![]() |
الحلقة السابعة والثامنة والتاسعة والعاشره
زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
بقلم_سلمى_محمد
الدنيا ثلاثة أيام
الأمس...عشناه ولن يعود
واليوم...نعيشه ولن يدوم
والغد...لن ندري أين سنكون
هذا المشهد قفز أمام عينيه...مافعله بها من أنتهاك لجسدها العفيف...تقلصت ملامح وجهه وأرتعش جانب فمه...ثم هتف فيها والدموع تنساب على وجنتيه: أنا اللي منفعش ليكي...أنا حيوااان ...
نظرت له حائرة...فهي لا تفهم كلامه ولكنها شعرت بالشفقة تجاهه...لمست كتفه برقه: أهدى
رأى نظراتها الحنونة...فزاد بكائه...فهو لا يستحق هذه النظرة منها...أزداد الصراع بداخله...فقد حان موعد الاعتراف...لا يستطيع أخفاء جريمته الى الأبد...فهو يمتلك طفلين...طفلاه يعيشون في ملجأ...هتف بوجع : أاااااه ..أااااه
حاولت تهدئته فقالت برقة : أدعى ربنا يمكن ترتاح ...أنا لما بكون تعبانة ...بصلي وأدعي...أعمل زيي...
نظر لها بألم : أنتي أزاي كده...بعد اللي عملته معاكي ...لسه قلبك طيب...أنتي حقك تمسكي سكينة وتغرزيها جوا قلبي وتريحني...
أستغربت كلامه...ودعوتها لقتله...ماذا حدث لكل هذا...نظرت له حائرة لا تفهم : ليه كل ده
هتف بهستريا : عشااااان ..عشااان أنا....رفع رأسه ويديه الى الأعلى داعيا ربه بصوت مسموع...ثم قال بدون وعي لماهية الكلمات التي تخرج من فمه ودموع العذاب تنهمر بدون توقف...أنا اللي عملت فيكي كده...أنا المجرم اللي أنتهك برائتك...أنا اللي قطفت زهرة شبابك وحولتها لزهرة ذابلة خالية من الحياة...
نظرت له بذهول غير مصدقة وغير مستوعبة كلامه ...أطلقت قهقه عالية: أنت بتهزر ...أكيد بتهزر بس هزار تقيل...أنا من وقت ماشوفتك وقولت أنك عندك شيزوفرنيا...أنا ماشية
صاح بألم : أنا أبوهم...أبوهم...ولادي طلعو متربين في ملجأ...كل ذنبهم أنهم أتولدو بطريقة غير شريعة...من أب زين ليه الشيطان طريق الرذيلة...أااااه من ذنب لحد النهاردة بدفع تمنه...ضيعت شرفك بسبب لحظات من اللذة وعدم الوعي...
توقفت يديها على مقبض الباب وهي تسمع كلماته...التفتت له...تسمرت عينيها طويلا في عينيه...رأت الصدق...العذاب...الحقيقية...أقتربت منه...رفضت مارأت ...صرخت في وجهه وهي تدفعه بكلتا يديها في صدره: أنت ليه مصمم تأذيني...ليه مصمم تعذبني بقسوتك...أنت أنسان مريض...أزداد صراخها...مريض...وكداب
أمسك كلا معصم يديها وصاح بألم : سامحيني يازوزو
أتسعت عينيها من الصدمة...ثم قالت وهي ترتعش: أنت قولت أيه ...وعرفت الأسم ده أزاي...مفيش غير أتنين بس اللي كانو بينادوني بيه ...بابا وأحمد وبس...
أخذ يتنفس بعمق وصدره يعلو ويهبط...الشك رواده فقال بهمس : عرفته منك يوم ماأتقابلنا وركبتي معايا العربية ...وقتها سألتك على أسمك قولتلي زوزو...ليه خبيتي عليا أنك متعرفنيش لما أتقابلنا ليه خبيتي...لو عايزه تنتقمي أنا أهو أقصادك أنتقمي...عايزه تبلغي عني بلغي وهقول حصل...صاح بصراخ ...عايزه تموتيني موتي عشان أرتاح
هتفت بهسترية : عشان معرفكش...معرفكش...هزت رأسها بعنف...تمتمت دون وعي والدموع تنهال على وجنتيها...أنا مش فاكرة حاجة ولا فاكرة حصل أيه معايا...الفترة دي أتمحت تماما من عقلي....ثم صاحت في وجهه بهسترية.... أنا مش عايزه حاجة...كل اللي عايزه دلوقتي تسيبني أمشي...ثم أعطته ظهرها وتحركت باتجاه الباب
وضع يديه على كلتا كتفيها مثبتا اياهها...جاعلها تلتفت له...طالعته بنظرات مضطربة...هزها بعنف صارخا بانفعال: أنا أعرفك وأعرفك كويس يازوزو...أنا مقدرتش أخبي الحقيقية أكتر من كده... حسيت أد أيه أنا صغير وجبان قصادك...أنا خوفت أقول الحقيقة...وأنتي طلعتي أصدق وأشجع مني ومحاولتيش تكذبي عليا وتخبي حقيقتك...مقدرتش أتجوزك وأنا مخبي عنك الحقيقة... أنا أبقا أبو ولادك...
ضغطت على أذنيها ثم صرخت في وجهه : مش عايزه أسمع حاجة...سيبني أمشي أبوس أيدك...
نزع محفظته من جيبه وأخرج منها صورة...وقام بوضعها أمام عينيها: بصي كويس للصورة...
شهقت بعنف...أخفضت يديها بالتدريج ثم أمسكت الصورة من يديه...عينيها تسمرت على ملامح الطفل فيها....غير مصدقة مارأت....
هتف بألم : دي صورة بيسان أختي تقريبا في نفس العمر....صورة بيسان من أكتر من عشرين سنة...بصي على تاريخها...
تسمرت نظراتها على التاريخ ...لمعت عيناها بالدموع وهي تنتفض في مكانها...قالت بصوت مرتعش: مستحيل
قال بصوت حزين: لما شوفتهم حسيت كأنهم طلعو من الصورة...
لم تعد قادرة على النكران...صرخت بكل ذرة تسكن كيانها...صرخت بوجع كان دفين لسنوات...صرخت وصرخت...حتى أسودت الدنيا أمام عينيها...تلقفته يديه بسرعة وهو يراها تسقط فاقدة الوعي...حملها بذراعين تهتز من الرعب...وضعها برقة فوق الفراش....أخرج هاتفه وبأصابع ترتعش أتصل بطبيبه...
___
هرول زاهر مسرعا الى داخل غرفة والدته...ثم دخلت بيسان بعده مباشرة...أقترب من الفراش وقال بقلق : مالك ياست الكل...قلبي أتوجع عليكي لما سعدة قالتلي على اللي حصل...خيرمالك؟حاولت كتير أتصل بدكتور بكري عشان أطمن عليكي منه...تليفونه كان بيدي علطول مشغول...
تصنعت الالم ...قالت بصوت ضعيف: الضغط عالى عليا شوية
نظر له بقلق: شوية ضغط يخلو وشك أصفر وينايموكي في السرير...
قالت صفية بصوت واهن : ماأنت عارف صحتي متستحملش الضغط يعلى...صحتي مبقتش زي الأول...وخايفة أموت وأنت بعيد عني
أحتضنها قائلا: بعد الشر عليكي ياست الكل...أستكانت بين ذراعيه وقالت بابتسامة: العمر بيجري يازاهر...ومش هعيش أكتر ماعشت
قالت بيسان برقة : بعد الشر عليكي ...والف سلامة عليكي
ردت عليها بابتسامة صفراء:طبعا بعد الشر...طول ماأبني معايا هكون كويسة
شعرت بيسان بالضيق من طريقة ردها ...فقالت : بعد أذنكم أنا رايح أوضتي ...هغير هدوم السفر
بدون الألتفات لها قال وكل تركيزه منصب على والدته: روحي ياحبي
دلفت بيسان الى غرفتها ...وأخذت تمتم بضيق: حيزبون حتى في تعبها...كله عشان خاطرك يهون ياحبييي...
شعرت بقشعريرة غريبة تسري في جسدها وفجأة تملكها أحساس بالخنقة...لم تشعر بيه أول مرة دخلت غرفة زوجها...صرخت بفزع عندما رأته مرة أخرى وهذه المرة لم يكن بمفرده: الحقوووني...
أنتفض زاهر في جلسته على صوت صريخ زوجته...قائلا بجزع: هروح أشوف حصل أيه...خرج سريعا حتى وصل الى غرفته...وجدها تقف فوق الفراش...ولما رأته صرخت ببكاء: الحقني يازاهر
... في خطوتين أصبح جوارها...فأرتمت عليه...أحتضنها مسرعا قبل سقوطها
قال في قلق: مالك يابيسان
بيسان أشارت بيديها على ماأرعبها ...تمتمت بصوت متقطع : مش لوحده يازاهر...أنا خايفة أوي
نظر الى ماتشير اليه...همس بضيق: ايه اللي جابهم هنا...بصي أنت هتطلعي فوق السرير تاني وأنا هروح أمسكهم وأطلعهم برا الأوضة...أستطاع بصعوبة أمساكهم...قال له برقة : هروح أحبسهم في أوضتهم وجي بسرعة
_ بسرعة يازاهر عشان خاطري
_ دقايق وهكون معاكي
سمعت من مكانها صوت زاهر الغاضب ...حسابك هيبقا عسير معايا ياسعدة ...لو الاوضة اتسابت مفتوحة تاني...
بمجرد دخوله تعلقت في رقبته..قالت بصوت متقطع باكي...دون أن تفلت تعلقها برقبته: خليك معايا يازاهر ...
.سمع دقات قلبها تنبض بعنف تحت يديه... شتم في سره لرؤيتها هكذا: حاضر يابوسة ...مش هتحرك من مكاني...مسح دموعها بأبهامه بخفة...قال بحب: دموعك دي غاليه عندي وكل دمعة من عينيكي بتقطع قلبي...ثم قبلها ببطء على الوجنتين...سمع دقات قلبها تهدىء قليلا...ضاعف قبلاته...أزدادت القبلات بينهم... أصبحت كلها له...
________#بقلم_سلمى_محمد
تكرر رنين جرس الباب...همست بضيق عندما أستمر الرنين والباب لم يفتح : ده أنا مصدقت تدخل تنام ...واتجهت مسرعة ناحية باب الشقة...
قالت بفضول لما رأت الشخص الواقف أمامها :أنت مين
المحضر قام بأخراج ورقة من داخل الحقيبة المعلقة على أحدى كتفيه: أنا محضر المحكمة وده أخطار ...ومد يده لها بالورقة...أتفضلي حضرتك أمضي أستلام
همست لنفسها بغضب : عملت اللي قولت عليه
قال بهدوء:أتفضلي أمضي ياهانم ...
أبتسام بانفعال : حاضر ...ثم مضت على أستلام الأخطار...ثم أغلقت بالباب بعنف...لمعت عينيها بالدموع وهى تقرأ الكلمات المكتوبة فيها...همست بحزن : كده يااحمد ...أنا عارفة أن رشا غلطت...بس اللي بتعمله ده غلط ...انتو الأتنين غلطتو...
خرجت رشا من غرفتها ...نظرت الى أمها بعيون ذابلة لم تعد تلمع كالسابق...كيف تلمع وهي بعيدة عن حبيبها...ركزت نظراتها على الورقة القابعة في يد أمها...فقالت: مين اللي كان بيخبط ؟ وأيه الورقة دي
أنعقد لسانها عن الكلام ...ردت بلهجة متوترة : اللي خبط كان كااان المحصل...ثم قامت بطوي الورقة...
برغم أنها تعيش حالة من الأنعذال ...شعرت بعدم الراحة وكذب والدتها...هتفت بشك : محصل!
أبتسام بلجلجة : أيوه
أقتربت منها رشا وبحركة فجائية نزعت الورقة من يد أمها ونظرت الى المكتوب فيها...
أضطربت بشدة في وقفتها وهي ترى تقلص ملامح أبنتها...
صرخت بانفعال: رفع عليا دعوة لحضانة البنات ...ده على جثتي...فاهمة على جثتي...
أبتسام برجاء : أهدي يارشا...أنا هكلم المحامي بتاعي يباشر الدعوة...ومش هيقدر ياخد منك البنات...
هتفت بانفعال : خلاص باعني ياماما ...خلاص مبقاش يحبني..وعايز ياخد مني البنات ...الحاجة الوحيدة اللي ممكن تخليني أرجع ليه...مستحيل ياخد مني البنات...
أبتسام بلهجة متوسلة : طبعا ياحبيتي مش هيقدر ياخدهم منك...
______#بقلم_سلمى_محمد
في غرفة صفية...جلست سعدة بجوار الفراش..
سألت صفية : وحصل أيه بعد مازعق ليكي ياسعدة
أبتسمت سعدة بخبث: ولا بعدين ياستي...دخل الاوضة وقفل الباب ولحد دلوقتي هما الاتنين جوا...
قالت صفية بغضب: شوفتي ياسعدة زاهر اللي الكبير قبل الصغير بيخاف منه...تيجي واحدة زي دي أول ماتنادي عليه...يجري عليها ملهوف...ونسى أمه وأنها تعبانة...
_ متزعليش نفسك...مش هتلحق تتهنى بيه كتير...أنا عملت كل اللي قال عليه الشيخ فرحات بالحرف الواحد ...لما يتحقق المراد متنسنيش في الحلاوة
_ بس يحصل وكل اللي انتي عايزه يسعدة هعمله ليكي...هو الشيخ مبروك قالك المفعول هيبتدي بعد أيه
هزت سعدة رأسها نافية : مقلش أمتى بالظبط...بس اللي أعرفه أن كل واحد راح ليه وطلب منه حاجة اتنفذت...
تمتمت صفية بدعاء ثم قالت: أنا بعمل كده عشان مصلحته ...عشان متأكده أنها هتتعبه...
في غرفة زاهر
شعر بالسعادة تغمر قلبه فنظر لها بحب غير مصدق أنها أصحبت ملكه وملتصقة بيه
...أبعدها عن حضنه برفق ونظر لعينيها وقال: بحبك ونفسي لو قدر لينا وجبنا أطفال يبقو شبهك
ضحكت بيسان بدلع : وأنا بقا عايزهم شبك أنت ...ثم نهضت من فوق الفراش...
زاهر بابتسامة: سايبني ورايحة فين؟
قالت وهي ذاهبة باتجاه الخزينة: هطلع هدوم ألبسها...
غمز لها بمكر : ماتخليكي كده أحلى
ردت عليه بخجل عفوي : باين عليك نسيت الوالدة وأنها تعبانة
خبط بكف يديه على جبهته وهتف : أوبااا...الوالدة مش هتعديها...ليلتك ملونة يازاهر... ثم نهض مسرعا من فوق الفراش باتجاه الحمام
أبتسمت بيسان بخفة وهي ترى أندفاعه باتجاه الحمام....ثم قامت بفتح الخزينة ومدت يديها لالتقاط ثوب لها...عندما أمسكته لفت أنتباهها.. شيء موجود في قاع الخزينة...تمعنت النظر...فوجدت كومه من ريشات سوداء اللون...فقامت بأمساك ريشة منهم...عقدت حاجبيها بتفكير...أيه اللي جاب الريش دي هنا...أكيد الفار اللي بيقولو عليه سنجاب...ثم القتها مكانها بعنف...هبقا أخلي سعدة تنضف الدولاب...وأغلقت الدولاب...شعرت بيسان فجأة بقبضة داخل قلبها...دموعها نزلت من عينيها دون أن تدري...
أندهش زاهر لما رأها واقفة في نفس المكان معطية له ظهرها...لمس كتفها برقة: بيسان
أنتفضت من شرودها مذعورة...صرخت بحدة ... التفتت له وقالت برعب: خضتني يازاهر
سألها بلهجة يشوبها القلق : مالك يابيسان وكنتي بتعيطي ليه..
ردت بدهشة : بعيط! ... بتلقائية لمست وجهها فوجدته رطب فعلا بالدموع...فقالت بهمس غير مصدقة أنها كانت تبكي...ده أنا كنت بعيط بجد
سأل بحيرة : هو أنتي مكنتيش تعرفي أنك بتعيطي
ردت عليه وهي تشعر بالأضطراب:محستش خالص يازاهر أني كنت بعيط...
قال بقلق: أحنا كنا كويسين مع بعض وكنتي بتضحكي قبل مادخل الحمام...أيه اللي غيرك مرة واحدة...حصلت حاجة زعلتك
هزت رأسها نافية : مفيش حاجة زعلتني...أنا معرفش أصلا كنت بعيط ليه...مرة واحدة حسيت أني مخنوقة...همست بضيق...حسيت أن نفسي بيتكتم
_ وده من أيه يابيسان
_ معرفش يازاهر...بجد معرفش ...خليك جنبي علطول
أحتضنها برقة وهمس برقة: مش هسيبك وهفضل علطول معاكي...
_____#بقلم_سلمى_محمد
أرتسمت علامات الدهشة على وجه طبيبه...وهو يرى أكنان ثائرا من أجل هذه الفتاة ...
تحدث بلهجة منفعلة ...صارخا في وجهه: مالها ياأصهب...
رد عليه بهدوء: ثواني ياأكنان...أخلص كشف الاول وهقولك عندها أيه...
تحدث بحدة: خلص بسرعة
رد بثبات : حاضر ....وعندما أنتهى قال...معندهاش حاجة...الضغط طبيعي...كل الوظائف الحيوية عندها طبيعة
سأل بانفعال: أومال عندها أيه؟
أجابه أصهب قائلا: مجرد أغماء ...مفيش حاجة مستاهلة ...أنا هفوقها دلوقتي...ربت بخفة على خدها...ثم مرر أبهامه على أذنها...
فتحت عينيها ببطء وهي تشعر بالدوار...رفعت يديها وضغطت على رأسها لتسكين هذا الصداع...تمتمت بخفوت وهي مازالت غير واعية: أنا فين
سأل أكنان بقلق : مالها ياأصهب
قال أصهب بهدوء: لسه مش واعية وبتفوق
فجأة مرت أمام عينيها كل الاحداث الذي حدثت منذ قليل...تقلصت ملامح وجهها متألمة وهى ترى مغتصبها واقف أمامها...
نهضت من الفراش بسرعة غير مبالية بدوارها...وأتجهت ناحية الباب مهرولة تريد الهروب من هذا الكابوس...وما أن أمسكت مقبض الباب حتى عجزت قدمها عن حملها لكن وجدت ذراعين تقوم بأسنادها....
قال بلهجة خائفة: زهرة
لم تشعر بنفسها الا وهي تصفعه بكل قوة على وجنتيه يمينا وشمالا كالمجنونة...لم تعد تدري لماذا تصفعه فهي لا تتذكر أغتصابه لها...ولكن تتذكر جيدا معاناتها وحبسها ليل نهار منبوذة تداري فضيحتها...
ظل ثابت في مكانه يتلقى صفعاتها...توقفت فجأة وأخذت تلهث بعنف..دفعته بقوة للوراء...وصرخت فيه:أنا همشي من هنا...ومش عايز أشوف وشك تاني في حياتي...وخرجت من الغرفة مسرعة...
أصاب أصهب الذهول..فما حدث أمامه شيء مستحيل...ولا حتى في أحلامه...كان يتوقع أن يأتي اليوم ويرى فيه أكنان يتم صفعه من فتاة هزيلة لا تصل حتى الى مستوى كتفه...عندما رأه مازال واقف...قرر الخروج هو الأخر ...وقبل أن تخطو قدمه الى خارج الغرفة....
تحدث أكنان بهدوء ظاهري: أستنى يأصهب عايز أسألك في حاجة...
أصهب بتوتر: أسألني وأنا هجاوب
قال أكنان بثبات: هو ممكن الواحد ينسى وقت معين في حياته وميفتكرهوش بعد كده...
سأل أصهب باستفسار: فقدان الذاكرة علم كبير وأنواع وليه أسباب كتير...وضح كلامك أكتر...
_ ممكن الواحد لو أتعرض لخبطة في الراس وفي نفس الوقت يمر بتجربة صعبة...ممكن الوقت ده ينساه تماما بالاشخاص اللي قابلهم فيه...
وضع أصهب سبابته على جبهته ونقر عدة مرات:ممكن يحصل...أنا قريت عن حالة فقدت ثمانية وأربعون ساعة من حياتها ومعرفتش هي عملت فيهم أيه...ممكن الانسان يقفد جزء معين من ذكرياته لأكتر من سبب...ممكن يكون صدمة نفسية اتعرض ليها ...فالمخ يمحي الوقت ده تماما...ممكن نتيجة حادثة...من الاخر فقدان الذاكرة ليه أسباب كتير ...ممكن كلي أو جزئي ...
قاطعه أكنان قائلا : والشخص ده ممكن ذكرياته ترجع ليه
رد أصهب بهدوء: ممكن أه وممكن لأ...وده راجع للشخص ونوع الفقدان الذاكرة اللي عنده ...
وعندما سمع ماأراد معرفته ...رمق أصهب بنظرة محذرة: اللي حصل قصادك ميطلعش لجنس مخلوق
رد أصهب بهدوء: أنت عارفني كويس...مفيش حاجة اتقالت هنا هتطلع برا ..
قال أكنان : عارف بس حبيت أكد الكلام...
بمجرد أنصراف أصهب...أنهار أكنان...أرتكن على الارض بجوار الحائط ...وألقى وجهه بين كفيه وأنخرط في بكاء حاد...عادت بيه الذكريات الى سنوات مضت...وراح يتذكر...
في عيد مولده الواحد والعشرين ومن المفروض في هذا اليوم الأحتفال بتخرجه وميلاده وتكون الفرحة فرحتين...كانت هدية والده له هي الزواج من فتاة في نفس عمره...هي نفسها الفتاة التي أخبره بنيته خطبتها له من أهلها عقب تخرجه...
نجم بابتسامةهادئة مترقبة رد فعله عندما يعلم بزواجه: مش تباركلي ياكينو
نظر لهم بحيرة...مندهش من تأبط ديمه لذراع والده والابتسامة تزيين شفتيها المكتنزتين: أبارك على أيه بالظبط
رد نجم بهدوء : على جوازي من ديمة
ديمة بلهجة يشوبها القلق: مش هتقولي مبروك ياديمة...
ساد شيء من الصمت فجأة...كأن عقارب الساعة قد توقفت عن الدوران...
أنتفض أكنان في وقفته ثائرا...وقال بغضب شديد: ليه ؟ ...طب أنت وعارف طبعك كويس ديما بتجري ورا رغباتك ...أنتي ياديمة ليه عملتي كده؟
خرجت الكلمات من فم ديمة مثل النيران تحرق وتشعل بكل قسوة: يمكن أكون أنانية في تصرفي...لكن مش عيب أدور على مصلحتي...ليه أتجوز الأبن وأنا ممكن أتجوز الأب ...اللي في أيده كل حاجة...
تحولت كلماتها الى سهام دخلت في قلبه لتخنق دقاته وتصيب مشاعره في مقتل...
أمتص غضبه بصعوبة ...وقال بهدوء ظاهري: مبروك ليكم
نظر كلاهما له بصدمة غير مصدقين مباركته لهم بالزواج...
وقبل خروجه من الغرفة وسط نظراتهم المندهشة...أستدار قائلا: هو أنت مقولتلهاش يانجم بيه أني شريك بأكتر من النص في كل الأملاك دي كلها ...ده غير نصيب بيسان...يعني بنصيبي أنا وبيسان نقدر نخلعك خالص من أدارة المجموعة اللي بتتابهي بأنك مديرها...عندما أنتهى من كلامه قهقه بصوت عالي...حسبتيها غلط ...عشان الأبن هو الأصل والأب مجرد صورة...وقبل خروجه رمقهم بنظرة كره شديدة....
مرت أيام وشهور وسنوات بعد هذه الحادثة التي تسببت في جرح غائر وشرخ دائم في علاقته مع والده...وتحول أكنان من شخصية هادئة رصينة...الى شخصية قاسية عابثة مستهترة....سهر وعلاقات نسائية لا حصر لها ...وأنفصل نجم عن ديمة ..لتسافر بعد الطلاق مباشرة الى الخارج وتتزوج كهلا لمجرد أنه غني...حاول نجم أصلاح علاقته معه...لكن الشروخ أصبحت بينهم راسخة وبات من الصعب أصلاحها...
الى أن أتى اليوم الذي غير حياته...
تحدث أكنان باستهتار: هو ده بقا المكان الحلو اللي مفيش زيه
رد أمير : كفاية الكوكتيل اللي بيتقدم فيه...حاجة تظبط الدماغ...
أكنان بلامبلاة : هنشوف ....ثم أشار بيديه الى النادلة كي تحضر مشروبا له...
تقدمت النادلة على مهل محركة جسدها بأغراء...ثم وضعت الكأس على الطاولة...أرتشف من الكأس بعض الشراب ثم نظر لها وجدها مازالت واقفة ...قال بلهجة صارمة: يلا أمشي
أنصرفت غاضبة وأخذت تتأفف بضيق ...فالزبون طار من يديها...
أخفى أمير أبتسامته وقال: ليه بس دي البت موزة بتقولك أنا أهو
عبس أكنان في جهه بقرف: ذوقك بقا مقرف...
أمير بابتسامة ماكرة : أنا معايا سجارتين مخصوص ...وغمز له بأحد حاجبيه...يعني ملغمين
قال أكنان بهدوء: أنت عارف أني مليش في المخصوص
_ جرب أنت مش هتخسر حاجة...ثم أخرج من جيبه لفافة السجائر ووريقتين...ولفهم بمهارة...حدث أكنان قائلا : أمسك
تناولها بتردد وفي الاخر حسم قراره...فقام بأشعالها وأخذ منها عدة أنفاس متتالية...وبعد مرور فترة من الوقت ...
قال أكنان : أنا ماشي
أمير بابتسامة خفيفة : ماهو لسه بدري ....دي السهرة لسه في أولها....
أكنان بلهجة ثقيلة : ماهو لزم أصحى بدري عشان الصفقة الجديدة
_ سلااام يابص مادام في صحيان بدري...أنا ناوي أبات هنا في الفندق...
_ سلاااام ....ثم تحرك ناحية باب الخروج ..
تحرك بسيارته... ظهرت أمامه من العدم...أوقف سيارته فجأة محاولا تجنب الأصطدام بيه...فلم يستطيع تفادي الأصطدام بها...سقطت أمام السيارة...تأفف بضيق ...فهي ليست المرة الاولى تقوم فتاة بالقاء نفسها أمام سيارته في سبيل التعرف اليه...
نزل من السيارة ...فوجد الفتاة قد نهضت من على الارض تمسك رأسها بكلتا يديهاوقد أرتسمت على ملامحها الألم الشديد...
كانت ترتدي فستان عاري الكتفين مظهر لمعان بشرتها النقية...تأملها ببطء من رأسها حتى أخمص قدميها ...ثم ظهرت أبتسامة متلاعبة على شفتيه...محدثا نفسه...أنها تبدو كأحدى فتيات البار بزيها العاري الذي كان متواجد فيه منذ قليل...مجرد فتاة تبيع نفسها ليلة واحدة...هز رأسه بخفة والأبتسامة مازالت على وجهه متمتا ...لما لا...
غمز لها ثم قال : عايزه توصيلة
أومأت رأسها بخنوع وسارت خلفه مشوشة الرؤية وهي تصدر أنينا مكتوم... وهي تتلوى سارت خلفه ببطء...وركبت بجواره ...ودون أن تدري ذهبت في طريق لا عودة فيه
#زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
#بقلم_سلمى_محمد
--------------------------------------------------------------------------
الحلقة الثامنة
#زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
#بقلم_سلمى_محمد
((لاتتهم الدنيا بأنها ظلمتك
أنت تظلم الدنيا بهذا الاتهام
أنت الذي ظلمت نفسك
أنت الذي أدخلت الخناجر في جسمك باهمالك و باستهتارك وبطيشك ورعونتك))
تحرك بسيارته... ظهرت أمامه من العدم...أوقف سيارته فجأة محاولا تجنب الأصطدام بيه...فلم يستطيع تفادي الأصطدام بها...سقطت أمام السيارة...تأفف بضيق ...فهي ليست المرة الاولى تقوم فتاة بالقاء نفسها أمام سيارته في سبيل التعرف اليه...
نزل من السيارة ...فوجد الفتاة قد نهضت من على الارض تمسك رأسها بكلتا يديهاوقد أرتسمت على ملامحها الألم الشديد...
كانت ترتدي فستان عاري الكتفين مظهر لمعان بشرتها النقية...تأملها ببطء من رأسها حتى أخمص قدميها ...ثم ظهرت أبتسامة متلاعبة على شفتيه...محدثا نفسه...أنها تبدو كأحدى فتيات البار بزيها العاري الذي كان متواجد فيه منذ قليل...مجرد فتاة تبيع نفسها ليلة واحدة...هز رأسه بخفة والأبتسامة مازالت على وجهه متمتا ...لما لا...
غمز لها ثم قال : عايزه توصيلة
أومأت رأسها بخنوع وسارت خلفه مشوشة الرؤية وهي تصدر أنينا مكتوم... وهي تتلوى سارت خلفه ببطء...وركبت بجواره ...ودون أن تدري ذهبت في طريق لا عودة فيه...وضعت يدها الرقيقة على مقبض باب السيارة من الداخل كدعامة أمان لضعفها....أغمضت عينيها وهي جالسة بجواره... أنطلق بالسيارة ...
وهو ناظر للطريق أمامه قال بابتسامة متلاعبة : أسمك أيه
سمعت صوت يناديها...ظلت صامتة للحظات قبل الرد... فقالت بصوت مبحوح : زوزو...ثم همست بشرود ...أنا زوزو ...كل أحبابي تاركوني...أبي مات وحبيبي هو الأخر...أنا زوزو... شعرت بدوار شديد يجتاحها وألما مبرحا بداخلها ...الالم زاد أكثر وأكثر...
لم يكن واعي لعذابها ...فهو كان في عالمه الخاص...ومشاهد خاصة تجمعهم....
مد يده نحوها...لمس كتفها العاري...وعندما ظلت ساكنة...تجرأت أصابعه أكثر...
زهرة بفطرتها... أدركت وجود خطأ ما...هي لا تحب ماتشعر...أنتفضت مكانها...فتحت عينيها المغمضتين مذعورة....الرؤية كانت مشوشة أمامها...تراجعت للخلف خائفة...حاول لمسها مرة أخرى...
بصوت أجش من الرغبة : بتبعدي ليه ...تعالي قربي جنبي...
هتفت مذعورة ...وهي تشعر بالرعب...فطرتها تخبرها بأنها في خطر ولابد أن تفوق لأنقاذ نفسها: أبعد عني ....فجأة أصبحت الرؤية ضابيبة أمامها...فأخذت تغلق عينيها وتفتحهما...لكنها لم تستطع رؤية وجهه جيدا فقد كانت مشوشة الذهن...
أوقف السيارة ثم قال بلهجة يشوبها الرغبة: قال أبعد ...أنا عارف أشكالك كويس عايزين أيه...
فتحت الباب..ثم ركضت والدموع تغشى عينيها...ركض ورائها...أنقض عليها مسيطرا بقوة على جسدها وأخذ يلهث بعنف نتيجة ركضه ورائها...
لم يبال بصراخها وبكائها ومحاولاتها للهروب من بين يديه وهو يرفعها لأكمال أنتهاك جسدها...شعر بدموعها تلامس وجنته ولكنه لم يبالي...فهو كان مغيب العقل نتيجة رغبة محرمة...
خرجت منها صرخة مدوية شقت سكون الليل...
بعد فعلته القى جسده على الارض مستغرقا في النوم
أخذ يشهق بعنف عندما رجع من ذكرياته المؤلمة ...فهو عندما فاق تذكر كل شيء...كل شيء... لم يكتب له النسيان بالرغم من سكره...بحث عنها كالمجنون لكنها أختفت تماما كأنها شبح لم يكن له وجود...
نهض من على الارض...ثم مسح دموعه...لمعت عينيه بنظرة عزم...ثم خرج من الغرفة
_______#سلمى_محمد
بمجرد دخول زهرة الى شقتها وأغلاق الباب خلفها...القت نفسها على أقرب كرسي وأنهارت...
رن جرس الباب...حاولت زهرة تجاهل الرنين فهي لا تشعر بأنها بخير ولا تريد رؤية أحد...لكن الشخض الموجود في الخارج مصمم على مواصلة الرنيين...
قامت من مكانها بخطى متثاقلة....وفتحت الباب ...ومن مكانها دون أن تتحرك ...قالت بلهجة خالية تماما من الحياة : نعم ياضحى
ضحى لم تلاحظ برودة ردها ...ردت بابتسامة : كريم هيجي يخطبني بكرا ...أيه مش هتقوليلي أدخل
_ أدخلي ياضحي
_ أيه مفيش مبروك
_ مبروك على أيه؟
ضحى أبتسامتها تلاشت عندما شعرت بأنها ليست على مايرام : مالك في أيه؟
ردت زهرة : مليش ...أنا كويسة
ضحى بتمعن : ومادام كويسة ومفيش حاجة...ماخدتيش بالك من كلامي ليه...ده أنتي بتسألني مبروك على أيه...مع أني لسه قايللك...مالك يازهرة
زهرة بحدة : بقولك مليش ياضحى ...لو سمحتي خلي الكلام ده بعدين...عشان مش فايقة دلوقتي للكلام
ردت ضحى : خلاص اللي يريحك...خلينا في الكلمتين اللي كنت عايزه أقولهم ليكي...كريم هيجي يخطبني بكرا
قالت زهرة بابتسامة خفيفة : مبرووك ياضحى...أنا مش قولتلك قبل كده ربنا هيعوضك...
ردت عليها مبتسمة: وأهو ربنا عوضني بابن الاصول المحترم ...ومش أي حد ده يبقا كريم قريب أكنان
أختفت أبتسامتها عندما ذكرت أسمه..سألت بعدم تصديق: أنتي بتقولي كريم...كريم اللي أنا أعرفه
هزت رأسها بالأيجاب: أيوه هو ...شوفتي الحظ ...أنا مبسوطة أوي أوووي يازهرة...كلام في سرك...من اليوم اللي أنقذني فيه وهو مش بيفارق خيالي...وكنت بقول لنفسي هو فين وأنتي فين ...قفزت على قدميها من الفرحة ...أنا مش مصدقه نفسي...وهتفت في سرور ...وأخيرا اتكتبلي أفرح تاني...
شردت زهرة بحزن ...محدثة نفسها...مستحيل أن تخبرها ماحدث له بعد معرفتها بالخطوبة...أخفت حزنها وقالت بابتسامة : مبروك ياضحى ...
ضحى بابتسامة مرحة : على فكرة أنتي اللي هتعملي الميك اب بتاعي ومفيش حد غيرك فاهمة...ده أنتي عليكي تزويق...كنتي أشطر واحدة فينا بتزوق وتعمل أحلى ميك اب
زهرة بلهجة رافضة : يااااه ياضحى أنتي لسه فاكرة ...ده كان زمان...دلوقتي طلعت موضات جديدة ...والواحد محتاج يتعلم عشان يعمل حاجة حلوة
ضحى بأًصرار: مليش فيه قديم مش قديم مفيش غيرك هيزوقني...
هزت زهرة كتفيها وقالت بلهجة مستسلمة : حاضرياضحى ...مادام هتكوني مبسوطة
ضحى بصوت مرح : طبعا هكون مبسوطة ومبسوطة أوي....
_______
في غرفة الصالون
قالت أبتسام بحزن : أنت بتقول أيه ياكارم ...مش معقول
كارم بلهجة مؤكدة: للاسف يابتسام ...نسبة أنه يكسب حضانة البنات كبيرة ...بعد الاوراق اللي قدمه...اللي بتثبت عدم أهليتها أنها تربي البنات
كانت رشا واقفه خلف الباب تتصنت عليهم...دمعت عيناها...ثم رفعت كفها لتجفف عبراتها...لمعت عينيها بنظرة غريبة...تركت مكانها وسارت تجاه غرفة بناتها وأغلقت الباب خلفها بهدوء...
أبتسام برجاء : أتصرف ياكارم ...دي رشا ممكن يجرالها حاجة لو أخد البنات منها...ده أنا مصدقت حالتها أستقرت ورجعت طبيعية...
رد كارم بتفكير : هشوف كده وححاول أتكلم معاه في مصلحة البنات
أبتسام برجاء : حاول معاه ..
كارم بهدوء : هكلمه النهاردة وأحاول أوصل معاه على أتفاق يرضي جميع الاطراف
_______
أنتهزت سعدة خروج زاهر من المنزل...لتذهب الى غرفته ...طرقت على الباب حتى فتحت لها بيسان
رأت سعدة ممسكة صينية عليه طبق طعام غريب الشكل
سعدة بابتسامة: دي أكلة عملتها مخصوص ليكي
سألت بيسان بفضول : هو أيه ده
ردت بابتسامة مصطنعة: دي أسمها عصيدة...أكله مشهورة هنا...
بيسان باستفسار: عصيدة أول مرة أسمع الاسم ده...ودي بقا مكوناتها أيه
قالت سعدة: لبن ودقيق ومية وحاجات تانية...بس هتعجبك أوي
حاولت بيسان الرفض فهي لا تهوى اللبن : معلش ياسعدة..
سعدة لم تيأس حتى أقنعت بيسان بتناول عدة ملاعق منها
_ كفاية كده ياسعدة وتسلمي أنك فكرتي تدوقيني منها
_ العفو ياهانم ...ثم أنصرفت ...لتذهب مباشرة الى غرفة صفية...
أول مادلفت سعدة للداخل سألتها بسرعة : أكلت من العصيدة ياسعدة...
سعدة بابستامة منتصرة : أيوه ياستي ...
تنهدت براحة..وهي تأخذ وضع أكثر راحه على مقعدها: أمتى بقا هيطلقها
_ الشيخ فرحات قال في أقرب...وأنا أهو بنفذ كل اللي بيقول عليه وحطيت ليها العمل في العصيدة وأكلته
_ ياريت عشان أنام وأعرف أرتاح
_____
ذهبت زهرة الى غرفتها وألقت نفسها فوق الفراش..أغمضت عينيها بتعب...وانفجرت في بكاء صامت...الى متى ستدفع ثمن خطيئة لا ذنب لها فيه...تأوهت بألم...الى متى ؟
مر شريط ذكرياتها أمام عينيها بتناغم...رأت نفسها طفلة مع والد يدللها بالحب...رأت نفسها عروسا تزف لأكثر الشباب وسامة وشجاعة ...وأنجبت منه عشرات الاولاد...وفجاة تحولت ذكرياتها البرئية الى كابوس...الى هذا اليوم الذي سيظل عالقا بداخل عقلها ...وجدت نفسها تصرخ وتصرخ... أخذت تجري دون هوادة...والدموع تغشى عينيها...متعثرة الخطى...تكاد لا ترى أمامها...حتى كادت تدهسها سيارة
ترجل السائق من سيارته...أخذ يسب محدثا نفسه أمتى الواحد ربنا يعفيه من الاشكال الضالة دي...فهذا الطريق قابل فيه هذه النوعية كثيرا ...لكن مكان عمله كطبيب يجبره الى خوض هذا الطريق...توقف سبابه عندما رأى أمامه طفلة شبه عارية ممزقة الثياب والدماء مغطية قدميها وجسدها مغطي بالكدمات...شهق بعنف...توقف لسانه عن الكلام من صدمة ما رأى وجد نفسه يقول: أنتي بخير يابنتي
نظرت زهرة له بصمت...كلامه أعطى لها الاشارة لكي تفقد نفسها وتدخل في حالة من الصراخ الهستيري...لتسقط فاقدة الوعي أسفل قدميه
هتف بصدمة :أسترها من عندك يارب وعدي الليلة دي على خير...قام بحملها ...عندما لم تستجيب لمحاولة أفاقتها...وأتجه بها الى المستشفي ...
دلف الى المستشفى وذهب بها الى غرفة الطوارىء....سألته ندى بفضول : مين دي
قال أديب: بنت أغمى عليها قصاد عربيتي...وأشك أنها أتعرضت لمحاولة أغتصاب...بعد الكشف كله هيبان...
ندى شهقت : بس دي باين عليها لسه عيلة ...
تم الكشف عليها ونقلها الى غرفة خاصة...وعندما أستيقظت ...للحظات...سألتها الممرضة عن أسمها ..لتفقد الوعي مرة أخرى....ومن خلال الاسم توصلت الشرطة الى العنوان...وتم أبلاغ أهلها عن توجدها في مستشفى الهلال ....ذهبت هدى الى المستشفى وقلبها يتأكله الخوف على أبنتها الوحيدة...فهي أختفت فجأة ولم تعلم أين ذهبت ...
هدى بلهجة مرعوبة : بنتي مالها يادكتور ..
تردد أديب بأخبارها..
كررت هدى كلامها: بقولك بنتي مالها ....
أديب بلهجة مواسية: كل شيء مقدر ومكتوب واللي حصل لبنتك مقدر ليها تعيشه
هدى بصراخ : بنتي ماتت
أديب هز رأسه نافيا: لا مش ماتت
هتفت بانفعال : أومال مالها
رد عليها قائلا: بنتك أتعرضت لحالة أغتصاب...ودلوقتي في غيبوبة
لطمت هدى على وجهها وهي تصرخ : أاااااه يابنتي أااااه...لم تتحمل هدى الصدمة...فسقطت فاقدة الوعي ...
تقيد الحادثة ضد مجهول وتخرج زهرة من المستشفى مغتصبة مع أم مشلولة...
ذهبت الى شقتها ...لكن نظرات الناس لم ترحمها...عندما علموا ماحدث لها...فهي في نظرهم خاطئة...عندما علمت بحملها حاولت أجهاض نفسها لكن حملها كان متقدم فهي أكتشفته متأخرة...باعت الشقة...وتركت المنطقة وسافرت الى مصر هي ووالدتها...غيرت من شكلها منتحلة هوية زهرة الدميمة....
في يوم أتاها أتصال من ضحى ...فهي الوحيدة التي كانت تتصل بيها...هي الوحيدة التي تعلم بمكانها...
زهرة ببكاء: أنا تعبت أوي ياضحى...وخلاص مش قادرة أستحمل
ضحى بقلق: حصل أيه ...
زهرة من بين دموعها: صاحب البيت استغلالي وغلى عليا الايجار...وأنا الفلوس اللي بتطلعي من الشغل مش مقضيه المصاريف...
فكرت ضحى للحظات في مشكلتها..هتفت قائلة : أنا عندي حل...
قالت بسرعة: قوليلي عليه
ضحى بهدوء: في شقة عندنا في الدور الارضي أيجارها مش كبير...وأنا هكلم بابا أنه يقلل الايجار شوية كمان لما أقوله أنك بنت وأمها مريضة ومقطوعين من شجرة...
زهرة بلجلجلة: بس خايفة حد يعرفنا
ردت ضحى بلهجة واثقة : ومين هيعرفك بشكلك ده...ده أنا معرفتكيش من الصورة اللي بعتيه ليا...
زهرة بتردد: خايفة حد يعرف ماما
_ ومين هيشوفها من الاساس وهي مش بتعرف تتحرك...ومفيش حد من أهلي شاف حتى والدتك...
_ سيبني أفكر شوية
_ في الوقت اللي هتفكري فيه أكون كلمت بابا عن الشقة...سلاااام
عادت من ذكرياتها على صوت مواء ماشا وصغارها
زهرة بلهجة متألمة وهي تحتضنها: أاااه ياماشا ...كله سابني ومبقاش ليا غيرك أنتي وولادك...همست بشرود ...فاكرة ياماشا أول ماشوفتك...قطة صغيرة تعبانة وكنتي حامل...فكرتيني بنفسي...لما كنت لوحدي وفي نفس وضعك وفي أيام كنت بحس أني خلاص هموت...لما بصيتي ليا وجمسك كان بيرتعش من البرد صعبتي عليا ولما شيلتك وعرفت أنك حامل مقدرتش أسيبك...لمعت عينيها بالدموع وهي تتذكر...ولما تعبتي وعرفت انك حامل في أتنين...شوفت نفسي فيكي...حاولت أعوض حرماني عن طريقك...
زاد مواء ماشا...ضحكت زهرة بألم : أنا نسيت خالص العشا بتاعك...هقوم أحضرلك الاكل...
_______#بقلم_سلمى_محمد
طرقت أبتسام على باب غرفة أبنتها...لتخبرها بوقت العشاء..
عندما لم تأذن له بالدخول ...شعرت بالقلق ..فقامت بفتح الباب ودلفت الى الداخل...لم تجد أبنتها في الغرفة...لفت نظرها منظر خزينة الملابس مفتوحة وخالية ...
أبتسام بهلع : روحتي فين يارشا...ثم جريت مسرعة باتجاه غرفة البنات...فلم تجدهم وأيضا خزينة ملابسهم فارغة...أمسكت هاتفها وأتصلت برقم أبنتها...سمعت جرس هاتفها أتي من غرفتها...ذهبت الى غرفتها مسرعة ...فرأت الهاتف ملقي على السرير
صاحت بانفعال : معتزز
دلف معتز الى الغرفة مذعورا: في أيه تاني
_ أختك والبنات مش موجودين...ودولايب هدومهم فاضية...وتليفونها هنا
_ تلاقيها راحت شقتها
أبتسام بلهجة يشوبها القلق: طب روح شوفها هناك ولا لأ...وعندما رأته مازال واقفا في مكانه...روح يابني الله يخليك...أنا قلبي مش مطمن ...
رد معتز: حاضر...هلبس وهنزل أروح أشوفها
أبتسام بقلق: أول ما توصل هناك طمني
رد قائلا : هتصل علطول
عندما وصل معتز الى شقة أخته ...رن على جرس الباب وتفاجىء باأحمد أمامه وهو يتثائب
معتز بارتباك : هي رشا والبنات جوا
أختفى نعاسه فجأة ثم قال : مين اللي جوا ...مفيش حد جوا
معتز همس قائلا : أومال هتكون راحت فين بالبنات دلوقتي...
تحدث أحمد بغضب: مين دي اللي أختفت ...فين بناتي يامعتز
معتز بتوتر: معرفش فين ...مرة واحدة أختفت من الشقة ومعاها البنات وسابت تليفونها في الشقة ...
سمع أحمد رنين هاتفه ..الرنين مازال لم يتوقف...
رد أحمد بضيق : وعالله تطلع تمثيلية ...رأى رقم غريب
_ ألو
سمع صوت ضحك ..ثم قالت : واحشتك صح
أحمد بغضب : فين البنات يارشا
هتفت بانفعال : بناتك مش هتشوفهم خالص يااحمد ...بتحلم لو أخدتهم مني...ثم أغلقت الهاتف
سأل معتز : رشا اللي كانت بتكلمك ...مقلتيش ليك هيا فين
أمسك أحمد في ملابس معتز ...قال بغضب : دي تمثلية طبخنها سوا عشان تختفي بالبنات ...دي بتقول عمرك ماهتشوف البنات
نزع يديه بعنف من ملابسه ...وهتف في وجهه: مفيش تمثيلية...أحنا منعرفش هي فين ...ثم قال عدي الليلة دي على خير...
هتف فيه أحمد : تقصد أيه بكلامك
تجاهل معتز الرد عليه ... ثم خرج مسرعا من الشقة
_____#بقلم_سلمى_محمد
أتعلم يا حبيبي
إني لأحسد نفسي عليك بأن أصبحت من نصيبي
عندما تبتسم أشعر بأن الكون بأسره هو ملكي
أنت عالماً لم أرى له مثيل
وفي داخل غرفة عروستنا
سألت زهرة ضحى بلطف وهي تقوم بوضع الميك أب على وجهها: بتحبيه
بدون أن تنظر لها قامت ضحى من مكانها وتحركت مبتعدة عنها...لتقترب من الشباك...ونظرت الى السماء تتأمل لمعان النجوم فيها...بعد أن أخذت نفس عميق غمغمت : هتصدقيني لو قولتلك أه بحبه ...وخايفة أوي من الحب ده
تركت زهرة ملمع الشفاه الممسكة بيه بيدها على الطاولة...وأقتربت منها...أخذت تنظر الى وجهها الذي شحب مرة واحدة
سألتها زهرة: أيه اللي خلاكي تقولي كده
ضحى بتردد: حساه كتير عليا...حسه أني مستاهلش واحد زيه...هو أبن مين وأنا بنت مين...خايفة مكنش مناسبة ليه...خايفة حبه ليا يروح ويجي عليه وقت ويعايرني ...
هزتها زهرة بعنف...ثم قالت بغضب: أنتي مش ضعيفة فاهمة...خليكي واثقة في نفسك...لو هتفكري من دلوقتي أنه أحسن منك ...يبقا بلاش الجوازة دي...بطلي ضعف..أنتي اللي أحسن منه...مش هو ....حطي ده في دماغك
#زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
#بقلم_سلمى_محمد
الحلقة التاسعة والعاشرة
الحلقة التاسعة
#زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
#بقلم_سلمى_محمد
((الشيء الوحيد الذي يريحيني هو أنني أعرف من أنا...أعرف جيدا أن قلبي لا يضر أحد...لدي عزة نفس تكفيني لو أضطررت لأن أعيش كل حياتي حزينة...هذه أنا))
سألت زهرة ضحى بلطف وهي تقوم بوضع الميك أب على وجهها: بتحبيه
بدون أن تنظر لها قامت ضحى من مكانها وتحركت مبتعدة عنها...لتقترب من الشباك...ونظرت الى السماء تتأمل لمعان النجوم فيها...بعد أن أخذت نفس عميق غمغمت : هتصدقيني لو قولتلك أه بحبه ...وخايفة أوي من الحب ده
تركت زهرة ملمع الشفاه الممسكة بيه بيدها على الطاولة...وأقتربت منها...أخذت تنظر الى وجهها الذي شحب مرة واحدة
سألتها زهرة: أيه اللي خلاكي تقولي كده
ضحى بتردد: حساه كتير عليا...حسه أني مستاهلش واحد زيه...هو أبن مين وأنا بنت مين...خايفة مكنش مناسبة ليه...خايفة حبه ليا يروح ويجي عليه وقت ويعايرني ...
هزتها زهرة بعنف...ثم قالت بغضب: أنتي مش ضعيفة فاهمة...خليكي واثقة في نفسك...لو هتفكري من دلوقتي أنه أحسن منك ...يبقا بلاش الجوازة دي...بطلي ضعف..أنتي اللي أحسن منه...مش هو ....حطي ده في دماغك...أنتي جميلة من جوا ومن برا وتستحقي الأفضل.. ....وأوعي تسمحي لأي حد مهما كان يقول لكي أنك متصلحيش تعملي أي شيء...أنتي قوية ومتقليش عن كريم مش عشان هو غني يبقا هو أحسن منك...... أنتي تستحقي أنسان يحبك قلبه ...يشوف فيكي الحاضر والمستقبل يعمل لكي أي حاجة عشان يسعدك...ثم هتفت بانفعال...فاهمة ياضحى أوعي تحسسيه أنك أقل منه...
هزت رأسها بصمت...لمعت عينيها بالدموع وبصوت مختنق قالت: فاهمة...
قالت زهرة بلهجة حازمة: بتحبيه يبقا تتعاملي معاه بمساواة ومفيش واحد فيكم أحسن من التاني...ثم قالت مغيرة الحديث ...تعالى أقعدي عشان اصلح الميك اب اللي باظ
رسمت على وجهها أبتسامة خفيفة: صلحي بسرعة....
عندما أنتهت من تزيينها نظرت لها بتقدير ..صفرت بأعجاب وقالت ممازحة : تهبلي يابت
دارت ضحى حول نفسها...بفستانها البيج ذو التطريز الخفيف...وشعرها البني الطويل يتطاير...يعانق وجهها...قالت بابتسامة : لسه أيدك تتلف في حرير ...أومال موضة قديمة ومش موضة قديمة ...ده أنتي خبيرة يابنتي...لسه لمستك السحرية شغالة...
أبتسمت زهرة بخفة: ماهو أنتي لما سبتيني...دخلت على النت والقيت نظرة على أحدث حاجة ...
طرق الباب ودخلت أمينة مقاطعة حديثهم ...وعندما رأت أبنتها : تبارك الله....ثم أبتمست...ربنا يحفظك من العين يابنتي
...كريم برا...ومتخرجيش من أوضتك قبل ما أقولك ...أسيبكم دلوقتي أشوف أبوكي هيقوله أيه...
في غرفة الصالون
كريم بابتسامة هادئة : طلباتك ياعمي
قال عبد الفتاح : بص يابني أحنا بنشتري راجل...الماديات دي متفرقش معانا في ...كل اللي عايزه أنك تتقي ربنا فيها وتخاف عليها...
كريم بابتسامة: ضحى في عينيا من جوا...وأنا ياعمي هتكفل بكل حاجة ...
عبد الفتاح برفض: أنا هجز بنتي جهاز عرايس من كله
قال كريم : بس ياعمي أنا مش عايز حضرتك تكلفو نفسكم بأي مصاريف...
رد عبد الفتاح بأصرار: أنا همشي على الاصول وبنتي هتخرج من بيتي مجهزها من كله
كريم باستسلام : اللي يريحك ياعمي...ليا طلب عندك ...أنت عارف أن كل شغلي برا...وكنت هنا الفترة دي عشان الشغل...ووجودي هنا مبقلش ليه داعي
سأل عبد الفتاح مستفهما: عايز تقول أيه
كريم بابتسامة : عايز الفرح علطول ...هااا قولت أيه ياعمي
تذكر عبد الفتاح الزيجة الاولى لأبنته وأستعجال كمال في أتمام الزواج وفى الأخر كان نصاب...حدث نفسه ...شتان بين هذا وذاك ...فكريم أصله معروف
كريم مكررا سؤاله: قولت أيه ياعمي...
هز رأسه بالأيجاب : موافق
قال بابستامة : الفرح نخليه بعد اسبوع وبعد الفرح هنسافر علطول
رد مستنكرا: فرح أيه اللي بعد أسبوع مش هنلحق نعمل فيه حاجة
_ مانا قولتلك ياعمي أنا متكفل بكل حاجة...
_ وأنا قولتلك مينفعش ...
_طب قولي الوقت المناسب ليك
_ شهرين على الاقل يابني
هتف كريم : شهرين كتير
قال عبد الفتاح : أيه رأيك نمسك العصاية من النص ونخلي الفرح بعد شهر...
فكر بهذا للحظة ونظر له :وأنا موافق...
هتف بفرح : يااااأمينة ....نادي على ضحى خليها تيجي....
أمينه من خارج الغرفة : حاضر ...ثم أطلقت زغرودة عالية مجلجلة...
عندما صوت الزغاريد...شعرت ضحى بارتجاف يديها ودقات قلبها السريعة...
زهرة بنبرة رقيقة : أهدي
دخلت أمينة عليهم والابتسامة تزيين شفتيها: يلا ياضحي
بلهجة خجولة : حاضر
وعند الانتهاء من القاء السلامات
جلست بعيدة عنه...لم يستطع أبعاد عينيه عنها...أخذ يراقبها ...خفق قلبها بعنف...حدثت نفسها بأن قلبها لم يخفق بمثل هذه القوة من قبل...ودت الارض لو تنشق وتبتلعها من شدة خجلها...نكست رأسها للأسفل لا تقوى على رؤية نظراته له
أبتسم على خجلها...هامسا بخفوت: أخيرا ستكون له ملك يمينه
______#بقلم_سلمى_محم
نهض زاهر مفزوعا على صوت صراخها...جلست على الفراش تلتقط أنفاسها بصعوبة....أرتمت على صدر زوجها
أخذت تبكي وتبكي...
تحدث بلهجة يشوبها القلق : مالك يابيسان
شهقت بعنف ثم قالت : كابوس مرعب يازاهر...خبأت وجهها بصدره مستكملة بكاءها...
ربت على شعرها بحنو ..تحدث بلهجة رقيقة : أهدي يابيسان ...رفع كف يديها وقبلها برقة...وقام بمسح وجهها بكفه وقرأ عليها أيات من القراءن...
ولما خف بكائها قال برقة : أحسن دلوقتي...
هزت رأسها بصمت...فأراح جسدها فوق الفراش ..جذب الغطاء فوقها...ثم قبل جبينها قائلا: أرتاحي
همست بيسان برجاء:أنا مش حابة أقعد هنا يازاهر...
زاهر بلهجة حنونة: مينفعش نمشي اليومين دول أمي تعبانة
ردت بلهجة كئيبة: مخنوقة ...مخنوقة أوي
_ معلش أستحملي عشان خاطري...وأنا عليا مش هلخيكي تحسي بالزهق ...هفسحك كل يوم ...غمز له بحاجبيه وقال...ده غير وقت الليل وجماله...
...ثم أحنى رأسه لتقبيل وجنتيها...فقامت بأبعاد رأسها...لتسقط قبلته في الفراغ....نظرت له وقالت بجمود : هو ده وقته ...مش شايفني تعبانة
نظر لها بذهول فقبلته لها كانت بريئة ...مندهش من تغير مجرى الحوار...ولأول مرة يشعر برفضها له...
تحدث بهدوء: تصبحي على خير يابيسان ...ثم نهض من فوق الفراش...متجها الى الشرفة...تنفس بعمق... أخذ يتأمل القمر..داعب نسيم الهواء وجهه برقة...
دلفت سعدة مسرعة الى غرفة صفية بعد طرقت على الباب وأذنت لها سيدتها بالدخول
صفية باستفسار: خيرياسعدة...أيه اللي جايبك دلوقتي
ردت عليها مبتسمه: بشاير الشيخ فرحات هلت
_ حصل أيه
_ شوفت زاهربيه من تحت واقف في بلكونة أوضته وشكله مش مبسوط ...العمل أبتدى مفعوله والمشاكل باين عليها أبتدت...
تنهدت بحرقة : أمتى أخلص منها وأرتاح...
ردت سعدة : قريب أوي ياستي...
____#بقلم_سلمى_محمد
ظل لعدة ساعات يتسكع على غير هدى...بعد أن تملكه الضعف ... و فشل في رؤيتهم ...عندما توقف بسيارته أمام باب الملجأ لم يقوى على الخروج من سيارته ...من وقته يتجول بسيارته في جميع أنحاء المدينه تعذبه أفكاره وأحساسه بالذنب...بعد ساعات من المعاناة مع الذات...توقف عند محل للعب الأطفال...وقام بشراء الكثير من العاب...
لثاني مرة يتوقف بالقرب من باب الملجأ...أغمض عينيه وتحولت أفكاره الى دوامة من الخوف والندم ...أحساس الذنب يتأكله...أخذ يشد في مقدمة شعره...وعلى صفحة وجهه تلاطمت أمواج الندم والحنق...تنفس بعمق عدة مرات حتى شعر بالهدوء ...دلف من سيارته الى الخارج بخطى وئيدة...ضغط بأصبعه على جرس بوابة الملجأ...
فتح له مبروك وأول مارأه تذكره فورا: جي تتبرع للملجأ تاني...يارب كتر من أمثالك...الملجأ محتاج اللي زيك كتير...
حدث نفسه ...فهو لم يتبرع بأي أموال في المرة الماضية ومشى مسرعا عندما علم بوجود أطفال له...وعن ماذا يتكلم؟
سأل أكنان مستفسرا: ليه الملجأ محتاج تبرعات الفترة دي بالذات
تنهد مبروك بحدة: الموضوع كبير يابيه...الخلاصة أن كل اللي شغالين في الملجأ مش هيبقا ليهم شغل وكمان الاطفال اليتامى هنضطر ننقلهم ملجأ من ملاجىء الحكومة ...ومادارك أيه هي ملاجىء الحكومة ...معاملة الاطفال هناك مش أدمية...أما الاطفال هنا بيتعامل كأنهم ولادنا ...أحسن لبس وأكل وأحسن معاملة ...ده غير ست ليلي مديرة الدار مش مخليهم محتاجين حاجة...ودلوقتي كل ده على كف عفريت...أهو ست ليلي بتحاول تدور الى مكان تاني تأجره وننقل في الاطفال...الدار محتاج فلوس كتير اليومين الجايين...عشان منضطرش ننقل الاطفال لملاجىء الحكومة...
شعر بألم مبرح داخل قلبه...صغاره هو أكنان في أحتياج...معرضين للتشرد...وأن يكونو بلا مأوى....همس بوجع: أاااه
سأل مبروك : في حاجة يابيه
أخفى ألمه ثم قال: في شوية لعب معايا جايبهم للولاد ...تعالى شيلهم معايا ندخلهم جوا...وبالمرة أروح لمديرة الملجأ
بلهجة سعيدة : الولاد هيفرحو أوي باللعب الجديدة
ثم ذهب مع أكنان الى سيارته وقامو بحمل اللعب معاه وأدخلوها الى داخل الملجأ...هتف مبروك : ثرياااااا
أتت ثريا بسرعة على صوت نادئه المستمر: في أيه يامبروك
رد مبروك: تعالي شيلي معايا ندخل اللعب دي في أوضة الالعاب...
ثريا بابتسامة : دول هيفرحو أوي....بقالهم كتير مجاش ليهم لعب...من يوم البيه مامات
سأل أكنان بفضول : بيه مين اللي مات ...
_ البيه فاروق ...صاحب الفيلا دي اللي حولها بعد كده لملجأ وهو اللي كان متكفل بكل بالاطفال اللي فيه...مكنش مخلي الملجأ محتاج حاجة...كان كل دخله بيطلعه على الملجأ ومصاريفه الشخصية وبس...تنهدة بحدة ...كان راجل طيب ملهوش ولاد ...ودلوقتي الوارثة عايزين يطردونا وياخدو الفيلا...وداخلنا في قضايا ومشاكل في المحاكم ...ولسه طالع الحكم بأخلاء الفيلا....
هتف بغضب : مفيش حد هيمشي وأنا هتصرف...وديني لمكتب مديرة الملجأ دلوقتي....
في داخل مكتب ليلى ..بعد أن قامت بالترحيب بيه عندما علمت من ثريا أنه متبرع للمبرع
ثريا بابستامة: وحضرتك ناوي تتبرع للملجأ عن طريق شيك ولا فلوس سيلة
قال أكنان بلهجة ثابته: ناوي أجيب مكان جديد ويتجهز من كله...وهكون أنا المسئول الوحيد عنه
فقدت النطق للحظات ...ثم دعت بصوت مسموع: الحمد لله ...ده أنا كنت بدور على مكان جديد لهم ودعيت كتير...وربنا استجاب لدعائي...وأمتى حيحصل ده
بنبرة مسيطرة: أنا عندي المكان وفي خلال أربعة وعشرين ساعة هخلص الاجراءات مع الحكومة وهجهز المكان للاستقبال الأطفال...
أتسعت عينيها غير مصدقة وهتفت بذهول : بكرا بكرا الي تقصده بكلامه
هز رأسه في صمت وقال بلهجة واثقة: أنا بعلاقتي الكتير وبفلوسي أخلص ده خلال يوم...
سألت بفضول : وكل ده ليه
تحدث بهدوء: من غير ليه ...وهو عمل اللي بيحب يعمل خير يتقاله ليه
قالت معتذرة : أسفة على سؤالي...
سأل أكنان بثبات : عايز أقعد مع الاطفال شوية ...أتعرف عليهم أشوفهم محتاجين أيه...ينفع دلوقتي
ليلي بابستامة هادئة : طبعا ينفع ....ثم نهضت من مكانها ...وأشارت له ...أتفضل معايا ...دلوقتي وقت الفطار بتاعهم ...وبعدين هيرحو أوضة الالعاب يلعبو فيها شوية ...وبعدين على فصل الدارسة
ذهب أكنان معاها الى غرفة الطعام ...
أكنان عندما رأى طفليه ...شعر برغبة للذهاب لهم وتخبئتهم داخل قلبه ...تحكم في دموعه بصعوبة....
قالت ليلي في هدوء : زي ماحضرتك شايف ...الاطفال هنا مش مخلينهم محتاجين حاجة...
قاطعها أكنان قائلا: أنا عايز أقعد شوية معاهم ...لو سمحتي يامدام ليلي الكلام اللي بينا يفضل سر ...مش عايز أي مخلوق يعرف أسمي وأني متبرع الملجأ الجديد
ردت ليلي:حاضر مفيش جنس مخلوق هيعرف أسمك... هسيبك دلوقتي...وأقعد معاهم الوقت اللي تحبه...ثم أنصرفت مغادرة ...
تأمل المكان حواله...كان المكان مرتب ونظيف...ماجعل عذابه لنفسه يهدىء قليلا ...أقترب منه أحد أطفاله وأمسكه من قماش بنطلونه...أرتعش وكاد أن يقع...تمتم لنفسه ...أهدى وخد نفس
أياد بصوت طفولي : أنت اللي جيت أمبارح
أخذ يتأمله كثيرا ...أبتلع غصة مؤلمة أفقدته النطق للحظات...نظر له بعينين زائغتين ...زين على وجهه أبتسامة ثم قال: أيوه ...أسمك أيه؟
_ أياد وأشار الى أخيه واللي هناك ...أخويا وليد
_ وعندك أد أيه
_ تلات سينين وشهرين
بلع ريقه بصعوبة ...قال بلهجة معذبة : تحب تلعب معايا ...أنا جبت معايا لعب كتير
نظر حوله متفحصا ..وقال : مفيش لعب شايفه
رد بابتسامة حزينة : عشان مش هنا موجودين في أوضة الالعاب بتاعتكم
هتف بمرح : وليد ياووليد ...تعالى نعلب ...
سأل أكنان بابستامة: أنا مش عارف الطريق ليه أزاي
أياد بضحك : أنا بقا عارف...تعالى أوديك
قبض بيديه الصغيرة على يديه الكبيرة ...تلاشت يد الصغير بداخل كفه...شعر بدفء يسري بداخل قلبه من هذه اللمسة البسيطة...أبتسم له وشعر بسعادة غامرة وسط ذلك الحزن العميق...وقال بحب : وصلني بدل ماتوه...
وفي الداخل ارتكز على ركبتيه وأخذ يلاعب الصغيرين...بلعبة القطار الجديد...أبتسم على صوت ضحكاتهم ...أحس في هذه اللحظة أن حياته أصبحت لها معنى...بعد أن كانت حياة بائسة بلا معنى بلا رائحة بلا طعم...حياة بروح ميته...لا تشعر بشيء من المرح ولا الحزن ..البسمه الحقيقة لاتعرف طريقها الى وجهه...أما الان فالضحكة تنبع من داخل القلب...بعد فترة من اللعب ...قرر تنفيذ ماأراد فعله من البدايه ..أخرج من جيبه مظروف مغلق...المظروف الذي أخذه من المعمل ...ثم فتحه وأخرج منه مظروف أصغر فتح جانبه وأخرج منه فرشاه...
سأل أياد بفضول : أيه ده ؟
أكنان بابتسامة مشجعة : دي لعبه هنلعبها سوا ...واللي هيسمع الكلام هجبله طياره
هتف كلا الصغيرين في نفس واحد : أنا همسع الكلام
أكنان بهدوء: كل واحد هيفتح بؤه...وقام أكنان عن طريق الفرشاة بمسح خد أياد من الداخل عدة مرات ...ثم وضع رأس الفرشاه داخل أنبوبة خاصة وأغلقها بأحكام ...وقرر هذه الحركة من وليد...وأيضا معه...ووضع كلا من الثلاث أنابيب داخل الظرف ثم داخل جيبه...ثم قال بابتسامة واسعة : شاطرين ...بكرا وأنا جاي هجيب لكل واحد فيكم طيارة
هتف الصغيرين بمرح ...والقى أياد ووليد أنفسهم على صدره ...فقام بأحتضانهم بحب...ولمعت عينيه بالدموع...وبلهجة متأثرة : أنا همشي دلوقتي وبكرا ..هجي ليكم مع الطيارتين...
وخرج من الملجأ مباشرة الى معمل المستشفى
الطبيب: نتيجة التحليل هتطلع بعد أسبوعين
هتف أكنان : وأنا عايز النتيجة في خلال تلات تيام أو أربع تيام
رد بتوتر: بس ده مستحيل
قال بقسوة : أنت ناسي أنا مين وممكن أعمل معاك أيه ...مكالمة منى لمدير المستشفى اللي أنت شغال فيه هتكون برا علطول ...أعتبر ده شغلك من وقت ماأمشي علطول ...مفهوم كلامي
رد عليه بلهجة متوتر : خلال أربع تيام هتكون النتيجة طلعت ..ومبلغك بيها بنفسي....
وعندما أنصرف من المستشفى وجد نفسه بدون قصد متوقفا أمام باب منزلها....
في داخل شقة زهرة ...رن جرس هاتفها
عندما رأت المتصل ...شعرت بالأضطراب ...
بلهجة مذعورة : الولاد كويسين يامدام ليلي
رد ليلى بهدوء: الحمد لله كويسبن
سألت متوترة : طب حضرتك مش متعودة تتصلي بيا الا لما يكون في حاجة ...
_ أنا حبيت أطمنك ...وملهوش داعي تتصرفي في أي فلوس عشان خاطر الملجأ
_ ليه يامدام ليلى؟ حصل أيه جديد؟
_ فاعل خير قرر يوفر مكان للاطفال وهيتكفل بمصاريفهم
همس زهرة بالدعاء
قالت ليلي بابتسامة: حبيت أطمنك ..عشان متفضليش شايلة الهم ...السلام عليكم
ردت زهرة : وعليكم السلام ...ثم أغلقت الهاتف وتنهدة براحة ...وكأن جبل وأنزاح من على صدرها...
سمعت الطرق على باب شقتها لتتجه الى الباب ...وهي مستغربة فمن سيأتي لها الان في هذا الوقت من الصباح ..ضحى الأن نائمة وحتى السيدة أمينة نائمة ...
تجمدت مكانها عندما رأته واقف أمامها...
أكنان بهدوء ظاهري : مش هتقوليلي أدخل
نظرت له بكره ثم قالت : أمشي من هنا
تقدم خطوتين الى الأمام وأمسك معصم يديه برقة : أضربيني عشان ترتاحي شوية...أو أقتليني عشان ترتاحي شويتين...أو أتجوزيني عشان ترتاحي علطول...
طغى الغضب عليها وهي تسمع كلامه: أتجوز مين ...أنت أكيد أتجننت...كادت تصيح فيه ..لكنها الجمت صوتها العالي بصعوبة ...خائفة من أحداث أي شوشرة...فقالت بلهجة قاتلة...أطلع برا
أكنان بنبرة مترجية: أنا عارف أني ظلمتك ...بس والله كان غصب عني مكنتش في وعي .. كنت بحسبك من بنت من البنات اللي بتترمى عليا...وجودك في الوقت ده من الليل ولبسك خلوني أفهمك غلط ...سامحيني يازهرة
قالت زهرة: أمشي من هنا ...الواحد يرتكب الذنوب والمعاصي ويقول أصلي مكنتش في وعي...
أكنان بتوسل : أنا مقدرش أعيش من غيرك ...أنا مستعد أعملك أي حاجة عشان تسامحيني
زهرة بألم : مستعد تعملي أي حاجة
رد بأمل : أطلبي أي حاجة وأنا هنفذها ليكي علطول..
بلهجة متألمة: تقدر ترجع بالزمن اربع سينين للورا وتسيبني في اليوم ده أمشي
هز رأسه بيأس: والله نفسي...أنت عارفة اللي فات من عمرنا عمره مانقدر نرجعه حتى لو ثانية واحدة...
_ مادام متقدرش ...يبقا مشوفش وشك تاني ...أنساني من حياتك ..
_ مقدرش ...مقدرش
قالت بلهجة فحيح مهددة: متختبرش صبري كتير ...
أكنان بأصرار: فكري يازهرة بعقلك شوية ...أحنا بينا أطفال
هتفت بغضب : متجبش سريتهم على لسانك تاني...أنت بكلامك ده خلتني أجيب أخري معاك ...ثم دخلت مسرعة الى شقة وفي خلال لحظات كانت أمامه و قالت بلهجة واعدة بالشر وأخذت تلوح بالسكين أمام وجهه: أمشي من هنا بدل ماأحققلك أمنيتك وأقتلك عشان ترتاح بجد...
أمسك يديها الممسكة بالسكين وجعل طرف النصل على صدره ..ثم قال وهو يتنفس بحدة: أقتليني
صرخت وهي تضغط بالسكين أكثر وأخذت الدماء تنزف: هقتلك..
#زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
#بقلم_سلمى_محمد
________________________________________________
الحلقة العاشرة
#زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
#بقلم_سلمى_محمد
((أتمنى لو بأمكاني أتلاف كل شيء حدث بيننا...ونعود الى الوراء الى ماقبل اللقاء ولا نلتقي ))دوستويفسكي
قالت بلهجة فحيح مهددة: متختبرش صبري كتير ...
أكنان بأصرار: فكري يازهرة بعقلك شوية ...أحنا بينا أطفال
هتفت بغضب : متجبش سيرتهم على لسانك تاني...أنت بكلامك ده خلتني أجيب أخري معاك ...ثم دخلت مسرعة الى شقة وفي خلال لحظات كانت أمامه و قالت بلهجة واعدة بالشر وأخذت تلوح بالسكين أمام وجهه: أمشي من هنا بدل ماأحققلك أمنيتك وأقتلك عشان ترتاح بجد...
أمسك يديها الممسكة بالسكين وجعل طرف النصل على صدره ..ثم قال وهو يتنفس بحدة: أقتليني
صرخت وهي تضغط بالسكين أكثر وأخذت الدماء تنزف: هقتلك لو نطقت بكلمة ولادي مرة تانية...ولاد مين اللي بتتكلم عليهم ...أنت ولا حاجة بالنسبة ليهم ... هما ولادي أنا وبس..
همست بألم ...أنا أتعذبت كتير عشانهم... عشان أضمن أنهم مرتحايين في حياتهم... ولسانك ده مينطقش بأسهم تاني... أنا ممكن أقتلك فيها...لو جبت سيرتهم تاني...المرة دي علمت عليك ...أما المرة الجاية ممكن أموتك فيها
سمع هدير أنفاسها المضطرب...وأرتعاش يديها الممسكة بالسكين...رأى داخل عينيها خوف وألم...فقال بندم : أنا أسف
أخفضت السكين وأنسحبت عنه متراجعة
صوت أنفاسها تعالى وهي تنظر له قائلة وقد أسودت عينيها: أسف كلمة ملهاش معنى... تدبح البنأدم وتقول أنا أسف أصل مكنتش في وعيي...كلمة مفيش أسهل منها...مش مسامحاك...سامع كويس مش مسامحاك على كل اللي عيشته بسببك...أنا كنت بموت في اليوم الف مرة بسبب اللي حصل...بسبب نظرات الناس ليا في الشارع لما عرفو باللي حصل معايا...نظراتهم كانت بتحملني الذنب وهي السبب في اللي حصل ليها..أحنا عايشين في مجتمع بينبذ المغتصبة وبيحملها الذنب وبيعتبرها مدانه....سبحت بخيالها لتشاهد ذكرياتها والأمها...نظرت له دون وعي...همست بشرود ...
أمي مستحملتش الصدمة أتشلت فيها ...الناس مرحمونيش ...فأخدت أمي وهربت سافرت بيها بلد تانية ...محدش فيها يعرفني ولا يعرف بحكايتي...أتنكرت في شكل وحش عشان مفيش راجل يبصلي...كنت بخاف من نظراتهم أوي بقيت مجرد شبح بنت...وأحساسي بالعار والذنب اللي كان كل يوم بيكبر جوايا ...ذنب مكنش ليا يد فيه...حاولت أموت نفسي لما عرفت بحملي...عيشت أكتئاب وأيامي كنت كلها ليل...لمعت عينيها بالدموع وهي تتحدث...عاقبت نفسي...عذبت نفسي...كنت بجرح جسمي وأضحك على وجعي...كنت بعيط كل يوم...كنت معرضة للجنون في أي لحظة... روحت أتعالجت...عشان أقدر أتقبل وضعي وأعرف أعيش.
لولا أمي وأحتياجها ليا وأحساسي بالذنب أني السبب...كان زماني ياتجننت...ياأنتحرت...ولدت وليد وأياد كان ممكن أرميهم في الشارع أول ماتولدو ودي كانت نيتي في البداية بس أول ماشوفتهم وشيلتهم في حضني مقدرتش أعمل كده...حطيتهم في ملجأ...ومن رحمة ربنا قابلت مدام ليلى...أخدتهم في الملجأ وطلعت ليهم مدام ليلى شهادات ميلاد وبيتعاملو هناك أحسن معاملة...وبيتعلمو......أنا عايشة ليهم هما وبس ...فاقت من شرودها...نظرت له بوجع السينين
أجفل وتراجع بعنف وقد تعرت نفسها المتألمة الخائفة أمامه...سكين أنغرزت بداخل بقلبه لرؤيتها هكذا...أخذ يفرك جبينه بعنف شاعرا بالعجز فكلمات الاعتذار لم تعد كفاية لكمية الوجع الموجود بداخلها ...همس بارتجاف : أنا أسف...ثم أولها ظهره مبتعدا عنها...
هتفت بنبرة منخفضة مهددة: مشوفش وشك تاني...
أغلقت الباب خلفه...أنهارت على الارض...سقطت على البلاط...أسندت ظهرها للحائط وأخذت تبكي بحرقة
____#بقلم_سلمى_محمد
ومع أشراقة الشمس...في ذلك الوقت الندي المعطر بنسمات الصباح الأولى...رن هاتفها المحمول...من بين نومها مدت بكسل الى الطاولة الملاصقة للسرير وحاولت أطفائه لكنه كان بعيد عن مجال يديها...فهي لم تنم البارحة الا بعد أذان الفجر...توضأت لصلاة الفجر...وأخذت تتضرع لربها كثيرا وأن يهديها لطريق الصواب...ثم نامت بعدها مباشرة...هتفت بحدة فهي لم تأخذ كفايتها من النوم...شتمت في سرها على المتصل...عندما لمع أسمه في عقلها...فتحت عينيها على أتساعها ونهضت من فوق الفراش ...أمسكت الهاتف ولكن المتصل كان بدون أسم ...ظلت ساهمة للحظات قبل الرد :
_ الو
رد كريم بحب: صباح الخير
ردت عليه التحية بصوت خجول : صباح الخير
قال والابتسامة تزيين شفتيه وهو على الجهة الاخرى:عاملة أيه...نمتي كويس أمبارح
ترددت في الاجابة : أه نمت
بضحكة خفيفة قال : بس أنا معرفتش أنام
سألت ضحى : ومنمتش ليه؟
فكر للحظات قبل الرد :أنتي السبب...كنت بحلم بيكي وأنا صاحي
خجلت من كلامه وقالت بصوت مرتبك: هوفي حد بيحلم وهو صاحي
رد عليها :أنا أعمل أيه ...أول ماشوفتك وأنتي قلبتي كياني...مش هتسأليني كنت بحلم بأيه طول الليل...
لم تقوى على سؤاله فظلت صامة....
عندما لم تتحدث قال بابتسامة : مادام مش عايزه تسألي ...أنا هقولك كنت بحلم بأيه...كنت بحلم أننا خرجنا مع بعض وبنلف شوارع الاسكندرية وماسك أيدك وقاعدين على البحر...أيه رأيك أجي ليكي دلوقتي ونخرج مع بعض والحلم يبقا حقيقة ...
ردت بسرعة : مينفعش
_ ومينفعش ليه ...أنا شايف عادي نخرج مع بعض
_ لا مش عادي ...أحنا لسه الصبح بدري أوي...وبابا مش هيرضى..
_ خلاص هقوله
_ أسمعني ياكريم بلاش تقوله عشان أنا عارفة رده...خلينا نخرج بعدين مش لزم دلوقتي
_ بس أنتي واحشتيني وعايز أشوفك ....
ردت عليه ضحى بخجل شديد: بعدين
أبتسم ثم قال : بعدين معناها واحشتيني وأشوفك
هزت رأسها بالأيجاب في صمت ...
قال كريم بابتسامة هادئة : معنى سكوتك أه...
ضحى بخجل :تصبح على ماتتمنى
رد بابتسامة : ياريت ...يلا روحي كملي نوم...باين عليكي مش بتصحي دلوقتي...سلاااام
ضحى بابتسامة : سلاااام
______#بقلم_سلمى_محمد
كان زاهر يجلس بمفرده في الحديقة...فبيسان رفضت محاولته لكي يخرجها من الفراش للأفطار معه وظلت نائمة...جاءت صفية من خلف ظهره حاملة أفطاره على صينية..
قالت برقة : صباح الخير
عند سماع صوت والدته ...التفت لها ونهض مسرعا من مقعده...قائلا بقلق: أيه بس اللي طلعك من أوضتك وأنتي لسه تعبانة...والصينية دي لمين ...ثم أخذ الصينية من يديها ووضعها فوق الطاولة...
ردت صفيه : ده فطارك
زاهر بحب: ليه تعبتي نفسك ...ثم جذب لها كرسي ...أقعدي ياست الكل ...وصباحك سكر...
أبتسمت وهي تجلس على الطاولة بجواره : أومال هتعب لمين....لو متعبتش ليك...
قال برقة : ربنا يخليكي ليا
ردت صفية : ويخليك ليا...قولي بقا أيه اللي شاغل فكرك ومخليك سرحان ومش مبسوط
_ مفيش حاجة يأمي
_ عليا بردو يازاهر...أنا أكتر واحدة بحس بيك وبعرف أمتى بتكون مبسوط وأمتى بتكون مضايق...وأنت دلوقتي مش مبسوط...
تصنع الابتسامة: شوية مشاكل في صفقة تبع الشركة مش أكتر...
نظرة له بتمعن ثم قالت : صفقة بردو
زاهر بحدة دون وعي : أيوه صفقة
تحدثت صفية بهدوء: براحتك يابني...مد أيدك ويلا نفطر سوا زي زمان...
تمتم قائلا: حاضر...سعدة طلعت الفطار لبيسان
صمتت للحظة ثم قالت : أيوه ...مأكده على سعدة انها تودي ليها الفطار...وزمان سعدة فوق راسها لحد ماتفطر...معرفش ليه مراتك هفاتنا ومش بتاكل...خد بالك من أكلها شوية يازاهر
قطب بين حاجيبه ثم رد قائلا: هاخد بالي ...وبعد أن تناول عدة لقيمات ...نهض من مكانه قائلا: أنا طالع فوق
قالت صفية : بس أنت ملحقتش تفطر
رد زاهر: خلاص شبعت ...ثم تحرك مبتعدا ...نظرت الى زاهر بعد مغادرته وشاهدت حجم المعاناة الذي يعيشها...أحنت رأسها وهي تسأل نفسها هل فعلت الصوب وهي ترى تعاسة أبنها...طبعا فعلت الصواب فهو سيصاب بالتعاسة معاها في وقت لاحق ويكون الاوان قد فات...فهي لا تستحق أبنها...فهو يستحق فتاة من أهل بلدته ذات أصول صعيدية متربية على الأصول وليست خواجية تعيش في الخارج في عالم منحل...سعدة عندما رأت حزنها أقنعتها بالذهاب الى الشيخ فرحات...
ذهبت الي الشيخ فرحات وهو معروف في كل أنحاء الجمهورية...وكل الناس يذهبون اليه من كل مكان وحتى من خارج مصر...ذهبت اليه بعد أن عانت في الحصول مع موعد لديه...أول ما دخلت الغرفة...رأت رجل عجوز ذو لحية بيضاء طويلة...مسلط على وجهه ضوء المصباح ...و كانت الأضاءة الوحيدة في الغرفة...ضوء خافت يخيف كل من يدخل عنده...
قال بصوت غليظ:أدخلي يابنت أبية
تمتمت بخوف: مفيش حد خالص يعرف بأسم أمي غير جوزي وأبني وبس...عرفت منين؟
لمعت عينيه قائلا :بلاش تسألي كتير وادخلي في الموضوع علطول...ولا أقولك أنا الموضوع...
أرتعدت أوصالها وبلهجة متوترة قالت : أتفضل حضرتك قول.. ماأنت ياشيخنا مكشوف عنك الحجاب...
قال بلهجة خالية من الحياة: عايزه تفرقي بين أبنك ومراته...عشان شايفها مش مناسبة ليه...وعايزه تجوزيه واحدة على مزاجك أنتي...عايزه تجوزيه بنت ابن عمك
أتسعت عينيها بالذهول...فهي لم تقل لأي شخص ولا حتى سعدة عن وجدان ورغبتها ان تكون هي زوجة أبنها...هتفت قائلة :الله أكبر حضرتك طلع مكشوف عنك الحجاب بجد...وقولت كل اللي عايزه أقوله...طب وأيه الحل ياشيخنا...
_ تنفذي كل اللي هقولك ليه...وطلبك هيتجاب
_ حاضر ياشيخنا وكل طلباتك مجابة
عندما أنتهت من تذكر مافعلته...نكست رأسها للأسفل وهي تشعر بالضيق وعدم الراحة ...
________#بقلم_سلمى_محمد
عندما أنهى الكلام معاها..وأغلق هاتفه ظل مكانه جالسا...أخذ يعبث في هاتفه...وقع نظره على أسم بيسان ...خبط بكف يديه على رأسه بحدة ...هتف بصوت عالي : يااااه ده أنا متصلتش بيها وقولت ليها أني هخطب...أووف دي هتزعل مني ...حدث نفسه ...زمانها مش فاضية ومشغولة في شهر العسل ومش هتزعل لما تقولها أن الموضوع جاه بسرعة...
رن جرس الهاتف عند بيسان التي أستلقت على فراشها مرة أخرى بعد أن أجبرتها سعدة على تناول الأفطار...أمسكت الهاتف ورأت أن المتصل هو كريم...فتحت الخط بسرعة سمعت صوت كريم : صباح الخير
ردت بصياح : صباحك زفت
كريم بهدوء: بدل ماتقولي صباح الخير..
ردت بضيق: ولا صباح ولا خير...وصباح بمناسبة أيه
أستغرب من رد فعلها الحاد فقال : مالك يابيسان
أنطلقت من فمها تنهيدة عالية وقالت: مفيش بتتصل ليه دلوقتي...
رد عليها قائلا: كنت عايزك تباركللي...أصل قررت أتجوز ضحى وقريت الفاتحة أمبارح
ردت بحدة : مبرووووك
أنزعج كريم من كلامها فقال : مالك وبتقوليها من غيرنفس ليه
بيسان بانفعال : عايزني أغنيها ليك ...جي بعد ماخطبت بتقولي أنا خطبت...منتظر مني أيه غير كلمة مبرووك
صمت للحظة شاعر بالضيق لعدم أخباره : خلاص بقا متزعليش مني يابوسة ...والله الموضوع جاه بسرعة ...وأنا قولت أكيد مش هتزعلي أني قولتلك بعدها...لو زعلانة عشان خاطري متزعليش مني...أنتي عارفة اني مقدرش على زعلك...
سرى داخل جسدها ضعف شديد...لتنطلق من فمها أهة ألم : أاااه....
كريم بلهجة قلقة : مالك يابيسان ...
شعرت بضيق نفس فجأة ...فقالت بصوت مخنوق : مش عارفة مالي ياكريم ...
سأل كريم : مالك بجد يابيسان...وصوتك أول ماسمعته حسه أنه متغير ...أنتي تعبانة ومش عايزه تقولي...
قالت بحيرة: أنا مبقتش عارفة أنا مالي ...خنقة علطول ملازمني وحسه بالندم علطول
قاطعها كريم قائلا: خنقة أيه وندم أيه اللي بتقولي عليه
بيسان بتردد : حسه أني مبقتش مبسوطة مع زاهر...حسه أني أتسرعت في الجوازة دي
_ أوعي يكون زعلك
_ لا مزعلش وديما كويس معايا
_ أومال أيه السبب اللي خلاكي تقولي كده
_ مش عارفة ..مش عارفة...ثم صمتت للحظات وقالت بشرود ...بقيت بخاف منه...أخاف أبص لوشه ...
_ بتخافي من مين ؟
ردت عليه بيسان بدموع: أنا حسه أني اتسرعت بالجوازة دي ياكريم ...ومش عايزه أعيش معاه
كريم هز رأسه بعنف ... فهي تعشقه وفعلت المستحيل لكي تتزوجه... ماذا حدث لكي تقول هذا الكلام..
سأل بارتباك : حصل أيه خلاكي تقولي كده...ومتقوليش محصلش حاجة عشان مش هصدق...أنك في أقل من أسبوعين تتغيري ومشاعرك تتغير ناحيته...
هتفت بانفعال : محصلش حاجة...ومفيش مرة زعلني...بس مبقتش عايزه وأتخنقت منه
كريم بضيق: اللي بتعمليه ده أسمه لعب عيال ...
ردت بيسان على الفور ...رد أذهل كريم : أيوه يكريم لعب عيال...وزهقت من اللعبة ...وخلاص قررت أرميها وأشوف غيرها... وسلاااام عشان هكمل نومي...
نظر كريم للهاتف المغلق بذهول...محدثا نفسه عن السبب الحقيقي وراء تغيرها...
خلف الباب كان واقفا...سمع كلامها...ضغط بيديه على جبينه...ثم مررها على فمه محاولا كتمان صرخة ألم...أنفجارات صامتة في صدره أخذت تزيد بالتدريج...أمسك مقبض الباب للدخول أليها ومواجهتها...هبطت يديه بضعف ...أعطى ظهره للباب...هبط الدرج رويدا رويدا...كلماتها أخذت ترن في أذنه...شعر بأرتخاء في جسده...سالت الدموع حارقة على وجنتيه تعبر عما داخله من ألم...بدأ يفقد الأحساس بالأشياء من حوله...قاوم باستماته الدوار الذي أخذ يلف برأسه ...أمسك رأسه بعنف وأخذت يده ترتعش من هول مافيه من صدمة...لتنزلق قدمه من على الدرج بسرعة رهيبة...أرتطم جسده على الارض بصوت مدوي...
سمعت صفية صوت أرتطام عالي...ذهبت لرؤية ماحدث...أطلقت صرخة مدوية لرؤية أبنها غارق في دمائه : أاااااابني
______#بقلم_سلمى_محمد
تصاعدت الزفرات حادة داخل صدره...سأل نفسه بخوف : هل ممكن أن تظل على موقفها...ولا تغفر له ذنبه...وجد نفسه أمام باب الملجأ مرة أخرى بعد عدة ساعات وفي يديه طائرتين كما وعد ...أندهشت مدام ليلى ...عندما طلب رؤية الصغيرين فقط...لكنها لم تعلق بأي كلمة...
في فناء الملجأ...أخذ يلاعب الطفلين بالطائرة...رغم بؤسه شعر بالسعادة تتغلغل داخل قلبه...
اياد بنبرة طفوليه :انا مبسوط أوي معاك...
وليد بتوسل:وتيجي وتلعب معانا علطول...
كتم تأثره وقال بهدوء: انا مش هجي وبس انا هاخدكم تعيشو معايا...
هلل كلا الطفلين بسعادة ...رفع كلاهما على ذراعيه وأخذ يدور بيهم مشاركا لسعادتهم...رفعهم بسهولة لأعلى وانزلهم...
ضحك أياد من قلبه هاتفا :تاني
أما وليد شهق باعتراض وأخذ يتلوى بين يديه مهددا إياه: نزلني...نزلني
انزل كلا الطفلين على الأرض عندما شعر بخوف وليد
أياد بلوم :خواف
همس وليد بصوت مكتوم :انا مش خواف
اخرج لسانه مغيظا إياه: خواف
ارتعشت شفتيه بالبكاء ...حمله أكنان على ذراعيه وجلس على الكرسي الموجود بجواره...أشار إلى أياد للجلوس بجانبه...ضم وليد اليه وهمس لوجه المختبىء: دموعك دي زعلتني...انت شجاع ...ثم نظر إلى الآخر بتأنيب: مفيش أجمل من وجود أخوك في حياتك...أخوك هو سندك ومصدر قوتك...الاخ نعمة من ربنا...مين لما بتكون زعلان بتروح ليه علطول
رد أياد:بروح ليه
_مين بتحب تلعب معاه وبتكون فرحان ومبسوط
_ وليد
_مين بيدافع عنك لما يجي حد يضربك
نكس رأسه بخجل وقال وليد
أكنان بهدوء:أنتو اخوات وملكمش غير بعض ...يلا خدو بعض بالحضن وقوله مش هزعلك تاني
أياد بلهجة أسف : متزعلش مني ياوليد...ثم حضنه
وليد بابتسامة خفيفة : خلاص مش زعلان
رأته من بعيد...نظر كل منهم في عين الأخر...توقف الزمن يرقب من بعيد لحظات من الصمت المؤلم...لتتحرك بخطى سريعة تجاهه...
جسدها تشنج بالغضب...همست بصوت مكتوم: أنت أيه اللي جابك هنا
قال بصوت هادىء غامض: نفس اللي جابك...
أشارت بيديها مهددة اياه: أمشي ومتجيش هنا تاني...أحذر غضبي ...المرة اللي فاتت كان مجرد جرح خفيف...المرة الجاية معرفش ممكن أعمل معاك أيه...
تحدث بصوت منخفض: المكان هنا مفتوح للكل ...مش من حقك تقوليلي مجيش...
صرخت ببعض الهسترية : أنت أيه...مش عايز تخرج من حياتي ليه...
غمز لها وأشار الى الطفلين ثم قال : ممكن نتفاهم ونتكلم بالعقل وأركني مشاعرك دي على جنب
تنفست بعمق...صراخها شيء خاطىء أمام الطفلين...تصنعت الابتسامة وقالت لهم : روحو العبو على المرجحة شوية ...عايزه أتكلم مع عمو شوية....
قال أياد بصوت بريء والابتسامة تزيين وجهه :عمو هياخدنا نعيش معاه...
نظرت إلى طفلها وإليه غير مصدقة ما سمعته ثم قالت: مين اللي هياخدكم تعيشو معاه
أشار كلا الطفلين إلى أكنان:عمو ده
قال أكنان بهدوء: يلا روحو العبو
عندما أبتعد الطفلين...زهرة بصوت مكتوم:أنت ...أنت ناوي على أيه...
نظر إليها بتعاطف ثم قال: انا مكنتش عايزك تعرفي دلوقتي...كنت همهد ليكي الأول...بس هو مقدر ومكتوب أنك تعرفي باللي كنت هعمله...
همست برفض:وأنا مستحيل اسيبك تاخدهم....
رفع نظراته لها وتنهد قائلا: وأنا بعد ما عرفت بيهم مستحيل اسيبهم عايشين في ملجأ لقطاء مجهولي النسب...أنا أذنبت في حقك وعارف ان اللي عملته معاكي مستحيل تسامحيني عليه...وبتمنى نظرة الكره اللي بشوفها في عينيكي تختفي في يوم من الأيام...لكن ولادي مستحيل اسيبهم عايشين في ملجأ ...لزم يتكتبو بأسمي...أنا أبتديت في الاجراءات وأول ماتخلص وأثبت أني أبوهم هاخدهم وهكتبهم بأسمي...
صوتها تحول الى همس مختنق بالبكاء: ليه مصمم تعذبني...خرجني وخرجهم من حياتك...
تنهد أكنان وقال برقة: مينفعش أخرجهم من حياتي...مينفعش يازهرة...لو سبتهم يبقا بجني عليهم...دلوقتي هما مش فاهمين وضعهم...المشكلة بعدين لما يكبرو ويدخلو مدرسة...ولما يخرجو للحياة نظرة الناس ليهم مش هترحمهم...وأنتي أكتر واحدة عيشتي مرارة نظراتهم...المحتمع اللي هما عايشين فيه مبيرحمش اللي زيهم ...أنتي عايزه ليهم كده...عايزه ليهم الذل والعار...
تصلب في وقفته وهو يراها ترتعش أمامه ...صمت للحظة ثم قال..عارف ان الحقيقة ألمتك...الحقيقة اللي عاملة نفسك مش شايفها...مش شايفها عشان لسه صغيرين...فكري بعقلك شوية...أنا هديكي وقت لحد ماتتقبلي وجودي في حياة ولادي...
لمعت عينيها بالدموع وهي تتطلع الى التوأم ...ثم قالت بانفعال رافض:مش هفكر وأخرج من حياتنا...
قال برقة متناهية: أنا هسيبك دلوقتي وعايزك تفكري بعقلي وحاولي تلغي مشاعرك عشان تقدري توصلي للقرار الصح
...ثم تحرك مبتعدا عنها...
نظرت لأختفائه بعيون دامعة...وتمنت أختفائه من حياتها الى الأبد...
_____#بقلم_سلمى_محمد
أجمل فترة يمر بيها أي رجل وفتاة هي فترة الخطوبة التي تسبق الزواج ...علاقة حب نهايتها زواج...عواطف متقدة وشوق لا يفتر...حياة جديدة على وشك البدء فيها...تطلعات وأمال...
بعد أن أستئذن ولدها لكي تخرج معه في نزهة لفترة قصيرة من الوقت..
في السيارة تحت منزل أهلها...سألها برقة : عايزه تخرجي تروحي فين..
هزت رأسها بالنفي في صمت
سأل بدهشة : مش عايزه تخرجي معايا...
خجلت أن تقول له أنها تريد فقط البقاء معه فقط ...يكفي جلوسه معاها في بيت أهلها هو وهي فقط...
فمال عليها وقال مبتسما: اللي هتقولي عليه هنفذه...
نظرت له بخجل : مش عايزه حاجة
قرأ حبها ولهفتها له في عينيها...فأخفضت رأسها خجلا...
قال كريم بابتسامة: عايزه حاجة ومش عايزه تقولي
همست وقالت بحياء: عايزه أي مكان يجمعنا...أنا وأنت
زينت الابتسامة وجهه وقال : مش عايزك تتكسفي مني...واللي نفسك فيه تقوليه علطول..
قالت بخجل: عايزه أشوف غروب الشمس على البحر
نظر لها مبتسما : شبيك لبيك ياصغيرتي ...ثم أنطلق بالسيارة...
أخذ كريم ضحى وجلسا على الشاطىء...تطلعت هي للبحر وهو بدوره تطلع لها وشعرها يتطاير مع نسمات البحر...هي مفتونة بالبحر وهو مفتون بالنظر لها...أعجاب في لحظة واحدة بدون أن يشعر تحول الى حب...هي كل ماأراد في الفتاة التي سيحبها...أراد أسعادها بأي شكل...أراد أن تحمل له أطفاله...وتكون بجواره حتى أخر العمر...
نظرت له ...فوجدته يتطلع اليها بشرود ...
فقالت له: مش بتبص للبحر ليه..البحر جميل أوي الوقت ده
غمز له وقال: أنا بشوف اللي أجمل من البحر...
أحنت رأسها من الخجل...أضطربت وحركت يديها بارتباك فوق الطاولة...دون قصد لمست يديها مشروبها الساخن...فكاد يقع عليها...أبعد كريم بدون تفكير يديها بسرعة ليتانثر القليل من محتوى الكوب فوق كف يديه...
هتفت بقلق : أيديك جرالها حاجة
قال كريم برقة والابتسامة على وجهه: الحمد لله بسيطة ...مفيش حاجة ...
الحب شعلة داخل القلب...بالاهتمام والرعاية تزداد الشعلة توهجا ولمعانا
#زهرة_ولكن_دميمة_الجزء_الثاني
#بقلم_سلمى_محمد
تكملة الرواية من هنا 👇👇👇
تعليقات
إرسال تعليق