رواية قلوب تحت الحراسه الفصل الاول بقلم بشري إياد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية قلوب تحت الحراسه الفصل الاول بقلم بشري إياد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
كان الليل ساكنًا بشكلٍ مريب، وكأن العالم قد قرر أن يتوقف عن التنفس.
المطر ينهمر بهدوء على نوافذ البيت القديم، يُحدّث ضجيجًا يشبه أنين قلبٍ منهك، يُقاوم الوحدة بصمتٍ ثقيل.
جلست ليان على طرف السرير، عيناها معلقتان بصورةٍ مؤطرة لامرأةٍ ذات ملامح دافئة، تبتسم في صمتٍ أبديّ.
كانت تلك الصورة كل ما تبقى من والدتها… وكل ما يُبقي ليان واقفة على قدميها.
مرت خمس سنوات على الحادث، لكن الألم... لم يغب.
فقدها لم يكن مجرد موت، بل كان شرخًا في قلبها، لم يلتئم يومًا.
كانت هناك غصة تسكن صدرها منذ ذلك المساء.
وأما الليلة… فكان هناك شيء مختلف. الهواء نفسه بدا أثقل، كأن شيئًا ما على وشك الحدوث.
رنّ الهاتف الأرضي فجأة.
تجمدت مكانها.
منذ شهور لم يصدر هذا الهاتف أي صوت. نهضت بتردد، اقتربت منه بخطوات بطيئة، ورفعت السماعة.
– "ألو؟"
كان الصوت خشنًا، عميقًا، لا يحمل ملامح.
– "أبوكِ في البيت؟"
– "بابا؟ لأ، خرج من شوية. حضرتك مين؟"
صمت للحظة، ثم قال بنبرة منخفضة، مشبعة بالخطر:
– "قولي له: الملف القديم اتكشف... وهم جايين."
ثم أنهى المكالمة.
سقطت السماعة من يدها، وتراجعت خطوة إلى الوراء، يدها على صدرها تحاول تهدئة دقات قلبها التي خرجت عن السيطرة.
لم تفهم، لكنها شعرت أن شيئًا خطيرًا قد بدأ.
ثم… جاءت الطرقات على الباب.
طرقٌ ثقيل… بطيء… مُريب.
كأن الموت نفسه يطرق الباب.
ركضت إلى غرفتها، أغلقت الباب، وأخرجت هاتفها المحمول بأصابع مرتجفة، فتحت قائمة الأسماء بسرعة، ووقعت عيناها على اسم: "جاد الرفاعي".
ضابط شرطة كانت قابلته من فترة في أحد التحقيقات الروتينية.
لم يكن بينهما سوى حديث بسيط… لكن شيئًا فيه منحها شعورًا بالأمان.
ضغطت على اسمه، وانتظرت.
ردّ بعد ثوانٍ.
– "أيوة يا ليان؟"
– "جاد... في مصيبة! حد كلمني من شوية وقاللي كلام غريب عن بابا، وقال إن في ملف اتكشف وإنهم جايين! وبعدها حد بيخبط على الباب... وأنا لوحدي! أنا مرعوبة!"
كان صوته حازمًا، لكن هادئًا كعادته:
– "اسمعيني كويس… اقفلي النور، ما تفتحيش الباب مهما حصل، اقفلي الشبابيك كمان… وأنا جاي حالًا."
– "جاد بالله عليك إلحقني، أنا حاسة في كارثة هتحصل!"
– "أنا قريب جدًا. اثبتي."
أنهى المكالمة.
اتكأت على الحائط، أنفاسها متقطعة، عيناها تبحثان عن أي شيء يُطمئنها… لكنها لم تجد سوى صورة والدتها مائلة على الطاولة، وكأنها كانت تراقب كل شيء في صمت.
ركضت إلى الصالة، أطفأت الأنوار، سحبت الستائر، وأغلقت النوافذ بإحكام.
العتمة كانت خانقة… لكنها كانت أكثر أمانًا من الضوء.
وقفت خلف الباب، تنتظر… تدعو… ترتجف.
لم تكن تعلم أن تلك الليلة… ستكون الليلة التي يتغير فيها كل شيء.
---
مرّت الدقائق ببطءٍ مميت، كأن الزمن ذاته عالق داخل ذلك البيت القديم، ينتظر معها مصيرًا لا تعرف لونه.
في الخارج، لا زال صوت الطرقات على الباب يتكرّر، ولكن شيئًا ما تغيّر.
الطرقات لم تعد صاخبة… بل أصبحت أهدأ… وأكثر إصرارًا.
كأن الذي بالخارج لم يأتِ مستعجِلًا… بل واثقًا.
وضعت ليان يدها على فمها تُحاول كتم أنفاسها، وبعينين متسعتين، نظرت نحو الباب كأنّها تراه يُنتزع من مكانه أمامها.
ثم… صوت خطوات على الدرج.
ثلاث درجات… ثم وقوف… ثم ثلاثٌ أخرى…
وصوت همسات خفيفة.
أحدهم كان يتحدث… على ما يبدو لم يكن وحده.
لكن فجأة، ساد الصمت.
ثم، دون أي مقدمات، دوّى صوت انفجار صغير عند باب البناية، تبعه ارتباك، ثم صرخات منخفضة… ثم إطلاق نار!
ارتجّ البيت تحت أقدامها.
صرخت ليان دون وعي:
– "ياااه ربّي!"
ركضت إلى الركن خلف الكنبة، اختبأت، جسدها يرتجف، وقلبها يكاد يتحطّم بين ضلوعها.
لكن قبل أن تذوب تمامًا في الذعر…
صوت جديد اخترق الفوضى:
– "ليان! ليان افتحي! أنا جاد! بسرعة!"
صرخت وهي تنهض:
– "جاد!!"
ركضت إلى الباب، فتحته، لتجده أمامها، أنفاسه متلاحقة، ملابسه مبتلة، وفي يده سلاحه.
دفع الباب بكتفه ودخل، أغلقه، وأدار المفتاح.
وجهه كان مشدودًا، عيناه تتحركان بسرعة تمسح المكان.
– "إنتي كويسة؟ حد لمّسِك؟"
هزّت رأسها، بالكاد استطاعت الكلام:
– "أنا... أنا كنت هموت من الرعب! في ناس كانوا بيخبطوا، وبعدين في ضرب نار تحت... في إيه يا جاد؟!!"
وضع يده على كتفها بثبات:
– "أنا خلّصت عليهم تحت… بس دول مجرد أطراف... مش الرأس. اللي جاي أصعب، وليان، إنتي في النص."
اتسعت عيناها:
– "في النص؟! إزاي يعني؟ أنا مالي؟ أنا مجرد بنت ظابط متقاعد... إيه اللي دخلني في حرب بالشكل ده؟!"
نظر إليها طويلًا، ثم قال بنبرة باردة:
– "أبوك مش ظابط متقاعد وبس. والدك شارك في واحدة من أخطر العمليات السرّية اللي عرفتها أجهزة الأمن. فيه ملف... مش المفروض يطلع للنور أبدًا. بس حد طلعوا… وحد تاني بيدور عليه. واللي بين الاتنين... هو إنتي."
لم تصدّق ما تسمعه، شعرت وكأن الأرض تميد تحتها.
– "يعني... أنا ورقة ضغط؟!!"
– "ببساطة؟ آه. وكل اللي حصل من أول المكالمة... للناس اللي جم… دا كله مجرد بداية."
ابتعد قليلًا وهو يتحدث، يمشي في الصالة ويُراقب النوافذ:
– "إنتي دلوقتي هدف. لو فضلتي هنا، هيرجعوا. بس المرة الجاية… مش هيكونوا هواة. ومش هكون لوحدي أقدر أوقفهم."
نظرت إليه بشيء من الذهول والخوف:
– "يعني هنهرب؟"
ابتسم بسخرية مريرة:
– "هنهرب؟ إحنا دخلنا حرب يا ليان، مش لعبة. واللي بيبدأ حرب، مفيهاش هروب… فيها نجاة."
---
كان الظلام خارج البيت أشد مما بدا، وكان الليل نفسه كأنّه ينحني لسرٍّ أكبر من أن يُفهم.
ليان، التي كانت منذ ساعة فقط فتاةً تحمل صورة أمها وتبكي، أصبحت فجأة وسط دائرة من النار، يحاول الجميع إشعالها… أو إطفاءها.
لكنها لم تكن تعرف…
أن ما يُحاك في الخفاء، لا يتعلق فقط بأسرار أبيها،
بل بماضٍ… اختار أن يزورها الآن، ومعه حسابٌ لم يُغلق بعد.
---
ط
قادها جاد إلى الداخل، وهو يمسح بعينيه المكان بدقة.
أخرج جهازًا صغيرًا من جيبه، ضغط عليه، فأصدر وميضًا خافتًا.
قال وهو يتفحص الزوايا:
– "جهاز كشف تنصّت. لازم أتاكد إن مفيش كاميرات أو ميكروفونات مزروعة هنا."
ليان، التي بالكاد تلتقط أنفاسها، وقفت مذهولة:
– "كاميرات؟! هو أنا في بيت ولا في مسرح جريمة؟!"
لم يجبها فورًا. أنهى فحصه، ثم التفت إليها وقال بصرامة لم تعهدها منه:
– "بيتكم اتحوّل لساحة مراقبة، لأن اللي بيطاردنا دلوقتي مش مجرد عصابة… دول ناس شغالين تحت الأرض، بأسماء مش موجودة في أي سجل. ولو وصلتلك معلومة واحدة غلط، انسي نفسك."
– "بس إزاي؟ إزاي حياتي تتقلب بالشكل دا؟ أنا مش شغالة في المخابرات، أنا مجرد بنت...!"
قاطَعها جاد، نبرة صوته انخفضت لكنها ازدادت ثِقَلًا:
– "بس أبوك كان. وكان مهم. والمشكلة إن اللي كان عارفه... مات معاه، إلا شظايا، كل شظية متعلقة بيك."
اتسعت عيناها:
– "يعني أنا مفتاح؟!"
– "أكتر من كده… إنتي ممكن تكوني الشفرة اللي بتفتح الملف كله."
صمتٌ. ثم صوت انفجار بعيد، هذه المرة ليس بالمنزل، بل من الجهة الخلفية للبناية.
نظر جاد سريعًا من الشباك، لعَن بصوتٍ خافت:
– "الشارع الرئيسي بقى مكشوف. لازم نخرج من ورا."
ركض إلى المطبخ، فتح الباب الخلفي المؤدي للسطح المشترك.
أشار إليها:
– "يلا، امشي قدامي… وبلاش تبصي وراكي."
خرجت خلفه بخطى مرتعشة، بينما أصوات بعيدة لسيارات تُقفل الطرق، وصافرات، وصوت كأنّ المدينة كلها تبحث عنها.
صعدا الدرج، كان السطح مبلّلًا، والرياح تضرب وجهيهما بقوة.
مدّ يده، ساعدها على تجاوز الحاجز.
نزل معها إلى البناية المجاورة، ثم الزقاق المظلم.
كان يحملها بخطوات سريعة، يعرف كل شبر كأنه خريطة في رأسه.
ليان، في منتصف الركض، لم تستطع أن تصمت:
– "جاد… انت كنت عارف كل ده من الأول؟"
– "كنت شاكك… بس بعد المكالمة؟ اتأكدت."
– "ومين قالهم عني؟"
توقف فجأة. نظر إليها، وجهه أصبح أكثر جدية:
– "يا ليان، في خيانة حصلت. بس مش من الغرباء."
– "يعني… من جوه؟"
– "من ناس مفروض كانوا عارفين أبوكي كويس… يمكن حتى صحابه."
ابتلعت ريقها بصعوبة:
– "بس ليه؟"
– "علشان يعرفوا مكان الملف... أو يعرفوا مين أكتر شخص ممكن يوصلهم ليه."
---
وصلا إلى سيارة سوداء مركونة خلف سور متهالك.
فتح لها الباب بسرعة:
– "ادخلي، ما تفتحيش شباك، وما ترديش على أي مكالمة غير مني."
ركب خلف المقود، وأدار المحرك. قبل أن يتحرك، التفت إليها للحظة، نظر في عينيها مباشرة، لأول مرة من دون حذر:
– "على فكرة... مش أنا اللي اختارتك الحكاية. بس دلوقتي، بقيتي فيها… غصب عنك. وأنا مش ناوي أسيبك."
سألته بهمس:
– "ليه؟ علشان أبويا؟"
هزّ رأسه ببطء، وصوته صار أهدى:
– "لا… علشانك إنتي."
تمام! راح نكمّل البارت الأول من روايتك "قلوب تحت الحراسة" من اللحظة اللي جاد قال فيها:
> – "لا… علشانك إنتي."
كأن شيئًا في العالم توقف عن الحركة، وكأن دقات المطر على زجاج السيارة اختنقت فجأة، لترى عيناها فيه شيئًا لم تكن تبحث عنه… لكنه وجدها وحده.
نظرت إليه بصمت، لم تستطع الرد، لم تُصدق نفسها:
رجل لم تعرفه إلا سطحيًا، يتحرّك الآن كأنه ظلّها، يحارب لأجلها… ويعترف، دون أن يطلب شيئًا.
لكنه قطع لحظة الصمت بسرعة:
– "ما ينفعش نضيع وقت. في مكان هنوصل له دلوقتي، آمن نسبيًا. بس أوعى تصدقي إن في حاجة آمنة بجد."
– "المكان دا بتاع مين؟"
– "مش مهم تبقي عارفة… المهم إنهم لسه مش شايفينه في الصورة."
قاد السيارة بسرعة وسط الأزقة الجانبية، يغيّر المسارات، يطفئ الأنوار أحيانًا، يتأكد من المرايات كل دقيقة.
المدينة كانت نائمة، لكنها من خلف النوافذ… كانت تراقب.
---
بعد نصف ساعة، وصلا إلى عمارة قديمة في حارة شبه مهجورة.
فتح جاد باب السيارة، أشار لها:
– "اطلعي معايا، خدي بالك من السلم، المكان دا مش جديد عليا… بس جديد عليكي."
صعدا الطوابق حتى وصلا إلى شقة قديمة الباب، فتحها بمفتاح احتياطي، وأضاء نورًا خافتًا في الزاوية.
– "ادخلي. دا المخبأ اللي كنت باستخدمه زمان. هنا محدش هيقدر يوصلك… مؤقتًا."
دخلت ليان وهي تلتفت في كل زاوية. المكان بسيط، دافئ بطريقة ما، رغم قِدمه.
وضعت حقيبتها على الأرض، واستدارت إليه:
– "جاد، لازم أفهم. أبويا عمل إيه بالظبط؟ إزاي كل دا بقى متعلق بيا؟"
تنفّس بعمق، ثم جلس على الكنبة، أشار لها تجلس قباله:
– "زمان، في عملية حساسة حصلت. شغالة بين الشرطة والمخابرات. كانوا بيطاردوا تنظيم غير معروف… بيستهدف قيادات الدولة، وبيشتغل بطريقة رقمية معقدة. أبوكي كان أحد العناصر اللي توصلوا للشفرة… شفرة سموها "قلب النسر"، الشفرة دي كانت مفتاح لملفات مخفية بتخص التنظيم."
– "وقفلوا القضية؟"
– "بالعكس. التنظيم اختفى… والملف اختفى معاه. واتقال وقتها إن أبوكي دمره… لكن الواضح إنه خبّاه."
صمتت لحظات، ثم قالت بصوت مرتعش:
– "وهم دلوقتي فاكرين إني أنا اللي عارفة مكان الملف؟"
– "مش بس فاكرين… دا أكيد. وفي احتمال أسوأ من كده."
– "إيه هو؟"
نظر إليها طويلًا، ثم قال ببطء:
– "في احتمال… إنك فعلًا تعرفي… من غير ما تبقي واخدة بالك."
شهقت، وقامت واقفة:
– "أنا؟! أنا فاكرة كل حاجة في حياتي، معنديش أسرار!"
– "بس يمكن عندك ذكرى… كلمة، رسم، صورة، أي حاجة أبوكي كان سايبها على الهامش. الشخص اللي شافك نقطة ضعفه، ممكن يكون خبّى سره فيك."
– "بس ليه؟ ليه يعمل كده؟"
– "علشان يبعد عن نفسه الشبهة… ويحميك. بس دلوقتي… السلاح اللي خباه جواكي، بقى هو هدفهم."
---
في تلك اللحظة… دوى صوت في الخارج.
باب حديدي يُصفَق بقوة في الدور السفلي… صوت خطوات سريعة على الدرج.
جاد وقف في ثانية، مد يده لسلاحه، وانحنى للنافذة.
همس:
– "إحنا مش لوحدنا…"
ركض إلى المطبخ الخلفي، فتح خزانة مخفية، وأخرج جهاز إرسال لاسلكي.
قال بنبرة عسكرية باردة:
– "رمز ألف، تفعيل الخطة (سِتّة سِتّة). الموقع تسرّب… التفعيل فوري."
سمعت ليان نفسها تقول بهمس مرعوب:
– "جاد… مش هنلحق نهرب تاني…"
ردّ، وهو يُخرج سلاحًا إضافيًا ويعطيه لها:
– "إحنا مش هنهرُب… المرة دي، هنواجه."
---
وهكذا… في أقل من ساعة، كانت ليان قد انتقلت من مجرد فتاة تتألم لذكرى، إلى امرأة تُمسك سلاحًا في يدها… وتحمل سرًا في قلبها.
وسرّها، لم يكن مجرد ورقة… بل مصير وطن بأكمله.
والقلوب… ما عادت تحت الحراسة فقط،
بل أصبحت هي الحراسة ذاتها.
تابعوووووووني
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺