أخر الاخبار

الحلقة 15 الحلقة 16 الحلقة 17 الحلقة 18 رواية / زهرة اصلان كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات

 الحلقة 15 

الحلقة 16 

الحلقة 17 

الحلقة 18 

رواية / زهرة اصلان 

علقوا هنا ب 10 ملصقات 

💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜

الحلقة 15 

.

.


الفصل الخامس عشر

.

- تنهد أصلان بحسرة وهو يشعر بحريق يلتهم جوفه .. و ألم يقبض على قلبه .. و غصة تملئ حلقه .. فحبيبته الصغيرة تتجنبه تماما .. ليس تجاهلا

منها له ولكن تتجنبه ألما منه واﻷسوء خوفا فهى بعد أن تعافت تماما منذ

خمسة أيام لم تتحدث كثيرا بعد أن اطمئن عليها كل أهل المنزل .. وقد استجابت لرغبة أمه بالنزول إلا أنها لا تتواجد أمامه .. فهى أما تجلس مع جده و أمه و إما بالمطبخ مع أم أحمد أو بالحديقة تساعد أبو أحمد .. و تجلس قليلا مع سوما و أسماء إذا توافر لديها وقت .. فالعصابة الصغيرة

المتمثلة بجده و أمه و أسامة و محمد وسوما و أسماء و المتوحش بودة وللأسف أم أحمد و زوجها و لم يخلو اﻷمر من فاطمة و ورد شكلوا حولها

حصنا منيعا لحمايتها منه .. فهو ليس أحمقا لتفوته محاولاتهم المستميتة

لإخفائها عنه .. إن تواجد خارج المنزل بالحديقة اﻷمامية أدخلوها للمطبخ

يلتف حولها أم أحمد و فاطمة وورد .. إن تواجد بمكتبه او يجلس مع أمه وجده بغرفة الجلوس اصطحبها أبو أحمد إلى الحديقة لتساعده فى الاعتناء بها .. وعند الوجبات التى حرص بشدة على حضورها حتى يتسنى له رؤيتها تتناولها غالبا بغرفتها أو بالمطبخ بعد إلحاحا من أم أحمد وزوجها و فاطمة و ورد ... .... ...... ..... .......  .......  .......  ......


- لا يخفى عليه ضعفها و كأن كلماته المسمومة التى ألقى بها على مسامعها قد استهلكت كل طاقتها و أطفأت حيويتها و أظهرت الدموع بعينيها

و أحزنت قلبها فلم تعد رمزا للحياة كما عهدها .. واﻷسوء حينما قابلها بالصدفة المقصودة من قبله فهو يعلم حبها للنزول إلى الحديقة والجلوس على اﻷرجوحة عصرا .. ولم يشأ أن يراها قبل نزهتها البسيطة التى لا تتخطى أبواب منزله فيضيق عليها بل انتظر حتى انتهت من نزهتها البسيطة و عودتها .. ثم خرج من مكتبه لملاقاتها فانقبض قلبه من مشيتها البطيئة المنكسرة وعيناها التى لا تفارق اﻷرض و انحناء كتيفيها الواضح ..لم يستطع أن يقول شيئا لجذب انتباهها الذى تمنى لاحقا لو أنها لم تنتبه له .. فعندما رأته أمامها أدمعت عيناها وتسارعت أنفاسها وتلمست حولها عن أى شئ تستند عليه فهى بالكاد تقف على قدميها .. لم تجد إلا الحائط الذى اسندت عليه يدها للحظات معدودة رمقته فيها بنظرة شكلت لوحة فنية يتجسد فيها الخوف .. ثم أخفضت عينيها و خالفت طريقها الذى تعمد أن تمر بجانبه للوصول للسلم المؤدى إلى غرفتها و أتجهت للمطبخ كعادتها تهرب منه .. ولم يتصور فى أسوء أحلامه أن يجعلها تخاف منه بهذا الشكل الذى أمات له قلبه و جعله يجلد نفسه بسياط الندم الذى أصبح مؤخرا يتغذى على روحه .. من بعد تلك الحادثة أصبح هو من بتجنبها فليس له طاقة لمواجهة ما رسمته أفعاله على ملامح وجهها و جسدها و روحها فأحالها من زهرة جميلة تنشر عبيرها لكل من حولها ﻷخرى يابسة متحطمة.. أوليس هذا ما أراده ؟ .. إذا لم ليس سعيدا ؟ .. لم قلبه يتقطع ألما ؟ .. لم تحترق روحه؟

.. لم تتشكل غلالة رقيقة من الدموع تغشى عينيه ؟1


- أهذا حاله وهى أمامه ؟ .. فما سيكون حاله وهى بعيدة عنه ؟ .. ألديه القدرة أصلا على تنفيذ ما ينتويه بشأنها ؟

ولم يعلم أن القدر استجاب فعلا لمخططاته أسرع مما يظن .. وسيسترد  منه هديته وكأنه يعاقبه على عدم احتفاظه بهديته أو بالأصح رفضه لها .

- فى غرفة الجلوس التى أغلقت أبوابها دلالة على سرية الحديث المتبادل بداخلها .. يجلس الجد و السيدة صفية تكللهم ملامح الحزن :

- الجد :

        إسراء هتيجى أمتى ؟

- تنهدت السيدة نعمة بحزن :

           هتيجى بكرة العصر هى وجوزها يسلموا علينا وبعدين يسافروا

            بعربيته .

- الجد :

        ربنا يوفقها ... ويهديها .


- السيدة نعمة  :

         اللهم آمين .." ثم تنهدت وقد أثقل الهم صدرها ".. استغفر الله

         العظيم .. عمى .

- انتبه الجد الذى كان شاردا هو اﻵخر :

             أيوه .

- السيدة نعمة  على استحياء :

         أنا بقول يعنى .. ما تحاول تتكلم مع زهرة تانى انهاردة يمكن تغير

         رأيها و متمشيش بكرة .


- الجد بضيق :

        اتكلم إيه ... أنتى مش شايفة حالتها عاملة إزاى ... دى يا دوب

       قادرة تمشى ... عاوزانى أضغط عليها و تقع مننا تانى .

- السيدة نعمة  برجاء :

       أنا بقول بس أتكلم معاها يمكن تسمع منك ... أنا مليش وش أكلمها.

- الجد بوجه جامد :

        سبيها يا نعمة  .


- السيدة نعمة بحزن :

      أعذرنى ياعمى ... أصلى اتعلقت بيها أوى ... زى ماتكون بنتى مش

       مرات أبنى .


- الجد :

     وعشان أنا عارف أن أنتى بتحبيها فبقولك سبيها تشوف حياتها ... حرام

     علينا اللى بنعمله معاها ... ذنبها إيه هيا عشان نقف أدام مستقبلها

     ... البنت مش هتستحمل أدام ابنك ... يمكن يكون نصيبها أحسن مع

     غيره ... كفاية أنها اتبهدلت و راحت فى الرجلين و اتخدت من غير

     ذنب وفى اﻵخر هتخرج مطلقة ... وأخوها و بنتك متهنيين ولا على

     بالهم الغلبانة دى ... مقدرش أقول غير أنا السبب ... يا رب قدرنى

      بس أكفر عن ذنبى فى حقها .

     أنا عارف إنى مش هقدر أرجع اللى فات بس على اﻷقل نسيبها

      تروح فى حالها من غير مشاكل ... مش نبقى زى اللى ما يرحموا

     ولا يخلو رحمة ربنا تنزل ......." ثم تنهد بحزن و أكمل" .......

     مع أنها هتقطع بالواحد بس ده اللى يمليه عليا ضميرى.

- السيدة نعمة :

        لا حول ولا قوة إلا بالله ... ومن سمعك يا عمى والله هتقطع

        بالواحد ... ثم بكت .


- الجد مهدئا لها :

       استهدى بالله يا نعمة ... وخليكى جنبها ... وزى ما قولتلك بلاش حد

       يعرف إلا إما تمشى زى ما اتفقنا عشان المشاكل .

- السيدة نعمة :

     حاضر يا عمى ... بس مش هنقول ﻷصلان دا هيقلب الدنيا لو مشيت

     من وراه .

- الجد غاضبا :

      ابنك بالذات لأ ... أنا خايف يهد الدنيا ويقولك الاتفاق اتغير و مينفعش

      و مشاكل ملهاش آخر ... فالكل يتفاجأ أحسن .


- السيدة نعمة :

        طاب وأهلها عرفوا أنها هترجع ... أبوها مش هيسكت لو شافها

        عيانة كده .


- الجد :

      هيا كلمت أبوها و هيا معايا وفهمتوا كل حاجة ... وبعدين خلتنى

     أكلمه و الراجل الصراحة أتفهم الوضع ... وزى ما يكون كده الموضوع

     على هواه ... ولما يشوف حالتها الموضوع هيكون على هواه أكتر ...

     من زمان وهو باعدها عن البلد و مشاكلها ... وبعد اللى حصل

      هيبعدها أكتر .


- السيدة نعمة  :

      و مين اللى هيجى ياخدها؟

 

- الجد :

      أبوها هيجى ياخدها ويسافر بيها هو وعمتها للقاهرة من غير حس

      ولا دوشة ... أنتى عارفة مش من مصلحة حد أن الحكاية تتعرف

      دلوقتى .


- السيدة نعمة بقلق :

     أنا خايفة أخوها عابد يعرف ... وأكيد هيعرف ...دول فى نفس المكان

     ... و الموضوع يأثر على إسراء .


- الجد بحنق شديد :

       ﻷ ... أخوها مش هيعرف ... هي طمنتنى ... يعنى المحروسة

       بنتك هتكون بخير ... " ثم صرخ فى نهاية كلامه " ....

       ولا نحبس الغلبانة دى هنا عشان بنتك تكون بخير .


- السيدة نعمة بحزن :

       والله ما قصدى يا عمى ... هدى نفسك بس ... اﻻتنين بناتى أنا

       مش عاوزة الموضوع يأثر على إسراء عشان المشاكل ... هيقولوا

      الاتفاق اتلغى ونرجع التار تانى ... دا بس كل خوفى والله .


- الجد متمالكا غضبه :

        طيب خلاص ... محصلش حاجة .


- نعمة بحزن :

     مش عوزاك تشيل فى قلبك من إسراء يا عمى انا عارفة ............


- قاطع الجد كلامها بحزن :

      أنتى إيه يا نعمة ... إسراء اللى هتيجى بكرة مش هى اللى ربتها

      ...غلطتها إنها أنانية مفكرتش غير فى نفسها وبس ... تقدرى

     ت قوليلى كان إيه اللى هيحصل لو أصلان قتل عابد وبعد كده حد منهم

     قتل حد من ولادك ولا رمل بنتك ويتم أبنها ... كنا هنعمل إيه ساعتها

    ... لو هما فعلا كانوا بيحبوا بعض كان حاول بسلامته يحل الخلاف بين

   العيلتين و لا استرجل وجه قال أنا عاوزها وخدها فى النور لبيته ....

   مش يبلطوا فى الخط هما الاتنين ويناموا فى العسل وحاطين أيديهم فى

   المياه السقعة ومستنينها تفرج من نفسيهم لحد ما سيرتهم بقت على كل

   لسان فى البلد ... ومحدش خسر فى اﻵخر غير أخته ... اللى بيتبنى

   على جتت الغير مش دايم وإن دام ربنا مش بيبارك فيه ... فهمانى.

- نعمة وهى تعلم أن الحق معه :

        فهماك يا عمى .


- الجد وقد أراحه فهم نعمة لوجهة نظره :

     طاب الحمد لله ... يبقى أقل شئ نعوض بيه البنت اللى راحت فى

     الرجلين دى إننا نطلعها ﻷهلها سليمة مع إن البيت هيضلم من بعدها .


- نعمة بحزن :

     ومن سمعك يا عمى ... الواحد خد عليها زى ما تكون موجودة هنا من

     زمان ... وكانت أعدتها حلوة ... والبيت تحسه منور كده من الضحك

      اللى فيه ...ليه كده بس يا بنى ... أنا قلت لما شفته هادئ معاها

     فى الأول إن ربنا هداه و هيبقاله بيت وعيلة ويرجع زى ما كان

      أيام بثينة الله يرحمها .... بس شكل كده ربنا لسه ما أردش .


- الجد متنهدا:

       ادعيله يا نعمة ربنا يهديه .


- نعمة :

    اللهم آمين ... أنا هروح لزهرة  .


- الجد :

      روحى يا نعمة خليكى معاها .


-فى غرفة السيدة نعمة :

هدأت زهرة من موجة بكائها بأعجوبة إلا أن آثارها لم تختفى بعد ... لم تجد فى نفسها القدرة على حمل قطعة واحدة خاصة بها بعيدا عن مكانها فتعاودها نوبة بكاء جديدة ... و لما يأست من انتهاء بكائها اتجهت إلى الحمام للاستحمام خوفا من دخول السيدة نعمة أو أى أحد آخر عليها ... خرجت زهرة من حمامها إلى الغرفة وهى تجفف شعرها بفوطة صغيرة اﻷمر الدى يشكل لها صعوبة لطوله ... وجدت أمامها السيدة نعمة وقد أدمعت عيناها تفتح لها ذراعيها ... فسرعان ما تركت منشفتها و سكنت أحضانها فهى تحبها كثيرا و تعدها أمها فقد أحتوتها بحنيتها عليها ... حنية لم تجدها عند وحشها اللطيف ... فتهدجت أنفاسها و أتضح بكائها مما جعل تلك اﻷم الحنون تبعدها عن أحضانها وتقبلها من وجنتيها فهى يعز عليها فراقها

... ثم ضحكت لها من بين دموعها قائلة لها :

    أنا مش هقضى اللى باقيلى معاكى فى العياط .. تعالى

واتجهتبها إلى الفراش جالسة خلفها حتى تتمكن نعمة من تصفيف شعرها

كعادتها معها منذ مجيئها لملاحظتها أنها لا تستطيع ذلك ...وعند انتهائها شرعت زهرة فى الاعتدال إلا إن السيدة نعمة منعتها وقد ألبستها سلسال

ذهب فى نهايته مصحف متوسط الطول ... وقد أدمعت عيناها و تهدج صوتها وهى تحدث زهرة قائلة :

    السلسلة دى بتاعة بثينة الله يرحمها .. فضلت معاها لحد اﻵخر ..

    دى أعز حاجة عندى .. من ريحتها .

- تأثرت زهرة لحزن السيدة نعمة وقد أنتقلت دموعها لعينيها وهى تحرك رأسها فى الاتجاهين دلالة على الرفض :

     مقدرش يا ماما .. دى بتاعة بثينة .. أنا عارفة أنتى بتعزيها أد إيه

     .. أنا مينفعش أخدها .. أنا زى ما أنتى شايفة ماشية بكرة .

- السيدة نعمة وهى تمسك بيدى زهرة :

    لو ليا خاطر عندك خديها .. ربنا يعلم أنا بحبك أد إيه .. لما ماتت بثينة

    استعوضت ربنا فيها واهتميت باخواتها .. بس ولا واحدة منهم سدت

    مكانها .. أنتى الوحيدة اللى من يوم ما شوفتك وأنا حساكى هي

    كانت حنينة زيك وعلى طول تمسح دموعى إللى محدش شافها غيرك

    أنتى وهيا .. خوديها وأبقى أفتكرى إن فى ست طيبة حبتك من كل قلبها

    هنا وكل ماتلمسى السلسة أدعيلها ربنا ينور قبرها ويجمعنى بيها

    .. أنا كان نفسى اديهالك وانتى متجوزة أصلان وتديها لبنتك بس مفيش

    نصيب .. خليها معاكى يابنتى.. و متخلعيهاش من رقبتك .. هتسعدى

    بيها ست عجوزة اعتبرتك بنتها .


- تأثرت زهرة لكلمات نعمة واحتضنتها وبكت معها .. بكت تلك الابنة التى

  خطفوها من أحضان أمها تحت اسم الثأر .. بكت على أمنيتها فى أن تكون

لها ابنة من أصلان لتعطيها لها .. بكت قسوة هذا الأصلان الذى لا يتقبلها كعاشقة و حبيبة قبل أن تكون زوجة .. بكت الظروف التى تجبرها على ترك

رجلا هامت به وعشقت تفاصيله.. و بعد فترة هدأت كل منهما وتحدثا فى مواضيع مختلفة دون التطرق لموضوع علاقتها بأصلان إلى أن اخذهما النوم

.. ولا تعلم تلك الزهرة أنه ينتظرها يوم حافل باﻷحداث لم تنساه طالما  حيت .


- فى الصباح استيقظت زهرة على صوت طرقات على الباب وحيدة بفراشها

.. فخمنت أن السيدة نعمة سبقتها .. وبعد أن أذنت للطارق بالدخول والذى لم يكن سوى أسماء وسوما تتحدثان بمرح عن أسامة ومحمد اللذان ينتظران بالحديقة للعب معهن وقد دعواها معهم .. استغربت زهرة وجود أسامة ومحمد بالمنزل حتى هذا الوقت .. ولكن زال استغرابها بعد أن أوضحتا لها

أن الكل بالمنزل اليوم لمجئ إسراء وزوجها الذى وللأسف تعرف عنه مسبقا

..ثم أكملتا بمرح أنها لابد أن تلحق بهم ﻷن فريقهم اى سوما وأسماء ينقصه

فرد مقابل فريق أسامة و محمد و بودة .. ثم خرجتا بعد أن وعدتهما زهرة باللحاق بهما .. فدخلت للحمام لتنعش نفسها و محاولة منها لنزع الحزن البادى على وجهها فهى تريد أن تكون آخر ذكرياتها سعيدة معهم .. ووقفت أمام المرآة تمشط شعرها و ضفرته بشكل مريح على ظهرها فتعدى منتصف فخذيها و جعلها كأميرات الحكايات الخيالية وارتدت بنطلون من خامة الجينز وبلورة بيضاء بأكمام ثلاثة أرباع ضيقة من الصدر وتتسع من اﻷسفل

فتشبه الفستان الصغير و كذلك حذاء مسطح أبيض .. فتحولت لقطة صغيرة

ظريفة بيضاء تخطف القلوب برقتها .. لم يستطع الجد والسيدة نعمة اللذان يجلسان بالصالة سوى ذكر الله والصلاة على الحبيب النبى عند رؤيتها وهى تتجه للحديقة لتلعب مع سوما وأسماء و بودة وأسامة ومحمد الذى لا يقل اندهاشهم من جمالها ورقتها عن الجد والسيدة نعمة فابتسوا لقدومها بصدق نابع من محبتهم لها كأخت لهم .. ثم انطلقت أصوات اللعب بينهم وكذلك الضحك على حركات بودة الذى لا يريد لأحد أن يشاركه بالكرة سوى زهرة التى خالفت توصيات الكل لها وأصبحت مهربا تحت يدى بودة تمرر له الحلوى دون علمهم فكانت خير صديقة له .. كما جذبت تلك اﻷصوات شخصا آخر فاض قلبه حبا لها وقد استبشر خيرا لسماعه ضحكها دلالة على قرب عودتها لما كانت عليه معهم .. ولا يعلم أن ضحكها هذا إشارة منها للرحيل .


- دخل الجد مكتب أصلان لمتابعة سير العمل .. وجده واقفا أمام الشباك المطل على الحديقة اﻷمامية للمنزل متأملا شيئا ما بالخارج .. غافلا عن جده الذى دخل عليه كذلك عن رنين هاتفه الذى لم ينقطع .. اقترب الجد منه بهدوء حتى أصبح خلفه تماما ليرى الشئ الذى سرق انتباه حفيده والذى يعلمه بفراسته مسبقا .. وكما توقع وجده يتابع قطته تلك التى سرقت جزءا كبيرا من الجمال واحتفظت به لنفسها .. ووجده ينظر إليها بنظرة

غريبة لا يريد تفسيرها طالما لاحظها عليه وعلى تلك القطة .. نظرة حرمان ممزوجة بشغف .. خاف منها الجد ﻷن تلك النظرة التى ينظر بها أحدهما لﻵخر ستطالبه بهدم كل وعوده و مخالفه قسمه بابعادهما عن بعض .. ويتبقى السؤال الذى لطالما شغله  .......  .......  .......  ......


  إذا كان يحبها لم يبعدها عنه بهذا الشكل ؟

تنهد الجد داعيا الله أن يلهمه الصبر والبصيرة لسبر أغوار هذا اﻷصلان الذى لطالما أخفى أدق ما يشعر به عمن حوله .. وضع الجد يده على كتف أصلان الذى للغريب لم يلتفت له بل استمر بمتابعتها وكأنه يستشعر بقلب عاشق أنها لن تظل أمامه طويلا .. وقد سأله الجد بهدوء :

    ...........  ..........  ...........  بتحبها ؟ ...........  ............  .


-أجابه أصلان ببساطه أشبه بالاستسلام لهذا العشق الذى أرهق روحه :

        و مين ميحبهاش .


- سكت الجد قليلا وهو يتابع حفيده الهائم بتلك القطة القابعة بالخارج وتجلس مع أحفاده :

     طاب ليه مبتقولهاش ؟

- أجابه أصلان بصوت ملئ بالحسرة وهو يتلمس وجهه من الجانب الذى أصيب بالحرق :

أنت مش شايفها جميلة أد إيه .. وصغيرة أد إيه ..لدرجة إنى بخاف عليها

  منى .. خليها تعيش فى مكانها الطبيعى هنا مش مكان للزيها... صدقنى

يا جدى الميزة الوحيدة  الموجودة فى موضوع إسراء أنه خلانى

أشوفها وأعيش معاها الفترة دى .. وفى نفس الوقت وجودها بيفكرنى

باللى حصلى أنا وبثينة الله يرحمها .. مش لأنها من العيلة دى .. بس

عشان ﻷول مرة أغضب من إصابة جسمى ﻷنه مخلنيش اتقرب منها

و أغضب من سنى ﻷنه كبير عليها أوى .. و أغضب من القدر اللى

خلاها بنت العيلة اللى طول عمرى بأحقد عليها .. هى الحاجة الوحيدة

الصح وسط كتير غيرها غلط .. والشئ الوحيد النقى وسط الدوامة

اللى إحنا فيها وعشان كده بقولك مكانها مش هنا .. مش معايا ..

مش فى حضنى زى ما أتمنيت أيام كتير إنها تكون .........

.......... ثم صمت قليلا وبعدها أكمل ............................

  أنت فاكرنى متضايق منها.. بالعكس دى هيا الوحيدة اللى مصبرانى

  أنى ميحصليش حاجة .. ببقى ساعات كتير مش مصدق أنها معايا فى

  نفس المكان أو فى نفس اﻷوضة .. اتمسكت بكل قوة ليا أنى مبينش

   ليها أنى بحبها أو أنى فرحان بوجودها أو أنى نفسى أكمل حياتى

   معاها وأن ولادى يبقوا منها هيا .. بس يفضل فى اﻵخر تمنى ..

   والزمن ده الأمنيات فى مبتتحققش .


- الجد محاولا التخفيف عن حفيده :

      طاب ليه متفرضش أنها راضية بيك وأنها عاوزاك فى حياتها زى

      ما انت عاوزها ؟

- أصلان :

          عشان هظلمها.

- الجد :

        هتظلمها ليه يا بنى إذا كان هي بتحبك .

- أصلان بحزن :

         أيوه هظلمها .. لما تبقى أقرب فى السن إنها تكون بنتى يبقى

        بظلمها .. لما تبقى رقيقة أوى لدرجة إنى لما اتعصب بس عليها

        تقع من طولها يبقى بظلمها .. لما يبقى كل أملى إنى أكمل جوازنا

       وأبقى عارف إنها مش هتستحمل شكل جسمى يبقى بظلمها .. أكيد

      هتخاف أو هتنفر منى واﻷسوء إنها تحس بالشفقة فتكمل معايا غصب

      يبقى بظلمها .. بعد مكون وهبتلها كل حاجة فيا .. أو اضطر اسيبها

      بعد ما أكون حملتها ذكرى تعيسة لجسم مشوه تفضل معاها طول

     حياتها .


- الجد :

      وأنت مش كده بتظلمها لما تحكم عليها من غير ما تجرب اﻷول ؟

- أصلان :

       كده أحسن .. خلينى محتفظ بصورتى أدمها .. أفضل إنها تشوفنى

       وحش مفيش فى قلبه رحمة عذبها وطلقها بعد الفرح بكام شهر

       أحسن مما تشوفنى إنسان ضعيف بائس بجسم متشوه .


وانطلق خارجا تاركا الجد و كأن الشياطين تطارده .. لا يعلم أين يتجه ولكن لن يتحمل أن ينظر فى وجه جده بعد أن كشف ﻷول مرة عن مكنون قلبه ..

تتابعه بعينيها تلك التى لم ولن تكف عن حبه حتى هذه اللحظة .. وقد أقسمت على نفسها أن يكون حبها له مؤنسها الوحيد فى وحدتها .


لم يتمالك الجد نفسه من صدمته فيما سمعه من حفيده .. فهو وﻷول مرة يكتشف مقدار عذابه من الحادث الذى تعرض له .. أو أنه أثر عليه لتلك الدرجة التى وصلت لليأس فأهمل روحه و أهتم بأسرته .. ومع أنه يحمد الله كثيرا على هذا الحفيد الذى تحمل مسؤلية العائلة من صغره ولم يقصر بها إلا أنه استصغر مجهوده هو وأفراد أسرته فى مواساة أصلان بمصابه فحقا لا يشعر اﻹنسان بالشئ إلا إذا مر به .. ثم انحرف تفكير الجد لاتجاه آخر وهو أن الأصلان الذى يهابه الجميع خائف .. فلم يتخيل الجد أن سبب بعده عن زهرة هو خوفه من أن ترى تشوهه وتنفر منه وكذلك فارق السن بينهما فى حين أنه لا يعلم أن زهرة تعلم عنه كل هذا وتتقبله .. وكأن الله أرسلها تعويضا له وتطيبا لجروحه .. ولكن حفيده المتسرع خرج هائمة على وجهه دون أن يقول له أن قطته تعلم عنه كل شئ واﻷسوء أنه لن يأتى للمنزل إلا لمقابلة أخته مما يعنى ضيق الوقت أمام الجد .. لكنه أبتسم بخبث رجل عجوز رأى فى حياته الكثير بأن هذا هو اﻷفضل مع حفيده تاركا إياه

أمام اﻷمر الواقع .. ويجعله مواجها لقطته فى اللحظات اﻷخيرة .


يتبع

💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜

الحلقة 16 

.

.

الفصل السادس عشر

.

- خرج الجد من مكتب أصلان فرحا لحفيده الهارب .. وصرخ على السيدة نعمة التى جاءت مهرولة لصراخ عمها :

- الجد بصراخ :

       نعمة .. يا نعمة .

- السيدة نعمة مهرولة  :

     نعم يا عمى .. خير .

- أشار الجد على غرفة الجلوس ويقول لها فرحا  :

     تعالى .. تعالى .. مش هتصدقى اللى هقولهولك .

- اتجه الجد إلى غرفة الجلوس تتبعه نعمة وبعد أن أغلقت بابها شرع الجد فى قص ما دار بينه و بين أصلان وابتسامة تلك التى تقابله تتسع رويدا رويدا .


- جلس الجميع الجد والسيدة نعمة ، محمد و أسماء بودة، أسامة و سوما و زهرة فى غرفة الجلوس الواسعة التى تحتوى ثلاث أطقم من اﻷثاث لتستوعب التجمعات العائلية .. فى انتظار زيارة إسراء وعابد ﻷول مرة منذ زواجهم وذلك لتودع إسراء عائلتها .. ساد فيها جو من اﻷلفة وتبادل اﻷحاديث الطريفة فى الظاهر يتخللها فرحة و ترقب من الجد والسيدة نعمة و قلق وحزن من زهرة .. فهى تعلم أنها ستغادر ليلا مع أبيها ومع ذلك لم تكمل حتى حزم حقائبها التى كلما وضعت بها شئ أخرجته مجددا .. وقد زاد شعورها بالوحدة والانقباض كلما أقترب موعد حضور أخيها وزوجته كعلامة على رحيلها .. فهى ولأول مرة تكره رؤيته على الرغم من أنها تعاملت معه بشكل عادى بعد الزواج .. استفاقت من أفكارها على سؤال أسامة المرح لها :

    طبعا أنتى مشفتيش إسراء قبل كده ؟


ردت زهرة ببسمة باهتة تحت أنظار الجد والسيدة نعمة اللذان يعلمان ما بها:       ﻷ

فقال أسامة مشاكسا لها :

        طبعا .. هى طارت من هنا و أنتى جيتى من هنا .

فضحك الشباب على كلام أسامة ... وانطلقت أسماء قائلة :

       هى غلبوية .. بس هتحبيها .. طاب وأخوكى؟ 

ردت زهرة مستغربة سؤالها :    ماله ؟

فقالت أسماء :     عامل إزاى ؟

فرد محمد غاضبا :   نعم ياختى.

وعلق أسامة :       آه .. وقعوا ف بعض .

فضحك الكل عليهم .. ثم أكملت أسماء :  أنا قصدى طبعه ..

ردت زهرة محاولة التماسك قدر اﻹمكان :

     هو كويس وبيحبها .. متخفيش عليها ..عمره ما هيزعلها .

أكملت زهرة آخر كلماتها بحزن و تهدج بسيط لم يلاحظه سوى الجد والسيدة نعمة .. و قد زادت محبتهم لها لما رأوه من تأثرها من بعد أصلان عنها .. و تأكدهم بأنها المناسبة له .. وكذلك أصلان الذى دخل أثناء إجابتها منتظرا انتهائها بوجه صلب جامد لا يتضح على صفحته شيئا .. ولكن داخله يكمن لهيب يتآكله من حزنها الواضح الدال على تأثرها بمعاملته معها .. ويجعله يتعجب من القدر الذى يجعل من سبب وضعهما سعيدان بينما تتقطر التعاسة من وضعهما .. ويحاول بشدة محاربة نفسه بعدم أخذها من بينهم وحبسها بغرفته له وحده يبثها شغفه و عشقه بشكل يجعلها تنسى أخيها وأخته ..

تنسى جرحه لها .. تنسى تشوه جسده و كبر سنه .. تنسى .. تنسى ما حولهما ولا يتبقى سوى هى و هو فقط .. تنهد بحسرة متمالكا نفسه وألقى السلام بأقتضاب وجلس على مقربة من الجد و أمه واعيا أنها المرة اﻷولى التى يجمعه معها مكان من بعد مشكلتهما.. استمرت اﻷحاديث الجانبية ﻷفراد العائلة التى تجنبها هو مركزا نظراته على تلك التى لم ترفع عينيها له لتروي شوقه لها .. أشبع عينيه منها فهو لا يعلم متى يجتمع معها ثانية .. تلك القطة التى لم تعد تتبعه بل أصبحت تختبئ منه حارمة إياه منها بشكل يسلب عقله و يفقده بصيرته و صبره .. الذى نفذ بالفعل برؤية محمد وأسامة يتحدثان معها بأريحية فى حين هو محروم من ذلك مما جعله يفقد صوابه و يصرخ فجأة على المسكينة فاطمة مركزا نظراته على زهرة

- أصلان بصراخ :      فاطمة .. فاطمة .

- فاطمة بخوف :   نعم يا سى أصلان .

- أصلان  بصراخ : شوفى أبو أحمد خلص اللى قلتله عليه ولا لأ ؟

- فاطمة : ﻷ خلصوا يا سى أصلان من يجى شوية كده .

- أصلان : طاب روحى أنتى .

- فاطمة متلعثمة: حاضر .. حاضر يا بيه .

- الجد : إيه هو ده يا بنى .

- أصلان بأقتضاب :  دى زيارة حملتها على عربيات هتروح مع إسراء

              و جوزها لبيتهم الجديد .

- السيدة نعمة التى فرحت من تلك المبادرة من ابنها كأشارة على قرب رجوع علاقته بأخته :

     خير ما عملت .. ربنا يخليك ليها يا بنى .. كنت عارفة إنها مش هتكون

      عليك .

- فرد أصلان بحدة وجفاء :

    دى مش ليها .. دى عشان شكلنا أدام الناس .. إنما أنا لو عليا ..........

وصمت .............. بعد أن قابلته عينان زرقاوان متسعتان تمتلئتان عتاب و حزن منه .. عتاب ذكره بآخر اصطحبه قبلات و همس و إعتذار .. أثر على

انتظام أنفاسه وحدة عينيه فبدل نظرته الغاضبة ﻷخرى خاصة بهما .. فبادلها عتابها بعتاب آخر لحرمانه منها أثرت على انتظام أنفاسها وجعلتها تخفض زرقاواتيها .. تنحنح الجد منهيا جو التوتر الذى شاع لكلمات أصلان قائلا :

   أصلان مش عاوزين مشاكل .

- رد أصلان بجفاء :     أكيد .

- ثم بادرت نعمة فى محاولة منها لتغيير اتجاه الحديث :

        هتوديلها إيه ؟

- أجاب أصلان بكلمات لم تسمع منها صاحبة العينان الزرقاوان شئ .. وكل ما يشغل فكرها أنه يكره أخيها وبالتالى يكرهها .. وقد تهدمت لديها أى آمال ولو ضعيفة بقبوله بها .. ترثى نفسها وتتسآل أى عاطفة تلك التى تتملكها تجاهه وتجعلها راضية بجفاءه قبل وده و كرهه قبل حبه .. بل تجعلها تتمسك به وبحياتها معه حتى آخر لحظة جاعلة إياها حتى اﻵن ليس لديها القدرة على الانتهاء من حزم حقائبها والهرب منه .. فهى تكاد تجزم لو أنها لم تحدث أبيها ليأتي إليها لتجبر نفسها على الرحيل معه لم تكن لترحل عنه و لو انطبقت السماء كما يقولون .. لا ترى ذلك الذى أنهى حديثه و صمت يتابعها بعينيه التى تفيض عشقا .. صافعا نفسه على حديثه بهذا الشكل عن أخته و أخيها .. فهو من شدة غضبه من رقتها التى تجعل من إخوته يلتفون حولها لا يتركوها شكلت لديه حريق صغير يلتهم داخله يجعله يفقد صوابه و منطقه فلا يعلم ما يقول سوى أنه يرغب بجذب انتباهها عنهم وابعادهم من حولها .. فهى ملكه وحده حتى ولو كانا متباعدان .. لا يتشكل فى عقله وقلبه منذ أن رآها سوى فكرة واحدة

      " هو من يغضبها و هو من يصالحها "


- قطع أفكاره دخول إسراء وعابد بملامح فرحة و لكن خجلة بعض الشئ ..

لم تؤثر بأصلان بتاتا و ظل مكانه لا يتحرك من كرسيه .. فهو يعلم إن تحرك من مكانه لا يفعل شئ سوى صفع أخته على فعلتها و لكم الحقير الذى معها .. واللذان تسببا بحسرته و حزن صاحبة الزرقاوان ..لذا آثر الشر ولم

يتحرك فهو يريد لتلك الزيارة البائسة أن تنتهى بسرعة .


- تبادلت إسراء السلام مع الجد أولا الذى نهض لاستقبالها ليغطى على فعلة حفيده ثم سلم الجد على عابد و كذلك اﻷمر مع نعمة  .. وصمت الكل فجأة يترقبوا اتجاه إسراء ببطء ناحية أخيها اﻷصلان خلفها عابد .. أوشك أصلان على إحراجهم و الرد عليهم بجفاء إلا أن تلك العينان الزرقاوان التى تنظران إليه برجاء ﻷول مرة منعته من ذلك بل وجعلته يقف ليسلم على أخته و زوجها بسلام فاتر ولكنه أفضل من لا شئ .. لاحظ الجد ونعمة الموقف جيدا ونظرا لبعض دلالة على معرفتهم سبب تغييره لرأيه و المتمثل فى زهرته .. كذلك لاحظت إسراء نظرات أخيها لما خلفها وكأنه لا يراها على الرغم من سلامه عليها .. فالتفتت لترى تلك التى غطت بجمالها عمن حولها .. تصنمت قليلا أمامها فعابد لم يوضح لها أنها صغيرة عنها وجميلة بهذا الشكل .. ولم يفيقها سوى وخز عابد لها برفق ثم اتجاهه للسلام على أخته التى ابتسمت له بصدق فعلى اﻷقل أحدهما سعيد .. ثم أكمل عابد سلامه على الباقين .. تقدمت إسراء للسلام على زهرة باستحياء

شديد ثم على الباقين مغيبة تماما لا ترى سوى تلك التى استولت على انتباه زوجها الذى جلس بجانبها مقبلا ومحتضنا لها .. وعلى الرغم من أن عابد قص عليها مرارا شدة علاقته مع أخته إلا أنها دون شعور منها تملكتها الغيرة من ناحيتها .. فهى توقعت من تمسك عابد بعلاقته بها والتى أدت إلى التضحية بأخته وكأنها كبش فداء لعلاقتهما أنها فتاة عادية و ليس التى تجلس أمامها .. وبعد تبادل اﻷحاديث المرحة بفضل مشاكسات أسامة لإسراء وسوما وأسماء .. و دفاع محمد و تذمر بودة .. وضحك زهرة أحست إسراء بانقباض قلبها .. يالله ماذا فعلت هى وعابد بتلك الملاك .. وقد دعت ربها فى نفسها ألا تؤثر فعلتها هى وعابد بتلك الملاك على حياتها معه ..

مما جعلها تطلب منها السماح سرا عند مغادرتها والتى أعطته لها زهرة بطيبة قلب متناهية .. جعلت إسراء تحتضنها و قد أدمعت عيناها تأثرا لفعلتها

.. فأى فتاة هى لتسامحها على فعلتها بها .. حاولت زهرة التماسك فى هذا الموقف و أذهلت الجميع بتوصياتها الكثيرة الصادقة لعابد على إسراء و كأنها توصيه على نفسها .. مما جعلهم يخرجون من المنزل يتكللهم الخجل من تلك الفتاة الرقيقة التى لم تلومهم ولا بنظرة واحدة .


- ما كاد عابد وإسراء يخرجون من المنزل يصطحبهم أسامة و محمد لسيارتهم إلا و انطلق أصلان لمكتبه بعد أن ألقى على زهرة نظرة عتاب لم تفهم سببها وأغلق خلفه الباب بالمفتاح .. ولم يترك شئ بالمكتب إلا و حطمه حرفيا .. لم تتحمل زهرة فعلته و خرجت شهقات بكائها للعلن .. وسط نظرات الجد و نعمة الهلعة لما يحدث و نظرات سوما و أسماء الخائفة .. اتجهت زهرة مسرعة لغرفتها يسبقها صوت بكائها ظنا منها أنه يكره وجود عائلتها بحياته وبالتالى وجودها وأنه يحملهم ما حدث له ولأخته وبالتالى يحملها هى .. بكت حادثته .. بكت موت أخته .. بكت الظروف التى جعلتها من عائلتها .. بكت وحشتها ووحدتها دونه .. بكت حبها له حبا لم يرى النور .. وبعد أن تمالكت نفسها قليلا اتجهت لغرفة السيدة نعمة والتى شاركتها إياها بعد أيام قليلة من الزواج لجلب باقى أغراضها والاستعداد للرحيل .. ظنا منها أن رحيلها سيخفف من غضبه .


- أسرع محمد وأسامة بدخولهم المنزل بعد أن تعالت أصوات الصراخ و التحطيم .. صراخ الجد ونعمة على أصلان ليفتح الباب والذى تجمع عليه كل أفراد المنزل ماعدا زهرة الهائمة فى عالمها الخاص .. ولما يأس الجد من أن يفتح له أصلان طلب من أسامة ومحمد محاولة كسر الباب الذى فتحوه بعد فترة وقد هالهم منظر أصلان المشعث ودماء يديه وفوضى مكتبه وهو مستمر بتحطيمه و كأنه لا يراهم .. كما جعل الجد الذى يعلم ما فى نفس حفيده يغلق باب المكتب ثانية ويمسك مقبضه بيده ويقف أمامه سدا إياه بجسده .. وأمر الجميع بحزم بالمغادرة لغرفهم والباقين ﻷعمالهم ولم يتبقى سواه هو ونعمة ولم يلاحظا أثناء أهتمامهم بصرف الجميع انتهاء صوت التحطيم بالمكتب .


- أشار الجد لنعمة بالبقاء خارج المكتب و دخل هو على اﻷصلان .. فوجده بنهاية الغرفة جالسا على كرسى من الجلد تحيط به قطع الحطام .. وقد ألقى بعباءته أرضا وتهدل جلبابه وأشعث شعره .. ناظرا للفراغ بحواجب معقودة ووجه اشتد احمراره وكأنه على وشك الانفجار الذى دل عليه تنفسه السريع .. لم يتمالك الجد نفسه من حالة حفيده والتى لا يعلم سببها و صرخ به حنقا :

   أنت اتجننت يا أصلان .. إيه اللى حصل خلاك تعمل كده ؟

- لم يرد عليه أصلان ولكن زادت سرعة تنفسه .. مما زاد من حنق الجد الذى أكمل :

    رد عليا أنا بكلمك .. أنت نسيت نفسك إياك .

- اندفع أصلان صارخا :

    شفتها .. شفتها إزاي بتعاملهم.. كأنهم معملوش لينا حاجة .

- رد الجد صارخا :

     أمال عاوزها تعملهم إيه يا بنى .. خلاص اللى حصل حصل .

- رد أصلان حانقا :

      كل اللى بيحصلنا ده ومش زعلانة منهم .

- رد الجد صارخا للوصول لنقطة معينة :

      اللى بيحصلكوا ده من عمايلك أنت .. أنت اللى مصعب الحياة بينكوا

      .. و مش عارف أنت عاوز إيه ؟

- رد أصلان كاذبا :

      أنا عاوزها تعيش حياتها .. أحسن من اللى هيا فيه هنا .

- الجد مصدوما :

             يعنى مش عاوزها ؟

- أصلان متجاوزا الغصة الموجودة فى حلقه :

             ﻷ .  

- ألجم الجد نفسه حتى لا يلكم حفيده على غبائه..فالكل يعلم أن زهرة تهيم عشقا به .. وهو يعيش فى دوامة عذابه الخاصة به .. و لم يجد الجد إلا آخر ورقة لديه للضغط عليه و يرجعه لصوابه :

    ماشى يا بنى طالما أنت عاوز كده .. يبقى سيبها تمشى إنهاردة مع

    أبوها .

- ألقى الجد قنبلته و أدار ﻷصلان ظهره متجها للخارج .. ولكن أوقفه أصلان الذى تصلب من الصدمة وتجاوز الحطام المنتشر على اﻷرض ليقف خلف جده :

      إيه تمشى .. تمشى تروح فين ؟

- أدار الجد له رأسه ..قائلا باقتضاب :

      هترجع ﻷهلها .

- أصلان كاذبا :     و الاتفاق اللى بين العيلتين.

- الجد :

      اتلغى .. اسراء و اتجوزت وخلصنا من مشكلتها .. يبقى حرام زهرة

      تفضل هنا .. مش أنت بتقول ظلموها .. خلاص هيا مشيا .

- أصلان بصراخ : كده من غير ما تقولولى.

- الجد :

      أنت اللى قلتلها أدام الكل تمشى .. وبعد ما قامت من عياها طلبت

      منى أكلم أبوها وهى فهمتوا الموضوع بطريقة حلوة تخليك أنت

      اللى محملهم جميل .. وأنا كمان كلمته والراجل رحب بالموضوع

      جدا واتفقت معاه يجى بعد ما إسراء وعابد يمشوا عشان المشاكل

      متأثرش عليهم .." ثم التفت له " .. أدينى ريحتك من حملها ..

      " و أكمل بعتاب " .. و معدتش هتلزق فيك زى ما عايرتها أدام

      الكل .

-أصلان وقد شعر بانهيار عالمه :    وهى عارفة ؟

- الجد باقتضاب :     أيوه عارفة .

- أصلان بحزن شديد : هيا قالت أنها مش عاوزة تعد هنا ؟

- الجد متنهدا :

      أنت اللى مش عاوزها .. وهى مش هتضغط عليك أكتر من كده ..

      أنت موفرتش مناسبة إلا ووضحت فيها إنك مش قابلها .

- أصلان صائحا بانهيار :

       أنا مقولتش كده .. أنا .. أنا ......

- الجد وقد اتعبه عناد حفيده :

       أنت إيه يا بنى ؟؟

- أصلان وقد استوحش ثانية و نسى ما عاهد نفسه عليه سابقا ..و نظر لجده بنظرة فاجأته كمثيلاتها من نظرات عينيه التى أختلفت تماما منذ مجئ

قطته .. كأصلان تعدوا عليه ويريدون أخذ أنثاه :

     أنا مش هسيبها تمشى من هنا إلا على جثتى .


- وانطلق خارجا من مكتبه متعديا الجد كذلك أمه التى تجلس بالصالة منتظرة نتيجة حواره مع جده .. وأسرع لغرفة أمه وقد أقسم أن يلقن تلك القطة التى غضبت منه درسا لن تنساه .. ولم يرى نظرات جده المنتصرة ﻷمه لنجاح خطته ثم اتجه الجد للمكتب ثانية للمحادثة حامد المنصورى والد زهرة .

  

- فى غرفة السيدة نعمة أنهت زهرة وضع أغراضها بحقائبها ولم يتبقى سوى أغراضها الموجودة بغرفة أصلانها .. توجهت لجناحها مع الأصلان لجلب أغراضها بخطوات بائسة مهزومة .. مهزومة بالحرب الوحيدة التى أرادت خوضها وهى حربها ضد قلب اﻷصلان القاسى الذى لم يلن ولو قليلا لأنثى تخطو أولى خطواتها نحو عاطفة جديدة عليها لم تشعر بها إلا معه ..عاطفة أنثى تجاه رجلها .. حبيبها .. أصلانها .. دخلت جناحها لا تصدق أنها لن ترى حبيبها مرة أخرى ..لن تتنفس نفس الهواء المحيط به .. لن تملى عينيها بحسنه فهو بالنسبة لها أفضل الرجال دون أن ترى غيره ولا تريد أن ترى غيره .. أعدت حقيبة متوسطة لجلب أغراضها .. وظلت تسقط بها الأغراض بشرود وهى تتسآل للمرة التى لا تعلم عددها لم لا يقبل بها ؟ .. ألا يشعر ناحيتها ولو حتى بإعجاب بسيط ؟ .. ألا يستطيع أن يبقيها حتى دون أعجاب أو غيره ؟ ..تكاد تقسم ألا تجعله يراها أو يشعر بوجودها فقط لو يسمح لها .. وقد تلاشت فى تلك اللحظة كلماتها عن الرفض والشفقة .. هى تعلم يقينا أنها لن تستطيع العيش بدونه .. لن يسد أحد مكانه .. لن تشعر بتلك المشاعر التى تنتابها بوجوده مع أحد غيره .. لم تتحمل تلك اﻷفكار التى تراودها و تركت ما كان بيدها و انهارت أرضا مستندة على فراشها .. لا تستطيع تمالك أنفاسها ودموعها لاتتوقف وكل ما يدور بعقلها أنها لن تستطيع .. لن تستطيع .. لن تستطيع .


- اتجه أصلان لغرفة أمه التى تسكنها قطته لا يرى شيئا أمامه من شدة غضبه .. يقسم أن يلقن قطته درسا قاسيا لن تنساه فى حياتها .. تلك الخائنة التى سلبت قلبه وعقله وملكت كيانه وتريد أن ترديه قتيلا وتغادر منزله .. قلبه ..فراشه ..لن يسمح لها ولو على جثته .. مابالها تلك الفتاة ترغب بالمغادرة فى حين لا يحق لها ذلك ..  حتى لا يحق لها تلك القطة الغضب منه .. هو كل شئ لها هو من يقسو عليها وهو من يراضيها ما بال الكل يتدخلون بينهم حتى وإن قال إنه لا يرغبها لا يحق لهم حملها على تركه  ثم يتعجبون حين يهدم عليهم المنزل .. بحق الله هى إمرأته ..حبيبته .. عشيقته .. ابنته .. قطته .. زهرته .


- لم يجدها أصلان بغرفة والدته فذهب ليبحث عنها بجناحه.. فتح الباب بعنف فارتد على الحائط محدثا صوت عالى .. وجد حقيبة مفتوحة بها بعض اﻷغراض والبعض اﻵخر موجود أرضا وبعدها هى مكتومة على اﻷرض ومتكئة على الفراش غارقة بموجة بكاء شديدة جعلتها لم تلتفت حتى للباب هربا من يراها أحد بهذا الشكل الضعيف .. اعماه غضبه عن بكائها واتجه إليها مسرعا ينتشلها من اﻷرض رافعا لها و امسكها من عضديها يهزها صارخا :

        مين اللى سمحلك تمشى هاه .. مين ؟

- لم تستطع إيقاف بكائها و الرد عليه .. وقد انتبه اﻵخر لشدة بكائها الذى استغربه فهى ترغب بتركه .. إلا أنه تأثر به و ألان قلبه فرق صوته دون إرادته :

     طاب بتبكى ليه دلوقتى ..  مش أنتى عايزة تمشى ؟

- رفعت إليه زرقاويها التى اشتد احمرارها ومازالت لا تستطيع التحدث بسبب بكائها فحركت رأسها للجانبين إشارة للرفض .. ثم أكدت بصوت متحشرج من البكاء رقيق :

        ﻷ .. مش عايزة أمشى .


- أستعد أصلان عندما سألها عن رغبتها بالمغادرة بأنها ستوافق وقد حضر لها كلمات لاذعة لم يقل منها شئ بسبب ردها. الذى فاجأه .. ثم سألها بصوت رقيق لا يخرج إلا لها :

      أمال لميتى شنطك ليه ؟

- فقالت له بصوت ضعيف حزين وزرقاوين باكيتين :

     أنت اللى عاوزنى أمشى .


- صدم من ردها و ترك ذراعيها فهو لم يتوقع أن تأخذ بكلامه الذى كان غرضه إبعادها عنه فقط ولكن تبقى معه .. لم ينتبه أنه أطال الصمت إلا عندما أفاق على قولها متلعثمة خجلة من حبها البائس له وقد أخفضت عيناها منه :

     أنا .. أنا .. أنا مش هضيقك .. أنا مش هأعد هنا .. أنا هأعد فى

     اﻷوضة بتاعة ماما نعمة .. ثم صمتت قليلا ونظرت له برجاء رقيق

    .. لو أعدت عندها و مخلتكش تشوفني هتضايق برده ؟؟

- لم يستطع قلبه أن يتحمل رجائها له بهذا الشكل و كأنه لا يرغبها .. لا يريدها .. لا يتلهف عليها وهى من تريده فقط ..فقال لها غاضبا متألما لا يريد أن يكشف سره :

     مينفعش .. مينفعش .. افهمى .. المفروض تكونى مع حد غيرى .

                  مش أنا .


- نظرت له بعتاب حبيبين ومازالت الدموع تنهمر من عينيها و قالت له برقة :

    مش بأيدي .. صدقنى ال .. ال .. محبتى ليك من عند ربنا حطها

         فى قلبى .

ولم تكمل و كأنها توضح لها أنها قليلة الحيلة أمام قلبها .


- ابتعد عنها متألما وقد أدمعت عينا أصلان حسرة على حرمانه منها :

     أنتى صغيرة أوى .. فلم ترد عليه .. فأكمل .. وجميلة أوى .. لم ترد

     عليه أيضا وكأنها تؤكد له أن هذان اﻷمران ليسا بيدها أيضا  ..ثم قال

    وقد أدار ظهره لها : مش هتستحملى .. لم ترد هذه المرة أيضا لعجزها

    عن فهمه .. أدار وجهه لها حينما طال صمتها راغبا أن تيأس منه ..

    فشرع بنزع جلبابه ثم التيشرت الذى يليه لترى جزئه العلوى وواجها

  بعينيه .. لم تتحدث .. لم تنظر حتى لآثار الحروق التى ألتهمت منتصف

  جسده .. ولم تتغير نظراتها و كأنها تجيبه للمرة الثالثة أنها لا تهتم .


- ولكنها أصرت أن تجيبه بصوتها الرقيق ولم تفارق زرقاويها سوداويتيه :

       أنا عارفة ..

فاجأئه كلمتها .. اقترب منها وقد استوحشت عيناه وأمسكها من ذراعيها ثانية

وقال لها :     هغير عليكى .

فهزت رأسها له دلالة على الموافقة وقد منعتها دموعها من الحديث .

فقال :    غيرتي وحشة .

هزت رأسها ثانية دلالة على موافقتها .

فقال وقد اشتدت يداه على ذراعيها :  مش هخرجك من البيت .

هزت رأسها موافقة لثالث مرة .

فقال وقد لان صوته :   مش هخليكى تشوفى أهلك .

هزت رأسها لرابع مرة موافقة ...وقد فقدت صبرها من هذا الحبيب العنيد فأخذت تضربه بقبضة يديها على صدره بعد أن أفلتها وهى تنظر له من قهرها وكأنها تقول له .. ماذا تنتظر ..؟

لم يتأثر بقبضتها التى تضرب صدره وقد لانت عيناه التى لم تفارق خاصتها

ورفع يديه ببطء تحتوى قبضتيها بكل رقة قائلا :

            رديلى  روحى يا زهرة .

فسألته و قد تهدج صوتها :    و روحى ؟؟

أرجائها برقة :      هردهالك .

ولم يمهلها أكثر من ذلك و .....................


يتبع


💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜

الحلقة 17 

.

.

.

الفصل السابع عشر

.

- فسألته وقد تهدج صوتها :    و روحى ؟؟

فأجابها برقة :     هردهالك .. و لم يمهلها أكثر من ذلك .. فضمها  لصدره و التقط شفتيها بين خاصته بكل رقة و عينيه لا تفارق عينيها التى أسقطت دموعها راحة لانتهاء عذابها و عذابه .. انفصل عنها لثانية ثم عاد ليقبلها مجددا بشغف أنهك روحه و أضعف قدميها .. ألتقطها أصلان بين ذراعيه عند شعوره بأنهيارها و اتجه بها إلى فراشه ووضعها عليه برقة بالغة لا تليق إلا بزهرته .. لم تفارق عينيه خاصتها التى لم تتوقف دموعها دلالة على استنزاف كل طاقتها من بعده عنها و التى قابلتها دموعه التى ظهرت بعد أن انهكته رغبته باتحادهما .. مشاعر عنيفة متبادلة بينهما و كأنهما عاشقان من الأبدية جعلتهما لا يهتزان لملابسه التى تخلص منها ولا ملابسها التى أزالها عنها .. و أقترب يقبلها بسخونة شبيهة بسخونة مشاعره و مشاعرها مرة .. ثم مرة .. ثم مرة .. وهى لا تمل ولا تتغير نظراتها المتطلبة له كأنثى انهكها عشقها .. ولم يبخل بها كرجل أشتاق بكل كيانه لأنثاه .. و كأنهما يرتويان و قد أختلطت أنفاسهما لا يشبعان.. ثم أكمل أرتوائه منها بتقبيل باقى أجزاء جسدها الذى يئن شوقا له .. وقد أظهر شغفه دموعها دموعا أخرى جديدة عليها كأنثى اتحدت بحبيبها .. جعلتها تناديه بشغف مرات ومرات حتى همست بحبها له .. فرفع رأسه عنها متفاجأ يناظرها بأعين عاشق أنهكه عشقه : حبيبك رورو ؟ .. ردت بأنفاس لاهثة مؤكدة لما بينهما :  حبيبى أصلان .. حبيبى .

جعلت هذا العاشق يكمل إتحادهما و قد همس لها بكلمات مطمئنة و رقيقة خوفا عليها من قوته .. تألمت قليلا برقة ثم طمئنته بقبلاتها له مما جعله يقودها لمكان لا يوجد به إلا متعتهما حتى أنتهيا بطريقة لم تجعلهما يتمالكان أنفسهما إلا بعد فترة .. ولكن على غير الطبيعة لم يشعر هذا اﻷصلان بالاكتفاء منها إلا أنه ألزم نفسه بحزم لمرضها الذى  لم تتعافى منه إلا من فترة قليلة .. وكذلك حتى يستريح جسدها ويلتئم جرحها الذى حولها لإمرأة

.. إلا أن تلك اﻷنثى التى تبادله العشق بعشق .. و الوله بوله ..و الشغف بشغف .. والرغبة برغبة .. لم يرضيها بعده عنها ولم تشعر بالاكتفاء لعدم شعور نصفها اﻵخر به أيضا .. ونظرت له بفزع لبعده فى لحظة لا يجب فيها الابتعاد بل إكمال الأمر لنهايته .. إلا أنه أمسكها بحزم رقيق و همس لها بالتمهل وقد كذبت عيناه كلامه لتتسارع أنفاسها و تظهر الدموع بعينيها لحرمانها منه .. مما جعله لا يتحمل ذلك الحرمان الذى يتآكلهما فهما لم يشبعا من إتحادهما و جعله من جديد يشغفها حبا يقبلها وتقبله .. تعاتبه و يراضيها .. يعاتبها و تراضيه .. حتى أنتهيا من جديد وهما ينظران لبعضهما

ثانية .. إثنان .. ثلاثة .. حتى بدء مجددا يهمس لها بجنون أنه عشق وليس رغبة وتهمس له بقبولها و تفهمها وكأن كل منهما يعوض نصفه اﻵخر عن بعده عنه .. و بعد كثير من الوقت انتزع نفسه انتزاعا و قد أنهك كل منهما مما جعله يسألها أولا عن ألمها فأجابته نافية ثم عن إكتفائها الأمر الذى جعلها تشهق برقة و قد اكتسى وجهها ورقبتها بحمرة قانية بعد أن أفاقت من نشوة شغفها وحركت رأسها له برفق وهى فرحة دلالة على موافقتها مما جعله يقبلها على جبينها فرحا فرحة عاشق اجتمع بمعشوقته وجعلتها تدفن رأسها بصدره .. ضمها أقرب لصدره حتى التحمت أجزاء جسدها بجسده ورفع عليهما غطاء خفيف وخفف الضوء و ناما بعمق جاء من اكتمال إتحادهما قلبا و روحا و جسدا .


2


- فى منتصف الليل انتفضت زهرة فزعة فى أحضان أصلان من صوت وقوع شىء ما بخارج الجناح الخاص بهما .. وقد أيقظت انتفاضتها أصلانها الذى شرع بتهدئتها .. و أخبرها بظنه أن الصوت راجع لوقوع المزهرية الكبيرة المصنوعة من النحاس الموجودة فى الرواق وأنه فى الغالب اصطدم بها شخصا ما أثناء مروره لضعف الإضاءة خارجا .. وبعدها بقليل هدأت هى و قد انتبها على وضعهما الجديد عليهما فهما عاريان وأصلان يحاوطها بذراعيه داخل أحضانه وجسدها ملامس لجسده ويشعر به بطريقة جلبت الإحمرار لوجهها و فرحة اﻵخر الذى لا يصدق أنها باتت له بكل كيانها .. ينظر كل منهما لنصفه اﻵخر و كأنه يدقق ملامحه بنظرة تختلف عن مثيلاتها اللاتى آتين لاندفاعه و عذابه ببعدها عنه و عذابها ببعده عنها .. أما الآن فكان اﻷمر له طعم مختلف .. ورغبة من كل منهما لاكتشاف جنبات اﻵخر .. فاقتربت الشفاة فى لق

تكملة الرواية من هنا 👇👇👇


من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close