القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية العسقله الماكره الفصل الأول والثاني بقلم الكاتبه إيمان كمال حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

 رواية العسقله الماكره الفصل الأول والثاني بقلم الكاتبه إيمان كمال حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية العسقله الماكره الفصل الأول والثاني بقلم الكاتبه إيمان كمال حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


في فيلا فخمه في إحدى المدن الجديدة اعدة سيدة في منتصف الأربعين من عمرها تشرب فنجان قهوتها المفضل، سمعه صوت جرس الباب مش بيقف، تقوم شادية بتعب وتمشي ناحية الباب بخطوات بطيئة لتعب رجليها، وقالت بصوت عالي: استني يا اللي على الباب هي الدنيا طارت، ترن ترن ايه هو انا واقفه ورا الباب، مفيش صبر خالص؟!


اخيرا فتحت الباب وشافت بنت في العشرينات من عمرها مبتسمه وفاتحه بقها من الودن للودن، لابسه جلابيه فلاحي، ورابطه منديل على راسها، عاملاه فيونكه، وماسكه بوئجه هدومها وبتقولها: اصباح الخير ياستي.

ردت عليها شادية وعلامات التعجب على وشها: صباح النور ياشاطرة، انتي مين؟


ضحكت البنت ضحكة هبله، وقالت وهي بتزق اديها عشان تدخل كأن البيت بيتها بكل جرأه، وعينها بتدور تشوف وتستكشف المكان ببجاحة: أني مرزوقة اللي جاية اخدم حداكو اهنه، ازيك بقى.


قالت كلامها وقهقهت من الضحك خلت شادية تضرب كف على كف من المعتوهه اللي قدامها، فسألتها : انتي اللي بعتك مرسي الزيات من البلد؟

اتلجلجت مرزوقة وردت بسرعة: اه ياستي هو امال يعني اني اجي اكده من نفسي، اه امال ايه ههههه.

شادية: امال هو فين مدخلش ليه معاكي، مش عادته يعني؟


مرزوقة تهرش في شعرها بتفكر وقالت: اصل هو جاله ابو النطيط بقى ياكبد امه مش على بعضه، قالي ادخلي انتي وهبقى اعدي عليهم مره تانيه؟

كشرت شادية وسألتها: ايه ابو النطيط ده كمان؟


ضحكت مرزوقة وقعدت على الأرض تستريح : معقول مش عارفة ابو النطيط اللي بيفضل ينط وينقح كده ويلدغك كيف الحيه؟!

شادية: لا معرفهوش؟ قوليلي اية ده يا ام العريف !!

مرزوقة وهي بتشاور على سنانها: وجع الضروس ياستي، هو في حاجة بتخلي الواحد يفط وينط كيف وجع ضروسه، ان شالله يبعد عندك كل شر ياستي.


ضحكت شادية على كلام مرزوقة وقالت وهي مش عارفة تاخد نفسها: والله انتي شكلك حدوته ومصيبة يامرزوقة.

مرزوقة: لا ده انا حدوتة ورواية، وكل الحكايات هسليكي كمان، وهعجبك اوي اوي ياستي ومش هتندمي ابدا انك شغلتيني، بس جربيني، ده انا لهلوبة كده في شغل البيت.

شادية بتبصلها بحنان وطيبة: خلاص يامرزوقة هشغلك، بس اهم حاجة طول ما ياسر بيه بيكتب جوه في مكتبه، مش عايزة اسمع صوتك خالص، هو بيحب يكتب في هدوء، ومش بيحب الازعاج خالص.


مرزوقة وهي حاطة اديها على بقها وبتهز راسها بموافقه، مسكتها من اديها شادية وقالتلها: تعالي اوريكي المطبخ عشان تعمليلي فنجان قهوة بدل اللي برد من كتر رغيك.


مرزوقة وهي ماسكة بوئجه هدومها في ايد، والايد التانية ماسكة طرف جلابيتها وماشية وراها وهي بتقول:

اللهم صل على النبي، والله وباضتلك في العشة يابت يامرزوقة وهتعيشي في الابهه والنعيم ده، فينك يامه تشوفي الهنا اللي بتك هتعيش فيه.


عرفتها شادية اماكن كل حاجة في المطبخ، وعلمتها ازاي تولع البتوجاز، عشان مكنتش عارفه ازاي بيشتغل، وبعدين سابتها وتحركت براحه ناحية مكتب ياسر وفتحته وعلى وشها إبتسامتها اللي متعوده دايما ترسمها على وشها برغم كل الحزن اللي كتماه جوه في قلبها من سنين،  عشان ياسر ملوش ذنب يلاحظ او يحس بالحزن ده ابدا، لسه هتفتح الباب سمعته بيزعق في الموبيل بصوت عالي: يعني أية الهانم مش موافقة على الدور، هي نسيت نفسها كانت أية زمان؟ وان قلمي هو اللي عملها وخلاها نجمة الكل بيتكلم عنها.. !! دلوقتي خلاص اتعلمت تتشرط وتقول ده اه وده مينفعش.

صوته كان غضبان زي هيجان البحر محدش عارف يهديه، مهما يحاول صديقة المخرج مجدي الألفي يهديه مش بيهدى، لحد ما اضطر يقفل معاه المكالمه، ولما نهاها حط الفون بعنف على المكتب وقال بغضب: وديني وما اعبد لجيب ممثلة واخليها تمثل الدور واحسرك عليه ياشيراز، قال شيراز قال، دي محصلتش حتى قطة شيرازي معصعصة سودا. 


انتبه لشادية اللي واقفه ساكته مستنياه يخلص عصبيته ورفع عينه واسألها: في حاجة... واقفه كده ليه يا ماما؟

اتنهدت شادية وقعدت على الكرسي قدامه وقالت بقلة حيلة: في أنك صوتك عالي اوي، وبتتخانق مع دبان وشك، والدنيا مش مستهله.


ياسر وهو بيدخن سيجارته وبينفخ الدخان بعصبيه: والنبي انتي متعرفيش حاجة ياماما في قرف الممثلات اليومين دول، الواحده في بدايتها تفضل تتمسح زي القطة البلدي وتتكلم بذوق ورقة واول ما توصل للي هي عايزاه وتاخد الفرصه تفضل تتنطط على الكاتب والمخرج، وتنسى هي كانت اية، وتعيش الدور انها فنانة كبيره وليها اسمها.


كان بيقول كلامه بحده وعصبيه شديدة، خلت عروق وشه تظهر بغضب، ووشه يتحول من اللون الأبيض للأحمر من شدة الانفعال، قامت واتحركت شادية ناحيتة، ومسكت السيجاره اللي ملازمة ايدة طول الوقت وطفتها في الطفاية، وقالت بحده: قولت الف مره حاول تهدي نفسك، ومتشربش السجاير وانت متعصب بالشكل ده، واية كل الكمية دي ياياسر، كل دي سجاير شربتها، حرام عليك صحتك اللي بتهلكها بالشكل ده؟  والله ربنا هيحاسبك عليها، طب لو مش خايف على نفسك؛ خاف عليا انا لو جرالك حاجة هعيش لمين غيرك.


رفع ايدها وباسها بحب وقال بنبره حاول تكون هادية بعض الشيء: متخافيش ياشوشو انا قاعد على قلبك الحنين ده، ومش هسيبك ابدا، هو انا ليا غيرك ياحبيبتي، قوليلي بقى جيتي المكتب واقتحمتي خلوتي ليه؟

شادية بوجه بشوش حنون: حلوة خلوتك دي !! مفيش كنت جاية اقولك على البنت اللي بعتها مرسي من البلد تيجي تشوفها، بنت زي العسل اخر فقر.


انتهت كلمتها وتذكرت طريقة مرزوقة وضحكت عليها، لكنها قابلت ضحكتها بتكشير من ياسر اللي استغربها وقال بحده: بقى هو ده السبب اللي جاية عشانه؛ والله انتي رايقة اوي ياماما، اسيب انا المشاكل اللي عندي؛ عشان اشوف البرنسيسة اللي جات من البلد تشتغل عندي، والنبي ده اسمه كلام.


اتحرجت شادية من كلامه، واتحركت ولفت عشان تخرج من غير ولا رد، حس انه زعلها فنادى عليها محاول يراضها: شوشو استني بس متزعليش، انا آسف معلش انا النهارده متعصب اوي ومش في المود خالص، هروق واروح اشوف الهانم، خلاص بقى متزعليش من ياسو حبيبك.


ابتسمت بحنان ورفعت اديها طبطبت على خده بحب وقالت: ولا يهمك يا ياسو انا عمري ما ازعل منك ابدا، ده انت ابني اللي اترجيته من الدنيا، وعوض ربنا ليا من الغاليين اللي راحوا.

سكتت ولمعت في عينها دمعه لذكريات حزينة مرت من سنين، حاولت تدفنها في بير غويط وتردم عليه لكنها اكتشفت انها مهما تحاول تردم دموعها على الأحباب بتطفو على وش البير وتجدد الآهات من جديد، لاحظ ياسر الحزن والدموع المتجمعه لسه هيتكلم سمع صوت جاي من بره بينادي بصوت عالي كأنها بتنادي على عيل تايه في الشارع: ياستي انتي روحتي فين؟ ياستي اللي مش عارفه اسمك اية؟ ياربي اية البيت ده اللي عامل زي المغاره، راحت فين ياربي؟ قالتلي اعملي قهوه وسابتني لحالي.


نادت شادية عليها: تعالي يامرزوقة انا هنا في أوضة المكتب عند ياسر بيه.


مشيت مرزوقة مع الصوت واول ما شافتها قالت بصوت عالي، من غير اي اهتمام للي واقف بيبص ليها بشرار، كأنه أسد عايز يهجم عليها يفترسها على كمية الإزعاج اللي عملاه وهو موجود، قربت مرزوقة من شادية واتكلمت: احط القهوة فين ياستي، هنا ولا بره؟ عشان اني قاعده ادور عليكي في بيت جحا ده وخايفة تبرد ومتعرفيش تشربيها. 


خلصت كلامها وضحكت كعادتها من غير ما يستدعي الحوار لضحك، تعجب ياسر لها وقال في نفسه: اية البنت الهبله اللي بعتها مرسي ده، دي مناخوليا خالص، وهربانه منها.

شكرتها شادية وقالت: طلعيها بره يامرزوقة، هاجي وراكي.


رفعت عينيها اللي تشبه عيون المها، وبصت لياسر وحطت له فنجان قهوته وقالته: اني عملتلك فنجان قهوة اهو يارب يعجبك ياياسر بيه، عشان تعرف تكتب كده وتيجلك فوريره البت دي، ياربي اسمها اية يامرزوقة،... اسمها اية اللي تيجي للي بيكتبوا... اسمها ايه يامعدوله...


فضلت كده تفتكر وتهرش في شعرها لحد ما افتكرت وصرخت وقالت كأنها حصلت على انجاز، خلت شادية وياسر يتنفضوا مخضوضين من صوتها وهي بتقول: الهام... هي البت الهام دي اللي هتخلي مزاجك عال العال. 


كشر ياسر على اسم الهام، لكنه فهم مقصدها وقال: تقصدي الإلهام يامرزوقة، مش الهام.

ضحكت مرزوقة وقالت وهي بتشوح باديها: انا ايش دراني، الهام ولا الالهام، اهي كلها اسامي يابيه، مدقوش.

ضحك بدون قصد ياسر وقال: والله على رأيك ياماما دي طلعت مشكلة من مشاكل الزمن واتحدفت علينا.


اكدت شادية بعينها على كلامه وقالت: هي مشكلة فعلا، بس دمها عسل، تعالي يا اخرة صبري نشوف هنعمل اية؟

والله ياست الكل انتي اللي شربات وعسل ابيض واسود وكل الالوان والقشطة كمان.

شادية وهي بتتسند عليها: يعني مطلعتيش مصيبه وبس، لا وكمان بكاشة يامرزوقة.


قفلت مرزوقة الباب على ياسر، اللي كان قاعد والابتسامة مش مفارقة وشه على  المعتوه اللي بتشتغل عنده، مسك فنجان القهوة وشرب منه رشفه، استحسن طعمها جدا، وفضل يشربها على مراحل مع سيجارة وفضل على حالته دي يفكر في حل مشكلة البطلة اللي مش لاقيها تمثل الدور في بطولة فيلمه الجديد، وبعد تفكير كتير وصل انه مقدموش غير  ان مادام مفيش بطلة معروفه عايزة تمثل الدور، لازم يدور على وجه جديد يلمعه ويخليه ينفذ اللي عايزة بدون شروط وتحكم، بس ياترى فين هي الوجة الجديد ده؟

 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 


في النادي قاعدة شيراز مع صديقتها الانتيم شروق بتحكلها على رفضها للدور، تعجبت شروق وقالت باعتراض شديد وغضب: انتي مجنونة ياشيراز، في حد عاقل يرفض يشتغل مع المخرج مجدي الألفي، والمؤلف ياسر يسري، يابنتي اي ممثلة تتمنى انهم يطلبوها لدور كومبارس حتى، مش بتقولي بطولة.


بصتلها بغضب لأنها حست انها بتستهين بيها وبموهبتها فردت عليها بحده وهي بتغبط بكفها الترابيزة فهتز كوب العصير اللي محطوط عليها من شدة الخبطه وصوتها اللي ارتفع لأول مره في مكان عام، وكمان على صاحبتها: ان كان هو مجدي الألفي، فأنا شيراز اللي اسمها دلوقتي بقى زي الطبل، واي منتج يتمنى إني اشتغل معاها، لأنه عارف انه هيقبض اضعاف ما هيديني من فلوس، انا مش عارفة ازاي انتي ياشروق تقولي كده؟

شروق بحب: عشان بحبك ياشيراز، وخايفة انك تضيعي فرصة زي دي من ايدك وتندمي عليها، دور البطولة مش بيجي كل يوم، وغير كده انتي قولتي انه مكتوب حلو، وفي تحول في شخصية البطلة، فاية السبب اللي يخليكي ترفضي فرصة زي دي؟


تمسك شيزار كوب عصير الليمون عشان تهدي من عصبيتها وحدتها، وبتشرب بهدوء شديد، وبتاخد نفسها براحة، وبعدين بصتلها وقالت: انا مختلفتش ولا بنكر ان الدور مكتوب حلو، بس مش انا اللي اعمله، انا لا شكلي وملامحي توحي اني انفذ الدور ده، وكمان عايزني اطلع من غير ما احط اي ميكب على بشرتي، طب ازاي؟ وانا محتاجة احط مكياج يغير من شكلي خالص عشان يناسب مع مواصفات البنت.

شروق: بقى هي دي المشكلة؟ طب متكلمتيش معاه ليه وخلتيه يغير في شكل البطلة شوية؟

شيراز وهي بتتنهد لقلة حيلة: امال انا كنت بعمل اية الأيام اللي فاتت، بحاول اقنعه، بس انتي عارفة ياسر لما بيكتب حاجة صعب انه يغيرها او يلغيها مادام خلص العمل، وانا ملامحي مش شرقية زي ما انتي شايفة، قولي شعري ممكن باروكة تدارية، وعيني لانسس اغير لونها للأسود، بس بشرتي البيضا دي، اعمل فيها اية؟

شروق بتضحك على عصبيتها وقالت: ندهنها ورنيش عشان تتهبب وتسمر.

شيراز بتضربها في كتفها: والله انتي باردة زيهم، عرفتي بقى انا رفضت ليه؟ واسبابي منطقية، والله يغير مواصفات البطلة هبدأ من بكره لو حابب، غير كده سوري، يدور على حد تاني.

شروق بتاكيد: والله عداكي العيب، بس برضو خايفة تندمي على ضياع الفرصة، ياسر كاتب متميز جدا.

شيراز بتكشيره وحزن: عارفه وده اللي مخوفني وعاملة حسابه، وبدعي ربنا انه ميلقيش حد غيري، وينفذ طلبي.

شروق وهي بتربت على اديها: يارب حبيبتي يكتبلك الصالح، ولو الفيلم من نصيبك هتاخديه غصب عن الكل.

يالا هقوم انا اروح لحسن اتأخرت اوي.

شيراز في اعتراض: لا لسه بدري باشروق، احنا متفقين هنتغدى مع بعض النهارده، وبعدين هروح الكوافير بتاعي اغير اللوك واعمل لوك جديد مطرقع عشان الفيلم اللي همضية قريب، ولازم تكوني معايا عشان تختاري قصة شعري ولونه.

شروق وهي بتمسك شنطة اديها، وبنظرة اعتذار قالت: معلش ياقلبي خليها بكره افضي نفسي وابلغ ماما اني هكون معاكي طول النهار، لكن النهارده صعب، عندنا خالتي على الغداء ولازم اجهز واساعد ماما وكده.


ضحكت شيراز وغمزت ليها بطرف عنيها وقالت: خالتك برضو، ولا ابن خالتك ياشقية، الله يسهله ياعم، ماشية معاكي اخر حلاوة.

شروق وهي بتكز على سنانها: وربنا القر ده اللي جايبنا لورا، حرام عليكي بقالي شهرين مشفتهوش، يادوب نازل اجازة من شغله يومين، ضاع منهم يوم في حضن امه، ومش فاضل غير النهارده.

شيراز وهي بتضحك: واليوم التاني هيقضية طبعا في حضنك انتي ياشوشو.

شروق وهي بتتحرك عشان تمشي ومولاها ظهرها قالت بهمس: يسمع منك ربنا ياشيراز يا اختي، امتى يجي اليوم ويقضية معايا، ادعيلي.


تركتها شروق وظلت شيراز تفكر في قرارها اللي اخدته وفي مدى صحته من خطأه، احد ما مر الوقت وقامت تركب عربيتها تروح بعد ما حست بملل بعد غياب صديقتها عنها.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 


بعد تقريبا ساعة وصلت شروق لبيتها، دقت على الباب، وفتحت لها امها واخدت منها علبة الجاتوه والحلويات اللي اشترتها، وحطتهم على الطربيزه قدامها، وفتحت فيهم وسألتها: اية ياشروق كل الحاجات دي يابنتي؟ ليه كلفتي على نفسك كده؟

قعدت شروق على الكرسي، واخدت نفسها من طلوع السلم اللي بيقطع نفسها كل يوم وبعدين قالت: ولا تعب ولا حاجة يا ست الكل، دي حاجة بسيطة عشان نقدمها لخالتو، بدل ما تقفي وتعملي حلويات في البيت قولت اريحك، وكمان انا اخدت مكافأة من الشغل النهارده والقاشيه فلة واربعتاشر.

طبطبت امها على كتفتها وقالت بنبره تمني: عقبال ما افرح بيكي ياشروق ويحصل اللي في بالي يارب.

احمر وجه شروق واتكسفت، وقامت ودخلت اوضها بسرعة، خلت امها تضحك عليها، وهي قلبها بيقولها من زمان وملاحظة حب ابن اختها عماد لها من فترة طويلة، وتلميحه بأنه عايزها، بس مستني يكون شقته ويتقدم، وهي من وقت ما قالتلها اختها انهار وهي بتدعي كل يوم بالسعادة ليهم ويحقق كل احلامهم، انتهدت ولمت العلب عشان تحطهم في التلاجة، ودخلت تتابع الأكل. 

في الوقت ده كانت شروق قالبه اوضتها والدولاب فوقه لتحته؛ عشان تختار تلبس اية لعماد حبيب قلبها، كل شوية تلبس وتقلع لحد ما صرخت في صورتها في المرايا، جت امها مخضوضة بسرعه بتسألها: في أية ياشروق بتصرخي ليه كده؟

شروق بنبره مخنوقة قالت: مش عارفه ياماما البس أية؟ مش لاقية حاجة مناسبة ؟!

بصت امها لكمية الهدوم المرمية في كل مكان ومسكت فستان رقيق مليان الوان مبهجه وقالت: ده جميل اوي وشكلك بتبقي زي القمر فيه ياروحي، وخدي كمان الايشارب ده هيكون مناسب معاه.

اخدته شروق من اديها كأنها وجدت طوق نجانها ومسكته بفرحة طفله اخدت فستان العيد وحطته على جسمها وراحت ناحية المرايا، واقتنعت بيه ورمت لها بوسه في الهوا، وقبل ما تمشي امها شاورت باديها على هدومها، وهزت شروق راسها بمعنى انها فهمت قصدها وهتشيلهم في الدولاب، مرت دقايق وكانت جاهزة وحطت رتوش بسيطة من المكياج خلتها زي القمر، ووقف تلقي نظره اخيرة على نفسها، وطبعت بوسه لانعكاس صورتها وخرجت تجهز السفره مع والدتها، واول ماسمعت صوت رنين الباب، جسمها كله ارتعش وانتفضت ودخلت بسرعه على المطبخ تستخبى جوة، ضحكت امها وراحت تفتح الباب وترحب باختها وابنها عماد اللي اول ما دخل وعينه بتلف في كل اركان الشقة تدور على شروق شمسه اللي نفسه تنور دنيته، لاحظت خالته ونادت عليها وتقدمت تسلم على خالتها وتحضنها، وعيونها متعلقه بحبال عماد اللي اول ماخلصت سلام مد ايده عشان يحضن اديها بحب وشوق والعيون بتقول احلي كلام، اتنحنحت امها وقالت: اهلا يا انهار يا اختي وحشاني كتير، نورتي ياحبيبتي، ادخلي ياشروق هاتي العصير من جوه، ولا اقولكوا الاكل جاهز اصلا يالا نروح ناكل وبعدين نشرب العصير.

انهار بحب: والله مافي داعي لتعبك ياسعاد، هو احنا غرب لكل ده؟

سعاد: ماغريب اللي الشيطان يا اختي، لمه هنيه تكفي ميه، ماتعزمي على عماد ياشروق واقفه ليه كده زي الصنم.

شروق بتيه وهي باصه في عيونه: ها بتقولي حاجة ياماما؟

ضحكوا عليها، فحمرت وشها من الاحراج، ودخلت المطبخ تجيب باقي الأكل، واتجمعوا كلهم على سفرة الاكل اللي مخليتش من منافشة عماد من نظراته اللي بتلحقها في كل ثانية.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * *

 

في فيلا ياسر، بتشرف شادية على مرزوقة اللي بتشتغل زي اللهلوبه عشان ترضي ستها شادية، خلصت الاكل ومسح المطبخ والمواعين، واول ما لمحتها داخله عليها تشرف عليها، مسحت اديها في جلابيتها وقالت بحماس: اني خلصت كل اللي امرتي بيه ياستي، والأكل جاهز على الغرف، والمطبخ اهو فله شمعه منوره.

بصت حواليها بنظره عامه، ورفعت الحلل تدوق الأكل، اللي اعجبت بيه وقالتلها: برافو عليكي يامرزوقة، طلعتي شاطرة وطبيخك زي الفل يابت.

مرزرقة بفرحه قالت: امال ايه ياستي مش قولتلك اني اعجبك وهتتبسطي مني، وعمرك نُهائي ماهتستغني عني واصل.

شادية: طب يالا جهزي وغرفي الأكل وحطيه على السفره، عقبال ما انادي على ياسر.


راحت لاوضة المكتب لاقته قاعد بيشرب سجايره بشراهه، اتنهدت وقربت منه وقالت: قوم معايا عشان ناكل يا ياسر، وسبها على ربنا وهتتحل باذن الله، وهتلاقي اللي بتدور عليها، بس انت قول يارب.

ياسر وهو وينفخ دخان سيجارته بقلة حيله رد: يارب ياماما، بس هي مش هتزل من السما كده وأنا قاعد مكاني، لازم ادور عليها لحد ما الاقيها.

شادية وهي بتحاول تقومه من مكانه : هتتحل وبكره تقول ماما قالت، وممكن بقى تقوم معايا عشان تاكل، دي البنت مرزوقة عامله شوية اكل يستاهل بقك الحلو ده.


ياسر وهو بيحاول يبعد اديها بلطف: معلش اعذريني ياماما مش هقدر، سامحيني.

شادية بزعل: لا مش هتحرك غير لما تيجي معايا يا قلب ماما.


استسلم ياسر وراح يقعد جنبها على السفره، وبدات تغرف قدامه من طاجن البامية، وارز وهو اول ما داق الاكل هز راسه بتأكيد على طعامه الأكل واستحسن الاكل وفضل ياكل متناسي كل مشاكله، خصوصا طاجن الارز المعمر اللي كان طعمه جنان فعلا.

خلصوا الأكل وعملت مرزوقة القهوة وحطتها في اوضة المكتب واول ما عينها جت على الاوراق اللي على المكتب، مسكتها ومن غير ما تحس فضلت تقرأ في اول صفحه بصعوبة، ومره واحده سمعت صوت ياسر بيزعق ويسألها بحدته المعتاده: انتي بتعملي اية عندك هنا؟


وإلى هنا تنتهي احداثنا عند هذا الحد لنتعرف غدا هتتصرف ازاي مرزوقة معاه؟ وهل هيلاقي البنت اللي بيدور عليها؟ وياترى هيتكلم عماد ويقرب المسافات بينه وبين شروق؟

كل ده واكثر من احداث مليئة بالاثارة والتشويق في روايتي الجديدة المتواضعة

#العسقلة_الماكرة 

 بقلمـ إيمان كمال ✍️

  #إيمووو


الفصل الثاني


خلصوا الاكل وعملت مرزوقة القهوة وحطتها في اوضة المكتب واول ما عينها جت على الاوراق اللي على المكتب، مسكتها ومن غير ما تحس فضلت تقرا في اول صفحه بصعوبة، ومره واحده سمعت صوت ياسر بيزعق ويسألها بحدته المعتاده: انتي بتعملي اية عندك هنا؟


اتفزعت مره واحده وارتجفت من صوته الحاد، ومره واحد رمت الورق على المكتب واتبهدل وهو قرب منها والشرار بيتطاير من عينه، وهي اول ما شافته بيقرب عليها زي الوحش اللي هيفترسها بلعت ريقها بصعوبه، ورفعت اديها تداري وشها خوف من الغول اللي هاجم عليها، بينما هو واقف شايف منظرها ده ورعبها اللي ادته بتلقائية وبراءة شديدة، ضحك ومسك اديها واتغيرت نبرة صوته واتحول في ثانية لحمل وديع ونزل اديها من على وشها وبص في عيونها العسلية وقال: اية ده انتي تطلعتي خوافه اوي ليه كده؟ هو انا للدرجة دي برعبك يامرزوقة؟


صاحت بصوتها العالي المعتاد عليه، والدموع بتغرغر من عينيها وقالت مرزوقة: هوووه يابوي هو انت بترعب وبس، لا ده انت عامل زي الاشكيف اللي هيخوفوا بيه العيال الصغيره حدانا في البلد، ياخوفي لأكون قطعت الخلف بسببك، يامرك يامرزوقة... يامرك.. ادي اللي اخدتية من خدمتك في مصر ومن رجالة مصر... 


قعدت على الأرض وربعت رجليها عشان تاخد نفسها، وفضلت تخبط عليهم وتولول، كان ياسر واقف حاطط ايدة في جيب بنطلونه، ومستمتع بأداءها الغير مفتعل والطبيعي، وساكت خالص مكتفي بنظرات الإعجاب على بساطتها في التعبير البسيط، سكت مره واحده لما ملقتش منه أي رد فعل، وحاولت تقوم تقف وبصت له غيرت الموضوع واتحولت في ثانية وقالتلة:


القهوة هتبرد يابيه اشربها بقى وانا هروح اشوف شغلي. 

ياسر بمكر : انتي مجاوبتيش على سؤالي لحد دلوقتي؟ 


رجعت للخلف وقالت بلجلجة: ابدا يابيه اني كنت بحط القهوة، ولمحت الورق متنعكش على المكتب قولت ارتبه، بس ولاقيتك داخل عليا كيف وابور الطحين اكده وفزعتني، ادي كل الحكاية، هههههههه. 


ياسر والابتسامة لسه مفارقتش شفايفه، مسك رتب اوراق الرواية وقالها: طب مره تانية ملكيش دعوة خالص بأي ورق على المكتب، عشان ده تعب وسهر شهور، تحطي القهوة وتمشي من سكات، فاهمه يامرزوقة؟ 

ردت مرزوقة بسرعة: اه امال اية اني فاهمة وعارفة كل حاجة، ان ده ورق الروايات اللي راح تكتبها والالهام اللي بيجيلك، صح يابيه؟ 

ياسر وهو بيهز راسه بتأكيد: صح يامرزوقة، شاطرة، روحي شوفي شغلك بقى. 

مرزوقة: حاضر يابيه. 


اول ماخرجت من عنده انتهدت بقوه، وحطت اديها على قلبها، ماصدقت خرجت حالا من جحيم غضبه وعصبيته، وراحت تسأل شادية على المكان اللي هتنام فيه، واخدتها لاوضة صغيرة جنب المطبخ وشاورت على الدولاب وقالت: حطي هدومك في الدولاب ده يامرزوقة، والفوطة دي اللي هتستخدميها وهتبقى بتاعتك، والحمام ده برضو اللي هتستخدميه ممنوع تستخدمي الحمام الكبير، وكل يوم اول ما تصحي من النوم الحمامات كلها تتنضف كويس، وتتعقم، وبعدين تلمعي وترتبي الفيلا، ومش هوصيكي على الغرف تتروق وتتكنس، وتتمسح كل يوم، فاهمه يامرزوقة؟ 


مرزوقة كانت بتسمع كلامها وهي فاتحه بقها مذبهله من كل اللي بتقوله ولما فضلت ساكته؛ هزتها شادية وقالت: اية يابنتي مالك مذبهله ليه كده؟ 

ردت وعلى وشها علامات الاستفهام وقالت: اني هعمل كل ده كل يوم ياستي؟ 

شادية بتأكيد: أيوة طبعا، مش بتقولي انك لهلوبة؛ وريني بقى شطارتك ياست الهلوبه !! 

مرزوقة بتبلع ريقها وبتستجمع شجاعتها قالت بحماس: اه طبعا، امال اية اللي تأمري بيه ياستي هعمله واكتر شوية كمان، هو اني ليا بكره غير رضاكي عليا ياست الكل انتي. 


شادية وهي بطبطب على كتفها: طيب يالا نامي عشان تلحقي تاخدي كفاية من الراحه، بكره وراكي شغل كتير. 

سابتها وخرجت ومرزوقة قعدت على السرير تندب حظها في المرار والشقى اللي منتظرها، وبعد عويل كتير قامت حطت هدومها في الدولاب، وغيرت الجلابيه ودخلت تنام، واول ماغمضت عينيها غاصت في احلامها الوردية. 

 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 


سابتها شادية وراحت لاوضة نومها ترتاح وتحاول انها تنام، فضلت تتقلب على جنبها اليمين والشمال زي السمكه اللي بتتقلب على نار، بتستدعي النوم وتترجاه زي كل يوم يجي يرحمها من هجوم عواصف الذكريات عليها، لكن اللي بيحصل زي كل يوم  من سنين كتير مرت نسيت عددها من كترهم، ولازم ملحمه البكا تبدأ وتغرق مخدتها للأسف النوم لا بيرحمها ولا بيشفق على حالتها، لما ملقتش اي امل أنها تنام، قامت وفتحت دولابها وخرجت من خزنة شايلة فيها الحاجات المهمه؛ ذكرياتها ودهبها، خرجت صندوق صغير خشبي، وفتحته ومسكت بإدين مرتعشه صوره وكام جواب كل اللي فاضلها من أجمل ذكريات عاشتها في أيام الصبا، فتحت أول جواب لقت الحبر ساح واتمسح من كتر البكا على الحروف، فتحته وقرأت بهمس بيلاعب أوتار قلبها وبتحيه من جديد، يمكن دي الحاجة الوحيده اللي بتخليها عايشة لحد دلوقتي برغم كل الوجع والنزيف اللي حاسه بيه وبينزف لحد اللحظة دي، عينها جت على نفس الجملة اللي عينيها عارفه مكانها وبتوصله بمنتهى السهولة، زي ما تكون عايزة تجدد نفس الوجع والألم في اللحظة دي، وتعيش الحب اللي اتحرمت منه، وتفتكر اد اية حرمت نفسها من السعادة عشان تحافظ عليه..


حبيبتي التي عشقتها وحبها يسري بداخل أوصالي.. احببتك وسأظل أحبك مهما فرقتنا الليالي.. ستظلين انتي جوهرتي الغالية... انتي نبع الحنان، ونبض قلبي الذي ينبض لكِ وحدك يا مالكة فؤادي.. اذكرني دائما يا ربيع عمري الذي اتمنى ان يزدهر وانتي امامي ولا يفارق عيناي... انتظريني واذكريني في كل لحظة واعلمي يافاتنتي بأني أشتاق اليكِ في كل ثانيه واحسب الدقائق والساعات حتى أعود وامتع عيناي بنظرة من عيناكِ ياملاكي... لاركض لطلب ودگ؛ لتكوني أميرة حياتي، ولا تفرقنا اي مسافات او أميال... 


انهت قراية لهذا الحد، وحضنت الجواب بقوة، كأنها عايزة تدخل حروفه داخل قلبها، ودموعها عرفت طريق سريانها على خدودها اللي انحفرت طريق طويل وممر تمشي فيه بحرية، سابت الجواب ومسكت الصوره اللي فيها اكتر إنسان عشقته في دنيتها، واكتر واحد اتعذبت بنار فراقه، ولسه بتتعذب لحد اللحظة دي، ومش قادرة تنسى انها السبب في الفراق ده، سابته من غير ما تودعه وتملي عيناها منه، بصت للصورة وباديها مشيت على ملامح وشه اللي محفوره جوه في قلبها؛ كأنها وشم ومستحيل يتشال، وقالت بدموع عيونها: سامحني ياحب عمري... سامحني اني ضحيت بحبي وسبتك... سبتك عشان تعيش في أمان...... سبتك من غير حتى وداع... سبتك من غير حتى ما أفكر هقدر اسيبك او مش هقدر... لكن كان لازم ابعد، حتى لو كان البعد ده هو الثمن انك تعيش من غير ما اهلي يإذيك... ياترى لسه فاكرني.. !! 

لسه باقي على العهد القديم.. !! 

ولا قولت خلاص اعيش حياتي ماهي باعتني خلاص ؟!

آآآه لو تعرف انا اتعذبت من بعادك اد اية ؟!  كنت رجعت من اخر بلاد الأرض؛ واخدتني تعوضني عن سنين حرمان وجفاف عشتهم بعيد عنك. 


مسكت الجواب وحطته مع باقي الأوراق والصور، وقفلت الصندوق، وانتهدت بوجع، ورفعت عينها ودعت ربنا وقالت: يارب زي ما ما حطيت محبته في قلبي، طمن قلبي عليه، بأي خبر ولو معلومه؛ نفسي عيوني تقابله ولو مره واحده قبل ما أموت. 


سكت لحظات لمجرد الفكره أن ممكن يجي معاد الاجل والعيون متتاقبلش من بعد اخر لقاء، غمضت عيونها وهزت راسها تنفي الفكره، وتمحيها من راسها، لأنها حست انها بتموت اخر امل جواها، حضنت صورته وقبلتها، ثم شالت صندوق الذكريات، وقفلت الدولاب، ومددت على السرير، وطفت نور الاباچورة، وغمضت عيونها وهي باصه على المخده اللي جنبها وبتقول نفس جملتها كل يوم ما يقارب من عشرين سنة، ولا يوم نسيتها، وهي بتتخيل صوره حبيبها نايم جنبها وبتقوله:

تصبح على خير يا سليم.


وفي الثانيه دي زي ما تكون اخدت جرعة المخدر اللي حروف اسمه المحببه خلتها تقفل جفونها وتنام من غير تحس وعقلها الباطن بيصرخ منادي عليه انه يجلها زي كل يوم وتشوف طيفه ولو للحظة واحدة، بس تشوفه ولو من بعيد.

 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 


قبل الاثناء دي كانت شروق وعماد قاعدين في البلكونة يشربوا حاجة ساقه مع شوية حلويات، كانت بتبص له بشوق ولهفة عاشقة، كسر الصمت عماد وقالها: وحشتيني اوي ياشروق، تعبت من كتر البعاد والسفر.

اتنهدت شروق بوجع وقالت: معلش ياعمده هانت ياحبيبي، الفلوس اللي بتاخدها وبدل السفر هي اللي ساعدتك تجيب الشقة وتوضبها.

عماد بتعب رد: بس انا تعبت ياشروقي من طول بعادك، والشقى اللي هناك، اليوم بيمر بسنة، انتي متعرفيش يعني اية تبقي وحيده في مكان مهجور مفيش فيه اي وسائل ترفيه اتصال، ياشروق ده انا عشان اكلمك لازم اخد عربيه وتمشي بينا كذا كيلو عشان اعرف اكملك والاقي شبكة، انا تعبت ونفسي نعيش سوا في بيت واحد.

كانت بتسمعه وقلبها بيوجعها وصوت اهاتها أعلى من صوته، مسكت إيده وابتسمت عشان تديله جرعة امل وتفاءل: معلش ياعماد استحمل عشان خاطري كلها سنة ونتجمع مع بعض في بيتنا، مش قدمنا حل غير الصبر ياعماد.


رد عماد باندفاع بدون تردد وبصوت فيه ترجي: في حل ياشروق بس انتي توافقي عليه.

شروق بستغراب وتعجب سألته: اية هو الحل ده؟

عماد شدد على اديها، وبص في عيونها وقال: اننا نتجوز في شقة امي لحد ما الشقة تخلص، قولتي أية؟

سكتت مش قادرة تستوعب كلامه، هي بتحبه متنكرش، لكن موضوع انها تسكن مع خالتها مرفوض منعًا لأي مشاكل، لما طال صمتها استنتج عماد رفضها، ومره واحده قام واقف وقالها بوجه حزين: ردك وصلني ياشروق شكرا جدا. 


سابها قاعده وراح ناحية امه انهار وقالها بجديه في صوته: يالا بينا يا ماما الوقت اتأخر، يادوب الحق ارتاح شوية عشان اسافر وأنا فايق، بعد اذنك يا خالتو، اشوفك على خير. 


بصتله سعاد وعيونها متعجبه من طريقة كلامه، سألته: ما لسه بدري ياعماد، انتو مونسنا والله. 

عماد باعتذار: معلش خليها مره تانيه ياخالتو نقضي الإجازة من اولها، يالا ياماما بقى. 


قامت شروق ووقفت وعيونها بتترجاه يفضل، لكن هو حاول يهرب من مواجهتها، مكنش قادر يسمع او يستمر في الوقوف بعد ما خذلته، واخد امه ومشي بعد ما سلم على خالته، ومشي من غير ما يوجه لها اي كلمه، وتصرفه ده خلالها تحس بالضيق انها زعلته، دخلت اوضتها وارتمت على سريرها تبكي في صمت، حيرانه ومتشتته مش عارفه موقفها ده صح ولا غلط ؟! 

فاقت من شرودها على صوت خبط الباب، قامت فتحته، ورجعت مكانها حزينه حاضنه مخدتها ومخبيه وشها وبتبكي بدون صوت، قربت امها منها وسألتها: ممكن اعرف مالك، وفيكي ايه؟ وعماد ليه قام روح بالشكل ده؟ 

رفعت عيناها ومسحت دموعها وحكت لها كل كلامه، واول ما انتهت قالت سعاد: انتي ليه موافقتيش على اقتراحه ياشروق، خصوصا إنك متأكده من حب خالتك ليكي؟ 

شروق بخوف ردت: عشان انا بعيده عنها ياماما، بصي انا بحب مبدأ ابعد حبة تزيد محبه، وبصراحه خايفة الاحتكاك بينا يولد مشاكل وزعل، خالتي مهما كانت بتحبني؛ عمرها ما هنتصفني على ابنها، طب ليه بقى ادخل النار برجلي، خليني بعيده وازورها من وقت للتاني، اية المشكلة انه يصبر كمان سنه ونستقل بحياتنا مع بعض، ومحدش يدخل بينا. 


كانت بتسمع لكلامها وهي مقتنعه بكل حرف بتقوله، لكن زيها زي لي ام نفسها تفرح ببنتها وتشوفها في بيت جوزها سعيدة متهنية، عشان كده فكرت في حل وقالت: طب ليه ياحبيبتي موضحتيش له وجة نظرك دي، بدل ما تسكتي؟ 

شروق بقلة حيلة: مدنيش فرصة ياماما، سكت عشان اجمع حروفي وارد، هو وصل له اني رافضة، ولاقيته قام وزعل واتقمص. 

طبطبت على اديها وقالت: خلاص اية رأيك تتجوزي هنا معايا، اهو عشان مفضلش لوحدي، وخليه يتجدعن ويخطبك رسمي. 

شروق بفرحه: بجد ياماما، يعني مش هتضايقي اننا نعيش معاكي؟ 

سعاد وهي بتضربها بخفه على وشها قالت: انتي عبيطة معقول هيضايق من بنتي حبيبتي، وابن اختي الغالي، كلميه بكره واقترحي عليه، وابقي بلغيني بقراره. 

قامت شروق وقربت من والدتها وحضنتها وقالت: ربنا يخليكي ليا ياست الكل، وميحرمنيش منك يارب. 

قبلتها والدتها بحب، وبعدين قامت ودخلت اوضتها عشان تنام وهي بتدعي ربنا يهني بنتها. 

 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 


طلت أشعة الشمس بشعاعها لينير

الكون بضياءة معلنه عن اشراقة يوم جديد مليان بالأحداث، استيقظت مرزوقة قبل شروق الشمس كعادتها، وقامت بترتيب ونظافة المنزل كما امرتها ستها شادية، ودخلت المطبخ تحضر الفطار، وانتظرتهم يصحوا من نومهم، لكن طال انتظارها، فقعدت على الكرسي تبص حواليها بتعجب من الأجهزة الكهربائية الموجوده، حست انها دخلت عالم جديد غريب عليها، بتحاول تستكشفه بفطرتها، فاقت من سرحانها على صوت شادية بتقولها: صباح الخير يامرزوقة، صاحية بدري ليه كده؟

قامت مرزوقة تقف احترام ليها وردت صباحها وقالت: اني متعوده ياستي من انا لسه عيلة كده بضفاير امي تصحينها بعد الفجر نصليه ونشوف اللي ورانا، امال ايه عشان يبقى في بركه في اليوم وتخلص قوام قوام، اني نفذت كل اللي قولتي عليه، مش فاضل بس غير اوضة سيادتك، واوضة سيدي ياسر.

هزت شادية راسها باعجاب، وبعدين قعدت على الكرسي وسألتها: شاطره يامرزوقة انا مبسوطة منك، حضري الفطار، وبعده تبقي تخلصي الاوضتين.

مرزوقة وهي بتشاور على الاكل اللي محضراه ومغطيه الطبق قالت: الفطار كله جاهز ياستي يستاهل بوقك المسمسم ده.

ردت شادية وهي مبتسمه: برافووو عليكي، اطلعي بقى صاحي ياسر.

شاورت لها بموافقه، واتحركت خطوات لكن رجعت وقربت منها تسألها: سيتي كنت عايزة اسألك ايه البتاعه اللي هناك دي؟

بصت شادية على صوباعها وضحكت عليها، ومسكت اديها وقالت: دي يامرزوقة غساله فول اتوماتيك، نحط الغسيل فيها ونشغلها يتغسل، هبقى اعلمك تشغليها ازاي بعدين.

مرزوقة وهي بتصقف باديها، شاورت على حاجة تانية، وجاوبتها شاديه بانها كولدير مياه، وعرفتها ازاي تستخدمه، كانت ملاحظه نظره لمعان عينيها وفرحتها بحاجات بسيطة اول مره تشوفها، زي ما تكون جاية من كوكب غير الكوكب اللي عايشه فيه، انسحبت وراحت تصحي ياسر في اوضته نومه، طرقت بابه مره واتنين، ولما ملقتش رد فتحت الباب وشافته نايم بدون تيشرت وعريان، وهي اول ما شافته كده حطت اديها على وشها وصرخت صرخه صاحته مفزوع من نومه على صوتها بتقول: وهووو يابوي، يامراري يامراري الطافح ياني !! 

قام ياسر مفزوع ومنطور كأنه اتلدغ من حيه وقعد على السرير وزعق فيها عشان تهدى وتبطل صريخ: في ايه يامعتوها بتصرخي ليه يامصيبه واتحدفت فوق راسي مش عارف جاتلي منين؟ هو في حد ياربي يصحى حد بالشكل ده؟


غمضت مرزوقة عينها وقالت: وهو في حد ينام عريان اكده يابيه؟ 


بصلها بغضب والشرار بيطاير من عينه، على بجاحه وغباء الواقفه قدامه، رد عليها بحده : وانتي مال اهلك يابارده، هو أنا نايم في اوضتك، انا نام في اوضتي، انام بقى لابس، عريان ملكيش فيه يازفته انتي. 


نزلت اديها وبصلته بغيظ وهي بدوس على سنانها، وقالت من تحت اسنانها: ايكش يجيلك برد يارب. 

ياسر  وهو بيحط ايده على طرف ودنه قال: سمعيني كده قولتي اية؟ عشان شكل يومك مش معدي النهارده؟ 

اتلجلجت وبلعت ريقها بصعوبة وقالت: بقول الفطار جاهز تحت يابيه. 

رفع حاجبه الايسر وقال: لا والله ! 

مرزوقة بتحاول تهرب من نظراته، شغلت نفسها بتوضيب الاوضة وتشيل هدومه اللي عايزة تتغسل، وترتب السرير، قرب منها وقالها: أطلعي بره يامرزوقة دلوقتي لما انزل تبقي تعملي اللي بتعمليه ده، انا هاخد شور وانزل. 

هزت راسها ولفت ظهرها لكن وهي ماشية مسكت طرف جلابيتها البلدي، وبتتمايل بيها وتدندن وبتقول اغنيتها المفضله... 

حضرة العمده ابنك حميده حدفني بالسفندية


اهيي وقعت على صدري ضحكو على زملاتة الافندية


ازاي كده !


يرضيك يا عمدة علشان ابن عمدة يعمل كدة كدة فية


يا ابو حميده .. جرى ايه


متحوش حميده .. عمل ايه ؟


ده عيون وسحرها .. هيروح ضحيه


يرضيك يا عمده ؟ .. لا لا لا


علشان ابن عمده .. لا لا لا

 

فضلت تغني بصوتها العذب اللي لفت انتباهه ووقف نسي نفسه ومنبهر بطريقتها واداءها المميز، بس لما اختفت من قدام عينه، وسكت صوتها، ركز اوي في كلمات الأغنيه واستغرب وكان مندهش جدا، ومره واحده صرخ بأعلى طبقات صوته منادي على اسمها، واول ما سمعت صوته انتفضت وبثقت داخل صدرها من خضتها....


وإلى هنا تنتهي احداثها عند هذا الحد لنتعرف سويًا ليه ياسر صرخ فيها بالشكل ده؟

وياترى الايام مخبيه ليها أية؟

وشروق هتعرف تقنع عماد باقتراح امها. 

كل هذا واكثر سنعرفه من خلال متابعتنا لروايتي المتواضعة 



الفصل الثالث والرابع من هنا





تعليقات

التنقل السريع
    close