القائمة الرئيسية

الصفحات

سكريبت فين عقلك الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه آيه شاكر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

سكريبت فين عقلك الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه آيه شاكر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


سكريبت فين عقلك الفصل الخامس والسادس بقلم الكاتبه آيه شاكر حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


- يعني إيه لسه نايمين؟ يلا كلوا يتجمع على الفطار، أنا مش بحب الحال المايل ده.


سمعت صوت ماما بتحاول تهديه:

- طول بالك يا حج.


رد بعصبية:

- صحيهم، الساعة عشرة! هما بيفضلوا نايمين للظهر كل يوم ولا إيه؟


الشمس طلعت بره لكن البيت كان لسه ساكت إلا من صوت بابا في الصالة بيتكلم مع ماما.


كنت صاحيه من شوية وغرقانة في أفكاري، وبطني بتتقبض من اللي حصل امبارح، بسأل نفسي هو أنا ممكن مكنش بنتهم؟!

كان واضح إن ماما ماقالتش لبابا أي حاجة لسه.


فجأة الباب خبط، وصوت بابا اتغير وبقى مليان حنية:

- يلا اصحوا، وحشتوني… ووحشني الفطار معاكم.


ورغم العواصف اللي كانت جوايا أنا وطارق، اجتمعنا كلنا على الفطار.

كنت أنا وماما وطارق باين علينا أثر الأرق، لكن محدش قال حاجة.


- مالك يا بابا يا حبيبي متعصب ليه؟

قالتها هناء، وباست راس بابا قبل ما تقعد على السفره، فبصيت أنا وطارق لبعض… طارق كان ماسك المعلقه في ايده فسابها، وحسيت إنه زعلان أو يمكن قلقان، احنا اتربينا نقف عند أمور الدين…

وهناء باست بابا وحضنته، واحنا عرفنا امبارح انها مش بنته!


- مبتاكلش ليه يا طارق؟

سأل بابا، فقام طارق وقف وقال بجمود:

- مليش نفس… أنا عندي شغل وهتأخر بره شويه.


اتجه ناحية الباب، فقامت هناء وراه وهي بتقول:

- طيب استنى يا طروق كنت عايزه منك طلب.


جريت هناء» وجابت ورقه من أوضتها، وإديتها لـ «طارق» وهي بتقول:

- معلش يا حبيبي، ممكن تبقى تستلم الأوردر ده؟


- حاضر.

قالها «طارق» بجمود، فقربت «هناء» وباسته من خده وحضنته وهي بتقول:

- متحرمش منك يا أحلى أخ في الدنيا.


بعدها «طارق» عنه بزهق، وزعق:

- متقربيش مني كده تاني، فاهمه؟


- إي يا طارق بتكلم أختك كدا ليه؟

عاابه بابا باستغراب، فخرج طارق بسرعه من البيت وهو متعصب ومن غير ما يرد…


فسأل بابا ماما:

- الولد ده بيتصرف كدا ليه؟


بصت ماما للأرض وسكتت…

ووقفت «هناء» مصدومه من رد فعل «طارق» وعينيها بتدور في المكان، أول مره يكلمها كده!


فقمت بسرعه، وهمست في ودنها:

- متزعليش منه، دا متعصب عشان موضوع العروسه، هبقا أحكيلك.


- عادي محصلش حاجه.

قالتها هناء ودخلت أوضتها بسرعه…

«طارق» عمره ما كان عصبي بس يمكن اللي بنمر بيه مخليه متوتر ومش عارف يتصرف ويمكن لأنه منامش كويس! 


بدلت نظري بين ماما وبابا اللي لسه قاعدين يتابعوا من غير اي رد فعل، وروحت قعدت قصادهم، قلت من غير مقدمات ومن غير تفكير:

- وأنا بقا بنتكم ولا كمان من الملجأ؟


اتفاجئ بابا من كلامي وقام وقف، قال:

- إيه الكلام ده يا سالي؟


وقفت وقلت بهدوء:

- هي ماما مقالتش لحضرتك، ما احنا عرفنا كل حاجه يا بابا، عرفنا إن هناء مش أختنا وإن مامتها بتدور عليها بقالها سنين، ليه كده يا بابا؟ دا انتوا ربيتونا تربية صالحه دا أنا كنت بفتخر بيكم، ليه تعملوا فينا كده؟


قلت أخر كلمه بحشرجه، وخانتني الدموع، فقامت ماما وقفت وقالت وهي منهارة وبتبكي:

- إنتي بنتي وطارق ابني وهناء أختكوا… في الرضاعه، يعني بنتي برده وتحرم على أبوكي طول العمر… اهمدوا بقا وسيبوني في اللي أنا فيه.


قعدت ماما على الكرسي، وانفجرت في البكاء. مدّ بابا إيده وطبطب عليها، وصوته فيه قلق:

- إيه اللي حصل؟ إزاي عرفوا؟


ردّت وهي دافنة وشها بين إيديها، صوتها متقطّع وسط العياط:

- حصلت حاجة… حاجة ماكنّاش نتوقعها أبداً.


حضنها بابا بحنان يهديها، وأنا واقفة دماغي بتلف… إزاي أسرتنا اللي كنت بشوفها مثالية، اتشقلب حالها في لحظة؟

مقدرتش أسكت… السؤال كان بيخنقني، فطلع منّي فجأة:

- مش فاهمه يعني يا ماما… هناء أختنا في الرضاعة؟ راضعة مع مين وأنا بيني وبينها أربع سنين فرق؟


ماما أخدت نفس طويل، مسحت دموعها، وقالت بصوت مهزوز:

- يوم ما لقيتها على باب دار الأيتام… قلبي وجعني عليها، كنت خارجة من عملية استئصال رحم من فترة، ونفسي أوي يكون ليكم أخ أو أخت. حسّيت إنها رزق من ربنا… وخدت أدوية تحفّز اللبن عشان أرضعها وتبقى أختكم، وتعيشوا في بيت واحد.


قلبي اتقبض… صرخت غصب عني:

- إزاي ده؟ أنا أول مره أسمع عن موضوع الرضاعه ده؟ وبعدين إزاي وافقتوا على كده؟ وإنت يا بابا… إزاي سمحت تكتبها باسمك؟


بصّيت لعينين بابا… لقيته بيهرب بنظره للأرض، وقال بهدوء تقيل:

- وقتها… كنا فاكرين إننا بنعمل خير وإن لما نكتبها باسمنا مفهوش أي حاجه حرام!


مسح وشه، وكأنه بيلمّ شجاعته، وقال:

- وقتها قلبي مكانش مرتاح وسألت عن حكم إننا نسجلها باسمنا بس بعد ما كنا سجلناها وخوفت أغير حاجه تاني، سافرنا كلنا وردمنا على الماضي وقلنا ربك غفور رحيم ولما تكبر هنقولها، قصدي هنقولكم كلكم، لكن… 


قاطعته ماما بصوت عالي:

- اسكت!


بابا شد نفسه وقال بحزم:

- لا، مش هسكت. لازم يعرفوا الحقيقة كلها.


بصّ لي بابا وقرب مني وكان جوايا هاتف بيأكدلي إن أنا كمان مش بنتهم، قلبي دق أسرع وعيني في عين بابا اللي قال في نفس واحد:

- يا بنتي… إنتِ وأخواتك كلّكم جِبناكم من الدار.


صرخت ماما بانهيار:

- قولتلك اسكت.


انفعل وصوته اترفع:

- مش هسكت… أنا مش ساكت… سكتت كتير…


شهقت أمي وقالت بانفعال:

- أنا مرضعاكوا كلكوا، انتوا ولادي… وأنا أمكوا… انتوا ولادي.

ومن اللحظة دي، استوعبت إن العيلة اللي كنت بشوفها كاملة ومثالية… دلوقتي اتفككت قدامي.


أمي كانت واقفه بتعاتب بابا وسط انهيارها:

- بتقولها ليه؟ حرام عليك… ليه دلوقتي؟


كنت في عالم موازي، وكلام بابا بيرن في وداني، أنا مش بنتهم!


دخلت أوضتي ألبس، لقيت «هناء» قاعدة على السرير، ماسكة موبايلها، قربت مني وسألتني:

- في إيه يا سالي؟

استغربت إنها مطلعتش على صوتنا بره، سألتها:

- إنتي مسمعتيش حاجه؟


- كنت بتكلم في التلفون وكنت لسه جايلكم، هو في أي بتزعقوا ولا اي؟


فتحت دولابي أخد هدومي وأنا بقول:

- هقولك بعدين يا هناء… مستعجلة.


- عندك شغل؟

سألتني، فقلت:

- أيوه… هبقا أرنّ عليكي.


كنت بجاهد أطلع صوتي عادي…

كنت مخنوقه من البيت واللي فيه…

ماما حاولت تمنعني أخرج، لكن قلت بهدوء عكس العاصفة اللي جوايا:

- سيبيني من فضلك… هشم شوية هوا وهرجع والله.


- سيبيها يا أم طارق… سيبيها.

قالها بابا، بصّيتله للحظة، وبعدين خرجت.


كنت سامعة صوت أمي وهي بتبكي، لكن كملت طريقي ومش فاهمة جبت القسوة دي منين. 

طلعت، والدموع بتلمع في عيني بلعِت الحجر اللي في حلقي، قلبي كان بيصرخ، لكن وشي ساكت.


- ازيك يا دكتوره؟

سمعت صوت «جاد» وشوفته وأنا خارجه من الأسانسير لكن مردتش عليه…


مشيت كتير لحد ما قعدت على الأرض في حديقة هاديه وبكيت بحرقة على كل حاجه… وكأن لازم عيني تمطر عشان الغيوم اللي على قلبي تتشال والعواصف اللي فيه تهدأ.


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 🌸 

            ـــــــــــــــــــــــــــــ

                    «جاد»

لما ألقيت عليها السلام ومشيت من غير ما ترد عليا، وقفت في مكاني، ببصلها وهي ماشية قدامي. 

ظهرها محني، وكأن كل هموم الدنيا صبت تقلها على كتافها.

بصيت ناحية الأسانسير المفتوح، وبعدين رجعت بصيت عليها… ومشيت وراها.


وفي الحديقة

شُفتها قاعدة لوحدها، دموعها نازلة بصمت. قلبي وجعني، لكن رجليّ ماقدرتش تقرّب. بسرعة رنيت على طارق، وطلبت منه يجي.


وقفت بعيد أتابعها وهي منهارة، لحد ما «طارق» وصل، كانت بطلت عياط لكن لسه قاعده مكانها.


قال طارق بصوت متوتر:

- في إيه؟ مالها سالي؟ وهي فين؟


- هناك… خلي بالك منها… أنا همشي عندي شغل.

لمست كتف طارق بخفة وكملت:

- هبقا أرنّ عليك أطمن.


التفت طارق حوليه، فشاورتله عليها ولما شافها، جري ناحيتها… وأنا مشيت.

قلبي كان عايز يروحلها، لكن عقلي بيقول إن ده الصح. هي مش هتتحمل إني أشوف ضعفها، وأنا كمان… مش قادر أشوفها كده.


وفي وسط كل ده، كان جوايا سؤال بيقرصني: يا ترى… إيه اللي حصل؟

وسؤال تاني بينغز قلبي: إيه المشاعر الغريبه اللي سكنته مره واحدة دي! واشمعنا البنت دي اللي حركت حاجه جوايا ما أنا بشوف بنات كتير، وعمري ما حسيت الإحساس ده! 

استغفرت ربنا كتير، وركبت عربيتي واتجهت لعيادة صديقي المُفضل اللي اتعرفت عليها في ندوة من ٣ سنين…


العياده كانت فاضيه وهدوء، سألت السكرتيرة:

- غريبة يعني اي الهدوء ده؟ الدكتور مش جوه؟


- لسه واصل من شويه، تحب أديله خبر؟


- لا خليكي أنا هدخل علطول.


خبطت على الباب ودخلت، فاستقبلني رجل في بداية الستين، ألقيت عليه السلام كان قاعد على مكتبه وبيقرأ أوراق قدامه، قعدت قصاده، فقفل الورق وبصلي وقال:

- الااااه! خير إيه الوش اللي داخل عليا بيه ده؟


أخدت نفس طويل وقلت:

- صديقك بيضيع، ورجليه بتتسحب غصب عنه.


بص في ساعته وقال:

- احكي بسرعه يا صديقي عندي حالة ولادة بعد نص ساعه.

قالها وشرب من كوباية القهوه قدامه…

الدكتور رزق دكتور نسا وتوليد، بصيتله وارتكزت على المكتب وشاورتله يقرب مني، فمال ناحيتي وهو بيبصلي بترقب، قلت:

- صديقي الدكتور رزق أنا… أنا بحب.


استغفروا 🌸 

                      ــــــــــــــــــــــ

                       «سيلين»

- سالي؟

كان صوت «طارق» اللي ملامحه مطفية، افتكرت كلام بابا، أكيد «طارق» أخويا في الرضاعه، بقالي شويه ببحث على جوجل عشان أتأكد إننا أخوات، طالما رضعنا من أم واحده.

بابا وماما متدينين وعارفين ربنا يعني مستحيل يخلونا نعيش في بيت واحد واحنا مش اخوات.


وقمت بسرعه، وقفت قدامه لكن برده خوفت أحضنه، معرفتش أحبس دموعي، قلت:

- إنت أخويا، أخويا وهناء أختنا… بالله عليك ما تسيبني يا طارق مهمها حصل.


- دا أكيد أنا عمري ما هسيبك بس اهدي.

قالها طارق وهو بيهز راسه، بصيت في عينه ونظراته متعلقه بيا بلهفة وقلق، وقلت وأنا ببكي:

- إحنا كمان طلعنا من الملجأ يا طارق.


- طيب اهدي.

شهقت بالبكاء وقلت:

- لما إنت قولت امبارح أنا متخيلتش إنها بتوجع أوي كده.


مسح على راسي وهو بيقول:

- هووووش… بس اهدي.


- يعني أنا مين أهلي؟ دا إيه الكابوس ده؟

قلتها بانهيار، فبص طارق في عيني وسألني:

- مش إنتي بتثقي فيا؟


ارتخت ملامحي وهزيت راسي مؤيدة، فقال:

- يبقا تسمعي كلامي وتهدي ونروح نشرب حاجه تروق أعصابك ونفكر بهدوء… هي هناء عرفت؟


هزيت راسي بالنفي، فقال:

- أنا خايف عليها أوي، وزعلان من نفسي على اللي عملته فيها من شويه! وإنتي لازم تهدي عشان نتصرف بحكمه.


- أنا هاديه والله… خلاص مفيش حاجه أهوه.

قلتها وعملت تمارين التنفس ومسحت دموعي.


مشينا جنب بعض، فحمحم طارق وقال:

- انتي عارفه مين اللي قالي على مكانك؟

- مين؟

- جاد، وعارفه قالي اي؟

- اي؟

- قالي خلي بالك منها وهبقا اتصل اتطمن، الواد دا شكله معجب بيكي… لكن أنا هشترط عليه لو عايز يتجوز أختي يجوزني أخته.

قالها وضحك، فقلتله بزهق:

- هو دا وقته إنت كمان!


دخلنا كافيه وقعدنا وبعد ما هديت شويه، قال طارق:

- طيب أنا شايف إننا نرجع البيت… إنتي قولتيها قبل كده بابا وماما تعبوا في تربيتنا، وهما ناس محترمين جدًا واحنا عيشنا معاهم وهما أهلنا، وكمان هناء عايزين نمهدلها الموضوع ده ونبقى جنبها، ويا ستي الحمد لله إن إحنا أخوات، وجوجل بياكد إن العلماء قالوا طالما رضعنا من ماما، نبقى عيالها وبابا كمان في مقام أبونا ومحرم عليكي وعلى هناء يعني بما أنه جوز أمكوا.


اتنفست بعمق وقلت:

- أنا حاسه إني مش عارفه أفكر.


رن موبايل طارق، فبص للشاشه قال:

- جاد بيرن.

مع ذكر اسم جاد قلبي دق دقه غريبه عنه، لكن ديرت وشي وحاولت أتنفس وأتغاضى عن المشاعر دي…


رد طارق عليه، وطمنه إننا راجعين البيت، ولما قفل معاه، قالي إن جاد ده شخص محترم، وإنه مشي ورايا لما مردتش عليه السلام، ومحاولش يتكلم معايا لكن اتصل على طارق يجيلي…


كنت عايزه أسأل طارق هو جاد كان متجوز ولا لا! ولكن قولت لنفسي مش وقته خالص.

                *********

ولما وصلنا البيت حضنتي ماما، وباست راسي وهي بتعيط، وحضنت طارق، وهو اللي بأس راسها.


دخلت أوضتي وأنا لسه مشتته، محتاجه أفكر، ما أنا لازم أفكر بعقلي… ولا أفكر بقلبي؟


وتشتت أفكاري بسؤال:

- هو العقل مكانه القلب ولا الدماغ؟


قلتها وأنا ببص لـ هناء اللي قاعده على سريرها قصادي، وبصالي وهي حاطه ايديها على خدها وساكته وبتراقبني.


ردت هناء:

- العلماء بيقولوا إن العقل في القلب، واستدلوا بقول الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا…﴾


- طيب لو العقل في القلب، ليه بنشاور على دماغنا لما نفكر؟

سألتها، فردت هناء بابتسامة:

- مش هتفرق كتير يا سالي، ما هو العقل لو في القلب مش هيشتغل إلا لما المخ اللي في الدماغ يديله الإشارة…


اتنفست بعمق وقلت:

- الحمد لله على نعمة المخ والقلب والعقل، الحمد لله على كل النعم التي لا تعد ولا تحصى.


وسكت تاني لما سحبتني دوامة أفكاري، ورجعت أفكر، هنقول لهناء ازاي؟ وهي لسه بصالي، ومستنيه إني أحكيلها…

يمكن تستغربوا إننا لسه قاعدين في البيت، بس إحنا ملناش مكان تاني. الحضن الوحيد والسند الحقيقي لينا هو ماما وبابا، واحنا اتربينا نحترمهم ونخاف عليهم لأننا ملناش غيرهم. أو يمكن إحنا لسه مش مستوعبين.


- عايزه أفهم في اي؟ مالكم؟ مخبين عني اي؟

انتبهت لما قالتها هناء، قعدت واتعدلت، وقلت:

- أبدًا مفيش، دا…

قاطعني خبط طارق على الباب، وقال من ورا الباب:

- هناء، هاتي سالي وتعالوا بابا عايزنا بره.


- سمعتي؟ يلا حصليني.

قالتها هناء، وخرجت…

صلوا على خير الأنام🌸

لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ..ـطين🥺

اللهم أطعم جائعهم.

***********

- انتوا عارفين غلاوتكم عندنا… احنا عايشين عشانكم يا ولاد، أتمنى تسامحونا على غلطة واحده عملناها، ولازم تعرفوها… وقبل ما أتكلم  لازم تتأكدوا إن انتوا اخوات، والست دي أمكم.


قالها بابا وهو بيشاور على ماما اللي واضح إنها ماسكه دموعها…

كنا قاعدين جنب بعض وماما وبابا قاعدين جنب بعض، قصادنا…

اتنفس بابا بعمق، كنت باصه لهناء، وخايفه عليها، وعايزه أقول لبابا بلاش تقولها، كان نفسي هناء متحسش الاحساس اللي بيوجع ده.


- أمكوا رضعتكوا كلكوا…

قالها بابا، فردت هناء بمرح، وكأنها بتحاول تخفف حدة الموقف:

- في أي يا بابا؟ عايز حساب الرضاعه ولا اي، قول متتكسفش.

ابتسم بابا ووسع مكان بينه وبين ماما وقال وهو بيشاور عليه:

- تعالي جنبي يا هنون.

قامت هناء قعدت جنيه فباس راسها وقال:

- أتمنى تفتكرولنا الحاجات الكويسه اللي عملناها وتغفرولنا الغلطه الوحيده اللي غلطناها معاكم.


بلعت هناء ريقا وقالت بتوتر:

- هو في اي يا بابا؟ 


مسك بابا ايديها وباسها وقال بصوت مخنوق:

- إنتي غاليه عندي أوي يا هناء.


بصت هناء للأرض ومردتش، ورد فعلها ده أثار تعجبي…


قام بابا وقف، وقال:

- للاسف طارق وسالي إحنا… احنا مش أهلهم البيولوجيين، لكننا ربانهم وعلمناهم و… والغلطه اللي عملناها إننا كتبناهم باسمنا… 


خد نفس طويل وقال:

- قبل سنين طارق وصل الدار مع ست قالت إن أهله توفوا وهي جارته، وساعتها كتمنا على الخبر، وأخدنا طارق، وكان أول فرحتنا… 

قالها بابتسامة وعينه بتشع حب وهو بيبص لطارق، وكمل وهو بيبصلي:

- وبعدها بكام سنه سيلين أنا لقيتها في الشارع مع واحده كانت بتشحت بيها، لفتت نظري كانت حلوه أوي ومش باين عليها إنها بنت الست الشحاته دي!  ولما هددتها إني هبلغ الشرطه سابتها وطلعت تجري…


غمضت عيني وكنت عايزه أعاتبه، وأقوله ليه مدورتوش على أهلي لكن كل اللي كان شاغلني في الوقت ده هناء اللي كانت ملامحها هادئه على غير الطبيعي، وباصه في الأرض…


اخترقت شهقات أمي قلوبنا، لكننا تجاهلناها… وكمل بابا بنبرة مرتعشة وهو بيبص لملامح هناء:

- أمك مبتخلفش يا هناء.

يتبع 

#اسكريبت بعنوان:

فين_عقلك

سلسلة:

حكايات_نصها_حقيقي


بقلم آيه شاكر

(٦) قبل الأخيرة 

- أمك مبتخلفش يا هناء.

قالها بابا وبص للأرض.


ودلوقتي اتأكدنا إن أهلنا مش أهلنا، الدنيا لفت بينا، وكل واحد فينا كان بيحاول يستوعب.

الصمت غطى المكان، كنت ببص لهم، وعيوني مليانة خوف وأسئلة، لحد ما سؤال «هناء»، الهادي، قطع السكون:

- أمي هي سناء، صح؟


شاورت أمي على نفسها، ودموعها بتغرق وشها، وصوتها بيتقطع:

- انتو ولادي أنا، فاهمين؟ 

بصت لهناء وكملت بنفس الانفعال:

- واحنا منعرفش… لسه مش متأكدين إذا كانت سناء أمك ولا لأ، لكن انتوا ولادي!


قبل ما حد يرد، فاجئنا رد هناء الهادئ:

- أكيد يا ماما… إنتِ أمنا اللي سهرت وتعبت علشانّا.


بصينا لها كلنا بدهشة، أنا شخصيًا كنت متوقعه أشوفها منهارة، لكن لقيتها ثابته.

باست «هناء» راس ماما، وبعدين انحنت قدام بابا وباست إيده، دموعها بتنزل بهدوء:

- إنتوا أغلى حاجة في حياتي… العيلة اللي شالتني في تعبي، واللي علمتني وربتني، أنا لسه فاكرة ماما لما بتسهر جنبي وأنا مريضة… وبابا وهو بيذاكرلي، وطارق وهو ماسك إيدي في كل خطوة، وسالي… أختي وصديقتي.


سكتت هناء، أخدت نفس عميق وقالت بابتسامة غامضة:

- عارفين… أنا مش مهم عندي مين ولّدني. المهم إنكم هنا… وإن طارق وسالي إخواتي، بابا هيفضل بابا، وماما هتفضل ماما.


بصت لينا كلنا واحد واحد، وقالت:

- مستغربين، صح؟ عايزين تفهموا إزاي متقبلة الموضوع… رغم إن طارق اتجنن لما عرف، وسالي اتصدمت!


ابتسمت ابتسامة غريبة وقالت:

-هحكيلكم إزاي ربنا كان بيهيأ قلبي للحقيقة قبل ما أعرفها.


دمعت عينها لكنها مسحت دموعها وقالت بصوت بيرتعش:

- بعد ما شوفت حالة أمي الحقيقية «سناء»، تاني يوم قابلت أختها في الأسانسير. مشينا سوا، وحكتلي… عن سناء، عن وجعها والندم اللي بياكل قلبها، وعن الاكتئاب والوسواس اللي بيهددها. قالتلي إنها بتدعي ليل نهار إن ربنا يرجّع لها بنتها، ساعتها… حسّيت بحاجة غريبة. كنت مشفقه عليها، وجوا قلبي كان فيه حاجة أكبر من الشفقة… اهتمام وحب مش فاهمة مصدره، وكأن قلبي عارف… إن قلب سناء هو أصله وهو سبب وجوده.


سكتت لحظة، صوتها اتكسر:

- وقتها حسيت إني بنتها بس طردت الاحساس ده من قلبي… مش عارفه ليه أنا مش قادرة أزعل منكم، يمكن لأن إنتوا مالين قلبي حب واحتواء… وأنا مش عايزة أخسركم.


انهارت، وانحنت وهي بتبكي لكن ماما لحقتها، حضنتها بقـ.ـوة، وبعدها بابا، وكلنا اتحركنا، حضنا بعض.

وصوت بكائنا اختلط ببعضه، وخرج صوت بابا واطي ندمان:

-سامحوني… أنا كنت شايل الحمل ده جوّه قلبي من سنين، لازم تعرفوا يا حبايب قلبي إن انتوا كل حياتي… الحمد لله… الحمد لله إنه الحمل ده اتشال عني وعرفتوا الحقيقة قبل ما أموت.

استغفروا 🌸 

***********

ومر اليوم ده وبعده أيام كتير واحنا بنحاول نتأقلم وبنحاول نكون بخير، وبنحاول نتوازن، لكن فضل سؤال يحاصرني، مين أهلي؟


«هناء» كانت بتطلع كتير عند والدتها «سناء» عشان تساعدها تخرج من حالتها النفسيه وفعلًا اتحسنت حالة سناء إلى حد ما، لكن هناء مسابتش بيتها الأول وأقنعت خالتها إنها مكانها هو بيتها اللي نشأت فيه في حضن الست اللي كفلتها والراجل اللي كرس حياته لخدمتها بدون مقابل.


وفضل حكاية إن أنا وطارق مش ولاد أمي وأبويا سر محدش يعرفه ولا هيعرفه.


وأخيرًا اجتمع طارق مع جميله، اتخطبوا وخلاص هيتجوزوا خلال أيام…


وعاشت العيله بسعاده ظاهرية واستقرار ظاهري، رغم إن دي مش النهاية.

صلوا على خير الأنام 🌸 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

- إنتي واعيه للي ناويه تعمليه يا سيلين؟ إنتي حكيتي حكايتنا كامله وعايزه تنزليها على البيدج؟ لا لا لا… مستحيل أوافق.

قالها طارق بعد ما سمع الريكورد اللي سجلته بحكايتنا وطلبت منه يعمله مونتاج، قلت:

- إيه المشكله مش يمكن أهلي يسمعوا الحكايه دي ويتواصلوا معايا مثلًا!

- يا حبيبتي إنتي قولتي أسمائنا الحقيقية يعني بتقولي للي ميعرفش احنا مين، اعرف أنا سيلين وطارق أخويا… ودي حكايتنا اللي قولنا هتفضل سر بيننا.

نفخ طارق بضيق، وكمل:

- طيب مفكرتيش في هناء وماما وبابا لو شافوا الحكايه! هيعرفوا ان البيدج بتاعتنا.


- أنا مش عارفه أصلًا إنت مخبي ليه؟ 


-  ليا أسبابي يا سالي.


قلت بعدم اقتناع:

- المفروض إنك مذيع ولو طلعت بصورتك هتتشهر وتتشاف، البيدج كملت مليون إنت مستوعب الرقم.


- وعشان أنا مستوعب الرقم بقولك لأ يا سالي الريكورد اللي بصوتك ده ممنوع ينزل، وبعدين بصي بقا لازم تعرفي حاجه الصفحة دي مش بتاعتنا، أنا أصلًا هشيلك من الأدمن، واعتبريها لم تكن.


سكت أفكر في كلامه، وأنا لازلت مش فاهمه، وهو غامض جدًا في موضوع البيدج ده حتى صوتي قبل ما ينزله عليها بيغيره على برنامج…

انتبهت ليه لما أخد نفس طويل وقال:

- قومي اجهزي والبسي عشان اتاخرنا ومتنكديش عليا دا أنا عريس.


بصيتله وأنا مش فهماه، نفسي أفهم وجهة نظره إنه ميظهرش بصورته على البيدج، قال:

- يلا متبصيليش كده قومي عشان نلحق الفوتوسيشن.


سيبته وخرجت من الأوضه، وأنا متضايقه، وبسأل نفسي يا ترى هو قال لجميلة على البيدج؟ وليه مقالهاش على حكاية نسبنا لبابا؟ أنا شايفه إن ده غش.


- أنا مقولتش لـ جميله حاجه عن البيدج دي… بس ممكن أقولها…

قالها طارق وهو بيهمس في ودني وأنا واقفه قدام باب الأوضه، طول عمره بيفهمني من قبل ما أتكلم…

سابني وراح يرد على تلفونه، وروحت ألبس، وأنا قلقاته ومتوتره عشان أكيد هقابل «جاد» وما زلت محرجه منه لأنه طلب من طارق إنه يجي يتقدملي رسمي وأنا رفضت، حتى بقيت ارفض أي نقاش عنه… والسبب مقنع جدًا أكيد انتوا فاهميني؟!

استغفروا 🌸 

**********

دخلنا للقاعة اللي هيتعمل فيها الفوتوسيشن وكان «جاد» اللي بيصور، و«هناء» واقفه جنبي بتبص على «طارق» بحب وفرحه، قالت:

- هو جاد ماله كده حاسه إنه متضايق؟


بصتلها وسكت، كنت مكسوره من جوايا، مش عارفه هل «طارق» و«هناء» متأثرين كده شبهي ولا أنا الموضوع زايد معايا ومش عارفه أتخطى!


طول الوقت قاعده لوحدي، صحيح مش لوحدي أوي لأني لجأت لربنا ودي حاجه أهلنا زرعوها فينا من صغرنا لكني حاسه بحزن وكسرة قلب غير عاديه…


بصيت ناحية «جاد»، اللي فعلًا باين عليه الضيق، لكن… لفت نظري طارق كان فرحان أوي بعروسته وكنت فرحانه بيه…

رفضي لجاد بسبب طارق، أصل لو اتقدملي ووافقت هضطر أقوله عن حكاية نسبي دي وساعتها هتتأثر علاقتي بطارق عشان وعدته مقولش حاجه.


مأخدتش بالي إن عيني دمعت، إلا لما قالت هناء:

- دي دموع الفرحه أكيد.

وحضنتني وهي كمان بتدمع.


واتصورنا صوره جماعيه…


وبعدها بدأت حفلة بسيطه في قاعة مفتوحه على أناشيد هادئة…


جاد مبصش ناحيتي خالص، ودا خوفني أوي معقول يكون صرف نظر عني؟ الحقيقة أنا مش عارفه أنا عايزه إيه بالظبط!


وبعد فترة انتهت الحفلة…


سمعت جاد بينادي بصوت عالي:

- تعالي يا سالي… سالي… سالي تعالي اركبي معايا.

التفت ورديت:

- لا مش هينفع أنا هركب مع…

وقبل ما أكمل لقيت سالي الطفله الصغيره اللي عرفت إنها بنت أخته الكبيرة واقفه ورايا فارتبكت واتمنيت إني أسحب كلامي، لكن الكلام دا الحاجه اللي لما تنطلق لا ينفع تلحقها ولا تسحبها…


مشيت بسرعه من قدامه وركبت مع بابا ومشينا بالعربية ورا عربية طارق لحد ما دخل بيته الجديد اللي كان في نفس البرج بتاعنا وبدأ طارق حياته الجديدة…

وساب فراغ كبير في حياتي.

ومرت الأيام وأنا من مذاكرتي لتدريبي في المستشفى النفسي للبيت، ولسه فيه سؤال بيطاردني: مين أهلي؟


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 🌸 

                    ــــــــــــــــــــــــ

                       «جاد»

- شور عليا يا صديقي الدكتور رزق، طرقت باب الحلال قامت قفلته في وشي، وقلبي رافض يمشي.


- وطرقت الباب بقا كم مره؟


- مره.


- طيب اطرقه إذًا ثلاث!


ابتسمت وسندت ظهري للكرسي كنت قاعد قصاده وهو قاعد على مكتبه في العيادة.


اتمنيت إن سيلين توافق عليا، مكنتش أعرف إن الموضوع متعب كده! مش عارف البنت دي عملت لقلبي ايه! 

بصيت للدكتور رزق اللي بيبصلي وهو ساكت، وسألت:

- طيب افرض طرقته ثلاث ورفضت تفتح برده؟


طرق الدكتور باصابعه على المكتب أكتر من مره وقال:

- شوف سبب الرفض، مش إنت بتقول إنك بتشوف في عينيها لمعة الحب.


- خايف أكون غلطان.


تنهد بحزن، وقال:

- ياريتني كان عندي بنت كنت جوزتهالك غصب عنك، بس للأسف كل ولادي شباب، وبنتي الوحيده…


هز رأسه بأسف، وقلب برواز فيه صوره طفله حاطه على مكتبه وقال:

- شايف السكر دي؟


- ما شاء الله، دي بنتك؟


هز رأسه بابتسامة حزينه، فسألته:

- وراحت فين؟


رجع بظهره لورا وقال:

- اتخطفت وهي صغيره كنا في القاهره و… واتاخدت من خالتها في الشارع، كانت أصغر أولادي، كان عمرها ٧ شهور، وقتها كنت عامل عملية في رجلي ومراتي كانت معايا والبنت مع خالتها ومرجعتش، دوخنا عليها، وملقينلهاش أثر.


- ربنا يصبرك يارب.

وقاطعنا خبط  على الباب ودخلت السكرتيره تقول:

- أخت الأستاذ جاد وجوزها بره.


فحطيت البرواز على المكتب…


دخل طارق، سلم على الدكتور بابتسامة، وهو بيقول:

- أخيرًا اتعرفت على حضرتك، جاد مش بيبطل يحكي عنك… ولما قررنا نكشف عشان الحمل قالنا على حضرتك.


- جاد ابني حبيبي… اتفضلوا اقعدوا.

قالها الدكتور رزق بضحكه صغيره، وطارق كان مبتسم وهو بيقعد. لكن أول ما عينه وقعت على الصوره اللي وشها ليه، مسكها وبص فيها جامد وهو بيسأل بصوت مهزوز:

- مين دي؟


حكاله الدكتور رزق الكلام اللي قالهولي من شويه، فسكت طارق وكان باين عليه أنه سرحان طول الكشف… حتى لما عرف إن جميله حامل الفرحه على وشه كانت ناقصه أو يمكن فيه حاجه شغالاه.


وبعد ما خرجنا، بصلي طارق وقال:

- جاد… أنا لازم أتكلم معاك إنت وجميله في موضوع مهم وحساس جدًا وأتمنى تفهموني.

                       ـــــــــــــــــــــ

                          «سيلين»

بطلت أروح المستشفى النفسي، وأخيرًا انتهى التدريب وعايزيني أشتغل معاهم رسمي، لكن أنا عايزه أقعد فتره مع نفسي وأريح من كل حاجه.


- اي الكلام اللي ماما بتقوله ده، يعني إيه مش هتيجي العزومه يا سالي، طارق هيزعل.

قالتها هناء اللي داخله الأوضه متعصبه، كنت راقده على سريري فاتعدلت وقلت:

- مش هينفع أروح يا هناء، ليا أسبابي اللي مش عايزه أقولها.


- جاد صح؟

سألتني وهي بتقعد جنبي، كنا معزومين عند طارق، وأكيد جاد هيكون هناك، أنا خايفه أقبل أتجوز أي حد فاضطر أحكيله الحقيقه أو يبقا حرام عليا لو خبيت عليه…

رغم إن طارق أخفى عن جميله لكن أنا مستحيل أعمل كده! قلبي مش مرتاح لكده حاسه إني هبقا بغشه.


بصيت لهناء لما قالت:

- أنا شايفه إنك تستفتي قلبك كمان مره في موضوع جاد ده… ما هو طارق سأل شيخ وقاله عادي ميقولش لـ جميله حاجه.


بصيت لـ هناء وأنا بفكر استفتي قلبي ازاي؟ وقلبي مليان خوف! وضعف، قلت:

- مينفعش نقول لشخص مش بيعرف يسوق اركب وسوق… استفتاء القلب مش معناه إني أمشي ورا اللي بيريحني وبس… ولازم القلب يكون نقي ومفيهوش هوى أو خوف، ومع ذلك أنا استفتيت قلبي ومش مطمنه يا هناء.


قلتها وبلعت الغصه اللي بقت ملازماني، فقالت هناء:

- براحتك يا سالي… بس أنا متأكده إن التعب اللي إنتي فيه ده وملامحك اللي انطفت دي بسبب جاد… إنتي معجبه بيه زي ما هو معجب بيكي عشان كده بقولك فكري تاني، صلي استخاره واستفتي قلبك.


قالتها هناء وقامت تشوف مين لما رن جرس الباب…


وقعدت أفكر في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "استفتِ قلبك، البرُّ ما اطمأنَّت إليه النفس، واطمأنَّ إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردّد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك".

وطبعًا يا جماعه الكلام ده في الأمور اللي اختلف فيها العلماء، أما الصلاة والصوم والربا وغيره فـ ورد فيه نصوص صريحة فـ مفيش فتوى للقلب هنا…


والأصل في المسائل اللي اختلف فيها العلماء إننا نسمع رأي أهل العلم الأول، وبعدين لو لسه في تردّد، أسأل قلبي وأنا قلبي مش مطمن.


حاسه إني لما أخبي عن جاد هيكون فيه غش، ولو قولتله وطارق لسه مقالش لـ جميله ممكن أعمله مشاكل.


- مش هتصدقي مين بره وجاي من غير ميعاد.

قالتها هناء بعد ما فتحت الأوضه فجأه، سألتها:

- مين؟

قالت وهي بتضحك:

- الدكتور عماد ومعاه كيلو كباب وكيلو كفته، ريحته قابله الشقة.


ضحكت وسحبتني من أيدي عشان نراقب من ورا الستارة كلام عماد مع بابا: 

- أنا قولت أدخل عليكم بحاجه تقيلة وملقتش أتقل من الكباب والكفته عشان حتى يبقا بيننا عيش وملح.


- تسلم ايدك يابني بس احنا والله معزومين بعد نص ساعه.

قالها بابا وهو بيبص في الساعه، فقال عماد: 

- طيب ندخل في صلب الموضوع عشان معطلش حضرتك، أنا طالب ايد الأنسه سيلين على سنة الله ورسوله… الحقيقه هي قالتلي قبل كده إنها كانت على وش خطوبه بس أنا تابعت من بعيد لبعيد وعرفت إن مفيش خطوبه ولا أي حاجه وإنها كانت كدابه.


- كدابه!

قالها بابا باستغراب، فارتبك عماد وقال وصوته بيتهز:

- قصدي يعني ضحكت عليا وخدعتني.


بصله بابا وهو رافع حواجبه، ومسحه بنظره سريعة من فوق لتحت…


فقال عماد:

- وبما إننا هنبقى عيله اسمحلي أتدخل وأقول لحضرتك يا عمي إنك مدلع عيالك ومينفعش تسيبلهم السايب في السايب كده.


مردش بابا، وطال الصمت وبابا باصص لعماد اللي بدأ يعرق وكل شويه يبلع ريقه ويبص لبابا بطرف عينه، وبعدين ابتسم عماد، وقال:

- ايه يا عمي سكت ليه… طيب هو احنا مش هنتغدى ولا اي الكفته هتبرد؟


- بشكرك على النصيحه حاضر مش هسيب السايب في السايب، وبالنسبه للغدا أنا قولتلك معزومين بره، فخد الكفته وتوكل على الله اتغدى في بيتك. 


- طيب والجواز؟ والدكتوره سيلين؟ مش المفروض فيه رؤية شرعيه؟ أو نقرأ فاتحه حتى…


- نقرأ فاتحه على إيه؟ بص هو إنت للأسف اتأخرت يا دكتور بنتي اتخطبت.


- يا نهار أزرق… لا حول ولا قوة إلا بالله، ليه كده؟ دا عمي محمد البواب مأكدلي إنه لا سمع زغروده ولا أي حاجه من شقتكم من بعد فرح الأستاذ طارق.


- أيوه ما هي جت فجأه وبسرعة فملحقناش نزغرد.


قام عماد وقف وهو مصدوم أخذ كيسة الكفته واتجه ناحية الباب وبابا بيودعه لكن فجأة وقف والتفت حوليه وقال:

- الكباب… حضرتك أنا جايب كيسه كمان فيها كباب.

رجع بابا وجاب الكيسه وأخدها عماد، فقال بابا وهو بيودعه:

- نورتنا يا دكتور.


ولما قفل الباب خبط كف بكف وهو بيقول بضحك:

- ماله ده؟


ومن هنا اتقفلت صفحة عماد للابد، لكن أشفقت عليه أوي، يعني الراجل ده بقاله سنه بيحاول يتجوزني… لكنه غريب الأطوار أوي ومش شبهي ربنا يرزقه بالزوجه اللي شبهه.


ناداني بابا عليا وقال:

- يلا يا سالي البسي، موضوع العزومة دا مفهوش نقاش، إنتي جايه يعني جايه.


- يا بابا أصل…


- عشان خاطر بابا… يلا اجهزي.


ولأني مبنزلش لبابا كلمه، اضطريت البس وأروح معاهم.

                ـــــــــــــــــــــــــــــــ

قعدت أنا وهناء وطارق في البلكونه وبابا قاعد مع جاد في الأنتريه، والباقين بيجهزوا الأكل في المطبخ…

كنت مكسوفه أتحرك في أي مكان فاشوف جاد بالصدفة…

قالنا طارق إن سبب العزومه دي عشان يفرحنا إن جميله حامل، فسقفت هناء بحماس وهي بتقول:

- الله يعني جميله حامل؟ وأنا هبقا خالتو؟

- عمتو يختي! 

قولتها بسخرية لطيفة، وضحكنا… سكتنا شويه وقال طارق:

- هناكل سوا ولا هتتكسفوا من جاد؟


- أنا عن نفسي عادي، شوف أختك.


قالتها هناء، فحمحمت وقلت:

- عادي أي حاجه.


وقعدت على السفرة بعيد عن جاد، وخلصت أكل بسرعه وقمت للبلكونه، أكيد زمانهم بيقولوا عليا قليلة الزوق عشان ولا ساعدتهم في الأكل ولا في لم السفره.


- اي الأخبار، مالك؟

كان صوت طارق، فالتفتت ليه وقلت:

- كله حلو، الحمد لله، إنت طمني عليك؟


- زي الفل الحمد لله.


سكتنا فترة فبص طارق وراه وقال:

- تعالى يا جاد.


ارتبكت، ولوني اتخطف وبصيت لطارق، فطبطب على كتفي:

- عشان خاطري، اتكلمي معاه.


ودخل من البلكونه لكنه كان قاعد قصادنا هو وبابا، فنفخت بضيق، بصيت لجاد بعصبية وقلت:

- لو سمحت قبل ما تقول أي حاجه… أنا مش بتاعت جواز… فـ وفر كلامك.

ومسكت سور البلكونه بإيدي، وللحظه حسيت إني عكيت الدنيا واتسرعت، فبصيت ناحية جاد اللي واقف جنبي على مسافه ضامم دراعه لصدره وساكت، فقلت بتردد:

- اسمع يا… أنا بسحب كلامي.

تابعووووووني 




الفصل السابع والاخير من هنا




بداية الاسكريبت من هنا




أدخلوا واعملوا متابعة لصفحتي عليها كل الروايات بمنتهي السهوله من هنا 👇 ❤️ 👇 


صفحة روايات ومعلومات ووصفات








تعليقات

التنقل السريع
    close