذهنها عن ظهر قلب.. 

بيد مرتجفه امسكت ذقنها جعلتها تنظر لها.. لتشهق بصوت خفيض وبذهول همست قائله.. 

"أوعى تقولي انك عملتي كده يا إسراء؟!".. 

أطبقت" إسراء" جفنيها بعنف، وتأوهت بصوت مسموع مردفه بألم يعتصر قلبها ورحها... 

"ااااه يا ماما.. عملت كده"..

نظرت لها بأعين شديدة الاحمرار..ممتلئه بالعبرات تأبي الهبوط، وبتنهيده أكملت.. 

"عشانك انتي وبنتي مضيت عقد مع فارس الدمنهوري"..

اذداردت" الهام" لعابها بصعوبه،وضربت بكف يدها على صدرها، وهي تقول بذهول..

"عقد عرفي يا إسراء؟!"..

ربتت" إسراء " على ركبتها بحنان، وابتسمت لها ابتسامة باهته ومغمغمه بخفوت.. 

"شرعي.. اطمني يا ماما.. بس تقدري تقولي هو بالنسبالي عقد شغل أكتر من انه عقد جواز..انتي عارفه انا وفارس بيه مننفعش لبعض اصلاً.. أنا بنسباله نوع جديد مجربوش قبل كده، وعنده فضول يجربوا مش أكتر".. 

"ولما انتي عارفه انه كده.. ايه اللي جبرك على جوازك منه يا بنتي؟!".. 

قالتها" الهام" بصوت متحشرج بالبكاء.. 

صكت" إسراء" على أسنانها بغيظ شديد، وهي تقول.. 

"مرضيش يسبني غير لما يمضيني وإلا كان احححم؟! "..

جحظت أعين" إلهام"، وبخوف همست.. 

" انتو داخلتو كمان يا إسراء؟! ".. 

حركت" إسراء " رأسها بالنفي سريعاً، وهي تقول.. 

"لا لا يا ماما مافيش حاجه من دي حصلت، ولا هتحصل حتي.. بس هو سافل زي ما انتي عارفه، وهددني بسفالته لو ممضتش على العقد"..

أطلقت" إلهام " زفره نزقه، وبهدوء قالت.. 

"يعني دا دلوقتي جواز شرعي ولا عرفي.. فهميني يا بنتي ".. 

"قولتلك انه مجرد عقد بالنسبالي يا ماما، ومش هنعلن عن جوازنا غير لما اطمن عليكي".. 


هبطت دموعها بغزاره وتابعت بحزن.. 

" ويعدي سنه على موت رامي الله يرحمه".. 

وضعت" إلهام" أصابعها أسفل ذقنها، وبسخريه قالت.. 

" وهو سي فارس بتاعك دا هيستني عليكي بسفالته دي؟!.. دا قالهالك صريحه عايز يخلف وريث.. يعني مش هيسيبك غير ما تشيلي منه يا حبيبتي".. 

إسراء " بثقه.. "مش هيحصل".. 

ساد الصمت قليلاً.. قطعته "إلهام" بأمر.. 

" يبقي الناس والدنيا كلها لازم تعرف أنك بقيتي مراته.. علشان الجواز أساسه الاشهار يا إسراء.. مش عايزين الناس تقول علينا حاجه أكتر من كده".. 

ضحكت "إسراء" بصوت عالِ للغايه، ودموعها تنهمر على وجنتيها بغزاره، وتحدثت بصعوبه من بين ضحكاتها.. 

"الناس.. وهي الناس بتبطل كلام يا ماما..كانوا فين الناس دي وانا وأنتي وبنتي هنموت من الجوع.. 

انا لو مكنتش اتجوزت خالص كانوا هيقولوا اللي عنست ايه، ولما اتجوزت قالو جوزتيها صغيره ليه.. لما جوزي مات قالوا وشي وحش عليه، وستات الحته بقو يخافوا على اجوازهم من إسراء الأرملة، ولو فضلت من غير جواز الكلام هيكتر حواليا، والعين هتبقي عليا، ولو اتجوزت دلوقتي.. هيقولوا اوام وقعت راجل غيره..الناس مش هتسكت ولا تبطل كلام أبداً يا ماما، ولو مشينا وراهم هنقع على جدور رقبتنا والناس برضوا هيدوسو علينا بجزامهم".. 

ضمتها "إلهام" داخل حضنها وقبلت جبهتها مردده ببكاء.. 

" عندك حق يا ضنايا.. أهدي يا حبيبتي.. حقك عليا انا".. 

قبلت" إسراء " يدها مرات متتاليه وهي تقول بلهفه.. 

" حقك عليا انا يا ماما.. مش قصدي اتعصب عليكي يا حبيبتي ".. 

قبلت وجنتيها، وهبت واقفه، وتابعت بمزاح.. 

"سبيني بقي أنزل استلم شغلي في المطبخ اللي قد الحته بتاعتنا كلها، وعايز توكتوك يوصلني لعنده في مغارة فارس بابا اللي مقعدنا فيها دي"..

أنهت جملتها، وسارت نحو باب الغرفه.. ليوقفها صوت" إلهام " تقول بلهفه.. 

" بت يا إسراء".. 

نظرت لها فحركت شفاتيها دون إصدار صوت قائله.. 

" انتي مشلتيش الوسيلة لحد دلوقتي؟!".. 

ابتسمت" إسراء" ابتسامه واسعه، وتنهدت براحه وهي تحرك رأسها لها بالايجاب.. 

.............................. 

.. بأحدي مخازن مصانع الدمنهوري.. 

" هو دا الواحد اللي بعتينه يخلص عليا يا سيد؟! ".. 

قالها "فارس" بصوت جوهري، وهو يخطو من باب  المخزن، ويسير بهيبته بخطوات واثقه حتي اقترب من" سيد" المقيد جيدا بسوط عريض، والظاهر على ملامحه أثار ضرب مبرح.. 

"أبوس رجلك يا فارس باشا.. انا قولتلك اللي أعرفه.. مكنتش أعرف أنهم هيبعتو كل الرجاله دي".. 

قالها "سيد" بصوت متقطع من شدة فزعه.. 

وقف "فارس" أمامه يرمقه بنظرات مشتعله، وبهدوء مريب تحدث قائلاً.. 

"ولسه متعرفش مين اللي مشغلك؟!".. 

"سيد" بضعف.. "والله ما أعرفه يا باشا، ولا عمري شوفته.. اللي بنا كان مجرد أوامر باخدها بالتليفون، وهو اللي كان بيتصل، وكل مره من رقم شكل".. 

ربت "فارس" على كتفه بعنف، واستدار متجه نحو الخارج وهو يقول.. 

"طيب يا أبو السيد هتفضل مع رجلتي هنا لحد ما يبان لك صاحب أو تقابل وجه كريم".. 

صرخ "سيد" بتوسل قائلاً.. 

" أبوس جزمتك يا باشا.. انا غلطان في حقك.. سبني أعيش وانا هبقي خدامك".. 

نظر له" فارس" من فوق كتفه، و ادرف بنبره صارمه موجه حديثه لحرسه الخاص.. 

"عايزه يفضل عايش لحد ما نعرف اللي مشغله.. مفهوم".. 

أنهى جملته، وسار بخطي واسعه للخارج.. 

" فارس باشا.. هجيب لسيادتك دكتور".. 

قالها إحدي الحرس، وهو يفتح له باب سيارته الخلفي.. ليغلقه "فارس"، وفتح الباب الأمامي وجلس بمقعد السائق، وهو يقول بأمر.. 

"لا.. انا رايح القصر.. في دكاتره هناك.. خليك انت هنا وبلغني بكل حاجه اول بأول".. 

"أمرك يا باشا".. 

انطلق "فارس" بسيارته خلفه سيارات الحرس بأقصي سرعه.. هيئته مزريه.. ثيابه ممزقه،وجهه مملوء بكدمات عنيفه،وجرح نافذ ينزف بغزاره بجانب صدره..

أمسك هاتفه وتحدث به برساله صوته قائلاً.. 

"اعمل حسابك كويس لازم أشوفك في أقرب وقت.. خد كل حذرك وهحدد ميعاد وابلغك بيه يا تامر".. 

مرت عدة دقائق، ووقف أمام باب قصره الخارجي، وضغط على بوق السيارة بغضب.. ليسرع إحدي الحرس وقام بفتح الباب على مصراعيه.. ليندفع هو للداخل فجأه بدون مقدمات حتي انه اصتدم بالجدار وتهشم جزء كبير من السيارة..

ارتجل منها،وصفق الباب بقوه كاد أن يهشمه هو الأخر، وسار لداخل القصر بخطوات شبه راكضه..

"فاااارس.. أيه اللي حصلك يا حبيبي"..

صرخت بها "خديجه" ببكاء حاد، وهي تركض عليه وتضمه لحضنها بخوف شديد..

لم يجيبها في الحال.. عينيه تبحث عن ساحرته بلهفه واشتياق لم يشعر به تجاه اي امرأه من قبل.. تهللت أساريره حين لمحها تسير بشرود كعادتها تجاه المطبخ غير منتبها لوجوده..

هرول خلفها،وهو يقول بصوت مجهد يظهر به مدي تعبه.. 

"سبيني دلوقتي يا ديجا، وهحكليك بعدين"..

همت "إسراء" بدخول المطبخ، ولكن يد "فارس" التفت حول خصرها، وحملها داخل حضنه.. ظهرها مقابل صدره،وبسرعة البرق صعد بها الدرج ومن ثم نحو جناحه مباشرةً..

"يا نهاااااااار اسوح ومهبهب عليا وعلى اليوم اللي وقعت فيه في طريقك يا فارس زفت بيه"..

صرخت بها" إسراء" بغضب عارم، وهي تلكمه بكل قوتها، وتركل بقدميها في الهواء حتي تفر من بين يديه..

لكنه لم يتركها إلا بعدما أصبح داخل جناحه الخاص، وأغلق الباب خلفه جيداً.. 

قفزت من بين يديه، واستدارت تنظر له وهمت بالصراخ بوجهه.. لكنها صدمت من هيئته، وشهقت بعنف مردده.. 

" ايه اللي عمل فيك كده؟!".. 

لم يجيبها، ولم يبتعد بعينيه عنها.. بدأ يفتح أزرار قميصه واخد تلو الأخر، وخلعه بألم واضح على ملامحه، ووضعه على جرحه النازف يوقف به الدماء المتدفقه، وبأمر قال.. 

"تعالي يا إسراء.. عايز أحضنك".. 

نظرت له ببلاهه.. كأنها تراه برأسين، وبغضب قالت.. 

" أنت في ايه، ولا في ايه يا بيه؟!".. 

ابتسم لها ابتسامة هادئه، وتحدث بأسف قائلاً .. 

"انا كنت هموت انهارده من غير ما أعرف طعم حضنك أيه.. فقربي مني كده زي الشاطره وهاتي حضن جامد يا مدام فارس".. 

همت" إسراء" بالرد عليه، ولكن طرقات هادئه على باب الجناح يليها صوت إحدي الخدم يتحدث بأحترام شديد.. 

"فارس باشا.. انسه"ديمه" خطيبة سيادتك وصلت تحت ومنهاره جداً".. 

اتسعت أعين" إسراء" بذهول مردده بعدم تصديق.. 

" خطبتك؟! ".. 

انتهي البارت


استغفرو الله لعلها تكون ساعة استجابه

#غرام_المغرووور 


#البارت_الثالث_عشرر


 

..اقتحام قلب..

"إسراء"..

إخلاصها لزوجها المتوفي يعتبر نادراً في وقتنا هذا.. قلبها ينبض بالحب الحقيقي رغم مدة زوجها القصيرة..

فالعلاقات لا تقاس أبداً بطول العشرة، ولكن تقاس بجميل الأثر وجميل الإخلاص والمحبة، فكم من معرفة قصيرة المدى لكنها بجمالها وهدوئها أعمق وأنقي بكثير من أطول معرفة..

أغلقت قلبها على حبها ووفائها وقررت عدم فتحه لأحد مرة أخرى.. بنظرها لن تجد مثل والد طفلتها..

اكتفت بحب والدتها وصغيرتها وتعمدت تنسي نفسها، وتدفن شبابها بيدها.. غافلة عن القدر وما يخبئه لها..

لم تضع في حسبانها انها ستقع بقبضة رجل سيقطحم بعشقه قلبها المغلق..

......................

.. داخل جناح فارس..

تدور "إسراء" حول نفسها بملامح يظهر عليها الصدمة والذهول بعدما استمعت لصوت إحدي العاملين يخبر "فارس" بوصول خطيبته "ديمه" منهارة من شدة خوفها عليه بعدما علمت عن الهجوم المسلح الذي حدث له..

رفعت كف يدها ومسحت على وجهها بعصبيه، وهي تطرد زفرة نزقة من صدرها متمتمه لنفسها بصوت خفيض..

"أنا أيه اللي عملته في نفسي دا ياربي؟!"..

بينما يتابعها "فارس" بهتمام بعدما اعتدل بجلسته بوضع أكثر راحة مستند بظهره على المقعد ورفع قدميه على طاولة أمامه، وقد تناسي أصابته وجروحه البالغه وهو يتأمل جمالها البريئ..

"أنت اتجوزتني وأنت خاطب؟!"..

أردفت بها "إسراء" وهي ترمقه بنظرات منذهله، وبعقلها بدأ يدور ألف سؤال وسؤال إجابتهم جميعاً أنها وقعت تحت سطوة مغرور..

عقدت ذراعيها أمام صدرها ونظرت له بملامح جامده رغم تعاطفها مع هيئته المزريه، وجرحه الذي لم يتوقف عن النزيف..

بادلها "فارس" النظرة بأخرى مستمتعه، وغمز لها بشقاوه قائلاً بتساؤل..

"بتغيري عليا ولا أيه؟!"..

ابتسمت بسخريه وهي تقترب منه بخطوات بطيئه وكأنها تسير على إيقاع نبضات قلبه حتي توقفت أمامه مباشرة ومالت برأسها عليه قليلاً..

تنظر لعينيه بكراهيه شديدة ظاهرة عليها بوضوح، وتحدثت من أسفل أسنانها قائله..

"أغير عليك ايه وزفت أيه يا فارس بيه!!..أنت مش واخد بالك أنك مش نازلي من زور يا مغرور"..

أين هذا المغرور هو فقط يتأمل ملامحها الرقيقه التي تروقه وتثير جنونه بدقة وأفتنان..

اعتدلت بوقفتها، ونفخت بضيق مكمله بنفاذ صبر..

"ذنبها أيه خطبتك دي تظلمها معاك وذنبي أنا أيه علشان تتجوزني عليها؟!"..

شهقت بفزع حين جذبها من يدها ببعض العنف.. فختل توازنها وسقطت على قدميه..

حاولت الفرار منه.. لكنه حاوطها بيده السليمه، وضمها لصدره بقوة.. مستند بجبهته على جبهتها، وتحدث بأنفاس متلاحقه تدل على شدة تعبه..

"ذنبك أنك بقيتي غرامي يا إسراء"..

تنقل بنظره بين شفاتيها وعينيها وتابع بتلذذ..

"بقيتي غرام المغرور يا ساحرتي"..

انبلجت ابتسامة ماكرة حين شعر بأرتجاف جسدها بين يديه فظن انه استطاع التأثير عليها وأنها على وشك الخضوع لوسامته الشديدة كحال معظم النساء معه..

لتتلاشي ابتسامتة وتحل مكانها الصدمة حين دفعته بعيداً عنها بكل قوتها غير عابئه لجرحه النازف جعلته يتأوه بصوت عالِ، وهبت واقفه أمامه وتحدثت بغضب، ونبرة محذرة قائله..

"أنا مش غرامك ولا هكون في يوم من الأيام، وأظن أن جوازنا دا مجرد إتفاق أو عقد بمدة محدده يا فارس بيه، وأنت وافقت عليه.. فبلاش شغل النحنحه دا علشان مش هياكل معايا، ولا هيخليني أغير اتفاقي معاك"..

توقفت عن الحديث وبدأ يظهر عليها التوتر والفزع وهي تراه يأن بألم حاد، وقد إزداد نزيف جرحه..

عضت على شفتيها وأصبحت في حيرة من أمرها بعدما تحطم جمودها وقوتها الزائفه وهي تري مدي تدهور حالته..

حاولت رسم اللامبالاه على محياها، وتحدثت بأسف وصوت جاهدت على إخراجه طبيعي لكنه خرج مرتعش من شدة قلقها..

"وبعدين انت أيه اللي شلفطك على الآخر كده، ومروحتش المستشفى ليه بجرحك اللي عمال ينزف دا قبل ما دمك يتصفي، ولا غرورك مخليك مش عايز تتنازل وحد من البشر يعالجك"..

عادت ابتسامتة تزين ملامحه الشاحبه حين لمح خوفها عليه ظاهر عليها، ورفع رأسه نظر لها بعينيه الجريئه المجهدة، وتحدث بصوته الرجولي ذو البحه المميزه قائلاً..

"جيت على هنا علشان في دكاتره هنا في القصر ولا نسيتي، ومتخفيش عليا أنا واخد على كده، ومش أول مره أتعور وأنزف"..

غمز لها وتابع بوقاحة..

" لما تاخدي عليا شوية كمان هوريكي كل الإصابات والرصاص اللي في جسمي واخليكي تعالجيني بنفسك من أول وجديد"..

جحظت عينيها على آخرهم من مخزي حديثه الجريئ، وحركت رأسها بيأس وهي تجز على أسنانها بغيظ مردفه..

" سافل حتي وانت تعبان؟!.. أنا مش هعلجك لا أنا هعيد تربيتك من أول وجديد"..

رمقته بنظرة حارقة، وسارت نحو باب الجناح وتابعت بحدة قائله..

"أنا هروح المطبخ أكمل شغلي، وابعتلك الدكاتره بتوعك يمكن يشوفوا علاج لوقاحتك ولسانك اللي عايز أصه دا هو كمان يا فارس بيه"..

"مافيش خروج من باب الجناح قبل ما أحضنك يا إسراء"..

قالها" فارس" بأصرار مريب وهو يقوم بربط جرحه بكنزته بعدما قام بخلعها وظل بجزعه العاري..

صكت" إسراء" بأسنانها كادت ان تحطمهم، وحدثت نفسها بغضب عارم قائله..

" ياربي اييييه البني آدم البارد دا.. في حياتي ماشوفتش كمية سفالة وبرود بالشكل دا"..

استجمع" فارس" قوته، وهب واقفاً وبدأ يسير بخطوات متعبه لكنها متزنه.. استمعت "إسراء" لخطوات قدمه فنقطعت أنفاسها، وركضت مسرعة مبتعده عنه..

"أهدي مش هحضنك غصب إلا لو انتي جبرتيني على كده.. أنا هجيب حاجه اشربها تفوقني شوية علشان استمتع بحضنك اللي كنت هتحرم منه للأبد من قبل حتي ما أدوقه"..

قالها وهو يفتح ثلاجة صغيرة بإحدى جوانب الغرفة، وأخذ منها زجاجة غريبة الشكل..

عقدت "إسراء" حاجبيها وهي تمعن النظر لتلك الزجاجة، ومن ثم شهقت بقوة وهي تقول بعدم تصديق..

" خمرة؟!.. بتشرب خمرة يا فارس بيه؟! "..

سكب فارس كأس مملوء، وتناوله على مرة واحدة مردداً..

"دي شمبانيا يا بيبي.. تعالي خدي كاس هتعجبك أوي صدقيني"..

نهي جملته، وسكب كأس أخر ومد يده لها به..

نظرت له لأول مرة تتأمل هيئته بتفحص..تود رؤية الوجه الأخر لذلك المغرور الذي يخفيه خلف صرامته الشديدة..

عينيه بهما حزن دفين،ملامحه رغم وسامتها إلا أنها قاسيه.. يبدو كمن يقف بين نارين رغم أن الطريق أمامه إلا انه لا يمكنه السير بعيد عن تلك النيران..

نظرته لها نظرة غريق يستجديها ان تنقذه.. يريد المساعدة ويد العون التي تساعده على السير بل الركض بعيداً عن النيران قبل أن تحرقه..

حسمت أمرها بعدما تردد بذهنها لما لا تكن هي تلك اليد، وتدفعه للطريق الصحيح وتفوز بالأجر والثواب؟!..

أخذت نفس عميق واقتربت منه وهي تقول بتعقل..

"القصر دا في حاجات كتير أوي عايزه تتغير من أول الينيفورم العريان بتاع البنات اللي شاغلين هنا"..

أخذت من يده الكأس والزجاجة بهدوء ووضعتهم على الطاوله، ونظرت له وتابعت بشفقه..

"لحد اللي مشاغلهم اللي هو انت يا فارس بيه"..

صمتت لبرهه، وأكملت بتساؤل قائله..

"هتسمحلي أغير اللي شيفاه غلط؟!"..

اقترب هو منها حتى وقف أمامها مباشرة بينهما خطوة واحده.. فتراجعت هي للخلف خطوتين حين مال برأسه عليها، ونظر لعينيها بلهفه ظاهرة مغمغماً..

" هسمحلك.. أنتي الوحيده اللي مسموحلك تعملي اي حاجه في القصر وصاحب القصر يا سيدة القصر"..

أطبقت جفنيها بعنف، ونفخت بضيق، وفتحت عينيها وتحدثت بنفاذ صبر دون النظر له..

"طيب ممكن تفتحلي الباب علشان اتنيل أخرج أشوف شغلي، وكمان انت راجل خاطب، وخطبتك تحت وممكن تطلع في أي لحظه، ومينفعش تطلع تلاقيني معاك هنا"..

" مينفعش ليه؟!.. أنتي مراتي، ولو طلعت هقولها كده"..

أردف بها وهو يقترب منها بابتسامة عابثه، وهي تتراجع للخلف، وبنبرة راجية تابع..

" ويله بقي تعالي في حضني، وصدقيني لو جربتيه هتدمنيه"..

رفعت كف يدها، وأشارت له أن يتوقف، وتحدثت بتقطع من شدة خجلها وغضبها قائله..

" فارس بيه من فضلك التزم باتفاقك معايا، ولازم تعرف إني مش هقدر أكون لك زوجه بالسهوله دي.. لأني لسه بعشق جوزي الله يرحم؟! "..

صرخت بصوت خفيض حين سحبها من خصرها فجأه لداخل صدره، وضمها بكلتا يديه لصقها به، وقد استطاعت الخمرة إخفاء ألم جرحه قليلاً..

توهجت وجنتيها حين استشعرت ملمس جسده على يدها وهي تدفعه عنها بضعف بعدما تملك منها خوفها من نظرته الحارقه،وانفاسه الساخنه التي تلفح بشرتها وتدل على شدة غضبه..

"احضنيني"..

همس بها بنبرة أمره، ومحذرة بأن واحد لا تحتمل النقاش.. رفعت عينيها ببطء ونظرت له لتندهش من لمعة عينيه الغاضبه بالعبرات.. يستجديها ان تضمه لتتفادي بركان غضبه حتي لا ينفجر، وستكون أول من يطولها..

"مش هقولها تاني يا إسراء"..

همس بها وهو ينظر داخل عينيها بعمق غلفه الإشتياق الشديد..

هبطت عبراتها على وجنتيها بغزاره، وحركت رأسها بالنفي عدة مرات وهي تردد بصعوبة من بين شهقاتها..

"مش هقدر.. والله ما هقدر"..

سارت بيدها على يده حتي أمسكت قبضته التي تعتصر خصرها، وحاولت دفعها عنها وهي تقول بتوسل..

"سبني يا بيه الله لا يسيئك"..

"مستحيل أسيبك يا إسراء.. أنتي مش عارفه أنتي بالنسبالي أيه، ولا عارفه أنا مستني اللحظه دي بقالي أد أيه"..

قالها" فارس" وهو يضمها له أكثر، وتابع بابتسامة وفرحة غامرة قائلاً..

"بقولك انهارده كنت هموت وربنا كتبلي عمر جديد، وعايز اعيشه كل لحظه معاكي أنتي.. جوه حضنك أنتي قبل ما اتقتل يا إسراء "..

اتسعت عينيها بصدمة من جملته الأخيرة.. ليحرك رأسه هو بالايجاب، وبأسف أكمل..

" ايوة اتقتل.. ليا أعداء مش هترتاحو غير لما يقتلوني، وشكلي كده هخليهم يوصلوا لهدفهم.. علشان لو قتلوني هيشلوكي من دماغهم، وهتبقي أنتي في أمان"..

انعقد لسانها لم تستطيع النطق بحرف واحد.. أيعقل سيضحي بحياته لأجلها؟!..نظرت له بشرود متمتمه ببكاء دون وعي..

"تتقتل وأبقى أرملة للمرة التانيه؟! "..

ابتسم لها ابتسامة حزينة، وبتنهيده قال..

"ما انا عايز أخلف منك ولد علشان ابقي مطمن عليكي، ومتبقيش لوحدك انتي و إسراء الصغيرة"..

أمسك يديها، ولفها حول رقبته، وضمها بقوه دافناً وجهه بعنقها مستغل شرودها، وبتأكيد تابع..

" أول ما تحملي مني هسبهم يقتلوني، واريحك مني ومن غروري للأبد يا ساحرة"..

"مش هيحصل"..

قالتها" إسراء" وهي تتحرك بهستريه داخل حضنه كمحاوله منها للإبتعاد عنه، ونظرت له وتابعت بثقه..

"لو قتلك واقف على حملي.. فطمن انا مش هحمل منك يا فارس بيه"..

رفعت يدها، وامسكت لحيته بين أصابعها وتابعت بابتسامة مصطنعه..

" قولتلك في حاجات كتير عايزه تتغير في القصر دا.. سبني خليني ابدأ اغيرها من انهارده"..

أبتسم "فارس" ابتسامة عريضه حين رأي مدي قلقها، وخوفها عليه يملئ عينيها.. أو أقنع نفسه انه رأهما، وتنقل بنظرة لشفتيها، ومال عليها بوجهه وهم بغمرهما بقبلة عاشقة.. لتفر هي من بين يديه مسرعة نحو باب الجناح وبرجاء قالت..

" افتح الباب يا بيه؟! "..

رفعت يدها وضعتها على فمها تكتم شهقتها حين دوي صوت أنثى باكية تطرق على الباب بقوة مرددة..

"فارس افتح حبيبي .. افتح انا هموت من قلقي عليك"..

........................................

.. بمنزل تامر..

تجلس "إيمان" بجوار زوجها حاملة "إسراء" الصغيرة النائمة على قدمها.. تستمع لما يقوله لها زوجها بصدمه وذهول وبعدم تصديق تحدثت قائله..

"انت بتقول ايه يا تامر؟!..عايز تفهمني ان كل اللي كنت بتعمله معايا ومع إسراء مرات أخوك والبهدله اللي بهدلتهلنا كانت إتفاق بينك وبين اللي اسمه فارس الدمنهوري دا؟! "..

أشار لها "تامر" بالصمت وبهمس قال..

"وطي صوتك الحطان لها ودان"..

صمت لبرهه، وتابع بأسف..

"ايوة يا ايمان،وفارس بيه من يوم وفاة رامي اخويا الله يرحمه، وعينه كانت على إسراء وبنتها، وكل اللي حصل دا من تخطيطه علشان يخلي إسراء تروحله برجلها ويقدر يحميها من اللي قتلو جوزها"..

"لا دا انت تحكيلي كل حاجه بالتفصيل"..

قالتها" إيمان" بأصرار شديد..

هب "تامر" واقفاً وتحدث بستعجال قائلاً..

" مش وقته.. لازم أروح لفارس بيه عايز يشوفني ضروري.. ادعيلي محدش يشوفني وانا معاه، ولو رجعت هحكيلك على كل حاجه "..

" إيمان".. ببكاء حاد.." لو رجعت أيه.. انا مش هسيبك تخرج يا تامر.. أكيد انت متراقب، وانا معنديش استعداد أخسرك "..

ضمها "تامر" لحضنه مقبلاً رأسها وبابتسامة تحدث..

"لسه بتحبيني يا ايمان بعد كل اللي عملته معاكي؟! "..

" إيمان ".. " وعمري ما هبطل أحبك..انت كنت بتعمل كده وليك عذر يا تامر"..

"يعلم ربنا إني عملت كده من خوفي عليكي وعلي مرات اخويا وبنته، ودلوقتي لازم أروح يا ايمان مدام قالي عايز يشوفني يبقي الموضوع مهم وخطير ولازم أروح"..

انتهي البارت


استغفرو الله لعلها تكون ساعه استجابه

البارت الرابع عشر والخامس عشر من هنا 👇👇👇👇👇👇👇👇👇


من هناااااا

تعليقات

التنقل السريع
    close