رواية دلال حُرمت على قلبك الفصل الحادي والعشرون والثاني والعشرون والثالث والعشرون بقلم الفراشه شيماء سعيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
![]() |
رواية دلال حُرمت على قلبك الفصل الحادي والعشرون والثاني والعشرون والثالث والعشرون بقلم الفراشه شيماء سعيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج
لم ينتظر للصباح يود أن تراها الآن وتنام بين أحضانه، دلف لقسم الشرطة ومنه لغرفة الضابط سقط قلب العسكري أرضا أول ما وقعت عينيه على أيوب، وقف أيوب أمام الباب وقبل أن يفتح قال العسكري:
_ رايح فين يا باشا ؟!..
ألقي عليه نظرة تقييمية ثم قال:
_ خليك في حالك..
دلف الغرفة من هنا وسقط قلبه أرضا من هنا، أين دلال ؟!.. وجد ضابط آخر فقال بغضب:
_ مراتي فين ؟!
رفع الآخر حاجبه وقال:
_ أنت مين سمحلك تدخل من غير إذن ومراتك مين؟!..
من زوجته ؟!.. سيأخذ روحه الآن أقترب منه وسحبه من عنقه بقوة مردفاً:
_ مرات أيوب رسلان فين ؟!..
دلف العسكري وقرر إنقاذ نفسه فقال برعب:
_ حضرة الظابط اول ما دخل طلب مني أدخلها الحجز يا باشا وأنا مقدرتش أقول لأ..
يا الله للمرة الثانية لم يقدر على حمايتها، جن جنونه فالقي بالضابط بعيداً عنه ثم قال للعسكري:
_ وديني ليها..
أمام أيوب رسلان لا توجد كلمة لا، أخذه العسكري مثلما أمره أما الضابط قال بضياع:
_ وديت نفسي في داهية عشان شوية فلوس الله يخرب بيتك يا جومانة..
بخطوات سريعة بها الكثير والكثير من الخوف وصل أيوب أمام الباب، أشار للعسكري بفتحه ليشعر الآخر بزيادة الكارثة، فتح الباب وفر بالمعني الحرفي لكلمة فر ليدفع أيوب الباب ويدلف إليها..
دلال على الأرضية وسط دائرة مرعبة من الدماء، لحظة تم بها سحب روحه من جسده بكل قسوة، نزل لمستواها هامسا بضياع:
_ دلال..
أين دلال ؟!.. وجه شاحب بها الكثير والكثير من الضربات والدماء، كفها علي بطنها كأنها تعطي لصغيرها العناق الأخير، دمعة واضحة من عينها اليسرى تثبت بها كم معاناتها وما مرت به بمفردها بالساعات الأخيرة، ظهرها يعلن له إنها انتهت وهو أنتهي معها، رعب ما يراه الآن رعب..
أخر ما كان يتخيله أن يحملها غارقة بدمائها بين يديه ويخرج بها، دقيقة واحدة وتم نقلها المشفي تحت حراسة مشددة من رجال الشرطة وهو معها..
وصل المشفي وجد مصطفي بانتظاره كيف آتي أو من أين علم لا يعلم، كانت بين أحضانه أنفاسها ضعيفة أصبح على يقين أن صغيره رحل عن عالمه قبل أن يراه، وضعها على فراش متحرك ثم وقف أمام الغرفة بضياع، يتمني لو يقدر على البكاء لكن منذ متي وأيوب رسلان يبكي ؟!..
أختفت من أمام عينيه ليضرب الحائط بجواره بقوة أقترب منه مصطفي مردفاً:
_ أهدي يا باشا ان شاء الله هتبقى كويسة وكل اللي كان له يد في اللي حصل هيتحاسب..
من له يد ؟!.. لو قتل العالم لن تنطفي ناره، عاجز عن قول شيء لا يعلم إذا كان صامت برضاه أم الصدمة فقدته صوته، يريد الصريخ الانهيار وغير قادر، جسده يخونه ويعلن قرب سقوطه شعر به مصطفي فسحب مقعد سريعاً وجعله يجلس عليه مردفاً بقلق:
_ أيوب أنت كويس ؟!..
أخيراً خرج صوت أيوب الضائع:
_ بموت أنا روحي بتطلع..
أعتاد على الوقف بظهر الجميع، دفن والده ورائه زوجته بعدها شقيقه وكان بكل هذا وتد لا يميل، الآن لا يقدر حقا لا يقدر..
أغلق عينيه بتعب يزيد عليه فقال مصطفي:
_ كدة غلط لما الحرس كلمني وقالي حالتك وأنت طالع بيها من القسم انا مصدقتش هي بتستقوى بك يا أيوب..
نفي أيوب بثقل وقال:
_ أنا اللي بستقوى بيها يا مصطفي..
خرج الطبيب من غرفتها ليقف بعيدا خائف، لا يود سماع كلمة تحرق قلبه ضغط على أسنانه بقوة يرقض وصول صوت الطبيب إليه ومع ذلك وصل:
_ للأسف فقدنا الجنين..
يا الله ما أبشع تلك الجملة، حلمه المنتظر أنتهي اليوم، أبنته الجميلة رحلت قبل أن يضمها بصدره ويغرقها بحنانه، دلال كيف حال دلال ؟!.. وصل لمرحلة يرفض بها السؤال عنها لن يتحمل أكثر فقال مصطفي بدلا منه:
_ ومدام دلال عاملة إيه ؟!..
اجابه الطبيب بهدوء:
_ حالة الرحم مش وحشه تقدر بعد كده تخلف عادي لكن هي جسديا متعرضه لعنف شديد وفقدت دم كتير احنا ادينا لها كيس ولسه محتاجين..
مع معرفته بأنها مازالت على قيد الحياة ردت به الروح، قام من محله مردفاً بلهفة:
_ أنا o سالب خد مني إللي أنت عايزه المهم إنها تعيش تفضل تتنفس..
بعد مدة كان تم سحب منه نص كيس من الدماء وقالت الممرضة:
_ احنا هنديها شويه دول على ما تتصرفوا..
_ خدي الباقي مني..
رفضت بهدوء:
_ مينفعش طبعاً يا أستاذ عشان ننقذ مريض اضحي بشخص تاني..
لو أخرج نيرانه عليها سيطلع بروحها الآن، صرخ بغضب مردفاً:
_ خليكي في حالك ونفذي المطلوب منك بس خدي كل الكميه اللي هي محتاجاها ولو عايزاني امضي لك على أي حاجه همضي..
تعجبت المرأة منذ متي ورجل يضحي بحاله من أجل إمرأة مهما كانت من هي ؟!... حركت رأسها بهدوء وقالت:
_ وماله أنت حر هكمل باقي الكيسين من حضرتك...
______ شيما سعيد _____
بقصر رسلان..
قالت جومانة عبرة الهاتف للضابط:
_ أنت اللي غبي مين قالك تظهر نفسك في الصورة ؟!. والعسكري اللي معاك أغبى منك كل ده ميخصنيش في حاجه طالما سقطت وأنت اخدت فلوسك وزيادة، تنسى رقمي ومترنش عليا تاني ده عايز تفضل قاعد على كرسيك يا حضره الظابط..
صرخ الآخر بجنون:
_ كرسي إيه؟!.. هو أنتِ فاكرة إن أيوب رسلان هيسيبني أفضل قاعد على الكرسي؟!.. أنا مش هقع لوحدي يا مدام جومانا وهتبقي معايا..
مسحت على وجهها بقلق ثم قالت بقليل من الهدوء:
_ وأنت مين اللي قالك يا غبي ان أيوب هيعملك حاجة؟!.. أنت ظابط جيت لقيت متهمة دخلتها الحجز، لكن لو عرف انك مرتشي وكنت قاصد تدخلها الحجز مش بس هيقومك من على الكرسي ده هيشيلك من الدنيا كلها..
دقة خفيفة على باب الغرفة جعلتها تغلق معه الخط سريعاً ، فتحت لتري أمامها حنين فقالت بتعجب:
_ حنين رجعتي امتى؟!..
هل من كل عقلها كانت تنتظر عناق ؟!.. يا ليكِ من حمقاء حنين، إبتسمت بسخرية ثم دفعت باب الغرفة قليلاً لتدلف مردفة:
_ من ساعة..
_ ومجيتيش في حضني أول ما وصلتي ليه؟!..
_ كنتي وقتها بتتكلمي على التليفون سبتك تخططي وتعملي مؤامرات براحتك ودخلت غيرت هدومي ورجعت لك تاني..
عقدت جومانة حاجبها بتوتر واضح مردفة:
_ أخطط ؟!..
أومأت إليها بتعب وقالت:
_ ليه كده يا مامي ليه دايما عايشة في جو العصبات والتخطيط ليه مفيش في قلبك رحمة ولا حتى خوف ان اللي بتعمليه يترد لك في ولادك؟!.. بدل ما أنتِ بتضيعي عمرك ووقتك على حاجات فاضية كنتي اهتمي بيا انا واخويا يمكن كنا طلعنا لك ذرية صالحة بدل ما ضيعنا احنا الأتنين..
أخر ما تريده الآن هي المواجهة مع حنين، أخذت نفسها وقالت بحنان:
_ أنا مش فاهمة منك حاجه يا حنين أنتِ أعصابك تعبانة من رايي يا حبيبتي تروحي لدكتور تاني غير ادم..
صرخت حنين بغضب:
_ دكتور تاني غير أدم؟!.. ويا ترى بقى المرة دي هتخليه يعمل فيا إيه؟!.. يصورني وينزلني على النت الكل يتفرج وتقسموا انتوا الاتنين الأرباح مع بعض؟...
أتسعت عين جومانة بذهول مردفة بغضب:
_ أنتِ بتقولي إيه يا قليلة الأدب شكلك فعلا مجنونة ومحتاجة مصحة تعلمك تبطلي تخاريف اللي تطلع منك دي..
فلتت منها ضحكة ساخرة قبل أن تقول:
_ المصحة دي محدش محتاج يعيش الباقي من عمره فيها غيرك، على فكره يا مامي الايام اللي فاتت دي اتعلمت فيها حاجات كتير أوي واولها انك ست وحشه ممكن تبيعي نفسك عشان الفلوس ده اذا مكنتيش بعتي أصلا، عايزاكي تحضري نفسك لأن النهاردة هيبقى آخر يوم ليكي في البيت ده، أنا هقول لعمو أيوب كل حاجه قذرة أنتِ عملتيها ووقتها شوفي هيعمل معاكي ايه... زمان كان بيعمل حساب ليا أنا وخالد دلوقتي خالد راح وأنا ليا مزاج أشوفك بتتعذبي زي ما كنتي تتفرجي عليا وأنا بتعذب ومبسوطة..
جن جنون جومانة لم تتوقع أبدا أن تصل حنين بيوم من الأيام لتلك الحالة من القوة، يستحيل فهي لعبتها التي تحركها لصالحها كما تشاء، إذا نطقت تلك الفتاة بكلمة واحدة ستنتهي من حياة أيوب إلي الأبد وهذا ما لم تسمح به، بلحظة جنون تحكم بها شيطانها وضعت يديها حول عنق ابنتها مردفة:
_ لسانك لو خرج بره بوقك مش هتردد لحظة واحدة إني اموتك مش هتكوني أغلى من اللي قتلته قبلك عشان بس ادخل البيت ده..
أتسعت عين حنين برعب من معني الحديث،
قتلت من حتي تدلف لقصر رسلان من جديد ؟!.. زاد شعورها بالاختناق لتغلق عينيها مستسلمة لتلك النهاية، دفعة قوية لباب الغرفة بعدها دخول رجال الشرطة كانت طوق النجاة...
_ مطلوب القبض عليكي يا مدام جومانة..
_____ شيما سعيد ______
بمنزل دلال..
دقت عليها خلود للمرة المليون دون أي رد، لم تجد أمامها حلول إلا الإتصال على مسعد، وكأنه كان منتظر الإتصال ضغط على الزر مردفاً بلهفة:
_ وحشني اسمع صوتك يا خلود..
هي الأخري اشتاقت لكن الاشتياق ليس إليه أي محل بحياتها بعد الآن، مسحت على خصلاتها مردفة بتوتر:
_ مش وقت الكلام ده يا مسعد انا بتصل بدلال من امبارح ومش بترد عليا ممكن تيجي توديني قصر رسلان..
كانت على يقين أن مع سيرة دلال سينساها وتظهر لهفته على دلال فقط، وهنا كانت المفاجأة عندما قال:
_ طالما هشوفك دقايق وأنا عندك..
لم تتحمل أكثر وأغلقت الهاتف بوجهه، ماذا حدث ليريد رؤيتها فهي ظلت أمام عينيه سنوات ولم يشعر بها ؟!.. أخذت نفسها بتعب وقالت:
_ انسى يا خلود وطلعي كل ده من دماغي المهم دلوقتي دلال، أنتِ ومسعد هيفضل الباب مقفول بينكم حتى لو روحك فيه..
لم تمر دقائق ووجدت الباب يدق، فتحت بلهفة لعلها تكون دلال وجدته يقف أمامها بإبتسامة مشرقة مردفاً:
_ ايه ده يا خلود أنتِ لسه في هدوم البيت البسي عشان نمشي..
_ هو أنت جيت في دقيقة كده ازاي كنت واقف تحت البيت؟!..
ببراءة طفل صغير أشار على باب الشقة المقابل لها مردفاً:
_ لأ طبعاً وأنا إيه اللي هيخليني واقف في الشارع أنا جيت من الشقه دي..
عقدت حاجبها بتعجب مردفة:
_ وأنت بتعمل ايه في الشقه دي اللي أعرفه إنها فاضيه ملهاش صاحب..
بحب يظهر لها لأول مرة أبتسم وقال:
_ وحشتيني يا خلود ملقيتش قدامي حلول غير أني اجر الشقة دي وأفضل ابص عليكي من بعيد..
لا والله وهذا منذ متي ؟!.. قبل أن يضعف قلبها أغلقت الباب بوجهه وقالت من خلفه:
_ خليك واقف هنا 10 دقايق واغير هدومي ونمشي..
_____ شيما سعيد ______
بالمشفي..
مرت عليه الساعات ببطء قاتل روحه تنسحب من بين ضلوعه مع كل ثانية، أتت فوزية ومعها حنين مع أحد رجاله بعد القبض على جومانة، اكتفت حنين بالبعد بزاوية بمفردها أما فوزية أقتربت منه مردفة:
_ إيه الحكاية يا أيوب ؟!.. جومانة عملت إيه لدلال؟!..
وهل صوتها يصل لأيوب من الأساس؟!.. لا يري إلا صورتها ولا يسمع إلا نبرتها المدللة بإسمه، يقف أمام الجميع جبل وبداخله طفل صغير منتظر والدته حتي يستطيع البكاء بداخل أحضانها، تدخل مصطفي بالحديث:
_ مش وقت الكلام ده يا طنط حالة أيوب متسمحش بالكلام خالص لما الدكتور يطلع من عند دلال وتبقى كويسة هنتكلم..
أومأت إليه فوزية وصمتت دقائق أثقل من السنوات خرج بعدها الطبيب بهدوء مردفاً:
_ الحمد لله المدام بقت بخير سيطرنا على النزيف ونضفنا الرحم بس هتفضل في العناية ال 24 ساعه الجايين تحسبا لاي تغيير..
يود أن يراها الآن ولن ينتظر دقيقة أخري، تحرك أمام الجميع بخطوات غير متزنة ثم قال:
_ عايز أدخل لها..
نفي الطبيب بهدوء مردفاً:
_ مش هينفع دلوقتي يا باشا لما تتنقل لاوضة عادية هيبقى أحسن لها..
لا وألف لا حدق بمصطفى بضياع كأنه ينتظر منه المساعدة، منذ متي وأيوب ينتظر المساعدة من أي ؟!.. لا يعلم ولا يهمه الأمر فقط يرغب بضمها، تدخل مصطفي بهدوء مردفاً:
_ الباشا هيدخل يشوف مراته القيامة مش هتقوم يعني..
كانت نبرة تحذيرية صريحة جعلت الطبيب يحرك رأسه مرغما:
_ ماشي يا باشا تقدر تدخل تشوف المدام بس يا ريت تبقوا 10 دقايق مش اكتر..
بلهفة طفلة صغيرة وافق ذهب مع الممرضة بخطوات سريعة يعد حاله للدخول وبعدها دلف، أغلقت الممرضة الباب عليهما تقدم يقترب منها بخطوات ثقيلة، دلوعته نائمة لا حول لها ولا قهوة، أسلاك متعلقة بجسدها هنا وهناك محلول متصل بيدها، جر قدميه جرا ليقف أمامها..
شاحبة تتألم حتى وهي نائمة، رفع كفه المترجف على خصلاتها وقال:
_ أنا أسف..
نطق بها من هنا وانفجر بالبكاء من هنا، سقط قناع الجمود وحان وقت الضعف، وضع رأسه فوق كفها الخالي من الأسلاك وظل يبكي، ارتفعت شهقاته وزادت دقات قلبه، أنفاسه تخرج منه بصعوبة وكأنها لحظته الأخيرة بالحياة..
تعب ليرفع وجهه إليها حدق بها بعينيه الحمراء مردفاً:
_ أنا فاشل يا دلال مقدرتش احميكي ولا أحمي بنتي، ولا قدرت أحمي خالد وحنين قبل كده، أنا صورة فاضية مفيهاش أي حاجة غير شويه فلوس بيتحركوا، أنتِ خسارة فيا عشان أنا مش الراجل اللي تستحقيه يا دلال، اللي حصلك النهاردة بسببي واللي حصلك زمان بسببي طول ما أنتِ معايا بتخسري، حبي ليكي لعنة محدش طالع منه خسران وكل حاجه غيرك، أفتحي عيونك يا حبيبتي رجعي فيا الروح من تاني انا تعبان وخايف لوحدي..
نعم خائف يشعر إنه طفل صغير ضائع يسير بطرق مجهولة والنهاية واحدة ضياع، وضع قبلة حنونة على كفها وقال:
_ تعرفي أنا اتعودت ادفن كل اللي بحبهم، بس النهاردة كنت هدفن نفسي ارحم ليا بكتير من إني أسمع عنك كلمة مش هقدر أسمعها، الحاجة اللي كانت بتربط بيني وبينك راحت، راحت من قبل ما اشيلها وأبوسها أنا عشت عمري كله وحيد اتعودت على الوحدة لحد ما جيتي أنتِ، مليتي عليا حياتي ورجعتي لي شبابي، لما عرفت انك حامل فكرت الدنيا ضحكت لي أخيرا بس في اللحظه اللي أنا بكلمك فيها دي عرفت إنها ضحكت عليا ضحكة العمر كله..
شعر بخطوات تقترب فمسح دموعه سريعاً بظهر يده ثم وضع قبلة أخيرة فوق رأسها مردفاً:
_ هتوحشيني يا دلوعة..
دلفت الممرضة وقبل أن تطلب منه الخروج أومأ إليها مردفاً:
_ خدي بالك منها..
خرج من الغرفة بقوته المعتادة وقف أمام مصطفي وقال بقسوة:
_ خليك هنا في المستشفى عايز عينك تبقى في نص راسك فاهمني يا مصطفى..
_ كل اللي أنت عايزه هعمله بس أنت رايح فين؟!..
_ أجيب حق مراتي قبل ما تفتح عينيها..
_ مش هسيبك لوحدك..
_ خليك هنا أنا هبقى مطمن وأنت معاها..
_ ماشي يا أيوب خد بالك من نفسك وخلي دايما موبايلك مفتوح..
_ أكيد هيبقى مفتوح عايز اطمن عليها لحظة بلحظة..
_____ شيما سعيد ______
بقسم الشرطة..
دلف أيوب لمكتب سيادة اللواء محمد عادل، وقف السيد محمد من محله مرحباً بوجود السيد أيوب رسلان، مد يده للسلام عليه مردفاً:
_ نورت المكتب يا أيوب باشا..
مد أيوب يده إليه وقال:
_ أنا زعلان وجدا يا سيادة اللوا ودي حاجة مش حلوة..
حمحم الرجل بهدوء وقال:
_ مين إللي قدر يزعلك وأنا أشيله من على وش الأرض..
جلس أيوب بوقار على المقعد المقابل لمكتب السيد محمد وقال:
_ ظابط عندك هنا إسمه طارق أحمد..
_ عمل لك إيه يا باشا ؟!..
ماذا فعل به ؟!.. كسره وأخذ منه روحه، أبتلع أيوب المرارة بصعوبة وقال:
_ دخل مراتي الحجز واتفق مع كام واحدة جوا فضلوا يضربوا فيها لحد ما سقطت، لو عايز نفضل صاحب يا سيادة اللواء الكلب ده يلزمني..
حديثه كان به تهديد صريح، وهل أحد يقدر على الوقوف أمام رجل مثله ؟!.. رفع السيدة محمد سماعة الهاتف الأرضي وقال:
_ حضرة الظابط طارق أحمد يكون عندي..
أغلق الهاتف وقال:
_ تؤمر بايه يا باشا وأحنا معاك ؟!.
أبتسم إليه بقوة وقال:
_ إللي أمر بيه هقوله لما يوصل، معايا دلوقتي واحدة ست عايزة تدخل الحجز خمس دقايق..
_ ليه يا باشا ؟!..
_ هتعمل الواجب مع إللي قربوا من مراتي..
أومأ إليه السيد محمد بهدوء ونفذ ما طلبه منه ، فأخرج أيوب هاتف وفلاشة ياسمين مردفاً:
_ دول بقي يا سيادة اللواء واجب مني ليك..
دلف طارق بخطوات مرتعبة أول ما وقعت عينيه على أيوب كاد أن يسقط أرضاً أخذ نفسه بصعوبة وقال:
_ أمرك يا فندم..
تحدث أيوب بقوة:
_ ولا حاجة يا حضرة الظابط كل الموضوع إنك مفصول عن العمل وتحول للتحقيق..
رغم رغبه قال بغضب:
_ وده بتهمة إيه بقي ؟!..
_ رشوة صح يا سيادة اللوا وإلا أنا برمي عليه تهم بالباطل ؟!..
شعر اللواء بالقليل من الشفقة على طارق إلا أنه يستحق فهو يعلم جيداً أن هذا بداية الطريق فقط مع أيوب رسلان، قال:
_ صح يا باشا..
_ عايز أقابل مدام جومانة بعد ما أخدت واجبها في الحجز..
اختفي طارق من أمامه ودقيقة ودلفت جومانة مع العسكري وبيدها الكلبشات، قام اللواء محمد من محله مردفاً:
_ هسيبك معاها براحتك يا باشا.
خرج وعينين أيوب متعلق بها، يشعر بالانتشاء من معالم وجهها المختفية بالدماء أبشع من مظهر دلوعته بكثير ومع ذلك لم يرتاح، يود أن يراها تتألم بنفسه لا هو يريد أخذ ثأره بيده، أقتربت منه بخوف مردفة:
_ خدني من هنا يا أيوب..
دفعها بأحد قدميه بمنتصف بطنها، ثم قام من مكانه ووضع قدمه على بطنها بقوة مردفاً:
_ كل ضربة كنتي قاصدة بيها تموتي بنتي خليكي تدفعي تمنها أضعاف هنا يا جومانة، عمري إللي راح بسببك زمان حاجة واللي خسرته النهاردة حاجة تانية ..
ضغطه عليها كاد أن يأخذ روحها حاولت أخذ نفسها بصعوبة مردفة:
_ عملت كدة عشان بحبك عشان تبقي ليا ونخلف زي ما كنا بنحلم زمان..
جن جنونه ووضع قدمه على عنقها بنفس اللحظة دلف اللواء مردفاً:
_ أهدي يا باشا..
أبتعد عنها وقال بجبروت:
_ عايزها تبقي لوحدها وهي والكلبة بتاعها إللي مدت أيدها على مراتي يا سيادة اللواء خليهم الأتنين يعيشوا أجواء أمن الدولة..
أومأ إليه اللواء مردفاً:
_ كل إللي أنت عايزه هنعمل ده حقك بعد التقصير إللي حصل مننا كلنا في حق مدام دلال..
أخذ أيوب نفسه بتعب وقال:
_ وأنا سبت حقي أمانة في رقبتك يا سيادة اللواء ادها مش كدة ؟!..
_ طبعاً يا باشا ده أنت غالي عندي ما أيام أبوك الله يرحمه..
_ الله يرحمه
_____ شيما سعيد _____
بمساء اليوم التالي..
تم نقل دلال لغرفة عادية، كانت فوزية بجوارها تقرأ بعض آيات القرآن وحنين تحدق بالشرفة الخارجية للمكان، همهمة بسيطة خرجت منها جعلت فوزية تأخذ نفسها براحة أخيراً، أقتربت منها حنين مردفة:
_ حاسة بايه ؟!..
لا تشعر بشيء حقا لا تشعر ربما فقدت حاسة الإحساس أو الألم أكبر من قدرتها على الشعور به، همست بتعب:
_ أيوب..
أغلقت فوزية المصحف ثم قالت بحنان:
_ شوية وهيكون موجود يا حبيبتي ارتاحي أنتِ..
سيأتي ؟!.. هل هو تركها بمفردها ؟!.. لا هو وعدها بالبقاء معها وعدها أن تظل بداخل أحضانه، أبتلعت ريقها الجافة بمرارة وقالت:
_ البيبي كويس صح ؟!..
من حظه الأسود إنه وصل لباب الغرفة على سؤالها، وقف عاجز غير قادر على المواجهة كيف يقف أمامها وماذا يقول ؟!.. فتح الباب بهدوء ثم قال:
_ عايز أبقي معاها لوحدنا..
هدوءه بحد ذاته مرعب خصوصاً بعد اختفائه من أمس، انسحبت حنين بلا كلمة أما فوزية وقفت أمامه مردفة بقلق:
_ بيبي إيه إللي هي بتتكلم عنه يا أيوب ؟!..
لا المكان ولا الزمان يسمح بهذا السؤال، أشار لعمته على باب الغرفة:
_ بعدين يا عمتو بعدين نبقي نتكلم..
خرجت فأقترب منها بخطوات ثقيلة ثم جلس بالمقابل إليها على الفراش مردفاً:
_ حمد لله على سلامتك..
نبرته عجيبة نظراته غريبة تشعر بشيء مريب قاسي ولا تعلم ما هو، حاولت الاعتدال فقام بمساعدتها ثم قال:
_ هااا مرتاحة كدة ؟!.
أومأت إليه بترقب مردفة:
_ الحمدلله مرتاحة..
_ طيب الحمدلله..
_ أيوب هو في ايه أنا خايفة..
حرك رأسه بإبتسامة هادئة وقال:
_ لأ متخافيش كل حاجة خلصت وكل اللي اذاكي حتى لو بكلمة دفعت التمن أضعاف أنتِ دلوقتي في أمان يا دلال..
به شئ يجعل قلبها يشعر بالخوف يزيد أضعاف، وضعت كفها على بطنها وقالت بأمل:
_ البيبي كويس صح أنا فضلت طول الوقت حاطه أيدي عليه عشان مفيش أي ضربة تنزل عليه حميته وأنا متأكدة إنه في أمان مش كدة ؟!..
لا يوجد لديه ما يريح قلبها لذلك أقترب منها أكثر ومسح على خصلاتها بحنان مردفاً:
_ ضربوكي جامد؟!..
ها هي الآن أمامه مثلما تمنت، فتحت ذراعيها إليه وعينيها متعلق بها الدموع، فهمها فأقترب منها أكثر ووضع رأسها على صدره، بكت بحرقة تخرج كل ما عاشته من خوف مردفة:
_ بعد ما الظابط الطيب مشي جه ظابط تاني شرير وصمم ينزلني الحجز، كنت خايفة أوي يا أيوب وأول ما دخلت لقيت ناس شكلهم غريب قربوا عليا وشتموني ولما جيت اتكلم راحوا ضربوني، الضرب كان بيوجعني جامد فضلت انادي عليك بس أنت مسمعتنيش ولا جيت كنت خايفه أوي من غيرك يا ايوب..
يا الله كم يود البكاء الآن ولكنه بكل أسف لم يقدر، وضع عدة قبلات معتذرة فوق رأسها مردفاً:
_ اشششش خلاص كل ده خلص وأنتِ دلوقتي في حضني وفي أمان..
أبتعد عنه قليلاً وقالت بإبتسامة متعبة:
_ مش مشكلة طالما ابننا بخير أنا مش زعلانة..
ضم وجهها بين يديه مردفاً بحنان:
_ ابننا بخير يا دلال بس مش هيبقى معانا..
_ آمال هيبقى فين ؟!..
_ عند ربنا...
الفصل الثاني والعشرين
#دلال_حُرمت_على_قلبك
#الفراشة_شيما_سعيد
_ تقصد أنه مات ؟!..
قالتها بضياع تتمني لو نفي ما فهمته، هي فعلت كل شيء حتي يبقي صغيرها بأمان تحملت من أجله وعادت من الموت على أمل أن تجده بخير، نظرة أيوب كفيلة لتعلم الإجابة، نظرة خذلان ، قهر ، والاصعب إنها نظرة عتاب هل هي السبب الرئيسي بموت صغيرها، تحدثت برجاء:
_ أيوب أرجوك أنا عارفة إن انا غلطانة لما خرجت من نفسي بعد أنت ما رفضت ومستعدة لأي عقاب، بس بلاش تعمل فيا كده بلاش تقول ان البيبي مات عشان تحسسني بالمسؤوليه وتفهمني اللي انا عملته غلط قول الحقيقه وانا والله العظيم ما هعمل كده تاني..
لا يعلم ما عليه فعله يأخذها بعناق يشعرها بالأمان يداوي جرحها أم يداوي جرحه هو ويبكي على حاله؟!.. أيوب رسلان رجل صعب هزمه مسح على وجهها بحنان وقال:
_ مش بعاقبك ومش بحملك مسؤولية اللي حصل رغم اني زعلان منك، بس اللي حصل ده أساسه بسببي أنا واللي عمل فيكي كده كان يقصدني أنا، ابننا دلوقتي عند اللي خلقه يا دلال في مكان احسن وهيستناكي على باب الجنه، هيشفع لينا يا دلال واحنا الاتنين غلطنا كتير يمكن ربنا اخده من باب الرحمه لنا...
مات ؟!.. ذهب قبل أن تراه ؟!.. تضمه تشم رائحة عطره تسمعه منه كلمة امي ، ذهب وهي كانت تنتظره لتبدأ معه حياة جديدة تعويضاً عن ما مرت به، نفت برأسها عدة مرات وبكت، بكت بقلب محروق يعيش شعور اليتم من جديد، صرخت، رفضت، تألمت أمام عينيه، جذبها رغماً عنها ليضعها على صدره بقوة مردفاً:
_ بس أهدي أنتِ تعبانة واللي بتعمليه ده غلط عليكي..
تعلقت بصدره وقالت بقهر:
_ البيبي ده كان هيبقى دنيتي لما عرفت إني حامل فيه قولت خلاص أنا مش هبقى يتيمة تاني ليه يموت يا أيوب وهو معملش حاجة ليه ؟!.. بس أنا استاهل انا بدفع تمن اللي انا عملته جوازي من خالد وجوازي منك انا استاهل العقاب ده بس هو ما كانش يستاهل..
زاد انهيارها وبدأ يفقد سيطرته عليها فضغط على الزر المجاور للفراش ودقيقة مرت قبل أن تعود للنوم بحقنة مهدئ..
______شيما سعيد _____
بمنزل أبو الخير..
طال غياب ناصر بعد ذهاب حنين، رفض دخول المنزل لأول مرة وهو يعلم جيداً إنه خالي من صوتها، صعد على السطح ليأخذه عقله لأول قبلة بينهما، أغلق عينيه بتعب وهمس:
_ آه منك يا حنين..
شعر بحركة حوله تخيل للحظة إنها قررت العودة بين أحضانه فتح عينيه بأمل كبير، وجد عزة أتت لتجلس قليلاً من الحمام الخاص بها، أخذت نفسها بتوتر ثم أقتربت منه مردفة:
_ مالك يا أبو مهران؟!..
_ تعبان..
كلمة واحدة وصف بها كل ما يؤلمه، قلبها اللعين جعلها تشعر باللهفة والقلق عليه جلست على بعد مسافة بعيدة عنه وقالت:
_ عندك إيه يا حاج ؟؟..
حاج ؟!.. كلمة ورثها من صغره لدرجة أنه صدق كبر سنه رغم سنوات عمره الخامسة والثلاثون، نظر لعزة وقال بندم شديد:
_ أنا آسف..
اتسعت عينيها بذهول، هل ما سمعته الآن حقيقي ؟!.. ناصر أعتذر منها ؟!.. سألته بنبرة حنونة:
_ على إيه بس ؟!..
أبتسم بسخرية من حاله وقال:
_ على كل حاجة، أنتِ أكتر واحدة اتظلمتي معايا يا عزة، اتجوزت عليكي بدل الواحدة إتنين وطلقت معاهم وأنتِ مكنش ليكي ذنب، كنتي أمانة عمي في رقبتي وأنا معملتش حساب للأمانة دي..
يا ليته يعلم كم تحبه، يا ليته يري صورته بعينيها، إبتسمت بحب وقالت:
_ أنت إللي مظلوم معايا يا ناصر، في الأول اتجوزتني مع أنك شايفني أختك عشان أبويا وأبوك، وبعدين ربنا حرمني من الخلفة وعشت معايا وخبيت لحد ما عمي الله يرحمه ما عرف وجوزك شامية، أنا مش زعلانة منك يا ناصر كفاية أوي عليا أشوفك قدام عيني كل يوم، حنين غلبانة وبتحبك وأنت كمان بتحبها ربنا يسعدكم..
بحنانها تزيد عليه همومه، مسح على وجهه بتعب وقال:
_ أنا طلقت حنين يا عزة..
ضربت على صدرها مردفة:
_ يا لهوي ليه كدة يا ناصر البنت صغيرة على كلمة زي دي..
هي بالفعل صغيرة جداً عليه، أخذ نفسه بتعب وقال:
_ مهو عشان صغيرة كان لأزم ابعد، أنا عشت كل حاجة يا عزة وهي لسة وردة بتفتح للدنيا ومن حقها تأخد إللي يستحقها..
_ بس أنت بتحبها هتعيش من غيرها إزاي ؟!..
أبتسم إليها مردفاً بهدوء:
_ زي ما أنتِ عيشتي سنين من غيري وأنتِ بتحبيني، الحب لوحده مش كفاية عشان نعيش تحت سقف واحدة، حنين من دنيا وأنا من دنيا ومستحيل نتقابل في النص...
لأول مرة يفتح قلبه إليها بتلك الاريحية ويتحدث، أومات إليه بحزن مردفة:
_ ربنا يريح قلبك يا ناصر..
_____ شيما سعيد _____
ساعتين وهو يجلس على المقعد المقابل لفراشها، يتابعها وهي تبكي أثناء نومها أخذ نفسه بثقل لتدخل عليه فوزية مردفة بغضب:
_ أنا ساكتة من الصبح وبقول مش وقته لكن دلوقتي حالا عايزة أعرف عيل مين اللي نزل ده وابن مين ؟!.
هذا ما كان ينقصه معرفة فوزية للحقيقة، نظر إليها بتعب وقال:
_ إبني..
ضربت على صدرها بغضب وقال:
_ إبنك أنت عملت إيه في البنت اليتيمة مش كافية إبن أخوك ؟!..
كثير عليه ما يحدث والله كثير، زفر بضيق وقال:
_ دلال مراتي من شهور واللي كان في بطنها ابني بالحلال وعلى أيد مأذون، فيا ريت تهدي بقى عمتي عشان أنتِ شايفه محدش فينا مستحمل يسمع كلمة من التاني..
_ وأنت مين اللي ضحك عليك وقالك إن الجواز في السر حلال؟!.. الجواز إشهار يا باشا يعني اللي أنت كنت بتعمله ميفرقش عن الزنا كتير الفرق بينهم بس ورقة..
أتت إليه بالوقت الخطأ لذلك انفجر بها مردفاً:
_ هو إيه اللي زنا دلال مراتي رسمي وعمها عارف كده؟!..
_ عمها مين ؟!.. اللي رماها في دار الايتام وأكل حقها ده بدل ما تأخد حقها منه بتحط أيدك في ايده وتستقوى عليها، وجبت منين أصلا ان الجواز ده حلال تقدر تقولي ان لو بطنها كانت كبرت كنت هتقول العيل ده إبن مين؟!.. .
صرخ بغضب:
_ في إيه يا فوزية أنتِ شايفاني عيل عشان أهرب من المسؤولية؟!.. كنت هقول ابني وأنتِ شوفتي بنفسك إن فرحنا كان قدامه أيام دلال عندي غالية ومش أنا اللي أقل منها..
همهمة ضعيفة خرجت من بين شفتيه دلال جعلته يعود إليها بلهفة، مسح على خصلاته مردفاً:
_ دلوعة وحشتيني..
_ مياة عايزة مياة..
أسرعت السيدة فوزية بوضع القليل من الماء بالكوب أخذه منها أيوب بيد والاخري وضعها على ظهر دلال مردفاً:
_ أفتحي بوقك يا حبيبتي المياه أهي..
أخذت الكوب بأكمله ومازال ريقها جاف، أغلقت عينيها بتعب وقالت:
_ عايزة أمشي من هنا..
_ مينفعش أنتِ تعبانة دلوقتي يجي الدكتور يطمننا عليكي، قوليلي حاسة بأي حاجة بتوجعك ؟!..
لا تشعر بشيء ربما فقدت الإحساس بجسدها، قلبها فقط يحترق أبتلعت ريقها بتعب وقالت:
_ عايزة أبقي لوحدي سبني لوحدي لو سمحت..
حديثها جعله يشعر ببوادر خطر، همس بترقب:
_ مش هسيبك لوحدك أنتِ هتفضلي جوا حضني أصرخي واعملي كل إللي نفسك فيه وأنتِ جوا حضني..
لا تريد هذا العناق حقا لا تريده، تشعر بالضياع ترغب بالبقاء بمفردها لعلها تعلم ما وصلت إليه ذنب من منهما، رأت فوزية فقالت برجاء:
_ لو سمحتي خديه واخرجي عايزة أبقي لوحدي..
اشفقت فوزية على حالها وقالت لأيوب:
_ تعالي برة شوية يا أيوب..
حدق بها بضياع، كيف تطلب منه أن يتركها بمفردها ؟!.. كيف وهي تعلم تعلق روحها بها ؟!.. وضع يده فوق يدها وقال:
_ دلال يا حبيبتي العمر لسة قدامنا هنخلف تاني وهنحمد ربنا على أنك بخير وقصاد عيني أي حاجة تانية مش مهم طالما أنتِ جوا حضني..
مسحت على رأسها بتعب شديد وصرخت:
_ وأنا مش عايزة حضنك يا ريت تفهم ده وتبعد عني..
_ يعني إيه ؟!.
_ يعني أنا مش ادك ولا اد حياتك كفاية إللي خسرته لحد كدة وخلينا نطلق..
عاد خطوة للخلف على أثر حديثها، لم يصدق أن تتخلي عنه بتلك البساطة سألها بتعجب:
_ ببساطة كدة نطلق ؟!.. للدرجة دي أنا ولا حاجة عندك ؟!..
_ أنا تعبت..
لم يجيب فقط ألقي عليها نظرة عتاب وترك إليها الغرفة..
_____ شيما سعيد _____
خارج غرفة دلال..
أقترب مصطفي من حنين مردفاً:
_ ناصر مجاش معاكي ليه ؟!..
يا الله مصطفي!!.. لأول مرة تشعر انها لا تعلم شئ عن الحب ولم تعيشه من قبل، أخذت نفسها بهدوء مردفة:
_ أنا وناصر اطلقنا وهو ميعرفش أي حاجة عن إللي حصل لدلال..
حقا لا يعلم لما شعر بالسعادة من هذا الخبر، رسمت ابتسامة واسعة على وجهه وقال:
_ كدة تقدري ترجعي حياتك..
واين هي حياتها حتي تعود إليها ؟!.. حركت رأسها بتعب وقالت:
_ بس أنا مش ناوية أرجع لأي حاجة من إللي فات أنا هبدأ من جديد..
تغيرت، كل شئ تغير بها حتي نظرات عينيها إليه، سألها سؤال لا يعلم لما سأله:
_ حبيتي ناصر يا حنين ؟!..
وضعها أمام نفسها لتري الإجابة بوضوح، عن أي حب كانت تبحث ؟!.. هل هي تعلم معني للحب من الأساس، صمتت ثواني ثم رفعت عينيها إليه مردفة بضياع:
_ هو الحب ده بيبقي عامل إيه يا مصطفي ؟!.. كنت بتحب مراتك إزاي ؟!..
على سيرة زوجته الراحلة اهتز قلبه، مع كل يوم يمر يتمني النسيان، ماتت أمام عينيه بين يديه، فارقت الحياة بسببه وبسبب عمله، هل كان بالفعل يحبها أم فقط يقتله ضميره بسبب ما حدث إليها؟!.. سؤالها جعله يتوقف ويسأل ما هو الحب وكيف يكون ؟!... حرك كتفه بعجز مردفاً:
_ مش عارفة ، أنتِ رأيك إيه ؟!..
_ ولا أنا عارفة، بس أنا عايزة اعتذر منك يا مصطفي..
_ على إيه ؟!..
هي نفسها لا تعلم عن ماذا تعتذر إلا إن عقلها قال بصراحة أنها المذنب الوحيد بحق نفسها، خرجت منها تنهيدة طويلة وقالت:
_ على اني وقت مشكلة آدم اتهمتك انك السبب، أنا السبب في اللي حصلي مش أنت، اتخطت حدودي معاك وشوفتك بصورة مختلفة عن اللي المفروض أشوفك بيها، خلينا ننسى كل اللي فات ونتعامل مع بعض على أساس إنك صاحب عمي وأنا حنين الصغيرة.. ..
حنين ترتب لحياتها من جديد بشكل مختلف ومن الواضح أمامه بكل وضوح أنه خارج هذا الترتيب، سمعها تقول بهدوء:
_ آدم ملمسنيش يا مصطفى أنا مش زانية..
_ يعني أنتِ لسه بنت بنوت؟!..
سقطت من عينيها دمعة ونفت مردفة:
_ لأ..
_ يعني إيه وووو..
صمت بعدما فهم فقال:
_ ناصر قرب منك وأنتِ في بيته؟!..
لسؤاله ألف معنى وصلوا إليها بوضوح فقالت بقوة:
_ ناصر قرب مني وأنا مراته وحقه..
_____ شيما سعيد ______
بالمساء..
عاد وجدها نائمة وفوزية وحنين على الأريكة الكبيرة، أقترب من فوزية وقال:
_ روحوا البيت أنتوا يا عمتو أنا هفضل جنب مراتي..
رفضت فوزية مردفة:
_ مش هسيبها وأمشي يا أيوب دلال في مقام بنتي وهي مش عايزك معاها..
أخذ نفسه بمحاولة منه على الصبر وقال:
_ يعني إيه مش عايزاني معاها؟!.. دلال مراتي ومشاكلنا هنحلها مع بعض من غير ما حد يتدخل..
_ أنا متاكدة انك غصبت عليها في الجوازة دي واستحليت إنها ملهاش ضهر وأنا مش هسيبها لك ...
الصبر من عندك يا الله حتي يستطيع السيطرة على غضبه، أشار على دلال وقال:
_ مراتي ملهاش ضهر غيري وصدقيني يا فوزية اللي هيقف في وشي ويمنع عني دلال مين ما كان هشيله من على وش الدنيا فبلاش تبقى أنتِ ..
أتسعت عين السيدة فوزية مردفة:
_ أنت بتهددني يا أيوب ؟!..
_ بفهمك مش بهددك..
مع قوة نظراته ومع تربيتها إليه علم صدق حديثه فأخذت نفسها وخرجت، ظلت معه حنين أبعد نظره عنها قالت بخجل:
_ عمو أنا عارفة أنك بتكرهني بس اديني فرصة أقولك الحقيقة وبعدها أعمل فيا اللي أنت عايزه...
أبعد وجهه عنها وقال كلمة واحدة:
_ أخرجي..
عضت على شفتيها بقوة تمنع نفسها من البكاء ثم ركضت للخارج استقبلتها فوزيه بعناق حنون مردفة:
_ سيبي كله لوقته يا حنون أيوب بيحبك بس مقهور منك، عايزاكي تبقي قويه وتنسي كل اللي فات وأنا هفضل في ضهرك مش هسيبك...
همست حنين بقهر:
_ ما أنتِ هتسيبيني وتسافري مع اونكل يا عمتو وأنا هرجع تاني وحيدة..
ضربتها فوزية بخفة على ظهرها وقالت:
_ مين دي اللي هتسيبك وتسافر يا بنت رجلك من هنا ورايح هتبقى على رجلي لحد ما أوصلك بأيدي لبيت جوزك اللي يستحقك..
بالداخل جلس أمامها ومسح على خصلاتها بحنان مردفاً:
_ بقى كدة برضو يا دلوعه أيوب هان عليكي لدرجة أنك مش عايزة تشوفيني ؟!.. قوليلي اعملك إيه عشان ترضي..
_ تطلقني..
همست بها وهي تفتحت عينيها بتعب، جنت يبدو إنها حقا جنت ؟!.. وضع يده على رأسها وقال بتعجب:
_ مش سخنة يعني دي مش تخاريف سخونية، دلوعة حد ضربك على دماغك قوليلي وأنا اقسمه نصين؟!..
قالت بغضب:
_ أنت بتقول إيه ؟!..
_ ما هو الحل الوحيد أنك تطلعي مضروبة على دماغك واللي بتقولي ده عبط عشان ما افتحلكيش أنا دماغك..
_ أحترم نفسك إيه تفتح لي دماغي دي؟!.. وبعدين هي عافيه مش عايزاك..
أومأ إليها بإبتسامة ساخرة وقال:
_ ده إحنا وصلنا بقى لدرجة مش عايزاك وده من إيه ؟!..
من وجع قلبها كلما سارت معه خطوة تخسر بها الكثير وتعود عشر خطوات إلي الخلف، أخذت نفسها بثقل وقالت:
_ الحياة قبول وأنا مبقاش عندي قبول أعيش معاك، خلينا نطلق أحسن وتبقى بينا أيام حلوة نفتكرها بدل ما كل يوم بيمر بينا تحصل حاجة وحشه تهدي الحاجات الحلوة، أنا مش عايزة أكرهك ولا عايزاك تكرهني..
يااا هل قيمته بقلبها ضعيفة إلي هذا الحد ؟!.. حدق بها بسخرية مردفاً:
_ وراحت فين بحبك يا أيوب ؟!..
_ اندفنت مع ابني اللي مات امبارح..
صرخ بغضب:
_ اللي مات إمبارح ده كان إبني أنا كمان مش ابنك لوحدك ولو حد المفروض يتحاسب هيبقي أنتِ لاني قولتلك بلاش ومش مستريح، نزلت كلمتي الارض وعرضتي حياتك وحياه إبني للموت، أحمدي رب انك ليكي مكانه في قلبي مخلياني ما حاسبكيش زي اللي حاسبتهم..
_ مش فارق معايا تعمل إيه، اللي شوفته اليومين إللي فاتوا كفاية..
أشفق على حالها، فأخذ نفسه بهدوء بعدها خلع جكيت بذلته وألقي به على الأريكة ثم دفعها قليلاً ونام بجوارها مردفاً:
_ تصبحي على خير يا دلوعة أنا تعبان ومحتاج حضنك عشان اطمن وانام..
حاولت دفعه فقال بغضب:
_ اتخمدي..
_____ شيما سعيد _____
بعد مرور عشر أيام كان بيهم أيوب يتابع حالة دلال من بعيدا دون أي لقاء مباشر بينها، ينتظر نومها حتى ينام بين أحضانها وبالصباح يتركها مع السيدة فوزية..
بغرفة الطبيب المتابع لحالة دلال سأله أيوب بهدوء:
_ ينفع تخرج دلوقتي وإلا في خطر عليها ؟!..
_ مفيش أي حاجة المدام حاليا كويسة هتحتاج بس رعاية نفسية الفترة اللي جاية وطبعاً الإهتمام بالادوية والاكل..
أومأ إليه أيوب بهدوء ثم عاد إليها حملها بحنان بين ذراعيه وسار بها بخطوات هادئة حتي وصل أمام سيارته أشار للعم منصور ليفتح إليه الباب وضعها بالداخل وقال:
_ خد تاكس وأرجع بيتك يا عم منصور أنا اللي هسوق..
_ خد بالك منها يا إبني دلال طيبة..
العالم كله يطلب منه أخذ باله منها ولا أحد يعلم كم يحتاج هو لأخذ بالها منه، صعد السيارة وتحرك من المكان نصف ساعة وكانت السيارة تقف أمام فيلا رسلان، دلف بها ليجد الجميع نائم فذهب إلي غرفة نومه، وضعها على الفراش ثم قال:
_ دلال أنتِ يا بت أصحي.
فتحت عينيها بهدوء ثانية هل غادرت المشفي ؟!.. نظرت حولها بترقب ثم قالت:
_ أنا جيت هنا إزاي ؟!..
_ شيلتك في حضني لحد ما جبتك سريرك يا دلوعة قلبي أنتِ..
زفرت بضيق وقالت:
_ وبعمل إيه في الاوضة دي ؟!..
_ الحلوة تحب تتخمد فين؟!..
صرخت بغضب:
_ أحترم نفسك واتكلم معايا بأدب إيه تتخمد دي؟!..
رد عليها بنفس الغضب:
_ لما تلمي نفسك أنتِ الاول وتكلمي جوزك بأدب هبقى أكلمك بدري..
يا الله لما يحاول الضغط عليها بهذا الشكل هي لا تود إلا البعد عن ما يؤلم قلبها، قالت بتعب:
_ إحنا مش اتفقنا على الطلاق بتتعب قلبي معاك ليه؟!..
هو من يتعب قلبها ؟!.. حدق بها بذهول وقال:
_ أنتِ حصل لعقلك إيه بتعملي كده ليه؟!.. المفروض نبقى قريبين من بعض المفروض أننا بنحب بعض وان الأزمة دي كل واحد فينا يخفف عن التاني، بتعملي معايا كده ليه انطقي..
لا تعلم حقا لا تعلم، فقط تود البعد، تود الهروب تشعر إنها السبب الرئيسي بما حدث ترغب بعقاب نفسها وعقابها الوحيد البعد عنه، حركت رأسها بتعب وقالت:
_ إحنا بدأنا غلط لو كملنا حياتنا هتبقي كلها غلط أنت كتير أوي عليا وحياتك مش شبهي وووو...
_ دلال أنا قولت الأول كلامك من تحت تأثير الصدمة إللي أنتِ فيه ده ملوش إلا معني واحد أنك ما صدقتي إن إللي كان بيربط بنا مات وعايزة تخلعي ..
_ اخلع ؟!..
أومأ إليها بقوة مردفاً:
_ أيوة يا دلال تخلعي شايفة أيوب رسلان لعبة في أيدك..
_ لأ شايفة نفسي كل يوم بخسر حاجة جديدة من يوم ما دخلت العيلة دي أنا تعبت والله العظيم حرام عليكم ارحموني بقي أنا مش قدكم ولا عارفة أكون قدكم..
سحبها إليه بحنان لتبكي على صدره بقهر لا تعلم كيف تتعايش مع عالمهم، تخشي الفقدان لم يتبقي لها إلا هو تخشي أن تخسره قالت بضياع:
_ أنا بحبك أوي يا أيوب..
_ وأنا بعشقك يا قلب أيوب..
_ تعمل أي حاجة عشاني ؟!..
_ عشانك أجيب الدنيا واحطها تحت رجلك..
رمشت بعينيها برجاء شديد وقالت:
_ طيب طلقني الله يخليك..
أومأ إليها كأنه يتعامل مع طفلة صغيرها يأخذها على حجم عقلها، بللت شفتيها بطرف لسانها لتعطي إليها بعض الطراوة ثم قالت برجاء:
_ بجد..
ماذا يفعل يصفعها لعلها تفوق أم يقبلها حتى تفقد الوعي ؟!.. من بين أسنانه قال:
_ بجد يا حبيبتي هعملك كل اللي أنتِ عايزاه بس أنتِ دلوقتي لأزم تنامي عشان جسمك تعبان ومحتاج راحة، والصبح نطلق ونضرب بعض بالجزم وانزل بوست أشتمك فيه على فيسبوك ونزلي أنتِ بوست تردي عليا بشتيمة برضو ونعاير بعض، وهعملك كل أجواء الطلاق إللي نفسك فيها..
الليلة هي الليلة الأخيرة بينهما ؟!.. نعم دلال إنها ليلة الوداع، علقت ذراعيها حول عنقه وقالت:
_ طيب خليني الليلة دي في حضنك يا أيوب..
تعجب من طلبها ووضع قبلة حنونة على رأسها مردفاً:
_ أنتِ تعبانة يا دلوعة مينفعش النهاردة الأيام بنا كتير..
نفت بحركة حزينة وقالت:
_ لأ ما هو إحنا هنتطلق بكرا فمفيش قدامنا غير النهاردة..
ما هذا الجنون لا يعلم لكنه سيسير معها إلي مكان ما تحب، مسح على خصلاتها بحنان وقال:
_ ما هو مش هينفع عشان انتِ تعبانة، إيه رأيك ناجل الطلاق سنتين تلاتة تكوني استرديتي صحتك فيهم ونعمل قلة ادب براحتك..
حدقت به بغضب وقالت:
_ أنت فاكرني مجنونة وإلا ايه ؟!.. إيه سنتين تلاتة دول والله لو ما طلقتني لكون خلعاك..
يا صبر أيوب هنا انطبقت عليه الجملة جداً، أخذ نفس طويل قبل أن يضع قبلة على خديها واحد وراء الآخر ثم قال:
_ لأ وعلى إيه أخلص منك من غير شوشرة أحسن..
بكت من جديد بكاء بشهقات عالية، قلبها يحترق وعقلها أصبح متأكد من فكرة إنها " نحس" تخرب أي حياة تدلف إليها، همست بحزن:
_ خليك دايما فاكرني يا أيوب حتي لما تتجوز تاني حبني وخلي ليا مكان في قلبك حتي لو صغير، وأنا مش هتجوز هفضل عايشة على الأيام الحلوة إللي فاتت بنا..
قال بتعب:
_ مالك بس يا دلوعة قلبي أنتِ..
لم تتحدث فقط أبتعدت عنه قليلاً وقامت بفتح أول زر من قميصه، شعر بتصميمها وليكون صادق هو مشتاق ونيران الاشتياق تحرقه وإذا طلبته اليوم ربما ترفض هذا غدا فالافضل اليه استغلال الفرصة، هي من بدأت وهو من أكمل العملية بنجاح..
بصباح اليوم التالي..
استيقظ بنشاط رغم جنونها إلا انتهت معاناه بالايام الماضيه بليله رائعة غرق بها ببحر اللذة،
وضع يده حول خصرها ليجد محلها فارغ والفراش يقول إنها ذهبت من فترة، قام من محله بسرعة دق على باب المرحاض لم يجد رد ففتحه ليراه خالي، بخطوات سريعة دلف لغرفة الملابس وكانت النتيجة واحدة..
نزل إلي الأسفل وجد فوزية تجلس مع حنين فقال بقلق:
_ حد فيكم شاف دلال ؟!..
قالت فوزية بهدوء:
_ لمت هدومها ومشيت..
الفصل الثالث والعشرين
#دلال_حُرمت_على_قلبك
#الفراشة_شيما_سعيد
_ يعني إيه مشيت ؟!..
أخذت فوزية نفسها بهدوء وقالت:
_ يعني لمت هدومها ومشيت يا أيوب هعمل لها إيه يعني؟!..
ذهبت ؟!.. أخذت ملابسها وذهبت دون أن تعطي إليه أي إهتمام ؟!.. هل حبها إليه ضعيف لدرجة إن نسمة هواء خفيفة قسمته لألف قطعة ؟!.. حدق بعمته مردفاً:
_ راحت فين يا فوزية ؟!..
هربت السيدة فوزية بعينيها منه مردفة:
_ وأنا أعرف راحت فين منين يا أيوب ؟!..
صرخ بغضب:
_ بلاش استفزاز لأن عارف كويس أوي إن مفيش حد لعب في دماغها غيرك وديتي مراتي فين؟!..
وقفت أمامه فوزية وقالت بنفس الغضب:
_ مراتك مين واحنا كنا نعرف منين إنها مراتك أساساً غير صدفة مين في البلد يعرف إنها مراتك يا أيوب ؟!..
ضرب المقعد المقابل إليه بقوة ليسقط على الأرض ثم قال بجنون:
_ أنا لا يهمني أنتِ تعرفي ولا غيرك دلال مراتي قدام ربنا خليني أعرف مكانها منك احسنلك يا فوزية لأني لو عرفتها من غيرك هنزعل من بعض..
أتسعت عينيها من تهديده الصريح ثم أشارت على نفسها وقالت:
_ هي حصلت يا أيوب واقف قدامي وبتهددني؟!..
أومأ إليها بقسوة مردفاً:
_ مش بهددك أنا بعرفك اللي هعمله وحطي في دماغك إن أي حد هيفكر يبعد دلال عني ولو خطوة واحدة هتفنوا مكانه..
ذهب من أمامها دون كلمة فقالت إليها حنين بخوف:
_ ليه عملتي كده يا تيته عمو مش هيسكت، قوليله مكانها وهما يتصرفوا مع بعض أنا شايفة إنه بيحبها وأكيد مش هيعمل لها حاجة وحشة حتى لما البيبي نزل ما عملهاش حاجة وحشة، تقدري تقوليلي ساعدتيها تمشي ليه وهي أصلا مشيت ليه؟!..
صمتت فوزية وهي لا تعلم لما وقفت أمام أيوب من أجل دلال، مسحت على وجهها وقالت بحيرة:
_ مش عارفة يا حنين مش عارفة بجد يمكن لأنها طلبت مني المساعدة وملهاش حد في البيت ده غيري ويمكن لأني شايفة إنها اتظلمت من خالد وكفايه ظلم عليها لحد كده....
إبتسمت حنين بحسرة وقالت:
_ محدش فينا بيتظلم من حد يا تيته كل واحد فينا عنده عقله اللي بيفكر بيه ولما اتظلم اتظلم بمزاجه، نصيحه مني روحي قولي لعمو مكانها فين خليهم يحلوا مشاكلهم مع بعض بدل ما بيتهم يتخرب عن اذنك..
تركتها بمفردها منذ متي وصلت حنين لهذا الكم من النضج ؟!.. أخذت نفسها بتعب وهي لا تعلم ما بيدها فعله خصوصا مع حالة دلال..
______ شيما سعيد _____
بالمساء بغرفة المكتب الخاصة بأيوب لكم كبير الحراس وقال بجنون:
_ ما هو أنا حمار عشان مشغل معايا شوية بهايم زيكم، خرجت قدام عينيكم من بيتي من غير ما حد فيكم يأخد باله ودلوقتي حتى 12 ساعه ومعرفش مراتي فين..
تدخل مصطفي بالمنتصف مردفاً:
_ اهدى بس يا باشا الرجاله عاملين اللي عليهم وزيادة من الصبح..
ضرب أيوب المكتب بقوة وقال:
_ محدش عامل اللي عليه يا مصطفى لو كانوا عاملين اللي عليهم مكانتش خرجت وهما زي البهايم، ساعة واحدة كمان ولو محدش فيكم عرف مكانها فين هخلص عليكم كلكم وأنتوا عارفين اني اعملها..
من ناحية إنه يفعلها فهو يفعلها دون أن ترمش إليه عين، أشار مصطفي للراجل بالذهاب ثم قال بجدية:
_ اهدى يا أيوب الراجل ده شغال معانا هو ورجالته من سنين وطول عمرهم عينيهم في نص راسهم، والهانم خرجت لأنك ما قلتلهمش ان ممنوع خروجها، زائد ان فوزيه هانم موصلاها بنفسها للباب ده مش ذنبهم..
نعم هذا ذنبه هو لأنه أعطي إليها الثقة والأمان ، للمرة المليون يكثر أي شيء أمامه لعله يرتاح ومع ذلك يزيد جنونه أضعاف، دقات رقيقة على باب الغرفة جعلت مصطفي يقول بهدوء:
_ أدخل..
دلفت حنين بخطوات خائفة، رفع أيوب عينيه إليها وقبل أن ينطق بكلمة قالت بسرعة:
_ أنا عارفة مكان دلال يا عمو..
أسرع إليها بلهفة مردفاً:
_ فين ؟!..
أبتلعت ريقها بمرارة تتمني لو تقدر على طلب عناق منه مثل الماضي ولكن وبكل أسف لا تستطيع، قالت بتعب:
_ عند اونكل عادل في الصعيد طنط فوزية طلبت منه يجي ياخدها الصبح عند محطة القطر وهو جه اخدها ومشي..
عند عدوه اللدود الذي أخذ عمته منه رغماً عنه ، عض على أسنانه بقسوة:
_ هجيبك من شعرك يا دلال وأشرب من دمك.. .
______ شيما سعيد ______
بالصعيد..
كانت دلال تجلس بحديقة منزل شقيق السيد عادل، أخذت نفسها بتعب تعب نفسي وجسدي شديد، من ساعات قليلا اشتاقت إليه ولدفء أحضانه، اقتربت منها امرأة بأواخر الأربعين كلمة جميلة قليلاً عليها جلست بجوارها وقالت:
_ جاعدة لوحدك ليه يا بتي ؟!..
لا تود أن تكون ضيفة ثقيلة من أول يوم فقالت:
_ كدة أحسن يا طنط عشان تعرفي راحتكم في البيت..
قالت السيدة بعتاب:
_ وه إيه الحديت الماسخ ده؟!.. بصي يا بتي أنتِ من ريحة فوزية ودي مش بس سلفتي دي في مجام خيتي جوليلي مالك يمكن يكون في حديتك معايا الشفا..
هل بالفعل تحتاج للحديث مع أحد لا يعرفها يسمع منها دون عتاب أو لوم أخذت نفسها بتعب وقالت:
_ أنا وشي فقر أبويا وأمي ماتوا وأنا صغيرة جداً، مرات عمي اقتنعت إني فقر عشان كده عمي رماني في ملجا واخد كل فلوس أبويا، ولما حبيت واحد مات مني قبل حتي ما أفرح بيه وبحبه ليا، ولما الدنيا ضحكت ليا شوية واتجوزت أيوب ابني منه مات أنا فعلاً فقر وكل ما أحب حاجة لأزم تموت، بس والله العظيم مش هقدر أتحمل لو حصل حاجة لأيوب أبعد عنه أحسن ما يحصل له حاجة بسببي..
ضربت السيدة على صدرها بقوة وقالت:
_ أستغفر الله العظيم كيف تطلعي الحديت ده من خشمك استغفري ربك يا بتي حرام..
_ متخافيش يا حجة المعاق ربنا مش بيحاسبه..
انتفضت دلال بفزع على أثر وصول نبرته الحادة من خلفها، أتسعت عينيها وهي تراه يقف أمامها بغضب لو خرج عليها لتحترق بمكانها، ابتسمت السيدة وقالت بحب:
_ الصعيد كله نور يا أيوب باشا..
جذبها بقوة من ذراعها لتقف بجواره ثم رسم على وجهه ابتسامة خفيفة مردفاً:
_ الصعيد منورة بأهلها يا أم سعد..
_ أدخل يا ولدي..
أومأ إليها بهدوء وقال:
_ هتكلم مع دلال خمس دقايق وهدخل أسلم على الكل..
نظرت برجاء للمرأة حتى تأخذ من بين أسنانه أو على الأقل تقف بجوارها لكن ما باليد حيلة ليس بيدها شئ لتفعله من أجلها الا قول:
_ أتكلم معاها براحة يا ولدي دي غلبانة..
أومأ إليها بصمت فذهبت السيدة، ضغط على كف دلال بقوة مردفاً:
_ قوليلي أعمل فيكي إيه يمكن أرتاح منك ومن دماغك ؟!..
سقطت دموعها وقالت بحزن:
_ أنا بحبك يا أيوب..
صرخ بغضب:
_ أنتِ مجنونة عمرك شوفتي ست في الدنيا بتحب جوزها تهرب من حضنه وهو نايم زي الحلوف جنبها؟!..
لا تعلم حقا لا تعلم كيف تشرح إليه ما بداخلها بكت بقهر وأشارت إليه مردفة:
_ والله العظيم بحبك وخايفة عليك أنا مش عايزة أخسرك يا أيوب زي ما خسرت كل حاجه كان نفسي فيها..
انطفت نار المشتعلة وأصبح قلبه يود عناقها، حدق بها بحنان وهو مشفق على حالها، وجهها شاحب وعينيها ذابلة ملامحها الجميلة متعبة، جذبها لتبقي بين أحضانه ويديه ضمت وجهها مردفاً بحنان:
_ اللي أنتِ بتقوليه ده حرام يا دلال أنا عارف أنك شوفتي في حياتك كتير بس عشان ربنا بيحبك بيختبرك خليكي راضية وصابورة، وبعدين يا ستي مين الحمار اللي قالك انك فقر؟!..
إجابته بحزن طفلة صغيرة تشكو لوالدها ما يؤلمها:
_ مرات عمي ؟!..
_ كنتي بتحبي الولية دي؟!..
نفت بحركة بسيطة من رأسها فقال بمرح:
_ طيب ما تحبيها يا دلال يمكن تموت ونخلص منها..
اتسعت عينيها من جملته وضربته بصدره مردفة:
_ أنت بتقول إيه أنت ؟!..
ضربها بخفة على رأسها وقال:
_ بقول إيه يعني؟!.. متجوز واحدة مجنونه خليتني طول النهار بلف حوالين نفسي عشان كلام عبيط زي ده تعرفي يا دلال لو كنتي في حاله تانية غير حالتك دي كنت قسمتك نصين عشان تعرفي بعد كده تستغفليني..
بالفعل حالتها بشعة كثرت الضغوطات عليها جعلتها تفقد جزء كبير من عقلها، ضربته بصدره بغضب مردفة:
_ أنت ليك ان تتكلم بعد ما كذبت عليا يا كذاب..
_ كذبت عليكي في إيه يا آخر صبري ؟!..
قالت بحزن:
_ قولتلي ان البيبي هيقف يشفعلي على باب الجنة ولما دخلت سألت على النت طلع إن البيبي لسه صغير ومفيهوش روح ومش هيشفعلي كمان..
يا الله ماذا يفعل معها الآن ؟!.. مسح على خصلاته بعصبية وقال:
_ ما تلمي نفسك بقى يا دلال أنتِ شايفاني أمام مسجد وبعدين أنا وأنتِ بصراحه منستحقش حد يشفع لنا..
_ أتكلم عن نفسك يا بتاع الجوازات العرفي أنت واليخت..
_ حوشي يا بت الجواز الرسمي اللي بيجري في دمك..
أتسعت عينيها بذهول هل عايرها الآن ام إنها تتوهم ؟!.. أشارت على نفسها مردفة:
_ أنت بتعايرني يا أيوب صح مش كده؟!..
للمرة الثانية يضربها على رأسها مردفاً:
_ لا تعايريني ولا عايرك غوري قدامي خلينا نمشي من هنا..
سحبها خلفه للداخل ليجد السيد عادل وشقيقه السيد حسن فقال بقوة للسيد حسن:
_ انا مش هتكلم مع أخوك لأني مش طايقه من ساعة ما اتجوز عمتي لكن هتكلم معاك أنت عشان أنت راجل محترم، يرضيك إن حد يأخد مراتك من وراك ويمشي؟!..
حدق السيد حسن لعادل بعتاب وقال:
_ لع يا ولدي ميرضنيش..
_ أنا مش هقولك أقدر أعمل إيه لانكم عارفين بس اللي هقوله ان عمتي في بيتي مش هياخدها لو دخل بالبوليس..
تدخل عادل بالحديث بغضب:
_ ما بتحترم نفسك واعمل حساب إني أكبر منك وبعدين مراتك عندها حق بصراحة أنت راجل لا تطاق أنا أخدتها قولت أرحم البنت يومين من وشك ده..
قبل أن يقترب منه أيوب خطوة واحدة وقف السيد حسن بالمنتصف مردفاً:
_ حقك على رأسي أنا يا ولدي بس أنت خابر عقد عادل وفوزية التنين دماغهم خربانة امسحها فيا المره دي..
ليكون صادق هذا الرجل محترم جداً ولا يقدر على كسر كلمة إليه، أومأ إليه بضيق مردفاً:
_ كلامك على رأسي يا حاج حسن بس برضو أخوك مش هياخد عمتي غير بمزاجي يلا يا دلال..
قالت السيدة أم سعد وهي تنزل من فوق الدرج:
_ يلا فين يا باشا أنت رايد تشتمنا ولا إيه مش هتمشوا من أهنى غير الصبح، ولا أنت جولك إيه يا حاج؟!..
_ من غير جول يا حاجة ايوب باشا بيعرف في الاصول ومش هيخرج من اهني غير لما ياخد وجبه كامل، حضري لهم العشا في جناحهم موافج ولا هتكسر بخاطري يا باشا..
حدق بها أيوب وجدها منكمشه على حالها بخوف فاخذ نفسه وقال بهدوء:
_ ما عاش اللي يكسر بخاطرك يا حاج حسن.. .
أبتسم السيد حسن مردفا:
_ تسلم يا ولد الأصول..
صعد أيوب ودلال مع السيدة أم سعد فقال حسن بغضب لعادل:
_ عقلك اتهف ولا إيه عاد، كيف تخلي المراه تطلع من دارها من غير ما جوزها يعرف..
زفر عادل بحنق من سماعه لحديث زوجته وقال:
_ فوزيه اتحالت عليا والبنت شكلها الصبح كان يصعب على الكافر..
_ البت كان شكلها يصعب على الكافر برضك ولا أنت اللي متقدرش تجول لفوزيه لا..
_ بحبها يا حسن..
_ منكم لله أنتوا التنين خليتوا راسي في الارض جدام الراجل..
_____ شيما سعيد _____
بالجناح..
أغلق عليهما الباب ثم جذبها ليضمها إليه بحنان مردفاً:
_ عايزة تموتيني يا دلال ؟!..
رفعت راسها إليه برعب مردفة:
_ لأ طبعاً مستحيل أنا بحبك..
مرر يده على خصلاتها بنعومة وسألها بنبرة حنونة:
_ بتحبيني ؟؟..
أومات إليه بصدق مردفة:
_ أيوة والله..
أبتسم إليها بحب وهمس:
_ يبقي لأزم تعرفي حاجة واحدة يا دلال أنا روحي متعلقة بيكي لو بعدتي عني خطوة واحدة روحي تطلع..
وضعت يدها على فمه تمنعه من إكمال الحديث وقالت بخوف:
_ بعد الشر عنك بلاش توجع قلبي وتقول الكلام ده تاني..
أبعد يدها عنه وبخفة كملها بذراع واحد فوق كتفه ثم سار بها للفراش ألقي بها فوقه وقال:
_ تعرفي أنا مستغرب نفسي أوي..
عقدت حاجبها بتعجب مردفة:
_ ليه ؟!..
ألقي بجسده على الفراش بجوارها وحدق بالسقف قائلا:
_ كنت جاي وأنا ناوي أعلمك الأدب أول ما شوفتك نسيت الدنيا كلها، خلتيني بني آدم تاني يا دلال أنا نفسي مش عارفه ولا عمري تخيلت إني اكونه..
بكلمات بسيطة منه قدر على إعادة ثقتها بنفسها، ضمت نفسها إليه ووضعت رأسها فوق صدره مردفة:
_ ربنا يباركلي فيك..
أغلق يده على خصرها وأخذ نفسه براحة شديدة، تذكر حديثه مع أحد الأطباء النفسيين عبر الهاتف وهو بطريقه إليها " زي ما حضرتك شايف حالة المدام من زمان جدا وفاة الأب والام والملجا وبعدين وفاة زوجها الأول بعد جوازهم على طول والنهاية نزول الجنين، كل الحاجات دي فوق طاقتها وفوق قدرة عقلها على الاستيعاب، المطلوب حاليا من حضرتك يا باشا أنك تكون حنين عليها أول ما تشوفها ترجع لها ثقتها في نفسها أي عنف ممكن يخليها تنهار ودي حاجة عايزين نبعد عنها كل البعد"..
شعر بأنفاسها المتوترة على عنقه فسألها بهدوء:
_ عمك ومراته عملوا فيكي إيه أحكي لي..
تخشب جسدها فوقه، رفعت عينيها إليه بضياع مردفة:
_ بتسأل ليه ؟!..
بحنان أجاب:
_ عايز اسمعك..
لأول مرة أحد يطلب منها أن يسمعها، لأول مرة تقول ما عاشته وما يطاردها بنومها، أغلقت عينيها لتري كل شيء أمامها يتكرر فشددت على ضمها إليه وقالت:
_ كان عندي تمن سنين لما بابا وماما ماتوا وقتها بقيت في الدنيا لوحدي، بنت صغيرة شايلة عروسة ومعاها أراضي وفلوس كتير أوي مش فاهمة حتي ممكن تعمل بيهم إيه، اخدني عمي أعيش معاه هو ومراته وعياله، كنت هادية والله يا أيوب ومش بعمل أي حاجة غلط بس مرات عمي كانت دايما تقول عليا فقر ولو فضلت عايشة معاهم هتسيب البيت..
بكت بقهر وجسدها أرتجف أغلق ذراعيه الإثنين عليها بقوة ثم قبل رأسها مردفاً:
_ خلاص لو مش قادرة تكملي كفاية..
نفت وقالت من بين شهقاتها:
_ لأ عايزة أكمل بس خليني دايما في حضنك بحس بالأمان وأنا شمة ريحتك..
_ قولي يا حبيبتي طول ما أنا عايش هتفضلي في حضني..
مسحت وجهها بصدره ببراءة طفلة صغيرة ضائعة قائلة بتعب:
_ اخدني من أيدي عشان نجيب لبس العيد، قولت له ليه نروح لوحدنا يا عمو هاتي سمر وكريم معانا، قالي لأ أمهم هتجيب لهم لكن أنتِ يا بنت الغالي هجيب لك بنفسي، فرحت زي العبيطة ما دي أول مرة عمي يتعامل فيها كويس معايا لحد ما وصل بيا على باب الملجا خبط على الباب فتحت واحدة ست أخدتني منه وقفلت الباب تاني، كانت آخر مرة اشوف فيها الشارع لحد ما خالد جه زيادة لأنك بعته بتبرعات شافني..
يرفض قلبه سماع الجزء الخاص بخالد، لا يود أن يري بعينيها نظرة حب أو ذكرى واحدة تجمع بينهما ومع ذلك تركها تكمل فقالت بإبتسامة هادئة:
_ أول حد يهتم بيا ويخاف عليا، بقي ييجي على طول وأول ما خلصت الثانوية جه اخدني أنا ومسعد وخلود، مسعد وخلود كانوا اكبر مني بس فضلوا عشاني بأوامر من خالد لمديرة الدار، أخد لينا شقة جابها من وراك ودفع ليا مصاريف الجامعة معاه الباقي أنت عارفه..
نعم الباقي هو يعلمه ولا يرغب بقول أي كلمة إضافية، أغلق عينيه بقوة لعله ينسي الجزء الأخير من القصة ثم قال بجدية:
_ نامي أنتِ أكيد تعبانة..
همست برجاء:
_ احضني جامد..
_ هحضنك جامد..
______ شيما سعيد _____
بصباح يوم جديد كانت بجواره بالسيارة الخاصة به، عقدت حاجبها بتعجب مردفة:
_ إحنا رايحين فين على ما أعتقد ده مش طريق القاهرة ؟!..
أجابها بهدوء وعينيه على الطريق أمامه:
_ عشان إحنا مش رايحين القاهرة..
سألته بفضول:
_ آمال رايحين فين ؟!..
ألقي عليها نظرة حنونة ثم وضع كفه فوق كفها ليرفعه إليه مقبلاً إياه قبلة طويلة ثم قال:
_ رايحين بينك ؟!..
_ بيتي اللي هو فين هو أنا عندي بيت غير بيتك يا أيوب..
قرص أنفها بالقليل من القوة وقال:
_ عندك يا بنت المحظوظة بيت أبوكي والأراضي والحاجات إللي قولتي عليها إمبارح بصراحة أنا راجل زبالة وعيني على فلوس مراتي عشان كدة هنروح سوا نجيب حقك..
أتسعت عينيها بذهول، هل حقاً سيعيد أموال والدها إليها؟!.. شعرت بسعادة غامرة تسير بأعماق سألته برجاء شديد:
_ إللي أنا فهمته صح هترجع ليا حقي إللي مع عمي ؟!..
_ اممم يا دلوعة هرجع حقك وأرجع أسرقه منك..
فلتت منها ضحكة على حديثه المرح وقالت:
_ مش مهم أهو أنت تسرقني أحسن منه المعفن ومراته الجربانة..
قهقه بحب ثم جذبها ليضمها إليه، مرت الساعة وراء الأخري حتي وصل أمام منزل عمها، فقال:
_ انزلي يا دلوعة وصلنا..
أين الدلوعة يا باشا فهي منذ أن ضمتها إليك ذهبت إلي أرض الأحلام بصدر رحب، أبتسم بحب ثم مسح على وجهها بحنان مردفاً:
_ دودو اصحي يا حبيبتي إحنا وصلنا..
فتحت عينيها بتعب ومررت يدها على عينيها تزيح عنها أثر النوم مردفة:
_ في إيه ؟!..
_ وصلنا عند عمك المعفن ومراته الجربانة..
دق قلبها بخوف لا تستطيع أن تنكر ذلك، فهي أتت لهذا المنزل من قبل وتم طردها منه بقوة، همست إليه بخوف:
_ بلاش أنزل معاك أنا بخاف من الراجل ده ومراته أوي..
عقد حاجبه بغضب مردفاً:
_ أنتِ بتشتميني يا دلال ؟!..
حركت رأسها برفض مردفة بتعجب:
_ أنا لأ طبعاً عملت كدة أمتي ؟!.
أخذ نفسه لعله يسيطر على غضبه وقال:
_ لما تخافي وأنا جانبك يبقي بتشتميني يا دلال وبتقلي من قيمتي ومش أيوب رسلان إللي يسمح بحاجة زي دي..
لا هي لم تقصد أبدا ما وصل إليه، قبل أن تفتح شفتيها للحديث أشار إليها بقوة مردفاً:
_ مش عايز أسمع منك كلمة زيادة انزلي...
نفذت أمره على عينها أغلقت باب السيارة خلفها لتجد عشرون سيارة بها رجال أيوب وباب بيت عمها مفتوح، وضعت يدها بيده مردفة بقلق:
_ هو في ايه بالظبط ؟!..
جذبها لتسير معه للداخل مردفاً بقوة:
_ مفيش الرجالة وصلوا قبلنا بشوية يعرفوا عمك أننا جايين أهوزعلى الاقل يعمل لنا واجب ضيافة..
دلفت لمنزل والدها بعد سنوات طويلة من خروجها منه، توقفت عينيها على باب غرفة ثم قالت ببراءة:
_ دي كانت أوضتي يا أيوب..
_ كل حاجة هترجع لك يا قلب أيوب أقعدي عشان رجلك متوجعكيش..
جلست على الأريكة الكبيرة بمنتصف الصالة لتجد أمامها عمها وزوجته وابنه كريم مقيدين فقالت بتوتر:
_ بلاش كريم يا أيوب هو معمليش أي حاجة وحشه بالعكس لما عمو طردني آخر مرة جيت فيها هنا اداني أجرة القطر..
أشار لأحد رجاله بعينه ليفك قيد كريم الذي قال بتعب:
_ دلال ؟!..
أجابه أيوب:
_ أيوة دلال اللي أبوك وأمك رموها في الشارع وعاشين دلوقتي في خيرها، لولا إنها طلبت تطلعك بره الحساب كنت دفنتك جنبهم..
أشار للرجال مردفاً:
_ خرجوه بره وفكوا لي الراجل والوليه دول..
قال كريم بغضب:
_ إيه اللي أنت بتقوله ده أنت فاكرها سايبة؟!.. مش هسمح لك تقرب من أبويا وأمي واذا كان على فلوس دلال فأنا وعدت نفسي اني هرجعها لها..
نظر إليها أيوب وقال:
_ قولي لابن عمك يشتري عمره ويطلع لأني لحد دلوقتي عامل لكلمتك حساب..
لا تعلم حقا ما بيدها فعله ولكنها قالت برجاء:
_ أطلع يا كريم أيوب مش وحش ومش هيعمل لهم حاجه وحشة إحنا هنتكلم معاهم وناخد حقي بس..
_ ولما الحكاية كده ما تتكلموا وأنا واقف ولا البيه خايف..
إلي هنا وكفى أشار بأحد أصابعه مردفاً:
_ طلعوا الواد ده بره ولو نطق بكلمة زيادة اقسموا له دماغه نصين..
قالت برجاء:
_ أيوب..
مع اسم أيوب منها بكل أسف أثرت عليه وعاد خطوة للخلف فمال على رأسها مقبلاً إياها بحنان وهمس:
_ اششش ارتاحي أنتِ يا دلوعة..
جلس بجوارها ليفك الرجال عمها وزوجته فقال بقوة:
_ معايا شوية ورق كل اللي عايزه منكم تمضوا عليهم بهدوء وبعدين هسيبكم تروحوا في 60 داهية..
صرخ عمها بغضب:
_ بس ده مكانش اتفاقنا من الأول يا باشا أنت طلبتها مني وأنا اديتها لك الفلوس برة كلامنا، كفاية إني مخدتش منك مهر ليها..
أبتسم أيوب بسخرية وقال:
_ شوف يا راجل يا عرة حق مراتي أنا كده كده مش هطلع من هنا غير بيه، فبدل ما تجيب لنفسك الضرب وأنت قدامك يومين وتموت لم الدور، مش لمصلحتك إن الورق اللي معايا بتاع الحشيش اللي أنت بتبيعه يوصل للحكومة، تمضي بأدب ولا اتعامل معاك أنا بقلة أدب..
أتسعت عينيها وهي تري عمها يوقع أخذ منه أيوب الأوراق ثم قدمها إليها مردفاً:
_ من هنا ورايح مش هنعرف نكلمك يا دلال بقى معاكي قرش في ايدك وانا مكاني بقى في خطر..
فلتت منها ضحكة سعيدة وبعينيها الكثير من الدموع، قام وأخذها ثم قال للرجاله:
_ عايز الحاج والحاجة ياكلوا ضرب يفضلوا الباقي من عمرهم يوجعهم، وبعد ما تخلصه تلموا شويه الكراكيب بتوعهم دول وترموهم في الشارع..
خرجت منه لتجد إن كريم فر من المكان فقالت:
_ هو كريم راح فين؟!..
_ هرب .
_ هرب وساب بابا ومامته كده؟!.
مسح على خصلاتها بحنان مردفاً:
_ ما تبطلي عبط وطيبة بقى يا دلال واحد زي عمك هيخلف إيه غير واحد زي كريم يلا يا حبيبتي اركبي..
صعدت معه للسيارة فقال بحب:
_ الطريق قدامنا طويل نامي لحد ما نوصل..
بالفعل مرهقة وتحتاج إلي الكثير من النوم، مر من الوقت ما مر لتفتح عينيها على صوته الدافئ يقول:
_ وصلنا يا دلوعه اصحي..
نظرت أمامها بتعجب:
_ المطار ؟!.. احنا بنعمل إيه هنا؟!..
أخذ نفس عميق قبل أن يقول بإبتسامة هادئة:
_ أنا غلطت في حياتي كتير يا دلال وأنتِ كمان غلطتي وعشان نبدأ من جديد لأزم نبدأ على ورقة بيضا والورقه البيضا دي عشان نفتحها يبقى نعمل ايه ؟!..
_ إيه ؟!..
_ نعمل عمرة يا دلال...
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الفصل الرابع عشر والخامس عشر من هنا
الفصل السابع عشر والثامن عشر من هنا
الفصل التاسع عشر والعشرين من هنا
الفصل الحادي والعشرون والثاني والعشرون والثالث والعشرون من هنا
أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بمنتهي السهوله بدون لينكات من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌹🌺💙❤️🌹🌺💙❤️🌹🌺💙❤️🌹🌺💙❤️🌹


تعليقات
إرسال تعليق