القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية غزاله في صحراء الذئاب الفصل الثـامــن والتاسع بقلم الكاتبه رحمه سيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

 رواية غزاله في صحراء الذئاب الفصل الثـامــن والتاسع بقلم الكاتبه رحمه سيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 



رواية غزاله في صحراء الذئاب الفصل الثـامــن والتاسع بقلم الكاتبه رحمه سيد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 


نظـرت له مطـولة، وكأنها تتأكد إن كان بكامل قـواه العقلية أم لا، وحدقتـا عينيها المتسعتيـن دليل قـوى على صدمتهـا التى تلمع فى جوفيهـا الان، صدمتهـا تنضح بعدم تصديـق ذاك الأبله !! .. إن كـانت شمـس رفضت مسبقـــًا تلك الزيجـة، الان وبكـل بساطة تجعل الأدوار تنقلـب بأعجوبة وتطلب هى الزواج منه !!!! 

واخيرًا بعد صمت طـال ينتظر فيه يحيى الاجابـة التى ستحدد مسار رياحـه الراغبة فى أى اتجاه ستسيـر، هتفت هى بنبرة غامضـة :

_ أنت متأكد من اللى بتقوله ده يا يحيى ؟

وكأنها تسألـه لتحذره ويعيـد تفكيـره، ولكنه هدم كل شيئ فوق رأسه بقوله الذى ملؤه الثقـة الزائفـة :

_ أه طبعًا يا خالتى متأكـد جدًا كمان، هو أنا هأكـذب عليكِ لية يعنى ؟! 

هـزت رأسهـا موافقـة بعدم إقتنـاع، ثم فجأة نظرت له مردفة بقوة :

_ بنتى مش هاتتجوزك ابدًا يا يحيى 

تبـلد جسـده بصدمـة، وتحطمت لؤلؤات أمله وسعادتـه التى كانت تتقافـز، ليهمس غير مصدقــــًا : 

_ نعم أزاى !!!!!! 

رفـعت كتفيها واجابتـه ببساطـة :

_ زى الناس، شمس ماتنفعلكش ولا أنت تنفع لها 

جـز على أسنانـه كاملـة غيظًا حتى كادت تنكسـر ثم قـال غاضبًا :

_ لية يا خالتى هو أنا فيا عيب ولا أية ؟ 

هـزت رأسها نافية ببرود، ثم أكملت :

_ لا لسمح الله، أنا بس بقـول أنت تستاهل واحدة أحسن من شمس 

رمقـها بنظرات حادة وأستطرد بجدية : 

_ بس أنا عـايز شمـس وهى عايزانى 

زمجـرت فيه بغضب حاولت كبتـه :

_ لأ، ماتتكلمش على لسـان شمس 

برقـت عينـاه السوداء بشـرارات حارقـة كادت تحرق تلك السيدة من شدة غضبها، ثم صـرخ فيها بحدة :

_ يعنى أنتِ مش مصدقانى يا خالتى، تتوقعى أبن أختك وزى أبنك هيكذب عليكِ ؟! 

تأفـفت بضيق، الان فقط علمـت سبب رفض شمس لهذا البائـس، بالتأكيد إنه يصلها لدرجة غليـان بالدم عالية، لكِ الله يا ابنتـى ... ! 

حدثت نفسها هكذا في خواطرها قبل أن تقول بملل :

_ أنا مصدقـة إن بنتـى كانت رافضاك بس 

غـرز يـده السمراء فى خصلات شعـره الأسود بقوة حتى كادت تختلـع، ثم اومـأ وأكمل بحنـق :

_ ماشى، ماشى يا خالتى براحتك، لكن أحب أقول لك خدى بالك من بنتك كويس

رفعت حاجبها الأيسر واجابته متهكمة :

_ بنتى مالها إن شاء الله، تكنش بتعمل حاجة من ورايا ؟! 

أجابهـا بغيظ واضح :

_ أه، بنتـك مشيها بطــال يا خالتى، ويتتسرمح مع أبن الجيـران 

ثم صرخ بصوت عالى جمع كـل معانى الحدة :

_ بتعيش سـن المراهقة دلوقتِ حضرتها !!

_ بـسسسس بقا حرام عليـك 

جملـة شابتهـا صرخـة حادة من تلك البائـسة " شمس" التى كـان ينهـش فى شرفهـا بلا رحمة، ولكن جملتها لم توقـف يـد كريمة التى سقطـت على وجنتـاه الخشنة لتترك اثرًا واضحًا يذكـره دائمًا أن لا يتعـدى تلك الحدود التى يصنعها الأخـرون ... 

وقـف مدهوشـــًا للحظـات يحاول إستيعاب ما حدث، صمت بعد صمت يتلقاه منهم والان الاثنـان يدافعان بكل ما يملكان من قـوة !!! 

نهضـت شمس وقفت قبالتـه تطالعه بنظـرات قوية وحادة قبل أن تقـول بغضب هـادر : 

_ أتقـي الله بقا، أنت ماشوفتنيش بأعمل حاجة زى دى !! 

زفـر مطولاً، ثانيـة اثنـان ثلاثـة .. يجب إعداد الكلمـات بشكل جيـد حتى لا يضيـع مجهود هباءً .. 

ثم غمغم ببـرود حاول إفتعاله :

_ أيوة شوفتـك وأنت فـ حضنه وعمال يبوسـك وأنت مبسوطـة أوى 

ظهـرت الصدمـة بوضوح على قسمـات " كريمة " فتابع بأسف مصطنع :

_ افرض حد غيرى من سكان العمارة جه وشافكم، كان هيبقي منظركم أزاى ؟ 

لم تستطـع شمـس الدفـاع عن نفسها، الكلمات التى يجب أن تدافع بها عن نفسها لتنفي هذه التهمة التى تخوض فى الشـرف لم تكـن بقاموسها يومًا !! 

بينما أستطرد هو بنبرة توغلتها الشماتة :

_ يقولوا أية ؟ الأب ف السجن عشان قتـل، والبنت ماشية على حـل شعرها !!! 

لهنـا ويكـفي .. الطاقـة اللازمـة للصبر نفـذت بالفعـل، إن يختبـروا الطاقة بمقيـاس ستصيـح هى بالأخر وبفضله !! 

فزمجرت فيه بحدة :

_ اطلع برررررة، برررررة مش عايزة أشوف خلقتـك 

نظـر لـ " كريمة " بدهشة كبيـرة على صمتهـا الذى كان حائـط متين قوى بُنـى بجوار شمس، ليقول بنبـرة غاضبة :

_ وأنتِ ساكتة يا خالتى ؟ ساكتة على الي بنتك بتقوله ؟! 

لم يلقـي اى اجابـه، فاستطرد بتوعد شرس : 

_ أنا من النهاردة مش هعمل خاطر لصلة الدم اللي بتربطنا، ومبقاش يحيى لو ما عرفتك أنتِ مين يا ست شمس !!!! 

إستـدار متجهًا للخـارج بخطوات كادت تُقسـم الأرض من شدتهـا ... 

بينما اسرعت " كريمـة " تمسك بيد شمس بقوة وهى تسألهـا بجدية :

_ الكلام الى كان بيقولوا ده صح ؟

فسألتها شمس ايضًا بارتباك :

_ كلام أية يا ماما ؟ 

هـزتها بقوة وعنف قائلة بحدة : 

_ إن الشاب اياه كنتِ ف حضنه وكان .. استغفر الله بيبوسك !!! 

هـزت شمس رأسهـا نافيـة بسرعة، وسارعت مبررة بحـزن :

_ لأ لأ يا ماما، ده كان ماسكنى بالعافية والله مش بمزاجى 

أبتعـدت عنـها والدتهـا، ولأول مرة لشمس تجـد الجوفيـن اللذان ينبع منهما الحنان لم يصبحا سوى مصدر لغضب هادر سينفجـر بوجهها الان ... 

وفجأة صفعتهـا والدتها بقوة جعلتها تترنـج فى مكانها و...... 


                           *********


بـدءت " خلـود " تقـص عليه كـل شيئ، من بدايـة ما حدث معها، تقـص عليه رحلة عذابهـا من بدايتها حتى الان، بألامها واستسلامها.. ومحاولاتها، ذعـر الاخريـن منها، لم تنسي حرفًا واحدًا، وكأنها شريط مُسجـل يشهد على تعذيب تلك الفتاة !! 

لم تتلقـي أى معالـم صدمة على ملامحه الحـادة، وكأنه وجهها على تعابير الهدوء وتحكم فيها حتى لا تتغير ابدًا .. 

انتهـت من حديثهـا لتنظر له متفحصة ملامح وجهها، تحاول أن تستشف رد فعله القاسي الذى اعتـادت عليه، لتجـده يصفق بيـده عدة مرات، ثم هدأ ونظر لها نظرة لم تفهمها، ثم هتف ساخرًا :

_ لأ لأ حلو حلوو، مسرحية جميلة 

ثم سألها بمزاح غير محبب :

_ مين الى مألف المسرحية دى ؟ 

لم تتحـدث هى، صمتت .. تحدتها الحروف وعاندها القـدر فصمتت مرة اخرى سامحة له بتخطِ كل الحدود الحمراء، فاردف بنظرات كسـتها الشماتة :

_ اكيد انتِ، أبقي فكرينـى أقدم لك ف معهد التمثيل هتبقي رائعة .. بس ف السجن ان شاء الله !!! 

عينـيها المهددة بدمـوع عانت من منعها من الخـروج، الان سنحت لها بالتعبير عن الألام التى تجيش بصدرها، فـبكت بحدة، بكت بكاء مرير لم تعهده امام شخص غريب، ثم نظرت له بعينيها الحمراء وصرخت فيه :

_ أنت مش مصدقنى لية ؟؟؟؟؟ 

رفـع كتفيـه وقال بجديـة واضحة :

_ أنتِ مجنونة، عايزانى أصدق الهبل ده، لية مكشـوف عنك الحجـاب !؟ 

بدت ملامحها ساكنة مستسلمة وهى تسأله بقلة حيلة :

_ طب أعمل لك أية عشان تصدقنى ؟ 

لم يبالـى بسؤالها وقال بتهكم مرير :

_ ولما أنتِ مكشوف عنك الحجاب كدة، لية مابتشوفيش الحاجات الحلوة الى هتحصل ف المستقبل ؟ لية بتشوفى الوحش بس إلا اذا كان انتِ بتفذيه !؟ 

تهمـة اخـرى تُضـاف للتهم الباطلة التى وجـهت لها، ولكنه كشف الغطاء عن نقطة لم تلحظها من قبل " لما ترى السيئ ولا ترى الجيد " ؟! 

همسـت من دون وعى :

_ فعلاً، أول مرة ألاحظ الحته دى !

_ والله !! 

قالها بصوت ساخر، قبل أن يتقدم منها ممسكًا بذراعها وهو يصيح فيها بقوة :

_ أنطقي يا بت أنتِ مفكرانى أهبل هصدق العبط ده ؟ 

اجابتـه ببكاء لم تجـد وسيلة غيره للتعبير :

_ والله العظيم أنا ما بكذب، ومعرفش الناس الى أنت بتتكلم عنهم دول، ولا أعرف كانوا عاوزين يقتلوك لية، ولا أعرف أنت مين اصلاً !! 

لا ينكـر أنه لمـس الصدق في نبراتهـا، ولكن ما رأه في حياته يحتم عليه عدم تصديق أى شخص بسهولة .. 

نظرة لها بغموض متساءلاً :

_ لأخر مرة هسألك أنتِ متأكدة من كلامك 

اومـأت مسرعة وهى تقول :

_ أيوة وربنا شاهد على كل حرف 

نهـض يمسـح على شعره بقوة كمحاولة لضبط تفكيـره، إن كان ما سيفعله الان صعب بالفعل ولكن سيحـل ويرتب ويجيب على كل تلك الاسئلة التى تـدور بعقله الان .. 

وبصوت صـدح في الارجاء قوى نادى :

_ يا خليل 

اتـاه نفس الرجـل المدعو بخليل على الفور وهو يقول بنبرة هادئة مهذبة :

_ أيوة يا مراد بيه اؤمرنى ؟ 

تنهـد مراد قبل أن يردف أمرًا بشيئ لم تتوقعه " خلود " :

_ روح هات المأذون 

عقـدت خلود حاجبيها بعدم فهم، لتجده ينظر لها بغموض ثم تابع بابتسامة متهكمة :

_ عشان هنتجوز أنا والأنسـة !!!!!!!!! 


                            ********


لم تكـن تتوقـع أن لسانهـا سيبوح بما كانت تكتمـه وتخبأه في مستنقعها الغامض لسنـوات، ظهـر النـدم على قسماتها جليًا وهى ترى اولادها امامها يحدقون فيها وكأنهم ليسوا على قيد الحياة، واخيرًا قطـع مالك قوله الضاحك وهو مازال تحت تأثير الصدمة :

_ يعنى أية الكلام ده 

رفعـت كتفيها واجابت بلامبالاة مصطنعة :

_ يعنى زى ما قولت لك 

سألها بصوت عالى كاد يهد جدران المنزل :

_ يعنى ايييية قبل ان واحد يشاركه فيكِ 

بالرغـم انها فزعـت لغضبه لهذا الحد، إلا انها سيطرت على انفعالاتها بصعوبة وهى تتابع ببرود اصطنعته :

_ اية الى مش فاهمه بالظبط يا مالك، كنت مفكراك ازكى من كدة 

امسك برأسـه بقوة، يكاد يشعـر انها ستنفجر من كثرة التفكير، والده قـَبل ان يشاركه اخر فى زوجته .. كيف ومتى ؟! 

لا لا هناك شيئ خاطـئ .. 

وكأن زينة فهمت ما يدور برأسه فقالت مؤيدة بعدم تصديق : 

_ لا لا اكيد ماما مش قصدها كدة يا مالك 

وبغيظ مكبـوت سألها مالك مرة اخرى :

_ أرجوكِ فهمينى براحة، ازاااى ؟ 

صمت لبرهـه، تستعيد رباطة جأشها، ومن دون وعى نطقت ما ستنـدم عليه ايضًا :

_ يعنى تبادل متعـة يا مالك 

شهقـة غير مصدقـة مصدومة فى هيئة عاشـت طوال حياتها مفتخرة بها 

ليهمس مالك ببلاهة :

_ يعنى اية ؟ 

زفـرت غاضبة، ثم سألته بحنـق :

_ عايزنـى أوضـح لك أكتر من كدة .. حاضر

اومـأت متابعـة بنبرة توغلهـا الألم لتذكرها تلك الليلة المشؤومة :

_ يعنى أبـوك قـالى في ضيوف جايـن لنا، انا استغربت لكن ماعلقتش، جم الضيوف والى كانـوا واحد صاحبه ومراتـه 

إبتلعت غصة مريرة في حلقها، وأردفت بصوت اشبه للبكاء :

_ وطلعت انا ومراته اوضة لوحدنا بنتكلم عقبال ما هما يخلصوا شغل، لاقتها بعد شوية قامت وسابت لى شنطة فيها قميص نوم بس، سألتها اية ده مفهمتنيش حاجة، بعدها نزلت وجه جوزهـا، لاقيته بيقلع التيشرت وبيقولى يلا البسي القميص ده، صرخت وقولتله انت مجنون مستحيل 

ثم ضحكت بتهكم مكملة :

_ قولتله جوزى برة يا مجنون أعقل 

ثم سألتهم بمرارة :

_ تخيلوا رد قالى أية ؟ 

بالطبع لم تجـد اجابة، فكانوا امامهم كالاصنـام محدقة بها فقط، فاستطردت هى ببكاء :

_ قالى جوزك بيستمتع بمراتى برة وأنا جاى استمتع بيكِ، نمتع بعض يعنى، احنا مش اغراب !!!!! 

قاطعهـا مالك مشيرًا بيده بصرخة حادة :

_ بسسسس كفاية مش قادر اسمع كفااية 

صرخت فيه بحدة مماثلة بل زادت :

_ أنت مش قادر تسمع مجرد كلام، امال انا الى شوفت اسوء يوم بعنيا اعمل اية ؟ 

هـز رأسه نافيًا وهو يركـض متجهًا للخارج غير عابئًا بمناداة شقيقته أو والدته النادمة ... !،


                             *********


كـان يحيى يجـلس فى منـزل ما، متوسط ذو اثاث حديـث، في الصالـون يجلس هو على أريكـة ما، يضـع قدم فوق الاخرى، وبين يديـه السمـراء سيجار فاهر، كان يدخن بشراهة وهو محدق بلاشيئ، لا تغفل عن عينه صورتها وهى تطرده للخارج او والدتها وهى تضربه بلا تردد !! 

ودوت فكرة الانتقـام في عقله، يساندها وسوسة صديقه الخبيث بجواره الذى كان يقول بصوت اشبه لفحيح الافعى :

_ أنا مش عارف أنت أزاى سكت لهم يا يحيى كدة !!! 

هـز قدمـه بسرعة، وبدء الغضب في الظهور مرة اخرى، ثم اجابه بحدة :

_ انا نفسي مش عارف، بس ورحمة امى ما هسكت لهم 

فتابع الاخر وهو يمط شفتيه :

_طبعًا، انا لو منك هنتقم منهم ابشع انتقام 

هز رأسه هامسًا بتوعد :

_ وهو كذلك، هخليهم يتمنوا الموت من خجلهم من الناس 

فسأله صديقه باستفسار :

_ هتعمل اية يعنى يا يحيى ؟ 

نظـر له لدقيقة قبل ان يقول متساءلاً بنصف عين :

_ لية يعنى يهمك ف اية ؟ 

رفع كتفيه يقول بلامبالاة مصطنعة :

_ ابدًا، انا كنت بسأل بس عشان لو اقدر اساعدك 

ربت على كتفه مكملاً بحب زائف :

_ أنت عارف كرامتك من كرامتى يا صاحبى 

اومـأ يحيى ثم نظر له قائلاً بخبث :

_ أنت فعلاً هتساعدنى يا شبـح 

سأله بفضول قاتل :

_ هساعدك ازاى طب ؟؟ 

اعتـدل في جلستـه ليصبح مقابلاً له، ثم سأله بجدية :

_ مش أنت ليك فـ الفوتوشوب وحاجة الكمبيوتر دى ؟ 

اومـأ مشيرًا لنفسـه بفخر متزايد :

_ طبعًا، ده العبد لله سموه الشبح عشان انا ماشاء الله عليا ف الحاجات دى 

اومـأ يحيى وهو يخـرج هاتفـه من جيب بنطالـه، ثم بدء يبحث عن صور لشمس حتى وجدها على هاتفه، فأشار عليها قائلاً بخبث :

_ بص بقا البت دى 

كادت عينـاه تخترق الهاتف وهو يحملق بشمس التى كانت ترتدى ملابسها العادية في المنزل، مثل شورت قصير وتيشرت دون اكمام وما شابه ذلك، ثم همس برغبة واضحة ؛

_ فرسة بنت الاييية، تعرفها منين دى ؟ 

وكزه فى ذراعه بنظرات محذرة، ثم قال بحدة :

_ عايزك بقا تركبلى صورها على صور كام بنت من بنات الليل كدة، من غير هدوم خالص، بس الى يشوفها يصدق، وتطبعهم لى كدة

اومـأ الاخر مسرعًا وعيناه لم تبتعد عن الصور :

_ اكييد ، هات انت بس الصور 

اومـأ يحيى موافقــًا ثم ارسل له الصور على هاتفه والشر والانتقام غشاوة على عيناه ..  


                           ********


وقفـت شمس تطالع والدتها بأعبن مصدومة وحادة بعض الشيئ لأول مرة، ثم صاحت مستنكـرة حديثها اللاذع :

_ يعنى اية الكلام ده يا امى 

اشـارت والدتها لها بالصمت، ثم تابعت جادة :

_ يعنى زى ما سمعتِ يا بنت بطنى، يا تتجوزى يحيى اما اكيد هتفضلى من غير جواز 

ثم عقـدت ساعديها مكملة بصرامة لاذعة :

_ وأنا معنديش بنات تقعد من غير جواز 

كادت شمس تبكى وهى تتشدق بـ :

_ حرام عليكِ يا ماما، عاوزانى اتجوز يحيى بعد كل الى قاله ادامك 

اومـأت والدتها بقوة، تعلم حد الجنون أن شمس صادقة، ولكن إن كانت كرامتهم ستبعثر اكثر من ذلك، فتضحية شمس أهون مليون مرة !! 

فقالت شمس بتحدى :

_ وأنا مش هتجوز يحيى لو اخر واحد ف الدنيا 

والدتهـا بصوت بارد خالى من الشفقة : 

_ مش بمزاجك، انا هكلم يحيى واقوله موافقة 

ثم صمتت برهه، لتتابع بنصل قاتل :

_ اهو يستر عليكِ لو رضى، احنا مش ناقصين فضايح !! 

_ فضايح اية، انا وشمس هنتجوز وحالاً 

هتف هذه الجملة مالك الذى دلف لتوه عندما وجد الباب مفتوحًا، كانت هيئته لا توحى بالخير ابدًا، من يراه هكذا ترتعد اوصاله على الفور وتنهار حصونه .. 

بينما قالت كريمة متهكمة :

_ لا والله، وحضرتك عشان غنى هتجبر بنتى على الجواز منك !؟ 

نظـر لشمس نظرة تفهم معناها جيدًا، نظرة جعلتها تكره الاربع حروف ذاك .. الرغبة 

فأردف بتصميم اوضح انه لا نقاش بعد الان :

_ الليلة دى شمس هتكون ليا .. جسم وعقـل !!!!!!!!!!!! 


                             *********


يتبع


الفصل التـاسـع :


نظـرت كلاً منهما لمالك بذهـول حقيقـى، أطلـق قانـون أخر فى عهده يحتم على تلك المسكينـة أن تكن له مثل اللعبة يحركها يمينًا ويسـارًا ملئ ارادتـه، بينما كانت نظراتـه تائهـه شـاردة .. ولكن بريـق التصميم اللامـع لا يختفي ابدًا من تلك الحلكة الغامضـة، وكأن " كريمـة " شعرت بلجـام لسـان "شمس"، فقالـت بجزع :

_ بغض النظر عن إنك ابن مين بس متقدرش تيجى تفرض نفسك على بنتى !

لم يجيبهـا ولم تتغير تعابير وجهه بل زادت خشـونـة، ثم هتـف بصوت صـلب :

_ أنا لما بعـوز حاجة باخدهـا، وهاخد شمس

واخيـرًا نطقـت "شمس" ثم هـدرت فيه غاضبة :

_ لأ، قولت لك مستحيل أفهم بقــي ! 

تفـوه بحـروف دبـت الرعـب فى أوصالها :

_ أنا مابخدش رأيك، أنا بعرفك عشان تعملى حسابـك بس 

كثـرت عليهـا المشاكـل والصدمـات وتشبكت بقوة حتى باتت يصعب حلهـا، وليس أمامها سوى حلاً واحدًا، أن تُبيدهـا من أساسـها .. !! 

بينما عقـدت "كريمة" ساعديها ورمقته بنظرات جادة وقـالت :

_ اللي عندك أعمله، بنتى مش هتتجوز غير إبن خالتها بس 

تقـوش ثغـره بابتسامة ساخرة وهو يكمل :

_ بس اللى عندى مُش هيعجبكم ابدًا 

صمت لبرهه ينظر لكلاهما بتدقيق، ثم سألها بضيق شابه بعض الحدة :

_ ثم إن فضايح أية وعبط أية اللى إبن خالتها ده هيستر عليها عشانها ؟ 

همسـت بحنـق :

_ ملكش دعوة دى مسائل عائلية يا أستاذ

بالرغـم من ما يحتـرق بداخلـه ويصدر صريرًا عاليًا كرد فعل لكلام والدته المسموم إلا أنه ضحـك بسخرية وهو يتابـع بغمزة "لشمس" :

_ طب ما أنا ممكـن أستـر عليها بداله 

صرخـت فيه شمـس بصوت مختنـق :

_ بس بقي هو حد قال لك عليا إنى قليلة الشـرف للدرجة عشان ندور على واحد يستـر عليا !! 

وإنزلقـت غشـاوة الدموع على عينيها الرمادية لتجذبه أكثر من ذى قبل، وكأنها كان لها مفعول اخـر جعلها كالمغيبـة تتحـرك دون أن تدرى بهـول ما سيُحط عليها من تخطيها لتلك الجدران التى هَلكت في بناءهـا .. إتجهـت ناحيـة مالك ليظهـر فارق الطول بينهما، ثم اخذت تضربه بقبضتها الصغيرة البيضاء على صدره وهى تزمجر فيه :

_ عارف بيقولوا فضايح على أية، على منظرى اللي شافه معاك وأنت حاضنى بالعافية و...آآ 

لم تستطـع تكملة تلك الكلمة، الكلمة التى تترك قشعريرة واضحة في جسدها بمجرد تذكـرها ... 

ضربتـه بقوة اكثر وهى تكمل ببكاء :

_ من ساعة ما شوفتنى وأنت كأنك الملك وأنا جارية عندك !! 

بـدت كأنها تحاول هـز جدار صلب قـوى لا يتأثـر بهمسـات رقيقة مثلها، كانت أنظـاره مسلطة على عينيهـا، وكأنها تجذبه لجوفها أكثر وأكثـر لتغرقه برغبته الحارقة !! 

أمسـك بقبضتـا يدها الصغيرة التى بدت ككرة صغيرة جدًا بين يديـه، ثم شدها لتصبح ملاصقة له وأردف بهمس :

_ أنا فعلاً الملك، ومالكك أنتِ 

هنـا صاحت فيهم "كريمة" بحدة :

_ بس، أبعدى عنه يا شمس، وأنت يابنى سيبها بقا وروح لحالك 

لم يتـأثر بكلامها ولا صراخـها، بنى جدارًا عازلاً ولن يبتعد عن هذا المنزل إلا مع لؤلؤتيه الرماديتين، لقد قرر وأنتهى الأمر !!

نظـر "لشمس" الباكية كالطفلة الصغيرة، ثم غمغم بصوت قاتم :

_ هى ليلة واحدة وبعد كدة أنتِ اللي هتترجينى أتجـوزك !

بمجـرد أن خطـت الفكرة داخل جنبـات عقلها حتى سيطر عليها الهلع، وظهـر الرفض كعين الشمس، ثم نظرت له برجاء قائلة :

_ عشان خاطـر أى حاجة حلوة إبعد عنى، أنا مش عارفة أنت مصمم تعذبنى لية !!؟ 

لماذا ؟! .. هو نفسه لا يعرف إجابة هذا السؤال الذى حرك بداخله الكثير، ولكـنه اجابهـا بما أملاه عليه عقله الباطن :

_ لإنك عجبتينى ودخلتِ دماغى ! 

كـادت " كريمة " تتفـوه بشيئ اخـر حتى قاطعها " مالك " بصوت حاد :

_ بس، أنا قاعد بتناقش معاكم لية ؟؟؟ 

ثم نظـر "لشمس" التى سألته بتوجس :

_ يعنى أية !؟

أجابهـا بطريقتـه الخاصة .. ألا وهى التنفيذ الفَورى على قراراته الغير صائبة، مد يده أسفل ركبتيهـا والأخرى عند رقبتها ثم حملهـا عنوة عنها، حاولت الأعتراض أو الصراخ، ولكنه أقتـرب من اذنيهـا يهمس بصوت خالى من جميع معانى الرحمة :

_ هششش، خليكِ زى الشاطرة كدة، بدل ما أصبح على الحاج صابر فـ السجن بطريقتى بقاا 

صمتت .. صمتت مرة أخـرى، وماذا عساها أن تفعـل ؟! لقد قيدهـا بما يجعلها على قيد الحيـاة، والدها الذى تعشقه وتموت قهرًا إن أصابه مكـروه .. 

بينما قالت "كريمة" بصوت عالى :

_ سيبها بدل ما أصوت وألم سكان العمارة كلهم هنا 

اومـأ ببرود وهو يتجـه للخـارج، ثم رفع كتفيه يقول بجدية :

_ براحتك، بس ماتنسيش تقولي لهم عن السبب اللى هيخلينى أستر على بنتك الوحيدة !!! 

وإتجـه للخـارج مغادرًا مع تلك العصفورة التى ترقـد على ذراعيه مرتجفـة، غير عابئًا بما سيسببه لتلك الأسرة البسيطة !!! 


                              ********


جحظـت عيناها البنيـة بصدمـة، ستتـزوج وممن ؟ .. من رجل لا تعرفـه، رأتـه صدفـة فى حُلم كرهت أسمه تسبب لها فى كل هذه المضاعفـات، كيف ستربـط نفسها بشخص تجهله وكان متزوج من قبل برابـط أبدى مقـدس .. الزواج، ولكن أى زواج هذا من دون موافقتهـا !!؟ 

وكأنه علم بالسؤال الذى يدور برأسها، فقرر أن يُريحها ولو قليلاً وقال "مراد " :

_ طبعًا أنتِ مش محتاجة أقول لك اد اية لازم توافقى على الجواز 

هـزت رأسها نافية، وإكتفت بما أراد عقلها ترديده :

_ أنت مجنـون !!!

نظـر لها نظرة أرعبتهـا، نظرة جعلتها تصمت وتبتلع باقي كلماتها في جوفها، ثم همـس بحـدة :

_ أيوة مجنون من ساعة ما كانوا أو كنتوا  السبب فى موت حبيبتى وأم أبنى اللي كان جاى ! 

هزت رأسها نافيـة بغلب، ثم بـدء تبكِ مرة اخرى وهى تقول بقلة حيلة :

_ يا أستاذ مراد أنا متعاطفة معاك جدًا ومع زوجة حضرتك الله يرحمها، لكن أنا ذنبى أية ف ده كله !!؟ 

هـدر فيهـا بصوت كتم شهقاتها :

_ ذنبك إنك معاهم، وإنهم بعتوكِ على أساس مُش هكشفك !

في هذه اللحظـات أرادت قتـل نفسها حقــًا، كم مرة ستعيد عليه نفس الجملة !! 

ام أنه يتعمـد احراقها من الداخل وتجاهل كلامها وكأنه هواء !!!!

نظرت له ثم هتفت بصوت هادئ :

_ لأخر مرة بقول لك أنا ماعرفهمش ابدًا 

هـز رأسه ولمعت عينـاه وهو يقول بجدية :

_ وده اللي أنا هعرفه، بس بعد الجواز 

هـزت رأسها نافية بسرعة :

_ حرام عليك، هتدمر حياتى عشان تتأكد من حاجة أنا مظلومة فيها ؟! 

رفع كتفيه وقال بلامبالاة اغاظتها :

_ حقيقي مش عارف، لكن ربك هو اللي رماكِ فى طريقى 

ثم ثبت عينيه على عينيها اللامعة بالدموع وأستطرد بتهكم :

_ أعترضى بقا على قضاء ربنا !!

نعم .. الان تأكدت أنه اختبـار من الله عزوجل، ولكنه أختبـار يصعب عليها تخطيه بجـدارة، واخيـرًا .. عندما تيقنـت أن طوق النجـاة لن يطفـو على سطح تلك المعضلة أمامها إلا فى الوقت المناسب، قررت الإستسلام ... ! 

وسألته بدهـاء :

_ طب أزاى جواز رسمى وأنا مش معايا بطاقة ؟ 

رفـع حاجبه الأيسـر مجيبًا بسخرية :

_ لا والله ! 

ثم أستـدار وأمسك بحقيبتها الملقاه على الأرض ثم ألقي بكل شيئ على الأرضية واخرج البطاقة الشخصية الخاصة بها، ثم اشـار لها بها وأردف متهكم :

_ ودى أية دى بقي ؟ 

لم يجـد منها اجابة بالطبـع، فزمجر فيها غاضبًا :

_ بلاش كذب من أولها عشان نكون كويسيـن مع بعض 

لم تهتـم وسألته ببلاهة مرة اخرى :

_ طب ازاى !! كدة الجواز باطل، لأن مفيش موافقة اهل 

تأفف بضيق ثم اجابها بجدية :

_ شكلى هتعب معاكِ لكن مش مشكلة، بصي أنتِ بما إنك كملتِ 21 سنة ف خلاص تقدرى تتجوزى من غير ولى أمرك 

أبطـل لها كل الحجج الممكـنة، كلما تبنى جدار سريع يهدمه أسـرع !! وكأنه يترجم لها معنى الأستسلام الحقيقي الان .. 

أقتـرب منها فجأة لتلفح أنفاسه بشرتهـا القمحاوية، ليشعر باضطراب أنفاسها المختنقـة، لا يريد قربها ولا يرغبه، في عُرفه حُرم عليه الزواج عامةً من بعد زوجتـه، ولكن .. المضطر يركب الصعب كما يُقـال .. 

فك الحبال المتينة التى تركـت اثرًا واضحًا على يدها، ومع كل لمسة ليدها تسير رعشة غريبة في جسدها بالكامل .. 

انتهى من فكهـا ثم نظر لها بلا تعابير واضحة وقال :

_ قومى واظبطى نفسك عشان المأذون زمانه على وصول !!!! 


                            *********


بمجـرد ذهـاب "مالك" من المنزل لم تنتظـر "زينة " اكثر من ذلك وركضـت هى الاخرى وكأن المعاناة التى قصتها والدتهم لم تسبب لهم سوى الفرار والهرب من ذاك الذى عكـر صفوهم، لم تأبه بوالدتها التى اصبحت تبكى وتندب ندمًا على لسانها ومشاعرها الجياشة التى لم تستطع التحكم بها، ركبت زينـة سيارتـها، ثم امسكت بهاتفهـا تتصل بـصديقها الذى باتت تكرهه حد العمى، فأتاها صوته الرجولى بعد ثوانى مجيبًا ببرود :


_ امممم، اية يا زينـة يا حبيبتى 

_ زياد، زياد عايزة جرعة حالاً

_ أسف يا زينتى بس مش فاضى now

_ زياد قوووووم لازم تيجى وتجيب لى حالاً أرجـوك 

_  زينة هانم بجلالة قدرها بتترجانى، بس اعمل أية يا غالية، ما باليد حيلة ! 

_ ماتستعبطش قوم تعالى لى حالاً 

_ فى ايدى حته اجنبى مش هقدر اسيبها وماستمتعش بيها عشانك يا زينة بصراحة

_ هديك اللي انت عايزه بس قوم ارجوك

_ اى حاجة متأكدة ؟ 

_ اه اه يلا بسرعة 

_ تؤ بردو مكسل معلش 

_ لاااااا مش قادرة دماغى، طب قولى فين وانا اروح اجيب 

_ مقدرش .. اعتذر 


أغلقـت الهاتـف وتكاد تبكِ، كرهت اليوم الذى تعرفـت فيه على ذاك الشيطـان، وكرهت المشاكل التى دفعتها نحو الادمـان !!! .. ماذا تفعل الان، الألم اشد من اى شيئ.. بدء وجهها يشحب شيئً فشيئ، عادت برأسها للخلف تحاول تهدأة نفسها ولكن فشلت ! 

ترجلت من سيارتها مرة اخرى بسرعة واتجهت لمنزلهم لتجد والدتها على نفس حالتها تبكِ فقط، لم تعيرها انتبـاه وحاولت السيطرة على نفسها وتتجه لغرفتها، ولكن أوقفتها والدتها التى سألتها بتوجس :

 _ مالك يا زينة ، فيكِ أية ؟ 

اجابتها بحدة وهى تمسك برأسها :

_ ملكيش دعوة بيا دلوقتِ 

كيـف لأم تعشق صغارهـا أن تتظاهـر بالامبالاة أكثر من ذلك ؟! .. أن تُخفـي حنانها عنهم وإن كان السبب موجع حد المـوت ... ! 

أقتـربت منها بهدوء، ومن ثم احتضنتها لتحتويهـا، تغمرها بحنان حرمتـها منه مسبقــًا، كعقـاب طُبق عليهم بسبب أب متهـور أبله، وأم عاقبت نفسها على موجات جنونية لم تكن بيدها يومًا .. 

فجأة وجدتهـا تركض وتدمر كل شيئ طالته يدهـا، تنفث غضبها به، تدمره بدلاً من تدمير خلاياها داخليًا .. ! 

ظلت تصـرخ بهيستريا صدمت والدتها :

_ بس مش قاااادرة بس 

لم تكـن تتخيـل يومًا أن بسببها هى تصل الى هذه الحالة !!؟ 

كادت تقترب منها مرة اخرى، إلا أن زينة دفعتها فجأة بعيدًا لتصطـدم بالأرضية بقوة جعلت رأسها تنـزف بدماء .. 

لتُصاب "زينة" بهلع وهى تصرخ للنجدة :

_ ماااماااااااا !!!!!! 


                              **********


_ يابنى روح شوف أختك بقالها 3 ساعات برة عند صاحبتها !! 


هتـفت " عبير " والدة خلـود بتلك الجملة وهى تقـف بجـوار أخيهـا، تـلح عليه منذ قدومه ولكنه لا يبالـى، وكأنها شفافة لا تتحـدث، أو انها ترغب في التنزه، لأول مرة تستشعر العزلة والجفـاء بين اولادهـا، الاولى تضيع والاخر ينام بأريحية، أى اخوة هذه حبالها منقطعة لهذه الدرجة !! 

تأفف بملل وهو يجيبهـا ببرود :

_ يووه يا ماما اتصلى بيها 

اجابته على الفـور والضيق يعتلى قسمات وجهها :

_ أتصلت تليفونها مقفول ! 

رفـع كتفيـه وهو يتمدد براحة ويقول بلامبالاة :

_ أكيد بتتسنكح هنا ولا هنا مع شمس، ما أنتِ عرفاها لما يتجمعوا 

هـز رأسها نافيـة وبدء صوتها يتهدج متابعة :

_ لأ لأ، قلبي مش مطمن، وحتى شمس ما بتردش عليا ! 

نظـر للجهه الأخرى وأشار لها بالخـرج، ثم هتفت بصوت أجش ؛

_ طب هبقي أشوفها لما أصحى ان شاء الله، اخرجى الوقتِ 

صرخت فيه بغضب :

_ يابنى أنت معندكش دم، دى أختك !!! 

زفـر مطولاً، بالرغم من كل شيئ كلمة والدته البسيطة تقيـده لتجعله يصمت، لولا ذلك لكان نهض وأبرحها ضربًا من شدة غيظـه، حاول تقيد لسانه السليط وهو يردف بحنق :

_ يوووه يا أمى سيبينى عايز أتخمد 

_ نام، نام بس مش مسمحاك لو أختك جرى لها اى حاجة 

قالت هذه الجملة وهى تتجـه للخارج، داعيـة الله أن ينجى أبنتها من اى شر، وبعدها ترمم علاقتهم من البدايـة وبطريقة صحيحة، لتجعل حبهم لبعض كأخوة يتوغل بدماء كلاً منهم بلا منازع ... ! 

بينما فتح هو عينـاه السوداء، لتظهـر نظرة لا يعرف معناها شخص عادى، ثم همس بصوت يكاد يسمع :

_ هى لسة شافت منى حاجة !!!!!! 


                             *********


ظـلت "كريمـة" تسيـر ذهابًا وايـابًا، لا تخفي من جنبـات عقلها صورة أبنتها وهذا المخبول يحملها عنوة وكأنها شيئً ما للهو فقط، قرأت بين سطور عينيها الرمادية خـوف وقلق من المستقبـل، المستقبل القريب الذى سيحدده ذاك المجهول الذى أقتحم حياتهم فجأة ليقحمهم برغباته المميتـة، لمن تشكـو ؟؟ 

زوجها بالسجن !! .. ام اهلهم الذين تنقطع علاقتهم من الأسـاس !!؟ .. ام ابن اختها الذى توعد لهم منذ قليل !!! 

بالتأكيـد يحيى هو ملجأهم الوحيـد، بالرغم ما فعله ولكنه سيظل يربطنا نفس الدم، وعلاقة لا تنتهى بسهولة .. 

اومأت برأسها مؤكدة على ذاك الكلام وهى تتجه لهاتفها الصغير الموضوع على الأريكة ثم إلتقطته مسرعة لتتصل بيحيى، ليأتيها صوته المتهكم بعد ثوانى :

_ اية يا خالتى لحقت اوحشكم كدة !؟ 

_ يحيى مش وقته الكلام ده 

_ امال وقته امتى، عايزة اية يا خالتى 

_ عايزاك تيجى هنا بسرعة 

_ لية ان شاء الله معقول عايزين تصالحونى وتجوزينى شمس 

_ اوعدك هوافق على كل حاجة بس لو لحقتها !! 

_ يعنى اية لو لحقتيها 

_ يعنى تعالى بسرعة ارجوك مفيش وقت 

_ سلام مسافة السكة 

_ سلام 


أغلقـت وهى تتنهـد ببعض الأرتيـاح على قرار وتصـرف قد ظنتـه صحيحًا فى هذا الوقـت فقط ... ! 


                              ******


ترتعـد أمامه، منكمشة فى نفسهـا وهو يحاصرها عند الحائط الذى احتواها ببرودته، قلبها وجسدها الذى اُهلك من ارتعاشاته كلما اقترب منها يطالبونها بالفرار حتمًا مهما كان الثمـن، ولكن أى فرار هذا وهو يحاصرها بذراعيـه المفتولتيـن، وعيناه القوية التى تخترقهـا لتمزقها من الداخل لأشلاء صغيرة مفتتـة، قرء الرعب والذعر بين سطـور عينيها، ولكن كأنه لؤلؤتيه يعكسون له ما تشعر به لتزيده نشـوة، بالرغم من احتراقه الداخلى إلا انه يظهر مجرد متماسك قوى راغب امامها، يتلبس قنـاع القوة في ثوانى بمهارة، خـرج صوتها متهـدج اثر الرعب الذى دب قلبها وهى تسأله بتوجس :

_ أنت هتعمل أية ؟ 

سـؤال غبى اظهر اجابته المميتة بالنسبة لها مرارًا وتكرارًا، شخص بحالته المرزية وعينيه الغامضة ترى ماذا يريد من فتاة فاتنـة اُغرم بعيناها من أول وهلة ؟! 

اجابها بصوت هادئ بعض الشيئ :

_ أنتِ خايفة منى ؟ 

اومـأت برأسها بلا تردد، تتبعها تأكيد قوى :

_ جدًا جدًا 

_ لية ؟؟ 

سألها بوضوح وترها أكثـر، لتجيبه بصوت مهدد بالبكـاء : 

_ أنت اللي مخوفنى منك 

اقتـرب منها اكثر، يستنشق رائحـة عطرها، دفـن رأسه في عنقهـا ليشعر برجفتها ولكنه لا يبالـى، فقد خدره حديث والدته المسموم عن العالم بأكمله .. 

راحت تترجـاه بخوف :

_ لو سمحت سيبنى أمشي ارجوك

أبعد رأسه عنها لينظر في عينيها بنظرات باتت تكرهها، ثم اخذ يتلمس وجنتاها ليستشعر اشتعالهم وهو يقول :

_ أنا عايزك اووى

ثم صمت لبرهه يستعيد ما مر به في حياته وتابع بغموض :

_ أحنا اللي الاتنين محتاجين بعض الليلة دى عشان ننسي 

هـزت رأسهـا نافيـة وهى تستطرد بصوت متوتر :

_ لا لا انا عايزة امشى 

إحتـدت عينـاه بقسوة غريبـة، وفجأة اقترب منها يلتهم شفتيها بين شفتيها، يتذوق ما كان يتوق لأكله دائمًا منذ رؤيتها، ولكن بقسـوة، قسوة اخذها من عالمه ليبليها بها وهى لا ذنب لها .. 

ابتعد عنها قليلاً مكملاً بأنفاس لاهثة :

_ قولت لك أنتِ الليلة ليا بس 

ثم بدء ينزع ملابسـه بصورة سريعة تحت انظارها المذعورة وهى تكاد تفقد وعيها من شدة الصدمات عليها و....... 


                             *********



الفصل العاشر من هنا




الفصل الأول من هنا




تعليقات

التنقل السريع
    close