القائمة الرئيسية

الصفحات

زهرة اصلان الفصل السادس والثلاثون حتي الفصل الأربعون كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 زهرة اصلان

الفصل السادس والثلاثون حتي الفصل الأربعون


فى غرفة زهرة بالمستشفى :


ترك الحج حامد ابنته الغالية راقدة على فراشها شاردة بعالم آخر لا تشعر بشىء و لا حتى بدموعها التى لم تتوقف منذ استفاقتها .... موصيا أخته عليها .... و مشددا على عدم فتح باب غرفتها لأى كان إلا عندما يأتى هو مرة أخرى .... و ما إن خرج من غرفتها حتى استقبله عدد لا بأس به من العيون المترقبة لأى جديد .... و آخرتان متلهفتان لا تعودان إلا لشقيقى زهرة اللذان لم يبارحا مكانهما من أمام غرفة أختهما الصغرى منذ فقدها لوعيها

.... و كم أفتخر الحج حامد بهذا الحب الذى ذرعه بين أبناءه الذكور و ابنته الصغرى زهرة العائلة .... هذا الحب الذى لم تستطع زوجته الحالية أم صابر

محوه .... و كم عز عليه عدم إبلاغ أخويها بإستفاقتها و أشفق عليهم ....

إلا أنه قوى من قلبه فمصلحة أبنته الصغرى حاليا أهم من أى شىء آخر .


كذلك انتفض صابر و طه عندما أبصرا والدهما خارجا من غرفة أختهما الصغرى بعد الفجر على غير عادته .... و لما وجدوه شاردا يتطلع إليهم

- سأله صابر بلهفة أخ كبير و أب لتلك القطة الصغيرة التى أدخلها أبيهم لعالمهم :

خير يا حج ؟! .... عاوز حاجة

أجيبهالك ؟ .... و لا أروح معاك .


- أجاب الحج حامد بإقتصاب :

لاه خليك مطرحك .... أنا رايح

أشيع للدكتور ييجى يشجر على

أختك .... و يشيل الحجنة اللى فى

يدها ألا المحلول اللى متعلج فيها

خلص .... و يشوفها لحسن عمتك

حاسة أنها ضعفت شوية .

" و كان هذا أطول حوار يوجهه

الحج حامد لأبنيه منذ مشاجرته

مع عابد "

- طه الذى أحس بلين أبيه تجاههم

.. قال بفرح :

طاب خليك أنت يا حج و أنا

هشيعله طوالى .

- الحج حامد بإقتضاب ... فها هو يتحقق ما كان يخشاه من علم أبنيه باستيقاظ أختهم :

لأ .... أنا هروح بنفسى .... و بالمرة

أسأله على شوية حاجات خاصة

بحالتها .

- رد صابر بلهفة مقاطعا :

حاجات إيه دى يا حج ؟!

" تململ الحج حامد فى وقفته

و نقل ثقله من قدم إلى أخرى

... غير راغب بإثارة الشكوك "

- رد الحج حامد بعد وقت طويل نسبيا

و عينيه شاردة لبعيد لا يرغب سوى

بإبعاد أبنته عن هذا العذاب :

أصل .... اااااا .... كلفت حد تبعى

يدور على دكتور متخصص لحالة

زهرة .... و الحمد لله فى واحد

لجيناه .... و كنت هسأل الدكتور

لو ينفع ........

" و قطع كلامه بنفسه غير راغب

بأى توضيح لأنه لم يستطع

إكمال كذبته الصغيرة "

و لكن إزداد الأمر سوءا بعد أن وجد الكثير من أزواج العيون تنظر له بحيرة

.... حيرة تلتها الكثير من الأسئلة للتوضيح .


- صابر بلهفة :

فين الدكتور ده يا حج ؟

- طه مقاطعه :

مين اللى أنت سألته أصلا يا

حج ؟


- الحج صابر المنصورى :

استهدوا بالله يا جماعة عشان

نفهم بس .... أيوه الدكتور ده

هيعملها إيه و هيا مش دارية

بحاجة ؟

- قاطع الحج صابر أحد أبنائه :

يعنى أنت جصدك يا عمى

هيفوجها ؟

- قاطع الحديث ابن آخر للحج صابر :

و لا يكشف من الأول عليها

يمكن يكون عندها حاجة و هما هنا

مش عارفين ؟

- و العديد .... و العديد .... و العديد من الأسئلة التى إنهالت عليه .


أغمض الحج حامد عينيه متنهدا فالإفلات من براثن عائلته المحتشدة أمام غرفة ابنته ليس سهلا .... لذا من أجل السرعة حتى لا ينتشر خبر استيقاظ إبنته .

- الحج حامد بهدوء و حزم :

إهدوا يا جماعة أنا لسه هسأله

و لما أعرف حاجة هبلغكوا ....

هملونى بجا عشان ألحج الدكتور .


" و لكنه توقف فجأة محذرا "

محدش يدخل على عمتكوا و

أختكوا .

ثم تركهم متجها فعلا لمكتب الدكتور المسئول عن حالة زهرة د / ناجى ....

و الذى لحسن حظ صغيرته مناوب فى

المستشفى لهذه الليلة .... و قد أخبره

د/ ناجى بذلك أثناء مروره على حالاته صباحا و التى منهم زهرة بالطبع .

بينما يغرق الكوخ الذى يمكث فيه الأصلان فى الظلام التام فلم تشرق الشمس بعد إلا أن ضوء القمر الساطع كان يعطى بصيص من الإضاءة لا بأس به .... و فى الحقيقة لم يكن هناك الكثير لرؤيته سوى جسد الأصلان الراقد على الفراش الصغير الموجود بالكوخ .... و قد هرب هو الآخر وقتيا من واقعه من خلال النوم دون إرادته بعد أن أنهك جسده بالأعمال المختلفة فيسقط هذا الجسد الفانى صريعا للنوم فى الساعات الأولى من الصباح .... ظنا من صاحبه أن إنهاك نفسه بالعمل بعد أن يمكث أمام المشفى الذى تمكث فيه قطته نهارا سوف يمنحه الراحة ليلا و يقضى على تفكيره بقطته التى أضاعها من يده .... إلا أن ذلك لم يتحقق على عكس ظنونه .... بل بمجرد أن يغلق عينيه حتى تعاد عليه شجون النهار كاملة .... بالإضافة لصورة قطته و هى نائمة.... أحاديثها له .... ضحكها على شىء ما كان يقوله أسامة أو بوسى .... أو إصرارها على إطعامه بيدها .... ثم الأسوء على الأطلاق لقاءاتهم معا ....

تنهداته و تنهداتها .... آنينها بأسمه ....

قبلاتهم الساخنة .... دموع إثارتها ....

تهدج أنفاسه ..... أصوات نشوته و رضاها .... الشعور بقطته بشكل حميمى للغاية .... لمسها لجسده بشكل يفقده نفسه .... و أخيرا خلاصها و خلاصه بعد أن يكون غمر نفسه فى لذتها و فقد جزء من جليده و وحشيته بها .... فتكون كل مرة بينهما كأول مرة و كم كثرت المرات التى يفقد بها نفسه فيها و يعود هو بعمره و هيبته كالطفل الصغير .... و هذه المرة ليست مختلفة بعد أن انتقل من مرحلة الوعى إلى مرحلة اللاوعى .... فها هو جالس أمام فراشها بالمشفى وحدهما يتأمل قطته الغائبة عن وعيها .... حتى أشفقت عليه أخيرا و فتحت هى الأخرى عينيها


- زهرة .... أنتى صحيتى ؟!!

- حاوطت حبيبته وجهه بكفيها ....

حبيبى وحشتنى أوى .... أصلان ....

أصلااان .... سبتنى ليه حبيبى ؟!

- بكى الأصلان فى اللاوعى من ذنبه

.... مش بأيدى .... مش بأيدى و الله .


- زهرة بحنية .... أصلان وحشتنى

أوى .


- أصلان ببكاء .... و أنتى و الله العظيم

.... سامحينى يا زهرة .... سامحينى .


- أصلان خدنى معاك .


- تعالى يا زهرة .... تعالى و ارحمينى

.... قربت أموت من بعدك عنى .


- زهرة بحنية .... تعالى أصلان ....

متسيبنيش .


- أصلان هدأ قليلا من بكائه .... و وجد

أن صورتها بدأت فى الإختفاء ....

فاستبدل دموعه بصراخ شديد

باسم قطته يريد منها العودة ....

زهرة ..... زهررررة .... زهرة ....


و مازال يصرخ حتى استيقظ من نومه

و عاد لوعيه و قد أيقن من أرهاق أحباله الصوتية و بحة صوته أن صراخه لم يشمل حلمه فقط .

بعد فترة زمنية قربت من الساعة عاد الحج حامد إلى غرفة إبنته زهرة برفقة طبيبها د/ ناجى المضطرب إلى حد ما

.... رافضا أى من العروض التى قدمها أبنيه للدخول مع الطبيب إلى غرفة زهرة و اكتفى بتجاهلهم فقط من أجل هدف معين .


و عندما دخل الطبيب غرفة زهرة وجد فى استقباله السيدة صفية المنصورى و

ملاكا استيقظ أخيرا ممدد على الفراش

و كلتاهما فى حالة بكاء .... من يرى الأم و ابنتها يظن أنهما حزينتان لسبب ما إلا أنه فى الحقيقة إحداهما تبكى على الأخرى .... هذا البكاء الذى لم يمنع الطبيب من ذكر الله و هو يفحص مريضته الصغيرة كذلك لم يمنعه من ملاحظة إمتلاكها لزرقاوين كبيرتين ساحرتين .... و قد طمأن الطبيب الأب و شقيقته على حالة إبنتهما بأنها فى حالة جيدة جسديا إلى حد ما ستتحسن مع الراحة التامة و التغذية السليمة لتعويض جسدها الذى أصابه الضعف .... نتيجة الامتناع عن الطعام و الاعتماد على المحاليل فى تغذيتها

.....كذلك حملها كان له دورا فى القضاء على الجزء المتبقى من صحتها .... بعد أن أوضح لهم الطبيب أن الأجنة الموجودة فى بطنها و التى بالمناسبة يبلغ عددها ثلاثة و ليس إثنان كانت حرفيا تتغذى على صحة الأم فى مقابل نقص الطعام .... كذلك لا بد من تقليل الحركة من أجل أطرافها الخاملة نوعا ما من أثر الغيبوبة و ثقل الحمل بالنسبة لوزن الأم الضعيف حتى تستعيد صحتها .

ألجمت الصدمة الحج حامد و شقيقته

.... ابنتهم الصغيرة ستنجب لهم ثلاثة أطفال صغار .... لذا أمتزجت عند الأبوين مشاعر الخوف على طفلتهم الصغيرة التى تخطت من عدة أشهر الثمانية عشر عاما بمشاعر الفرحة لهذا الكم من النسخ الصغيرة التى ستشبه إبنته الصغرى عزيزة قلبه .... و تعبيرا عن ذلك أختلط عندهم الضحك بالبكاء

.... أما بالنسبة للقطة الصغيرة كانت مشاعر الفرحة فقط فهى تحمل ثلاثة نسخ صغيرة تدعو الله أن تكون شبيهة بأصلانها حتى تطفىء قليلا من شوقها له .... و لم تعبر عن صدمتها و فرحتها بالأمر سوى بكلمة واحدة

" أصلان "

و لكنها ظلت حبيسة قلبها و عبرت عنها ببكائها .... فكانت قطته الصغيرة تناديه بقلبها مرارا حتى يأتى ...و لم

تعلم أن نداء قلبها وصل للأصلان و أوقظه من نومه .... و لم يخرج زهرة من شرودها إلا سؤال والدها للطبيب

- الحج حامد بجدية :

طاب و العمل يا دكتور ؟!

- د/ ناجى بجدية :

عشان نطلعها من هنا من غير ما

نتعبها أو صحتها تتأثر لازم

تتحرك على كرسى لحد العربية

اللى هتاخدها .... المدام لسه

عضلاتها مسترخية أى مجهود

دلوقتى غلط عليها .... و أنتوا

معاها فى البيت تحاولوا تخلوها

تتحرك شوية شوية .

- تبادل الحج حامد النظرات مع الطبيب :

مش محتاج أشدد عليك يا

دكتور أن محدش ياخد خبر

بشفا الغالية .... الموضوع مش

ناجص تعجيد .... أنا استئمنتك

على السر ده .... محدش ياخد

خبر بالحكاية دى .


- د/ ناجى الذى أشفق على تلك الصغيرة التى زرعت خطأ فى أرض خصبة للثأر :

اطمن يا حج حامد أنا وعدتك

أنى مش هعرف حد أن المدام

صحيت .... بس إسمحلى بس

أخلى ممرضة معاكوا هنا عشان

الحاجة " قاصدا صفية

المنصورى" بردوا مش هتعرف

تتصرف لوحدها .

- الحج حامد بعصبية :

و لا أى حد أنت هتطلع من هنا

كأن مفيش حاجة حصلت و

خلاص .... تانى يوم هتسمع أنها

مش موجودة .... و أنت طبعا

برة الموضوع .

- د/ناجى :

حاضر .... تمام يا حج ... اللى

تشوفه .

- الحج حامد بشدة :

صفية .... ساعدى الغالية تغير

هدومها .


- صفية المنصورى بقلق :

حاضر يا حامد .

خرج الطبيب من غرفة زهرة يليه الحج حامد راسما على وجهه تعبيرات صارمة

بغرض إحباط عائلته الموجودة أمام الغرفة عن وجود أى أمل لإستفاقة زهرة من غيبوبتها .... و هو ما نجح فيه بجدارة من تعبيرات وجوههم .


- الحج صابر :

إيه ؟! .... الدكتور جال إيه يا

حامد ؟!

- الحج حامد بوجه جامد :

أدعولها .... هى بين إيدين ربنا .


- صابر حامد :

يعنى إيه يا حج ؟! .... مفيش أمل

إنها تفوج دلوقتى ؟!

- الحج حامد :

لأ .

- طه حامد :

طاب ما نشوف رأى الدكتور اللى

أنت جولت عليه ده .... يمكن

يجدر يعمل حاجة ؟!

- الحج حامد بجمود :

الدكتور هييجى لسه الأسبوع اللى

جاى .... و عشان كده أنا بجول

ملوش عازة جعدتكم هنا ....

الموضوع لسه مطول .... حتى

روحوا و استريحوا إنهاردة و بكرة

واحد ولا إتنين بس هما اللى ييجوا

.... كل واحد يشوف مصالحوا ....

مش معجول الكل هيجعد هنا و

و حالنا متعطل .... و حريمنا بس

فى بيوتنا لحالهم .

" و بعد أن وجد الجميع ينظر له

بتعحب غير مستجيبين لأمره "

- الحج حامد بصرامة :

يلا يا صابر الله يرضا عليك .... خد

ولادك و أتوكل أنت .... يلا يا طه

أنت وصابر كمان .... استريحوا

شوية و أبجوا تعالوا العصر .... يلا

يا بنى .

- الحج صابر :

طاب مش هنخلى حد يجعد أدام

الباب و لا حاجة .... لحد من عيلة

جدرى ييجى ؟

- الحج حامد مستلهما أكبر قدر من الصبر للرد على أخيه على الرغم من صحة كلامه و لكنه يريد الخروج بابنته

دون علم أحد :

لأ .... ولاد جدرى محوطين

نفسيهم برجالة تسد عين الشمس

.... و أكيد محدش منهم يجدر

يهوب نواحينا .... و لو لا جدر

الله حد منيهم جه أنا هشيعلكم

طوالى .


- و على الرغم أن قلب الحج صابر لم يطاوعه لترك أخيه و أخته بمفردهما إلا أنه وافق حتى يتخلص من الجمع المحتشد خارج الغرفة معه لسبب ما لا يعلمه و لكنه متأكد أنه يوافق هوا أخيه

لذا قال بطاعة :

اللى تشوفه يا حامد .... هم يا

ولد منك ليه .

- الحج حامد بصرامة :

خد معاك طه يا صابر .

- نظر طه مصدوما لأبيه :

يا حج أنا مش همشى من هنا و

و أهمل أختى لحالها .

- الحج حامد بحدة :

أنا معاها و لا مش مالى عينك .


- طه بسرعة :

لأ يا حج العفو .

- الحج حامد :

يبجى أتوكل يا بنى .

- طه :

طاب وصابر .

- الحج حامد :

خليه معانا و لما تعاود هو يروح .


تنفس صابر الصعداء بعد أن وافق أبيه على تركه مع أخته لعله يلين قلبه قليلا و يوافق على رؤيته لزهرة .... و بعد أن غادر الجميع المشفى .... جلس الحج حامد على أحد المقاعد الفارغة أمام أبنه .... و قال بإقتضاب بعد مضى القليل من الوقت

- الحج حامد بغموض :

صابر ..... أنزل شوف فى لسه حد

تحت و لا لأ .

- صابر الذى ما زال لم يفهم أمر أبيه :

خير يا حج أنا عاوز حاجة ؟!

- الحج حامد :

أنزل أتأكد و بس أن مفيش حد

نعرفه تحت و جدام المستشفى .


أطاع صابر أمر أبيه بعد أن شعر بوجود خطب ما و بعد أن عاد مطمئنا له من عدم وجود أى من أفراد العائلتين فى

محيط المستشفى .... أمره أبيه بالدخول معه لغرفة أخته .... و سرعان ما أنهار صابر أرضا بجانب فراش أخته ما إن رآها مستيقظة .... و على الرغم من كبر سنه إلا أنه إنهال عليها بالعديد و العديد من القبلات فرحا بسلامة أخته .... تركه الحج حامد قليلا حتى يستوعب شفاء أخته .... ثم أمره بصرامة بحملها بعد أن لاحظ صابر إستعدادهم جميعا للرحيل .... أطاع أمر أبيه و حمل أخته الى السيارة التى أشار له الحج حامد عليها .... و انطلقوا جميعا إلى وجهتهم المجهولة .... و فى

الطريق إليها أفضى الحج حامد لأبنه الأكبر ما حدث لأخته و ترتيبه القادم لها و الذى وافقه صابر عليه بشدة بعد أن توعد للأصلان و عائلته .... و لكن الحج حامد فضل تأجيل الحديث عن التعامل مع عائلة الأصلان لرحلة عودته هو و صابر حتى يكونوا بمفردهم .

اليوم التالى للأحداث :


جاء أحد رجال الحج قدرى صباحا يرجو مقابلته على وجه السرعة .... و قد أخبره الرجل بإتصال الممرضة به توصل له خبر إختفاء إبنة حامد المنصورى من المشفى .... و هو ما لا توقعه الحج قدرى .... و إتجهت الأنظار ناحية السيدة نعمة التى صرخت :

يا مرى .... يا مرى .... خدوا

مرتك يا الأصلان .... خدوا

ولادك .... خدوا مرتك يا

الأصلان .

ظلت السيدة نعمة تندب بهذه الكلمات ما إن سمعت الخبر .... و قد كانت فى طريقها لغرفة المكتب حتى تقدم القهوة لضيف الحج قدرى .... و على أثر صراخها ألتف أفراد المنزل حولها بعد أن أمر الحج قدرى رجله بالمغادرة ....


- أسامة الذى جاء من الخارج راكضا :

إيه يمة .... فى إيه ؟!

- محمد الذى نزل من غرفته مسرعا هو الآخر :

خير يا خالتى .... إيه اللى

حصل ؟

- السيدة نعمة التى جلست أرضا بنحيب :

خدوا مرات الأصلان .... خدوا

ولاده .... خدوا مرات الأصلان .


ظلت تردد هذة الكلمات فقط و الحج قدرى جالسا على وراء مكتبه فى وجوم .... و قد وصلت بوسى و سوما

و أسماء و إسراء ملتفين حول السيدة نعمة .... التى ما إن هدأت حتى أوضحت لهم إختفاء زوجة أخيهم من المستشفى .


نزل الخبر صاعقا على أسامة و محمد

.... بينما لم يفهم الأغلب شىء ....

- أسامة :

لازم يا جدى نبلغ أصلان باللى

حصل .

- محمد :

أيوه عشان نلحق نتصرف .

- الحج قدرى بإقتضاب :

لأ .... هملونى الأول أروحلهم لحالى

أفهم .... و بعدين نشوف هنعمل

إيه ؟

- السيدة نعمة و لم تدرك حتى ساعتها ما يدور فى الأجواء :

خلينى يا عمى أروح معاكوا ....

أتكلم معاها يمكن ترضى تيجى

معايا .

- كما تدخلت سوما هى الأخرى :

أيوه و أنا كمان أروح معاها ....

و نخلى بوسى تيجى دى زهرة

بتحبها أوى .

-الحج قدرى و لم يتحرك من مكانه :

أنت لسة مفهمتيش يا نعمة ....

زهرة مش عند أبوها .


- السيدة نعمة باستغراب :

أمال فين ؟!

- الحج قدرى بشرود :

خفوها عننا .... عشان محدش

يوصلها .

- أسامة :

طاب و أصلان ؟

- الجد بشرود :

مش ده السؤال يا أسامة ....

السؤال الصح خفوها عننا ليه ؟ ...

إشمعنا دلوجتى .... فهمت يا بنى .

- أسامة :

أكيد طبعا عشان يخدوا تارهم مننا

.... عشان كده بعدوا زهرة .


- محمد :

مين عارف زمانهم دلوقتى

بيفكروا يهجموا علينا طالما

خبوا مرات أخونا .

- أسماء :

يا لهوى ..... طاب و العمل ؟! ....

يعنى إحنا حد ممكن يترصد لنا

.... متخرجش بره يا محمد لحد ما

نحل المشكلة دى .


- الجد بشرود :

لأ .... مش ده قصدهم .... أنتوا

برده لسه مفهمتوش .... إشمعنا

الوقت ده بالذات ؟!!!

- ردت بوسى بعد صمت أمتد من يوم الحادث بغموض :

عشان زهرة صحيت من الغيبوبة .


- الحج قدرى متغاضيا عن شهقات الآخرين و بتواصل بصرى فقط مع بوسى :

جدعة يا بوسى .... فهمتى اللى

أنا بحاول أفهمهلهم من الصبح .

" ثم أكمل ببسمة إنتصار "

زهرة صحيت من الغيبوبة و أكيد

طبعا حكت لأبوها على اللى سمعته

عشان كده أتحركوا و بعدوها عننا .


- أسامة بحيرة :

طاب ده على كده حلو و لا

وحش ؟!

- الحج قدرى :

الاتنين يا بنى .... حلو إنها فاجت

من غيبوبتها و أكيد حفيدتى برأت

الأصلان من إن هو اللى رماها من

السلم .... و وحش إنهم أكيد

عرفوا حكاية جواز الأصلان على

بنتهم .... و إنه مكنش نيته جد

فى الصلح اللى عملناه و إنه كان

بيخطط لفض الصلح .... و ده

معناه جلسة عرفية جديدة

هنتغلط فيها و يطبق علينا جزا

إن إحنا اللى بدينا بالخراب ....

و كمان كده إدينا عيلة المنصورى

الإذن إنها تاخد حقها منا لأن إحنا

بردوا اللى سبجنا بالشر على

بنتهم .... فهمت و لا لسه ؟!

صمت أهل المنزل جميعا بعد كلام الجد

فهم كما يقولون يخرجون من حفرة ليجدوا أنفسهم ساقطون بآخرى ....

و للحظ السىء الغير متوقع دخل عليهم الأصلان لأول مرة بعد الحادث

من أجل جلب أوراق تخص مصنعه إلا أن وجوه عائلته المكتئبة أستوقفته ....

و على الرغم من إمتناعه عن الحديث أو بالأحرى قلة كلامه إلا أنه سأل الجد عن سبب تجمعهم بهذا الشكل .... الأمر الذى لم يطل حتى إنفجرت والدته بالبكاء و قد قضت عليه ما حدث .....

إلا أنه و لتعجب الجميع لم يقم الأصلان بأى رد فعل على الرغم من ألمه المرتسم على وجهه و انطلق إلى مكتبه يجلب أوراقه .... الأمر الذى تعجب له الجميع و جعل الحج قدرى يذهب لغرفة المكتب للتحدث مع حفيده .

دخل الجد مكتب الأصلان الذى كان يصب إهتمامه على جمع أوراق عمله

الموضوعة على المكتب و التى لم يجد منها شىء نظرا لدموعه المحبوسة بعينيه .... و التى تمنعها هيبته من نزولها .... تقدم الجد تجاه حفيده و ناوله الملف الذى كان أمامه طوال وقت بحثه .... و قد هاله دموع حفيده التى يراها حبيسة عينيه .... تنهد الأصلان يحاول إبعاد الغصة المتجمعة فى حلقه و أخذ الملف من جده و شرع بالخروج و لكن أوقفته جملة جده :

مش هتقول حاجة على اللى

سمعته بره ؟!

- رد أصلان بقوة مزيفة بعد أن حاول جمع شتات نفسه أمام جده :

لأ .... كده أحسن ليها .3

- الحج قدرى بكدر :

هانت عليك زهرة يالأصلان

تسيبها تبعد ؟!


- أغمض أصلان عينيه فى تعبير دال على حسرته :

أيوه ....أنا غلطت فى حقها و دا

جزاتى .... أنا حاسبت نفسى على

غلطتى معاها .... و صدقنى يا

جدى مفيش عقاب ليا أكتر من

أنى أحرم نفسى منها .

و لم ينتظر لسماع رد جده و خرج من البيت بأكمله متجها لكوخه .


بعد مغادرة الأصلان دلفت بوسى إلى المكتب لجدها

- ابتسم الجد قليلا ما إن رآها قائلا لها بعتاب رقيق لائقا بحالتها النفسية السيئة التى لازمتها منذ الحادث :

إيه يا بوسى لساتك زعلانة من

أخوكى الأصلان ؟!

- إمتلأت عينى بوسى بالدموع ثم حركت رأسها للجهتين دلالة على النفى

تزامنا مع نطقها :

لأ .

" تبادلت هى و جدها بسمة خافتة "

إحنا هنسيبهم كده يا جدى ؟

- ابتسم الجد بخبث لحفيدته :

أنت إيه رأيك ؟!

- ردت له بوسى البسمة باتساع :

أكيد لأ .... دول بيحبوا بعض

أوى يا جدى ....

" و عادت لعبوسها "

أنت متعرفش كان منظرها إزاى

لما عرفت إنه متجوز واحدة

تانية .... نفسها راح و رجليها

ما شالتهاش .... و وقعت من على

السلم و مقدرتش ألحقها .....

" صمتت لوهلة ثم أكملت "

أنا .... أنا زعلت أوى من أصلان لما

عمل كده مع زهرة .


- قاطعها جدها بتعجب :

أنت يا بوسى تزعلى من أخوكى

الأصلان عشان خاطر زهرة ؟!

- بوسى بحب :

أنت عارف يا جدى أنا بحب أصلان

أد إيه .... بس .... غصب عنى زعلت

منه لما لقيته بيأذى نفسه بيها ....

أنا مش عارفة دماغه كانت فين

و هو ناوى ينتقم بيها و فى نفس

الوقت روحه فيها .... و زعلت عليها

لما شفتها بتحبه أوى أكتر من روحها

.... أنا عارفة زهرة زمانها مموتة

نفسها من العياط عشان الأصلان

بعيد عنها .... و هو كمان أديه سايب

البيت من ساعة لما راحت

المستشفى و مش راضى يبات فى

جناحهم من بعد ما مشيت ....

حتى وزنه قل .... و وشه كبر ....

و دقنه طولت .... و تحسه فى دنيا

تانية و تايه و هى مكملتش

أسبوعين غايبة .... عاوز تفهمنى إنه

هيقدر يبعد عنها على طول و لا

هى كمان تقدر تعيش من

غيره ....................................


" قاطع الجد كلام حفيدته الفطنة "

- الحج قدرى :

جدعة يا بوسى .... أهو ده اللى

بفكر فيه .

- بوسى بحيرة :

إيه ده يا جدى ؟ .... قصدك إيه ؟


- الحج قدرى بمكر لجمع العاشقين :

فتحى مخك و ركزى عشان هعتمد

عليكى الفترة اللى جاية و

خصوصى لما تيجى زهرة .

- بوسى ببلاهة :

إيه ده هى زهرة هترجع تانى ؟!


- الحج قدرى بمكر :

أكيد .... و لا أنتى فكرانى مش

شايف حالة الأصلان اللى بقى

شارد من بعدها و لا حالتها هى

اللى راحت فى دنيا تانية لما عرفت

أنه متجوز غيرها .... أنا أرهنك

بسنين عمرى إنها مزعلتش من

إنه كان عاوز ينتقم منها على أد

ما زعلت إنه متجوز عليها .... اللى

يحصل فيهم كده لما يبعدوا عن

بعض مينفعش أصلا نبعدهم عن

بعض .... عشان كده تسمعينى و

تنفذى لما أقولك .

- بوسى التى رفعت يدها كجندى :

أوامرك ياجدى .


مرت الأيام على رحيل زهرة و عمتها من المستشفى إلى شاليه ملك أبيها على إحدى شواطئ مرسى مطروح .... لا يعلم أحد عنه .... فقد كان المكان المفضل لوالدتها الراحلة .... و لكن أبيها الحج حامد لم يطاوعه قلبه فى التخلص منه ..... و تركه مغلقا منذ وفاتها يمر عليه من وقت إلى آخر يستعيد فيه أنفاسه و يتواصل مع نصفه الآخر الذى سبقه بالرحيل .... كانت زهرة تقضى معظم وقتها جالسة فى شرفة الشاليه المطلة على البحر شاردة .... لم تعد تعى كثيرا لما حولها

حتى عمتها التى جاءت معها .... و كانت السيدة صفية تصر أول مجيئهم على التحدث مع زهرة فى أى موضوع حتى تخرجها من الحالة التى بها .... و لكن أيقنت بعد وقت أن زهرة لا تحتاج إليها للتعافى من جرح قلبها .... و قررت تركها بمفردها تلعق جروحها بنفسها حتى تقرر أخيرا الخروج من قوقعتها و لكن تحت عينيها .

قضت زهرة أيام كثيرة فى البكاء و تحديدا منذ وصولها إلى الشاليه ....

حيث تركت عمتها و أخوها صابر و والدها و إنفجرت ببكاء مرير بعد أن إنفردت بنفسها فى غرفتها .... بعد أن كانت تكبح نفسها أمامهم منذ إستيقاظها من غيبوبتها .... لم تتخيل فى أسوء كوابيسها أن يتمكن الأصلان من الزواج عليها .... و دخلت فى دوامة من الأفكار .... تبدأ ب

متى تعرف إلى غيرها ؟

أكان يشعر بالسأم منها ؟

ألم تكن ترضيه كأمرأة له ؟


ألم يكن يحبها من الأساس ؟

أكانت كل لحظاتهم معا عبارة عن إدعاء

من أجل الإيقاع بها ؟

و غيرها .... و غيرها .... من الكثير من الأفكار تخرج من إحداها تدخل فى الأخرى .... و لكن بعد فترة تحول البكاء المرير إلى صمت مطبق .... و قد ترسخ فى ذهنها فكرة أن الأصلان لم يكن يحبها بل فعل ذلك معها من أجل جعل ثأره من عائلتها أكثر حلاوة و أشد ألما .... و إن الموضوع ليس هى بشخصها بل سيكون بنفس النمط لو كانت أى واحدة آخرى محلها ... نفس طريقة الحب .... نفس طريقة الغرام

.... نفس طريقة الانتقام .... لذا لم تحمله أى ذنب لأذيتها فلم تكن المقصودة بنفسها على أية حال .... كما أن أطفالها كانوا عقبة ضد تنفيذ إنتقامه .... و لو كان بينهم أى تواصل سيكون من أجل أطفال لم يكونوا فى حسبانه .... و مع أنها رسخت تلك الفكرة بعقلها و قلبها إلا أنها تؤلمها بشدة .... ففى النهاية لم ينتقم الأصلان من عائلتها بل انتقم منها .... و لم يكسر

قلب أى أحد إلا قلبها هى بعد أن أحبته

كما لم تحب من قبل .... و لم تكن زهرة تعلم أنها أخطأت فى حسباتها فالأصلان لم ينتقم من أحد إلا من نفسه حينما أبعدها عنه و هو يتنفسها

.... كما حطم قلبه مع قلبها .

و استمرت الأيام أليمة ثقيلة على العاشقين .... تألمت فيها قلبيا و روحيا و جسديا .... حتى ظهر على كليهما المرض و الأرهاق ببعد كليهما عن الآخر

.... و إن كانت تلك الأيام التى مرت على الأصلان و زهرته منذ إفترقا أثبتت شيئا فهو إرتباط كل منهما بالآخر

.... بالنسبة لزهرة التى لم تعد زهرة على الرغم من إزدياد جمالها بعد الحمل كذلك إزدياد وزنها فقد بدأت فى شهرها السادس .... بعد أن زبلت عينيها

و قل كلامها و إعتزلت عن الآخرين ....

و هو ما آثار قلق الحج حامد و عمتها السيدة صفية .... فإبنتهما تقضى على نفسها ببطىء .... و حالتها زادت سوءا و لم تتحسن كما تمنى .... خاصة بعد رؤيتهم لأنهيارها ليلا و سماعهم لصراخها تنادى أصلانها دون وعى أثناء نومها .... و لولا توصية زهرة مرارا على عدم المساس بزوجها أو أحد من عائلته

لكان انتقم لإبنته منهم .... كما شعر بأنها كبلته أيضا عندما أوضحت له مسامحتها لعابد من صميم قلبها و محادثته طالبة منه أن يجمع شمله مع زوجته التى ليس لها ذنب بما حدث لزهرة .


كذلك أصلانها الذى أعتزل منزله و جناحه و قل كلامه و ظهر حزنه جليا للآخريين .... و الغريب فى الأمر عدم تحركه من أجل إعادة زوجته معاقبة لنفسه على خطأه معها فإن كان تخلى عن ثأره بعد أن أحبها أو أجله فكان حريا به أن يتذكر زواجه من أخرى و إنهائه حفاظا على حبهما .... و قد قرر أن يحيى باقى عمره على ذكرياته مع قطته الصغيرة .... التى عاقبته أشد العقاب بتركه خلفها لم يعد يستطع العيش دونها و لا قادرا على مغادرة عالم ليس هى به .


أما عائلة قدرى فقد تفاجأت صبيحة يوم ما بوجود عابد على باب المنزل يستأذن الحج قدرى لمغادرته مع إسراء و العودة للقاهرة من أجل إكمال مسيرة حياتهم .... و بعد حديث مطول بينه و بين الحج قدرى .... كان قد أوضح فيه

عدم معرفته بمكان شقيقته التى حرص أبوه على إخفاء أخبارها عنهم جميعا

.... و أنه لم يتواصل مع شقيقته سوى مرة واحدة حدثته فيها بصوت واهن ولم تجب على أى من تسألاته بل أوصته بنفسه و بإسراء و بالألتفات لحياتهم الزوجية بعيدا عن الخلافات العائلية .... و هو ما فعله و وافق عليه الجد ممتنا لتلك الفتاة التى تحتل مكانة عالية جدا بقلبه و لم تسمح لجرحهم لها أن يعود على إبنتهم بل قامت بحمايتها و عاقبتهم جميعا بمغادرتها دون عودة ....تاركة خلفها أصلان يحتضر .

كما لم يحتاج الأمر لفطنة لكى يدرك الجد عدم رغبة عائلة المنصورى بإيذاء أى من أفراد عائلة قدرى .... لأنهم لو أرادوا ذلك لكانوا فعلوه من بداية استيقاظ زهرة .... كما لم يحتاج الأمر لتأكيد لكى يعلم أن قطة صغيرة هى وراء ذلك .

فى صباح اليوم كان الحج حامد واقفا وسط أرضه الزراعية يتابع سير العمل بها .... و لكنه كثيرا ما يشرد فى حال إبنته الغالية زهرة .... التى تنتقل من سىء إلى أسوء .... و على الرغم من كرهه أن يعترف بذلك و لكنه يعلم أشد العلم أن حال إبنته يسوء يوما عن الآخر بسبب بعدها عن الأصلان .... ذلك الوحش الذى لا يعلم ما فعله ليجذب له ابنته الرقيقة الصغيرة .... فلا هو من عمرها مثلا .... فهما أشبه بأب و ابنته أكثر من زوج و زوجته .... و لا هو شديد الوسامة حتى تعشقه بهذا الشكل

.... فهو أقرب للوجه الشرقى الرجولى

.... كما به ندبة تلتهم جانب وجهه و منتصف جسده و على الرغم من ذلك تكاد إبنته لا تستطيع إلتقاط أنفاسها بعيدا عنه .... كان يظن أنه بإبعادها عنه

سينقذها من مخططه الثأرى و لكنه لم يدرك أنه بفعلته هذه يقتلها ببطىء ....

يدعو الله ليلا و نهارا حتى يلهمه الصواب أو ينقذ تلك الفتاة البريئة مما هى فيه .... و لا يعلم أن الله قد استجاب لدعائه إلا عندما رأى الحج قدرى يقترب منه .... و قد وقف إلى جانبه وسط أرضه الزراعية و كل منهم ينظر إلى جهة مختلفة بعد علمهم أن ما يجمعهما واحد و هو الجمع بين العاشقين الأصلان و زهرته .

- الحج قدرى بجدية :

لساك يا حامد مش عاوز تقول

مخبى الزهرة فين ؟

- الحج حامد بسخرية :

زهرة مين ؟!

- الحج قدرى مسايرا له لمصلحة العاشقين :

زهرة بنتك الغالية .


- الحج حامد بمكر :

و الله اللى أعرفه إن زهرة بنتى

فى بيتك .


- الحج قدرى :

و أنت أخدتها .


- الحج حامد :

أثبت إن أنا خدتها .

- ألتفت الحج قدرى لوالد زهرة يحادثه بجدية بعد أن مل من مراوغته :

ميبجاش مخك صغير يا حامد .


- الحج حامد :

أنا مخى صغر لما جيت عنديك

و لاجيت بنتى غرجانة فى دمها .


- الحج قدرى :

سوء تفاهم يا حامد .... الأصلان لا

يمكن يأذى زهرته .


- الحج حامد بألم و حدة :

جدر يا حج و كسر قلبها و جهرها

... و خان الأمانة و العهد اللى

بينا .

- تنهد الحج قدرى .... و يبدو أن أمامه

طريق طويل لإقناع هذا الرجل صعب المراس :

اسمع يا حامد .... راجل فى سنى

ده مش هيكدب على آخر أيامه

.... أصلان غلط مفيش كلام

و لكن ده كمان جبل ما يجوز

زهرة .... و اللى فات ملناش

صالح بيه .... هو أكنه مش

عايش فى دنيتنا و حاله حال ....

و من غير معرف أكيد هى كمان

عيانة من ساعة لما فاجت ....

البنت اللى أخترتها للأصلان و

حبيتها كنها حفيدتى و أكتر أكيد

مش زينة من بعد الأصلان و هو

كمان أكتر منها .


" و صمت قليلا ثم أكمل "

يبجى العجل بيجول إيه ؟ ....

بيجول نلم اللى إحنا فرطناه ....

فهمت يا ولدى .

- الحج حامد الذى يعلم صحة كلام الحج قدرى و لكن يقف أمامه حزن إبنته و جرحها منهم ... قال بعتاب :

أنت عاوزنى أرجع بنتى تانى ليه ؟!

" و أكمل مقاطعا الحج قدرى الذى

هم بالرد "

زهرة مش عاوزة ترجع ... مع إنها

بتحبه و حزينة و هى بعيد عنه ....

بس برده مش عايزة ترجع .... إبنك

كان عمال يشاور نفسه لما وجيه

ضيج عليه الخناج و طالبه بتنفيذ

وعده إنه يرمى بنتى .... لو كان

بيحبها بجد مكنش فكر حتى .


" و ضرب إصبعه بصدر الحج

قدرى و قال :"


و أنت عارف كده .


- أغلق الحج قدرى عينيه فى حركة دالة على صحة كلام غريمه و قال بصدق :

زهرة بتحب الأصلان لكن مرضتش

ترجع لما الأصلان فكر ياخد تاره

بيها .... و الأصلان كمان بيعشج

بنتك و مرضاش يجيبها من عندك

لما حس إنه غلط فى حجها ....

رضا يحرم نفسه منها و من عياله

جزا ليه على عمله .... و متنساش

يا حامد إن اللى راحت فى التار

مهياش هينة ....

" ثم أقترب من الحج حامد و ضرب

إصبعه بصدره مقلدا حركته ...

و قال : "

و أنت عارف كده .

37 


الفصل السابع والثلاثون


استمرت المناقشة بين الحج قدرى و الحج حامد تحتدم حينا و تلين فى حينا آخر .... فالطرفين أعند من بعضهما .... كلا منهما يصر على رأيه المخالف للآخر .... بين رجوع زهرة و الأصلان و لم شمل عائلتهم الصغيرة و

بين إنفصال الزوجين بالودية حتى لا يتأثر زواج آخر و هو زواج عابد و إسراء .

و لم يترك الحج قدرى نده الحج حامد حتى إنتقلوا فى مناقشتهم من مرحلة إصرار كلا منهم على رأيه إلى إصرار كلا منهم على شروطه بعد أن نجح الحج قدرى أخيرا فى إقناع الحج حامد بضرورة جمع الأصلان بزهرته ..

كذلك الإستعداد لإستقبال حفيديه الجديدين على حسب إعتقاده و الذى لم يصححه له الحج حامد .


رضخ الحج حامد لكلام خصمه على أمل تحسن حالة إبنته بالقرب من أصلانها .... و لم يعلم أن إعتقاده خاطىء للغاية .... فما كسر بين العاشقين ليس سهل الإصلاح بمجرد جمع الأجزاء المنكسرة .... و التى لن تكون الشكل الصحيح ثانية بل يتبقى أجزاء صغيرة للغاية تم إهمالها على الرغم من أهميتها .... و ما يكون تم جمعه عبارة عن مسخ مشوه من الصورة الأصلية .1


و هذا ما لم يدركه الحج حامد الوالد الذى يلهث وراء كل طريقة يمكن أن يستعيد بها إبنته زهرة قبل أن يهلكها الأصلان حتى و لو بالأصلان نفسه ....

و على العكس فقد أدرك ذلك الحج قدرى صاحب النظرة العقلانية و الخبرة الطويلة التى إكتسبها بعدد سنين عمره .... فهو ليس حديث العهد حتى يرجع بزهرة و أحفاده بتلك الطريقة السهلة فتكون لقمة سائغة لأحفاده بعد ذلك .... و حتى يتعلم الأصلان عدم التفريط فيهم ثانية حتى و لو تحت بند جلد الذات الذى يغرق به نفسه بعد إقدامه على أذية قطته .

كذلك علمه اليقينى بأن الأمر كله أولا و أخيرا متعلق بكلمة من زهرة .... فإن أختارت الرفض سيهدم كل ما يسعى له

.. فقد راهن الحج قدرى فى تلك المبادرة التى قام بها على رجاحة عقل زهرة .... تلك الفتاة التى يعلم الله وحده مكانتها بقلبه .... فهو عندما أختارها زوجة لحفيده العنيد ذو الطباع الوحشية لم يكن ينظر لجمالها بقدر ما وجدها الوحيدة التى تليق بالأصلان كإمرأته .... و كزوجة كبير العائلة .... من خلال صفات و طباع مغروسة فيها أظهرتها منذ أول يوم دخلت به منزلهم

.... و شجاعة لفت قلبها الصغير مكنتها من مجابهة الأصلان كند .... و قد أثبتت الصغيرة له صحة إختياره يوم بعد يوم .... و لذلك من أجل حبه لتلك الفتاة الصغيرة قام بهذه المحاولة لجمع شمل عائلة الأصلان الصغيرة .... و إن لم يتحقق لا قدر الله ما يصبوا إليه سيحرص بنفسه على فسخ هذا الإرتباط و حماية زهرة و طفليها .

و من أجل هذا طلب من الحج حامد السماح له بمكالمة هاتفية مع زهرة .... من أجل إبداء رأيها و الذى يود سماعه منها شخصيا .... و قد وافق الحج حامد على ذلك إحتراما للرجل كبير السن .... و غادر الحج قدرى إلى منزله

و فى نيته شرب فنجان من القهوة من يد زوجة إبنه السيدة نعمة ثم الإنفراد بنفسه لعمل تلك المكالمة الهاتفية ....

و التى تحتاج منه بذل جهد مضاعف لإقناع زهرة بوجهة نظره و هى ضرورة جمع شمل أطفال الأصلان بعائلتهم و لو لوقت قصير .... ثم يترك القرار بعدها بيدها .... و فى نيته يرجو مجىء تلك الفتاة لتعلم بنفسها مدى حماقة حبيبها الأصلان فى حبها و تبرئته أمامها حتى و لو كان ذلك آخر ما يقوم به بينهما قبل إنفصالهم .... من أجل إرساء قواعد ثابتة و حياة مستقرة لأطفال حفيده الأكبر الأصلان الذين طال إنتظارهم و ليس لهم ذنبا فى حماقة أب يبدو كالوحش فى عشق أمهم .


و لكن خابت آماله عند دخوله لمنزله ليجد عائلته متجهمة الوجه متجمعة حول شىء ما .... أو بالأصح حول شخص ما .... و الذى كان بالمناسبة إمراءة شابة ثرثارة .... سمراء فى عقدها الثالث .... تمتلك قدرا من الجمال و لكنه أقل مقارنة بالأنوثة التى تظهرها متعمدة أو بالأصح متصنعة ....

و التى لا تصدر عن إمراءة ساذجة بل عن إمرأة ذات خبرة .... فأصبحت تلك السيدة الشابة أشبه بالأفعى أكثر من إمرأة .... و لم يتطابق هذا الوصف فى ذهن الحج قدرى إلا على شخصية واحدة و هى سماح صالح إبنة أخيه

.... و زوجة الأصلان عرفيا .

ألقى الحج قدرى السلام على الجميع بإبتسامة أقل ما يقال عنها أنها تحت

بند " هم يضحك و هم يبكى " .... خاصة بعد أن قامت سماح لأول مرة بتقبيل يد عمها الأكبر .... كنوع من الإحترام و الطاعة الجديدين عليها كليا .... الأمر الذى لم يفت رجل بحنكة الحج قدرى .... و قد جلس مع الجميع

يتبادلون بعض الأحاديث الخفيفة حتى

توجه الحج قدرى بالسؤال لإبنة أخيه

- الحج قدرى :

          إزيك يا سماح يا بنتى .. نورتينا


  " أشرق وجه سماح لظنها بنجاح

  مخططها ككنة لبيت الحج قدرى بعد

  أن تمت إزاحة تلك الفتاة الصغيرة

  زوجة الأصلان من عائلة المنصورى ".


- سماح بتغنج مصطنع :

          الحمد لله يا عمى فى أحسن

          حال .... و البركة فى سى

          الأصلان ربنا يخليه لينا .

" نظر أسامة لبوسى التى قلبت عينيها

   على رد سماح .. و رد عليها الآخر

   بتعبير أنه يتقىء من التقزز .. و

   ضحكت سوما و أسماء .. أما السيدة

   نعمة حركت فمها للجانبين كحركة

   مصرية شهيرة دلالة على أن الأمر لا

   ينال إعجابها " .

- بينما لم تستطع بوسى أن تتحكم

  بلسانها فقالت بسماجة :

          هو أنتى لازم تحطى الأصلان

          آخر كل جملة ..

         " و أكملت بأبتسامة صفراء "

         ناقص بس نقولك بتاكلى إيه

         تقولى الأصلان برده .

" ضحك الجميع ثانية على إفحام

  بوسى لسماح و تحمحمت السيدة        نعمة بعد أن ألقت نظرة قاتلة للبنات  بوسى و سوما و أسماء حتى يصمتوا "


- الحج قدرى بإقتضاب :

         و أخوكى وجيه لساته متجوز

         البت الصغيرة اللى عندكوا ولا

         طلجها و جاب غيرها .

- رد أسامة معلقا بسماجة لا تختلف

  كثيرا عن سماجة بوسى :

         أكيد جاب غيرها يا جدى .. دا

         وجيه بيغير الستات زى ما بيغير

          الجزم .

    * آسفة على التعبير و لكنه تابع

       للحبكة الدرامية *

- ضحكت سماح ضحكة صفراء :

            لأ طلجها ..

       " و قالت بمغزى "

           كده أحسن يا عمى المفروض

           الراجل ياخد واحدة جريبة من

           سنه .. و تليج بمجامه .. مش

           حتت العيلة الصغيرة اللى كان

           واخدها اللى ضحكت عليه

           الناس .. و خلتهم يجولوا واخد

           واحدة جد بنته .. لا عارفة فى

            جواز و لا غيره .


" ما إن أنهت كلامها حتى كادت بوسى

  تنقض عليها من أجل تنتيف شعرها

  التى تظهر نصفه من حجابها الصغير

  جدا جدا لولا منع أسامة و سوما لها "


- ردت السيدة نعمة بإقتضاب بعد أن علمت بمغزى كلام سماح :

        ربنا يهدى .. الله يسامحه بجى

         على عمله .

- و علقت بوسى بهجوم :

            بس ليه ساب مراته دى حتى

            كانت صغيرة تقدر تجيبله

            عيل من صلبه .. بدل ما ياخد

            واحدة كبيرررة من سنه ..

            متقدرش تخلفله زى الكتير

            أوى أوى أوى اللى سبئوها .

" بادلت سماح بوسى الإبتسامة

  الصفراء و لم ترد  .. و ركزت على

  هدفها كسيدة لهذا المنزل .. بعد أن

  أقسمت سرا أن أول ما ستفعله بعد

  زواجها الرسمى من الأصلان هو إلقاء

  تلك الصغيرة الثرثارة خارجا " .

- سماح بحزن زائف :

          و الله يا عمى أنى كنت جيالك

          عشان الموضوع ده .. وجيه

          برده ابن أخوك و الدم عمره ما

          يبجى ميه .. و أنت عارف هو

          أد إيه بيحب عيلتنا و ميرضاش

          الأذية ليها .. دا يا عينى ما

          كنش جادر ينام الليل من ساعة

          اللى جرا للمرحومة بثينة و

          جسم بالله إنه ما هيهداله بال

          إلا أما ياخد تارها ..

       " ثم رفعت يديها عاليا فى وضع

                 الدعاء "

         ألف رحمة و نور عليكى يا

         بثينة يا حبيبتى .. يا ست البنتة

         يا لى رحتى فى عز شبابك و

         معرفناش ناخدوا بتارك يا غالية.

" ضرب الحج قدرى بعكازه على الأرض

   فى حركة دالة على غضبه من كلام

   ابنة أخيه الذى يعلم هدفه جيدا و

   هو إثارة النفوس ضد زهرة و خاصة

   السيدة نعمة .. فها هى لا تزيد النار

   إلا مزيدا من الحطب " .

- الحج قدرى بإقتضاب :

          ملوش عازة الكلام ده يا سماح

          .. جولى أنتى غرضك إيه

          طوالى .

- سماح بمسكنة زائفة :

          أنا جصدى بس يا عمى إن

          وجيه أخويا مغلطش .. دا كان

          غرضه خير .. دا بدل ما تفرح

          إنه خد حجنا من العيلة السو

          دى .. و أهى جات من عند ربنا

          إنهم جم خدوا بنتهم .. و

          خلصنا منيهم .

- السيدة نعمة بحنق من تلك الأفعى التى تسعى لخراب بيت إبنها و تفرقته

عن زهرته :

          و أنتى كان حد إشتكالك يا

          حبيبتى .. أعدى معوج و

          إتكلمى عدل .. تار إيه يا ختى

          اللى المحروس أخوكى خده ..

          له هو كان الأصلان كبير البلد

          متعاجز ياخد بتار أخته و لا

          إيه .. لما نبجى نعرف مين اللى

           ضرب النار على المرحومة

          نبجى ناخد تارنا مش عاجزين

           و لا حاجة .

- الحج قدرى بصراخ :

         سمااااح .. موضوع التار ملكيش

         صالح بيه .. و مرات الأصلان

         سيرتها متجيش على بالك

         واصل .. فااااهمة ؟

- سماح بوقاحة التى هى طبيعتها :

         بجى إكده يا عمى .. بتبدى بنت

         المنصورية علينا .. دا بدل ما

         تطلجوها من الأصلان و تعلنوا

         جوازى منيه .. تفضلوا الغريب

         على اللى من لحمكوا و دمكوا .


- أسامة مدافعا عن زوجة أخيه :

          آه إحنا عاوزينها و كلنا هنا

          منستغناش عن زهرة أبدا .


- بوسى :

          و الأصلان كمان روحه فيها

          و ميئدرش يستغنى عنها هى

          و ولاده .


- سوما بهدوء ردا عن صديقتها زهرة :

          أنتى جبتى الكلام ده منين ؟ ..

          الأصلان عمره ما يطلق زهرة

          أبدا .. هى كلها كام يوم تتحسن

         صحتها و تنور بيتها هنا وسطنا .


- السيدة نعمة :

           ربنا يسمع منك يا بنتى .. يا

           رب يشفيكى و يعافيكى يا

           زهرة يا بنتى و تجوملنا ب

           السلامة .

" ...........  اللهم آمين ...............

   أمن الجميع على دعاء السيدة نعمة

   ماعدا سماح التى فشل سعيها فى

   تحقيق مرادها .. و لم تجد إلا آخر

   حجة تلقيها أمام عمها " .


- سماح :

           طاب و بعدين يا عمى يا كبير

           العيلة .. هتيجى عليا و

           تظلمنى يعنى أكمنى يتيمة ..

           هفضل إكده متجوزة عرفى

           زى اللى عاملة عملة .. الناس

           برة كلت وشى .. هو أنا يعنى

           مش زى الستات .. يبجى ليا

           راجل و بيت ....................


- قاطعت بوسى الغاضبة هرائها :

           لا و الله .. ناس مين اللى كلت

           وشك ؟! .. هو فى حد أصلا

           عارف إنك متحوزة الأصلان

           .. و لا أنتى ماشية و ماسكة

           مكرفون .. و عمالة تذيعى

           أنا مرات الأصلان .. أنا مرات

           الأصلان .. هو أى هرى و

           خلاص .

" لم يستطع الجميع تمالك أنفسهم من

  كلام بوسى و سقطوا فى موجة من

  الضحك .. حتى استوقفهم الجد "

- الحج قدرى ردا على تلك الأفعى إبنة

  أخيه الراحل :

         عندك حج يا بتى .. أنتى زيك

         زى كل الستات لازم يبجالك

         راجل و بيت .. عشان كده جلت

         لأخوكى يجطع الورجة اللى

         معاه .

- انتفضت سماح من مكانها صارخة :

             بتجول إيه يا عمى ؟! .. يا

             مرى .. أنت عاوز الأصلان

             يطلجنى

    " ثم زرفعت دموع تماسيح "

             طاب أنا ذنبى إيه تدخلونى

             بيناتكم .. و تخدونى بذنب

             أخويا .. و لا هو شرفى لعبة

             تلعبوا بيها .

- الحج قدرى صارخا :

          أنا مجتش عليكى يا بت أخويا

          .. الورجة اللى أنتى فرحانة

          بيها دى مكتوبة بين الأصلان و

          وجيه زى عقد ما بينهم ..ضمان

          إن الأصلان ميرجعش عن تاره

          مع إنه مش محتاج اللى ماتت

          أخته هو مش أخت وجيه ..

          يعنى الورجة يا بتى مش

          صحيحة .. بدليل إنه عمره ما

          شافك و لا إنتى كمان كنتى

          تعرفيه .. دا لا فى الشرع و لا

          فى الدين .. و حتى لو كل ده

          مش عجبك .. الأصلان برده

          مش هيرضى يجوزك على زهرة

          .. فهمتى .. و نصيحة منى

          أنسى الموضوع ده .

- سماح بوقاحة :

           يعنى إيه أنسى يا عمى ؟! ..

           أنا من حجى أكون هنا .. زى

           زى بنت المنصورية .. الست

           زهرة بنت اللى جتلوا بث..........


      " أخرررررررررررسى "

و ما كان الصوت الجهورى الخشن إلا ل

الأصلان الذى جاء بعد مكالمة محمد زوج أسماء له يخبره فيها بوجود أخت وجيه صالح فى المنزل .. الأمر الذى جعل أصلان يترك عمله و يتجه مسرعا إلى منزله .. يلوم نفسه للمرة التى لا يعلم عددها على علاقته بوجيه صالح .. متجهم الوجه تنتشر حوله هالة وحشية للغاية أقرب للقتل .. عند ذكر سيرة تلك المرأة أخت وجيه و التى لم يراها سابقا .. و لا يستبشر خيرا من وجودها خاصة بعد أن حرص على فسخ علاقته مع وجيه بعد حادث قطته الصغيرة ..و الذى كان متسببا فيه و لو بشكل غير مباشر .. و هدده بالأذى فى حالة أقترابه من عائلته .. و حرص أخيرا على تمزيق تلك الورقة البائسة بيديه قبل مغادرته من منزله .. و التى قتل بها علاقته مع قطته الصغيرة .

و عند دخوله للمنزل استمع إلى آخر حديث تلك المرأة مما جعله يوقفها بصوته العميق الخشن .. و قد حقق صوت الأصلان النتائج المطلوبة و سبب قشعريرة مرت على طول عمودها الفقرى .. و ألتفتت مرغمة كما الجميع تحت هيمنة الصوت الذى مازال صاحبه عند الباب .. و أتسعت عينيها من شكل صاحب الصوت خاصة بعد أن نادته السيدة نعمة بإسمه متعجبة من مجيئه

.. إلا أنه لم يلتفت إليها بل ظلت عينيه السوداء العميقة و وجهه الوحشى يأسران عيني تلك الأفعى .. ابتسم الأصلان بشر عندما لاحظ تغير نظرات المرأة من إستغراب إلى خوف و إشمئزاز .. ناتجين من الندبة التى خلفها الحريق على منتصف وجهه و عنقه و صدره .. و التى إتضحت جيدا بعد حلق ذقنه .. و ضخامة جسده المفرطة

.. تلك الضخامة التى لم يمنعها فقدانه لوزنه .. و طوله و ملامحه الوحشية ..

فقد تغير ابن عمها كثيرا جدا بل الأصح تحول بعد حادثته مع أخته .. فلم تكن سماح رأته ثانية من بعد الحادثة نظرا لمنع عمها لهم من الإختلاط بعائلته طوال تلك السنوات .. و ياليتها لم تتسرع و تأتى فرحة بزواجها به قبل أن تلقى نظرة على هيئة ذلك الوحش .. و لم تنتبه سماح من شرودها بوجه الأصلان إلا على صوت بوسى الوقح

- بوسى بخبث :

           تعالى يا أصلان سلم على

           مراتك التانية .

إلا أن مزحتها هذه المرة لم تلطف الجو الثقيل بل صمت الجميع تتوزع نظراتهم بين الأصلان و سماح .. التى بقيت مسمرة بخوف أمام نظرات الأصلان .


- إحمر وجه الأصلان و زادت وحشيته بعد كلام بوسى و تكلم بصوت بارد عميق :

         أنا متجوزتش غير زهرة .

      

ثم حول نظراته إلى سماح التى فزعت ما إن وجه لها حديثه :

        و أنتى .. الكلام الماسخ اللى

        أنتى قولتيه ده مسمعهوش

        تانى .. سيرة المرحومة متجيش

        على لسانك لأقطعهولك ..

     " ثم أقترب بخطواته قليلا إلى

       الداخل و قال بتوعد "

      أما سيرة زهرة فأنتى مش

      هتلحقى توعى إنك جيبتيها ..

      فاااااهمة .. أخوكى جطع كل

      حاجة بينى و بينه .. أمشى أطلعى

      برة .. يلاااااااااااااااااا .

و ما إن جاءها الأذن من الأصلان بالمغادرة حتى فرت هاربة إلى منزلها ..

بملامح فزعة لما رأته .. و التى لم يهتم لها الأصلان و لم تؤثر به فقد إعتاد عليها ممن حوله إلا من تلك القطة الصغيرة التى تبسمت ما إن رأته .. و وقعت فى حب عينيه ما إن أبصرتها ..

و عشقت ملامحه التى يراها الجميع حتى هو وحشية .. فكانت تهديها الكثير و الكثير من القبلات يوميا .. حتى أنهى هو كل شىء .. و جرح قطته الصغيرة و جرح نفسه معها .

تنهد الأصلان بحزن تنفيسا منه للهيب الذى إحتل صدره لذكر قطته و انطلق إلى جناحه من أجل إبدال ملابسه .. فى حين استغل الحج قدرى الفرصة و إتجه لمكتبه لمحادثة قطة الأصلان و ترتيب الوضع القادم معها .. و يتبقى فقط موقف الأصلان حفيده من ذلك و الذى لم يلق له بالا .. فهو من ربى حفيده و أعلم بحاله فتمنعه و رفضه ظاهريا يقابله رجاء و توسل داخلى .

دخل الحج قدرى مكتبه و معه بوسى التى طلبت له رقم زهرة .. و أجابته السيدة صفية التى فرحت كثيرا بمبادرة هذا الرجل الوقور فى التدخل

.. و بعد عدة دقائق من تحدثها معه و تبينها أن الحج قدرى له نفس الرأى .. و

طمئنها بحرصه على مصلحة زهرة فى كافة الحالات حتى و لو ضد مصلحتهم جميعا .. إحقاقا للحق و رفعا لثقل أرهق كتفيه و إبراءا لذمته قبل أن تصعد روحه لخالقها .. و بعد أن إطمئنت السيدة صفية خرجت لزهرة المستلقية على كرسيها بشرفة الشاليه

أمام البحر .. مكان جلستها المفضل أغلب اليوم .. و أعطتها الهاتف دون حديث وخرجت .. و قبل أن تجيب زهرة على الهاتف معتقدة أن من يحدثها والدها كالعادة .. وصل صوت الحج قدرى العميق الشبيه بصوت أصلانها إلى أذنها مسببا إهتزاز يدها التى تمسك بالهاتف

- صوت الحج قدرى العميق :

           السلام عليكم .. إزيك يا رورو .


لم ترد زهرة على صوت جدها الذى إشتاقت له و لكن بكت بإنهيار .. دلالة على إفتقادها لذلك الرجل الحنون الذى أحسن معاملتها و حمايتها منذ دخولها لمنزله .. بينما فى المقابل تنهد الجد بحزن قائلا فى نفسه :

     " الله يسامحك يا الأصلان

        .. هانت عليك زهرة "

- الحج قدرى بعتاب  :

          هنت عليكى تهملينى يا رورو

          .. معدش فى حد من بعدك

          بيهتم بدوا الراجل العجوز ولا

          جهوته .

- زهرة برقة بعد طول بكاء :

          أزيك يا جدى .. و أزى ماما .

- الجد بحنية :

        مش كويسين من غيرك يا رورو .

       " و صمت برهة ثم أكمل عتابه

               بهمس شبيه بهمسها "

      إخواتك هنا أتوحشوكى أوى ..

      و نفسهم تاجى بجى .. و أم

      أحمد و أبو أحمد و فاطنة

      و ورد كمان أتوحشوكى جوى

      .. و .................................

      " قاطع حديث الجد بوسى التى

          تشير له برغبتها فى الحديث

          مع زهرة .. فقال بسرعة  "

     طاب خدى كلمى حبيبتك .


- بوسى ببكاء شبيه بخاصة صديقتها :

           أأأ .. ألو .. ألو يا زهرة ..

           أنا بوسى .. وحشتينى

           خالص .. كفاية بقى تعالى ..

           أنا حاولت ألحائك قبل ما تئعى

           ......................................

           " ثم إنخرطت فى البكاء عند

               تذكرها لسقوط زهرة على

                         السلم "

         بس ملحئتش .. و فضلت جنبك

         و أنتى وائعة .. مسبتكيش يا

          زهرة .. و الله أنا ..............


   " لم تكمل بوسى حديثها عندما

       إختطف الجد الهاتف من

       يدها ليجد زهرة تماثلها

       فى البكاء و ترد فقط

       بقولها :

            أنا عارفة            "

- ليقول الجد بحزم لين :

           و لما أنتى عارفة يا زهرة مش

            عايزة ترجعى لينا ليه ؟

   " و لما لم يجد منها رد سوى البكاء "


- الجد بلين :

         يا بتى البيت دا بيتك و بيت

         ولادك اللى فى علم الغيب

         .. عاوزة تغربيهم و تيتميهم

         و أهلهم عايشين .


- و لم يعطى الجد لها فرصة و أكمل بحزم :

        المفروض أنتى تبجى هنا

        نرعاكى فى وهنك و نساعدك

       و منخلكيش تشيلى الهوا .. و

       بعد ما تولدى بإذن واحد أحد

      أمك و أخواتك هنا يعونوكى

      دول توجم و مسئولية .

- أكمل أيضا بحزم حينما واجهه الصمت من الجهة الأخرى :

          و دراستك هملتيها خلاص ؟! ..

          الواجب تستريحى على أد

          جمعتك و بس .. و كمان تعرفى

          تهمليهم أهنا و تروحى مع سوما

          و بوسى و أنتى مطمنة .

- أكمل الجد بحزم فقط دون اللين حريصا على مصلحة تلك الفتاة البريئة التى تتجه لهلاك نفسها :

       متعودتش منيكى على التسرع

       يا زهرة .. أهملتى صحتك و

       دراستك .. فين عجلك و تفكيرك

       .. و حرصك على مصلحة ولادك

       جبل منيكى ؟! .. عند أول أزمة

      تجعى إكده ؟! .. فين بتى اللى

      شالت دار جدرى كله على كتافها

      ؟! .. اللى أكبر منيكى معرفوش

      يعملوها .. و جيتى أنتى مشيتى

      البيت زى الجلف .. و كنتى

      بصحيح مرت الأص..................


- لام الجد نفسه على تسرعه .. فلم يكن يريد أن يأتى بذكر حفيده فى تلك اللحظة و لكن وقع الخطأ :

          المهم .. أنتى عارفة غلوتك

          عندى .. عشان إكده كلمتك

          و جولتلك رأيى .. و لو كان

          همى مصلحته كنت جومت

          الدنيا من ساعة ما أبوكى بعدك

          عنينا .. و جمعت مجلس عرفى

          و جبتك غصب عن الكل إهنا

          فى دارى .

- لم ترد زهرة سوى ب :

          جدى !!!

- قاطعها الحج قدرى بحزم رغبة فى استقامة حالها :

           كلمة واحدة يا بتى .. فاضلك

           كام شهر على جومتك

           بالسلامة .. هتاجى بيتك إهنا

           تجضيهم و تخلصى دراستك

           السنادى .. دا واجبى نحيتك

           بعد ما دخلتك الدايرة دى

          عشان أكون خلصت ذمتى أدام

          ربنا جبل ما أجابل وجه كريم ..

          بعد الأربعين هخيرك و أنا

          بنفسى اللى هخلصك منيه زى

          ما ورطك معاه .. إنما جبل إكده

          لا يا زهرة .

استمر الحج قدرى فى إقناع زوجة حفيده الأكبر بالرجوع مرة أخرى لمنزل العائلة إلا أنه فى كل مرة يجد منها الرفض القاطع حينا و الصمت حينا آخر

.. و لم يغضب الحج قدرى من ذلك .. بل أعطاها كل الحق فى موقفها .. و لكن إنصافا للحق لابد أن تحظى زهرة فى تلك الفترة على ما تستحقه من رعاية شاملة خاصة و أن السيدة صفية وحدها لا تكفى لرعاية زهرة و طفليها

حسب إعتقاده .. و متابعتها لدراستها كما وعد أبيها قبل زواجها .. و رغبة منه فى معايشة فرحة إستقبال أولاد الأصلان .. و لم يهتم الجد سوى بذلك أما علاقة الزهرة و أصلانها فقد توصل أنه طرف محايد .. و لأجل المحايدة سيضع الأثنين أمام بعضهما دون تدخل منه أو من أى أحد حتى لا يتفاقم الوضع أو تشعر زهرة بأنه يتم الضغط عليها من قبل من حولها .. على الرغم من تأكده من حرص حفيده على البعد عنها حينما يعلم بقدومها .. لإعطائها أكبر قدر من الراحة .

و لعل الكثير من أهل منزل عائلة الحج قدرى لم يلاحظ إختلاف المشكلة بين زهرة و أصلان هذه المرة عن سابقاتها اللائى جئن تحت بند غيرته المفرطة عليها و شعوره بأنها تستحق من هو فى سنها أو جمالها و هو ما لا يتوافر كليا فى الأصلان .. ففى كل مرة كان يثور هو و تمتص هى ..  يعاتب هو و

تتقبل هى .. يحزن و يتقوقع من الفارق الكبير بينهما و تحتوى هى .. فتحل الأمور و تكسب قلبه و يزيد عشقه لها .


و لكن هذه المرة لم تمتص و لم تتقبل و لم تحتوى .. بل إنسحبت بهدوء ناتج عن جرحها الشديد منه .. إنسحبت تاركة ورائها أشلاء رجل من قلب مجروح و روح تئن لبعد نصفها الآخر عنها .. و هو ما أدركه الحج قدرى من أول لحظة فالأصلان حفيده واقع  فى الصراع الأبدى بين عادات خاطئة موروثة من زمن و بين عهد جديد يخضع لحكم قلبه و يسوده حياة ملونة بعيدة كل البعد عن لون الدم .. و لم يستبعد الجد أنه أخطأ حينما حاول محاربة تلك العادات الجاهلية خاصة و إن كانت على خطأ لأنه ليس هناك من يؤكد أن من أطلق الرصاص أثناء العركة التى أشتركت فيها معظم العائلات من عائلة المنصورى و أن من أطلق كان يقصد الجرن الخاص بمنزلهم

.. أو يقصد حفيدته بثينة تؤام الأصلان التى كانت موجودة هناك بمحض الصدفة البحتة .. فلو كان تأكد له ذلك لكان أخذ بيده ثأر حفيدته بدلا عن الجميع .. و عندما أدرك الحج قدرى خطأه بإقحام تلك القطة الصغيرة فى حياة الأصلان القاحلة .. كان إلزاما عليه إصلاح ما أفسده بوضع الأمور فى نصابها الصحيح ثم ترك كلا من طرفى المشكلة يختار ما يناسبه حتى و لو كان فى بعدهما .. الأختيار الذى أعطاه لنفسه فقط و سحبه من الباقين حفاظا على العديد من الأرواح البريئة التى كانت من الممكن أن تتأذى بلا أى ذنب

.. لذا فهو أعاد هذا الحق المسلوب لكلا العاشقين .

و وافقت زهرة أخيرا على رأى الجد نظرا لضعف صحتها البالغ مع تقدم شهور الحمل و إرهاق عمتها معها ..

و رأت من الأفضل أن يكون هناك من يعاونها لتنال القليل من الراحة .. و رغبة منها لولادة أبنائها وسط أهلهم   ..فمهما كان الخلاف بينها و بين الأصلان لا يستحق الجد و السيدة نعمة حرمانهم من تلك الفرحة التى طال إنتظارها .. و لكن كان كل خوفها أن تعود لتجد أصلانها برفقة الأخرى التى فضلها عليها .. من عائلته البعيدة

كل البعد عن مشاكل الثأر .. أن ترى أصلانها يشغف الأخرى حبا كما كان معها .. أن يكون سعيدا معها بينما تغرق هى نفسها فى رثاء الذات .. لن تتحمل هى أن ترى أخرى إمرأته بدلا منها حتى و لو كان لفظها خارج حياته .. لذا طلبت من الجد إرجاء عودتها لمنزل العائلة حتى يتم إعداد غرفة المخزن الكبيرة الموجودة بجوار المنزل لها .

فتبعد نفسها عن الأصلان الذى أوضح عدم تقبله لها حتى و لو قليلا فى ظل وجود الثأر بين العائلتين .. كذلك عن أهل المنزل فليس هناك داعى لمد أوتار من الأخوة و الصداقة سيتم قطعها لاحقا .. و تقضى الفترة المتبقية من حملها و دراستها براحة حتى يحين وقت مغادرتها .. فهى ليست متعصبة  حتى لا تدرك ضعف صحتها الشديد و إعتلال قلبها و كسرة روحها .. و يكفى قلبها السقيم شعورها بوجود أصلانها قريبا منها دون أن تلتصق به كوداع لحياتها معه .

أنهى الحج قدرى مكالمته مع زهرة بالكثير و الكثير من الوصايا للحفاظ على صحتها .. كذلك بوسى التى وعدتها بلقاء قريب جدا و إشرافها بنفسها على ترتيب منزلها الصغير هى و تؤامها .. و خرجا ليجدا التجمع الذى تركاه سابقا كما هو .. ليجلسان مجددا بينهم .

- الحج قدرى :

          الأصلان نزل يا ولاد ؟!

- تنهدت السيدة نعمة بحزن :

         أيوه .. نزل و خد معاه شوية

        حاجات ليه فى شنطة .. بيجول

        وراه شغل فى مصر .. و هيغيب

        عليه يومين تلاتة إكده .

- الحج قدرى بحماس :

         أحسن .

نظر الجميع الجد متعجبين من فرحته بمغادرة الأصلان لأول مرة .. و زاد تعجبهم أكثر بضحكة بوسى و جلوسها بجانب السيدة نعمة لتقبلها و تحتضنها

.. دون أن يعى أحدهم أى شىء .


- السيدة نعمة التى تعجبت من تقبيل بوسى و إحتضانها لها :

        إيه يا عمى .. خير فى إيه ..

        إنتوا كنتوا فين ؟!

- بوسى بفرحة شديدة لأول مرة تظهر عليها منذ حادثة زهرة :

        مش مهم الكلام ده يا مرات

        خالى .. المهم إن زهرة راجعة

        عندنا .. إحنا لسه مكلمينها .

" إإإإإإإإييييييييييييييييييه "

- و ما كان هذا الصوت إلا من البقية الموجودة حول بوسى و الجد .

- السيدة نعمة بفرحة :

            و النبى يا عمى بتتكلم

            بصحيح .. زهرة هترجع

            خلاص .

- الحج قدرى بفرحة :

          أيوه يا نعمة صدجى .. زهرة

          هتيجى هنا .

- أسامة بزهول :

          أنا مش مصدء .. أنا إفتكرتها

         مش هترجع تانى .. أنت أتكلمت

         مع أهلها أمتى يا جدى ؟

- الحج قدرى بملامح جامدة :

          أنا أتفجت مع الحج حامد .. و

          زهرة مكسرتش كلمتى .

- محمد بفرح :

          الحمد لله .. ألف مبروك يا جدى

          رجوعها بالسلامة .

- أسماء التى تغيرت جزريا منذ رحيل زهرة :

         و هى كانت هتلائى حد زى

         الأصلان أخويا .

نظر الجميع باستنكار لأسماء التى بدأت تشعر بالغيرة من زهرة على الرغم من فارق السن بينهما .

- أسماء بحرج :

           إيه مالكوا بتبصولى كدا ليه ؟!

           .. مش دى الحقيقة .. يعنى

           مكنش ليه لازمة الجو بتاع

          هروبها من المستشفى .. أديها

          رجعت و من غير الأصلان كمان

          ما يروحلها .

  "   أسماااااااااااااااااااااااااااااااءءء "

- الصوت الجهورى راجع لمحمد الذى لم يرضيه تصرف زوجته و كلامها فى حق زوجة أخيها الأكبر .

- محمد بزهول :

          أنتى إتجننتى ؟! .. إيه اللى

          حصلك .. أنا مش مصدء إنك

          أتغيرتى أوى كده .. أنا مبأتش

          عارفك .

- الحج قدرى بحزم :

         خلاص يا محمد .. و أنتى

           " قاصدا أسماء " .. أحمدى

         ربك إن الأصلان مسمعكيش و

         أنتى بتتكلمى كده على مرته

         كان و الله جطع خبرك .. و أنا

        اللى بجولك هو و كلمتى متنزلش

        من بعد ما أجولها .. حسك عينك

        تضيجى مرت أخوكى و لا

        تجوليلها حاجة تزعلها ساعتها

        متستنيش حسابك من حد غيرى.


- السيدة نعمة المصدومة فى أبنتها .. تحاول أن تهدىء الموقف :

          أهدى يا عمى .. أكيد أسماء

          متؤصدش .. و أنتى يا بنتى

          خليكى فى حياتك و جوزك

          و ملكيش دعوة بالأصلان و

          مراته .

- محمد بغضب من أخلاق زوجته :

           أنا طالع أتمشى شوية .

- أسامة بغضب من أخته الهوجاء :

          استنى يا محمد أنا جاى معاك .


- محمد بإختناق :

          خليك يا أسامة .. أنا عاوز

          أخرج لوحدى .


- الحج قدرى بحزم :

         أستنى أنت وهو .. محدش

         يمشى أنا لسه مخلصتش كلامى.


عاد أسامة و محمد إلى مكانهما ثانية و إنتبه الجميع إلى الجد الذى تحدث بحزم و إقتضاب بعد أن نبهه كلام أسماء لما غفل هو عنه و هى صورة زهرة أمام الجميع .. فلا أحد علم بالجهد الذى بذله لإقناعها و لا بشروطها غيره هو و بوسى .

- الحج قدرى :

          طبعا زهرة مرضتش ترجع كده

          .. أنا بجالى مدة بتحدتت فيها 

          مع أبوها الحج حامد و عمتها

          .. و فى الآخر جالوا اللى هى

          تجول عليه إحنا هنمشيه .. و

          كلمت زهرة كتير و هى وافجت

          .. زى ما الست أسماء جالت ..

          بس اللى أحب أعرفهولك .. إنها

         جاية لجل خاطر أمك و خاطرى

      " توقف قليلا فى حديثه و نظر

         السيدة نعمة التى دمعت

                   عيناها "

      أيوه يا نعمة .. جالت إنها عارفة

      إنك نفسك تراعيها فى حملها و

      تشوفى ولادة زهرة .. و تستجبلى

      عيال الأصلان على إيدك .

- السيدة نعمة بحب :

           يا حبيبتى يا بنتى .. طول

          عمرها حاسة بإللى فى قلبى ..

          أنا كنت بتئطع و هى بعيد

          نفسى تبقى أصاد عينى و هى

          حامل و أجهز لولادة عيال

          الأصلان .. يااا أنت متعرفش

          يا عمى أنا بقالى أد إيه مستنية

          اليوم ده .. يا رب تنولهولى .


آمن الجميع على كلام السيدة نعمة .. بينما تبادل الحج قدرى و بوسى النظرات التى تحمل نفس المعنى و هو كيفية إخبار الجميع بالجزء الثانى من الإتفاق بين الحج قدرى و زهرة .

- أسامة الذى لاحظ تبادل النظرات بين

  الجد و بوسى :

          خير يا جدى .. مالكوا بتبصوا

          لبعض كدا ليه ؟!

و كان نتيجة لجملة أسامة أن وجه الجميع نظراتهم للجد ثانية .


- تنهد الحج قدرى نظرا لثقل همه :

         أسامة و محمد إتفجوا مع عمال

         يوضبوا المخزن الكبير .. و

         يجهزوه زى شجة صغيرة .

- محمد بطاعة :

          حاضر يا جدى .. من بكرة

          العمال يكونوا موجودين .. بس

          خير يعنى .. مين اللى هيعد

          فى المخزن ؟

- الجد بإعتيادية و كأنه يتحدث عن

  أحوال الطقس :

           لزهرة .


- السيدة نعمة بحيرة و لم تعى بعد مقصد الجد :

         هى زهرة عاوزة تفصل هى و

         الأصلان عن البيت ؟!

- سوما بحزن :

          هى زعلانة مننا و لا إيه يا

          جدى ؟

- أسماء بغيرة حديثة العهد من زهرة :

           تلائيها عاوزة تستفرد بأخونا

           الكبير بعيد عننا .. و تخليه

           ليها .

- أسامة بجدية :

           أسكتى يا أسماء .. عشان بعد

           كده محدش فينا هيحب

           يتكلم معاكى .. إنتى إيه اللى

          جرالك ؟! .. ما كنتى زى السمنة

          على العسل قبل ما يحصل اللى

          حصل .. و لا إستنى أنتى

          متغيرة من ساعة الأصلان ما

          خدها و سافر قبل الحادثة .


- بوسى بحقد على أسماء :

           ما عشان كده تلائيهم زعلوا مع

           بعض بعدها .. صحيح العين

           فلئت الحجر .

- أسماء بعصبية :

          أصدك إيه يا بوسى ؟! .. أنتى

          أصدك أنى بغير من زهرة مثلا ؟


- بوسى بهدوء :

          أنا مؤلتش .. أنتى اللى قولتى

          بنفسك .. و كل واحد عارف

          نفسه .

- نظرت السيدة نعمة لأسماء بلوم و امتنعت عن توجيه الحديث لها .. بل

قالت للجميع :

       خلاص يا ولاد خلونا نفهم ..

       فهمنى يا عمى الله يرضى عليك

       لحسن أنا مش فهما حاجة .

- الحج قدرى بعصبية :

          هو أنا لاحق أقول حاجة ..

          ما أنتوا مش عمللى إعتبار و كل

         واحد فيكو ماسك فى خناق

         التانى .

- أسامة بصدق :

          حقك عليا يا جدى .. أنا غلطان.


- الحج قدرى بلين :

         عذرك معاك يا بنى .. غصب

         عنك ما أنت بتسمع كلام برده

         يفور الدم .

  " و كانت نظراته موجهة لأسماء "

        المهم .. زهرة هترجع تعد هنا

        مدة الحمل اللى بئيلها بس ..

        مش على طول و كمان عشان

        كليتها لحد ما تولد و تربعن ..

        و طبعا مش هتعد هنا .. طلبت

        أنها تعد فى المخزن الكبير لحد

        ما تمشى .


- لطمت السيدة نعمة على صدرها :

           يا لهوى .. يعنى إيه الكلام ده

           يا عمى .. طاب و الأصلان ؟!

- الحج قدرى بنرفزة بعد أن سأم كثرة الحديث فى هذا الموضوع :

         جرا إيه يا نعمة .. ما تصحصحى

        معايا .. الأصلان ملوش صالح

        باللى بئوله .. أنا طلبت من زهرة

        أنها تعد هنا .. لجل ما نحضر

       ولادتها .. و بعدين هترجع لأهلها

       تانى .. مسألة أنها ترجع تانى هى

       و الأصلان مش هتحصل .. ريحى

       نفسك .. و الأصلان أنا ليا معاه

       كلام تانى لما ييجى .. المهم

       خلينا فى اللى إحنا فيه اللوقتى

       .. توضيب المخزن على أسامة و

       محمد فى أسرع وجت لجل ما

       تاجى زهرة على طول .. بوسى

      و سوما أبجوا أفرشوه على كيفكوا

      و متسيبيهمش لوحدهم يا نعمة

      خليكى مع البنات .

- السيدة نعمة التى تلاشى القليل من فرحتها :

         أمرك يا عمى .

- أسامة :

         بعد إذنك يا جدى .. خلى سوما

         و بوسى ينزلوا يختاروا العفش

         من بكرة .. و على ما ييجى

         يكون العمال خلصوا توضيب .

- الحج قدرى بحيرة :

          و هما هيلحجوا ؟!

- أسامة بحب لزوجة أخيه و أخته الصغرى :

        هما مش هيلحئوا .. بس أنا هشد

        عليهم و مش هسيبهم لحد ما

        يخلصوا فى أسرع وقت .

- محمد بحب لأخيه الأصلان و بأبتسامة رقيقة متذكرا بها أفعال زوجة أخيه تلك الفتاة الطيبة :

        و لو حكمت يا جدى نجيب بدل

        الوردية اتنين .. و يشتغل العمال

        العمال طول اليوم عشان ينجزوا.


- الحج قدرى فخورا بأحفاده :

          الله يرضى عليكم يا ولاد ..

          مخيبتوش ظنى .. بشرونى

          أن المخزن خلص بسرعة لجل

          ما مرت أخوكم تاجى على

          طوالى .

- بوسى بمشاكسة لتلطيف الأجواء :

          يا سلام يا حج قدرى .. يعنى

         أسامة و محمد بس هما اللى

         على الحجر .. طاب و أنا و البت

        الغلبانة اللى جنبى ؟! .. ملناش

        لازمة يعنى .. على فكرة بقى

        هما هيئفوا مع العمال بس إنما

        إحنا هنختار بنفسنا فرش البيت

        يعنى إحنا الأصل .. زى مهندسين

       الديكور فى كل حاجة حتى

       أجرتهم .


- أسامة معاونا أخته فى مقصدها لتلطيف الأجواء :

      يا سلام طاب ما أنا كمان ممكن

      أعمل ده لوحدى .. أنتى ناسية

      أنى جهزت جناحى أنا و سوما

      لوحدى و لا إيه ؟!

خجلت سوما من كلام أسامة .. و سرعان ما أهمل أسامة الأحاديث المتبادلة و جعل كل تركيزه مع إبنة عمه و حبيبته .


- بوسى :

           أسامة .. أس أس .. أنت يلا

           .. إيه يا جدى ما تشوف

           ابن ابنك اللى مش محشم حد

          ده .

- أسامة هامسا :

          يا رب تموتى يا بوسى و أخلص

          منك .

ضحك الجميع على مشاكسات أسامة و بوسى .. ثم انطلق كل منهم نحو عمله

.. ما عدا أسماء التى لم تتقبل السيدة نعمة منها أى حديث و طلبت منها الصعود لغرفتها .. و لم يتبقى مع السيدة نعمة سوى سوما و بوسى .. يتفقون على الترتيبات الخاصة بإستقبال زهرة و رعايتها .. مما جعل السيدة نعمة تتخلى شيئا فشىء عن حزنها و تندمج مع سوما و بوسى فى الحديث .. ثم انصرفت سوما لغرفتها

تستعد للخروج مع بوسى و السيدة نعمة لشراء مستلزمات لمنزل زهرة .


- و ألتفتت بوسى للسيدة نعمة التى ظهر حزنها ثانية بعد مغادرة سوما :

       مالك يا مرات خالى ؟! .. مش

       قلنا مفيش زعل و نساعد زهرة

       لحد ما تولد بالسلامة .

- السيدة نعمة بحزن :

            يعنى منتيش عارفة يا بوسى

            .. أنا كان نفسى يرجعوا لبعض

            تانى .. دا أخوكى من ساعة

            اللى جرا و هو فى دنيا تانية

            .. و مبيدخلش البيت إلا

            عشان يغير هدومه و يمشى .

- بوسى بحنق  :

            ما كله من إبنك يا خالتى .. ألا

            حتى ما راح صالح البت و لا

            اتكلم .. كلنا شيفينه رجع زى

            الأول بعد موت بثينة و

            أوحش كمان بعد ما زهرة

            مشيت .. و لا حتى فكر يدافع

            عن نفسه أدام زهرة و لا

            يفهما موضوع جوازه و لا أى

            حاجة .. و سابها تروح بعيد

            عننا .1

- السيدة نعمة :

            ما هو ده اللى مجننى لا هو

            دافع عن نفسه و لا سبنا

           نئولها اللى حصل .. و لما جدك

           بشرنى برجوع زهرة قلت أكيد

           هيا اللى هتلم المشكلة زى كل

           مرة و تخدوا بالراحة بس

          الظاهر مش المرادى .

- بوسى بجدية :

           مش كل المشاكل زهرة اللى

          تصبر و تتحمل فيها .. فى

         حاجات مينفعش فيها كده يا

         خالتى و أنتى عارفة .

- السيدة نعمة بحزن :

            عارفة يا بنتى و عذراها .. بس

           اللى ما تعرفيهوش يا بوسى

           أن الأصلان أتعذب كتير أوى ..

           ما توعيش أنتى على يوم ما

          قام فى المستشفى و شاف

          نفسه فى مراية الحمام عمل

          إيه .. و زاد عليها موت أخته

          بنفس الطريئة .. الاتنين النار

          كلتهم .. واحدة متحملتش و

          ربنا رحمها من عذابها لو كانت

        عاشت و شافت نفسها محروجة

        .. و التانى عاش مع شكله سنين

        .. أنتى فاكرة أن الأصلان لما قام

        كان ده حاله .. الله أكبر أنتى

        مشوفتيش شكل جسمه كان إزاى

        حتى عزا أخته معرفش يحضره

        .. عمل عمليات كتير عشان يبجى

       زى ما أنتى شايفة .. يئدر يطلع

      و يشتغل و يشيل حمل البيت بعد

      ما جدك تعب .. زهد فى كل حاجة

      و دفن نفسه فى الشغل .. حتى ما

      بئاش يهتم بعلاجه بعد ما عرف

      أنه حتى لو إتعالج مش هيرجع زى

     الأول .. عشان كده أنا وجدك

     فاهمينه و عارفين كان بيبعد زهرة

     ليه و بيبعدها اللوقتى ليه .

- بوسى التى تكتشف هذا الأمر لأول مرة و تتفهم موقف أخيها الأكبر ..

تتحدث بإبتسامة خبيثة :

          و أنتى فكرك يا مرات خالى بعد

          ما أتعب نفسى و أجهز البيت

          بتاع زهرة هسيبها تمشى ..

          دا أنتى تبئى متعرفنيش بئا .

- السيدة نعمة بفرح :

           بتئولى إيه ؟! .. و النبى يا

           بوسى صحيح .

- بوسى بضحك :

         صحيح و الله .. دا حتى لو

        مخلتهمش يرجعوا لبعض يبقى

        عيب فى حئى ..

  " ثم إنقلبت تعبيرات وجهها الجدية "

       آه بس أنتى بس إبعدى الغوريلا

       بنتك عن طريقنا .

- السيدة نعمة بحزم :

          أسماء ... أسماء سيبهالى ليا

          كلام معاها يعدلها .

- بوسى بنظرة شر :

          جدعة يا خالتى .. لحسن محمد

          فضله تكة و يرميهالك .

ليلا فى شقة ما خاصة بالأصلان فى

القاهرة  :


و التى ذهب إليها لقضاء عدة أيام لازمة للإتفاق على صفقات خاصة بتوسيع إنتاج مصنعه .. و التى تشغل جل وقته نهارا .. أما ليلا فلا يوجد ما يشغله ليجد نفسه فريسة سهلة لأفكاره التى تتمحور حول قطته الصغيرة التى أفتقدها بشدة .. و يتألم فى بعدها .. راضيا عن عقابه بإبعاد قطته عنه .. خوفا منه أن يقدم على أذيتها .. فقد أقتنع إقتناع تام أن ندوبه لم تشفى بعد .. حتى و إن أختفت من على جسده فهى لن تذهب عن قلبه و روحه

.. لذا فضل إبتعاد القطة عنه حتى و لو تعذب أضعافا و آن شوقا و أهلك روحا و حرق قلبا و جسدا لن يأتى بالقطة الصغيرة أبدا .. يكفيه أنه كاد يفقدها فى تبعات إنتقامه .


و لعله يجد لشوقه متنفسا فى أحلامه التى لا تخلو من قطته الصغيرة .. فيشبع روحه الظمأة برؤيتها .. تارة تبكى و تشكى فيحتضنها و يهدأها .. و تارة تضحك و تجرى بعيدا عنه ليلحقها

و يحتضنها و يوزع العديد و العديدمن ......على وجهها .. و أخرى فى أكثر أحلامه هلاكا تكون بين ذراعيه فى وضع حميمى بينهم تأن و تتأوه من

شوقها تناديه و تطلبه لها .. و يستجيب هو لاهثا فيرضيها و يرضى نفسه التائقة لها .. ليستيقظ من حلمه فاقد لأنفاسه .. لاهثا و متصبب بالعرق .. بعد

ما عاشه و لو جزئيا فى الحلم و يشهد عليه .... فى الواقع من دلائل كانت قديما لا ترى بل تذهب لقطته الصغيرة

و أخرى خاصة بها تذهب إليه .

وينتهى هذا النوع من أحلامه بدموع قليلة و حزن كثير حتى يرحمه نومه ..

أو يسطع النهار ليجد نفسه هاربا ثانية إلى عمله .. و ليس له علما بتلك القطة التى هلكت هى الأخرى دونه و تداعى جسدها حزنا و كسر قلبها ألما .. و تعذبت روحها ظنا منها أن أصلانها لا يصبو إليها .. و لا يتلهف لرؤيتها .. فقررت هى أن تأتى إليه تتنفس هواءا

مر هو بجانبه حتى تستمد قوتها قليلا بعد أن تغادره نهائيا .. لعله يجن جنونه من وجودها حوله دون رؤيتها و يتعذب و هى قريبة منه فيذوق مثل ما آذاقها .

   

  38 


الفصل الثامن والثلاثون


" إيه ... بتقول إيه يا جدى "

- و ما كان الصوت المصدوم سوى للأصلان الذى عاد من سفره ليجد فى إنتظاره مفاجأة عودة قطته .

- الحج قدرى ببرود و لا مبالاة :

اللى أنت سمعته .. زهرة

هتيجى بكرة .

- الأصلان بغصة فى حلقه :

أهلها رضوا يسيبوها تيجى .


- الحج قدرى بإقتضاب :

أنا أتفجت مع أبوها .. زهرة

هتيجى تجضى باجى شهور حملها

هنا و لحد ما تربعن .

" قضاء أربعين يوم بعد الولادة "

و بعدين تتطلج .

- نظر الجد تجاه حفيده لعله يجد رد

فعل منه إلا أنه لم يجد سوى حزن و

حسرة على ما فقد دون أن ينطق

بكلمة واحدة و كأنه مجرم تلقى عقابه

بصدر رحب .. و لكن بعد برهة :

أنا هعد فى الكوخ اللى فى

الأرض .. ملوش داعى تشوفنى .


- الجد بنفس اللامبالاة :

بالعكس .. أنت هتاجى تعد هنا

عشان تجضى طلبات مرتك و

ولادك .. و مش عاوزك تشيل هم

موضوع تشوفها و لا لاه .. هيا

طلبت تعد فى المخزن الكبير اللى

جنب البيت و أنا خليت أسامة و

محمد يوضبوه ليها .

- أصلان بشرود :

هيا اللى طلبت تعد بعيد عنى .


- الجد بإقتضاب :

أيوه .. و المخزن خلاص بجى

بيت يشرف .. أجدع كمان من

جناحك .

- لم يعقب الأصلان على كلام جده ..

حتى لا يفقد أعصابه .. فلا يعلم إن

كانت أعصابه فعلا هائجة أم إعتقاده

بأن الجد يقصد إستفزازه صحيح ..

و قال بعد برهة :

إلى تشوفه .. بس بعد كده لو

أى حاجة نقصاها تقولى أنا مش

أى حد تانى .. أنا رايح أشوف

البيت .

- الجد ببرود :

مفيش هناك غير أمك و سوما

و بوسى .. بيفرشوا لوازم البيت.


- أصلان بنفس برود الجد :

أشوف بعينى .. أكيد هما مش

هيعرفوا اللى يريحها زيى .

- الجد بإستهزاء :

و أنت عملت باللى يريحها يا

الأصلان ؟

ترك الأصلان جده دون أن يرد عليه بعد أن أدرك بالفعل محاولات جده لإستفزازه .. بينما ضحك الحج قدرى على حفيده الأصلان الهائج بعد معرفته

بقدوم قطته .. و قال الأكبر بخبث :

صبرك عليا يا الأصلان .

مر اليوم سريعا دون أحداث كثيرة تحت هدوء نسبى من أفراد العائلة .. بطيئا جدا على الأصلان .. الذى حينما أختلى بنفسه فى جناحه حتى تداعت قشرة لامبالاته بمجىء قطته .. و تشكلت ملامحه من جديد بعد أن غيرتها فرحته الشديدة برؤية قطته .. إلا أن فرحته شابها بعد القلق .. فالأصلان بقوته و سلطته لا يعلم كيف يتصرف أمام قطته الصغيرة .. و وجد نفسه فريسة للأرق طوال الليل .. تارة تضحك عيناه لفرحته برؤية زهرة و أخرى تدمع حزنا على بعدهما و إنفصالهما المؤقت حاليا .. تارة يشجع نفسه على الإقدام و إقتحام حياتها و لو بالإجبار .. و أخرى يكتفى بمراقبتها

من بعيد حتى لا تخاف منه .


أما الجزء الأكبر من تفكيره كان يحتله ردة فعلها هى .. إن كانت تريد القدوم فعلا .. إن كانت إشتاقت إليه كما أشتاق لها .. إن كان لا يفارق فكرها و صحوها و نومها كما لا تفارقه هى .. إن كان يحتل أحلامها كما تحتل هى أحلامه .. هل تستمع منه إن أقترب و تحدث إليها ؟ أم ستنفر منه ؟ .. هل تدعه يحيطها بعنايته و حمايته ؟! أم ستجعله بعيدا عنها و عن أطفاله ؟! ..

و غيرها من الكثير من الأفكار السلبية

التى أحتلت تفكيره و لم تتركه إلا بعد صلاته للفجر ثم سقط نائما أرضا بجانب سجادته .

و لم يوقظه أحد من أفراد منزله .. بل وجد نفسه استيقظ على بوق سيارة و

أصوات مختلطة بالأسفل .. ليدرك أن قطته وصلت .

وصلت زهرة إلى منزل عائلة قدرى بسيارتان .. واحدة تحتلها هى و عمتها فى الخلف و أبوها و أخوها صابر فى

المقدمة .. و السيارة الأخرى يقودها

أحمد ابن صابر الأكبر و الذى يكبر زهرة بسنتين  ..و تضم حقائب زهرة عائلة المنصورى مع إنها لم تأخذ شيئا من أغراضها عند مغادرتها أثناء الحادث .. إلا أن أبوها الحج حامد و عمتها السيدة صفية جلبا لها المزيد من الأغراض الجديدة و التى تلائم حملها الذى تعدى الشهر السادس .


ترجلت زهرة من سيارتها عند توقفها و انطلقت سريعا لأحضان السيدة نعمة التى انهمرت دموعها لرؤية زهرة ثم الجد و بوسى و سوما .. بينما إتجه أسامة و محمد لمساعدة أحمد  فى حمل الحقائب الخاصة بعمته زهرة .

و كان اللقاء بين الشباب إلى حد ما فاتر نظرا لأن المرة الأولى التى ألتقى أحمد بهم فى عرس عمته زهرة و عمه عابد و كان الأمر آنذاك أشبه بتبادل الأسرى أكثر منه عرسا .. و المرة الثانية

فى المستشفى أثناء حادثة زهرة و كانت الأجواء يسودها إختلاف و تبادل التهم .. لذا بالكاد تبادلوا حديثا .. و لم يهتم أحمد بذلك كثيرا قدر إهتمامه بتلك الفتاة الباكية التى تساند عمته الصغرى للجلوس على أقرب أريكة و فى نفس الوقت تشاكس الجميع و تضحكهم بالرغم من بكائها .. و قد سجل بعقله أن تلك العائلة الدموية بها ما يستحق زيارتها مجددا .

1

بينما صرخت بوسى الباكية فى جدها و السيدة نعمة و سوما بعد أن لاحظت إيقافهم لها كثيرا و ملامح الإرهاق البادية على الأخرى .. مما جعلها تنتزع زهرة من بين ذراعى سوما .. و تدخلها منزلها الجديد و الجميع من ورائهم ..

لتجلسها على أقرب أريكة ريثما يغادر الجميع ثم تريحها على الفراش .. فلا أغلى لديها من أختها زهرة و سوما ..

كذلك لأجل إراحة قلب أصلان الذى تدرك كونه أكثرهم شوقا لقطته .. كذلك هى التى لم تتوقف عينيها عن البحث عنه رغم معرفتها أنه لن يقرب منها حسب توصيات أبيها و أخوها الأكبر صابر .

أنهى أسامة ومحمد و أحمد عملهم من نقل أغراض زهرة و إتجهوا للجلوس مع الباقيين بعد أن رحبوا بزوجة أخيهم الأصلان .. و لم يخلوا الأمر كعادتهم من تبادل الدعابات بين بوسى و أسامة و محمد و سوما و كذلك أشترك معهم الحج قدرى تلطيفا للجو حسب إتفاقه مع بوسى .. التى بالفعل أضحكت الجميع بتصرفاتها التلقائية و خوفها الشديد على زهرة .. فلم تترك جانب زهرة بعد أن أجلستها .. تبكى و تحتضن زهرة .. و ترد على مشاكسات أسامة و محمد بعصبية جميلة .. و تضحك مع الجد و السيدتان نعمة و صفية .. ثم تعود و تبكى و تعتذر لزهرة على عدم نجدتها أثناء وقوعها من السلم مع أن الأمر لم يكن بيدها .. و خلال كل هذا أدركت بوسى وجود عينان سوداوان حانية ضاحكة تلاحق كل تصرفاتها لم تكن إلا لذلك الشاب قريب زهرة و التى عرفت لاحقا أنه ابن أخيها الأكبر صابر .. تلك العينان جعلتها ترتبك قليلا ثم سرعان ما إستعادت توازنها و تلقائيتها .


بينما زهرة تبتسم على مشاكسات إخوتها بوسى و أسامة و محمد و سوما

.. و قد لاحظت بعد فترة غياب أسماء و بودة .. لذا سألت عنهم بحسن نية .. و لم تجد إجابة من إخوتها إلا الصمت و أرتبكت السيدة نعمة قليلا ثم تحججت بمرض أسماء الذى منعها من إستقبال زوجة أخيها .. و أوضحت أنها ستقوم بزيارة زهرة لاحقا بعد شفائها .. و قد لامت السيدة نعمة فى نفسها إبنتها المدللة أسماء التى لم تتحمل أن تتميز زهرة عنها لتقابل بعدها مساعدات زوجة أخيها لها بالنكران .. ثم تناست السيدة نعمة أمر إبنتها و ركزت كل جهدها على زوجة إبنها و ابنتها الروحية زهرة .. لتجد أنه على الرغم من ضعفها البادى عليها و أرهاقها من الحمل إلا أنها إزدادت جمالا و توردت ملامحها مع البرودة القليلة الشائعة .. لتجعلها فى أوج أنوثتها رغم بطنها التى كبرت لتسع تؤامها حسب إعتقاد السيدة نعمة .

بعد فترة غادر أهل زهرة كذلك أسامة و محمد ليتركوا زهرة على راحتها بعد أن إتضح عليها الأرهاق الشديد .. ليتبقى فقط الجد و السيدة نعمة فى الصالة بينما أعانت كلا من سوما و بوسى زهرة لتغيير ملابسها لملابس أكثر راحة فى غرفتها الوحيدة الموجودة بالمنزل .. لترتدى فستانا بسيط واسع خاص بالحمل ثلاثة أرباع كم طويل حتى الكاحل ذو لون أصفر فاتح عكس تورد بشرتها بشكل جميل ..

لتصبح أكثر إشراقا .. و لم يسع الجد و السيدة نعمة سوى الصلاة على النبي ..

ليلتف الجميع حولها ثانية فرحين بحملها الذى كبر جدا عن المعتاد .. لتبتسم السيدة نعمة لزهرة

- السيدة نعمة بإبتسامة ممتنة :

عاوزين نشترى حاجات

الولادة يا رورو .

- أغتصبت زهرة إبتسامة بسيطة لوقع

الاسم الذى أطلقه عليها أصلانها منذ

أول يوم قابلها فيه .. و ردت بهدوء :

اللى تشوفيه يا ماما .

- لينظر الحج قدرى بامتنان لتلك الفتاة

العاقلة التى هداها الله لهم :

ربنا يكملك بعجلك يا بتى .

- سوما بفرحة :

هنجيب من كل حاجة أتنين يا

رورو .. أنا مش مصدقة .. أخيرا

قربوا حبايب خالتهم يوصلوا ..

أنا واحد و بوسى واحد .

- بوسى بحنق :

إيه ده ؟! .. مش لما نعرف

الأول نوع الجنين .. إحنا لازم

نروح للدكتورة الأول و بعدين

هشوف هنجيب لهم إيه .. بينك

و لا لبنى و لا مكسات بين

الاتنين .

- ردت زهرة بهدوء و رقة :

تلاتة .

- لم ينتبه أحد لما قالته زهرة إلا بوسى

ولم تستوعب هى أيضا المعنى :

هما إيه دول اللى تلاتة ؟!

- زهرة برقة بعد أن إنتبه الجميع لها :

أنا قصدى إن أنتوا هتجيبوا

لتلاتة مش لأتنين .

- " إإإإإإإإ ييييييييييييييه "

و ما كان الصوت سوى للأربعة مرافقى

زهرة .

- الجد بفرحة :

اللهم صل و سلم على سيدنا

محمد .. اللهم لك الحمد و

الشكر .

- سوما بفرحة :

و النبى صحيح ؟! .. ألف مبروك

يا زهرة .

- بوسى بدعابة :

و أنا بقول برده الدملكة دى

مش طبيعية .. آه يا أروبة !

و أخيرا إنتبه الجميع إلى السيدة نعمة التى إنخرطت فى موجة بكاء شديدة و يستمر لسانها يلهج بذكر الله .. و قد إقتربت من زهرة لتضمها بين ذراعيها .


- السيدة نعمة ببحة بكاء :

ربنا يجازيكى خير يا بنتى زى

ما فرحتينى إنهاردة .. اللهم لك

الحمد و الشكر .. صبرت يا

الأصلان و ربنا جزاك .

ثم إنخرطت من جديد فى بكائها

- الحج قدرى متأففا :

الله جرا إيه يا نعمة ؟! ما تصلى

على النبى أمال ؟ .. هو أنتى فى

الحزن باكية و فى الفرح باكية ؟

- بوسى بدعابة :

مابلاش يا جماعة جو الكآبة

ده .. إحنا ما صدئنا زهرة ترجع

.. ثم أنا قلبى ضعيف و النبى

لو فتحت فى العياط هغرئلكوا

الدنيا هنا و إحنا بصراحة لسه

ماسحين .. و أنا مش عاوزة

أتكلم بئا .

- سوما بفرح :

إحنا لازم نئول لخالتى أم أحمد

تحضر أكل كتير لزهرة دول

أربعة دلوقتى بيكلوا .. عشان

تتغذى كويس و صحتها تتحسن .


- السيدة نعمة :

ألا صحيح يا رورو .. الدكتورة

قالتلك نوعهم إيه ؟!

- زهرة بإبتسامة :

أنا عرفت بس فى المستشفى

أنهم تلاتة .. و مرضتش أعرف

النوع إلا لما تكونوا معايا و كمان

حاجات الولادة برده .

- الجد فخورا بأخلاق قطة الأصلان :

تسلمى يا بتى .. مرضتيش

تكسرى فرحتنا حتى و أنتى

زعلانة .. ربنا يئومك بالسلامة

.. و آنى عن نفسى هما

" و أشار بعينيه على بطن زهرة "

أغلى ما عندى .. ندرا عليا لأعملهم

ليلة لله محصلش زيها فى البلد

و البلدان اللى جنبنا .. يتحاكوا

عنها سنين .

- السيدة نعمة بفرحة :

و أنا هنزل إشتريلهم كل اللى

فى السوق و من أغلى نوع

كمان .. هو أنا عندى أعز من

ولاد الأصلان .

- سوما بطيبة قلب و فرحة لصديقتها :

الله و النبى يا ماما خودينى

معاكى أنئى الهدوم و اللعب .

- السيدة نعمة التى تحتضن سوما :

حاضر .. من عنيا .. عقبال ما

أجيب لعوضك أنتى و أسامة .

- سوما بفرحة غطت على خجلها :

يا رب .. يا رب .. يا رب

- الحج قدرى :

شوف البت ؟! .. مفيش

خجل و لا تستحى .

- بوسى :

خجل إيه و مستحة إيه ؟! ..

دا أسامة خاربها و أنتوا نايمين

فى العسل .. و بيكلمها كل يوم

و بيئولها كلام يدوخ .

- سوما و قد أخجلتها بوسى :

بوسى .. إيه الكلام ده ! ..

عيب كده ! .

- السيدة نعمة :

أنا هروح أوصيلك على غدا

معتبر يرم عضمك و هاجى .

- إلا أن بوسى التى لاحظت إرهاق زهرة الواضح :

بئولك إيه يا مرات خالى .. آجلى

الغدا شوية على ما زهرة تستريح

و تشم نفسها كده و أنا بنفسى لما

تجوع هروح أجيبلها صنية الغدا

من أم أحمد .

- السيدة نعمة التى فهمت على بوسى :

و مالوا .. خليكى يا بوسى

جارها عشان لو عازت حاجة .


- بوسى مقاطعة :

أنا مش هتنقل من جنبها إلا

لما تئوم بالسلامة .

- الحج قدرى بإطمئنان :

خلاص .. يلا يا نعمة و إبجى

شيعى لفاطمة و لا ورد تشوف

طلاباتهم .. يلا يا جماعة .

- السيدة نعمة :

هطل عليكى كل شوية .. مش

هسيبك لوحدك أبدا .

أومئت زهرة برأسها لهم بعد أن وصل بها الإرهاق لمرحلة كبيرة .. جعلت بوسى تسرع لإسنادها إلى فراشها حتى

تأخذ قسطا من الراحة بعد أن أبدلت لها ملابسها لأخرى قصيرة مريحة تناسب الحمل .. بينما خرجت بوسى إلى الصالة تشغل وقتها بمشاهدة التليفزيون .

بينما فى جهة أخرى وصل الجد و السيدة نعمة و سوما إلى المنزل الكبير ليتفاجأوا بأصوات شجار مرتفعة لم تكن إلا لأسماء و محمد بينما يجلس أسامة يحتضن بودة و لم يتدخل حتى لا يحتدم الوضع ..

- أسماء :

مين دى اللى أروح أسلم عليها

أنت مش عارف أنا مين و لا

إيه ؟!

- محمد بإنفعال :

أنتى إيه إللى جرالك ؟! .. ما

سوما و بوسى راحوا و فضلوا

معاها .. مائلوش ليه إحنا ولاد

مين ؟! .. أنا بئولك مايصحش

حتى كنتى جيتى سلمتى عليها

و مشيتى بعد كده .. لكن كده

عيب يا بنتى .. إيه اللى جرا

بينك و بينها يخليكى مش

طايئة سيرتها كده ؟!

- أسماء بإنفعال متولد عن غيرة :

و الله أنا حرة .. و لا هتجبرنى

يا سى محمد ؟! .. ما هو ده

إلى ناقص خدت الكل فى صفها

حتى جوزى هتئلبوا عليا .

- الحج قدرى بإنفعال :

أنتى أتجننتى يا أسماء .. إيه

اللى أنتى بتجوليه ده ؟!

- أسماء :

بئول إللى بيحصل يا جدى من

ساعة ما ست زهرة شرفت و

أنتوا كلكوا إتجننتوا .. و كل

حاجة زهرة زهرة .. حتى سى محمد

اللى مكنش بيتكلم بئا مش

عجبه حاجة .

- السيدة نعمة بعصبية من إبنتها الهوجاء :

أسماء إسكتى .. عيب كده ..

إيه يا بت محدش مالى عينك.

- محمد بهدوء يسبق عاصفته :

إستنى أنتى يا خالتى .. أنتى

بتئولى محمد اللى مكنش

بيتكلم .. أنا لما بشوف تقصيرك

و مابتكلمش فده عشان خاطر

حبى ليكى بنصحك و استنى

.. أشوف هتعملى إيه .. و عشان

خاطر جدى و خالتى و إخواتى

.. إنما لا خوف و لا غيره ..........


- قاطعه الحج قدرى رغبة فى تنازل

محمد عن رأيه .. و الذى استشف

ماهيته :

صل على النبى يا بنى وأهدى

.. أسماء ما تجصدش اللى جه

فى بالك .. أنت كتر خيرك

رضيت تعد معانا بعد ما أنا

طلبت منك ده .. و كمان

بتشتغل معانا بفلوسك وسط

كومة من ولادى محدش منهم

يملك مليم واحد .


- محمد بهدوء و غموض :

العيب مش عليها يا جدى ..

العيب على اللى حط نفسه فى

الوضع ده .


- الأصلان الذى يقف أعلى السلم الداخلى و قد عاين من الأحداث ما يكفيه لتكوين فكرة عن الموضوع :

استنى يا محمد .. إذا كنت آعد

هنا فده مكانك و سط إخواتك

.. و إن الأرض ماشاليتكش أحطك

فوق راسى و راس الكل .. أنت

اللى تعد

" ثم نظر إلى أخته الهوجاء بتوعد "

و قليل الرباية يتربى من جديد .

لم يستمع محمد لكلام أخيه الأكبر الأصلان لأول مرة .. و إتجه مسرعا إلى

الخارج .. ليلحقه أسامة مسرعا بعد أن أعطى بودة الذى أرهقه البكاء إلى سوما المصدومة مما يحدث .. و لكنها رافقت بودة هى الأخرى إلى منزل زهرة لتجلس مع بوسى حتى تهدئ الأجواء قليلا .

بينما بكت السيدة نعمة على خروج محمد ابن أختها الوحيدة بهذا الشكل من المنزل .. و الذى قد أنضم إليه منذ وفاة أختها بعدما أصبح وحيدا .. لتعتنى به مع أبنائها و يضمه الحج قدرى إلى قائمة أحفاده .. و كذلك جلس بجانبها الحج قدرى متكدرا مما حدث .. و لم يهتم أحدهما بأصلان الذى ينزل السلم كوحش و قد ركز نظراته الجليدية على أخته الهوجاء ..

كذلك لم يهتما بصوت صفعة الأصلان لأخته .. و تراجع أسماء قليلا إلى الوراء من قوة الصفعة و خوفا من أخيها الأكبر .

- لينطق بعدها بصوت جليدى ناتج عن شدة غضبه مما حدث .. خاصة بعد أن أدخلوا قطته طرفا فى خلافهما :

إيه اللى دخل زهرة فى الكلام

بينك و بين جوزك يا أسماء ؟!

- أسماء بخجل من كشف ذاتها أمامهم :

أأأأ .. أن .. أنا كنت بئول بس

مش كل حاجة زهر.............


" ثم قطعت حديثها خاصة بعد أن

تغيرت تعبيرات وجه أخيها ليكون

وجهه أكثر قتامة و تراجعت عدة

خطوات أخرى إلى الخلف "

- الأصلان بهدوء مخيف :

هممممم .. كملى .. بعد كل حاجة

زهرة .

- لتصمت أسماء تماما .. و يكمل الأصلان الذى أقترب منها :

أنتى فاشلة يا أسماء .. و أنا

ملاحظ ده من أول جوازك ..

مش عارفة تراعى جوزك و ابنك

.. و مش لائية حد تعلئى عليه

فشلك إلا زهرة .. بما إنها الوحيدة

اللى متجوزة زيك فأكيد الكل

هيقارن بينك و بينها .. و ده كان

نفس اللى هيحصل لما سوما

تتجوز أسامة .

- أسماء بغيرة :

أنت أول مرة تضربنى يا أصلان

و طبعا عشان الست زهرة جت .

- أصلان :

أنا عمرى ما أضربك عشان خاطر

زهرة .. عشان مش هسمح إن

يحصل حاجة بينك و بينها ..

أنا ضربتك عشان خاطر جوزك اللى

عليتى صوتك عليه و هنتيه .. و ما

عملتيش اعتبار لجدك و إخواتك

اللى آعدين .. و خلتيه يخرج وسط

كومة رجالة .. أنتى كده

كأنك بتئولى للكل إنك

ناقصة رباية و إذا مكنش حد هنا

يديهالك .. فأنا هقوم بيها .. و زهرة

سيرتها متجيش على لسانك تانى

أنتى فاهمة ..

" و صرخ آخر كلامه "

أمشى على فوق مش عاوز أشوف

وشك .. يلا .


لتصعد أسماء مسرعة إلى الأعلى .. و اتجه أصلان للجلوس بجانب جده و أمه التى لم تنهى بكائها بعد

- ليقول الجد متأففا :

ما خلاص يا نعمة أنتى كمان ..

مش ناجصة هيا .

- السيدة نعمة ببكاء :

غصب عنى يا عمى .. أنا أول مرة

أحس أنى قصرت فى تربية عيل

من عيالى .. أنا مش عارفة هيا

طالعة كده لمين ؟!

- الحج قدرى بلين مقدرا خزن زوجة إبنه :

مجصرتيش فى حج حد يا بتى

.. أنتى ربتيها بما يرضى الله زيها

زى أخوتها .. بس شكلها كده

خدت على الجلع و الراحة .. بعد

ما كانت الواحدة منيكم زمان

تجوم بحاجة راجلها .. دلوئتى

الواحدة رامية الحمل كله على

الشغالين لحد ما البيوت خربت .


- السيدة نعمة بحزن :

و ده يمنع فى إيه بس يا عمى ؟!

شوف هنا كام واحدة بتساعد

فى الشغل و برده كنت بشتغل

معاهم .. و زهرة الله يكرمها كده

ما كانتش تخلى حد يعمل حاجة

للأصلان .. هيا بس اللى تعملها

له .

إنشرح قلب الأصلان لذكر قطته و لانت تعبيرات وجهه .. بعد غضبه العارم من أسماء و محمد على السواء .. فالأصلان لم يستطع تحمل أن تكون قطته محورا لتفكير كلا من أخته و زوجها . 

- صمتت السيدة نعمة قليلا .. ثم أكملت :

الله يسامحك يا أسماء ضيعتى

فرحتنا .

لتبتسم السيدة نعمة و يبادلها الجد الإبتسامة .. و يتعجب الأصلان من تبدل حال أمه وجده .. لتقول السيدة نعمة بفرحة

- السيدة نعمة بفرحة :

ألف مبروك يا الأصلان .. ألف

مبروك يا بنى .. زهرة حامل .

لينظر لها الأصلان بإستغراب قليلا

- لتتدارك السيدة نعمة خطأها :

يوه الفرحة نستنى .. قصدى

زهرة شايلة تلاتة مش اتنين

زى ما كنا فاكريين .

لتلين ملامح الأصلان منذ ذهاب قطته و تفرج عن إبتسامة .. و تلمع عينيه فرحة و حنين لتلك القطة الصغيرة التى لونت حياة أصلانها .

- الجد الذى يفهم ما يحدث داخل حفيده العنيد من مشاعر قال بهدوء :

ألف مبروك يا الأصلان .. يتربوا

فى عزك يا بنى .

- الأصلان بإضطراب داخلى :

و عزك يا جدى .

ليستقيم بعدها و يتجه للخارج .. و يسأله الجد مسرعا

- الحج قدرى :

على فين يا بنى .

- ليجيبهم صوت الأصلان البعيد :

مشوار لله .

ليفهم الجد مقصد حفيده .. بينما يستمر هو و السيدة نعمة بذكر الله و حمده كثيرا على تلك النعمة .. و كأن الله سبحانه و تعالى عوضه سنوات عزوفه عن الزواج و الإنجاب ليهب له ثلاثة أطفال .

قبلها دخلت سوما و معها بودة منزل زهرة .. لتجد فقط بوسى فى الصالة و التى أفزعها شكل ابنة خالها سوما كذلك شكل بودة الذى لم تختفى ملامح البكاء من وجهه .. لتنتفض من مكانها فى محاولة لتهدئة بودة .. و لما لم تستطع أعطته هاتفها يلعب عليه كباقى الأطفال .. و سرعان ما صمت بودة بعد أن ألتهى بهاتف بوسى .. و تقص سوما على بوسى سريعا ما حدث فى المنزل .. لتشهق بوسى من الصدمة

- بوسى بصدمة و لكن بصوت منخفض خوفا من استيقاظ زهرة :

          أسماء دى و الله مش بتقدر

          النعمة اللى فى إيديها .. فى

          واحدة تتكلم بالأسلوب ده مع

          جوزها .. و أدام جدها و أخوتها

       

- لترد سوما بحزن :

        و لا محمد مايستاهلش منها كده

        .. ده عمره ما زعلها .. و لا زهرة

        كمان و الله .. ربنا يهديها .

- بوسى :

         على رأيك دا زهرة كانت بتنظم

         لها وقتها عشان محمد ميزعلش

         أكتر من كده .. و مردتش هى

         تئوم بحاجة محمد عشان ما

         يتخانئش هو و أسماء و يئولها

         زهرة هى اللى بتعملى حاجتى

         .. و بعد كل مساعدة زهرة دى

         تروح تئول كده عليها .. على

         الله الأصلان ميئطعش خبرها .


- سوما :

      أنتى عارفة يا بوسى .. ساعة لما

      أسماء مارضتش تيجى تجهز معانا

      البيت لزهرة و لا كمان رضت تسلم

      عليها .. كنت فاكراها بتهزر أو

      متضايقة عشان مشكلة إسراء و

      عابد .. أو زعلانة عشان بيت

     أخوها اتهد .. لكن الطريقة اللى

      كانت بتتكلم بيها على زهرة

      متئولش كده .. دى غيرة يا بوسى

      .. و غيرة وحشة تضر و تخرب

      .. أنا بحمد ربنا إن الموقف ده

      حصل قبل جوازى من أسامة و

     إلا زمانها كانت عملت مشاكل برده

     بسببى .

- بوسى بشرود :

      أنا من ساعة ما جيت من السفر

      و أنا حسيتها إتغيرت .. بعدت

      عننا و مكنتش بترضى تعد معانا

      زى الأول .. و كمان المشاكل بينها

      و بين محمد كترت أوى أكتر من

      الأول .. بس ماكنتش فاكرة إن

      ده السبب .. و طبعا بما إن زهرة

      أدامها شايلة البيت كله .. و كمان

      ما بتخليش الأصلان يفكر يطلب

      حاجة من حد غيرها .. بئت تبص

      لزهرة .. الطبيعى إنها تحاول تتعلم

      منها لكن أسماء تحسى إن دلعها

      زاد بعد الجواز و مش عاوزة

      تعمل حاجة .

- سوما هى الأخرى بشرود :

         و محمد كمان ماكنش واخد باله

         من إهمال أسماء أو كان مطنش

         .. بس طبعا لما شاف زهرة بسنها

         الصغير و شايلة الأصلان شيل ..

         و البيت ماشى زى الساعة ..

         و الله أكبر تستنى الأصلان حتى

         لو أتأخر و ماتأكلش إلا لما ييجى

        .. و تصحى قبليه تحضرله

        حمامه و هدومه .. بدأ يحس إن

        فى حاجة غلط و ده اللى سبب

       المشكلة .

- ردت بوسى :

        و اللى كانت برده هتقوم لو كنتى

        أنت و أسامة إتجوزتوا الأول .

ليقطع حديثهم صوت هاتف بوسى الموجود مع بودة .. لتقترب بوسى مسرعة حتى لا تستيقظ أختها زهرة ..

و تبتسم عندما ترى أن المتصل لم يكن إلا الأصلان لتجلس بجانب سوما و تتحدث

- بوسى بإبتسامة و صوت خافت :

        السلام عليكم يا الأصلان .

- الأصلان بهدوء و وقار :

        و عليكم السلام و رحمة الله ..

      " ليصمت قليلا ثم يقول بقلب

           أشتدت خفقاته "

      هى عاملة إيه يا بوسى .

- تبتسم بوسى على قلب أخيها اللين تجاه زهرته و تتطمئنه :

      هى بخير و الحمد لله .. بس

      دخلت تنام أصلها تعبت شوية من

      الطريق .

- الأصلان بخوف :

      تعبت إزاى ؟! .. بتتألم يعنى ؟! ..

      فى حاجة بتوجعها ؟!

- بوسى بحب لأخيها الأكبر و زوجته :

          اطمن يا أبيه .. دا بس الحمل

         و تعب السفر .. و راعى إن

         جسمها تقل و على طول حاسة

         إنها عاوزة تنام .. مش أكتر ..

         فهمتنى .

- همهم أصلان بفهم .. و قال بهدوء و رقة لا تناسب إلا قطته الصغيرة :

        يعنى هى دلوقتى نايمة ؟!

- بوسى بخبث :

        فى سابع نومة .. و بتاكل رز بلبن

       مع الملايكة .. يعنى لو جيت و

       شوفتها مش هتحس بحاجة .

لتسمع كلا من بوسى و سوما طرقا على الباب .. فتبتسم الفتاتان لبعضهما على عشق أخيهم الأكبر لزوجته .. لتغلق بوسى هاتفها و تذهب لفتح الباب لأخيها .. و يدخل الأصلان بنفس مثقل و قلب أشتدت خفقاته .. يريد رؤية قطته .. ابتسم لبوسى و سوما برقة جعلتهما تسقطان أفواههما من الدهشة .. و يتركهما ليتجه للغرفة الوحيدة الموجودة و الخاصة بقطته .

أقترب الأصلان من قطته الصغيرة النائمة بفراشها .. و قد أرتدت فستانا رقيقا قصيرا واسع يليق بحملها .. و ضحك قليلا على بطنها التى كبرت جدا مناسبة لأخرى فى التاسع و ليس السادس .. و لكنها ظريفة عليها بشكل جعله يقترب منها جالسا على الأرض بجانب فراشها غير عابئ بعبائته و جلبابه و يقبل بطنها الظريفة قبلات طويلة رقيقة .. لم يمنع نفسه فيها من استنشاق رائحتها .. ليتركها سريعا خوفا من استيقاظها .. و يصعد قليلا ليتأمل وجهها الذى توردت ملامحه و زادت إشراقا و لا يعلم فعليا أهو شوقه لها أم هى فعلا تزداد جمالا فى كل مرة يراها فيها .. و لم يستطع منع دموعه من السقوط ندما على إيذاء قطته .. و على فراقهم المحتوم .. كذلك لشوقه الشديد لها .. ليجلس مقابلها أرضا قليلا من الوقت لم تترك كفيه فيه خصلات شعرها .. حتى ظهرت بوسى عند باب الغرفة تنبهه للوقت خوفا من استيقاظ زهرة .. ليستقيم و يقبل قطته على جبينها برقة و يغادر .. غير عابىء بالفتاتين اللتين سقطتت أفواههما ثانية على أخيهم الأكبر ذو الهيبة و الذى خرج أمامهم من عند قطته غير عابئ

بدموعه و لا خجلا منها .

لم تتحرك سوما و بوسى من مكانهما بعد مغادرة الأصلان .. و لم يفيقهم من صدمتهم بحب أخيهم الشديد لزوجته سوى صوت هاتف بوسى للمرة الثانية

و الذى لم يكن سوى أخيهم الأصلان أيضا الذى تذكر بعد خروجه من منزل القطة إنه لابد من وجود صورة لها معه

.. تعينه و لو قليلا على شقائه فى حبها

.. لتتحرك بوسى مغيبة إلى غرفة زهرة التى لا تدرى بما يدور حولها و تلتقط لها عدة صور و هى نائمة و ترسلها لأخيها .. الذى لم يتحرك من سيارته حتى وصلته ليأمر بعدها سائقها بالانطلاق  إلى مشواره الذى أخبر به جده سابقا .

جلست بوسى أمام سوما المبتسمة و هى شاردة مما حدث منذ قليل

- بوسى بشرود :

       عارفة يا سوما .. أنا بحسب الحب

      اللى زى حب أصلان لزهرة ده

      خلص من زمان .. أول مرة أشوف

      اتنين بيحبوا بعض أوى كده .

- سوما بإبتسامة :

         و الله أصلان و زهرة يستاهلوا

         كل خير .. الأصلان تعب كتير

         عشان خاطرنا و ربنا عوضه ب

         زهرة .. و رزقها بيه .

- بوسى بعقلانية :

         ليها حق أسماء تغير منها ..

         الأصلان أخونا بيبقى واحد تانى

         خالص معاها .. أنا أول مرة

         أشوف دموعه .. و لا حتى

         تصرفاته دى .

   " لتبتسم فجأة و تقول "

        بس على مين و دين النبى مش

        هتنازل عن إنهم يسموا بنت من

        اللى فى بطنها بأسمى .. بعد

        المرمطة اللى شفتها دى .. دا أنا

        آعدة جنبها شبه الندورجى .. لأ

        و كمان بقيت مصورة .


- لتضحك سوما :

          يا بكاشة و أنتى تعرفى منين

          اللى فى بطنها إيه ؟!

- بوسى بخبث :

         مش حكاية .. خير ربنا كتير

        جوه فى بطنها أكيد حد فيهم

        بنت .

- تتنهد سوما :

        أنا خايفة أسماء تشيل فى نفسها

        أكتر لما تلاقينا كلنا عند زهرة و

        محدش راحلها بعد اللى حصل .


- بوسى بجدية  :

        بلا أسماء بلا بتنجان .. مش

       عاوزين نديها وش عشان

       متفكرش إن اللى بتعمله صح ..

       و أسكتى بقا خلينى فى اللى أنا

       فيه .

- سوما بتعجب :

        خير يا بوسى فيه إيه ؟!

- بوسى بحالمية :

         مفيش .. خير اللهم أجعله خير

        .. جوز عيون سود قلبولى حالى

        " تصمت قليلا و تتنهد "

       الواد قمر يا سوما .. قمر .

- سوما بهدوء :

      قريب زهرة .. ابن أخوها صابر .


- بوسى بحالمية :

        أيوه الملاكم ده .

- سوما بتعجب :

       إيه ده هو بيشتغل ملاكم ؟!

- بوسى :

      لأ .. أنا سميته كده .. الواد طول

     بعرض .. تحسيه بيلعب ملاكمة

    .. يخربيته إيه الرجولة القاتلة دى ؟!


- لتضحك سوما و تكمل بوسى :

        أنا كنت بتكلم عادى .. بس

       لاحظته بيبص عليا .. عارفة إيه

       اللى شقلب كيانى من ساعة ما

       مشى ؟!

- سوما التى ترى أختها لأول مرة فى هذه الحالة :

      إيه ؟!

- بوسى :

     عنيه يا سوما .. أول مرة أشوف

    واحد عينه بتضحك و جواها طيبة

    .. عنيه حنينة أوى .. أول لما شفته

    بيبصلى معرفش ليه خفت و كنت

    هتلخبط فى الكلام بس لحقت

    نفسى .. و من ساعتها و قلبى مش

    مظبوط .. كان نفسى بس أعرف

    إسمه إيه ؟!

     " أحمد  "

- و ما كان الصوت الهادىء الرقيق إلا لزهرة التى استيقظت من نوما تريد شرب الماء لتستمع بالصدفة لحديث بوسى .

لتسعد الفتاتان لاستيقاظ زهرة .. و يتبادلن حديثا خفيفا .. و تذهب سوما بعدها لإحضار الغذاء لهن جميعا .. بينما تلقت بوسى مكالمة هاتفية من والدتها و ابتعدت قليلا عن زهرة للرد عليها حتى لا تزعج زوجة أخيها الشاردة ..

و لم يتبقى سوى زهرة و بودة الذى قبلها بسرعة ليجلس مكانه و يكمل لعبه على هاتف سوما .


بينما لم تركز زهرة كثيرا على جميع ما حدث .. بل كانت مضطربة و تتلاحق أنفاسها بسرعة بعد أن استيقظت من نومها لتحاوطها رائحة طالما عشقتها

.. و كانت مهدئة لها خاصة فى فترة حملها و لم تنساها .. تعلم القطة جيدا

إنها لم تكن سوى رائحة أصلانها .. الذى أخيرا تذكر قطته .. لتجد نفسها تنادى على بودة الصغير و تسأله عن خاله الأكبر ليجيبها بما يؤكد شكها .. و تبتسم زهرة بعد أن يأست فى رؤيته بعد غيابه عنها .. إلا أنها وعدت نفسها

بصرامة أن توضح لسوما و بوسى غضبها من تلك الفعلة و لكن بمرور الوقت وجدت نفسها لا تقوى على ذلك .. و لم تخبر صديقتيها بمعرفتها بزيارة الأصلان لها .. دون أن تحاول إيجاد مبرر لذلك .. فقلبها البائس يعلم لما فعلت ذلك و قد أجبرها على الصمت لعل أصلانها يكرر زياراته .. فتشبع روحها السقيمة برؤيته .

          

 39 

.


الفصل التاسع والثلاثون


فى منزل حامد المنصورى :


جلس " أحمد صابر " بشرفة غرفته بعد أن عاد مع أبيه و جده من عند عمته الصغرى و الوحيدة زهرة .. صديقته الطيبة الرقيقة أكثر من كونها عمة له .. نظرا لعمرها المقارب لعمره .. تاركا جده و أبيه بالطابق الأول و يصعد هو للطابق الثالث المتواجد به غرف الأحفاد شاردا .. منذ إلتقائه بتلك الفتاة التى كانت تحمل عمته الغارقة بدمائها و تبكى محتضنة إياها بشدة .. صارخة بالجميع حتى جده و زوج عمته الأصلان الملقب بالوحش .. و رافضة تركها وحدها على الرغم من الجيش المكون من أقاربه إلا أنها أعتبرتها وحيدة و أصرت على الذهاب معها لولا أن نبهتها سيدة ما كبيرة بالعمر و من الواضح أنها تعمل عندهم على ملابسها و التى كانت غارقة بالدماء .. فى تلك اللحظة لم يشغل أحمد باله بها نظرا لإلتهائه بمرض عمته .. حتى قابلها مرة ثانية .. و كانت أجمل من الأولى من حيث تبدل الأجواء إلى الفرح .. فكانت فتاته مزيج من الصفات المتناقضة التى لائمتها جميعا .. ضاحكة .. باكية .. حنونة .. مشاكسة .. شرسة .. أضفت أجواء أكثر مرحا .. فأضحكت الجميع حتى جده و أبيه الصارم .. و نالت محبتهم جميعا .. كما من الواضح متانة علاقتها بعمته الصغرى .. فلم تبالى بالجميع و صرخت بهم لراحتها بعد أن ألتهى كل فريق من العائلتين بالسلام و الترحيب .. و لم تقطع همسها لعمته المندمجة معها و كذلك تلك الفتاة الأخرى الهادئة خطيبة أسامة الأخ الأصغر للأصلان .. و شاكست عمته و الجميع و لم تتركها إلا ضاحكة .. كما لم تبالى بالجميع للمرة الثانية و استئذنتهم لتغيير ملابس عمته بأخرى أكثر راحة .. كذلك مرحها الدافئ مع جدها الحج قدرى و الذى يتضح منه قوة علاقة الجد بحفيدته .. ليجد عينيه تراقب كافة حركاتها و سكناتها دون إرادة منه .. ليصمت بحزن مع بكائها .. و يبتسم على مرحها .. حتى هدأت فتاته فجأة بعد أن أمسكته بالجرم المشهود مراقبا لها .. لتخجل أخيرا تلك الجريئة بشكل جعله شاردا طوال طريق عودته من منزل الحج قدرى إلى منزلهم .. كذلك لم يبالى بنداء الآخريين له .. و وجد نفسه ينسحب ليختلى بنفسه رغبة منه فى تذكر كل ما بدر منها مرارا و تكرارا حتى يلتقيها ثانية .. و هو ما وعد به نفسه و عزم على تنفيذه .


و من جهة أخرى خرج محمد من منزل الحج قدرى فاقدا لأعصابه لا يرى أمامه من الغضب .. لدرجة جعلته يترك سيارته و يمضى فى طريقه مسرعا سيرا على قدميه ..  يلحقه أسامة صديقه و ابن خالته من بعيد .. بعد أن فضل عدم التحدث معه حاليا نظرا لحالته التى يراها لأول مرة .. و أكتفى فقط بمراقبته و ملاحقته من بعيد خوفا على صديقه و خجلا من تصرف أخته التى توعدها بمجرد أن يعود لمنزله .. حتى وجده يتوقف أمام منزل والديه و الذى تركه بعد وفاة والدته الأخت الصغرى للسيدة نعمة و التى قد توفى زوجها أبو محمد أثناء حملها له ..

لذا قام الحج قدرى بعد وفاة والدته بتربيته و اعتباره حفيد من أحفاده الذين يعيشون فى كنفه .. و جعله يترك منزل والديه منذ أكثر من خمسة عشر عاما .. ابتسم محمد بحزن لتلك الذكريات و يدفع بوابة منزله .. لتقابله حديقة المنزل المشذبة بشكل جيد نظرا لحرصه الدائم على ذلك و يجلس على أحد مصاطبها المبنية على جوانبها مطرقا رأسه فى تفكير .. ليشفق أسامة على حال أخيه و صديقه .. و يتقدم حتى جلس بجانبه صامتا .. بينما نظر محمد إليه ثم عاد لصمته و لا يعلم أى من الصديقين كيفية بدأ حديث .. حتى بدأ محمد حديثه بخفوت


- محمد بصوت خافض متأثرا لحزنه :

عارف .. طول عمرى ببص لأختك

على أنها بنت خالتى و بس .. لحد

ما أمى ماتت و جدك أصر أنى آجى

آعد معاكوا .. ساعتها شفت

إنسانة رقيقة .. هادية .. بتتكسف

من خيالها .. لقيت نفسى

بتشدلها أوى .. و طلبت من جدى

أتجوزها .. لكن بعد كده بدأت

تتغير و تبعد عنى .. لحد أنا

نفسى ما بئتش أعرفها .. بقت

غريبة .

- ليصمت محمد شاردا بينما يسخر منه أسامة فى نفسه :

جتك نيلة يا أهبل .. هادية و

رقيقة إيه .. دى شردوحة ..

دا كان كله صناعى و اللوقتى

بانلك الأصل .


- ليتنهد أسامة قائلا فى نفسه :

سامحنى يا صاحبى .. سامحنى

يا رب على اللى هعمله ده .. بس

غصب عنى .. عشان بس الواد

ابنهم .. البقرة بوده .

- أسامة بعقلانية :

إسمعنى يا محمد .. مع إنك أعقل

منى .. بس أنت بصراحة أهبل ..

" نظر له محمد شزرا .. ليكمل "

أيوه أهبل .. عايش جو الرومانسية

.. و الإيحاءات اللى من بعيد ل

بعيد .

- ليقاطعه محمد :

طاب ما أنت أنيل من كده مع

سوما ؟!

- ليرد أسامة معترضا :

أيوه .. بس فى فرق .. سوما أنا

مربيها على إيدى .. كمان شكلها شبه

السمبوسة و بتلبس نظارة .. عارف عنها

اللى هي ما تعرفهوش عن نفسها

.. و الأهم من ده كله .. فى فرق

بين حبك لمراتك و واجباتها إللى

عليها .. يعنى مش معنى إن أنت

رومانسى و بتجيب هدايا و

بتديها العذر لو قصرت .. إنها

تتمادى .. و مش معنى إن أنت

تصر على طلباتك .. زى إنها ترعاك

و تحضرلك حاجتك إن أنت كده

قاسى أو بتكرهها .. الراجل بيحتاج

ست ترعاه و تبقى سكن ليه زى ما

الست بتحتاج راجل يرعاها و يكون

سكن ليها و مسئول عنها .. و دى

بالظبط مشكلتك مع أسماء .. إن

أنت سيبت ليها .. أفتكرت لما

تتغاضى عن أخطائها و تقصيرها

إنك كده بتبين لها حبك .. و ده

غلط يا محمد .. أنا أخوها و بقولك

إن ده غلط .. المفروض كنت توجهها

و تقولها أن الفعل ده غلط أو بيأذيك

.. من واجب الزوج على الزوجة و

كمان الزوجة على الزوج أنهم يوجهوا

بعض .. و كمان يصارحوا بعض

بالحاجات اللى بيحبوها فى بعض

و اللى بيكرهوها فى بعض أو بيتأذوا

منها .


- ثم صمت أسامة قليلا ليكمل :

عندك مثلا زهرة مرات الأصلان

أنا فاكر أول جوازهم .. الأصلان

كان مانعها تقرب من أى حاجة

تخصه .. و برده زهرة كانت بتصر

إنها تحضر له كل حاجة خاصة بيه

بنفسها .. مهما زعل منها و لا غضب

و علا صوته .. لكن عمرها ما بطلت

تعمل حاجاته .. آه .. و بمناسبة

زهرة مرات أخوك أنا بعتب عليك

فى حاجة و ده حقى عليك و حقك

عليا كصاحب و أخ .


- ليقاطعه محمد بإستغراب :

عتاب إيه يا أسامة .. أنا حاولت

لحد ما أقدر أمسك نفسى

و ما أغلطش فى حق حد .

- أسامة بجدية :

مش أنت بس .. أنت و أسماء ..

مكنش ينفع تدخل زهرة طرف

ما بينكوا نهائى .. أولا لإن وضع

زهرة دلوقتى حساس ..

ملوش لزوم تعقد الدنيا أكتر من

الأول .. و كمان سببت مشكلة

بين زهرة و أسماء .. لإن أسماء

لما شافت إنك عاجبك اللى كانت

بتعمله زهرة مع أصلان .. سابت

التصرفات اللى أنت عاوزها

تعملها .. و مسكت فى زهرة

نفسها .. و لما معرفتش تعمل

زيها كرهتها .. و الأهم من ده

كله الأصلان أنت عارف هو

بيحبها أد إيه و بيغير عليها جدا

ملوش داعى تعد تجيب سيرتها

كل شوية أنت وأسماء .. ده

ممكن يخليه يشيل منك ..

فاهمنى يا صاحبى .


- محمد بندم :

أنا آسف يا أسامة .. و الله من

غضبى ما أخدتش باللى فعلا

من الحكاية دى .. شوية بس

الوضع يهدا و أنا هتأسف لأصلان


- أسامة بفكاهة :

أيوه بدل ميذرفك قلم و لا

بونية فى عينك .. على العموم

للإحتياط و أنت رايحله قولى

و أنا مش هروح معاك .

- محمد بإبتسامة خفيفة :

أنا بقول برده .. إيه الشجاعة

دى !

و فرغ الأصلان من مشواره الخالص لوجه الله .. وزع فيه مبلغ ما بينه و بين ربه .. داعيا الله بتقبله .. و أمر سائقه الخاص بالبقاء بعيدا بينما يجلس هو تحت شجرة ما بأرضه الشاسعة .. متأملا بعينيه أرضه التى أكتست ببساط أخضر و عماله بسعادة بالغة .. نبعت أخيرا من وجود نسل له من القطة الصغيرة التى عشقها .. و التى أشتاق إليها حد الجحيم .. و قد أججت رؤيتها و هى مستلقية أشواقه .. و لا يفارق عينيه براءة وجهها و إنتفاخ بطنها الظريف الذى زادها جمالا بعينيه

.. و أشعره بالفخر .. ليتذكر بسعادة هاتفه ليخرجه ممررا العديد من الصور لها أمامه .. مرارا و تكرارا .. لتتسع إبتسامته شيئا فشىء و يزداد حنينه لها

.. و يعترف فى نفسه بخوفه من رؤيتها و مواجهتها .. تلك القطة الصغيرة جعلته يخشى لقائها .. لا يريد أن يرى منها نظرة كره أو نفور .. و الأسوء نظرة خوف .. ليكتفى مؤقتا

بلقائها نائمة .. و لا يعلم أن القطة توافقه الرأى حتى يستعد كل طرف منهما لتلك المواجهة الحتمية .. و لا يعلمان أن القدر يسير عكس خططهم .. كذلك الجد و بوسى .

ضاقت زهرة من حصار بوسى الدائم لها .. و الأسوء ليس لطعام أو شراب .. بل حصارها مصاحب بإستجواب عن الملاكم الخاص بها .. ابن أخيها أحمد صابر .. لتعيد زهرة عليها مرارا و تكرارا

تاريخ ولادته و حياته .. و تعدد لها مجبرة قائمة بالمفضلات لديه .. و أخرى بما لا يحبه .. مما آثار ضيقها الذى يصاحبها أساسا من تضخم حملها و ثقله عليها .. كذلك ضحك سوما من إعجاب بوسى لأول مرة بشاب .. و الأغرب أنه إعجاب ناتج عن لقاء واحد لم يستغرق أكثر من خمسة و أربعون دقيقة .. لتسقط تلك المتمردة كما يقولون فى الحب من النظرة الأولى ..

و لما لم تستطع زهرة التهرب من بوسى و ضبط أعصابها التى أنفلتت من صديقتها أضطرت للهرب إلى غرفتها و إغلاقها خلفها .

ليأتيها لسوء الحظ إتصالا من ابن أخيها العاشق الذى يبدو أنه يحمل نفس الشعور لصديقتها .. لتجد نفسها تحت حصار آخر من الأسئلة و لكن هذه المرة من ابن أخيها أحمد و الذى يكبرها بثلاث سنوات .. و قد تخرج من كلية التجارة .. و يعد الذراع الأيمن لأخيها صابر كما يعتمد عليه جده الحج حامد بشكل كبير .. مما حمله مسئوليات و أعباء من سن صغير كانت لها دورا رئيسيا فى بنيته الجسدية التى أصبحت أشبه بالملاكمين .

و انتهى اليوم برجوع أسامة وحيدا تاركا ابن خالته و زوج أخته بمنزله .. الأمر الذى أحزن الحج قدرى و السيدة نعمة .. ففى النهاية لم يتمنى أحدا منهم أن يتفاقم الوضع لهذا الحد الذى يجعل من ربيبهم محمد يترك المنزل

.. بينما لم تغادر أسماء غرفتها تحت بند الغضب ظاهريا و الخجل مما فعلته بشكل باطنى .. الأمر الذى حماها مؤقتا من أن يصب أسامة غضبه عليها كذلك حماها من غضب الأصلان الذى ألتزم مكتبه و أكتفى فى الوقت الحالى بصفعته لأخته .. كما لم تهتم السيدة نعمة بأسماء لأول مرة تاركة إياها تفكر فى عواقب أفعالها .. كذلك أختفت سوما و بوسى عن الأنظار لإنشغالهم بزهرة ..و تضامنا مع موقف أخيهم محمد .. لتجد أسماء نفسها وحيدة دون أن يحاول أحد إسترضائها كما أعتادت حتى طفلها لا تعلم عنه شئ و أختفى طوال اليوم و يكتفى فى نهايته بالنوم بجانب جدته السيدة نعمة .

بينما لم يغادر الأصلان مكتبه يحاول إنهاء أكبر قدر من عمله ليتفرغ لقطته

الصغيرة .. و لم يتحرك منه إلا بعد أن تلقى إتصالا من بوسى تخبره بخلود زوجته للنوم .. ليتحرك سريعا إلى منزلها الصغير المجاور راغبا برؤيتها .. و يدخل غرفتها بقلب وجل و خطوات حرص على جعلها بطيئة دون صوت .. ليجلس بجانب قطته التى ذهبت فى نوم عميق نتيجة لإرهاق حملها .. مما سمح لأصلانها بالجلوس جانبها و تقبيل جبينها و أنفها و شفتيها عدة قبلات صغيرة كرفرفة الفراشات خشية من إستيقاظها .. و قد شجعه نومها العميق على البقاء قدرا كبيرا من الوقت جانبها

.. فى حين غادرت سوما المنزل منذ دخوله ليتبقى فقط بوسى .. و لم يسمح الأصلان لعينه أن تفارق وجه و جسد محبوبته .. ليغادر بعد وقت طويل رغما عن رغبته فى البقاء بجانبها .. و تستيقظ القطة صباحا لتستقبلها رائحة أصلانها الملتصقة بملابسها .. ليرجف قلبها و تكتفى بالصمت .


و قد إستعدت الفتيات صباحا للذهاب لكليتهم من أجل قرار لم يكن منه بدأ نظرا لظروف الخلاف القائم بين العائلتين المنصورى و قدرى .. و على الرغم من حله بعد فترة إلا أن ذلك تسبب بترك الفتيات لدراستهم لفترة طويلة لم يعد بعدها يجدى نفعا إكمال السنة الدراسية .. ليتفقوا على قرار تأجيل السنة الدراسية و البدء من جديد معا السنة التالية مما يعطيهم حافزا .. و قد لاقى القرار ترحيب الجد بعد أن أوضحت له الفتيات الوضع .. و يتفق الجد على ذهاب الفتيات مع رائد لكليتهم من أجل إنهاء الإجراءات كذلك رغبة من الجد بتحريك الأمور بين الأصلان و قطته بعد أن قدمت له حفيدته بوسى تقريرا يوميا بأفعال العاشقين .


و لما أبلغ الجد الأصلان بأمر دراسة الفتيات لم يمانع بل رحب بذلك بعد أن وجد تراجعا فى صحة قطته نتيجة للحمل .. و لكن ما آثار حفيظته مساعدة رائد لهم فى إنهاء الإجراءات ..

و عندما ألقى على جده نظرة إتهام أوضح له الجد بخبث بأن رائد خير من يفيدهم فى هذا المجال نتيجة لعمله أستاذا بالكلية .. و أن الأمر يسرى على جميع الفتيات كذلك لم يعارض أخيه أسامة .. ليجد الأصلان الغاضب نفسه أمام جدارا قويا .. فلا يستطيع الإفصاح عن كرهه و رغبته فى عدم إقتراب ابن عمه و غريمه من قطته بعد أن أوضح لجده رغبته فى إنفصاله عن قطته .. إلا أنه وجد نفسه فى اليوم التالى يستيقظ باكرا ليصاحب قطته مع أختيه إلى كليتهم كما توقع الجد و بوسى ليعد ذلك أول لقاء له مع قطته وجها لوجه بعد حادثتها .. و لكن يحدث ما لم يتوقعه الجد و بوسى كذلك الأصلان نفسه .

استيقظت زهرة صباحا تشعر برجفة قلبها و مرت لحظة سكون عليها حينما وجدت رائحة أصلانها تلفها من كل جانب .. و بعد فترة حركت جسدها للنهوض من الفراش إستعدادا لذهابها مع بوسى و سوما للكلية بعد أن إتفق الجميع معها على قرار التأجيل نظرا لضعف حالتها الصحية و حادثتها و التى تسببت فى غيابها عن دراستها وقتا طويلا أصبح من الصعب معه متابعتها .. و حينما عرضت الأمر على الجد وافقها كذلك أنضمت لها الفتيات

لمرورهن بنفس الحالة مع إختلاف الظروف .. و قد جعل الحج قدرى رائد يساعدهم فى ذلك كذلك أخبر أسامة للذهاب معهم .. الأمر الذى أسعد سوما كثيرا و جعلها تبالغ فى تأنقها بشكل لا يناسب ذهابها لتأجيل دراستها و لكنه من أجل حبيبها .. لذا أكتفت زهرة و بوسى بالصمت تعليقا على مظهرها .. و أرتدت بوسى بنطلونا من الجينز و فوقه فستانا قصيرا يصل لركبتيها مزيج بين الأصفر و الأزرق فى حين أرتدت قطة الأصلان فستانا طويلا باللون البيج يناسب بطنها البارزة اللطيفة يصل الكاحل و بلا أكمام ضيق من الأعلى و يتسع من الأسفل و فوقه جاكيت قطنة خفيف بأكمام ذو لون نبيذى و تعقد شعرها على شكل ضفيرة تصل لمنتصف فخذيها ... و تخرج من منزلها هى و بوسى لأول مرة و تقابلهم سوما بالخارج مع أسامة .. ألقت زهرة التحية على أسامة بود ليرد لها التحية بمرح جاء نتيجة فرحه لإنفراده بسوما

خارجا بعد أن سمح له الجد بمرافقتهم

.. وتبادل أسامة المشاكسات مع بوسى و ضحك سوما ..بينما تزايدت ضربات قلب القطة و لم يطاوعها جسدها على الإلتفات أو إبداء أى نشاط حينما سمعت الصوت الفخم لوحشها اللطيف يلقى التحية على الجميع .. بينما أنبأتها

دقات قلبها بعينيه الموجهة لها فقط ..

ليصمت الجميع لحظات يتبادلون النظرات فيما بينهم تارة و بين الأصلان و زهرة التى لم تلتفت له بل و أكتفت بتحية خافتة للغاية حتى ظنت عدم سماعها .. بينما لم تخفى على الوحش الذى يقف خلف قطته ليطمئن قلبه جزئيا .. و يكتفى بها مؤقتا ليخبرهم بمرافقته لهم .. الأمر الذى فاجأ زهرة و زايد سرعة دقات قلبها كذلك تنفسها إلا أنها إلتزمت الصمت فلا تريد أن تجعل منها و من وحشها فيلما دراميا للجميع

.. بينما أعترض أسامة مفصحا عن رغبته فى مصاحبة سوما .

ليفاجأ الأصلان نفسه و الجميع حينما أشار على أخيه الأصغر بمرافقة سوما فى سيارته الخاصة .. و ينفرد الأصلان بحبيبته الصغيرة و بوسى فى سيارته

.. و ما كاد الجميع يتحرك إلا و قد فاجأهم صوت أنثوى مغناج ينادى على الأصلان .. صوت يتغنج بإصطناع لوجه لا يتضح من كثرة المستحضرات التجميلية الموضوعة عليه .. لإمرأة فى منتصف الثلاثينات قد قابلتهم جميعهم من قبل ماعدا زهرة .. لينقبض قلب زهرة بعد أن وجدت أن تلك المرأة تركز نظراتها عليها .


بينما حبس الجميع أنفاسهم لهذا اللقاء الغير متوقع .. و لعنوا فى أنفسهم الحظ السىء الذى جعلهم يقررون الذهاب إلى الكلية فى هذا اليوم .. و خافت بوسى و سوما على زهرة لذا أسرعتا كلا منهما تحاوط زهرة من جهة لتجعلها الفتاتان بينهما .. غافلين جميعا عن تجمد الأصلان من المفاجأة فهو لم يتوقع رؤية سماح صالح ثانية بعد أن أرهبها فى لقائهم الأول ببيته و كذلك فسخه للعقد العرفى بينه و بين أخيها

.. ليتجمد من وجودها خشية على قطته و صحتها لتزداد تلقائيا الهالة المتوحشة التى تحيط به بداية من جمود عينيه و شراسة وجهه و إنتهاءا

بتسارع أنفاسه و تحفز جسده و أرتفاع الأدرينالين به بشكل جعله يتحرك دون وعى يقف أمام قطته كنوع من الحماية

و ليحجب عنها كل ما لا يستحب رؤيته كتلك السماح .


بينما أدركت زهرة شخصية المرأة التى تقابلها دون حاجة للسؤال من خلال درع الحماية الذى شكله حولها جميع الموجودين .. لذا أطلق قلبها سيلا من النبضات المتسارعة لا لخوف بل لألم و حزن .. لتتسائل و هى تبادل تلك المرأة نفس النظرات أهذه من فضلها الأصلان عليها ؟! .. لتبعد نظراتها و تتجه أرضا تحجب عن نفسها رؤية أى شىء يحزنها فيكفيها ما ستسمعه .. و الذى أنبأها قلبها بأنه لن يسرها .

فى حين نطق الأصلان بجمود حينما وجد تلك السماح تخترق محيطهم الشخصى

- الأصلان بجمود :

خير ؟!

- سماح بحقد لم تستطع أن تخفيه بعد أن وجدت أن إبنة المنصورى تصغر حتى زوجة أخيها الصغيرة :

مفيش يا ابن عمى .. جاية أبارك

رجوع المحروسة بنت المنصورى

اللى أهلها جتلوا ....................


- تقدم الأصلان بخطواته تجاه سماح و على وشك أن يتهجم عليها .. و نطق بوحشية و صراخ أرعبها هى و الجميع :

أخرسى .....................


لم تستطع زهرة تحمل الكلام الذى على وشك أن يقال بعد أن أستشفت فى أى إتجاه يسير إليه .. و وجدت أن ضربات قلبها تتسارع أكثر لترتخى قدميها دون القدرة على حملها .. لتتمسك بها الفتاتان أكثر و تصرخ بوسى على سوما من أجل الإسراع لوضع زهرة بسيارة الأصلان .. و لحسن الحظ لم تفقد زهرة وعيها كاملا بل أصابها الدوار و أرتخت قدماها .. و أنهمرت دموعها بعد أن ظنت أن كلام تلك الأفعى هو المتداول عنها بمنزل الحج قدرى .. و هو نفسه ما كان فى صدر أصلان تجاهها .. كما كان بسببه مقاطعة أسماء لها و أمتناعها عن رؤيتها .. و لم تستوعب زهرة سوى صراخ بوسى على سوما و وضعها بالكرسى الخلفى لسيارة أصلان كذلك نقاش الأصلان مع تلك التى إتخذها زوجة عليها .. لتحجب عنها الرؤية كاملة بعد أن غرقت فى دوامة من الأفكار السوداوية

.. و كانت دموعها هى خير دليل على إستيقاظها .


بينما الأصلان كان همه الأول هو التخلص من تلك الأفعى حتى لو إضطر إلى ضربها .. و عندما تخلص منها مؤقتا متوعدا فى نفسه أن يبعث إليها هى و أخيها من يذكرهم بذلك و أتجه إلى سيارته .. ليرى زهرة فى المقعد الخلفى متوسطة سوما و بوسى .. بينما أسامة جلس متأففا على المقعد المجاور له بعد أن ضاعت فرصة إنفراده بسوما .. طرق قلبه متسارعا حينما رأى قطته تبكى بصمت و قد شحب وجهها و أسندت رأسها على كتف سوما .. لينقبض قلبه فها هى فرصته فى التقرب منها تضيع قبل أن تبدأ حتى .. لدرجة أنها أشاحت بوجهها عنه و خبأت نفسها فى كتف سوما ..

ليزداد الشعور الموحش فى صدره .. فهو من آذى شعورها للمرة التى لا يعلم عددها .. هو من أبكاها .. هو من أحزنها

.. هو من جرحها بوجود تلك الأخرى أمامها .. هو من بدأ كل شىء .. و بدأ يلوم نفسه على قدومه معهم .. لينتبه

على نداء أسامة له و يقود السيارة مسرعا إلى وجهتهم تحت صمت الجميع .


هدأت زهرة نفسها ففى كل الحالات وجود تلك المرأة أمر واقع .. و مواجهتها أمرا حتميا طالما قبلت بالعودة .. و لكن ما أبكاها هو وجود الأمل الذى نبت بقلبها بأن يكون ما حدث كذبا .. بأن يكون لا وجود لتلك المرأة .. بأن يكون الأصلان زوجها هى فقط .. و لكنها آمالها هى و ليس الواقع .


و قد وصل الأصلان بالجميع إلى وجهتهم بعد شق الأنفس .. فعلى الرغم من غضبه الذى جعله يقود سيارته بسرعة كبيرة لا تتناسب مع تلك المناطق التى يعيشون بها إلا أنه بفضل الجو الثقيل و المتوتر بالسيارة شعر الجميع أن تلك الدقائق ما هى إلا ساعات .. ليجدوا فى إستقبالهم رائد

بنظرات هلعة .. و يكتشف الأصلان بعد عدة خطوات فى إتجاه غريمه أن نظراته الهلعة يخص بها قطته الصغيرة

بنظراتها الضعيفة الحزينة ليغلى صدره

.. و يحدجه بنظرات أقل ما يقال عنها قاتلة .. إلى أن قاطع تلك النظرات صوت بوسى تستفسر من رائد عن إجراءات التأجيل و تقود الجميع معه رغبة منها فى تخليص صديقتها من هذا الجو الثقيل .. بينما زهرة قد أستهلكت أقصى درجات قدرتها فى موقف الصباح و كذلك مقابلتها لرائد و مواجهته مع الأصلان .. لتبدأ بالشعور بالإختناق و الوحدة القاتلة على الرغم من وجود عدد هائل من عائلتها .. إلا أن حزنها يبدو و كأنه شكل فقاعة حبسها بداخلها و فصلها عن الآخرين ..

ليتقدم رائد الذى دخل مع الفتيات لإدارة الجامعة و يحيطها بذراعيه و يجلسها برفق على مقعد خشبى بينما تكفل هو بالحديث سريعا نيابة عن الجميع بعد ما لاحظ مرض جنيته الصغيرة .. بينما الأصلان الذى يقف خارج المكتب يتابع فعلة ابن عمه بنظرات جليدية .. إلا أنه و لأول كبح نفسه عن إيذاء رائد و تلقينه درسا .. فلا الوقت و لا المكان مناسب لذلك ..

و حتى لا تسوء صورته أما زهرة أكثر

.. و التى أرتسم الحزن و المرض على ملامح وجهها كما لاحظ الأصلان تركيز بصرها على نقطة ما بالأسفل و تجنبها النظر للآخرين .. مما جعله يريد إنهاء ذلك الظرف سريعا و العودة بها للمنزل حتى و إن عنى هذا ضياع فرصته .

فضل الجميع العودة سريعا بعد أن بذل رائد جهدا فى سرعة إنهاء الإجراءات ..

حتى أسامة الذى كان ينتوى الإنفراد بسوما  فضل العودة و الإنضمام لشقيقه الأكبر بعد أن أخافته نظرات شقيقه و ابن عمه لبعضهم البعض و فضل عدم تركهم بمفردهم .. خاصة بعد أن فاجأهم رائد الذى قاد سيارته خلف سيارة الأصلان موضحا نيته فى الذهاب لمنزل جده .. مما جعل هالة الأصلان تزداد وحشية و يسرع فى قيادته بالسيارة .. و عندما بلغ الأصلان حدود أراضيهم همس لأسامة بشىء ما

.. ليومأ له أخيه فى صمت و موافقة ..

و تصطف السيارتان بالتزامن خلف بعضهم .. ليفاجأ الأصلان الجميع ماعدا أخيه بسرعة ترجله و فتح باب المقعد الخلفى لتقابله بوسى التى فهمت دون حديث على أخيها و تسرع هى الأخرى فى النزول لتذهب خلف سوما للداخل كما أشار لها أسامة .. بينما تكفل أسامة بإجبار رائد بالذهاب للداخل بعد أن كان فى نيته إفتعال ضجة حينما وجد الأصلان يحمل قطته الباكية بسرعة البرق و يتجه بها سريعا لمنزل ما صغير أقيم بجوار مبنى بيت جده و أغلق خلفه الباب .

كان الأصلان خارجا عن طوره و هو يحمل قطته الباكية بين ذراعيه .. و أظلمت الدنيا أمام عينيه و يأس من إيجاد حل لسوء فهمه مع زهرة بل يأس عودة حياته الطبيعية مع زوجته

.. و لم يتبقى أمام ناظريه سوى تلك الأفعى أخت وجيه صالح تحاول إبعاد زهرة عنه من جهة و من جهة آخرى ابن عمه الأصغر رائد و الذى يحاول بكل جهده إبعاده عن زهرة .. ليجن جنونه و يزيد من إحكام ذراعيه على زوجته التى لم تتوقف عن البكاء بعد أن فقدت القدرة على كتمه كما لم تتوقف عن ضرب صدر أصلانها القاسى الذى نقض ما بينهما و إرتبط بأخرى .. ليفيق الأصلان رويدا رويدا من قوقعته على ضربات قطته .. و قد إتجه بها إلى فراشها يضعها عليه محاولا بقدر الإمكان السيطرة على إنهيارها حتى انتهى به الأمر أن يجلسها على قدميه محاوطا ذراعيه حولها هامسا فى أذنها

مفسرا لزوجته الصغيرة حديثه مع سماح صالح : 

مش زى ما أنتى فاكرة .. و الله

مش زى ما أنتى فاكرة

مفيش حد غيرك

أنت و بس

و الله ما لمستها و لا شوفتها

و الله .. بس أهدى .. مش

زى ما أنتى فاكرة .. أنا بحبك

أنتى بس .. و الله بحبك بس

أسمعينى .. مفيش حاجة

بينى و بينها .. بس إهدى ..

إهدى حبيبى .


لتهدأ زهرة رويدا رويدا و تتحرك من على قدميه إلى الجزء الآخر من الفراش تعطيه ظهرها و منكمشة على ذاتها قدر الإمكان .. لتسقط دموع الآخر على ما جنته يداه فى حقهما .. ليقوم بمحاولة بائسة يشرح لها ما حدث منذ بداية معرفته بزواجها ليجدها ترفع يديها المرتعشة و تضعها على أذنيها لا تريد أن تستمع لأى حديث فى حالتها تلك حتى أهم حديث يمكن أن تسمعه من أصلانها .. إلا أنها وجدت نفسها ترفضه .. لينسحب الآخر بيأس بعد أن نظر إليها لآخر مرة و يغادر بهدوء .. وتنخرط الآخرى فى بكاء صامت لا تعلم من أين أتت به .. و كأن ما بكته سابقا منذ إستيقاظها من غيبوبتها لم يكن كافيا لتبكى المزيد و المزيد .. بينما الآخر لم يكن لديه القدرة لمواجهة أحد لذا غادر المنزل بأكمله على قدميه دون علم بوجهته بعد أن هاتف بوسى

و طلب منها البقاء بجانب زهرة .. كذلك طلب لها الطبيبة التى كانت تتابعها سابقا قبل رحيلها د / منال .

دخلت الفتاتان منزل جدهما صامتتين و لحق بهما رائد بعد أن أجبره أسامة على دخول المنزل تفاديا لأى صدام بينه و بين أخيه الأكبر .. كما أنه للحق ليس لرائد أى شأن فى الخارج فالأصلان و زهرة مهما وصلت المشاكل بينهما هما فى نهاية الأمر رجل و زوجته و ليس لرائد أو أى شخص آخر حق فى التدخل .. ليستقبل الوافدين الجد و السيدة نعمة يتناقشان بسرية ..

و ينهيان نقاشهما بمجرد دخول أحفاد الحج قدرى عليه .. ليتسآل عن الأمر بعد أن أرتاب من تعبيرات وجوههم .. ليقص عليه أسامة ما حدث من البداية للنهاية و ركز حديثه بشكل خاص على موقف رائد الذى أعانهم كثيرا و لم يتركهم لدرجة أنه ترك محاضراته و انطلق وراء سيارتهم حتى وصلوا .. ليفهم الجد بعد ذلك ما بين السطور و الذى يريد أسامة إيصاله له و لا يستطيع أن يبوح بشكوكه التى تساوره من فترة خاصة فى وجود أمه و سوما و بوسى .. كذلك فهم عليه رائد الذى تغير وجهه حرجا من جده بعد أن سبق و نبهه الجد لمراعاة تصرفاته و عدم الإحتكاك بأبن عمه الأكبر الأصلان .. ليتهرب رائد من الحديث و يصعد لغرفته بمنزل جده متحججا بإرهاقه و رغبته فى نيل قسط من الراحة .


- السيدة نعمة بإنفعال :

مش كنا خلصنا من موال اللى

أسمها سماح دى ؟! .. إيه اللى

رجعها تانى ؟!

- سوما :

الله يسامحها خلت زهرة تتعب

مننا طول الطريق .. لحد ما

أصلان وصلها البيت .

- بوسى بمرح :

شكلها لسه حاطة أمل إن الأصلان

يتجوزها .

- أسامة الذى أنضم لهم بعد أن تركهم

ذاهبا للمطبخ و عاد بعدها فى يده

ساندوتش :

لأ و أنتى الصادقة .. دى عشان

متأكدة إن الأصلان لا يمكن

يتجوزها على زهرة قالت آجى

أضايق مراته .. عاوزة تفهمها إن

فى حاجة بينهم .

ليصدر هاتف بوسى صوت رنين لم يكن إلا من الأصلان الذى يطلب منها البقاء بجانب زهرة حتى تأتى الطبيبة

.. لتستأذن بوسى للذهاب إلى زهرة و لحقت بها السيدة نعمة قلقة للإطمئنان على زوجة إبنها لاعنة فى نفسها وجيه صالح و أخته .

بينما تركزت نظرات أسامة على جده لتستمر فترة مستخدما نفس أسلوب رجال المخابرات فى الأفلام حتى يعترف المجرم و فى حالته حتى يعترف جده

- الحج قدرى متأففا :

نعم يا سى أسامة هتعد

باصصلى كتير ؟!

- أسامة بخبث بعد أن أخذ قضمة من

ساندوتشه :

أممممم .. بحبك يا جدى عشان

كده ببصلك .. ربنا يخليك لينا .


- الجد متأففا من محاصرة أسامة له :

اللى بعده .

- أسامة و لم تفارق عينيه عينى جده :

رائد .

- الجد :

إشمعنا .

- أسامة غامزا لجده :

جدى .

- الجد بإنفعال كاذب هربا من حفيده

الخبيث الذى يعد تؤام بوسى :

جرا إيه يا ولا .. هتخوشلى أفية

و لا إيه .. أقوم شوف وراك إيه

بلا دلع ماسخ .. يلا .

- أسامة ولم يؤثر فيه إنفعال جده الكاذب مقدار شعرة :

يا جدى .. عليا برده .. عاوز

تفهمنى إنك مش واخد بالك من

تصرفات رائد .. و لا معناها

إيه ؟!

- الحج قدرى بإقتضاب غضبا من غباء رائد الذى كشف مشاعره للجميع :

شايف و عارف اللى وصلك .

- أسامة بإقتضاب :

طاب مش هتتصرف .

- الجد :

طالما ما تعداش حدوده خلاص ..

أنا ليا كلام معاه .

- أسامة بإنفعال و صوت منخفض خوفا من أن يسمع أحد حواره مع

جده :

ده ما يصحش يا جدى .. مفيش

حد عندنا أتصرف كده .. دا لازم

يمش............................................


- الجد مقاطعا أسامة و لكن بهدوء و بنفس نبرة الصوت المنخفضة :

أنا قلت أنا ليا كلام مع ابن عمك

.. و أنا بس اللى أقول من يعد و

مين يمشى .. و لا يبقى إيه الفرق

بينك و بين الهانم أختك اللى

مشت جوزها من البيت ؟! .. و لا

أنا ماعدش ليا إعتبار و لا إيه يا

سى أسامة ؟!

- أسامة بسرعة :

لا و الله يا جدى .. حقك على

راسى .. أنا بس أضايقت من

الموقف .. اللى بيعمله رائد ده

عيب و ما يصحش .. إحنا كلنا

هنا أخوات زهرة و بوسى

أخواتى و أنا أخوهم .. و إذا

كانت فى كلمة صدرت منى غلط

أنا آسف .. بس أنا لما بقول رائد

لازم يمشى قصدى إن أبعده و لو

كام شهر عن هنا و خصوصا إن

أصلان كام مرة كان هيتهجم

عليه بسبب تصرفاته دى ..

عشان ميأذوش بعض و كمان

الكبار يخسروا بعض .. فاهمنى

يا جدى .

- الجد متنهدا :

فاهمك يا بنى .. و ده رأيى

برده .. بس الكلام يا أسامة فى

الموضوع ده ميجيش كده باللين

شوية و الشدة شوية لو لزمت ..

فهمت .. عشان معاملتكوا مع بعض

أدام  .. سيبلى أنا الموضوع

ده .. و أنت متجيبش سيرة لحد .


- أسامة بطاعة :

حاضر يا جدى .

بينما فى نفس الوقت دخلت السيدة نعمة و بوسى المنزل الصغير المجاور لمنزل الحج قدرى لتتفاجأ بصوت بكاء زهرة .. و تسرع كلتاهما إلى مصدر الصوت تجاه غرفة زهرة .. لتجداها على فراشها منخرطة فى موجة بكاء مريرة .. لتشعرا بالقلق عليها بسبب حالة إنهيارها التى تشهداها لأول مرة .. كذلك لشحوب وجهها الواضح .. و تسرع إليها السيدة نعمة تحتضنها و تحاول تهدأتها بينما تسرع بوسى للإتصال بالأصلان تستعجله لإحضار الطبيبة .. ليترك الأصلان وجهته ليحضر فى المقابل تلك الطبيبة بنفسه

.. و تدخل د/ منال مسرعة بعد أن أرشدتها بوسى لمكان زهرة و السيدة نعمة بينما عرضت بوسى على أخيها الأكبر الدخول للإطمئنان على قطته إلا أنه رفض و جلس على أحد السلالم الأمامية للمنزل الصغير بعد أن أنهكه حزنه على قطته و تأكده من عدم رغبتها فى مسامحته .. غير عابىء بهيبته و مكانته كذلك بملابسه و عبائته التى تهدلت و سقطت خلفه .. و تتأمل بوسى حال أخيها بحزن و لم يقطع شرود أخيها الأكبر أو تأمل بوسى سوى نحنحة الطبيبة

- أصلان بلهفة أخافت الطبيبة التى ترى لأول مرة كبير البلد و وحشها الأصلان بهذا الضعف :

         خير يا دكتورة .. زهرة عاملة

        إيه دلوقتى ؟!

- د /  منال بجدية :

     الحمد لله يا أصلان بيه .. هى بخير

     دلوجتى .. أنا أديتها مهدئ هيخليها

     تنام .. و ياريت تبعدوا عنها الإزعاج

    .. حضرتك عارف إن المدام صحتها

    ضعيفة جدا و هى فى الشهر السابع

    دلوقتى و ممكن لا جدر الله مع أى

    إنفعال تتعرض لولادة مبكرة و ده

    مش فى صالحها خالص .. أنا كتبت

    لها شوية أدوية هتساعدها فى

    الشهرين دول .. و ياريت أشوفها كل

    أسبوع على ما حالتها تستقر .

ليومأ الأصلان لها و يأخذ منها الروشتة

بعد أن أمر أحد العاملين بالمنزل بتوصيل الطبيبة و آخر بإحضار الدواء

.. و ظل أصلان زهرة جالسا خارج منزلها لم يتحرك من مكانه على الرغم من محاولات الجميع معه سواء السيدة نعمة أو الجد الذى حضر للإطمئنان على زوجة حفيده الأكبر حتى أسامة و بوسى .. و لكنه لم يستجب سواء لمحاولاتهم لإدخاله للإطمئنان على زهرة أو ذهابه لمنزله إلا أنه لم يرد عليهم و ظل شاردا لا يبارح مكانه .. تألم الجد لحالة حفيده إلا أنه كما يقولون لم يعد بيده شىء و لكنه طلب من الجميع ترك الأصلان بمفرده لعلمه بحاجة حفيده للإنفراد بنفسه .. ليطيعه الجميع و يذهبوا إلى الداخل للإطمئنان

على قطة الأصلان .. و يمر الوقت لتستفيق زهرة جزئيا و ينتهى قلق الجميع .. و يغادروا واحدا تلو الآخر مارين بأصلانها الذى لم يبارح مكان جلوسه خارج منزلها و مازال شاردا رافضا محاولات كل منهم لذهابه إلى المنزل .. ليتركوه ثانية ليتبقى وحيدا بالخارج بينما بوسى و سوما بجانب زهرة .

و أثناء جلوس الأصلان وحيدا شاردا

أدرك شيئا واحد و هو إستحالة عودة العلاقة بينه و بين القطة التى عشقها ..

فما فعله معها سيبقى حاجزا بينهما و قد تأكد من ذلك بعد رفضها لسماعه .. و لو كان سوء الفهم بينها و بين الأصلان فى وقت و ظرف آخر لكان تخلى عن كبريائه و هيبته و لم يبارح عتبة بابها حتى سامحته القطة .. و لكنه وجد أن أى محاولة للضغط عليها

ستضر بصحتها و صحة أولاده .. مما جعل الأمل يتلاشى بقلبه .. و حرصا على صحتها و تفضيلا منه لعدم إحزانها وجد نفسه يستقيم و يبتعد عن بابها شيئا فشئ حتى تسارعت خطواته ليغادر منزل قدرى بأكمله و يسير بلا هدف حتى وجد نفسه بعد فترة لا يعلم مدتها أمام منزل خالته والدة محمد ..

ليفتح بوابة المنزل و يدخل حتى وصل إلى حديقته التى حرص ابن خالته على تشذيبها أولا بأول و يتجه للجلوس على أحد مصاطبها المبنية على جوانبها مطرقا رأسه فى تفكير .

بعد أن أطمئنت السيدة نعمة على زهرة هى و الجد عادا إلى المنزل يكللهم الحزن .. و يجلس كلا منهما و تتقابل أعينهم بنفس السؤال الذى ليس له إجابة و قد ترجمته السيدة نعمة شفويا

- السيدة نعمة :

           و بعدين يا عمى ؟! .. هيفضل

           الحال على كده لحد أمتى ؟!


- الحج قدرى متنهدا :

          و لا ما أنا عارف يا نعمة ..

          الموضوع بين الأصلان و زهرة

          أتعجد زيادة .. و إن جيتى

          للحج ماعدش فى يدى حاجة

          أعملها .

- السيدة نعمة ببكاء :

         دى عين و صابتهم .. أنا أول

         مرة أشوف الأصلان كده .. مش

         عارف يعمل حاجة و لا قادر

         حتى يرد علينا .. و البت كمان

        روحها راحت من العياط يا حبة

        عينى بعد ما كانت بتضحك و

        إيدها معانا .

- الحج قدرى :

        سبيهم يا نعمة .. اللى ربنا كاتبه

        ليهم هيشوفوه .

- السيدة نعمة برجاء :

            طاب يا عمى ما تتكلم أنت

          مع الأصلان و أنا هتكلم مع

          زهرة و ربنا يصلح الحال بينهم.


- الحج قدرى بهدوء :

          أصبرى شوية لما صحتها

          تتحسن .. البنت تعبانة و

         الزعل وحش عليها و على اللى

         فى بطنها .. أصبرى شوية لما

         الدنيا تهدا .

- السيدة نعمة بحزن :

        أنا كان كل غرضى يرجعوا لبعض

        .. كفاية كده .. لا هي فرحت

        بحملها و لا هو يا حبة عينى

        فرح بحمل مراته .. كان نفسى

        يكون جنبها و نجهز لوازم ولادتها

       و هما مع بعض .

- الحج قدرى متأففا من حفيده  :

        و إبنك برده غشيم فى حبه ..

        يا يحبها أوى .. يا يبعد عنها

        خالص .. البت صغيرة و هو

        شديد عليها ماينفعش كده .

- السيدة نعمة بحزن :

            كفاية أعدته على عتبتها كده

           طول اليوم و متحركش يا

           حبة عينى من مكانه .

- الحج قدرى متنهدا :

         أنا عارف الأصلان بيفكر إزاى

         .. دى المرة الوحيدة اللى شفته

         فيها بيحاول عشان يرجع هو

         و زهرة .. بس لما شافها تعبت

         بعد و مرضاش يضغط عليها ..

         و صدقينى يا نعمة لما أقولك

         أن أصعب حاجة على الراجل

         أنه يلاقى اللى بيحبها مش

         عاوزة تشوفه أو تسمع منه .

- ثم أكمل و كأنه قرأ تفكير حفيده :

       ربنا يستر .

بعد أن أطمأنت السيدة نعمة على زهرة

و غادرت مع الجد تاركة إياها مع بوسى و سوما و أم أحمد .. لتسمعن طرق الباب من جديد .. إلا أنه لم يستبعد أحد أن يكون الطارق أحد أفراد الأسرة .. فى حين كانت أم أحمد ترعى زهرة بغرفتها بينما أكتفت الفتاتان بإحضار عدة أكياس منوعة من شرائح البطاطس يتناولونها بالصالة تعبيرا عن حزنهم لما حدث اليوم .. لتتأفف كلتاهما من الإرهاق حينما

سمعتا طرق الباب

- بوسى الجالسة على أريكة مريحة بالصالة تتأفف :

         أومى يا سوما أفتحى الباب .

- سوما الجالسة على الأريكة المقابلة و تأكل شرائح البطاطس :

        أومى أنتى أنا مش قادرة .

- لتتعصب بوسى من برود سوما و شدة إرهاقها و تصيح بصوت عالى جدا

قاذفة إحدى الشرائح على وجه سوما :

       و الله العظيم حرام عليكوا .. إيه

       الحكاية ؟! .. كل شوية بوسى

       بوسى .. روحى يا بوسى .. تعالى

       يا بوسى .. و أنا زى الحمارة بقول

       حاضر .. قمت عشان أروح معاكوا

       الكلية الصبح مع إنى سهرانة

       طول الليل .. حميت زهرة من

       الأفعى الرقطاء سماح .. زعيق و

       زعقت فى وش أخويا أصلان ..

       و عملت نفسى شجرة و رضيت

       تروحى مع أسامة فى العربية

" لتقاطعها سوما ناوية أن تصحح لها

    أنها لم تذهب مع أسامة بعد ما

    حدث صباحا .. لتصمتها بوسى

    بحركة من يدها فى عصبية ..

    و تكمل "

  مليش دعوة حصل و لا لأ بس رضيت

  و خلاص .. عملت الصدر الحنين

  و وسيت البت الغلبانة اللى جوة ..

  عملت نفسى جاكى شان و ساعدت

  أسامة عشان مانخليش الأصلان

  يمسك فى رقبة رائد .. سبت الأصلان

ياخد البت على كتفه و يدخلوا

لوحدهم الأوضة و ماتكلمتش .. دخلت

بعد ما طلع أشيل البت اللى عياها

.. و قفت مع المزغودة  الدكتورة

  أم دم تقيل .. طردت الدكتورة أم

  دم تقيل .. شتمت أسماء .. هزقت

  أسامة .. أتعشيت و لسه أعدة

  دلوقتى ..

   " لتصرخ بصوت أعلى من سابقه

      أسمع الطارق الذى تخلى عن

      طرقه و وقف مستمعا لما تقوله

     بوسى "

   و بعددددد ددددده كللللللله

   بتقووووووولى أفتحى البااااااااااب

   .. ده على جثتى إنى أتحرك إنهاردة

    من مكانى .

لتصمت بوسى أخيرا تتنفس بصوت عالى بعد أن أفرغت غضبها كله بسوما

مفتوحة الفم منذ بداية حديث بوسى

.. بينما خرجت أم أحمد بعد أن أنهت بوسى من الصراخ فاتحة باب غرفة زهرة على مصرعيه .. و تظهر زهرة الجالسة على الفراش من ورائه مذهولة مما سمعت و من رد فعل بوسى .. بينما تقدمت أم أحمد ببطأ خوفا أن تطولها أحد نوبات تلك الفتاة المجنونة لتفتح الباب الذى عاد طرقه و يظهر أخيرا سبب المشكلة و هو أحمد صابر ابن أخو زهرة و يحمل زيارة لعمته .. ليأتى الدور على بوسى لتفتح هى فمها من الذهول .. و تتقدم بسرعة ناحية الباب بعد أن تنحنحت و أجلت حلقها

.. لتقول برقة مصطنعة

- بوسى بصوت خافت عكس صراخها من لحظات :

           أتفضل .. أتفضل .. زهرة

          صاحية .. معلش ماعرفناش

          نفتح أصل سوما كانت متعصبة

          شوية .. قولنا تهدا و بعدين

          نفتح .

لم يتحدث أحمد نظرا لكتمانه صوت ضحكه بأعجوبة .. و لم يدخل بعد أن أدرك عدم وجود رجل و لكنه وضع ما

كان يحمله أمام الباب ليستقيم بعدها و يرحل دون كلمة واحدة .. بينما لم تغلق سوما و أم أحمد أفواههم بعد و غرقت زهرة فى موجة من الضحك بعد مغادرة ابن أخيها .. لتتنهد بوسى و تغلق الباب غير عابئة بالجمع حولها و تستلقى على الأريكة على بطنها مبتسمة بينما تلمع عينيها من الإعجاب بذلك الملاكم بينما تقول بصوت خافت

- بوسى بحنية و صوت هادئ :

          يخربيت الرجولة .. إيه الواد

          التقيل إللى بحبه ده ؟!

40 

.

.

الفصل الاربعون


بمجرد أن غادر أحمد صابر منزل عمته زهرة حتى انفجر ضحكا على فتاته ..

و بمجرد أن هدأت موجة ضحكه حتى لمعت عينيه كدلالة على إزدياد أعجابه بتلك الوقحة الجريئة الجميلة .. ليغادر إلى منزله و فى نيته المداومة على زيارة عمته الصغرى ليحظى بالمزيد من تلك اللقاءات الظريفة .. فأحمد صابر يعد أول أحفاد الحج حامد و الذى يكبر عمته الصغرى بثلاث سنوات .. مما جعله نصب أعين أبيه و جده ليكون الذراع الأيمن لكل منهما .. فعمه" طه" بطبيعته طيب القلب متهور قليلا و "عابد" أبعد نفسه عن ذلك المجال منذ صغره و صب أهتمامه على دراسته .. ليكون الأعتماد التام على صابر الأبن البكرى للحج حامد صاحب الشخصية الصارمة و القلب الحنون و الذى أسرع أبوه بتزويجه فى سن صغير مقارنة بأخويه طه و عابد .. لتتشكل شخصيته الجادة الصارمة بعد أن أبعدته ظروفه عن كل لهو يتمتع به من هم فى ذلك السن الصغير .. و قد أورثها من بعده لأبنه الأكبر أحمد الذى بدوره أستبعد كذلك عن أى شىء يلهوه عن عمله مع أبيه و جده .. لتتشكل شخصيته الجادة و الصارمة هو الآخر من سن صغير دونا عن أبناء عمه طه التؤام حسن و حسين

.. فلم يكن لبطل بوسى الملاكم أى علاقات خارج إطار عمله و أقاربه .. كما لم ينخرط مع أقاربه المماثلون له سنا نظرا لعدم توافر الوقت لذلك .. ماعدا عمته التى تصغره بثلاث سنوات و التى تشكلت علاقتهم من خلال زيارات والده المحب لها منذ صغرها لتتشكل رويدا رويدا أوتار من المحبة و الصداقة و الأخوة بينهما عوضا عن علاقة العمة بأبن أخيها .. لتأتى بوسى بخفة ظلها و شقاوتها تحدث زلزالا داخل تلك الشخصية المنغلقة على نفسها لتجعله مهتما بمراقبة كل ما يبدر عنها دون قدرة على منع نفسه .. كما أهدته أول إبتسامة كذلك أول ضحكة من قلبه و التى ظلت معه طالما طغت تلك الفتاة على تفكيره .. و هو ما حدث ليجد أحمد نفسه شخصا آخر لين الطباع غريب عما كان عليه .. لدرجة أنه ظل يوما كاملا يحدث جدته صفية المنصورى عن ملاحظته لضعف صحة عمته و أنه يريد منها أن تصنع له بعض الأصناف اللذيذة ليهديها لها .. و لم تنتبه صفية المنصورى لطلب حفيدها الغريب كليا عن شخصيته بعد أن أستغل جانبها الضعيف و هو عمته زهرة ربيبتها .. لتسهر طوال الليل تعد الكثير و الكثير من الوجبات المغذية لزهرة .. و يتمكن حفيدها من جعلها ذريعة لذهابه المتكرر لعمته لعله يرى تلك الشقية من جديد .

بعد أن حصل محمد على قسطا من الراحة بمنزل والدته .. و قد أعياه الجوع فلم يتناول طعامه من فترة طويلة تجاوزت اليوم و نصف .. ليتأفف حينما أنتبه لخلو المنزل من أى طعام كذلك عدم وجود ملابس له .. ليكتفى بغسل وجهه و يخرج لشراء بعض الملابس و الطعام فلا توجد لديه رغبة للعودة لمنزل الحج قدرى .. و بعد أن تأكد أنه على الأقل معه مال أتجه للخارج ليفاجأ بأخيه الأكبر أصلان جالسا على أحد المصاطب المبنية بالحديقة و مطرقا رأسه فى شرود .. ليعلم محمد من الهالة التى تحيط أخيه بأن شىء ما قد حدث و هذا الشيء ليس جيد .. سار محمد ليقف أمام أخيه الذى لم ينتبه له على الرغم من وقوفه أمامه

- محمد بلين بسبب حالة الأصلان :

أصلااان .. أنت كويس ؟! ..

أصلااان .. أصلااان .


و لما وجد محمد أن أصلان ينظر له فقط دون إبداء أى إستجابة كما يتضح الإرهاق الشديد عليه و تهدلت ملابسه

.. و على ملامحه تظهر الحيرة .. ليمتنع

عن محاولة الحديث إليه و الذى لا يجدى فى حالة أخيه الأكبر ..

- محمد بجدية :

طاب قوم معايا .

ليأخذ بيد أخيه الأكبر و يدخله المنزل

ليجعله يستريح قليلا على فراشه و يكتفى بإطفاء الإضاءة و إغلاق باب الغرفة عليه .. و يتجه هو إلى الخارج يجلب ما يحتاج إليه من أغراض له و لأخيه الأصلان .. و قد نسى كليا إخبار منزل جده بوجود الأصلان عنده  .. لينتهى أخيرا هذا اليوم الملئ بالأحداث بسقوط أبطاله فى نوم عميق هربا من واقعهم المؤلم .


ليأتى الصباح محملا بالحدث الأساسى و هو خروج الأصلان من المنزل و عدم عودته ليلا إليه .. لتكتشف السيدة نعمة ذلك حينما ذهبت لإيقاظه صباحا بعد أن تأخر على ميعاد إستيقاظه اليومى

.. لتفاجأ بأبنها الأكبر غير موجود بغرفته كذلك لم تراه لإستيقاظها هى و الجد فجرا مما يعنى أنه لم يبت ليلته بالمنزل .. لتهرع إلى غرفة إبنها أسامة تطرق على بابه حتى فتح بعد فترة قصيرة تتضح على وجهه علامات النوم

و لم يكن إستفاق كليا .. لتسأله عن أخيه .. ليقلق أسامة على أخيه و يحاول الإتصال به إلا أنه وجد فى المقابل عدة مكالمات فائتة من محمد

.. و يصدح هاتفه بإتصال جديد من محمد ليرد عليه و يتنفس الصعداء حينما طمئنه ابن خالته عن أخيه الأكبر

.. أغلق أسامة هاتفه و نزل إلى جده و السيدة نعمة يطمئنهم على الأصلان

- السيدة نعمة بحنق :

و هو راح عند محمد بالليل

ليه ؟! .. ما كان يستنى للصبح .

- الحج قدرى بشرود :

سيبى إبنك براحته يا نعمة هو

مش صغير .. و لا هو راح و

منعرفش عنه حاجة دا عند ابن

خالته مش حد غريب .

- السيدة نعمة بحنق :

ما أنت أعدت تقولى سبيهم

لحد ما عمالين يتسرسبوا بعيد

عنى واحد ورا التانى .. و بعدين

معاهم كل واحد فيهم زعلان مع

مراته و سايبلى البيت لحد ما

فضا عليا .

- أسامة مستنكرا :

شكرا يمة .. أول مرة أعرف

إنى مليش عازة عندك .. أنتى

مش واخدة بالك منى و لا إيه ؟


لتنظر له السيدة نعمة شذرا و لم ترد عليه كدلالة على موافقتها على حديثه

" صباح الخير "

- لم يكن الصوت الخافت سوى لأسماء التى قررت أخيرا الخروج من غرفتها

ليجيب الجد و السيدة نعمة تحيتها بخفوت أو ما يسمونه ب " من تحت

الضرس " بينما حدجها أسامة بنظرة ماكرة ليقول :

هل هلالك .. إيه خير قررتى أخيرا

تنزلى من مملكتك ؟! .. مش تعدى

تساعدى أمك و تسألى على إبنك

و لا خلاص أخدتى على الأعدة ؟

و إنك متعمليش حاجة ؟!

- لتحدج أسماء أمها و جدها بنظرة جانبية لتجدهم واجمين و صامتين

دلالة على موافقتهم على حديثه :

ما البيت مليان ناس .. هى يعنى

جت عليا أنا ؟!


- السيدة نعمة بإستنكار لحديث أبنتها :

إن شالله يكون فيه ميت واحد

برده تقومى من الصبح و

تشوفى أمور بيتك .


- أسماء ببرود :

و هو فين بيتى ده ؟!

- الجد الذى فهم من نبرة حديث حفيدته عدم تنازلها عن موقفها .. ليرد

ببرود مماثل لبرودها :

عندها حق يا نعمة .. بيتها مطرح

ما جوزها يعد .. مش سايبة

جوزها و مش عارفة هو فين

و آعدة هنا على قلبها مراوح .

كانت أسماء فى العادة تعلم حرص الجد على أن يشعر الجميع أن منزله هو منزلهم .. و لكن يبدو أن تلك النقطة لم تعد تؤثر فى جدها الذى يفهم عليها و يعلم بتفكير حفيدته .. ليصفع رده أسماء على وجهها

- أسماء بصدمة :

يعنى إيه يا جدى ؟! .. قصدك إن

البيت ده مش بيتى .

- الجد ببرود و هو يرتشف الشاى :

لأ يا بنتى .. البيت دا بيتى أنا

.. بيت الحج قدرى مش بيت

الحجة أسماء .. يعنى أنا إللى

أقول مين يعد و مين يمشى

.. مش حتة العيلة بنت إمبارح

هيا اللى تقول .

لتصفع أسماء ثانية من رد جدها الذى ألجمها .. بينما لم تحرك أمها ساكنا دليلا على موافقتها على ما أنتهجه الجد مع إبنتها .. و أنسحب أسامة ناويا الذهاب

لأخيه الأكبر و ابن خالته .

- لتقول السيدة نعمة مؤنبة إبنتها التى

خيبت ظنها .. لتكبر تلك الإبنة

مختلفة الصفات عن أمها بعيدة كل

البعد عنها :

هان عليكى ابن خالتك تطرديه

بره البيت .. يا ميلة بختى فيكى .


- أسماء بخجل و مكابرة :

أنا مقولتش ليه يمشى .. هو

إللى أتقمص و مشى و خلى

شكلى وحش أدامكوا .

- الجد بتأنيب لحفيدته :

يعنى كل اللى همك فى الحكاية

كلها شكلك أدامنا .. لكن جوزك

مش فارق معاكى بحاجة .

- لم تستطع أسماء الرد لتتلعثم :

أنا .. أنا .. مقصدتش كده .

- ليقول الجد بخيبة :

أمال جصدك إيه يا بنتى ؟! ..

روحى لحالك شوفى كنتى

عاوزة تعملى إيه .

لتنسحب أسماء فى صمت صاعدة إلى غرفتها ثانية يتكللها الخجل مما إقترفت يديها .

لينزل مقابلا لها على السلم رائد الذى خرج أخيرا من غرفته التى هرب إليها من اليوم السابق بعد أن أخجله أسامة و فضح أفعاله أمام جده .. ليجد الجد و السيدة نعمة جالسين يرتشفان الشاى

.. و تستقبله السيدة نعمة بالترحاب و تطلب من أحد الفتيات بالمطبخ تحضير الفطار له و تذهب معها تتابع شئون المنزل مع أم أحمد لتترك الجد و حفيده بمفردهما .. يحمحم رائد و يصبح على جده ليصوب عليه الجد نظراته الثاقبة دون أن يعير تحيته أى إهتمام .. و تستمر النظرات الثاقبة من الجد مقابل نظيرتها المضطربة من رائد

ليستسلم رائد فى النهاية و يغادر خجلا من جده بعد أن أوضحت النظرات المتبادلة بينهم كل ما يمكن أن يقال فى ذلك المقام .

فى منزل الحج حامد المنصورى تجلس السيدة صفية المنصورى مع أخيها الحج حامد سوية فى غرفة الإستقبال المعدة بمنزله من أجل إستقبال ضيوفه أو العائلة لخوض النقاشات و حل النزاعات و غيرها .. بحيث تكون بعيدة عن أهل منزله لإعطائهم الخصوصية ..

و تتميز تلك الغرفة بإتساعها فى مقابل باقى غرف المنزل .. و وجود باب خارجى لها مميز يطل على حديقة المنزل الخارجية يسمح للوافدين بالدخول و الخروج منها دون المس بحرمة أهل المنزل .. كما يوجد لها باب داخلى يصلها بداخل المنزل .. لتدخل عليهم بغتة زوجته أم صابر بغير إستئذان مقاطعة حديثه مع أخته بفظاظة من أجل لا شىء بعد أن يأست من معرفة فحوى الحديث الخاص بين زوجها و أخته التى سكنت منزلها دون موافقتها .. ليحدجها زوجها بنظرة نارية لعلمه بأساليبها جعلتها تخرج مرة أخرى متأففة .. ليقابلها حفيدها الأكبر أحمد صابر و الذى كان يريد هو الآخر تخطى جدته و الإنضمام لجده و جدته صفية لولا أن منعته يد أمسكت بذراعه لم تكن إلا لجدته أم صابر

- أم صابر بتطفل :

فى إيه يا ولا ؟! .. جدك و اخد

أخته و نازلين بسبسة فى

الجاعة ليه ؟! .. بنت الخوجاية

أطلجت .


- أحمد صابر ببرود نابع من طبيعة

شخصيته الجادة و لعلمه بكره جدته

لعمته الصغرى و جدته صفية :

معرفش .

- أم صابر بحدة و صوت منخفض :

يعنى عاوز تفهمنى إن جدك

باعتلك تعد معاه هو و أخته

و متعرفش رايدك فى إيه ؟!


- أحمد صابر :

لأ يا ستى ماقليش حاجة .


- أم صابر بحدة :

كداب .. طول عمرك فى صف

بنت جدك .

لم يرد أحمد صابر و لكن بهدوء و بغتة

عن الكل فتح الباب ليلتفت الحج حامد و أخته إلى  الباب الذى فتح دون إستئذان ليجدا فى المقابل أحمد صابر مع جدته أم صابر الممسكة بذراعه بقسوة نابعة من قسوة قلبها و لم تبعد يديها عنه بعد أن فتح حفيدها الباب فجأة .. ليرفع الحج حامد حاجبيه من المنظر و تكتم السيدة صفية ضحكها على زوجة أخيها المتصابية

- أحمد صابر ببرود :

كنت عاوزنى فى إيه يا جدى

ستى عاوزة تعرف .

لتشهق أم صابر من أفعال حفيدها الغشيم أو القطر كما تلقبه و تضحك

السيدة صفية و يبتسم الحج حامد من الموقف و يقول بفكاهة إغاظة لتلك السيدة التى مازالت تناقر الموتى

- الحج حامد :

مفيش .. أتوحشتك و جولت

تاجى تعد معانا أنا و جدتك

صفية .

ليدخل أحمد و يجلس غير مهتم بجدته أم صابر التى كادت تجلط من أسلوبه

- أم صابر بغيظ :

أتوحشته و هو معاك على طول

.. أممممم طاب

مدام كده بجا آجى آعد أنا

كمان .. و لا أنا مليش نفس .

لتدخل بفظاظة لتجلس و يتنهد زوجها من أفعالها موجها حديثه لأحمد

- الحج حامد :

بعد ما تشرب الشاى يا ولدى ..

وصل جدتك صفية لعمتك زهرة

.. رايدة تجضى اليوم عندها .

ليفقد قلب أحمد خفقة من خفقاته .. فحديث جده يعنى لقاء آخر له مع تلك

المشاغبة .. ليبتسم بإتساع موافقة .. فسره جده لتعلق حفيده الجاد بعمته الرقيقة زهرة و لا يعلم أن قلب الحفيد الجاد بدأ يلين شيئا فشئ لفتاة شقية .


- السيدة صفية بحنين :

و أنت مش هتاجى يا حامد تطل

على زهرة ؟!

- الحج حامد بإبتسامة واسعة و حب :

معلوم .. هخلص أشغالى و

أحصلك .

و ينطلق أحمد مع جدته الصفية و التى أعدت كما آخر من الأكلات التى تحبها إبنتها و أغراض كثيرة كانت قد أشترتها

لها .

إستيقظت بوسى صباحا لتجد نفسها نائمة على بطنها على الأريكة يحاوطها بعض شرائح البطاطس .. و تستغرق عدة دقائق حتى تتذكر موقفها أمس مع ملاكمها .. و تبتسم باتساع على هذا الملاكم الذى يبدو من المواقف القليلة التى جمعتهما أنه كما يقولون خام ليس له تجارب .. و تقول تلك الشقية فى نفسها

- بوسى بخفوت :

بس على مين ؟! .. و الله

لجيبوا على بوزوا .

و تنهض بكل نشاط من على أريكتها لتجد سوما هى الأخرى نائمة على الأريكة المقابلة لها .. لتتذكر كيف كانت سببا فى إحراجها أمام ملاكمها لتلكمها على معدتها بشدة ثم تسرع بالهرب إلى الحمام بعد أن أطربت أذنيها بصوت تألم سوما من قبضتها و توعدها لها ..

بعد أن أغتسلت الفتاتان و إطمأنتا على زهرة التى كانت غارقة فى نوم عميق

لتتركها و تخرجان من المنزل بهدوء .


و تقابلت الفتاتان فى الحديقة الأمامية مع رائد الذى خرج هاربا من نظرات جده ليصطدم بسوما و بوسى التى لم يفوتها هى الأخرى تصرفات رائد

- بوسى بسماجة :

ريرى .. رايح فين ؟!

- رائد الذى أحمر وجهه غضبا من ذلك اللقب الذى أطلقته عليه عمته سعاد  :

قولتلك مابحبش الاسم ده .

- بوسى بنفس السماجة إنتقاما لأخيها الأصلان :

ليه كده بس يا ريرى ؟! .. مالك

خارج مستعجل ليه ؟!

- رائد بنرفزة :

أمشى من وشى يا بوسى .. ورايا

محاضرة و أتأخرت عليها .

- بوسى بفهم :

أمممممم .. طاب و لما أنت وراك

محاضرة الصبح بدرى كده جيت

ليه معانا إمبارح و ماشى ورانا

بعربيتك .. حسستنا إن إحنا فى

فيلم أكشن و جو مطاردة

سيارات .

- رائد بعصبية من غبائه فقد كشف مشاعره للجميع بسبب تهوره :

بوسى ماتعصبينيش .. أنا

روحى فى مناخيرى و م...........


- صوت لشخص آخر يقف وراء رائد و

وضع يده على كتفه بغرض ندائه و

الألتفات له :

لو سمحت .

ليلتفت رائد مقابلا مناديه الذى لم يكن سوى أحمد صابر و بعده بمسافة جدته صفية المنصورى اللذان جاءا بهدف زيارة زهرة فى الصباح الباكر ليجدا شخصا ما يصرخ فى تلك الفتاة الشقية ليتحرك أحمد مسرعا فى إتجاههم مزامنة مع طلب جدته بتحرى الأمر خوفا من أن يكون هذا الشخص يؤذيها

.. و عندما ألتفت له رائد اندفع أحمد و لكمه بتهور .. أدت إلى سقوط رائد أرضا و صراخ الحجة صفية و سوما و صمت بوسى بعد أن إحمر وجهها بالكامل .. فبينما رائد سقط متألما من لكمة هذا الشخص ذو البنية الجسدية الضخمة و تصرخ سوما و الحجة صفية كان أحمد لا يعير كل ذلك أدنى إهتمام و ينظر فقط لتلك الشقية التى لم تعير أيضا ما حدث أدنى إهتمام و تبادلت مع ملاكمها النظرات .. مما أدى لإحمرار وجهها خجلا .

فى حين خرج الحج قدرى و السيدة نعمة مسرعين بعد أن ميزا صراخ سوما

و إمرأة أخرى .. ليجدا رائد ملقى أرضا و قد نزفت أنفه كما لا بأس به من الدماء و قد غطاها بمنديل .. بينما بجانبهم بوسى تنظر لشخص آخر و لم تنتبه على وصول جدها .. الذى تجاهل هو الآخر رائد الملقى أرضا و وصل بخطواته إلى حفيدته الأخرى المتجمدة أمام رجل ذو بنية ضخمة أتضح فيما بعد أنه حفيد الحج حامد المنصورى

.. لتتكون فكرة عامة فى ذهن الجد عن إحتمالية ما حدث و الذى للغرابة أعجبه للغاية و رحب به .. فقد وجد حفيدته الشقية أخيرا كالقطة الخاضعة فى حضرة هذا الرجل الضخم .. ليحمحم الحج قدرى جاذبا إنتباه الجميع و طلب منهم الدخول لمنزله .. لتتحرك سوما و السيدة نعمة بصحبة السيدة صفية المنصورى .. بينما دخل الجد بصحبة رائد تاركا مسافة ليدخل بعده أحمد و بوسى .. لم يتحرك أحمد و لم تتحرك بوسى و أستمرت النظرات المتبادلة بينهما نظرات ذهول من بوسى بعد أن أدركت أن الملاكم الجاد بالفعل يكن لها مشاعر و نظرات خوف من الآخر على فتاته الشقية كذلك نظرات غضب طغت على نظراته الخائفة فلا ينكر أحمد أن وسامة الشخص الذى كان يصرخ بفتاته كانت سببا أساسيا فى تهوره و رغبته بلكمه بعد أن كان ينتوى إبعاده عنها دون إعتداء و لكن بعد أن ألتفت له رائد غير أحمد رأيه و لكمه خوفا من أن تكون تلك الشقية تكن له المشاعر .. لينظر فى عينيها وقتا يحاول تبين إذا ما ظهر عليها أى مشاعر خوف منه أو على الآخر الملقى أرضا .. و لكنه لم يجد شيئا .. و بعد أن سمعت بوسى نداء جدها من أعلى السلم الرئيسى للمنزل و الذى شاهد تلك النظرات و تأكد من فكرته .. تحركت بوسى بنية الدخول ليوقفها ثانية حديث أحمد معها لأول مرة قرب باب المنزل

- أحمد بصوت خرج مضطربا من خوفه

:

بتحبيه ؟!

لتبتسم بوسى على ذلك الملاكم الجاد أو كما يقولون الغشيم فمهما كانت المواقف التى جمعت بينهم لا تعطيه الحق فى سؤالها .. كذلك حتى و لو كان له الحق لا يجب أن يبدأ حديثه معها بهذا السؤال .. لتتركه بوسى و تدخل بعد أن أعطته لا خافتة .. أثلجت قلب ذو البنية الضخمة و رسمت على وجهه إبتسامة خفيفة جدا تكاد لا ترى

و يدخل بعدها .. مناقضا شخصيته فإعتذر أولا للحج قدرى موضحا حقيقة ما حدث و الذى سبق أن أوضحته من قبله جدته صفية و بوسى .. كذلك وجد نفسه يعتذر لرائد بعد أن خرج من الحمام و نظف نفسه .. ففى الأخير ليس لديه مانع لذلك طالما فتاته الشقية لا تحبه .. ليغير الجد الموضوع بعد أن طلب من فاطمة إحضار أكواب الشاى للجميع ماعدا رائد الذى غادر .

جلس محمد على إحدى المقاعد الحديدية المنتشرة بحديقة منزله .. و قد شعر أخيرا بالإنتعاش بعد أن تحمم و أبدل ملابسه بأخرى جديدة أشتراها اليوم السابق يرتشف من كوب الشاى الخاص به و الذى جلبه أيضا مع العديد من أصناف الطعام ..ليدخل أسامة على ابن خالته خائفا .. ألقى عليه السلام و عينيه تبحث عن أخيه الأكبر .. ليجيبه محمد مباشرة بعد أن أشار له بالجلوس

- محمد بهدوء :

أعد أخوك نايم جوه .

- أسامة بقلق :

هو كويس يعنى يا محمد ؟!..

إيه اللى جابه ؟! .. حصل له

حاجة ؟!

- محمد مقدرا قلق أسامة :

متقلقش هو بخير .. كان شكله

متغير إمبارح شوية و دخلته

ينام .. متكلمش و لا كلمة ..

بس شقرت عليه الصبح كان

نايم .

لم يطمئن أسامة من كلام محمد .. و لما لاحظ محمد التعبيرات القلقة على أسامة سأله

- محمد بقلق على أخيه الأكبر :

هو فى حاجة حصلت إمبارح ؟!


- أسامة متنهدا :

يوه متعدش .

لم تشفى إجابة أسامة المبهمة فضول محمد و قلقه على أخيه الأصلان ليقول له أسامة بفكاهة

- أسامة :

طاب تعالى أعملى كوباية شاى

و أنا أحكيلك .

ليقص عليه أسامة ماحدث بداية من لقاء زهرة مع سماح صالح حتى تقاتل الأصلان مع رائد و جلوس الأصلان على باب زوجته .

- يتنهد محمد :

لا حول و لا قوة إلا بالله .. دول

لو معملوهم عمل مش هيحصلهم

كده .

- أسامة :

لما زهرة رجعت .. قولت كلهم يوم

و لا اتنين و هى و الأصلان

يتصالحوا .. بس شكلها كده

أتعقدت .

- محمد بضيق :

و لا رائد ده كمان نزل من نظرى

أوى .. أنا الشهادة لله ماكنتش

بطيقه الأول دلوقتى الحمد

لله بكرهه .

لم يرد أسامة على محمد .. ليرفع محمد نظره لأخيه يجده يحدجه بنظرة يعرف محمد معناها جيدا .

- محمد متهربا :

إيه ؟! ... فى إيه ؟!

- أسامة قارصا محمد من وجنته بمشاكسة :

يا حمادة .. عليا برده .. طاب

و أنت ؟! .. هتفضلى غضبانة

عند أهلك كده كتير ؟!

- أبعد محمد يد أسامة التى آلمته عنه بحنق :

إيه غضبانة دى ؟! .. أنا مش

غضبان .. أنا بس واخد موقف .

- أسامة بسخرية :

واخد موقف .. و الله .. طاب

ما تقولنا إيه الموقف ده ؟! ..

عشان نقف معاك فيه ؟!

- محمد بغيظ :

دا أنت بتستظرف ؟!

- أسامة بجدية :

أنت اللى بتهزر .. لما شحط...........


- قاطعه محمد بإنفعال :

إيه شحط دى ؟!

- ليصرخ أسامة فى وجه محمد غير عابئا بصوته العالى الذى أيقظ أخيه الأصلان :

بس أخرس .. أيوه شحط .. لما

شحط طويل عريض زيك يغضب

و يسيب البيت أسميه إيه ؟! ..

رد يا أبو موقف .. خلينى أفهم

موقفك عشان أقف معاك و

و نخلص .

و لما بدأ محمد فى كلامه قاطعه أسامة مجددا ليقول

- أسامة رافعا إصبعه فى وجه محمد يحذره بنبرة بطيئة مليئة بالتهديد :

خلى بالك .. أنا بحذرك .. و قد

أعذر من أنذر .. مش هاسمحلك

تطلج أختى .. أبنك البقرة بودة

محدش هيربيها غيرك .

-محمد بغضب :

ما تقولش على إبنى بقرة .. أما

نشوف خلفتك أنت و الست سوما ؟


- أسامة بتقرير :

مش محتاجة ذكاء ! .. السمبوسة

هتخلف سمبوسة زيها .. دا قدرى

و أنا رضيت بيه .. زى ما أنت

كمان بودة و أختى الهبلة قدرك

و لازم ترضى بيهم .

- محمد بكبرياء زائف ضاربا بيده الطاولة التى يجلس حولها هو و أسامة :

أنا ماقولتش إن أنا مش راضى

.. بس لازم يكون فى عقاب ..

مش هأسمح إن الموضوع ده

يمر بالساهل .

- أسامة بإنتصار و فرحة مبالغ بها :

حلووووو أوى كده .. طمنى

هاه هتضربها؟ .. هتتجوز عليها ؟

.. هتاخد بودة و تسيب البيت ليها

؟ فتمشى هى و تروح وراك ؟! ..

هتخليها...................................


- صرخ محمد بصدمة من كلام أسامة :

بااااااااااااااااااااااس ..

يخربيتك .. أنت متأكد أن أسماء

أختك ؟! .. إيه يا بنى الشر اللى

جواك ده ؟! .. كنت مخبيه فين ؟!


- أسامة بمشاكسة :

فى جيبى .. "ثم تحدث بجدية "

أسمعنى هقولك إيه .. و تنفذه من

سكات عشان تتلموا فى بيت واحد

و نخلص .. ماشى ؟!

- محمد بكبرياء زائف :

أفكر الأول ..

" ثم غير كلامه مسرعا عندما تألم

من قبضة أسامة التى توجهت

لبطنه "

ماشى .

و فى أثناء إعداد أسامة و محمد للخطة الإستراتيجية التى سوف يتحركون الأيام القادمة على أساسها انسحب الأصلان بهدوء مبتسما بخفة على أفعال أخويه ليعود إلى منزله بعد أن قضى ليلته خارج المنزل ليبتعد عن الجو المشحون بالمنزل .

و فى تلك الأثناء انتقل أحمد صابر و الحاجة صفية إلى بيت زهرة من أجل قضاء اليوم مع ربيبتها كما أنتوت .. و قد أصطحبتهم السيدة نعمة إلى هناك لرؤية زهرة و الإطمئنان على صحتها

.. و التى كانت إستيقظت من نومها لتشعر بتحسن بسيط جسديا و لكن مازالت تتألم نفسيا .. لتدخل عليها والدة أصلانها و عمتها تشغلانها قليلا عما تشعر به .. إلا أن قطة الأصلان مازالت تتألم ليطغى الألم على رغبتها بالكلام فتصمت .. و يطغى على فرحها ليظهر الحزن و يتشكل العبوس على وجهها .. و يطغى على رغبتها بمجالسة آخرين يشغلونها عن التفكير بأصلانها فتنعزل عنهم .. و تخرج من منزلها بمفردها تسير ببطئ و ثقل بسبب حملها لتجلس بالحديقة الأمامية للمنزل وحدها .. حيث تركها الآخرون بعد أن استشعروا رغبتها فى ذلك .

بينما يسير الأصلان فى طريقه إلى منزله و لا يشغل باله إلا قطته حبيبته

تلك الصغيرة الماكرة التى لم تترك جزء بجسده إلا و لمسته بيديها الصغيرتين

جعلته يعتاد على لمساتها لدرجة أوصلته للجنون ببعدها عنه .


قضت معه ليالى أوصلته فيها للسماء لتتركه بعدها يقضى أياما تعيسة فارغة

يعود فيها يصطدم بالأرض الصلبة لتؤلمه بشدة .


يفكر و يفكر و يفكر بها بجنون .. جنون قاده لسؤال .. ألا تستطيع أن تعود له ليلة واحدة تقضيها معه توصله فيها للسماء و تجعله يأن فيها بشغف و يحتفظ بها كذكرى فى قلبه يلجأ إليها كلما أهلكه شوقه و أحتضرت روحه و سقم جسده .


يريدها بكل ما تحمله الكلمة من معنى

لا ينفك عن التفكير بقطته .. من حقه التفكير بها بكل وقت و أى طريقة ترضيه و تشبع شوقه و لو قليلا ..

فتارة يراها بالمطبخ و أخرى تضحك هى و سوما و بوسى .. و مع جده تناوله أدويته تلعب مع بودة تلهو فى الحديقة و تتحدث مع أبو أحمد تتحدث مع أمه .. تستقبله من عمله .. تخاصمه لبعده عنها .. تبكى لشوقها له

تأن بمتعة من لمساته ..  تتنهد من همساته لها .. ليجد نفسه رجلا مختلف كليا عما إعتاد عليه .. من أين أتى بكل هذا الغزل ؟ .. من أين جاءت ألفاظه الفاحشة ؟ ..  من أين جاءت أفعاله المجنونة معها ؟ .. من أين جاء شغفه بها ؟

و إنهالت الأسئلة على الأصلان حتى وصل إلى حديقة منزله ليراها .. و يتخطى قلبه نبضة .. زهرته جالسة بالقرب من مجموعة من الزهور التى بهتت بجانب قطته .. و أتجه بخطواته إليها .. ليجلس بجانبها .. و شعرت هى به و لم تأتها القدرة على مواجهته .. ليفهم هو عليها .. فحبيبته تبتعد عنه .. ليقترب هو أكثر و يضع قطته على قدميه التى وسعها بشكل مريح لتكون القطة جالسة بحضنه هادئة .. و أحاطها أصلانها بذراعه فى حميمية مهلكة معبرة عن مشاعره تجاهها .. كما أخفت هى نفسها بين ذراعيه كقطة باحثة عن الأمان الذى طالما وفره له .. و كما أجبرتها مشاعرها المرهفة تجاهه .. لتخفى وجهها تلقائيا بصدره .. و توخزه ضربات قلبه التى وصلت لحد الصخب

.. خانه لسانه فوجد نفسه لا يستطيع نطق ما وطن نفسه عليه .. و ينبض قلبها بعنفوان بعد أن شعرت بما سيأتى بينهما لاحقا .. حاول الأصلان قدر الإمكان إبعاد بصره عنها حتى يستطيع التحدث .


ليتحدث بعدها بنبرة هادئة و لكنها مليئة بالشجن

      " لسه مخصمانى يا زهرة ؟! "


لتكون تلك المرة من المرات القليلة التى سمعت فيها إسمها على لسانه بعد أن إعتادت منه التحبب و دلالها بقوله

" رورو " من أول يوم قضته معه .. لم تجد زهرة فى نفسها القدرة على الحديث .. و الغريب أيضا أنها حتى لم ترغب فى الحديث لتجد نفسها ترغب فى قضاء فترة و لو عدة دقائق مع أصلانها بسلام قبل أن يبتعدا .. و عند هذه الفكرة بدأ قلبها ينبض بعنفوان و تدمع عينيها .. كما دمعت عيناه حينما وصلته إجابتها على سؤاله عن خصامهما بصمتها .. ليضمها الأصلان أكثر بهيام نابع عن معرفته بفراقه لها ..

و يسير بأنفه على طول عنقها يستنشق رائحتها ببطئ ثم يبتعد قليلا ليضع رأسها على كتفه و تستغل زهرة وضعها فى استنشاق رائحته .. حتى أكمل بهدوء و هو يسير بيديه على ظهرها

- الأصلان بشجن :

       أنا وصيت على حاجات كتير ل

       ولادنا .. هتوصل كمان كام يوم

       أتفرجى عليها و اللى ناجص

       إنزلى هاتيه بنفسك مع أمى و

       البنات .. ... .. ... .. ... .. ... ..

-لينقبض قلب زهرة و تبكى بهدوء و يكمل أصلانها :

      لما عرفت بحملك كنت عاوز

      أهاديكى بحاجة منى .. على ذوقى

      .. هتوصلك فى علبة مع حاجة

      الولاد .. ... .. ... .. ... خديها يا

      زهرة .. ... .. ... .. إعتبريه آخر

      طلب أطلبه منك .. ... .. ... خليها

      معاكى ذكرى منى .. و مش عاوز

      حاجة تانى .. ... .. ... .. ... .. ...

ليرخى الأصلان ذراعيه عن قطته و يرفعها برقة و يضعها بجانبه .. ثم يقبل يديها التى تحتفظ بهما و يتركها و يغادر بهدوء ذاهبا إلى منزله .. ليستيقظ المنزل بأكمله فى اليوم التالى على خبر سفر الأصلان .

غادر الأصلان منزله متنقلا بين المحافظات بغرض تخليص أعماله المتعددة .. و قد جمع كما لا يستهان به من العمل للقيام به يكفيهم لعدة شهور

.. فضل القيام به وحده دون الإستعانة بأحد آخر يتبادل معه أو حتى يساعده

.. لتزيد فى المقابل عدد أيام سفره كما أراد هو لإلهاء نفسه عن ألمه .. ليفضل وحدته ليخلو سفره من رفيق يفرض عليه إظهار إنفعالات معينة لإخفاء مشاعره المتألمة ليبتعد عن زهرة  نهائيا .

و فى المقابل أستقبلت زهرة الخبر بصمت و فضلت إخفاء مشاعرها أيضا نظرا لإحاطتها بكم لا بأس به من الأشخاص الملازمين لها .. و تفقدت الأشياء الكثيرة التى إشتراها الأصلان لأطفالهما بدموعها .. و التى تساقطت رغما عنها حزنا فمن المفترض أن تقوم هى و أصلانها بشراء تلك الأشياء معا ..

و أبقت على العلبة الحمراء جانبا تحتفظ بها لفتحها فى وقت آخر تكون بمفردها فيه .. خوفا منها أن تفشل فى الحفاظ على التعبيرات الصامتة و الفارغة المرسومة على وجهها أمام السيدة نعمة التى كانت تتفقد معها الحاجيات .. و قد أدركت السيدة نعمة ما فى نفس شبيهتها و زوجة إبنها الأكبر .. لتقترح على تلك الصغيرة الخروج معا لشراء ما نقص من المستلزمات الضرورية إستعدادا لولادتها .

و قد وافقتها زهرة بعد أن شعرت بالإختناق الشديد و رغبت فى تغيير الجو المحيط بها . كما أرادت السيدة نعمة لتذهبان معا فقط برفقة السائق دون وجود أحد آخر يشارك الأم و زوجة إبنها بهذا الموقف .. و لم تتوقف السيدة نعمة عن إلقاء كلماتها الحنونة المدعمة لزهرة لتثبت لها أنها بمثابة أم ثانية لها بعد السيدة صفية .. كذلك لم تترك جانب زوجة إبنها أثناء تسوقهما

فتارة تربت على كتفها .. و تارة آخرى تمسك بيديها برفق .. و ثالثة تمسح على ظهرها بحنية .. كل ذلك مع بسمة حانية موجهة لزوجة إبنها الأكبر لم تفارق وجهها أبدا .. فكلتاهما تتشاركان فى تلك اللحظة مشاعر نقية للغاية خاصة بأمومتهما .

أمر أسامة كرئيس منتدب لعصابة

" خدونا خطفونا حمونا بالليفة و

   الصابونة " بدلا من الرئيس الأعلى للعصابة المعلم بودة الذى أقصى عن هذا الإجتماع بإجماع كافة أصوات أفراد العصابة .. نظرا لأن الهدف من الإجتماع يمسه شخصيا لتعلق موضوعه بإجماع والديه عصافير الحب  " محمد و أسماء " سويا .. و لأن عصافير الحب أساسا من أفراد العصابة تم إقصائهم بالإجماع أيضا و إنضمام عضوين جديدين و هما السيدة نعمة و أم أحمد .. و تم إعلام الجميع بمكان الإجتماع و الذى كان المطبخ بعد أن قامت أم أحمد بإرسال فاطمة و ورد للإعتناء بزهرة و سد غياب سوما و بوسى .. ليجتمع الباقين يحمل كل منهم كوبا من الشاى جالسين على مقاعد بلاستيكية متفرقة بأنحاء المطبخ الواسع ماعدا أسامة الذى يتحرك مجيئا و ذهابا بينهم .

- حمحم أسامة و نفخ صدره فرحة بتعيينه رئيسا للعصابة :

        أولا إثبات حضور أعضاء العصابة

        .. السوبر إس .

- سوما برقة :

          حاضر .

- أسامة :

          الدراع اليمين .. الأخ بوسى


- بوسى :

          حاضر .

- أسامة :

         الأعضاء المنتدبين الجدد .

- و لما لم يرد أحد قال أسامة بحنق :

        أرفعى إيدك يمة أنتى و خالتى .


- لتقول أم أحمد بطاعة مرفقة قولها

   برفع يدها  :

        حاضر يا بنى أهوه .

- لينظر أسامة بحنق لوالدته التى

  تشرب من كوب الشاى الخاص بها

  ليقول بصوت عالى :

         يمة أرفعى إيديك و خلصينا

         عاوزين نبدأ الإجتماع  .

- لتصرخ السيدة نعمة بحدة :

      بتزعق فى مين يا ولا ؟!

- أسامة بإنكماش :

       مفيش يمة .. مترفعيش إيدك

       أنتى تؤمرى .. "ثم همس لنفسه "

       كلها إجتماع كمان و أطردك برة

       بنفسى .

- أسامة جالسا بين أمه و خالته أم أحمد :

        تانى حاجة .. أحب أشكر أمى

        و.............................................


- السيدة نعمة تجز على أسنانها :

     خلص يا ولا ورانا طبخ .

- أسامة محبطا :

      حاضر يمة .. أنى آسف .. طبعا

      أنتوا عارفين إحنا متجمعين ليه ؟!

     

ترفع أم أحمد يديها سريعا تريد الإجابة على سؤال أسامة .. فى حين نظرت لها كل من سوما و بوسى بإحباط و يأس .


- أسامة بنفس إنطباع الإحباط و اليأس

   :

      لأ يا خالتى .. ده مش سؤال ..

      دى جملة كده بنبدأ بيها الكلام

     .. لما أسأل هبقى أخليكى تجاوبى .


- أسامة مستكملا حديثه :

     طبعا يا بناتى يا حلوين .. أنا كان

     عندى أمل نرجع المزغودة أسماء

    لمحمد .. بس من خلال الموقف

    البسيط اللى حصل من خالتى

    دلوقتى فأنا الحمد لله يأست .. بس

    مفيش مانع من المحاولة عشان

    خاطر بودة .. لازم نمشيه من البيت

    .. أنا مش هخلف عيالى و الكائن ده

    موجود فى البيت و على قيد

    الحياة .

         

.

.

.

.


- أسامة :

بنتك غلطانة يا نعمة .. و بتكابر

لحد ما هتخرب بيتها بأيدها .

- السيدة نعمة :

طاب و بعدين ياواد .. هنعمل

إيه مع الموكوسة دى ؟!

- أسامة بجدية :

حتى مش عارفة تصلح إللى

عملته و تراضى جوزها .


-سوما :

و زهرة يا عينى فهمت برده إن

أسماء مش بتكلمها .. و كل ما

تيجى سيرتها وشها يتغير و

تسكت .

- السيدة نعمة بفزع :

يا لهوى .. قولى لزهرة أى حاجة

يا سوما .. عشان ما تأخدش على

خاطرها .. هى ملهاش ذنب يا

حبة عينى .

- أم أحمد بهدوء :

ما هيا سوما هتقولها إيه برده ؟!

.. الموضوع باين أوى يا حجة ..

لو تخدى بكلامى .. أحسن حاجة

أتكلمى أنتى مع زهرة بصراحة و

راضيها بكلمتين .. و البت قلبها

أبيض و هتسكت .


- لتنظر السيدة نعمة لرفيقة عمرها أم

أحمد :

فكرك كده ؟!

- أسامة :

كلام خالتى صح يمة .. زهرة

مش غبية و أكيد خدت بالها ..

أبقى أتكلمى معاها لوحدكوا ..

المهم دلوقتى الغلبان ابن أختك

اللى متبهدل معانا .. بسبب بنتك

الحيزبونة دى .

- السيدة نعمة ببكاء :

آه و النبى يا بنى عندك حق .. يا

حبيبى يا محمد....................


- بوسى :

إستنى يا مرات خالى .. هنعمل

إيه يا أسامة ؟!

ليروى عليهم أسامة فكرته و يتفق مع كل الأعضاء على أدوارهم و وقت التنفيذ .

تجلس أسماء فى جناحها على أريكة مريحة .. موجهة عينيها للحائط و مثبتة نظرها على نقطة معينة .. شاردة فى ما حدث بينها و بين زوجها محمد .. لا تصدق أنه تركها .. لا تصدق أنه لم يطرق أحدا باب غرفتها لمراضاتها .. أو لنصحها و التفاهم معها كما إعتادت .. يدور فى ذهنها أفكارا سوداوية للغاية .. أأصبح محمد لا يحبها ؟! .. أهى إمرأة سيئة لدرجة أن يترك منزلها و يغادر ؟! .. ما المميز بزوجة أخيها عنها ؟! .. لدرجة أن زوجها يعجب بتصرفاتها .. أيريدها أن تتصرف كتلك الحمقاء الصغيرة ؟! .. و التى ترضى بأخطاء زوجها .. أيريدها أن ترهق نفسها و تضحى بصحتها من أجله ؟! .. ما الذى سيعود عليها هى إن تأثرت صحتها و مرضت ؟! .. سيتركها و يبحث عن أخرى .. أيعيبون عليها تفضيلها لصحتها ؟! .. أيعيبون عليها عدم تحملها إحتياجات زوجها و طفلها ؟! .. و ما العيب بذلك طالما هناك من يساعدها ؟! ليس كتضحية من أحد و لكنه عملهم

.. لذا ما الضرر من ذلك .. أيجب أن تقتدى بالحمقاء الصغيرة و تستعرض تضحياتها حتى تنال رضاهم.............


و فى أثناء تضارب تلك الأفكار المتلاحقة فى عقل أسماء .. تسارعت خطوات خفيفة لا صوت لها لسوما و بوسى و أسامة و تتمركز أمام الغرفة المجاورة لجناح أسماء و التى لم تكن سوى لبوسى و سوما .

- سوما بصوت ذو نغمة عادية لا

مرتفعة و لا منخفضة :

أنتى بتقولى إيه يا بوسى ؟! ..

معقول محمد يعمل كده ؟!


- لترد بوسى بعد فترة بتلقائية :

آه و الله أنا سمعت أسامة بيحكى

لمرات خالى أنه خلاص جاب

عفش جديد لبيته .. و ناوى يعد

هناك على طول .

- لتشهق سوما بدرامية :

طاب و أسماء ؟ .. مش هنقول

لها ؟! .


- لترد بوسى بنفس البرود :

هنقولها إيه أنتى كمان ؟! .. بقولك

أسامة بيقول أنه منشف دماغه

خالص المرة دى .. و شكله كده

مش عاوز أسماء .. دا حتى ما

سألهوش عليها .. و شكله مبسوط

و لا فى دماغه حاجة خالص ..

تحسيه ما صدق طلع من هنا ..

و وشه منور و جايب واحدة جنبهم

تساعد فى التنضيف و بتطبخ له

.


. و كمان بيقول حلوة أوى .

لتختفى بعدها الأصوات تدريجيا داخل غرفة سوما .. بينما وضعت أسماء يدها على فمها من الصدمة .. و ينتظر أعضاء عصابة "خدونا خطفونا حمونا بالليفة و الصابونة " عدة أيام أخرى

لتنفيذ المرحلة الجديدة من الخطة .

بالنسبة لزهرة .. بمرور الأيام أصبحت حياتها مختلفة .. فهيئة الأصلان كانت أول ما تقابله فى مخيلتها عند إستيقاظها كل صباح و آخر ما تنام عليه .. و فقدت رغبتها فى كل شىء .. لتجد نفسها جالسة بإستمرار أمام نافذة منزلها الصغير المطلة على الحديقة الأمامية لمنزل العائلة .. تراقب عينيها كل زائرى المنزل .. تجفل حينما تستقبل أذنيها صوت هدير سيارة تدخل البوابة الرئيسية للمنزل ليخيب أملها فى النهاية أن يكون هو .. شاردة فيما يخصه هو فقط و يبقى فكرها محتجزا فى اللحظات التى قضاها معها .. فالأصلان هو الأول فى حياتها .. لتشعر بالألم يعصف بقلبها ظنا منها أنها لم تؤثر به أو إنه لم يشعر بالمثل تجاهها .

مرت الأيام و أصبح فكر أسماء مشغولا بزوجها اللعين محمد الذى لم يعد عصفورا بجانبها بل أصبح حداية أو أى طائر جارح آخر .. لا يهم طالما تركها و أصبح مشغولا بأخرى .. لتقطع أفكارها طرقات هادئة على باب جناحها لم تكن إلا لوالدتها السيدة نعمة

- السيدة نعمة بمسكنة زائفة :

          العواف يا بنتى .. عاملة إيه

          دلوقتى يا حبيبتى ؟!

- لترفع أسماء حاجبها تعجبا من لين

  أمها المفاجأ تجاهها :

        الحمد لله يا ماما .. كويسة ..

        هعمل إيه يعنى ؟! .. أدينى آعدة

        أهوه .

- لتربت السيدة نعمة على كتفها ببطئ

  و حنان و تقول بلهجة حانية :

       بقولك إيه يا سمسم .. ما تسيبك

       من الأعدة دى و تعالى أعدى معايا

      نشرب فنجانين قهوة .. لحسن

      أعدتك لوحدك وحشة عليكى يا

      نضرى .

- أسماء التى ظنت خطأ أن والدتها

  لانت تجاهها و وافقتها على أفعالها

  كما إعتادت .. لتقول بفرحة داخلية

  أتت من ظنها بعودة عهدها الذهبى

  من جديد :

          حاضر يا مامتى .. يلا بينا ..

          هعمل أحلى فنجان قهوة .


- السيدة نعمة التى مدت ذراعها لإبنتها

  لتعينها على السير :

        خدى بإيدى يا بنتى لحسن

        ضهرى واجعنى من إمبارح .

لتنزل أسماء و والدتها السلم الداخلى للمنزل .. و عند إقترابهما من مدخل المطبخ جاء صوت الجد مناديا على زوجة إبنه الأكبر السيدة نعمة .. لتترك السيدة نعمة أسماء لتلبية طلب الجد الجالس فى غرفة مكتبه بعد أن طلبت من أسماء إعداد القهوة لها و تأتى بها

فى غرفة المكتب .

و توافق أسماء أمها و تتجه هى للمطبخ من أجل إعداد القهوة ليوقفها عند مدخله سماعها لحوار دائر بين أسامة و سوما و بوسى داخل المطبخ

- أسامة بحالمية :

     و فجأة و أنا واقف مع محمد

     مستنيين العمال ينزلوا العفش

     الجديد .. لقيت داخل علينا من

     باب البيت ملاك نازل من السما ..

     حول المغارة اللى كنا آعدين فيها

     لجنة .

- بوسى بتعجب :

         ملاك إيه يا بنى أنت ؟!

- أسامة بنفس النبرة الحالمة :

      صفاااااء .. صفاء بنت الست خيرية

      اللى بيتها جار بيت خالتى الله

      يرحمها .


- سوما بتعجب :

         صفاء ؟!!!!!!

- أسامة بتأكيد :

       فاكرة البت الصغيرة اللى كانت

       بتلعب معانا لما نروح عند خالتى

       و إحنا صغيريين .. اللى كنت

       بضربها على طول دى .

- سوما بتذكر :

        آه .. البنت اللى دايما كانت تعيط

        لما ما نرضاش نلعب معاها ..

        ما كناش بنحبها إحنا خالص .

- أسامة بإبتسامة واسعة :

        دا كان زمان .. دلوقتى كبرت و

        بجت عروسة زى الجمر .. حتى

        محمد معرفهاش لما شافها زيى

        .. و هى اللى فكرتنا .. كان

        شكلنا وحش جوى لما فكرتنا

        إننا كنا بنضربها زمان .. جت كسر

        إيدينا .

- بوسى :

          و أنتوا شفتوها و أتكلمتوا

        معاها كمان ؟!

- أسامة :

        أمال إيه ؟! .. دى يوماتى عند

        محمد مع أمها .. جيبين ليه

        الفطار و الغدا و العشا .. و كمان

        بيحلفوا عليه عشان العصير و

        الحلو من اللى قلبك يحبه ..

        الواد عايش ملك زمانه .. و أنا

        أقول مبيتصلش ليه ؟! ..

        أتاريه ناسينا خالص .

علقت أنفاس أسماء بصدرها .. و رمشت عدة مرات تعالج ما سمعته .

- أسامة مكملا :

         أنا رايح أسهر مع محمد كمان

        شوية .. أكيد هالجيها هناك ..

        لحسن هى لسه مكملتش ترتيب

        العفش الجديد فى البيت .. بس

        الصراحة زوجها تحفة .. خلت

        البيت ولا السراية .

- سوما :

       أنا خايفة البت دى تعرف إن

       أسماء و محمد متخاصمين .

- بوسى بتقرير :

       شكلها عارفة يا سوما .. ما

       الموضوع باين أوى .. أمال آعد

       لوحده فى البيت بيعمل إيه ؟!

تقبض أسماء على كفيها بشدة و لم تتمكن من النطق .. و عقلها مازال لم يستوعب ذلك الكم من الأحداث .

- سوما بنفى :

      أنا مش قلقانة على فكرة .. محمد

      مؤدب و مالوش فى الكلام ده .

- أسامة :

       الزن على الودان أمر من السحر

       البت شكلها معجبة أوى بجوز

       أختك .. و قابلة بالوضع كمان ..

       و أمها شغالة تبعتله كل شوية من

       كل صنف حاجة و تقولنا عمايل

       صفاء .

- لطمت سوما على صدرها بهلع :

        يا لهوى .. طاب و بعدين ؟!


- أسامة مستكملا حديثه :

      دا أنتوا كمان ما شفتوش البت

      بتبصله إزاى .. عنيها بتطلع قلوب .


- بوسى :

        طاب و محمد رد فعله إيه ؟!

- أسامة :

      الأول كان بيدايج منها حسب ما

      تعود .. و بعد حبة لما لاقها مؤدبة

      و قمورة بدأ يتقبلها و يتكلم معاها.


- سوما بنفى  :

      لأ .. لأ .. يا أسامة .. محمد بيحب

      أسماء .

- أسامة :

       دا كان زمان .. أختك من عمايلها

       طفشته .. و البت عمالة تتنطط

       أدمه كل شوية بجلابية شكل ..

       محمد برده راجل و لوحده .. و لو

       حتى ما حبهاش أكيد مع الوقت

       هيلين .. أمال أنا واخد بعضى و

       رايح كل شوية هناك ليه ؟!

- سوما التى تركت الخطة الأصلية و

  غلبتها غيرتها :

        لييييييييه ؟!

- أسامة بحنية زائفة :

        بحافظ على بيت أختى حبيبتى

        .. ربنا يعين أنا بتعب و الله .

- سوما بزمجرة :

        أمممممممممممممم .

- ليتهرب أسامة منها و ينهض سريعا :

        طاب أسيبكوا و أروح أنا أشوف

        محمد أخويا حبيبى .. ما

        سيبهوش لوحده لأحسن الساحرة

        الشريرة الجميلة أوى تخطفه .

لكن سبقته أسماء و سارعت بالإختباء

.. حتى غادر أخوها الأصغر ثم صعدت إلى غرفتها .. لتغلق عليها باب جناحها

و تجلس ورائه على الأرض مصدومة مما سمعت .. فهى على وشك فقدان زوجها .. لتشعر بالدوار الشديد على الرغم من جلوسها أرضا .

فى إحدى الشقق المعروضة للإيجار بإحدى المحافظات الساحلية .. يجلس الأصلان فى بقعة مظلمة .. حوله هالة داكنة .. لا ينيرها من حين إلى آخر سوى إشعال السيجارة بقداحته .. يشعر بفراغ مخيف لم يسبق أن شعر به قبلا

.. و على عكس المتوقع لم يكن منفعلا مع عامليه .. و لم يبدى ردود أفعال على التعليقات الخاصة بالعمل أو أى من المباركات التى تأتى له بكثرة لنجاح صفقاته .. و قد لجأ للتدخين بكثرة يشغل به حيز كبير من الفراغ لديه ..

فالأصلان لم يهتز عاطفيا بهذا الشكل منذ أن فقد تؤامه بثينة .. ليشعر بالألم يعصف بصدره حينما فاض قلبه من حبه لتلك القطة التى لم تكمل التاسعة عشر من عمرها .. ليشعر بالألم مجددا بشدة أكبر ظنا منه أنه لم يترك أثرا كافيا بها .

ليشعر سيجارة آخرى بتعبير فارغ على وجهه .. فمنذ سفره لم تستسلم عينيه للنوم قبل أن يتذكر كل مواقفهم التى جمعتهما معا حتى يتأخر به الوقت و يرحمه نومه من أفكاره .. متى أحبها كل هذا الحب ؟! و لماذا أحبها بهذا العمق لتصبح مغادرتها موجعة لهذا الحد ؟! .. ليغادر عينيه القليل من الدموع .. القليل فقط .. الذى سرعان ما جف على وجنتيه .. و لكن ترك عينيه محمرة بشراسة دلالة على حزنه و ألمه على ما أضاعه .

أصبحت زهرة طريحة الفراش بشكل دائم بعد أن تعدى حملها منتصف الشهر السابع .. و أكدت د/ منال على ضرورة ملازمتها للفراش حرصا على صحتها ..

و تتبادل سوما و بوسى فى المكوث معها بجانب عمتها السيدة صفية .. و التى أقامت مع زهرة تشرف على رعايتها .. مع وجود السيدة نعمة و أم أحمد .. لم تفتقد زهرة للرعاية بل تلقت منها أحسن ما يكون و ساعد فى ذلك كثرة المحيطين بها .. و لكنها أفتقدت لشىء واحد .. شخص واحد .. أصلانها .

كان الملاكم طويل القامة ضخم الجثة واقفا أمام باب منزل عمته الصغرى زهرة .. و التى علم منها بالصدفة البحتة المقصودة أن بوسى تقيم معها اليوم لرعايتها بجانب جدته السيدة صفية .. و كان متردد إلى حد كبير يخشى الندم أو الحرج فيما سيقدم عليه .. استجمع أحمد صابر قواه ليضغط على الجرس ونفض من عقله تفكيره السودوى .. ليفتح الباب لحسن حظه فتاته الجريئة بوسى .. تقابله بأعين حائرة فشلت فى إخفاء فرحتها بمقابلته

- بوسى دون وعى :

         أحمد .

- تنحنح أحمد ليضفى على صوته الخشونة إلا أنه خرج لينا :

      أنا جيت هنا إمبارح .. بس ما

      دخلتش .... كنت عاوز ..... عاوز

      أقولك حاجة .


   " ليصمت قليلا .. ثم يتحرك أمام

     بوسى الحائرة مجيئا و ذهابا ..

     ليقول بحدة و إندفاع "

    أنا مش بتاع الكلام ده .

- بوسى بمفاجأة و حيرة .. تصرخ فى

  وجهه :

       كلام إيه ؟!

- أحمد مندفعا بحديثه .. لا يواجه  

  بوسى بل مستمرا فى سيره مجيئا و

ذهابا .. و كأنه يجد صعوبة فى التعبير

عن مشاعره :

      ال .... أأنا ..... أنا ... حلمت بيكى

      .... مش عارف أركز فى شغلى ....

      و ... و ..... و كل شوية عاوز

      آجيلكوا .... آجيلك .... آجى لعمتى

      ... لحد ما بقى شكلى وحش جدا

      أدام جدى .. ما هو مش معقول كل

     شوية أقول أنا عاوز أروح لعمتى

    زى العيل الصغير .

ليتوقف أحمد فجأة و ينظر إليها بلين و يكمل حديثه .


- أحمد و فى عينيه لمعة جميلة :

     ضحكتك بتفرحنى .... متحبيش

     حد .... لو حبيتى حد هضربهولك

    زى قريبك البارد اللى كان عمال

    يجعر ده .

- بوسى بحنق من ملاكمها العنيد ضخم

  الجثة :

         قولتلك مش بحبه .

- ليصرخ أحمد بها :

       و أنا كنت أعرف منين ؟! ..........

    عموما عشان متلخبطش بعد كده

   متكلميش حد خالص ... أنا مش

   هأعد أضرب فى خلق الله بسببك .

- بوسى بحنق متناسية اللحظة

  الغرامية بينهما :

        هو فى حد يضرب حد من غير

        سبب كده ؟!

- أحمد مبادلا إياها نفس الحنق و

  متناسيا هو الآخر لحظتهم

تعليقات

التنقل السريع
    close