رواية قلوب تحت الحراسه البارت الثاني بقلم بشري إياد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية قلوب تحت الحراسه البارت الثاني بقلم بشري إياد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
الساعة تشير إلى الثالثة فجرًا… والليل لا يزال يمارس خيانته في صمت.
في الخارج، خطوات ثقيلة تصعد درجات السلم، تتسلل عبر الجدران، تُعلن اقتراب شيء لم يُعرف شكله بعد، لكن رائحته… رائحة الخطر، كانت واضحة.
ليان تشبّثت بالسلاح الذي وضعه جاد في يدها منذ لحظات.
نظرت إليه بعينين خائفتين، تسأل بلا صوت: "هل سأنجو؟"
لكنه لم يلتفت، كان يتحرك في الغرفة كمن اعتاد هذا الرقص مع الموت.
قال وهو يفتح فتحة تهوية جانبية خلف الستارة:
– "في مخرج طوارئ بينزل عالبدروم، بس الطريق ضيق، وهنضطر نزحف فيه. ما فيش وقت للتردد، إياكي تفقدي أعصابك."
– "جاد، لو حصل حاجة…"
قاطعها بنظرة صارمة:
– "مافيش حاجة هتحصل غير إننا نخرج من هنا عايشين. فهماني؟"
أومأت برأسها، قلبها يخبط كأنه يُنذرها بالخيانة، لكنها تبعته.
دوى صوت أول طلقة… ثم ثانية.
الصمت انكسر.
صرخ أحدهم من خارج الباب:
– "جاد الرفاعي! إنت عارف إحنا مين… افتح الباب وانهيها بكرامتك!"
ردّ جاد من الداخل بصوتٍ ثابت:
– "قلّهم لو راجل فيهم يعدي العتبة… هيموت قبل ما يشم نَفَسُه."
همس لها:
– "يلا، انزلي من هنا… خدي نفسك وامشي زحف. أوّل ما توصلي للنهاية، هتلاقي باب حديدي. افتحيه وخرجي على الناحية التانية… واهربي. أنا هغطيك."
– "طب وإنت؟!"
– "أنا وراكي. بسرعة يا ليان… ماعندناش دقيقة."
---
انزلقت ليان داخل الفتحة الضيقة، العتمة تخنقها، الغبار يملأ صدرها، وكل حركة تُوجِع ركبتها. لكنها لم تتوقف.
كانت الأصوات بالخارج تتصاعد… وشيء بداخلها يتغير.
الخوف ما عُدش هو الحاكم… بل غريزة البقاء.
في الطابق العلوي، كان جاد يثبّت عينيه على الباب الذي بدأ يرتجّ تحت ضربات ثقيلة.
رمى قنبلة صوتية صغيرة قرب الباب، ثم تراجع خلف قطعة أثاث، سلاحه جاهز.
انفجرت القنبلة، الضوء والصوت ملأوا المكان.
أحد الرجال اندفع داخل الشقة… لم يكمل خطوته الثالثة حتى أطلق جاد رصاصة مستقيمة نحو صدره، وسقط.
دخل رجلان آخران، اختبأا خلف الجدار… تبادلوا إطلاق النار مع جاد.
رصاص… صراخ… ثم صمتٌ مؤقت.
كان جاد يُقاتل بوجهٍ صلب… لكن عينه كانت تتحرك ناحية فتحة التهوية من حين لآخر. كأنه يقاتل لا لأجل الفوز، بل لأجل أن تصل هي.
---
في الناحية الأخرى… ليان خرجت من النفق أخيرًا.
انكمشت في زاوية خلف خزان مهجور، تحاول لملمة نفسها… صوت أنفاسها يكاد يفضحها.
في لحظة، رن هاتفها.
هاتف صغير آخر… لا رقم عليه.
ردّت بارتباك:
– "ألو؟"
كان صوت جاد… لكنه لم يكن هادئًا كعادته:
– "ليان، اسمعيني. الطريق اللي قدامك فاضي خمس دقايق بس. امشي شمال، أول شارع، هتلاقي عربية بيضاء قديمة واقفة، هتكون مفتوحة. اركبي واستنّيني جوا."
– "طب إنت؟ إنت فين؟"
– "وراهم. بس هخلّص. أوعدك، هجيلك… ما تخافيش."
أغلقت الخط… وركضت.
كل خطوة كانت تنزع جلد الخوف عنها.
عيناها دامعتان، مشاعرها مشوشة، لكنها تركض، كما لو كانت تهرب من ماضيها، لا من رصاص.
---
في الداخل، جاد أصيب في ذراعه.
لم يظهر الألم على وجهه، فقط نظرة غاضبة، يضغط على الجرح بإحدى يديه، ويواصل القتال بالأخرى.
لكن حين سمع صوت الخطوات تبتعد، ونداءً عبر اللاسلكي يقول:
> – "الهدف خرج من المقر. بنت الضابط هربت."
ابتسم.
همس بين أسنانه:
– "زي ما قلتلك… مش هيمسّوها."
---
في السيارة، ليان جلست على المقعد، أنفاسها متسارعة، أصابعها ترتجف على المقود، وكل ثانية تمر كأنها ساعة.
مرت دقائق… لا أحد.
ثم… انفتح الباب فجأة.
دخل جاد، قميصه ممزق، الدم على ذراعه، لكنه حي.
– "سوقي!"
– "إنت… إنت اتصبت؟!"
– "مش مهم. سوقي، بسرعة. قبل ما يعرفوا إننا سبقناهم."
انطلقت السيارة في الظلام… ووراءها، اشتعلت البناية القديمة في لهب صامت، كأنها تمحو أثر كل شيء.
---
في الطريق، نظرت إليه بصمت طويل.
كان وجهه متعب، لكنه ما زال صلبًا.
– "جاد…"
– "ها؟"
– "إحنا دخلنا إيه بالظبط؟"
نظر لها بعينين حادتين، ثم قال:
– "إحنا دخلنا ملف… أكبر من أبوكي، وأخطر من اللي شُفتيه. اسمه: الظل الأحمر.
تنظيم مش بس بيبيع أسرار… دا بيشتري أوطان."
---
سكت، ثم مال عليها، وقال بنبرة أقرب للهمس:
– "بس اللي أنا متأكد منه…
إن وجودك في النص، مش صدفة.
وإنك… مش بس بنت ضابط.
إنتي مفتاح… وحارس… واحتمال كبير، تبقي السلاح."
كانت السيارة تشقّ الطريق وسط شوارع المدينة النائمة، وصوت المحرّك الخافت يكاد يُغرق في الصمت الذي تملأه الأسئلة.
ليان جلست تحدّق في الطريق أمامها، لكن عقلها لم يكن هنا.
كان يركض في كل اتجاه… يبحث عن تفسير، أو مخرج، أو حتى نفس يُعيد لها اتزانها.
همست أخيرًا:
– "يعني أنا دلوقتي بقيت مطلوبة؟! أنا اللي كنت بشتغل من البيت، ومبحبش أخرج! فجأة أبقى وسط لعبة مخابرات؟!"
نظر إليها جاد، صوته هادئ لكن عينيه كانتا تلمعان بجدية:
– "أيوه… لأن فيه ورقة قديمة جدًا، فيها حاجة أبوكي خبّاها عن الكل. والورقة دي… مربوطة بيكي."
– "وإنت إزاي متأكد؟"
– "لإني عرفت حاجة النهاردة من الاتصال اللي جالي بعد اقتحام الشقة…"
سكت لحظة، ثم أخرج من جيبه صورة صغيرة مبلّلة بالدم.
ناولها إياها وقال:
– "الصورة دي اتسابت ورا، في جيب الراجل اللي قتلته… مكتوب وراها كلمة: ليان = الملف."
أمسكت الصورة بيدين مرتجفتين.
كانت صورتها مع والدها وهي طفلة، تقف بجانبه في حفلة تخرّج.
كلمة صغيرة بخط اليد كُتبت خلف الصورة:
> "في عيونها… حفظت الدولة سرها."
شهقت، وبكت بصمت:
– "دي الصورة اللي كنت دايمًا بحبها… أبويا كان دايمًا يقوللي: خبيها… دي غالية."
نظرت لجاد، كأنها تستنجد:
– "يعني إيه؟ يعني أنا فاكرة حاجة؟ هو كان مخبّي إيه فيا؟!"
هز جاد رأسه:
– "مش شرط تكوني عارفة المعلومة بشكل مباشر. ممكن تكوني كنتي جزء من شفرة، أو حتى وسيلة تشتيت. لكن اللي أكيد… إن الظلّ الأحمر مش بيدور عليكي عبث."
---
وصلوا إلى مزرعة نائية على أطراف المدينة.
بوابة حديدية كبيرة فتحت عن طريق كود، ثم دخلا إلى بيت حجري قديم لكنه مؤمّن إلكترونيًا.
نزلت ليان من السيارة، عيناها تتفحص المكان:
– "إحنا فين؟"
– "دي مزرعة مهجورة… لكن استخدمناها زمان كغرفة عمليات سرّية."
فتح جاد باب الغرفة الرئيسية، كانت مجهّزة بشاشات مراقبة، خرائط، أجهزة لا تعرف وظيفتها.
أشار إلى خزانة حديدية في الزاوية:
– "المكان دا فيه كل الملفات اللي كنا بنجمعها عن التنظيم. لو في أي طرف خيط هيوصلنا للّغز… هيكون هنا."
اقتربت ليان من الملفات، عيناها تبحثان عن اسم، عن ملامح، عن أي شيء مألوف.
وفجأة توقفت.
سحبت ورقة قديمة لونها مصفر، وعليها كتابة بخط أبيها.
نظرت إلى جاد:
– "دي خط إيده… مستحيل أنساه."
قرأ جاد الجملة المكتوبة:
> "الضوء البارد… حين يسقط على الرقم التاسع، تفتح العين المغلقة."
صمت.
ثم قال:
– "دي جملة مش عشوائية. ممكن تكون بداية الشفرة."
– "بس معناها إيه؟!"
– "في عملياتنا، كنا بنستخدم كلمات شبه دي عشان نشفر الأماكن أو التواريخ… ممكن يكون قصدوا ضوء صناعي، أو جهاز، أو حتى ساعة معينة."
---
رنّ جهاز الإنذار في المزرعة فجأة.
نظر جاد إلى الشاشة، ضغط زرًا فتح كاميرا حرارية.
ثلاثة أشخاص يزحفون في الظلام خارج البوابة.
قال بسرعة:
– "مافيش وقت. الظلّ الأحمر وصل… بس المرة دي، واضح إنهم مش جايين يراقبوا."
– "يعني؟!"
– "جايين يقتلوا."
---
فتح جاد خزنة سرّية، أخرج منها سلاحًا احتياطيًا، أعطى ليان سترة واقية، نظر لها بنظرة عميقة:
– "أوعي تخافي. أول ما أقولك اهربي، اطلعي من البوابة الخلفية، في عربية تانية هناك. لو جرالي حاجة… كمّلي. دوري على الرقم التاسع."
– "جاد… لا، بلاش تقول كده… إنت مش لوحدك، وأنا كمان مش ههرب لوحدي!"
وقف لحظة… ثم ابتسم، للمرة الأولى.
همس:
– "مش خايف عليكِ… أنا مؤمن بيكي."
ثم حمل سلاحه، وخرج لمواجهة القادمين.
---
خرج جاد إلى الظلام، خطواته ثابتة كأنها تُحدّث الأرض أن لا وقت للموت اليوم.
الهواء كان خانقًا… مشبّعًا برائحة كمينٍ خفي.
من خلف شجرة زيتون قديمة، سمع همسًا متبادلًا.
ثلاثة رجال… على الأقل.
رفع سلاحه، عيناه تراقب كل ظلّ، كل ارتعاشة في العشب.
صوت عبر اللاسلكي اخترق سكون الليل:
> – "الهدف داخل البيت. والبنت كمان. أوامر القيادة واضحة."
> – "محدّش يرجّعهم أحياء."
---
في الداخل، كانت ليان تقف خلف باب المزرعة، تسمع كل شيء.
يدها على السلاح… عيناها على الصورة… قلبها على جاد.
همست لنفسها:
– "ماينفعش أفضل ساكتة… أنا مش ههرب المرة دي."
بخطى حذرة، فتحت بابًا خلفيًّا صغيرًا، وخرجت من جهة المزرعة الأخرى.
اختبأت خلف سور منخفض، وأمسكت بسلاحها كما علّمها جاد قبل ساعات.
كان الظلام أعمى، لكن الرغبة في النجاة… كانت تُبصر أكثر من العين.
---
جاد أطلق أول رصاصة.
رجل منهم سقط فورًا، صرخ الآخران، وردّا بإطلاق كثيف.
تدحرج جاد خلف برميل، وأطلق رصاصتين متتاليتين.
واحد منهم صاح:
> – "غطي عليا، هاقتحم!"
لكنه لم يعلم… أن الرصاصة التالية كانت بانتظاره.
سقط.
الثالث، اختبأ خلف الشجرة، وأخرج قنبلة.
لكن قبل أن يرميها… سمع صوتًا من خلفه:
– "إوعى تتحرّك!"
استدار.
كانت ليان، واقفة، ويدها على الزناد، وعينها لا ترتجف.
– "إرمي السلاح… وإلا مش هتلحق تندم."
ضحك الرجل بسخرية:
– "بنت ضابط بتفكّر إنها مقاتلة؟"
لكن صوته انقطع فجأة… جاد أطلق عليه من الجهة الأخرى، فأسقطه أرضًا.
ليان شهقت، ثم ركضت نحو جاد:
– "إنت كويس؟!"
– "أنا اللي أسألك! إيه اللي خلاكي تخرجي؟!"
– "مش قادرة أبقى قاعدة وساكتة… حسّيت إني لازم أكون موجودة!"
نظر إليها نظرة طويلة… بين الدهشة والاحترام:
– "عرفتِ تتحكّمي في خوفك."
– "ماكانش خوف… كان حرقة. حسّيت لو حصلّك حاجة، وأنا قاعدة… عمري ما هسامح نفسي."
سكت لحظة… ثم قال بهدوء:
– "دي أول مرة في حياتي… أحس إني مش لوحدي."
---
في هذه اللحظة، ساد صمت عميق بينهما… كأن ما بين الرصاص والموت، وُلدت لحظة دفء نادرة.
لكنها لم تدم طويلًا.
رنّ هاتف جاد.
رقم مشفّر.
أجاب فورًا.
الصوت كان مألوفًا… لكنه بارد:
> – "جاد… الظلّ الأحمر عرف مكان الملف.
الرقم التاسع مش مكان… الرقم التاسع هو اسم شخص."
سكت جاد، وملامحه انقلبت.
– "يعني الملف مش مخبّى؟ الملف ماشي على رجليه؟!"
> – "أيوه. واسمه الحركي زمان كان "تسعة". اشتغل مع أبوها… واختفى من ١٢ سنة."
– "ومين هو؟"
> – "دا اللي هتكتشفوه بنفسكم. لكن احذر… في خيانة قريبة منكم جدًا."
انتهت المكالمة.
نظرت ليان لجاد:
– "إيه يعني؟"
– "يعني المفتاح الحقيقي مش ورقة… إنسان.
وإحنا لازم نلاقيه… قبلهم."
– "بس إزاي؟ دا من ١٢ سنة اختفى!"
– "بس ليه رجع دلوقتي؟ وليه الكل بيقتل عشانه؟"
---
أخذ جاد نفسًا طويلًا، ثم قال:
– "من النهاردة… مافيش راحة.
اللي بيننا وبين الموت… مش أيام. ساعات."
نظرت إليه، عيناها تلمع بشيء لم تفهمه بعد،
وقالت بهدوء:
– "طيب… هبدأ أفتكر. أي حاجة. كل كلمة قالها بابا.
كل صورة، كل مكان، كل تفصيلة."
ابتسم جاد، لأول مرة بصدق.
– "دلوقتي، بدأنا الرحلة… الحقيقية."
والقلوب لم تَعُد فقط تحت الحراسة…
بل أصبحت هي مَن تحرس الوطن من نفسه.
يتبع
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺