رواية نور(أنثى لا تُهزم ) الفصل الأخير بقلم الكاتبه ناهد خالد حصريه وجديده
-يادكتور لو سمحت أنا مسافره وهغيب مش أقل من شهر , ممكن تخلينى أدخل أشوفه خمس دقايق بس مش هتأخر .
كانت هذه كلمات " نور " التى ألقتها على الطبيب الواقف أمامها بعد رفضه لجميع محاولاتها بالدلوف له .
-يامدام نور لو سمحتِ افهمينى , أنا مش خسران حاجه لما أدخلك , بس حاليًا احنا في فتره مليانه أمراض زي ما أنتى شايفه , وهو مناعته ضعيفه جدًا دلوقتى وأقل فيروس لقدر الله حتي لو انفلونزا هيدهور الحاله لأنه مش هيستحمل .
تنهدت بحزن دفين وهى تقول :
-يادكتور ظافر بقاله 3 شهور هنا وأنا في كل مره احترمت رغبتك ومدخلتش له بس حاليًا أنا مسافره ومحتاجه أشوفه قبل ما أسافر حتي لو دقيقتين أرجوك .
تنهد الطبيب باستسلام وقال :
-ماشي يا مدام نور , بس قوليلى هتقدرى تتعقمى عشان ريحة التعقيم ممكن تضايقك وأنتِ حامل .
نفت برأسها بلهفه وقالت :
-لا هقدر متقلقش .
أومئ باستسلام مُجبر وأشار للممرضه وهو يقول :
![]() |
-خدى المدام عقميها كويس ودخليها لجوزها 5 دقايق بالضبط مش أكتر من كده .
أومأت الممرضه بموافقه وهي تصطحب نور التى رفرف قلبها فرحًا أنها ستراه أخيرًا ..
_______( ناهد خالد )_________
انتهت من حزم أمتعتها ووقفت تنظر من نافذة الغرفه بدموع فشعرت بدخول أحدهم الغرفه ولم يكن سوى زوجها الذى قال :
-خلصتِ حاجتك ؟
التفت له وأومأت بصمت فاقترب منها حين رأى دموعها وقال :
-طب بتعيطى ليه دلوقتى ؟
ردت بصوت مختنق :
-صعبان عليا أسيب ابنى فى الظروف دى وأسافر .
تنهد محفوظ بضيق وقال :
-هو يعنى بمزاجك ! , الدكتور قال لازم تعملى العمليه في أسرع وقت .
جلست علي الفراش وهي تقول :
-ونور ذنبها ايه تسيب جوزها وتتذنب معايا هناك .
-نور أولاً كانت رايحه عشان تتمم صفقة الإستيراد الجديده , ما أنتِ عارفه أن زيد أبوه لسه متوفى من يومين ومش هينفع يروح , ثم إن هى الى أصرت تفضل معاكِ هناك بعد ما تخلص شغلها , وأنا لولا أنى مينفعش أسيب ظافر لوحده كنت جيت معاكوا .
-لأ , خليك هنا جنبه , بس طمنى عليه كل يوم ولو حصل أى حاجه متخبيش عليا يا محفوظ أرجوك .
-متخافيش إن شاء الله خير .
_________( ناهد خالد )__________
دلفت بخطى بطيئه وهى تنظر لجسده المُمد فوق الفراش بلا حراك , وصوت الأجهزه هو الصوت الطاغى علي الأجواء , امتلأت عيناها بالدموع حين توقفت أمامه تمامًا , تغير ...تغير مظهره بشكل ملحوظ , لحيته قد نمت أكثر بكثير ووجه يظهر عليهِ الشحوب والضعف , رُبما قل في الوزن أيضًا ...لا هو بالفعل كذلك , امتدت يدها بارتعاش لتحتضن يده وحين تلاقت أيديهم أغمضت عيناها باستمتاع للشعور الذى فقدته لثلاثة أشهر وسبعة أيام كاملين , فتحت عيناها وهوت دموعها متساقطه فوق وجنتيها ... وأخيرًا سمحت لدموعها بالسقوط , تأوهت بوجع من بين دموعها ..وجع على ما أصاب حياتها ليقلبها رأسًا علي عقب بين ليله وضحاها , وجع على حياتها التى لم تنعم بها منذُ كانت صغيره , وحين شعرت بقرب الاستراحه وجدت المباراه تمتد أكثر لتبتعد استراحتها لشوط غير معلوم التوقيت , همست شفتيها من بين دموعها الغزيره :
-ظا..ظافر .
ابتلعت ريقها لتستطع المواصله وهى تحاول البقاء مبتعده عنه قليلاً كما نصحتها الممرضه وقالت بصوت خافت كى لا تزعجه :
-أنت طولت أوى .. هتقوم أمتى بقى أنا مبقتش قادره أتحمل , حاسه..حاسه أني بتيم من أول وجديد ..نفس شعورى لما بابا سبني فجأه ولاقيت نفسى لوحدي ومضطره أواجه ...مضطره أفضل صامده ومضعفش عشان في ناس هتغرق لو أنا ضعفت , ودلوقتِ زادوا اتنين ..
قالتها وهي تمسد على بطنها البارزه بوضوح فهى قد أصبحت فى منتصف الشهر الخامس من حملها ..
-فى مفاجأه مستنيك لما تفوق مش هقولك عليها دلوقتى ..بس أرجوك تفوق بسرعه أنا مش عاوزه المفاجأه دى تيجى علي الدنيا وأنت مش جنبى ده الى هيكسرنى بجد يا ظافر ... أنا محتاج جنبى الفتره دي أوي يا حبيبي , محتاجك وفي ناس تانيه محتاجك ومحتاجه تحس بيك , كلنا محتاجينك يا ظافر كلنا ...
رفعت كف يده لشفتيها لتطبع قبله طويله عليهِ ...طويله جدًا , تريد الشعور بهِ جوارها تريد الإحساس بأنه يحاوطها وأنه مهما ابتعد سيعود وتشعر بهِ مره أخرى ...حتمًا سيعود , أنزلت كف يده لتملس بها على بطنها , تريد لصغارها الشعور بهِ مثلها , وللعجب شعرت بتحركهما وكأنهما يخبرنها بأنهما قد شعرا بهِ بالفعل !
ابتسمت من بين دموعها ابتسامه واسعه وهي تشعر بحركتهما , وتمتمت وهي تعيد بنظرها لظافر :
-شوفت قولتلك في ناس مستنيه تحس بوجودك ...
تنهدت بحزن وهي تُكمل :
-أنا آسفه ياحبيبي بس مضطره أبعد غصب عنى , لازم أسافر , بس متقلقش مش هتأخر وهرجعلك علي طول بإذن الله , بس أرجوك يا ظافر عاوزه أرجع الأقيك فوقت , عشان خاطرى قاوم وأرجعلى .
______( ناهد خالد )______
-طب ماكنتِ تخلصى شغلك وترجعى عشان تبقى جنب ظافر .
قالها محمود وهو يقوم بإيصالها للمطار بعدما سبقها والد ظافر ووالدته كى ينهون بعض الإجراءات حين تأخرت هي بالمستشفى :
-مينفعش يا محمود أولاً الدكتوره قالتلى مينفعش أنى أسافر وأرجع بعد 3 أيام , لازم استريح من ركوب الطياره عالأقل أسبوع عشان ميبقش فى خطر علي الحمل , فأنا كده هضطر أفضل هناك أسبوع , فمفرقتش أسبوع من شهر , كمان أنا مش حابه أسيب ماما لوحدها عمو محفوظ حتي لو جوزها بس برضو مش هيعرف يخدمها كويس الفتره الى هتقعدها في البيت , بعدين دى أم ظافر يا محمود وهو لو كان فايق مكنش هيسبها لوحدها وأنا مكانه لحد ما يقوم .
-هي هتعمل العمليه امتي ؟
-احنا هنروح علي المستشفى على طول وهتفضل يومين تحت الملاحظه ولو صحتها كويسه هتدخل العمليات تالت يوم , بعدين هتقعد أسبوع في المستشفي ولو الحاله كويسه هتخرج وهتعقد في الفندق 10 أيام وهتبقي متابعه مع الطبيب برضو ولو بقت كويسه هيسمحلها بالسفر وهنرجع .
-ربنا يقومها بالسلامه .
همست بتمنى :
-يارب .
-هو ليه ظافر مفاقش لدلوقتي ؟
زفرت بثِقل وقالت :
-الدكتور بيقول أن المخ بيستعيد نشاطه ولما يتسعيد نشاطه كامل هيفوق , الإرتجاج الى حصل مع النزيف الى استمر كام يوم أثروا علي نشاط المخ .
-طيب هو فى أدويه بياخدها عشان تساعد المخ ولا المحاليل بس ؟
-المفروض آه , الدكتور بيقول أن فى محاليل بتبقى فيها أدويه بتساعد الحاله , وإن الأدويه دى هى الى مخليه حالته مستقره , وفي تحسن بس ببطئ .
-إن شاء الله خير يانور , وربنا هيقومه بالسلامه قريب .
-يارب .
___________( ناهد خالد )__________
-يانور كفايه والله ماليا نِفس .
-ياماما مفيش حاجه إسمها مليش نِفس , لو سمحتِ يلا كملى أكلك الدكتور قايل ومنبه إن الأكل والدوا في مواعيدهم .
قالتها نور وهي تقرب لها معلقة الطعام بإلحاح فقالت الأخيره :
-يابنتى مانا كلت أهو .
-لأ ده مش كفايه , يلا بقى عشان خاطرى .
أومأت باستسلام وهى تستقبل الطعام منها ثم قالت :
-طب هاتى أنا هاكل كفايه تعبك في الأكل وأنتِ مصممه تعمليه هتأكلينى كمان ؟
-أولاً أنا متعبتش ولا حاجه , ثانيًا الدكتور مانع أى أكل من بره , ثالثًا وده الأهم أنا عاوزه أدلعك ياستى شويه حد يرفض الدلع !
ضحكت الأخيره بخفوت وهي تقول :
-لا ده عبيط مين الى يرفض الدلع ... قوليلى كلمتى أخواتك ؟
ردت بتذمر :
-لأ , عمو مرضيش يخلينى أكلمهم , بيقولى ده وقت أكلهم أبقى اتصلى لما يخلصوا .
ضحكت مره أخرى وهي تقول :
-محفوظ عمره ما هيتغير , كان كده مع ظافر وهو صغير كان وقت أكله ميسبوش غير لما يخلص الأكل وممنوع أى حاجه تقطعه .
ابتسمت وهى تقول بحرج :
-أنا بس قلقانه يكونوا تاعبينه , خصوصًا أنه صمم يقعده معاه في الفيلا.
نهرتها بخفه وهى تقول :
-أنتِ عبيطه يا نور ! , قولتلك أخواتك مبقوش غُرب عنا , وبعدين مكنش ينفع يفضلوا في فيلتك حتى لو معاهم الداده , أخواتك بقوا أحفادنا زي ولاد ظافر كده بالضبط ربنا يقومه بالسلامه ويوصل ولاده علي الدنيا بخير .
ابتسمت باشتياق وهى تردد :
-يارب , أنا إن شاء الله كمان يومين هحجز التذاكر علي أقرب رحله آخر الأسبوع .
-علي خيرة الله .
________( ناهد خالد )_______
في نفس اللحظه مع فرق التوقيت ...في القاهره ..
ركضت الممرضه من غرفة العنايه وهي تتجه لمكتب الطبيب المختص بالحاله , فتحت الباب سريعًا بعد دقه أسرع وهتفت بأنفاس متهدجه ....
#يتبع
ناهد_خالد
استنوا الخاتمه .....
نور ( أنثى لا تُهزم ) الخاتمه ناهد_خالد
-الحق يادكتور المهندس ظافر فاق ...
قالتها الممرضه وهى تقتحم غرفة الطبيب الذى هب واقفًا واتجه سريعًا لغرفة العنايه ..
دلف ليجد ظافر يتململ فى نومته وصوت همهمه خافته تصدر منهِ ..
اقترب يراقب مؤشراته الحيويه ليجدها جيده جدًا , اقترب يحاول جذب وعيه فقال :
-بشمهندس ظافر .. حضرتك سامعنى ؟ ...
كانت رأسه تتحرك يمينًا ويساره بخفه وشفتيهِ تتحرك بهمس لم يصل لهما , وأخيرًا بدأت عيناه تُفتح تدريجيًا وأخذ بضع ثوانى كى يستطع الرؤيه جيدًا , نظر حوله ليجد شخص يرتدى معطف أبيض وبجانبه فتاه ترتدى زي أزرق , وصوت الأجهزه يصل لمسامعه كل هذا أنبأه أين هو ..
تحركت شفتيهِ بهمس مسموع قليلاً وهو يتمتم :
-نور ..نور فين ؟
استمع الطبيب له فقال :
-مدام نور مش موجوده حاليًا , آخر مره قالتلى أنها مسافره لأمر ضرورى , المهم طمنى أنت حاسس بإيه ؟
نظر له بإرهاق وأغمض عيناه يحاول استعادة توازنه ...
بعد خمسة عشر دقيقه ..
استعاد وعيه تمامًا واعتدل في جلسته واستمع من الطبيب عما مرَّ بهِ طوال فترة مكوثه هنا من أول يوم جاء بهِ ..
اقتضب حاجبه بتفكير وقال متسائلاً :
-ايوه يعنى أنا بقالى هنا قد أيه؟ أنت حكيت أحداث كتير أوى , يعنى بقالى شهر ولا إيه؟
هز الطبيب رأسه بنفى وقال :
-لأ , شهر إيه ! حضرتك بقالك 4 شهور هنا ..
اتسعت عيناه بذعر وصدمه فى آنٍ واحد وقال :
-4 شهور !
التفت برأسه للطبيب قائلاً بلهفه :
-فين تليفونى ؟
-حاجتك الممرضه أدتها للمدام يوم الحادثه .
زفر بضيق وقال :
-طب أنا عاوز أكلم حد منهم ..
رد الطبيب وهو يُخرج هاتفه :
-معايا رقم والدك كنت خدته منه عشان لو حصل أى حاجه تحب اكلمهولك ؟
أومئ بلهفه وهو يفكر كيف قضت نور تلك الأشهر الماضيه بدونه !؟
___( ناهد خالد )____
-ظافر ..
رددها والده بسعاده ولهفه وهو يدلف من باب الغرفه ومعه زيد الذى كان معه حين هاتفه الطبيب ..
وبعد الكثير من الأحضان والسلامات والإطمئنان على صحته , دلف الطبيب بابتسامه هادئه وهو يقول لمحفوظ :
-حمداً لله علي سلامة البشمهندس .
ابتسم محفوظ براحه وقال :
-الله يسلمك يا دكتور , أنا مش عارف أقولك أيه تعبناك معانا الفتره الى فاتت ..
-متقولش كده ده واجبى , المهم أنه أخيرًا فاق وبقى بخير , شكلك كده كنت حابب الغيبوبه يا بشمهندس .
أنهى حديثه بجملته المرحه , فابتسم ظافر ابتسامه صغيره وهو يقول بأسى :
-حابب أيه بس يا دكتور ده إن كان بأيدى كنت فوقت من أول يوم .
هتف محفوظ وهو يربط على كتف ولده :
-خير يا بنى المهم أنك فوقت وبقيت بخير .
تمتم بخفوت وهو يومئ برأسه :
-الحمد لله .
هتف زيد سائلاً الطبيب باهتمام :
-وهو حالته دلوقتى إيه يا دكتور ؟ ويقدر يخرج امتى ؟
رد الطبيب بعمليه :
-حاليًا حالته كويسه جدًا بس زيادة اطمئنان هيفضل معانا يومين وبعدها يقدر يخرج ويستريح فى البيت كام يوم وبعدها يقدر يمارس حياته عادى جدًا لأن مؤشراته الحيويه كويسه جدًا ومفيش أى قلق .
تنهدوا براحه ما إن استمعوا لحديثه , وخرج هو ليلتفت ظافر لوالده يسأله بلهفه وقلق :
-هى نور مسافره فين يابابا وليه ؟
-متقلقش يا حبيبي , هى بس مسافره تخلص شغل كان المفروض زيد الى يسافر بس والده اتوفى قبلها ب 3 أيام فسافرت هى , وهترجع آخر الأسبوع .
اكتفى محفوظ بهذا ولم يتطرق لأمر والدته عالأقل ليس الآن سيخبره قبل عودتهم بالتأكيد ولكن ليس فى يوم إفاقته ...
نظر ظافر لزيد بتفاجئ من معرفته بموت والده وقال بمواساه :
-البقاء لله يا زيد ربنا يرحمه ويغفر له .
ابتسم زيد ابتسامه هادئه ورد :
-ونعم بالله , أنا آسف إن نور اضطرت تسافر مكانى بس أنا والله ا..
قاطعه ظافر بضيق وهو يقول :
-بطل هبل ياض أنت احنا في بينا اعتذرات والعبط ده !, بعدين ظروف زى دى أكيد مكنتش هتسيب أهلك وتسافر ..
صمت قليلاً ثم قال بحيره :
-بس هى نور معايير الجوده فى البضاعه الى بنشتريها , وكمان بنود العقد مع الطرف التانى ..يعنى قصدى ممكن تقبل ببنود احنا رافصينها في الشركه خصوصًا إنها مش بدراية كافيه بشغلنا هى ليها في الى يخص شغلها هى .!
رد محفوظ بدلاً عن زيد وهو يقول :
-آه ده كان قبل ماتنزل الشركه وتمسك الإداره فبقت على دراية بكل سياسات الشركه وشغلها ..
ارتفع حاجبيهِ بدهشه وهو يردد :
-نزلت الشركه ! مش فاهم ...
رد زيد موضحًا :
-أنا مكنش ينفع اسيب فرع إسكندريه وهو لسه مفتوح جديد وكان عندى شغل كتير فيه فكان صعب أسيب الفرع هناك وابقى هنا في القاهره , ونور اقترحت تنزل هي الفرع هنا ...
صمت قليلاً ثم أكمل متلجلجًا :
-بصراحه يعنى أنا عارضت , ورفضت أنها تمسك الشركه بس موافقتش غير لما لاقيتها مُصره ووقفت فى وشى وقالتهالى صريحه كده , أنا نازله في مِلك جوزى ... وقتها اضطريت اسكت لإنى كمان مش لاقى حل للوضع الى كنا فيه ومكنتش مآمن اسيب الشركه للمدير المساعد .
كانت ملامح ظافر هادئه ولم تتغير رغم ما يُعتمر بدواخله :
-ودلوقتى ؟ ايه الى جد عشان تقبل أنها تسافر تتمم الصفقه ؟ أصرت المره دى كمان ؟ ولا عشان ظروفك فاضطريت ؟
نفى برأسه وهو يوضح :
-بصراحه يعنى أنا موثقتش فيها غير لما ...
صمت ولا يعرف ماذا يقول؟ أيخبره بالحقيقه ؟ وبما فعله ؟! رُبما سيغضب ويثور عليهِ وهذا حقه ...
أكمل محفوظ حين صمت زيد :
-موثقناش فيها غير لما خلى حد من الشركه يراقبها واتأكدنا أنها فعلاً مش عاوزه غير مصلحة الشركه مش مصلحه شخصيه لها ...
تنهد بخجل طفيف ثم قال بصدق :
-أنا عارف أننا كنا غلطانين , بس احنا كنا خايفين عليك وكنا فاكرين أنها مش مناسبه ليك , بس هي أثبتت لينا العكس وكسفتنا قدام نفسنا , أنا بنفسى قولتلها الكلام ده قبل ما تسافر بفتره واعترفتلها باحساسى ناحيتها في الأول ودلوقتى بقى ازاى , وهى سامحت عشان بنت أصول وقلبها طيب ..وربنا يعلم أنى دلوقتى بعتبرها زيك بالضبط وبعتبر اخواتها زى أحفادى ...
ابتسم بتهكم وهو يقول :
-يعنى كان لازم أقع وهى تعمل الى عملته عشان تثقوا فيها وتصدقوا إن اختيارى ليها مكنش غلط ؟!.
هتف محفوظ بتبرير :
-يابنى مفيش حد مبيغلطش , وأنا نظرتى فيها كانت غلط والحمد لله أن اكتشفت ده بدرى قبل ما كنت أظلمها أكتر من كده .
تابعه زيد بتبرير هو الآخر :
-ظافر أنت صاحبى وأخاف عليك وعلى مصلحتك عشان كده كنت قلقان من اختيارك لنور وكنت حاسس أنك هتندم علي اختيارك ليها , بس حاليًا أنا مبسوط أنها خالفت توقعتنا وطلعت زي ما أنت قلت عليها بالضبط وأكتر .
رن هاتف محفوظ قاطعًا حديثهم فأخرجه من جيبه ونظر لشاشته ليجد المتصل " نور " فنظر لولده وقال :
-دى نور ... هتفرح أوى لما أقولها أنك فوقت .
نفى ظافر برأسه سريعًا وهو يقول :
-لا يابابا متقولهاش حاجه أنت قولت أنها جايه أخر الأسبوع وأنا حابب أعملهالها مفاجأه .
أومئ والده بموافقه وهو يفتح المكالمه فأشار له ظافر كى يشغل مكبر الصوت .. يريد الإستماع لصوتها الذى اشتاق له كثيرًا..
-ايوه يانور ازيك ؟
أتاه صوتها الهادئ وهى تجيب :
-ازيك ياعمو , أخبارك حضرتك إيه ؟
أغمض ظافر عيناه وهو يتنهد بإشتياق , الآن فقط شعر أن غيبوبته كانت أربعة أشهر بالفعل , فهو حين استمع لصوتها شعر أنه لم يستمع له منذُ زمن طويل ...
-الحمد لله يابنتى وأنتِ عامله ايه ؟
تنهدت قبل أن تجيب :
-كويسه الحمد لله , طمنى في أخبار عن ظافر ؟
قالت جملتها الأخيره بلهفه .. لهفه لم تخلو من صوتها وهى تسأله يوميًا نفس السؤال على أمل أن تختلف إجابته ويقول ما يُطمئن قلبها ..
نظر محفوظ لظافر بعتاب فأشار له بأن يُكمل الحديث ولا يخبرها , فتنهد باستسلام وهو يقول :
-الدكتور قالى أن في تحسن النهارده في حالته .
استمع لنبرتها المبتهجه وهى تقول :
-بجد ؟ هو قال كده فعلاً ؟
-آه قال كده هو أنا هكدب عليكِ ليه !
رددت بخفوت وصل لمسامعهم :
-الحمد لله , طيب مقالش ممكن يفوق امتى ؟
تردد محفوظ أمام نظرات ظافر المحذره ثم قال :
-لا , بس بيقول قريب .
انتهت المكالمه سريعًا حينما تحجج محفوظ بأنه لديه بعض الأعمال وأغلق معها .
نظر له ظافر بحنق وهو يقول :
-ماكنت تقولها إنى فوقت بالمره !
زجره محفوظ وهو يقول :
-أنت تسكت خالص كفايه إنى وافقتك على الهبل ده , البت من وقت ما سافرت وهى كل يوم تتصل وتسألنى ونفسها أرد عليها بحاجه تفرحها .
لوى شفتيهِ جانبًا وهو يقول بخفوت :
-آه ده شكل تحالفكم هييجى على دماغى ...
رفع محفوظ صوته وهو يسأله :
-بتقول حاجه ؟
نظر له وقال بابتسامه :
-لا يا حاج تسلم , المهم أنت عامل ايه ؟ وماما عامله إيه ؟ هى فين صحيح ؟
توتر قليلاً ثم قال :
-مامتك .. هى راحت لخالتك أصلها تعبانه شويه .
رفع حاجبه باستغراب :
-راحت لخالتو فين يابابا ! دى خالتو في سويسرا ! بعدين هى حالتها وحشه لدرجة أنها تسبنى وتسافرلها ! .
بدى غير مقتنعًا بحديثه فاضطر والده لإخباره بالحقيقه .. بعد دقائق ..
هتف ظافر بقلق بالغ :
-بابا أنت بجد مش مخبى عنى حاجه وماما كويسه !؟
هز والده رأسه بإيجاب ثم قال :
-تحب اكلمهالك تسمع صوتها .
أومئ برأسه وقال :
-ياريت .
______( ناهد خالد )_______
دلفت لجناحها الخاص فى فيلتها بتعب وإرهاق بعدما مرت علي منزل محفوظ لتجلب إخوتها من هناك لكنه رفض معللاً ذلك بحاجتها للراحه فأصرَ أن تتركهم يبيتون عنده , ولأنها بالفعل مرهقه فلم تجادل كثيرًا وتركتهم هناك .
تركت حقيبة سفرها بجوار الباب وخلعت حذائها بإرهاق لتلقيه جانبًا وهى تتأوه بتعب واضعه يدها فوق بطنها وهى تشعر ببعض النغزات أسفل بطنها , خلعت سترتها السوداء وهى تشعر ببعض الحراره تغزو جسدها , وبقت بكنزه صيفيه بنصف كم , ارتمت فوق الأريكه بإرهاق وهى تغمض عيناها مقرره المبيت في محلها فهى لا تشعر بقدرتها على دخول الغرفه حتى .
بالداخل ...
استمع لصوت إغلاق باب الشقه فتحمس كثيرًا وهو يقف خلف باب الغرفه من الداخل منتظرًا دلوفها في أى وقت لكنها تأخرت ومرت دقائق ولم يستمع فيها لأي صوت يأتى من الخارج ..وقف يفكر بحيره أين ذهبت !
قرر أن يصدر صوتًا ليسترعى انتباهها ففعل بعض الضجه فى الغرفه كى تضطر الدلوف إليها ..
انتفضت بفزع علي الأصوات المنبعثه من غرفة نومها هى وظافر وقفت وهى تبتلع ريقها بقلق مع تزايد الأصوات ..
نظرت حولها بتوتر لتقع عيناها على صاعق البعوض فاتجهت له دون تفكير والتقطته متجه نحو الغرفه , فتحت بابها بحذر وهى تمشط الغرفه بعيناها , دلفت بخطى بطيئه لتشعر بعد ثوانى بأحد خلفها كاد يطوقها فالتفت سريعًا تضربه بما في يدها دون النظر لموضع الضربه وهى تُصدر صرخه خافته ..
تأوه بخفوت وصدمه حين اقترب ليطوقها من الخلف فوجدها تلتف في لحظه تضربه بشئ لم يدرك ماهيته ليصطدم بذراعه ..
وقفت تنظر له بصدمه وهى تراه أمامها علي الضوء الخافت الدالف من الشرفه , هل حقًا أمامها ! هل فاق ظافر ويقف أمامها الآن وبغرفتهما ! أم أن اشتياقها له جعلها تتوهم !
-ياشيخه حسبنا الله , أنتِ مينفعش معاكِ مفاجئات .
قالها وهو ينظر لها أخيرًا فوجد ملامحها المصدومه فأدرك أنها لم تفق من صدمتها بوجوده , ابتسم باشتياق وهو يتجه لأزرر الإناره لينير الغرفه كى يراها جيدًا .
أُنيرت الغرفه بالكامل والتف ينظر لها لتكن الصدمه من نصيبه هذه المره وهو يرى بطنها البارزه بوضوح , تصلبت قدماه محلها وهو ينظر لها ببلاهه , وعقله يتسائل ما هذا ! نور حامل ! هل تحمل ابنه الآن !؟ لمَ لم يخبره والده عن الأمر ؟ أم أنه أراد أن تكون مفاجئه له ؟
كانت نور أول من استفاقت من صدمتها لتردد بهمس :
-ظافر ..
ابتسمت باتساع وهى تتجه له بسرعه كما يسمح لها وضعها لتلقى نفسها بين أحضانه باشتياق تغلب عليها وأغمضت عيناها بقوه كأنها تريد لكل مشاعر العناق أن تصل لها كامله .
استفاق من صدمته علي وجودها في أحضانه فالتفت ذراعيهِ تتوقها باشتياق بالغ وأنزل رأسه ليستند بها علي كتفها يزيد كم عناقها أكثر , تأوه بداخله على شعوره بها الآن فكم اشتاقها في تلك الأيام التى عقبت استفاقته وعدم وجودها بجواره وهذا جعله يتسائل إلى أين وصل أشتياقها وهو يغيب عنها لأربعة أشهر كاملين ؟
مرت ثوانى قبل أن يشعر باهتزاز جسدها بين ذراعيهِ وهى تدفن رأسها بصدرهِ أكثر فأدرك كونها تبكى , لا لم يكن مجرد بكاء بل كان إنهيار ..
إنهيار كان ينتظره ليعلن عن وجوده الذى كانت هى على حافته ...
مرت دقائق حتي بدأ بكائها يخفت تدريجيًا فأبعدها برفق ناظرًا لملامحها التى اشتاقها كثيرًا لكنه رأى الإرهاق واضحًا عليها , اصطحبها للفراش بقلق وأجلسها عليهِ برفق وجلس أمامها ممسكًا بكفيها وهو يقول بحنو :
-أنا آسف , آسف عشان سيبتك وأنا وعدتك أنى عمرى ما هسيبك .
ابتلعت ريقها بهدوء وقالت بدموع محتجزه:
-بتعتذر وكأن ده كان بمزاجك .. أنا بس كنت في ضغط كبير الفتره الى فاتت عشان كده خرجت الكبت الى كان جوايا لم شوفتك , حسيت أنى دلوقتِ بس مسموحلى أنهار .
اقترب محتضنًا إياها بقوه وهو يهمس لها :
-أنا دلوقتِ معاكِ ومسموحلك تعملى كل الى عاوزه تعمليه , وأنا جنبك .
_______( ناهد خالد )________
وقد كان حديثه يومها أذنًا لها بالإنهيار والخمول والإبتعاد والإنفراد بنفسها ! ! , فقد قضت أسبوعان لا تبرح من الفراش سوى القليل من الوقت تحت ضغط ظافر عليها لتعود وترتمى فوقه حين تتيح لها الفرصه وتغوص فى نوم عميق كأنها لم تنم يومًا ! .
دلف للغرفه بخطى حذره وهو يراها نائمه , تنهد بيأس , لا يعجبه حالها إطلاقًا , تقضى معظم يومها في النوم حتى الطعام لا تأكل إلا القليل , بدأ جسمها بالنزول في الوزن وظهر الإرهاق جليًا عليها .
اقترب منها ليفيقها فنظرت له بأعين ناعسه , تنهد بعدم رضا وهو يقول :
-أنا قولتلك تنهارى آه بس مقولتش تفضلى طول الوقت نايمه ومهمله في نفسك وأكلك بالشكل ده يانور !
اعتدلت جالسه وهى تفرك عيناها بخمول يتملك منها ثم قالت :
-أنا كويسه يا ظافر , أنا بس حاسه أنى مرهقه مش أكتر .
نظر لعيناها وهو يقول :
-إرهاق ! , أنتِ مش شايفه عينك حزينه ازاي بس أنا شايفها , وعارف أنك لسه مش قادره تخرجى من الحاله الى كنتِ فيها فترة غيابى وكبت مشاعرك وقتها هو الى وصلك كده , بس أنتِ كده بتأذى نفسك وبتأذى ولادنا وأنا خايف عليكوا , مش طالب منك غير أنك تهتمى بأكلك وتساعدينى أخرجك من الحاله الى أنتِ فيها .
كانت تستمع له بهدوء لشعورها ببعض الآلآم الحاده تضرب أسفل بطنها , حينما انتهى من حديثه كادت تجيبه ولكن خرج صوتها بصرخه فجائيه مصدرها ذلك الوجع العنيف الذي أصابها فجأه .
انتفض مقتربًا منها أكثر وهو يقول بقلق بالغ :
-نور مالك فى ايه يا حبيبتي ؟
أمسكت أسفل بطنها بوجع وهى تقول :
-مش عارفه ياظافر فى وجع رهيب ف......آآآه
قطعت حديثها بصرخه أخري , فتوتر ظافر أكثر وهو يمسد بكفه على ظهرها وقال :
-أنتِ شكلك بتولدى , الدكتوره كانت قالت أنك ممكن تولدى فى السابع وشكلها كان عندها حق .
اتسعت عيناها بذعر وهى تنظر له وتهز رأسها بنفى :
-لأ , لأ أولد ايه ! لأ مش بولد أنا النهارده تاني أسبوع في السابع لسه مش هولد دلوقتى أنا .
زفر بضيق وهو يتحرك من أمامها بتوتر وهو يرى سوء حالتها :
-هو بمزاجك يانور !
رأته يبدل ثيابه سريعًا لتهتف وهى تبكى :
-لأ , أنا كويسه يا ظافر صدقنى بس أنا مش هولد دلوقتِ .
كانت تخشى على طفليها أن يصيبا بمكروه وأدرك هو مخاوفها فاقترب منها وهو يساعدها على الوقوف لتبدل ملابسها وهو يقول :
-متخافيش ياروحى هتبقى كويسه وولادنا هيبقوا كويسين إن شاء الله , متقلقيش يا حبيبتي .
__________( ناهد خالد )_____
-يعنى هم بجد كويسين يا دكتوره ؟
قالتها نور للمره العاشره وهى تسأل الطبيبه عن صحة طفليها رغم أنها تحتضن أحدهم والآخر يحمله زوجها الواقف بجوارها .
ضحكت الطبيبه بمرح وقالت :
-يعنى بين ايديكوا اهم أعمل ايه تانى عشان تصدقي أنهم بخير الحمد لله .
ابتسم ظافر بهدوء وقال :
-معلش يا دكتور أصلها كانت خايفه أوى من الولاده في السابع .
-لا هم بخير الحمد لله اطمني , عن اذنكوا .
ذهبت الطبيبه ليجلس ظافر بجوارها علي الفراش ويحتضنها بيده الحره والأخرى تحمل طفله ..
ابتسمت نور بسعاده وهى تقول :
-شكلهم حلو اوى يا ظافر .
ابتسم ظافر بحب وهو يرد :
-عشان ولادك يا حبيبتي .
ابتسمت بدورها وقالت :
-هنسميهم ايه ؟
سألها بحنو :
-أنتِ عاوزه تسمى ايه ؟
ردت بحماس :
-أنا نفسي أسمي نوح اوي .
ابتسم بسعاده وقال :
-يبقى الباشا الى في ايدك ده نوح ...أما الباشا ده ..
قالها وهو يشير للذى بين يده وأكمل :
-هيبقى مصطفى .
التمعت عيناها بحب ودموع تقديرًا لهذا الرجل وهمست له :
-أنا بحبك أوى يا ظافر , أنت عوضى من الدنيا عن كل المُر الى عشته .
اقترب مقبلاً جبهتها وقال :
-وأنا بعشقك يانور قلب ظافر .
ابتسمت له وتنهدت بسعاده بالغه وهى تعود بأنظارها لطفليها بأعين تلمع حبًا وشغفًا ..لتبدأ رحله جديده في حياة بطلتنا , رحله ستثبت فيها نور ثانيةً أنها " أُنثى لا تُهزم " .
وها قد انتهت رحلتنا مع نور آراكم في حكايه جديده بأبطال جُدد , دمتم في حفظ الله
تابعووووووني
لاتلهكم القراءه عن الصلاه وذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بدون لينكات بمنتهي السهوله من هنا 👇 ❤️ 👇
تعليقات
إرسال تعليق