أخر الاخبار

نذير شوؤم البارت الاول حتي البارت الثامن والاخير بقلم ناهد خالد كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات


 نذير شوؤم

البارت الاول حتي البارت الثامن والاخير

بقلم ناهد خالد

كامله على مدونة النجم المتوهج للروايات 

-بصى يا حبيبتى كل شئ قسمه ونصيب , وابنى مش نصيبك .

ردت بهدوء أقرب للبرود :


-والسبب ؟ 


ردت المرأه بفظاظه مُفصحه عن السبب الحقيقى :


-بصى أنا مش هلف وادور , أنا ابنى لسه شاب صغير وأنا مش مستغنيه عنه وأنتِ منكرش أنك حلوه , بس الحته كلها عارفه أنك نذير شوم على الى حواليكِ , ورغم إنى رفضت لما قالى أنه عاوز يتقدملك بس هو أصر بس بعد ماخسر شغله والحادثه الى عملها من يومين هو نفسه مبقاش عاوز الموضوع ده .


وقفت بهدوء تام وكأن كل هذه الكلمات القاسيه 


التى قالتها المرأه ليست موجهه لها ودلفت لغرفتها جالبه ذهب الخطبه ثم عادت لها ووقفت أمامها قائله بنبره جامده :


-اتفضلى حاجتكوا اهى .


وقفت المرأه بلهفه تلتقط الذهب منها وقالت :


-تسلمى , وإن شاء الله ربنا يرزقك بنصيبك قريب ..


قالتها وركضت للخارج بسعاده كأنها قد تخلصت من كارثه ما في حياتها !


________( ناهد خالد )__________


-أنتِ داخله فين ؟ 


وقفت محلها وهى تهتف بتوتر :


-داخله لنسمه ياخالتى هى مش صاحبتى وده فرحها ! لازم أباركلها وكمان هى عزمتنى .


لوت المرأه شفتيها بضيق وقالت :


-مهى عبيطه عاوزه تبوظ ليلتها عشان تعزمك , بقولك إيه أنا ساكته على صحوبيتكوا غصب عنى عشان ياما كلمتها ومفيش فايده , بس أنا ماصدقت بنتى تتجوز ومش عاوزه ليلتها تبوظ بسبب حد , مباركتك وصلت بس دخول جوه مش هتدخلى , واتفضلى يا حبيبتى شرفتى .


قالت الأخيره بضيق واضح وهى تشير لها بالعوده ...


سارت بالطريق للعوده لمنزلها بعدما كُسر خاطرها للمره التى لا تعلم عددها , لكن هذه المره أشدهم كسرًا , كانت تريد أن تحضر زفاف صديقتها الوحيده خاصًة أنها ستتزوج من خارج المنطقه وستذهب مع عريسها ورُبما لن تراها إلا بعد فتره طويله , كانت تريد أن تشاركها فرحتها , لكن رغم كل هذا هي أيضًا كانت تخشى أن تحضر الزفاف فيصيبه لعنتها , بدأت تصدق ما يقوله الناس عنها , لا هى منذُ زمن وهى تصدق وليس الآن فقط !


تساقطت دموعها على غفله منها وهى تفكر فى كل ما يحدث معها منذُ جاءت لهذه الُدنيا لم يحدث معها شئ واحد جيد , وكأنها جاءت لتتعذب فقط !


كان يسير بسيارته الفارهه والتى لا يمتلكها أحد من منطقته سوى أفراد عائلته , يتطلع حوله للمنطقه بتفحص فهذه المره الأولى التى يأتى فيها هُنا , ولولا والده كبير أحد المناطق المجاوره الذى ألح عليهِ ليأتى كى يدعو كبير المنطقه لزفاف شقيقه لمَ جاء من الأساس , رأى فتاه تسير بجانب الطريق مقبله في اتجاهه فتوقف بسيارته ليسألها عن مكان منزل كبير المنطقه , ترجل بجسده المُعضل وطوله الفارهه وثيابه التي يظهر عليها الترف , ببنطاله الأسود وقميصه الأزرق الغامق وحذاءه الأسود المماثل للبنطال , رأى الفتاه تقترب أكثر بفستانها الواسع الذي امتزجت ألوانه بين الأسود والأخضر , ووشاح رأس أسود يغطى معظم وجهها ( البطله نفس شكل البنت الى في الغلاف بنفس الوشاح ) ..


انتبهت لوقوف أحدهم على بُعد قريب منها فمسحت دموعها والتفت حولها لتجد المكان خالِ من أهالى المنطقه فجميعهم فى الزفاف كعادتهم , حاولت تحاشى مكان وقفته فانزوت قليلاً للجهه الأخرى ومرت من جواره فاستمعت لصوته الأجش يهتف :

-لحظه يا آنسه ..

متنساش الايك والكومنتات💙


#نذير_شؤم #الفصل_الأول ( قسمه ونصيب! ) #ناهد_خالد 


-بصى يا حبيبتى كل شئ قسمه ونصيب , وابنى مش نصيبك .


ردت بهدوء أقرب للبرود :


-والسبب ؟ 


ردت المرأه بفظاظه مفصحه عن السبب الحقيقى :


-بصى أنا مش هلف وادور , أنا ابنى لسه شاب صغير وأنا مش مستغنيه عنه وأنتِ منكرش أنك حلوه , بس الحته كلها عارفه أنك نذير شوم على الى حواليكِ , ورغم إنى رفضت لما قالى أنه عاوز يتقدملك بس هو أصر بس بعد ماخسر شغله والحادثه الى عملها من يومين هو نفسه مبقاش عاوز الموضوع ده .


وقفت بهدوء تام وكأن كل هذه الكلمات التى قالتها المرأه ليست موجهه لها ودلفت لغرفتها جالبه ذهب الخطبه ثم عادت لها ووقفت أمامها قائله بنبره جامده :


-اتفضلى حاجتكوا اهى .


وقفت المرأه بلهفه تلتقط الذهب منها وقالت :


-تسلمى , وإن شاء الله ربنا يرزقك بنصيبك قريب ..


قالتها وركضت للخارج بسعاده كأنها قد تخلصت من كارثه ما في حياتها !


جلست فوق الأريكه بإنهاك , رغم تعدد الموقف وحدوثه لأكثر من خمس مرات سلفًا ولكنها فى كل مره تشعر بنفس الشعور , الخذلان , واليأس ,وقلة الحيله ! , كيف تثبت لهم أن كل ما يحدث معها ليس سوى .....هى نفسها لا تعلم تفسير لِمَ يحدث ولكنها تشعر أنها ليست كما يقولون , ليس نذير شؤم , ليست لعنه تصيب من يقترب منها بالأذى , لملمت خصلات شعرها الأصفر المتساقطه بضيق , وأسندت رأسها لظهر الأريكه المتهالكه وهى تفكر فى حياتها الماضيه منذُ ولادتها ..


طفله وُلدت فى يوم عاصف بالرياح والأمطار , صرخات والدتها تشق الأجواء حتى أتت هى بسلام , ولكن لم تحضر معها السلام , فى نفس اللحظه أتى أحدهم يركض لوالدتها ليخبرها بوقوع زوجها قتيلاً فى شجار كان دائرًا بينه وبين كبير المنطقه المجاوره , فقد كان والدها كبير منطقتهم حينها , وكان يريد أن يجلب صبى كى يكون خليفه له , ولكن أتت هى لتأخذ روحه فى نفس اللحظه ! هكذا قال عنها الجميع , وطُردت هى ووالدتها حين بلغت اليوم السابع فقط , طُردوا من بيت كبير المنطقه حين اجتمع الأهالى على اختيار الخليفه الجديد , وجاءت لهذه الشقه القديمه المتهالكه , ومرَّت بهم الأيام ومستواهم المادى فى الحضيض وكانت والدتها تعمل فى أحد المحلات الموجوده فى المنطقه , ولم تخلُ حياتهم من المصائب , حتى جائتها المصيبه الكبرى يوم نتيجة الثانويه العامه حين عادت بملامح تطير فرحًا لأنها قد حصلت على مجموع يضمن لها مكانًا جيدًا فى أحد الجامعات حسب التنسيق , كانت تود أن يتنهى الطريق فى غمضة عين لتصل لوالدتها وتبلغها بنجاحها , وليتها لم تصل , وصلت لتجد والدتها قد قررت تركها وصعدت روحها كى تنقص فرحتها وتتحطم على صخرة الواقع , وحينها وجدت نفسها بمفردها فى مواجهة الحياه التى لم ترحمها منذُ أتت عليها , تخلت حينها عن حلمها فى الإلتحاق بالجامعه , وقررت العمل كى تستطيع تولى أمور معيشتها , وعملت فى نفس المحل مكان والدتها , ومرَّت بها الأيام وهى على نفس الوضع حتى مرَّ عام , وبدأ الخطاب يدقون بابها ومن هُنا وعُرفت بأنها نذير شؤم , رُبما كان الجميع يقول هذا عنها منذُ ولادتها ولكن ترسخت لديهم الفكره أكثر منذُ بدأت تستقبل الخطاب , وبدأوا يقولون هذا فى وجهها ويبتعدون عنها ويخشون وجودها فى أى مناسبه كى لا تُفسد بسببها , تتذكر أول شاب جاء لخُطبتها حين اتفقوا على موعد قراءة الفاتحه توفت والدته , ولكنه لم يضع بالاً للأمر , وحين اتفقوا على موعد جديد نشبَ حريق فى منزلهم فى نفس اليوم المُتفق , حينها لم يأتى الشاب مره أخرى , وتكرر نفس الشئ مع الثلاثه الذين تلوه مع اختلاف الأحداث , حتى الشاب الأخير الذى جاءت والدته الآن لتنهى الخُطبه , ولهذا يتحاشاها الجميع كأنها وباء , وعُرفت فى المنطقه أن " نواره إبنة حسن " نزير شؤم .


" نواره حسن " فتاه فى الخامسه والعشرون , جميله جمال يشهد له الجميع , بخصلاتها الشقراء التى تختبئ أسفل وشاحها , ووجه الأبيض الممتلئ قليلاً , وأعينها البُنيه الجذابه , وجسدها المتوسط بشكل ملائم , لا يُنكر أحد جمالها ورُبما هذا ما يجعل الشباب يغامرون ويتقدمون لخُطبتها على الحظ يُحالفهم ويستطيعون الإستمرار معها , ولكن للآن لم يحدث هذا ..وكل قصة تنتهى بنفس الجمله "كل شئ قسمه ونصيب "


________( ناهد خالد )__________


_______( ناهد خالد )_________


ترجل درجات السُلم بقدميهِ الطويلتان قاصدًا شقة والده , فمنزلهم يتكون من ثلاث طوابق وكل طابق بهِ شقتان كبيرتان , ولِمَ لا أليس هذا منزل كبير منطقة " الحدادين " هكذا سُميت منذُ قديم الأزل لشهرتها بكثرة الحدادين الماهرين بها , مرَّ على شقة أخيهِ الأكبر أثناء نزوله فوجد زوجته تخرج منها توقف بغته كى لا يصطدم بها , وتوقفت هى تبتسم له بلُطف وقالت :


-صباح الخير يا دكتور .


ابتسم بهدوء ورزانه كعادته وردَّ :


-صباح الخير يا زينب , هو إبراهيم لسه نايم ؟


ردت نافيه :


-لا نايم إيه ده راح يوصل عمرو للمدرسه .


ضحك بخفه وهو يقول :


-عمرو ده بيربيه من أول وجديد , عالأقل بقى بيصحى بدرى .


أومأت بتأكيد وهى تقول :


-معاك حق , الأول كان بيصحى الضهر من يوم ما عمرو اتولد وهو من الساعه 7 تلاقيه واقف على حيله .


رأى أخيهِ الأصغر يخرج من الشقه المجاوره فهتف :


-يلا عقبال الباقى .


ابتسم الأخير وهو يغلق باب شقته وقال :


-باقى أيه بقى قصدك مين يا دكتور ! أنا الحمد لله الحاج مطلع عينى وبيصحينى من بدرى زى ما أنت شايف .


-لا مانا مش قصدى على الصحيان , قصدى عقبال ما يتصلح حالك وتبطل سهر للفجر .


ردت زينب بضحكه خافته :


-سهر إيه بقى كلها يومين ويتجوز , ولو سهر فى يوم هيلاقى بوظ مُنى شبرين قدامها .


ضحك " محمد " وهو يتجه لأخيه الأكبر وأحاط كِتفه وهو يقول :


-أنت تسكت خالص مش كفايه دبستنى اتجوز قبلك .


-ليه وأنا مالى مش أنت الى قولت عاوز اتجوز !


-ماهو أبوك مش سايبنى فى حالى لكن لو كنت أنت قلتها قبلى كان زمانه مشغول فيك .


أزاح يديهِ وقال :


-طب اوعى يا أخويا أنزل أشوف الحاج عاوز إيه باعتلى بقاله مُده .


أكمل النزول ليستمع ل محمد يقول :


-يارب يكون عاوز يجوزك .


ضحك بخفه وهو يرفع صوته قائلاً :


-ده بعينك ..


عائلة " المهدى " كِبار منطقة " الحدادين " الموجوده فى أحد المناطق النائيه فى القاهره والمتسمه بالشعبيه الباحته . 


تشمل العائله " منتصر المهدى " الأب , وزوجاته " سُريه ورحاب ", الساكنتان فى الطابق الأول من المنزل كلاً منهما فى شقه , وفى الطابق الثانى " إبراهيم وزينب " و مقابلهما شقة " محمد " , إبراهيم ومُحمد أولاد سُريه الزوجه الأولى , وفى الطابق الثالث يقطن بطلنا فى أحد الشقق والشقه الأخرى جعلها والده فارغه لا تحتوى سوى على مكتبه والأوراق الهامه ويقضى بعض وقته بها حين يريد الإختلاء بنفسه .


دق باب الشقه التى بعث له والده فيها ففتحت شقيقته الصغرى " سمر " وهى تبتسم له :


-صباح الخير يا أبيه .


قبل جبينها وهو يدلف :


-صباح الفل يا سمر , اومال الحاجه فين ؟


قالها وهو يمشط الصاله بعيناه لتخرج والدته " رحاب " من المطبخ وهى تقول :


-أنا هنا يا حبيبى .


اقترب مقبلاً يدها وقال :


-صباح الخير يا حاجه .


ابتسمت برضا وهى تجيبه :


-صباح القمر على عيونك ياقلب الحاجه .


-آه ماهو حبيب القلب بقى .


كانت هذه جملة " منتصر " الذى قالها وهو يخرج من غرفة مكتبه وأكمل وهو يشير له :


-ورايا يا دكتور مش وقت غرميات .


همس لوالدته وقال :


-شكل الحاج بيغير اما الحقه ليقلب عليا .


ضحكت بخفه وهى تراه يلحق بوالده وعادت للمطبخ كى تنهى إعداد الإفطار . 


________( ناهد خالد )______


-أؤمر ياحاج .


-أقعد يا يوسف عاوزك فى موضوعين .


جلس أمام والده منتظرًا حديثه ..


" يوسف المهدى " صاحب الثلاثون عامًا , طبيب نساء , قضى سنوات دراسته بالجامعه فى القاهره وعمل هناك ولم يعود إلا من عام فقط , حين قرر إفتتاح عياده كبيره فى منطقته كى يفيد أهالى المنطقه بعلمه خاصًة مع قلة الأطباء الموجودين فلا يتعدى عددهم ثلاث , ووجود مستشفى عام يقل فيها عدد الأطباء أيضًا , عيناه بُنيه غامقه , وشعره أسود غزير ورغم بلوغه الثلاثون لم يظهر فى خصلاته البياض , بشرته خمريه وملامحه قريبه لملامح الرجل العربى الأصيل , ورُبما هذا سر جذبيته .


-أولاً عاوزك تروح للحاج محروس كبير " العزايزى "


قطب حاجبيه باستغراب وقال :


-واشمعنا أنا ياحاج ؟ أنت عارف أنى معرفش المناطق الى حوالينا !


-إبراهيم راح يوصل ابنه للمدرسه وبعدها هينزل القاهره يجيب بضاعه للمصنع بتاعنا ومش هيرجع غير بكره على ما يخلص الى وراه هناك , ومحمد مشغول فى تجهيزات الفرح ونازل طنطا يشتري العفش , ومينفعش ابعت حد من رجالتى لازم أقدر الراجل وابعتله حد منا .


أومئ بموافقه وقال :


-ماشى يا حاج هروح , حاجه تانيه ؟


-آه أنت ناوى تشوف حياتك امتى بقى !


ضحك بخفه وقال :


-ياحاج ده الواد لسه متجوزش وبتفكر فى الى بعده !


رفع منتصر إصبعه وهو يقول مُصححًا :


-قصدك الى قبله .


تنهد بهدوء وقال :


-بص ياحاج أنا مش رافض الموضوع وأكيد هييجى يوم وأنا بنفسى هقولك عاوز أتجوز بس لما النصيب ييجى .


أومئ له منتصر بتنهيده وقال :


-ماشى يا يوسف زى ما تحب أما نشوف أخرتها .


وقف وهو يبتسم وقال :


-أخرتها فل إن شاء الله .


_____( ناهد خالد )______


مساءً .....


ارتدت ثيابها وعدلت وشاحها فوق رأسها ووضعت الكحل فى عيناها الساحره وبعض الحُمره على شفتيها وخرجت من منزلها قاصده منزل صديقتها الوحيده " نسمه " كى تحضر حفل زفافها ..


وصلت للمنزل وكادت تدلف لتلتفت على صوت والدة نسمه القريب منها وهى تقول :


-أنتِ داخله فين ؟ 


وقفت محلها وهى تهتف بتوتر :


-داخله لنسمه ياخالتى هى مش صاحبتى وده فرحها ! لازم أباركلها وكمان هى عزمتنى .


لوت المرأه شفتيها بضيق وقالت :


-مهى عبيطه عاوزه تبوظ ليلتها عشان تعزمك , بقولك إيه أنا ساكته على صحوبيتكوا غصب عنى عشان ياما كلمتها ومفيش فايده , بس أنا ماصدقت بنتى تتجوز ومش عاوزه ليلتها تبوظ بسبب حد , مباركتك وصلت بس دخول جوه مش هتدخلى , واتفضلى يا حبيبتى شرفتى .


قالت الأخيره بضيق واضح وهى تشير لها بالعوده ...


سارت بالطريق للعوده لمنزلها بعدما كُسر خاطرها للمره التى لا تعلم عددها , لكن هذه المره أشدهم كسرًا , كانت تريد أن تحضر زفاف صديقتها الوحيده خاصًة أنها ستتزوج من خارج المنطقه وستذهب مع عريسها ورُبما لن تراها إلا بعد فتره طويله , كانت تريد أن تشاركها فرحتها , لكن رغم كل هذا هي أيضًا كانت تخشى أن تحضر الزفاف فيصيبه لعنتها , بدأت تصدق ما يقوله الناس عنها , لا هى منذُ زمن وهى تصدق وليس الآن فقط !


تساقطت دموعها على غفله منها وهى تفكر فى كل ما يحدث معها منذُ جاءت لهذه الُدنيا لم يحدث معها شئ واحد جيد , وكأنها جاءت لتتعذب فقط !


_____( ناهد خالد )_____


كان يسير بسيارته الفارهه والتى لا يمتلكها أحد من منطقته سوى أفراد عائلته , يتطلع حوله للمنطقه بتفحص فهذه المره الأولى التى يأتى فيها هُنا , ولولا والده الذى ألح عليهِ ليأتى كى يدعو كبير المنطقه لزفاف شقيقه لمَ جاء من الأساس , رأى فتاه تسير بجانب الطريق مقبله في اتجاهه فتوقف بسيارته ليسألها عن مكان منزل كبير المنطقه , ترجل بجسده المُعضل وطوله الفارهه وثيابه التي يظهر عليها الترف , ببنطاله الأسود وقميصه الأزرق الغامق وحذاءه الأسود المماثل للبنطال , رأى الفتاه تقترب أكثر بفستانها الواسع الذي امتزجت ألوانه بين الأسود والأخضر , ووشاح رأس أسود يغطى معظم وجهها ( البطله نفس شكل البنت الى في الغلاف بنفس الوشاح ) ..


انتبهت لوقوف أحدهم على بُعد قريب منها فمسحت دموعها والتفت حولها لتجد المكان خالِ من أهالى المنطقه فجميعهم فى الزفاف كعادتهم , حاولت تحاشى مكان وقفته فانزوت قليلاً للجهه الأخرى ومرت من جواره فاستمعت لصوته الأجش يهتف :


-لحظه يا آنسه ...


وقفت تنظر له بتوتر ظهر فى عيناها , فهتف هو بجديه :


-ممكن أعرف فين بيت الحاج ... ؟


زفر بضيق حين نسى الإسم فأكمل :


-هو كبير المنطقه هنا .


جذبت الوشاح أكثر تدارى بهِ وجهها فمن سِمات أهل المنطقه أنهم لا ينكشفون على غريب ..هتفت بصوتها المختنق قليلاً أثر بكائها منذُ قليل ورغم هذا ظهرت نبرته المميزه وقالت بتساؤل :


-قصدك الحاج محروس !


صمت قليلاً وهو يستمع لنبرتها المميزه لكنه قال بإدراك :


-ايوه محروس صح ..

كادت تجيبه لكنها شهقت بخضه حين استمعت لإصطدام قوى خلفها , نظرت للخلف بأعين متسعه لتجد سيارة الغريب قد صُدمت بسياره أخرى , هل بدأت لعنتها فى العمل بهذه السرعه !!! 

#نذير_شؤم #الفصل_الثانى #لقاء_الغريب #ناهد_خالد


-الله الله , ايه ده لاحول ولاقوة إلا بالله معلش يا أستاذ والله ماشوفت العربيه معرفش ازاى دخلت فيها كده .


قالها السائق الذى ترجل من سيارته بعدما صدم سيارة " يوسف " , وأنهى حديثه ملقيًا بنظره جانبيه ل " نواره " التى تركت من يدها وشاح رأسها فكُشف وجهها , توترت من نظرته , ونظر لها " يوسف " بعدم فهم لنظرة الرجل لكن تجمدات نظراته عليها وهو يرى ملامحها واضحه أسفل ضوء عمود الإناره , لم تكن عينه زائغه يومًا ولم يلفت نظره أى إمرأه مهما كان جمالها ,ولكنه لن ينكر إنجذابه لهذه الفتاه , لا يعلم لِمَ لكنه يشعر أن ملامحها مميزه عن الجميع , فيها مزيج من براءه طفل فى السابعه , وحزن عجوز فى الثمانين , شقاوة فتاه فى العشرون , وضعف إمرأه فى الخمسين , كل شئ وعكسه بشكل غريب لكنه مميز , وعيناها التى رفعتها الآن أقضت على الباقى من ثباته , عينان بلون البندق الرائع فيهما صفاء وحزن اختلطا ببعضهما ليعطيا بريق جميل ومُحبب ...


أزال نظراته عنها حين هتف الرجل :


-لامؤاخذه يا أستاذ الخبطه مجتش شديده الحمد لله , بس يعنى أنا لولا الحال كنت صلحتهالك على حسابى .


التف له ورد بهدوء :


-خلاص حصل خير .


رد الأخير بضيق :


-مهو لولا وقوفك معاها مكنش حصل الى حصل .


ضيق " يوسف " عينيهِ بعدم فهم وهو يسأله :


-وقوفى مع مين ؟ 


لوى الرجل فمه بضيق وقال :


-مع الى كنت واقف معاها .


التف " يوسف " لجانبه فوجدها قد ذهبت ورأى طيفها بعيدًا تسير بسرعه , عاد بنظره لمن أمامه وسأله باستفسار :


-أنا مش فاهم , هى أيه علاقتها بأنك خبط عربيتى .


-ازاى بقى , ده ليها علاقه ونص , أصل حضرتك مش فاهم إكمنك غريب عن المنطقه يعنى , البت دى وش نحس محدش بيقرب منها غير لما يحصله مصيبه , وأديك شوفت عشان بس وقفت معاها عربيتك اتخبطت .


ضيق " يوسف " حاجبيهِ بضيق وقال :


-إيه الجهل ده ! 


زجره الرجل بعدم رضا وهو يرد باستنكار :


-جهل ! , الله يسامحك يا حضرت , وعمومًا أنا قولتلك الى فيها وأنت حر بالإذن .


نظر " يوسف " لذهابه بضيق وهو يردد :


-يعنى شارب ومتنيل وبتلبس عملتك فى البت !


فقد أدرك يوسف هذا منذُ رآه , فهو طبيب ألن يعرف إن كان من أمامه تحت تأثير أحد المخدرات أم لا ؟ 


اتجه لسيارته وقرر الدلوف للداخل أكثر حتى يجد أحد يسأله عن منزل محروس هذا ..


______( ناهد خالد )______


وصلت منزلها وهى بالكاد تسير على قدمها فلم يخفى عنها ما قاله ذلك الرجل للغريب عنها وعن وقوفه معها فقد استمعت لبعض كلماته قبل أن تبتعد تمامًا , رفعت نظرها لتدلف من باب المنزل لكنها شهقت بخضه حين وجدت صاحب البيت يقف أمام الباب , توقفت تلتقط نفسها وهى تهتف بعتاب :


-الله يسامحك ياعم صابر فزعتنى .


رد " صابر " بابتسامه سمجه :


-سلامتك من الفزع ياختى , فى موضوع مهم عاوزك فيه .


تململت فى وقفتها بضيق وقالت :


-خير ؟


-بصى بقى أنا ابنى خطب خلاص وهيتجوز بعد سنه , وأديكِ شايفه الشقق كلها سكنت وأنا مش هجوز الواد فى إيجار وأنا عندى مِلك , فكنت محتاج شقتك عشان يدوب أجهزها وأظبطها عشان الواد يتجوز فيها .


اتسعت عيناها بصدمه وهى تردد :


-أنت بتقول يا عم صابر أنت عاوز تطردنى من الشقه ؟


-اومال أجوز ابنى فين أسيبله شقتى وأبات فى الشارع ؟ ثم إنى من زمان وأنا بلمحلك أنك تسيبِ الشقه بس أنتِ عامله هبله .


ارتفع صوتها بغضب وهى ترد :


-هبلة ايه ! أنا فكرتك بتلمح أنك تزود الإيجار , لكن تسيبنى الشقه ! , بعدين أشمعنا أنا ما فى شقتين غيرى !


-الشقتين دول معاهم عيال , لكن أنتِ بطولك , وبعدين بقى تحمدى ربنا أنى سيبتك قاعده فى الشقه كل ده مع الى عارفينه عنك والناس بتقوله عليكِ .


وهنا أشتعل فتيل الغضب لديها فلِمَ يحدثها وكأنها ذات أخلاق سيئه ! , هتفت بغضب وصوتِ عالِ كأنها تفجر فيهِ كل ما مرت بهِ فى يومها بدأً من فسخ خطبتها ل مقابلتها لذلك الغريب الذى تسببت فى صدم سيارته بحديثها معه :


-جرا ايه ياراجل أنت ؟ أنت مالك ياخويا بتتكلم وكأنى ماشيه على حل شعرى ولا فاتحه شقتى للى داخل واللى خارج ! , كلام ايه الى الناس بتقوله عنى ! دى مخاخكم المريضه هى الى موصللكوا الفكره دى عنى , وأخبطوا دماغكوا فى أتخن حيط أنتوا وأفكاركوا , دى شقتى وبقالى سنين فيها وفى عقد إيجار لما يخلص ابقى تعالى كلمنى .


صُدم من إنفجارها بهِ , لأول مره ترفع صوتها وتقف فى مواجهة أحدهم لطالما كانت تتخذ الصمت منهجًا لها , ولكن مالا يعرفه أن لكل إنسان طاقه , وحين تنفذ طاقته ستتفاجئ بمن أمامك وكأنك تراه لأول مره , ابتسم بتشفى بعدم أفاق من صدمته وقال :


-لا هو أنا مقولتلكيش , مش العقد خلص من يومين , كان آخره الشهر الى فات وأدينا بدأنا شهر جديد , وأنا الى قولت أعمل بأصلى وأديكِ مهله الشهر ده , لكن أنتِ متستهليش , بكره عاوز الشقه وتفضى متفضاش بكره هاخدها يأما هتلاقى نفسك فى الشارع .


أنهى حديثه وتركها ودلف للداخل غير مراعيًا بحالتها , شعرت فى هذه اللحظه بالتشرد وليس هناك كلمه تصف حالتها غير هذه , أين ستذهب ؟ تدرك جيدًا أنها لن تجد أحد يأويها فى هذه المنطقه , فجميعهم يتمنون أن يتخلصوا منها اليوم قبل غدًا ....جلست أمام الباب على درجة السلم الوحيده وهى تنظر أمامها بشرود وهم , ماذا ستفعل غدًا , أستترك المأوى الذى قضت فيهِ حياتها الماضيه , وأين ستذهب ؟ , وماذا ستفعل فى عملها المرتبط بهذه المنطقه !...


____________( ناهد خالد )__________


كان عائدًا بعدما أنهى مقابلة من جاء ليدعيهِ على زفاف أخيه , وطوال الوقت تشغل باله تلك الفتاه التى قابلها صدفه وشُغل عقله بقصتها , وعن ما قاله الرجل عنها , تُرى ما قصتها ليظنون أنها كما قال الرجل " وش نحس " , وهل يربطون كل شئ سئ يحدث بها !


نظر يمينًا وهو يسير بسيارته فى الشارع الرئيسى كى يخرج من المنطقه , فلمحها تجلس أمام أحد البيوت ذات الثلاث طوابق تقريبًا , كانت تنظر أمامها بشرود كأنها لا تعى ما حولها , أوقف سيارته بعدما تخطتها ونظر من مرآة السياره عليها ليجدها لم تحرك عيناها حتى رغم مرور السياره أمامها , ظل محله يفكر لِمَ توقف ؟ ولِمَ يشعر بالفضول لمعرفة قصتها ؟ رُبما جذبته ملامحها المميزه , ورُبما صوتها الرقيق , ورُبما نظرة الحزن التى كانت تحتل عيناها , أو حديث الرجل عنها وإثارة فضوله حول قصتها , وجلوسها الآن كأنها تحمل هموم الكون بأكمله! , لِمَ فتاه رُبما فى بداية العشرينات من عمرها تبدو بكل هذا البؤس والحزن ! زفر بضيق بعدما طال تفكيره بها وطالت وقفته فقرر الذهاب , ما شأنه بها ليفكر فى أمرها أو يقف أمامها هكذا ! فليتركها بما تعانيه لا دخل له , هكذا حدث نفسه قبل أن يترجل من سيارته متجهًا صوبها !!! ..


لم يشعر بنفسه إلا وهو يقف أمامها ! , ماذا حدث له ألم يقرر الذهاب !؟ , لِمَ جاء لها وماذا سيقول ؟


رفعت عيناها الممتلئه بدموع أبت النزول حين شعرت بوقوفه أمامها , ضيقت حاجبيها باستغراب حين رأته أمامها , لِمَ عاد مره أخرى ؟


أنزلت عيناها وجذبت الوشاح على وجهها أكثر ثم هبت واقفه أمامه وقالت :


-خير يا أستاذ أيه الى رجعك تانى ؟


حمحم بحرج وهو يدرك الموقف الذى وضع نفسه بهِ وقال :


-لا أبدًا أنا خلصت مشوارى بعدين وأنا راجع شوفتك قاعده كده ففكرتك محتاجه مساعده .


قطبت حاجبيها باستفسار وقالت :


-مساعده ازاى يعنى ؟


رفع منكبيهِ بجهل وهو يقول :


-بصراحه أنتِ غريبه من وقت ماشوفتك , مشيتِ فجأه من غير ما تدلينى على البيت , ودلوقتِ قاعده فى الشارع لوحدك والكل فى الفرح الى هناك ده هو أنتِ كنتِ راجعه منه ؟


-وأنت مالك ! أمرك غريب يا أستاذ أنت مش شايف أنك بتدخل فى الى ملكش فيه ؟


قالتها بحده وهى ترفع أحد حاجبيها , فهى بالأساس لا تطيق نفسها حتى يأتى هذا ويتطفل عليها !


نظر لها " يوسف " بضيق وقال :


-تصدقى أنا غلطان أنى جيت أتكلم معاكِ أصلاً .


التف ليعود لسيارته , ووقفت هى تنظر له بضيق حتى أت بعقلها شئ ما فرفعت صوتها تنادى بلهفه :


-استنى يا ..أنت يا أستاذ استنى ..


وكان يسمع ندائها لكنه لم يلتفت لها لضيقه منها , ركضت تلحق بهِ قبل ذهابه فلحقت بهِ بعدما استقل سيارته وكاد يديرها ليذهب , استندت على حافة نافذة السياره وهى تهتف له بضيق :


-ايه قلة الذوق دى ! أنا مش بنادى !


نظر لها ببرود ورد :


-وأنا مش عاوز أرد .


جذت على شفتيها بضيق وعيناها تشتعل غضبًا لكنها تسائلت بهدوء :


-هو أنت منين ؟


ابتسم لها باستمتاع لرؤية عيناها تموج بالغضب ورد بابتسامه سمجه :


-وأنتِ مالك؟ أمرك غريب يا أنسه مش شايفه أنك بتتدخلى فى الى ملكيش فيه ؟ 


تحولت ملامحها للبراءه البحته وهى تقول :


-هو أنت يعنى زعلت ؟ , ده أنا كنت بهزر .


رفع حاجبه باستنكار :


-لا يا شيخه ؟ بتهزرى ؟ ده أنتِ كنتِ هتضربينى .


شهقت بخضه مصطنعه وهى تقول :


-اضربك! طب بذمتك أنا كنت طايلاك حتى عشان أضربك ! , بعدين أنا كنت متضايقه شويه وجت فيك .


تنهد بهدوء ثم قال :


-عاوزه ايه ؟


-أنت منين ؟


-من الحدادين .


هتفت بلهفه :


-طب تعرف مكان عندكوا عاوز ساكن ؟


ضيق حاجبه متسائلاً :


-عاوزه شقه يعنى ؟


-ايوه , بس إيجار .


نظر حوله بتفحص ثم نظر لها متسائلاً :


-أومال أنتِ عايشه فين ؟


أشارت على المنزل الذى كانت تجلس أمامه وقالت :


-هناك , بس هسيب الشقه بكره .


سألها باستغراب :


-ليه ؟


أخفضت نظرها وهى تردد بخفوت :


-ظروف , والمنطقه هنا مفيهاش شقه فاضيه كلهم ساكنين , فقولت أسألك جايز فى المنطقه عندكوا فيه ..


تذكر منزل والده الآخر الذى فتح فى أحد شققه عيادته الخاصه والتى يوجد فوقه شقتان فارغتان لم يتم الانتهاء منهما فقال :


-بصى أنا أعرف شقتين فاضيين بس على المحاره ( الأسمنت ) فاضلهم الدهان وشوية تشطيبات خفيفه كده لو حابه ....


قاطعته بلهفه وهى تقول :


-مش مهم يكونوا متشطبين أنا موافقه . 


ابتسم وهو يقول :


-تمام , ممكن تقعدى فى واحده منهم على التانيه متتشطب وتنقلى فيها , تعالى بكره وأسألى على بيت دكتور يوسف المهدى أى حد هيدلك , وأنا هبعت معاكِ حد يوريكِ الشقه .


تسائلت بحرج :


-طب يعنى هو إيجار الشقق عندكوا غالى ؟


ابتسم لها بلطف ورد :


-متقلقيش هتوسطلك عند صاحب الشقه وهتدفعى الإيجار الى تحبيه .


ابتسمت بحرج من سؤالها عن المال ومن حديثه ولكن ماذا تفعل فهى تعرف إمكانيتها المتدهوره أتذهب دون علم بمبلغ الإيجار وتُفاجئ بالسعر هناك , وحينها ستضطر أن ترفض وتبقى هى وأشيائها بالشارع.....


تنهدت بحزن على حالها ثم نظرت له مبتسمه ابتسامه صغيره وقالت :


-تمام شكرًا إن شاء الله هكون عند حضرتك بكره .


لاحظ التغير فى ملامحها ونظرة عيناها الحزينه لكنه فضل الصمت وذهب على وعد منها باللقاء غدًا ....


__________( ناهد خالد )______


صباح اليوم التالى ....


انتهت من حزم أمتعتها وجلبت سياره تنقل فرشها , ثم وقفت أمام المحل الذى كانت تعمل بهِ فهتف العجوز الجالس بالداخل ..


-تعالى يابت يا نواره واقفه عندك ليه ؟ وايه الى أخرك النهارده ؟


ابتسمت بحزن واتجهت للداخل حتى وقفت أمام هذا العجوز فمالت على رأسه تقبلها بدموع محبوسه ثم اعتدلت فى وقفتها وقالت :


-معلش بقى ياحاج محسن مش هتأخر تانى .


ابتسم العجوز وهو يقول :


-عارف , عشان أنتِ عمرك ما تأخرتى دى أول مره تعمليها .


ابتسمت بحزن وهى تقول :


-وآخر مره , مش عشان مش هتأخر , عشان مش هتشوفنى تانى .


نظر لها محسن باستغراب وهو يسألها :


-ليه يابت اوعى تكونِ اتجوزتى من ورايا .


-اتجوز ايه بس يا حاج محسن , أنا هسيب المنطقه .


-ايه الكلام ده ! فجأه كده ؟


-صابر عاوز شقتى يجوز فيها ابنه , وطردنى منها امبارح , وأنت عارف محدش فى المنطقه هنا هيسكنى , وبصراحه أنا خلاص مبقاش عندى طاقه اتحملهم ولا أتحمل كلامهم , والوحيده الى كانت بتهون عليا شويه اتجوزت ومشيت وحتى محضرتش فرحها , مبقاش فى حيل أسمع كلامهم وأعديه , والعمر بيعدى بيا وطول ما أنا هنا هفضل موصومه بوشم نواره بنت حسن نذير شوم محدش يقرب منها لتصيبه لعنتها , هروح حته تانيه يمكن الاقى فيها حظى .


ابتسم لها محسن وهو يقول :


-فكرك العيب فى المكان ! , العيب فى عقول الناس يابنتى مش فى المكان , يعنى المكان الى أنتِ رايحاه مش هيبقى فيه عيوب , مش هتلاقى ناس جهله فى تفكيرهم برضو ! , بس أنا عارف قصدك , أنتِ عاوزه تبعدى عن هنا يمكن تلاقى الراحه وحتى لو ملقتيهاش عالأقل هتكونِ خلصتِ من كلامهم ونظراتهم ليكِ الى مبترحمش وكأنك عامله جنايه , يعز عليا فراقك يابنتى , وأنا اتعودت عليكِ خلاص بعد ماخدتِ مكان أمك الله يرحمها , بس الأحسن ليكِ اعمليه .


ربطت على كتفهِ وهى تقول بعزم :


-هرجع ياحاج محسن , هرجع عشان أثبتلهم أنى مش نذير شوم , هرجع عشان أثبتلهم إن مش كل الى بيقرب منى بيتأذى , أكيد فى يوم هرجع .


كانت تقنع نفسها بكلماتها هذه علّها تتخلص من شعورها بصدق أحاديثهم وإقناع ذاتها أنها ليست نذير شؤم كما يدعون , تدرك جيدًا أن كل هذا ليس سوى قدر كتبه الله , ولكن رُبما كثرة الأحداث التى لا تجد لها تفسير هو ما زعزع يقينها قليلاً ....


_______( ناهد خالد )_______


وصلت أمام منطقة " الحدادين " فوقفت تتلفت حولها بعدما ترجلت من أحد وسائل الموصلات الذي يُدعى " توكتوك " وتتبعه السياره التى تحمل أغراضها , تلفتت حولها حتى وجدت سيده تمر من جوارها فأردفت سريعًا :


-لو سمحتِ يا خاله .


نظرت لها السيده وهى تجيب :


-ايوه .


-هو فين بيت دكتور يوسف المهدى ؟


نظرت لها السيده بتفحص لملابسها السوداء المتهالكه قليلاً وحالتها المشابهه لمعظم أهالى المنطقه قبل أن تقول بشك :


-قصدك دكتور يوسف ابن كبير المنطقه وده تعرفيه منين ياختى ؟


رددت بصدمه وحاجبان مرفوعان دهشةً :


-ابن كبير المنطقه ! أنتِ بتقولى ايه ؟


ابن كبير المنطقه ! وهل تركت الجميع وطلبت المساعده منهِ هو ؟ وهو من حدثته بتلك الطريقه الحاده ؟ , لكن لِمَ وافق على مساعدتها ؟ فبالعاده أبناء كِبار المنطقه يتكبرون على الجميع ولا يقفون للحديث معهم حتى , ولكن هو لم يبدو عليهِ مثل ما يبدو عليهم رغم مظاهر الترف التى ظهرت واضحه فى ثيابه وسيارته كيف لم تنتبه للأمر !


-ياست ..


التفت على صوت صبى رُبما فى الرابعة عشر فنظرت له بصمت قاطعه هو وهو يقول :


-مش أنتِ الى جايه لدكتور يوسف ؟


أومأت إيجابًا فقال :


-طب تعالى معايا هو قالى أفضل هنا على أول المنطقه عشان لم تيجى أوديكِ له .


سارت خلفه مرغمه فقد أتت لهنا وأنتهى الأمر , وستقبل بمساعدته لأنها ليس لديها حل آخر , وحينما تحصل على الشقه ستبتعد عنه تمامًا فلا ينقصها حديث الناس عنها بتوددها لأبن كبير منطقتهم ...


وقفت أسفل البنايه وصعد الصبى ليخبر " يوسف " بوجودها , ثوانِ وترجل لها مرتديًا بنطال من الجينز الأزرق وتيشرت أبيض اللون وحذاء رياضى أبيض , فبدى مختلفًا تمامًا عن المره السابقه , نظرت له باستغراب فقد ظنته من أولئك الذين يرتدون الثياب الكلاسيكيه دومًا لكنه خالف توقعها .


اقترب منها مبتسمًا وقال :


-صباح الخير.


ردت بوجه متهجم :


-صباح النور , فين الى هتبعته معايا أشوف الشقه ؟


قطب حاجبيهِ باستغراب وقال :


-أنتِ مالك مستعجله كده ؟ وشكلك مضايق , فى حد ضايقك هنا ؟


ردت باقتضاب :


-لأ , بس أنا محتاجه ارتاح .


ذم شفتيهِ باستسلام وقال :


-تمام يلا .


نظرت له بعدم فهم :


-يلا ايه ؟


ابتسم بهدوء وقال :


-هوريكِ الشقه .


قالها ببساطه ولم يتوقع ردة الفعل الأخيره ...

#نذير_شؤم #الفصل_الثالث  #ابن_الكبير  # #ناهد_خالد

- هوريكِ الشقه .

كانت الجمله الأخيره التى قالها ولم يدرى ماذا حدث بعدها , صوتها العالى ووجهها المحتقن بالغضب وحديثها جعله يقف مبهوتًا , لا يدرى ماذا قال ليستمع لكل هذا !

- شقة ايه الى هتوريهالى ! أنت مش قولت امبارح أنك هتبعت معايا حد يورينى الشقه !, ثم لما الناس تشوفنى داخله معاك البيت ده هيقول عليا ايه ..بقولك ايه يا أستاذ أنت إن كانت فاكر عشان محتاجه لمساعدتك هقبل أنك تتجاوز حدودك معايا تبقى غلطان , ومش عشان أنت كبير المنطقه هسكتلك , الى خلق منطقتكوا دى يا أخويا خلق ألف غيرها وأرض الله واسعه , وأنا الى غلطانه أنى طلبت مساعدتك أصلاً ..بالإذن .


لم يحرك ساكنًا حتى وهو يراها تذهب من أمامه فهو لم يستعب ردة فعلها بعد , وجاء الحديث من والده الذى استمع لِمَ حدث أثناء خروجه من المنزل فهتف ضاحكًا :


- تعالى بس رايحه فين ؟


توقفت على صوته والتفت بوجه متهجم غاضب تنظر له لكن لانت ملامحها حين وجدته رجل كبير فى السن , نظر " منتصر " ليوسف الذى مازالت الصدمه على وجهه فضحك عليهِ وهو يقول :


- ايه يا دكتور خلتك مش عارف ترد عليها ؟


انتبه " يوسف " لحديث والده فنظر له بنظراته المصدوم وهو يقول :


- والله ياحاج الصدمه بس الى مخلايانى مش مستوعب الحوار الى عملته ده .


نظر " منتصر "لها وقال :


- ايه يابت ده هو أنتِ ماصدقتى الواد يقول كلمه عشان تطلعى فيه كده !


قطبت حاجبيها بضيق وهى تقول :


- معلش ياعم الحاج بس أنا مش مرتاحاله من وقت ماعرفت أنه ابنك .


نظر لها منتصر بصدمه ثم نظر ليوسف وقال :


- ايه البت دى ؟ أنتِ يابنتى مبتعرفيش تنقى ألفاظك ! ايه الى مش مرتحاله عشان ابنى أنتِ سمعتى عنى أيه يعنى !؟


تنحنحت بحرج حين استوعبت ما قالته فهتفت بتبرير :


- لا مقصدش ياحاج , أنا بس مكنتش أعرف أنه ابن كبير المنطقه , بعدين لما عرفت قولت يعنى أنه مش هيساعدنى لله وللوطن !


- أنتِ من العزايزى ؟


رفعت نظرها له متفاجئه فأكمل موضحًا :


- يوسف حكالى عنك لما جه امبارح وقالى أنك عاوزه شقه , والشقه الى كان بيقولك عليها دى تبقى بتاعتنا يعنى متشليش هم الإيجار .


نظرت ليوسف بغضب وقالت :


- شوفت بقى يا حاج أن ابنك مش مظبوط , أهو امبارح فهمنى إن الشقه دى مش بتاعته وأنه هيتوسطلى عند صاحبها قال ..


رد يوسف بضيق منها :


- ايه مش مظبوط دى ! مش الحاج قالك نقى ألفاظك يابنى آدمه أنتِ !


اتسعت عيناها بغضب وكأنه سبها ؟ وهى تشير لنفسها مردده :


- أنا بنى آدمه ؟


رد ببرود :


- اومال ايه حيوانه ؟!


شهقت بحده وهى تستعد لإلقاء قصيده طويله من الردح المصرى الأصيل , ولكن قطعها " منتصر " الذى قال بحده :


- يوسف ! خلاص بقى احترم وقفتى .


رد " يوسف " بتبرير :


- ياحاج ماهى ...


- خلاص يا يوسف قلت , وأنتِ يابنتى يوسف هيوريكِ الشقه بس متقلقيش ومحدش يقدر يتكلم لأنهم كلهم عارفين يوسف كويس وعارفين تربيته , وكمان البيت الى الشقه فيه , فيه عيادة يوسف فطبيعى يروح هناك .


تنهدت باستسلام ثم قالت :


- ماشى يا حاج الى تشوفه.


نظر " منتصر " ليوسف وقال :


- خدها يا يوسف يلا وريها الشقه وخدوا بليه معاكوا .


قالها مشيرًا للصبى الواقف جوارهم , فهو مهما كان يثق فى أخلاق ولده ولكن الأصول يجب إتباعها ..


________(ناهد خالد )_____


نظرت للشقه بتفحص,  كانت شقه كبيره بالنسبه لشخص واحد سيقطن بها , ثلاث غرف ومطبخ ومرحاض وصاله كبيره , نظرت ل " يوسف " الذى يتابعها بنظره وقالت :


- بس دى كبيره عليا وأنا هسكن فيها لوحدى .


نظر لها باستغراب وقال :


- هو أنتِ هتسكنى لوحدك ؟ أنا فكرت والدتك ولاحد هييجى بعد ما تشوفى الشقه وتنقلى حاجتك .


نفت برأسها وهى تقول بحزن :


- لا محدش هييجى أنا أهلى متوفيين ومليش حد .


تركته ودلفت للداخل كى ترى الغرف ووقف هو ينظر لذهابها بشرود , يتذكر كيف قضى ليلته أمس بعدما عاد من مقابلتها ونظرة عيناها وملامحها لا تفارق مخيلته , ظل يتقلب ليلاً على فراشه دون أن يأتيه النوم وهو يتذكر حديثها ونظراتها , لم تشغله فتاه كما فعلت هى , لا يعرف ماذا دهاه منذُ رآها , لا يجد تفسير منطقى لِمَ يحدث معه واهتمامه بها , لدرجة أنه نزل لوالده فى الحادية عشر مساءً ليخبره بقدومها , و استيقظ اليوم فى السادسه صباحًا وبعث للصبى " بليه " ليخبره أن يكون فى استقبالها حين تأتى , وفكر الآن فى جعلها تعمل معه فى عيادته لا يعلم أيريد مساعدتها حقًا أم يريدها أمامه !


خرجت من الداخل وهى تهتف بحيره :


- مش عارفه بس الشقه كبيره عليا فعلاً .


تنهد خارجًا من أفكاره وهو يقول :


- مش مهم , أصل الشقه التانيه نفس الحجم , وعشان أدرولك على مكان تانى هنحتاج وقت .


فركت كفيها بقلق وتوتر وهى تسأله :


- طب بالنسبه للأيجار , يعنى الشقه كبيره وأكيد الإيجار هيبقى كبير ..


ابتسم لها باطمئنان وقال :


- مش الحاج قالك شقتنا وأنا امبارح قولتلك هتوسطلك فى الإيجار عاوزه ايه تانى ؟


ردت بجديه :


- ايوه بس مش هقبل يكون الإيجار أقل بكتير من الى الشقه تستاهله , عشان محسش أنى عايشه فيها شفقه .


قطب حاجبيهِ بانزعاج مصطنع :


- يوووه , هو أنتِ يابنتى نكد ليه ! , وعمومًا متخافيش هناخد إيجار معقول , 300 جنيه كويس ؟


رفعت حاجبيها باستنكار وقالت :


- 300 جنيه ايه ! , أنا ال 300 دول كنت بدفعهم فى الشقه القديمه عشان عقد الإيجار كان قديم من 4 سنين وكمان الشقه نفسها حالها ميسرش , لكن دى كبيره وحالتها كويسه تقولى 300 !


أومئ برأسه وقال :


- تمام بلاش 300 , ايه رأيك فى 500 حلو ؟


ردت بسخريه :


- هو أنت بتستأذنى ! , ماتخلص يا دكتور وتقول رقم .


قالت الأخيره بحده فنظر لها يوسف بضيق وقال :


- أنتِ لو تقصى لسانك ده هتبقى عسل , لكن لسانك مش لايق على شكلك والله .


وضعت يدها فى خصرها وهى ترد بهجوم :


- ماله شكلى يادلعادى .


تصلب وجهه بجديه وهو يرفع حاجبه بتحذير وقال :


- أنتِ هتردحيلى ! بعدين اتظبطى فى وقفتك .


وجدت نفسها تمتثل لحديثه فأنزلت يدها واعتدلت فى وقفتها تطالعه بقلق فيبدو أنه لا يمزح الآن !


كبح ابتسامته بصعوبه وهو ينظر لها باستمتاع لإستماعها لحديثه , وتنحنح يهتف بجديه :


- الإيجار 500 جنيه , وده آخر كلام .


قال الأخيره بتحذير حين أوشكت على الأعتراض فصمتت بتذمر وأكمل هو بجديه مماثله :


- واعملى حسابك هتشتغلى معايا فى العياده تحت .


نظرت له باستغراب وقالت :


- هشتغل ايه ؟


- هتقطعى كشوفات وتدخليلى الناس .


- هو مفيش حد بيقطعلك الكشف ؟


- كانت سمر أختى بس هتبدأ امتحانات الأسبوع الجاى , وأنتِ عارفه المنطقه هنا معظمهم مش متعلم .


رفعت حاجبها وهى تسأله :


- وأنت ايش عرفك أنى متعلمه ؟


ذم شفتيهِ بتفكير ثم قال بتوتر :


- بصراحه معرفش , بس يعنى حتى لو مش متعلمه مش لازم تكتبى اسماء أنتِ اعرفى ترتيبهم ودخليهم , أكيد يعنى هتحتاجى شغل ولا ايه ؟


أومأت بإيجاب :


- بصراحه آه , أنا كنت بشتغل هناك بس اضطريت أسيبه عشان المشوار بعيد بين هنا والعزايزى  , و عمومًا أنا معايا ثانويه .


قالت الأخيره بحرج وصوت خافت , فسألها باستغراب :


- واللى يخليكِ تكملى لحد الثانوى مكملتيش بعده ليه ؟


- ظروف .


غمغمت بها كعادته دومًا حين يسألها عن شئ , فاحترم رغبتها وقرر عدم الضغط عليها , وأنهى حديثه قائلاً :


- بليه هينزل يجيب الرجاله ويطلعوا العفش , وده مفتاح الشقه وكل النسخ الى معاه ....


قالها وهو يعطيها المفاتيح وأكمل :


- وارتاحى النهارده وبكره تقدرى تنزلى العياده مواعيدها من 3 العصر ل 9 بليل , وأوقات بيبقى فى طوارئ , عمومًا بكره هعرفك على كل حاجه .


أومأت موافقه وقالت :


- ماشى إن شاء الله .


_____( ناهد خالد )______


مساءً...


ارتمت فوق فراشها بإرهاق بعدما أنتهت من وضع أمتعتها وتنظيمها , تنهدت بعمق وهى تنظر لسقف الغرفه , تتذكر أحداث اليوم بأكمله , مابهِ هذا الطبيب يتعامل معها وكأنها تقربه ! , يخطط لها حياتها , وما بها استمعت لحديثه حين أخبرها أن تتحدث بأدب ! , لا تنكر أنه وسيم وله هيبه خاصه بهِ لم ترى أحد يشبهه من قبل , لا فى منطقتها ولا فى المناطق المجاوره , وعيناه البُنيه تحمل سحرًا خاص و ....انتفضت جالسه وهى تتحدث لنفسها بصوت :


- ايه العبط ده ! أنا بهبب ايه بس , استغفر الله العظيم أما أنام أحسن .


ارتمت على الفراش ثانيةً جاذبه الغطاء فوقها ...


________( ناهد خالد )__________


كانوا يتناولون طعام العشاء جميعًا , حين هتف   " يوسف " ل "سمر " :


- بقلك يا سموره , أعقدى بقى عشان تذاكرى عشان امتحاناتك وبلاش تيجى العياده تانى .


ردت " سمر " باستغراب :


- ايوه بس مين هيقعد مكانى ؟


تنحنح بخفوت وقال :


- جبت بنت تانيه هى هتبقى مكانك متقلقيش .


تسائل " منتصر " بمكر :


- البنت الى سكنت عندنا يا يوسف ؟


رد بإيجاب :


- ايوه هى يا حاج .


ردت " رحاب " باستفسار :


- هى مين دى ؟


رد عليها " منتصر " :


- دى بنت جت المنطقه جديد وسكنت فى الشقه الى فوق العياده , ألا هى اسمها ايه يا يوسف ؟


ذم " يوسف " شفتيه ِ بجهل وقال :


- والله ياحاج مسألتهاش .


ردت " رحاب " باستنكار :


- متعرفش اسمها ازاى وهى هتشتغل معاك!


- هو أنا هعمل ايه بأسمها ياحاجه , وعمومًا هعرفه بكره إن شاء الله .


هتف " منتصر " بخبث :


- لا بس البت ما شاء الله قمر ولا ايه رأيك يا يوسف ؟


نظر يوسف لوالده ليدرك مغزى حديثه فرد بمكر :


- بس لسانها طويل .


قال " منتصر " بجديه :


- طويل لما بتحس أن الى قدامها ممكن يكون بيستغلها وده حقها والزمن ده أصلاً عاوز كده ..


- هو أنتوا بتتكلموا عن ايه ؟


قالها " محمد " بعدم فهم لِمَ يتحدثوا عنه فقال " يوسف " :


- ولا حاجه .


أراد إنهاء الحديث , فلم يحب أن تكن هى موضع الحديث الدائر , ولا يهم لِمَ ....


_____( ناهد خالد )_____


نزلت فى العاشره صباحًا لتشترى ما سيلزمها من طعام , تلفتت حولها تبحث عن بائعين الخضار فهى لا تعرف شئ فى المنطقه , أخذت تسير حتى وجدت نفسها تمر على قهوه بلدى يجلس فيها فردان وربما ثلاث فمازال الوقت باكرًا , كانت ترتدى فستان أزرق غامق ووشاح أسود كالعاده , وتجذب الوشاح لتخفى نصف وجهها , ورغم هذا لم تسلم من المضايقات السخيفه , وجدت أحدهم يقف أمامها فجأه فتوقفت تنظر له بحده ووجدت صعوبه بالغه فى النظر له فكانت لا تصل سوى لأسفل صدره , هتفت بضيق :


- فى ايه يا جدع أنت حد يقف الوقفه دى ؟


مرر إبهامه على شفتيهِ بتفكير ثم قال :


- أنت غريبه عن المنطقه بتعملى ايه هنا ؟


ردت بضيق :


- وأنت مالك ؟ هو أنت كبير المنطقه ؟ !


احتدت ملامحه وهو يقول :


- جرا ايه يابت ماتتظبطى فى كلامك أنتِ مش عارفه أنتِ بتكلمى مين !


لوت فمها بسخريه وقالت :


- أكيد بلطجى الحته. 


ابتسم بسماجه وقال :


- أسم الله عليكِ ياحلوه , قوليلى بقى جايه لمين ؟


ردت ببرود :


- برضو ملكش دعوه , وأبعد عن وشي لأحسن واللى خلق الخلق أفرج عليك المنطقه .


نظر لها بتحدى وقال بتحذير :


- طب اعمليها كده ياروح أمك وأنا أوريكِ مين الى المنطقه هتتفرج عليه ....


تحداها وهو يقسم أنها ستخشى منه وتلتزم الصمت , لكن مالا يعرفه أنها حين تركت منطقة " العزايزى " تركت معها الصمت , وقررت أنها لن تعطى أحد الفرصه كى يكون له سطوه عليها , ومن يومها واتخذت منهجًا جديدًا وقموسًا بهِ كل الكلمات عن أخذ الحق ..ومُحي َ منه الصمت ..وما حدث تاليًا كان خير دليل ..

#نذير_شؤم #دكتور_نسا! #الفصل_الرابع #ناهد_خالد 


أشتعل وجهها بنيران الغضب وظهر جليًا عليها فهتفت بتحذير أخير من بين أسنانها :


-ابعد عنى يابن الحلال وإكسر الشر .


اقترب خطوه منها وهو يهتف بتحدى :


-وإن مبعدتش يا جميل ؟ هتعملى ايه ياشبح ؟


كانت تقف بالقرب من أحد الطاولات الخاصه بالمقهى , وكان أحدهم جالسًا عليها يتابع ما يحدث وأمامه كوب من الشاى الساخن , وفى أقل من ثانيه كانت تلتقط كوب الشاى وتقذفه فى وجه الواقف أمامها وهى تصرخ بهِ :


-يبقى أنت الى جبته لنفسك ياروح أمك .


أغمض عيناه بألم من الاحتراق الذى يشعر بهِ فى وجهه ثم نظر لها بشر وهو يقترب منها ومد يده ليمسك بمعصمها لكنه وجد يد سبقته وهو يقول :


-جرا ايه يا زفت أنت مش هتبطل و**** بقى !


رفع نظره " لإبراهيم المهدى " وضغط على أسنانه بضيق وهو يقول :


-ما أنت مشوفتش الى هى عملته يا كبير .


رد بسخريه :


-لا ياخويا شوفت , الشاى ملطش وشك اهو , وأكيد معملتش ده من فراغ .


رفع ذراعيهِ وهو يقول بصوت عالِ :


-أنا مهوبتش ناحيتها وهى الى بدأت معايا الكلام ولما لاقيتها مش مظبوطه وشديت عليها فى الكلام وظبطها , عملت كده وقال ايه بعاكسها ..والكل يشهد .


اجتمع الناس على صوته ووقفوا يتابعون ما يحدث , وهتف أحد الرجال الذى كان جالس فى المقهى وهو يقول :


-ايوه يا كبير دسوقى معاه حق , هو مهوبش ناحيتها هى الى رمت بلاها عليه .


شهقت " نواره " بغضب وهى ترد عليهِ :


-وده من ايه ! من عنيه الخضرا ولا شعره المسبسب , ماتقول كلمه الحق ياراجل يا ضلالى أنت .


احتج رجل على حديثها واقترب منها وهو يهتف بغضب :


-أنا ضلالى ولا أنتِ الى بت مش مظبوطه يا.....


قاطعهم " إبراهيم " بغضب وهو يقول :


-بس أنت وهى , واتفضلوا قدامى للكبير هو يشوف صرفه معاكوا , يلا ....


___________( ناهد خالد )_________


وقفوا جميعًا أمام " منتصر المهدى " وإبراهيم ولده و "يوسف " الذى كان مع والده يراجعون بعض الأعمال الخاصه بالمصنع , نظر لها " يوسف " باستغراب فقد أتت بالأمس فقط وافتعلت مشكله اليوم !


هتف " منتصر " بتساؤل :


-ايه الى حصل يا إبراهيم ؟ مالهم دول ؟


-معرفش يا حاج أنا كنت راجع من مشوارى وسمعت صوت عالى ناحية القهوه ولما روحت لاقيت الأنسه بترمى دسوقى بكوباية الشاى فى وشه وهو كان هيمد ايده عليها ...


اشتعل " يوسف " غضبًا من جملة أخيه الأخيره , هل كان سيضربها هذا المعتوه ! بالطبع كان سيكسر يده حينها دون أى تردد ...


هتف " منتصر " متسائلاً بهدوء :


-ايه الى حصل يابنتى ؟


ردت " نواره " بتقرير :


-أنا كنت بدور على سوق الخضار , وعديت على القهوه لاقيت الجدع ده وقف قدامى وفضل يرازى فيا , حذرته يبعد عنى أكتر من مره ومفيش فايده وطول لسانه عليا قومت بكوباية الشاى وفى وشه .


كانت تسرد ما حدث وكأنها تسرد فلمًا ما ! ضحك يوسف عليها بخفوت وكبت " منتصر " ضحكته وهو يقول ل دسوقى :


-اسمع يا دسوقى كلنا عارفينك وعارفين مشاكلك , فابعد عنها وعن أى بت فى المنطقه لو جالى شكوه منك تانى هطردك من الحته .


أومأ برأسه بإنصياع مُجبرًا وهو يغمغم بضيق :


-ربنا ما يجيب مشاكل يا كبير , بلأذن .


تحرك خارجًا ووقفت هى تنظر ل "منتصر " بخجل ثم قالت :


-أنا والله مش بتاعت مشاكل بس هو الى وقف فى وشى .


ابتسم لها بلطف وهو يقول :


-عارف يابنتى , المهم أنتِ مقولتليش اسمك ايه ؟


قال الأخيره وهو ينظر ليوسف الذى انتبهت حواسه لسؤال والده ...


ردت بابتسامه :


-نواره , اسمى نواره .


ابتسامه مغتصبه طفرت على شفتيهِ وهو يردد بهمس لم يصل إلا لوالده المجاور له :


-نواره .


ابتسم " منتصر " حين تأكد من شكه تجاه ولده ثم قال لها :


-ماشى يانواره , هبعت معاكِ سمر تشترى الى تحتاجيه وتوريكِ الأماكن هنا .


كادت تعترض بحرج لكنه قاطعها بإصرار :


-مفيش رفض , واتعودى لما الكبير يقول حاجه متعارضيهوش .


أومأت بموافقه وهى تقول :


-حاضر .


خرجت من عندهم ووقفت أمام المنزل تنتظر المدعوه " سمر " وهى تفكر بضيق , لِمَ لم يوجه لها أى حديث ولو بكلمه وكأنها لا تعنيه ! حتى حين استمع لحديث أخيه بأن ذلك الحقير كاد يضربها لم يفرق معه الأمر ! غمغمت بضيق :


-ايوه يعنى هو أنتِ تهميه فى ايه ! هو ساعدك وخلص الحوار , هو أنتِ بنت خالته عشان يتحمقلك ! , ايوه بس نظراته ليا ...نظرات ايه يا عبيطه أنتِ متوهميش نفسك بحاجه مستحيل تحصل , ده ابن الكبير هيبصلك أنتِ يا نذير الشوم !


وهنا صمتت حين أتى بعقلها تلك الجمله " نذير شوم " لقد جاءت منذُ أمس ولم يحدث شئ لجميع من قابلوها , إذًا أكان كل شئ سئ يرتبط بوجودها فى تلك الحاره .


-أنتِ نواره صح ؟


قالتها " سمر " بابتسامه فنظرت لها نواره وجدتها فتاه يبدو أنها فى السابعة عشر تقريبًا , ابتسمت لها بلطف وهى تقول :


-وأنتِ أكيد سمر ..


ابتسمت لها " سمر " بمرح وقالت :


-ايوه أنا , هيا لنبدأ رحلتنا .


ضحكت " نواره " بخفوت وذهبت معها ....


______( ناهد خالد )_______


فى الثالثة عصرًا ...


كانت قد انتهت من غداءها ورتبت شقتها ثم ارتدت فستان أبيض بهِ ورود حمراء صغيره ووضعت هذه المره وشاح مختلف عن وشاحها المعتاد وضعت حجاب صغير لفته حول شعرها بإهمال فهى ليست محجبه فى طبيعة الحال ومعظم أهالى منطقتها والمناطق المجاوره هكذا قليل منهم هو من يرتدى الحجاب حقًا والباقى يضع وشاح فوق رأسه كعاده من عادتهم , ارتدت وشاح صغير من اللون الأحمر ظهر منه خصلات شعرها من الأمام وكذلك طول شعرها من الخلف وارتدت خفها وترجلت للطابق السفلى حيثُ عيادة الطبيب " يوسف المهدى "...


_______( ناهد خالد )______


دلفت للشقه التى أصبحت مركز طبى ولم تنتبه للافته الموجوده بجوار الباب ..وجدت " يوسف " جالسًا على أحد المقاعد الموجوده فى الصاله المُعده لإستراحة المرضى ينتظر قدومها , رفع رأسه عن هاتفه حين شعر بدلوفها , كاد يتحدث لكن تجمدت الكلمات على لسانه حين طالعها بمظهرها الغريب عليهِ , لم يعتاد رؤيتها بألوان فاتحه كالآن , لكنها بدت رائعه عليها , بل بدت هى فاتنه بها , وخصلات شعرها الشقراء التى ظهرت بوضوح , انتبه على حديثها ولكنه لم يدرى ماذا قالت , وقف محمحمًا بحرج وقال :


-كنتِ بتقولى ايه ؟


اختضبت وجنتيها بالحمره حين شعرت بنظراته إليها وهى تقول :


-كنت بسأل هى العياده لسه مفتحتش ؟


-لا النهارده مفيش عياده , حنة محمد أخويا النهارده والفرح بكره , فالنهارده وبكره أجازه ..بس قولت أعرفك نظام الشغل وأسيبلك مفتاح العياده عشان تبقى تنزلى تفتحى قبل ما اجى .


مرت ثلاث دقائق يشرح لها فيهم طبيعة عملها , حتى هتفت له باستفسار :


-صحيح نسيت أسألك هو أنت دكتور ايه ؟ 


رد بتقرير :


-دكتور نسا وتوليد ..


شهقت وهى تنتفض واقفه وتردد بذهول :


-نهارك أسوود .


اتسعت عيناه بصدمه من ردها وقال بتحذير :


-لسانك يا نواره .


وأين نواره الآن ! , وهل تعى نواره ما يحدث حولها بعدما نطق اسمها لأول مره منذُ رأته ! , رعشه بسيطه دغدغت جسدها وحواسها وهى تستمع لإسمها من نبرته المميزه , مابها هى وماذا يحدث معها ؟! 


-نواره !


رددها " يوسف " بتنبيه حين انتبه لشرودها , فنظرت له وهى تردد بتذمر :


-ملقتش غير النسا والتوليد ! مجال غريب يعنى !


-عادى ما فى كتير دكاتره رجاله نسا وتوليد انتى أول مره تشوفى دكتور نسا راجل !


نفت برأسها وهى تقول :


-لأ شوفت . 


نظر لها قليلاً ثم قال بتوتر قليل :


-بالمناسبه , حاولى تلبسى زى ماكنتِ بتلبسى الأول , بالنسبه للطرحه يعنى بلاش الطرحه القصيره دى وكمان الالوان الفاتحه أوى دى بتلفت النظر ....


نظرت له مضيقه حاجبيها باستغراب فما شأنه بثيابها ؟!..


أدرك استغرابها فقال مبررًا :


-أنتِ عارفه المناطق الشعبيه وكنتِ فى واحده منهم , وهنا بييجى رجاله مع مراتتهم , وأكيد مش كلهم محترمين فعشان محدش يضايقك منهم , وكمان عشان محدش يقول عليكِ كلمه وأنتِ عارفه كلام الناس مبيسيبوش حد فى حاله .


اقتنعت بحديثه رغم أنه لم يكن الحقيقه , هو فقط لم يحب أن يراها أحد هكذا فيفُتن بها كما فُتن هو , لكنها رغم كذبه اقتنعت وردت بهدوء :


-معاك حق , طيب هطلع أنا مدام مفيش عياده النهارده ..


ابتسم براحه حين اقتنعت بحديثه فقد ظن أنها ستجادله وقال :


-تعالى بليل , هبعتلك سمر تاخدك وقضى الحنه معاهم أنا عارف أنك متعرفيش حد هنا ...


ردت بحرج :


-ايوه بس ...


قاطعها بإصرار وهو يقول :


-ده كلام الحاج , أنا بوصله بس ...


امتعضت ملامحها وهى تسأله :


-يعنى أنت مش عاوزنى أجى ؟


نفى برأسه سريعًا وهو يقول :


-لا طبعًا مش قصدى أنا بس بقولك كده عشان توافقى تيجى .


ابتسمت بسعاده وهى تقول بلؤم :


-وأنا مقدرش أرفض كلمه للحاج ..


ابتسم لها ابتسامه جانبيه ساحره فبادلته ابتسامته بخجل قبل أن تنسحب ذاهبه ....


_______( ناهد خالد )_______


شهران مروا دون جديد ...


فقط تقربت " نواره " من عائلة المهدى أكثر وأكثر وخاصًة النساء بالطبع ..


كانت جالسه فى العياده وهى تنظر للمرضى بضيق , لِمَ عليهم أن يكونوا جميعًا نساء ! ماهذا الحمق أليس هو طبيب نساء ! , أخذت تهز قدمها بضيق مؤخرًا بدأت لا تطيق هذا الجمع الغفير من النساء الذى يأتى له , وأكثر ما يثير غيظها ويزيد اشتعالها إن جاءت أحدهم لتلد , فهو مخصص غرفه بها جميع مستلزمات غرفة العمليات يقوم بها بعمليات الولاده , انتبهت لخروج المريضه من غرفته وكادت تدلف التاليه ولكن رن الجرس الصغير معلنًا إنه يحتاجها , أوقفت المريضه ودلفت هى ...


سألها وهو ينزع قفازه الطبى :


-باقى كام بره يانواره ؟


ردت بضيق :


-خمسه .


رفع نظره لها وهو يسألها بإهتمام :


-مالك مضايقه ليه ؟


كادت تجيبه لكنهما انتفضا على صوت صراخ عالِ يأتى من الخارج ركض يوسف واتبعته هى لشرفة الغرفه ليهتف يوسف بفزع وهو يركض للداخل :


-الصريخ جاى من بيتنا .


ركض بعدما نزع معطفه الطبى للأسفل ...


وقفت هى وقد تصلبت قدماها فى الشرفه وتنظر لمنزل المهدى الذى يبعد عنهما ثلاث بيوت فقط ..


رأت تجمع الناس وركض يوسف فى الحاره متجهًا للمنزل ..


تعالى الصراخ أكثر وأكثر واستمعت لصوت أحد الماره أسفل الشرفه حين سأله آخر :


-هو فى ايه فى بيت الكبير ؟


رد الأخير بأسف وحزن........

#نذير_شؤم #المصائب_لا_تأتى_فرادى #الفصل_الخامس #ناهد_خالد


_هو فى ايه فى بيت الكبير ؟


رد الأخير بحزن :


-بيقولوا الست رحاب تعيش أنت .


شهقت " نواره " بفزع وهى تضرب بيدها على صدرها مُردده :


-يالهوى ماتت !


وبعدها وجدت نفسها تركض للأسفل متجهه لبيت المهدى ..


دلفت من بين الحشد المجتمع أمام باب البيت بصعوبه حتى استطاعت الوصول للداخل وأصوات الصراخ قد توقفت ...


وقفت أمام باب الشقه المفتوح متردده فى الدخول , فهل من حقها أن تدخل أم سيبدو الأمر تطفل سخيف منها , أنهى ترددها خروج "زينب " زوجة إبراهيم وهى تسند " سمر " المنهاره فى البكاء حتى أن قدميها لا تحملها , هتفت " زينب " ببكاء فور أن رأت " نواره " :


-نواره ساعدينى ندخلها شقة حماتى .


أسرعت " نواره " تسندها معها ودلفوا بها للشقه المجاوره " شقة سُريه " , أخذت " سمر " تبكى بنحيب وصراخ خافت خوفًا من أبيها الذى صرخ بها بالداخل رافضًا صراخها , أجلساها فى صالة الشقه الأخرى فأخذت تضرب بكفيها على فخذيها وهى تغمغم :


-آه يا أما آآآه ..مشيتِ بدرى يا أما سبتينى ليه ده أنا لسه محتاجاكِ .


انهمرت دموع " نواره " على حالتها وهى تتذكر حالتها المشابهه لها حين توفت والدتها مع اختلاف الوضع , فهى كانت مصيبتها مصيبتان , فقدنها أمها وأنها أصبحت بمفردها , أما سمر فلديها أسره كامله , تعلم أن لا أحد يعوض مكان الأم لكن تبقى مصيبتها أهون ومع الوقت ستهدأ قليلاً وتنشغل مع عائلتها , لكن هى حين تعود يوميًا لتجد نفسها بمفردها وتأكل بمفردها ولاتجد أحد يؤنسها ...


تنهدت بحزن وهى تقترب من " سمر " لتواسيها فقد أصبحت قريبه لها فى الفتره الأخيره :


-اهدى يا سمر اهدى يا حبيبتى وادعيلها بالرحمه .


شهقت ببكاء وهى ترد :


-كانت لسه بتكلمنى يا نواره , قالتلى هدخل اصلى العشا واعملى كوبيتين شاى نقعد نشربهم فى البلكونه , دخلت بعد شويه لما استغيبتها لاقيتها واقعه على سجادة الصلاه ومبتردش عليا , ماتت ..أمى ماتت يازينب ..راحت وسابتنى خلاص .


اقتربت " زينب " منها تحتضنها ببكاء , وهتفت " نواره " وهى تجلس بجوارها من الجهه الأخرى :


-أمك ماتت أحسن موته يا سمر , ده أنتِ المفروض تفرحيلها بحسن الخاتمه يا حبيبتى .


__________( ناهد خالد )______


جلس أمام والدته على الفراش ينظر لها بصمت , الصدمه لم يدركها بعد ,مازال مصدومًا من رحيل والدته المفاجئ , لم تشتكِ من شئ ولم تكن مريضه ! , ذهبت فجأه هكذا دون أى مقدمات ! , ظل ينظر لها بعدم استيعاب حتى دلف والده بثِقل وهو يستند على عصاهُ يرمى حمله عليها وقال بصوت مختنق :


-المُغسله زمانها على وصول ...وبعت إبراهيم يجيب الكفن , سيبنى مع أمك شويه يا يوسف .


توقف بآليه تامه وعقله بدأ يستوعب الأمر , خرج ولم يخرج من الغرفه فقط بل من الشقه بأكملها وجلس على الدرج أمام باب الشقه يشعر بالاختناق وكأن المنزل أصبح كفتحة الإبره ...


جلس أمامها على الفراش بعد خروج ولده وأدمعت عيناه وهو ينظر لها وبدأ بالحديث :


-متفقناش إنك هتسبينى بدرى كده يا رحاب , كنت فاكر أنى هفارق قبلك , بس أنتِ سبقتينى , عشتِ معايا على الحلوه والمره , واستحملتِ معايا كتير , كنتِ ونعمه الزوجه وكنتِ بتعاملى إبراهيم ومحمد كأنهم ولادك وعمرك ما قبلتى إنى أظلم سُريه رغم أنك كنتِ يادوب مفتش أسبوع على جوازنا وقولتيلى روحلها يا حاج وأقعد معاها كام يوم عشان متحسش أنك هتملها وترمى طوبتها عشان لاقيت بديل , طول عمرك طيبه وحقنيه , وأولادك طالعينلك , هتوحشينى يا رحاب , هتوحشينى ويعز عليا فراقك , ربنا يجمعنى بيكِ قريب على خير .


________( ناهد خالد )_______


دلف " محمد " لشقة سُريه وهو يقول :


-حد ييجى عشان المُغسله جايه وأمى هتبقى معاها جوه بس هيحتاجوا حد يناولهم المايه .


هتفت " نواره " حين وجدت " زينب " هى الأخرى مُنهاره بالبكاء مع " سمر " التى بين أحضانها :


-ينفع أجى أنا ؟


أومئ بإرهاق :


-تعالى يانواره عشان يمنى مش هنا عند أهلها أنا بعتلها بس بيت أهلها بعيد .


وقفت سريعًا وهى تقول :


-مش مشكله تيجى براحتها . 


سبقها " محمد " للخارج فوجد يوسف جالسًا على الدرج أمام باب الشقه لم يلاحظه فى بداية الأمر لبُعد الدرج قليلاً عن باب الشقه لكنه انتبه له الآن , اتجه له حتى وقف جواره فوضع كفهِ على كتف الأخير وهو يقول :


-وحد الله يا يوسف .


غمغم بهدوء رغم ملامحه التى تصرخ حزنًا :


-ونعم بالله .


خرجت من شقة " سُريه " لتجد يوسف جالسًا على الدرج و أخيهِ يقف بجواره , كادت تتجه له لكن قطعها وصول المُغسله فوقف يوسف سريعًا متجهًا للشقه دون حديث ..


اتبعه الجميع فاستمعوا ليوسف يقول لأبيه الذى خرج من الغرفه للتو :


-أنا عاوز أقعد معاها شويه .


نظر " منتصر " للمُغسله والمغسله التى دلفت يحملها صبيان من أهل المنطقه , وأعاد النظر لولده فقال بتنهيده :


-متتأخرش .


دلف سريعًا للداخل مُغلقًا الباب خلفه ...


لتشهد الدقائق التاليه انهياره كطفل صغير بين أحضان والدته للمره الأخيره ...


______(ناهد خالد )_____


أسبوع مرَّ ولم ترى يوسف من حينها , لقد اعتكف بعيدًا عن كل شئ , حتى أنها عندما تذهب لترى سمر وتطمئن عليها لا تراه فقد فضل البقاء فى شقته مبتعدًا عن الجميع , ذهبت اليوم كعادتها فى الأيام الماضيه للإطمئنان على " سمر " فقابلته أثناء دلوفها من باب المنزل , وقفت تنظر لهُ بصمت تتفحص مظهره الذى بدى عليهِ الاختلاف .. بدا وجهه أنحف وعيناه غائره والهالات السوداء ظهرت بوضوح أسفلها , وذقنه الناميه على غير العاده , لم يكن بحاله جيده أبدًا .. قطع شرودها صوته المبحوح الجاد :


-تعالى عشان هنفتح العياده .


أومأت له سريعًا موافقه وارتدت للخلف كى تفسح له الطريق فخرج متجهًا لعيادته وتبعته هى بصمت ...


_______( ناهد خالد )____


وصلا للعياده ودلف لغرفة الكشف فتبعته وهى تسأله بهدوء :


-تحب اعملك قهوه ؟ 


أومئ بصمت فنظرت له لثوانى بتفحص ثم هتفت :


-بس هو أنت كلت ؟


زفر بإرهاق وقال :


-أعملى القهوه يانواره .


أومأت بموافقه وهى تدرك أنه لم يأكل , فحين كانت جالسه ذات مره مع زينب وسمر , قالت زينب حينها أنه لا يهبط للأكل معهم وحين تبعث له بالطعام يأكل منهِ القليل جدًا وأحيانًا لا يأكل أساسًا ..


____( ناهد خالد )_____


غابت لدقائق ثم عادت دقت الباب ودلفت لتجده مستندًا برأسه على ظهر الكرسى الهزاز , وضعت ما بيدها على المكتب بعدما أزاحت ما عليهِ , جعد أنفه يشم جيدًا حينما عجت الغرفه برائحه طعام شهيه , فتح عيناه باستغراب فبصرها تفتح أغطية الأوانى , اعتدل فى جلسته باستغراب , فوجدها تهتف بحماس :


-حظك حلو أنا بقى عامله النهارده شوية ملوخيه ورز وفراخ هتاكل صوابعك وراهم وجبتلك عيش كمان لو عاوز .


قطب حاجبيهِ باستغراب متسائلاً :


-فين القهوه ؟


نظرت له ببراءه وقالت :


-بعد الأكل يا يوسف .


التمعت عيناه بنظره خاصه حين نطقت باسمه مجردًا من لقب " دكتور " لأول مره , وجد نفسه يبتسم وهو يتابعها بعينيهِ وهى تُكمل فرد الطعام ووضعه أمامه فى طبق مُخصص لهُ , لكنها توقفت فجأه حين أدركت ما قالته سهوًا فنظرت له لتجده يتابعها بعينيهِ فهتفت بحرج :


-أنا آسفه يا دكتور أنا بس مخدتش بالى.


ابتسم بهدوء يقول :


-ياريت متخديش بالك على طول ..


نظرت له ببلاهه وهى تردد :


-ها !


ضحك بخفوت وهو يقول :


-ها ايه بس ! , بصى بلاش دكتور دى غير لما نكون فى وقت العياده غير كده قوليلى يا يوسف عادى .


حمحمت بخجل وهى تضع الملعقه أمامه وقالت :


-دوق بقى وقولى رأيك .


نظر للأطباق أمامه فوجدها وضعت الأرز والدجاج فى طبق وطبق صغير وضعت فيهِ الحساء الأخضر , ذم شفتيهِ برفض وهو يقول :


-هو أنتِ مالك حطتيلى الأكل فى طباق لوحدى زي الكلب كده ليه ؟!


ردت سريعًا بتبرير :


-لا والله مش قصدى , أنا بس قولت عشان تاخد راحتك .


التقط طبق الحساء وأعاده للطبق الرئيسى مره أخرى , ثم وقف وهو يقول :


-تعالى نقعد على الكنبه أحسن .


نقل معها الأطباق للطاوله الصغيره الموضوعه أمام الأريكه وجلسا فوقها مع الحفاظ على مسافه مناسبه بينهما .


بدأو فى تناول الطعام فهمهم يوسف بلذه وهو يقول :


-الله , ايه الملوخيه دى طعمها حلو اوى ..


ابتسمت وهى ترد عليهِ :


-مسكره .


نظر لها بعدم فهم فأوضحت :


-لما بتبقى الملوخيه طِعمه بيقولوا عليها دى مسكره .


ابتسم بإيجاب :


-هى فعلاً مسكره تحسى فيها حاجه غريبه كده بس مميزه , والفراخ بقى نفس الفراخ الى كانت بتعملها ماما بالضبط .


قال الأخيره بخفوت وهو يعود للطعام مره أخرى ...


مرت دقائق حتى انتهى من الطعام وأنهى عليهِ ! لم يتوقع أنه سيأكل بكل هذا القدر فردد بحرج :


-معلش بقى خلصتلك الأكل وأنتِ مكلتيش غير حاجه بسيطه أصلاً!


بادلته الإبتسامه وهى تقول :


-أنا أصلاً كلت من ساعه , بس قعدت أنقنق معاك عشان ترضى تاكل , وبعدين بالهنا والشفا بقالك كتير مكلتش وعامل اضراب كأن الإضراب على الأكل هيرجع الى راح!


نفى برأسه وهو يتنهد بحزن :


-لأ , وأنا مكنتش عامل إضراب ولا حاجه أنا بس مكنش ليا نفس .


لملمت الأطباق وخرجت لتُعد القهوه .. ثوانِ وعادت لتجده واقفًا فى الشرفه فاتجهت له ووقفت بجانبه واضعه القهوه على السور , تنهدت وهى تنظر للأمام ثم قالت :


-لما ماما ماتت , حسيت أنى تايهه ومبقتش عارفه المفروض اعمل ايه , حسيت إنى اتشردت فجأه وده فعلاً الى كان حاصل , كانت آخر حد ليا , كنت راجعه بعد ماعرفت إنى نجحت فى الثانويه وهعرف أدخل كليه كويسه , لاقيتها ماتت , بقيت لوحدى , ممعيش حد , والناس كلها بتبعد عنى , وبقيت منبوذه , واجهت الدنيا لوحدى واتخليت عن حلمى , وبقيت برجع الشقه اقعد بين اربع حيطان لاحد يكلمنى ولا أكلم حد , ولما كنت بتعب مكنتش بلاقى حد يناولنى كوباية مايه , اعتقد إن حالك أفضل من حالى يا يوسف .


ألمه قلبه عليها من حديثها وتخيله لحالتها , بالطبع حالته أفضل بكثير , هتف بتأثر :


-متجوزتيش ليه ؟ وليه الناس كانت بتبعد عنك ؟


كادت تجيبه لكن قاطعها صوت هاتفه , أخرجه من جيبه ليجد أخيهِ " إبراهيم " ..


-السلام عليكم .


قطب حاجبيهِ بضيق وهو يقول :


-أنت بتقول ايه يا إبراهيم , طب هى كويسه ؟


صمتت قليلاً ومن تقف أمامه يتآكلها القلق ..


-لا حول ولا قوة إلا بالله , طب ومحمد عامل ايه ؟


-خلاص طيب أنا جاى .


أغلق المكالمه فسألته نواره باستفسار قلِق :


-فى ايه ؟


تنهد بحزن وهو يقول :


-يمنى كانت حامل وسقطت .


شهقت بحزن وهى تقول :


-هى مكنتش تعرف أنها حامل ؟


-لأ ملحقتش إبراهيم بيقول كانت حامل فى 3 أسابيع وأنتِ عارفه الأسبوع اللى فات محدش ارتاح .


غمغمت بحزن :


-ربنا يعوض عليها .


-يارب هضطر امشى بقى هروحلهم المستشفى .


تسائلت باستغراب :


-هم مجاوش ليك ليه ؟


-يمنى كانت عند أهلها عشان والدها تعبان ولما تعبت اتصلت بمحمد راحلها .


-طب ابقى طمنى .


نظر لها قليلاً ثم قال :


-ماتيجى معايا أنتوا مش بقيتوا صحاب فى الفتره الأخيره .


-ايوه .


دلف للداخل وهو يقول :


-خلاص يلا .


________( ناهد خالد )______


فى اليوم التالى عصرًا ...


دلفت بعد خروج الحاله وهى تقول :


-دكتور يوسف فى حالة ولاده بره .


وقف سريعًا وهو يقول :


-دخليها هى الأول اكشف عليها ولو لازم تولد دلوقتِ أجلى باقى الكشوفات .


خرجت وفعلت كما طلب منها ودلفت الحاله ومعها زوجها , وبعد دقائق طلب يوسف نواره , فدلفت وهى تقول :


-نعم يا دكتور ؟


-المدام قدامها شويه خديها تستريح فى الأوضه التانيه , ودخلى باقى الكشوفات ..


بعد ساعه كامله كان قد انتهى من الكشوفات فدلفت له نواره :


-خلاص الكشوفات خلصت , مبقاش غير الست الى هتولد .


استند على ظهر الكرسى بارهاق وهو يقول :


-كويس ..هو فين الأكل يا نواره ؟


قطبت حاجبيها باستغراب متسائله :


-أكل ايه ؟


قطب هو الآخر حاجبيهِ بضيق وقال :


-هو أنتِ متبخطيش النهارده ؟


-لا طبخت , كنت عامله مسقعه .


نظر لها شرازًا وهو يقول :


-طب ماتخلى عندك شوية إحساس , شايفانى بقالى 3 ساعات شغال والعياده زحمه النهارده , ولسه هقعد لحد ما المدام الى جوه تفرجها علينا , يعنى غذينى لأقع منك وتشيلى ذنبى .


ضحكت بشده على حديثه ونظراته لها , فطالعها بابتسامه وهو يشعر بقلبه يرقص طربًا على صوت ضحكتها التى يستمع لها لأول مره ..


انتبهت لنظراته لها فتنحنحت بخجل وقالت :


-هنزل اجيبلك أكل ....


وقد كان ولأكثر من عشرة أيام الآن , اعتادت أن تصنع الطعام لها وله حتى أصبح لا يأكل فى بيته أساسًا ..وذات يوم وهو يجلس معها بعدما جلبت له الطعام قال :


-أنا شكلى اتعودت على أكلك ولا ايه ! مبقتش أعرف أكل غيره .


ابتسمت له بلطف :


-بالهنا والشفا , هطلع أطلع الأطباق واجى .


خرجت من باب الشقه تنوى الصعود لأعلى لكن توقفت حين وجدت الصبى " بليه " يصعد الدرج سريعًا وهو يلتقط نفسه بصعوبه :


-فى ايه يا بليه ؟


رد بسرعه :


-عمرو تعبان اوى , وقاطع النفس .. ( عمرو ابن ابراهيم )


أنهى حديثه وركض ليوسف سريعًا ..


وقفت تنظر لأثره برعب , وعقلها يردد حتى الطفل الصغير لم يسلم من أذاها !! لقد تأكدت الآن أنها السبب لا يمكن لهذه العائله أن تُصاب بكل هذه المصائب فجأه وتباعًا ! لولا تعرفهم عليها لِم حدث كل هذا ...


هكذا ردد عقلها ولم تضع فى الحسبان أن المصائب لا تأتى فرادى كالجواسيس , بل سرايا كالجيوش .. " ويليام شكسبير .

#نذير_شؤم #الفصل_السادس " عرض زواج " #ناهد_خالد .


جلست بجوار " زينب " التى تبكى بفزع على فلذة كبدها الذى أصطحبه عمه ووالده للمستشفى رافضين قدومها , ظلت " نواره " بجوارها تحاول تهدئتها ولكن بالطبع فشلت فقلب الأخرى يتلوى قلقًا على ابنها من أن يصيبه مكروه ..


هتفت " سمر " ببكاء :


-طيب هو ايه الى حصله ؟


ضربت " زينب " بيدها على فخذها بعنف وهى تقول ببكاء مستمر :


-معرفش ..جه من المدرسه وكان كويس قعد نص ساعه يدوب كل وقالى أنا عاوز أنام ..نام لحد المغرب ولما استغيبته دخلت اصحيه لقيت وشه محمر زى الكبده ونفسه مقطوع ومبيردش عليا .


وصمت الجميع وصمتت " نواره " وهى تنظر لحالة " زينب " التى وصلت لها بسببها وحالة "سمر " هى الأخرى التى لم تخرج من حزن كانت هى السبب بهِ , وهل هى السبب ! , بالطبع هى السبب ..وفاة والدته وموت جنين أخيه والآن ابن أخيه اولآخر فى علم الغيب , كل هذا تباعًا وتتسائل إن كانت هى السبب أم لا , على كل حال ليست مرتها الأولى فأحد من خُطبت لهم توفت والدته بمجرد تعرفه عليها , لذا فالأجابه واضحه لقد حطت لعنتها على هذه العائله ...و أصبحت هى نذير شؤم وعن جداره .


لوت فمها بسخريه من جملتها الأخيره التى أتت فى عقلها , هربت من منطقتها من أجل هذه الجمله التى نعتت نفسها بها الآن ..


انتفضت على انتفاض "زينب " راكضه تجاه الباب وهى تهتف لإبراهيم الحامل ابنه :


-ابنى يا إبراهيم هو كويس بالله عليك قول أنه كويس .


طمئنها " يوسف " الذى دلف للتو وهو يقول :


-اطمنى يا زينب ..عمرو كويس هو بس كان عنده حساسيه شديده لأنه كل حاجه هو بيتحسس منها فحاولى تفتكرى هو كل ايه عشان متحصلوش تانى .


تسائلت بقلق :


-طيب هو مصحيش ليه ؟


-هينام شويه من الأدويه ولما يصحى هيبقى كويس .


دلف " إبراهيم " للداخل ودلفت هى خلفه لغرفة الصغير ...


التف " يوسف " لسمر وهو يسألها:


-اومال الحاج فين ؟


-قالى الصبح إن عنده شغل مهم النهارده وهيتأخر .


تنهد براحه وقال :


-تمام , بس متبقيش تقوليله حاجه عن عمرو عشان ميقلقش عليه .


التف ليخرج فانتبه ل " نواره " الجالسه بالجانب فنظر لها بصدمه مُتسائلاً :


-أنتِ سيبتى الست لوحدها يا نواره ؟


وقفت متجهه إليه وهى تقول :


-لأ طبعًا , أنا سيبت معاهم بليه وقلتلهم لو تعبت جامد يبعتوه ليا .


هتف وهو يخرج :


-تعالى أما نشوف وصلت لفين .


_______( ناهد خالد )_______ 


التاسعه مساءً ..


خرج " يوسف " من غرفة الكشف بعد انتهاء آخر كشف لديهِ , فوجد " نواره " جالسه تهفهف بأحد الجرائد بملل ..


-خلاص كده يا نواره ؟


وقفت سريعًا وهى تقول :


-مبقاش غير الست الى بتولد .


هزَّ برأسه باسمًا وقال :


-دى كرهتنى فى الطب والى عاوزينه .


دلف لها وهو يبتسم بيأس :


-يا مدام سهيله أنا طلع عينى فى حملك ده , ده أنا لو كنت حملت أنا كان هيبقى أسهل !.


رد زوجها بابتسامه :


-معلش يا دكتور تعبناك معانا من أول الحمل .


رد " يوسف " بمرح :


-ياراجل دى جاتلى فى الخامس وإلا تولد , وأقنعتها بالعافيه أنه مينفعش .


أومئ زوجها مؤكدًا :


-هو احنا تقريبًا كنا كل شهر فى نفس الموضوع ده وصريخ برضو وده شكله الطلق وبتاع , ده من أول التانى باين . 


ضحكوا جميعًا على حديثه فقالت هى بحرج :


-أنا أول حمل ليا وطول الحمل قلقانه ومتوتره اعمل ايه !


ابتسم لها يوسف بإطمئنان :


-متقلقيش يا مدام مش هتروحى النهارده غير بالعريس بين ايديكِ , أنتِ بس جيتِ بدرى شويه , يعنى أول ما حسيتِ بوجع جيتِ , بس إن شاء الله هانت .


____( ناهد خالد )_____


بعد يومان ..


-نواره ! سمر لسه مجتش من المدرسه .


قالها " يوسف " وهو يخرج من شقة أبيه صباحًا فتفاجئ بنواره أمامه ..


-عارفه , أنا جاى للحاج منتصر .


قطب حاجبيهِ باستغراب :


-الحاج منتصر ! ودلوقتِ ؟ ليه ؟


رفعت منكبيها بجهل وقالت :


-معنديش إجابه , أنا لاقيت بليه من شويه بيخبط عليا وقالى الحاج عاوزك فى البيت .


أنتابه الفضول حول الأمر فرجع بظهره لداخل الشقه وهو يقول :


-طيب ادخلى نشوفه عاوز أيه لتكون فى مشكله ولا حاجه .


دلفت ورائه لمكتب أبيه الذى يتابع بعض أعماله الصباحيه كالعاده ..


هتف " منتصر " ما إن رآه :


-الله رجعت ليه يا يوسف ؟


أشار ل " نواره " التى دلفت خلفه وقال :


-نواره جت بتقول أنك بعتلها .


نظر له منتصر بمكر وهو يقول:


-وأنت جاى معاها ليه ؟


توترت ملامحه وهو يستمع لحديث أبيهِ فقال بتلجلج :


-أنا قولت يعنى يمكن فى مشكله ولا حاجه .


ابتسم الأول بخبث وهو يقول :


-لأ ربنا ما يجيب مشاكل ده خير وخير اوى كمان .


هتفت " نواره " باستغراب :


-وايه الخير ده يا عم الحاج ؟


-اقعدوا بس الأول .


جلسا أمام مكتبه وصمت منتصر قليلاً كأنه يتلاعب بأعصابهما وخاصًة أبنه ثم قال أخيرًا :


-بصى يا نواره , أنتِ دلوقتِ بقيتِ من منطقتنا ومش بس كده أنتِ كمان بقيت بعتبرك من عيلتنا والناس كلها شايفه علاقتك بينا عشان كده لما حد حب يتكلم فى أمرك جالى أنا , فى شاب كويس وابن حلال وكمان مهندس قد الدنيا كلمنى وعاوز يتجوزك وهيتقدم طبعًا بس حابب يشوف رأيك المبدأى , موافقه يتقدم وتقعدى معاه يمكن تقبليه ؟


رد " يوسف " وهو يشتعل غيظًا :


-ايوه هى تعرفه منين عشان تقبل ؟


-ماهيقعد معاها ويتكلموا فى الرؤيه الشرعيه ولو ارتاحت لكلامه وتفكيره يبقى على خيرة الله .


أشاح بيده بضيق وهو يردد :


-ياحاج شغل الخاطبه ده انتهى من أيام جدتى !


رفع " منتصر " حاجبه وهو يسأله بضيق :


-قصدك مين بالخاطبه يا سى يوسف ؟


رد سريعًا بنفى :


-مقصدش ياحاج والله .


نظر " منتصر " ل " نواره " وقال :


-مسمعتش رأيك يا بنتى ؟


كانت شارده فى حديث منتصر وردة فعل يوسف التى تثير الشك بالإضافه لضيقه الواضح و رفضه المُستتر , تُرى أم تراه حقيقى أى أنها تتوهم ..


انتفض عقلها مع سؤال منتصر لتفيق من أحلامها , بماذا تفكر هى ؟ من الأساس لا يجب أن تسمح لأحد أن يدلف حياتها إن كان يوسف أو غيره .


وقفت بهدوء وهى تقول بحزن خفى ولكن لم يخفى على الذى يتابعه بعينيهِ باهتمام :


-معلش ياحاج , قوله كل شئ قسمه ونصيب , بعد إذنك .


خرجت وهى تتنهد بثِقل فلأول مره هى من تنطق بهذه الجمله " كل شئ قسمه ونصيب "...


نظر لوالده بعد خروجها وتمتم بضيق :


-مجبتليش سيره عن الموضوع يعنى يا حاج ؟


نظر له بمكر وهو يسأله :


-وأنت مالك يا يوسف أقولك ليه ؟ كنت أخوها ولا خطيبها !


زفر بغضب وهو يقول :


-ياحاج بالله عليك أنت فاهمنى وأنا فاهمك بلاش نلف وندور على بعض .


رفع " منتصر " كفه وهو يقول :


-اسمالله عليك , أنت الى قولت اهو بلاش لف ودوران , قولى بقى ايه الى عندك يا يوسف ؟


وبدون أى مقدمات نظر لأبيهِ بقوه وقال :


-عاوز أتجوزها .


ابتسم " منتصر " بإبتهاج وقال :


-أخيرًا نطقت و قولى ناوى تتقدملها امتى ؟


-حملك عليا يا حاج أنا لسه متكلمتش معاها فى حاجه وعاوزه اشوف رأيها ومشاعرها ناحيتى الأول ..


-ماشى بس انجز قبل ما حد يسبقك , البت ماشاء الله حلوه وعليها العين .


ضيق حاجبيهِ بتساؤل :


-هو موضوع العريس ده بجد ولا ايه ؟ أنا فكرتك بتقول كده عشان تغيظنى .


رد " منتصر " بجديه :


-لا طبعًا بجد , هى المواضيع دى فيها هزار ؟


ابتسم بغيظ وقال :


-الله يباركلك يا حاج رايح تقولها ع العريس طب افرض وافقت ؟


-يابنى الراجل مأمنى أكلمها فى الموضوع وأنا مقدرش أخون الأمانه .


____( ناهد خالد )______


وقفت من خلف مكتبها باستغراب وهى تقول :


-يوسف ايه الى جابك بدرى ؟


نظرت لساعة الحائط لتجدها الثانيه ظهرًا باقى ساعه كامله على موعد افتتاح العياده لكنها تأتى مبكرًا لكى تقوم ببعض الأعمال قبل بدئ قدوم المرضى .


وقف يوسف محله وهو يقول لها بمرح :


-أرجع ؟


نفت برأسها تقول :


-لا مش قصدى بس جاى بدرى عن ميعادك .


اتجه إليها واقفًا أمامها ثم قال بابتسامه :


-بعد العياده أنتِ ما بتصدقى تطلعى ومبعرفش اتكلم معاكِ , قولت اجى قبل العياده عشان أعرف أكلمك فى الموضوع الى عاوزك فيه .


ابتسمت باستفسار :


-موضوع ايه ؟ خير ؟


-تعالى نقعد فى البلكونه أحسن عشان الهوا .


أومأت بموافقه وتبعته للشرفه حتى جلسا أمام بعضهما ونظرت هى له منتظره حديثه ..


لم يكن متوترًا فى موقف مرَّ بحياته بأكملها كتوتره الآن , يشعر أن لسانه قد عُقد ودقات قلبه تزايدت ويشعر بحراره تغزو جسده لا يعلم مصدرها ! 


-يوسف انت معايا ؟!


قالتها " نواره " حين طال صمت يوسف لأكثر من دقيقتان كاملتان .


توتر فى جلسته وهو لا يعرف ما بهِ ؟ يريد التحدث لكن لا يستطع البدأ .


شعرت بتردده وتوتره الظاهر فهتفت باستغراب :


-يوسف فى ايه ؟


-تتجوزينى ؟


هكذا ودون كلمه زائده , ودون أى مقدمه , وحين رأى وجهها بلا أى تعبير كأنه لم يقول شئ شعر أنه قدم أغبى عرض زواج عرفه التاريخ ..


أجلى حنجرته وهو يردد بخفوت :


-نواره ! أنتِ سمعتينى ؟


هز رأسها بعدم استيعاب وقالت :


-أنت قولت ايه ؟


أعاد كلمته بتوتر من ردة فعلها :


-بقولك تتجوزينى ؟


سكنت ملامحها للهدوء رغم مشاعرها الثائره وهى تسأله بهدوء :


-ليه ؟ 


زفر أنفاسه ببطئ مُثقل وبدأ الحديث :


-من أول مره شوفتك فيها وأنتِ لفتِ نظرى , أنا بالعاده عمرى ما التفت لبنت أو حسيت بالفضول والإنجذاب ناحيتها , أول مره قابلتك فيها من قبل حتى ما اتكلم معاكِ لقيت نفسى سرحت فيكِ وكأنى لأول مره بشوف بنت , ولما شوفتك قدام بيتك كنت مقرر امشى ومشغلش بالى بيكِ بس بدل ده لاقيت رجلى وخدانى ناحيتك , عرضى عليكِ الشغل هنا أنى أساعدك طبعًا بس كمان كنت عاوزك دايمًا قدامى , نواره أنا مش عارف أقولك ايه ومش قادر أوصلك إحساسى بيكِ بس أنا بغير عليكِ , واتجننت لما عرفت أن فى حد عاوز يتجوزك , وعاوزك دايمًا معايا , وبحب الكلام معاكِ وضحكتك حتى سكوتك وأنك تفضلى قاعده قدامى وبس ...


أخذ نفس عميق ثم زفره على مهل وقال :


-أنا عاوزه اتجوزك عشان بحبك يا نواره .


ابتسمت بحزن يكاد يقتلها , فها هى أمنيتها تتحقق , ها هو " يوسف " من أمتلك قلبها لأول مره يعترف لها بأنها هى الأخرى قد امتلكت قلبه ..لكن رُبما يأتى حديثه متأخرًا بعدما اتخذت قرار الإبتعاد عنهم .. وأما عن أمنيتها فليست كل الأمانى قابله للتطبيق ...


ضغطت على شفتيها بعنف وهى تخفض بصرها لأسفل تحاول الثبات , ثم حررتهما ورفعت بصرها له وهى تقول :


-أنا آسفه يا يوسف , بس طلبك مرفوض .


أنهت جملتها ووقفت راكضه للخارج تاركه أياه فى خضم صدمته ..


______( ناهد خالد )_______


جلست على الأريكه ودموعها تتساقط كالشلال , لن تفعلها ..لن تؤذى يوسف بقربها منهِ ..يوسف أول من دق القلب له , أول ابتسامه مُحبه كانت لأجله , وأول نظره شغوفه توجهت له , أول كل شئ هو ...يوسف , لذا وبكل أنانيه سترفض وتوجعه تعلم أنها ستكسر قلبه لكن أفضل من أن يخسر حياته أو يبقى فى خسائر متتاليه والسبب ..نواره نذير الشؤم .


انتفضت على دقات متتاليه فوق الباب فمسعت دموعها وتوجهت ناحيته تفتحه بثبات ..وكما توقعت كان يوسف هو الطارق ...


هتف بتهجم :


-مش من حقك ترفضى من غير أسباب ..


تركته محله ودلفت للشقه وهى تقول :


-أسبابى خاصه بيا أنا .


دلف خلفها حتى توقفا فى منتصف الصاله فرد بغضب :


-يعنى أيه خاصه بيكِ مش أنا الى بترفض !


قالت بهدوء :


-العيب مش فيك يا يوسف العيب فيا أنا , أنت ألف بنت تتمناك .


-ملكيش دعوه مين يتمنانى , ردى على سؤالى أى هى أسبابك , ويعنى أيه العيب فيكِ ؟


قال الأخيره بقلق ففهمت ما توصل إليه عقله فقالت بنفى :


-لا مش زى ما فهمت , بس أنا حياتى لا تصلح للجواز .


هتف باستنكار:


-هتترهبنى ؟


ردت بجمود :


-ميخصكش .


سحب مقعد خشبى وجلس عليه وهو يقول ببرود :


-تمام , وأدى قاعده ومش قايم غير لما أسمع أسبابك ومعاكِ لبكره الصبح عادى .


هتفت بغضب:


-متستهبلش , الحالات زمانهم جاييين وهيلاقوا العياده مفتوحه وفاضيه ! 


لم يعطيها إجابه لكن ملامحه ثابته تدل على إصراره التام ..


بعد دقائق ولم يتحرك يوسف من مكانه هتفت هى باستسلام :


-عاوز تعرف ايه ؟


نظر له بجانب عيناه وقال :


-أسبابك ..


جلست على أحد المقاعد وهى تقول بحزن ودموع محتبسه :


-عشان أنا السبب فى كل الى حصل لعيلتك , عشان أنا نذير شوم يا يوسف ومهما هربت من الحقيقه دى كل شويه بييجى الى يثبتلى أنها صح وأنى لعنه على الى بيدخلو حياتى ......

#نذير_شؤم #الفصل_السابع #"قدر" #ناهد_خالد 


-أنتِ متأكده أنك اتعلمتى لحد تالته ثانوى ؟!


كانت هذه أول جمله نطق بها " يوسف " بعدما سردت عليهِ ما مرَّ بحياتها بأكملها بدأً من مولدها حتى وقفتها أمامه الآن ..تعاقبت مشاعر الحزن والشفقه والمؤازره والصدمه كانت آخرهم حين أخبرته أنها بدأت تصدق ما قالوه عنها لذا فكرت فى الفرار بعيدًا عنه كى لا تصيب عائلته بالمتاعب أكثر بسببها ..


لوت فمها بضيق وهى تقول :


-أيه دخل الى قولته بأنى متعلمه لحد فين ؟


رد بسخريه :


-مهو لو أنتِ جاهله كنت هعزرك وأقول ماشيه ورا كلام الناس الجاهل الى اترسخ بعقولهم عن نذير الشوم ووش النحس وفالها وحش وكل الحوارات دى , لكن أنتِ للأسف متعلمه يعنى المفروض تبقى عارفه أن كل دى خرافات , بس أنا برضو عاذرك عشان واضح أنك اتأثرتى بكلامهم زياده عن اللزوم ويمكن برضو كتر الأحداث الى بتحصل هى الى لغبطتلك مخك , بس أنتِ عارفه أن كل ده مش حقيقى وحرام صح ؟


نظرت له بأفكار مضطربه ثم قالت :


-أنا الأول مكنتش بهتم لكلامهم وبقول دول ناس جاهله ومش لازم اهتم ليهم , وأنا عارفه إن مفيش حاجه اسمها نذير شوم بس ....مع كتر الأحداث مبقتش لاقيه مبرر للى بيحصل وحسيت فجأه إنى غصب عنى بالجئ للمبرر الوحيد الى ممكن يفسر كل الى الى بيحصل وهو إنى فعلاً زى ما بيقولوا نذير شوم , طب قولى أنت ايه تفسيرك ؟


تنهد بتفهم لحالتها فقد فقدت الثقه بنفسها من حديث الناس , وفقد عقلها تعقله وتوزينه للأمور بكثرة الأحداث التى لم يجد لها تفسير ..


-بصى أنا ممكن أقولك كلام قد كده بس فى الآخر مقدرش أقنعك وللأسف أنا فى حاجات كتير ناقصانى دينيًا , فأكتر حد هيفيدك هو الحاج منتصر , رغم أنه متعلمش بس فى الدين أحسنى من 100 واحد متعلم كان أيامهم المدرسه عندهم هى الجامع والمدرس هو إمام الجامع أو شيخ بيثقوا فى علمه , عشان كده بقى له درايه كبيره بالدين , عكسى أنا لاهانى الانجليزى والفيزيا و الكميا وغيرهم عن الدين لأن للأسف نشئنا على أن الدين مبينضفش للمجموع وبيتلم قبل الأمتحان بكام يوم فى السريع كده , ولما دخلت الطب لاهتنى مواده عن أنى أتعلم دينى من أول وجديد , فتعالى نوصل للحاج ونسمع منه واحنا الاتنين نتعلم .


__________( ناهد خالد )______


-وطبعًا الدكتور معرفش يفيدك فجيتوا للجاهل عشنا يفيدكوا انتوا الاتنين .


قالها " منتصر " بعدما استمع لسرد " نواره " لقصتها , هتف " يوسف " بحرج :


-مانت عارف يا حاج أنا فى الدين مش قد كده , بقرأ قرآن أه وحافظ شويه فيه وبصلى وبصوم الحمد لله , لكن أحكام الشرع والأحاديث وكده مش مُلم بيها .


طالعه " منتصر " بسخريه وهو يقول :


-بزمتك مش مكسوف .


تنحنح بمرح وهو يقول :


-جرا ايه ياحاج انت سيبت الموضوع الرئيسى ومسكت فيا أنا طب رد عليها الأول بعدين نتكلم .


تنهد بضيق من حال ابنه ونظر ل " نواره " التى تنتظر حديثه بلهفه وقال :


-قوليلى ايه فيكِ الى مقتنع أنك نذير شوم زى ما بتقولى , كلك مقتنعه ولا عقلك بس الى بيحاول يقنعك ؟


-لأ مش كلى مقتنعه , حتى عقلى أوقات كتير مبيبقاش مقتنع .


ابتسم برضا وهو يقول :


-بدايه مُبشره أنك رافضه الفكره بس شيطانك بيوسوسلك أن ده الصح , بصى يابنتى مفيش حد نذير شوم ولا وش نحس , دى كلها أقدار , ربنا سبحانه وتعالى قال " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " , وقال كمان سبحانه وتعالى " ما أصاب من مُّصيبةٍ إلا بإذن الله " .. يعنى كل موقف بيحصل هو قدر ربنا كاتبه وكل مصيبه بتصيبك هى من عند ربنا مش بسبب أنك قابلتى فلان ولا فلان زراك ودخل بيتك فالبيت ولع بسببه , مفيش حاجه اسمها كده , تعرفى إن أيام الجاهليه كانوا بيعتبروا الغراب نذير شؤم , وكانوا لو نعب مرتين يتشائموا ويقولوا إن فى مصيبه هتحصل , لحد ما الإسلام نزل ونهى التهمه دى عن الغراب , وابن عباس كان لما يسمع صوت الغراب يقول :" اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله إلا غيرك ", يعنى الغراب من طيرك الى خلقته , و الخير من عندك , ومفيش إله يقدر يتحكم فى الخير والشر غيرك يارب , طب تعرفى إن ده يعتبر شرك بالله , لما تتفائلى بحد أو تتشائمى بحد ؟


اتسعت أعينهما بصدمه ورددت " نواره " :


-شِرك ! للدرجادى ؟


أومئ بتأكيد :


-أيوه , زمان كانوا بيتشائموا بالطيور , فلو حد مسافر وشاف طائر من الى بيتشائموا بيهم وسمع صوته يرجع من سفره فورًا ويعتبر ده دليل على أنه هيصيبه سوء فى سفره ده , فقال الرسول صلى الله عليهِ وسلم عن الموضوع ده " من ردته الطيره عن شيء فقد فارق الشرك " , يعنى الى الطير رجعته عن حاجه كان هيعملها يبقى وكأنه أشرك , بصى سواء التشاؤم بحد أو التفائل بيه حرام لأن الخير والشر من عند ربنا مش من شخص شوفتيه , وكمان بيقول " ابن حجر " الى شرح كتاب للبخارى " لا يجوز أن يُنسب إلى المرء ما يقع من الشر مما ليس منه , ولا له فيه مدخل , وإنما يتفق موافقة قضاء وقدر ..أنتِ يابنتى فى ايدك تجلبيلى مصيبه وأنا قاعد كده ؟


نفت برأسها وهى تقول :


-لأ طبعًا , بس تفسر بأيه كل المواقف الى بتحصل بمجرد ما حد يتعرف عليا , أبسط مثال الى حصل معاكم من وقت ما دخلت حياتكم .


أنهت حديثها وهى تنظر ل " يوسف " الذى أردك مدى حيرتها وتخبطها بين الصواب والواقع ...


رد " منتصر " مبتسمًا :


-أقدار .. كل الى دخلتِ حياتهم وحصلهم حاجه كده كده كانت هتحصل وفى نفس التوقيت حتى لو مدخلتيش حياتهم , بس ربنا أراد أن ده يحصل فى نفس الوقت الى دخلتِ حياتهم فيه لحكمه يعلمها هو , يمكن اختبار ليكِ ويمكن مكنش ولا واحد فيهم خير ليكِ وربنا شايلك الأحسن , أنتِ فاكره مثلاً إن موت أم يوسف بسببك ! تبقى عبيطه ده ربنا سبحانه وتعالى بيقول " ولن يُؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها " , وفى آيه تانيه بتقول " ولكل أُمةٍ أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون " , تيجى أنتِ تقولى أصل أم يوسف ماتت بسببى ! 


قال الأخيره وهو يذم شفتيهِ بإشمئزاز فضحكا الإثنان على مظهره , وتنهدت " نواره " براحه تشعر أنها كانت بحاجه لحديث مثل هذا منذُ زمن , شعرت أن روحها ارتوت وزال الشك منها , وعقلها سكن وهو يُفسر كل ما حدث معها أنه مجرد " قدر " وُربما كان شرًا لها بعده الله عنها بما حدث وظنته هى بسببها , فهناك مقوله صادقه تمامًا تقول " رُب خيرًا لم تنله كان شرًا لو أتاك " ..


أنتبهت على حديث " يوسف " وهو يسألها :


-اقتنعتى ؟


ابتسمت براحه وهى تجيبه :


-جدًا ..


التفتت ل " منتصر " وهى تكمل :


-أنا بجد مش عارفه أشكر حضرتك ازاى , متتخليش كلامك ريحنى لدرجة ايه ..


رد بجديه :


-أنتِ زى بنتى , مفيش بنت بتشكر أبوها .


ابتسمت بامتنان ثم قالت بمكر :


-بما إنك زى بابا , كنت حابه أخد رأى حضرتك فى موضوع ..


-قولى ؟


نظرت بجانب عيناها ل " يوسف " ثم ابتسمت بخجل وهى تقول :


-كان فى عريس متقدملى وحابه أخد رأيك فيه أوافق ولا أكنسله يمكن يجيلى الأحسن ..


-تنكسليه ! هو أنا نوتفيكشن ! " إشعار "


رددها " يوسف " بذهول وهو ينظر لها فابتسمت فى الخفاء دون رد , فقال " منتصر " :


-أنت اتقدمتلها ؟


نظر لوالده وهو يوضح :


-قلت أخد رأيها ..


أومئ منتصر يقول :


-تمام , ومش هتعرف ردها الأخير غير لما تتقدم لها , أو بمعنى أصح تيجيلى أنا وتتقدم وأنا هبلغك قرارها وتجيب معاك حد من أهلك كمان .


اتسع فاهه وهو ينظر لأبيه بصدمه وقال :


-حد مين الى هجيبه يا حاج ؟


رد " منتصر " ببرود :


-وأنا مالى اتصرف هات أخوك الكبير , ولا هتتقدملى بطولك ؟!


جز على أسنانه بغيظ وقال :


-لا تمام , أنت تؤمر يا حاج , نيجى نتقدم أمتى إن شاء الله ؟


قال الأخيره وهو ينظر ل "نواره " التى تكبت ضحكتها بصعوبه ..


أجابه " منتصر بهدوء :


-آخر الأسبوع إن شاء الله ولحد ده ما يحصل شوفلك حد يقعد فى العياده , ولو لمحتك قريب منها هلغى الجوازه , مش عاوزك تأثر على قرارها .


وقف بحنق وهو ينظر لهما ثم قال :


-ماشى , كل واحد وله يومه ..


أنهى حديثه وهو ينظر ل " نواره " التى تضحك بتوعد , رفع " منتصر " صوته وهو يقول :


-بتقول حاجه يا سى يوسف !؟


نظر له وهو يغمغم :


-بقول رايح العياده أشوف بقى مين هيقعد فيها , بعد إذنك ياحاج .


خرج فالتفت " نواره " لمنتصر بعدما توقفت ضحكاتها على تذمر يوسف , ونظرت له بأعين لامعه وهى تقول :


-أنا بجد مهما قولت مش هوفى حضرتك حقك .


ابتسم لها بلطف وقال :


-أنتِ زى سمر يا نواره حطى ده فى بالك , ولو قبلتِ تكونِ مرات يوسف فهتبقى بنتِ بجد مش زى بنتِ وبس .


ابتسمت بخجل وهى تقول :


-هو بعد كلام حضرتك ليا , يعنى أنا رفضى ليوسف كان بسبب أفكارى , بس أنا فعلاً اقتنعت بكلام حضرتك ومعتقدش إنى هرجع أفكر فى المواضيع دى تانى , فيعنى رفضى له انتهى .


-قصدك أنك موافقه ؟


أومأت بخجل وهى تخفض بصرها ولأسفل , فنظر لها مبتسمًا وقال :


-على خيرة الله بس طبعًا لازم تتقلى شويه فسبيه لآخر الأسبوع .


ضحكت بخفوت وهى تتخيل حالة يوسف الثائره الآن بسبب قرارات والده ....


_______( ناهد خالد )____


بعد يومان ...


كانت جالسه مع " سمر " بغرفتها حين دقَ الباب فوقفت " سمر " متجهه إليه وفتحته لتجده " يوسف " يهمس لها :


-هى نواره عندك ؟


ابتسمت " سمر " مانعه ضحكتها بصعوبه فأخيها أشبه بالمراهق يتسلل لرؤية حبيبته خوفًا من أن يراه أبيه ! 


همست له بالمثل :


-ايوه , بس مش هينفع تدخل عشان بابا هيزعقلى .


التفت خلفه وهو يقول بهمس :


-خليكِ جدعه بقى بقالى يومين مش عارفه أتلم عليها أقولها كلمتين حلوين يلينوا دماغها , أقفِ بس على الباب هنا وراقبيلى الجو وأنا هظبطك ها ..


أنهى حديثه بغمزه وهو يدلف للغرفه ..اتسع فاهها بصدمه أهذا هو أخيها يوسف الطبيب الوقور يغمز لها ويقول " هظبطك " !!!!..


كانت جالسه وظهرها للباب تمسك ثوبًا بيدها تقوم بحيكاته حين استمعت لصوت يهمس من خلفها :


-يارتنى كنت فستان .


انتفضت واقفه وهى تطالعه بدهشه ورددت :


-يوسف ! ايه الى جابك هنا !


غمز لها بعيناه وهو يقول :


-الهوى رمانى ..


ضيقت حاجبيها بدهشه أكبر وهى تغمغم :


- ال ايه ؟ مالك يا يوسف ؟!


ابتسم قائلاً :


-الهوى , متعرفيهوش ؟ هو عمره مازارك ولا ايه ؟ بعدين مالى أنا زى الفل أهو ..


ذمت شفتيها وهى تردد :


-زى الفل ! يمكن .. المهم أنت جاى هنا ليه عمى الحاج لو شافك مش هيحصل طيب..


رفع رأسه بغرور وهو يردد :


-مش هيحصل طيب ازاى يعنى ؟! على فكره بقى أنا هبقى خطيبك إن شاء الله ومحدش له حق يمنعنى أشوفك .


انتفض بخفه حين وجد كف غليظه تُحط فوق كتفه وأكمل مرددًا :


-إلا بابا طبعًا ..


انطلقت ضحكاتها وضحكات سمر فالتف لينظر لأبيه ليجده " إبراهيم " هو من خلفه , أزاح يده من فوق كتفه وهو يردد بضيق :


-أيه يا إبراهيم حركات المخبرين دى ماتكح يا جدع ..


ضحك بخفوت وهو يقول :


-كنت عنتره بن شداد من شويه , يلا يا خفيف أبوك جاى ورايا .


التف ل " نواره " بضيق وهو يقول :


-اضحكِ يا ختى كل ده هيتردلك متقلقيش .


خرج وسط ضحكات الجميع عليهِ لكنه لم يهتم وهو يتمتم ببضع كلمات لم يستمع إليها أحد .....


_______( ناهد خالد )_____


-ما تخلصنى يا حاج أنت هتذلنى عشان تجوزهالى !


قالها " يوسف " بعصبيه وهو يجلس بجوار " إبراهيم " الذى أتى معه للتقدم لخطبتها , بعدما وضعا الحلوى والورود وجلسا بهدوء وابتسامه أمام " منتصر " و "نواره " التى ارتدت فستان ذهبى بدى رائعًا عليها وطرحه صغيره من نفس اللون واكتفت بوضع القليل من مستحضرات التجميل , بعد بعض الكلمات الترحيبيه بينهما بدأو التحدث فيما جاءوا إليه ففوجئ " يوسف " بقائمة من الأسئله يلقيها عليهِ أبيه , وبعدها أخبره منتصر بموافقة نواره , ثم انتقلوا لأمور الإتفاقات بشأن الزيجه وهنا بلغت الأمور أقصى من حدها , حيث دقق منتصر فى كل شئ مما آثار زوبعة يوسف ..


رفع " منتصر " حاجبه وهو يقول :


-أنت بتتأفأف وبتعلى صوتك ! طب مافيش جواز مش هجوز بنتى لواحد قليل الأدب .


كاد يوسف أن يرد لكن لحقه " إبراهيم " وهو يمسك بذراعه ويقول :


-ياحاج كل طلباتك أوامر ومش هنختلف فيها خلينا بس نقرا الفاتحه .


نظر " منتصر " ليوسف بضيق :


-ده قليل الأدب بيعلى صوته عليا !


تنهد " يوسف " بهدوء ثم قال :


-معلش يا حاج , أنا آسف , بس بقالنا ساعه ونص بنتكلم فى تفاصيل ملهاش لازمه ! بتقولى المعالق مين الى هيجبها ! هو احنا هنتكلم فى العفش قطعه قطعه ! بعدين أنا قولت من الأول أنا مش عاوز غيرها هى وأنا هتكفل بكل حاجه .


نفى " منتصر " برأسه وقال :


-لا طبعًا , أنت هتتجب علينا ! هى هتنزل تنقى حاجتها كلها الى المفروض تجيبها بنفسها وهتجيبها هى مش من فلوسك , وهتدخل زى اى عروسه بفرشها الى هيحكى الناس كلهم عليه .


أدمعت عيناها بإمتنان لهذا الرجل الذى لا تستطع وصفه فهو يعاملها كأنها ابنته بالفعل , وتفهم يوسف موقف أبيه وإصراره وأنه لا يريد أن يشعرها بالنقص فقال مبتسمًا :


-ماشى يا حاج , هى تجيب الى عوزاه والباقى أنا هجيبه , نقرأ الفاتحه بقى ؟


رد " منتصر " بتنهيده راضيه :


-نقرأ الفاتحه والخطوبه الأسبوع الجاى زى النهارده , والفرح آخر الشهر الجاى .


رد " يوسف " باقتراح :


-مانخليها أول الشهر الجاى , ده النهارده لسه 1 .


-عشان تاخد راحتها فى التجهيز وأنت برضو شقتك هتحتاج شوية شغل , ولا هتسكنوا فى الشقه الى جنب دى ؟ 


نظر " يوسف " لنواره وقال :


-والله الى نواره عوزاه أنا معنديش مانع .


ردت بابتسامه :


-لأ أنا عاوزه أبقى فى البيت هناك مبقاش هنا لوحدى .


ابتسم يوسف وقال :


-يبقى على خيرة الله .


________( ناهد خالد )_____


يوم الخطبه .....


" بحب اللون الأخضر عليكِ عشان كده جبتلك ده , ألبسيه الليله "


كانت هذه الجمله المدونه على بطاقه وُوضعت مع فستان أخضر أنيق وصل لها منذُ قليل ..


ابتسمت بحب جارف وهى تخرج الفستان من حقيبته وارتدته فورًا فبدى رائعًا عليها ..


-اوبا ايه الفستان الجامد ده ؟


قالتها " زينب " وهى تدلف للغرفه , فردت " نواره " بابتسامه :


-يوسف اللى بعته .


ضحكت الأخيره بمرح وهى تقول :


-يا سيدى على الحب , طيب يلا بقى نعمل الميكب قبل ما العريس يوصل ..


فكانت قد أصرت نواره على أن تكون الخطبه فى شقتها المؤجره بعدما تم تزيينها ..


بعد نصف ساعه ...


دلفت " سمر " بابتسامه وهى تقول :


-العريس وصل .


دلف " يوسف " بعدها بعدما دق على الباب واستمع إذن الدخول وانسحبت سمر وزينب للخارج ...


وقف أمامها يبتسم بحب ثم قال :


-تسحرى , زى ما اتخيلتك بالضبط .


ابتسمت بخجل ظهر فى إحمرار وجهها فاستمعت له يقول :


-لأ أنا مش عاوزه كسوف انا عاوز أسمع كلمه منك .


نظرت لبدلته الأنيقه وقالت باضطراب :


-شكلك حلو اوى . 


رحم خجلها فابتسم قائلاً :


-عيونك الحلوين , كنتِ بتقوليلى فى التليفون إن فى حاجه مهمه عاوزانى فيها .


أومأت وهى تقول :


-ايوه , بص يا يوسف فاكر يوم ما روحنا لبابك عشان يكلمنا عن موضوع التشاؤم وكده .


أومئ بتأكيد فأكملت :


-يومها أنت بنفسك قولت أنك مش مُلم بحاجات كتير فى الدين , المهم أنا زيك تمام , ف حابه أخد منك وعد دلوقتى أنك تساعدنى نعرف دينا أكتر ونحفظ قرآن سوا أكننا لسه فى حضانه وبنتعلم من أول وجديد , عاوزه نوعد بعض أننا نساعد بعض ولو فى يوم حد كسل التانى يساعده , وياخد بإيده للطريق الصح قولت ايه ؟


ابتسم باتساع وهو يقول :


-طبعًا موافق , أصلاً بقالى فتره بفكر فى الموضوع ده , مش طبيعى أكون عندى كل العلم ده بالأعمال الدنياويه وجاهل فى دينى , وهخلى الحاج منتصر بنفسه يساعدنا ..


بادلته الإبتسامه بسعاده وهى تقول :


-ربنا يحفظك ليا يا يوسف .


ابتسم بخفوت وهو يقول :


-كان نفسى أقولك كلمه تانيه بس إحنا قررنا نلتزم بدينا ونبدأ نمشى فى الصح وربنا يسامحنى لما قولتها قبل كده , فهقولك ويحفظك ليا .


( قصده على بحبك ) 


________( ناهد خالد )_______


كانت " سمر " فى مدرستها التى تبدأ ظهرًا , و" يمنى " كالعاده عند أهلها لمرض والدها , و"زينب " ذهبت هى اليوم لتجلب " عمرو " من مدرسته , فدلفت هى لشقة " رحاب " لتنظفها لعدم قدرة " سُريه " على أعمال الشقتين ..


استمعت لغلق الباب وهى تنظف المطبخ وهرولة أحدهم بالخارج , خرجت لتجد منتصر يركض بين غرفته وغرفة مكتبه , فهتفت بقلق :


-فى ايه يا عمى بتجرى ليه ؟


وقبل أن يجيبها استمعت لدقات سريعه فوق باب الشقه فذهبت سريعًا لتفتح فوجدت إبراهيم الذى دلف سريعًا وهو يقول لمنتصر بأنفاس متسارعه :


-حد كلمك يا حاج ..


ردَّ الأخير بغضب :


-كلمونى ومش لاقى الزفت مفتاح العربيه , عربيتك معاك ؟ 


أومئ بإيجاب فأكمل :


-هدخل أجيب فلوس بسرعه أكيد هنحتاجها .


دلف سريعًا للداخل وتوقف هى أمام " إبراهيم " تسأله بفزع :


-هو ..هو فى ايه يا إبراهيم ؟


نظر لها بحزن وآسف وهو يغمغم :


-فى حد كلمنا بيقولوا يوسف عمل حادثه وهو رايح القاهره ..


بُهت وجهها , يوسف ! لقد كان معها صباحًا وأخبرها أن صديق له من المستشفى التى كان يعمل بها فى القاهره توفى ويجب عليهِ الذهاب لحضور العزاء .. حادث ! 


رددت بوجه جامد وكأنها لم تدرك الصدمه بعد :


-وحالته ايه ؟


نظراته لها وصمته كان كفيل بإيصال الإجابه لكنه أكد عليها حين قال :


-الى كلمنى بيقولى أنه فى العمليات ..و ..وحالته صعبه ..

#نذير_شؤم #الفصل_الثامن والأخير  #ناهد_خالد 


خرج " منتصر " من غرفته يركض تجاه " إبراهيم " وهو يقول :


-يلا أنت لسه واقف عندك ؟!


أُفيقت من صدمتها وهى تردد بلهفه :


-أنا عاوزه أجى معاكوا يا عمى ..


نظر لها " منتصر " بضيق ثم ردد باقتضاب :


-مش هينفع , يلا يا إبراهيم .


نظرت لخروجهما بصمت فلم تجد ما تقوله بعد طريقة منتصر معها ! , جلست فوق المقعد الموجود فى الصاله وهى تنظر أمامها بشرود , ودموعها تنزل بصمت , تُرى ما أصاب يوسف ؟ وكيف حالته ! , أسيأخذه الله منها بعدما تعلقت بهِ وأصبح لها العوض عن كل سئ أصابها سلفًا ! , خفضت بصرها لدبلته التى تزين إصبعها فوجدت شهقاتها تخرج بعدما كانت تحاول كتمها , بكت بحرقه على حظها العاثر الذى لا يجعل فرحه لها تكتمل , بكت خوفًا من أن تُحرم ممن ارتضاه قلبها آنيسًا , ظلت تبكى لأكثر من نصف ساعه كامله حتى شعرت بأعينها قد جفت من البكاء , توقفت فجأه ووجدت نفسها تخرج من الشقه بل من البيت بأكمله قاصده شقتها ..


وصلت لها فتوجهت فورًا للمرحاض وتوضأت ثم ارتدت ما يناسب الصلاه ووقفت بين يدى الله تُصلى وتدعو الله أن يرده إليها سالمًا وألا يصيبه مكروه , هذا ما شعرت أنها تريد فعله لذا أقبلت عليهِ دون أى تردد , شعرت أنها لا تريد أن تفكر فى حالته خاصًة والأفكار السيئه تتزاحم فى عقلها حول ما سيؤول إليهِ الأمر .. 


ظلت تتضرع لله بالدعاء وتقرأ القرآن كى يهدأ نفسها القلقه الثائره , وبالفعل هذا ما حدث وللعجب بعدما انتهت وجدت السكينه تغزوها وراحه غريبه تتسلل لقلبها و يقين خفى بأن الله لن يرد دعائها ويوسف سيكون بخير .


________( ناهد خالد )_____


أخرج هاتفه ليدق عليها ثوانِ وأتاه الرد وهى تقول بلهفه :


-ايوه يا عمى طمنى يوسف كويس ؟


رد بضيق :


-لا مش كويس , حالته مش مستقره .


أما على الجهه الأخرى تلألأت الدموع فى مقلتيها وهى تقول :


-يعنى الدكتور قال ايه ؟


زفر " منتصر " بضيق وهو يقول :


-أنا مش بكلمك عشان تقوليلى الدكتور قال ايه , أنا بكملك عشان حاجه تانيه .


ردت بقلق :


-حاجة ايه ياعمى ؟


-اسمعى يابنتى أنا شكلى غلط لما قولتلك أنك ملكيش دخل فى الى بيحصل لعيلتى , يوسف ابنى أكتر حد من ولادى غالى عندى , ومعنديش استعداد أخسره , فأيًا كان أنتِ فعلاً نذير شوم زى مابيقولوا ولا لأ , أنا ميفرقش معايا غير ابنى والى بيحصلنا ده مش طبيعي مش هستنى لحد ما أخسره , فأبعدى عن ابنى وعننا وامشى بشرك ولا خيرك بعيد عنا .


ابتلعت غصه مريره فى حلقها وهى تستمع لحديثه الصادم لها , لم تتوقع أن الحاج " منتصر " من أرشد عقلها للصواب هو من يقول هذا ! , صمتت لثوانِ تستجمع رابطة جأشها ثم قالت :


-اعذرنى يا حاج بس الوضع دلوقتى اختلف ويوسف بقى خطيبى مش مجرد دكتور شغاله عنده , والوحيد اللى له يقرر يكمل معايا ولا لأ هو يوسف مش حد تانى , وبالنسبه لأنك رجعت فى كلامك وحسيت أنى فعلاً نذير شوم , فمش هقولك غير حاجه واحده " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون " , يمكن حضرتك نسيت الكلام الى قولتهولى يومها بس أنا منسيتوش , عشان كده بقولك حادثة يوسف مش بسببى , حادثة يوسف قدر ومكتوبله مليش دخل فيه , سلام يا عمى .


أغلقت الهاتف وهى تتنهد براحه , تشعر أنها تأخرت كثيرًا فى تلك الخطوه التى تقف فيها أمام الجميع وتنفى عنها التهمه الملصوقه بها , لكن لا بأس أن تتأخر أفضل من الأ تصل !


________( ناهد خالد )_____


أغلق معها الهاتف بإبتسامه هادئه ونظر للذى أمامه حين قال :


-أنا مش عارف أنا طاوعتك ازاى يا حاج فى الى عملته ده , يعنى قلقتها عليا و كمان كلامك ليها دلوقتِ , افرض روحنا لاقيناها مشيت !.


كانت هذه كلمات " يوسف " الجالس أمام مكتب أبيه وأمامه يجلس " إبراهيم " يتابع ما يحدث فى صمت , نظر له منتصر وهو يقول :


-تمشى ايه يا عبيط , الى تقول الكلام ده بعد الى قولته عمرها ما تمشى , بعدين كان لازم تبدأوا حياتكم صح ولا عاوزنى استنى لما تتجوزوا ويحصلكوا مصيبه وتفكر هى أنها بسببها وتهرب منك ولا تطلب الطلاق ويبقى حياتك معاها على كف عفريت ! , ده كان اختبار ليها عشان أشوف إذا كانت اقتنعت فعلاً بكلامى واقتنعت أنها ملهاش علاقه بأى حاجه تحصل ولا لأ , وكمان عشان أنت متبقاش قلقان أنها ترجع تفكر فى الحكايه دى تانى .


أومئ برأسه موافقًا على حديث أبيه فهذا تحديدًا ما جعله يوافق , أنه يريد أن يطمئن من موقفها الآن تجاه كلمة " نذير الشوم " ..


-طيب ممكن اروحلها بقى ؟ 


أشار له منتصر وهو يقول :


-روحلها يا اخويا أنا قولتلك متروحش ! 


انتفض من مكانه فورًا متجهًا للخارج قاصدًا مكانها ...


_______( ناهد خالد )_____


جلست تفكر فيما عليها فعله , أستجلس هكذا دون فعل شئ ؟ دون أن تطمئن عليهِ وتعرف إلما وصلت حالته ! أليس من حقها أن تطمئن عليهِ !؟


وقفت متجهه لغرفتها وهتفت وهى تخرج الثياب من الخزانه :


-أنا خطيبته ومن حقى أطمن عليه ! ومحدش له الحق أنه يمنعى أصلاً ! 


أنتهت من ارتداء ملابسها وجذبت هاتفها وهاتفت " إبراهيم " تطلب منه أن يوصف لها عنوان المستشفى فأخبرها أن تنتظره وسيأتى لجلبها , وجدت جرس الباب يرن , فقطبت حاجبيها باستغراب ثم فتحت الباب لتجحظ عيناها وهى تراه أمامها , يوسف أنه هنا حقًا !! , يقف أمامها ويبدو بصحه جيده ! إذًا ما حدث ماذا كان ؟! 


أما عنه فاختفت ابتسامته وهو يراها مرتديه ثياب الخروج ومستعده للذهاب ! أكانت ستفعل ما يخشاه , أقررت الإبتعاد مره أخرى ؟ 


-أنتِ رايحه فين ؟


خرج السؤال من فاهه وهو ينظر لها بقلق من ردّها يخشى أن تجيبه بأنها كانت ستذهب وتتركه فتضيع فرحته فى مهب الريح ..


تحركت شفتيها تتمتم بدهشه :


-يوسف ! أنت هنا ! طب ازاى ؟


تجمدت ملامحه كأنه لم يسمعها وهو يُعيد سؤاله :


-كنتِ رايحه فين ؟


ردت سريعًا :


-أنا كنت جايالك المستشفى , كلمت إبراهيم وكان جاى ياخدنى , أنت ازاى طلعت بعدين عمى قالى أن حالتك مش مستقره هو ايه الى بيحصل ؟


قالت حديثها بسرعه حتى لم تأخذ نفسها , فقطاعها وهو يقول مبتسمًا :


-اهدى بس , خدى نفسك , أنا كويس , كل الحكايه أنه كان اختبار ياستى وأنتِ نجحتى فيه .


هزت رأسها بعدم فهم وقالت :


-اختبار ايه أنا مش فاهمه حاجه !


دلف للشقه وتبعته هى عائده للداخل فجلس على أحد الكراسى وهو يقول :


-تعالى اقعدى و أنا هحكيلك .


جلست أمامه ومرت عدة دقائق وهو يسرد لها ما حدث , نظرت له بضيق وهى تقول :


-يعنى كنتوا بتلعبوا بأعصابى وتقولى اختبار ! 


ابتسم لها غامزًا بعيناه :


-عديها بقى , وبعدين بزمتك مش أنتِ نفسك كنتِ عاوزه تعرفى أنتِ فعلاً اقتنعتى ولا لو حصل حاجه تانيه هتراودك أفكارك العبيطه تاني ؟


ردت بتلقائيه :


-اسكت يا يوسف ده أنا مكنتش بنام من التفكير , أنا عارفه أنى اقتنعت بس لما بتتحط فى الموقف غير برضو , كنت بفضل أفكر طب لو اتجوزنا وأنت حصل معاك حاجه ولا خلفنا وحد من ولادنا حصله حاجه هشيل نفسى الذنب ولا هلاقى الأفكار دى مبقاش لها وجوده فى دماغى .


ابتسم براحه قائلاً :


-شوفتِ بقى أنك أنتِ كمان كنتِ محتاجه ده .


انتبهت لتلقائيتها فى الحديث فقالت بضيق :


-امشى يا يوسف أنا مش طايقاك أصلاً ..


ضحك بخفه على تمسكها بضيقها يبدو أنه سيحتاج لوقت كى تسامحه والكثير من الهدايا رُبما ! 


______( ناهد خالد )____


خمسة أشهر مروا بسلام , تزوجا منذُ شهر ونصف فى شقة " يوسف " القديمه بعدما قام بتجديدها , أصبحت حياة نواره بين شقتها وشقة " رحاب " حيث تكفلت بأعمال الشقه وتحضير الطعام و الاعتناء بأمور " سمر " أيضًا , ويوسف كان بين عيادته و شقة والدته والوقت الأكبر بالطبع فى شقته ..


-يا سمر ادخلى ذاكرى مش هقول تانى ..


رددتها " نواره " بصوت عالِ من المطبخ ليصل لتلك التى تجلس بالخارج أمام التلفاز , ردت عليها " سمر " بتذمر :


-يوه بقى يانواره المسلسل لسه مخلصش !


ردت عليها من الداخل وهى تُقلب الأرز الذى تطهيه :


-المسلسل هيتعاد تانى لكن السنه دى مش هتتعاد ... 


تركت الملعقه من يدها وخرجت من المطبخ وهى تكمل حديثها :


-يابنتى دى تالتة ثانوى وعاوزه عنايه أكتر من كده , بقالك 3 ساعات قاعده قدام المسلسل هو المسلسل ده مبيخلصش !


ردت " سمر " بحماس :


-دى حلقات مجمعه ..


جحظت أعين " نواره " بصدمه وهى تردد :


-مجمعه ! نهارك أبيض , قومى ياختى دى قدمها للعشاء على ماتخلص ..


أنهت حديثها وهى تغلق التلفاز فصاحت " سمر " باعتراض :


-يوووه يا نواره بقى , أنتِ دايمًا تقطعى لحظاتى السعيده , بعدين ده وقت البريك .


لوت فمها بسخريه تقول :


-بريك ايه الى بقاله 3 ساعات ده , يلا قومى على المذاكره لحد ما الغدا يخلص ويوسف ييجى .


وقفت بتذمر وهى تغمغم ببعض الكلمات الغير مفهومه , فرفعت " نواره " حاجبيها وهى تقول :


-سمعينى بتقولى ايه ؟


اقتربت منها مقبله وجنتها بقوه وقالت مبتسمه :


- ولا حاجه يا نوارة قلبى يا قمر أنتِ .


-بت دى كلمتى أنا احنا هنقطع على بعض !


كانت جملة يوسف التى قالها ما إن دلف من باب الشقه واستمعت لجملة أخته الأخيره ..


رفعت " سمر " يدها وهى تقول بمرح :


-سورى يا جو عندى دى .


نظرت لها " نواره " مردده بضحك :


-لا دى مصممه تسرق ألقابنا لبعض بقى ! 


ردت " سمر " وهى تتجه لغرفتها :


-خليلكوا القابكم بكره ييجى الى يقولى يا سمورتى .


-بت !


قالها " يوسف " بتحذير فأغلقت باب غرفتها وهى تتنفخ بضيق ..


ضحكت " نواره " بمرح عليها وهى تقول :


-البت يعينى من أول شهر فى الثانويه وزهقت ..


التفت له حين لم يجيبها فوجدته ينظر لها بأعين لامعه مبتسمه , قالت بخجل من نظراته :


-مش هتبطل نظراتك دى بتكسفنى على فكره ..


اقترب محاصرًا ذراعيها بكفيهِ وهو يقول :


-أعمل ايه , بحبك وبحب أملى عينى منك , بعدين لا تلومن عاشق فى عشقه . 


ابتسمت بخجل وهى تقول :


-صح بس متبقش تكسفنى بقى لما اسرح فيك وأنت بتكلمنى أو لما تصحى تلاقينى ببصلك .


رفع حاجبيهِ بدهشه مصطنعه وهو يقول :


-ايه ده أنتِ عاشقه أنتِ كمان !


استندت برأسها على صدره بخجل وهى تقول : 


-ده أنا دايبه فى هوى محبوبى .


صمتت قليلاً وهى تشعر بابتسامته ثم قالت :


-يوسف كنت عاوزه اقولك على حاجه بس متزعلش ..


اتبعدت عن صدره لينظر لها باستغراب وهو يقول :


-قولى يا حبيبتى .


أخرجت شئ ما من جيب فستانها والذى لم يكن سوى " اختبار للحمل " نظر له وهو يرى خطان بللون الأحمر يزينونه , اتسعت ابتسامته وهو ينظر لها بسعاده بالغه حتى أدمعت عيناه وهو يقول :


-حامل يا نواره !


ابتسمت لسعادته وقالت :


-محبتش أجيلك ولا أقولك على الأعراض الى كانت عندى من أول الأسبوع عشان متتعشمش على الفاضى .


أومئ برأسه عدة مرات بسعاده ثم قال بدون وعى :


-أحنا لازم نروح لدكتور عشان ...


قاطعته " نواره " بضحكه عاليه وهى تقول :


-حبيبى أنت دكتور ! 


حك جبينه بحرج وقال :


-ايه ده , أنا بس فرحتى لخبطتنى .


نظر له للحظه قبل أن يباغتها محتضنًا إياها بقوه وهو يهمس بترديد :


-الحمد لله , اللهم لك الحمد والشكر ..


________( ناهد خالد )________


كانت متسطحه فوق الفراش بخوف والممرضه التى جلبها يوسف لتكون معه فى العياده تضع بيدها الكانيولا تحضيرًا لها للدلوف لغرفة العمليات بعد قليل لتضع مولدها الأول ..


دلف لها " يوسف " بزيه الخاص بغرفة العمليات والابتسامه تزين ثغره ثم قال :


-اطلعى أنتِ يا هبه دكتور التخدير بره استنونى فى أوضة العمليات .


أومأت موافقه وخرجت بالفعل , اقترب " يوسف " من " نواره " وانحنى يقبل جبهتها بعمق قبل أن يبتعد وهو يبتسم فى وجهها ويقول :


-نوارة قلبى جاهزه ؟


ردت بخوف :


-أنا خايفه اوى يا يوسف .


ملس بيده على وجنتها ويده الأخرى محتضنه كفها :


-متخفيش يا روح يا يوسف , هتخرجى إن شاء الله وهتبقى زى الفل , أنتِ مش واثقه فى جوزك ولا ايه ؟


ابتلعت ريقها بقلق وهى تقول :


-يوسف افتح حته صغيره بلاش بطنى كلها عشان ميبقاش شكلها وحش .


ضحك بشده وهو يقول :


-أنتِ بتقولى أيه يا حبيبتى هو أنا شغال فى مجزر ! أنا دكتور يا ماما , متقلقيش هتكونى كويسه .


ظل معها عدة دقائق يطمئنها حتى استطاع أن يلهيها عن شعور الخوف قليلاً ثم حملها بين ذراعيهِ متجهًا بها لغرفة العمليات تحت رفضها وهى تغمغم بخجل :


-نزلنى يا يوسف عيب كده , أنا هعرف امشى نزلى بقى .


غمز لها بعيناه وهو يقول :


-تمشى وأنا موجود ! اهو ده العيب الى بجد ..


________( ناهد خالد )_____


فتحت عيناها ببطئ حتى استطاعت الرؤيه جيدًا , نظرت جوارها فوجدت يوسف جالسًا بجوارها مبتسمًا لها وبين يديهِ يحمل الصغيره ..


ابتسمت بسعاده وهى تمد يدها له ليضع الصغيره بين يديها وهو يقول :


-طالعه قمر لمامتها ..


التقطتها وهى تنظر لها بأعين دامعه ثم رفعت نظرها ليوسف المبتسم لهما بحنو وقالت :


-شكلها حلو أوى يا يوسف .


أومئ بابتسامه وهو يقول :


-مش بنت نواره , هتبقى حلوه طبعًا .


اقترب طابعًا قبله على جبين الصغيره وهو يردد :


-نوره يوسف المهدى , نورتِ حياتنا .


فقد اختار اسمها قريبًا لأسم والدتها لا يفصل بينهما سوى حرف واحد فقط . 


نظرت " نواره " له وهى تقول بعاطفه قويه تجاهه :


-بحبك يا جو .


مرر بصره لها وهو يغمغم بصدق :


-وأنا بعشقك يا نوارة قلبى ..


بالطبع حياتهم قد أنتابها بعض المشاكل و المصائب كسابقًا , لكن الفرق أنها باتت تدرى أنها ليست نذير شؤم ..وكل ما يحدث مجرد قضاء وقدر، يحدث فى حياة الجميع.. .

انتهت

ناهد خالد 

رايكم أتمنى تكون عجبتكم ...

إلى اللقاء فى حكايه جديده♥️♥️♥️♥️

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close