رواية وبقي منها حطام انثي تكملة الفصل السادس عشر والسابع عشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية وبقي منها حطام انثي تكملة الفصل السادس عشر والسابع عشر بقلم الكاتبه منال سالم حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
الفصل السادس عشر الجزء الثاني
بعد سفرة مرهقة امتدت لعدة ســـاعات ، توقف القطار في المحطة المنشودة .. فهب محسن واقفاً ، وسحب الحقيبة من الأعلى ، وهو يهتف بصوت صـــارم :
-يالا انزلي ، احنا وصلنا
فما كان من إيثار إلا الإنصياع له ، والتحرك خلفه ..
ترجلت من عربة القطار وهي تجوب بأنظارها المكان بنظرات أكثر دقـــة ..
لقد كانت في بلدة ريفية تابعة لإحدى محافظات الوجه البحري ..
إنتابها الفضول لتعرف طبيعة هذا المكان ، وسبب وجودها فيه دوناً عن غيره .. خاصة أنه لا يلائم عروسين تزوجا حديثاً وأتيا للتمتع بشهر العسل ..
-أهلاً يا سي محسن ، نورت البلد
قال تلك العبارة أحد الرجال ذوي الملابس الريفية المميزة وهو يقترب من زوجها ..
صافحه محسن بجفاء ، وناوله الحقيبة وأردف قائلاً بهدوء :
-خدها على البيت يا عبعال
أومــأ الرجل برأســه وهو يرفع الحقيبة على كتفه ليقول بنبرة مطيعة :
-أوامرك يا سي محسن !
شعرت إيثار بالغموض والقلق من معرفة ذلك الرجل لهوية زوجها ، وكأنه يعلم مسبقاً بقدومه ..
ثم رسمت على شفتيها ابتسامة هادئة .. بالطبع فتلك هي بلدته ، ومن المؤكد أن الجميع يعرفه فيها ..
أقنعت نفسها بأن هذا هو التفسير المنطقي للموقف ..
.................................
بعد أقل من عشر دقائق كانت تنعم إيثار فيها بالتمتع بالنظر إلى تلك الأراضي الخضراء الخصبة ، تلك المناظر الطبيعية التي أراحت إرهاق عقلها وأنستها مؤقتاً ما مرت به بالأمس ، توقفت السيارة أمام إحدى البنايات المنخفضة ..
ترجلت من السيارة وهي تتمعن في المكان من حولها بنظرات سريعة شاملة ..
خرجت إحدى السيدات من ذلك المبنى المنخفض وهي تطلق الزغاريد هاتفة بحماس :
-يا مرحب بالغالي ، اتفضل يا سي محسن ، نورت دارك يا غالي !
رد عليها بهدوء وهو يشير برأسه :
-متشكر يا أم فتحي !
ثم قطب جبينه وهو يتساءل بجدية :
-أومــال الست أمل موجودة ؟
ردت عليه ( أم فتحي ) بهدوء :
-ايوه ، ومستنظراك إنت وعروستك !
أمرها قائلاً وهو يشير بإصبعه :
-طيب هاتي الشنطة من عبعال ودخليها جوا
-حاضر يا بيه
ثم التفت برأســه نحو إيثار ليوجه حديثه إليها قائلاً بجدية :
-تعالي يا إيثار
تساءلت الأخيرة في نفسها عن سبب وجودها في هذا المنزل ، وكذلك عن تلك المرأة ، ولكنها لم تدع الفرصة لعقلها للتفكير ، فما هي إلا دقائق لتعرف كل شيء ..
.....................................
خطت إلى داخل المنزل بخطوات شبه متعثرة ، فهي ضيفة على هذا المكان الجديد ، لا تعرف فيه أحد .. ليس لها فيه إلا زوجها محسن الذي لا تعرف عنه إلا القليل ..
نجحت في الإستمرار في رسم تلك الإبتسامة الهادئة على ثغرها .. ولكن سريعاً ما تلاشت ، وحل محلها الصدمة حينما رأت محسن يقبل امرأة مــا من وجنتيها بحرارة واضحة ..
رمشت بعينيها محاولة استيعاب الموقف ..
ولكن لم تستطع اخفاء إنزعاجها من تعابير وجهها ..
استدار هو ليواجه إيثار ، فأتاح لها الفرصـــة لرؤية المرأة بوضوح ..
كانت تتمتع ببشرة خمرية ، ووجه بشوش ، نظراتها إلى حد ما مطمئنة ، وعلى ثغرها تشكلت إبتسامة طيبة .. أما ملابسها فكانت بسيطة للغاية ، فهي ترتدي فستاناً ريفياً بسيطاً من اللون الأزرق ومنتشر عليه صوراً مطبوعة لرسمة الوردة الشهيرة ، كما لفت حول رأسها حجابها القطني من اللون الكحلي ..
تعمد محسن تطويق تلك المرأة من خصرها ، وقربها إلى صدره ، ثم ابتسم قائلاً بقسوة :
-أقدملك أمـــل .. مراتي !
شهقت إيثار مشدوهة من تصريحه الصــــادم لها .. وتجمدت عينيها عليهما غير مصدقة ما لفظه تواً بهدوء مميت ..
كانت تتوقع أي شيء إلا أن تكون تلك المرأة زوجته ..
لم تستطع هي تحمل تلك المفاجأة الكبيرة .. والتي زلزلت كيانها بالكامل ، فشعرت بتلك الغمامة السوداء تغلف رأسها ، وفقدت بعدها الإحســــاس بما حولها .......
..........................................
مــــر يومـــان على مالك وقد انتهى فيهما من تجهيز نفسه للبدء في أولى خطواته العملية في تركيا ..
استعد للذهــاب إلى الشركة الجديدة ، وتأنق في حلة رسمية مناسبة من اللون الأســود ..
ســــار برفقة نــادر إلى مقر الشركة ، ورسم على محياه ابتسامة ودودة ، وجاهد ليُبقي خلف ظهره ظلال الماضي ..
تلقى التعليمات اللازمة للعمل وفق سياسة تلك الشركة ، وحمد الله في نفسه أنه بارع في التحدث باللغة الانجليزية ليتمكن من إنجازات المعاملات التجارية بها ، واستقبل بصدر رحب كل التعليقات الخاصة والتوصيات الهامة ليحقق المطلوب منه دون وجود أي عقبات .
تعمد هو إلهاء نفســـه في العمل ومشاكله حتى لا يترك الفرصة لعقله للإنسياق وراء سيل الذكريات المؤلمة ..
بخطوات ثابتة إتجه نحو المصعد ليستقله للطابق القابع فيه مكتبه بمبنى الشركة الشاهق ..
لمح تلك الشابة الجميلة وهي تعدو مسرعـــة نحوه بحذائها العالي وملابسها الرسمية السوداء محاولة اللحاق بالمصعد قبل أن ينغلق بابيه ..
مـــد هو يده ليوقف حركته ، وأفسح المجال لتلك الشابة الجميلة للمرور ..
نظرت له ممتنة ، وشكرته بكلمات مقتضبة ..
أومــأ برأســه مجاملاً ، وهو يبتسم لها ، ولم ينبس ببنت شفة ..
تراجع للخلف بعد أن ضغط على زر طابقه ، وكذلك فعلت هي ، واختلس النظرات إلى ممشوقة القوام التي تقف أمامه وهو يكاد يسمع صوت أنفاسها اللاهثة ..
كانت ثيابها باهظة الثمن ، وتسريحة شعرها الذهبي منظمة للغاية ، خاصة تلك الكعكة التي جمعت كل خصلاته الناعمة بشكل عملي جـــاد ..
لم ينكر إلتواء فمه في إعجاب بشكلها الظاهري .. ولكنه سريعاً أخفض رأسه متجنباً النظر إليها ..
وضعت الشابة يدها على صدرها الذي ينهج ، وجاهدت لتضبط أنفاسها ..
لكنها لم تكنْ على ما يرام ، فالإرتفاع المفاجيء في نسبة الأدرينالين أتعبها للغاية ..
عاتبت نفسها بالهمس وهي تضغط على شفتيها قائلة باللغة التركية :
-لم يكن عليّ الركض .. فأنا لست بحاجة إلى هذا المجهود ، يا إلهي ساعدني كي لا أسقط ، أوه !
توقف المصعد في الطابق المنشود .. وتأهب مالك للخروج منه ..
ولكنه تفاجيء بالشابة تترنح بجسدها وهي تكافح للصمود واقفة على قدميها ..
أســرع مالك بإمساكها من خصرها ومن ذراعها ليحول دون سقوطها وهو يهتف بفزع :
-يا أستاذة ، في ايه ؟ انتي كويسة
نظرت له الشابة بأعين شبه زائغة وتمتمت بكلمات لم يستطع فهمها .. فهتف بخوف :
-أنا مش فاهم إنتي عاوزة ايه ، بس .. بس آآ...
شعر بثقل جسدها عليه ، فدقق النظر إليها فوجدها قد غابت عن الوعـــي ..
أمسكها جيداً ، ولف ذراعه حول عنقه ، ثم مـــد ذراعيه أسفل جسدها ليحملها ..
كان المصعد قد أكمل صعوده في الطابق التالي ، وحينما توقف انطلق مالك منه مندفعاً حاملاً إياها وهو يصرخ مستغيثاً بالمساعدة ..
حـــالة من الهرج والمرج سادت فجأة في ذلك الطابق ..
تعجب مالك مما يحدث ، ولكنه لم يكن ليترك الشابة دون مساعدتها ..
أسرع بوضعها على أقرب أريكة ، وجثى قبالتها ، ثم مد يده ليبعد تلك الخصلة التي تحجب وجهها ، وحاول إفاقتها بهدوء ..
ركض رجلاً ما وقوراً – ذو هيبة واضحة – في إتجاهه وهو يهتف بذعـــر :
-لانا .. لانا !
اعتدل مالك في وقفته ، وتراجع مبتعداً حينما رأى ذلك الرجل يقترب منه ، وأفسح له المجال للتصرف معها .. وأوضح له باللغة العربية وقد تناسى أن غالبية المتواجدين بالشركة أتراك :
-هي اغمى عليها في الأسانسير ، وأنا مش عارف مالها ..
أمسك الرجل بكف الشابة براحتيها ، وفركه بقوة وهو يهتف بإسمها :
-لانا ، أجيبني !
رفع الرجل رأســه لينظر إلى مالك وهتف فيه بجدية ولكن بالعربية :
-ابنتي أصيبت بنوبة السكري مجدداً ، احضر دوائها من مكتبي
نظر له مالك بذهــــول ، وقد صدم من تحدثه إليه بالعربية .. فازدرد ريقه وهو يســأله بنبرة مشدوهة :
-و..آآ.. وهو فين مكتبك ؟
أشـــار له الرجل بيده قائلاً بتلهف :
-هناك !
هز مالك رأسه متفهماً ، ثم ركض مسرعاً نحو مكتبه ليساعده ..
.....................................
حركت إيثار رأسها للجانب وهي تئن بصوت خفيض ..
شعرت بيد ناعمة تتلمس جبينها ، وبصوت أنثوي يهمس لها :
-هاتبقي كويسة يا حبيبتي
لم ترغب إيثار في فتح عينيها ، واستسلمت لغيبوبتها الإجبارية ، فقد كانت تظن أنها في كابوس طويل قاسي تريد الإفاقة منه لينتهي عذابها الممتد .....
حدقت أمل فيها بإشفاق واضح ، فقد أيقنت أن تلك الصغيرة ساذجة وبريئة للغاية ، أوقعها حظها العثر في رجل كزوجها محسن ....
...........................................
ناول سلمان ابنته لانا كوب الماء لترتشفه بعد أن أفاقت من إغماءتها القصيرة ..
شعرت بصداع رهيب في رأسها ، وتأوهت بخفوت وهي تتمتم مع والدها بكلمات مقتضبة لم يستطع مالك فهمها ..
استدار سلمان نحوه ، ومد يده ليصافحه شاكراً إياه بجدية :
-أنا عاجز عن الشكر ، لقد ساعدت ابنتي
نظر له مالك بحرج ، ورد عليه بإيجاز :
-أنا معملتش حاجة
ســأله سلمان بجدية وهو يتفرس ملامح وجهه :
-انت عربي ؟
أومــأ مالك برأسه إيجاباً :
-ايوه ، من مصر
بدى وجه سلمان خالياً من أي تعابير وهو يضيف قائلاً :
-اعذرني على فضولي ، ولكن ماذا تفعل هنا ؟!
أجابه مالك بتلعثم :
-أنا .. شغال في الشركة دي
ظهرت علامات الإندهاش واضحة على وجهه وهو يهتف غير مصدقاً :
-أنت موظف لدي ! أوه ، يا لحسن القدر !!!
حدق فيه مالك مذهولاً وهو يرد بنبرة مصدومة :
-هو .. هو حضرتك صاحب الشركة ؟!
..........................................
لاحقاً ، تعجب نــــادر مما حدث مع رفيقه مالك خلال نهاره الأول بالشركة ، وضرب كفاً على الأخر قائلاً بإبتسامة متحمسة :
-أنا مش مصدق ، إنت مع بنت سلمان بيه ومن أول يوم ليك ! بركاتك يا سيدنا
هز مالك كتفيه في عدم مبالاة ، ورد بفتور :
-أنا مكونتش أعرف انها بنته ، افتكرتها موظفة في الشركة ، وتعبت فساعدتها ، عادي يعني مش قضية !
أوضح له نادر قائلاً بجدية :
-هي شغالة فعلاً في الشركة ، بس مش معاه ، كأنها زي أي حد فينا
ضاقت نظرات مالك ، وهتف بإيجاز :
-غريبة
برر له نــــادر بهدوء :
-ولا غريبة ولا حاجة ، الناس هنا بتعتمد على نفسها في تحقيق أحلامها ، مش زي عندنا
-أها
ثم صـــاح بنبرة مفعمة بالحيوية :
-تعالى هأعزمك على أكلة حلوة هاتعجبك في مطعم شيك
هز مالك رأسه وهو يقول بحرج قليل :
-شكراً يا نادر ، مافيش داعي
لكزه نادر في كتفه وهو يقول بمرح :
-يا عم شيل التكليف بينا ، تعالى بس ! وقولي رأيك !
-ماشي
وبالفعل ولج الاثنين إلى داخل أحد المطاعم القريبة من ســـاحل البحر ..
أبدى مالك نظرات إعجاب واضحة بتصميم المكان الراقي والذي كان يتناسق في ألوانه مع زرقة البحر الذي يعشقه ..
أشـــار له نــادر بالجلوس على إحدى الطاولات القريبة من المياه ، وهتف بإنفعال وهو يحدق في شاشة هاتفه :
-شوف إنت هاتطلب ايه عقبال ما أرد على المكالمة دي
-طيب
أمسك مالك بقائمة الطعام ، ودقق النظر في محتوياتها ..
تعذر عليه أن يفهم المكتوب فيها ، فضغط على شفتيه ، وزفـــر بخفوت .. ثم رفع رأسه للأعلى وتلفت حوله بنظرات حائرة ..
تأمل المكان بنظرات أكثر تفحصاً ليلهي نفسه حتى يعود رفيقه فيترجم له المكتوب ، وينتقي ما يريد ..
لمح عدة آلات موسيقية متراصة على مسافة قريبة منه مشكلة فرقة صغيرة ، ولكن بدون أعضاءها ...
مرر نظراته على كل واحدة منها على حدا دون اهتمام جدي حتى وقعت عينيه مصـــادفة على تلك الآلة .. فخفق قلبه سريعاً ، وتسارعت دقاته .. وتسمرت أنظاره عليها ..
إنها معشوقته .. مترجمة مشاعره ..آلة الكمان ..
تلك الآلة التي حطمها في لحظة هوجـــاء منه لينفث عن غضبه الكامن في صدره ..
التوى ثغره بإبتسامة راضية وهو يتذكر براعته في العزف على أوتارها ..
لم يستطع مقاومة رغبته في تلمسها من جديد ..
فرك طرف ذقنه ، ونهض بحذر من على مقعده ، ثم تحرك صوبها وكأن بها هالة سحرية تجذبه إليها ..
وقف قبالتها متردداً ، وبشغف صـــادق واضح في عينيه مد أنامله ليتلمسها ..
لم يشعر بنفسه إلا وتلك الآلة موضوعة على كتفه ، فأغمض عينيه .. واهتز جسده برغبة ملحة في تجربتها ..
استسلم لمشاعره ، وبدأ في العزف عليها بإحترافية واضحة ..
يا الله كم يعشق تلك الآلة ، لقد أعادته ألحانها الشجية إلى بلده ، إلى غرفته ، وإليها ..
قـــاوم تلك العبرات التي تراقصت في جفنيه تأثراً بعزفـــه على أوجــــاع قلبه ...
في تلك اللحظة ولجت ( لانا ) إلى داخل المطعم مآســـورة بسحر تلك النغمات الملائكية ..
كانت على وشك الانصراف بعد انتهائها من تناول طعامها ، ولكن أوقفتها صوتها الشجي الذي لامس قلبها ..
اقشعر بدنها من موسيقاه الصـــادقة
التفتت لتنظر إلى صاحب تلك الأصابع الذهبية ، فزاد ذهولها حينما رأت منقذها أمامها ..
انتهى مالك من عزف مقطوعته ، فتفاجيء بتصفيق حـــاد من رواد المطعم ، ففتح عينيه مذهولاً .. وحدث مصادفة ما لم يتوقعه .............................
..............................................
عانت إيثار من إرتفاع في درجة حرارة جسدها ، وسهرت أمل على تمريضها لعدة أيـــام حتى بدأت تتماثل للشفاء ، واستعادت قدراً من عافيتها .....
تابعها محسن ممتعضاً ، وهتف متذمراً بالقرب من فراشها :
-هو أنا كنت ناقص !
رمقته أمل بنظرات جارحة وهي تهمس فيه بغضب :
-حرام عليك إنت مش شايف كانت عاملة ازاي
أفاقت إيثار على صوتهما ، وادعت النوم لتعرف الحقيقة المرة ..
هتف محسن بنفاذ صبر وهو يشيح بيده :
-ده اسمه دلع ، وأنا زهقت !
صاحت أمل بصرامة :
-محسن ، خلاص ، مالوش لازمة الكلام دلوقتي !
رد محسن محتجاً بنظرات متهكمة :
-أومال أنا متجوز ليه ، عشان أقعد كده محلك سر !
كزت أمل على أسنانها قائلة بحنق وقد اكتسى وجهها بحمرة الغضب :
-اتقي الله ، مش كفاية ضحكت عليها
ضغطت إيثار بقوة على شفتيها لتمنع تلك الشهقة من الصدور .. فصادمتها في محسن كانت تفوق أي صدمة في حياتها ..
ها قد ألقى بها أخيها في التهلكة ..
وتحملت بمفردها تبعات تلك الزيجة الموصومة بالخداع والكذب ...
صـــاح محسن بصوت محتد وهو يرمقها بنظرات مستنكرة :
-هو انتي معايا ولا معاها ؟!
ردت عليه بأسف وهي تهز رأسها بإشفاق :
-هي صعبانة عليا
أكمل محسن قائلاً بقسوة :
-ميصعبش عليكي غالي !
ثم وضع قبضته أسفل فك زوجته ، وهمس له غامزاً بعينه :
-اوعي تكوني غيرانة منها يا أمولة
لوت فمها لتجيبه محتجة وهي ترفع حاجبها للأعلى :
-أغير منها ؟!! ايش حال أنا اللي قايلالك اتجوز !!!!
داعب صدغها بأصابعه الخشنة ، وأخفض صوته ليقول بلؤم :
-حبيبتي ، أنا عارف إنك قلبك طيب ، وأنا وعدتك جوازتي منها عشان الخلفة وبس !!!
نزلت كلماته على قلب إيثار كالخنجر الذي أدماه فوراً ببشاعة اعترافه ..
هو لم يحبها من الأساس ، ولم يسعْ إليها إلا لغرض واضح ...
أطرقت أمل رأسها وهي تعاتبه بحزن بادي في نبرتها :
-مش لازم تفكرني يا محسن !
لف ذراعه حول كتفها ، وقربها منه ، ثم قبلها أعلى رأسها ، وتأسف قائلاً :
-حقك عليا ، بس انتي اللي بتضطريني أقول كلام مش عاوزه
تراجعت مبتعدة وهي تقول بصوت أقرب للإختناق :
-هو كان بإيدي ، ده أمر ربنا !!
رد عليها بجمود وهو يشير بيده بلا مبالاة :
-وأنا جبتلك اللي هاتخلف !!!!
صدرت شهقة مكتومة من صدر إيثار لم تتمكن من منعها ، وانهمرت العبرات بغزارة من مقلتيها ..
استدار الاثنين نحوها ، وتفاجئا بيقظتها .. فابتلعت أمل ريقها ، وهمست بصوت مستنكر :
-بس يا محسن أنا افتكرتك هاتجوز واحدة غير دي
سلط محسن أنظاره الجريئة على إيثار التي كانت تحدق فيهما بذهــــول ، وجسدها يرتجف من الخوف ..
لم تتخيل أن ينتهي مصيرها هكذا ، زوجة ثانية مخدوعة قد جيء بها إلى هنا من أجل هدف دنيء ..
عـــاود هو النظر إلى زوجته وتابع بخبث :
-ليه يعني ؟ هو أنا ماليش نفس في الحلوين !!!
لو كانت النظرات تقتل لأردت أمل بنظراتها المميتة زوجها تواً بسبب أسلوبه الفج في الحديث ..
لم تستطع تحمل طريقته ، فتركته بمفرده في الغرفة مع إيثار ..
وبالطبع انتهز الفرصـــة ليعبث معها كما يريد تحت مرأى ومسمع زوجته التي باركت زيجته .....
.................................
أغلق محسن الباب ، واستدار ليواجه إيثار التي انكمشت على نفسها خوفاً منه ..
دنا منها بخطوات بطيئة وكل نظرة من عينيه تلتهمها حية ..
صاحت فيه بصوت صارخ رغم ضعفه وهي متشبثة بطرف الغطاء :
-ابعد عني ، أنا بأكرهك ، إنت كداب .. كداب ، كداب !!
هز رأسه مستنكراً وهو يعاتبها بهدوء زائف :
-ليه بس الغلط يا إيثار ، ده أنا قولت هانبقى سمن على عسل
صرخت مهددة وقد تحولت نظراتها للعدائية :
-أنا هاقول لأهلي على كدبك وخداعك ليهم ، أنا آآ....
قاطعها قائلاً بإبتسامة متسلية :
-انتي ناسية انك معايا الوقتي ومحدش فيهم يعرفلك طريق
حدجته بنظرات نارية وهي تتابع بإصرار :
-أنا مش هاستنى هنا لحظة
نظر لها بإستخفاف ، ثم أكمل بدناءة وقد تحولت نظراته للشهوانية :
-ومن قالك إنك هاتمشي أصلاً من هنا ، انتي مراتي يا أمورة !
ارتجف جسدها من نظراته الوقحة ، وهتفت من بين أسنانها :
-أنا هاطلق منك وآآ..
هوى محسن بصفعة قوية على صدغها أصابتها بالصمت المؤقت وألجمت لسانها فوراً ..
فتابع بنبرة عنيفة وقد أظلمت عيناه :
-مش هايحصل ، ومش هاتمشي من هنا قبل ما أخد اللي عاوزه منك
ثم انقض عليها قابضاً على ذراعيها وهي تصرخ فيه أن يتركها ، ولكن عقد النية على تحقيق مبتغاه معاها ، حتى لو كان بالإجبار ........................
........................................
طوال ليال عدة ، قاست إيثار من عنف محسن المفرط معها ، ومن استباحته لجسدها بشتى الطرق ..
وكلما زادت مقاومتها له ، زاد إعتدائه بالضرب عليها ..
لامت أمل نفسها بشدة على ما يحدث لتلك المسكينة ، فهي من وافقت على اقتراح زوجها بالزواج من فتاة صغيرة لا خبرة لها بالحياة ومغلوبة على أمرها من أجل انجاب الأبناء ..
وأي أبناء ستنجبهم لأبٍ مثل ذلك القاسي الشرس ..
آلمها مشهد ضرب إيثار وصفعها المتكرر من أجل الخضوع لرغباته ..
شعرت كأنها هي التي تضرب ، هي التي تعذب ..
زاد تعذيب ضميرها لها ، وجاهدت لتبعدها عن طريقه ، ولكنه كان كالأسد الجائع الذي أتته غزاله الشـــــارد فطاب له أُكلها ، فأصبحت عاجزة أمـــــام بطشه ....
وذات يوم .. كان الإعياء جلياً على إيثار ، جسدها منهك .. وجهها ذابل وأكثر شحوباً .. لم تستطع ابتلاع لقيمات طعامها المعدودة ..
وتقيأت بحرقة واضحة في معدتها كل ما تضعه في جوفها ..
إنتاب أمل القلق .. ودارت برأسها الظنون ...
وتساءل عقلها بعدم تصديق ، هل يعقل أن تكون ( حــــــــــاملاً ) .............................................
#الفصل_١٧ج١
الفصل السابع عشر الجزء الأول
)) وأهدوني قلباً غير قلبي ..
أصابه الصدأ وتبلد ،
وصبوا الثلج فوق صدري..
أصابه وتجمد))
_ جلست أمل تفكر مشدوهة ، هل حقاً ورغم قِصر المدة التي مرت على تلك الزيجة أن تكون أثمرت بتكوين نطفة معلقة برَحِم تلك الصغيرة الساذجة ، أيعقل أن تحمل في أحشائها طفلاً لم يردْ الله أن ينعم عليها به ، وهي التي كانت زوجـــة لسنوات تعاني من حرمان نعمة الإنجاب ؟ ..
حكت رأسها وهي تفكر جيداً فوجدت أن الأفضل هو إخبار زوجها لينوب عنها بالتصرف .. وما كان من محسن إلا أن أحضر هذه السيدة الودودة التي تدعى '' أم فتحي '' فهي صديقة العائلة منذ زمن وتعلم أسرار وخبايا ذلك البيت وكل ما له صلة بهم ..
_ لبت المدعوة '' أم فتحي '' طلب محسن لها وحضرت للكشف على إيثار سراً للتأكد من الشكوك المزعومة .. والإفصاح عن صدق هذه الأعراض التي شعرت بها
في حين كانت إيثار متذمرة للغاية ، ورفضت بإصرار جــــاد أن تكشف تلك السيدة عليها ولكن كيف ستصمد تلك الرقيقة الهشة امام ذلك القاسي الذي لا يرحم بإهاناته وبطشه اللفظي عليها ،وكما هو المعتاد أرغمها جبراً لكي تنصاع لرغبته في الكشف عليها ....
_ وبالفعل تفحصتها أم فتحي كما إعتادت أن تفعل مع غالبية نســـاء قريتها على أمل أن تبشر رب المنزل بالبشرى ، فيغدق عليها بالحلوان ..
وعندما ولجت خارج الحجرة نطقت بلهجة مشبعة بخيبة الأمل وهي مطرقة الرأس :
-مفيش حبل ولا حاجة ياسي محسن ! الله يعوض عليك
تجهم وجــــه محسن بشدة ، وصــاح بإمتعاض جلي وقد عقد حاجبيه :
-يعني إي؟! لسه مفيش حاجة ؟!!!!!
رسمت أم فتحي ابتسامة تنجح في صنعها في المواقف المشابهة ، وهتفت بحماس زائف لتدب فيه الأمل :
-متقلقش ياسي محسن هي كويسة وتقدر تخلف في إي وقت بس الصبر ، لسه معداش على جوازكو يا ما
وكــأن كلمات تلك السيدة كالطعنات المسمومة التي تغرز في قلب أمل التي تقف على مقربة منه ، وتتابع بتحسر بادي على وجهها ما يحدث ..
ورغم شعورها بالإرتيــاح لكون إيثار لا تحمل جنيناً في أحشائها ، إلا أن هناك شيئاً ما يعكر مزاجها ...
أصاب محسن الوجوم ، ثم أشـــار لها بيده وهو يهتف بلهجة مقتضبة :
-طب روحي انتي
_ أخفضت أم فتحي بصرها وهي تمر من جواره في حين عقدت أمل ساعديها أمام صدرها وتشدقت بتهكم :
مستعجل ليه ياعريس!؟ لسه بدري!!
_ شعر بكلماتها المتوارية وكأنها تنغزه ، فتلوى ثغره وهو يردد بحنق :
- بقولك إيه يا أمل ، مش ناقص غيرة وشغل ستات دلوقتي.. أفرضي كانت فيها عِلة ( عيب ) هي كمان !!!!
طعنها بقسوة مفرطة في فؤادها بكلماته الفظة ، فتلون وجهها بحمرة محتقنة للغاية ، وانفعلت قائلة والغضب يتطاير من حدقتيها :
- قصدك إيه يا محسن؟
ارتفعت نبرة صوت محسن وظهرت فيه الخشونة :
- ولا قصدي ولا قصدك ، انا مش فاضي أدور على واحدة غيرها تجيبلي عيال ولا معايا تل فلوس قاعد عليه عشان اصرف على جوازات تانية !!!!
وضعت أمل يدها على منتصف خصرها ، ورمقته بنظرات نارية وهي تتابع بحنق :
-محدش قالك تتجوز بنت بنوت وصغيرة وأكيد طلبات أهلها كتير ، كان ممكن تتجوز مطلقة ولا أرملة .. بس أنت راجل عينك فارغة وزاغت عليها مش حكاية خلفة وبس !!!!
_ حدجته بنظرات مطولة تحمل الإزدراء ، ثم تركته و انصرفت من أمامه بخطوات متشنجة في حين أطلق هو زفيراً محتقناً وأدار مقبض الباب بعنف ثم ولج بإندفاع للداخل وهو يرمق إيثار بنظرات مخيفة إلى حد ما جعلت جسدها يجفل بشدة منه ..
و بضيق بيّن نطق ساخراً غير عابئ بها :
سلامتك يا... ياعروسة
_ أشاحت بصرها للجهة الآخرى ثم أراحت رأسها على ظهر الفراش وأغمضت عينيها گتعبير منها على عدم اهتمامها بما سيلقيه عليها .. أثارت حنقته ، وأشعلت فتيل الغضب عنده ، وبلا تفكير عقلاني اقترب من الفراش ، وبلا تمهل باغتها بإنحناءه الشــرس عليها بجذعه فشهقت مذعورة ..
رأت في عينيه وميض شيطاني ســرب الرعب إلى أوصالها ..
أطـــال من نظراته الجريئة والتي تحمل بين طياتها الإهانة ، وهتف مستهزءاً :
-عيب ياحلوة أكون بكلمك وتودي وشك الناحية التانية ..
ثم أطبق على فكها بكفه ، واعتصره بقوة آلمتها ، فجعلتها تئن بشدة ،وتابع قائلاً بشراسة :
-هما أهلك وأخوكي الدكر مش مربينك ولا إيه ؟
استفزتها إهانته البغيضة لعائلتها ، فحتى إن كانوا أخطأوا في حقها ، لا يحق له بأي حـــال أن يسيء إليهم ، لذا استجمعت قوتها ، وأبعدت كفه عن ذقنها ، وهتفت بنزق وقد تحولت نظراتها للوحشية :
- أنا متربية غصب عن إي حد ، وياريت تشيل أهلي اللي عمليلك عقدة من دماغك .. كفاية أنك حرمتني حتى أكلمهم !!
_ أمسك بفكها بقسوة ، ثم غرز أصابعه بخديها مما آلمها كثيراً ولكنها وارت ذلك خلف حدقتيها العنيدتين ورمقته بإستحقار فخرجت أنفاسه الساخنة وكأنها ألسنة من اللهب تشعل بشرتها :
- أهل إي بس!! خلينا ساكتين ومتسترين.. أهلك دول ما صدقوا الفرصة تيجي عشان يخلصوا من همك وأولهم أخوكي اللي ماصدق طلبتك منه !
رغم فظاظته واسلوبه الفج إلا أن قــال الحقيقة الموجعة .. عائلتها تخلت عنها ، وألقوا بها في أحضان شخص خدعهم بسهولة دون تحري الدقة عنه وكأنها عــار يحاولون ستره ..
استمر في التحديق إليها بنظرات احتقارية ليقلل من شأنها ...
أدمعت عيناها من كلماته التي ضغطت على جرحها المفتوح ، فهمس لنفسها وهي تئن بمرارة :
- قادر ربنا يخلصني من اللي انا فيه
_ ضغطته القاسية العنيفة المستمرة على فكها جعلت الدماء تظهر من خلف بشرتها وشفتيها واللاتين اصطبغتا بحمرة مغيرة ، فأثارت غريزته الحيوانية لإلتهامها بشراســـة إلتهاماً مؤلماً موجعاً وكأنه يلقنها درساً قاسياً ليعنفها بقوة فلا تتجرأ على مواجهته مرة أخرى ..
هجم عليها كحيوان ضاري ، وإنهـــال عليها بقبلاته الموجعة ، فكانت شهقاتها تصدر بخفوت ليبتلعها داخل فمه ..
أصابها ما يفعله بها بالتقزز ، بالنفور الشديد ، بالإشمئزاز ، ناهيك عن الإهانة المتعمدة مما يفعله بها ..
تنازل عن أدميته وزاد من حدته العنيفة ، فعض على شفتيها بقوة لتسيل منها الدماء ...
صرخت متأوهة ، لكنه ابتلع صراخاتها ، واستمر في دناءته الحيوانية معها ..
_ لم تعد تتحمل أنفاسه ولا لمساته المهينة ، فغرزت أظافرها في صدره لتؤلمه ثم خدشته وخدشته بوحشية .. فهي لا تملك سواهم كسلاح لتذود عن نفسها من ذلك اللا آدمي ..
حتى اضطر في النهاية أن يبتعد عنها قليلاً لينظر إلى فعلتها ، فما كان منها إلا أن دفعته بقوة خائرة لتصبح لديها الفرصة لتتحرر منه ، ثم ركضت لخارج الحجرة وهي تلهث لتدخل المرحاض وتختبىء بداخـــله ..
أوصدت الباب خلفها ، واستندت بظهرها عليه ، وأطلقت العنان لشهقاتها الموجعة ..
ها هو مجدداً يغتال روحها بوحشية ليقضي على ما تبقى منها ، ويتركها حطـــام أنثى ....
وقفت أمـــام حوض المياه ، وفتحت الصنبور على نهايته ، ثم انحنت لتتجرع المياه ..
_ تغرغرت بتقزز من حالها لتزيل دنائته العالقة بفمها ، وبصقتها وهي تلهق بصعوبة ..
امتزجت قطرات الدموع بقطرات المياه الباردة على وجهها
..
زادت شهقاتها ، ونظرت إلى انعكاس صورتها .. ليست تلك هي الشابة الجميلة ، ذات البشرة النضرة ..
لقد باتت أكبر بسنوات من عمرها الحقيقي ..
أنهكت قواها ، واستبيح جسدها بأبشع الطرق المهينة ..
وخزات مريرة تحرق صدرها ، آلام موجعة تزيد من اعتصـــار قلبها ..
نطقت بحروف متقطعة برز فيها الصدق وهي تشكو لمولاها قائلة
:
- حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي ربي هو مولاي وهو نعم الوكيل
كتمت صرختها العميقة بكفيها ، وأخفضت رأسها لتكمل بكائها المرير ..
مرت لحظات عليها .. وشعور غريب تسلل إلى روحها المقهورة ..
_ هل تشعرون بذلك ، حينما يتملكك يقين بأن أبواب السماء منفحتة عن آخرها لتتلقى دعواك ومناجتك ..
وكأن الله بطبقة السماء الأولى يستمع إليك ،
رعشـــة خفيفة دبت في جسدها ، وكأنها مسحة سحرية على ظهرها أحست بها ..
نعم هناك شعور بالطمأنينة تخلل إليها ، ويعطي لها الوعود بالفرج القريب ...
أمل جديد ظنت أنه موجود وسيتحقق فتزال عنها همومها للأبد .. عليها فقط أن تتحلى بالصبر ...
.....................................................................
(( يبقى على بركة الله نقرا الفاتحة ))
_ هذه العبارة التي نطق بها '' مدحت '' والد سارة لذلك الثري الذي أراد الزواج من ابنته رائعة الجمـــال ، فمنذ أن رأها بحفل زفاف إيثار وقد استحوذت على تفكيره وسيطرت عليه كلياً..
ولم يهنأ له بال قبل أن يحصل عليها ..
مر على زواج إيثار شهر تقريباً وهو يسعى للوصول إليها ومن ثم عرض على والدها رغبته في الزواج من ابنته وما كان منه '' مدحت '' إلا الموافقة في ظل الظروف التي ينعم بها ذلك الشاب .. فقد رسم أمامهم خطوط حياته كاملة ...
_ فرامــــز شاب مصري في منتصف العقد الثالت من العمر ، عاش سنوات طفولته مع والديه خارج مصر ومن ثم عاد لأرض الوطن مرة أخرى للبحث عن العروس الملائمة لكي يتزوج ويعاود السفر للخارج مجدداً ....
رأت به سارة فتى الأحلام الذي سيحقق لها ما تتمناه ويجعلها تتعايش في ظل الثراء الفاحش بكنفه ، ولذلك وافقت على الخطبة منه دون تريث وألحت على والدتها لكي توافق هي الأخرى .. فهو فرصـــة لا تعوض ، وهي لا تستحق أقل منه ..
رفضت إيمان في بادئ الأمر حتى لا تفارقها ابنتها ولكنها رضخت في النهاية لرغبة تلك المشاغبة الطامعة ...
_ وعقب أن انتهى الجميع من قراءة الفاتحة ، ابتسم مدحت بوجهه البشوش ثم نطق مباركاً :
-الف الف مبروك يابني !
صافحه رامــــز بحرارة وهو يردد بنبرة عذبة :
-الله يبارك فيك
_ رقعت إيمان الزغاريد المتتالية بينما كانت سارة تختلس النظر لذلك الوسيم الذي حظيت به ، كانت ملامحة شرقية جذابة .. ذي بشرة برونزية وعينين سوداوتين يظهر بهما العمق والغموض ، أنفه ينحدر بإستقامة نحو فمه ، بينما كانت شفاهه غليظتين بلون فاتح ، يتميز بالطول الفاره بجانب نحافته المتزنة ..
كان حقاً فتى الأحلام لأي فتاة حالمة .. وها هو إصبعها يتزين بخاتمه الثمين ....
_ وبينما هي متمعنة النظر به تتفحص ملامحه بدقة وكأنها تدرسها ، رفع رامز بصره فجأة عليها ليصطدم بالنظر لبؤبؤي عينيها فأسبلت بصرها للأسفل باستحياء - وكأنها ضبطت بالجرم المنشود - وتوردت وجنتيها سريعاً ، فابتسم بثقة عقب أن شعر بتأثيره الإيجابي عليها ، وبرزت أسنانه قليلاً وقد تيقن من إعجابها به وبمظهره الحسن .
.....................................................................
_ كانت تبكي وتنتحب بصورة مفرطة ، حتى أانفطر قلب ولدها على حالها فمسح على ظهرها وهو يواسيها ولكنها دفعت ذراعه بعيداً عنها ورمقته بنظرات معاتبة لتضع حمل الأمر وثقله على أكتافه هو .. فتنهد مطولاً ..
هنا في منزل عائلة إيثار ..
المنزل الذي أصبح وكأنه مأتماً منذ أكثر من شهر عقب أن إنقطعت أخبار ابنتهم الوحيدة ..
فهم لا يعلمون شيئاً عنها ، وحتى هاتف محسن أصبح خارج نطاق الخدمة في أغلب الأوقات ، فبات من المستحيل الوصــول إليهما ..
أخرجت تحية صرخة يائسة من صدرها وهي تنطق بحرقة :
- بنتي جرالها حاجة ، أنا متأكدة ان فيها حاجة !!!!
هـــا هو قلب الأم ، يستشعر أقل تغيرات تطرأ على فلذات أكبادها ..
حدسها ينبئها بأن صغيرتها تعاني ..
لم يختلف حــال رحيم عنها كثيراً ، إلا انه كان بارعاً في إخفاء مشاعره القلقة ..
فالخوف الممزوج بالاضطراب مسيطراً عليه منذ فترة ..
جاهد قائلاً لكي يضع الصبر الزائف بداخلها :
- أهدي ياتحية شوية ، أكيد الغيبة دي وراها سبب منعرفهوش
ضربت هي كفاً على الأخـــر ، وصاحت معترضة والمرارة تصدح في نبرتها فقد سئمت من أسالبيهم الباردة :
-سبب اي!! ابنك بيقول معادش بيروح الشغل وواخد أجازة مفتوحة أديله زمن ، وتقولي أهدى ، انت مش حاسس بالنار اللي فيا ..
كور عمرو قبضة يده ، فإختفاء أخته ومحسن أثارا ريبته بشدة .. خاصة أن وسائل الإتصـــال به باتت منقطعة إن لم تكن معدومة ..
خالج شعور الذنب فؤاده ، وكافح ليقول بتوسل : أهدي ياماما ، انا غلطان اني قولتلك يعني !
_ التفتت تحية برأسها لتحدجه بنظرات قاتلة ثم أشارت له بسبابتها ونطقت بلهجة محذرة :
متكلمش معايا خالص انت بالذات ، كانت مجايبك سودا ومهببة !!!
صـــاح رحيم بنفاذ صبر وقد ضاقت عينيه بشدة :
ما قولتلك أهدي ياتحية وهنحاول نلاقي طريقة نوصلهم بيها !!!!
عضت تحية على شفتيها بتألم وهي تضيف بمرارة :
-طول عمرك قاسي عليها يارحيم وبتشد في تربيتها !
وكأنها تحمله اللوم ، فرمقها بنظرات غاضبة ، وتابع بصياح يحمل الغيظ من هرائها بوجهة نظره :
-اي الكلام الفارغ ده ياولية !؟ طول عمرنا عارفين المثل اللي بيقول أكسر للبت ضلع يطلعلها أربعة وعشرين .. لولا شدتي عليها كانت طلعت سايبة وماشية على كيفها ولا مبتشوفيش البنات عاملين أزاي اليومين دول ؟!!!!!
_ ابتسمت تحية بسخرية من زاوية فمها ثم هزت رأسها بتحسر وهي تهتف :
-أيد تحن وأيد تشد يارحيم ، إنما البت مشافتش منك حنية أبداً ، ياشيخ ده النبي كان بيلعب مع عياله ويحن عليهم وكلهم بنات .. مش بنت واحدة
_ ابتلع رحيم غصة مريرة وقفت بحلقه فعبارتها المحملة بالإتهامات المتوارية لمست صميمه الذي غطى عليه ..
شعر بالحرج من نفسه .. فهو بالكاد لم يعامل ابنته يوماً بشئ من الحنان واللين ، فقط أفكاره العقيمة سيطرت عليه وخشي من انفلات الزمام من يده ، فردع صغيرته منذ نعومة أظافره معتقداً أنه يحميها ...
أكملت تحية حديثها وهي تنهض عن مكانها قائلة بعتاب قاسي :
-حتى ياحبيبتي لما قلبها دق حرمتوا عليها الحب ، ربنا يسامحكوا .. بنتي ذنبها في رقبتكوا !!!
_ عرجت لداخل حجرتها في حين مسح عمرو على نحره وقد شعر بالإختناق والضيق .. والدته محقة .. الكل جنى عليها .. الكل تسابق في إرســالها إلى مصير مجهول دون التأكد من عواقبه ..
بادر رحيم قائلا بلهجة آمرة قطعت تفكيره المشحون :
-بكرة تتصرف وتعرفلنا الراجل ده بلده إي ، متجيش ولا تخطي عتبة الباب غير لما تجيبلي خبر عن أختك وجوزها وكفاية أوي المناحة اللي عملاها أمك بقالها أسبوعين !
تنهد عمرو وهو يهز رأسه إيجاباً :
-حاضر يابابا ، هتصرف بكرة إن شاء الله ..................................
تكملة الفصل السابع عشر والثامن عشر من هنا
رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا
رواية خيانة الوعد كامله من هنا
رواية الطفله والوحش كامله من هنا
رواية جحيم الغيره كامله من هنا
رواية مابين الضلوع كامله من هنا
رواية سيطرة ناعمه كامله من هنا
رواية يتيمه في قبضة صعيدي كامله من هنا
الروايات الكامله والحصريه بدون لينكات من هنا
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
تعليقات
إرسال تعليق