expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

رواية أجنبية بقبضة صعيدي الفصل الثالث والرابع بقلم نورا عبد العزيز

رواية  أجنبية بقبضة صعيدي الفصل الثالث والرابع بقلم نورا عبد العزيز

رواية  أجنبية بقبضة صعيدي البارت الثالث والرابع بقلم نورا عبد العزيز

 الفصـــل الثـالـث 


ترجلت "حلا" من سيارته بصعوبة من قدمها المجرحة وسارت خلفه بخطوات بطيئة، أسرعت "فريدة" إليه بسعادة من عودتها وساندتها وكان الجميع نائمون، دلفت "حلا" إلى الغرفة أسفل الدرج مع "فريدة" لتعمق لها جروحها بينما صعد "عاصم" إلى غرفته ليستريح قليلًا بما أن اليوم هو الجمعة، نظرت "فريدة" عليها وهى نائمة بجوارها ثم تبسمت بخفوت عليها وقالت مُتمتمة:-

-كيف يزعل منك وأنتِ طفلة باكية


خرجت من الغرفة وكانت الساعة التاسعة لتراه واقفًا خلف الباب وأوشك على طرقه فقالت بنبرة خافتة مُتحاشية النظر إليه:-

-هى نايمة بس ممكن تدخل لها 


رحلت من أمامه دون أن تشاجره أو تجادله فى علاقتهما فنظر إليها وهى ترحل بأختناق، لا يُصدق بأن مر أسبوعين على خصامهم وهو لا يستمع لتفاصيل يومها المليئة بالبساطة لكنها تسعده فقط لأنها من "فريدة" حبيبته، تأفف بضيق ومر من أمام الغرفة دون أن يدخل يطمئن على اخته..


أجتمع الجميع بعد صلاة الجمعة على السفرة ووكانوا يتناولون الطعام فى صمت لكنها الوحيدة التى كانت الغائبة، هذه الضيفة التى لم يرحب بها أحد، كان "عاصم" يتناول إفطاره وعينيه تراقب "مُفيدة" وعقله لا يتوقف عن التحدث إليه ويتردد فى أذنه كلمتها (أنا بس كنت جعانة)، فتح باب غرفتها وخرجت منها مُرتدية شورت وردي اللون يصل إلى ركبتها وتي شيرت أبيض اللون وشعرها مسدول على ذراعيها ثم أسرعت نحو الباب ببراءة حافية الأقدام ليتطلع "مازن" بها فوجد "ناجية" تقف على الباب مع أحد رجال "عاصم" المصاحب لرجل أخر يحمل وجبة طعام، أعطته "حلا" المال وهى تأخذ الطعام، تتطلع الرجل بالمال بتعجب وهكذا ملابس هذه الفتاة بدهشة وقال معترضًا:-

-أنا عايز فلوس مصري


نظرت "ناجية" إليها لكنها هزت أكتافها بمعنى انها لا تملك من المال ما يريده، ذهب "مازن" إلليه ودفع إليه لتأخذ طعامها بسعادة وتعود إلى غرفتها لكن بهذه اللحظة أستوقفها "عاصم" قائلًا:-

-حلا


ألتفت إليه ببرود شديد ثم تقدمت نحوهم، تطلع الجميع بها ليقول:-

-أجعدي


نظرت للسفرة بدهشة وقالت بتعجل مُسرعة:-

-لا لا than…. 

نظرت إلى أخاها وتذكرت أول شيء قاله إليها وقالت بخوف منه:-

-شكرًا 


لم يستمع إليها بل ظل صمتًا لتشير إليها "فريدة" بأن تجلس، لتجلس فى المقعد المقابل له فى مقدمة السفرة بعيدًا عن الجميع وما زالت تحتضن طعامها بيديها، نظر إلى "مفيدة" وقال:-

-مرت عمي

رفعت "مفيدة" رأسها إليه بأرتباك، تابع "عاصم" بنبرة هادئة مُخيفة رغم هدوءها:-

-معايزش أفكرك أنها بنت عمى، يعنى كيفها كيفك كل واحد جاعد على السفرة دى، تحت حمايتى وفى بيتى، كون حضرتك كارهها أو أى شيء تاني دا شيء يخصك، بس لا عاش ولا كان اللى ينام حد من عائلة الشرقاوي فى الشارع


كادت "مفيدة" أن تقاطعه بكلمات قائلة:-

-يا عاصم ....


صاح بنبرة أكثر رعبًا مُرتفعة ومُنفعلًا قائلًا:-

-من غير مبررات، لأن مهما كان مبرر حضرتك فهو مش كافي أن يدك تتمد عليها، من ميتي وفى حد بينضرب من عائلة الشرقاوي، ورب الكون اللى خلجنى وخلجك ولو أتكررت ومهتتوجعيش نهائيًا أنا ممكن أعمل أيه


كان "مازن" جالسًا ولم يعارضه فربما إذا تحدث مُدافعًا عن والدته يزداد الأمر سوءًا، بل والدته استحقت هذا فهى من تجرأت على طفلة جاهلة لم ترتكب بحقها شيء، نظرت "مفيدة" إلى "حلا" المُندهشة مما تسمعه وقسوته التى تراها ثم رحلت من أمام الجميع غاضبة، صاح بنبرة عالية قائلًا:-

-ناجية...


جاءته مُلبية ندائه ليقول:-

=أبجي أطلعي جهزى أوضة للضيفة 


أومأت إليه بنعم ليقف من أمام الجميع مُغادرًا ببروده كأنه إنسانًا إلي يتحرك ويتحدث وجهه خالي من أى مشاعر، نظر الجميع إلى "حلا" لتشعر بحرج من نظراتهم فأسرعت بدخول غرفتها..


______________________________


وصل "ليام" إلى الصعيد بصحبة مساعده وسأل عن منزل عائلة الشرقاوي ثم أتجه مع وصف الناس إليه وأوقف السيارة مُندهشًا أمام المنزل من ضخامته وثرائهم فقال المساعد:-

-متأكد انها هنا؟


أجابه الرجل السوري "ليام" قائلًا:-

-أكيد أهنا


____________________________


جهزت "حلا" حقيبة ظهرها الصغيرة بعد أن وضعت مبلغ المال الذي تملكه وخرجت بعد أن بدلت ملابسها بخوف من أخاها وأرتدت بنطلون أسود ضيقًا جدًا وتي شيرت قصير يظهر جزءًا من خصرها ووضعت فوقه جاكيت من الجلد الأسود وأرتدت حذاء رياضي، خرجت من المنزل دون أن تأخذ أذنًا من أحد وأتجهت إلى حيث البنك مع وصف الجميع لها عن طريقه، دلفت إلى هناك راغبة بتحول الأموال إلى مصرية، بعد ساعتين من الأنتظار غادرت من البنك وهى تضع أموالها فى الحقيبة ليراها "عاصم" من خلف الزجاج ليستعجل الموظف فى إيداع المال...

كانت تسير فى الطريق بحماس شديد لشراء أغراض لها، لكن أستوقفها رجل لا تعرفه عندما وقف أمامها وقال:-

-حلا


عادت خطوة للخلف بقلق وأستغراب شديد من أين يعرفها وقالت بخفوت:-

-أنت تعرفني؟


أومأ إليها بنعم ثم تبسم بخبث شديد وهو يقول:-

-وأنتِ هتعرفينى عن قريب؟


لهجته لم تكن صعيدية كما تسمع هؤلاء الناس فعادت خطوة أخرى للخلف فمسك الرجل يدها مُسرعًا قبل أن تبعد عنه وقال:-

-أنا من طرف أمك، بتعرفي أنها باعتك ما هيك؟


أتسعت أعينها على مصراعيها فهى هربت من بلدها وجاءت لهنا حتى تهرب من هؤلاء الرجال وأنقبض قلبها رعبًا من أن يأخذها، ألتف الرجل ليرحل بها وقبل أن يخطى خطوة واحدة بها شعر بيد قوة تمسك معصم يده المُتشبثة به، نظرت "حلا" لتراه "عاصم" فأبتلعت لعابها بخوف شديد ومسكت يده وهى تقول:-

-لا تخلي يأخدوني


أبعد "عاصم" يده عنها بالقوة ثم وقف بالمنتصف لتختبي خلفه ليخبره الرجل بما فعلته والدتها وأنها أخذت المال منهم مقابلها لذا "حلا" الآن ملكًا لهم لما يكمل الرجل كلمته وذعر رعبًا عندما أخرج "عاصم" مسدسه من عباءته وقال:-

-أنطجها مرة كمان وأنا أخليها أخر حاجة تنطجها بعمرك كله


أرتعبت "حلا" رعبًا عندما رأت مسدسه وهو يصوبه بقلب هذا الرجل دون خوف أو تردد فى قتله علنًا، فزع الرجل من المسدس المصوب فى قلبه ولم يتخيل نهائيًا هذا رد الفعل العنيف، جذبه "عاصم" من لياقته بقوة لم ترجف له عينٕ وهو يضع مسدسه فى رأس هذا الرجل ويقول بنبرة مُخيفة:-

-جرب تلمسها مرة تانية وأنا أخلي البلد كلتها تتعلم درس عمرها ما شافته ولا هتتعلمه غير من عاصم الشرقاوي 


كانت "حلا" ترتجف رعبًا وهى تختبي خلف ظهره وتتشبث بعباءته، شعر برجفة يديها فى ظهره وعينيه تتطاير منها الشر والغضب لهذا الرجل لتقتله محله وتجعله على وشك التبول من الخوف، تنحنح الرجل بخوف من "عاصم" وقال:-

-هي ملك له وهو مش هيسكت غير لما يأخدها 


رفع المسدس على رأسه من الأعلي وأطلق رصاصتين لينتفض الرجل رعبًا فقال "عاصم" بلهجة حادة:-

-إحنا حريمنا أحرار مهمش ملك لحد وهعلمك حاجة تعلمها للى بعتك


نظر الرجل إليه بدهشة مُتعجبًا من هذا الحديث لكن سرعان ما أطلق "عاصم" رصاصته فى ذراع الرجل وقال:-

-دا عشان يدك اللى لمستها 


صرخ الرجل بألم فى حين أن "عاصم" لم يبالي بما يحدث وألتف ليأخذها من يدها وعينيها مُتسعة على مصراعيها بخوف من غضبه وما رأته للتو صادرًا منه، أخذها من يدها وذهب فسارت مع صامتة ولا تصدق ما تراه، تحدق به ولا تبالي بطريقها فتحدث دون أن ينظر إليها:-

-مالك؟؟ 


تمتمت بنبرة خافتة وقلبها ينقبض مذعورًا:-

-أنت ضربته بالنار!! 


ألتف إليها وأخذ خطوة نحوها ليصبح على قرب شديد منها وهمس بنبرة دافئة قائلًا:-

-عشان لمسك ولو جرب يعملها مرة تانية هقطعها له، أنتِ متتلمسيش 


أربكتها نبرته وكلماته رغم عنفه وكلماته المُرعبة إلا أنها أشعرتها بالطمأنينة اللا نهائية، رغم عنفه وشراسته وقلبه المُتجمد إلا أن وحده من يشعرها بالأمان والسلام لتخفض رأسها مُتحاشية النظر إليه وتغلق أناملها على كم عباءته مُتشبثة به ليكمل طريقه بها فأنتبه إلى هؤلاء الذين يحدقون بها، نظر إليها ببرود فأنتبه إلى ملابسها ليقترب منها غاضبًا ثم أغلق سحاب جاكيتها يخفي خصرها العاري ثم وضع عباءته على أكتافها وهو يقول:-

-أبجى أتحشمي فى خلجاتي


لم تفهم كلماته فتأفف بتذمر شديد على جهلها ثم أخذها إلى سيارته وأنطلق بها إلى المنزل لتقول بتذمر:-

-أنا عايزة أشتري هاجات


ضحك على لهجتها المكسورة خلسًا ثم قال:-

-بعدين


قالها وهو ينظر فى المرآة على السيارة التى تسير خلفه تترقبه، وصل للمنزل وكانت "هيام" و"سارة" و"فريدة" جالسون فى الحديقة على الطاولة الخشبية يتسامرون فدهشوا عندما روأها تترجل من سيارته لتقول "هيام" بفضول شديد:-

-البنت دى أكيد مجنونة 


ضحكت "سارة" على "حلا" ثم قالت:-

-بالعكس أنا شايفة أنها جريئة


أجابتها "هيام" بسخرية وهى تتحاشي النظر عنهما وقالت:-

-مُستحيل، حبيبتى كل الناس بتبعد عن عاصم، ليكون فى علمك أن دا عاصم الشرقاوي هى الغبية الوحيدة اللى بتتكلم وياه، معجول دا


أجابتها "فريدة" بنبرة هادئة عفوية وتقول:-

-طب أنتوا عارفين أنها شبه بنته وبيليج أنه يكون أبوها


خرجت ضحكة ساخرة من "هيام" وهى تنظر عليهم مُجددًا وتقول:-

-أنتي عشمانة أن ممكن تشوفي عاصم أب، حبيبتى فوجي دا عاصم من جبروته وقسوته مفيش حد عايز يجوزه بنته، أفتكرى دا 


نظر بدهشة عليهم و"حلا" تركض ورائه غاضبة منه وتقول:-

-خليهم يخرجوني ليه قلت لهمما يطلعوني


لم يبالي بصراخها وركضها خلفه، دلف إلى غرفة المكتب وأتصل بـ "مازن" ليأتي إليه وبعد نصف ساعة حضر "مازن" ليخبره "عاصم" بقدوم هؤلاء لأخذ أخته أتسعت عيني "مازن" على مصراعيها وقال بصدمة ألجمته:-

-مستحيل 


ظل "عاصم" صامتًا وعقله لا يتوقف عن التفكير فوقف "مازن" غاضبًا وخائفًا مما ستجرى له الأمور، وما سيحدث مع أخته؟ ليصرخ غاضبًا:-

-أنت ساكت ليه؟


أجابه "عاصم" بهدوء شديد قائلًا:-

-أنا هحميها كيف ما أى حد من العائلة


صاح "مازن" بغيظ شديد من أفعال زوجة أبيه قائلًا:-

-والله تفتكر أنهم ضعفاء، عاصم دول جم وراها للصعيد لو كانوا سهلين مكنوش جم لحد هنا، جولي فى حد ما بيعرف عوايدنا وعاداتنا، دول قوادين ويا عالم بيشتغلوا فى أيه تاني


أجابه "عاصم" بأختناق شديد قائلًا:-

-والله لو كانوا مين محدش يجدر يلمسها غير على جثتي


جلس "مازن" أمامه مرة أخرى وقال بهدوء محاولًا تهدئة روعته:-

-الموضوع مش عافية ولا محتاج فتحت صدر


رفع "عاصم" حاجبه بغرور شديد لتأفف "مازن" غيظًا من عناد هذا الرجل ثم قال:-

-خلينا نكون صريحين، عمك وصاك عليها لحد ما تكمل 21 سنة، وبناءًا عليه أنت تكفلت بكل مصاريفها برا رغم جشع أمها..، أنت خابر زين أنى راجل ماليش فى العنف ولا التحديات 


أومأ "عاصم" إليه بنعم بصمت شديد ليتابع "مازن" قائلًا:-

-أنا هجولك نعمل أيه وتكمل وصيتك وأرتاح أنا...


______________________________ 


أتسعت اعين الجميع وهم مجتمعين فى الصالون أمام "مازن" وهكذا "حلا" لتصرخ غاضبة من قراره:-

-أتجوز، مستحيل، مين أنت لتقرر جوازي ها؟ بعدين إذا عايز تجوز حد عندك أخواتك أنا أصغر واحدة 


أجابها "مازن" ببرود شديد وهكذا نظر الجميع له بصدمة قائلًا:-

-وأنا قلت هتتجوزي يعنى هتتجوزي وبدون نجاش وأنا أتكلمت ويا عريسك وبعدين متسنيش ورثك اللى مهتسلتموش إلا بعد سن الـ21 سنة ويا عالم يمكن دا السبب اللى خلي أمك تجيبك عندنا 


صاحت بأنفعال شديد بعد أن وقفت من مقعدها غاضبة من قراره:-

-مين أنت لتقرر جوازي ها؟ أنت حتى ما بتعرف عني شيء؟ لا حتى سألت عن الكلية تباعي ولا عن حياتي، أنت حتى ما ضمتنى أبدًا حتى الآن ولا قبلتوا بيا أخت ليكم وهلا بتقول أتجوز، مستحيل ... كفاية تقرروا عني ....


غادرت غاضبة وعلى وشك الأنفجار كالبركان الناري، من قبل قرار والدها تركها للعيش مع والدتها دون أن يسأل عن قرارها و أمس قررت والدتها بيعها والآن قرر هو جوازها ولم يسألها أحدًا نهائيًا عن رأيها أو ما ترغب بفعله فى حياتها هي، جلست على العشب الأخضر فى الحديقة وبدأت فى البكاء كعادتها وجميعهم يتحكمون بحياتها كأنها جارية لديهم او دُمية يحركوها....


نظرت "مفيدة" إلى "مازن" بضيق شديد ثم قالت:-

-أنت أزاى تأخد جرار زى دا من غير ما تجولي


سألها "مازن" بحدة ونبرة غليظة:-

-حضرتك عندك أستعداد تتحملي مسئوليتها


تأففت بضيق شديد ثم قالت بتذمر:-

-يلا على الأجل هتروح لبيت تاني وهترحم من جرفها، ومين بجى عريس الغفلة اللى جبل فى الصعيد أنه يتجوز اجنبية 


أجابها "مازن" ببرود شديد قائلًا:-

-عاصم الشرقاوي


وقفت "مفيدة" من مقعدها بذعر شديد  وهكذا اخواته البنات اللاتي لم يصدقون قراره وموافقة "عاصم" على الزواج منها لتصرخ "مُفيدة" غاضبة:-

-وطبعًا دا جرارك ما هو عاصم مهوش مجنون عشان يطلب يدها وهى مبجالهاش سبوع فى دارنا


أومأ إليها بنعم لتصرخ بأنفعال أكبر:-

-أنت جنت، تجوزها عاصم، أنت عاوز تركبها عليا يا مازن، أنت ناسي أن عاصم هو الكبير وهى أكدة هتكون مرت الكبير


ألتف كى يغادر بلا مبالاة مُجيبًا عليها بمكر شديد:-

-أهو على الأجل تبطلي ضرب فيها هبابة


مسحت "مفيدة" وجهها بكفيها غاضبة، أقتربت "هيام" مُبتسمة وهى تقول:-

-والله شاطر مازن أخويا


ضربتها "مُفيدة" على رأسها لتضحك بسخرية وغادرت بينما "سارة" عانقت والدتها بلطف وقالت:-

-أهدئي يا امي، أنا لسه متعرفتش عليها بس صدجينى شكلها طيبة 


دفعتها "مفيدة" بغيظ شديد وهى تتأفف قائلة:-

-بعدي عني يا بت أنتِ، أنتوا مش ولادي لا


صعدت إلى غرفتها غاضبة من الجميع، بحث "مازن" كثيرًا عن "حلا" ولم يجد لها أثرًا فى المنزل كاملًا ليُتمتم بأختناق:-

-هتروحي مين فين؟


_______________________________


كان "عاصم" جالسًا على الحظيرة بالأرض الزراعية شاردًا أمام الدائرة النارية المُلتهبة، يفكر بقرار "مازن" بعد أن عرض زواج أخته عليه، مد "حمدى" يده إليه بكوب من الشاي الساخن وقال:-

-مالك يا ولدي


نظر "عاصم" إليه بضيق شديد وكأنه يحمل على عاتقه جبلًا جديد ثم قال بعد ان أخذ كوب الشاي:-

-هجولك يا عم حمدي، أنا ماليش غيرك أفضفض وياه ويفهمني


نظر "حمدي" إليه ليخبره "عاصم" بنبرة مليئة بالأثقال والكثير من الأعباء بطلب "مازن" ليبتسم "حمدي" بحماس شديد قائلًا:-

-على البركة طبعًا أنا موافج


نظر "عاصم" إليه بأندهاش ليقول:-

-يا ولدي أنت زين شباب البلد كلتها والكبير مش بس كبير عائلتك لا كبير الكل أهنا، رميت كل حاجة وحرمت حالك من دخول الجامعة بسبب قسوة جدك ورغبته أنه يعلمك الشغل ويخليك دراعه اليمين ومن بعدها بجيت الكبير وبعد موت جدك وعمك مبجاش للعائلة دى ضهر وسند غيرك، مازن ولد عمك سيد الرجالة مجلناش حاجة، لكن راجل مسالم مالهوش فى جاعدات الحج ولا يعرف يبجى الكبير، فيها أيه لما تتجوز وتعيش حياتك كيفهم 


ضحك "عاصم" بسخرية وهو يتمتم قائلًا:-

-أنت خدت الموضوع لمنعطف تاني خالص


كان يعلم أن زواجه منها مجرد مصلحة لأجل حمايتها وقد أتفاق "مازن" على الطلاق فور أتمامها العام 21 من العمر بعد أن تصبح راشدة، ليعود "عاصم" إلى المنزل فى اليوم التالي مساءًا مُنهكًا من التفكير وقد حسم أمره بهذا اليوم الذي بقي وحده بعيدًا عن المنزل ألا يقبل بهذا العرض فلن يتجوز نهائيًا بهذه الطريقة وسيتحمل مسئوليتها دون زواج ولن يلمسها أحد، دلف إلى غرفتها ونزع عمته عن رأسه ليبعثر شعره الأسود الكثيف بيده وألقي بنبوته وعباءته المفتوحة على المقعد وسار نحو خزينة ملابسه، 

فتح "عاصم" باب خزينة الملابس بتعب شديد مُنهكًا بعد يوم طويل فى العمل ودُهش عندما رأي "حلا" تجلس فى أرضية خزينة الملابس، ترك باب الخزينة ووضعهم خلف ظهره مُتشابكتين وقال بهدوء:-

-أنتِ بتعملي أيه أهنا؟ 


تبسمت بحرج من عثوره عليها داخل غرفته وقالت بتوتر شديد:-

-مخبية من مازن


ضحك على كلمتها بخباثة ولغتها العربية التى لا حول ولا قوة لها بسبب حياتها فى الخارج، تنحنح بجدية حادة وسأل بوجه عابس:-

-ومستخبية من أخوكي ليه؟ وملاجتيش مكان أفضل تستخبي فيه غير أوضتي 


أومأت إليه بضيق شديد وبدأ تخبره بتذمر من قرار أخاها قائلة:-

-مازن قرار يجوزني بالقوة ويحبسني فى بلد المتخلفين دى، ونقد كل كلامه 

معايا بعد ما ضحك عليا مشان إعلان الورث، طلع جايبين لهنا مشان يجوزني هنا من متخلف زيه 


أبتلع ريقه بهدوء من كلماتها فرغم محاولة هروبها من قرار أخاها إلا أنها دلفت للتو إلى وكر الأسد الذي أرادت الهرب منه باستماتة، حديثها يوحي  بشيء واحد بأنها لا تعلم بأن أخاها قرار أن يزوجها منه هو،""عاصم الشرقاوي" كبير عائلته بعد وفأة والدها ورغم كره والدها لقوته وسيطرة على كل شيء إلا أن علاقة صداقته بـ "مازن" القوية ما جعلته يقرر أن يجوز أخته الأجنبية منه لتظل بهذه البلد بجواره وتحت عينيه حتى وأن كان هذا الزواج بالقوة ورغمًا عن إرادتها، ظل صامتًا ويحدق بها لتشعر بخوف شديد من نظرته الحادة فترجلت من داخل الخزينة ووقفت أمامه بضيق وقالت:-

-ساعدني أهرب من هنا بعرف أنك بتقدر؟ 


أخذ خطوة نحوها وعينيه تتطلع بعينيها الخضراء ثم قال بنبرة مُخيفة:-

-معجول أهربك، وأجول للناس أيه عروستي هربت مني!! 


أتسعت عينيها على مصراعيها بقوة والصدمة التى ألجمتها لا تستوعبها، مُنذ أن وضعت قدمها فى هذه البلد وهى تصنع المشاكل والكوارث له فقط، وحشيته التى رأتها مع أهل البلد لا مثيل لها، كيف يجمعها القدر بوحش مثله؟ تمتمت بخوف من البقاء معه:-

-لا مستحيل!! 


تبسم بخبث إليها لتصيح به بانفعال من شدة صدمتها بكونه العريس المنتظر لها:-

-أنا مستحيل أتجوز من وحش زيك


عقد حاجبيه إليها ثم قال بغرور:-

-اللى تعرفيه تعمليه أعمليه، أخرك جيبه يا بنت عمي 


ضربه بقوة على صدره بقبضتيها الصغيرتين وقالت بصياح صارخة به:-

-أنت فاكر نفسك أيه؟ ولا هو فاكر نفسه ايه؟ أنا مواطنة أمريكية ومن الصبح هكون فى السفارة وخليني أنا أشوف أخركم 

مسك قبضتيها بقوة من فوق صدره وضغط عليها بأحكام حتى أوشك على همش عظامها بين أنامله وعينيه تتطاير منها الشر والغضب ثم قال:-

-ابجي حاولى مجرد محاولة تخرجي من الدار أهنا وأنا أوريكي الوحش اللى بتتكلمي عنه أخره أيه، والسفارة بتاعتك متجدرش تعمل حاجة لأن الظاهر أكدة أن نسيت أنك أهنا فى الصعيد يا بنت عمي، والفرح هيتم فى ميعاده ومهيلغهوش غير حالة واحدة أن نجلبه لجنازة العروسة اللى هي حضرتك... وغورى من خلجتي عشان تعبان وجرفان أشوفك 


دفعها بلطف بعد أن ترك أسر يدها لتنظر إليها بغضب مُلتهب كالنار التى على وشك ألتهام كل ما يقابلها، قلبها لا يحمل سوى الكره والغضب لهذا الرجل، عناده وقوته يرعباها خوفًا رغم تحليها بالشجاعة قدر المُستطاع أمامه لكنها لا تنكر أبدًا خوفه منه مثلما يخشاه كل من فى هذه البلد، مجرد ذكر اسمه يجعل الرجال تطأطأ راسها والنساء تختبيء، وصل لمنتصف الثلاثين من العمر ومع ذلك لم تقبل فتاة بهذه البلد من الزواج منه بسبب قسوته والآن أمرها أخاها بأن تكن هذه الزوجة، مجرد التفكير بكونها ستصبح زوجه لـ "عاصم الشرقاوي" يسلب أنفاسها كأنها وشك الموت القريب........


يتــــــبـع ......__الفصـــل الرابــــــع ( 4 ) ___


كانت تستشيط غيظًا من قرار أخاها، جالسة بغرفتها كالسجينة مُنقطعة عن الطعام تمامًا، ولجت "فريدة" إليها وهى تقول:-

-مهتتغديش يا حلا


أجابتها "حلا" بتذمر شديد ثم قالت:-

-قولت لا ،أتركني لوحدي


تبسمت "فريدة" بلطف وهى تسير نحوها ثم جلست على حافة الفراش وبسمتها لم تفارق وجهها بسبب هذه الفتاة المتذمرة وغاضبة كأن بأنقطاعها عن الطعام سيحل الأمر أو سيتراجع "مازن" عن قراره فهى ما زالت تجهل اخاها تمامًا، تحدثت بلطف قائلة:-

-طب جومي إحنا هنخرج نتغدا برا وبالمرة تتعرفي على أخواتك اللى لسه متعرفتيش عليهم


تذمرت "حلا" بضيق شديد قائلة:-

-هم من الأساس ما حابين يتعرفوا عليا


تبسمت "فريدة" بحماس مبهج وقالت:-

-بالعكس، هيام وسارة لطفاء جدًا ولما تتعرفي عليهم هتحبيهم، يلا غير هدومك على ما نجهز إحنا كمان


تمتمت بنبرة خافتة وهى تقوس شفتيها بحزن وتضم ركبتيها إلى صدرها بحزن قائلة:-

-مازن مانعنى من الخروج 


تبسمت "فريدة" بلطف وهى تقف من أمامها وقالت:-

-ألبسي بس وسيبى خروجك علينا


أومأت إليها بنعم، خرجت "فريدة" تستعد للخروج مع الفتيات وهى تجهل تمامًا ما ينتظر "حلا" خارج أسوار منزله، صعدوا للسيارة بصمت وجميعهم يشعرون بالحرج من وجود "حلا" معهم وكانت ترتدي بنطلون جينز وقميص مخطط مفتوح أسفله تي شيرت أبيض، نظرت إلى "سارة" و"هيام" بحرج من وجودها معهم فقالت "هيام" :-

-أنا معارضة جواز بابا من أمك، بس الصراحة شكلك لذيذة ومجنونة


نظرت "حلا" إليها بدهشة من كلمتها الأخير ثم قالت:-

-مجنونة!!


تبسمت "هيام" وهى تجلس فى الأمام بصحبة "فريدة" التى تقود السيارة ثم قالت:-

-اه مجنونة، تعرفي أنك الوحيدة اللى بتتجرأ تعلي صوتها على عاصم ولد عمي والصراحة بجي هو كمان أول مرة يهمل حد أكدة علي صوته عليه من غير ما يعلمه درسه محترم


لم تبالي "حلا" لقسوته التى يتحدث عنها هؤلاء لتقول "سارة" بحماس شديد وهى تنظر إلى "حلا" وتجلس جوارها بالخلف:-

-أنا فرحانة أن عندي أخت أصغر مني بس كنت خايفة أتكلم وياكي جدام أمى كانت تجتلني فيها ودلوجت لما نروح وهى تعاود من برا وتعرف أنك طلعتي ويانا أحتمال تولع فينا


ضحكوا الفتيات على كلماتها ثم قالت "فريدة" بحماس:-

-خلونا نتبسط دلوجت ولما نروح يبجى يحصل اللى يحصل


وصلوا إلى محل دجاج مقرمشات كبير ودلفوا الأربعة معًا ثم ذهبت "فريدة" لطلب طعامهم وكانت "حلا" تنظر حولها بسعادة تغمرها وتتفحص المكان وكان جميلًا لتبتسم بلطف وهى تتذكر لحظاتها مع صديقاتها بكاليفورنيا وكما كانت سعيدة حينها رغم تعاستها بالمنزل لكنها أستطاعت صنع سعادتها خارجه مع أصدقائها، سألت "سارة" بلطف:-

-بتضحكي على أيه؟


هزت رأسها بلا شيء، تحدثت "هيام" بنبرة لطيفة قائلة:-

-ما تجلجيش من حاجة إحنا هنا وياكي

أومأت "سارة" إليها بنعم مدعمة حديث أختها ولفت ذراعيها حول كتف "حلا" لتبتسم قليلًا بخفوت وهى تشعر بدفء العائلة لأول مرة مُنذ سنوات طويلة، جاءت "فريدة" وتحدثوا كثيرًا وهم يلتقطوا الصور على هاتف "فريدة"، تحدثت "هيام" بهدوء وهى تتناول الطعام:-

-يعنى أنتِ جرروا يجوزوكي لعاصم غصب عنك، ومازن اللى ماشي يأخد جرارات فى حياتنا دا معذب البنية معه


نظرت "حلا" إلى "فريدة" لتتابع "هيام" قائلة:-

-ميغركيش أنهم متخاصمين دلوجت، دا الأتنين دول بينهم جصة حب ولا قيس وليلي

تلاشت بسمة "فريدة" بعد أن أيقظه جرحها الذي لم يتوقف عن النزيف بداخلها، تجمعت الدموع فى عينيها وأنزلت سندوتشها على الطاولة لتدرك "حلا" كم هذه الفتاة لطيفة ورقيقة القلب، تبكي بسبب أخاها القاسي فتمتمت "حلا" بعناد شديد:-

-بيكفي بكاء، تعرفي أنك إذا بكيتي كتير هيمل منك، خلي... كيف بتقولها .... أيه خليكي برأسه يعنى مش عارفة أوصفهالك، إذا عصب عليكي عصبى أنتِ كمان وعلى صوتك، أنتِ مثله تمامًا


أنقرت "هيام" بأصبعها وهى تقول بحماس شديد:-

-اه خليكي زى ما عقلة الأصبع دى بتقول، شوفي رغم أنها متبانش من الأرض لكن شريرة فى نفسها 


تطلعت "حلا" بأختها "هيام" وكانت تتحدث بعفوية ورغم فوضويتها والطعام الذي يلوث فمها كانت تبدو من الخارج قوية بعينيها البنيتين وتلف حجابها الأزرق مع فستانها الأبيض المليئة بالفراشات الزرقاء،بشرتها متوسطة البياض وطويلة القامة، أجابتها "حلا" بغيظ شديد:-

-انا شريرة.. لا أنا ما بقبل حد يتحكم فيا


ضحكت "سارة" بسخرية شديدة وقالت:-

-واضح أن بيتنا هيكون عن حلبة مصارعة الأيام الجاية


نظرت "حلا" إليها ولم تفهم كلماتها لتتابع "سارة" قائلة:-

-جصدي بينك وبين زوجك المستجبلي، عاصم ما بيجبل حد يناجشه بس تجولي حاضر ونعم 


-مستحيل

قالتها "حلا" بغضب شديد ليضحكوا عليها بعفوية...


_________________________


خرج "عاصم" من مكتبه فى الشركة على صوت ضجة بالخارج وكان خلفه "مازن" ليُصدم الأثنين عندما رأوا "حلا" تقف أمامهم تتشاجر مع الموظف مُرتدية بنطلون جينز مُقطع جدًا من الأمام كأنها ترتدي شورت وليس بنطلون وعليه جاكيت أخضر مغلق يصل لخصرها، أسرع "مازن" إليها وأخذها من يدها إلى الداخل وكان "عاصم" يحدق بالموظفين الذين يرمقوا بنظراتهم وقد بدأ يتسامرون عنها فسمع أحدهم يقول بصوت خافت:-

-دى الخواجية اللى فى دار الشرقاوي 


ألتف ليدخل إلى مكتبه غاضبًا فسمع "مازن" يصرخ بها بأنفعال شديد قائلًا:-

هو أنا جولت أيه لما حطتي رجلك فى البلد دى ها؟


تأففت بضيق أمامه وقالت بعناد:-

-والله أنا كدة وما مسموح لك أبدًا تغير فيا حاجة


أخذ "مازن" خطوة نحوها بغضب شديد وهو يتأفف فى وجهها لتشعر بقشعريرة تسير فى جسدها من غضبه خائفة، وقال بنبرة مُخيفة:-

-متختبريش صبري عليكي أكتر من كدة يا حلا


أخذت خطوتها الأخير التى تفصل بينهم بعناد وتحدي ولم يرجف لها عين منه ثم قالت بنبرة هادئة باردة:-

-ما بخاف منك يا مازن ورينى أخرك


كز على أسنانه بأنفعال شديد ولم يتمالك أعصابه أمام عنادها الشديد فرفع يده أمام وجهها ليصفعها بقوة لتغمض عينيها بخوف منه وقبل أن يفعل أستوقفه صوت "عاصم" يقول:-

-مازن


ألتف "مازن" إليه وهو يخفض يده بأشمئزاز ويقول:-

-أنا هتجلط منها 


ترك المكتب ثم خرج غاضبًا لينظر "عاصم" إليها بنظرات حادة كالصقر الذي يخطط لقتل فريسته فى الحال، تطلعت "حلا" به وقالت:-

-أنا جاية أجولك كلمتين


سار نحوها بهدوء وهو يهندم ملابسه فى صمت مُنتظر أن يسمع كلماتها حتى وقف أمامها وقال:-

-سمعينى


تحدث بعنف شديد وهى تقول:-

-أنا ما موافقة على جوازي منك، أصلا أنت قولت أنى طفلة كيف هتتجوز طفلة مثله بعمر بنتك


ضحك "عاصم" بسخرية وهو ينحني قليلًا حتى يكون بمستواها فأبتلعت ريقها الجاف فى حلقها بأرتباك شديد من نظراته وكانت تشعر بأن صمته يقتلها قبل أن يتحدث فماذا إذا تحدث؟ حدق بعينيها ثم قال ببرود شديد:-

-أعتجد أن محدش طلب رأيك، خابرة ليه، لأنه مش مهم لا ليا ولا لأخوك


كزت على أسنانه غيظًا من بروده وكلماته الغليظة ثم قالت بضيق شديد:-

-هتتجوزنى غصب عني


أومأ إليها بنعم مُبتسمًا بحماس وهو يقول:-

-اه عشان أربيكي وأديكي لسه جايلة طفلة، كيف بنتى والآب بيربي، خابرة ليه لأنك لما تبجى مرتي مهتجدريش تطلعي من اوضتك بالجرف اللى لبساه دا، لأن فى اللحظة اللى هيلمح راجل غيرى طرف رجلك هيكون أخر يوم بعمرك


دفعته من صدره بعنف تخفي خلفه خوفه من كلماته والذعر الذي أصابها من نبرته وأنفاسه المُخيفة، صرخت غاضبة منه:-

-دا سجن مش جواز، أكدة دا سبب أنك ما لاقيت واحدة ترضي تتجوزك، لأن أنت فى صدرك حجر مستحيل يكون قلب


أعتدل فى وقفته بشموخ بعد أن ألمته كلماتها لكنه جيدًا فى إخفاء ألمه وأوجاعه وقال بنبرة باردة:-

-أنا كنت ناوي أرفض عرض أخوكي ومتجوزكيش لأن ميشرفنيش أتجوز واحدة كيفك ولا حتى تستاهلي أنك تشيلي أسمي بس عشان جلة ربايتك دى هتجوزك يا حلا وبعدها هتشوف كيف بيكون سجن عاصم الشرقاوي 


كادت أن تتحدث ليمسك ذراعها بقوة وجذبها إليه لتلتصق بصدره وهى تشهق بقوة خوفًا من قوتها فى جذبها بذراع واحد دون أن يتحرك له ساكنًا ورمق عينيها بنظرة حادة أرعبتها وقال:-

-أسمعي يا أرجوز أنتِ، أنا معايزش أشوف خلجتك دى غير بعد أربع أيام جصاد المأذون، وإياك رجلك تفكر تدخل الشركة دى مرة تانية لا دلوجت ولا بعدين.. دا لو معوزنيش أجطعها وأربطك فى البيت كيف الكلب الجربان ... غورى 


قال كلمته الأخير وهو يدفعها نحو الباب لتزدرد لعابها بخوف وبداخلها شعور واحد وهو ينذر بقدوم الجحيم إليها على يده، لم تتحمل قسوته وانتصاره عليه لتتحدث بضيق شديد قائلة:-

-تعالي وصلني


ألتف إليها قبل أن يجلس على مكتبه وقال بجحود:-

-كيف ما جيتى عاودى


أجابته بأختناق شديد قائلة:-

-فريدة وصلتني


جلس على مقعده ببرود شديد ثم قال:-

-أتصرفي أنا مش سواج جنابك الخصوصي


تأففت بضيق شديد ثم خرجت وهى تُتمتم قائلة:-

-ماشي يا عاصم، خلينا نشوف مين هنتصر فى الأخر


أنطلقت من الشركة مُنفعلة، بينما جلس "عاصم" على مقعده مُبتسمًا بخفوت على عنادها فرغم تحديها إليه وجراءتها إلا أنها لم تتردد فى حاجتها إليه، جراءتها وغضبها لم يقلوا من برائتها بل زادوها براءة وطفولية......


___________________________


كانت "هيام" بالغرفة الرياضية فى المنزل تمارس الرياضة على الأجهزة الكهربائية فدلفت "مُفيدة" إليها وقالت:-

-ممكن أعرف الهانم مبتروحش الجامعة ليه وأنتِ فى سنتك الأخيرة


نزلت "هيام" عن الجهاز بضيق وهى تتذكر ما حدث مع "أدهم" وطرده لها أمام الدفعة كاملة ومن يومها وهى تشعر بحرج شديد فى الذهاب إلى الجامعة ورؤية أصدقائها ثم قالت بنبرة باردة:-

-ماليش مزاج


أجابتها "مُفيدة" بغيظ شديد قائلة:-

-أمال ليكي مزاج ليه، للخروج مع بنت أبوكي


أبتلعت "هيام" لعابها بقلق من أمها ثم قالت:-

-دا كان يوم وعدي يا أمي


تمتمت "مُفيدة" بضيق شديد هاتفة:-

-أهى الهانم رجلها خدت على الخروج وخرجت كمان النهاردة ما هى ملاجيش حد يلمها وعايشة فى وكالة من غير بواب لا حد بيجول رايحة فين ولا جاية منين


نظرت "هيام" إلى ساعة يدها وهى ترتدي ملابس رياضية وقالت بأندهاش:-

-هى لسه مرجعتش


أومأت "مُفيدة" إليها وهى تغادر الغرفة فأتسعت أعين "هيام" بقلق وذهبت إلى حيث الهاتف وأوقفت الموسيقى وهى تتصل بأختها ولكنها لم تجد جوابًا....


______________________________ 


كانت تستشيط غضبًا من حديثه وعقلها لا يتوقف عن أفكار الأنتقام منه لتبتسم بخباثة عندما نظرت للصيدلية ودلفت إلى الداخل وطلبت منوم قوي، ضحكت بخباثة بعد أن خرجت من الصيدلية وأغلقت الهاتف تمامًا وتشبثت ببطاقة العمل الخاصة بـ "عاصم" التى حصلت عليها من المكتب قبل أن تغادر وتناولت المنوم، تبسمت بخبث شديد.....


_____________________________


كان "عاصم" يقود سيارته فى طريق عودته إلى المنزل من العمل مع أذان المغرب ليرن هاتفه برقم مجهول، أجاب بهدوء أثناء قيادته:-

-ألو


أتاه صوت نسائي يقول:-

-أستاذ عاصم الشرقاوي


أجابها بلا مبالاة قائلًا:-

-أيوة


أخبرته بأنها ممرضة من المستشفى وأن هناك فتاة أحضروها أهل البلد من السوق فاقدة للوعي وتحمل بطاقته معها، أنطلق إلى المستشفي بفضول شديد وعندما رأها على فراش المرض بقسم الطواريء أتسعت عينيه على مصراعيها وهو يتساءل ماذا حدث إليها وحتى تأتي إلى هنا، أرتعب خوفًا من أن يكون أعترض طريقها هؤلاء الرجال المترصدين إليها وقبل ان يقترب منها جاء إليه الطبيب وهو يقول:-

-متجلجش هى بخير


نظر "عاصم" إليها وهى تفتح عينيها ببطيء رغم مزاحها معه وشعور الفرحة العامرة الذي يغمرها من الداخل بسبب أنتصارها عليه إلا أنها ترتعب خوفًا من رد فعله، سأل "عاصم" بقلق:-

-يعنى هى كويسة؟


نظر الطبيب إليها ببسمة خبيثة ثم قال:-

-واضح بس أن حضرتك مزعلها فحبت تنتجم منك


أغلق "عاصم" قبضته بقوة أكثر على نبوته قبل أن يفقد أعصابه عليها وكرر سؤاله على الطبيب:-

-زينة يعنى؟


ضحك الطبيب بعفوية وهو يقول:-

-دا أحسن من رئيس الجسم عندينا يا فندم


هز رأسه بنعم ليغادر الطبيب بعد أن أشعل نيران الغضب بداخله ليقول "عاصم" بلهجة أمر:-

-جومي


تلعثمت فى الحديث وهى تنزل من الفراش قائلة:-

-هم اللى جابوني هنا، أنا كنت تعبانة شوية عادي من الصداع


مسك ذراعها بقوة وهو يسحبها معه للخارج فتبسمت على أنتصاره وقد نجحت فى أغضبه ليفتح لها باب السيارة وأدخلها بالقوة وأغلق الباب لتبتسم بحماس شديد وهى تُتمتم مع عينيها التى تراقبه وهو يلتف حول السيارة:-

-قولتلك وصلنى بالأدب، تستاهل


ضحكت بعفوية وهو يفتح باب السيارة ليصعد بجوارها وأنطلق صامتًا وضحكاتها تثير من غضبه أكثر فبدأت تندندن أكثر ليصرخ غاضبًا بانفعال منها:-

-معايزش أسمع حسك


أشارت بيدها على فمها بأنها ستغلقه فقط لأنها شعرت بالرخوف من غضبه وأنه أوشك على فقد سيطرته عليها وربما يصفعها الصفعة التى منع أخاها من فعلها صباحًا، تحدثت بخفوت ونبرة جادة:-

-طب ممكن أقول حاجة واحدة


نظر إليها بصمت لتتابع بهدوء:-

-جد والله


تمتم بضيق منها قائلًا:-

-أتفضلي


أخبرته بأنها ترغب بدخول الجامعة وأستكمال دراستها لكنها لا تعرف كيف تفعل هذا ورغم حماسها بهذا الأمر وتعليمها والأمتحانات التى أوشكت على البدء إلا أنه لم يجيب عليها بل ظل صامتًا لتشعر بحزن شديد وتنظر من النافذة، عم الصمت بينهما قليلًا لينظر تجاهها فرأها غاصت فى نومها ورأسها تتكأ على النافذة، أخرج هاتفها من جيبه وتحدث مع أحد معارفه عن كليتها وإذا كان هناك فرصة لتدخل أمتحانات هذا العام ليتفق معه بأنه سيحضر أوراقها غدًا وأغلق الهاتف مع وصول سيارته للمنزل، ترجل من السيارة وفتح الباب الأخر ليقظها لكن جسدها المُتكيء على الباب سقط ليتشبث بيها قبل أن تسقط عن السيارة فسكنت بين ذراعيه، تنهد بهدوء ثم حملها علي ذراعيه وأغلق الباب بقدمه، دلف للمنزل بها حاملًا إياها على ذراعيه فتتطلع "مُفيدة" به بأندهاش شديد لكنها لم تجرأ على التفوه بشيء، صعد للطابق الأخر حيث غرفتها الجديدة ودلف ليضعها على الفراش برفق ثم غادر الغرفة دون أن يتطلع بها وكأنه يقضي واجبًا عليه رغم رغبته...


___________________________


نزل "مازن" من غرفته باليوم التالي عصرًا بعد أن أستيقظ مُتأخرًا وقال:-

-ناجية، أعمليلي فنجان جهوة وهاتي على المكتب


أجابته بنبرة هادئة:-

-حاضر بس عاصم بيه فى المندرة معاه ضيوف


عقد حاجبيه بتعجب وتمتم بهدوء:-

-ضيوف!! ماشي


جلس فى الصالون يرتشف القهوة الساخنة ثم جاء "عاصم" إليه وجلس جواره ليسأل "مازن" بفضول:-

-مين الضيوف اللى كانوا وياك


نظر "عاصم" إليه قبل أن يتحدث ثم قال بنبرة هادئة وهو يعلم ما سيحدث الآن بعد أن يتفوه بكلماته:-

-دا فايق الصديق 


أستغرب "مازن" من حضور هذا الرجل إلى منزلهم فسأل بفضول:-

-ودا عايز أيه؟


تحدث "عاصم" بنبرة أكثر هدوءًا:-

-جاي طالب يد فريدة لأبنه الكبير


أتسعت عيني "مازن" على مصراعيها بصدمة ألجمته ووخزة حادة ألمت قلبه وسقطت القهوة من يده من الصدمة، نظر "عاصم" إلى القهوة وقال:-

-معاك للعشاء تفكر فى اللى هتعمله وخبرني عشان أجولها أو أرفض


وقف "عاصم" من مكانه ليغادر لكن قبل أن يفعل تحدث بتحذير شديد:-

-بس نصيحة مني أتحدد وياها وحل الخلاف اللى بينكم، فريدة ممكن من جسوتك توافج تروح لغيرك عشان توجعك، خاف من كيدهن يا مازن


صعد "عاصم" لأعلي بعد أن أنهى حديثه، نظر إلى باب الغرفة الخاصة بـ"حلا" لكنه تراجع عن تقديم أوراقها للجامعة قبل أن يحل مشكلة هذا الرجل الذي يتبعها بكل مكان....


________________________


جلست "تحية" مع "حلا" التى تقف أمام المرآة مُرتدية فستان أبيض اللون ضيق يظهر نحافة جسدها بذيل قصير من الخلف يحتك بالأرض وترتدي كعب عالي ووضعت الفتيات إليها مساحيق التجميل لتكون عروسة جميلة لهذا الرجل متحجر القلب وقاسي العقل، تطلعت "تحية" بها بسعادة تغمرها وهى لا تصدق بأنها ترى عروسة لهذا الرجل الذي ربته مُنذ أن كان عمره خمس سنوات وأصبحت أمًا له، كانت كغيرها فقدت الأمل فى أن تراه عريسًا وأبًا لكن الآن تحقق جزءًا من حلمها بأن يكون عريسًا وزوجًا، تطلعت "حلا" بصورتها المُنعكسة فى المرآة وقالت بتمتمة خافتة لا يسمعها أحد:-

-معقول دا؟


دلفت للمرحاض بخوف من مستقبلها القادم فى هذا المنزل وأخرجت هاتفها لتتصل بأمها لكن الهاتف كان مُغلقًا كعادته مُنذ أن جاءت إلى هنا، دمعت عينيها بحزن شديد وهى مثل بقية الفتيات تمنت أن تكن والدتها هنا معها؟ ألا يكفي كونها تتجوز بالأكراه لتكون وحيدة أيضًا، دق باب المرحاض بلطف وسمعت صوت "سارة" تقول:-

-المأذون وصل يا حلا 


مسحت دمعتها عن وجنتها ثم خرجت، حدقت "سارة" و"هيام" بها ليروا غرغرة دموعها وبريقها اللامع فى عينيها لكنها تكبحهم قدر الإمكان فكانت "حلا" هادئة على عكس طبيعتها لتربت "سارة" على يدها بلطف بينما تمتمت "هيام" بحنان ونبرة مُطمئنة إليها:-

-رغم أتفجنا أن عاصم جاسي لكن صدجينى هو راجل بمعنى الكلمة ومستحيل يبخل عليكي بأى حاجة


صمتت "حلا" ولم تعقب على هذا الحديث نهائيًا .....


________________________


عاد "عاصم" من عمله رغم حضور المأذون قبل حضوره لكنه لا يبالي كثيرًا بهذا الزواج فصعد للغرفة يبدل ملابسه سريعًا ليدخل "مازن" يتعجله وهو يقول:-

-يلا يا عاصم


أنهي "عاصم" لف عمامته ليقول بجدية:-

-مجولتيش يا مازن عملت أيه فى موضوع فريدة، اليوم جرا وراء يوم تاني، متنساش أن فى رجالة مستنية ردنا 


تنهد "مازن" بحيرة ليستدير "عاصم" له بهدوء وقال:-

-الصبح يا مازن تجولي جرارك


خرج معه من الغرفة ليُدهش عندما رأها تقف فى الرواق مع الفتيات، كانت جميلة جدًا ملامحها الأجنبية التى تجعلها أستثانية عن جميع من فى البلد ولأول مرة يراها ترتدي فستانًا يظهر أنوثتها وتضع مساحيق التجميل وشعرها مسدولًا على ظهرها وتضع تاجًا فضيًا على رأسها رقيقًا، تبسم "مازن" إليه وهو يغمزه بعفوية ويقول:-

-خد نفسك يا ولد عمي


تنحنح "عاصم" بحرج ثم هندم عباءته وسار نحوه لتتوقف عن الحديث وتتلاشي بسمتها عندما رأته يسير نحوها وكأن حجيمها يصبو إليها فأبتلعت ريقها بقلق وخوف من القادم، تقدم فى خطواته مع أخاها لينزل للأسفل وهى تنظر عليه من الأعلي وهذه الفتاة تقف بالمنتصف وجميع الفتيات يحطون بها، رأته يضع يده فى يد أخاها وبدأ المأذون فى عقد قرآنها عليه لتصبح زوجة إليها فنظرت إلى هاتفها على الرسالة التى أرسلتها إلى ولدتها مُتمنية أن تجد ردًا عليها لكن لا جدوى من هذا فرفعت نظرها عن الهاتف وتطلعت بـ "عاصم" وهو يردد خلف المأذون، قلبها كان مُنقبضًا بقلق بهذه اللحظة وزاد إنقباضه عندما أعلن المأذون أتمام زواجهم لتطلق "تحية" الزغاريط فى المنزل الخالي من المعازيم ليوقع "حمدى" وأحد رجال "عاصم" على خانة الشهود، صعد "مازن" بالأوراق إلي أخته لتوقع، نظرت إلى الورق والقلم الممدود إليها بخوف وقالت بترجي خائفة:-

-مازن


تحدث بحدة وجدية حازمة:-

-أمضي 


وقعت الأوراق بيدي مُرتجفة ثم أخذ الأوراق ونزل لأسفل لترى "عاصم" يرفع نظره للأعلي حادقًا بها وفور وقوع نظره عليها عادت للداخل بعيدًا عنه كأنها تحرمه من النظر إليها، تنهد بأختناق شديد وغادر المأذون ودخل "عاصم" للمكتب لتنظر "مُفيدة" إليه ثم قالت بنبرة خبيثة:-

-الجوازة دى فيها حاجة ولازم أعرفها


سألت "هيام" بفضول شديد قائلة:-

-جصدك أيه؟ الله يخليكي يا ماما خليكى برا حياتهم


تبسمت "مُفيدة" بخباثة شديدة وهى تقول بحماس:-

-مالكيش صالح بيا يا بنت أنتِ


_________________________

أخذتها "تحية" إلى غرفته بعد أن نقلت "ناجية" أغراضها إلى غرفته لتتركها بها وحدها، قليلًا وسمعت صوت باب الغرفة يُفتح لتستدير  بذعر إليه فرأته ينظر إليها وهى تراقبه عن كثب لا تعلم على ماذا ينوي معها، جلست على الفراش بعيدًا عنه لكنه تحدث أخيرًا وهو يقول:-

-تعالي خدي دول


وقفت بأستغراب شديد وسارت نحوه وعينيها تحدق بالحقيبة الموجودة على الطاولة أمامه ثم سألت بقلق:-

-أيه دا


صمت لتفتح الحقيبة وكانت مليئة بالذهب وفوقه علبة قطيفة زرقاء تحتوي على خاتم زفاف من الماس، أتسعت عينيها على مصراعيها وهى تنظر إلى هذا الذهب وقالت:-

-أيه دا ؟


-شبكتك يا مرتي، شبكة تليج بمرت الكبير

قالها وهو يقف أمامها مباشرة ويتطلع بها بنظرة جريئة ولأول مرة ينظر بها بحرية هكذا فدومًا ما كان يصاحب نظراته الخجل أو الحرج لكن الآن كان مُختلفًا تمامًا ربما لأنها أصبحت حلاله وزوجته، أبتلعت ريقها بخجل شديد من نظرته وتوردت وجنتيها من الخجل لتزيدها جمالًا، قطع نظراتهم الصامتة صوت طلقات نارية مُتتالية من سلاح أليًا وليس مُسدسًا لتفزع "حلا" وتتشبث به بينما رفع "عاصم" نظره بأندهاش من ضرب النار القريب وكأنه داخل منزله وكاد أن يخرج من الغرفة لينتبه بأنها تتشبث بخصره بخوف شديد وتعانقه رغمًا عنها فنظر إليه بتوتر شديد وأبتلع ريقه بخجل شديد فتنحنح بحرج منها قائلًا:-

-أعذرينى


أبتعدت عنه بقلب مُنقبضًا لتراه يستدير ليغادر فقالت بخوف وهى تمسك كم عباءته:-

-أنت رايح فين وسايبني لوحدي


أبعد يدها عنه وقال بجدية:-

-متخافيش


غادر الغرفة وترجل للأسفل فرأى "مازن" فى طريقه للخروج ليخرجا معًا  من المنزل ليُصدم "عاصم" عندما رأي ...............


تكملة الرواية من هنا


بداية الروايه من هنا


تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close