رواية هوي الزيات الفصل التاسع والعاشر بقلم الكاتبه ساره الحلفاوي حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
- يــا نـــور!!! جـــوزي فــيــن يا نــور!!!
إنتفض من فوق الفراش يخرج من الشرفة فوجدها خارج أسوار البيت تصيح بذات الجُملة، إرتدى ملابسه و خرج من الڤيلا بأكملها يقسم أن يلقنها درسًا لن تنساه، و بالفعل وقف أمامها وجهه قد إشتعل من فرط غضبُه يهدر بوجهها بصوت جهوري أخافها:
- بــتــعــلي صــوتك فين يا سـت إنتِ فاكرة نفسك في حارتكوا!!!!
إنقضَّت عليه رغم خوفها منه تامسك بتلابيب قميصُه صارخة به:
- جوزي فين!! عملتوا في جوزي إيه إنطق!!!
رفع حُراسه أسلحتهم يشهروها بـ ظهرها فـ إنتفضت خائفة و تركتها، بينما هو قال لها بجمودٍ:
- روحي دوّري عليه في حتة نجسة شبهُه .. بيتي مبيدخلوش أوساخ!!
أخرجت منها كلماته أسوأ ما بها فـ صاحت بوجهه:
- أنا متأكدة إنك عملت فيه حاجه، و هعرف و هسجنك و الله لسجنك!!
- طب يلا .. روحي إعملي اللي تعمليه!!
قالها بإبتسامة مُستهزئة فـ لمحت الواقفة خلفُه لتصرخ بها بغِلظة قلب لا مثيل لها:
- بتبيعي أمك يا نور!! بتبيعيها عشان جوزك يا بنت بطني؟!! يا خسارة!!
ثم سارت تاركة إياهم لتنهمر دمعاتها على وجنتيها فـ إلتفت هو لها يناظرها بضيق من وجودها الآن، لم يكُ يريدها أن تتواجد بالأصل و تسمع تلك التراهات، رآها تتقدم له تشير بأعين دماعة إلى الفراغ الذي تركته أمها:
- أنا عايزة أروحلها .. ينفع أروحلها!!
حاوط كتفيها و قال بحنان:
- تروحي تعملي إيه يا حبيبتي؟
هتفت راجية:
- خليني أروح وراها أرجوك يا فريد!!
تنهد و قال مشيرًا لها:
- روحي يا نور!
ما إن سمعت جملته حتى فرّت راكضة خلف أمها لتقبض على كفها تحاول إيقافها بينما الأخيرة نفضت ذراعها عنها بعنف مُلتفتة لها تقول بحدة:
- عايزة إيه متلمسنيش!!
قالت نور بـ براءةٍ و هي تبكي:
- إسمعيني يا ماما!!
صرخت بها:
- بس إخرسي!! أنا مش أمك خلاص من النهاردة، إعتبري أمك ماتت و مش راجعة تاني أبدًا!!!
طالعتها مصدومة، إرتعشت شفتيها و هي تقول:
- ليه .. ليه يا ماما .. كل ده عشان إيه؟ عشان جوزك؟
- عشان إنتِ طالعة لأبوكِ! واطية و ناكرة زيُه! الراجل اللي كان بيعاملك بما يُرضي الله إفتريتي عليه و خليتي جوزك يضربُه و يمد إيده عليه قدام باب بيته .. و أهو مختفي دلوقتي من إمبارح والله أعلم راح فين!
ضحكت نور بمرارة ثم غمغمت:
- بيعاملني بما يُرضي الله؟!! الراجل اللي كان بيبُصلي و بيتمناني بتقوليلي كان بيعاملني بما يُرضي الله؟ الراجل اللي خطفني من وسط بيتي ووداني في حتة مقطوعة عشتن يغتضبني بتقوليلي إنه كان بيعاملني زي بنتُه!!!
لطمت الأم صارخة بوجهها:
- يا مصيبتي!!! يعني عملتوا فيه إيه!!! جوزك قتلُه صح؟ ردي عليا!!!!
صرخت بها نور تقبض فوق ملابسها تهزها بإنهيار:
- هـّو إنـتِ مـش سـامـعـاني!!!! مـش سـامـعـة أنـا بـقـول إيــه!!
تابعت بصوتٍ عالٍ وسط إنهيارها:
- هو اللي فارق معاكِ!!! كل اللي فارق معاكِ وجوده و سلامتُه و أنـا فـي سـتـيـن داهــيــة!!! مـــش كــدا!!!
أشارت لها و هي تشعر بقلبها تحطّم أشلاء أمام عيناها:
- إمشي يا .. مـ .. يا نادية هانم!! إمشي و إنتِ اللي تعتبري إن بنتك ماتت!!
سارت نور مبتعدة عنها تعود إلى الڤيلا، تسير بلا هوادة بالكاد تستطيع أن توازن خُطاها، و من هوان جسدها .. و إنفطار قلبها كادت أن تسقط لولا ذراعيّ حاوطا خصرها يُقيم وقفتها و هو يمسح على خصلاتها، رفعت عيناها له لتغمضها تستند برأسها على صدره، نظر هو إلى أمها التي لازالت واقفة شارة بـ بُغضٍ، أسندها داخل حدود منزلُه حيث أمانها، ثم حملها ليسير بها للبهوِ، أنزلها و قد أغضبُه مظهرها الضعيف، ليحاوط بكفيه ذراعيها يهزها بحدةٍ قائلًا:
- إفردي ضهرك و بُصيلي!!! مش دي الأم اللي تعيطي عليها!
نظرت له و الدمعات تتلألأ بمقلتيها، كيف تُخبره أنها قوية و لكن الخصم كان أمها، كيف تُخبره أنها لم يسبق لها و قد شعرت يمثل هذا الشعور بين طيات قلبها، كيف تصف له إحساس الصفعة التي تلقّاها فؤادها، لم تجد على لسانها سوى حروفٍ مُتقطّعة تمتمت بها:
- هو أنا بنت مش كويسة؟ أنا مستاهلش أنها تحبني أو تحِن عليا؟
رفع رأسه للخلف ليعود ينظر لها يجذب رأسها لصدرُه بعنفٍ قائلًا بنبرة عالية:
- هي اللي متستاهلش وجودك في حياتها، هي اللي مش كويسة ولا تستاهل سؤالك و دموعك دي!!!
تمسّكت بقميصُه و همست:
- أنا مش قادرة أوصفلك .. إحساسي دلوقتي!!
ثم بكت حتى شعرت بدمعاتها أغرقت قميصُه:
- ياريتني ما روحت وراها .. ياريتني سمعت كلامك!!!
تنهد ولم ينطق بشيء، رنين هاتفه صدح فـ إبتعدت عنه تزيل دمعاتها بكفيها، حاوط وجنتها اليُمنى بحنوٍ و إلتقط هاتفُه بيدُه اليُسرى من جيب بنطالُه ليجيب:
- في إيه؟
سمع ما جعل عيناه تغمض، نظرت له نور بقلقٍ فـ همست:
- في حاجه يا فريد؟
أغلق الهاتف و لم يعلم كيف يُخبرها، بعد ثوانٍ نطق بعد أن حاول ترتيب الحروف ليوصل لها ذلك الخبر:
- أمك في عربية خبطتها برا!!!
- إيــه!!!
صاحت به مصدومة، لتتركه و تركض بالخارج، ركض هو خلفها بينما توقفت نور و كإن جسدها شُلَّ، ترى جسد أمها على بعد أمتار منها قد تهمّد مُفترض على الأرض الأسفلتية، ساكن تمامًا كـ سكون نبضات قلبها الأن، دائرة دموية كبيرة تحوطها جعلت أعين نور تذرف الدمعات تباعًا، ركضت لها و جلست جوارها فتلطّخت كامل ثيابها بالدماء لكنها لم تهتم، حاوطت وجهها تقول بـ صوت يرتجف و أعين محملقة بها من شدة صدمتها لا تصدق:
- مـ .. ماما!! ماما إصحي، بُصيلي يا ماما أنا أسفة مكانش قصدي أقولك كدا!! ماما أرجوكِ بُصيلي متعمليش في بنتك كدا!! مش لازم تحبيني خلاص المهم إني بحبك .. يا ماما مينفعش تمشي وتسيبيني دلوقتي .. مينفعش إنتِ و بابا تسيبوني كدا!!!
وجدت من يحاول جذبها له يخرجها من تلك الدائرة لكنها صرخت به بإنهيار:
- سيبني يا فريد سيبني!!!
ثم مالت على أمها تقبض على كفيها داخل باطن راحتيها تطبع شفتيها فوقهما ترجوها و دمعاتها إنهمرت فوق كفي أمها:
- ماما .. قومي يا حبيبتي متحرقيليش قلبي أكتر من كدا!!!
نظرت حولها فلم تجد أحد لتصرخ بـ عنفٍ:
- مين عمل كدا!!! مين اللي خبطها!!!
سمعت حارس ڤيلا فريد خلفُه يقول بأسف:
- خبطها و هرب يا مدام!!!
- آآآآه!!!!
تآوهت من فرط ألمها و ضمت رأس أمها لصدرها، لتجد هو جالس على عاقبيه خلفها يضم بدوره رأسها لصدرُه، بكت بحُرقة تصرُخ بـ عنفِ شاعرة بأورظة قلبها تتمزّق:
- مـــامـــا!!!!!!
• • • • • •
واقفة أمام ذلك التابوت الذي يأوي بداخله جثتها، تحاوط نفسها بذراعيها و جوارها يقفن العديد من السيدات، الدمعات تنهمر على وجنتيها فتؤلم عيناها .. تُغمضها تارة و تفتحها تارةً على كابوسٍ بشع متجسدًا أمامها، ترى زوجها و رجال آخرين يفحرون في الأرض حفرةٍ مستطيلة لكي تسع جسدها، بالكاد تصلب طولها و هي تراهم يفتحون التابوت، يأخذونها بالملاءة البيضاء التي تخفي جسدها و وجهها، شهقاتٍ باكية كتمتها و هي تضع أناملها فوق شفتيها و كامل جسدها يرتجف، عيناها الحمراء باتت كـ غاباتٍ تحترق من شدة إحمرارها، تشعر بالتربيت على كتفها من بعض السيدات لكن تقسم أنها حتى لا تشعر بيدهم .. يبدو و كأن جسدها قد تخدّر كـ تخدُّر عقلها تمامًا، وضعها و في قبرها و أزاحوا التراب عليها فـ أشاحت بعيناها تغمضها لا تستطيع أن ترى هذا المنظر، أبعدت عنها الواقفين جوارها و ركضت على شقة أمها، تعلّقت عيناه بها مُتأثرًا بحالتها و لكنه أكمل ما كان يفعلُه، دلفت هي للشقة تنظر لها و لخوائها بإنفطارٍ، هُنا كانت تصرخ عليها أمها، و هنا من المرات القليلة التي إبتسمت لها، هُنا عانقتها نور غصبًا وسط تأففاتها، إنهارت نور أرضًا تشعر بفراغ في قلبها يتوسع حتى يملأ روحها، ضربت الأرض بكفيها و قد تعالى صوت بُكائها من فرط ألمها، ظلت هكذا لأكثر من ساعتان، تبكي دون توقف حتى شعرت بصوتها لا يخرج و بالصداع يفتك رأسها بلا رحمةٍ، أنفاسها بالكاد تلتقطها و شحوب وجهها لا يُحتمل، حتى سمعت خطوات تعلم من يخطوها عن ظهر قلب فـ إلتفتت له، جزع قلبُه عندما رآها بتلك الحالة. أغلق باب الشقة التي تركتها مفتوحة، و دنى منها جالسًا على الأرضية أمامها، مكوبًا وجهها بين راحتيه، عيناه إمتلئت شفقة و هو يزيل تلك الدمعات من فوق وجنتيها بـ إبهاميه، تمسكت بكفيه تقول بصوت خافت مُتقطع تخرج بين الفينة و الأخرى منه شهقةٌ:
- مـ .. ماتت يا .. فريد!!!
تابعت و عيناه تنظر لها بحُزنٍ على حزنها:
- أنا ماليش حد دلوقتي!!
- و أنا؟ أنا يا روح فريد؟
قالها بحنان و إبهاميه يسيرا على وجنتيها برفقٍ، أغمضت عيناها و شهقت ببكاءٍ قائلة بإنهيار:
- إنت لو زعلتني أنا .. أنا هفضل مستحملة عشان مبقاش ليا حد!!
إبتسم يقول بحنو:
- يا غبية .. أنا لو كنت هزعلك .. فـ دلوقتي عُمري ما هزعلك للسبب ده
- أنا قلبي واجعني أوي يا فريد!!!
قالتها تُميل للأمام رأسها إقتربت من معدته فـ تنهد يشعر بثقل على قلبُه، يأخذها بأحضانه يضم رأسها لصدرها بأقوى ما لديه ويداه تربت على خصلاتها تارةً و تتغلغل بها تارةً أخرى، ظلت بأحضانه تبكي حتى غلبها الإرهاق، فـ همست له بخفوتٍ:
- تعبانة .. أوي!!!
تنهد و وضع ذراعه خلف ركبتيها و الأخر أسفل ظهرها ثم حملها لينهض بها بتوازن، يسير إلى غرفة عشوائية لا يعلم لمن، لكنها كانت لها، وضعها على الفراش و مسح على خُصلاتها يميل بجزعه العلوي عليها، ينظر لجفنيها المتهدلان من شدة البكاء، و إلى مُعذبته التي ترتعش أسفل أنفها المتورد، تنهد و طبع قبلة فوق كفها البارد، ثم إعتدل في وقفته و هم بترك كفها لكنها شددت عليه تقول بـ جزعٍ:
- هتروح فين؟
شدد هو الآخر على كفها يقول برفق:
- إهدي يا حبيبتي .. هروح أعمل أوردر غدا .. إنتِ مكلتيش حاجه من إمبارح!!
نفت برأسها فورًا تقول متعلقة بيدُه:
- لاء لاء .. أنا مش جعانة خليك .. خليك جنبي، متسيبنيش زي ما هُما سابوني!!
علِم أنها قد وصلت لأعلى مراحل الحُزن و التوجس، فـ جلس جوارها، يمسح على خصلاتها و فوق وجهها، يُطمئنها بكلماته الحنونة:
- أنا جنبك .. و لو الدنيا كلها سابتك أنا هفضل جنبك!!
أخذت كفُه بين كفيها تضمه لصدرها لتتأكد أنه لن يذهب، تلتفت على جانبها محتبسة يده في زنزانة قبضتيها تغمض عيناها تحاول كل المحاولات أن تنام، ظل جوارها لا يمل من التربيت على خصلاتها حتى نامت نومًا عميقًا، حرر كفه من راحتيها و نهض ليُحدِث أحد المطاعم المشهورة يخبرهم بـ طلبية الطعام التي يريدها و أملاهم العنوان، ظل جالسًا في بهو الشقة يستند برأسه للخلف يفكر بها، يتمنى لو بإستطاعته إخراج ذلك الكم من الوجع و دفنه بصدره هو، دق باب المنزل فنهض فورًا يفتح لهم قبل أن تستفيق، حاسبهم و أخذ الطعام ثم وضعه في الثلاجة، عاد لها و نزع عن جسده قميصه ثم أغلق الأنوار و إستلقى جوارها، جذبها بحذرٍ لتنام بحضنه لكي يستطيع أن ينام هو الآخر، و نام بالفعل بعد دقائق، ليستفيق على صوت صراخها الذي صدح بالغرفة بأكملها و أنفاسها اللاهثة و هي جالسة على الفراش، نهض مفزوعًا يظن أن مكروهًا قد أصابها، ليجدها جالسة تدفن وجهها في كفيها تبكي بإنهيار، نهض مسرعًا جوارها يلفها له قائلًا و القلق قد تجسد بصوته:
- في إيه؟!!!
أبعد كفيها عن وجهها برفق عندما لم تجيبه لينظر لجبينها المتعرق، و لأنفاسها المبعثرة و عيناها التي باتت تشبه الدماء في إحمراراها، فـ علم أنه كابوس مفجع، أغمض عيناخ و أطلق نفسًا مرتاحًا أنها بخير، لكنه فتح عيناها على بكائها فـ مسح حبات العرق من فوق جبينها يهدهدها هامسًا أمام شفتيها:
- ششش إهدي .. إهدي!! كان مُجرد كابوس يا حبيبتي إهدي!!
إرتمت في أحضانُه تغرق رأسها بصدرُه تبكي فقط دون أن تتحدث، مسح على ظهرها يستلقي و يأخذ كامل جسدها على صدرُه دون حتى أن يشعر بثقلها، فـ كل الثقل الآن جاثم على قلبه و هو يراها بذلك الأنهيار بينما هو عاجز كل العجز عن التصرُف، نامت فوق جسدها تدفن أنفها في عنقه، أنفاسها تضرب رقبته فتجعلُه يضمها له أكثر، يتسائل كيف لهذا القدر من التكنولوچيا لازالوا لم يخترعوا تقنية أن تدفن جسد شخص في جسدك؟ أن تحويه بجوارحك و تضمه حتى لا يعود يفصل بينكما فاصل!! همسات من بين شفتيها أطلقها في محاولة لتهدأتها يغمغم:
- إنتِ في حُضني دلوقتي .. محدش يقدر يقربلك ولا يمس منك شعرة واحدة، أنا معاكِ يا حبيبي، و هفضل طول عمري معاكِ و فـ ضهرك
أغمضت عيناها بإستكانة، حاوطت عنقُه أسندت رأسها على كتفُه، حتى شعر بإنتظام أنفاسها و عودتها للنوم، ظل هكذا و لم يعدل نومتها، مستمتعًا بكون حتى الإنش ليس بينهما، حتى نام هو الآخر بعمقٍ!!
• • • • • • •
فُتحت عيناه، فـ لم يشعر بذلك الثقل الجميل على جسدُه لينظر حوله لم يجدها، إنتفض من الفراش يبحث عنها كالمجنون، حتى سمع هدير المياه بالمرحاض فـ أخذ أنفاسٍ عميقة سُرعان ما عادت تُحبَس برئتيه عندما هُيَّأ له أنها لرُبما وقعت في المرحاض و أُغشي عليها، إندفع بلا هوادة يقتحم المرحاض عليها فوجدها تلُف المنشفة حول جسدها الذي إنتفض فورما رأت هجومه التتاري عليها، نظرت له بعيناها المتورمة، نظرت لصدرُه الذي يعلو ويهبط من قلقُه و الأفكار السوداوية التي إقتحمت عقله، نظرت لعيناه المتوجسة فأشفقت عليه و على نفسها، فهو لم ينم بسببها و بسبب إرهاقه في جنازة والدتها، إقتربت منه و حاوطت وجنتيه تقول بـ صوتٍ ناعم أذاب حصونه:
- مالك .. إنت كويس؟
أغمض عيناه و قرّب كفيها من شفتيه يُقبلهما ثم حاوط وجنتيها و خصلاتها المبللة يقول و عيناه تسير على وجهها:
- قلقت عليكِ .. إفتكرت حصلك حاجه هنا في الحمام!!
إبتسمت بحزنٍ أعاد له ألم قلبه، ثم قالت بـ هدوء أقلقُه:
- متقلقش يا فريد .. لسه مش هموت دلوقتي!!
صياحه بها نفض جسدها عندما هدر:
- مش عايز سيرة الموت دي تيجي على لسانك أبدًا .. فاهـمـة؟!!
إزدردت ريقها من عنفوانه، لتحاوط خصرها تحتضنه هامسه بحُزن:
- حاضر .. بس إهدى!!
أراحت رأسها على صدرُه فـ عانقها يستنشق تلك الرائحة النابعة من خصلاتها، تلك الرائحة التي تنبع من جسدها و تسكُره، تُخدر كامل حواسه فيشعر و كأن العالم لا يحوي سواهما، مال برأسُه يُقبل فكها فـ رفعت رأسها له قائلة بهدوء و أناملها تعبث بذقنه:
- عايزة أمشي من هنا .. البيت بيفكرني بحاجات وحشة أوي مش عايزة أفتكرها!!
إلتقط ذقنها بين إنمليه و قال بهمسٍ:
- عنيا .. يلا أدخلي إلبسي عشان نرجع بيتنا!!
أجلت حلقها ثم أعطته إبتسامة بسيطة و إبتعدت عنه تاركة إياه يقف و لازال القلق ينهش بقلبُه، فـ هو لن يطمئن سوى عندما تعود لقوتها و عنفها و ذلك اللسان الذي تمنى قطعُه من جذوره، إبتسم عندما تذكّر شخصيتها القديمة و التي كانت لا تتهاون في حقها أبدًا، خرج من المرحاض ثم وقف في الشرفة ينفث دخان سيجارته، إلتفت بعد دقائق على صوتها الهادئ الذي بدى و كأن الحياة ذهبت منه:
- أنا جاهزة!
نظر لوجهها المُنطفئ فـ تنهد ثم قال:
- يلا!
• • • • •
عادا معًا، فور دلوفهما صعدت إلى جناحهما و ألقت بجسدها على الفراش نائمة على معدتها، خطٍ من الدمعات سال على وجنتها، شعرت بثقل فوق ضهرها فـ شهقت بصدمة عندما وجدته شبه نائم فوقها مُكبلًا ذراعيها خلفها يقول بشرٍ زائف:
- وقعتي يا حلوة ومحدش سمَّى عليكِ!!!
شعرت بإحراجٍ كبير من وضعها أسفلُه فـ ركت الهواء بقدميها صارخة به بخجلٍ:
- إنت بتعمل إيه يا فريد إبعد!!!
- ششش .. محدش هيعرف يشيلك من تحت إيدي النهاردة!!!
قال و هو يكبل ذراعيها للخلف بذراعيه، لا يود سوى أن يزيل أثار الحزن تلك التي سكنت مِحياها، مال يُقبل خلف أذنها بعشقٍ، ثم رقبتها لترتجف الأخيرة تقول بتوتر طغى على صوتها:
- إبعد يا فريد متهزرش!!!
و بحركةٍ مُفاجئة لفّها له محاصرًا كفيها جوار رأسها فـ ضحكت من أفعالُه تقول:
- إنت ليه واخد دور المُغتصب كدا!!!
إبتسم على ضحكتها و قرّب وجهه من وجهها هامسًا بـ هيام:
- أنا واخد دور العاشق .. المفتون بالضحكة دي، أنا مستعد أعمل أي حاجه .. عشان بس أشوف ضحكتك!!
نظر له بتأثر، ثم حاوطت وجنتبه هامسة بإبتسامة حنونة:
- بتحبني أوي كدا؟
- بعشقك!!
قالها فورًا دون أن يتردد، فـ تنهدت بحُب و عانقت رأسُه محاوطة رقبته، تحمد الله على وجوده بحياتها، فـ لولاها لكانت إنهارت وذهبت دون رجعة، إبتعد عنها بعد قليل ثم قال بحدة مُصطنعة:
- هتفضلي نايمالي على ضهرك كدا!! لاء قومي و فوّقي معايا!!!
إبتسمت قائلة بهدوءٍ:
- هقوم أعمل إيه؟
حملها غفلةً فـ شهقت مُتمسكة بـ عنقه قائلة برعب:
- بتعمل إيه يا فريد!!!!
سار بها إلى أسفل و هي تصرخ بـ خضة، تجمعن الخادمات على صوتها فـ قال لهم فريد بضيق:
- إرجعوا على شغلكوا واقفين هنا تعملوا إيه!!!
دلفوا فورًا بخوف منه، بينما هتفت نور بضيق:
- أنا عايزه أفهم إنت بتعمل إيه!!!
- هفوّقك!
قالها و الخبث يتطاير من عيناه، شهقت و هي تجده يخرج من الڤيلا بأكملها إلى الحديقة، واقفًا أمام المسبح، تشبثت بعنقه قائلة برعب:
- لاء إوعى، أنا ممكن أموت فيها دي!
إنقبضت ملامحه فقال بضيق:
- بعد الشر!!!
عاد لمِحياه الماكرة و أبعدها قليلًا عن صدره لكي يستكيع إلقائها في المسبح لكنها أخذ تتشبث في قميصه بكل قوتها ترجوه بصوتها العالٍ:
- بالله عليك لاء!!!
ظلت تتمسك بقميصه و بجسده فقال بهمسٍ خبيث:
- هاجي أقف كل يوم هنا عشان تفضلي ماسكة فيا كدا!!!
قالت مُرتعبة تهز برأسها تتمسك بعنقه:
- همسك فيك من غير حاجه بس إستهدى بالله و متعملش كدا!!!
- تؤتؤ!!
قالها يعيد رأسه للخلف و كأنه يخبرها أنه لن يتنازل عن فعلها، فـ يأست تُعيد هي الأخرى برأسها للخلف تقول بحزنٍ:
- يا حبيبي عشان خاطري!!!
- قولي يا حبيبي تاني كدا؟
هتف بخبثٍ غامزًا بعيناه، فـ قالت بلهفة:
- حبيبي!!! نزلني بقى!!
- لاء متمزجتش .. مش طالعة بإحساس كدا!!
قالها بضيقٍ زائف ثم و من دون مقدمات ألقاها في المسبح، تعالت صرخاتها و هي تحاول أن تنجو بنفسها رافعة ذراعيها لأعلى، إبتسم و أخذ يحرر أزرار القميص على عجالةٍ ثم قفز لها، و مسرعًا إلتقط خصرها يرفع جسده له، و بـ شق الأنفس أخذت تحاول إلتقاط أنفاسها المبعثرة، إبتسم يعيد خصلاتها المبللة للخلف يُميل مُثبلات خدها الذي تناثرت فوقه القطرات، حاوطت عنقه تتنفس بالكاد، حتى تداركت الأمر فـ إحمرّ وجهها و بعنفٍ ضربته على صدره بكفيها صارخة بوجهه بأنفاس لاهثة:
- قولتلك مش بعرف أعوم يا فريد!!!
تركها تفعل ما تشاء حتى شعر بعودة أنفاسها فـ مال عليها جاعلًا من شفتيها بأحضان شفتيه فإمتزج عسل شفتيها بقطرات المياه الباردة، حاولت إبعاد في البداية لكن و بطريقته جعلها تستسلم للمساتُه دون أن تعارضه .. إبتعد بعد قليل فـ ظلت مغمضة عيناها تشعر بخزى إستسلامها له، تضاعف ضيقها و حزنها و قد أدركت كم تأثيرُه عليها، فـ نظر له تبعده من صدره بحدةٍ لكن شهقت عندما وجدت نفسها تسحب للأسفل داخل ذلك المسبح العميق، شهقت و عادت تتشبث في عنقه فحاوط خصرها مبتسمًا هامسًا و قد قبض على ذقنها بين أنامله:
- ملكيش مكان .. إلا في حضني!!!
الفصل العاشر
أمسكت بـ شريطٍ به حباتٍ صغيرة صفراء، أفرغت واحدة بـ كفها الذي يرتعش ثم نظرت له بـ ألمٍ تغلغل لأعماقها، لـ تُقرر رميُه بجوفها بعد ثوانٍ معدودة، أغمضت عيناها تجلس على الفراش بعدما أخبئت الشريط في أحد أدراج الكومود، ضمت كفيها معًا ومالت للأمام تكتم شهقاتها الباكية، لكن جسدها إنتفض عندما وجدتُه يدلف للغُرفة فـ رفعت رأسها له فوجدت عيناه قلِقة و كأنها تفُر من مِحجريه و تركض عليها، وجدته يميل عليها رافعًا رأسها له هاتفًا بقلقٍ:
- مالك يا حبيبتي؟
نهضت واقفة أمامه بحزنٍ، ليتها تخبره عن الصراعات التي تدور بخلدها، و تُعلمه بجراحها علُّه يضمدُه، لكن الخوف كل الخوف أن ينبش بذلك الجرح، فـ يجعله ينزف مجددًا بعدما كان أوشك أن يلتئم، طالعت عيناه و لم تجد من جسدها سوى أنه ينكمش بأحضانُه، و كفيها يحاوطا ظهرُه كطفلةٍ صغيرةٍ تتمسك بأبيها، شعرت به يمسح فوق خصلاتها المفرودة يهمس بأذنيها بعدما قبّل شعرها:
- في إيه؟
أغمضت عيناها تبحث بذهنها عن كذبة تخبره بها، فـ قالت بـ أحرفٍ تهتز و تتقطّع:
- ماما واحشاني يا فريد!!!
سمعت تنهيدتُه ثم مواساتها بالكلام عندما قال:
- الله يرحمها، إدعيلها!
إبتعدت عنه ثم عبثت بـ تلابيب قميصُه تقول بحزنٍ:
- فريد أنا محتاجاك أوي!!
نظر إليها و لوهلةٍ لم يفهم مقصدها، كيف تكون بحاجته و هو دمٍ و لحمٍ أمامها و تتوسط ذراعيه، حتى فهمما تُعني فـ رحّب ترحيبًا حارًا، و قبل أن يقبل عليها يَروي ظمأ روحه من شفتيها و يُشبع قلبه بـ مقاربتها قال بحنان:
- صدقيني أنا اللي عايزك .. بس أنا مكُنتش حابب أضغط عليكٍ
رفعت أناملها الرقيقة تتلمس وجهه هامسة:
- عُمرك ما هتكون سبب في ضغطي، إنت الوحيد اللي بتقدر تخفف أي حاجه وحشة عني!!
• • • • • •
تستلقي على الفراش .. بل على صدرُه، عيناها شاردة أمامها لا تعلم أهي مُحقة فيما تفعل أم لا .. كيف ستكون محقة و هي التي بـ كُل قسوةٍ تمنعه من حق الأبوة؟ كلماته التي ألقاها الآن على مسامعها جعلتها تنتفض ظنًا منه أنه يقرأ أفكارها:
- لو جيبنا بنت .. عايزها تطلع شبهك، عشان يبقى عندي نُسخة منك على صغير!!!
إرتعش كامل بدنها، حتى رفعت عيناها تنظر له بإبتسامة ظهر الحُزن بها، ثم همست بخفوت:
- بس أنا .. مش عايزه أخلف!!!
إستغرب جملتها لينظر لها للحزات ثم قال بأعين غامت بضيق:
- ليه؟!
نهض تلُف الغطاء حول صدرها تجلس على ركبتيها أمامه قائلة بهدوء:
- حاسة إني مش مستقرة نفسيًا .. و لو جبت طفل دلوقتي هظلمُه معايا!!!
- طيب بلاش تفكيرك الأهبل ده!!
قالها بضيقٍ حقيقي من كلماتها، فـ بينما هو يتوق للحظة التي سيحمل بها وليدُه منها، تخبرُه هي أنها لا تريد تلك اللحظة، عندما وجدها صمتت ظنها حزنت من كلماته، فـ أقبل عليها بصدرُه العريض يُبعد خصلاتها يواريهم خلف أذنيها هامسًا بحُب:
- لسه صُغيرة .. و مش فاهمة إحساس إنك تبقي أم .. فيه كتير يتمنوا يعيشوا الإحساس ده و إنتِ مش عايزاه؟
نظرت له و الدموع لمعت في عيناها و لم تجيبُه، فـ تسلل القلق لعيناه يقول و عيناه تتشرب ملامحها:
- إنتِ فيكِ حاجه مش مظبوطة يا نور!!
ألقت بنفسها بين أحضانه تشهق ببكاءٍ عنيف و جسدها يرتجف بين ذراعيه، حاول تهدأتها و قلبه جزع عليها، بمسح فوق جسدها و خصلاتها يهمس بحنوٍ:
- بس يا حبيبتي .. ششش بس إهدي!!!
خفّ بكائها أثر لمساته و كلماته و لم يتبقى سوى شهقاتٍ خفيفةٍ تلَت بكائها، ضمها له أكثر قائلًا:
- قوليلي إيه اللي مزعلك أوي كدا؟
رفعت رأسها له .. أتخبرُه؟ هل سيتفهّم شعورها؟ نفت برأسها مغمضة عيناها تستند بأذنها محل قلبه فوق صدره الصلب تهمس لذاتها بأنه لن يفعل، تنهد و لم يشأ الضغط عليها، فـ تركها نائمة بأحضانه و كفُه يبعد ذلك الغطاء الأحمق عن ظهرها الناعم ليتحسسه بلمساتٍ جعلتها تغفو بإرتخاءٍ!!!
• • • • •
كانت جالسة أمام المسبح تغطس قدميها بـ ميائه الدافئة، شاردة أمامها تنتظر قدومُه من شركتُه لتخبرُه بكل شيء، فهي قد إتخذت قرارها أن تزيح تلك الأنانية جانبًا و تشاركه القرار، و إن لم يقتنع ستمتنع عن أخذ تلك العقاقير لإرضاؤه فقط، فهو لا يستحق منها ذلك الفعل أبدًا، علت إبتسامة مشرقة وجهها عندما سمعت صوت مكابح سيارته، فنهضت فورًا تُنزل أطراق بنطالها على ساقيها، وجدته يدلف بالسيارة إلى الحديقة فـ ركضت له تفتح هي الباب، ترجل من السيارة بإبتسامة عند رؤيتها و نزع عن عيناه تلك النظارة فأسرعت تحاوط عنقه قائلة بإبتسامة أسفرت عن إبتسامة ثانية تعلو شفتيه هو:
- وحشتني أوي، حاسة إني مش هقدر أتحمل بُعدك تاني و هروح الشغل معاك بجد!!!
ضمها له يحاوط خصرها قائلًا بعشق:
- و إنتِ وحشتيني أوي أوي!!!
إبتسمت ثم إبتعدت عنه ليحاوط وجنتيها بكفيه قائلًا:
- كنتِ بتعملي إيه!!!
أشارت بإصبعها ببراءة قائلة:
- كنت قاعدة قُدام البسين شوية!!!
أمسك بذلك الإنمل الصغير و قبلُه قائلًا بحُب:
- تصدقي فكرة، أنا هطلع أغيّر هدومي عشان ننزل شوية!!!
- إتفقنا!!
قالتها بحماسٍ مُتناسية تمامًا أمر إخبارُه، قبّل جفنها الأيمن و تركها صاعدًا لجناحهما، جلست هي أمام المسبح تنتظر نزوله حتى تتشبث به و تسبح معه، فـ هو إن تركها .. تغرق!
ظلت جالسة تعبث بالمياه بيدها بفرحةٍ، حتى سمعت خطواته خلفها فإلتفتت له تواري الشمس عن عيناها واضعة كفها على جبينها، وجدته واثب أمامها و مِحياه تخلو من أي تعبير .. إنقبض قلبها فـ نهضت واقفة أمامه و همّت بالحديث لولا كفه الذي إرتفع بالشريط بجانب وجهه يقول بهدوءٍ زاد من قلقها:
- إيه .. ده؟
أغمضت عيناها تُطبق عليها بقوة، حتى إنهالت الدموع منهما لتعود تفتحها فتجد عيناه تشتعل بإحمرارٍ أرعب فرائصها، حاولت التحدُث فـ لا مفر من المواجهة:
- ده شريط حبوب منع حمل!!!
- ليه؟!!
لم يقُل سواها، و كأنه يسألها ماذا فعلتُ لكِ حتى تفعلي بقلبي هذا! صمتت .. و طال صمتها حتى عادت للخلف أثى هدرُه بوجهها:
- رُدي عـــليـــا!!!!!
أجهشت بالبكاء تعود للخلف فـ لاحظ إقتراب قدمها من حافة المسبح، مدّ كفُه وأمسك بعضدها يجذبها لصدرُه بعنف شديد، شهقت برعب ظنًا منها أنه سيصفعها، لكنه لم يفعل بل سار بها غارزًا أنامله و أظافره بذراعها الغضَّ، تآوهت بألم أثر قبضته تحاول مجاراة خطواته لاسيما عندما كان يصعد بها الدرج بـ درجتان فـ سقطت إرضًا يرتطم جسدها بالدرج تتنفس بصعوبة، لم يرحم إمهيارها بل جذبها بقسوةٌ لتنهض بالفعل و سار بها مجددًا، فتحت باب الجناح و من ثم الغرفة و دفعها بعنفٍ فـ سقطت أرضًا تبكي بحُرقة تفرُك أعلى ذراعها الذي وُصِم بعلامات كفُه و أظافر أنامله، رفعت عيناها له فوجدته يستند على المزينة يميل عليها مغمضًا عيناه أنفاسه شديدة العلو، صُدمت عندما وجدته يضرب عدة مرات فوق المزينة و أزاح كل ما كان عليها صارخًا بألم كالطائر الجريح، عادت للخلف بخوف من هيجانُه الثوري حتى إلتصقت بمقدمة الفراش، أطبقت فوق أذنيها و الرعب ملأ قلبها مُتيقنة بأن فورما لا يجد شيء آخر يحطمه سيأتي و يحطم ضلوعها كما كانت تفعل أمها، بكت فـ الأصعب من الضرب هو إنتظاره، فتحت عيناها بعدما وجدت ذلك الهدوء يطغى على الأجواء فوجدته يقف يوليها ظهره، سقطت عيناها على كفُه الأيسر الذي بات ينزف من أثر الزجاج المتهشم، شهقت و تناست خوفها و هي تنهض تركض له تقف أمام بركان دون أن تخشى إنصهار جلدها، أمسكت بكفُه تقول والدمعات تسقط من عيناها:
- فريد .. إيدك!!!
نفض كفه من بين راحتيها فـ نظر له بألمٍ، تنظر لخصلاته التي تبعثرت و عيناه الجحيمية و ذلك الصدر الصلب الذي يعلو و يهبط أمام أنظارها، ظل واقفًا أمامها ينظر لها بينما هي تتهرب النظر لعيناه بخزيٍ، حتى وجدته يسير من أمامها متجهًا إلى باب الغرفة، أسرعت تقف أمام الباب واضعة ذراعيها عليه لكي لا يخرج:
- إنت رايح فين!!! لاء مش هتمشي من هنا!!!
- إبعدي أحسنلك .. أنا مش شايف قُدامي!!!
قالها مغمضًا عيناه يتحكم بأعصابه، فإنهارت أمامه تقول برجاءٍ:
- متمشيش و حياة أغلى حاجه عندك، إضربني و إقتلني بس متمشيش!!!!
- إوعي .. من .. قُدامي!!!
قالها ببطءٍ يجز فوق أسنانه، فـ نفت برأسها تقول متوسلة حنانه الذي إختفى و تبخّر:
- فريد .. متعملش فيا كدا!!!
قبص فوق ذراعيها فـ إنكمشت بخوف منه، ليبعدها بقسوة من أمامه فـ سقطت أرضًا و إرتطم ظهرها بذلك المقعد الذي كان أمام المزينة، تآوهت بألم لكن لم يسمعها و غادر الغرفة، تحامت على ألمها و نهضت تسير ببطئ خلفُه واضعة كفها فوق مكان الألم الذي تقسم أنه سيخرج روحها من جسدها، خرجت من الغرفة تناديه بضعفٍ لكنه كان الأسرع حتى أنه خرج من الڤيلا بأكملها و هي لازالت تنزل الدرج، جلست على درجة من درجاته تبكي من قلبها، تبكي و تبكي حتى أراحت رأسها على جانب الدرج و لم تشعر بعدها سوى بـ صيحات الخادمات عليها من خوفهم، بينما هي قد أُبتلعت في موجة سوداء لن تستفيق منها!!
• • • •
ثلاثة أيام .. إثنان وسبعون ساعة دون أن تلمح حتى طيفُه، و دون أن تنهض من فراشها، دون أن تأكل سوى القليل حدًا و الذي بالكاد يجعلها تصمُد، تلك الكدمة التي أخذت حيز لا بأس به بظهرها كانت تضاهي كدمات قلبها، تغمض عيناها فـ لا ترى وجهه و لا تشتّم راحته فـ تعود لتنام مرة أخرى هاربة من واقعٍ يخلو منه، فـ تتمنى أن تحلم به و لكن لا يحدث، و كأنه يعاقبها في صحوتها و نومها، و في اليوم الثالث بعد مُنتصف الليل .. داعبت أنفها رائحته فـ فُزعت و نهضت، و بالفعل وجدته يقف في الشرفة مستندًا على سورها، ظنته خيال و إن كان .. نهضت تتبعُه تناديه و قد تشكل الألم على هيئة حروف فخرج منها:
- فـ .. فريد!! آآه!!
تآوهت عندما نهضت فجأة فإشتد الألم بظهرها، لم يوقفها الألم لتنهض تسير دانية منه، وقفت خلفُه و همست بإشتياق بلغ حدُه معها:
- فريد!!!
لم يلتفت لها، فـ إزدردت ريقها و مدت كفها تميد على ظهره العضلي بحنان تؤكد لنفسها بأنه ليس بسرابٍ، تعالت أنفاسها تحارب شهقات دمعاتها، لكن خرجت فـ قالت بصوتٍ ينفطر له القلوب:
- فريد أنا أسفة .. متعاقبنيش ببُعدك!!!
- إنت مش عايز تبُصلي يعني؟
قالت و شهقات بكائها تخرج واحدة تلو الأخرى، فأغمض عيناه، و لم يلتفت ضاغطًا بكل قسوة على الجرح الذي يؤلمها، فـ يسمعها تقول بكل وجعٍ:
- يعني كرهتني؟
إختنق صوتها بالبكاء و هي تغمغم:
- بعدت عني كُل ده .. طيب مكُنتش خايف يجرالي حاجة!!
لازال الصمت هو من يجيبها، فـ أمسكت بذراعه برفقٍ تلفُه لها فوجدت ملامحه التي رغم خوائها إشتاقت لها، بكت من قلبها تحاوط وجنتيه تقول وسط شهقاتها كطفلٍ قضى ليلُه يبكي بحُرقة:
- وحشتني أوي!!!
لم ترى تأثر بعيناه، فـ أسبلت مقلتيها بحُزن لترى كفه الذي إلتفّ فوق شاش أبيض، جزعت عليه تحاوط بكفيها تقول بقلقٍ:
- لسه بتوجعك؟
أيضًا لم يُجيبها، فـ ترجته قائلة:
- إتكلم .. قول أي حاجة! مستكتر عليا صوتك؟!!!
- عايز أطلّقك!!!
قالها بكل برودٍ صدمها، بل وجعلها تترك كفه الذي كان بين يداها، تنظر له محملقةً و التعابير إنمحت بـ ممحاة من فوق وجهه، لم تقُل شيء، لازال لسانها المسكن منعقدًا لا يقوى على نطق حرفٍ، فقط عيناها من تُذرف الدمع على عشقٍ يُختم بالنهاية الآن، شعرت بهوان كل شيء حولها، هوان ألم جسدها أثر كدمةٍ لم تزول .. هوان صداع يفتك بـ رأسها، هوان ألم تغلغل لـ معدتها فـ جعلها تزمجر بوجعٍ، هوان ألم خلايا جسدها بأكمل التي تأثرت بما يقول، و لم يتبقى سوى صوت دقات قلبٍ جريح يخفق بعنف صمّ أذنيها، إبتعدت عنه تعود للخلف و كأن ما قال كـ دفعةٍ من يداه لصدرها، و أخيرًا تحرر لسانها فـ همست و لازالت الصاعقة تحتل ملامحها:
- إنت بتقول إيه؟!!
قال بجمود يبتعد عنها دالفًا للغرفة:
- اللي سمعتيه!! مش هقدر أثق فيكِ تاني، و مينفعش أسيبك على ذمتي و أنا مش واثق فيكِ!!
إلتفتت له تسير ببطء هي الأخرى لـ داخل الغرفة، تنظر له ظنًا منه أنه لربما يمزح .. أو هي في كابوسٍ لعين ستستفيق منه بعد لحظات، لكن صوته و هو يتابع بصوته القاسي كان كالصفعة على وجنتها:
- على فكرة أنا مش باخد رأيك .. أنا بس بعرّفك عشان متتفاجئيش لما تلاقي ورقة طلاقك قدامك!!!
إرتجف بدنها و هو يكرر ذات الكلمة أمامها مرة أخرى لا يراعي الإرتعاش الذي يسير بجشدها كمن ضربتها صاعقة كهربية، إقتربت منه تنظر له هامسة بصوتٍ به غصّة:
- عايز تطلقني؟ يعني هيهون عليك تسيبني عادي؟
كان ترجوه بأسئلة تزيد من ألمها أكثر أن ينفي ما تقول، ترجوه أن ينطق فقط أنه لن يفرط بها، و أنها ستبقى مقترنة بإسمه إلى الأبد لكنها وجدت صمت تام حرق روحها، فـ قالت بأنفاسٍ بالكاد تؤخذ:
- ليه كل ده؟ عشان إيه؟
نظر لها بـ برود قارس، ثم قال بـ قسوةٍ:
- هسيبك إزاي على ذمتي بعد ما خُنتي ثقتي فيكِ و خدتي برشام عشان متخلفيش مني!!
قالت بـ بُطء:
- قولتلك .. نفسيتي كانت مش مستقرة بعد وفاة أمي، ليه .. ليه مراعِتش ده؟!
صوته تعالى و صرخ بوجهها:
- لاء راعيت!!! بس مش لدرجة إنك تمنعيني أبقى أب عشان أمك اللي أصلًا متستاهلش اللي إنتِ عاملاه ده كلُه!!!
عادت للخلف تستند على الفراش، لتجلس عليه و قدميه باتا لا يحملاها، لم تقُل شيء، لم تقوى على الحديث و هي تكاد تقسم أن نبضات قلبها على وشك أن تتوقف، للحظاتٍ تخيّلت أن تعيش بدونه فـ لم تستطع، أغمضت عيناها تبكي بصمت دون أن تصدر صوت، فـ نظر هو لها، نظر لجسدها الهزيل فهي بالتأكيد لا تأكل، نظر لـ كفها الذي يرتجف و هو مستند تلى الفراش، نظر لشحوب وجهها و لعيناها المُطبقة، و شفتيها اللواتي همسا:
- لو دي رغبتك فـ أنا طبعًا مش هقدر أمنعك، و لا هقدر أخليك معايا و إنت مش عايز!!!
تأمل كلماتها للحظات، ثم قال بهدوء:
- كويس .. يبقى إتفقنا!
فتحت عيناها و مسحت دمعاتها ترفع عيناها له تقول بإبتسامة لا حياة بها:
- بكرة الصبح نروح لأقرب مأذون!
- من غير ما تقولي!!
قالها ساخرًا، فـ إبتلعت غصة كانت بحلقها بمرارةٍ، ليتابع و هو يتجه للمرحاض:
- حقوقك كلها هتبقى عندك و زيادة!
دلف و أغلق الباب خلفه فـ ضحكت بمرارة، تعيد غرتها خلف أذنها برجفةٍ، تنهض واقفة أمام مرآتها، تبتسم بـ حزن و هي تتأمل ملامحها التي بُهتت، نظرت للكنزة التي ترتديها و أسفلها بنطال يصل لما بعد ركبتيها، فـ رفعت طرف الكنزة و إلتفتت تنظر لجانب خصرها مصدومة من حجم الكدمة الذي يكبر يومًا بعد يوم، وضعت أناملها عليها بخفةٍ فـ أطلقت آهٍ مُتألمة فورما لمستها فقط، تساقطت دمعاتها تنظر لزُرقتها تتذكر ذلك اليوم المشئوم، حتى وجدته يخرج من المرحاض فـ أسرعت تنزل كنزتها، لمح هو ذلك الإزرقاق الذي أخذ حيز من جانب خصرها و ظهرها، قطّب حاجبيه بإستغرابٍ ثم دنى منها يقول:
- إيه الزرقان ده؟!
أسرعت تقول بـ توتر:
- ولا حاجه!!
- مبتشبعيش كدب؟!!!
قالها بحدةٍ فـ صمتت تبتلع باقي الكلمات بجوفها من إتهامه لها، وجدته يقربها منه ممسكًا بذراعها يرفع تلك الكنزة عن خصرها فـ توسعت عيناه عندما وجد تلك الكدمة التي لم تكُن بالصغيرة، رفع عيناه اامصدومة لها ليقول و هو يعود ينظر لخصرها المكدوم:
- من إيه دي؟
قالت بخفوت:
- يومها لما زقتني .. إتخبطت في كُرسي التسريحة!
تنهد بضيق من ذلك ذلك اليوم، هل دفعها بتلك القسوة؟ كيف لم ينتبه لها و لا لألمها؟ أنبه ضميرُه قليلًا على فعلتُه معها، ليقول بأمرٍ حاد:
- روحي أقعدي على السرير!!
- ليه؟
قالت بدهشة فـ هتف بنفس النبرة:
- من غير ليه!!
ذهبت تجرُّ قدميها لتجلس على الفراش، بحث في درج الكومود عن أكثر من مرهم و أخذهم، جلس خلفها و برفق دفعها لتنام على معدتها، فعلت بتوجسٍ تتمتم:
- هتعمل إيه!!
رفع كنزتها فـ إنتفض و همت بالنهوض صارخة بفزعٍ:
- لاء لاء متحطش عليها حاجه أنا .. أنا مش قادرة أحط صباعي حتى عليها!!!
وضع كفه فوق كتفها يقول بهدوء:
- متخافيش
نفت برأسها ترجوه بدمعاتٍ:
- لاء بالله عليك .. والله هتوجعني أوي!!!
لان قلبُه لها فـ قال برفق:
- هحطُه بالراحة .. متخافيش!!
تنهدت بيأسٍ من أن يتركها فـ صمتت، أفرغ هو القليل من چلٍ لزج فوق إنمليه، و من ثم برفقٍ شديد فرد طبقة الچل فـ تآوهت بخفوتٍ تآوهات أذهبت بالباقي من عقله، أبعد أناملُه، ثم عاد يفعل المثل، عندما إمتص جلدها الچل أخذ الكريم و وضعه مباشرةً على الكدمة و فعل نفس الشيء، إرتخت قليلًا من تشنج جسدها أثر لمساتُه التي و للغرابة لا تؤلمها، لا تعلم لمَ أرادت أن تغمض عيناها لترى ماذا سيفعل، فعلت بالفعل و أغمضت عيناها تدّعي النوم، فـ لم يتغير شيء بالبداية، لكن عندما أنهى ما يفعل مسّد على خصلاتها بحنان أذاب قلبها، و مال يُقبل الكدمة قبلة تلي الأخرى، يسند جبينُه فوق ظهرها يوزع قبلات على كل ما ظهر منها، حتى مسح بإبهامه فوق كدمتها يهمس:
- كانت تتقطع إيدي قبل ما أزُقك!!!
أنزل الكنزة بالقوة يبتعد عنها، يتركها نائمة و يغلق الأنوار لينام جوارها، مدركًا أنها الليلة الأخيرة .. التي سينام بها .. جوارها، و التي سينام بها عامةً!! كانت هي لازالت مُستفيقة، و بالكاد تُسيطر على دمعاتها و إرتجاف جسدها، حتى نام .. نام دون أن يأخذها بين ذراعيه، نظرت له بعدما لفّت وجهها إليه فـ لم تجدُه سوى قد نام بعمقٍ، نامت هي الأخرى عاجزة أن تنام بأحضانه فيستيقظ فتُهزم بضعفها أمامه مجددًا، حتى كان آخر ما رأته .. وجهه!!
• • • • • •
- المأذون جاي في الطريق!!
قالها بجمودٍ و هو يجلس على المقعد ينفث دخان لُفافة تبغ كانت في يدُه، تجلس هي أمامه على الفراش شاردة في اللاشيء، حتى إلتفتت له .. و سألته و شحوب وجهها يزداد:
- بتعمل فينا كدا ليه؟
قال بسُخرية مريرة:
- إنتِ اللي عملتي فينا كدا!
نهضت واقفة أمامه تُطالع ذلك الجمود المرتسم على وجهه، تقول بألمٍ:
- و إنت ما صدّقت صح؟ .. بذمتك إنت حبِتني؟!!
نهض واقفًا أمامها صارخًا بوجهها:
- أنا مش بس حبيتك!!! ده أنا كنت بحب التراب اللي رجلك بتمشي عليه يا ست هانم!!
إرتعشت شفتيها تدمدم بخفوتٍ:
- و دلوقتي؟
زاغت عيناه من سؤالٍ لا يود الإجابة عليه، فإن صدَق قولُه سيظهر أمامها ضعيفًا لا قيمة له، و إن كذب سيخسرها للأبد و يفوز بكرامته، أغمض عيناه يتهرب من الإجابة فـ وجدها تقترب منه، أنفاسها الحارة تضرب بوجهه فـ يتنفس أنفاسها، تتمسك بـ تلابيب قميصُه هامسة بحُزنٍ:
- بُصلي .. قولّي إنك مبقتش تحبني!!!
فتح عيناه و نظر لها بنفس النظرات الجامدة دون أن يجيبها، فـ لم تستسلم لنظراته التي رغم برودها .. تحرقها، رفعت كفيها لوجهه تتلمس وجنتيه المغطاه بذقن غير حليقة، تقف على أطراف أصابعهت و تهمس أمام شفتيه بصوتٍ أفلت من يدُه زمام الأمور:
- يلا .. قول إنك مبتحبش نور .. و مبتعشقش .. نور!
- إبعدي!
قالها في محاولةٍ منه ألا يستسلم لـ سحر إغوائها، لكن دعست هي على كرامتها بعد كلمةٍ لو كانت في موقف عادٍ لأبتعدت عنه كيلومترات، و لكنها على شفا أن تتركه و يتركها إلى الأبد و هذا الذي لا توَّده أبدًا!، تجرأت فـ إقتربت أكثر، وطبعت شفتيها فوق شفتيه بقلة خبرة منها جعلته أكثر جنونًا، إنتظرت لحظاتٍ حتى بادلها بل و سار بشفتيه على كامل وجهها و كأنه يشبع منها و لكنه لا يشبع، حتى إبتعد بعد دقائق و قد هُزم منها، يوليها ظهرها و يضرب بكفيه باب الشرفة فـ إبتسمت هي على نيرانه المُشتعلة بفِعلتها، إبتسمت بإنتشاءٍ غمر روحها عندما تيقنت أنه لازال و سيظل عاشقًا .. متيمًا بها!! فـ قالت والثقة إرتفعت لعنان السماء بـ تأثيرها عليه:
- أنا بس بثبتلك إنك بتعشقني .. و إني هفضل محفورة في قلبك و عقلك للأبد، و حتى لو إطلّقنا .. هتفضل تحبني لآخر نفس فيك!!!
لم يقُل شيء، فـ تحركت تقف أمامه بلهفةٍ تقول بعشقٍ:
- و أنا كمان يا فريد .. أنا مش بعاند فيك .. أنا بموت فيك!!!
أغمض عيناه يزمجر بحدةٍ فـ إبتسمت تقول بحُب:
- بلاش تعند إنت كمان .. لا إنت تقدرتعيش من غيري و لا أنا أقدر أعيش في حياة إنت مش فيها!!!
لم يتحمل و إنقض على كتفيها يحاوطهمها يهزُزها بقوةٍ هادرًا:
- كل اللي عملتيه ده ميثبتش إني لسه بحبك .. اللي حصل ده طبيعي من راجل لـ ست حلوة بتعرض نفسها عليه مش أكتر!!!
إنطفئت لمعة عيناها أثر كلماته، ليتابع بقسوةٍ:
- بلاش الجلالة تاخدك و تفتكري إنك لسه حاجه كبيرة في حياتي .. حقوقك خسرتيها لما فكرتي إنك تتصرفي في قرار مصيري لوحدك .. و حُبي إنتهى من أول ما عرفت إنك أنانية مبتفكريش غير في نفسك بس!!!
لمعت عيناها و لكن بالدمعات تلك المرة، فـ همت بالنطق لولا كلمته التي أخرستها و جعلتها تبتلع باقي الكلمات بجوفها:
- إنتِ طالق يا نور!!!!
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺