رواية مأساة حنين الفصل الاول والثاني والثالث والرابع بقلم الكاتبه آيه الفرجاني حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية مأساة حنين الفصل الاول والثاني والثالث والرابع بقلم الكاتبه آيه الفرجاني حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
أنا اسمي حنين
عندي ١٧ سنة، بس لو شفت شكلي هتفتكرني عديت التلاتين يمكن من كتر التعب أو يمكن من كتر الوجع اللي شيلته على كتافي وانا في السن ده...
أنا مش زي البنات اللي عندها حنية أم، ولا حضن أب ولا حتى إخوات يسندونها و يخبّوها من البرد
أنا بنت طردوها بعد موت اهلها
قالولي امشي برا البيت ملكيش حاجه
من غير لا سند، ولا ضهر، ولا حتى رغيف عيش ناشف آخده في طريقي
يومها ماكنش عادي...
كان يوم حر جدًا، الشمس كأنها ناوية تحرقني وأنا ماشية بشنطتي الصغيرة اللي فيها هدومي الي عرفت المها قبل ما امشي
مكنتش مصدقة إن دي آخر مرة هشوف فيها أوضتي، سريري، ذكرياتي بابا وهو بيشرب شاي وبيكلمني ماما وهي بتزعقلي كل شوية…
مكنتش عارفة إني لما هخرج، مش هرجع تاني
خرجت…
وأنا ماشية كنت بعيط، بس مش بصوت كنت بعيط من جوه... قلبي بيصرخ، بس صوتي مكسور
فضلت أمشي، وأمشي، لحد ما رجليا وجعتني وقعدت ع الرصيف
والناس ماشية، تبص وتعدّي، ولا حد سألني مالك؟ ولا حد حتى وقف جنبي مليش حد ارحله الي المفروض مني رموني عشان مش عاوزين يصرفوا عليا
أول ليلة نمت فيها في الشارع، كانت أكتر ليلة حسيت فيها إني ولا حاجة اتمنيت لو اني مت مع اهلي يومها بس يمكن ربنا ليه اراده في الي بيحصلي
برد، خوف، أصوات العربيات بتكلبيش في قلبي والدموع نشفت من كتر ما نزلت
كنت جعانة… وجعانة أوي…
بس أكتر من الجوع كنت عاوزة حضن… حضن بس
يطمني، يقوللي "أنا معاكي يا حُنين"
حسيت اني عاوزه بابا وماما اترمي في حضنهم وانسى العالم كله.
عدّى أول يوم ورا التاني، ورا التالت…
كنت بصحى الصبح على صوت الزعيق والشتايم في الشارع، والبرد لسه لافف جسمي زي التلج، والناس حواليا ماشية بسرعة، وأنا واقفة متسمّرة، مش عارفة رايحة فين…
كنت كل ما أبص في المرايا المكسورة اللي على جنب محل قافل ألاقي عيني مش أنا…
انا.عمري ما كنت كده
عيني فيها خوف، وذل، وانكسار…
أنا اللي كنت لما حد يزعقلي أعيط، بقيت ما بدمّعش…
من كتر ما اتوجعت، مبقتش بحس!
في يوم وأنا قاعدة على رصيف تحت كوبرى شبرا كنت جعانة أوي…
معدتي بتقرّصني كأنها بتقطع فيا
قعدت ألف حوالين العربيات اللي بتبيع سندويتشات على أمل حد يديني لقمة…
الكل بيبصلي بريبة، كأني حرامية أو مجنونة!
وفجأة… شفت شخص ساند علي عربيه وبياكل
كان
شاب في أواخر العشرينات، شكله شيك ولبسه نضيف، وكان شايل كيس فيه أكل وشاي سخن
كنت ببصله وهو اخد باله مني فجأة
قرب مني وقال بابتسامة وهو بيقرب الكيس مني:
= انتي جعانة؟
أنا ما رديتش… خفت…
بس جسمي هو اللي جاوب، عيني اللي دمعت، ويدي اللي خدت الأكل بسرعة… كنت باكل وانا ببصله بخوف
قاللي باستغراب من حالتي :
= كلي واطمني… أنا مش هأذيكي
أكلت…
وكان أول لقمة سخنة تدخل بطني من أيام…
كنت بأكل وأنا بعيط… عياط مكتوم من غير صوت
قعد جنبي وفضل يبصلي باستغراب
= انت اسمك إيه؟
قلتله بصوت واطي:
= حُنين...
ابتسم وقال:
= اسمك حلو… بس باين عليه قلبك اتكسر كتير
كمان مش واضح انك بنت شوارع اي عمل فيكي كده احكي لو اقدر اساعدك
سكت… ماعرفتش أرد…
أنا فعلاً قلبي اتكسر، واتردم عليه، وانداس
لما مردتش عليه
قاللي :
= أنا اسمي كريم… لو عاوزة مكان تنامي فيه أنا ساكن لوحدي، وفي أوضة فاضية، تقدري ترتاحي فيها… مش لازم تفضلي في الشارع كده لانه مش امان لبنت زيك
بصيتله ومخّي كان بيودي ويجيب…
هو بيطّمني؟ ولا بيصطادني ؟
بس وقتها مكنش عندي رفاهية أختار…
كنت بردانة، مرهقة، ومفيش أي باب في الدنيا مفتوح ليا غير الباب اللي هو فتحه
روحت معاه
كان ساكن في شقة صغيرة في عمارة قديمة…
طلعنا السلم وانا خايفه وقلبي مش مطمن دخلنا قالي بهدوء وهو بيشاور علي الاؤضه:
= دي الأوضة اهي اقفلي عليكِ الباب ونامي، وأنا مش هقرّبلك متخافيش
هزيت دماغي وكنت مرعوبة بس دخلت
الاؤضه شكلها نضيف ومترتبه قفلت الباب كويس
واول ما وصلت السرير فعلاً نمت...
بعد ساعات معرفش عددها قد اي قمت وانا مرعوبه ببص علي هدومي شكلي
= انا شكلي نمت كتير ولا اي
أول مرة أحس إن في سقف فوق دماغي من أيام…
صحيت على ريحة فطار…
بيض مسلوق ، عيش، وشاي
فتحت الباب وخرجت كان واقف بيعمل الاكل اول ما شافني ابتسم
كريم كان بيحاول يخليني أطمن فقالي:
= صباح الخير ي حنين
سكت وانا مش عارفه ارد هزت دماغي بخجل
بصلي بابتسامه وقال:
عارف انك خايفه بس
أنا مش زيهم
أنا عارف إنك موجوعة، ومكسورة، وقت ما تحبي تحكيلي انا جاهز "
صدقته…
لأني كنت محتاجة أصدق…
أنا مكنتش بدور على راجل…
كنت بدور على أمان، بس للأسف… ما كنتش أعرف إن الأمان ساعات بيبقى فخ
بقيت أقعد معاه في الشقة، أنضف، أطبخ، وبيصرف عليا…
وأنا شايفة نفسي برجع للحياة… بس مش حياتي!
وفي يوم…
دخل الأوضة من غير ما يخبط وشكله كان غريب …وووو حصل ...
الثاني
وفي يوم…
دخل الأوضة من غير ما يخبط…
وبصلي بنظرات غريبه اتخضيت ووقفت من علي السرير وهو قرب مني وهو بيقول:
= أنا مش طالب حاجة… بس أنتي عارفة إن اللي زيي لما يساعد لازم بيبقى ليه مقابل صح
ساعتها قلبي وقع مكنتش فاهمه قصده اي لاقته عمال بيقرب اكتر وانا من خوفي نزلت من علي السرير كنت بتكلم وانا خايفه جدا اول مره اشوفه كده من يوم ما شفته:
= مش فاهمه إنت عاوز اي
انت بتقرب كده ليه
بالله عليك ي كريم انت قولتلي إنك مش زيهم صح
ضحك ضحكة خبيثة… وقال:
= كلهم بيقولوا كده في الأول يحلوه …
اتصدمت
حسيت قلبي هيقف …
حسيت إني متكتفة من جوه، كأني رجعت تاني للشارع، بس المرة دي جوا شقة…
يعني لا أمان، ولا سقف… ولا حتى جدران تحميني
قولتله بدموع:
= لو كنت اعرف إنك هتبقى كده ماكنتش جيت معاك انا عاوزه امشي
لسه بحاول امشي
ضحك وقرب مني جامد وقال:
= وهوأنا قلتلك إن الحياة ببلاش؟
دموعي سبقتني كنت بدات احس بامان خلاص رغم اني عارفه ان ممكن يطلع كده بس صدقته من كلامه
حاولت اتكلم معاه واترجاه:
= كريم بالله عليك أنا لسه صغيرة … أنا في سنة تانية ثانوي… اعتبرني اختك وسيبني امشي والله همشي مش هعمل حاجه
قال بسخريه:
= اختي و صغيرة؟ دا إنتي كبرتي قبل أوانك يا حنين… وشكل الشارع علّم فيكي أكتر من المدرسة!
اللحظة دي…
حسيت بجسمي بيترعش، دموعي نزلت و زادت غصب عني مكنتش قادره اصرخ ولا اتكلم …
بدا يقرب مني وانا ارجع لورا لحد ما لزقت في الحيطه واخيرا قدرت اتكلم وانا بحاول ابعده عني
= متقربليش… بالله عليك…
بس هو ماكانش سامع غير نفسه وبس
زقني علي السرير وبعدها محستش بحاجه
بعد وقت معرفش قد اي
صحيت وأنا حاسة إني ولا حاجة…
مش قادرة أبص في المراية… حاسه اني ميته بالحيا
اول مره احس بكسره بجد
كسره ضهر وكرامه وزل وشرف
ماكانش في صريخ…
كان في خرس كاني اتخرست مش قادره لا ابكي ولا اتكلم
جوايا حاجة اتكسرت…
أنا اللي كنت بحاول أعيش، بقيت جسد ماشي على رجليه بس جسد بدون روح
قومت وقفت قدام المرايه ببص لنفسي لجسمي
مقدرش وقعت علي ركبي وانا بنهار
= يااااااااارب يااااارب انا معملتش حاجه عشان يحصل معايا كده
ي ماما يارتني كنت مت معاكم
دموعي نزلت لاول مره بالطىريقه دي اول مره احس بجد يعني اي كسرة بجد
قومت بعدها اسحميت وصليت معرفتش اخرج من الاؤضه كان قافل عليا خايف اني اهرب منه
حاولت كتير اكسر الباب او افتحه معرفتش
كان بيرجع يعمل الاكل ويفتح الباب ويحطه من غير ما يتكلم كنت بحس انو ندمان علي الي عمله...
فضلت في الشقة يومين بعد اللي حصل… مش قادره اطلع وهو قفل عليا الباب بس الغريبه انو
محولش يقرب مني تاني
حتي كان بيعاملني كأني شخص مش موجود
حسيت ولا كأني كنت طفله في يوم
وفي يوم صحيت علي صوته واقف جنب مني وانا نايمه اتخضيت رجعت لورا شديت الغطا عليا وانا ببصله بخوف ورهبه لقته بيقول:
= اللي حصل حصل… انسي وحطيه ورا ضهرك وخلينا نعيش سوا بقى كده على طول كده كده انت ملكيش حد وانا مليش حد
اتصدمت مكنتش مصدقه الي بيقوله قولته بزعيق :
= انت اي معندكش دم ولاضمير
هتروح من ربنا فين انت فاكر اني عشان مليش اهل ابقي
لعبه في ايدك انت كسرتني وخدت اهم حاجه في حياتي علي قد ما قعدت في الشارع محدش فكر يعمل الي انت عملته فيا
دموعي نزلت ومقدرش اكمل
قالي وهو بيخرج :
= "اللي زيك ميختارش… إنتي لو مشيتي من هنا هترجعي الشارع، والشارع خلاص عرف طعمك! اظن مش هتلاقي مكان زي ده تاني اكل وشرب وسكن ببلاش كل الي مطلوب منك انت عارفه
قالي كده بغمزه ومشي بعدها وقفل الباب
قررت أهرب وفعلا حاولت كتير افتح الباب وفعلا فتحته حمدت ربنا مكنش موجود في البيت نزلت جري
ماكانش معايا لا فلوس ولا حتى هدومي…
بس خدت نفسي، ونزلت من بيته وأنا بترعش
كنت ماشية في الشارع زي التايهة، زي المجنونة،
كل الناس تبصلي، واللي يضحك، واللي يشاور، واللي يعاكس
لحد ما وصلت على "قهوة" صغيرة على جنب…
وقعدت على الرصيف جنبها وعيوني معلّقة في السما…
وبدأت أعيط…
بس المرة دي… دموعي كانت هادية، دموع حد استسلم
قعدت يومين مرمية في الشارع…
رجليا مش قادرة تشيلني، وكأن الوجع تقيل عليها…
بطني بتصرخ من الجوع
ودماغي بتلف من قلة النوم والخوف
مشفتش كريم بعدها خالص حمدت ربنا كنت خايفه يرجع يدور عليا تاني
كنت بحاول أنام تحت كوبري إمبابة
وسط ناس شكلي مش فاهمة هم بني آدمين؟ ولا كوابيس ماشية على رجلين
وفي ليلة…
الدنيا كانت بتمطر، وأنا متلحفة بكيس بلاستيك كبير خدته من الزبالة
كنت قاعدة متكوّرة على نفسي
حسّيت بخطوات حد بيقرب، وصوته غليظ كان واضح عليه انو سكران قال:
= اي ده مزه هنا لوحدها في الوقت ده دا شكلي حظي من السما انهارده
قرب مني وانا كنت مرعوبه مقدرتش اصرخ ولا اتحرك
ما لحقتش أرد…
كنت بردانة، مرهقة، وكل خلية فيا بتقول "سيبيني فحالي حرام عليكم "
بس ولا كاني بتكلم
فجأة…
إيده مسكت دراعي، وصوت تنفّسه بقى قريب من وشي
وأنا برتعش…
كل حاجة جوايا بتتكسّر تاني
قلتله بصوت بيطلع بالعافية:
= "بالله عليك… سبني… كفاية…"
ضحك وقال:
= "كل واحدة بتقول كده في الأول…"
صرخت…
= الحقوني حد يساعدني
بس
الناس اللي نايمة حواليا، نايمة موت مش نوم
حاولت اهرب منه مقدرتش
كنت مرهقه
حاولت ادور على اي حاجه ادافع بيها عن نفسي
وايدي وقعت علي حديده في جنب
ضربته وجرى وسبني
بعد اللي حصل…
مقدرتش أتحرك
قعدت في نفس المكان يومين تانيين
مبكلّمش، مبنطقش
بقالي أربع أيام معدتي ما دخلهاش غير حبة رز لقيتهم في كيس جنب محل فلافل، كانوا مرميين على الأرض
كنت كل يوم بدوّر في الزبالة
أي حاجة… قشرة موز، رغيف ناشف، حتى بواقي ساندويتش متعفنة
ما بقتش أشم
كنت أكل وأنا دموعي بتنزل…
مش علشان الأكل بايظ
علشان أنا اللي بقيت تالفه
الناس بقت تبصلي وتقرف
والعيال الصغيرة ترميني بالطوب وتضحك:
= "شوف يا ماما… البت المجنونة بتاعة الكوبري!"
مجنونة؟
لا، أنا صاحيّة أكتر منكم كلكم…
أنا بس مكسورة… ومحدش سندني
في يوم وأنا ماشية، هدومي متقطعة، شعري متلبد، ووشي كله تراب…
واحدة ست عدت من جنبي،
حطت إيدها على شنطتها وكأنها خايفة إني أسرقها…
ساعتها ضحكت… ضحكت ضحكة وجع…
أنا؟ أسرقك؟
أنا مش لاقية نفسي هاخد منك إيه؟!
رُحت على مول كبير ودخلت الحمام،
دخلت من غير ما حد يشوفني،
وقعدت أتمسّح بالمناديل اللي في الأرض…
كنت بدوّر على ريحة آدمية جوايا،
بس لقيت بس ريحة الزل، والعار، واللي ضاع
في اللحظة دي…
وأنا قاعدة في الحمام على البلاط
باصّة لنفسي في مراية مش بتعكس غير الخوف،
قلت بصوت مسموع:
= "أنا حنين… بس مش هي دي أنا"
أنا اللي كنت بحلم أبقى دكتورة،
وألبس بالطو أبيض،
وأفرّح ماما وبابا،
أنا اللي كان عندي كرّاسة كاتبة فيها "أمنياتي"...
دلوقتي أنا مش لاقية رغيف عيش
ولا حتى هدوم تسترني…
ولا إنسان يسألني "مالك؟"
بس…
لسه عايشة
واللي لسه عايش…
لسه في حكاية وراه…
حتى لو الحكاية كلها سواد
لازم هتيجي لحظة… النور يدخل من شقّ في الحيط
وأنا لسه قاعدة جوّه الحمّام
بحاول أمسح وشي، وأرتّب شعري بأي شكل،
دخلت واحدة من العاملات، أول ما شافتني… صرخت:
= "إنتي بتعملي إيه هنا؟ إنتي جاية منين أصلاً؟ يلا برااا!!"
أنا اتلبشت، اتجمدت في مكاني…
قلتلها وأنا برتعش:
= "والله ما عملت حاجة… بس كنت عاوزة أغسل وشي… أنا بس…"
قطعت كلامي وحده تانية دخلت معاها:
= "شوفتي؟ شوفت يا أستاذة سميرة؟ دول بقوا يدخلوا يناموا في الحمامات! دي أكيد شحاتة وحرامية كمان"
وبدأوا يسحبوني من دراعي…
بهدلة…
كل الناس في المول بقت تبص
الأمن جري عليا
والشتايم نزلت فوق دماغي زي الرصاص:
= "يلا برا قبل ما نودّيكي القسم!"
= "إنتي مفكرة المول ده ملجأ ولا عنبر؟!"
وأنا بركع، بعيط، صوتي بيتهز:
= "بالله عليكم… ما تفضحونيش… والله ما عملت حاجة، كنت جعانة… مش ناوية أسرق ولا أأذي حد!"
بكيت قدامهم،
بس مافيش رحمة في قلوبهم…
بصيت حواليا بدور على مخرج، على أي وش طيب
لحد ما شفتها…
ست كبيرة، شيك جدًا، لبسها نضيف ومحترم، شعرها أبيض، ووشها فيه هيبة…
كانت واقفة قدام محل كبير
وبتبصلي بنظرة غريبة…
مش نظرة اشمئزاز،
نظرة حزينة… كأنها شايفة نفسها فيا
قربت منهم، بصوت هادي بس حاسم:
= "في إيه؟ مالها دي وليه بتعملوا كده؟
الأمن قاللها:
= "دي واحدة شحاتة داخلة الحمّام، ومبهدلة المكان
ي مدام عاوزين نخرجها ومش راضيه
الست ردت بثقة:
= شحاتة؟ دي باين عليها متبهدلة
مش جاية تسرق هاتها هنا
بصتلي وقالت
تعالي يبنتي
أنا كنت مرعوبة
بس قربت منها… ووقفت قدامها ودموعي بتنزل
= "اسمك إيه يا بنتي؟
= "حُنين…"
قالتلي:
= " طب تعالي معايا… تعالى متخافيش"
مسكتني من ايدي وخرجت بيا من المول
ركبت معاها عربيتها،
طول السكة وأنا مش مصدقة…مش عارفه هيا عاوزه اي بس
كنت ساكتة وهي كانت بتبصلي كل شوية ووشها حزين أوي كانها عارفه انا مين
وصلنا على بيت كبير، نضيف، شكله دافي
دخلتني، وندت على الشغالة:
= هاتي أكل… وبعدين هدوم نظيفة للبنت دي… وامليلها البانيو سخن عاوزها تبقي عروسه انهارده
أنا كنت قاعدة متخشبة…
بعدين قلتلها بصوت مكسور:
= "أنا… أنا مش متعودة على كده انا عاوزه امشي
قالتلي وهي قاعدة جنبي:
= "احكيلي يا حنين… احكيلي إيه اللي وصلك كده؟" انا متاكده انك مش كده
وقعدت أحكي…
من أول ما طردوني من البيت،
ولحد ما قعدت على الرصيف،
ولحد كريم… بس خفت اقول الي عمله احسن تطردني
والكوبري
والزبالة
والبهدلة في المول
وأنا بحكي، كنت بعيط زي العيال الصغيرة
وصوتي بيرتجف،
بس هي كانت ساكتة… ووشها بيتغيّر
ولما خلصت قالتلي بصوت مش متوقعة:
= فين أهلك؟
= "ماتوا… ومحدش سال فيا… كنت ساكنة مع عمتي، وطردتني بعد شوية مشاكل
سكتت شوية، وبعدين قالت:
= "أنا اسمي مدام سميحة… كان عندي بنت في سنك ماتت من كام سنة… بس إنتي من اللحظة دي مش هتباتي في الشارع تاني…"
بصيتلها وأنا مش قادرة أنطق…
قالتلي وهي بتشد إيدي:
= "هتعيشي معايا وهتبقي في أمان… أنا مش هسيبك"
فرحت جدا حسيت اني ممكن ارجع الاقي الامان تاني
عدّى أول أسبوع عند "مدام سميحة"
كنت حاسّة إني بدأت أتنفّس
كان أول مرة أنام في سرير براحه
أول مرة آكل من غير ما أبص في الطبق بخوف،
وأول مرة أصحى ومفيش حد هيضربني أو يشتم
مدام سميحة كانت طيبة....
كنت بحس انها بتعوض بنتها فيا حبتها جدا لما تبقي موجوده في البيت
كانت بتنده عليا:
= "حنين… تعالي ساعديني في المطبخ"
أو
= "تعالي شوفي الفيلم ده معايا…"
وكنت كل مرة بسمع صوتها باسمي
قلبي بيدق،
كأني نسيت إني كنت متعلقة من رقابتي على أرصفة القاهرة
بس…
يوم… حسّيت بدوخة…
وكل يوم
معدتي بتوجعني
ونفَسي مش بيطلع
مدام سميحة قالتلي:
= هنروح للدكتور، شكلك تعبانة
رحنا…
وعملت تحاليل…
وفي اليوم التاني، وهي راجعة من العيادة
دخلت عليا الأوضة، وشها كان متجمّد، عنيها ما فيهاش لون
لما شفتها كده والتحاليل في ايدها حسيت ان في حاجه غريبه مكنتش اعرف انها صدمه عمري
= إنتي… حامل؟
اي لسه مستني المسكينه دي تاني قلبي بيوجعني وانا بكتب ي جماعه القصه دي مش خيال خالص
القصه قريبه لبنت حصل معاها كده فعلا بس انا بغير فيها عشان في حاجات مش هعرف اوصفها زي ما هيا...
الثالث
إنتي... حامل؟"
أنا اتجمدت...
ماعرفتش أرد ازاي مكنتش عارفه لالا مكنتش عاوزه مش لا
قربت مدام سميحه مني وهيا بتبصلي بريبه
= إنتي... ي حنين... إزاي؟ إمتى؟ ومين انت ازاي متقوليش ان حد عمل معاك حاجه زي كده
قعدت على الأرض مكنتش مستوعبه الصدمه والي حصل
بكيت... بكيت زي العيال زي طفل تايه مش عارف هو مصيره اي كل ما اقول بدات تضحك ليا ترجع تاني واضح اني مش مكتوب ليا اعيش في أمان
كنت بتكلم وانا مصدومه
= أنا مغلطتش... والله مغلطتش... هو.....هو اللي عمل كده....هو الي ظلمني......ك... كريم... أنا ماليش زنب واالله ما عملت حاجه هو....هو اعتدي عليا عشان.....عشان كده سبته وهربت...خفت احكيلي الي حصل تسبيني وانا معنديش مكان تاني ارحله
كانت مصدومة...
وبصتلي كأنها مش مصدقاني
= أنا مش قادرة أستوعب... ازاي ي حنين ازاي تخبي عني حاجه زي كده...... ده بيت محترم وأنا مش فاتحة بيتي للحوامل اللي جايين من الشارع
بصتلي وانا مصدومه من كلمها مقدرتش ارد فقالت
= هديكي يومين... تفكري فيهم هتروحي فين
مشيت وسبتني قاعده مكاني من صدمتي مقدرتش اتحرك فضلت قاعده مكاني لحد ما الجو بقي ليل
= هتروحي فين تاني ي حنين يظهر انو دا نصيبك في الحياة متفرحيش...ملكيش امان ولا...مكان
عيوني دمعت افتكرت اني دلوقتي مبقتش لوحدي
بقي في روح كمان جوايا حطيت ايدي علي بطني
= انا مكنتش عارفه اعيش لوحدي دلوقتي انت كمان
هنعمل اي ملناش مكان نروح فيه مكناش لازم تكون هنا
بكيت كتير لحد م دموعي نشفت حاولت اقوم كنت مرهقه بس كان لازم اعمل حاجه فكرت كتير لو خرجت من هنا هرجع تاني للبهدله والشارع والطفل الي جاي ده اي هيحصل فيا في النهاية هو ملهوش زنب يمكن ربنا كتب انو يجي عشان يكون ليا حد في الدنيا اعيش عشانه علي قد ما كنت حزينه انو هيجي بالطريقه دي علي قد ما كنت فرحانه انو هيكون عندي حد ليا في العالم ده...
قومت وانا بتمشي بالعافيه واستند علي الحيطان لحد ما وصلت لباب الاوضه بتعتها
قعدت عند باب أوضتها
ما نمتش فضلت ابكي واترجها النهار طلع وانا لسه مكاني الخدم كانوا بيبصلولي بنظره شفقه ومدام سمحيه كانت ساكته حتي مفكرتش ترد عليا خرجت وشافتني ومشيت بدون اي حاجه
الخدامه قومتني وخدتني الاوضه واكلتني بس انا مكنتش عاوزه كده انا عاوزها تخليني اقعد عندها حتي لحد ما اولد
فضلت كده كل ليلة أعيط
وأقولها:
= "بالله عليكي... سبيني هنا... مش عشان أنا عايزة أعيش... علشان البيبي ده... مالوش ذنب... أنا مش بطلب شفقة، بطلب بس مكان أمان... هشتغل خدامه عندك والله هعمل كل حاجه تقوليلي عليها بس بالله عليكي مش عاوزه ارجع الشارع تاني
ما كانتش بترد،
بس كنت كل ما أبص في عينيها، ألاقي دموع محبوسه بس مكنتش بتدي اي ردة فعل
وفي ليلة... وأنا نايمة على الأرض قدام باب أوضتها
فتحت الباب
= العيّل ده ملوش ذنب... بس لو هتفضلي، يبقى تسمعي كلامي حرف بحرف
وقفت وانا مبسوطه جدا قلتلها ودموعي مغرقاني:
= حاضر... والله حاضر...هعمل اي حاجه تقولي عليها
طلبت مني طلب غريب
"بُصي يا حنين... أنا مش هكدب عليكي، اللي حصل حصل... والولد ده جه للدنيا خلاص...
بس لازم نفكر بعقل
الناس برا ما بيرحموش، وكل خطوة لازم تتحسب صح
حنين :
أنا مش هسيبه... حتى لو الدنيا كلها ضدي بس انا ماليش غيره
= عارفة... بس علشان تعيشي انتي وهو من غير متاهات ولا فضايح... لازم نلاقي طريقة الناس ما تسألش... ولا تجرّح وعشانك انت في المستقبل
حنين بقلق:
زي إيه؟"
= في دور أيتام بتسجّل الأطفال اللي مالهمش أهل معروفين...
إحنا ممكن نعمل ورق كفالة كأنك اتبنّيتيه...
يبقى قانونًا معاكِ... والناس تفكر إنك بتربيه ...
مش علشان هو ابنك وعشان انت لسه السن القانوي يمنع انك تعملي كده انا هتكفل بيه كده محدش هيتكلم انا عندي بيت ودخل وسني مش كبير قوي
حنين بصدمه:
يعني أعيش أمّه... بس على الورق أبقى متبنياه؟
=دي أنضف طريقة قدام الناس... وبدون أب، مش هتقدري تسجليه باسمه...
ولو عملنا عقد زواج مزوّر هتقعي في مصيبة
إنما دي طريقة قانونية... والمهم الطفل يفضل في حضنك
حنين بدموع:
هعمل أي حاجة عشان أفضل معاه...
فضلت عايشة معاها
وكل يوم كانت بتتعلّق بيا
تعاملني زي بنتها
تجيبلي لبس الحمل، وتطبخلي أكل مخصوص
وتنده للشغالة :
= حنين محتاجة عصير... بسرعة
كنت حاسة إني رجعت بني آدمة
والبيبي اللي جوايا...
بقى هو الأمل
هو اللي هعيّش عشانه
كانت بتحط إيدها على بطني، وتضحك، وتقول:
= شايفة؟ ده رزقك يا حنين...
قبل الولادة بشهرين...
كانت بتكح كتير، وتتعب،
بس تقوللي:
= دوخة بس... مفيش حاجة
"وفي يوم...
صِحيت الصبح كعادتي...
نديت عليها، مردتش
استغربت...
دخلت أوضتها على أطراف صوابعي...
كانت نايمة، ووشها هادي... أوي...
هادي لدرجة خلت قلبي يدق فجأة
ندهت عليها...
قُلت يمكن سمعي بيغشّني...
هزيت كتفها بلُطف...
بس مفيش...
مفيش نفس،
مفيش نبض،
مفيش صوت
كانت نايمة، بس مش نايمة
كانت راحت...
رايحة من غير ما تقول وداع راحت هيا كمان وسبتني راحت
من غير ما توصي عليا حد
ولا تبصلي النظرة الأخيرة اللي كنت محتاجاها
صوتها...
اللي كان بيصحيني،
اللي كان بيطمني،
اللي كنت بسمعه حتى وهي ساكتة...
مات
صرخت...
صرخت كأني بصرخ لأول مرة في حياتي...
= "يااااه!!! مدام سميحة!! قومي... بالله عليكي قومي!!
وقعت على الأرض جنب السرير
وإيديا كانت بتترجّف وهيا بتشد الغطا
صوتي خرج مش صرخة...
كان زي الزئير...
زي الحيوان اللي انضرب بالنار وبيطلع آخر نفس
مداااام سميييييحة!!!!"
صوتي رج السما...
كان بيخرج من حنجرتي بس...
بس طالع من قلبي، من ضهري، من سنيني كلها
ما تسبنييش!! أنا مالييش غيرك!!!"
حضنتها
حضنتها بقوة...
وبعيّط زي العيال...
بدموع ملهاش آخر،
بصوت بيوجع الحيطان.
"أنا لسه ما صدقت إني لقيت حد يحبني...
إزاي تموتي دلوقتي؟!
إزاي تسبيني لوحدي؟!"
كنت بكلمها كأنها سامعة
كأنها هتفتح عينيها وتقوللي
"اهدى يا حنين... أنا معاكِ"
بس هي ما فتحتش
قربت بقي من صدرها...
كنت بدور على النبض...
على النفس...
على أي حاجة تقوللي إنها لسه هنا...
بس لأ
كل حاجة بقت ساكتة حتي
الساعة اللي في الحيطة وقفت
والنور اتطفي
والدنيا بقت عتمة جوايا
وقتها...
صرخت تاني
صرخة مفيش بعدها حاجة.
يااااااااااااااااااااااااااارب!!!
ليه كل حاجة حلوة بتروح مني؟!
أنا تعبت...
أنا مش قادرة أكمل...
وقعدت على الأرض
بحضن رجليها بايدي
وكل جسمي بيرتجف
الموت خبط على بابي وأنا لسه بتعلم يعني إيه أمان
وسابه مفتوح...
وسابني بردانة، ضايعة...
ومكسورة أكتر من أي وقت قبل كده
في جنازتها، محدش من قرايبها جه
كانت وحيدة في الدنيا،
زيي... يمكن ده اللي جمعنا.
بعد الدفن، الناس مشيت
والبيت سكت
أنا رجعت أقعد على الكنبة اللي كنت بقعد فيها وهي بتتفرج على التلفزيون
وحسيت إن البيت بارد...
مش من الهوا
من الغياب
بس أنا مش لوحدي...
أنا بقيت اتنين...
أنا وبيبي
وأقسمت وأنا حاطة إيدي على بطني:
= "عمري ما هسيبك...
ولا هسيب الدنيا تضحك عليّا تاني
عدّى أسبوع على موت مدام سميحة
والبيت بقى بارد...
والشمس اللي كانت بتدخل من الشبابيك، بقت تخبط وتطلع
كأنها هي كمان مش طايقة المكان بعد ما راحت الست الطيبة
وفي يوم...
كنت واقفة في المطبخ، بغلي ميّه... الجو ساكت والبيت حزين بعد ما مدام سميحة راحت لربها.
كل حاجة فيها نقص، وكل صوت بيزن في ودني كأنها بتناديني من العالم التاني.
ولولا الحمل اللي في بطني، كان زماني مشيت من غير حتى ما أبص ورايا...
وفجأة...
صوت المفتاح وهو بيُفتح الباب
قلبي اتنفض... البيت مقفول، والمفروض مفيش حد معاه نسخة المفتاح غيري...
خطيت خطوتين ناحيه الباب، وبصيت من فتحة الممر
شخص داخل...
راجل... طويل، لابس بدلة رمادي، شنطة في إيده، بيبص حوالين البيت بعيون غريبة...
مش زائر، لا... ده راجع لبيته
اتصدمت
أنا مش مصدّقة
ده... هو
كريم
رجليا اتلجت، ودماغي لفت ... لفيت وشي بسرعة، ودخلت أوضة مدام سميحة، كنت هاقفل الباب، بس صوته جه أسرع من إيدي:
= "إنتي؟!!" استني عندك انت مين
وقفت لفيت وانا
زي التمثال
زيّنا احنا الاتنين
هو شايفني، وأنا شايفاه.
كل حاجة حواليّ اختفت، مفيش غيرنا احنا في الدنيا دي كل حاجه وقفت في اللحظه دي
وشه اتقلب
مش مصدق
مش متأكد
مش فاهم
= "إنتي إزاي هنا؟!" وبتعملي اي
كلامه طلع باندفاع، وأنا ببص له كأني بشوف شبح... شبح اللي كان السبب في موتي الأولى
رديت بصوت مبحوح، كأن الحروف مش راضية تطلع:
= "أنا... كنت عايشة هنا مع مدام سميحة..."
قاطعني، وبص لي بنظرة فيها مزيج من الذهول والخوف والذنب:
= "مدام سميحة؟ هي... راحت فين؟"
دموعي نزلت قبل ما أنطق، وبصيت له بوجع:
= ماتت
سكت
قعد على الكرسي اللي جنب الباب
مفكّرش
مقدرش
ولا حتى سألني ماتت ازاي ولا أنا وصلت هنا إزاي
سأل سؤال واحد:
= "إنتي... ليه ما اختفيتيش للأبد؟"
بصيت له بكل الشهور ولايام اللي قضيتها مكسورة، وقلت بهدوء:
= مكنتش ناوية أرجع... بس اللي في بطني... رجّعني للحياة
قرب مني، بص عليا من فوق لتحت، وبص على بطني...
ضحك ضحكة كلها سُخرية:
= "ما شاء الله... يعني جايبة العيال وتربيهم هنا؟"
قلتله بغضب:
= "العيّل ده ابنك يا كريم..."
وشه اتبدّل...
اتنفخ...
واتحول لصخر:
= ابني؟ هو أنا شفتك تاني بعد ما مشيتي؟
جايه بعد شهور تقوليلي ابني؟"
صرخت:
= "إنتَ اللي ضيعتني!
إنتَ اللي بهدلتني!
أنا ماجيتش برجليا... أنا كنت بدوّر على أمان!"
قال:
= "إنتي كنتي شحاته... وأنا بس ساعدتك...
مش مسؤول عن العيال اللي تطلع منك
وبعدين، البيت ده بتاعي... أنا الوريث الوحيد لعمتي، مش هسيبك تسكني فيه وتورّثي العيل كمان!
قلتله وأنا بعيط:
= "أنا مش طالبة منك حاجة... مش عايزة ورث...
سيبني بس أكمل حملي هنا...
أولد في أمان... بعد كده أمشي..."
= "لأ... إنتي هتمشي دلوقتي
وبالعيّل كمان
أنا مش عاوز فضايح، ولا عاوز حد يقولي إن ليّا ابن من واحدة كانت في الشارع
بصيتله وانا مرعوبة:
= ده مش زنبه! الطفل ملوش ذنب!
ده ضناك يا كريم..."
قال:
= أنا قولت اللي عندي...
قدامك ساعتين...
وإلا هكلم البوليس وأقول إنك اقتحمت البيت بعد موت عمتي
جمعت هدومي،
ولفّيت بطني بشال قديم،
والشغالة رجعت كانت واقفة بتبصلي
وقالتلي بصوت خافت:
= أنا آسفة... بس مقدرتش أعمل حاجة
قلتلها:
= "أنا خلاص... ما بقيتش مستنية من حد حاجة"
وخرجت من باب البيت
بس المرة دي... ما كنتش ماشية في الشارع زي زمان
كنت ماشية وأنا شايلة روحي وإبني في بطني،
شايلة كرامتي اللي ما فضلش منها غير فتافيت،
وشايلة ذكريات ستّ طيبة...
كانت آخر حضن في الدنيا
ومشيت...
ومفيش غير دموعي بتسلّك الطريق
مكنتش عارفه انا رايحه فين وهل هقدر اكمل تانى واي مستنيني في الحياة دي
يارب تفاعل حلو علي البارت عشان نعرف حنين اي
لسه هيحصل معها وكمان كريم رجع تاني لحياتها فهل
هيفضل مستمر ولا كده خلاص
مش عارفه هو عمل كده ليه مش كفايه اللي حصل معها
منه لله
الرابع
وأنا خارجة مش عارفه رايحه فين دموعي نزلت لوحدها
بطني حسيت انها بقيت تقيلة وعنيا اللي مش شايفة بيها من الدموع
سمعت صوت ورايا بينده عليّا همس:
= حنين…
لفيت بسرعة…
كانت "هدى"… واحدة من الشغّالين اللي كانت بتساعد مدام سميحة
قربت مني قالتلي بسرعة:
= استني يبنتي متروحيش… متروحيش في مكان دلوقتي وانت بالشكل ده علي القليل لحد ما تولدي كلها شهر
في أوضة في البدروم…
تحت السلم… محدش بينزلها خالص
تعالي وأنا هساعدك تباتي فيها، وهجيبلك أكل كل يوم
كريم ما يعرفش عنها حاجة… ولا هيفكر ينزل هناك"
أنا وقفت… وقلبي بيرجف:
= انا مش عاوزه ارجعله بس… لو عرف؟
= يحبتتي هتروحي فين بس وانت كده علي القليل انا ممكن اخد بالي منك وبعدين هو مش هيعرف…
أنا بشتغل هنا من ١٤ سنة محدش بيدخل البدروم غيري متخافيش
كنت متردده مش عاوزه اشوفه تاني مش عاوزه احس اني بقلل من نفسي اكتر من كده حطيت ايدي علي بطني وافتكرت اني مبقتش لوحدي ولازم اتخلي عن اي حاجه عشان احافظ عليه
مدام هدي مسكت ايدي وهي بتقول
= سيبيني أساعدك يا حنين… الست الله يرحمها كانت بتحبك وأنا كمان تعلّقت بيكي
وانت زي بنتي
مشيت معها كان كريم في اوضته وقتها مشفنيش
نزلت معاها بالليل
من باب صغير ورا المطبخ
سلم حديد
ورطوبة تخنق النفس بس مكنش قدامي حل تاني ومهما كان دا افضل من الشارع مليون مره
دخلت أوضة صغيرة فيها مرتبة قديمة، وبطانية مرمية
وفي ركن… شنطة فيها هدوم كانت بتاعة بنت مدام سميحة الله يرحمها
قالتلي :
= هتقعدي هنا …
وانا كل يوم قبل ما أمشي هجيبلك أكل…
وخليكي هادية… لو سمعك أو حس بحاجة هتروحي في داهية وفي حمام هو قديم شويه بس شغال بس مهما كان
إنتي هنا في أمان…
حضنتها وأنا بعيّط:
= أنا مش عارفة أقولك إيه…
أنا بدعيلك من قلبي
قالتلي بحب:
= ربنا كبير يا بنتي… وحييجي اليوم اللي ترفعي فيه راسك
سبتني ومشيت قعدت ابص في اركان الاوضه حسيت بالخوف بس شجعت نفسي
الأوضة كانت ضلمة
مفيهاش شباك
بس كانت فيها أمان صغير…
أمان إن مفيش حد هيزعقلي
ولا هيطردني
ولا هيقولي "اطلعي برا"
قعدت فيها واتغلبت علي الخوف الي جوايا
كل يوم هدى كانت تنزلي الأكل
سندويتش، شوية رز، شربة
وأحيانًا قطعتين فاكهة لما تقدر.
كنت أسمع صوت كريم فوق…
صوته وهو داخل من الباب،
صوته وهو بيزعق في التليفون،
صوته لما يرجع من الشغل متعصب:
= "فين الغدااااا؟!!"
وأحيانًا…
أصوات ضحك بنات…
وأنا سامعة صوت الكعب العالي بيخبط على السيراميك
وسكته،
ثم همسات،
ثم صوت باب الأوضة بيتقفل،
وهدوء مريب
كنت أحط إيدي على بطني،
وأقول:
= "متخفش…
ماما هنا
حتى لو إحنا تحت الأرض…
بس أنا مش هسيبك"
عدت الايام …
بقيت عايشه تحت الارض تحت الرجلين علي قد ما كنت زعلانه علي نفسي علي قد ما كنت حاسه بامان
حتي لو وراه خوف من الي جاي والي ممكن يحصلي
بعدين
كريم كان عايش حياته
وأنا كنت تحت رجليه…
بس مش باينه ليه
كنت شبهه بنت، بس دلوقتي…
أنا بقيت ظل،
بقيت نَفَس متخفي في بيت كبير
كأني روح مدام سميحة لسه عايشة…
بس في صورة حنين.
وفي يوم
كنت قاعدة على المرتبة القديمة
ضهري واجعني، ورجلي مش قادرة أحرّكها،
بطني بتشد عليا
والنفس بيطلع بالعافيه
الوجع كان طالع من تحت ضلوعي…
زي حد بيقطعني بسكينة باردة.
بس أنا ساكتة…
مش عايزة أصرّخ
أنا في بيت مش بيتي
وكل صوت ممكن يكون نهايتي
بس الوجع غلبني…
صرخة خرجت مني غصب عني
صرخة مكنتش صوت، كانت عمر بيطلع من جوّه
في نفس اللحظة…
كريم كان راجع
معاه بنت زي الي بيجبهم علي طول معاه
ضحكة عالية، ومفاتيح بتترمي على الترابيزة،
وهو بيقول:
= ادخلي جوّه… أنا جايلك
لكن قبل ما يفتح باب الأوضة…
سمع الصرخة
وقّف…
اتجمّد في مكانه
البنت سألته باستغراب:
= فيه إيه؟
ردّ وهو بيشد نفسه:
= استني لحظة كده
نزل السلم…
صوت قلبه بيدق
خطواته بتسرّع
بيفتح باب البدروم،
وهو مش مصدق عنيه.
كنت مرمية،
مبلولة عرق،
وشهي شاحب،
إيدي مسكه بطني
وعيني كلها دموع
اول ما شفته نسيت كل حاجه مش بفكر غير الوجع الي بيقتلني بالحيا بصلته برجاء ودموعي مغرقاني
= ك… كريم… بالله عليك… أنا بموت ساعدني
هو اتصدم
اتجمد
وكان هيزعق
بس سكت لما شاف حالتي
قال بصدمه
= حنين انت هنا ازاي
البنت اللي فوق سمعته بيقول اسمي
قربت
ولما شافت المنظر من فوق السلم…
شهقت وقالت:
= دي… دي عايشة هنا ازاي ؟ إنت مجنون؟
كريم لف ناحيتها وقال بعصبية:
= اطلعي برا… امشي!!
البنت جريت بسرعة ومشيت
مرعوبة، مش فاهمة حاجة
أما هو…
كان واقف متوتر، مش عارف يعمل إيه،
بس عنيه كانت بتقول إنه ضايع
قرب منها
ولأول مرة، بصلها بجد…
وشافها…
مش الشبح اللي كان بيتهرب منه
شافها… بني آدمه موجوعة…
بتولد من غير ضهر
وطى عليها
وشالها بحضنه
وهي بتبكي وبتتلوى من الوجع.
طلع بيها على طول…
دخل العربية،
وأول مرة في حياته يسوق وهو بيبص في المراية مش عشان شكله…
عشان يشوف عينيها… خايف عليها
= استحملي… استحملي بس شويه ونوصل
هي كانت بتهمس:
= "أنا خايفة…
أنا لو جرالي حاجة… حافظ على إبنك"
سكت…
بس نظرته كانت بتترعش
وصلوا المستشفى،
دخل بيها على الطوارئ،
الدكاترة خدتها بسرعة،
وهو واقف برا…
مش قادر يقعد
إيده على رأسه، ووشه بين إيديه كانه بيلوم نفسه علي كل حاجه
بعد ربع ساعة، خرج الدكتور وقاله:
= الولادة كانت صعبة جدًا…
وفي نزيف شديد حصل
وقت ما كان الدكتور بيكلمه...
خرجت وراه ممرضة…
شايلة في إيديها لفة صغيرة…
جواها كائن بيصرخ صرخة أول مرة يشوف فيها الدنيا
= مبروك… ولد
كريم وقف
اتجمد
اتسند على الحيطة
وسأل بصوت ضعيف :
= "هي… بخير؟"
الدكتور قال:
= حالياً مستقرة… النزيف وقف بعد تعب، بس محتاجة تتابع كويس
الراحة نزلت على قلبه،
بس مش كاملة…
لسه في حاجة ناقصة
بص على الممرضة…
اللي قربت منه ومدتله الولد
= تحب تشيله؟
قال وهو بيبص للبيبي:
= "أنا؟…
تفتكروا كريم هيعمل اي هل هياخد الولد ويسيب حنين ولا هيتخلي عنهم الاتنين
ولا ممكن حاجه تانيه تحصل
تصرف كريم بانه انقذنها كان اي ردة الفعل الي خدتوها عنه.....
تفااااعل ي شباب وقولولي بقي رايك في الروايه بجد
وعلي شخص بيقرا يسب بصمه كده ليه حلوه يفرحني بيها
تابعووووووني
رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا
رواية خيانة الوعد كامله من هنا
رواية الطفله والوحش كامله من هنا
رواية جحيم الغيره كامله من هنا
رواية مابين الضلوع كامله من هنا
رواية سيطرة ناعمه كامله من هنا
رواية يتيمه في قبضة صعيدي كامله من هنا
الروايات الكامله والحصريه بدون لينكات من هنا
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
تعليقات
إرسال تعليق