أخر الاخبار

رواية في الحلال من الحلقه 16 حتي الحلقه 20

 


الحلقه السادسة عشر :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخذ إسلام يجتهد كثيرا في أخر سنه له في الجامعه كي يستطيع التخرج بتقدير يجعله يحصل علي وظيفه في مكان مرموق كما كان يتوقع !!

بينما جددت سلمي نيتها وأخيــرا شعرت بحبها لكلية التربيه وأخذت عهدا علي نفسها أن تكون المعلمه التي يتمناها كل طالب ، ستكون من عمار الأرض وسيكون تعديل حال التعليم في بلدنا علي يديها ، هذا نوت وهكذا دعت الله أن يوفقها وتمر هذه السنه علي خير كغيرها من السنين ولكن برصيد أكبر من الحسنات .

كــان إسلام يقضي معظم يومه في الجامعه وعندما يعود للمنزل يذهب للنوم قليلا ثم يستيقظ ليقرأ بعض الكتب الدينيه أو يشاهد بعض البرامج علي موقع اليوتيوب التي تجعله يتحمس ليكون أفضل ، فـ الان لا توجد سارة ولا توجد ذنوب تعلقه بها ، فكر مرارا وتكرارا أن يدخل ليطمئن عليها ويخرج سريعا ولكن عهده مع الله كـــان أقوي ، كان يتذكرها كثيرا بدعائه وهو علي يقين بأن الله قادر علي أن يردها إليه ردا جميعـا ، كان يتذكر محمد دائما ، بل لم ينسـاه قط وكان يدعو له دوما أن يغفر الله له ويجعله من أهل الجنه ويجمعهما سويا في الفردوس الأعلي كما جمعهما في الدنيا

بالرغم من مفارقه سلمي لـ حفصه إلا أنها لم تتأثر كثيرا ، فدائما كانت تستخدم سلاحها كما قالت لها حفصه من قبل " القرآن والدعاء " أخذت تقترب من الله أكثر وتعرف عن دينها أكثر ، حاولت أن تصبح قدوه بين أصدقائها ودائما تحثهم علي كل ماهو خير لهم ، أحبت أن تكون فتاة مختلفه عن جميع الفتيات ، فتاة مختلفه بحيائها وضميرها وأخلاقها وقربها من الله

_______________

مــر هذا العام الدراسي بخير أيضا كالعام السابق ، ولكن أبطالنا مختلفون تماما عن السابق :

فـ إسلام قد تقرب كثيرا من اللــه وأصبح يشعر دائما أن قلبه معلق بالمساجد ، أصبح يشعر بالراحه التي كان يتمناها من قبل ، بالطبع قد تعذب كثيرا ولكنه الآن قد تاب توبة نصوح وساعده في ذلك رفيقه الآخر فاروق .

سلمي أيضا أنهت هذا العام الدراسي بكل خيــر ، حاولت بقدر الإمكان الإستفاده من هذه المواد الدراسيه التي تدرسها وأيضا دربت نفسها علي أن تكون معلمة ناجحه ، فهي لن تسمح لنفسها أبـدا أن تكون معلمه بالإسم فقط .. لا بل ستصبح معلمه بالفعل وليست معلمه للغه الإنجليزي فحسب بل معلمة للأخلاق والقيم والمبادئ والكثير من الاشياء التي يجب أن يعرفها الطـالب بحق .

______________

كانت سلمي تجلس علي موقع الفيس بوك عندما وجدت أمامها خبرا جعلها تقفز من مكانها ، ذهبت مسرعه إلي والدتها وأخذت تصرخ بأعلي صوتها :

- مـــــامــــــا إلحقي نتيجة الثانوية العامه بــــانت

سمعت ولاء هذه الكلمة وقفزت من مكانها هي الآخري , ذهبت إلي الحاسب ويدها ترتعش بشده فلم تستطع فعل أي شئ ، حاولت سلمي تهدئتها وجلست علي الموقع لتري نتيجه اختها ، مرت لحظات الإنتظار كأنها ساعات وقلب ولاء ينبض بشده وخوف ورعب ، جاءت لها العديد من الوساوس في تلك اللحظات القليله ولكنها سرعان ما إستفاقت علي صوت سلمي وهي تصرخ :

97 % - يـــا بنت الإيـــه ، عملتيها إزاي دي يا لوءه

ثم أطلقت ضحكة عاليه وقالت :

- علي فكره أنا مش بحسد ، انا بقر بس، ده انتي كده يا بت يا ولاء داخله هندسه وش بإذن الله

أخذت ولاء تقفز في كل مكان وتصيح بأعلي صوتها ، تقفز علي الفراش وتهبط وتجلس علي الأريكه وتجري وتأخذ أختها ووالدتها في حضنها وتصرخ وظلت هكذا ما يقرب من النصف ساعه حتي تعبت وهدأت تماما ولكن مازالت إبتسامتها تقترب من اذنيها ، عــاد الأب مسرعا من عمله عندما علم بظهور نتيجه الثانوية العامه ، دخل المنزل بلهفه كبيره وفتح الباب بسرعه ووجد ولاء أمامه فنظر إليها وقبل أن يتحدث قاطعته قائله :

- هندسه يا حاج بإذن الله

شعر الأب بالسعاده ونظر لسلمي نظرة ذات معني وعاود النظر لولاء وقال :

- أيوه كده يا بنتي فرحتيني ، الحمد لله إنك مخيبتيش خيبة اختك ، خلي الواحد يفتخر بيكي كده قدام الناس

أحست سلمي وكأن خنجرا مزق قلبها فنظرت إلي والدها بحزن وقالت :

- يعني إنت مش بتفتخر بيا يا بابا

نظر لها بوجه خالي من أي تعبير وقال :

- أكيد مش هفتخر قدام الناس إن بنتي خابت ودخلت تربيه يعني !! بس هندسه يبقي لازم افتخر طبعــا

أحست سلمي بالغضب الشديد ولكنها حاولت التحكم في هذا الغضب لأنها تحدث والدها وقالت :

- يعني يا بابا اللي في تربيه هيدخلوا النــار ؟!! اه أنا مكنتش بجيب الفول مارك في الثانوية بس مش معني كده إني وحشه يعني وإن اللي في هندسه أحسن مني

ضرب الطاولة بقوة أفزعتها وقال بغضب :

- جري إيــــه يا سلمي ؟ هو انتي بتغيري من اختك ولا إيـــــــه ؟!!

تراجعت للخلف قليلا وقالت بحزن :

- يا بابا والله أبـــدا ، ده أنا حتي كنت دايما بقول لولاء تذاكر وتشد حيلها علشان تجيب مجموع أكبر مني ، وكنت بساعدها علي كده وبذاكر معاها لو جالها الإكتئاب بتاع الثانوية ده ، وحضرتك عارف إنها إختي الصغيره وسعات كمان بعتبرها بنتي وعمري ما هغير منها أبـــدا ، بس مش كل شويه حضرتك تقولي كده لأني تعبت

أحس بحزنها فتبسم لها قائلا :

- خلاص يا سلمي روحي اوضتك وإفرحي كده مع اختك ، دي ناجحه برضو ولازم تفرح ، وبلاش الكلام ده دلوقتي

- يا بابا والله أنـــا ...

قاطعها بحده :

- قولت خلاص ، الموضوع انتهي

__________

دخلت سلمي غرفتها وكادت أن تمطر الغرفه كلها بالدموع ولكنها تذكرت أن الدموع لن تفيد بشئ ، فهذا طبع والدها الذي اعتادت عليه ولن يتغير مهما حدث ، ففي بعض الأوقات تشعر بأنه يحبهم كثيرا وباقي الأوقات تشعر بقسوته عليها ، لا تعرف لماذا ولكنها قررت فجأة أن تفرح وتٌفرح اختها معها ، قررت أن تحتفل معها بهذا النجاح ولا تعكره عليها ، فهي تعلم نفسها جيدا وتعلم أنها من المستحيل أن تغار من اختها الصغري لانها بمثابة ابنه لها .

_________

وبعد إسبوع تقريبا ظهرت نتيجة إمتحانات جميع الكليات وأخيرا لقد تخرج كل من فاروق وإسلام وحصل كل منهما علي تقدير جيد جـدا بينما صعدت كل من سلمي وهند وفاطمه إلي الفرقة الرابعه بكلية التربيه وقد نجحن بتقدير جيد لكل منهن

______________

جلس فاروق يفكر من إين يبدأ ، فهو قد تخرج الآن ويريد أن يحصل علي وظيفه بأقصي سرعه حتي يستطيع التقدم للفتاة التي لطالما حلم بها زوجة له ، قرر الذهاب إلي كل مكان من الممكن أن يحصل فيه علي وظيفه ، أخذ يتجول في محافظته شبرا شبرا بحثا عن أي وظيفه ، أخذ يسأل كل من يعرفه عن شركة تبحث عن مهندسين أو مصنع أو أي شئ فلم يجد !!

جلس في يومه حائرا لا يعرف ماذا يفعل ، أخذ يدعو الله كثيرا أن يرزقه بوظيفه عاجلا غير آجل حتي يتقدم لخطبه تلك الفتاة ، بعدها بعدة أيام وجد هاتفه يرن ويتصل به أحد أصدقائه ليخبره عن شركة جديده تم إنشاؤها وتريد مهندسين جدد ، أخذ يشكر الله كثيرا علي هذه النعمه وهذا العطاء المتواصل وبالفعل تقدم للوظيفه وتم قبوله في الشركه ، لم يستطع أن ينتظر أكثر من ذلك وذهب لوالدته ليفاتحها في الأمر ، وقف علي باب المطبخ ونظر لها بإبتسامه مرحه وقال :

- حـــجــه

إلتفتت له قائله بحنان :

- أيوه يا حبيبي

إتسعت إبتسامته وهو يقول :

- أنــا عايز أتجوز

قفزت الفرحه علي وجهها ولكنها حاولت مداعبته وقالت :

- يعني يا واد تتقبل في الوظيفه النهارده ، تقولي عايز اتجوز النهارده برضو !! هو إنت كنت مجهز كل حاجه ولا إيه ؟

تنحنح قائلا بإحراج :

- بصراحه اه

رفعت حاجبها بدهشه وقالت :

- اومال ياخويا عاملي فيها شيخ ليه وإنت عمال تبص علي البنات أهو

إنتابته حاله من الذهول ، فهو لم يكن يتوقع هذه الكلمات من والدته وهي أقرب إنسانه له علي وجه الأرض وتعرفه أكثر من أي شخص آخر ، فقال بضيق :

- بقي إنتي اللي بتقولي كده يا ماما ؟!! وهو إنتي مش عارفه يعني إني بخاف علي بنات الناس وبغض بصري عنهم دايما الحمد لله ، دي بنت أنا عارف أخلاقها كويس أووي وحبيت أرتبط بيها في الحلال ، فيها حاجه دي ؟

إبتسمت له مداعبه وقالت :

- يا واد بهزر معاك مالك كده ، طيب قولي بقي مين دي اللي امها داعيه عليها اللي عايز تتجوزها ؟

ثم أردفت قائله بمرح :

- قصدي يعني داعيالها

إبتسم وهو يقترب من اذنيها ويخبرها عن من يتحدث ، فنظرت له قائله :

- والله يا بني هو أنا معرفهاش اوي البنت دي ، بس طالما عجبتك يبقي أكيد كويسه

تنهد بحماس وقال :

- طيب هنروح إمتي بقي هاه ؟ ينفع النهارده ؟

ضربته علي كتفه بمرح وقالت :

- مــالك يا واد كده ما تتقل شويه ، خلاص حاول تشوف أهلها وتكلمهم ونتفق علي ميعاد نروحلهم فيه

قفز بسعاده من مكانه وقال :

- مــاشي يا حجه

___________________

جاءت ولاء إلي الغرفه وهي غارقه في الضحك ، تتمايل يمينا ويسارا ولا تستطيع أن تقف مستقيمه أبدا ، رأتها سلمي علي هذه الحاله فإنتابها الفضول وأرادت أن تعرف ماذا حدث فقالت بتعجب :

- مالك يا بنتي هتموتي من الضحك كده ليه ؟ طب ضحكيني معاكي يا ستي

إرتمت ولاء علي الفراش وهي لازالت تضحك ولا تستطيع كتمان ضحكاتها ، أخذت تتنفس بصعوبه وتنظر لسلمي بين الحين والآخر حتي إستطاعت أخيرا أن تهدأ بعض الشئ وقالت :

- أبوكي بيتكلم عليكي برا

نظرت لها سلمي بذهول وقالت :

- يــاسلام ؟!! طب ودي حاجه تخليكي هتموتي من الضحك أوي كده ، عادي يعني فيها إيه ؟!!

أخذت ولاء تتذكر ماحدث وتضحك أكثر وأكثر حتي شعرت سلمي بضيق وقالت :

- يـــابنتي ما تقولي في إيه ، بابا بيقول عليا إيه برا

حاولت الهدوء مره آخري وقالت :

- أبوكي جايبلك عريس ههههاي ، والله إحلويتي وكبرتي وبقيتي عروسه

بسبوسه بسبوسه ، بت يا نوسه يا نوسه شايله البسبوسه ..

قاطعتها سلمي عندما ضربتها علي كتفها وقالت :

- بطلي إستعباط يا ولاء ، عريس إيه وبتاع إيه ؟!! إنتوا عارفين رأيي في الموضوع ده من زمان

وضعت ولاء يدها علي فمها في محاولة منها لكتمان ضحكاتها وقالت :

- وأنا مالي يا ستي ده بابا هو اللي بيقول

زفرت سلمي بضيق وقالت :

- طب ماهو بابا عارف إني قولت قبل كده مش هرتبط إلا لما أتخرج ، وبعدين أنا أصلا لسه مش مستعده دلوقتي ، يعني محتاجه ألتزم أكتر من كده علشان أبقي زوجه وأم صالحه ومحتاجه أقرأ عن تربيه الأطفال والتعامل مع الرجال وحاجات كده مهمه قبل ما أفكر اتجوز ، الجواز ده مسئوليه مش لعبه !

نظرت لها ولاء بجديه وقالت :

- ماهو بيقول إنك خلاص داخله رابعه يعني عادي لو إتخطبتي السنه دي وتبقي تتجوزي بعد التخرج

ضربت الفراش بقوه وقالت :

- اووووف بقي لأ طبعا مش عايزه دلوقتي

ثم قالت بحيره :

- طيب هو أنا لو طلعتله دلوقتي يعني هينفع أتكلم معاه ولا هيتعصب عليا ولا إيه ؟

قالت ولاء بضحكة مستفزه :

- متقلقيش ياختي هو جايلك دلوقتي

وقبل أن تكمل حديثها سمعت طرقات الباب ، إعتدلت كل منهما في جلستها وقالت سلمي :

- إتفضل يا بابا

إقترب الأب منها مبتسما وجلس بجوار ابنته علي حافه الفراش وقال :

- بقولك إيه يا سلمي ، في عريس عاوز يتقدملك

تنهدت سلمي بضيق وقالت :

- يا بابا بس إحنا كنا متفقين إني مش هتجوز إلا لما اتخرج

تبسم قائلا :

- ماهو انتي مش هتتجوزي إلا لما تتخرجي فعلا ، لو وافقتوا علي بعض هتتخطبوا السنه دي والفرح بعد التخرج إن شاء الله

زفرت بملل وقالت :

- يا بابا بس انا مش عايزه دلوقتي بقي

نظر لها نظرة أخافتها ، وقال بغضب :

- مفيش حاجه إسمها مش عايزه ، إنتي مش صغيره دلوقتي ، شوفيه ولو محصلش نصيب خلاص ، هو حد قالك اتجوزي بالعافيه !!

نظرت له سلمي بحزن وقالت :

- يعني لازم يا بابا ؟!

نظر لها بوجه خالي من أي تعبير وأومأ إيجابا فوجدت أنه لا مفر فقررت الإستفاده من الوقت ومعرفه معلومات أكثر عن هذا الشخص فقالت :

- طيب هو ملتزم ؟

أجابها مؤكدا :

- أيوه محترم وبيصلي

شعرت بالضيق لانها تعرف أن مفهوم كلمة ملتزم عند والدها تعني شاب يصلي وفقط فلم ترد مناقشة هذا الأمر حتي لا تحصل علي غضب والدها مره آخري ، وقالت :

- طيب حضرتك تعرف عنه إيه تاني يا بابا ؟

أجابها مبتسما :

- هو شغال في شركه كويسه وأهله ناس طيبين وأنا موافق عليه وإن شاء الله إنتي كمان توافقي

حاولت الإستفسار أكثر وقالت :

- طيب يا بابا هو طموح ؟ عنده أي اهداف في حياته مثلا بيسعي ليها ؟ عارف هو عايش ليه ولا عايش كده وخلاص زي كل الناس ؟ كمان معاملته لأهله عامله إزاي ؟ وبيصلي في الجامع ولا لا ؟ وبيعامل زميلاته في الشغل إزاي ؟ وعلاقته بربنا عامله إيه ؟ قريب ولا بعيد ؟ وبيسمع أغاني وحاجات كده ولا إيه ؟ و .......

قاطعها والدها بحده وصرخ قائلا :

- إيـــــــه يا بنتي ده كله ؟ هو انتي بالعه راديو ؟ أما تشوفيه يا ستي إبقي إسأليه عن اللي إنتي عايزاه ، أنا حاسس إنه هيكره نفسه أصلا لما ييجي هنا

شعرت سلمي بالإحراج وقالت بتوتر :

- يا بابا أنا زهقانه ومش عايزه بجد ، بالله عليك مشيه وقوله أي حاجه

إستعد لمغادرة الغرفه وهو يقول بصرامه :

- الكلام اللي قولته هيتنفذ ومعنديش كلام غيره ، أنا هتفق معاه علي الميعاد وهقولك

ضربت الفراش بقوه وهي تتوعد لهذا العريس قائله :

- طيـــــب ، أنا هوريك !

___________________

ظلت تفكر في الأمر طوال الليل ، كادت أن تختنق من الفكره في حد ذاتها لأنها تعرف أنها غير مستعده بالمره ، ظلت تفكر كيف ستجعله يكرهها ويغادر المنزل بلا عوده ، فهي تعرف أنها إذا حاولت النقاش مرة اخري مع والدها لن تحصل في النهاية إلا علي سيل من الدموع وهي وحيده في غرفتها ، أخذت تحدث نفسها قائله :

- طب وانا أطفشه إزاي ده بقي ؟ أعمل نفسي غبيه ولا مش بفهم ولا ساذجه ولا أعمل إيه ؟ أضايقه وأكرهه في عيشته علشان يمشي ؟ ولا أكون عاديه معاه وفي الآخر أرفضه بدون سبب ؟

ثم نظرت للجانب الآخر وقالت :

- بس كده مش هينفع وممكن ربنا يعاقبني ، ممكن فعلا يكون كويس وأنا أظلمه

- ييييي بس أنا مش عايزه بقي دلوقتي خــــالص ، يعني هلحق أعمل كل الحاجات اللي عاوزاها دي إمتي بس ؟

- طيب وفيها إيه يعني لما أشوفه مش جايز يطلع كويس وفعلا يساعدني أقرب من ربنا ؟

- لالالا مش هينفع ، مش هلحق مش هلحق

- طيب ماهو برضو لو طلع كويس أنا هفرح وهتشجع علي حاجات كتيـــر وممكن كمان ألحق أخلص كل الكتب اللي أنا عاوزاها بسرعه جــدا بالإضافه لمساعدته ليــا

- ييييي بقي مش عارفه ، يــــــــارب إلهمني الصواب وإفعلي الصالح

- خلاص بقي أنا أشوفه وخلاص وأسأله كل اللي أنا عاوزاها جايز فعلا يبقي ملتزم بقي ويفرحني كده

ثم نظرت للنافذة المفتوحه وظلت تدعو الله أن يرزقها الخير حيثما كان ثم يرضها به ..

____________________

بعد ثلاثة أيام سمع إسلام طرقات علي باب شقته ففتح بسرعه فإذا به يري فاروق واقفا والإبتسامه تعلو شفتيه فتعجب قائلا :

- فاروق ؟ والساعه 11 بليل ؟ غريبه !!

نظر له فاروق بسعاده بالغه وحماس كبير وقال :

- أنا لسه جاي من عندها دلوقتي يا إسلام

رفع إسلام حاجبه قائلا :

- لسه جاي من عند مين ؟

كاد أن يقفز من مكانه وهو يقول :

- أنا إتقدمتلها أخيــــرا يا إسلام ، ولسه جاي من عندها دلوقتي ، أنا حاسس إني طــــاير ، ومش عارف أصلا إيه اللي جابني هنا دلوقتي بس فجأة كده لقيتني عند باب بيتك

تذكر إسلام حواره السابق مع فاروق وتذكر أيضا الفتاة التي قال أنه يرغب في الزواج منها فقال بحماس :

- أيــوه بقي ياعم ، طيب تعالي ندخل وإحكيلي حصل إيه

تبسم فاروق قائلا :

- لأ مش هينفع علشان عندك بنات في البيت ، تعالي ننزل تحت وأنا هحكيلك كـــل حاجه

لــ #رقيه_طه

الحلقه السابعة عشر :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سمع إسلام طرقات علي باب شقته ففتح بسرعه فإذا به يري فاروق واقفا والإبتسامه تطل من وجهه فتعجب قائلا :

- فاروق ؟ والساعه 11 بليل ؟ غريبه !!

نظر له فاروق بسعاده بالغه وحماس كبير وقال :

- أنا لسه جاي من عندها دلوقتي يا إسلام

رفع إسلام حاجبه قائلا :

- لسه جاي من عند مين ؟

كاد أن يقفز من مكانه وهو يقول :

- أنا إتقدمتلها أخيــــرا يا إسلام ، ولسه جاي من عندها دلوقتي ، أنا حاسس إني طــــاير ، ومش عارف أصلا إيه اللي جابني هنا دلوقتي بس فجأة كده لقيتني عند باب بيتك

تذكر إسلام حواره السابق مع فاروق وتذكر أيضا الفتاة التي قال أنه يرغب في الزواج منها فقال بحماس :

- أيــوه بقي ياعم ، طيب تعالي ندخل وإحكيلي حصل إيه

تبسم فاروق قائلا :

- لأ مش هينفع علشان عندك بنات في البيت ، تعالي ننزل تحت وأنا هحكيلك كـــل حاجه

________________

إستعدت سلمي لإستقبال العريس كمان أمرها والدها ، إرتدت فستان رقيق ووضعت فوقه خمارها ورفضت أن تضع نقطة واحدة من مساحيق التجميل رغم الضغوطات الكثيره التي حصلت عليها فقد كانت تريد أن يراها هذا الشاب علي طبيعتها بدون أن تخدعه وهذا بالطبع بعدما قامت بعمل العديد من ماسكات تجميل البشره وغيرها من الأشياء الطبيعيه ، جلست في توتر بالغ تجهز وتحفظ جيدا في الأسئله التي ستلقيها عليه ، كانت حالتها مابين الإختناق والتفاؤل فهي لاتريد الزواج الآن ولكن كانت علي أمل أن يكون شابا ملتزما يأخذ بيديها للجنه ويعينها علي الإلتزام بأمور دينها أكثر وأكثر .

جلست تردد الأذكار لكي تهدأ قليلا ، ظلت هكذا لدقائق معدودة حتي سمعت صور الباب ، نعم فقط جاء العريس مع والدته ، حاولت مشاهدة أي شئ من وراء الستار ولكنه كان بعيدا فلم تري شيئا ، جلس والدها يتحدث معه لوقت قصير ثم دخل ليحضرها قائلا :

- يلا يا سلمي

نظرت إليه بضعف وقالت بتوتر :

- مش عارفه اتحرك من مكاني يا بابا مكسوفه جــــدا

جذبها من يدها بسرعه وقال :

- يا بنتي يلا الناس برا

افلتت يدها ورجعت للخلف وقالت بخوف :

- طيب يا بابا هو شكله عامل إزاي ولا قاعد فين ؟

جذبها مره آخري بعصبيه وقال :

- يلـا بقي وإبقي شوفي اللي يعجبك لما تطلعي

خرجت أخيرا وصافحت والدة العريس وأثناء إنتقالها للمكان الذي ستجلس فيه رأته بطرف عينها ، شعرت بالسعاده تغمر قلبها ، فقد كان يرتدي ملابس أنيقه للغايه ويضع عطرا مميزا وأيضا كان ذو وجه حسن أعجبها ، جلست بخجل وهي تقول لنفسها :

- بدايــه موفقه ، هييح يــارب خيـــر

جلس يتحدث مع والدها قليلا عن عمله وإمكانياته وعائلته وأشياء من هذا القبيل ، ساد الصمت لبعض الوقت حتي شعر بالضيق فطلب من والد سلمي أن يجلسا معا ليتعرفا علي بعضهما البعض ، رحب الوالد بالفكره وطلب من سلمي أن تصطحبه للغرفه المفتوحه علي الصاله حتي يستطيعا التحدث بعيدا عن الكلام العائلي ، نظرت سلمي لوالدها بتردد ومن ثم وافقت علي الأمر ، سارت بإتجاه المكان التي ستجلس فيه وسار العريس خلفها ، دخل وإختيار مكانا بعيدا عن الأنظار ولكن سلمي جلست علي أقرب كرسي من الباب حتي يراها والدها بوضوح ويسمع بعض الكلمات إن اراد .

تبسم لها قائلا :

- إزيك يا أنسه سلمي ؟

نظرت للأرض بخجل وقالت :

- الحمد لله

ساد الصمت للحظات حتي قطعه مره آخري وهو يشير علي أقرب كرسي له قائلا :

- طيب بعد إذنك ممكن تيجي علي الكرسي ده علشان مش عارف أسمع صوتك ؟

شعرت بالتوتر وقالت في نفسها :

- مش عاوزه أجي في حته أنا ، أقوله ايه ده بس يــاربي

إبتلعت ريقها وقالت بإبتسامه محرجه :

- حضرتك ممكن تيجي علي الكنبه اللي قدام الباب دي علشان الجماعه يكونوا شايفيننا يعني

تنهد بغضب ولكنه لم يظهره وقال لنفسه :

- إيــه البت دي !! يلا ما علينا

إنتقل من مكانه إلي الأريكه المقابله للصالة مباشره فكان كل من يجلس بالصاله يري كل منهما ،

حاول إستعادة إبتسامته وبدأ في الحديث عن نفسه ، أحست من كلامه أنه شاب عادي كمعظم شباب هذه الأيام يعمل وينام ويخرج مع أصدقائه وينام مره آخري وهكذا ، لا يوجد في يومه شئ آخر ، فإنتظرت حتي ينتهي من كلامه وأحبت أن تسألة عما يجول بخاطرها ولكن بذكاء فقالت بإبتسامه بريئه :

- وحضرتك بقي بتقعد في شغلك لحد الساعه كام كده ؟

أجابها علي الفور :

- يعني لحد 5 او 6 كده

فنظرت له بخبث وقالت :

- اااه ربنا يعينك ، وطبعا حضرتك بتضطر تصلي الظهر والعصر لما ترجع البيت بقي علشان مش بيكون عندك وقت فاضي

- اه للأسف بقي هعمل إيه

نظرت له وكأنها متأثره بما يقول وأكملت :

- فعلا شغلانه حضرتك صعبه ربنا يعينك ، كمان أكيد في أيام بترجع تعبان من الشغل وتنام ولما بتصحي بقي بتصلي كل اللي فاتك ، أكيد مش بتسيبهم يروحوا منك يعني

- لالالا أسيبهم إيه ، بصليهم كلهم بليل طبعا

نظرت للأرض بضيق وقالت لنفسها :

- وأدي أول إختبار سقطت فيه ، للأسف شكلك الحلو كنت فرحانه بيه بس برضو دينك وأخلاقك أهم

إنتبهت له وهو ينادي عليها وعندها نظرت له وقالت ببلاهه :

- هاه

- إيــه روحتي فين

- لالا مفيش حاجه ، موجوده أهو

إبتسم قائلا :

- طيب يلا عاوزه تسألي في إيه تاني ؟

فكرت للحظات ثم قالت :

- حضرتك إيه المواصفات اللي عاوزها تكون موجوده في زوجتك المستقبليه

أجابها علي الفور :

- يعني طبعا تكون حلوه وتعامل أهلي كويس وتهتم بيا وبأولادها ومتبقاش نكديه زي معظم الستات كده

- طيب وحضرتك بتعرف تربي أولاد ؟

نظر لها بتعجب ممزوج بالدهشه وقال :

- ولما أنا أربيهم هي هتعمل إيه ؟!!

تنحنحت بإحراج وقالت :

- لأ قصدي يعني حضرتك تساعدها في تربيتهم

- لأ طبعا مش هينفع خــالص ، انا عليا الشغل والمصاريف وهي عليها الباقي

- طيب يعني مثلا مين هياخدهم معاه المسجد علشان يتعودوا علي الصلاة وكده

شعر بالملل ولكنه حاول الإبتسام وقال :

- اه طبعا هبقي أخدهم إن شاء الله

صمتت قليلا ثم قالت :

- أخر حاجه بقي ، حضرتك بتحلم بإيه أو إيه أهدافك في الحياه ؟

- بحلم أعيش حياة مستقره وهاديه ومن غير مشاكل ، وأفضل أترقي في شغلي لحد ما أوصل للإدارة

- بس ؟

- وهو الإنسان هيحتاج إيه تاني غير كده ؟!!

وأخذت تفرك يدها بالآخري بتوتر وتقول لنفسها :

- أنا إتشليت ، حاسه إنك كرهتني أصلا ، يــارب بابا ينادي عليا بقي ، يـــارب مكونش بظلمه بس بجد هتشل مش قادره أقعد

عادت من شرودها فوجدته ينظر لها بوجه خالي من أي تعبير فقالت بإبتسامه :

- طيب وحضرتك مش عايز تسألني أي حاجه ؟

- اه قوليلي صحيح إيه هي مواصفات فارس أحلامك ؟

أحست سلمي بطاقه كبيره جـــدا بداخلها والآن حان الوقت لإخراجها فقالت بسـرعه رهيبه :

- نفسي يكون حافظ القرآن ويحفظني ويكون مواظب علي الصلوات كلها في الجامع وعارف عن دينه حاجات كتير جداااا وعن معاملة الزوجه وتربيه الاولاد ، كمان عاوزاه يكون حد عايش لخدمه دينه وهدفه كله رضا ربنا وبس ، حد يكون من عمـار الأرض كده ومعروف بين الناس بأخلاقه ، يكون بيغض بصره طبعـــا ودايما محافظ علي نفسه وقلبه مش فيه غير حب ربنا وبـس ، حد بيتخذ النبي علية الصلاة والسلام قدوه ويساعدني في شغل البيت ويعاملني أحسن معامله ويحسن إلي أهلي زي ما انا هعمل مع أهله ، دايما ينبهني لو عملت حاجه حرام ويعرفني الصح بهدوء كده ويساعدني وياخد بإيدي للجنه . يعني هي حـاجات كتيــر بس انا لخصتها بقي

شعر بالإحراج ولكنه نظر إليها بإبتسامه وقال :

- ربنا يرزقك بيه ، أستاذن انا بقي

نهضت من مكانها وتوجهت إلي الصالة وهو معها ، غادر المنزل أخيــرا بعد كمية لابأس بها من نظرات الإحتقان والإحراج ، عندما سألته والدته عن رأيه رد قائلا بسخريه :

- دي عايزة تتجوز سوبر مان

تعجبت الأم وقالت :

- يعني إيه ؟

تنهد تنهيده قويه أخرجت كل ما بداخله وقال بملل :

- عادي مفيش ، عموما أدينا لسه معانا إسبوع نفكر فيه ، رغم إني حاسس إننا مش طايقين بعض أصلا !!

___________________

دخلت سلمي غرفتها وأغلقت الباب خلفها وإنفجرت منها الضحكات ، نظرت للسماء عبر النافذة المفتوحه وقالت :

- يـــارب سامحني لو كنت أحرجته أو ضايقته ، أنا والله ما قصدي أضايقه بس حسيت إني إتشليت وكان لازم أعرف بيفكر إزاي ، أنا عارفه إن معظم الشباب دلوقتي بيفكروا بنفس الطريقه ، بس أنا أخدت قراري إني مش هعيش حياة عادية زي كل الناس وبإذنك يـــارب مش هتخلي عن مبادئي دي حتي لو هعنس ..

سمعت سلمي طرقات الباب فذهبت وقامت بفتحه وجلست علي الفراش ، قالت ولاء بحماس :

- هــــاه إيه رأيك ؟

- هصلي إستخاره وهشوف ، بس في الغالب هرفضه

نظرت لها ولاء بذهول وقالت :

- يا بنتي هو في حد يرفض واحد زي ده ؟!! إنتي مجنونــــــــــه ؟!!

نظرت لها سلمي بتعجب وقالت :

- إيه ماله مش فاهمه ؟ وبعدين هو إنتي شوفتيه أصلا

- أيــــوه شوفته وهو داخل ، يابنتي ده كل البنات تتمني واحد زيه ، شوفتي شكله ولا لبسه عاملين إزاي ؟ يا بنتي ده أحلي من الناس اللي بيطلعوا في التلفزيون أصلا ، كمان شغال في شركة محترمه وكبيره جــــدا وهيعيشك ملكه

- بس مش عنده دين يا ولاء ، ودينه أهم عندي من كل ده

- مش عنده دين إزاي يعني ؟!! ماهو مسلم أهو !!

- يا بنتي مش قصدي ، بس مش ده الإنسان اللي هيكون كل هدفه ياخدني للجنه ، أنا منكرش إن شكله عجبني بس برضو مش هينفع ، وعموما هو أصلا هيرفضني برضو

- يا سلمي فكري تاني حرام عليكي تضيعيه من إيدك والله ، وبعدين ياستي إبقي غيريه براحتك بعدين

- أيــــوه أيــوه قولي كده بقي ، هنبدأ في موضوع بكره يتغير وبعد الجواز ممكن يتعدل ومعرفش إيه !! يا ولاء إفهمي كويس .. ما تخليش المظاهر تخدعك ، أنا هتجوز وهعيش سنين طويله جـدا مع واحد غريب معرفش عنه حاجه ، فلو كان الحد ده مش ذو خلق ودين يبقي كده أنا هضيع ، فهمتي ؟

- إنتي حره

- هههههههههه كل نقاش بيني وبينك ينتهي بكلمة " انتي حره " ، عموما يا ستي زي ما قولتلك هصلي إستخاره وهشوف ، كمان مش عاوزه أتكلم عليه بقي لحسن أخد ذنوب ، ربنا يرزقه بالزوجه الصالحه ويرزقني أنا كمان باللي بتمنــــاه

_________________________

- وأدينا نزلنــا أهو يا سيدي ، قولي بقي عملت إيه ؟

قالها إسلام عندما هبط من منزله بصحبه فاروق الذي كاد أن يطير من مكانه ، نظر له فاروق بعينين لامعتين وقال :

- بص هو أنا مهما وصفتلك إحساسي عــمري ما هعرف أعبر برضو ، عارف لما تبقي بتحلم بحد بقـالك كتيـــر اوووي وبتتمناها من ربنــا وسعات تبقي نفسك تشوفها حتي أو تكلمها كده بس ترفض علشان خوفك من ربنا بيكون أقوي ، وفجأة كده تلاقيك قاعد قدامها وبتتكلموا كمــــان وكل واحد منكم بيقول اللي جـواه للتــاني ، إحساس الهييييح لوحده مش كفايه

أخذ إسلام ينظر لفاروق وتعبيرات وجهه وحركات يده في سعاده بالغه ، وقال بحماس :

- يعني قولتلها بقي إنك نفسك تتجوزها من زمان وكده ؟

ضربه علي كتفه بشده وقال بذهول :

- أقولها إيه يابني إنت ذكي ؟!! لأ طبعـــا مستحيل أقول حاجه زي كده غير بعد كتب الكتــاب ، أنا قصدي يعني كنت بقولها مواصفات زوجتي المستقبليه وإني عاوزها تكون إزاي وكده ، وأنا أصلا من جوايا عمال أقولها ده أنا مخبيلك مصـايب بس لما توافقي بقي ونكتب الكتاب

أحس إسلام بالسعاده وهو يستمع لكلمات فاروق ، فكلماته كلها براءة وحيـــاء وله امذاق آخر غير كل ماهو حرام ، لم يستطع الإنتظار أكثر من ذلك ليعرف من تكون تلك الفتاة فقال متلهفا :

- مش هتقولي بقي ياعم مين البنت دي ؟

أخذ يحك ذقنه بغرور وقال :

- سيبني أفكر شويه

قطب حاجبيه وقال بضيق مصطنع :

- هتــقول ولا أروح أفضحك عندها ؟

أطلق ضحكات عاليه متواصله وقال :

- وهتقولها إزاي بقي يا ذكي وإنت متعرفهاش أصلا ؟

كـــاد أن يسقط علي الأرض من الضحك والإحراج معا وقال :

- إخلــص يا فـــاروق وقـــول

نظر له بتعالي وقال :

- ماشي هقولك علشان صعبت عليا ، البنت دي تبقي نهي اخت محمد الله يرحمه

إقشعر بدنه عندما سمع اسم محمد وقال :

- الله يرحمه

ثم نظر لفاروق وقال محذرا :

- خد بالك منها أووي يا فاروق دي أخت الغـالي ، لو زعلتها أنا اللي هاجي أقفلك مكان محمد فاهم

إبتسم فاروق وربت علي كتفه بخفه وقال :

- ما تقلقش يا إسلام دي في عينيا والله ، بس يـــارب هي توافق

تنهد إسلام بحماس وقال :

- طيب كمل بقي عملتوا إيه تاني ؟

أخذ يتذكر فاروق ماحدث وأخذت إبتسامته تتسع أكثر وأكثر وهو يقول :

- مفيش يا سيدي دخلت وكــانت هتــموت من الكسوف وحاولت معاها تتكلم كتير بس مفيـش فايده ، في الآخر بقي أخدت منها كلمتين بالعافيه والحمد لله علي كده ، شكلي كده هطمع وأطلب رؤية شرعيه تانيه بس أصلا حتي لو مشوفتهاش تاني انا موافق عليها ..

ربت إسلام علي كتفه بحب وقال :

- بإذن الله هتوافق يــافاروق ، إنت أصلا تستاهل كل خير وهي طالما أخت محمد تبقي اكيد بنت كويسه

رفع فاروق حاجبه وأشار بإصبعه لإسلام محذرا :

- يا أستاذ بطل تتكلم عن مراتي المستقبليه لو سمحت ، أو مسمحتش عادي برضو

ضحك إسلام بمرح وقال :

- والله انا فرحانلك يــافاروق ، يـــاريت كل الشباب يفكروا زيك كده

تبسم فاروق وقال لإسلام كلماته الأخيره قبل الرحيل :

- عقبــالك يا إسلام ، يلا بقي همشي علشان الوقت متأخر ، معلش لو قلقتك بس أنا لقيتني جيت هنا لوحدي كده مش عارف ليه ؟!!

- ولا يهمك يا باشا ، يلا تصبح علي خيـــر

- وإنت من أهله ، في أمان الله

______________________

مر الإسبوع المتفق عليه من قبل والد سلمي والعريس وجاء والدها ليسألها عن رأيها فقالت بتوتر :

- بابا انا صليت إستخاره ومش موافقه

ضحك والدها بشده وقال :

- يا سبحان الله !!

تعجبت سلمي من رد فعله ، فهي كانت تتوقع أن يصرخ بها كالعاده أو يوبخها فلم تستطع السيطره علي فضولها أكثر من ذلك وقالت :

- في حاجه يا بابا ؟ حضرتك بتضحك ليه ؟!!

ضحك مره آخري وقال :

- أصل العريس لسه مكلمني دلوقتي

نظرت له بلهفه وقالت :

- طب وقال إيـــه ؟

نظر لها للحظات ثم قال :

- قاللي كل شئ نصيب

إرتمت علي الفــراش براحه تامه وقالت بفرحه :

- سبحــــان الله القلوب عند بعضيها

_____________________

ظل فاروق يدور حول الهاتف بخوف ، فهو يريد الإتصال ليعرف رأيها ولكنه أيضا خائف من عدم موافقتها ، قرر أخيــرا إستجماع شجاعته وإتصل بوالدها وكان الحوار كالآتي :

- السلام عليكم

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، إزيك يا فاروق يابني

- الحمد لله يا عمي بخير طول ما حضرتك بخير

- ربنا يبارك فيك يابني

- كنت عاوز أعرف من حضرتك رأي الأنسه نهي في الموضوع

غمز لها والدها بإبتسامه طيبه وقال :

- واللــــه يــــابني ...

وصمت قليلا ، أخذت ضربات قلب فاروق ترتفع أكثر وأكثر وهو يرجو الله ألا تكون رفضته ، أخذ يفرك أصابعه ببعضها البعض بخوف وقلق حتي سمع منه كلمة :

- وافقت يابني ، الف مبروووووك

إتسعت عيناه ونظر لأمه غير مصدق ما يسمع وسأل بلهفه :

- بجد يا عمي

أبعد الأب سماعة الهاتف عنه ونظر لها قائلا :

- ده بيقولي بجد يا عمي ؟!! الواد شكله هيموت

كتمت ضحكاتها بصعوبه وأشارت إليه أن يكمل حديثه :

- أيوه بجد طبعا هو أنا ههزر معاك يا فاروق ؟!!

- أسف يا عمي مش قصدي والله ، جزاك الله خيــرا وربنا يخليك لينــا

- وإياكم يابني ، يلا سلام عليكم

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

_____________________

أغلق الهـاتف وأخذ يهرول إلي امه ويمسك يدها ويقول ببهجه :

- وافقت يا مـــــامــــا وافقــــــت ، أنا مش مصدق نفسي والله ، ربنا بيكرمني أووووي وانا مستاهلش أي حاجه من ده كله أصلــــا

ثم نظر للسماء ورفع يده قائلا :

- يــــارب إجلها زوجه صالحه ليــا وإرزقني منها بالذرية الصالحه وقويني علشان أربيهم أحسن تربيه ، تربيه ترضيك يـــارب يوم ما أقابلك ، تربيه أفخر بيها يوم القيامه ، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .

ربتت الأم علي كتفه بحنان وقالت :

- والله يا فاروق يابني إنت تستاهل كل خيــر ، وكفايه إني راضيه عليك ليــوم الدين

أمسك كفها وقبله بسعاده وقال :

- ربنا يخليكي ليـــا يا أمي ويقدرني علي برك

لــ #رقيه_طه

الحلقه الثامنة عشر :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ظهرت نتيجة التنسيق وبالفعل تم قبول ولاء في كلية الهندسه كمان كانت تحلم ، شعر كل من في المنزل بالسعاده ولكن سعادة سلمي كانت ظاهرية فقط ، فقد كانت تعاني في تلك الفتره بـ فتور في قلبها ، ككل إنسان يأتي عليه وقت ويشعر أن إيمانه قل وأنه لن يستطيع مواصلة مسيرته وخصوصا لو كان وحده ، حاولت إخفاء هذه الحالة عن الجميع وكــانت تنام طوال اليوم وتستيقظ فقط لأداء الصلاة وتنام مره آخري ، من سوء حظها أن هذه الحالة أتت إليها في نفس توقيت تنسيق الاء ، في البداية لم يلحظ أحد الأمر ولكن مع مرور الوقت أخذت اختها تلاحظ هذا التغيير وتخبر به والديها .

مر حوالي إسبوع ونصف علي هذه الحالة حتي جاءت إليها أختها ذات يوم لتخبرها ان والدها يستدعيها للحضور ، نهضت ووقفت أمام باب غرفته وطرقت الباب للحظات وسرعان ما سمعت صوته من وراء الباب يأذن لها بالدخول ، نظرت له بإبتسامتها المعتاده وقالت :

- حضرتك كنت عاوزني في حاجه يا بابا ؟

أجلسها بجواره وقال بإبتسامه :

- مالك اليومين دول يا سلمي ؟

إبتسمت له بحنان وقالت :

- مفيش يا بابا انا كويسه الحمد لله

إختفت الإبتسامه من علي وجهه وقال بجديه :

- بس من ساعة ما ظهرت نتيجة التنسيق بتاع اختك وانتي مش مبسوطه ؟ خير في حاجه ولا إيه ؟!!

نظرت له بتعجب وقالت :

- طيب وإيه دخل ولاء في الموضوع يا بابا ؟

ثم انتبهت فجأة وقالت بصوت مختنق :

- بابا هو معقول حضرتك تكون لسه متخيل إني بغير منها !!!

عقد ذراعيه أمام صدره وقال بضيق :

- يمكن !

إنتفضت من مكانها بذهول وقالت :

- إزاااي حضرتك تظن فيا كده !! طيب ما أنا كنت متأكده أصلا إنها هتتقبل في هندسه لأن مجموعها الحمد لله كويس ، وبعدين أنا إيه اللي هيخليني أغير منها مش فاهمه !! أنا مقتنعه بكليتي جــدا والحمد لله جددت نيتي وبقيت بحبها وحبيت إني أبقي مدرسة ، هغير منها ليه بقي ؟!!

نظر لها بوجه خالي من أي تعبير وقال :

- طيب وإيه تفسيرك إنك من ساعة ما نتيجة اختك بانت وانتي نايمه في السرير ومش طايقه تعملي أي حاجه ؟

حاولت كتم غضبها بداخلها لانها تحدث والدها وقالت :

- يعني حضرتك عاوز تعرف أنا متضايقه ليه بابا ؟ لو عرفت مش هتظلمني تاني يعني !!

أومأ برأسه إيجابــا ، فقالت بتعب :

- علشان حاسه ان قلبي مات يا بابا ، لا بقيت عارفه أقرأ قران ولا أصلي زي زمان ، مبقيتش عارفه أضحك وحاسه إني مخنوقه علطول ، مبقيتش حاسه إني سعيده في حياتي زي الاول ، مبقيتش قادره أستحمل كمية التريقه اللي باخدها دي ومحدش حاسس بيــا ، بقيت حاسه إن الدنيا سوده قدامي وإن ربنا مش متقبل مني العباده ، من الآخر مبقيتش حاسه بروحي !!

لكن مع ذلك أنا مطلبتش من حد يساعدني ، وعمري ما عاملت حد وحش زي ما بتعاملوني ، حرام يعني إني أكتئب شويه وأخليني في حالي وأبطل ضحك ؟!! حتي دي كمان هتظلمني فيها يا بـــابــا !!

أنا قلت لحضرتك قبل كده إني عمــري ما هغير منها ومقتنعه بنفسي جــدا الحمد لله وعمري ما حقدت علي حد أو بصيت لحاجه في إيدين حد ، وحضرتك مربيني من زمان وعارف كده ، لكن لو حضرتك مصٌر إني وحشه يبقي خلاص مش مشكله ، كفايه إن ربنا عالم بنيتي لاني أصلا مليش غيره يحس بيـــا

ممكن أمشي يا بابا ولا حضرتك عاوز تقولي حاجه تاني ؟

جذبها من يدها وأجلسها بجواره مره آخري وظل ممسكا بيدها وهو يقول بحنان :

- إيـــه يا بنتي اللي إنتي شايلاه جواكي ده كله ؟

تنهدت بمرارة وقالت :

- حضرتك عارف من زمان إني كتومه ومش بطلع اللي جوايا بسهوله ، علشان كده أرجــوكم خدوا بالكم من كلامكم لأنكم مهما عملتوا برضو مش هعرف أرد عليكم وهشيل جوايا وبس ، ممكن حضرتك بس تدعيلي وانا هبقي كويسه ؟

تنهد بحزن وقال :

- حــاضر ، روحي علي أوضتك لو حابه

غادرت سلمي الغرفه وهي لا تدري شيئا كالعاده ، هل والدها قاسي أم حنون ؟ لماذا دائما يغضبها ويوبخها ويظلمها وأيضا تشعر أحيانا انه يحبها ويخاف عليها ؟ سألت نفسها هذا السؤال مئات بل الاف المرات ولكنها لم تجد إجابة كالعاده ، فمن الممكن أن يكون رد فعله هذا نتيجة لانه يحبها ولكن بطريقته ؟!! لا تعلم شيئا فقررت عدم التفكير في هذا الأمر الآن ، فيكفيها الم قلبها الذي تحمله .

ذهبت إلي حاسبها وقامت بفتح حسابها علي موقع الفيس بوك وأرسلت رسالة لحفصه الغائبه وكتبت فيهــا :

- حفصه أنا محتاجالك أووووي اليومين دول ، أنا حاسه إني كارهه نفسي ومبقاش ليا نفس أعمل أي حاجه زي زمان ، واقفه مكاني ومش عارفه أتقدم خــالص ، مفيش أي حد كان بيساعدني غيرك ودلوقتي مبقاش ليا حد اصلا ، يلا ما علينا ، ربنا يسعدك

أخذت تعيد قراءة المحادثات التي حدثت بينها وبين حفصه وتوقفت عند هذه الرسالة الموجوده في آخر محادثه بينهما :

" لما تحسي إنك تعبتي ومش قادره تكملي طريقك إستخدمي سلاحك .. معاكي الدعاء والقرآن "

" إفتحي المصحف وانتي بتقولي لـ ربنا يـــارب إبعتلي رسالة ، إبدأي دوري كل يوم علي رسالة من ربنا ليكي لحد ما توصليلها ، إدعي كتير اوووي ربنا يقويكي ويثبتك ، اوعي يا سلمي تستسلمي للشيطان اووعي حد يضايقك بكلمتين ويخليكي ترجعي عن هدفك "

" معاكي قرآنك ودعائك يا سلمي فاهماني ؟ معاكي سلاحك يا سلمي اوعي تتخلي عنه "

أخذت سلمي تقرأ الكلمات مرة تلو الآخري وتنهدت بأريحيه وقالت :

- زي ما تكوني حاسه بيـــا يا حفصه ، يـــارب أقدر أكلمك تاني في يوم من الايام

ثم أخذت تردد :

- يــــارب إبعتلي رسالة ، يــــارب إبعتلي رسالة ، يــــارب إبعتلي رسالة

تركت الرسائل وهي مازالت تردد جملة " يــــارب إبعتلي رسالة " وذهبت لصفحتها الرئيسية لمتابعه آخر الأخبار ، نظرت أمامها فإذا بها تري منشور مكتوب فيه :

زهرة اللوتس تستمع الآن إلي " إشتقت إليك "

شعرت بالحزن بداخلها ، نظرت للسماء وقالت :

- الحمد لله الذي عافاني ، ربنا يهديكي يا زهرة ، ربنا يبعدك عن الاغاني ويعلق قلبك بالقرآن

وقبل أن تهبط لتري منشور آخر لمحت إسم صاحب الأغنيه " أحمد سعيد "

أخذت تحدث نفسها قائله :

- أنا شوفت الإسم ده قبل كده ، فين يــــاربي فيــــن

ثم تذكرت فجأة وقالت :

- أيـــوه صح ده واحد من المنشدين الجداد اللي حفصه قالتلي عليهم

أخذت تحك ذقنها ببطء وتفكر قليلا ثم إبتسمت قائله :

- مش يمكن دي تكون رسالة من ربنا ليــا ، أحملها وأشوف

قامت بتحميلها وبدأت تستمع إلي كلماتها :

ضاقت بيا الدنيا .. لقيتنى انسان غريب

وبقيت انا حاجة تانية .. بجد انسان عجيب

لقيتنى بعدت فى ثانية .. بعد أما كنت قريب

لقيت قلبى بقى آسى .. عينيا مافيهاش دموع

لقيتنى بجد ناسى .. أى معنى للخشوع

خلاص قلبى احساسى .. بيتمنوا الرجوع

وخلاص يارب انا راجع ليك .. ندمان بشدة انا بين ايديك

على كل لحظة ماكنتش ليك .. وكنت فيها عاصيك وناسيك

يارب راجع ادق الباب .. باب الرحيم باب التواب

دا لما بعدت شوفت العذاب .. خلاص يارب اشتقت اليك

انا قولت هاعيش حياتى .. بس انا عايشها حرام

علشان ارضى شهواتى .. وابقى مبسوط وتمام

اتارينى هازيد آهاتى .. وكل دا اوهام

وخلاص عرفت حقيقى .. بجد احلى حياة

لما ينور طريقى .. برضا وحب الله

يبقى القران صديقى .. ورسولى امشى فى خطاه

وخلاص يارب انا راجع ليك .. ندمان بشدة انا بين ايديك

على كل لحظة ماكنتش ليك .. وكنت فيها عاصيك وناسيك

يارب راجع ادق الباب .. باب الرحيم باب التواب

دا لما بعدت شوفت العذاب .. خلاص يارب اشتقت اليك

أخذت تسمع كلماتها بذهول !! فكأنها توصف حالتها تمـاما ، سمعتها مره تلو الآخري حتي كادت ان تحفظها كإسمها وأخذت تردد :

وخلاص يارب انا راجع ليك .. ندمان بشدة انا بين ايديك

على كل لحظة ماكنتش ليك .. وكنت فيها عاصيك وناسيك

يارب راجع ادق الباب .. باب الرحيم باب التواب

دا لما بعدت شوفت العذاب .. خلاص يارب اشتقت اليك

تنهدت بأريحيه وهي تقول مؤكده :

- راجعالك يــــارب ومش هيهمني حــد ، مش هستني مساعده من حد لإنك معايا دايما ، حفصه كانت دايما تقولي اللي معاه ربنا مش هيحتاج مساعده من حد ، وانا معايا ربنا ومش عايزه أي حاجه من حد ، هفوق لنفسي كده وأرجع أحسن من الأول مليـــون مره وأبدأ أخد خطوه جديده في حياتي بإذن الله ، يـــــارب قدرني وقويني .

أغلقت حاسبها وذهبت لمصحفها ولكن بقلب آخر ، فهي قد سمعت إنشوده واحده فقط ولكن غيرت فيها الكثير ، أمسحت مصحفها بإشتياق ونظرت إليه فوقعت عينها علي هذه الآيه التي أراحت قلبها اكثر وأكثر :

" وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ "

أخذت تنظر للآية بسعاده وتقول :

- فهمت الرسالة يــــارب وهنفذها بإذن الله

_________________________

كان إسلام يتحدث مع اخته هند عندما سمع رنين هاتفه المحمول ، تركها ودخل غرفته فوجد فاروق المتصل فأجاب مسرعا :

- الـــو

- يابني أنا مش قلتلك إسمها السلام عليكم

- أيوه أيوه صح ، إستني لما أقفل وأتصل تاني بقي

- يـــابـــاي عليك مش هتبطل رخامه بقي ، السلام عليكم أولا بس

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، هاه متصل ليـه ؟

- إقفل ياض ، إنت أصلا متستحقش الأخبار الحلوه اللي أنا جايبهالك دي

- أخبار حلوه ، يـــاريت ياخويا حد لاقي

- بص عندي خبرين حلوين وواحد وحش ، تحب نبدأ بإيه ؟

- قول أي حـــاجه ، المهم تتكلم بس

تنهد فاروق بسعاده وقال :

- أولــا كده يا سيدي نهي وافقت عليـــا الحمد لله

تنهد بدلع مصطنع وقال :

- هييييح وإيه كمــان

ضحك فاروق رغما عنه وقال :

- يـــاواد بطل بقي ، ثانيا يا سيدي لقيتلك شغل

إنتفض إسلام من مكانه واتسعت عيناه وقال :

- لقيتلي أنــا ؟!! قول وربنا

- وربنا لقيت ، بص هي شركة خاصه مفتوحه من كام سنه كده ، كانوا طالبين مهندسين ومدير شركتنا قالنا لو تعرفوا حد محتاج وظيفه وكده وانا رشحتك ليهم ، إبقي تعالي بقي بكره وهات معاك اوراقك وربنا يقدم اللي فيه الخير إن شاء الله

- بجد يا فـاروق انا مش عارف أقولك إيـــه ، ربنا يبارك فيك

- يابني عيب ماتقولش كده ده انت أخـــويا

- طيب وإيه الخبر الوحش بقي ؟

- بص هو مدير الشركة دي صعب حبتين واللي أعرفه إن محدش بيحبه ، بص أنا مش عايز أظلمه بس ده اللي أنا سمعته عنه ، عموما روح وشوف بنفسك

- يا عم وانا مالي ومال المدير ، هو حد لاقي شغل دلوقتي ، هحضر اوراقي وأجيلك بكره بإذن الله

- تعالي علي الساعه 9 الصبح كده مــاشي ؟

- ماشي بإذن الله

- يلا إقفل بقي

تنهد إسلام بدلع مستفز وقال :

- لا إقفل إنت الأول ، هخاف أقفل علي ودنك وتوجعك وإنت عارف أنا حونين إزااي

- مـاشي يا ظريف ، مستنيك بكره بإذن الله ، يلا سلام عليكم

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

_____________________

- أمــــامـــــا أمـــــامــــــا

قالها إسلام وهو يهرول كالأطفال نحو غرفة والدته ، نظرت له بسعاده وقالت :

- مالك يا واد في إيه ؟

أخذ يقفز كالأطفال وهو يقول :

- لقيت شغل يـــاماما لقيت شغـــل

ضمته والدته بقوه وقالت :

- يا مانت كريم يــــارب ، الحمد لله يابني الف مبرووووك

ثم نظرت له بتساؤل وقالت :

- بس لقيته إمتي ده ؟ ما إنت كنت لسه قاعد من شويه ومقولتش حاجه

- لأ ماهو فاروق كلمني دلوقتي وجابلي شغل

- والله يابني فاروق صاحبك ده فيه الخيــر ومن ساعة ما عرفته وانت حالك اتصلح

أجابها مؤكدا :

- والله فعلا يا ماما ، طلع جدع وراجل بجد ، وانا اللي كنت دايما بظلمه ، يلا الحمد لله

- طيب يابني هتروح إمتي تقدم ؟

- بكره إن شاء الله

- بإذن الله هتقبل ، هما هيلاقوا زيك فين يعني ؟

- قولي يـــــارب

______________________

تقدم إسلام للوظيفه وبالفعل تم قبولة بفضل الله ، لقد كان المرتب صغير بعض الشئ ولكنه رضي به وأخذ يدعو الله أن يرزقه من حيث لا يحتسب ، وبعد هذه المناسبه السعيده قرر أيضا أن يفاتح فاروق في الموضوع الذي يفكر فيه من عدة أيام ، فقال له مبتسما :

- فاروق أنا عايز أحفظ قرآن

نظر له فاروق بدهشه ممزوجه بالسعاده وقال :

- بجد والله !

إتسعت إبتسامة إسلام وهو يومأ برأسه إيجابا ويقول :

- بجد والله نفسي أحفظ ، بس مش مجرد حفظ لأ ، أنا عايز أحفظ بالتفسير ، والتفسير عندي كمان أهم من الحفظ علشان أكون فاهم كل كلمة بقولها وأحس بيها ، ينفع تحفظني ؟

إحتضنه فاروق بسعاده وقال :

- ينفع طبعــا ، بس الأفضل إنك تروح لشيخ يحفظك ، هيكون أحسن مني يعني ، عموما أنا هظبطلك ميعاد مع الشيخ اللي كنت بحفظ عنده وأقولك ، تمــام

- تمــام جــــدا ، بس ما يكونش بيزعق ولا بيضرب هاه

- هههههه لأ متقلقش ده كويس اوووي والله

________________

بدأت سلمي تعود لطبيعتها مرة آخري ، طبيعتها القويه العنيده المُصره علي التغيير ، طبيعتها التي رفضت أن تعيش بلا هدف كباقي البشر ، طبيعتها التي جعلتها علي إستعداد لفعل أي شئ حتي تتقرب من الله عزوجل .

____________

بعد مرور شهر تقريبا كان إسلام واقفا في الشرفه ينظر إلي الشارع عندما رأي سلمي تعبر هي ووالدتها من أمام منزله ، وجد نفسه بكل براءة يشير إليها ويقول :

- إيه ده سلمي صاحبة هند أهي

ولكنه سرعان ما أشاح بوجهه جانبا وقال بصرامه :

- إيــه ياعم ما تغض بصرك ، وبعدين إيه حركات الأطفال دي !!

أحس بشئ غريب بداخله وخطرت في باله فكره فهبط من منزله وذهب لأقرب مكان يباع فيه ورد وإشتري خمس وردات صغيرات باللون الاحمر والوردي وعاد بهما إلي المنزل ، طرق باب غرفة هند ودخل والإبتسامة تعلو وجهه وقال :

- هند جبتلك ورته

قفزت من مكانها وأمسكت بالوردات بسعاده كالأطفال وأخذت تشتم رائحتهن بكل شوق ومن ثم إنتبهت له وهو واقف ينظر لها فقالت متعجبه :

- ربنا يخليك يا إسلام ، بس إشمعني يعني ؟!!

تنهد بخبث وقال :

- إيــه يعني حرام أدلع اختي الصغيره شويه ، قلت أجيبلك ورد ونقعد نتعرف علي بعض بقي وكده

رفعت حاجبها قائله :

- هنستعبط يا إسلام ؟!! نتعرف إزاي يعني مانت عارف عني كل حاجه

جلس علي الفراش ووضع ساقا فوق الآخري وقال بثقه :

- لأ طبعا أكيد مش عارف عنك كل حاجه ، إحكيلي عن نفسك لاني حاسس اني بقالي كتير متكلمتش معاكي

جلست بجوارة وقد فرحت بهذا الإهتمام وإخذت تحدثه عن نفسها لفترة طويله حتي إنتهت فقال :

- طيب وعندك إصحاب بقي ؟

- أكيد عندي

نظر لما بمكر وقال :

- طيب إحكيلي عنهم

نظرت له نظرة غاضبه وقالت :

- إحكيلك عنهم ليه ؟ وإنت مالك بيهم أصلا !!

ضحك ببراءه وقال :

- يا بنتي مش لازم اتطمن علي اختي مصاحبه مين وبتتكلم مع مين وكده ؟

أومأت براسها موافقه وأخذت تحدثه عن سلمي أولا ، حدثته عن أخلاقها وتفكيرها ، عن التغيير المفاجئ الذي حدث بشخصيتها وإقترابها من الله عزوجل وتغيير خطة مستقبلها بالكامل ، عن حبها لهما وحنانها عليهما ، عن إصرارها وعدم يأسها ، عن كل شئ جميل تشعر به تجاه سلمي

أخذ إسلام يستمع إلي الكلمات وهو في غاية السعاده ، لا يعرف لماذا شعر بالسعاده وقتها وهو يسمع عنها ولا يعلم أيضا لماذا الآن فقط فكر في السؤال عنها ، كل ما كان يدور بداخله وقتها انه يريد معرفة كــل شئ عنها وفقــط ، إنتهت هند من كلامها عن سلمي وبدأت في التحدث عن فاطمه ، لم يرد سماع شئ آخر بعد ما سمعه عن سلمي ، حاول الخروج من الموقف بطريقه مرحه وقال :

- إيــــه يا ست إنتي رغايه كده ليه ؟

نظرت له بتعجب وقالت :

- يابني مش إنت اللي قلت عاوز تعرف عني أكتر ؟!!

إبتسم ببراءة وقال :

- مــاشي منا عرفت عنك خلاص ، بس مليش دعوه بصحباتك أنا

وافقته الرأي وقالت :

- صح عندك حق

نهض من مكانه متجها لغرفته وهو يقول بمرح :

- إبقي إدفعي تمن الورد ده بقي هـــاه

أطلقت ضحكة عاليه وتبعتها بنظره ساخره وقالت :

- خد الباب في إيدك يا إسلام ، ربنا يهديك يابني

__________________

وقف امام شرفة غرفته وأخد ينظر إلي السماء ويقول :

- يــاربي هو في بنات كده ؟!! طيب وهو أنا معقوله أستاهل واحده زي دي بعد كل المصايب اللي عملتها في حياتي دي ؟

نظر للجانب الآخر وقال هامسا :

- بس أنا توبت والله ، وبإذن الله يــاربي تكون سامحتني وغفرتلي ذنوبي ، هو معقوله لو انا اتقدمتلها ممكن توافق ؟

عـاد بنظره إلي الشرفه وقال :

- طيب هو أنا ليه أصلا دلوقتي بالذات بفكر فيها ؟ ماهي جارتي من زمان ومكنش بيهمني أعرف عنها حاجه قبل كده ، معقوله يكون كلام فاروق عن الحلال والقرب من ربنا أثر فيا وخلاني أنا كمان أفكر زيه ؟ معقوله تكون دي البنت اللي ربنا كاتبهالي علشان يعوضني عن كل مره حزنت وتعبت فيها ؟ معقوله يـــارب تكوني بتحبني وسامحتني ؟

- طيب وليه لأ ؟ مش دايما محمد الله يرحمه كان بيقولي ان ربنا أحن علينا من أي حد ؟ ودايما كان بيقولي محدش هيحس بيك غير ربنا ، يا حبيبي يا محمد كان نفسي اوووي تكون موجود جنبي دلوقتي وتشوفني وانا كده ، يــــارب لو هي من نصيبي قربني ليها وسهلي الامور في الحلال ، ولو مش ليا نصيب فيها ارزقها بالزوج الصالح اللي يسعدها ويحقق لها ما تتمني .

بس انا برضو مش هسكت ، هحــاول .. هنخسر إيه يعني ؟!!

عاد إلي غرفة اخته وطرقها ودخل مسرعا وقال بسرعه البرق :

- هنــد أنا عايز أتجوز سلمي

لــ #رقيه_طه

الحلقه التاسعة عشر :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عاد إلي غرفة اخته وطرقها ودخل مسرعا وقال بسرعه البرق :

- هنــد أنا عايز أتجوز سلمي

رفعت حاجبها وقالت متعجبه :

- نعم ياخويا !!

تنحنح بحرج وقال مؤكدا :

- والله بتكلم بجد ، أنا عاوز أتقدملها

نظرت له بعدم إهتمام وقالت :

- روح نام يا إسلام علشان عندك شغل الصبح ، إنت شكلك نعست وخرفت !!

قفز من مكانه وجلس متربعا في وسط فراشها وقال :

- مش هنـــام ، ومش ماشي من هنا غير لما تقوليلي أتقدملها إزاي

صرخت به قائله :

- يا إسلام إنت مجنون ؟!!

أطلق ضحكات عاليه متواصله وقال :

- اه اه مجنون ، وبرضو هتجوزها مليش دعوة ، لو ربنا أذن يعني

مطت شفتاها للأمام وقالت بغضب :

- يا إسلام إحنا هنستعبط !! يعني علشان قولتلك عليها كلمتين تقوم تقولي عايز أتجوزها ؟!! طب لو كنت كلمتك عن فاطمه كمان كنت هتروح تتقدملها هي التانيه !!

أخذ يحرك رأسه يمينا ويسارا وهو يقول بصوت طفولي :

- تؤ تؤ سلمي بس

تنهدت بغضب وقالت هامسه :

- لا حول ولا قوة إلا بالله ، ربنا يهديك بابني

قفز من علي الفراش ووقف أمامها مباشرة وقال مؤكدا :

- يا هند والله بتكلم جد ، أنا فعلا عاوز أتقدملها وإنتي لازم تساعديني

عقدت ذراعيها امام صدرها وقالت بإستنكار :

- طيب وإنت لحقت تعرفها بقي علشان تتقدملها ؟!!

نظر لها بثقه وقال :

- لأ ما أنا هعرفها في بيت أهلها ، كل اللي أعرفه عنها دلوقتي سمعتها الحلوه وأنا بصراحه يشرفني تكون مراتي بنت زي دي ، كمان كلامك عنها دايما كان بيبين أد إيه هي بنت محترمه فعلا وقليل اللي زيها اليومين دول ، يمكن زمان مكنتش بهتم أوي بكلامك عنها بس دلوقتي بتكلم بجد والله

أخذت تحك ذقنها عدة مرات وهي تفكر ثم نظرت له بجديه وقالت :

- يعني أكيد أكيد عاوز تتقدملها ؟

- وربنا اه

تنهدت قائله بقلق :

- بس اللي أعرفه إن هي مش هتوافق تتخطب قبل ما تتخرج ، هي كانت دايما بتقول كده ، كمان باباها شديد شوية فمش عارفه هيوافق علي إمكانياتك ولا لأ

نظر لها بتوتر وقال :

- هو عايز يجوزها لواحد غني يعني ؟

- بص مش عارفه بالظبط ، لكن برضو ممكن أجس نبضها كده وأقولك

نظر لها بسعاده وحب وقال :

- يعني هتساعديني بجد ؟

قالت بإبتسامه :

- هساعدك علشان أخلص منك بس

- طيب بصي اوعي تقوليلها حاجه عليا هاه ، إنتي بس شوفي الأول هتوافق علي المبدأ ولا لأ ، يعني هترضي تتجوز واحد ظروفه زيي كده ؟ كمان إيه مواصفات الولد اللي عايزه تتجوزه ، كمان قوليلها لو جالك واحد مواصفاته كذا وكذا هتوافقي ولا لأ ، كده يعني اكيد إنتي فاهمه أكتر مني في الحاجات دي .

- مـــاشي أمري لله ، وانا أقول برضو الواد جايبلي ورد وعاملي فيها عم الرومانسي ، أتاريها طلعت رشوة

- هع هع فاهماني إنتي دايما أهنود

______________

- سرحانه في إيه يا لوءه

قالتها سلمي عندما دخلت غرفتها لكي تحضر بعض الأشياء ولكن ولاء لم تلحظها ، إنتبهت ولاء وقالت :

- هاه

- بقولك سرحانه في إيه يا بنتي ؟

أسندت وجهها علي كفتها وقالت بحزن :

- إفتكرت العريس التحفه اللي إنتي رفضتيه ده ، بجد لو كان جالي أنا كنت وافقت فـــورا !

أخذت سلمي تضحك بشده وتقول :

- إنتي لسه فاكراه ؟ ده من أكتر من شهر يا بنتي ، والله ده أنا بحمد ربنا إن هو كمان رفضني علشان مكونش ظلمته معايا

قالت ولاء بإستنكار :

- والله إنتي عبيطه ، وده هتلاقي زيه فين بقي إن شاء الله

نظرت لها بثقه وقالت :

- هيجيلي أحسن منه

مطت شفتاها للأمام وقالت بإستنكار :

- ليه بقي إن شاء الله تكونيش الوزيرة وأنا معرفش ؟!! ولا بتعرفي في علم الغيب !!

جلست علي حافه الفراش ونظرت لها بجديه وقالت :

- لأ مش كده ، لكن علشان أنا عندي ثقه في ربنا إنه مش هيخذلني ، ربنا عالم باللي جوايا وإني بجد مش عايزه حاجه من الدنيا غير واحد يكون كل هدفه الجنه ويشدني معاه ويساعدني علي تربية أولادنا علي القرآن والسنه .

عارفه إني أقل بكتير من إني أستاهل واحد زي ده ، بس برضو ثقتي في ربنا أكبر من كده ، وكمان اللي بيدعي بيقين بإذن الله ربنا هيستجيب دعائه لان الرسول صلي الله عليه وسلم قال : "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافل لاه". رواه الترمذي ، وكمان ربنا قال في الحديث القدسي " أنا عند ظنِّ عبدي بي "

علشان كده يا ستي أنا متأكده إن ربنا هيرزقني بالإنسان اللي أنا بتمناه ، ماهو مش معقول هيكون كل هدفي أعيش حياتي صح وأرضي ربنا وربنا هيخذلني ومش هيساعدني ، مستحيــل يا بنتي لأن ربنا كريم وأنا واثقه في كرمه .

__________________

- يلا إتصلي إتصلي خليكي جدعه يلا يلا يلا يلا

قالها إسلام وهو يقفز في مكانه كالأطفال ويطلب من هند بإلحاح أن تتصل علي سلمي لتخبرها برغبتها في الذهاب إليها لكي يتحقق حلمه ويعرف رأيها في الأمر وذلك بعد موافقة والدته أيضا وترحيبها بالموضوع ، إستجابت هند لكلامه وإتصلت بسلمي وهو ينظر لها بترقب وقالت :

- الو سلمي ازيك

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ياختي ، الحمد لله تمام جدااا إنتي عامله إيه يا هنود ؟

- كويسه الحمد لله ، بقولك إنتي فاضيه النهارده ؟

- اه فاضيه هروح فين يعني !! إشمعزه ؟

- كنت عاوزه أجيلك أشوفك ينفع ؟

- يـــاسلام إيه الرضي ده كله ، يلا شدي العباية بسرعه وتعالي هستناكي

- مــاشي 10 دقايق وأبقي عندك بإذن الله

أغلقت هند الهاتف وغمزت لإسلام بسعاده فقال لها :

- هند اوعي تجيبي سيرتي في الموضوع هاه

- ما تقلقش يا باشا عيب عليك

- طيب يلا روحي بسرعه بقي وإسأليها كل الأسئله اللي اتفقنا عليها ماشي ؟

أومأت برأسها إيجابا وهي مبتسمه وتركته وذهبت لغرفتها لترتدي ثيابها وتذهب بينما إتصل هو علي فاروق ليعرف ما إذا كان يستطيع مقابلته الآن ام لا ، أجاب فاروق بالموافقه فهبط إسلام الدرج بسرعه وإستلقي اول سيارة أمامه وذهب إلي منزل فاروق ، حضر إليه فاروق فقال إسلام بسعاده :

- فـــــــــــــــــــــــارووووووووووووق

رفع حاجبه وقال متعجبا :

- إيه يابني بتصوت ليه منا قدامك أهو !!

تنهد إسلام بأريحيه وقال :

- أنا عايز أبقي زيك يا فاروق

تعجب أكثر وقال :

- زيي أنا ؟!! يعني إيه ؟

إبتسم بسعاده وقال :

- بص أنا نفسي أبقي كويس زيك كده وقريب من ربنا ومعملش ذنوب خالص

قطب حاجبيه وقال بدهشه :

- ومين قالك بقي إني مش بعمل ذنوب خالص ؟

ضحك بملل مصطنع ونظر لفاروق مبتسما وقال :

- يابني مش قصدي ، قصدي يعني إني عايز أكون كويس وخلاص

عقد ذراعيه أمام صدره وإبتسم لإسلام وقال بسعاده :

- مـاشي يا سيدي مبدأيا كده لازم يكون قدوتك سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وبس ، ما تبصش لأي إنسان وتقول أنا عايز أبقي زيه لأن كلنا مليانيين ذنوب ربنا يرحمنا ، كمان بقي في حاجه مهمه جـــدا وهي إنك تستشعر مراقبة الله ليك

نظر له متعجبا وقال :

- يعني إيه ؟

- يعني وإنت بتعمل أي حــاجه في حياتك تبقي حاطط في دماغك إن ربنا دلوقتي شايفك ، وتقعد تسأل نفسك يا تري ربنا دلوقتي راضي عني ولا لأ ؟ يا تري أنا دلوقتي باخد حسنات ولا سيئات ؟ لو عرفت تحس بكده فعلا يبقي إنت هتبقي كويس زي ما بتتمني

- طيب أعمل إيه تاني علشان أبقي قريب من ربنا ؟ أنا الحمد لله واظبت علي الصلاة في الجامع وبدأت أحفظ قرآن أهو وكمان قرأت سيرة سيدنا محمد وباقي الأنبياء ، وحاليا بقرأ في سيرة الصحابه ، أعمل إيه تاني بقي ؟

- في حاجات كتير اووي ممكن تعملها ، لو عبادات مثلا ممكن تعمل لنفسك جدول صغير كده وتحط فيه الحاجات اللي هتقدر تواظب عليها يوميا زي مثلا أذكار الصباح والمساء ، عدد معين من التسبيح والصلاة علي النبي والإستغفار ، صلاة السنن وصلاة الضحي ، قراءة سورة الملك قبل النوم ، ورد قرآن مثلا وورد تفسير يومي ، قيام الليل حتي لو ركعتين مع الوتر ، كده يعني

أما بالنسبه للمعاملات فحاول دايما تخليك قدوة بأخلاقك ، عامل كل الناس كويس وإبتسم في وشهم وحببهم في الملتزمين ، وطبعا طبعا بر الوالدين مفيهاش كلام دي ، وخد بالك من أختك اووي لأنها مسئولة منك ، إستئذن دايما من شغلك وروح صلي ومع الوقت هتلاقي صحابك عملوا زيك ، غض بصرك طبعا وحافظ علي بنات الناس من نفسك ، حاول دايما لو جه سؤال في بالك إبحث عنه وإقرأ فيه وزود معلوماتك ، إتفرج علي برامج دينيه بقدر الإمكان وخلي معاك دايما ورقة وقلم وسجل الحاجات المهمه اللي الشيخ بيقولها وإبدأ في التنفيذ ، امممم ده اللي في بالي حاليا

قال إسلام بمرح :

- معلش يا فاروق قولهم تاني بقي علشان أكتبهم في ورقه

وكزة في يده بشده وهو يقول بضيق مصطنع :

- إمشي يا إسلـــام من قدامــــــي

ضحك إسلام بصوت مرتفع وقال :

- خلاص خلاص والله فهمتهم وبإذن الله هبدأ في التنفيذ ، لــازم أكون من عمار الأرض ولازم أكون مسلم بجد

- ربنا يثبتك ويقربك منه أكتر

ثم نظر له بتمعن وقال :

- بس قولي إيه سبب القرار المفاجئ ده بقي ؟ يعني إيه اللي فكرك بيا دلوقتي وجاي فجأة تقولي عايز أبقي زيك يا فاروق ؟!!

أغمض عينيه للحظات ثم نظر له بسعاده وقال :

- علشان قررت اتدوز

ضحك فاروق بمرح وقال :

- تتدوز ! وماله يا خويا مش عيب ، بس برضو مفهمتش إيه علاقة القرار ده بالجواز

تنهد إسلام قائلا بأمل :

- مفيش يا سيدي شوفت النهارده بنت ماشيه تحت البلكونه بتاعتنا مع مامتها وفجأة كده لقيتني بسأل عليها وعاوز أعرف عنها كل حاجه وفجأة كده برضو حبيت شخصيتها أوي ونفس ذات الفجأة لقيت نفسي عاوز أبقي أفضل علشان أستاهلها بجد وأتقدملها بقي ، عارف إني مجنون بس هو ده اللي حصل والله

أطلق فاروق ضحكات عاليه متواصله وقال :

- طب كل ده جميل بس إيه حكاية إنك شوفتها تحت البلكونه دي بقي ؟ يعني لقيت بنت ماشيه في حالها كده قلت تتجوزها ؟!! وكمان فين غض البصر يا استاذ !

شهق إسلام بخوف مصطنع وقال مازحا :

- لالالا اوعي تفهمني صح ، البنت دي أصلا جارتنا وصاحبة هند اختي وانا عارفها من زمان ، كمان والله غضيت بصري ، انا لمحتها بس

ضغط علي يده بقوه وقال بسعاده :

- ربنا يوفقك يا إسلام ويجعلها من نصيبك لو فيها الخير ليك

ثم انتبه قائلا :

- بs خد بالك من حاجه ، إنت هتبقي كويس علشان ترضي ربنا وتبقي مسلم صح مش علشان هي توافق عليك ، فاهم الفرق يا إسلام ؟

أومأ برأسه إيجابا وقال :

- ماتقلقش يا فاروق ، أنا بدأت في الطريق ده ومش هسيبه لأي سبب من الأسباب بإذن الله ، كل الحكاية إني حسيت انها إنسانه بجد تستاهل كل خير فعلشان كده مش عايز أظلمها معايا وبإذن الله لو ليا نصيب فيها هكون فعلا الزوج اللي هي بتتمناه ، ولو مش ليا نصيب فيها برضو هفضل مكمل في طريقي إن شاء الله

- أيــون تمام كده ، ربنا يفعلك الخيــــر

كاد إسلام أن يذهب ولكنه تذكر موضوع غاية في الأهمية فعاد مره آخري وقال بتوتر :

- فاروق صحيح عاوز أسألك في حاجه

- إسأل

صمت للحظات محاولا تجميع كلماته وقال :

- فاكر لما قولتلك إن في واحد أعرفه كان يعرف بنت من علي النت وكانوا بيحبوا بعض وكده

إبتسم فاروق بمكر وقال :

- يــــــاه ده من حوالي سنه ونص او سنتين يابني ، بس اه فاكر ماله ؟

أخذ يفرك يده اليمني باليسري بتوتر وقال :

- هو من ساعتها ندم جــدا علي اللي عمله وسابها وتاب الحمد لله ، دلوقتي بقي لو حب يتقدم لواحده وسألته عن ماضيه وكده ،هل المفروض يقولها إنه كان يعرف واحده زمان ولا يكدب عليها ؟

أجاب فاروق بثقه :

- لأ طبعا ميقولش

تعجب إسلام وقال :

- طيب مش هو كده يكون بيخدعها ؟

تبسم فاروق وقال بحنان :

- لأ يا سيدي مش بيخدعها لأن هو تاب بجد وربنا ستر عليه فمينفعش يروح هو بقي يفضح نفسه ويجاهر بالمعصيه دي ، واجب علي أي حد فينا يا إسلام إنه يستر علي نفسه وميعرفش حد بالمعاصي اللي هو بيعملها ويتوب لربنا من سكات

- متأكد يا فاروق ؟

أومأ برأسه إيجابا وقال مؤكدا :

- متأكد والله يابني ، ولو مش مصدق روح بنفسك وإبحث عن فتاوي عن الموضوع ده هتلاقي كلامي صح ، أنا قريت في الموضوع ده كتير متقلقش

تنهد تنهيده قويه أخرجت كل ما كان يحمله من خوف وقال بفرحه :

- ربنا يريح قلبك يا فاروق

نظر له فاروق بخبث وقال :

- يـــاه هو صاحبك ده عزيز عليك أوي كده ؟ والله فيك الخير يا إسلام

انتبه إسلام فجأة ولم يستطع تجميع كلماته فقال بصوت متردد :

- هاه ؟ اه طبعا طبعا

بعد قليل إستئذن منه إسلام وغادر المكان ، شعر بأن قلبه يطير في الهواء ، فأخيرا قد شعر بالراحه من هذا الموضوع الذي آلمه كثيرا وكان يشعره دوما بالذنب ، كان يعرف انه لن يستطيع الكذب علي خطيبته في يوم من الأيام لأن إسلام والكذب أعداء ولكنه أيضا كان دائما يخاف من رد فعلها حتي بعد علمها بأنه تاب إلي الله وندم علي كل شئ ، لكن الآن وبعد أن أصبح لدية رخصه شرعيه أحس بالراحه أخيرا وأن هذه الصفحه من حياته قد تم غلقها نهــــائيــــا ، عاد إلي المنزل فوجد هند لم تأتي بعد فجلس في إنتظارها وهو مابين الخوف والفرح والضحك والحزن والجنون والملل ، لم يعرف كيف مر الوقت ولكنه لم يشعر بنفسه إلا عندما إنتفض من مكانه علي صوت مفتاح الباب وهو يتحرك في مكانه ، دخلت هند وأغلقت الباب خلفها فوجدته أمامها ينظر إليها بلهفه ويقول :

- هاه قوليلي بسرعه عملتي إيه ؟

كانت تتنفس بصعوبه فحاولت الراحه قليلا وقالت بضجر :

- طيب يابني إستني أخد نفسي حتي !

أجابها متعجبا :

- تاخدي نفسك من إيه يا هند ده إنتي يا دوب جايه من آخر الشارع!

تركته ودخلت غرفتها ، جلست علي حافة الفراش محاوله إلتقاط انفاسها ، دخل خلفها وجلس علي الفراش بجوارها وإنتظر حتي ترتاح قليلا وتبدأ في الكلام ، إلتفتت إليه بكامل جسدها ونظرت له بحزن وقالت :

- معلش يا إسلام ..

وصمتت ... نظر لها بخوف وأمسك يديها وهو يحركهما بعصبيه ويقول :

- هــــاه قولي بسرعه حصل إيه ؟

- يابني إستني عليا طيب

- يا هند إخلصي بقي وقعتي قلبي

إنتظرت قليلا حتي يتوتر أكثر وأكثر ثم قالت :

- شكلها كده والله أعلم هتوافق عليك يا إسلام ، هيص يا عم

قفز من مكانه وعاد للخلف قليلا وهو ينظر لها بتمعن ويقول :

- بجد والله ؟

أخذت تفكر للحظات وهي تنظر لتعابير وجهه وقالت :

- يعني ده اللي إستنتجته من كلامها

نظر لها محذرا وقال :

- هند اوعي تكوني قولتيلها عليا حاجه

أومأت براسها نفيا وقالت :

- يابني مجيبتش سيرتك خالص متقلقش

إقترب منها قليلا وهو ينظر لها بسعاده وقال :

- طيب قوليلي بقي اللي حصل بالتفصيل

- مفيش يا سيدي , هي قالتلي إنها كل اللي بتحلم بيه إنها تتجوز راجل بجد يشيل مسئوليتها ومسئولية ولادها ، حد يكون عايش بس علشان يرضي ربنا وياخد بإيديها للجنه ، يكون قدوة ليها ولغيره ويعلمها دينها ويحفظها قرآن ، نفسها يشجعوا بعض دايما علي التقرب من الله عزوجل أكتر ويكون هو ده هدفهم في الحياة أصلا ، مش مهم عندها إنه يكون عنده فلوس أو شقه ملك أو كلية قمه او كده ، يعني قالت أي كلية مش هتفرق واي وظيفه المهم يكون عنده مرتب يعرف يعيشهم حتي لو صغير هي ممكن تستحمل عادي ، طبعا يكون بيحبها اووي وبيحب روحها أكتر من شكلها ومش بيبص لواحده غيرها أبـدا وراضي بيها وبيناقشها لو في حاجه مضايقاه منها ، بإختصار يا إسلام عاوزاه مسلم بجد ، هو ده شرطها الأساسي

أخذ إسلام يستمع إلي كلمات اخته وهو في غاية السعاده ومع كل كلمة يزداد إحترامه لسلمي أكثر وأكثر ، شجعته هذه الكلمات علي ان يكون الرجل الذي تتمناه سلمي بحق ، أخذ قراره بأن يعدل من حاله قليلا ومن ثم يتقدم لها وينتظر من الله الخيـــر ، إنتبه علي صوت هند وهي تنادي عليه قائله :

- إيـــه ياعم روحت فين ؟

- هاه ؟ معاكي اهو

- طيب هتتقدملها ولا إيه ؟

- اه بإذن الله ، بس في حاجات كده هظبطها في نفسي الأول وبعدين أروحلها

تذكرت هند شيئا هاما فقالت بحرج :

- صحيح في حاجه مهمه لازم تعرفها

نظر لها بتوتر وقال :

- خيـــر ؟

- هي قالتلي إنها مش بتفكر في موضوع الجواز ده دلوقتي خالص ، لما تتخرج الاول

نظر لها بحزن وقال :

- الكلام ده أكيد يعني ولا إيه ؟ يعني خلاص كده مفيش أمل السنادي ؟

نظرت له بإستفزاز وقالت :

- أمل ماتت منتحره هيهيهيهيي

وكزها في ذراعها بقوه وقال بغضب :

- مش وقت إستظراف دلوقتي يا هند والله

أطلقت هند ضحكات عاليه أغضبته أكثر ثم هدأت قليلا وقالت :

- بس علي فكره في حل

إنتفض من مكانه وقال بلهفه :

- إيــــه قولي

- كان في عريس متقدملها من فترة كده وباباها ضغط عليها وخلاها شافته ، متهيألي المبدأ متاح يعني حتي لو بنسبه 5 %

ثم أجابت بثقه :

- يعني لو أنا قولتلها إن في شخص كويس ومواصفاته اللي هي بتحبها ممكن توافق تشوفه

إرتمي علي الفراش براحه وقال :

- أيــــوه كده ريحتيني ، بإذن الله هحاول اتقدملها قريب جدااااا

نظرت له هند وقالت بسرعه هائله :

- طيب وقريب ليـــه ؟

ثم أمسكت بهاتفها بسرعه أكبر وضغطت علي الازرار وفي خلال لحظات وجدها تقول :

- سلمي إسلام اخويا عاوز يتقدملك !

لــ #رقيه_طه

الحلقه العشرون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أمسكت هند بهاتفها بسرعه وضغطت علي الازرار وفي خلال لحظات وجدها تقول :

- سلمي إسلام اخويا عاوز يتقدملك !

نظر لها بذهول , إتسعت عيناه وضغط علي أسنانه بشده حتي كاد أن يحطمها وأمسكها من يدها بعصبيه وقال بصوت خفيض حتي لا تسمعه سلمي :

- يا بت إنتي مجنونه !! إقفلي بسرعه ولا إعملي أي حاجه

إرتفع صوتها أكثر وهي تقول :

- أيــوه والله يا بنتي إسلام أخويا شافك وعاوز يتقدملك

ضغط علي يدها أكثر حتي كاد أن يعتصرها ونظر لها والشرر يتطاير من عينيه ، أبعدت الهاتف عنها قليلا وقالت هامسه :

- في حاجات ماينفعش فيها غير الجنان ، تلميذتك بقي يا أستاذ

نظر لها نظرة أخافتها وقال بغضب :

- إتصرفي بسرعه يــا هند وإلا ..

قاطعته قائله بهمس :

- يا واد إصبر بس

إنتشل الهاتف من يدها بسرعه وهم أن يغلقه لولا ما رآه ، نظر لها بحده وقال :

- يعني إيه ده بقي إن شاء الله ؟!!

أخذت الهاتف من يده ونظرت له ببراءة وقالت :

- تصدق لسه مدوستش علي زرار الإتصال هيهيهيهيهيهي

أرتمي علي الفراش بقوه وزفر غاضبا :

- إنتي غبية صح ؟!!

جلست بجواره وربتت علي كتفه بإستفزاز وقالت :

- بنتعلم منك يا باشا

أخذ يحول نظرة ما بين النافذه وبينها فإنتبهت لذلك وسألته عن السبب فأجاب :

- كان زماننا دلوقتي سامعين ناس عماله تصوت تحت !

نظرت لها متعجبه وقالت :

- إشمعني ؟!!

رفع حاجبه وقال بمكر :

- علشان كان هيبقي في جثه مرميه تحت الشباك دلوقتي ، بس الحمد لله لحقت نفسها

عادت للخلف قليلا ونظرت له بخوف مصطنع وقالت :

- يعني رخم ومجنون وكمان قتال قتله ؟!!

ثم أردفت قائله بمرح :

- الله يعينك يا سلمي يا بنتي

إتسعت إبتسامته وهو يقول :

- الله يعينها فعلا !

____________________

كانت سلمي تشاهد أحد البرامج الدينيه لداعية شاب عندما أتتها ولاء ونظرت لها بتعجب وقالت :

- إيه يا بنتي اللي إنت عاملاه ده ؟!!

أجابتها بكل براءه :

- بغض بصري !

مطت شفتاها للأمام وقالت بإستنكار :

- يعني حطالي ورقة بتاع لوحه ورسمالي عليها ولد كرتون ضحكته لحد ودانه ولزقاها علي وش الراجل وتقوليلي بغض بصري ؟!! ده اللي هو إزاي يعني ؟!!

إرتفعت ضحكات سلمي وهي تنظر لولاء بتعبيرات وجهها الغاضبه وحركات يدها السريعه وقالت :

- عادي يا ولاء أهو تغيير ، بدل ما أنا علطول بتفرج علي الديكور أو علي التيشرتات بتاعتهم

زفرت بضيق وقالت :

- ويعني فيها إيه لما تبصي للراجل وهو بيتكلم ؟ هو هياكلك ؟!!

إلتفت لها بكامل جسدها وقالت بجديه :

- لا يا ولاء مش هياكلني ، بس غض البصر فرض علينا لان ربنا سبحانه وتعالي قال " وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ " وإنتي عارفه إني من النوع اللي مش بعرف أركز غير لو بصيت في وش اللي بيتكلم علشان كده بحاول أعمل أي حاجه تساعدني علي غض البصر ، وبإذن الله مع الوقت أتعود علي التركيز وأنا باصه في الأرض ، إدعيلي إنتي بس

قالت ولاء بتعجب :

- طيب بس ده شيخ يعني مفيهاش حاجه !!

تبسمت قائله بهدوء :

- يعني يا ولاء هو الشيخ ده مش راجل ؟!! أي راجل مهما كانت وظيفته أو درجه قربه من ربنا لازم نغض بصرنا عنه ، وحتي روحي إسألي بنفسك البنات عن رأيهم في الدعاه وخصوصا الدعاه الشباب هتلاقيهم عمالين يقولولك فظـيع وهييييح ووسيم ومعرفش إيه !! رغم إنه شيخ أهو لكن برضو في الأول وفي الآخر هو راجل وماينفعش نفضل نبص عليه كده

- ماشي يا سلمي براحتك ، بس إنتي كده مش بتزهقي يعني ؟

أومأت برأسها نفيا وقالت :

- لأ بالعكس والله ده أنا بكون مرتاحه جـــدا ، وكمان لما أكون مش ببص علي شباب خالص أكيـد ربنا هيجازيني خيـر ويحلي في عيني زوجي المستقبلي حتي لو هو شكله عـــادي ، أختط واثقه في كرمه بقي

تركتها ولاء وغادرت بينما دفنت هي رأسها بين كفيها وأخذت تدعو الله قائله :

- يــــارب إحفظني وإرضي عني وقربني منك أكتر ، يــارب قويني وساعدني علي غض البصر وإحفظلي قلبي وإبعد عني أي فتنه ، يـــارب جنبني الفتن ماظهر منها وما بطن ، يــــارب عوضني عن كل لحظه حزن عيشتها وإرضي عني وإرزقني باللي يساعدني وياخد بإيدي للجنه .

___________________

وبعد ثلاث أسابيع طرقت هند باب غرفة أخيها ودخلت وقالت بحيره :

- يا إسلام إنت مش هتروح تتقدم لسلمي بقي ولا إيه ؟ يابني ده الدراسه خلاص قربت جـدا ، يأما تروح اليومين دول يأما بقي تستني لما نتخرج ونكون فاضيين

نهض من علي الفراش بتثاقل وقال بحيره أكبر :

- والله يا هند كنت لسه بفكر في الموضوع ده دلوقتي

نظرت له بتعجب وقالت :

- طيب ومستني إيه ؟

تنهد بتوتر وقال :

- هروح أقولهم إيه يا هند ولا اتقدم بإيه ؟ إنتي من ساعة ما قولتيلي إن باباها عاوز يجوزها لواحد معاه فلوس وأنا قلقان ، وزي ما إنتي عارفه الفلوس اللي بابا الله يرحمه سايبهالي مش هتكفي جهازي كله والمرتب بتاعي برضو صغير ومش هيعمل حاجه

- طيب يا إسلام ما تروح وتشوف واللي فيه الخير يقدمه ربنا

صمت قليلا ثم نظر لها بتساؤل وقال :

- تفتكري ممكن باباها يوافق عليا ويخفف عني طلباته شويه ؟ وهل هي اصلا هتوافق تتنازل عن شبكه كبيره وفرح مش عارف فين والكلام ده ؟

ربتت علي كتفه مطمئنة إياه وقالت :

- لو علي سلمي متقلقش هي مش بتفكر في الحاجات دي خالص وأكيد هتوافق عليك لو لقت إنك فعلا الشاب اللي هي بتتمناه

ثم نظرت له بحيره وقالت :

- أما بقي باباها فبصراحه معرفش ، بس إحساسي بيقولي إنه هيعصرك

ضربها علي ذراعها بخفه وقال :

- لأ أنا كده إتطمنت بصراحه ، مش عارف من غيرك كنت هعمل إيه بس ؟

قالت بلهفه :

- هاه أروح أفاتحها في الموضوع بقي ولا إيه ؟

أومأ برأسه نفيا وقال :

- لأ إستني شويه هفكر تاني وأخد رأي واحد صاحبي في الموضوع وأشوف

غادرت الغرفه وإستلقي هو علي الفراش وأخذ يفكر في الآمر مرة آخري

_______________

في المساء إتصل إسلام بفاروق ليقابله ويأخذ رأيه في الأمر وذلك لأنه دائما يحب سماع أراء فاروق ويثق بها ، تقابلا وصافحه فاروق وسأله عن أحواله فقال :

- الحمد لله أديني مطحون أهو في الشركه دي ربنا يقدرني ، بس إنت عارف ؟ رغم إني كتير جـــدا بحس إن أنا الوحيد اللي براعي ربنا في شغلي والباقي نايميين ومقضينها أكل وهزار وشاي ومعرفش إيه ، لكن برضو ببقي مرتــاح جـــدا لما باخد المرتب وبحس إن هو حلال وإني أستحقه فعلا

نظر له فاروق نظرة إعجاب ثم تنهد بحسره وقال :

- هو ده الحال في معظم الوظايف للأسف ، المهم بس الواحد يراعي ربنا في شغله وميبصش للتاني ويقول إشمعني لأن كل واحد فينا يوم القيامه هيتحاسب علي نفسه وبس

أومأ برأسه مؤيدا ثم تذكر فجأة موقف ما جعله يقفز في سعاده كالأطفال وقال :

- عارف يا فاروق ؟ حصلت حاجه تحفه أوووي في شغلي الإسبوع ده

نظر له فاروق بلهفه وقال :

- خيــــر ؟

تنهد بأريحيه وقال :

- فاكر لما قولتي أبقي أسيب الشغل وقت الصلاة وأروح أصلي وأرجع ؟ رغم إن سعات المدير كان بيضايقني ومش بيوافق إلا إني برضو كنت بصر علي رأيي وأروح ، الإسبوع ده بقي لقيت اتنين صحابي في الشغل بقوا ييجوا يصلوا معايا وبيقولولي إنهم كان نفسهم يعملوا كده من زمان مع المدير بس مكانوش بيقدروا

أمسك فاروق كفه وربت عليه بخفه وقال :

- والله أنا فخور بيك يا إسلام فوق ما تتخيل

إستمع إسلام إلي هذه الكلمات وهو في سعاده بالغه وقال مازحا :

- عارف بيقولولي إيه كمان ؟ بيقولولي إنت ناقصلك لحيه وتبقي شيخ علي حق ، رغم إني مبعملش حاجه غير إني بعاملهم بما يرضي الله وبصلي وبتقي ربنا في شغلي ، سبحان الله ميعرفوش أنا كنت إيه في الأول ، اللهم لك الحمد .

نظر له فاروق بدهشه وقال :

- تصدق بالله ؟ أنا كنت لسه بفكر في موضوع اللحيه ده ، من زمان اوووي وأنا نفسي أعفي لحيتي بس مش عارف إيه اللي كان مأخرني لكن من يومين كده كلمت نهي وإتفقنا إننا نقرأ أكتر عن اللحيه والنقاب وبعدين نقرر ، بس كلامك ده حمسني ، بشرة خير إن شاء الله

تبسم له إسلام وقال :

- ربنا يوفقك يـــافاروق

نظر له فاروق بحماس وقال :

- طب بقولك إيه يا إسلام ؟ ما تيجي نعفي لحيتنا إحنا الإثنين وأهو نكون بنساعد بعض علي رضا ربنا وناخد الثواب سوا

نظر لها بدهشه وقال :

- لأ يابني لحية إيه دلوقتي ، صعب اوووي وانا مش أدها أصلا

- طيب فكر تاني في الموضوع وإقرأ عنها برضو وشوف

- إن شاء الله

وفجأة تذكر إسلام الموضوع الأساسي الذي أحضر فاروق لأجله فقال :

- بقولك إيه يا فاروق ، فاكر البنت اللي قولتلك إني عاوز أتقدملها دي ، إيه رأيك أروح دلوقتي وأنا مش جاهز ولا إستني ولا أعمل إيه ؟ أنا خايف تروح مني

نظر له بترقب وقال :

- إنت مش جاهز خالص يعني ولا إيه نظامك ؟

أجابه بالنفي قائلا :

- لأ الحمد لله بابا الله يرحمه سايبلي مبلغ كويس بس مش هيكفي برضو ، وكمان سمعت إن والدها عاوز حد غني يعني فقلقت بصراحه

نظر له فاروق بحماس ممزوج بالسعاده وقال :

- أيوه يابني روح طبعــا وبإذن الله ربنا يقدم اللي فيه الخير ، يعني ممكن يوافقوا علي إمكانياتك وممكن إنت تطول الخطوبه شويه لحد ما تجهز نفسك وطبعا ساعتها مرتبك كله هيتحوش للجهاز وممكن ربنا يرزقك بمكافئة أو تثبيت أو أي حاجه تزودلك المرتب شويه متقلقش .

رجع إسلام بذاكرته قليلا ثم قفز من مكانه بسعاده وقال :

- تصدق فعلا كانوا بيقولوا إنهم كل سنه في شهر 9 بيثبتوا واحد من اللي شغالين جداد ، وده طبعا بيكون علي حسب الكفاءه والضمير وكده ، وإحساسي بيقولي إني انا اللي هتثبت علشان أنا أكتر واحد بشتغل في الموظفين الجداد ، احم احم ده بفضل ربنا طبعـــا

ربت علي كتفه عدة مرات وقال مطمئنا إياه :

- خلاص يبقي إنت تروح تتقدم فـــورا وربنا ييسرلك الأمور

ثم قال مؤكدا :

- وبعدين يا عم لو ليك نصيب فيها محدش هيقدر يمنعكم عن بعض ، كل دي حجج البشر بيعملوها لكن اللي ربنا كاتبه هيحصل مهما كان ، إتطمن بقي

إبتسم إسلام بسعاده وقال :

- تصدق والله أحسن حاجه قولتها ، هي فعلا لو من نصيبي محدش هيقدر يمنعها عني ، هروح بقي وربنا ييسر الأمور إن شاء الله ، إدعيلي هاه

- حـــاضر

____________________

عاد إسلام إلي المنزل وذهب مباشرة إلي غرفة هند وقال بحماس :

- يلا روحي قوليلها إني عاوز اتجوزها بقي

أخذت هند تضحك ضحكات متواصله أغضبته فقال :

- وهو أنا قولت حاجه تضحك للدرجادي يعني ؟!!

أشارت إلي الساعه المعلقه علي الحائط وقالت بتعجب :

- إنت شايف الساعه كام ؟

نظر للساعه وقال بعدم فهم :

- اه 10 فيها إيه يعني ؟

أخذت تضحك مرة آخري وهي تقول :

- وأنا اروح أبات عندها دلوقتي يعني ولا أعمل إيه ؟

نظر للساعه مره آخري فوجدها العاشرة مساءا بالفعل فضرب جبهته بيده وقال محرجا :

- أوبـــس ، معلش مش مركز

نظرت له بمكر وقالت :

- اللي واخد عقلك بقي

أزاحها علي الفراش وقال مازحا :

- نامي يا هند يا حبيبتي شطــوره ، وبكره إن شاء الله إبقي روحي عند طنط سلمي جارتنا !

- ماشي هعديها مزاجي ، بكره بإذن الله أروحلها ونشوف

___________________

بالفعل ذهبت هند في اليوم التالي إلي منزل سلمي ، جلست كل منهما تحدث الآخري عن الكثير من أمور الحياة ، كانت سلمي تتحدث بينما هند تفكر كيف تفاتحها في الآمر وأخيرا إستجمعت شجاعتها وقالت :

- سلمي هو إنتي ممكن تتخطبي دلوقتي ؟

نظرت لها سلمي متعجبه وقالت :

- إيه يا هند مانتي عارفه رأيي من زمان في الموضوع ده !!

تنحنحت قائله بحرج :

- طيب لو جالك واحد زي ما بتتمني بالظبط توافقي ؟

نظرت لها بتوتر وقالت :

- وده هيجيلي منين ده ؟ قولي يا هند اللي عندك علطول قلقتيني

تنهدت تنهيده قويه وحاولت ترتيب كلماتها وقالت :

- أنا جايبالك عريس وفيه تقريبا كل المواصفات اللي إنتي عاوزاها ، هينفع ييجي دلوقتي ولا المبدأ مرفوض أصلا ؟

أسندت رأسها بداخل راحة كفها وقالت بقلق :

- طيب وهو مين العريس ده بقي ؟

أجابتها علي الفور :

- إسلام أخويا

إتسعت عينا سلمي وقالت بتعجب :

- إسلام أخوكي ؟!!

نظرت لها هند فشعرت بالتوتر وقالت بصوت هامس :

- اه وحش ولا إيه ؟

تنحنحت سلمي بإحراج وقالت متعذره :

- لأ والله مش قصدي ، علي عيني وعلي راسي طبعـــا ، بس يعني إنتي عارفه تفكيري كويس ومتهيألي إسلام أخوكي مش زي الشخص اللي في بالي خالص !!

تنهدت هند بأريحيه وقالت :

- لأ يا سلمي ده إسلام إتغير خــــالص ، ده حتي يا بنتي ....

وأخذت تقص عليها التغييرات التي طرأت علي أخيها ، شعرت سلمي بالسعاده وهي تستمع إلي كلمات هند ، ليس لأنها تتحدث عن إسلام بحد ذاته ولكنها دائما ما تفرح عندما تعلم أن هناك شخصا آخر عرف الله وإقترب منه أكثر ، إنتظرتها سلمي حتي إنتهت من كلماتها وكادت ان تتحدث ولكنها لم تجد ما تقوله فصمتت ، قالت لها هند متسائله :

- هاه إيه رأيك ؟

أجابتها بقلق :

- مش عارفه بصراحه

- طيب حتي قوليلي رأيك مثلا في شكله أو في الكلام اللي سمعتيه او أي حاجه

شعرت بالإحراج فقالت بصوت خفيض :

- بصي الكلام اللي أنا سمعته جميل طبعـا ويفرح أي حد ، وبالنسبه لشكله فأنا مشوفتهوش من زمان فمش مركزة في ملامحه يعني ، بس أصلا مش مهم عندي الشكل ، أهم حاجه من جواه عامل إيه

أخذت تحرك يدها بحماس وهي تقول :

- طب قولي بقي يلا يلا يلا

ضحكت بشده وقالت :

- أقول إيه بس ؟

- قولي إنك موافقه ، أنا عارفه إنك موافقه يا أروبه بس مكسوفه ، وعموما يا ستي اقعدوا مع بعض وشوفوا هتتفقوا ولا لأ

نظرت لها سلمي بجديه وقالت :

- طيب إنتي متأكده من الكلام اللي قولتيه عليه ده ؟

ثم قالت بمرح :

- مش علشان أخوكي بقي وكده هـــاه بدل ما أعرف الحقيقه وأعورك

ضحكت مؤكده وقالت :

- لأ والله كل اللي قولته عليه حقيقي ، وأصلا إنتوا من بعد ما بدأتوا تلتزموا وإنتوا شبه بعض جـــدا وأنا بصراحه عاوزه أخلص منكم إنتوا الإثنين وارتاح بقي

نظرت لها بقلق وقالت :

- طيب بصي هفكر وأقولك

نهضت هند من علي الفراش متجهه إلي باب الغرفه وهي تقول بجديه :

- خلاص قشطه هقوله إنك وافقتي ، إبقي عرفي باباكي بقي علشان ميتفاجئش لما إسلام يتصل بيه

قفزت سلمي من مكانها في فزع وقالت :

- يا هند إنتي بتهزري ؟!!

أطلقت ضحكات متواصله وقالت :

- إنتوا ما ينفعش معاكم إلا كده ، يلا أنا همشي بقي ماشي ، سلام عليكم

وقبل ان تستطيع الكلام وجدتها قد إختفت من أمامها فقفزت علي الفراش بخفه وسعاده وقالت :

- والله مجنـــونه !

_________________

عادت هند إلي المنزل فوجدت إسلام في إنتظارها ، نظر لها بلهفه فلم تعره أي إهتمام فقال بحزن :

- رفضت صح ؟ أنا كنت حاسس ، يلا كل شئ نصيب

وغادر المكان متجها إلي غرفته ، أسرعت الخطي خلفه وقالت بتعجب ممزوج بالمرح :

- ياعم هو أنا هلاقيها منك ولا منها ، بطلوا جنان بقي جننتوني معـاكم وأنا غلبانه أصلا وفي حالي

جلس علي حافة فراشه ونظر لها بيأس وقال :

- ماهي لو كانت وافقت كنتي هتقولي علطول ، خلاص بقي حصل خير

جذبته من يده وأوقفته أمامها مباشره وقالت :

- ركز معايا كده وبلاش شغل الأفلام ده هاه ، وإسمعني كويس

نظر لها بترقب وقلق ولم يتحدث فأمسكته من ذراعيه ونظرت في عينيه وقالت بصوت مرتفع :

- إسلـــــــام ســــلمــــــي وافــــقــــــت

لم تنتبه إلا عندما سقط أمامها علي الأرض فضربت علي قلبها بقوه وصرخت قائله :

- إسـلــــــــــام

لــ #رقيه_طه

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close