![]() |
زهرة اصلان
الفصل الحادي والثلاثون حتي الخامس والثلاثون
ما إن لامس صدره وجنتها حتى انفجرت فى بكاء مرير .... تشكو منه إليه .... و يضمها الآخر لصدره أكثر ..... تشكو منه بصمت أكثر من موقف رفضه لتعليمها و يضمها لصدره معتذرا بصمت أكثر من موقف رفضه لتعليمها
.... استغرق الأصلان فى ضمها وقت طويل
يحتويها بذراعيه التى مسدت كامل ظهرها و شعرها و لم تبعد وجهها عن صدره بعد أن لهتها رائحته عن سبب قدومها .
- استمر الأصلان فى هدهدة قطته بذراعيه
و يناجيها برقة كخاصتها :
رورو ... حبيبتى .... خلاص أهدى .1
- تنهدت الأخرى بنفس عميق من بكائها إلا أنها
لم تبعد نفسها عن صدره العريض .
- و كعادته هو و هى عند وجودها بين ذراعيه
تقلب الموازين و ينتهى أى شىء آخر غير
لحظتهما التى يتوقف عندها الزمن فيحب
هدهدتها دون سبب و تضم الأخرى نفسها
لصدره دون سبب متمسكة به بشدة .
- همس برقة قرب أذنها كعادته معها فى
حديث حميمى .... فتشعر هى بشفتيه
تلامس أذنها .
رورو ... حبيبى .... بصيلى يا زهرة .
- تهدج نفسها بصدرها لا تريد لقاء عينيه ....
تعلم ستنسى ما عاهدت نفسها عليه ...
ستضعف و تلامس ..... بنفسها و تغرقه
تجعله يلاقيها بشكل لا
يعلمه إلا هو و هى ... أفاقت هى على
إلحاحه بالنظر إليها
بصيلى يا زهرة .
- أطاعته كعادتها فى كل شىء خاص به و
تلاقت نظراتهما .... لا يريد أن ينتهى هذا
اللقاء الذى حرم منه طويلا إلا أنه يقسم
إن لم يزح عينيه عنهاو يبدء بحديث ما
سيضاجعها بمكتبه بشكل يجعل أهل المنزل
يعلمون ما يحدث بالداخل .
- أصلان بحنية خاصة بقطته فقط لا غير
رجعتى ليه ؟!1
- سيطرت الحزن المغلف بشراسة رقيقة على
زرقاوى قطته فقالت دون ترتيب :
أنت مردتش تيجى معايا ... و و و ....
و مجبتليش حاجة الكلية .... و لا سلمت
عليا قبل ما أمشى ... و كمان مفطرتش
معايا .
1
- عدم ترتيبها لكل ما يضايقها منه ألان قلبه لتلك القطة التى تناست تماما رفضه لذهابها
من الأساس و أسقطت قلبه بقولها :
أنا أنا طالعة .
و ألتفتت عنه بغرض الخروج قبل أن ترجو وصاله بيأس .... إلا أنها وجدته يمسك ذراعها
بقليل من الشدة مراعيا رقة جسدها ... و سألها مشككا لما تقصده :
طالعة .... طالعة فين ؟
- نظرت له برقة لم تنفى معها حزنها منه :
طالعة استريح فى أوضتى .
- ضمها أقرب له و تأملها مليا شوقا قبل أن يكون تفحصا لها :
ليه ؟! .... حاسة بحاجة ؟ .... أجيبلك
دكتورة ؟
- نفت برأسها غير قادرة على النطق من حرارة
نظراته لها و التى جففت ريقها .
- فسألها و قربها له أكثر :
مش هتروحى كليتك ؟
- ملئت الدموع زرقاويها بشكل خطف أنفاسه
و أجابت بحزن :
لأ .
- طرق قلبه سريعا بصدره :
لأ ليه ؟ .... مش جدى قالك روحى ؟ ...
و جابلك كل اللى أنتى محتاجاه ؟
- أجابت بحنق رقيق منه :
لكن أنت قلت لأ .
- ألصق جسدها به بشكل حميمى للغاية و قال
معاتبا لها :
و جدى قالك ................................
- قاطعته برقة :
أنت بس أصلان ... مليش دعوة بحد .
- إنتقلت يديه التى تحكم بشدة على ذراعيها إلى خصرها بنفس الشدة :
مش هتحضرى انهاردة ؟
- سالت دموعها من حكمه و من تلامس جسديهما بهذا الشكل و الذى افتقدته بشدة :
مش هروح خالص .
- حاولت إفلات نفسها منه .... إلا أنه لم يسمح لها و توحشت تعبيراته بشكل باتت تعرفه جيدا :
أنتى بتقولى إيه ؟!
و ليس كأنه هو من حكم بذلك الأسبوع الماضى و ليس كأنه هو من قلب المنزل على رأسهم منذ الصباح بسبب ذهابها .
- نظرت له معاتبة برقة لا تناسب الموقف نهائى :
عشان خاطرك ... أنت مش قولت
إنى ماروحش أدام البيت كله ؟!
و لم تستطع أن تكمل معاتبتها و غصت فى بكائها .... و نظرت بعيدا عنه لا تريد أن تراه .
- لم يستطع تحمل معاتبتها الرقيقة و دمعت
عينيه على الشقاق الحادث بينهما .... فأنزل
يديه عنها و إتجه لكرسى مكتبه .
- نظرت لظهره بحزن على حالهما و على قسوته معها .... و إتجهت لباب المكتب تخرج
قبل أن تختنق فى بكائها أمامه و لكن توقفت
حينما وجدته ألتقط عباءته من على كرسى مكتبه و عاد إليها ..... ألتقط يدها بيده و سحبها خلفه و ذهب بها خارج مكتبه و خارج المنزل أيضا دون أن تواجه عينيه خاصتها و دون كلمة واحدة بينهما .
شاهد أهل المنزل الأصلان و هو يتمسك بيد
زهرته متجها للخارج دون أن يعير أحد منهم
انتباهه ..... تحت إستغراب معظم الحاضريين
فسألت السيدة نعمة الجد على مسمع من الجميع
- السيدة نعمة بحيرة :
أمال الأصلان واخد مرته و رايح على
فين يا عمى ؟!
- الجد بحيرة مماثلة :
و الله ما إنى عارف يا نعمة .
خرج أسامة لاحقا أخيه يريد أن يتأكد مما فى باله بعد أن استوقفه خارجا لوقت ليس بطويل حيث بادله الأصلان كلمات قليلة مقتضبة ثم ترك أخيه الأصغر و انطلق بسيارته هو و زهرة .... عاد أسامة الى الداخل ليحضر معه سوما و بوسى للحاق بأخيه .
- السيدة نعمة دون صبر تريد الإطمئنان على ابنها و زوجته :
إيه يا أسامة .... أصلان خد زهرة و
راح فين يا بنى ؟!
- أسامة بمرح :
خدها يوصلها الجامعة بعربيته و رمانا
وراه ... و لا حتى فكر فى الغلابة
اللى آعدين دول .
" مشيرا بكلماته إلى سوما و بوسى "
- الجد بفرحة :
صح يا أسامة .... يعنى راح يوديها
بنفسه ؟!
- أسامة بمرح :
أيوة .... فالح بس يقلب البيت على دماغنا
.... و بقاله أسبوع منكد علينا .... و فى
الآخر زهرة تخشله خمس دقايق .....
تخليه يروح يوديها بنفسه .
- السيدة نعمة :
طاب الحمد الله .... كنت عارفة إن زهرة
مش هتهون عليه .
- بوسى بحنق :
الله طاب و إحنا ..... يعنى إحنا رجعنا
عشان خاطرها و فى الآخر يسيبونا و
يمشوا .
- أسامة :
جدعة ..... البت مسيطرة ... الأصلان
بجلالة قدرة مخدش فى إيدها غلوة
.... اتعلموا منها .... مش عمالين تقولولها
زعقى و اتخنقى و الهبل ده .... أهى رجعت
و مردتش تروح غير لما يوافق و خلته
بشطارتها يقوم يوديها بنفسه .
- ضحكت أسماء :
زهرة بردة مطلعتش سهلة .
- السيدة نعمة :
بس يا هبلة .... بقى عشان عاملة اعتبار
لأخوكى تبقى مش سهلة ... اتعلمى منها
يا آخرة صبرى .
- أسماء حانقة :
الله إنتى سيبتيهم و مسكتى فيا أنا
أنا طالعة .... يلا يا بودة .
- سوما بحيرة :
طاب و إحنا ؟!
- الجد :
هتروحوا مع رائد ... و أنت يا أسامة
اتوكل على شغلك .
- أسامة حانقا من الأصلان الذى أضاع عليه فرصة توصيل سوما :
الله .... ليه كده يا جدى ؟! ... ما أنا
هوصلهم و بعدين أرجع على شغلى
.... الشغل مش هيطير يعنى .
- الجد :
و ليه يعنى .... هيا زفة يا بنى ....
يعنى أصلان و أنت و رائد .... العيلة
كلها هتروح .
- صمت أسامة فلم يرد الجد أن يكسر بخاطر أحفاده :
خلاص .... على رأيك هو إحنا لينا بركة إلا
البنات اللى رفعوا راسى .... و لا يهمك
وصل البنات ... و اتوكل انت كمان يا
رائد .
- رائد بجمود :
تمام .
- أسامة لبوسى :
مفيش دم خالص .... متشبطى فى رائد
و هو رايح و سبينى أنا و سوما .
- بوسى :
لأ .... مفيش دم .
- أسامة :
أنا مش قصدى حاجة وحشة ... أنا بس
بقول قسمة العدل آه ... كل إتنين فى
عربية .
- بوسى بسماجة :
لأ ... لازم معاكوا يا أس أس .
- أسامة بحنق تحت ضحكات سوما و جدها
:
لييييييييبيييييييييييييه ؟!
- رفعت بوسى حاجبا لأسامة برجولة مصطنعة :
محرم .... أمال اسيب بنتنا معاك لوحدها
..... ليه ؟ .... ملهاش راجل يحكمها ....
مفيش خلوة إلا بعد كتب الكتاب .
- أسامة بتأفف :
و الله العظيم حرام كده ....
" ثم قال بمسكنة للجد "
بقى بعد العمر ده كله بتشك فيا يا
جدى .... مكنش العشم يا حج
قدرى ....
" ثم وجه كلامه لبوسى "
و أنتي يا بت إعرف صحبك و علم عليه .
- بوسى بمرح :
سورى يا أس أس .... كارت الفيزا
بتاع جدى مأثر عليا .
- أسامة بنصف عين :
وغدة .
و خرج أسامة مع بوسى و سوما تحت ضحكات الجد و السيدة نعمة .
انطلق الأصلان بسيارته فى طريقه إلى كلية قطته .... ذلك الطريق الذى لا تعرفه زهرة لقلة مجيئها إلى البلدة و الذى يكون ليلا فلا تتبين منه شيء .... و يقود أصلانها سيارته دون أن تحيد عيناه عن الطريق إلا أنه يدرك بكل حواسه تلك التى تجلس بجانبه و تصدر بعض الشهقات الخفيفة التى خلفها بكائها و تسود الحيرة معالم وجهها .... و سرعان ما ترجمت تلك الحيرة بقولها
- زهرة برقة :
أصلااان .... رايحين فين ؟!
أغلق أصلان عينيه لثانية فقط يستمتع باسمه الذى تنطقه بطريقة مختلفة عن الجميع .... و يشتاق إليه بكل حواسه خاصة فى أوقات هى معه و تأن به بحميمية تهلكه .... ثم تنهد بحسرة يخرج نفسه من أفكاره التى تقودها إليه نفسه و نطق معيدا عليها ما كانت
تطلبه منه بغرفة المكتب :
رايحين كليتك رورو .... عشان لازم أكون
معاكى أول يوم .... و أوصلك بنفسى ...
و اطمن عليكى ... و أجيبلك فطار
عشان مأكلتيش .... و أسلم عليكى
قبل ما تروحى .
- نظرت له زهرة برقة أذابته على الرغم من إنه مازال لا يلتفت إليها :
ليه أصلااان .... أنت مكنتش راضى .
لم يرد أصلانها العنيد على حديثها مع إنه كان قادرا برده على سؤالها إزالة العقبات الموجودة بينهم .... و عاد يتنهد هو و صمتت هى حزنا
.... فقد علمت إنه لن يعتذر إليها أو ينطق بما
يقرب بينهما .... و عند وصوله أمام جامعتها و لمح من بعيد سيارة أسامة ... ترجل من سيارته و سار ناحيتها بعد أن أمسك بيديها كطفلته فى أول يوم دراسى و من خلفه أسامة و بوسى و سوما لا يصدقون ما يقوم به أخيهم الأكبر .... كذلك آخر من ورائهم طعنه تمسك ابن عمه بها .
لفت منظر الأصلان الممسك بيد زوجته الأنظار داخل الجامعة ليس فقط من غرابة منظرهم الذى يظهر الأصلان كأب لزهرته و قد شجع هذا الاعتقاد فارق السن و الحجم بينهما بل
أيضا لجمال زهرة الملفت للأنظار .... فكان الأصلان محتفظ بجلبابه و عبائته التى أعطته
الهيبة و السن الذى يجعله يبدو كأب لزوجته
الرقيقة الجميلة و التى ارتدت فستان أوف وايت كامل من الدانتيل بثلاث أرباع كم يصل طوله لما بعد ركبتيها و تحته بنطلون جينز أزرق فاتح جعلها كطفلة صغيرة خاصة بعد أن مشطت شعرها فى ضفيرة وصلت إلى منتصف فخذيها و حذاء أرضى بسيط بنفس لون الفستان و حقيبة صغيرة تشبهه أيضا
فكانت قمة الأنوثة و البراءة معا .... و قد أظهر الفستان الصغير حملها بطريقة لطيفة ...
تولى الأصلان معرفة جدولها و مكان محاضرتها الأولى و بعد أن وجدها بعد ساعة
توجه بها إلى الكفيتريا و طلب لها طعام بسيط و أجلسها بطريقة رقيقة .... فى حين لم تحد هى بعينيها عنه .... سيتركها ... لأ تدرى لما تشعر إنه سيتركها للأبد و ليس فقط لعدة ساعات إلا أنه نظر لها بنفس نظرة الحرمان التى تنظرها له ثم تركها و غادر بعد وصول سوما و بوسى لها و هى تتبعه بعينيها .
انتصف النهار أخيرا و عادت الفتيات بصحبة
السائق و يليهم رائد هو الآخر بعد أن أنهى محاضراته .... و علت الأصوات داخل منزل الحج قدرى بعد أن هدىء نسبيا فى الصباح فلم يكن به إلا الجد و السيدة نعمة و أسماء و بودة .... طرق قلب الأصلان بصدره بعد أن علم من الأصوات الموجودة خارج مكتبه بقدوم قطته ....بعد أن كان يزرع مكتبه ذهابا و إيابا بخطواته منذ قدومه من عمله قبل ساعتين ... فأبدل ملابسه و انتظر القطة بمكتبه متحججا بعمل ما حتى موعد الغذاء
الذى يجمع أهل المنزل .... ينهش القلق قلبه و لولا خوفه من لفت الإنتباه إليها فى جامعتها و كذلك بين أخوته لكان تولى أمر توصيلها فى ذهابها و رجعتها .... صوت طرقات رقيقة على باب مكتبه تعلمه بصاحبتها و قد لاقت تلك الدقات صداها بصدره .... ثم طلت عليه قطته من خلف باب المكتب بعد أن ارتدت فستان بيتى لونه أخضر عشبى بأكمام طويلة ترفعها قليلا عن يديها و يصل طوله لكاحلها و على أحد كتفيها شالا لونه مختلط بين البيج و البنى .... و الفستان قطنى مجسم يحتوى تفاصيل جسدها براحة و تركت شعرها كعادته مسدولا على طول ظهرها و لكنه مبلل قليلا و يبدو أنها لم تستطع تجفيفه ..... و كأنها توجه له رسالة بأنه أهمل واجباته ..... خطف منظر شعرها أنفاسه فهو كان من يغسله لها ... و هو من كان يجففه لها أيضا .
و لم يفوتها هى نظراته لشعرها المبلل و الذى تركته من سرعتها كما لم تعد تهتم بتجفيفه انتقاما لترك أصلانها لوظيفته .... إلا أن نظراته أسقطت لها قلبها .... و هدجت أنفاسها بصدرها .... سحبها الأصلان من يديها يدخلها مكتبه و ترك بابه مفتوح فالجميع بالخارج يستعدون لوضع سفرة الغذاء ... وقفت أمامه وهو ممسك بيدها وضعت عينيها بعينيه و بللت شفاهها التى جفت هى و حلقها من نظراته و أجابت عن تسأول عينيه
- زهرة برقة :
أأأأنا .... أنا جيت أصلان .
- أصلان بحب :
حمدالله على سلامتك رورو ....
أتأخرتى ؟!
أجابته قطته كفتاة تخبر والدها عن يومها و قصت عليه ما دار بيومها الأول فى الكلية
و الأصلان لا يحيد بعينيه عنها يلتهم تفاصيلها إلتهاما حتى توقفت بعد أن إنتهت أولا و كذلك بعد أن أدركت نظراته ناحيتها ....و تفكر
لم لا يقول شيئا ؟! فيحل الشقاق الحادث بينهما .... أليس هو دائما من يقول هو من يغضبها و هو من يراضيها ؟! .... لما لا يراضيها ؟! ... و تقبل هى و تذهب لذراعيه تدس نفسها بينهما كعادتها ..... و لما طالت النظرات .... همست له بسبب مجيئها و هو إخباره بمواعد الطعام .... خرجا من المكتب و كان الأصلان و زهرة آخر المنضمين لطاولة الطعام ... و بعد أن جلست زهرة على كرسيها
سألتها السيدة نعمة بغرابة
- السيدة نعمة :
الله أمال إيه حكاية اللى اسمه إيه
ده الجيلاتى اللى أنتى طلبتيه ده
يا زهرة ؟! ....
" صمتت زهرة قليلا تستوعب الحديث
الموجه إليها و قبل أن ترد أكملت
والدة زوجها بحب "
دا إحنا أصلا دخلناه هنا عشان خاطرك
إنما مش تطلبى منه كل يوم ... كده غلط
يا بنتى على زورك .......................
لم تستمع زهرة لباقى حديث السيدة نعمة الذى صاحبه إحمرار وجنتيها .... لتذكرها كذبتها على بوسى عندما سألتها الأسبوع الماضى عن وحمها .... و لما لم تستطع أن تقول لها إنها لا تشتهى غير .. جعلتها تتوسله.......
و ما تبعه من خلاف بينهما من ليلتها منعها من وصاله لها فحرمت منه ... و قضت فترة وحم صعبة للغاية لوجود ...أمامها و لا تستطيع الوصول إليه .... حتى إنها حاولت تصبير نفسها بملابسه ... عطره ... أغراضه الخاصة ... و أحلامها التى تدور حوله ثم حوله و أخيرا حوله و جعلت فراشها ملوثا ......ا الشديدة به بعد أن ترحمها مؤقتا
بوصال وهمى مع ..اللطيف ... لذا إضطرت زهرة الى اللجوء لأول شىء تشتهيه قبل حملها و هو المثلجات بالفانيليا و الكراميل و التى ظلت تطلبها يوميا بعد أن إدعت إشتهائها لها و ملأت بها ثلاجتها الصغيرة الملحقة بجناحها بعد حملها لمنع صعودها و نزولها للسلم الداخلى للمنزل .... و هو ما أخبرته لبوسى .... و التى لم تتوانى أن ترد على حديث السيدة نعمة بابتسامة عريضة أبانت صفى أسنانها
- بوسى بفرحة :
دى رورو يا مرات خالى بتتوحم على
الآيس كريم .... إنتى ما أخدتيش بالك
و لا إيه ؟!
- السيدة نعمة بفرحة مماثلة :
و النبى .... يا ألف نهار أبيض .
- أسامة :
إيه دا يا زهرة آيس كريم .... ما تتوحمى
على حاجة عليها القيمة كده ... فرخة ..
بطة .... لحمة .... زى اللحمة اللى معدناش
بنشوفها بسببك ...
" قطع حديثه بسب نظرة أصلان القاتلة
له والتى تبعها بإلقاء ملاحة عليه
أضحكت الجميع عليهما "
- بوسى :
بالعكس دى أكتر حاجة لايقة على زهرة
عاوز الفانيليا دى تتوحم على إيه غير
فانيليا زيها .
ضحك الجميع على كلام بوسى مجددا ماعدا
رائد الذى شعر بغصة فى قلبه ... فكان يرغب أن يكون حملها منه هو .... هو من يدللها و يجلب لها كل ما تشتهيه .... كما ضحكت زهرة بمجاملة حتى تخفى كذبها و لهفتها لنصفها الآخر الجالس بجانبها .... بينما تجمدت تعبيرات الأصلان من صدمته ألم تعد قطته ترغب به ؟! أم إنه كان يتوهم ذلك ؟! ... و لأول مرة يحسد جماد ... فكان يصبر نفسه فى فراقهم بلهفتها عليه و لكنه أشبه من تلقى صفعة حينما أدرك أن كل ذلك من وحى خياله .... ثم غير الجد مجرى الحديث الدائر حينما وجد الجمود من أصلان و الصمت من زهرة .... تبادلت الأحاديث على الطاولة و كان أغلبها عن اليوم الأول للفتيات تحت تعليقات أسامة و محمد و ضحك الجد و السيدة نعمة و أسماء و زهرة و صمت الأصلان و رائد .... حتى أشار الجد خفية لبوسى التى أجلت صوتها و وجهت الحديث لأخيها الأصلان .
- بوسى :
بس أنت كده هتتعبنا يا أبيه ؟1
نظر الأصلان إليها دون فهم فأكملت حديثها
- بوسى :
أنت المفروض تعين لينا بودى جارد
بدل ما أنا تعبت و أنا ببعد الشباب
من حوالين زهرة .
توقف الأصلان عن طعامه كذلك زهرة بعد أن آثار حديث بوسى انتباه الجميع .... و خاصة الوحش اللطيف الذى لم يعد لطيفا بعد أن استوحشت عيناه بشكل أخاف الباقين و أرعب زوجته الصغيرة .... و هذا ما أراده الجد فطالما حفيده لم يتحرك لأصلاح الوضع مع زوجته فلا مانع من بعض العوامل التى تحركه غصبا .... و قال مسايرا حفيدته التى سخرها لهذا الأمر
- الجد مصطنعة الجدية :
إيه ده هو فى حد إتجرأ و ضايج زهرة ؟!
- بوسى بأريحية و لا تدرك أنها تلوح بقماش أحمر أمام ثورا هائجا :
يووووووه .... متعدش ... بس حرام
الكذب مش بيعاكسوا .... أصلا زهرة
وشها برئ أوى بيخليهم يخافوا
يضايقوها .
" ألتقط الأصلان نفسه الذى كتمه طويلا
إلا أنه سرعان ما توقف ثانية عندما
أكملت بوسى بسماجة "
بس بييجوا عاوزين رقم حد من أهلها
عشان يخطبوها على طول
" و أكملت بعد أن ضربت قدم سوما
العديد من المرات تمنعها عن تكذيبها
فجزئية الخطوبة هذه كانت مضافة
منها و يا ليتها لم تضيفها " .
فنتيجة لكلامها و للأسف قبل أن يقول أصلان شيئا تقدم بدلا منه رائد كالبطل الهمام بشجاعة منقطعة النظير يعرض خدماته فى حمايتها بحكم عمله و هو ما لم يخطط له الجد و بوسى ... بعد أن نهض الأصلان بعنف عن الطاولة سبب وقوع كرسيه للخلف و أحكم كالوحش على يد قطته و إتجه بها إلى جناحهم دون إعارة صراخ الآخريين عليه أى إهتمام .
دخل أصلان جناحه ممسكا بيد قطته و أغلق الباب خلفه بحدة كافية لخلعه .... ثم إلتفت ليحكم يديه على ذراعى الأخرى و طالعها بنظرات مقهورة
- أصلاان بحزن خوفا من ضياعها منه :
عشان كده قولت بلاش تروحى الجامعة .
- زهرة التى حزنت لحزنه الذى لا تعلم سببه حتى وقتها معه :
ليه بس .... أنا ضايقتك فى حاجة أصلان ؟
.... أنا مرضتش أروح غير لما وافقت
بنفسك .
- و لما رأى حزنها :
خلاص ... يبقى متكلميش حد خالص
غير سوما و بوسى .
- فقالت بطاعة :
حاضر .
- طول اليوم تكونى مع بوسى و سوما
متمشيش لوحدك .
- حاضر .
- الزفت رائد ده ملكيش دعوة بيه .
- حاضر .
- ميوصلكوش ... أنا خليت معاكوا سواق
يوديكوا و يجيبكوا ... و لو السواق مجاش
متتحركيس من أدام الجامعة غير
لما أجيلك بنفسى أو أبعتلك أسامة .
- حاضر .
- طول ما هو موجود فى البيت ملكيش
دعوة بيه ... و لا تكلميه ... و لا حتى
تردى عليه لو كلمك .
- حاضر .
- متسمعيش كلام حد غيرى هنا و لا حتى جدى ... إسمعى كلامى أنا ... أنا و بس
تطيعينى أنا و بس ... فاهمة .
- زهرة بانهيار لحالته التى أفزعتها :
حاضر .. حاضر أصلان .
أفاق الأصلان على إنهيارها و بكائها منه ... فها
هى طباعه الوحشية تعود إليه ثانية دون قدرته على التحكم بها .... فكانت تلك القطة الصغيرة الباكية هى إرادته و قدرته على التحكم بنفسه و لكن بعد انفصالهم ضاعت إرادته .... جلست هى على فراشها منهارة فى بكاء مرير لقسوة قلبه عليها و جلس هو مقابلا لها على أريكة بقرب الفراش ينفطر قلبه حزنا على حالهما ... يرغب فى أن يطلب منها العفو عن خطأه معها إلا أنه بقسوته و وحشيته و هيبته يخشى الرفض منها فيلتف برداء صمته تاركا إياها تتجرع خيبتها فى كل مرة تظن أنه سيزيل فيها الحواجز التى أقيمت بينهما ...
أسودت الصورة أمامه و اختفت بارقة أمله فى عفوها ... فكل ما يفعله لها بعد خلافها يؤدى دائما لبكائها و حزنها منه .... و لم يوفق الأصلان أيضا هذه المرة حينما أخبرها يائسا
بسفره ... يريد إبعادها عن وحشيته قليلا حتى لا يجرحها ثانية فيكفيها ما صدر منه تجاهها .... تجمدت تعبيرات الأخرى و توقفت دموعها و كل ما يدور ببالها سيتركها .... لم يعد يريدها و سيتركها .... بهت وجهها و تهدجت أنفاسها بصدرها بصورة أخافته عليها
و جعلته يسرع إليها يضمها لتهدئتها و لكنها إنهارت أكثر و أصبحت داخل دوامة خاصة بها لا تستجيب له .... لا تنظر إليه ... و لا يتردد على لسانها سوى كلمة واحدة :
هتسيبنى أصلان ... هتسيبنى .
إنهارت قطته و كثرت حركتها ... فخاف أن تؤذى نفسها هى و طفليها ... و زاد من ضمها تقييدا لحركتها .... و اختنقت تعبيرات وجهها من شدة بكائها .... خاف أصلان أن يتركها قليلا يجلب لها الماء فتؤذى نفسها بانهيارها ...
و فضل أن يساعدها قليلا على الوقوف و الوصول بها للثلاجة الصغيرة الموجودة بنفس القسم فى الجناح و التى جلبها خصيصا لها لراحتها و الحد من نزولها للطابق الأرضى أول حملها .... قربها الأصلان من الثلاجة الصغيرة و هو مازال متمسك بها بين ذراعيه واضعا رأسها بصدره فكانت لا ترى شىء و الآخر كل ما يشغل باله تهدئتها
- بس رورو .... إهدى .... مش هسافر خلاص
فى حين لم يصدر من زهرة سوى صوت بكائها
- خلاص رورو ... بس أهدى ... مش هروح
فى حتة ... و الله مش هروح ... خدى
إشر ............................................
فؤجى الأصلان الذى اقترب بقطته ناحية الثلاجة الصغيرة الموجودة فى أحد نواحى الجناح عندما فتحها حتى يلتقط زجاجة ماء لتشربها زهرة بالعديد و العديد من علب المثلجات بنكهة الفانيليا و الكراميل و التى كانت تطلبها على مدار أسبوع كامل كما أوضحت له والدته كموعد الدواء ... صباحا و عصرا و مساءا .... أى أن قطته الصغيرة لم تكن تأكلها .... أصلان الذى زادت دقات خافقه طربا فقطته لم تنساه :
إيه ده رورو ؟!
إلتفتت زهرة تنظر إلى ما يشير إليه أصلانها
.... و وجدت أن كذبتها الصغيرة كشفت ... لم ترد زهرة بل تصنمت أمام الثلاجة من جهة و جانب أصلان من جهة أخرى ... و أنزلت عينيها أرضا تتهرب من نظراته التى تعلم ما فعلته .... و عندما أرادت أن تنسحب بعيدا أمسكها الأصلان من ذراعيها و فكان صدره ملاصقا لظهرها
- أصلان بهمس من شدة ما يشعر به :
إيه ده ... مأكلتيش اللى نفسك فيه
ليه ؟!
- زادت دقات قلب القطة لقرب أصلانها منها
و لم تستطع أن تنطق بشىء .
- أصلان بهمس مماثل :
رورو ... ردى عليا ... مش ده اللى أنتى
بتتوحمى عليه ... مأكلتيش ليه ؟!
- زهرة بصوت هامس من مشاعرها نفت برأسها و دمعت عيناها :
لأ .... لأ .
- استمر أصلان فى سؤالها بهمسه منفصلا عن واقعه و هو يعلم الإجابة :
لأ إيه ؟ .... مش هو ده اللى أنتى عاوزاه
... أجيبلك نوع تانى غيره ؟
- لأ .... لأ .
- أمال عاوزة إيه ؟! ... نفسك راحة على
إيه ؟!
- صمتت زهرة حرجا و لم تستطع إجابته .
- أدارها أصلان إليه و قد طغت مشاعره على تعابير وجهه :
مكنتش بتتوحمى عليه صح ؟ ...
" لما وجدها صامتة و قد أغلقت عينيها
هربا من مواجهته .. أكمل "
صح ؟ ... ردى يا زهرة ... صح ؟
.... كنتى عاوزة إيه ؟
- كانت عينى أصلانها تطالبها بإجابة كلاهما يعلماها ... و لما وجدت زهرة أنه يطالبها باعتراف أوضح بطريقته لها أنه يعرفه مسبقا
.... لما تتحمل خزيها منه و ظهرت أمامها أحداث اليوم الأسود الذى أسقطها فيه أرضا و هى .... و التى جعلتها تحاول التملص من يديه التى أحكمت على ذراعيها .... و الأصلان أيضا لم يتحمل هروبها و بعدهم ثانية .... إما أن يشغفها حبا و يملكها روحا و قلبا و جسدا أو أن يبتعد عنها و يسافر لتخليص أعماله بالمحافظات الأخرى .... لا وجود لحل ثالث يرضيه فى حالتهم .... لذا أطبق ..على .... و ما إن تلامست.... حتى انطلقت مشاعرهما المكبوتة التى منعاها من الظهور طويلا و جعلت من ......يسكت بها شوقه تجاه قطته الصغيرة
تتحول .......و كل من العاشقين يضم الآخر قريبا من جسده لعله يسكت نداء الأجساد التى تطالب بتلاحم فورى جنونى ظهر عن طريق .
يحتضن الأصلان زهرة بشدة و يقربها من صدره و ... بكل الشغف الذى يملكه لها و الأخرى تضم نفسها له أكثر و تستقبل ...لاهثة و التى طالما انتظرتها طويلا و سكنت أحلامها .... حتى ترآت أمامها صور نفوره منها و سقوطها أرضا .... و لا يتكرر فى بالها سوى فكرة سيتركها ... لا يريدها .... و التى جعلتها تقطع.....ا و تنخرط فى البكاء و تواليه ظهرها خوفا من إهانة مشاعرها تجاهه ثانية
..... أما الآخر الذى رأى خوفها من قربهما و لا يصدق أنه آذاها لتلك الدرجة .... ضمها من ظهرها و قال يائسا :
- أصلان :
زهرة .... حبيبى سامحينى .... زهرة .
- زهرة بمرارة و صوت خافت :
لأ ... لأ .
كرر ندائه عدة مرات لها يريد رضاها ... و هى فى كل مرة تنكمش على ذاتها و ترفض .... حتى استطاع مواجهة جسدها فكان وجهه مقابل لوجهها .... و ثانية... جعلتها هادئة بين يديه و لكن سرعان ما عادت حالتها و إنهارت خوفا و أدارت نفسها عنه .... لم يناديها و لكن فى كل مرة .
عليها حتى يجعلها تهدأ و تلين
- أصلان بشغف بين...... و عشق لقطته الصغيرة المجروحة :
أنا آسف .... حقك عليا ... خفت و الله
عليكى .... مش هأذيكى ... مش هأذيكى .
و كلما خافت قطته طمأنها ....
أنه لن يكرر فعلته و أنه يعشقه و أن كان يخاف عليها حتى هدأت القطة و لانت .... و ذهب الحزن و تبقى فقط و و الكثير من ...التى تعدت ..و اتجهت لوجنتيها و أنفها و جبينها و عينيها و فكها و الكثير منها على ... و انقطت أنفاسها و خفق قلبه حينما إتجهت .... إلى
..... بعد أن سقط ......
و الجذب بينهما .
ألتهم الوحش اللطيف صدر قطته حرفيا وكتفيها بعد أن أسقط النصف العلوى للفستان لوسطها ثم أسقطه كاملا لأسفل فتبقت فقط بملابسها الداخلية ... و القطة هادئة مطيعة بين ذراعيه تستقبل بعطش بالغ شغفه بها ... حتى وصل فى شوقه لمرحلة لابد فيها من إلتحامهما بعد أن عجزت .. عن ...كل منهما .... حمل أصلان بصخامة جسده المفرطة القطة الصغيرة بين ذراعيه و مازال يطعمها لتهدئتها حتى وصل بها للفراش و وضعها برقة بالغة و أسند جسده على ذراعيه فوقها .
و أعاد . على كافة . بداية من جبينها و كلما قابله .
... أزالها برقة تليق بها .... و إلتهم معدتها المنتفخة بشكل محبب .... ثم صعد ... تطلبه فيها .... و قد ضاعت زهرة فى .....لدرجة لا تجعلها تنتبه .. التى أزالها عنه .... و لا تنتبه أيضا لتحكمه بشدة بسيطة ... حتى يستطيع ... جزء آخر أيضا يتوق ... كان قد إفتقده طويلا ... و الذى ما إن وصل إلي القابع فى ملتقى ..... بما لذ و طاب له .... لم يستطع الاقتراب أكثر .... ما تعطش له طويلا فقد إنتفضت القطة الصغيرة فزعة خوفا من نبذها
.... و كان الأصلان الجالس ...بين قدميها
قد إحمر وجهه بشدة و أشعث شعره و تسارعت أنفاسه بشكل يدل على المرحلة التى وصل إليها فى .... نظر إليها الأصلان و هو جالس بين قدميها و جدها تبكى خوفا ...
و أغلق عينيه بأسى على حالهما و على مرحلة عدم الثقة فى العلاقة التى وصلت لها .... خاطبها بصوت هادئ حزين من مشاعره و عدم طبيعية جسده :
إهدى شوية رورو .... إهدى حبيبى ...
مش هأذيكى .... مش هعمل كده تانى
و الله .
نظرت له زهرة قليلا من بين دموعها و حاولت تهدئة نفسها و الإقتراب قليلا من الأصلان كإشارة له لإحتواء.... الآخر الذى............ بهدوء ................. تعبر عن مشاعره إليها علها تطمئنها و لو قليلا .... و عندما وصل معها لمرحلة يريد فيها .... بها لا محالة و قد استقر بجسده و عانقت يديه يديها و خللت أصابعه أصابعها و إقتربت .... تريد ....حتى شعر بنفسه على أعتابها إنتفضت هى و فزع هو .... ابتعد عنها هذه المرة و تركها فى منتصف فراشهما ...
و قد تبعثر حالها و جلس هو على طرف الفراش تلامس قدميه الأرض .... تبكى هى و يضغط هو على أسنانه و أغمض عينيه .... تتألم هى و يتألم هو ... و كانا عالقين فى منتصف علاقتهما لا يستطيعان الرجوع لحالتهما الطبيعية و لا يستطيعان التخلص من ........ و الشعور بالخلاص ... تحدث الأصلان
بهدوء على الرغم من جرحه منها بعد أن رفضته عدة مرات :
حرام عليكى يا زهرة .... مش قادر خلاص
.... أنت كده بتأذينا ....أهدى حبيبى ...
خلينى أشبع و أشبعك ... كده هنتعب
إحنا الاتنين .
و أرفق كلامه بإلتقاطه منشفة قد وضعها بالقرب من الفراش حاوط بها وسطه فقط بشكل مهمل و ابتعد ليجلس على الأريكة المقابلة للفراش يترك لها فرصة لتهدئ قليلا .
تباطئت أنفاس زهرة حينما وجدت أصلانها يبتعد عنها جالسا على الأريكة المقابلة لها
مطرق رأسه أرضا لا يريدها أن ترى حالته الجسدية المبعثرة للغاية حتى لا يضغط عليها
فيتهرب منها بعينيه .... بينما هى كلما حاولت تهدئة نفسها فشلت و زادت من بكائها .... حتى نادته لاهثة راغبة من بين بكائها .... رفع رأسه ينتبه إليها .... مدت القطة الباكية ذراعها لأصلانها تدعوه لمشاركتها الفراش تريد منه هو تهدئتها و إحتوائها ... نظر الأصلان ليد قطته الباكية الممدودة تجاهه و أسرع ينضم إليها فى الفراش تاركا منشفته تسقط أرضا .... لم ... لم يهدئ روعها ...
- أصلان :
متحرمنيش منك يا زهرة ...
زاد بكاء القطة و ضمت نفسها لصدره و أكمل هو ما ......... و ........بها دون تمهيد فقد بما يكفى سابقا .... و لكن كانت وتيرته هادئة بسبب حملها إلا أن هذا الهدوء اتسم بشغف و سخونة ألهتها عن بكائها و جعلتها
...... مثيله.... لقائه .... و مع إزدياد شغفه و تركت ... تلتقط نفسها
همس هو بما يزيد ثقتها بأنوثتها و علاقتهما و جعلها ...و تطلب منه المزيد .... بعد أن فقدت كل تعقلها و فقد هو الآخر كل تعقله فكان يعطيها ما تريد و يسألها عن ...
فتجيب نافية و يؤكد نفيه هو أيضا بأنه يريد المزيد و المزيد .... لا يريد أن يؤذيها أو يضغط على حملها فكان يتخلص من .....
الزائدة ... تركت ...... على ........ و .... حتى جاءت ...........و أطعمها ...
.
احتضن الأصلان زهرة بين ذراعيه بعد إنتهاء لقائهما ........ ب...
فقد غابت عنه قطته طويلا و لا يصدق أى منهما أنهما إتحدا ثانية
.... و كعادتهما فى حميميتهما .....
لا تشبع شغف كل منهما تجاه الآخر
..... و تحولت .........التى ......على محياها دونا عن إرادتهما إلى شغف جديد و .......... جعلتها .
و تضم نفسها له ... و جعلته يتنهد ....... و .....
بها .... حتى أفاق من ...
و ابتعد عنها فزعا فقطته الصغيرة مازالت متعبة و ........ المتعددة ........ لا تصلح فى وقتها
.... و لكن برجولة وحشها و شغف قطته به لا يشعران بالاكتفاء خاصة مع وضعها الجديد
.... شرعت القطة البكاء مجددا لبعد أصلانها
إلا أنه لن يسمح بإعادة السيناريو الحادث مسبقا لذا قال لها بين العديد من القبلات :
- رورو .... حبيبى ..... بحبك يا زهرة ....
- تبكى القطة.......
به ... و يحاول الأصلان
تمالك نفسه أمامها .
- و بعدين حبيبى .... غلط رورو .... هيحصلك
حاجة ...
- هدأت القطة قليلا و لكنها متجهمة الوجه
و بدأت تتمسح برأسها فى صدره .
- أوقفها الأصلان ... يعلم إنها ............ بشدة
كما يعلم أنه ..........و لكن حملها يمكن
أن يضرها إذا شعرت بإرهاق ... لذا
تشبث بأعلى درجات ضبط النفس :
رورو .... هتعيى ... بس إهدى و اسمعينى .
- زهرة تهدج صوتها :
أصلااان ... أصلاااان .... أنا أنا ....
عاوزة .... مشتقالك أوى ....
حرام عليك متحرمنيش تانى .1
- مش هحرمك حبيبى و لا أحرم نفسى
.... عارف إن أنتى .. و أنا هموت
عليكى ... بس غلط أنتى صحتك ضعيفة
فى الحمل أخاف يحصلك حاجة بسببى .
- لم ترد القطة و لكن أصبحت تفرغ .........
.......... به فى هيئة .. صغيرة
موجعة انتشرت على صفحة صدره
الرجولى الواسع بشكل لطيف جدا ...
و مؤذى جدا لرجولته التى تطالبه ......
القطة ...
حالا هى و أصلانها و لكن
يقف أمامه صحتها .
- وضع الأصلان رأسه فى المنطقة بين..
و.. زهرته يبادلها ..... و يفرغ
بها .... ثم أبعدها قليلا :
مش هسيبك حبيبى .. ....
مش عاوز أضغط عليكى مرة واحدة
.... شوية حبيبى .... نامى شوية
و بعدين تانى .... هممممم .
- استمعت القطة لكلام أصلانها و داعب النوم جفونها بعد يومها الطويل بكليتها و حديث طويل مع أصلانها و لحقها هو يستريح فترة العصر بجانب قطته و لا ينوى ترك قطته .
بعد مرور أكثر من ساعتين كان الأصلان يجلس على الأريكة المقابلة للفراش يراجع بعض أوراق العمل التى جلبها لجناحه سابقا .... و قد و حاوط وسطه بمنشفة صغيرة يدارى بها رجولته فقط .... استفاقت القطة الصغيرة قليلا فكانت مازالت عيونها مغلقة و فى مرحلة بين الوعى و اللاوعى إلا أن رغبتها بأصلان إيقظتها قليلا و أصبحت تبكيها
- زهرة ببكاء و صوت مبحوح تطلبه :
أصلااان ... أصلااااان .... حبيبى
أصلاااان ... أوه ... أصلااان ...
آه .... أصلااان .
تم حذف بعض المشاهد الجريئه
انتبه الأصلان على صوت قطته الشبه واعية تطلبه لها و الذى سرعان ما جعله يترك أوراقه متناثرة على الأريكة و نزع منشفته و انضم إليها فى الفراش.............. به بتلاحم مباشر .......... التى ..بسرعة من ...... الذى ترك ........ على ج...... و فراشه.......... منه جعلها تفيق من حالتها و تندمج معه ... ي........ شديدة و .....................من جوعهما
.... تاركا ل....... أمر إسكات......... العالية المطالبة بالمزيد من
..
....... التى أصبحت لا تشعر............. إلا من خلالها
.... تحتك............ بنعومة أطاحت بثباته و تجعله يستمر فى .......
و لا يكتفيان .... فهى بالمزيد و يعطيها هو المزيد و المزيد .... حتى إنتهت قطته و انتهى
هو و غرقت هى مباشرة فى نوم عميق بعد أن شبعت من أصلانها و سرعان ما لحق بها هو بعد أن دثرهما بغطاء خفيف غير عالمين بما يدور حولهما .
32
.
.
الفصل الثاني والثلاثون
منزل الحج قدرى ليلا :
جلست السيدة نعمة بجانب الحج قدرى فى صالة المنزل بعيدا عن الأحفاد و مشاكساتهم
رغبة فى الانفراد به
- السيدة نعمة بعد أن وضعت صينية القهوة على الطاولة :
و بعدين يا عمى .... مش هنطلع نشأر
على زهرة و أصلان و لا حتى أبعت
حد يخبط عليهم ....
" صمتت قليلا تتبين تعابيرات وجه
الحج قدرى الذى ما إن رأته يطرق
رأسه أرضا مفكرا أكملت مبررة "
لأحسن يكون زعلها و لا حاجة ... أنت
عارفه عصبى و البت رهيفة متتحملش
فى إيده ... و المرة دى غير ... دى شايلة
فى بطنها مش خالية .
- تنهد الحج قدرى فى حيرة :
و الله ما أنا عارف يا نعمة .... خايف
نطلع نشوفهم و لا نبعت حد ليهم يهب
فينا و أنتى عارفاه مبيحبش حد يدخل
فى خصوصياتهم .... و كمان خايف
منطلعش تكون البت تعبانة و هو مش
قايل .
- ردت السيدة نعمة بحنق :
الله يخربيت الجامعة على التعليم ....
البت هتروح بلاش من وراها .... يعنى
كان لازم تروح السنة دى ... متأجل للسنةاللى وراها ؟! ... دى شايلة و مش حمل البهدلة دى .
- رد الجد حانقا من زوجة ابنه التى على الرغم من حبها لقطة ابنها إلا أنها سرعان ما تميل لراحة ابنها و مصلحته دون الأخذ فى الاعتبار
مصلحة زوجة ابنها :
يعنى نمنعها من تعليمها يا نعمة .... ده اللى يرضى ربنا عندك ؟!
- فقالت السيدة نعمة متأففة :
أنا بس خوفى عليها دى شايلة ابن أصلان .... كمان أصلان بيغير عليها و البت اللهم صلى على النبى باينة ... يعنى مفيش منها غير المشاكل و خلاص .
- رد الجد بحكمة :
اللى يمشى على بوسى و سوما يمشى
عليها يا نعمة .
- السيدة نعمة :
بس سوما و بوسى لا هما متجوزين
و لا بطنهم شايلة .
- همهم الجد بتفكير ثم تحدث بمكر :
و على كده لما سوما نتجوز أسامة فى
نص السنة و تحمل هتأعديها هيا كمان
من كليتها زى زهرة .
- ردت السيدة نعمة بتلقائية :
آه ... لأ ....
" ثم أطرقت صامتة و قد فهمت ما يريد الحج قدرى إفهامه له .... فلو كانت سومافى حالتها لم تكن لتتخذ نفس الموقف و لكن لرغبتها الشديدة فى رؤية أبناء الأصلان تتجاوز أحيانا فى مواقفها تجاه
زهرة " .
- أكدت السيدة نعمة فكرة الجد حينما قالت بأسف :
أعذرنى يا عمى .... غصب عنى و الله
نفسى أشوف عوضه قبل ربنا ما يأخد
أمانته .... دا البكرى عندى أول فرحتى هو و بثينة الله يرحمها .... و كسرة ضهرى لما مرضيش يتجوز من يوم الحادثة ...مش قادرة .... نفسى أغمض و أفتح ألاقى ولاده حوليه .
- تنهد الجد :
عذرك و عارف اللى إنتى فيه ... بس مش معنى كده تيجى على البنية الغلبانة دى .... أنا كمان نفسى أشوف عوض الأصلان قبل موتى .... و عشان كده ناخد بالنا من زهرة و نريحها على قد ما نقدر لحد ما تجيب بالسلامة .... و راعى إن ليكى بنت موجودة قبالها يعنى اللى هتعمليه فيهاهيتعمل فى بنتك ... و قبل كل شىء تراعى ربنا إحنا ما صدقنا نلاقيه رجع تانى زى
الأول .
- همهمت السيدة نعمة بموافقة :
فهماك يا عمى .
استيقظ الأصلان من غفوته ليلا بعد أن تملك منه الجوع ليجد نفسه و .......غافية هى الأخرى و يبدو عليها الأرهاق الشديد .... و ابتسم متذكرا جنونها به
و شغفه بها .... كما يشعر بقلبه ممتلىء بحب تلك القطة الصغيرة المشاغبة .... لدرجة جعلت ابتسامته لا تفارق وجهه فى وجودها أو عدمه حينما يتذكر أفعالها تجاهه .... عدل بعض من شعرها و الذى كان يضايقها بنومها ثم زاد من إحتوائها بين ذراعيه .... مفكرا إنه تغير كثيرا فى ظرف عدة أشهر تحديدا منذ زواجه بقطته الصغيرة .... زوجته الجميلة شكلا و أخلاقا و التى على الرغم من صغر سنها إلا أنها تمتلك عقلا واعيا و فكر مسئول جعلها تتحمل واجبات فرضت عليها فقط كونها زوجته و التى كانت ستشكل صعوبة مع من هى أكبر سنا منها .... إلا أن أخلاقها و بساطتها جعلتها تحتوى ذلك بسهولة .... و هو ما ليس بجديد عليها فطالما هى خالفت ظن الآخريين بها .... فمن ينظر لجمالها يفترض سوء طباعها أو غرورها إلا أنها حقيقة تمتلك قلبا ذهبيا لا يليق إلا بها .... و من يرى خلفيتها من أم توفيت بعد ولادتها و أب ترك ابنته الرضيعة فى عهدة أخته و زوجها يفترض عدم مسئوليتها و تشتتها الأسرى و إفتقارها للحنان إلا أنها خالفت الظنون بحسن أخلاقها و حرصها على إستقرارها الأسرى منذ خطت بقدمها إلى منزله فتحملت على عاتقها مسئولية الزواج منه و أدتها كما يجب فاكتسبت محبة و احترام قاطنى المنزل .... و على الرغم من فقدها للأم و الأب الذى استقر بمكان آخر إلا أنها تمتلك قلبا حنونا جعلها تتمكن هى الصغيرة من إحتوائه و إنتشاله من ظلامه و تطييب جروحه و التى عجز أقرب الناس إليه عن فعل ذلك .... فأضحى الأصلان بكبره و هيبته و وحشيته حملا وديعا فى حضرتها .... فكانت له نعم الزوجة و الابنة و الرفيقة و الصديقة و الحبيبة التى لم تهمله أبدا أو تبعده من قلبها مهما زادت قسوته عليهابل أحتوته و عشقته و أكسبته بعض من رقتها و جعلته يشعر بالرغبة ... ليس الرغبة فيها فهى بالطبع حبيبته و يرغب بترجمة حبه ....... تجسيدا لحبه و عشقه و لكن رغبتها هى به .... فلم تشعره أبدا بالنقص مع وجود تشوهه الجسدى الذى كان لا يمثل لها مشكلة بل تنظر له بعينين تقولان له دوما أنه أجمل الرجال .... زرقاويها اللتان جعلته يرى نفسه بشكل آخر أحبه هو أكثر من شكله الأول بعد حادثته بل أكثر من شكله الأول قبل الحادثة أيضا .
مما جعل حبها يتملك قلبه و روحه و عقله و جسده ..... فكانت كنزه الثمين الذى يخشى أن يسطو عليه طامع كذلك الرائد الذى أصبح يكره وجوده بالمنزل و البلد بأكملها .... و مازال خافقه يتوجس من نظراته لها .... فهو عاشق لقطته و نظرات ذلك ابن عمه لا تختلف عنه كثيرا لذا لم يتحمل و ثار على قطته أمام أسرته عندما تدخل هو مقدما حمايته لها بكليتها و هو ما لا يرغبه كليا .
تنهد الأصلان من دوامة أفكارة و ألتفت لقطته التى تزيد ضم نفسها لجسده مستنشقة رائحته مما سببت إبتسامته .... أبعدها الأصلان عن جسده برفق و لامست...... انسحب للاستحمام .... خرج الأصلان مرتديا منشفة حول وسطه و أخرى يجفف بها شعره و ألقى نظرة على قطته وجدها مستغرقة فى نوم عميق و تتشاجر مع الدب الأبيض أثناء نومها ...... و الذى كان مصاحباً لها منذ دخولها المنزل إلا أنه بعد أن جعلها زوجته فعلا توصل معها لإتفاق يجعل به الدب البغيض بجانب الفراش على الأرض .... فآخر ما يريده الأصلان هو وجود دبدوب على الفراش يشهد على شغفه بمحبوبته ... أرتدى جلباب منزلى واسع باللون الرمادي الفاتح و أسفله بنطلون من نفس اللون ثم خرج من جناحه بهدوء دون أن يوقظ قطته ليناقش أمور العمل مع أسامة أو محمد فالوقت لم يتعدى العاشرة مساءاً إلا بقليل فلابد أن أحدهم مستيقظ .
يجلس أسامة و محمد و رائد فى مقابل أسماء و بوسى و سوما فى جلسة منفصلة بعيدة قليلا عن جلسة الجد و السيدة نعمة اللذان يبدوان يتناقشان بأمر هام .... تبادلت الأحاديث الخفيفة بين الشباب حتى قالت أسماء دون وعى بتأثير كلامها على آخر :
- أسماء :
طاب إيه يا جماعة أخوكوا و مراته ملهمش حس خالص ؟! .... تفتكروا إتخانقوا ؟!
- ردت سوما :
و الله أنا قلبى واكلنى عليها خالص من
ساعة الأصلان ما أخدها على الجناح
و إحنا بنتغدا ....
" و نظرت بحنق لبوسى و أكملت "
كله منك يا بوسى ؟ ... يعنى كان لازم
تعكى الدنيا كده و أنتى عارفة أصلان
بيغير عليها و بيتعصب بسرعة .... يعنى لو زعلها هتكونى أنتى السبب .
- بوسى بسماجة :
إيه الأفورة دى يا سوما ؟! ... أصلان
إستحالة يزعلها دا بيموت فيها ... تلاقيهم بس ناموا و لسه مصحيوش .
- أسامة بغيرة :
يا بختهم .... عقبالى يا رب أما أنام و
أصحى براحتى .
" ثم همس لمحمد و لكن ألتقطه رائد "
سوما الهبلة فكراه دا كله بيزعقلها فوق
" و أكمل حانقا فارتفع صوته "
دا زمانهم إتجوزوا من أول و جديد .
ضحك الجميع على كلامه و ابتسم رائد من وراء قلبه حتى لا يلاحظ أحد عليه شىء خاصة بعد أن اندفع بشكل مبالغ فيه أثناء الغذاء .
أنتبه الجميع على نزول أصلان مسرعا على السلم و قد أبتل جلبابه قليلا من الأكتاف و الظهر و كانت ملامحه مسترخية عكس ما صعد به هو و زوجته و التى لا تظهر بجانبه ...
- أسامة معلقا على منظر أخيه :
يا خارجة من باب الحمام ...و كل خد
عليه خوخة .
" أغنية مصرية قديمة مشهورة "
مما جعل الجميع ينفجرون ضحكا على تعليقه حتى رائد و لم يهدأوا إلا بعد أن هدر الأصلان بأخيه الصغير
- أصلان :
أخرس يا حيوان .
- سألت السيدة نعمة التى لم تنتبه لما يقال بين الشباب أصلان بقلق على زهرة متبادل بينها و بين الجد :
أمال فين زهرة يا بنى ؟!
- أصلان ببرود لم يشفى فضول أمه و جده :
نايمة .
- ربع أسامة قدميه على الكرسى الذى يجلس عليه و مثل دور المرأة التى تعدد فى العزاء :
تعبانة و شقيانة يا حبة عين أمها ....
مبتستريحش ... ربنا يهد قواك يلى فى
بالى .
انفجر الشباب ضحكا ثانية بعد علمهم بمقصد أسامة حتى دمعت أعينهم ... نظر الجد و السيدة نعمة إليهم بتعجب لعدم علمهم لما يدور بينهم إلا الأصلان الذى تفطن لمعنى كلمات أخيه و التى أرضته بعد أن ألقى نظرة على رائد التى تجمدت تعبيرات وجهه و لم يشأ أن يغير مفهومهم .... و لكن لا يمنع ذلك من تأديب أسامة فهو لا يحب أن يأتى أحدهم على ذكر قطته بما هو غير مناسب ... لذا إتجه بخبث تجاه إخوته
- أصلان بفخامة صوته التى أرعبته :
أسامة .
- أسامة بخوف من غضب أخيه :
نعم .
- أصلان :
تعالى فى المكتب ... عاوز أعرف وصلت
لفين فى اللى كلفتك به .
" قاصدا أمور خاصة بالعمل أدت لوجوب سفره الذى أخبر به زهرة فى وقت سابق بالغرفة و الذى أدى لانهيارها "
استقام أسامة مسرعا تلبية لأمر أخيه الذى ارتسمت معالم الجدية على وجهه ... و لحق الأصلان إلى غرفة المكتب ... و لكن ما إن أغلق الباب حتى على صراخه من ضربة أخيه الأكبر له عقابا على ذكر قطته .... و انفجر الشباب خارجا ضحكا على أسامة .
خرج أسامة من غرفة المكتب تاركا أصلان ينهى أوراق خاصة بسفره الذى توجب عليه فى صباح اليوم التالى .... و توجه إلى جلسة الشباب مرة أخرى فلم يستغرق حديث أخيه معه أكثر من عشرين دقيقة ...
- أسامة بمرح :
هيه .... خلصت .
- محمد بجدية :
إيه الأخبار ؟! ... مين هيسافر معاه أنا
و لا أنت ؟
- أسامة بسذاجة :
هيسافر لوحده .... مرضيش حد يروح
معاه ... أصلا الشغل هناك مش محتاج
أكتر من واحد .
" بووووسى "
قالها الأصلان من مكتبه ... فاستقامت بوسى متجهة له
- و أكملت أسماء :
هو أصلان هيسافر فين ؟!
- رد محمد :
الإسماعيلية .
- سوما :
الله .... الواحد نفسه رايحة على المانجة .
- أسماء :
ما إحنا لسه يا بنتى واكلينها إمبارح .
- سوما :
لأ ... مانجة الإسماعيلية مفيش زيها .
" ثم وجهت حديثها لأسامة "
إبقى قول لأصلان يعمل حسابه فى شوية
للبيت لما يجيب فاكهة المصنع .
- أسامة :
إن شاء الله ... إيه يا بت طولتى ليه ؟!
" موجها حديثه لبوسى التى خرجت
من مكتب أخيه "
- تنهدت بوسى :
مفيش كان بيتطمن على أخبار الكلية
و يعرف جدولنا .
- سوما بابتسامة صافية :
و الله أخونا الأصلان مفيش منه ...
بيطمن علينا .... ربنا يخليهولنا .
توجهت لسوما زوجان من العيون التى خرجت من محجريهما لم تكن إلا لبوسى و أسامة .
- بوسى لأسامة :
شوف يا أس أس أنا بكرهك و مفيش بينا عمار أبدا ... بس بجد الله يكون فى عونك .... أنا هتجلط منها و مكملتش شهرين فى البيت ده .
- سوما بحنق :
الله يا بوسى ... و أنا قولت إيه طيب ؟!
ضحك الجميع عليها و هز أسامة رأسه للجهتين يأسا من حبيبته معلقا :
" مفيش فايدة "
- بوسى بحنق :
ساذجة .... يا هبلة بيسأل عشان يطمن
على زهرة ... و مواعيد مرواحها و مجيها .... الحمد لله عندنا أجازة باقى الأسبوع .
- أسامة بإحباط :
بجد .... ليه ... دا أنا قلت كويس أهى
فرصة أوصل سوما و نشوف و إحنا
راجعين شوية حاجات لجناحنا .
خجلت سوما و لم ترد و ضحكت بوسى على ابنة خالها .
- أسماء :
حاجات إيه يا أسامة الجناح خلاص حطوا فيه أوضتكوا ... مش ناقص بس إلا هدومكوا و خلاص .
- أسامة محركا حاجبيه بفرحة :
ما هى دى الحاجات اللى عاوزين نشوفها .
ضحك الكل ثانية على حديثه ... مصادفة لخروج الأصلان مسرعا من مكتبه على وجهه تعابير جدية و حاملا مجموعة أوراق خاصة بعمله ....
- الحج قدرى :
خلاص يا أصلان نويت يابنى على بكرة
إن شاء الله ؟
- توقف الأصلان عن إكمال طريقه لجناحه و جلس أمام جده و أمه :
إن شاء الله ... نويت على الفجر .
- الحج قدرى :
موفق يا بنى إن شاء الله ...
ربنا ينورلك طريقك .
ابتسم أصلان لجده ثم نادى على فاطمة التى أتت مسرعة خشية من غضبه و طلب منها أن تحضر عشاء فخم لجناحه دون أن يعير اهتماما لأى من نظرات الآخريين المتعجبة أو المبتسمة لتغيره الواضح كذلك حبه المرتسم على ملامحه لتلك القطة .... و لم يتحمل الأصلان تلك النظرات المطولة خاصة المتبادلة بين جده و أمه و انسحب إلى جناحه راغبا فى العودة مسرعا إلى ذراعى قطته .
دخل الأصلان إلى جناحه يرتب أوراق عمله التى يحتاجها لسفره الذى يستغرق حوالى خمسة أيام و هو ما لا تعلمه قطته .... و لا يريد أن يخبرها إلا قبل سفره مباشرة حتى لا يزعجها ... فيكفيه شعوره الموحش لابتعاده عنها فهو لم يكتفى من قربهما بعد انفصال أكثر من شهر .... و هما من كانا لا يفترقان عن بعض .... تأفف الأصلان و هو يرتب أوراق عمله لا يطاوعه قلبه على تركها كذلك جسده الذى يأن شوقا لها .... طرقات على الباب أعادت له انتباهه لم تكن إلا لفاطمة التى تحمل صينية كبيرة بها ما لذ و طاب ... أجابها الأصلان و إتجه لفتح الباب بعد أن غطى جسد قطته كليا حتى لا تظهر أمام أحد ... ثم فتح الباب و تناول الصينية بعد أن صرف فاطمة و وضعها على طاولة قريبة من فراشه بجانب أريكة كبيرة .
إتجه الى فراشه و استلقى بجانب قطته الغارقة فى نوم عميق و شرع يوقظها شىء فشىء .... يلمس شعرها تارة و ملامحها آخرى و يناديها بهدوء حتى فتحت زرقاويها فكانت مقابلة لسوداويتيه العميقتين مباشرة .... تبادلا العاشقان النظرات مطولا و باحا فيها بكل شىء خاص يتشاركاه بينهما .... حب .. إحترام .. فخر .. تقدير .. عشق .. شغف .. وله
.. ليالى طويلة .. جروح و تعالجت .. أرواح و تقابلت مع تؤامها .. قلوب و تآلفت ..أطفال قادمون ثمرة لكل ذلك .. و سعادة .. سعادة كبيرة ناتجة عن حصول كل منهما على نصفه الآخر فاكتمل و أصبح واحدا صحيحا .
تنهد كل منهما و كانا على مقربة بحيث تكاد أنوفهما تتلامس .... قبلها بشغف و سرعان ما بادلته فتعمق بقبلته و إنتهى منها إلا أنهما لم يبتعدا بل ظلت أنوفهما متلاصقة .... أغمض عينيه يائسا من حالهما بعد أن لاحظ تهدج أنفاسها و تسارع خاصته .... و نزل متلمسا بأنفه عنقها الذى امتزج به رائحته برائحتها .... و ... ثم فقد صوابه و أتجه لنهديها فآنت القطة و استبدل هو بجنون أنفه... ينهل من..... حتى تتابعت آنات من تحته و تسارعت وتيرة تنفسها بشكل ملحوظ و لم تسيطر على يديها التى جذبت رأس أصلانها لأعلى تنظر لعينيه التى زاد سوادها بهلع لما هو ...... عليه و لن ينتهى إلا ... فقال بشغف لما كان يفعله و عينيه تتجه لأسفل :
متحرمنيش منك يا زهرة
و أطبقت الأخرى..... على خاصته... فتاة صغيرة تعشق بكل كيانها ... بادلها ....و استمرت مرة و مرة و مرة .... حتى قطعها و ختمها بقبلة رقيقة على جبينها
.... و اعتدل قليلا حاملا زوجته بين ذراعيه و أتجه بها للحمام ... بهدوء و لف... كبيرة ثم اتجه بها لفراشهما و أجلسها فوقه و لم تزح زهرة ناظريها عن أصلانها ....
ابتسم لها الأصلان و قال :
الأكل و الدوا .... مأكلتيش من الظهر
.... و الساعة داخلة على ١٢ .
و تركها متجها لخزانة ملابسهما و انتقى لها فستانا بيتيا بسيطا .... لونه أبيض بحمالات عريضة و يصل لمنتصف..... واسع يستوعب بطنها البارزة اللطيفة ... و جفف لها شعرها ثم رفعه لها كما رغبت حتى لا يضايقها و أبدل ملابسه أيضا بعد أن أبتلت قليلا لجلباب آخر سماوى واسع .... و حمل زهرته إلى الأريكة حتى يأكلا بعد أن أهلكهما الجوع .
فرغت زهرة و الأصلان من طعامهما و ناولها الأصلان دوائها ثم عاد بها ثانية لفراشهما يريحها عليه .... فهو منذ علمه بحملها لا يجعلها تتحرك كثيرا و زاد من تشديده على هذا الأمر خاصة بعد دراستها .... فهو على علم تام بإنشغالها و ارهاقها بكليتها لذا حرص على تلقيها أكبر قدر من الراحة داخل المنزل تعويضا عن ذلك .... حتى أنه أوصى أمه و أم أحمد بمنعها تماما من دخول المطبخ .... قربها الأصلان منه و أراحها على إحدى ذراعيه و ضمها بالآخر .... فضمت رأسها لصدره و تنهدت تخفى شوقها الواضح له .... ابتلع الأصلان ريقه عاجزا عن إيجاد طريقة مناسبة ليخبر بها قطته بسفره .... رفع رأسها التى تضمها لصدره إلى ناظريه و تاه فى عينيها تلك العينان التى تلمع له فقط للتحول من مجرد زرقاوين عميقتين إلى أحجار كريمة .... فقط له و هو ما يسعده و يعزز ثقته بنفسه كرجل تلك الثقة التى تزعزعت قليلا عند تشوهه .... أو لنقل أنه لم يخطر بباله أن يوقع تلك الزهرة فى حبه حتى أصبحت متيمة به بتلك الطريقة .... مما جعله يهدي تلك الزرقاوان قبلا رقيقة فقط لأنها نظرت إليه بتلك الطريقة المتيمة .... جعلتها أكثر إشراقا و لمعانا فضحك على تلك العينان التى أوقعته لها من النظرة الأولى
- ضحك الأصلان لزهرة و ضمها أكثر لصدره
قائلا :
و الله بحبك رورو .
- زهرة بعشق له ......... على كثيرة رقيقة :
و أنا و الله بحبك أصلان .
- ابتسم أصلان على تقليدها لحديثه و أكمل متلمسا بيده ما يتحدث عنه :
بحب عيونك ... بحب شعرك ...
بحب شفايفك .................
و سكت عن باقى حديثه منشغلا .......الناعمة مقابلا لملمس يده الخشنة .
تاهت هى بفعلته و تاه هو بتمرير أصابعه على شفتيها .... تهدجت أنفاسها لما يفعله بها أصلانها ففتحت فمها قليلا ... و أدخل هو إصبعه دون أى سبب لذلك ... فقط لشغف ليس له تبرير بل يأمره بفعل ذلك فينفذه مغيبا .... فلمس به أسنانها ثم ينظر لعينيها يرى ردة فعلها فيجدها بحالة شبيهة بحالته .... و يلمس به طرف لسانها و يعود بنظره لعينيها فلا يجد منها نفور بل العكس رغبة بالمزيد ....
فلمس المنطقة الأمامية بين الأسنان و اللسان و شدها منها ناحيته يقبلها بشغف و إصبعه بين شفاههما .... انتهت القبلة الساخنة بينهما و سحب هو إصبعه .... و عاد لشفتيها ثانية يلتهمها إلتهاما و لا تستطيع قطته فعل شىء سوى الاستمتاع و تتلمس بيديها الرقيقه صدره من فوق الجلباب تجذبه أكثر إليها ليتعمق فى قبلاته .... فيئن هو من حرارة مشاعره و ينتزع شفاة قطته من بين شفتيه ليبعد عنه جلبابه
..... يجدها تتأمله بشغف و تنقل ناظريها من وجهه لصدره و أكتافه و بطنه .... فتبتلع ريقها مما جعله دون إدراك يحرك ملابسه السفلية مع عينيها حتى أصبح عاريا بشكل كامل و حركت هى لسانها على شفتيها تبللها بعد أن جفت دون أن تحيد بعينيها عن جسده .... أفعاله لا تمد للمنطق أو العقل أو الهيبة و المكانة بصلة بل تتعلق فقط بشغفه و شغفها و تجعله يتحرك عاريا فى إتجاهها و ينضم إليها فى الفراش تلبية لما فى عينهما من وله كل منهما بالآخر ..... جلس أمامها على الفراش و ساعدها فى النهوض جزئيا من فراشها من أجل إزالة فستانها عنها و أبقاها فقط بالقطع الداخلية البيضاء شبيهة الفستان و أغدقها بالمزيد من القبلات ثم ساعدها مجددا فى الاستلقاء و أكمل مداعبته التى أنتهت بعريها مثله .... و انطلق فى شغفه بوتيرة هادئة تسببت بها سخونة مشاعرهما و رغبته فى الاحتفاظ بتفاصيل لحظاتهما سويا أثناء سفره ....ضاع فى أحساسه بالرضا الذى استولى على كافة حواسه كذلك فى تأوهاتها المستمتعة التى انطلقت منها
.... فيطلب منها المزيد و المزيد مما تعطيه له
كمان رورو .... كمان
.
.
.
هتوحشينى و أنا مسافر
و عندها سقطت دموع القطة التى علمت بفراق أصلانها عنها بعد لقائهما
.... شعر بدموعها نصفها الآخر إلا أنه لم ينهى لقائهما بل استمر فى ترجمة مشاعره على جسدها حتى أكتفيا سويا و حصلا على خلاصهما .... و مازالت دموع القطة تتساقط .... ضمها لصدره بعد لقائهما يزرعها بالقرب من خافقه حزين هو لفراقها و حزينة هى لفراقه
..... تتنهد هى برقة من بين شهقاتها و سألته بخفوت :
هتسافر كم يوم ؟!
أغمض عينيه لا يريد إخبارها إلا أنه أجابها بعد لحظات :
خمسة .
لم تعلق على كلامه و إنما شعر بدموعها
تلامس صدره العارى و لم يبعدها من بين ذراعيه .... استمر العاشقين كذلك حتى أقترب موعد سفر الأصلان و لم يزورهما النوم .... حريصان على كل لحظة تمر بهما ..... حتى شعرت القطة الباكية بابتعاد أصلانها عنها برفق فتمسكت به جزعة .... توقف عن تحركه ينظر لها و تنظر له .... هو بحنين و هى بحب لحظات .... حتى فاجأها بحملها معه للاستحمام دون أن يتكلما .... و بعد إنتهاءه اختار لها فستانا رقيقا يجسم قوامها ذو لونا ثلجيا أكمامه طويلة و على أحد كتفيها شالا حريريا وردى اللون ثم أجلسها على الأريكة تنظر له بحزن و هو يرتدى ملابسه استعدادا لسفره ثم تحضيره لحقيبة سفره بمفرده بعد أن رفض قيامها بذلك و تركته هى و شردت بأفكارها التى تتمحور حول بعده عنها .
.... و لم تنتبه إلا و هو يقف أمامها و يمد يده لها .... نظرت له بعتاب لبعده و وضعت يدها بيده .... فوجدته ينهضها ثم يسير بها خارجين من جناحهما للأسفل حيث الحج قدرى و السيدة نعمة ينتظران الأصلان و زهرة للإفطار معهما قبل سفره .... حيتهما زهرة بخفوت واضح دلالة على حزنها لسفر أصلانها فى مقابل سعادة الجد و السيدة نعمة اللذان لاحظا صفو الأجواء بينهما .... طلبت السيدة نعمة من أم أحمد و فاطمة و ورد تجهيز الفطار بعد أن رفض الأصلان قيام قطته بذلك حرصا على راحتها ..... و بعد الانتهاء أمسك الأصلان بيد قطته و ودع جده و والدته تحت استغرابهما و خرج معها إلا أن الجد الذى استفاق سريعا أوقفه يستفهم عن موقفه و لم يستوعب بعد ما فى نية حفيده
الحج قدرى متعجبا :
خلاص يا بنى متتعبهاش .... ملوش
لزوم توصلك لبره كفاية لحد هنا .
ردت زهرة قبل أن ينطق أصلانها الذى فاته تماما إخبار جده و أمه بسفر قطته معه :
لأ و النبى يا جدى ... سيبنى بس
أوصله لحد ما يركب عربيته ...
هتمشى معاه براحة .
ابتسم الأصلان على كلام الصغيرة المحبة له و رد على جده :
أنا مش هخليها توصلنى .... أنا
هاخدها معايا .
توقف الجد و السيدة نعمة عن إحتساء القهوة بعد مفاجأة الأصلان و قالت السيدة نعمة :
بس يا بنى دى تعبانة و مش حمل
بهدلة .... و بعدين أنت رايح فى
شغل يعنى مش هتعرف تراعيها .
و صمت الجد مفكرا فكان الأمر يحدث لأول مرة أن يذهب أحد أبناءه مع زوجته فى سفريات العمل إلا أنه أوقفه تمسك الأصلان بقطته و قوله :
أنا سألت الدكتورة قالت مفيش
مشكلة طالما هسوق براحة ...
و هى مفيش دراسة عندها طول
الأسبوع ..............................
" و أكمل يصمت والدته التى شرعت
فى الحديث "
و معنديش يمه شغل كتير يعنى
مش هغيب عليها .... متخافيش .
و ذهب مع قطته التى كانت صامتة طوال حديثه مع جده و والدته متفاجأة منه .... فهو لم يذكر لها أمر سفرها معه مطلقا .... و استوقفته بالقرب من سيارته قائلة بخفوت :
أصلان مش معايا هدوم .
- رد عليها الآخر مبتسما :
أنا جبتلك معايا رورو .
- نظرت له مستفهمة و رد عليها :
لما كنتى سرحانة و أنا بحضر
شنطتى .... أنتى مش شايفاها
شنطة جديدة غير اللى بأخدها
معايا كل مرة .
لم ترد القطة إلا أنها أخيرا ابتسمت بعد بكاء و صمت أمتدا من الليلة السابقة حتى الصباح .
استيقظ باقى أفراد منزل الحج قدرى لتناول الفطار و مباشرة أعمالهم .... و تفاجأ الجميع بخبر سفر زهرة مع الأصلان طوال الأسبوع ... الأمر الذى لم يحدث مسبقا .
- تذمرت أسماء على طاولة السفرة :
إشمعنا بقى زهرة تسافر مع الأصلان
و أنت يا سى محمد متأخدنيش
معاك .
- تنهد محمد للمرة التى لا يعلم عددها منذ الصباح بعد أن أمطر الأصلان و زوجته بوابل من الشتائم لوضعه فى مثل هذا الموقف مع زوجته المتذمرة التى تعتقد أنه لا يريد ذهابها معه :
يا ستى قولتلك ميت مرة إنى
ببقى مشغول و بروح على النوم
بس .
- ضحك أسامة و بوسى و سوما و ردت أسماء بحنق :
يا سلااااااااااااااااااااااااااام
ما أصلان خد زهرة أهوه .
- اختنق محمد من محاصرة زوجته له فى أمر ليس له فيه يد لذا ترك بيضته المسلوقة من يده و اتجه خارجا بعد أن صرخ بها على المائدة تحت ضحك الجميع :
يا لهووووووووى .... أشق هدومى
عشان تستريحى ..... أنا ماشى
.... ابقى حصلني يا أسامة .
تحت ضحك الجميع على أسماء و خاصه بوسي التي على صوت ضحكتها على أسماء وقالت :
احسن .... تستاهلي ....
أنتى مالك ومال الأصلان وزهرة .
- ورد الجد يساير أسماء إشفاقا على محمد من الحاحها :
معلش يا سوسو المره الجايه
هاخلي محمد يأخدك معاه .
كل ذلك تحت صمت رائد وضحك أسامه وسوما وبوسي .
استغرق الأصلان وقتا أطول لوصوله إلى مدينه الإسماعيليه نظرا لقيادته المتمهلة خوفا على صحه قطته التي سرعان ما استغرقت في النوم بعد انطلاقهم بفتره قصيرة .... واستيقظت القطه النائمه قبل وصولهم بوقت قصير وهم على مشارف المدينه .... ابتسم الأصلان لقطته بعد أن استيقظت من نومها قائلا :
صحيتى رورو
همهمت له قطته الكسوله بعد نالت قسطا جيدا من الراحة .... وأكمل الأصلان قيادته تحت ضحكاتهم وصولا إلى شقته التي استأجرها حديثا له ولقطته طوال فتره مكوثهما فى مدينة الإسماعيلية و التى تستغرق خمسة أيام .... كان الأصلان طوال تلك الأيام حريصا على عدم ترك قطته فترة طويله بمفردها .... لذا حرص على إتمام عمله في أقل وقت ممكن و استغل باقي الوقت المخصص لسفره في زياره معالم المدينه .... بالشكل الذي لا يرهق قطته .... كذلك حرص على استغلال تلك الفترة في إشباع نفسه من قطته الصغيرة التي كلما أتاحت لهم الظروف الإنفراد ببعضهم نظرا لضيق وقته وإنشغاله ككبير للعائلة فتحدثا بكافة المواضيع المختلفة تعرفت من خلالها على جوانب جديدة من شخصية أصلانها .
كما ساعد الأصلان قطته في إعداد ما تحتاجه من وجبات خفيفة من أجل إشباع القطة التى تنتابها نوبات جوع كثيرة .... كذلك لم يخل الأمر .. القطة الصغيرة من أصلانها والذي لم تتوقف عن طلبه بشكل يلهب قلبه وجزء آخر من... فالقطة الصغيرة جائعة بشدة و حرص أصلانها طوال تلك الأيام على إشباع ذلك الجوع الخاص به و بها .... كما إنه أكثر سعاده بهذا الشغف ولا يرغب أن ينتهي .
شغف حرص على ترجمته .... و حرصت هي على ترجمته بلسانها و يديها وجزء آخر من .... تبرر ذلك خجلا برغبة أطفاله به ويدافع هو غضبا قائلا :
الولاد و بس رورو
انطلقت منهما .. في ويتبقى فقط شوقا وعاشقا و ولها تترجمه الأجساد .... يلبى ندائها أحيانا في فراشهما و أحيانا أخرى يلهبها شوقا على الأريكة أو أثناء استحمامهما أو إعداد الطعام .... حريص على ترك فترات لراحتها هي .
فتح الأصلان باب شقته حاملا مجموعة من الأكياس بها عدة أنواع من الطعام ل غذاء قطته الصغيرة و التى بالصدفة لن يجدها في الجوار فترك الأكياس على الطاولة و انطلق باحثا عن تلك القطة الصغيرة ..
وسكت شهريار عن الكلام المباح
... إلى أن جذبه عدة أصوات داخل الحمام والتي تعود لقطته التي يبدو أنها تستعد ل الاستحمام ..... و انطلق الأصلان دون إرادة وفتح الباب ودخل على قطته التي تنتظر ملء حوض الاستحمام بالماء الفاتر ..... وكان منظرها في غايه الرقه والجمال و الأنوثة و الذى خطف قلبه وآثار به ما يشتعل بينهما في كل مرة تلتقي بها أعينهم ..... .... جلس الأصلان استغل فرصة سفره بها بعيدا فقط غطاء خفيف ثم سقط بجانبها نائما بعمق .
33
.
الفصل الثالث والثلاثون
فى منزل الحج قدرى :
فوجئت أسرة الحج قدرى بخبر وفاة أحد أقارب الجد و هى زوجة الحج فكرى أبو أحمد صباح يوم وصول الأصلان و زهرة من سفرهم ... مما استدعى الأسرة إلى الذهاب لتأدية مراسم العزاء منذ الصباح على الرغم من أن المتوفية تعد زوجة ابن عم الحج قدرى أى أنها قرابة إلى حد ما بعيدة .... و ذهب الرجال جميعا الجد و أسامة و محمد ... كذلك السيدة نعمة و أسماء و سوما .... ماعدا بوسى التى رفضت الذهاب بحكم تواجدها بدولة الكويت و عدم معرفتها بهم عكس سوما و أسماء .... الأمر الذى جعل الحج قدرى يترك خبرا للأصلان بالوفاة مع بوسى على أن يلحقهم عند وصوله من سفره .... و هو ما استقبلته بوسى بصدر رحب من حيث أنها لن تقضى اليوم كاملا بمفردها بل ستكون فيه برفقة زهرة ....
و انطلقت الأسرة بعدها لأداء واجب العزاء .
فى الطريق بسيارة الأصلان :
يقود الأصلان سيارته على سرعة بطيئة
حرصا على صحة قطته التى تغط فى نوم عميق بجانبه .... مستعدا لمزاولة أعماله ككبير لعائلته بعد أن قضى أسبوعا فى النعيم برفقة قطته .... تذوق فيه حلاوة قربها و لا ينوى البعد ثانية لأى سبب .... صوت تنهدات رقيقة صدرت من القطة القابعة جانبه دلالة على استيقاظها ثم التفاته ناحيتها لتقع عينيه على أجمل مشهد يراه بحياته و هو عينيى قطته التى تتأملان أصلانها بحب .
فى مكان آخر ببيت من بيوت عائلة قدرى :
منزل "وجيه صالح" ابن أخو الحج قدرى رجل ماكر فى الخامسة و الأربعين من عمره ..... رغم صفاته السيئة التى جعلت الحج قدرى يستثنيه أو يستبعده من عائلته استطاع توطيد علاقته بحفيده الأصلان الذى يعد المسئول فعليا عن كل أمور عائلة قدرى مستغلا حادثة الثأر الشهيرة بينهم و بين عائلة المنصورى .... تلك الحادثة التى لم يتضرر بها إلا الأصلان سواء بفقده لشقيقته أو بتشوه جسده .... و لم يستفد منها إلا وجيه بعد أن اعتمد الأصلان على محاصيل أرضه فقط فى مصنعه داخل سوهاج بدلا من محاصيل عائلة المنصورى و التى كانت عائلة قدرى تعتمد عليها قديما لجودتها العالية قبل حادثة الثأر .... و لكن بعد أن سلم الجد زمام الأمور للأصلان بعد الحادثة منذ خمسة عشر عاما حول الأصلان اعتمده فى محاصيل مصنعه إلى أراضى ابن عم أبيه "وجيه "على الرغم من عدم جودتها كخاصة عائلة المنصورى و الأسوء أنها بنفس السعر .... و هو ما اشترطه وجيه
.... و وافقه الأصلان بعد أن أعماه حزنه مبررا أنه ليس أقل من عائلة المنصورى على الرغم من اعتراض الجد على ذلك ....إلا أنه صمت مراعاة لمشاعر عائلته الجريحة فى ذلك الوقت و أن الأصلان عوض خسارتهم فى محاصيل وجيه بأضعاف أضعاف الأرباح التى كانت موجودة أيام الجد ... و استنتج الحج قدرى أن موافقة الأصلان راجعة لرغبته فى تكبيد عائلة المنصورى خسائر فادحة و هو ما حدث فعلا لمدة خمسة عشر عام .... إلا أن وجيه صالح العاشق الآخر لصفية المنصورى الأخت الوحيدة لحامد المنصورى فى مقابل ابن عمه زاهر قدرى .... و الذى كان مصيره الرفض ليس لسبب إلا لطباع صاحبه السيئة كما كان مصير ابن عمه الرفض أيضا و لكن لبداية الخلافات بين العائلتين و ليس لسبب آخر ... على الرغم من أن وجيه كان الأكثر شجاعة من زاهر من حيث تقدمه للزواج رسميا من صفية عدة مرات كما أنه لم يكتف برفض عائلتها و لكن وصل به الأمر لأعتراض طريقها أكثر من مرة و قد عجل ذلك بل وشجع زواجها من الأستاذ عزت مدرس اللغة العربية بمدرسة الثانوية ببلدتهم .... و سفرهم مباشرة إلى القاهرة حيث مسقط رأسه بعد أن قدم طلبا لنقله من سوهاج إلى القاهرة حرصا على سلامة حبيبته لعلمه بمضايقات وجيه لها .... و قد رد وجيه على ذلك بزيادة النفث فى نار الخلافات بين العائلتين .... و قد يأس زاهر أيضا الذى لم يكن بالصورة كابن عمه وجيه و زوج صفية الأستاذ عزت و تزوج من شبيهتها بالاسم فقط صفصف .
... و لكن بعد عدة سنوات انتشر خبر عدم حمل صفية .... مما أعاد الأمل من جديد لوجيه بانفصالها عن زوجها بعد علمه بأنه غير قادر على الإنجاب .... و
يتبقى أمام وجيه عقبة واحدة فقط و هى زاهر ... فقد خشى أن يعود له الأمل هو الآخر لذا من باب الحرص أوصل لزوجته صفصف التى كانت فى إحدى زياراتها للحج قدرى بأمر قصته مع صفية و أنها ليس سوى بديلة لها فقط .... الأمر الذى سبب مشاكل كثيرة بين زاهر و صفية أدت إلى عودتهم للأسكندرية و محدودية زيارات زاهر لأهله بعدها بل و شجعته على مفاتحة والده بتحويل نشاط عمله من مزاولة أعمال العائلة إلى افتتاح محل كبير للانتيكات و الذى يعد بمثابة واجهة إجتماعية لها .... كما من بعدها لم تعد ترغب بسماع اسم صفية بمنزلها حتى و لو لها و أتخذت اسم صفصف كنوع من التدليل و مزيد من الواجهة الاجتماعية التى تعد اسم صفية إلى حد ما قديما .... و بذلك ضمن عدم تشكيل زاهر أى عقبة أمامه و لكن خالفت صفية المنصورى التوقعات ثانية بتشبثها بزوجها عزت و عدم رغبتها بالانفصال على الرغم من أنه عرض عليها الانفصال أكثر من مرة .... مما قطع الأمل بقلب ذلك العاشق الماكر بل و اختفى العشق نفسه و أنبت مكانه حقد دفين على تلك العائلة خاصة بعد أن ساعد حامد المنصورى فى حل مشكلة عدم الانجاب بين صفية و زوجها من خلال ابنته من الخواجاية كما يسمونها وقتها و تركها لأخته و زوجها عزت لتصبح ربيبتهم بعد أن رفضت زوجته ذلك .... و رغب وجيه فى رد الصاع لحامد المنصورى و خدمه فى ذلك حادثة الثأر التى كانت ضحيتها الأصلان و توأمه بثينة و تحويل الأصلان شراكته مع وجيه بدلا من حامد المنصورى و أخوه صابر
.... كذلك بعد مرور السنين جاءت له الفرصة مرة ثانية على طبق من ذهب للانتقام من حامد المنصورى و أخيه صابر اللذان استصغرا وجيه و رفضوا خطبته لأختهم علانية مبررين ذلك بسوء طباعه و أخلاقه الغير جيدة .... غير عالمين أن هذا الجانب السىء منه يختفى فقط أمام صفيته و يعود من بعدها .... لذا أمر الشاب الذى عينه فقط للإتيان بأخبار عائلة المنصورى بإشاعة أمر إسراء و عابد ..... هادفا من ذلك إثارة الثأر ثانية بين العائلتين و طامعا أن يقتل الأصلان عابد ابن حامد المنصورى .... و لكن فشلت خطته بعد أن أقام الحج قدرى و الحج حامد مجلسا للصلح لتلافى مزيدا من الضحايا بمساعدة كبار رجال البلد و البلاد المجاورة .... و بالفعل نجح الصلح و دعموه بتزويج حفيدة الحج قدرى إسراء من عابد ابن حامد المنصورى فى مقابل زواج زهرة ابنة حامد المنصورى من الأصلان حفيد الحج قدرى .... ضمانا للصلح .... لم يردع هذا الأمر وجيه عن ما أقسم به على نفسه من سنين برد الصاع صاعين لعائلة المنصورى بل وجد أنه فرصة للانتقام من حامد ثانية و تلك الابنة التى لم تكن سوى ربيبة صفية و زوجها و سببا لاستمرار زواج عمتها فى وجهة نظره
.... لذا انطلق إلى الأصلان الذى غذى نفسه على الحقد تجاه قتلة أخته متوعدا لهم برد الصاع و لو بعد حين
.... و أخبره بأن الفرصة أتت لهم على طبق ذهبى بزواجه من تلك الفتاة ابنة المنصورى و الذى كان رافضا لها .... و بعد حديث طويل بين الإثنين اتفقا على رد الصاع لعائلة المنصورى من خلال تلك الابنة التى أخبره وجيه عنها أنها نقطة ضعف حامد المنصورى الوحيدة أى أن الأصلان من خلالها كما يقولون ضربه بمقتل .... ليس من خلال رفض الزواج فذلك سيكون فرصة ذهبية لحامد باستغلال رفض الأصلان و إبعاد ابنته عن هذا المحيط و هو ما فعله منذ ولادتها بل بالعكس .... فالزواج بها ثم كسرها بعد أن يملك الأصلان قلبها و جسدها و إلقائها خارجا
يعد أكبر صفعة لعائلة المنصورى أمام الجميع و يستعيد الأصلان ثأره أمام الناس و يستعيد وجيه ثأره أمام نفسه بعد أن أشعروه بصغر حجمه ليس أمام أحد فوجيه صالح له أسمه بين الناس و لكن أمام نفسه و هو ما ليس هين على الرجل .
استفاق وجيه من دوامة أفكاره و قد بردت قهوته و لم ينتبه لها كعادته حينما يشرد و نظر لنفسه نظرة تفقدية
.... فوجد أن الزمن قد نال منه و إن أنكر ذلك ... وحيدا فى بيت كبير لا يؤنسه أحد سوى أخته سماح التى عادت للسكن معه بعد طلاقها من زوجها لسوء طباعها شبيهة أخيها بعد سنة من زواجها و زوجته الجديدة صغيرة السن كغيرها من الصغيرات اللائى سبقوها .... فهو يبدلهن كل فترة حين يمل بعد أن عجزن عن إنجاب وريث له .... فمن سخرية القدر لم يستطع الانجاب من أى زوجة له على الرغم من معاناته من عيب بسيط يمنع الانجاب استطاع تلافيه و علاجه إلا أن الله لم يشأ بعد أن يهبه طفل من صلبه
....و هو كان من أكثر الشامتين فى صفية و زوجها عزت بعد معرفته بعدم قدرة عزت على الإنجاب .
تنهد وجيه ثانية و عاد للتفكير بخطته
فى الانتقام من عائلة المنصورى و يرى أن الوقت حان لرد الصاع صاعين خاصة بعد أن يهب أخته للأصلان بعد طلاقه لابنة حبيبته .... فيكون بذلك تخلص من أخته المزاحمة له ببيته .... و زوجها لكبير البلد مستفيدا من توطيد العلاقات مع الأصلان .... و كسر قلب من عشقها دهرا و لم تلق له بالا
" صفية المنصورى " .
قطع أفكاره ثانية مناداة خادمه حسان بأسمه
- حسان :
سى وجيه بيه .... سى وجيه بيه ...
..... يا سعت البيه .
- وجيه متأففا :
فى إيه يا ولا ؟! .... إيه الغاغا
اللى أنت عاملها دى ؟!
- حسان متلعثما :
يا سعت البيه .... الحاجة مرات
فكرى أبو أحمد ماتت و بيذيعوا
عليها برا و بيقولوا أن الدفنا الدهر .
- وجيه متأففا :
لهى مكنتش لسه ماتت دا كله ؟!
... دا الولية عدت التمانين سنة
.... هاه و أدى قوما ...
" وجيه موجها حديثه لحسان "
حضرلى العربية على ما نوصل الدهر
هيكون أدن .
- حسان مسرعا :
أمرك يا بيه .
و انطلق وجيه ورائه مبتسما على حسن تدبير القدر .... فالعزاء مكان مناسب جدا من وجهة نظره للقاء الأصلان حيث تجمعهما قرابة مشتركة مع زوج السيدة المتوفاة لذا لابد من حضوره هناك .... و لا مانع من إرتداء وجه الجرو الحزين لتذكيره بدفنة تؤامه بثينة و بثأره الذى تأجل كثيرا .
فى منزل الحج قدرى :
وصل الأصلان و زهرة إلى المنزل بعد الظهيرة و لم يفت الأصلان خلو المنزل من أهله إلا أخته بوسى التى تجلس على أحد الأرائك و تلعب بهاتفها ....
- الأصلان :
السلام عليكم .
- بوسى :
و عليكم السلام .... حمدالله على
السلامة .... أخيرااااااااااا ......
أنا خللت من كتر الاعدة لوحدى .
"استقامت بوسى و احتضنت زهرة ....
ثم ساعدها الأصلان على الجلوس و جلس بجانبها هو الآخر و أكمل "
- الأصلان :
الله .... أمال الجماعة فين ؟! ...
مفيش حس فى البيت يعنى ؟!
- بوسى :
فكرتنى ... راحوا كلهم من الصبح
بدرى يحضروا عزا واحدة قريبتكوا
.... و جدى قالى أقولك عشان
تحصلهم .
- همهم الأصلان :
أيوه مين دى اللى أتوفت ؟!
- بوسى :
أأأأأ ..... لأ مش فاكرة .
تنهد الأصلان و ضحكت زهرة .... ثم أخرج هاتفه لمحادثة أسامة يستفهم منه عن الأمر .... و بعد الانتهاء
- الأصلان :
إنا لله و إنا إليه راجعون .
- زهرة موجهة حديثها لأصلان :
البقاء لله .
- الأصلان :
الدوام لله وحده .... تعالى رورو
استريحى على ما أروح أقضى
الواجب ده و آجى .
- زهرة بقلق :
حاضر .
- بوسى بحنق من الأصلان الذى تجاهل
وجودها تماما :
استنى يا عم أنت و هي ....
ما تسيبها تعد معايا و نسلى بعض
على ما ترجعوا .
- الأصلان بنظرات ينطلق منها الشرر :
ما تطلعى تعدى معاها يا حمارة أنتى
" لم يكمل الأصلان حديثه إلا و وجد
بوسى تتمسك بذراع زهرة ... لم
يتحمل الأصلان إلتصاق بوسى
بزوجته و أبعدها عن قطته بحنق "
- الأصلان :
لما أمشى يا حمارة مش دلوقتى
.... يعنى هتتطلعى تعدى معانا
.... إيه الغباء ده ؟!
- بوسى ترفع يديها فى وضع
الاستسلام :
أمرك يا سيدى .
حمل الأصلان قطته إلى جناحهما بعد أن ترك بوسى ورائه .
- بوسى معلقة على منظرهما :
يخربيت أم الجفاف العاطفى اللى
أنا فيه ده .... لأ .... لأ .... أنا مش
لازم أعد فى البيت ده دقيقة تانى
... الله يكون فى عونك يا أس أس .
دخل الأصلان جناحه حاملا قطته .... وضعها على الفراش برفق و قبلها من جبينها بعمق .... ثم استقام يأتى لها بثياب أخرى مكونة من فستان منزلى قطنى رقيق يرسم تفاصيل جسمها ذو لون رمادى غامق ثلاث أرباع كم و على أحد كتفيها شالا قطنيا رصاصي اللون
.... و أجلسها ثانية على الفراش واضعا خلفها عدة وسادات لتهيئة جلسة مريحة لها قبل مغادرته .... قابعا أحساسه بالسوء و الذى جعل من قلبه منقبضا منذ وصوله ..... أفاق أصلان على صوت زهرته الرقيق :
شكرا حبيبى .... تعبتك معايا .
- أصلان بلا مقدمات :
أنت روحى يا زهرة .
- زهرة بقلق :
أنت هتتأخر ؟!
- أصلان مستعيدا هيبته ككبير عائلته :
هرد بعد العشاء إن شاء الله ...
دول جرايبى و المفروض كنت
معاهم من الصبح .
- تضع يديها الرقيقتين على صدره و
إحداهما موضع خافقه :
تروح و تيجى بالسلامة .... خلى
بالك من نفسك حبيبى .
- لم يجب أصلان بل قام عوضا عن ذلك بتقبيل جبينها و وجنتيها و شفتيها عدة مرات و عانقها بدفىء هامسا :
هنادى بوسى تعد معاكى على ما
آجى .... متتحركيش كتير ... خلى
بوسى تعملك اللى أنتى عاوزاه .
- زهرة بنزق داخلى من كثرة تحكمات
أصلانها النابعة من خوفه على
صحتها :
حاضر أصلان .
" قاطعهم صوت هاتف أصلان "
- أصلان :
مع السلامة عشان أتأخرت أوى
جدى بيتصل عليا .
- زهرة :
فى أمان الله .
قبل قليل أمام منزل الحج قدرى :
نزل وجيه صالح من سيارته نزقا متجها
إلى منزل عمه الحج قدرى .... بعد أن جلس وقتا وقدره بالعزاء الذى حضرته جميع عائلة قدرى إلا الأصلان و بعد أن استرق السمع لمحمد و أسامة علم أن الأصلان غير متواجد بالبلد و على وشك الوصول من سفره .... لذا وجدها فرصة مناسبة لمحادثة الأصلان لتنفيذ خطتهم بالمنزل بعيدا عن الأعين الفضولية .
- وجيه محدثا فاطمة التى تنظف أمام
المنزل أو كما يسمونها البراندة :
أنتى يا بت أنتى ... سيدك الأصلان
وصل و لا لسه .
- فاطمة :
سى الأصلان بين لسه واصل من
شوية .
- وجيه بتكبر :
طاب همى قدامى أديله خبر .
- فاطمة بنزق من وجيه :
حاضر يا بيه .
- فاطمة محدثة بوسى التى تجلس
على أحد الأرائك :
ست بوسى .... فى واحد ضيف ورايا
عاوز الأصلان بيه .
" مين ده يا بت "
راجعة لصوت الأصلان الذى ينزل من السلم .
- فاطمة :
دا سى وجيه بيه جاى ورايا أهو
... سأل عليك يا بيه .
- أصلان بضيق :
و دا إيه اللى جابه ده .... بوسى
أطلعى أعدى فوق جنب زهرة ...
و متخليهاش تنزل فاهمة .
- بوسى :
حاضر .
- وجيه :
السلام عليكم أصلان بيه .
- أصلان ببرود :
و عليكم السلام .... غريبة ....
خير فى حاجة و لا إيه ؟! ....
أنت مرحتش العزا ؟!
- وجيه :
كنت هناك ... بس مشفتكش
.... يالله أهى جت من عند ربنا
عشان كنت عاوزك فى موضوع .
- أصلان بإقتضاب :
تعالى فى المكتب .
فى مكتب الأصلان :
أصلان بصوت عالى مقتضب لم ينتبه له وجيه بل و ظن أنه من طبيعته بعد الحادث :
إيه يا وجيه .... عاوز إيه ضرورى
كده يخليك تسيب العزا و تجيلى ؟!
- وجيه بفحيح :
إيه يا الأصلان .... لقيتك طولت
على تارنا جيت أفكرك بالوعد اللى
بينا .
دخل الأصلان فى دوامة تسببت بتزايد دقات قلبه خاصة بعد أن تناسى وعده لوجيه .... و الأسوء أنه كلما فكر بتنفيذه يجد نفسه يتراجع عن ذلك .... لا ينكر أن حب زهرة طهر له قلبه و روحه إلا أنه لم ينسيه موت شقيقته غدرا كذلك لم ينسيه تشوه جسده الذى يراه كلما نظر فى المرآة أو وجد أعين فضولية تتفحص جانب وجهه المشوه و الجزء الظاهر من رقبته .... يعلم أنه لو كان تزوج أى فتاة أخرى من تلك العائلة لكان نفذ خطته و كسر الصلح غير عابئ بعودة الثأر أو حتى بطلاق أخته الصغرى إسراء .... ففى النهاية هى من جلبت ذلك على نفسها .... و لكن يبقى أمام عينيه رادعا له عن تفكيره قطة صغيرة بعينان زرقاوان لا يطاوعه قلبه على أذيتها .... و يتبقى هنا السؤال إلى متى ؟! .... إلى متى يرجىء ثأره .... بل هل سيمنعه وجود زهره من تنفيذ قسمه بالثأر ؟ .... أو هل سيتناسى مقتل شقيقته من أجلها ؟!
قبل قليل بجناح الأصلان :
- بوسى :
رورو .... رورو .... أنت نايمة ؟!
- زهرة تنهض من فراشها :
لأ يا بوسى تعالى .
- بوسى و هى ترى زهرة تنهض من فراشها :
الله راحة فين ؟! ... تحبى أعملك
حاجة ؟
- زهرة :
لأ شكرا .... أنا بس عاوزة أغسل
وشى عشان أفوق .
- بوسى تحدث زهرة التى دخلت الحمام :
طاب طالما تعبانة نامى على ما
الأصلان يرجع من العزا .
- زهرة تخرج من الحمام و تجفف وجهها بمنشفة :
لأ .... هعد معاكى لحد ما ييجوا
... هو الأصلان مشى خلاص ؟
- بوسى تجلس على الفراش و أمامها طبق من المسليات :
أيوه .... جاله واحد صاحبه و
مشوا .
- زهرة التى نهضت سريعا :
طاب كويس .... أما أنزل أجيب
تليفونى لحسن نسيته تحت .... و
أنا عاوزاه جنبى عشان لو الأصلان
كلمنى .
- بوسى سريعا :
طاب خليكى أنتى و أنا هشوفهولك
تحت و آجى .
- زهرة بنزق :
لأ و النبى يا بوسى .... سيبينى
أمشى رجلى شوية لحسن زهقت
من كتر الآعدة .
- بوسى :
يا بنتى حبيبك موصينى مخلكيش
تتحرك من مكانك لحد ما يرجع .
-ابتسمت زهرة على ذكر حبيبها الأصلان ثم أكملت بمزاح :
أعملى نفسك مشوفتنيش .
- بوسى بمزاح :
مقدرش لازم أقوله .... أنا لا يمكن
أنزل كلمة أخويا أبدا .
- زهرة بمسكنة زائفة :
كده .... و أنا اللى افتكرتك و أنا
مسافرة ... و كل حاجة أجيبها أقول
دى لبوسى .
- بوسى سريعا بنفس المزاح مقلدة
الفيلم المصرى القديم ابن حميدو :
خلاص هتنزل المرادى .... إنما
أعملى حسابك المرة الجاية .......
- زهرة سريعا :
خلاص يا حنفى ... شوية و
راجعة .
نزلت زهرة السلم ببطىء و أتجهت تبحث عن هاتفها مكان جلستها هى و الأصلان .... زفرت براحة حينما وجدته
و اتجهت تصعد لجناحها ثانية .... و استوقفها فى أعلى السلم صوت الأصلان العالى منطلقا من مكتبه .... ثم فتح باب المكتب و خروج الأصلان يليه رجل لم تراه من قبل فى عقده الخامس .... مما جعلها تسرع تخفى نفسها أعلى السلم حتى لا يراها خوفا عليه من انفلات أعصابه الدائم و كادت تصعد إلا أنها سمعت ما جعلها تصدم مكانها و تتسارع دقات قلبها و عادت ثانية لتقف أعلى السلم و تتشبث بالترابزين حتى توازن نفسها و تنزل السلم بهوادة .
فى مكتب الأصلان :
- وجيه بمسكنة زائفة :
إيه دنيا .... و الله من ساعة وفاة
المرحومة بثينة و أنا ما عدت
بحضر عزا أبدا .... ماعدا المرادى
رحت عشان خاطرك ... عشان
نشوف هنرد تارنا إزاى
" صمت قليلا ينتظر تأثير كلامه
على أصلان ثم أكمل "
مش برده آن الأوان نرد اعتبارنا
و نبرد قلوبنا بعد موت المرحومة .
- رد أصلان بأعين كساها الأحمرار غضبا :
بس أنا عمر قلبى ما هيبرد على
شقيقتى أبدا .... هفضل فاكر موتها
طول عمرى .... و أنها ماتت ظلم
و غدر .
- وجيه :
طيب و على كده هتكسر شوكة
المنصورية أمتى ؟! .... و ترميلهم
بنتهم .
- لا يعلم الأصلان لما قبضه قلبه لذلك الوعد الذى يحاوط عنقه كالأفعى التى تضيق النفس على ضحيتها ببطء و لا يجد ردا سوى التأخير :
خلاص يا وجيه مش وقته .
- وجيه الذى لم يعجبه تراجع الأصلان :
أمتى بس ؟! .... ما خلاص الموضوع
طول أوى و هما رقبتهم دلوجتى
تحت إيدينا .... و فرصة مش هتتكرر
أبدا .
- وجيه أكمل بخبث و غل :
و لا دم بثينة برد ؟!
- أصلان بثورة لذكر تؤامه :
أبدا أبدا عمره ما يبرد .... لازم هرده
و لو حتى أموت بعدها ... بس ....
" و يعود قلبه يؤلمه ليس لشىء
سوى لذكر قطة بريئة دخلت
دائرة ثأره دون ذنب .... و لا
يبقى بخلده سوى ماذا لو كرهته
... و أكمل ببرود طغى على حواسه
ووحشية رهيبة تنطلق من عينيه
و أغمض عينيه و أطلق حكمه "
بس البنت حامل ... و أنا مستحيل
أرمى ولادى للغرب يربوهم .
- تفاجىء وجيه من حمل زوجة الأصلان و خشى من لينه تجاه حملها خاصة بعد أن وجد الأصلان تركه خارجا من مكتبه بثورة .... فخرج ورائه يكمل :
يبقى تسيبها على زمتك لحد ماتولد
و بعدين ناخد الواد منها .... و نرميها
من هنا .... و تنفذ وعدك بإنك تحول
الجواز العرفى من أختى لرسمى
و تحط رأس المنصورية فى الطين
.... و يبقى دم بث ......................
" زهررررررررة "
قطع حديث وجيه و الأصلان صراخ بوسى التى تقف مصدومة أعلى السلم بدموع أغرقت وجهها دلالة على إلتقاطها لآخر الحديث .... و سقوط زهرة من أعلى السلم أرضا و يحيط رأسها بقعة دماء لا يستهان بها .... نزلت
بوسى السلم سريعا تجلس بجوار زهرة صارخة بإسمها .... و ذهول الأصلان المتجمد مكانه يصاحب أذنيه طنين عالى يمنعه من سماع أى شىء و لا يرى سوى زوجته و الدماء من تحتها .... و إنصراف وجيه سريعا مرتبكا خوفا من تورطه بالأمر .
فى عزاء زوجة فكرى أبو أحمد :
يجلس الجد بجانب أسامة من جهة و ابن عمه زوج المرحومة من جهة أخرى هامسا لأسامة :
أمال فين الأصلان ده كله ؟! .... الناس كلها بتسأل عليه .... دا مكلمنى و قال إنه جاى من يجى ساعة و أكتر .
- أسامة حانقا :
مش عارف يا جدي أنا عمال
اتصل بيه ما حدش بيرد خالص .
قطع حديثهم رنين هاتف الجده نفسه وبعد الاستماع ل كلمات قليله من محدثه الذى لم يكن سوى حفيدته بوسي .... استقام الجد سريعا بوجه شاحب منقلب الملامح .... سرعان ما لاحظه أسامه ومحمد .... وبعدها اعتذروا من المعزيين و خرجوا سريعا من العزاء ... و طلب الحج قدرى من أسامة إحضار النساء للذهاب للمنزل حالا .
عند سيارات عائلة الحج قدرى طلب الجد من أسامة اللحاق بأخيه الأصلان بمستشفى خاصة بسوهاج دون أن يفهم أسامة شىء .... و طلب من محمد القيادة به هو و الآخريين للمنزل دون أن يوضح شىء أيضا .... و نفذ أسامة و محمد أوامر الجد دون التعليق بكلمة واحدة نظرا لملامح وجهه الشرسة التى يرونها لأول مرة فى حياتهم و لم يجدونها عليه حتى عند موت ابنيه أحمد أبو الأصلان و منعم أبو سوما كذلك موت حفيدته بثينة .
وصلت السيارة التى يقودها محمد بعائلة الحج قدرى و صادف دخول سيارة رائد العائد من الجامعة ورائهم
.... انطلق الحج قدرى مهرولا إلى المنزل لأول مرة بحياته .... لذا فبالتبعية لحقه الآخرون .... محمد و السيدة نعمة و أسماء و سوما ثم رائد الذين أجزموا وقوع مصيبة ما .... إلا أنهم لم يتوقعوا جميعا ما شاهدوه
....من بقعة دماء كبيرة أرضا باستقبالهم تجلس بجانبها بوسى محدقة بها بأعين جاحظة ... و قد لوثت الدماء جزء كبير من ملابسها البيتية .... شعرها قد خرج عن تسريحته و أشعث تقريبا لكثرة شدها له .... على الجانب الآخر من البقعة واقعة أرضا أم أحمد لا تتحدث و لا تلقى بالا بالحشد الذى جاء و بعيدا عند الحائط زوجها أبو أحمد يقلب كفيه و يحوقل و يحسبن و لا يتوقف عن قوله
" لله الأمر من قبل و من بعد "
و بجانبه فاطمة و ورد تبكيان بشدة
بل وصل الأمر بإحداهما العويل .
أهتزت قدما الجد من المنظر و قد أيقن أن القادم ليس سهلا و لطمت نعمة على صدرها و فزع الباقون ... ماذا حدث ؟!
.... أول سؤال خطر ببالي كل واحد منهم ..... أسرعت سوما و أسماء ترفعان بوسى أرضا و تضرب سوما على وجنتها برقة مراعية لوضعها ومنادية لاسمها عده مرات بوسي بوسي بوسي ....الا أن الأخيرة لم ترد عليها بل كانت عينيها لا تفارق بقعة الدماء الموجودة على الأرض الخاصة بزهرة على الرغم من حرصهم على إبعاد بوسى عنها .... و أسرع رائد يحاول إفاقة بوسى من صدمتها و تجمدها حتى وصل الأمر به لضربها ....
فشهقت بوسى و أنخرطت فى موجة بكاء شديدة لم يستطع أحد تهدئتها منها حتى أمرهم رائد بإسنادها لغرفتها
و تركها تستريح قليلا منبها لهم أن حالتها لا تسمح لهم باستجوابها ... و بالفعل أسندت سوما بوسى لغرفتها
و لحقهم رائد من أجل إعطائها مهدئ ما حتى تتمالك أعصابها .
و ما أن إختفوا ثلاثتهم حتى سأل الحج قدرى أبو أحمد عما حدث ... حتى أخبره الآخر بحزن عما رأوه جميعا و يقصد بذلك هو و زوجته و فاطمة و ورد .... و تجمعهم على صراخ بوسى الموجودة أعلى السلم بأسم زهرة التى سقطتت من جانبها إلى الأسفل و إحاطتها ببقعة الدماء الموجودة أرضا و التى خرجت من جرح برأسها .... و أن الأصلان وقف متجمدا مكانه مذهولا و يبدو أنه لم يعى ما حدث حتى أنه هزه عدة مرات ليستفيق و يلحق على زوجته .... وهروب وجيه صالح من منزله مرتبكا
..... و أكمل وصفه بأن الأصلان عندما استفاق من صدمته أسرع و خطف زوجته من بين ذراعى بوسى و حاوطها بشدة لدرجة خوفهم عليها بعد أن رآها لا تعى شيئا و بالكاد يخرج النفس ....
لذا لم يجد بدا من هز بوسى بشدة و توسلها حتى تمسك الهاتف و تتصل بالاسعاف لخلو المنزل ممن يستطيع المساعدة و حالة الأصلان التى لا تسمح له بالقيادة .... و عندما أفاقت بوسى و أمسكت بالهاتف الذى لم يكن سوى هاتف زهرة الذى انطلق صوته فازعا الكل و للحظ السىء لم يكن المتصل سوى أخيها صابر .... تركها أبو أحمد و زوجته و أتجهوا للأصلان الذى كاد يخنق زوجته غير واعى بأى شىء حوله بل يطبق عليها صدره من الأمام و يديه من الخلف مشكلة ما يشبه القيد الحديدى فى حين أنه يظن أنه محتضنا لها و عينيه حمراء بشدة شاخصة فى الفراغ و لا ينطق سوى
أنه قتل حبيبته و ستتركه كما تركته أخته .
..... استعاد الرجل الكبير أنفاسه ثم أكمل و أخبر الحج قدرى أنه ألتف حول الأصلان هو و أم أحمد منادين له بأسمه عدة مرات و لكنه لم يستجيب و حاولوا تحريك ذراعيه من على زهرة المختنقة إلا أنهم لم يستطيعوا لشدة الأصلان و الزوجان بلغ بهم السن و لم ينقذهم سوى مجىء إخوتها صابر و طه و أبوها الحج حامد .... الذين عجزوا عن إزاحة الأصلان عنها .... و رفع الحج حامد يد أبنه طه التى همت بإطلاق النار علي الأصلان .... و أمر الرجل أبنائه بمحاوطة الأصلان و رفعه من الأرض هو و زهرة و قد كان .... و استفاق الأصلان قليلا من صدمته و حمل زوجته لسيارته و انطلق بها و تبعه باقى أفراد عائلة المنصورى .
لم يكد أبو أحمد ينهى كلامه حتى صرخ رائد الذى يبدو أنه أعطى بوسى دوائها و استمع لما قاله الرجل بقوله :
السافل الجبان .... هقتله ...
هقتله .
و خرج مسرعا لحقه محمد زوج أسماء
و الحج قدرى الذى أجبره هو و محمد على ركوب سيارتهم و انطلق ثلاثتهم إلى المستشفى خوفا على حفيديه
الأصلان و أسامة .... و لعلمه أن الأصلان أرتكب ما سيعيد فتح الثأر
من أوسع أبوابه .... و لم ينسى و هو فى طريقه غير عابئ بتهديد رائد و ثرثرة محمد لتهدئته سوى بمكالمة رجال عائلته مشكلين حماية حول منزل
الحج قدرى .... كما هاتف ابنه زاهر و أمره بضرورة الحضور حالا .
فى مستشفى خاصة بسوهاج :
تحلق الفوج المصاحب لزهرة أمام غرفة العمليات لخياطة الجرح الموجود برأسها و الذى نتج عنه كمية الدماء التى لازالت قابعة بمنزل الحج قدرى
..... فكان الأصلان بجلبابه الأسود الذى عليه بقعة كبيرة من الدماء تمتد من منتصف الصدر حتى فخذيه كذلك يديه ..... يجلس على أحد الكراسى المصطفة بالقرب من غرفة العمليات .... عينيه مذهولة تنظر لأسفل ناحية يديه
..... و لا يخطر بباله سوى أنه فقد قطته لن توافق على العودة معه .... بجانبه أخيه أسامة مشكلا درع لأخيه الأكبر الذى لا يعى لما يدور حوله ....
لا يهمه ما السبب الذى أودى بزوجة أخيه الصغيرة إلى المستشفى و الذى بالتأكيد سببه الأكبر أخيه .... و على الرغم من أن زهرة لا تستحق هذا بأى شكل من الأشكال إلا أنه ملزم بالدفاع عن أخيه الذى لا يبدو بحالة طبيعية
..... و لا يعى على أخوة زوجته صابر
و طه خاصة اللذان ينظران له بنية القتل .... كذالك والدها الحج حامد و التى حالته مشابهة لحد كبير حالة أخيه الأصلان .... و أبناء إخوة زهرة أحمد و محمود و حسن و حسين و التى نظراتهم لا تقل إجراما عن نظرات أبويهم .... أى كما يقولون أنهم كثرة عنه .... لذا فكر أن يستنجد بجده و محمد و رائد لنجدته خاصة عندما علم بمهاتفة صابر لعمه و أولاده .... و قد خاف هو من إنقلاب الأوضاع خاصة مع علم الجميع بتورط أصلان فى إصابة زوجته .... و لكنه ما كاد أن يفعل ما هداه به عقله إلا و خرج الأطباء من غرفة عمليات زهرة و كانوا هم الشىء الوحيد الذى جذب أصلانها .
34
التفاعل وحش جدا يلا تفاعل علشان ننزل بالبارت الجديد
الفصل الرابع والثلاثون
و ما كاد أسامة أن يفعل ما هداه له عقله من الاستعانة بأهله إلا و قد خرج الأطباء من غرفة العمليات التى بداخلها زهرة .... و كان هذا هو الشىء الوحيد الذى جذب انتباه الأصلان .... و تحلقوا جميعا حول الطبيب الذى تباطأت خطواته و يبدو من هيئته أنه المشرف على حالتها .... و كان أسرعهم للوصول له الأصلان و الحج حامد المنصورى و أولهم نطقا هو صابر .
تحمحم الطبيب الذى تفاجأ بالعدد الكبير المصاحب للمريضة الملائكية التى قام بإجراء الخياطة لها و الذين لم يكن على وجوههم سوى تعبيرات لا تبعد عن الوحشية كثيرا .... و الأكثر تعجبا أن ملامح وجوههم لا تشبه ملامحها من قريب أو بعيد إلا أن نظرات أعينهم الخائفة أوشت بالقرابة و خاصة من غرق جلبابه بدمائها .... عدل د/ ناجى نظارته الطبية
- د/ ناجى بعملية إعتاد عليها :
خير يا جماعة إن شاء الله ...
بس مين فيكم زوج المريضة ؟!
" بحكم بطن زهرة البارزة "
أجاب الأصلان بلهفة كما الباقين الذين
أخذوا يوضحون قرابتهم لها كأنهم أحق من قاتلها فيها .
د/ ناجى الذى شعر بالوضع المتوتر و
شك أن الموضوع به شبهة جنائية :
طيب المريضة اللى أنتو جبتوها
تعرضت لجرح عميق فى الرأس ....
نزفت بسببه دم كتير
" و أشار لجلباب الأصلان دلالة
على قوله "
و ده أدى إلى هبوط فى ضربات
القلب ... كمان ضعف التنفس نتيجة
لكدمات فى القفص الصدري ....
الخبر الكويس إن الجنين اللى فى
بطنها بخير و إن أحنا وقفنا النزيف
الظاهر ... المشكلة إن المريضة
جاية و هى داخلة فى غيبوبة
... ..... ..... .... ..... ..... ..... ..
" استوقف الطبيب شهقات الجميع
و هجوم صابر على الأصلان الذى
عاد لذهوله و ابتعاد الحج حامد
عن الجميع هاويا على مقعد ما
و الباقين انشغلوا فى فض
الاشتباك بين أصلان التائه و
صابر الذى حرفيا مستعد لقتله
ما عدا طه الذى لم يقم بفض
الاشتباك تشجيعا منه لذلك "
-د/ناجى الذى حاول فض الخلاف :
يا جماعة من فضلكم .... من
فضلكم ... فى مرضى فى المستشفى
غيركم ... مينفعش كده .
" هدأ الجميع بعد أن انتبهوا للحج
حامد الذى تهاوى على المقعد و
عينيه على وشك ذرف دموعها "
- الحج حامد بصوت متحشرج دلالة على البكاء :
طاب و بعدين يا دكتور ؟! ...
هتفضل كده لحد أمتى بس؟!
-د/ناجى :
لحد ما تقدر تتغلب على صدمتها
النفسية اللى تسببت بهروبها
للغيبوبة ... و طبعا إحنا هنخرجها
على غرفة الأشعة لعمل أشعة للمخ
نطمن فيها على الحالة بشكل عام
و إن مفيش نزيف داخلى بإذن
الله ... و الأهم طبعا سونار مع د/
صفاء عشان صحة الجنين ...
" ثم استوقفت الطبيب ثانية نظرات
حامد الدامعة و نظرات الأصلان
الخائفة و أكمل "
أنا فاهم أنتوا عاوزين تتطمنوا على
الحمل فى وضعها ده ... و أحب
أقولكوا إن هنا المشكلة صحتها
غير مستقرة و الحمل معرض
للسقوط فى أى لحظة و يكون ده
كمان لطف من ربنا .... إنما الخوف
هو إن الحمل وصل لمرحلة
متقدمة جدا و نزوله فى خطر
كبير على صحتها .... و مقدرش
أقول غير أدعولها هى بين أدين
ربنا .
تحمحم الطبيب و أتجه لإكمال معاينته لمريضته الصغيرة صاحبة الوجه الملائكى تاركا ورائه جو ثقيل و صمت مطبق من الجميع حتى من الحج قدرى و محمد و رائد الذين لحقوا على آخر كلام الطبيب ... و تهاوى الأصلان على مقعده ثانية بوجه أسود و عيون تائهة غير مصدق أن حقده أفقده زوجته الحبيبة و طفلين فى علم الغيب .
... كذلك الحج حامد الجالس على المقعد المقابل له لا يصدق أنه تسبب بفقدان لأغلى ما يملك بسبب الثأر أو بمعنى أصح بسبب أنانية أبنه عابد و ضعف حيلته ... و لكن تجمدت تعبيرات الحج حامد لأول مرة بشكل يوجس من يلاحظها و لم يكن سوى الحج قدرى الذى حتى لحظته لم يجمع خيوط الموقف كلها بيده .... استفاق أخوة زهرة من أمر غيبوبتها
- صابر بوجه جامد و نظرات قاتلة :
طه .... أعمل محضر باللى حصل
لأختك .
- طه الذى لم يستمع لكلام أخيه الأكبر و هجم على الأصلان ثانية :
هقتلك ... هقتلك .... عملتلك إيه؟!
لو كنت راجل فعلا كنت خدت
حقك مننا إحنا .
أسرع الجميع يفض اشتباك طه و الأصلان أو بالأصح طه من يشتبك و الأصلان مستسلم لما يفعله ... و حاول أبناء طه حسن و حسين و كذلك أبناء صابر أحمد و محمود إبعاده عن الأصلان حتى لا يقوم بإيذائه بينما أسامة و محمد فقط من يدافعون عن الأصلان .... فالجد تجمدت قدميه يريد إيجاد مخرج أولا من الأمر على الرغم من حزنه على تلك الفتاة التى أقحمها فى حل خلافه مع عائلة المنصورى ... ثم الاستفهام من الأصلان عما حدث ... كذلك رائد الذى لولا غضب جده لكان هجم هو الآخر على هذا القاتل و لكن فعلته ستحسب نقطة عليهم .
- الحج حامد الذى لا يعنيه ما يحدث من اشتباكات أمامه و لكن عقله لا يحيد عن شىء واحد فقط و هو ابنته لذا فبصوت شديد البرودة :
صابر ... طه .... كفياك أنت و هو .
و لما ظن الحج قدرى تعقل حامد تقرب من مكانه فى محاولة لتهدئة الوضع و الخروج بأحفاده بأقل الخسائر لأنه كما يقولون أن اليوم ليس معركتهم
- الحج قدرى :
اسمعنى يا حج حامد
" انتظر قليلا يستشف موقف
الحج حامد الذى تجمدت
تعبيرات وجهه و عينيه لا تحيد
عن نقطة معينة إلا أن الحج
قدرى أكمل لعل جانبه يلين "
أنتوا على أى أساس بتتهموا
الأصلان أنه السبب فى اللى حصل
لزهرة .... دا منظر واحد عمل فى
مراته حاجة .... و أنا قبل ما آجى
سألت بوسى حفيدتى اللى كانت
مع زهرة و قالت إن هى أغم عليها
و وقعت من على السلم قدامها
و بوسى ملحقتش عليها و الأصلان
مشفهاش غير و هى و اقعة من
السلم ... فصلوا على الحبيب يا
جماعة و أهدوا لا فى تار و لا
حاجة من دى يا طه ... دى مراته
يا بنى يعنى استحالة يأذيها .
- صابر بعصبية :
اللى إحنا دخلنا و شوفناه ميقولش
كده أبدا .
- طه بعصبية مشابهة نابعة من حزنه على أخته الوحيدة و أنها بالفعل لا تستحق هذا المصير :
البنت اللى هناك
" قاصدا بوسى "
مش هتخاف كده إلا إذا كانت عارفة
إن هو له يد فى اللى حصلها .
- أسكتهم الحج حامد بملامح جامدة
و عينين لا تحيد عن نقطة معينة
قاصدا بحديثه أبنيه :
جولت خلاص عاد أنت و هو .
" ثم أكمل موجها حديثه للحج
قدرى "
خد جماعتك و اتفضلوا أنتوا من هنا.
- ذهل الحج قدرى و من معه من موقف الحج حامد الذى لم يعيرهم نظرة حتى وقتهم .... فهو كما يقولون بصنعة لطافة طرده من المستشفى هو و من معه .... و عندها أيقن الحج قدرى أن الأمر لن يمضى بخير أبدا ... كما أنه وضع العذر للرجل فلو كان مكانه و ابنته من تعرضت لهذه المعاملة فإنه يقسم أنه كان ليذيقهم أشد أنواع العذاب لذا .... أمر أحفاده جميعا بجلب الأصلان الذى رفض كلام حامد و لم يتحرك من مقعده .... و أخذوه معهم بالجبر .... خاصة عندما رأى الحج قدرى حضور الحج صابر المنصورى أخو الحج حامد و أبناءه الخمسة بملامح لا تبشر بالخير .
بعد أن غادر الحج قدرى بأحفاده أسرع صابر لأخوه حامد
- صابر بجزع :
فى إيه يا حامد ؟! .... مالها زهرة ؟!
- حامد بعينين زائغتين قلقتين :
أدعيلها يا صابر .... هى بين
أدين ربنا .
- صابر بعينين ألتهبتا حقدا وحزنا على تلك الفتاة طيبة القلب جميلة الملامح :
هما اللى عملوا فيها كده ؟!
" قاصدا عائلة قدرى "
صمت حامد المنصورى و لم يرد و لكن صمته كان أبلغ إجابة ...
- أحد أبناء صابر المنصورى الذى يرى أن تلك الزهرة الجميلة لا تناسب وحشا كالأصلان :
ندى خبر لرجالتنا يجهزوا ؟
- الحج حامد بإقتضاب :
لأ .
- صابر حامد :
إحنا نبلغ كبار البلد و البلاد اللى
جنبنا و نعجد جلسة عرفية .
- حامد بإقتضاب و عينين شاخصة بعيدا :
لأ .
- طه :
مش محتاجين دا كله .... هو غدر
و إحنا لينا حق ناخده من غير ما
نشور حد .
- حامد بإقتضاب للمرة الثالثة :
لأ .
تعجب الجميع من رفض حامد لجميع إقتراحاتهم بل و ظن أبنائه أن صدمة خبر زهرة أثرت عليه .... فأتجه صابر
حامد لأبيه يحاول هزه من أجل إفاقته من صدمته إلا إنه ما كاد يقترب من كتف أبيه إلا و قد نظر له حامد بعينين حادتين غاضبتين
- حامد المنصورى بصوت غاضب :
أنت بتعمل إيه يا صابر ؟ ...
أنت فاكرنى إتجنيت إياك ؟!
.... أنا قلت لأ يعنى لأ ... محدش
ليه صالح بالموضوع ده نهائى
... أنا اللى هتصرف فيه ... فهمتوا
و لا لأ ... قسما بالله العظيم تلاتة
اللى هيعمل فيكوا أى حاجة من غير
علمى مش هيحصله طيب و هكون
بيدى دى جتله ... فاهمين و لا لأ ؟
- صابر المنصورى الذى أيقن أن الأمر أكبر مما يتصوروا و أن أخيه لن يتهاون فى حق أبنته إلا أن تعبيرات وجهه الغامضة لا تريحه أبدا لذا قال فى طاعة :
أمرك يا خويا .... و أنت و هو
" قاصدا أبنائه و أبناء أخيه
و أحفاده "
محدش فيكم يتصرف من غير شور
حامد فى الموضوع ده .
صمت الجميع طاعة لكلام كبيرى العائلة .
فى منزل الحج قدرى :
وصل الحج قدرى و أحفاده إلى المنزل الذى كان هادئ ... فقد أختفى الجميع و قامت سوما و أسماء بإزالة الدماء المهدورة أرضا ... بعد أن طلبت السيدة نعمة من العاملين بالمنزل التكتم على الأمر و الراحة لهذا اليوم .... حرصا منها على حياة أفراد أسرتها بعد أن أستشفت بنظرتها أن الأمر لن ينتهى على خير و الدليل منزلهم الذى أحاطه شباب العائلة من كل جانب .... و معرفتها بمجىء زاهر قدرى اليوم بعد أن كلمتها صفصف لأول مرة فى التاريخ تستفهم عن سبب الحادث بصوت شامت .... إلا أن السيدة نعمة لم تمدها بما أرادته و الذى يتوافق مع ظنونها بتورط الأصلان بشبهة ما بل أدعت عدم المعرفة ..... و لم يتبقى بالمنزل سوى هى و سوما و أسماء اللاتى يجلسن فى إنتظار الجد و بوسى فى غرفتها بعد أن سقطت نائمة نتيجة للمهدئ الذى أعطاها إياه رائد
..... و قد تفاجأن بدخول الأصلان بجلباب غارق بالدماء و ملامح سوداء و عينان باكيتان لأول مرة منذ موت بثينة .... مما تسبب بشهقة سوما و أسماء اللتان هلعتا للمنظر الذى يرون به الأصلان .... و صراخ السيدة نعمة التى تأكدت بوجود مصيبة ما أفتعلها أبنها
.... و دخل بعدها أسامة مهرولا لاحقا بأخيه الباكى الذى ينظر للأرض بجنون باحثا عن باقى الدماء التى نزفتها قطته .... و محمد و رائد المندفع الذى يرغب بلكم ابن عمه و الحج قدرى ....
و لكن قبل أن يتحدث أحد كان رائد قد
جذب ذراع الأصلان الغير واعى و لكمه على وجهه بشدة ... و صاحت النساء
و اندفع أسامة و محمد للحول بينهما أو بمعنى أصح بين رائد الهائج و أصلان الذى لم يحد بصره عن الأرض مكان بقعة الدماء التى تم إزالتها .... و عندما أكتفى بالتحديق بها توجه بصمت إلى مكتبه وسط تعجب الجميع من رد فعله و الذى اعتبره المعظم براءة له مما حدث فها هو حزنه على قطته يفقده صوابه ماعدا الجد الذى زاد تأكده بأذية ربيبه الأصلان لقطته و الدليل هاهو يقلب كفيه على ما فعله بها الأمر الذى جعل الجد تجلده سياط الندم على ما فعله هو بتلك الفتاة التى جلبها دون أى ذنب لتكون تحت رحمة رجل لم يشفى كليا من جروح الماضى و لم يخرج من دوامته .
هم رائد باللحاق به إلا أن الجد ألزمه بحزم على عدم التدخل فى الأمر و حينما هم رائد فى التبرير أعطاه الجد نظرة تعنى أنه يعلم لما يفعل هو كل ذلك و أنه يستخدم حادثة زهرة حجة للإطاحة بأبن عمه و إبعاد زهرة عنه و ليس من أجل المسكينة التى تقع بين يدى الله الآن مما جعل رائد يجلس على أقرب مقعد له دون التفوه بكلمة
.... و دخل الجد المكتب للأصلان وحده و أغلق ورائه دلالة على عدم رغبته بتدخل أحدهم أو استماعه لما يقال على الأقل فى الوقت الحالى حتى يستفهم من حفيده عن ما حدث .
أغلق الجد الباب ورائه و ألتفت ليجد الأصلان منهارا على الأرض .... تنهمر الدموع من عينيه التى تحدق بالأرض دون أن يحيد عنها .... لم يلمسه الجد
أو يحاول مواساته فمازال قلبه غاضبا على حفيده الذى يستشعر أنه أخطأ فى أمر ما بل إتجه الجد و جلس على أقرب مقعد ناظرا لحفيده الجالس أرضا
و لم يفته كلام أبو أحمد بوجود وجيه صالح أبن أخيه بالمنزل أثناء سقوط زهرة .... و هو متأكد أن الأمرين مرتبطين بشكل ما إلا أنه يجهل الكيفية
و ليس أمامه سوى الأصلان للاستفهام منه عن الأمر .... ابن أخيه الذى نفاه عن العائلة لطباعه السيئة و حقده الدفين تجاه عائلة المنصورى منذ أن رفضوا زواجه من صفية المنصورى
.... و استغلاله لموت بثينة أبشع استغلال .... فكان الحج قدرى يعرف شاكلة ابن أخيه جيدا و أنه كما يقولون
" محراك شر " .... إلا أن ذلك لا يعفى الأصلان من شىء .... لذا تحدث الجد بصوت مقتضب
- الحج قدرى بصوت مقتضب :
إيه اللى حصل ؟
لم يجب الأصلان لفترة و لم يتحرك إنشا واحدا من جسده دلالة على استجابته لكلام جده بل نطق بعد مدة و عينيه تنظر للأرض التى لا يراها بوضوح لدموعه
- أصلان :
وعد قطعته على نفسى من ١٥
سنة و كان لازم أوفيه .
- أغمض الجد عينيه لإجابة الأصلان و التى تعنى فعلا تورطه بالأمر ... و على الرغم من معرفته بالإجابة إلا أنه أكمل :
وعد إيه ده يا بنى ؟
- أكمل الأصلان باستسلام على الرغم من معرفته أيضا بعلم الجد :
وعد أخدته على نفسى لما النار
أكلت شقيقتى قدامى و نهشت
جسمى إنى أردها للى عملها و لو
بعد ميت سنة .
- الجد بصوت متهدج حزنا على حال حفيده و حال تلك الفتاة البريئة التى
خسرها :
و وفيت بالوعد يالأصلان .... وفيته
بدم البريئة اللى ملهاش أى ذنب ....
بدم مراتك و ولادك .
- لم يرد الأصلان و لكن صمت باستسلام نابع من وقوع الأمر و لا شىء قد يعيد الماضى و أشاح وجهه تهربا من الجد الذى انفعل لا يصدق دناءة التصرف الذى صدر عن حفيده مثال الشجاعة و الأخلاق لذا نهض الجد وقد سقطت عنه عباءته و أمسك كتفى حفيده بحزم لإجباره على مواجهته :
بدم الوحيدة اللى حبتك .... بدم
الوحيدة اللى كانت بتخاف عليك
أكتر من نفسها .... اللى كانت
بتخدمك بعينيها .... اللى كانت
شايلة البيت كله على كتفها ...
اللى عمرها ما غلطت فى حق أى
واحد هنا .... دى كانت بتعشقك
يا الأصلان ...
" و بتأثر من الجد حزنا على تلك
الفتاة البريئة "
إزاى هانت عليك ترميها من السلم .
- تطلع الأصلان فى عينى جده بنظرة مرتعبة من ظن جده به و سارع ينفى
التهمة عنه بصراخ :
مرمتهاش .... مرمتهاش ....
" و أكمل بحسرة "
عمرى ما قلبى يجبنى إنى آذيها
أبدا ... دا جطعة من قلبى .
- الجد بانفعال أكثر و مازال ممسكا بحزم بكتفى حفيده :
أمال مين اللى رماها من ع
السلم ؟! ... وجيه هو اللى رماها
.... انطج ... جول .
- أصلان بانفعال مطابق الجد و لكن من أجل الدفاع عن نفسه و كما يقولون نصف العمى و ليس العمى كله أى إنها سقطت عند سماع حديثه مع وجيه و ليس أحد دفعها عن السلم :
محدش لمسها يا جدى .... و الله
محد لمسها ...
" ثم أكمل معترفا باستسلام "
كل الحكاية ..........................
" و قص عليه الأصلان ما فعله
بداية من معرفته بزواجه من أبنة
حامد المنصورى و إتفاقه مع وجيه
فى نفس اليوم على إنتقامه ....
مرورا بتناسيه لوعده عندما رأى
قطته و وقوعه بحبها ... حتى أصبح
عاشقا لها و تأرجحه بين تراجعه عن
فكرته و الاحتفاظ بقطته ... و بين
أكمال إتفاقه مع وجيه الذى كان
فطنا بضمانه للاتفاق بورقة الزواج
العرفى من أخته التى لم يراها أو
حتى يعلم أسمها .... حتى استقراره
على التخلص من وجيه و التراجع
عن التضحية بقطته ككبش فداء
لدم أخته بل و بداية تفكيره
بالتخلى عن الأمر برمته بعد أن
تغيرت دواخله كليا و حرصا على
حياته المستقرة و حياة أخته ...
إلا أن القدر كان أسبق منه و جاء
وجيه مطالبا بوعده .... و رفض
الأصلان تنفيذه بل استمر يكرر رفضه
للأمر مستحقرا نفسه فكاد أن يؤذى
بنفسه زهرته .... و أن القدر كان ضده
للمرة الثانية و جعل زهرة ترى و تسمع محادثتهم كاملة و خاصة تذكير وجيه أصلان بزواجه من أخته و ضرورة إعلان هذا الزواج " .
- الجد الذى نزلت دموعه حزنا على زهرة :
و هان عليك تتزوج واحدة تانية
على مرتك يالأصلان ؟
- الأصلان بدموع صامتة أغرقت وجهه :
مكنتش شوفتها .... مكنتش عرفت
طباعها ... مكنتش حبيتها ... و
التانية دى أنا عمرى ما شوفتها
أصلا .
- الجد الذى أغمض عينيه حزنا بعد أن أدرك أن ما فعله الأصلان هو النهاية ...
لذا استقام يأخذ عبائته التى سقطت على الأرض و تخطى الأصلان بنية الخروج من مكتبه إلا أنه قال له قبل خروجه :
بتبكى ليه يالأصلان ؟! .... خلاص
أنت وصلتها للنهاية ... البكا عمره
ما هيرجع اللى أنت ضيعته .
و خرج الجد من مكتب الأصلان بوجه واجم و أعين شاردة و حزن شديد ....
حزن على سعادة ضاعت .... و أمان انتهى .... و فتاة ليس لها ذنب تأذت
.... و تجاهل الأعين التى استقبلته راغبة فى معرفة ما حدث و أى مصير ينتظرهم .... لذا توجه الجد لهم و جلس على كرسيه بعد أن طلب فنجان قهوة سادة و تحدث بإقتضاب يلقى أوامره
- الحج قدرى :
أسامة .... أنت و محمد و رائد
ممنوع الخروج من البيت نهائى
لحد ما أنا أقول ... و كل واحد
فيكو " قاصدا أسامة و محمد "
يمسك شغله للى تحت منه لحد
ما ترجعوا .... نفس الشىء ليكى
يا نعمة أنتى و البنات .
- قال رائد مقاطعا :
إزاى يا جدى أنا دكتور و بدرس فى
الجامعة يعنى مقدرش أعد
بمزاجى .
- الحج قدرى الذى ضاق زرعا من رائد بنبرة حادة لم يسمعها منه أحد من قبل :
أنت بالذات متتكلمش واصل ....
جدامك حلين ملهمش تالت ...
يا تحاول تاخد أجازة من شغلك
.... يا إما تاخد شجة فى سوهاج
جريبة من الجامعة و يكون معاك
حد من الرجالة .... و الأحسن إنك
تحاول تنجل إسكندرية بأسرع وجت
لأن أعدتك هنا خطر و ملهاش داعى
و ده اللى أنا جلتهولك من الأول .
صمت رائد و تجمد الجميع من لهجة الجد مع حفيده رائد الذى يعد طرده من المنزل بمعنى أصح لذا لم يجرؤ أحد على المجادلة ثانية أمام الجد ...و لكن الجد أكمل عندما ذكره حديث رائد بتعليم البنات فتنهد بحسرة على تلك الراقدة بالمستشفى و لا أحد يعلم متى تستفيق .
- الجد بنبرة لينة إلى حد ما مع سوما
بعد أن تذكر زهرة :
و أنتى يا سوما ملهاش داعى
مرواحك أنتى و بوسى للجامعة
اليومين دول لحد ما أحاول ألاجى
حل للمشكلة دى .
- السيدة نعمة ببكاء على تلك الفتاة الطيبة التى علمت ما حدث لها من أسامة و محمد :
لا حول و لا قوة إلا بالله ... طاب
و البنية اللى فى المستشفى دى
مش هنروح نطمن عليها و................
- الحج قدرى قاطع نعمة :
نطمن على مين ... أنتى فكرك حد
منهم هيخلينا نطل عليها .
" قاصدا عائلة المنصورى "
- أسماء :
بس دى مرات أخونا .
- الحج قدرى بحسرة من فعلة حفيده :
خلاص يا أسماء .... محدش يفكر
يروح ناحية المستشفى ... أسامة و
محمد عينكوا على الأصلان بالذات
ميطلعش بره البيت فاهمين .
- أسامة و محمد بنبرة حزينة على حال أخيهم و زوجته :
حاضر يا جدى .
- الجد :
و يلا كل واحد على أوضته ...
يلا هموا .
صمت الجد يرتشف من قهوته و بجانبه السيدة نعمة صامتان حتى ذهب كل من أسامة و سوما ... أسماء و محمد
... و رائد إلى غرفهم .... و بعد أن تأكدت السيدة نعمة من خلو الصالة منهم حتى ألتفتت إلى الجد هلعة
- السيدة نعمة بفزع :
نورنى يا عمى الله يخليك ....
إيه اللى حصل .... لحسن أنا مش
فاهمة حاجة .
- الحج قدرى بشرود :
هجولك عشان تكونى معايا فى
اللى هعمله .
- السيدة نعمة التى هلعت أكثر :
يا ساتر أستر يا رب .
و قص عليها الحج قدرى ما حدث كاملا من بداية اتفاق أصلان مع وجيه و حتى مشاجرتهم بالمشفى و طرد حامد المنصورى لهم .... بكت السيدة نعمة بعد أن علمت ما حدث من الجد الأكثر حزنا منها .... و تجهمت ملامحها حينما ترآى لها ما رأه الجد متجهم الملامح هو الآخر .... من موقفهم مع عائلة المنصورى بعد حادثة إبنتهم و اقتناعهم اقتناع تام بوجود يد للأصلان بها .... فجعلهم ذلك فى موضع الفريسة التى يتربص بها الصياد .... أى أنهم فى انتظار رد حامد المنصورى على فعلتهم
و الذى بالتأكيد سيضع جميع أفراد العائلة تحت الإقامة الجبرية لحمايتهم أولا و حقنا للدماء ثانيا .... كذلك استحالة عودة زوجة أبنهم إلى منزلهم بعد ما حدث .... و يتبقى أمامهم كنة جديدة لا يعلمون عنها سوى سوء طباعها كأخيها .... و أطفال فى علم الغيب كانوا قرة أعين أهل المنزل جميعا فهم أبناء الأصلان كبير عائلة قدرى .... و الأسوء هى إسراء أخت الأصلان و زوجة عابد أخو زهرة من كانا سببا فى الأصل لهذا الارتباط و مصيرها الذى بات واضحا وضوح الشمس و تدعو الله فى سرها أن ينتهى أمر إبنتها بالانفصال عن عابد فى أحسن الحالات و ألا يحاول رد الصاع للأصلان فيفعل بأخته مثل ما فعل الآخر بأخته زهرة سواء بالزواج عليها أو إيذائها بدنيا .... و أخيرا زهرة تلك الفتاة البريئة التى طالما أحبت أهل المنزل جميعا و عاملتهم كأهلها و كيف هم ردوا هذه المعاملة الحسنة بالغدر بها و الخيانة .... فمن سيصدق أن باقى العائلة ليس يد بما فعله الأصلان ؟ ....
و الأحرى كيف سيواجهون تلك البريئة ثانية دون الخزى من أفعالهم بها ؟ ....
تنهدت السيدة نعمة بحزن على حالهم و تقابلت نظراتها مع الجد و التى إن دلت على شىء فهو أن لهما نفس الأفكار .
- السيدة نعمة :
طاب و إحنا هنفضل كده مش
عارفين راسنا من رجلينا ؟
- الجد بحيرة هو الآخر :
سيبينى أفكرلها فى حل يا نعمة .
- السيدة نعمة بحزن :
هنسيب زهرة كده فى المستشفى
من غير حد فينا يكون معاها .
- الجد قدرى بحيرة :
و الله ما أنا عارف .... المفروض
نكون جنبها ... دى بجت مننا ....
حفيدة ليا زى إخوتها هنا بس
أنا عارف .... أهلها مش هيرضوا
يخلونا نشوفها و هما متأكدين إن
أصلان هو اللى رماها لما دخلوا
و لاجوه حاضنها و هما الاتنين الدم مغرجهم .
- السيدة نعمة :
و على كده هيطلجوها من
الأصلان ؟
- الحج قدرى بكدر :
دا شىء أكيد .
- السيدة نعمة بفزع :
طاب و الأصلان هيرضا بكده ؟
.... طاب و اللى فى بطنها ؟
- الحج قدرى بهم :
و الله ما أنا عارف حاجة يا نعمة
.... أنا علمى علمك .... كل اللى فى
إيدينا نصبر كام يوم على ما الدنيا
تهدا و بعدين نحاول تانى معاهم .
- السيدة نعمة :
لا حول و لا قوة إلا بالله العلى
العظيم .... ليه كده يا بنى ؟ ....
ما كنا كويسين .... أنا بس نفسى
أفهم مش هو كان بيحبها و هى
بتموت فى التراب اللى بيخطى
عليه .... إزاى يعمل فيها كده !
دول كانوا زى السمن على العسل
.... و خدها و سافروا لوحديهم
.... إيه اللى شجلب حاله إكده ؟!
..... و لا هو كان بيضحك عليها
و علينا و بيعمل كده لحد ما يعمل
اللى فى دماغه ؟ .... معجول الأصلان
يعمل كده فى البنية ؟ .... لله الأمر
من قبل و من بعد .
- الحج قدرى بكدر :
خلاص يا نعمة اللى حصل حصل
ملوش داعى النواح ده .... يا رب
بس جماعة المنصورى يصبروا على
ما زهرة تفوج .... هى الوحيدة اللى
هيصدجوا منها الحديت ..... أما غير
كده مهما نحاول مش هيسمعوا منا
كلمة واحدة .
- السيدة نعمة بقلق :
طاب ما كده هيعرفوا الاتفاج اللى
تم بين الأصلان و وجيه الله يخرب
بيته .... و كمان إنه متجوز على
زهرة أخت وجيه .... دا إن وجيه
السو ممسكش طبلة و دار فى البلد
وشنع علينا إن إحنا عارفين بحكاية
الجوازة دى من الأول و مجلناش
ليهم .
- الجد الذى أطرق حديث السيدة نعمة
تنبيها داخله فاستقام مسرعا :
فكرتينى يا نعمة أما ألحج وجيه
السو ده جبل ما يجول حاجة
و يخرب الدنيا على راسنا .
و تركها الحج قدرى و فى نيته الذهاب لبيت ابن أخيه الذى لم يدخله منذ أكثر من خمسة عشر عاما و تلقينه درسا لن
ينساه .... بعد أن أوقع بهم فى هذه المشكلة التى لا يرى لها حلا .... أما السيدة نعمة فقد اتجهت للمطبخ حاملة صينية القهوة التى شربتها هى و الجد
.... و غير منتبهة لباب المكتب الذى فتح و خرج منه أصلان هائم على وجهه لا يعلم إلى أين يذهب و لكنه
لا يستطيع الراحة و قطته غائبة .... و قد اقتنع اقتناع تام أنه من تسبب فى هدم حياته بيده و فقدان عشقه .
أمام منزل وجيه صالح ليلا :
طرقات حادة على باب المنزل أفزعت
قاطنيه أو بالأصح قطنتيه سماح صالح
و زوجة أخيها الصغيرة .... و أسقطت قلب وجيه الذى علم أن ما حدث اليوم بمنزل عمه قدرى لن يمر .... إلا أنه لا يستطيع تجاهل الطارق حتى لا يشاع عنه أنه يختبئ كالجبناء .... لذا أشار إلى أخته و زوجته بالدخول لغرفهم و اتجه هو لفتح باب منزله ..... ليجد فى استقباله أكثر من كان يخشاه و هو عمه قدرى بملامحه الصارمة و طوله الفارع الذى أورثه للأصلان و فى صحبته عدد من الرجال لا يقل عن عشرة .... و ما كاد وجيه أن يلملم شتات نفسه أمام عمه و ينطق بأى كلمة للترحيب إلا و قد دفعه الحج قدرى بشدة لا تتناسب مع عمره داخل منزله و دخل معه هو و الرجال الذين كانوا بصحبته .... و لم يتضح لوجيه الأسلحة التى كانوا يحملونها إلا فى لحظته .
- الحج قدرى بصرامة و صوت عال نابعا من غضبه بعد أن أمسك بجلباب وجيه بكلتا يديه :
أنا مش جلتلك يا ولد صالح ملكش
صالح بينا عاد ؟ .... متدخلش
فى أمورنا ....
" و بصراخ أخاف الزوجة الصغيرة
جعلها تنكمش على نفسها داخل
غرفتها ... و جعل شبيهة أخيها
تضع أذنها على الباب ترهف
السمع لحديث عمها مع أخيها"
جولت و لا لأ ؟
- وجيه بعينين زائغتين و شخصية
مراوغة :
جصدك إيه يا عمى ؟ .... و إيه ولد
صالح دى أنت أتبريت منى و لا
إيه ؟
- الحج قدرى بصرامة و نظرات ماكرة لم يطمئن لها وجيه :
موضوع إن أتبرى منك ده كان زمان
و فضيناه .... من أيام المرحومة
بثينة ...............................
- وجيه مقاطعا عمه مستخدما وجه الجرو الحزين :
الله يرحمها الغال.....................
- الحج قدرى بصراخ :
أخرس متجبش اسم المرحومة
على لسانك .... و زى ما جولتلك
أنا أتبريت منك من زمان و خبرت
الكل إنى مليش صالح بيك و لا
أنت تعتبر منا .... لكن لما يلف
الزمن و تيجى أنت عاوز تولع فيها
نار .... و توجع بينا و بين
المنصورية و حد فينا يجتل
التانى عشان تستريح زى ما
عملت جبل سابج .... و طعنتنى
فى ضهرى .... فلا و ألف لا ....
يبقى لسه متعرفش عمك يقدر
يعمل إيه عشان أهل بيته .
- وجيه بخوف من تهديد عمه كما أن
وجود الكثرة من رجاله لا تساعد
أيضا :
اسمع........................................
- الحج قدرى بصراخ :
أخرس .... أخرس .... ولا كلمة
.... يا كلب ... و لا حرام أسب
الكلاب .... الكلاب أوفى منك
إنما أنت نبتة فاسدة فى عيلتى
" ثم قرب الحج قدرى وجهه من
وجه ابن أخيه متحدثا بهمس
مخيف "
عارف بيعملوا إيه فى النبتة الفاسدة
جبل ما تعدى اللى حوليها يا
وجيه ؟ .... و لا جريك ورا النسوان
نساك سلو أرضنا ؟
لم ينطق وجيه بعد تهديد عمه الواضح له و علمه بألاعيبه .... و أكتفى بتحريك رأسه دلالة على تنفيذه لحديث عمه بعد أن أسكتته لهجة عمه الصارمة و ملامحه المخيفة التى يراها لأول مرة .
- الحج قدرى بعد أن أبتعد قليلا عن وجيه و بنبرة ساخرة :
أنا عارف أنت بتعمل كده ليه ؟!
" شحب وجه وجيه لكلام عمه
الذى لم يهتم بملامح ابن أخيه
و أكمل "
عاوز ترد الألم اللى أدهولك
المنصورية لما مرضوش بيك لصفية
أختهم .... و مكفكش كل الخراب
اللى عملته من ساعة ما رفضتك لأ
.... رحت للمسكين اللى لسه موت
شجيجته مأثر فيه و اتسلطت عليه
زى الشيطان الرجيم عشان تخليه
زيك .... وحيد و الحجد عاميه
.... و حجدك على المنصورية
مخلكش تفكر دجيجة واحدة إن ممكن
حد من أهلك ... أنا عمك و لا ولد عمك
و لا ولاده يتأذوا .... و ده معناه أنك
مفكرتش فينا يعنى أنت بتجول
لينا إنك مش من عيلتنا لأن عيلتى
اللى أنا أعرفها كلهم بيخافوا على بعض .
" صمت الحج قدرى قليلا و أطرق
وجيه رأسه أرضا خزيا من عمه
إلا أن الحج قدرى أكمل بوعيد "
ملناش صالح بزرعتك من بداية
السنة دى أما أشوف مين اللى
هيرضى ياخدها منك بعد ما سيبناها
..... و عجد الأصلان على أختك
يتجطع لإن الراجل ميبعش أخته على
ورج زى البضاعة بس أجول إيه ؟!
ما أنت متعود على كده مع الحريم
اللى بتجيبهم و العادة نستك تفرج
بين أختك و باجى الحريم .... لآخر
مرة بجولك المصيبة اللى عملتها لا
تتحدت فيها مع حد واصل و لا
حتى نفسك .... و الورجة اللى بينك أنت و الأصلان تتنسى و تتجطع
لأنى أبصم بالعشرة إن أختك
متعرفش عنها حاجة يعنى لاغية .... فاهم .
- وجيه بخوف و صدمة من خسارته نتيجة فسخ تعامله مع مصنع الحج قدرى :
حاضر .... حاضر يا عمى .
- الحج قدرى بصرامة و تعبيرات وحشية ناتجة من انهيار حياة حفيده الأكبر و شقيقته إسراء :
لأ .... أخاف تنسى و شطانك يوزك
تانى .... يا رجالة
" قاصدا الرجال الذين أتوا بصحبته"
خلوه كل ما يبص فى المراية
يفتكر حديتى زين .
و إنهال عليه رجال الحج قدرى ضربا مسببين له كدمات كثيرة وصراخ لا ينتهى من ألمه .... و لم تجروء إحدى المرأتين على الحول بينه و بين الرجال الملتفين حوله حتى إنتهوا من مهمتهم و غادروا وراء الحج قدرى .... تاركين خائن متألم و زوجة خائفة و أخت مصدومة بكونها متزوجة دون علمها من كبير البلد .
35
.
ياجماعة عاوز تفاعل علشان نستمر وننزل جزء جديد
الفصل الخامس والثلاثون
بعد أسبوع من الأحداث :
مازالت الزهرة غارقة فى غيبوبتها اللذيذة .... يحرسها إخوتها و أبناء عمها صابر بالتناوب بينما لم يغادر جانبها أبوها و عمتها صفية .... اللذان تلحفا بالصمت بينما يصبان كل إهتمامهم على زهرة العائلة .... الأمر الذى آثار حنق باقى أفراد العائلة .... فلا هما أفصحا عن غضبهما و لا هما يتعاملان بأريحية مع أفراد العائلة ..... و كأنهما درع أحاط أبنتهم القابعة بغرفتها .... درع منع حتى إخوتها من دخول غرفتها بالمستشفى و إنما سمح الحج حامد لهم فقط بالمكوث أمام الغرفة لحمايتها و المقصود طبعا بذلك " عائلة قدرى" .
و من الغريب عدم إعتراض إخوة زهرة صابر و طه على ذلك خاصة بعد ما
شهدوا هم و أبناء عمهم و الحج صابر و السيدة صفية المنصورى لقاء أبيهم الحج حامد مع إبنه عابد .... و الذى استقبل إبنه الذى جاء مسرعا إلى المشفى بعد يومين من الأحداث ... و قد أخبرته والدته ما حدث من مرض أخته فقط و مكوثها بالمستشفى لأنها هى الآخرى لا تعرف أكثر من ذلك .... الأمر الذى جعله يأتى هو و إسراء مسرعين من القاهرة .... تاركا زوجته فى بيت أهلها ثم انطلق هو للإطمئنان على أخته غالية العائلة .... إلا أنه لم يتمكن من رؤيتها بعد أن قابله أبوه لحظه السىء أمام غرفة زهرة بعد أن سمعه يستعلم عن حالتها من إخوته الماكثين خارجها مع الباقين و لكن لقلقه الشديد على أخته لم يلاحظ أن صابر و طه لم يتمكنوا من دخول غرفة زهرة كذلك .... و عندما صمت طه و صابر و تطلعا لنقطة ما خلف أخوهم عابد .... ألتفت هو الآخر ليجد خلفه والده و من بعده عمته مشكلين حاجزا بينه و بين غرفة أخته .... و لم يتمكن من قول شىء خاصة بعد أن عالجه والده الحج حامد بصفعة شديدة تسببت بألتفات رأسه للجهة الأخرى و شهقة عمته و صمت الآخريين .
- الحج حامد بصرامة و غضب شديدين :
جيت ليه ؟
- عابد بتلعثم و صدمة :
أأ...أأنااا... أنا ...جاى أطمن على
زهرة .
- حامد بصرامة :
ليه ؟؟؟ .... جاى تشوف إذا كانت
ماتت و لا لأ ؟ .... بعد ما
خليت مراتك أخت اللى عمل فى
أختك إكده آمنة ف بيتك و جاى
تشوف أختك اللى لجيناها غارجة
ف دمها و مرمية من السلم ....
هاه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!
- عابد بعجز و صدمة :
يا بابا إسرا...................................
" صوت صفعة ثانية من الأب
لأبنه " .
و أسرع طه و صابر لإحتواء أبيهم للحول بينه و بين أخوهم .... دون أن يعير أحدهما إهتمام لعابد الذى أحمرت وجنته من صفعتى أبيه لإقتناعهم التام أن صغيرتهم كادت أن تقتل بعد أن تم التضحية بها ككبش فداء لنزوة أخيهم
دون أن يهتم بتابعات ما فعله عليهم ... بينما استقام أحد أبناء عمهم صابر لإحتواء عابد من أجل تهدئة الوضع بعد أن جذبت أصواتهم عدد لا بأس به من الموجودين بالمشفى .... إلا أن ذلك لم يمنع الحج حامد من صب كامل غضبه الذى أنفجر لأول مرة بعد ما حدث لزهرة على عابد الذى كان يحظى بمكانة لا بأس بها بين أهله بعد أن أكمل دراساته العليا .... و لكن أفعاله التى لا تمت إلى المسؤلية بصلة أنقصت من قدره بين أهله بعد أن حملوه مسؤلية ما حدث لزهرة العائلة و للحق أنه هو فعلا من وضعها وسط نيران الثأر بأنانيته .
- الحج حامد بصراخ :
لساتك واجف إهنه ؟ .... مش عاوز
أشوف وشك هنا تانى .... و من
دلوجتى ملكش أخت .... و أنى
مليش ابن ....
- عابد بصدمة :
يا باب...........................................
- الحج حامد مقاطعا ابنه بصراخ هز المستشفى :
و لا كلمة ..... أنا كمان حطيتها
بيدى دى هنا لما وافجتها إنها
تروح للأصلان بدل ليك عشان
متموتش .... و أعدتوا تجولوا أن
آنى مفضلها عنكوا .... لحد ما
خلتونى أديها للأصلان و آدى
النتيجة .... أختك ف دنيا تانية
بين آدين ربنا .... و أنت بكل
بجاحة معزز بنت قدرى و أختك
بين الحيا و الموت بعد ما كانوا
هيموتوها بدم بارد .... بسببك
..... فاهم يعنى إيه بسببك ....
يعنى عمرى ما هسمحك واصل على
اللى جرالها ده و هموت و أنا
غضبان عليك .
- تدخل صابر بعد أن وجد أخوه عابد يبكى على ما تسبب به :
يا حج.....................................
- الحج حامد :
و لا كلمة أنت كمان ... أنتوا زيكوا
زيه .
" قاصدا أن حكمه شمل صابر
و طه أيضا و ليس عابد فقط "
- طه بصدمة :
طاب و إحنا ذنبنا إيه بس ؟!
- الحج حامد بشراسة و غضب أسود كفيل بحرق الأخضر و اليابس :
اللى خلاه هو اللى مكنش بيفارج
أخته فى مصر يرميها بدم بارد
فى حجر الأصلان و يبدلها بأخته
يخلى أى حد فيكوا بعد كده يأذيها
.... أنى معدتش هآمن لحد فيكو بعد
كده واصل .... و أنت
" قاصدا عابد "
لما تبجى راجل و تقدر تاخد حج
أختك و تطلج بنت جدرى ....
تبجى تخش البيت .... أما غير إكده
ملكش داخلة لبيتى واصل .... أما
أختك فإن ربنا خد بيدها و شفاها
ليا معدش ليك صالح بيها نهائى
لأ ف خير و لا ف شر .... يلا برا
أنا معنديش ابن جبان زيك ....
برااااااااا .
تردد صدى كلمة الحج حامد الأخيرة بالمشفى مصاحبة عابد للخارج بعد طرده .... و الذى لم يعلمه الحج حامد و البقية أن عابد لم يكن يعلم شىء عن حالة زهرة .... و أن كل ما أخبرته به والدته فى مكالمتها له صباحا أنها مريضة بالمستشفى فقط ثم أنتقلت لموضوع آخر فى ثرثرتها الصباحية له ف الهاتف تنقل له كل خبر بالمنزل لتعوض غياب عزيز قلبها عابد .... و لكن ما لم يكن فى حسبانها فزع عابد على أخته و مغادرته لمنزله مع إسراء بالقاهرة صباحا ....ثم مهاتفة أخيها أسامة من أجل توصيل أخته لمنزل عائلتها بعد أن أنتظره مع إسراء على أطراف البلد ليتركها لأخيها بعد أن تبادل معه سلاما سريعا و انطلق هو مسرعا للإطمئنان على أخته .... دون أن يلاحظ صمت زوجته وشحوبها طوال سفرهم و الحراسة المشددة التى جاء بها أسامة لأستقبال أخته .... و التي علم سببها بعد ما أخبره صابر و طه حالة أخته زهرة قبل أن يستمع أبيه لأصواتهم .
و بعد حادثة زهرة بمنزل الحج قدرى .... تولت أسماء نقل ما حدث لأختها إسراء من إصابة زهرة زوجة أخيها الأكبر بسبب الأصلان و الذى أتضح لهم بعد ذلك من كلام زوجها محمد أنه لم يتنازل عن ثأره لأختهم بثينة بل أنه جعل قطته كبش فداء لها .... مما سبب شحوب الأخرى بعد أن لاحت لها رايات إنفصالها و هدم حياتها الزوجية أمام عينيها .... بل و خشت أن يفعل بها عابد شيئا مشباها لما حدث لأخته التى وجدوها غارقة فى بركة من الدماء .
و كان هذا الشك مسمارا فى نعش حياتها الزوجية مع عابد .... فلو كانت علاقتهم بنيت على ثقة تامة و حب ليس له حدود و عشق ناتج عن معرفة كل منهم بشخصية الآخر لم تكن لتظن هذا بزوجها .... و لكن يبدو كما قال الجد أن زواجهم جاء نتيجة الممنوع المرغوب و التمرد على التقاليد و الأنانية المطلقة مما جعله هشا غير قادر على الصمود أمام أقل العواقب .
و قد جعلتها مكالمة أختها لها ليلا فى عالم آخر .... يدور فى عقلها الكثير و الكثير من التساؤلات ....
* ما الذى سيفعله عابد بها بعد أن يعلم
ما حدث لأخته الصغرى ؟
* و هل ستؤول حياتها الزوجية إلى
الانفصال ؟
* هل سينسى زوجها الأستاذ الجامعي
مبادئه و تمدنه و يتراجع عن تمرده
ضد تقاليدهم و يقوم بإيذائها
بدنيا ؟
* هل أخيرا تحطمت فقاعتهما الوردية
على صخرة الواقع ؟
كل ذلك دون أن تعير أدنى إهتمام لزوجة أخيها التى طعنت فى قلبها غدرا و لا لدوافع أخيها التى جعلته يقدم على فعلته و لا لحال العائلتين اللتان على وشك خوض حرب جديدة
تحمل راياتها اسم "زهرة " .... كذلك تسببت لها أفكارها فيما يشبه الشلل و العجز .... فلم تمتلك الشجاعة لمواجهة عابد بما علمته و فضلت عدم إخباره
.... و مكثت فى غرفتها تنتظر ما سيؤؤل إليه الأمر .... و قد قضت ليلة كاملة لم يزور النوم فيها عينيها تنتظر ما سوف يقع لا محالة .... إلى أن رحمها النوم و قرر أن يزورها ساعات قليلة استيقظت بعدها فزعة هى و زوجها المستلقى جانبها على محادثة والدته الصباحية و التى إعتادت عليها من بداية إنتقالهم للقاهرة .
و بعد الكثير من الضحك و الأخبار المتناقلة بين عابد و والدته تجهم وجهه فجأة و صرخ فى الهاتف .... و أغلقت هى عينيها و علمت أن الأمر وصل له .... ثم أنتفض من فراشه و سارع بتبديل ملابسه و أمرها كذلك بتغيير ملابسها و تحضير حقيبة لهما من أجل سفره للاطمئنان على أخته
.... و لكنها لم تلاحظ رد فعله الطبيعى لهذا الأمر فلا هو مثلا قام بضربها .... و لا أعلن لها إنفصالهم .... و استنتجت بعد فترة قصيرة أن والدته لم تخبره بكل الأمر .... مما جعلها تحمد الله سرا
.... ثم أسرعت بإعداد حقيبتين و ليس
واحدة لهما معا و وضعت بخاصتها ما هو ضرورى فقط لزيارة عادية قصيرة لعدة أيام كما أخبرها عابد إلا أنها زادت فى حقيبتها كافة متعلقاتها الشخصية و أوراقها و كتبها .... و كل مستلزمات ضرورية لمغادرة أبدية و ليست وقتية
.... كما لم تهتم بحشو حقيبتها بالملابس حتى لا تثير شكوكه .... و دعت الله طوال طريق سفرهم أن لا يحادثه أحد و يخبره بحقيقة الأمر و هو ما لم يحدث لحسن حظها .... ليس لأن عابد لم يهلك هاتفه فى محاولاته للتواصل مع أبيه أو أحد إخوته و لكن لأن أى منهم لم يهتم بالرد عليه و البعض الآخر قد أغلقوا هواتفهم نهائيا .
و تكفلت هى بالتواصل من خلال الرسائل النصية مع أخيها أسامة .... بعد أن علمت أن الأصلان أصبح هائما على وجهه و لم يعد للمنزل منذ لقائه مع جده .... كما خشت أن لا يرى الجد رسائلها لضعف نظره .... فلم تجد إلا أسامة و الذى برهن لها صحة اعتمادها عليه من سرعة استجابته و تلقينها ما ستقوله لزوجها لتنجو بروحها من قبضة المنصورية .... و بالفعل كذبت إسراء على عابد و أخبرته أن الأصلان مع زوجته بالمشفى و أنه أبلغ عائلتها أن زوجته بخير .... و ليس هناك داعى أن تذهب معه إسراء للمشفى فى ذلك الوقت الذى شارف على أن يكون فجرا
.... و من أجل ألا تشكل عائقا له ستجعل أخيها أسامة ينتظرها على مشارف بلدتهم و ينطلق عابد للاطمئنان على أخته على أن تعود له إسراء نهارا مع عائلتها لزيارة زهرة ....
و هو ما فضله عابد و بالفعل ذهبت إسراء لعائلتها للأبد دون أن ينتبه عابد لخطتهم .... و لم تعلم إسراء أنها بفعلتها تلك طعنت حب عابد لها فى الصميم .
دخلت إسراء بيت أسرتها فجرا مع أسامة و بصحبتهم عددا لا بأس به من رجال العائلة الذين ربضوا خارج المنزل ما أن أتموا ما كلفهم به الحج قدرى و هو حماية أسامة .... بعد أن وضع الجد احتمالا أن من يتواصل مع أسامة بالرسائل النصية ليست إسراء و أن الأمر مجرد إستدراج لهم .... و لكن و لله الحمد لم تصدق ظنون الجد و عاد أسامة بأخته إسراء الباكية .... و التى وجدت فى استقبالها جميع أفراد المنزل بما فيهم بوسى التى تعافت إلى حد ما من صدمتها و لكنها لم تتحدث لأحد إلا الجد فقط و كذلك رائد الذى يبدو من هيئته هو الآخر أنه مغادر .... بينما عاد
عابد خائبا إلى منزل عائلته الخالى من سكانه ماعدا النساء و اعتزل بغرفته ....
صامتا لا يتطرق لذهنه سوى حالة أخته
المريعة و التى تكفل إخوته بوصفها له
كذلك سلوك زوجته المضطرب منذ تلقيه مكالمة والدته و الذى إن دل على شىء فهو علمها اليقينى بما حدث لأخته .... ثم توالت صور آخرى لذهنه مثل هاتفها الذى لم يفارق يدها طوال رحلة سفرهم .... كذلك محادثتها النصية المجهولة .... و أيضا سلوك أسامة المريب عند استقبال أخته و كأنه غير واثق من قدومها .... و أنتهت بالعدد الكبير من الرجال الذين كانوا خلف أسامة بأسلحتهم .... توسعت عينيى عابد بعد أن علم أنه سلم زوجته
إلى أسرتها بغباء منه .... و أنها لن تعود معه لمنزلهم بالقاهرة .... فعابد ليس ساذجا ليأخذ بكلام أبيه الذى بدر منه فى ساعة غضب كما يقولون .... و أنه على يقين أنه بعد تعافى أخته الصغرى بإذن الله سيتراجع أبوه بنفسه عن كلامه فليس الترهيب أو رد الإساءة من صفات حامد المنصورى .... كما أن زهرة بنفسها كانت لترفض مثل هذا السلوك ..... إلا أن ذلك لم يكن ليمنعه من الذهاب لمنزل عائلة قدرى للاستفهام عن الأمر و التوصل لحل مع الأصلان .... إلا أن زوجته سبقته بالتصرف و تخلت عن حبهما و الذى جعله فى مكانة صغرى بنظر عائلته
..... و يتبقى بذهنه السؤال الأهم الذى سيتصرف بناءا عليه :
* هل تركته إسراء بإرادتها ؟ أم أن عائلتها أرغمتها على ذلك بعد أن سلمها
لهم بمنتهى الغباء ؟
و للإجابة على السؤال لم يجد عابد بدا من التواصل مع زوجته لذا فهو هاتفها
بنفسه من أجل ضحد ظنونه .... غير منتبها أن الوقت متأخرا و لكنه لم يكن بأستطاعته التغاضى عن أفكاره و تطويعها حتى الصباح .
بينما فى الجانب الآخر زوجته منهارة
بغرفتها القديمة فى منزل عائلتها ....
بعد أن تآكلها الندم على تركها لزوجها غدرا بعد كل ما مرا به سويا خاصة بعد كلام جدها الذى لامها على تصرفها مع زوجها بداية من عدم إخباره بنفسها عن حالة زهرة .... و عدم مواجهته فيما يتعلق بإستمرارية حياتهما الزوجية .... و حزمها لجميع متعلقاتها الشخصية و التى سرعان ما سيكتشف ذلك عند عودته للقاهرة مما يضعها فى صورة غير لائقة أمام زوجها و تكون فى حكم من تآمر عليه و أنها بذلك ستثبت له إحتمالية علمها بما كان سيحدث لزهرة .... أو أنها اتفقت على ذلك مع عائلتها من البداية .... ففى مثل هذه الظروف تكثر الظنون و النوايا السيئة و التى تزيد من إشتعال الفتنة و التهور و كذلك تزيد من سرعة تساقط الضحايا .... و لما وافقت أسماء
أختها لما فعلتها و فضلت نجاتها عن حياتها الزوجية بل عن حياة فتاة بريئة تناستها من أجل الحفاظ على أختها و هو ما جعل بوسى تنظر لها بإشمئزاز لأول مرة ف التاريخ .... بينما صدم أسامة و سوما حتى محمد من موقف أسماء .... و صمتت إسراء باكية ينقبض قلبها مما أقترفته يداها و كذلك السيدة نعمة التى انفطر قلبها على حال آبنائها .... بينما الحج قدرى رد بعد تريث بما أفحم حفيدتيه أسماء و إسراء .... فلو كانت إسراء تثق بحبها لعابد مثقال ذرة لكانت واجهته بما حدث و انتظرت رد فعله و لكن ما فعلته يثبت للجميع أن ما كان بينها و بين عابد شىء متطير هوائى سريع ...
شىء حميم يفتقد للثقل .... رغبة فى التمرد .... ما بينها و بين زوجها يسمى أى شىء إلا حب .... و لما صمت الجميع من رد الجد أكمل هو يقضى على الآراء الغير منصفة مستحضرا فى ذهنه صورة قطة صغيرة أثبتت نفسها بمواقفها و حبها الكبير للأصلان فقال إن زهرة لو كانت من هى مكان إسراء
لم تكن لتفعل ذلك مع الأصلان حتى لو
قتلها بيديه لفضلت موتها على يد حبيبها متنازلة عن أى حياة أخرى بعيدا عنه و هو بالمناسبة ما فعلته بطريقة أخرى .... فقد أختارت قطة الأصلان غيبوبتها بديلا عن حياة ليس بها الأصلان بعد أن يتخلى عنها حسب ما سمعته و يعيدها لأسرتها .... فلو كانت أخرى مكانها لكانت تمردت و غادرت لأهلها أو إنفصلت أو واجهت و لكن كانت نتيجة كل ذلك واحدة و هى الوصول لنهاية حياتها مع الأصلان و لما كانت الحياة دون أصلانها موتا فضلت غيبوبتها غير متقبلة واقعها دونه .
...
صمت الجد فى إنفعال جلبه حديث أسماء و أطرق الجميع رأسه مقرين بصحة ما يقوله و خاصة السيدة نعمة التى أنقبض قلبها لغياب من عدتها أبنة لها بديلا عن أخرى فقدتها تتشابهان بحنانهما .... و انسحب محمد غاضبا من كلام زوجته ....لحقته إسراء التى صعدت هى الأخرى إلى غرفتها تبكى تسرعها و تخليها عن حبها بعد أن أنار كلام الجد فى عقلها مكانا جديدا من التعقل كانت قد غفلت عنه بطفولتها و دلالها .
و لم ينبهها من شرودها بكلام جدها و تشدقه بتصرف زهرة لو كانت مكانها
إلا صوت هاتفها الذى لم يكن سوى عابد .... تسمرت إسراء قليلا و لو كانت المكالمة أتتها من زوجها بوقت أبكر بساعة أو إثنين لكانت جبنت و تخاذلت عن مواجهته و لكنها أرادت أن تخطو بحبها الطفولى لمرحلة جديدة مرحلة نضج و ثقة متبادلة .... مرحلة شبيهة إلى حد ما بالمرحلة التى بها زوجة أخيها الأكبر تلك الفتاة الشجاعة .... لذا فقد أخذت نفسا عميقا و فتحت المكالمة تستقبل الصمت من الجهة الأخرى .... الذى سرعان ما أنزل دموعها و كلاما عشوائى من كل الجهات تحكى فيه إسراء ما حدث من بداية تلقيها لمكالمة أختها حتى كلام جدها .... و أنتهت آخر دموعها مع حديثها يرافقهما دقات قلبها الشديدة و بعض شهقاتها التى خلفها بكائها بعد أن ختمت كلامها بنيتها الصادقة برعاية أخته التى لم ترى منها إلا كل خير دون الاكتراث بما تلاقيه من عواقب .
لم يكن يتوقع عابد انهيار إسراء المرافق لنضجها المفاجئ فى محادثتهما .... بل كان يتوقع أى رد آخر أو عدم رد نهائيا .... كان ليرد عليه بإنفصالهما الفورى الذى جاء نتيجة عدم الثقة و الظن السىء به .... و لكن ما كاد ينطق أول أسئلته عليها حتى انهارت بصورة مؤلمة مضحكة فى نفس الوقت فهى حتى فى إنهيارها
كانت عشوائية و طفولية كما عهدها ....
لذا فبكل ثقة و صدق عاتبها على أخطائها و غامر هو بحبه لها بعد أن أعطاها فرصة للتفكير فى علاقتهما تعد فيها مكوثها بمنزل عائلتها بمثابة إختبار
لقوة علاقتهم من جهتها و صدق حبه بمواجهة عائلته من جهته هو .... و بذلك يكونا كفرا و لو جزء بسيط من ذنبهما حين إبتداءا علاقتهم بطريقة خاطئة .... و أنهى مكالمته بعد أن أخبرها بمكالمته لها يوميا فى نفس الوقت يتحدثان من أجل بناء علاقة على أسس متينة و كذلك متمنيا لها ليلة سعيدة و مزيد من الدعاء لأخته
..... بينما انطلقت إسراء بسرعة الصاروخ للجمع الذى مازال موجودا بالأسفل منذ أن تركتهم ما عدا محمد
و بشرتهم بما فعلته هى و عابد .... مما أثلج قلوب الجميع من جهة بعد أن عادت حياة إبنتهم الزوجية أفضل مما كانت .... و أخجلهم من جهة أخرى من حيث تصرف عابد الذى لم يخلط الأوراق ببعضها فى مقابل تصرف الأصلان الذى لم يسعفه القدر لفصل أولوياته .
... أما الجد فقد أرجع ذلك لشدة عشق الأصلان لزهرة هذا العشق الذى كان سببا فى إنهيار جليده و اضطراب حاله و تخبطه بشكل أشغله حتى عن الإنتباه للضرر المحيط به هو و قطته بينما حب عابد لإسراء فهو حب هادئ سمح لعابد بالتفكير و التحليل و فصل أوراقه بعكس أصلان العائلة و لكن الجد احتفظ بهذا التفسير
لنفسه .... و انشغل فقط بالأصلان الهائم على وجهه منذ حادثة زوجته
و زهرة التى لا تعى لما يحدث حولها
.... و لا يملك سوى أن يدعو الله بأن يحفظهما معا .... فهو على علم تام أن ابتعاد الزهرة عن أصلان سيقضى عليه تماما و الأسوء أن عائلة زهرة لا تعلم أن ابتعادهما سيقضى عليها أيضا و إلا لما كانت سقطتت فى غفوتها اللذيذة التى يبدو أنها ستطول إلى ما لا يعلمه
الله .
بعد ثلاثة أيام أخرى " مرور عشرة
أيام على غيبوبة زهرة الأصلان " :
لم يعد الأصلان إلى منزله نهائيا منذ الليلة التى غادرت بها قطته المنزل .... بل سار هائما على وجهه بعد خروج جده من المنزل للقاء وجيه ليلا .... لم يكن يعى إلى أين تأخذه قدماه حتى وجد نفسه أمام أرضهم الزراعية التى انشغل عنها قليلا بمصنعه و لم يعد يراها منذ وفاة تؤامه التى كانت تحب زيارتها بشدة .... سار بها الأصلان ليلا
غير عابئ بالخطر فكانت تحاوطه ضحكاته مع أخته و حديثهم سوية ....
و حركاتهم الطفولية فى الوصول للأشجار و قطف الفاكهة حتى اللعب بالكوخ الذى بناه الحج قدرى من أجلها
.... و الذى وجد الأصلان نفسه يقف أمامه .... و قد دمعت عيناه تأثرا و نزف قلبه من جديد .... فبثينة قتلت و غادرته بلا رجعة .... كما أن كوخها غطته الأتربة و العناكب دلالة على نسيانه و غيابها .... فهى لم تكن تسمح بإتساخه من كثرة زياراتها له .... فتح الأصلان القفل الموضوع على الباب بمفتاح أخرجه من محفظته لأول مرة منذ وفاتها .... لم يكترث بالأتربة و لا بالإضاءة التى يظنها غير صالحة بالأساس .... و جلس على فراش صغير
موجود بزاوية من زواياه و أغمض عينيه التى تتساقط منها الدموع و أجهش الأصلان ببكاء صامت لم يقم به منذ وفاة شقيقته .... و لكن هذه المرة يبكى كمدا على قطته التى خسرها بغير رجعة .
يبكى و يبكى و يبكى حتى أفرغ ما يحويه قلبه من مشاعر الحزن و الحسرة و أخيرا الخوف .... فعلى الرغم من عنفوانه و وحشيته إلا أنه دون قطته الصغيرة أصبح يشعر بخوف رهيب يتغذى على قلبه .... و استمر وضع الأصلان بين قضاء الوقت أمام المشفى التى ترقد به قطته نهارا لعله
يستطلع أخبارها .... و المكوث فى الكوخ ليلا يؤنسه ذكرياتها طوال الثلاثة عشر يوما التى مرت منذ أن سقطت قطته فى غيبوبتها .... نقص وزنه قليلا و طالت ذقنه و فقد شعره إنتظامه من كثرة تمرير أصابعه به ....
و أتخذ الصمت رفيقا له بجانب حزنه و يأسه .... ففقد ببعدها كل جميل .... و تحالف ضده قلبه و عقله فلا يصمت أحدهما عن المطالبة بالقطة الصغيرة
.... و بمرور الأيام أنضم جسده إليهما فكان يأن شوقا لمعشوقته .... و كأنه فات على فقده لها سنوات و ليس أيام فقط .... هذه الأيام القليلة البائسة جعلت من عمره يزيد سنوات و كأن الكبر حل لعنة عليه لما جنته يداه ....
و قد وعى كل من حوله لذلك إلا هو الذى لم يرى وجهه فى المرآة منذ أن ترك المنزل .
و فى منزل عائلة قدرى الذى خلا من الجميع الأصلان و قطته و كذلك رائد الذى ترك المنزل بأمر من جده و استقل بشقة راقية بقرب الجامعة لمتابعة عمله الذى لا يستطيع التغيب عنه إطلاقا .... كذلك أسامة الذى يذهب فى مثل هذا الوقت يوميا إلى أخيه الأكبر بالأرض يحضر له ملابس نظيفة و يتناول معه طعام الغذاء إجبارا لأخيه الأكبر حتى يأكل ثم يتركه بعدها و يجلس بعيدا عن الكوخ بقليل خوفا على أخيه .... بعد أن رفض الأصلان أن يتحدث لأحد بل رفض أيضا أن يمكث معه أحد .... لذا اضطر أسامة إلى الجلوس خارج الكوخ بعيدا عن أخيه الذى لا يكاد يعى من حوله .... حتى الجد حينما ذهب بنفسه للتحدث معه لم يجد من حفيده الأكبر إلا الصمت و عيون دامعة و كأنه فقد رغبته فى كل شىء .
لذا لم يجد الحج قدرى بدا من الأسراع
لأنقاذ العاشقين الأصلان و زهرته و إلا هلك كلاهما بالبعد عن الآخر .... إلا أن الأمر يحتاج إلى سرعة البديهة و حشد القوات المتمثلة فى كبار رجال البلد و الذين شكلوا سابقا المجلس العرفى لحل النزاع بين العائلتين .... كذلك يحتاج إلى أن يستطلع أخبار زهرة و حالتها الصحية بشكل دورى .... و لكن لم يحالفه الحظ بإيجاد أى من يساعده نظرا لأن عائلة المنصورى بأكملها محتشدة خارج غرفة زوجة حفيده الأكبر .... كما أن أبوها و عمتها لا يتحركون من جانبها .... لذا فإنه سار على طريقة نصف العمى ولا العمى كله
.... و بعث بأحد رجاله إلى المشفى يكشف على قريب له بالكذب ليستطلع الأخبار هناك من آن إلى آخر .... و لما استطاع رجله التوصل إلى الممرضة التى تساعد زهرة أثناء مرضها .... اتفقوا معها إلى مبلغ كبير جدا تتقاضى نصفه الآخر عندما تبشرهم بإستفاقة المريضة .... و هو ما قبلته الممرضة بنهم .... و لم تبخل عليهم ببعض الأخبار البسيطة التى لا تغنى ولا تسمن من جوع إلا أن الجد أوصى رجله بالحرص على التواصل معها حتى تأتيهم بالخبر اليقين .
فى غرفة زهرة بالمستشفى :
ترقد الجميلة النائمة على الفراش لا تعى ما حولها .... يلازمها فقط عمتها صفية و الحج حامد أما باقى أفراد العائلة فقد اصطفوا خارجا بأمر من الحج حامد المنصورى .... يلتزم كل منهما الصمت .... تتنهد السيدة صفية من حزنها تارة .... و تبكى على إبنتها أخرى .... يستغفر أخوها تارة .... و يشرد فى حال إبنته و ما الذى يجب فعله أخرى .... و يتفقان سويا فى الصلاة و قراءة القرآن و الدعاء لها
..... و قد انتهى الحج حامد من صلاة الفجر .... بينما سبقته أخته و جلست على مقعد بجانب فراش زهرة ممسكة بيديها الرقيقة الباردة و قد نالها الشحوب من كثرة المحاليل المعلقة بها
.... تدعو لها بقلب أم .... لحقها الحج حامد و جلس على مقعد بجانب فراش ابنته فى مقابل أخته .... يتنهد و ينظر لابنته فى صمت .... مفكرا فى حالها و حاقدا على أصلان الذى هانت عليه زهرة و فعل بها ما فعل .
- السيدة صفية :
بتفكر فى إيه يا حامد ؟!
- الحج حامد بحزن :
يعنى هيكون إيه غير زهرة .
- ربتت السيدة صفية على ساق شقيقها
بحنو :
ربنا يأومها بالسلامة .
- الحج حامد متحيرا :
أنا بس مش عارف .... ليه يعمل
فيها إكده
" ظنا أن أصلان قد أوقع زهرة
على السلم "
دول كانوا زى السمن على العسل
.... و كل ما أسألها فى التليفون
تجولى أنى بخير و الأصلان كويس
معاى .... و أنتى بنفسك جيتى معاى
ليها كام مرة و كانت زينة ....
جوليلى بس إيه اللى حصل ؟!
.... أنا دماغى هتشت منى ؟! و عمال
استغفر ربنا من ظنونى .... بس مش
جادر .
- تنهدت السيدة صفية فى حيرة :
و الله و مين سمعك يا خويا ....
أنا بردوا مش مصدقة اللى بيحصل
.... زهرة عمرها ما اشتكتلى منه
.... دى كانت روحها فيه و هو كان
الشهادة لله بيعاملها كويس خالص
و حاططها على كفوف الراحة ....
يمكن فى حاجة غلط يا حامد ؟!
-الحج حامد بحنق :
أنى حجتلك كل اللى شفته لما رحت
هناك و كانت زهرة غارجانة فى دمها
و هو زى ما يكون مذهول .... مش
مصدج .... و الله ما أنى عارف ....
و كان حاضنها جامد لحد ما كان
هيجطع نفسها و هو مش دارى
.... و بعد ما جه معانا المستشفى
و دخلوا زهرة جوضة العمليات
كان عمال يطلع لكفوفه بطريجة
غريبة .
- السيدة صفية فى استياء :
بس برده كل ده ميقولش أنه رماها
من السلم .
" و أكملت بعد برهة من الصمت "
و برده هيرميها ليه ؟! .... ما كان
طلجها و رجعهلنا بدل ما يورط
نفسه فى قضية .
- قطب الحج حامد حاجبيه بتركيز بعد أن شعر أن هناك مقصد آخر لأخته :
جصدك إيه يا صفية ؟!
- السيدة صفية :
جصدى إن فى حاجة مش مظبوطة
فى الحكاية دى .... و بكرة تجول
صفية قالت .
- الحج حامد بهدوء :
ما هو علشان كده أنا مش راضى
أتصرف إلا أما الغالية تجوم
بالسلامة .... لعل و عسى تعرفنا
إيه اللى حصل .
" و قبل أن ترد السيدة صفية على شقيقها سمعا صوت أنين خافض لم يصدر إلا من تلك المستلقية على فراشها بينهما "
أمممممممممممممم .... أممممممم
- الحج حامد ناظرا لأبنته :
اللهم لك الحمد و الشكر ....
اللهم لك الحمد و الشكر .
- السيدة صفية بفرحة و لهفة على ابنتها :
زهرة .... رورو .... أنتى كويسة
يا نور عينى .... ردى عليا يا
زهرة .... ياااارب .... اللهم لك
الحمد و الشكر .... بنتى ....
رورو .
بدأت رموش قطة الأصلان بالتحرك قليلا و تغضن جبينها .... بعد أن شعرت بثقل كبير على عينيها .... كما عجزت عن ابتلاع ريقها لجفاف حلقها .... و قد شكل لها ذلك صعوبة فى تحريك لسانها .... ظلت زهرة تحاول فتح عينيها و تحريك لسانها للنطق .... حتى نجحت فى الأولى وساعدها فى ذلك ضعف الإضاءة الموجودة بالغرفة و قد قامت بذلك السيدة صفية بعد أن انتصف الليل لعل أخيها يستريح قليلا على السرير المرافق فى الغرفة إلا أنه رفض .... و ظلت زهرة تنظر لما حولها حتى استوعبت ما هى فيه .... مريضة طريحة الفرش بمشفى و حولها أبيها و عمتها .... ثم ضربها الإدراك و أتسعت عينيها و حركت يديها بسرعة هائلة لتفقد طفليها .... إلا أن أبيها و عمتها
سرعان ما أقتربوا منها لمنعها من الحركة المفاجأة التى و للأسف مع أنها بسيطة إلا أنها آلمتها
- السيدة صفية و هى تمسك بيد زهرة :
حسبى يا بنتى .... الحركة غلط
عليكى ....
" ثم أكملت بحنق بعد أن تلاشت
الفرحة و حل محلها الخوف "
ما تروح يا حامد تجيب الدكتور
يشوفها لتأذى نفسها و لا حاجة .
- أفقدت فرحة الحج حامد باستيقاظ إبنته تفكيره السليم لدقائق إلا أنه سرعان ما إستعاده بنداء شقيقته :
حاضر .... حاضر .... أنا خارج
أهوه .
و ما كاد أن يتحرك حتى أمسكت يد إبنته الرقيقة يده الكبيرة تمنعه من
الذهاب .... و قد أعتقد الأب و شقيقته أن ابنتهما تريد التريث أو خائفة من تركه لها .... و لكن تعابيرها الهلعة و دموعها التى طفرت من عينيها و تحول أنينها لشهقات عالية .... جعلهما يدركان أن الأمر ليس خوفا من تركها وحيدة و لكن فقط حانت لحظة الحقيقة التى أنتظرها الجميع .... الحقيقة التى من خلالها سيحدد الحج حامد خطواته التالية .... و لما حاول أبوها تهدأتها من أجل إحضار الطبيب للإطمئنان عليها
هزت رأسها نافية هلعة .
لذا بكل طاعة جلس الأب و العمة على مقعديهما محاوطين فراش ابنتهما من كلا الجهتين فى صمت تام .... بعد أن لاحظا لأول مرة أن ابنتهما لا تريد إخبار أحد بإستيقاظها .... و قصت السيدة صفية بفطنتها على زهرة ما حدث من لحظة وصولهم لمنزل الحج قدرى و وجودها غارقة وسط بقعة من الدماء يحاوطها زوجها حتى إستيقاظها
.... حتى تعطى العلم لربيبتها بأنها سقطت فى غيبوبتها لمدة خمسة عشر يوما بعد أن لاحظت اظطرابها و جهلها
بما حدث .
- الحج حامد بعد أن لاحظ شرود زهرة التى سارت أمام عينيها أحداث يوم عودتها من سفرها :
إهدى يا بتى .... و على مهلك
إحنا معاكى .... لما تقدرى تتكلمى
إحنا سمعينك .
ظلت زهرة مستلقية غير قادرة على تحريك شفتيها و لا إيقاف دموعها ....
لا يتردد فى عقلها سوى زواج الأصلان
بأخرى .... و رغبته بالانتقام منها .... لذا بكل بساطة حاولت أن تنفى ما حدث لعدم تقبلها له .... و كما هو واضح لها أن جسدها خذلها ثانية .... جمدت عينى زهرة و لم تشعر بمضى نصف ساعة منذ آخر حديث تم بالغرفة و أشارت لعمتها على الماء حتى تبلل جوفها قليلا من أجل مساعدتها على الكلام .... و هو ما فعلته عمتها فقد بللت لها شفتيها فقط حتى يأتى الطبيب .... ثم بدأت زهرة تقص عليهما ما حدث منذ بداية اليوم و حتى آخر كلمات سمعتها من الرجل الغريب الذى لم تتعرف عليه مع الأصلان .... بعد أن ظلوا يستمعوا لها دون التفوه بكلمة لمدة ساعة كانت تستريح خلالها عدة مرات لعدم قدرتها التامة على الحديث
..... سواء بسبب ضعف صحتها و مرضها الذى لم تتعافى منه تماما أو بسبب بكائها أثناء الحديث .... و بعد إنتهائها جمدت تعبيرات كلا من الحج حامد و السيدة صفية مما سمعته من ابنتهما ....
و على الرغم من أن السيناريو الذى قصته زهرة عليهم ليس مستبعدا تماما أو بمعنى أصح ليس غريبا على منطقتهم .... كمنطقة للثأر .... فبعض ممن لا يملكون ذمة أو ضمير لا ينهون سلسال الدم بمجرد النسب و لكن ينهونه بالفتاة نفسها بتعذيبها أو الانفصال بعد فترة .... بعد أن تكون الفتاة تحولت لبقايا إمرأة تاركين لها ذاكرة ممتلئة بالمشاهد البشعة كمحصلة
لمثل ذلك الزواج .... إلا أنه استبعد أن يحدث هذا الأمر مع ابنته لحبها الشديد للأصلان و الذى فى وجهة نظره لن يأتى اعتباطا و لكن نتيجة لأفعال و معاملة حسنة أنشأت هذه المشاعر لدى زهرة تجاهه .... و هو ما لاحظه هو و عمتها فى زياراتهم لها .... بل و الأكثر استغرابا لين الأصلان إلى حد ما إتجاههم .... أيعقل أن يكون كل هذا
خدعة لهم ؟ .... و أنهم قد وقعوا فى فخه بمنتهى الغباء .... ثم أنتبه من شروده على صوت شهقات ابنته عزيزة قلبه .... شهقات بسبب جرح الأصلان لها .... فصغيرته أصبحت إمراءة عاشقة طعنها زوجها فى أنوثتها بعد أن أعجبته غيرها و تزوج عليها .... و بكل خسة و ندالة أتفق مع غريب عليها من أجل استدراجها فى حبه ثم تطليقها
.... بل و من الواضح أن حمل ابنته لم يكن فى مخططهم لذا وجد أن ينتظر قليلا ريثما تلد صغيرته و يحرمها هو بكل جبروت من أبنائها و يلقيها خارج منزلها .... إلا أن الحظ لم يكن بجانبهم فى هذا اليوم .... و جعل القدر ابنته شاهدة على مخطط زوجها ضدها .....
و يتبقى أخيرا السؤال ما الحل ؟!
.... إذا كان الأصلان خطط للفظ ابنته خارج بيتها و الاستحواذ على أبنائه ....
و لحسن الحظ أعطاه الله الفرصة للحد
من مخططه .... إذا فبكل بساطة سيقلب خطة الأصلان عليه و يسبقه هو بخطوة .
و لما نظر الحج حامد إلى شقيقته وجدها شاردة هى الأخرى بأفكارها ثم ألتقت عيناهم دلالة على نفس الأفكار التى تدور فى عقل كلا منهم .... و قد هالهما جمود زهرة وشحوبها .... حاول الحج حامد تركها و الذهاب لاستدعاء الطبيب إلا أنها أمسكت يديه فى رقة لا
تليق إلا بها
- زهرة ببكاء :
رايح فين يا بابا ؟! .... أنا كويسة .
- السيدة صفية بحزن :
كويسة إزاى يا بنتى ؟! دا أنتى
وشك أصفر خالص .... خلينا ننده
حد يشوف مالك لتتعبى تانى .
- زهرة بصوت شابه الحزن :
بالعكس أنا كويسة خالص ....
خلاص يا ماما إللى حصل حصل
.... و أنا مش زعلانة .
" و لكن كذبتها دموعها التى أثرت على
رؤيتها "
- الحج حامد و قلبه يتمزق على حالة إبنته :
متبكيش يا غالية .... و الله لبكيهم
بدل الدموع دم عللى عملوه فيكى .
- زهرة بدموع و قلب فطر من غدر أصلانه :
لأ .... بالعكس كده أحسن يا بابا .
- الأب بحيرة و استنكار :
بعد كل اللى عملوه ده بتجولى
لا .
- زهرة :
أيوه .... أنتوا إيه مشكلتكم معاه
" تقصد الأصلان لكنها لا تريد
نطق اسمه "
هو ملوش ذنب .... هو وافق بالجواز
عشان أخته بس .... أنا اللى حبيه
أنا اللى بادرت بكل شىء و هو
ماعملش حاجة .... كتر خيره الراجل
ماهانيش و عاملنى كويس جدا ...
لكن ده واحد أخته ماتت قصاد عينه
بأبشع طريقة .... استحالة ينسى إن
أنا من العيلة اللى أتسببت فى ده
" ثم أكملت مقاطعة أبيها حينما
هم فى معارضتها بالنسبة لمسألة
قتل بثينة "
بالنسبة ليه هو .... هو مش مقتنع
إن حتى الآن محدش عارف
الرصاصة جت منين ساعة الخناقة
.... بس فى الآخر هفضل أدامه
بنت الناس اللى قتلوا أخته و
حرقوها .... عشان كده بقولكوا إنى
عذراه و مش زعلانة منه .... أنا
أرتحت إن هو قدر يحس أنه انتقم
و لو من خلالى .... أنتوا ما تعرفوش
هو كان بيتعذب إزاى كل ما ينام
.... و لا لما إيده تيجى على جرحه
و يلمسه أو حد يبصله بطريقة
وحشة لما صدره ينكشف .... أنا
بس اللى أعرف .... مع أنه جرحنى
ب اللى عمله لكنى مسمحاه ....
ربنا يريح قلبه و يبرده .... هو
ماحبنيش و أنا مش هأضغط عليه
أكتر من كده .
- الحج حامد بدموع على حال ابنته و صوت هادىء كله شجن :
ياه يا غالية .... أد كده بتحبيه
يا بتى؟!
صمتت زهرة و لم ترد و كانت إجابتها هى أبلغ رد .... و بعد فترة من الصمت
أبلغتهم الزهرة الرقيقة بقرارها الذى استمع له والدها و وافقها عليه بعد أن سبق و أخذ على نفسه وعدا فى غيبوبتها أن يحميها بحياته دون الحاجة لأحد و هو ما سيفعله .
تكملة الرواية من هنا 👇👇