القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية احببتك عمرا فكنت عابرا الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس بقلم الكاتبه إلهام عبد الرحمن حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

 رواية احببتك عمرا فكنت عابرا الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس بقلم الكاتبه إلهام عبد الرحمن حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 


رواية احببتك عمرا فكنت عابرا الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس بقلم الكاتبه إلهام عبد الرحمن حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

صلوا على الحبيب المصطفى 🌺

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


يلا بقا يا خالتو الأكل هيبرد وانتى عارفة انى بحبه سخن. 

قالتها مسك وهى تقف فى صالة شقة خالتها حسناء تنتظرها حتى تنتهى من ارتداء اسدالها فهم يقنطون فى نفس البناية بجوار بعضهم. خرجت حسناء من حجرتها وهى تلف طرحة الاسدال وتقول بابتسامة.... 


حسناء: اهو يابنتى خلصت خلاص وبعدين اللى يشوفك متسربعة كدا يقول البت ماشاء الله أكيلة وانتى مطلعة عين امك فى الاكل ولسة بتجرى وراكى بالطبق ولا كأنك لسة عيلة صغيرة. 


مسك بضحك: لااا ياخالتو النهاردة ماما عاملالنا سمك مشوى عارفة يعنى ايه سمك يعنى بطاريخ بقا ورز بالبصل ومخلل وسلطة والله انا ريقى جرى يلا بقا ياخالتو احنا هنفضل هنا نرغى ونسيب الاكل. 


همت حسناء بالذهاب مع مسك ولكن استوقفها رنين هاتفها فنظرت له وعلت وجهها ابتسامة رقيقة وهى تقول لمسك.... 


حسناء: ثانية واحدة يامسك هرد على يونس الاول. 

شعرت مسك بقلبها يخفق بشدة حينما علمت بهوية المتصل وكيف لا وهو حب حياتها واول من دق قلبها له فهو الشخص الوحيد الذى سكن قلبها ولم يخرج منه ولكنها ايضا تبغضه بشدة ومع ذلك لا تستطيع طرده من قلبها. 


حسناء: ايوا ياحبيبى عامل ايه ياقلب امك وحشتنى اوى. 


يونس: وانتى والله وحشانى اوى ياامى، عاملة ايه واخبار صحتك ايه؟ طمنيني عليكي ياست الكل. 


حسناء بضيق: لو كنت وحشاك زى مابتقول كنت جيت زرتنى مش تقعد اسبوع بحاله متخشش بيتى. 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

يونس: والله يا أمى كنت مشغول اوى اليومين دول عشان كان عندى مأمورية فى اسيوط ولسة راجع النهارده دى حتى ليلى متعرفش لسة انى رجعت. 


حسناء: مأمورية! وليه مقولتليش يا ضنايا على الاقل مسيبش للشيطان فرصة يلعب فى عقلى ويخلينى افتكر ان المحروسة مراتك اللى منعاك عنى. 


يونس: ولا هى ولا مليون زيها يبعدونى عنك ياست الحبايب انا بس مكنتش حابب اقلقك عليا وبعدين دى حاجه بسيطة يعنى مجرد قضية قتل عشان التار وخلصت علطول مطولناش هناك. 


حسناء بفزع: قتل! يامصيبتى وانت كويس ياقلب امك لا انت لازم تجيلى عشان اشوفك بعنيا واطمن عليك. 


يونس بضحك: شوفتى بقا ان كان عندى حق مقولكيش حاجه عشان عارفك هتفضلى تعيطى ولا هتاكلى ولا تشربى لحد ما ارجع وكمان ضغطك يعلى وتتعبى. 


حسناء: الله مش ابنى الوحيد اللى طلعت بيه من الدنيا ومن حقى اخاف عليك دا انت اللى باقيلى بعد ابوك الله يرحمه مامات وسابك ليا وانت لسة عيل صغير ياحبيبى انا ماليش حد بعد ربنا غيرك حياتى ملهاش معنى وانت بعيد عنى. 


خلال لحظات كان يونس يقف على باب الشقة والذى تركته مسك مفتوحاً وهو يقول بابتسامة ساحرة... 


يونس: ولا انا ليا حد غيرك ياست الكل. 


حسناء بفرحة: يووونس ياقلب امك، ثم همت مسرعة فى اتجاهه واحتضنته بقوة واشتياق. 


يونس بحنان وهو يشدد على احتضناها هو الاخر: وحشتينى اوى يا امى وحشنى حضنك ووحشتنى دعواتك ليا. 


حسناء بأعين دامعة: داعيالك علطول ياقلب امك ربنا يباركلى فى عمرك ويحفظك ويخليك ليا. 


تسمرت مسك مكانها اثر دخول يونس فلم تتوقع ان تراه أبداً بعد كل تلك المدة التى حاولت فيها الابتعاد عنه فمنذ زواجه لم تراه فقد قامت بالالتحاق بكلية الالسن فى مدينة الاسكندرية وسكنت لدى عمتها حتى تستطيع نسيانه. 

اثناء شرودها التفت يونس لها ونظر لها باستغراب، ثم اطلق صفيراً والتفت لوالدته متسائلاً.... 


يونس: مين الغزالة دى ياأمى؟ 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

شهقت مسك ونظرت لنفسها، ثم لطمت وجهها فقد كانت ترتدى بيچاما بيتية رقيقة وترفع شعرها بشكل فوضوى مما أضفى عليها لمحة من الجمال، وجرت سريعا الى شقتها. 

مدونة النجم المتوهج 

حسناء: ليه كدا يابنى كسفتها بالشكل دا !! 

يونس: لا بجد مين المزة دى وازاى هى كانت عندك هنا بالبيچاما؟ هى ساكنة هنا ولا ايه؟ 


حسناء بضحك: بطل استهبال يا يونس  انت جاى تشتغلنى قال يعنى  مش عارف مسك بنت خالتك فاطمة؟ 


يونس: بتهزرى معقولة دى مسك؟! هى كبرت كدا امتى؟ 


حسناء: ليك حق تقول كدا ماانت بقالك خمس سنين ماشوفتهاش من يوم فرحك. 


يونس: طيب هى جريت كدا ليه دا حتى مسلمتش عليا. 


حسناء: ما انت اللى كسفتها وانت بتقول عليها غزالة وبعدين هى كانت واقفة براحتها بالبيچاما ومكانتش لابسة الحجاب بتاعها دى زمانها ياعينى حابسة نفسها فى اوضتها دلوقتي ومش هتخرج منها طول ماانت هنا دى بنت اختى وانا عرفاها، قرب يلا خالتك وجوز خالتك مستنيينى بقالهم كتير عشان الغدا . 


يونس: ايه دا هو انتى مش طابخة ياسنسن دا انا كنت جاى وراسم على اكلة حلوة من اكلك. 


حسناء: لا ياضنايا خالتك النهارده عزمانى على اكلة سمك مشوى والبت مسك ياعين امها كانت هتموت على الاكلة دى وانت احرجتها ومش هترضى تاكل دلوقتي. 


يونس: ليه يعنى يا امى هو انا بعبع على العموم انا هاجى معاكى اسلم على خالتى وجوز خالتى وامشى علطول عشان اطمن ليلى هى كمان. 


بعد ان تركتهم دخلت شقتها كالاعصار متجهة الى حجرتها، اغلقت الباب خلفها بقوة واستندت عليه بظهرها تشعر بالصدمة لقد رأته بعد كل تلك السنوات راته مرة اخرى ظلت تسأل نفسها لماذا اتى؟ لماذا كان عليه ان يراها بهذا الشكل؟ كيف ستواجهه الآن؟ انها الآن هشة ضعيفة قلبها موجوع لم تحضّر حالها للقائه دقات قلبها متسارعة حضوره طاغى يؤثر فى كل خلية من خلايا جسدها، خانتها دموعها وتساقطت كحبات اللؤلؤ على وجنتها حاولت كتم شهقاتها جلست ارضا وهى تتذكر تلك الذكرى المريرة بعد ان تم تعيينه فى احد الاقسام كان وقتها برتبة ملازم وكان عمرها اثنا عشرة عاما وهو اثنا وعشرون عاما كانت تنتظره فى منزله تساعد والدته فى احضار مالذ وطاب من الطعام وحينما حضر استقبله الجميع بالترحاب وتقديم المباركة والتهانى تقدمت منه مسك ووجها يشرق من السعادة.... 


مسك: ابيه يونس الف مبروك انا بجد فرحانة اوى وفخورة بيك جدا دا انا هغيظ صحباتى بيك وخصوصا سها عشان هى بترخم عليا دايما. 


يونس وهو يربت على كتفها: الله يبارك فيكي ياكتكوتة. 


مسك بتذمر: ايه كتكوتة دى يا ابيه انا مبقتش صغيرة عشان تقولى كدا نادينى باسمى لو سمحت. 


يونس: من امتى كلمة كتكوتة بتضايقك وبعدين كبرتى ايه يامفعوصة دا انتى يدوبك لسة اولى اعدادي يعنى لسة كتكوتة صغننة. 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

مسك: يووووه بقا ياابيه متضايقنيش بقا المهم بعد ماتخلص الاكل عوزاك عشان محضرالك مفاجأة حلوة. 

يونس بتساؤل: مفاجأة ايه دى؟! 


مسك: طيب ودى تبقى مفاجأة ازاى لو قولتلك عليها خلص بس الاكل وتعالى اقعد فى البلكونة هعملك احلى كوباية شاى واقولك على المفاجأة. 


يونس وهو يقصد اغاظتها: خلاص اتفقنا ياكتكوتة.


مسك وهى تضرب الارض بقدمها: يوووه تانى كتكوتة ماقولنا مسك ياابيه والله انا كبرت كبرت ياعالم كبرت ياهوووو. 


بعدما تناولوا الغداء ذهب يونس الى البلكونة كما اتفقت معه مسك بينما جلس عبدالرحمن وفاطمة وحسناء يشاهدون التلفاز ويحتسون الشاى. 


دخلت مسك الى البلكونة وهى تحمل فى يدها صندوق هدايا واقتربت من يونس ووضعته بيده وهى تهنئه مرة اخرى... 


يونس بابتسامة: ايه دا يا مسك تاعبة نفسك ليه ياحبيبتي مكانش له لزوم. 


مسك وقد احمر وجهها  خجلاً ورددت بهمس: حبيبتك!! 


يونس: طبعاً حبيبتى مش اختى الصغيرة اللى اتولدت على ايدى. 


مسك بصدمة: اختك!! 


يونس بتأكيد: اه طبعا اختى واجمل اخت كمان. ثم مد يده وداعب خدها فانتفضت مبتعدة وهى تنظر له بصدمة وتقول بغضب... 


مسك: بس انا مش اختك يايونس انا اسمى مسك عبدالرحمن وانت يونس ابراهيم. 


يونس باستغراب: يونس!! اول مرة تنطقى اسمى كدا من غير ابيه! وبعدين انتى ايه اللى ضايقك كدا؟ 


مسك بضيق: عشان انت مش حاسس بيا ولا بمشاعرى مش قادر تشوف انى كبرت ومبقتش العيلة الصغيرة ام ضفاير انا.... انا.... انا بحبك يايونس ونفسى اكمل حياتي معاك نفسي نتجوز وابقى ام اولادك. 


يونس بصدمة: ايه اللى بتقوليه دا يامسك جواز ايه اللى بتتكلمى عنه؟ ثم انفجر ضاحكا واكمل قائلاً... 

لا وكمان عاوزة تخلفى اولاد دا انتى لسة مفعوصة يابنتى حب ايه وجواز ايه  اللى بتفكرى فيه دلوقتي. 


مسك بحزن وبكاء: انت ليه مستهتر بمشاعرى ليه بتتعامل معايا على انى صغيرة احنا جيل الانترنت تفكيرنا اكبر من تفكيركم بكتير لاننا اتولدنا فى وجود السوشيال ميديا يعنى احنا عندنا تطور وعقل اضعاف الاجيال اللى فاتت. 


شعر يونس انه اهانها بضحكه فتمالك نفسه وجذبها بهدوء لتجلس على المقعد، ثم اخذ نفس عميق لكى يستجمع قواه وبدا فى التحدث بهدوء.... 


يونس: بصى يامسك انا عارف ان تطور التكنولوجيا اثر على تفكيركم والفيديوهات اللى بتشوفوها على التيك توك وكمان التريندات اللى بتحصل مأثرة عليكم بشكل رهيب ودا مش معناه ان انتم كبرتم انتم جيل لسة صغير مش واعى ولا دارك مصلحته وبعدين انتى لسة يدوبك 12سنة يعنى لسة طفلة وانا اكبر منك بعشر سنين فمينفعش تشيلى اللقب بينى وبينك وتنادينى باسمى كدا لا وكمان عاوزة نتجوز ونخلف اعتقد ان الروايات اللى بتقرأيها او الافلام اللى بتتفرجى عليها مأثرة عليكى جامد. 


مسك بحزن: انا مش صغيره والعمر بالنسبالى مجرد رقم ولما يكون الزوج اكبر من زوجته بفارق كبير دا هيخليه يحتويها ويعاملها كانها بنته مش مراته وبكدا هيعيشوا بكل سعادة وحب. 


يونس بصدمة: انتى بتجيبى الكلام ده منين يخربيت النت على اللى اخترعه يابنتى سيبك من الكلام الفارغ دا وفوقى لمذاكرتك عشان تحققى حلم والدك ووالدتك ويفتخروا بيكى وبعدين ابقى وقتها فكرى فى الجواز ولحد الوقت دا مفيش حاجه اسمها يونس اسمى ابيه يونس وتشيلى الكلام الفارغ ده من تفكيرك نهائى وعيشى سنك زى اى بنت العبى وافرحى. 


مسك وهى تمسح دموعها بقوة: انت شايف كدا يعنى مفيش امل. 


يونس: لا امل ولا سعاد فوقى لنفسك ولمذاكرتك وبطلى هبل ويلا روحى اغسلى وشك عشان محدش ياخد باله. 

التفتت مسك سريعًا، وخرجت من البلكونة بخطوات ثابتة ظاهريًا، لكنها كانت تحمل داخليًا زلزالًا من المشاعر المتضاربة.


ومنذ ذلك اليوم... قررت مسك أن تهرب.


قررت أن تبتعد عن يونس الذي لم يكن أبدًا أخًا في قلبها.


قررت أن تعاقب قلبها على تلك المشاعر، فهجرت المدينة وسكنت لدى عمتها في الإسكندرية، والتحقت بالجامعة هناك، محاولة أن تدفن ذلك الضعف، وتدفن مشاعرها... وتنسى.


لكن القدر لا ينسى.


وها هو يعود، واقفًا على عتبة قلبها من جديد.


وها هي ترتجف من جديد. 

يونس: قال جواز قال بقا حتة المفعوصة دى اللى لسة مطلعتش من البيضة عاوزة تتجوز عجبت لك يازمن. 


عادت مسك من شرودها وهى تمسح دموعها بقوة حتى احمرت وجنتها وجملته الاخيرة تلك تتردد فى اذنها وهى تقول بضعف.... 


ازاى هقدر اواجهك تانى فضلت هربانة منك كل السنين دى عشان ارمم كسرة قلبى اللى انت سببها مبقتش حمل الهروب ايه اللى رجعك تانى فى حياتى يا يونس مش كفاية اتجوزت وعشت حياتك وانا حياتى فضلت واقفة محلك سر مش قادرة اتجاوز مشاعرى اللى انت بكل بساطة حكمت عليها انها مجرد وهم وانها مشاعر طفولية ملهاش قيمة وهتنتهى لما اكبر اهى ما انتهتش بالعكس دى كانت بتزيد غصب عنى وجودك فى حياتى هيدمرنى انا لازم ارجع تانى اعيش عند عمتو انا مش هقدر استحمل وجودى جنبك فى مكان واحد.


صلوا على الحبيب المصطفى 🌺

مدونة النجم المتوهج 

الفصل الثانى🌹 

بقلمى الهام عبدالرحمن🌹 

صلوا على الحبيب المصطفى 🌺


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

بعد دقائق قليلة من دخول مسك الى حجرتها حضر يونس ووالدته لكى يسلم على خالته فاطمة وزوجها عبدالرحمن. 


عبدالرحمن بترحاب وابتسامة واسعة: حمدالله على السلامة يابطل جيت امتى؟ 


يونس: الله يسلمك ياعمى انا لسة واصل حالا. 


فاطمة: حمدالله على سلامتك يايونس ايه يابنى الغيبة دى كدا اسبوعين بحالهم متجيش عند خالتك اخر مرة جيت قعدت مع مامتك ومشيت من غير حتى ماتسلم عليا. 


يونس وهو يحتضنها: معلش والله ياخالتو المرة اللى فاتت انا مقعدتش مع ماما غير ربع ساعة ولاقيتهم بيتصلوا عليا من الشغل كانوا عاوزينى ضرورى فملحقتش اسلم عليكى والاسبوع ده كان عندى مأمورية فى اسيوط وادينى اهو اول ماوصلت جيتلكم علطول حتى ليلى مراتى متعرفش لسة انى رجعت. 

عبدالرحمن: ايه ياست فاطمة انتى هتفتحى محضر وتحققى معاه ولا ايه سيبى الراجل يدخل ياكل زمان معدته باظت من اكل المطاعم، تعالى يابنى ادخل خلينا ناكل قبل الاكل مايبرد. 


يونس بابتسامة وعيناه تبحث عن مسك: اومال مسك فين ياعمى مش هتيجى تسلم عليا وتتغدى معانا. 

فاطمة: انا هروح اندهلها من اوضتها اهو دى هتفرح اوى لما تعرف انك هنا ماهى طول عمرها متعلقة بيك. 

ذهبت فاطمة الى حجرة ابنتها وطرقت الباب وحاولت الدخول ولكنه كان مغلقاً فطرقت مرة اخرى... 


فاطمة: مسك ياحبيبتي يلا ياقلبى عشان تتغدى انتى قافلة على نفسك ليه؟ 

مسك بصوت واهن: مفيش ياماما روحى انتى ياحبيبتي واتغدوا انا مش جعانة بطنى وجعانى شوية. 


فاطمة باستغراب: بطنك وجعاكى!! وجعتك امتى دا انتى كنتى هتموتى على الاكل دلوقتي افتحى يابنتى طمنيني عليكي. 


مسك: ياماما مفيش حاجه هم شوية تعب بس وهيروحوا لما انام شوية اطمنى سيبينى بقا دلوقتي وروحى يلا عشان خالتو متتضايقش. 


فاطمة: طيب اخرجى بس دقيقة وارجعى تانى فى حد هنا عزيز عليكى وعاوز يسلم عليكى عارفة مين؟ يونس ابن خالتك.


تنهدت مسك تنهيدة حارة وحاولت السيطرة على نبرة صوتها لكى تبدو طبيعية: معلش ياماما مش قادرة والله عاوزة انام سيبينى بعد اذنك بقا ارتاح شوية. 


وقفت فاطمة تنظر الى الباب باستغراب وتقول فى نفسها: مالها دى معقولة دى مسك اللى مكنش حد بيقدر يبعدها عن يونس معقولة مش عاوزة حتى تقوم تسلم عليه لالالالا اكيد بس تعب بطنها هو اللى مخليها مش قادرة تقوم تسلم عليه بس التعب دا جالها امتى ماهى كانت من شوية زى القردة وعاملة مظاهرة على الاكل ياترى يابنتى فيكى ايه؟! 


ذهبت فاطمة واعتذرت لهم واخبرتهم بتعب مسك وانها لن تستطيع تناول الطعام معهم لانها سوف تنال قسطا من الراحة. اقتربت حسناء من يونس وهمست قائلة.... 


حسناء: مش قولتلك اهى حبست نفسها عشان مكسوفة منك. 


بعد الغداء استأذن يونس للذهاب الى زوجته وودع الجميع على وعد بتكرار الزيارة مرة اخرى فى اقرب وقت.  

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

فى شقة يونس كانت تجلس ليلى فى حجرتها تضع بعض مساحيق التجميل حينما دخل عليها يونس....


يونس:لولاااا وحشتينى وحملها بين احضانه واخذ يدور بها بفرحة واشتياق.


ليلى بفرحة:حبيب قلبى وحشتنى اووى كدا ياوحش تغيب اسبوع بحاله حتى مفيش مكالمة واحدة تتطمن فيها عليا.


يونس:معلش ياروحي غصب عنى المكان اللى كنا فيه الشبكة كانت ضعيفة اوى بس ادينى رجعتلك اهو،ثم نظر لها بانبهار فحقا كانت تتمع بجسد رائع...


بس ايه الجمال والحلاوة دى دايما بتبهرينى بجمالك واهتمامك بنفسك.


ليلى بفخر:ياحبيبى لازم اهتم بنفسى ورشاقتى عشان افضل طول الوقت جميلة  الجمال دا نعمة ولازم نحافظ عليها.


يونس بغمزة:طيب ايه بقا موحشتكيش ولا ايه؟


ليلى بضحك:طبعا وحشتني ياحبيبى بس انت مقولتش ليه انك جاى؟ على الاقل كنت جهزتلك اكل انت عارف طول ماانت برا البيت انا بطلب ديليفرى او بروح عند ماما.


يونس:متقلقيش ياقلبى انا اتغديت مع ماما.


ليلى بضيق:يعنى روحت لطنط قبل ماتجيلى انا الاول مش المفروض انك كنت تيجى على بيتك الاول وبعدين تروح لطنط مش هى دى الاصول.


يونس بنبرة حاسمة:ليلى..اظن احنا اتكلمنا فى الموضوع ده قبل كدا وقولتلك انا ماليش غير امى وهى كمان ملهاش حد غيرى وهى اولى بانى اطمنها عليا الاول.


ليلى بدلع:كدا يابيبى يعنى انا مش مهمة عندك؟!


يونس:لا مهمة طبعاً بس دى امى ياريت تقدرى دا.


ليلى:خلاص بقا يابيبى احنا هنفضل نرغى كدا كتير.


يونس:لا طبعا،ثم حملها بين ذراعيه وعاشا سويا لحظات من السعادة.


  فى حجرة مسك كانت منهمكة فى مراجعة بعض الدروس الخاصة بالماجستير الذى تحضره حتى قطع تركيزها صوت رنين هاتفها فأمسكته ووضعته على اذنها دون ان تنظر لاسم المتصل....


مسك:الو السلام عليكم . 


المتصل: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ازيك يامسك عاملة ايه؟ 


مسك: مين معايا؟! 

المتصل: انا مؤمن يا مسك. 


مسك: ااه ازيك يادكتور معلش والله مااخدت بالى اصل كنت بذاكر عشان امتحان الماجستير. 


مؤمن: ايوا كدا شدى حيلك عاوزك تجيبي تقدير  ولو فى اى حاجه واقفة عليكى كلمينى فورا وانا اشرحهالك. 


مسك: تسلم يادكتور انا عارفة انى تاعبة حضرتك معايا من ايام الجامعة. 


مؤمن: متقوليش كدا يامسك انتى انسانة مجتهدة وتستاهلى كل خير وبجد انا فخور بيكى وكنت اتمنى انك توافقى على طلبى بس انا مش هيأيس وهفضل مستنى، المهم خلينا فى الشغل انا هبعتلك شوية ايميلات عاوزك تترجميهم ضرورى خلال يومين. 


مسك: يومين! دا وقت قليل اوى خصوصا ان دى فترة امتحانات. 


مؤمن بثقة: معلش يامسك الشغل دا متأخر ولازم ينتهى فى خلال يومين وانت عارفة انى مش بثق فى  شغل حد غيرك لانك بتترجمى بدقة لكن اغلب اللى المترجمين اللى شغلتهم بيترجمولى ترجمة جوجل ودا  بيودى فى داهية لانه بيبوظلى الشغل وبعدين انتى عارفة ان اللغة الصينى صعبة ومش اى حد يتقنها وانتى ماشاء الله عليكى ممتازة ارجوكى متخذلنيش. 


مسك بتنهيدة: حاضر يادكتور ابعتهم وانا هحاول باذن الله اخلصهم بسرعة. 


مؤمن بامتنان: شكرا بجد يامسك دايما بتبقى عند حسن ظنى بيكى. 


اغلقت مسك الهاتف ووضعته بجوارها واكملت دراستها، بينما مؤمن وضع الهاتف بجوار قلبه وتنهد تنهيدة حارة اخرج بها كل مشاعره المكنونة فى قلبه تجاه تلك الفتاة التى سلبت قلبه وعقله... 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

مؤمن: ااه يامسك نفسى تحسى باللى فى قلبى ناحيتك نفسى توافقى تتجوزينى حرام عليكى العذاب اللى شايفه بسببك اربع سنين بتعذب فى حبك من يوم ماشوفتك فى الكلية وانتى لفتى نظرى كنت بدى محاضرات يومين فى الاسبوع بس عشانك

بقيت اجى كل يوم بس عشان اشوفك أسرتينى بادبك واخلاقك واهتمامك بدراستك وطموحك العالى واصرارك انك تبقى حاجة كبيرة فى المستقبل يارب ريح قلبى واجعلها من نصيبى. 


فى منزل يونس كان يتمدد على الفراش بجواره ليلى التى تنام بين احضانه... 


يونس: لولا مش آن الاوان بقا نجيب بيبى صغير يملا علينا حياتنا. 


ليلى بضيق: مش وقته الكلام دا ياحبيبى احنا لسة صغيرين خلينا نتمتع ببعض الاول ونعيش حياتنا. 


يونس بضيق: احنا بقالنا خمس سنين متجوزين وكل لما افتح معاكى الموضوع تقوليلى مش مستعدة دلوقتي بس كدا العمر بيجرى واحنا بنكبر هنخلف امتى يا ليلى؟ 


ليلى بزهق: خلفة ايه اللى انت ماسكلى فيها دى انا بصراحه مش عاوزة اخلف. 


يونس بغضب: نعم ياختى مش عاوزة ايه؟ مش عاوزة تخلفى يعنى ايه الكلام دا اومال احنا متجوزين ليه ان شاء الله. 


ليلى بصوت عالى: ايه يا يونس اسلوب الكلام دا وبعدين انت متجوزنى عشان اخلف واربى عيال واقعد اذاكر بقا واغير هدوم وبامبرز وقرف، لا طبعا انا مش عاوزة كدا انا واحدة عاوزة احافظ على رشاقتى والحمل والرضاعة هيبوظوا جسمى وعاوزة اعيش حياتى اخرج واتفسح واقعد مع اصحابى مش اتحبس فى البيت عشان ابقى مجرد خدامة. 


يونس بصدمة: خدامة!! هى الواحدة لما تخلف وتربى اولادها تبقى فى نظرك خدامة انا مكنتش متوقع ان دا يكون تفكيرك. 


ليلى بعصبية: اهو انا كدا ودى طريقة تفكيرى ومش هغيرها انا معنديش استعداد استغنى عن جمالى ورشاقتى عشان بس انفذلك رغبتك. 


يونس بغضب: انتى انسانة انانية ومبتفكريش غير فى نفسك وبس واحدة معندهاش استعداد تتنازل للحظة ولا حتى عندك طموح لاى حاجة كفاية انك من يوم ما اتخرجتى وانا وبتحايل عليكى تكملى دراستك وتعملى دراسات عليا عشان يبقى ليكى شان لكن ازاى فضلتى تقعدى فى البيت زى اى ربة منزل وخلاص عاوزة بس تخرجى النادى مع صحباتك وتسهرى وتتفسحى لكن تبقى مسئولة دا اخر اهتماماتك طبعا ودلوقتى عاوزة تحرمينى من انى اكون اب. 


ليلى بفراغ صبر: يعنى من الاخر كده عاوز ايه خلفة انا مش هخلف. 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

يونس بحزم: دا مش قرارك لوحدك ياهانم انا من حقى اكون اب ولو مش منك يبقى من غيرك عادى. 


ليلى بصدمة: قصدك ايه؟! انت ممكن تتجوز عليا يا يونس؟ 


يونس بجمود: وليه لا انا من حقى ابقى اب وانتى طالما معندكيش استعداد يبقى من حقى اتجوز اللى تحققلى امنيتى. 


ليلى بصراخ: لا انت اتجننت رسمى بقا انا تفكر تتجوز عليا والله ما انا قاعدالك فى البيت لما تبقى تعرف قيمتى ابقى تعالى خدنى من بيت بابا. 


ذهبت ليلى الى الحمام واغتسلت ثم خرجت ووقفت امام الدولاب ترتدى ملابسها. 


يونس: استهدى بالله يا ليلى وبلاش تكبرى الموضوع. 


ليلى: الموضوع كبير فعلا يا يونس بيه انت اهنتنى اوى وانا مش هتنازل عن حقى. 


خرجت ليلى من المنزل دون ان تعيره اى اهتمام وذهبت الى صديقاتها فى النادى وكأن شيئا لم يحدث. 


صلوا على الحبيب المصطفى 🌺


الفصل الثالث🌹

بقلمى الهام عبدالرحمن 🌺

صلوا على الحبيب المصطفى 🌺

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

كانت الغرفة هادئة إلا من صوت النقر الخفيف على لوحة المفاتيح، وجلوس "مسك" في وضع مستقيم أمام شاشة الحاسوب المحمول.

ارتدت نظارتها الطبية، وسحبت كوب القهوة من جوارها، ثم تنهدت وهي تفتح آخر بريد أرسله لها الدكتور مؤمن.


عملها كمترجمة لم يكن سهلاً، خاصةً مع اللغة الصينية التي تتطلب دقة ومهارة، لكنها أحبّت هذا الطريق منذ سنوات، ووجدت نفسها فيه. الدكتور مؤمن، أستاذها السابق في الجامعة وصاحب شركة سياحية، كان يُرسل كل فترة بعض الملفات لترجمتها، وغالبًا ما كانت تتقاضى أجرًا محترمًا، وإن كانت تدري أنه يفعل أكثر من أجل التقرب، لا العمل فقط.


لكن أصابعها توقفت فجأة... وعيناها تجمدتا على الشاشة وبغير ارادتها شردت .


"يونس."


عاد الاسم يتردد في رأسها بلا استئذان. تنهدت تنهيدة حارة ومسحت وجهها بيدها لعلها تهدأ ولكنها دقات قلبها المتسارعة ابت رغبتها فى ااحصول على السكينة فوضعت يدها على قلبها واخذت تربت عليه وعيناها تحبس الدموع بداخلها وهى تقول له وكأنها تحدث شخصا ما.... 


مسك: بتدق ليه دلوقتى مش اتفقنا مش هنفكر فيه تانى مش اتفقنا اننا هننساه ونعيش من غير حب مش قولنا ان الحب الم وعذاب وقررنا نبعد عن الطريق ده ليه دلوقتى عامل زى الطبول وبتدق بالسرعة دى وكأنك عاوز تخرج من جوايا؟ مش هو دا اللى جرحنا بكلامه لما قولتله انى بحبه كسرك جوايا ومااهتمش لمشاعرى كان شايفنى لسة صغيرة منفعش اكون ليه كان مفكرانها مشاعر مراهقة وهتتنسى لكن ميعرفش انى كنت عايشة بيه وليه كنت بستقوى بوجوده كنت عايشة بس عشان احبه لكن هو... هو مكنش شايف غير طفلة طيب ما انا كبرت وخلصت الثانوى وكان لسة متجوزش ليه بردو فضلت فى عنيه طفلة ليه كسر قلبى مرة تانية وراح اتجوز وسابنى.... 


اطلقت مسك العنان لدموعها تتساقط كالشلال وهى تتذكر يوم زفاف يونس، كانت القاعة تعج بالمعازيم وكل الوجوه تملأها الفرحة والأغانى تصدح فى المكان والكل يقدم المباركات والتهانى. كان يونس يجلس بجوار عروسه كانت حقا عروس جميلة وكان هو كأمير خرج من احدى الحكايات ببذلته السوداء وقميصه الابيض والصدرية التى اضفت عليه حلاوة كان مفتول العضلات شاب تتمناه اى فتاة. جلست مسك بجوار والدها ووالدتها وخالتها تنظر له والابتسامة على وجهها ولكن قلبها يملأه الحسرة والحزن تشعر وكأن شيئا يعتصر قلبها فها هى تفقد حب حياتها الذى ظلت تحبه لست سنوات كانت قد انهت عامها الاخير من المرحلة الثانوية، لم يعلم اى شخص بهذا الحب سواه ولكنه رفضه. 


حسناء: ايه يامسك ياحبيبتي مش هتقومى تسلمى على يونس وعروسته. 


مسك وهى تحاول السيطرة على مشاعرها: حاضر ياخالتو بس لما الناس تخف من حواليهم شوية. 


حسناء لاختها فاطمة: عقبال ماتفرحى بمسك يا بطة وتشوفيها احلى عروسة. 


فاطمة بابتسامة: فى حياتك ياحبيبتي. 


حسناء: عارفة يابت يامسك يوم ماربنا يكرمك بالعريس انا هنزل معاكى انقيلك جهازك كله وهعملك ليلة حنة الناس كلها تحكى عنها، كان نفسى يبقى عندى ولد تانى والله ماكنت سيبتك ابدا ياروح قلبي وكنت جوزتك ليه بس نعمل ايه ربنا مرزقنيش غير بيونس. 


مسك وهى تحبس دموعها: انا مش بفكر فى الكلام دا دلوقتي ياخالتو انا بفكر بس فى مستقبلى ودراستى والجواز دا اخر اهتماماتى انا عاوزة اخلص جامعة واحضر الماجستير والدكتوراة واشتغل واعمل لنفسى كارير لازم ابنى نفسى واعمل لنفسى مستقبل افتخر بيه. 


عبدالرحمن: ربنا يحميكى يابنتى وبكملك بعقلك طول عمرك طموحة يامسك وشاطرة ورافعة راسى دايما. 


حسناء: طموح ايه يا ابو مسك هى البنت ليها ايه غير بيتها وجوزها دى لما ربنا يرزقها كدا براجل يصونها ويراعى ربنا فيها  بالدنيا ومافيها وبعدين ياختى انتى هتضيعى عمرك كله فى المذاكرة ماهى عروسة ابنى اسم الله عليها خلصت كلية هندسة واستكفت ولا عاوزة تكمل ولا بتفكر حتى تحضر ماجستير ولا دكتوراه ولا عاوزة حتى تشتغل بشهادتها قررت تقعد فى البيت وتهتم بيونس وبس. 


شعرت مسك بان الارض ضاقت عليها بما رحبت وبدأ الهواء ينفذ من رئتيها فاستأذنت منهم للذهاب الى التواليت، ولكنها خرجت الى حديقة القاعة ووقفت فى مكان هادئ واطلقت العنان لدموعها وهى تلوم قلبها على انه عشق شخصا غير مناسب لها. 


انتهى العرس وذهب كل شخص الى منزله ودخلت مسك حجرتها وقد اصابها حالة من الجمود واليأس فقد انهكها وجع قلبها وجلست امام مرآتها ونظرت لانعكاس صورتها فشعرت وكأنها جسد بلا روح انسابت دموعها حزنا على نفسها ولكن فجأة هبت من مكانها ومسحت عبراتها وقالت بحزم لنفسها.... 


مسك: هتنسيه وهتفوقى لنفسك وهتحققى طموحك هو مايستاهلكيش وهييجى اليوم اللى هيندم فيه على انه مفكرش فيكى انتى لازم تشوفى مستقبلك واللى يبيعك بيعيه انتى كمان. 


فى الصباح جلست مع اهلها على المائدة لتناول طعام الافطار، ثم تحدثت بدون مقدمات.... 


مسك: بعد اذن حضرتك يابابا انا حابة ادخل كلية الالسن فى اسكندرية  وهقعد عند عمتو انت عارف ان اولادها كلهم مسافرين برا وملهاش حد. 


فاطمة بدهشة: وايه يابنتى اللى يوديكى اسكندريه طيب مافى هنا فى القاهرة كلية السن ليه عاوزة تتشحططى وتبعدى عننا. 


مسك بحزم: معلش يا ماما دى رغبتى وارجو ان انتم مترفضوش. 


عبدالرحمن بعد تفكير: سيبيها على راحتها يافاطمة بنتنا مش هتاخد قرار يضرها وانا متاكد انها درست وفكرت كويس فى اتخاذ القرار ده. اتوكلى على الله يابنتى ربنا يوفقك. 


عادت مسك من ذكرياتها وهى تزفر بقوة..... 


مسك: بعدت سنين وهديت نفسى فى المذاكرة والشغل عشان مفكرش فيك لكن مع اول نظرة منك واول ماسمعت صوتك وكل مشاعرى اللى دفنتها صحت تانى ااااه يارب ارحمنى انا مش هقدر على كدا ساعدنى يارب وقوينى على نسيانه. 


بعد عدة ايام كان يجلس يونس فى منزله يشاهد التلفاز بملل حتى اتاه اتصالا من والد زوجته.... 


يونس: ازيك ياعمى اخبارك ايه؟ 


عادل: الحمدلله ازيك انت يابنى؟ 


يونس:  الحمدلله ياعمى خير يارب. 


عادل: انا قولت اسيبك تهدى شوية وبعدين نتكلم، بس انا كنت متوقع انك مش هتسيب ليلى تبعد عنك كل دا. 


يونس بضيق: ياعمى يعنى عاجبك اللى هى عملته؟ 


عادل: ايا كان اللى حصل مينفعش تسيب مراتك تبعد عن بيتها كل دا ياحضرة الظابط انا هستناك تيجى تصالحها انا معنديش بنات تسيب بيتها كل الايام دى . 


يونس: حاضر ياعمى هاجى لحضرتك على الساعة 8 ان شاء الله. 


اغلق يونس هاتفه وهو يشعر بالضيق فزوجته لا تراعى مشاعره وتتصرف بانانية ولا تفكر الا بمظهرها وتريد حرمانه من اجمل شعور فى العالم وهو شعور انا يكون ابا شعر بانه يريد ان يتحدث مع احد   فامسك هاتفه وقام بالاتصال على والدته.... 


حسناء: يونس ياقلب امك وحشتنى ياحبيبى بقالك يومين مكلمتنيش قلقتنى عليك ياضنايا وكل لما اكلمك الاقى تليفونك غير متاح. 


يونس: معلش ياامى كنت محتاج افصل شوية. 


حسناء: مالك ياحبيبي فيك ايه؟ ايه اللى تاعبك يا ضنايا؟ 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

يونس بتنهيدة وجع: ااه يا أمى محتاج دعواتك اوى الفترة دى. 


حسناء بقلق: يونس فى ايه فهمنى مالك انت قلقتنى عليك اقولك اقفل وانا جيالك حالا. 


يونس: لا يا امى متتعبيش نفسك انا كويس والله هو بس فى بينى وبين ليلى مشكلة وان شاء الله تتحل. 


حسناء: اكيد عشان الخلفة مش كدا؟ انا عارفة يابنى مراتك مش عاوزة تخلف. 


يونس باستغراب: عرفتى منين؟ هى كلمتك؟! 


حسناء بسخرية: لا ياحبيبى هى اصلا مبتسالش عليا ولا كانى حماتها بس لما زرتها اخر مرة فاتحتها فى موضوع الخلفة لكن هى اعترضت وقالتلى انها لسة مش مستعدة، وانها متفقة معاك على كدا فمحبتش اضغط عليها ولا اتدخل فى حياتكم لان دا قراركم انتم لكن انا كان نفسى اشيل اولادك قبل ما اموت. 


يونس: بعد الشر عليكي يا امى ربنا يباركلى فى عمرك ويحفظك وان شاء الله تشيلى اولادى وانتى اللى تربيهم كمان. 


حسناء: اومال هى فين يابنى؟ 


يونس: زعلانة بقالها خمس ايام قاعدة عند اهلها. 


حسناء بصدمة: ايه!! غضبانة! ليه كدا يابنى دا انت عمرك ماعملتها طول الخمس سنين اللى اتجوزتها فيهم، ازاى يابنى تسيبها تبات برا بيتها مهما كان الخلاف اللى بينكم. 


يونس: خلاص يا امى انا رايح النهاردة اجيبها من عند اهلها وربنا يهدى الحال. 


فى تمام الساعة الثامنة كان يونس يقف امام منزل والد زوجته فصعد وطرق الباب وبعد لحظات فتح له عادل... 


عادل بترحاب: اهلا اهلا بحضرة الظابط اتفضة يابنى نورتنا. 


يونس: ازيك ياعمى البيت منور باصحابه اومال فين ليلى؟! 


عادل: جاية حالا يابنى اتفضل بس اقعد وارتاح الاول، بص يابنى اللى بينك وبين ليلى دى حاجة تخصكم انتم الاتنين مينفعش حد يتدخل فيها لان دا قراركم انتم وبردو مينفعش تخلى مراتك تسيب بيتها كل الفترة دى ولا ايه؟  


يونس: هى ليلى حكت لحضرتك اللى حصل؟! 


عادل: ايوا يابنى حكتلى بس المفروض انكم تتناقشوا توصلوا لحل لكن متسيبش بيتها يابنى. 


يونس: هى اللى سابت البيت رغم ان حاولت معاها لكن هى ركبت راسها واصرت تمشى رغم ان هى اللى غلطانة. 


فى تلك اللحظة دخلت ليلى وهى تقول بتذمر... بقا كدا يا يونس انا اللى غلطانه. 


يونس: ايوا طبعا لما تبقى عاوزة تحرمينى من انى اكون اب تبقى غلطانه. 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى محمد 

ليلى ببكاء مصطنع: هو يعنى لما احافظ على جمالى مش دا عشان خاطرك عشان افضل حلوة فى عنيك ومتبصش لحد غيرى. 


يونس: هو ايه علاقة الجمال بانك تبقى ام هو انتى الجمال فى نظرك انك تبقى رشيقة طول الوقت وحاطة ميكب علطول. 


ليلى: اه طبعا هو دا الجمال اومال يعنى هيكون ايه؟! 


قعد يونس قدامها، وعيونه مليانة حب وصدق وهو بيقول بنبرة هادية لكن مليانة يقين:


"ليلى… انتى مش فاهمة انتى بالنسبة ليا إيه. انتي شايفة الجمال في المرايا، وأنا شايفه في قلبك، في ضحكتك، في خوفك عليا، في حضنك وقت التعب، في طيبة ملامحك وانتى ساكتة، وفي نظرة عيونك لما بتغضبي، حتى غضبك له جماله!"


سكت لحظة، ومد إيده على إيدها وقال:


"أنا عارف إنك خايفة… خايفة على جسمك، على شكلك، على اللي الناس بتسميه جمال. بس صدقيني، الجمال مش هيقل… ده هيزيد، هيبقى أعمق، أنضج، هيبقى فيه حياة جديدة طالعة من روحك. الحمل مش بيشوه، الحمل بيخلق نوع تاني من البهاء… بهاء الأم، اللي عينيها فيها نور ، وجسمها شايل دليل المحبة."


قرب منها وهمس بصوت دافي:


"انتى فاكرة إن الرجالة بتنسى شكل الست بعد الحمل؟ لأ يا ليلى… الرجالة اللى بتحب، بيكبروا في حبهم، بيشوفوا التفاصيل اللى بتتغير على إنها أوسمة، علامات انتصار… وأنا بحبك، حب كبير ، ومش شايف فيكى غير كل حاجة حلوة، في كل حال، في كل وقت."


ضحك بخفة وكمل:


"وانتى مليانة جميلة، ضعيفة برضو جميلة، حزينة أكتر لحظة بيبان فيها نقاءك. الجمال مش مقاس، الجمال مش وزن، الجمال مش خدود مشدودة ولا بطن مسطحة… الجمال إنك تكوني انتي… بقلبك، وروحك، وحنيتك."

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

نظر في عينيها نظرة كلها شوق وقال:


"نفسي أشوفك وانتى شايلة ملامحنا بين ايديكي… نفسي أشوفك أم، وأشوفك وانتى بتضحكي لابننا او بنتنا، ونفسي هو يشوفك بعنيا… عشان ساعتها يعرف إن الجمال الحقيقي، كان دايمًا ليلى."


تأثرت ليلى بكلامه ودخلت والدتها وهى تقول بصوت هادئ.... جوزك عداه العيب ياحبيبتي قومى واستهدى بالله وروحى مع جوزك واعملى حسابك انى هعد تسع شهور الاقى عندى حفيد ولا ايه ياعادل؟ 


عادل بضحك: انا عن نفسي عاوز دستة يملوا عليا البيت. 


ليلى بذعر: ايه دستة لا خلاص مش لاعبة. 


يونس بضحك: طيب نجيب واحد بس الاول وبعدين نفكر فى موضوع الدستة دا. 


ضحك الجميع واصر عادل ان يتناول يونس معهم طعام العشاء قبل الذهاب وقضوا سهرة ممتعة ثم اخذ ليلى وذهب الى منزلهم بعد ان طمأن والدته على الهاتف بانه تصالح هو وزوجته. 


صلوا على الحبيب المصطفى 🌺

مدونة النجم المتوهج 


الفصل الرابع🌹

بقلمى الهام عبدالرحمن 🌺

صلوا على الحبيب المصطفى 🌺


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


كان "يونس" جالسًا في البلكونة في نهاية يوم طويل، يتكئ على ذراع الكرسي، ويحتسي كوبًا من الشاي، محاولًا تهدئة أعصابه وسط ضجيج الشارع وضوء الغروب المتسلل بخفة.


من داخل الشقة، كان صوت "ليلى" يعلو وهي تتحدث على الهاتف، ثم فجأة صاحت بنفاد صبر:


ليلى من داخل المنزل: آه يا سمر، استني بقى... الفون هنج تاني! لا والله اتقفل! يا نهار أبيض!


خرجت "ليلى" إلى البلكونة وهي تحمل الهاتف بيدها وهى تشعر بغضب شديد، ووجهها ممتقع من الضيق.


ليلى بغضب: التليفون دا بقى بيستفزني بجد، كل شوية يهنج، وكل ما أكلم حد يقفل لوحده! أنا مش ناقصة دا كله.


رفع "يونس" حاجبه وسألها بهدوء :


يونس: فى ايه بس ياحبيبتى اهدى كدا وقوليلى مالك؟ 


ليلى بتنهيدة وتكشيرة:

ما انا لسة قايلة اهو الفون بيهنج وبيقفل لوحده كل شويه... أنا زهقت، ونفسي أغيّره.


يونس وهو يرتشف الشاي: خلاص ياحبيبتى انا هاخده معايا بكرا واوديه لحد من اللى بيصلحوا الموبايلات وان شاء الله يرجع احسن من الاول. 


ليلى بضيق ورفض: لأ يا يونس، أنا عاوزة أيفون برو ماكس ١٦  .


سعل "يونس" فجأة وكاد يشرق، ثم نظر لها بدهشة:


يونس: إييييه؟ أيفون؟ برو ماكس كمان؟ إنتي عارفة تمنه كام يا ليلى؟


ليلى بلا مبالاة: ايوا عارفة طبعًا، تمنه ٩٨ ألف... بس انت مش هتشتري لي عربية يعني، دا تليفون!ماهو انا مش اقل من صحباتى كل واحدة فيهم شايلة ايفون وبعدين يرضيك ليلى حرم الرائد يونس تشيل فون اقل من ايفون. 


يونس ساخرًا: يا بنتي أنا ضابط، مرتبي يادوبك مقضينا بالعافية! انا لو كان معايا المبلغ دا مكنتش قعدت فى البلد اصلا .


ليلى وهي تمسك إيده وتتكلم برقة: والنبي يا بيبي، دا حتى عيد ميلادي قرب، وأنا عاوزة أتباهى بيك قدام صحابي... وأقولهم جوزي جابلي أيفون، مش أقل من كده واعرفهم قد ايه انت بتحبنى ومش بتستخسر فيا حاجة .


تنهد "يونس" وهو يبتسم رغما عنه، ثم قال:


يونس:ياحبيبتى الحب مش بالمظاهر ولا بالهدايا اننا نبقى متفاهمين دا يبقى حب اننا نخاف على مشاعر بعض دا حب اننا نقدر بعض ونحترم بعض دا حب لكن لا يكلف الله نفسا الا وسعها.


ليلى بضيق:يعنى يايونس انا ما استاهلش تفرحنى فى عيد ميلادى؟!


يونس:لا طبعاً تستاهلي  سيبيها لله، ربنا ييسرها، وإن شاء الله ربنا يقدم مافيه الخير. 


في صباح اليوم التالي، توجه "يونس" إلى منزل والدته، كما اعتاد أن يفعل كلما ضاق صدره أو احتاج لحضن دافئ يحتويه. صعد السلم بخطوات بطيئة، وكأن الهموم أثقلت روحه، حتى وقف أمام الباب وطرقه بخفة.


فتحت له والدته "حسناء" وهي تبتسم بسعادة، واحتضنته كعادتها بحرارة.


حسناء: تعالى ياحبيب قلبى ادخل هو انت معندكش شغل النهارده ولا ايه؟ مالك ياضنايا وشك مش مريحني، فيك إيه؟


يونس وهو يبتسم بتعب: مفيش يا أمي، شوية دوشة كده فى الشغل...


دخل وجلس في الصالة، فأحضرت له كوبًا من العصير وجلست إلى جواره، تراقب ملامحه التي لم تفلت منها، ثم قالت بإصرار:


حسناء: متكدبش عليا يايونس، أنا عارفة ابنى كويس، شكلك زعلان ومخنوق... مالك ياحبيبي؟


تنهد "يونس" تنهيدة ثقيلة، وأسند رأسه على ظهر الكنبة، ثم نظر إليها وقال:


يونس: مش زعلان ياماما... بس تعبان، تعبان اوى... أنا والله مش مقصر مع ليلى، بحاول أفرّحها، أخرجها، أجيب لها اللى تقدر عليه إيدي، بس هى طلباتها ما بتخلصش، وأنا يادوبك بدفع أقساط العربية، وبنصرف بالعافية، المرتب بيطير قبل نص الشهر.


حسناء وهي تطبطب على يده وتبتسم بحنان: ماهى يا حبيبي لسه صغيرة، نفسها تعيش وتفرح زى صحباتها، وانت عارف البنات بيبصوا لبعض وبيحبوا الدلع والحاجات دي. دورك إنك تحتويها وتفرّحها، حتى لو بإمكانيات بسيطة.


يونس: والله ياماما أنا بحاول، بس إمكانياتي على قدي، امبارح فضلت تتكلم عن الآيفون البروماكس، اللى تمنه ٩٨ ألف! تخيّلي؟! دا أنا لو جمعت مرتبي سنة مش هجيبه وهى بتتعامل معايا وكانى بقبض ملايين فى الشهر .


ضحكت "حسناء" بهدوء ومدت يدها إلى درج جانبي، ثم أخرجت ظرفًا صغيرًا وضعته في كفه.


حسناء: خد يابني، دول 10 آلاف جنيه كنت محوشاهم للطوارئ، روح هاتلها تليفون كويس بدل اللى عندها، ووقت ما ربنا يفرّجها عليك ابقا هاتلها الآيفون، يا سيدى ومتزعلهاش.


يونس: ياماما هو انا جاى احكيلك عشان اخد منك فلوس انا بس بفضفض معاكى شوية من خنقتى. 


حسناء بحنان: وهو انت مش ابنى الوحيد ان مكنتش انا اساعدك واقف جنبك مين هيساعدك خد الفلوس ياحبيبى وهات لمراتك هدية حلوة وفرحها واجبر بخاطرها عشان ربنا يرضيك. 


نظر إليها "يونس" بامتنان، ثم أسرع ليحتضنها ويقبّل يدها بحب:


يونس: إنتى أحنّ مخلوقة على وش الأرض، والله يا أمي.


حسناء:ربنا يهدى سركم ياضنايا ويرزقكم الذرية الصالحة.


يونس:امين يارب العالمين.ثم اكمل ضاحكا سبحان الله ناس يجيلها تليفون جديد وناس تمشى بموبايلها اللى جار عليه الزمن   دا  أنا رغم انى ظابط الا انى مش شايل ايفون ولا عمرى حتى فكرت اجيبه وراضى بالموبايل الكحيان بتاعى وبقول ربنا يستر ويفضل اصيل وابن ناس ويشد حيله  وميهنجش كدا معايا لحد مااخلص من اقساط العربية وبعدين اجدده. 


ضحكت "حسناء" من قلبها وقالت مازحة: طيب اسكت ليسمعك ويزعل ويعملها فيك ويهنج هو كمان. 


ضحك الاثنان معًا، وفي قلب "يونس" سكينة لم يجدها في أي مكان سوى عند أمه


كان "يونس" ما زال يجلس إلى جوار والدته "حسناء"، يشرب كوب العصير الذى أعدته له بنفسها، بينما تسلل إلى قلبه شيء من الراحة بعد البوح والفضفضة. الجو ساكن، إلا من صوت طقطقة أكواب المطبخ وصوت العصافير خارج اسوار البلكونة ، حين رنّ جرس الباب فجأة.


انتفضت "حسناء" واقفة وقالت وهي تمسك بطرف الطرحة:


حسناء بابتسامة: اكيد دى مسك كانت قايلة انها هتيجى تقعد معايا شوية 


لكن "يونس" رفع يده سريعًا وقال بلطف:


يونس: لا خليكى يا أمي استنى ، أنا هفتحلها.


نهض بخفة وتوجه إلى الباب، وفتح بهدوء، فما إن انفتح الباب حتى التقت عيناه بعينيها.


كانت "مسك" تقف على العتبة، بحجابها الرقيق، ووجهها الذى لم يتغير كثيرًا سوى بملامح نضج وخجل طاغٍ. عيناها تلاقيتاه للحظة، ثم ارتبكت سريعًا، واتسعت عيناها بدهشة، وتوردت وجنتاها، كأن قلبها صفعها من الداخل.


وقفت مسك متسمّرة في مكانها، عاجزة عن النطق.


"يونس" بهدوء وابتسامة دافئة:


ازيك يا مسك اتفضلى. 


ابتلعت ريقها وبدأت تدير وجهها سريعًا إلى الجهة الأخرى، وهمّت بالرجوع للخلف:


مسك بصوت متوتر: ها... ازيك يا ابيه  أنا كنت جاية أقعد مع خالتو شوية، بس طالما انت موجود... خلاص، همشي انا وابقى اجيلها وقت تانى.


مد يده بخفة، وصوته خرج بنبرة لم يستطع إخفاء حنينها:


يونس: رايحة فين يا مسك؟ استني!


توقفت مكانها، ولم ترفع عينيها، ظلت تحدق في البلاط كأنها تتهرب من نظراته التى شعرت أنها تكشف ما تُخفيه من اشتياق له.


عاد صوت "يونس" بنبرة دافئة:


يونس: ادخلي يا بنت خالتي ولا أنده لخالتك تطلع تاخدك بالعافية؟


ابتسمت بخجل وقالت بنعومة:


مسك: ما ينفعش، يعني... مش حابة أكون تقيلة. 


يونس: بطلى هبل وادخلى يلا محدش هنا هياكلك، ثم غمز لها بطرف عينه. 


دخلت مسك وجلست بجانب "حسناء" على الكنبة، بينما جلس "يونس" على الكرسي المقابل، يتأملها بدهشة... خمس سنوات مرت كأنها دهر كامل، ومع ذلك، ها هي أمامه... جميلة، رصينة، وفي عينيها نفس الحياء القديم، لكن بملامح امرأة صارت تعرف الدنيا أكثر.


يونس بابتسامة وهو يميل قليلاً للأمام:


يونس: بسم الله ما شاء الله، كبرتى يامسك ... واحلويتى كمان.


شعرت مسك بالخجل الشديد ولم تستطع الرد عليه 


نظر "يونس" إلى "مسك" من جديد وقال بنبرة عاتبة:


يونس: بقالى خمس سنين مشوفتكيش، ولا حتى مرة فكرتى تبعتيلي رسالة؟ تليفون؟ أي حاجة... ده أنا كنت فاكر إنك نسيتيني خلاص.


مسك بخجل وهدوء: ما نسيتش والله... بس كنت بقول ان خلاص بقالك حياتك وزوجة تهتم بيها وانا كمان كان عندى دراستى اللى كانت شاغلة كل وقتى. 


يونس:  المهم، إيه أخبارك؟ ماما كانت قالتلى انك خلصتى الدبلومة بعد الكلية. 


مسك:  اه الحمدلله وبشتغل دلوقتى... مترجمة في شركة سياحية ، وبحضر الماچستير كمان .


اتسعت عيناه بدهشة وانبهار، ثم ابتسم بفخر وقال:


يونس: الله أكبر! بجد؟! ما شاء الله عليكي يا مسك... والله رفعتى راسي، بنت خالتي، شاطرة ومتربية ومحترمة وطموحة .


ثم صمت لثوانٍ، وهو يسرح بعينيه، يقارن بلا وعي...

ليلى، التي لا تهتم إلا بالمظاهر والطلبات، والتي لا تحب اكمال دراستها ، لا طموح لديها سوى أن يكون هاتفها الأغلى بين صديقاتها.

بينما مسك، الهادئة الطموحة، التي تشق طريقها بجهدها، بذكائها، برقتها الممزوجة بالقوة.


تمنى في تلك اللحظة، دون أن يصرّح، لو أن لزوجته روحًا تشبه روح "مسك"، لا شكلها... بل جوهرها،ان تكون طموحة مثلها .

يونس: ها بقى مش ناوية تفرحينا بيكى ولا ايه؟ 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

مسك بضيق حاولت مداراته: انا مبفكرش فى الجواز دلوقتى لسة قدامى المشوار طويل لما اخلص الماجستير وبعدين الدكتوراه ساعتها ابقى افكر. 


ذهبت حسناء الى المطبخ لتحضر لمسك بعضا من العصير فاستغل يونس الموقف وجلس بجوار مسك وسالها بخبث... 

يونس: قوليلى بقا ياكتكوتة هربتى ليه المرة اللى فاتت وحبستى نفسك ومرضتيش تسلمى. عليا ولا تقعدى معايا؟  


مسك بغضب مكتوم: اولا انا مش كتكوتة انا مش عيلة صغيرة قدامك ثانيا انا مهربتش ولا حاجه  انا بس اتفاجات وكنت محرجة عشان... يعنى... عشان....  كنت من غير الحجاب.   


يونس بغمزة: لا بس البيچاما كانت حلوة اوى عليكى وشعرك طول وبقا جنان بقيتى غزالة بجد. 


هبت مسك واقفة وهى جاحظة العينين وقالت بغيظ: على فكرة انت قليل الادب اوى يا ابيه وميصحش تقولى كدا. 


ضحك يونس بشدة وهو يقول: طيب تيجى ازاى دى قليل الادب  وابيه فى جملة واحدة مش راكبة مع بعضها ياكتكوتة. 


مسك بصراخ: بطل تقولى كتكوتة دى انا كبرت ومبقتش صغيرة. 


يونس بضحك: متعصبة ليه بس ياكتكوتة؟ 


مسك: يووووه انت بقيت مستفز.


ثم جرت من امامه وذهبت الى منزلها وظل هو ينظر فى اثرها بابتسامة وهو يقول بهمس. 

يونس: لسة زى ما انتى يامسك بريئة وخجولة. 


عادت حسناء من المطبخ حاملة صينية عليها كوب العصير ولكنها نظرت للمكان بدهشة وقالت... 


حسناء: هى مسك راحت فين؟ اوعى تكون رخمت عليها زى عوايدك يايونس. 


يونس بابتسامة: يظهر انها بقت بتتكسف اكتر من الاول. ثم شرد قليلا وهو ينظر فى اتجاه الباب وكانها بنتظر عودتها مرة اخرى. 


حسناء وهي تجلس بجواره:

هو انت سرحت فى ايه كدا يا يونس؟


يونس بابتسامة خفيفة:

مستغرب… مستغرب هي كبرت كده إمتى؟!  كنت فاكرها  لسة عيلة صغيرة عمرى ما اتخيلت انى اشوفها عروسة زى القمر بالشكل دا ، انا فاكرها وهى صغيرة دايمًا  كانت تستخبى ورا مامتها لما تيجي عندنا… ودلوقتي بقت بنت ناضجة، رزينة… شكلها متغير، بس روحها لسه زي ما هي.


حسناء بحنان:

"مسك" متربية… وطيبة، ومؤدبة، ومجتهدة. طول عمرها قلبها نضيف، وأنا دايمًا بدعيلها  ربنا يكرمها بإنسان يستاهلها.


يونس وهو بيتمتم بصوت شبه مسموع:

يابخته اللي هيتجوزها.

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

حسناء بتبصله بتركيز، وسألته بخبث الأمهات:

إيه؟ قولت إيه؟


يونس وهو بيعدل قعدته وبيشرب بسرعة:

ولا حاجة يا أمي... بقول ربنا يسعدها، هى تستاهل كل خير.


حسناء وهى تبتسم :

آه..ربنا يسعدكم جميعا يابنى. 


يونس وهو بينفخ بإحباط وراحة ممتزجين:

ياااه يا أمي... أنا اللى كنت جاي أشتكيلك من مراتي ومشاكلها، لاقيت نفسي بفتكر أيام الطيبة والبساطة.قاعدتى مع مسك رجعتلى كل ذكريات زمان  ياريت الايام دى كانت دامت كانت كلها بركة وخير. 


حسناء وهي بتطبطب على إيده:

مفيش حاجة بتضيع عند ربنا يا يونس... لا نية طيبة، ولا مشاعر حقيقية ربنا يهدى سرك ويفرح قلبك ياحبيبي. 


يونس وهو بيبتسم ببساطة:

آمين يا أمي… انا هقوم بقا عشان الحق اروح شغلى لانى كنت واخد اذن ساعتين بس. 


بمجرد ما أغلقت "مسك" باب شقتها خلفها، أسندت ظهرها عليه، تحاول التقاط أنفاسها التي انفلتت منها من فرط الارتباك. لم تكن تتوقع أن تراه بهذا القرب، بهذا الحضور… كأن السنوات الخمس لم تمر، كأن كل شيء تجمّد عند لحظة الفقد الأولى.


وضعت يدها على صدرها، مكان قلبها الذي ظل ينبض كطبول الحرب منذ لحظة رؤيته… حتى نبرات صوته التي لم تتغيّر، ما زالت تملك قدرة غريبة على سلبها توازنها، أما عينيه… شعرت وكأنها اسيرة لهما. 


انهمرت دموعها فجأة، دون إنذار، كأنها كانت محبوسة تنتظر فقط صدمة اللقاء لتتفجّر.


همست لنفسها وهي تتحسس دموعها:


"أنا لسه بحبه... والله لسه بحبه، قلبي عمره ما نسيه... حتى بعد السنين دى كلها...مهما فضلت أكابر واقول انى قوية وهقدر انساه بس انا عارفة انى مش هنساه بسهولة ."

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

جلست على طرف الكنبة، تضم ركبتيها لصدرها، وتخبئ وجهها فيه كطفلة تبحث عن مأوى.


مسك، بصوت مخنوق:

"هو كان قدامي... بيضحكلي... وبيتكلم كإن مفيش حاجة، وأنا... وأنا قلبي بيموت جوايا... حضوره بيخضّني، بيخطفني، وأنا مش قادرة أقاوم، مش قادرة أنسى، ومش قادرة أفتكر من غير ما أتوجع..."


رفعت وجهها ومسحت دموعها بكفّها المرتعشة، ثم نظرت لنفسها في مرآة الغرفة المقابلة كأنها تسألها:


مسك وهي تهمس لنفسها:

"أنا عملت إيه؟ ليه دخلت؟ ليه ما مشيتش؟ ليه قلبي وجعني أول ما شُفته؟ هو ليه لسه ساكن فيا بالشكل ده؟"


ثم ضحكت ضحكة باكية، ساخرة من ضعفها:


مسك:

"يااه يا مسك... إنتى بتكدبي على مين؟ عمرك ما نسيتيه، وعمرك ما هتعرفي تنسيه، ده حبك الأول... لا دا حبك الوحيد."


غطّت وجهها بكفيها وبدأت تبكي من جديد، بصمتٍ هذه المرة... صمتٍ مليء بالألم، والندم، والحنين المكبوت. كانت تدرك تمامًا أن ما تشعر به الآن، لن يشفى بسهولة، فحب مثل حبها لـ"يونس" لا يُنسى… يُخفى، يُكابر عليه، لكنه لا يموت.


صلوا على الحبيب المصطفى 🌺


مدونة النجم المتوهج 


الفصل الخامس 🌹

بقلمى الهام عبدالرحمن 🌺

صلوا على الحبيب المصطفى 🌺

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


في منتصف الليل، كان "يونس" يتقلب على السرير، والعرق يتصبب من جبينه رغم برودة الجو. وجهه مشدود، وصدره يرتفع وينخفض بسرعة كأنه يجري وهو نائم.


في الحلم…

كان يقف بمفرده في صحراء واسعة، الظلام يعم المكان، لا يرى اى شيئ حوله، فجأة تتشققت الارض اسفل قدميه، ووقع في حفرة عميقة، عميقة جدا …

لايستطيع ان يلمس الأرض، ولا يستطيع ان يثبت نفسه، يقع ويصرخ:


يونس داخل الحلم:

"اااه الحقونى حد سامعني؟ أنا فين؟! حد ييجى يساعدنى"


الظلمة حالكة، كأنها تمتص أنفاسه، وهو يحاول فرك عينيه حتى يستطيع ان يرى اى شيئ…، لكن دون جدوى، فالسواد يحاوطه من كل اتجاه.


وفجأة… سمع صوتها.


مسك من بعيد، كان صوتها باكي:

"ما تخافش يا يونس… أنا جنبك، أنا مش هسيبك."


تجمد في مكانه،  بدأ  قلبه يدق بعنف، والصوت أصبح أقرب.


مسك بإصرار ودموع:

"هتعدي المحنة دي… أنا هطلعك، اسمعني، صدقني، إنت مش لوحدك انا هنا جنبك وهساعدك بس لازم تقوى."


بدأ يشعر بيد تتشبث بيده، تحاول ان تُخْرِجه، تحارب الظلمة من اجله. شعر بيدها تشد عليه، تعافر، تقاوم، حتى وجد  نفسه  أخيراً يتحرّك… يخرج من هذا الظلام الدامس.


و لكن قبل ان يخرج تمامًا من الحفرة… استيقظ.


فتح "يونس" عينه وهو يأخد انفاسه بعنف، كأنه كان يغرق، هب جالسا بسرعة على الفراش، يده على صدره، ووجهه يتصبب عرقا. نظر حوله، وجد نفسه فى حجرته وزوجته ليلى تنام الى جواره.


يونس بصوت واطي وهو بيهمس:

"إيه دا؟ الحلم دا… غريب… ليه مسك؟ ليه هي؟ وليه كنت بسمع صوتها بس؟ ليه مكنتش قادر اشوفها"


جلس قليلا  في مكانه، لا يستطيع العودة الى النوم مرة اخرى، عقله يفكر بهذا الحلم الغريب، وقلبه لا يشعر بالاطمئنان.

هب واقفا من على فراشه، وذهب وتوضأ، ثم دخل حجرته مرة اخرى ، وفرش سجادة الصلاة.


وقف يصلي ركعتين قيام ليل، قلبه مضطرب، وكل سجدة كان يدعي:


"اللهم إن كنت تعلم أن في قلبي خير فاهديني… واهدِ لي أمري، وافتحلي باب من عندك فيه راحة لقلبي."


بعدما انتهى من الصلاة والدعاء ، مسح وجهه، وعاد لينام، لكن قبل ان يغفل، قال لنفسه:


"غريبة… ليه حسيت وهي بتشدني كأنها طوق نجاة؟ وكأنها شايفاني أكتر من أي حد؟"


ثم أغمض عينيه، ونبضات قلبه تتسارع لا يزال  صدى صوتها يردد فى عقله…


"هتعدي المحنة دي يا يونس... أنا جنبك."


يونس: اللهم اجعله خير اللهم انى قد سلمت وجهى اليك فعافنى واعف عنى. 


ثم ذهب فى سبات عميق. 


بعد مرور أسبوع، حان موعد عيد ميلاد "ليلى".

امتلأ بيت "يونس" بالضيوف؛ أهله وأهل زوجته، وكان المكان مزينًا بألوان زاهية وبالونات معلقة في كل ركن، رائحة الكعك تملأ الأجواء والموسيقى تنساب بخفة بين الأحاديث والضحكات.


اعتذرت "مسك" عن الحضور، بحجة انشغالها بالدراسة، لكنها في الحقيقة لم تستطع تحمل رؤيته يحتفل مع امرأة غيرها، تضحك له، وتُمسك بيده أمام الجميع.


حضرت "ليلى" الحفل بكامل أناقتها، كانت مُبتهجة، تتحرك بخفة وسط صديقاتها: "سمر"، و"رقية"، و"نيلي"، تنسق الضيافة وتستقبل الهدايا بابتسامات متألقة.


وبعد انتهاء التهاني، وقف "يونس" أمامها، يمسك علبة صغيرة مزينة بشريط ذهبي، ابتسم وهو يناولها إيّاها.


يونس بهدوء وابتسامة:

"كل سنة وانتي طيبة يا حبيبتي، عقبال 100سنة."


أخذت "ليلى" الهدية بحماس، فتحت العلبة سريعًا، لكن ما إن وقع نظرها على ما بداخلها، حتى تبدّل وجهها تمامًا.

كان الهاتف "أوبّو" جديدًا، وسلسلة ذهبية أنيقة كُتب عليها اسمها، لكنها كانت تنتظر شيئًا آخر… شيئًا أغلى وأفخم.


ليلى بصوت منخفض وغاضب:

"إيه دا يا يونس؟ فين الآيفون؟ مش أنا قولتلك عايزة آيفون؟!"


يونس متفاجئًا:

"في إيه يا ليلى؟! إيه الأسلوب دا؟"


ليلى ترفع صوتها:

"أسلوب! إنت جاي تحرجني قدام أهلي وصحابي بهدية تافهة زي دي؟! وبتعلق على أسلوبي كمان؟!"


سادت لحظة من الصمت المشحون، الجميع تبادل النظرات بارتباك.


عادل والد ليلى بغضب:

"ليلى! إيه الكلام اللي بتقوليه دا؟! الراجل كتر خيره، جاب اللي يقدر عليه، دا بدل ما تشكريه؟!"


ليلى بحدّة:

"أشكره! أشكره على إيه؟ على إنه استخف بيا؟ دا ظابط، المفروض يجيبلي كل اللي بتمناه… مش يعاملني كأني عايشة على الهامش."


يونس يحاول التماسك:

"ظابط؟! يعني موظف بياخد مرتب آخر الشهر… المفروض أسرق عشان أحققلك أحلامك؟! ليه ماتعيشيش على قد إمكانيات جوزك؟!"


ليلى وهى تنفجر غاضبة:

"أنا مش ذنبي إني ست عايزة تعيش وتتبسط! مش أدفن نفسي معاك في الفقر!"


بدأت فاطمة والدة "مسك" تتدخل، بهدوء لتهدئة الموقف:

"يا بنتي ميصحش كده… الكلام دا يبقى بينك وبين جوزك، مش قدام الناس."


ليلى بغضب أكبر:

"وإنتي مالك؟ بتتدخلي بيني وبين جوزي ليه؟ هو إنتي كنتي مامته؟دى مامته نفسها متكلمتش!"


يونس بصوت هادر غاضب:

"ليلى! احترمي نفسك، واتكلمي عدل… خالتي فاطمة في مقام أمي، وحذارى تكلميها بالطريقة دى تانى!"


فاطمة بوجه حزين وصوت مرتعش:

"اهدا يابني… هى عندها حق. أنا آسفة يا بنتي. يلا يا عبد الرحمن، نمشي على بيتنا، كفاية لحد كده."


أمسك عبد الرحمن بذراع فاطمة، وخرجا في صمت ثقيل، وسط نظرات متوترة من الحاضرين.


و"يونس" ظل واقفًا في مكانه، يحدّق في "ليلى" بدهشة وألم… كأن شيئًا بداخله قد انكسر.


بعدما انصراف الضيوف، خيّم الصمت على البيت.

بقايا الزينة ما زالت معلقة، والأنوار تومض ببطء كأنها تحتضر.

خلعت "ليلى" فستانها الفاخر، وخرجت إلى الصالة ترتدي رداءً منزليًا أنيقًا، لكنها كانت متجهمة، متحفزة.


كان "يونس" يقف عند النافذة، يداه في جيبيه، لا يتحرك… فقط ينظر للفراغ بعينين مطفأتين.


استدارت ليلى نحوه بحدة:


ليلى:

"مش ناوي تقول حاجة؟"


استدار ببطء، ونظر إليها بصمت لثوانٍ قبل أن يرد:


يونس بهدوء مخنوق:

"أقول إيه؟ أقول إني اتفاجئت بمراتي بتغلط فيا قدام الناس؟ ولا أقول إني كنت بفكر أفرّحك، بس لاقيتك بتكسفيني قدام الكل؟"


ليلى بتنهيدة حادة:

"ماهو انت اللي جبت الكلام دا لنفسك… أنا قولتلك بوضوح أنا عايزة إيه، وانت طنّشت، وجبتلي حاجة متتناسبش مع اللي قلته."


يونس بعينين لامعتين:

"انتي شايفة الموضوع هدية؟ أنا شايفه احترام! شايفه شُكر وتقدير! أنا مش ATM يا ليلى… أنا بني آدم. جوزك، اللي بيجري وبيتعب علشان يوفرلك اللي يقدر عليه."


ليلى ببرود:

"وأنا مالي؟ أنا اتجوزتك عشان أعيش… مش علشان أتحاسب على كل حاجة بحلم بيها."


اقترب منها ببطء، وصوته بدأ يرتفع:


يونس:

"بس انتي متجوزتنيش كده… انتي اتجوزتي منصبى ومكانتى بين الناس،والمفروض ياهانم انك اتجوزتينى  وإنتي عارفة أنا مين… وعارفة ظروفي… ورضيتي… يبقى ليه دلوقتي فجأة بقيتى شايفة ان حياتك معايا غلط؟!"

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

ليلى بتحدى:

"ماهى اللي بتتجوز ظابط، بتتوقع مستوى معين! مش تقولي ظابط ومرتب ومكانة، وفي الآخر تعيشني حياة أقل من اللي كنت فيها عند أبويا؟!"


يونس بمرارة:

"آه… فهمت. يبقى هو دا السبب الحقيقي. انتي متجوزاني علشان اللقب، علشان ألبسلك بدلة ظابط وتتصوري جنبي وتفتحي بيها مواضيع مع صحابك… مش علشان تبني بيت… ولا علشان تحبي راجل يبقى سند ليكى."


سكتت، وشعرت للحظة أنها ذُبحت بكلماته، لكنها رفعت رأسها بتحدٍ:


ليلى:

"وإنت؟ إنت اتجوزتنى ليه؟ 


يونس صوته حزين لكن حاسم:

"أنا اتجوزتك علشان كنت شايفك بنت ناس، تقدر تحس، وتقدر تصون… بس شكلي كنت غلطان."


تسمرت في مكانها، وصمتهما أصبح أثقل من أي كلمات.

ثم تابع بصوت منخفض لكنه قاطع:


يونس:

"أنا رايح أنام في أوضة تانية… مش قادر أكمل الحوار دا دلوقتي. ومش عايز آخد قرارات وأنا غضبان… لكن لو فضلت الأمور بالشكل دا، يبقى لازم نراجع نفسنا كويس… أوي."


تركها واقفة، تنظر إليه وهو يبتعد، لأول مرة تشعر أنها فعلاً على وشك أن تخسر شيئًا… مش مجرد ظابط، ولا مرتب، لكن رجل… رجل كانت تظن أنه دائمًا موجود، لكنه بدأ يختفي.


فى صباح اليوم التالى كانت الشمس دافئة بشكل غير معتاد وكأنها تكذب ماحدث الليلة الماضية فى منزل يونس. كانت مسك تجلس فى الشرفة هى ووالدتها التى يبدو على ملامحها الحزن فتنهدت مسك بقلة حيلة وقالت.... 


مسك: يا ماما ماتقوليلى بس فيكى ايه؟ ايه اللى حصل امبارح مخليكى متضايقة بالشكل ده؟ انا من السبح بتحايل عليكى تتكلمى قوليلى بالله عليكي فيكى ايه؟ 


تنهدت حسناء ونظرت بتردد الى ابنتها فهى لاتريدها ان تحزن بسبب مافعلته ليلى ولكن فاض بها وارادت ان تزيح مابقلبها فقصت عليها ماحدث. 


هبت مسك من مكانها وهى تشعر بغضب عارم وقالت: ايه قلة الذوق دى والجبروت اللى هى فيه دا وازاى محدش قدر يوقفها عند حدها؟ 


فاطمة: والله يابنتى يونس مسكتلهاش  بس هى واضح انها متدلعة زيادة عن اللزوم دا حتى ابوها نفسه مقدرش عليها وامها محاولتش تمنعها. 


مسك: وخالتى حسناء سابتك كدا تمشى زعلانة؟! 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

فاطمة: وهى بايدها ايه يابنتى هى لا حول ليها ولا قوة دا مس بيتها عشان تتحكم فى مين يقعد ومين يمشى هى ضيفة زيها زيى. 


مسك بدهشة: نعم! هو ايه اللى مش بيتها دا بيت ابنها يعنى بيتها انتى بتقولى ايه يا ماما دى الاصول اللى اتربينا عليها مش تقوليلى ضيفة.


فاطمة: ياحبيبتي جيل الايام دى مابيتعاملش كدا الواحدة بتعتبر حماتها مجرد ضيفة ملهاش حق فى اى حاجة مع ان امها لو جت تلف فى البيت براحتها وتقعد براحتها وكانها صاحبة البيت وخالتك فى النهاية مش هترضى تعمى مشاكل بين ابنها ومراته عشان متخربش عليه حياته ما انتى عرفاها قد ايه هى طيبة ومسالمة. 


قطع حديثهما صوت جرس الباب فذهبت مسك وفتحته فوجدت خالتها حسناء تقف ويبدو على وجهها التوتر..


حسناء: صباح الخير يامسك يابنتى. 


مسك بهدوء: صباح النور تعالى ياخالتو اتفضلى.  


حسناء:  امك فين ياحبيبتي؟! 


مسك: قاعدة فى البلكونة هروح اندهلها ولاتحبى تقعدى معاها احسن. 


حسناء: لا هروحلها احسن. 


مسك: وانا هروح اعملكم كوبايتين شاى يروقوا دمكم. 


جلست حسناء على المقعد المقابل لفاطمة ونكست راسها وهى تقول بصوت باكى.. 

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

حسناء: حقك عليا يافاطمة سامحينى ياختى معرفتش اجيبلك حقك امبارح بس والله غصب عنى انا مقدرش اتكلم كلمة مع ليلى لان قطها جمل وكانت هتولع الدنيا حريقة اكتر ما هى والعة وكان ممكن يونس يطلقها والبيت يتخرب واطلع انا فى الاخر الحما الشريرة اللى بتخرب حياة ابنها بس والله يونس عمل الواجب ومسكتلهاش. 


فاطمة وهى تربت على يد اختها: هونى على نفسك ياختى دى واحدة متستاهلش ولا تعرف حاجه عن الاصول والواجب متشغليش بالك موقف وعدى والله اللى صعبان عليا فى الموضوع ده هو يونس مكانش له الجوازة دى ابدا بقا يونس ابو قلب طيب يتجوز قليلة الرباية دى بس هقول ايابداه ربناض يهديله حاله واعرفى ياقلب اختك انا عمرى ما ازعل منك دا انا ماليش غيرك فى الدنيا. 


قامت حسناء واحتضنت اختها وهى تبكى وتقول.. 

متحرمش منك ياروح قلبي ربنا يرضيكى ويفرح قلبك بمسك زى ماجبرتى بخاطرى. 


مسك وهى تحمل صينية الشاى: خيااانة بتحضنوا بعض من غيرى لا انا كدا لازم ابلغ عنكم واقدم فيكم شكوى كمان. 


ضحك الجميع وجلسوا يحتسون الشاى بابتسامة هادئة ولم لا فقلوبهم عامرة بالطيبة والنقاء ولا يعرف الحقد لهم طريق. 


صلوا على الحبيب المصطفى 🌺


مدونة النجم المتوهج 


الفصل السادس 🌹

بقلمى الهام عبدالرحمن 🌹

صلوا على الحبيب المصطفى 🌺


🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


مرّت أيّامٌ عدّة على ليلة عيد الميلاد، لكن الجفاء ظلّ مخيّمًا على بيت "يونس". الصمت أصبح رفيقًا دائمًا بينه وبين "ليلى"، والكلمات باتت تُقال على استحياء، بلا حرارة ولا رغبة.


وفي صباح يومٍ دافئ، قرر "يونس" زيارة والدته "حسناء"، علّه يجد في حضنها بعضًا من السكينة، بعيدًا عن توتّر البيت.


عندما طرق الباب، كانت "مسك" ووالدتها "فاطمة" تجلسان مع "حسناء" في جوّ مفعم بالضحك والدعابات. فُتح الباب، ودخل "يونس" بابتسامة خفيفة.


يونس بابتسامة مرهقة:

"السلام عليكم يا أهل البيت الطيبين."


حسناء:

"وعليكم السلام يا ضنايا… تعالى نَوّرت يا قلب أمك."


فاطمة:

"إزيك يا يونس؟ عامل إيه؟"


يونس وهو يقبّل يد خالته:

"بخير طول ما أنتم بخير… وأنا حبيت أجي أعتذرلك يا خالتي على اللي حصل في البيت يوم عيد الميلاد. بصراحة… اللي حصل ميصحش، وأنا مكسوف منكم اوى، ليلى مكانش ينفع تتكلم معاكى بالشكل دا ."


فاطمة بهدوء:

"يا بني مفيش حاجة… إحنا كبرنا على الزعل، وربنا يصلح الحال بينكم ويهديها لنفسها."


لكن "مسك"، التي كانت قد حاولت لجم غضبها لأيام، لم تستطع أن تُمسك لسانها، فقالت بنبرة فيها بعض الحدة:


مسك:

"بس بردو يا  أبيه يونس ما يصحش اللي حصل… دي قلة ذوق بصراحة. يعني هم كانوا ضيوف عندك فى بيتك، وكان لازم مراتك تحترم وجودهم وتحترمك انت كمان لان دول اهلك ."


نظرت إليها "فاطمة" بحدة خفيفة، تقطع جملتها:


فاطمة:

" مسك... يا بنتى  ما يصحش تتكلمي كده. دي حياتهم، وهم أحرار فيها. إحنا ملناش دعوة."


لكن "مسك" انفعلت أكثر، ونبرة صوتها ارتفعت قليلًا رغم محاولتها السيطرة:


مسك:

"بس يا ماما، إنتم كنتم ضيوف! والضيف ليه احترامه… المفروض تقدر وجودكم وتعرف مقامكم، مش تعاملكم بالطريقة دي قدام الناس."


سكتت لحظة، ثم نظرت إلى "يونس" وقالت:


مسك:

"على العموم… أنا آسفة يا ابيه يونس إني اتكلمت عن مراتك بالشكل دا ، بس زعل أمي وجعني… عن اذنكم انا هروح شقتنا يا ماما."


ثم قامت سريعًا، وخرجت من الشقة، عائدة إلى شقتها، والضيق يملأ صدرها.


ظل "يونس" ينظر خلفها، وكأنّ كلماتها علِقت في رأسه، وأيقظت فيه شيئًا لم يعرفه بعد.


بعد قليل، ودّع "يونس" والدته وخالته، وذهب إلى عمله في القسم. كان يرتدى بدلته الرسمية، وركب سيارته في صمتٍ تام، بينما عقله يراوح بين كلمات "مسك" ونظرة "ليلى" الأخيرة في بيتهما.


في مكتبه، جلس يُراجع بعض الأوراق حين دخل زميله "الرائد أسامة" مسرعًا يحمل ملفًا سميكًا.


أسامة:

"صباح الخير يا باشا… جات معلومات مؤكدة بخصوص شحنة كبيرة مخدرات داخلة البلد الأسبوع الجاي."


يونس وهو يعتدل في جلسته:

" انت متاكد من المعلومة دى؟"


أسامة:

" ايوا طبعا يا يونس باشا المصدر بتاعنا اللى شغال وسط العصابة… بعت تأكيد إن فيه شحنة جاية على الطريق الصحراوي، والعملية كبيرة والناس اللى هتستلمها تقيلة اوى ."


يونس وهو يقلب في الأوراق:

"يعني الكلام بقى رسمي… طيب لازم نجهز مأمورية منظمة، ونتأكد من كل نقطة تفتيش… إحنا مش ناقصين مصيبة تدخل البلد وتدمر شبابها."


أسامة:

"بالضبط… والمصدر قال إن الميعاد تقريبًا هيكون الخميس اللي جاي… من بعد نص الليل."


أغلق "يونس" الملف ببطء وقال بنبرة حازمة:


يونس:

" يبقى كدا خلاص مفيش راحة من دلوقتي…  لازم نجهّز الخطة كويس، وكل فرد في مكانه. العملية دي لو نجحت، هنمنع خراب كبير يدخل البلد."


هزّ "أسامة" رأسه موافقًا، ثم غادر المكتب، فيما ظلّ "يونس" جالسًا، عيونه لا تُفارق الورق… لكن عقله كان في مكان آخر، مكان فيه صوت "مسك" وهي تقول:


"بس زعل أمي وجعني."


كان المساء هادئًا في بيت "يونس"، الهدوء المشحون بالكتمان، لا راحة فيه ولا ود.


ارتدت "ليلى" فستانًا أنيقًا، لونه أحمر قاتم، تضع عطرها المفضل الذي تعلم أن "يونس" يحبّه، وأعدّت له مائدة طعام مزينة، وضعت عليها أطباقه المفضلة: لحمة بالبصل، وملوخية، وأرز بالشعرية بالسمنة البلدي.


انتظرته حتى دخل البيت… تقدم بخطوات بطيئة، يده تمسك بالملف الخاص بالعملية القادمة، ووجهه مرهق.


ليلى بابتسامة مصطنعة:

"اتأخرت كدا ليه؟! انا مستنياك من بدرى ، الأكل سخن، وأنا عاملاه بإيدي مخصوص عشانك."


لم يرد يونس ولم يكلف خاطره حتى بالنظر تجاهها وهم بالدخول الى حجرته ولكنها اقتربت منه سريعا، ووضعت يدها على ذراعه برقة وقالت:


"ما تزعلش مني… أنا غلطت، بس كنت متعصبة، وأنا آسفة… والله آسفة."


سحب ذراعه برقة، لكنه لم ينظر إليها، ثم قال بصوت منخفض:


يونس:

"أحياناً الاعتذار مبيبقاش له قيمة خصوصا لما تقللى من كرامة جوزك  ."


حاولت التحدث وتبرير فعلتها ولكنه استوقفها باشارة من يده قائلا بصوت يشوبه الحزن والاجهاد... 


يونس: مالوش لازمة اى كلام دلوقتى لانه مش هيغير موقفى ناحيتك. 

قالها ودخل بخطوات ثابتة الى حجرته وقام بتغيير ثيابه واحضر بطانية ووسادة ودخل حجرة اخرى لينام بها تاركا اياها ومحاولات صلحها له التى باءت بالفشل. 


في بيت "حسناء"، كانت تجلس مع أختها "فاطمة"، تحاول جاهدة أن تضحك على نكتة قديمة، لكنها لم تستطع.


"فاطمة" لاحظت الشرود في عيني أختها:


فاطمة:

"مالك يا حسناء؟ من ساعة ما قعدنا وانتى مش مركزة… وشك مش مريحني."


حسناء وضعت يدها على صدرها وهمست بوجع:


"مش عارفة يا فاطمة… قلبي مقبوض… حاسّة إن حاجة وحشة هتحصل، وبالى مش مرتاح بقالى كام يوم."


فاطمة باهتمام وقلق:

"استعيذي بالله… يمكن قلقك على يونس واللى حصل بينه وبين مراته هو اللى مخليكى تحسى بكدا. "


هزّت "حسناء" رأسها ببطء:


"أنا طول عمري قلبى مش مطمن حاسة ان فى مصيبة هتحصل … والحلم اللى بيجيني بقاله كام ليلة زود خوفي… دايمًا بشوف يونس واقع في حفرة سودة، وبيصرخ… وكل ما أقول خير، ألاقي قلبي يزيد نبضه انا خايفة عليه اوى يا فاطمة ياختى خايفة يجراله حاجة انا ماليش غيره فى الدنيا ."


فاطمة: اهدى كدا ياحبيبتى ووحدى الله وقومى صلى ركعتين وادعيله ربنا ينجيه ويحفظه من كل شر. 


في صباح يوم العملية…


دخل "يونس" على والدته، قبّل رأسها وهو يبتسم ابتسامة خافتة.


يونس:

"ادعيلي يا أمي… عندي شغل مهم النهاردة."


حسناء وهي تبتسم بقلق:

"ربنا يحميك يا ضنايا ويحفظك ويبارك بعمرك وما يحكم عليك ظالم ابدا ويكفيك سر طريقك وشر المستخبى ويعمى عيون ولاد الحرام عنك… يونس  عشان خاطري، خد بالك من نفسك يابنى اعرف ان امك ملهاش غيرك. "


نظر في عينيها، ثم احتضنها بقوة:


"إن شاء الله هرجعلك… زي كل مرة دا حتىعمر الشقى بقى."


وخرج، وهي واقفة مكانها، عينيها تلمع بالدموع، وشفتاها ترتعشان.


وما إن أغلق الباب خلفه، حتى انفجرت في بكاء حارق، تصرخ:


"أنا مش مطمنة…انا حاسة ان ابني كان بيودعني مش بيسلّم عليّا! أنا حاسة إنه رايح ومش راجع!"


فاطمة وهي تحتضنها:

"استغفري ربنا، وقولي يا رب… دى وساوس شيطان  بيخوفنا بس ان شاءالله ميكونش فيه حاجة ويرجعلنا بالسلامة."


لكن الحس الغريزي ظل في صدر "حسناء" كالنار المشتعلة. 


قبل منتصف الليل بدقائق داخل نقطة رملية منعزلة في الصحراء الغربية


الهواء ساكن… لا يُسمع إلا صوت صفير الرياح وهي تلسع وجه الأرض.


في نقطة التفتيش المؤقتة، وقفت عربات الشرطة خلف ساتر رملي، والظلام يحجب كل شيء.


يونس كان يراقب عبر المنظار الحراري…

فجأة ظهرت سيارة دفع رباعي تقترب من المسار المحدد. بجوار السائق، رجل ضخم، على كتفه وشم واضح: أفعى ملتفّة حول خنجر.


يونس يتمتم:

" هو دا… زعيم العصابة زى ما وصفه مصدرنا بالظبط والوشم اللى بيميزه ."


انتظر حتى قامت العصابتان بتباد البضاعة والاموال واصبحوا متلبسين، ثم اصدر اوامره عبر اللاسلكى

لرجاله بسرعة الهجوم والقبض عليهم قبل ان يستطيع احد منهم الفرار. 


بلمح البصر، داهمت القوات المكان، وقُطعت الطريق على السيارات.


صرخ المسلحون وتطاير الرصاص في كل اتجاه.


وسط الدخان، قفز "يونس" من عربته وهو يركض بقوة باتجاه قائد العصابة الذي كان يحاول الفرار سيرًا على الأقدام واصبح الاثنان وجهاً لوجه الآن.


وبدأ الاشتباك بينهما فالمجرم حاول توجيه ضربة مفاجئة بركبته لبطن "يونس"، لكن الأخير انحنى بسرعة، وتفادى الضربة.


وقام يونس بتوجيه لكمة مباشرة على الفك، أجبرت الرجل أن يتراجع خطوتين إلى الخلف.


لكنه كان مدربًا فعاد بقوة، ووجه ركلة جانبية ضربت كتف "يونس" بعنف، جعلته يصطدم بصخرة كبيرة فسقط أرضاً.


المجرم ابتسم بسخرية: " ايه يا حضرة الظابط ما تقوم تعالى وريني شطارتك."


قال جملته الساخرة وهو يندفع مرة أخرى، ويوجه لكمة خاطفة نحو أنف "يونس"، لكنها انزلقت بجانب وجهه.


هب يونس واقفا واستدار بسرعة من خلفه، وركله في مؤخرة الركبة بقوة، أسقطه على الأرض جزئيًا، ثم أمسكه من ياقة القميص، وضربه بمرفقه مرتين في جانبه.


صرخ المجرم وقد شعر ان احد اضلاعه كسرت، لكنّه فجأة أخرج سكين صغيرة من جانب حذائه، واندفع بها نحو بطن "يونس".


"يونس" أمسك معصمه في اللحظة الحاسمة، دارا معًا كأنهما في حلقة قتال، الرمل يتطاير من تحت أقدامهم، والعرق ينهمر، ووجوههم دامية من شدة اللكمات.


"يونس" بصوت مشحون:

"هتسلّم نفسك… ولا عايزني أكسّرك؟!"


المجرم ببسمة دموية:

"لو كنت فاكرني هستسلم بسهولة، تبقى غلطان يا باشا انت  متعرفش الرجالة اللي بتشتغل في الضلمة دى بتبقى مستبيعة وعندها استعداد تخلص على اى حد يقف فى طريقها."


ثم فجأة، دفع "يونس" بكل ما أوتي من قوة، فسقط المجرم أرضًا، لكنه تزحلق برشاقة، وقفز، وهرب نحو عربته الاحتياطية المخفية وسط الرمال وكذلك جرى يونس باتجاه احدى العربات الموجودة واستقلها سريعا وبدأ فى مطاردته.


"يونس" صاح في اللاسلكي:

"المشتبه هرب! أنا بطارده دلوقتي! محتاج تعزيزات !"


كان يندفع خلفه بأقصى سرعة، العجلات تعوي فوق الرمل، والرؤية تنعدم من شدة الغبار المتطاير.


المجرم يتلوى بين الصخور، يحاول الإفلات، بينما "يونس" خلفه، لا يفصله عنه سوى ثوانٍ.


في لحظة غدر، ألقى المجرم شحنة يدوية من المسامير المعدنية، تناثرت أمام سيارة "يونس"، فاختل توازنها.


السيارة طارت فوق كومة  رمال عالية، ثم...


انقلبت!


دورة… دورتين… ثلاث دورات كاملة في الهواء، واصطدمت بالصخور الجانبية.


كان الزجاج يتكسر.

اصطدمت رأس يونس  بلوحة القيادة.

فأصدر أنينا مكتوم… ثم  ساد الظلام ولم يعد يشعر بشئ.


وصل الضباط إلى موقع الحادث، رأوا السيارة مقلوبة، والدخان الأسود يتصاعد منها، وجسد يونس بالداخل لا يتحرك.


"أسامة" يقف مذهولًا، عينيه تدمع وينظر لصديق عمره من خلف الزجاج ويحاول فتح الباب بسرعة :


"يونس! فوق! يا صاحبي… قوم! إحنا خلصنا المهمة… اوعى تستسلم لايمكن دى تكون نهايتك فوق  !"

سارع زملائه بمساعدة أسامة فى اخراجه من السيارة ثم قاموا بنقله على الفور إلى المستشفى.


وقفت "حسناء" أمام غرفة العمليات، تبكي بانهيار، ترتعش وتصرخ:


"أنا قلبي كان حاسس!ان ابني هيجراله حاجة! كنت حاسة… حسيت إنه بيودعني… يونس يا ضنايا، قوم… قوم يا قلب أمك!"


كانت "فاطمة" تبكي بجوارها، و"مسك" غارقة في دموعها، تحاول تهدئة خالتها، وعبد الرحمن يقول بصوت خافت:


"ادعيله… يا أم يونس… ادعيله، ربنا كبير، ولسه عمره ما خلصش دا الدعاء بيرد القدر ويونس قوى اطمنى ان شاءالله هيقوم بالسلامة."


دخلت "ليلى" وهي تبكي، منهارة، وارتمت بين احضان "حسناء":


طمنينى ياطنط يونس جراله ايه قوليلى انه كويس وهيقوم بالسلامة انا بحبه ومقدرش أعيش من غيره!"


حسناء ببكاء:  يونس بيروح مننا ياليلى ابنى بيضيع منى. 


مرت الساعات ببطء… حتى خرج الطبيب وقال بصوت جاد:


"العملية تمت بنجاح… بس الإصابة في الرأس خطيرة… الـ ٤٨ ساعة الجايين همّ الفاصل. لو عدّاهم، إن شاء الله هيبقى كويس."


نظرت "حسناء" إلى السماء، وانهارت على الأرض باكية:


"يا رب… يا رب عدّيها على خير… أنا مش هستحمل اخسره هو كمان…دا هو سندي وروحي."


في زاوية معزولة من المستشفى، كانت مسك تقف وحدها عند شباك طويل، تطل منه على شارع ضيق بين مبانى المشفى، الأضواء خافتة، والهواء محمّل برائحة المطهرات والقلق.


جميع العائلة في حال…

وهي في حال اخر مع نفسها .


ضمت ذراعيها بقوة حوال نفسها، وكأنها تحاول ان تحمي قلبها من الانفجار.

وجهها شاحب، وعينيها حمراء من كثرة البكاء، لكن الآن… الدموع انتهت وكانها جفت.

ظلت صامتة… لكن بداخلها عاصفة قوية.


همست بصوت مبحوح، كأنها تتحدث الى نفسها أو بالاحرى تناجى الله عز وجل  :


"يااا رب… ده كان دايمًا سندي، حتى وأنا مش قادرة أقولها…

يونس… دايمًا كنت بحس إنه جنبي، من غير ما اطلب منه، كان بيراعيني… وكان بيشيل الهم عني…

عشان خاطري يارب بلاش تختبرنى الاختبار الصعب دا … هو صحيح اختار غيرى لكن قلبى مش قادر يدق لغيره كفاية انى اشوفه قدامى سعيد ومبسوط"


مسحت دموعها التى تساقطت بصمت، وأدارت وجهها للحائط، وأسندت جبينها عليه، وهي تشهق شهقات خنقتها من الداخل.


يارب انا مش عاوزة منه حاجه…

بس رجّعه ليا سالم يا رب"


صمتت لحظة… كأنها ما بقتش قادرة تتكلم،

ثم رفعت وشها للسماء، وشفايفها ترتعش:


**"أنا مليش حد غيرك… ولا هو كمان،

لو ليه ذنب، اغفر له…

هو بين ايديك دلوقتي مالوش لا حول ولا قوة، يارب خد من عمرى وادّيه عمر جديد،

أنا عارفة إنك شايف،

شايف إنه عمره ما كسرني،

ولا قلل من أمي،

ولا كسر بخاطر حد…


ارحمه يا رب… وقومه بالسلامة…


وفجأة، نزلت على ركبتيها، وسط الهدوء، وبدأت تبكي بحرقة حقيقية،

ليس بكاء بصوت…

لكن بكاء من النوع الذى يجعل القلب ينزف ولا يسمعه احد .


كانت كل دمعة تسقط من عينيها تغسل وجع في قلبها،

وكل دعوة تخرج منها كأنها آخر أمل متعلق بين السماء والأرض.


مرّ اليوم الأول ببطء قاتل، وكل ثانية فيه كانت أثقل من الجبال.

يونس ما زال داخل غرفة العناية المركزة، مغيب تمامًا، لا حركة، لا استجابة… لكن قلبه يقاوم.


كان كل من حوله يحاولون التماسك،

لكن الحقيقة؟

الكل كانوا يشعرون بالرعب من تدهور حالة يونس او ان تنتهى المدة التى حددها الطبيب ويفقدوه الى الابد .


مسك كانت تجلس في نفس الركن، تدعي، وتبكي بصمت،

وفاطمة لم تترك المسبحة من يدها للحظة،

وحسناء… اصبح وجهها شاحبا كأن العمر سرق لونه فجأة.


جاء اليوم التاني…


صوت الأجهزة ما زال يصدر طنينه…

والجميع يعدّ الدقائق فى انتظار الطبيب ليخبرهم حالة يونس .


ثم…

انفتح باب العناية ببطء.


خرج الطبيب بخطوات هادئة، وهو يقلّب في أوراق التحاليل، ووجهه لا يظهر عليه أي تعبير.


الكل تحرك من مكانه…

قلوبهم ف إيديهم.


حسناء أول واحدة اقتربت، وصوتها يرتعش:


"يا دكتور… إبني؟… طمني، بالله عليك؟"


رفع الطبيب نظره اليهم، ونظر نظرة طويلة، لا يعلمون هل  تكون نظرة  خير…ام تكون العكس.


وقال بهدوء طبي غريب:


"عدينا أخطر مرحلة… الحمد لله حالته دلوقتي مستقرة."


صرخت مسك بدموع فرح:

"يا رب لك الحمد!!"


حضنت أمها، وفاطمة أدمعت، وعبد الرحمن قال:

"سبحانك يا كريم!"


لكن قبل ان تكتمل الفرحة …

الطبيب تراجع خطوة، وقال بنبرة أهدأ… لكن بصوت متقطع:


"بس… للأسف…"ثم صمت قليلا


كل الوجوه تجمدت والعيون تعلقت بكلمة واحدة ينتظرون ان تخرج منه…


"يونس حصله…"


مرّت أيّامٌ عدّة على ليلة عيد الميلاد، لكن الجفاء ظلّ مخيّمًا على بيت "يونس". الصمت أصبح رفيقًا دائمًا بينه وبين "ليلى"، والكلمات باتت تُقال على استحياء، بلا حرارة ولا رغبة.


وفي صباح يومٍ دافئ، قرر "يونس" زيارة والدته "حسناء"، علّه يجد في حضنها بعضًا من السكينة، بعيدًا عن توتّر البيت.


عندما طرق الباب، كانت "مسك" ووالدتها "فاطمة" تجلسان مع "حسناء" في جوّ مفعم بالضحك والدعابات. فُتح الباب، ودخل "يونس" بابتسامة خفيفة.


يونس بابتسامة مرهقة:

"السلام عليكم يا أهل البيت الطيبين."


حسناء:

"وعليكم السلام يا ضنايا… تعالى نَوّرت يا قلب أمك."


فاطمة:

"إزيك يا يونس؟ عامل إيه؟"


يونس وهو يقبّل يد خالته:

"بخير طول ما أنتم بخير… وأنا حبيت أجي أعتذرلك يا خالتي على اللي حصل في البيت يوم عيد الميلاد. بصراحة… اللي حصل ميصحش، وأنا مكسوف منكم اوى، ليلى مكانش ينفع تتكلم معاكى بالشكل دا ."


فاطمة بهدوء:

"يا بني مفيش حاجة… إحنا كبرنا على الزعل، وربنا يصلح الحال بينكم ويهديها لنفسها."


لكن "مسك"، التي كانت قد حاولت لجم غضبها لأيام، لم تستطع أن تُمسك لسانها، فقالت بنبرة فيها بعض الحدة:


مسك:

"بس بردو يا  أبيه يونس ما يصحش اللي حصل… دي قلة ذوق بصراحة. يعني هم كانوا ضيوف عندك فى بيتك، وكان لازم مراتك تحترم وجودهم وتحترمك انت كمان لان دول اهلك ."


نظرت إليها "فاطمة" بحدة خفيفة، تقطع جملتها:


فاطمة:

" مسك... يا بنتى  ما يصحش تتكلمي كده. دي حياتهم، وهم أحرار فيها. إحنا ملناش دعوة."


لكن "مسك" انفعلت أكثر، ونبرة صوتها ارتفعت قليلًا رغم محاولتها السيطرة:


مسك:

"بس يا ماما، إنتم كنتم ضيوف! والضيف ليه احترامه… المفروض تقدر وجودكم وتعرف مقامكم، مش تعاملكم بالطريقة دي قدام الناس."


سكتت لحظة، ثم نظرت إلى "يونس" وقالت:


مسك:

"على العموم… أنا آسفة يا ابيه يونس إني اتكلمت عن مراتك بالشكل دا ، بس زعل أمي وجعني… عن اذنكم انا هروح شقتنا يا ماما."


ثم قامت سريعًا، وخرجت من الشقة، عائدة إلى شقتها، والضيق يملأ صدرها.


ظل "يونس" ينظر خلفها، وكأنّ كلماتها علِقت في رأسه، وأيقظت فيه شيئًا لم يعرفه بعد.


بعد قليل، ودّع "يونس" والدته وخالته، وذهب إلى عمله في القسم. كان يرتدى بدلته الرسمية، وركب سيارته في صمتٍ تام، بينما عقله يراوح بين كلمات "مسك" ونظرة "ليلى" الأخيرة في بيتهما.


في مكتبه، جلس يُراجع بعض الأوراق حين دخل زميله "الرائد أسامة" مسرعًا يحمل ملفًا سميكًا.


أسامة:

"صباح الخير يا باشا… جات معلومات مؤكدة بخصوص شحنة كبيرة مخدرات داخلة البلد الأسبوع الجاي."


يونس وهو يعتدل في جلسته:

" انت متاكد من المعلومة دى؟"


أسامة:

" ايوا طبعا يا يونس باشا المصدر بتاعنا اللى شغال وسط العصابة… بعت تأكيد إن فيه شحنة جاية على الطريق الصحراوي، والعملية كبيرة والناس اللى هتستلمها تقيلة اوى ."


يونس وهو يقلب في الأوراق:

"يعني الكلام بقى رسمي… طيب لازم نجهز مأمورية منظمة، ونتأكد من كل نقطة تفتيش… إحنا مش ناقصين مصيبة تدخل البلد وتدمر شبابها."


أسامة:

"بالضبط… والمصدر قال إن الميعاد تقريبًا هيكون الخميس اللي جاي… من بعد نص الليل."


أغلق "يونس" الملف ببطء وقال بنبرة حازمة:


يونس:

" يبقى كدا خلاص مفيش راحة من دلوقتي…  لازم نجهّز الخطة كويس، وكل فرد في مكانه. العملية دي لو نجحت، هنمنع خراب كبير يدخل البلد."


هزّ "أسامة" رأسه موافقًا، ثم غادر المكتب، فيما ظلّ "يونس" جالسًا، عيونه لا تُفارق الورق… لكن عقله كان في مكان آخر، مكان فيه صوت "مسك" وهي تقول:


"بس زعل أمي وجعني."


كان المساء هادئًا في بيت "يونس"، الهدوء المشحون بالكتمان، لا راحة فيه ولا ود.


ارتدت "ليلى" فستانًا أنيقًا، لونه أحمر قاتم، تضع عطرها المفضل الذي تعلم أن "يونس" يحبّه، وأعدّت له مائدة طعام مزينة، وضعت عليها أطباقه المفضلة: لحمة بالبصل، وملوخية، وأرز بالشعرية بالسمنة البلدي.


انتظرته حتى دخل البيت… تقدم بخطوات بطيئة، يده تمسك بالملف الخاص بالعملية القادمة، ووجهه مرهق.


ليلى بابتسامة مصطنعة:

"اتأخرت كدا ليه؟! انا مستنياك من بدرى ، الأكل سخن، وأنا عاملاه بإيدي مخصوص عشانك."


لم يرد يونس ولم يكلف خاطره حتى بالنظر تجاهها وهم بالدخول الى حجرته ولكنها اقتربت منه سريعا، ووضعت يدها على ذراعه برقة وقالت:


"ما تزعلش مني… أنا غلطت، بس كنت متعصبة، وأنا آسفة… والله آسفة."


سحب ذراعه برقة، لكنه لم ينظر إليها، ثم قال بصوت منخفض:


يونس:

"أحياناً الاعتذار مبيبقاش له قيمة خصوصا لما تقللى من كرامة جوزك  ."


حاولت التحدث وتبرير فعلتها ولكنه استوقفها باشارة من يده قائلا بصوت يشوبه الحزن والاجهاد... 


يونس: مالوش لازمة اى كلام دلوقتى لانه مش هيغير موقفى ناحيتك. 

قالها ودخل بخطوات ثابتة الى حجرته وقام بتغيير ثيابه واحضر بطانية ووسادة ودخل حجرة اخرى لينام بها تاركا اياها ومحاولات صلحها له التى باءت بالفشل. 


في بيت "حسناء"، كانت تجلس مع أختها "فاطمة"، تحاول جاهدة أن تضحك على نكتة قديمة، لكنها لم تستطع.


"فاطمة" لاحظت الشرود في عيني أختها:


فاطمة:

"مالك يا حسناء؟ من ساعة ما قعدنا وانتى مش مركزة… وشك مش مريحني."


حسناء وضعت يدها على صدرها وهمست بوجع:


"مش عارفة يا فاطمة… قلبي مقبوض… حاسّة إن حاجة وحشة هتحصل، وبالى مش مرتاح بقالى كام يوم."


فاطمة باهتمام وقلق:

"استعيذي بالله… يمكن قلقك على يونس واللى حصل بينه وبين مراته هو اللى مخليكى تحسى بكدا. "


هزّت "حسناء" رأسها ببطء:


"أنا طول عمري قلبى مش مطمن حاسة ان فى مصيبة هتحصل … والحلم اللى بيجيني بقاله كام ليلة زود خوفي… دايمًا بشوف يونس واقع في حفرة سودة، وبيصرخ… وكل ما أقول خير، ألاقي قلبي يزيد نبضه انا خايفة عليه اوى يا فاطمة ياختى خايفة يجراله حاجة انا ماليش غيره فى الدنيا ."


فاطمة: اهدى كدا ياحبيبتى ووحدى الله وقومى صلى ركعتين وادعيله ربنا ينجيه ويحفظه من كل شر. 


في صباح يوم العملية…


دخل "يونس" على والدته، قبّل رأسها وهو يبتسم ابتسامة خافتة.


يونس:

"ادعيلي يا أمي… عندي شغل مهم النهاردة."


حسناء وهي تبتسم بقلق:

"ربنا يحميك يا ضنايا ويحفظك ويبارك بعمرك وما يحكم عليك ظالم ابدا ويكفيك سر طريقك وشر المستخبى ويعمى عيون ولاد الحرام عنك… يونس  عشان خاطري، خد بالك من نفسك يابنى اعرف ان امك ملهاش غيرك. "


نظر في عينيها، ثم احتضنها بقوة:


"إن شاء الله هرجعلك… زي كل مرة دا حتىعمر الشقى بقى."


وخرج، وهي واقفة مكانها، عينيها تلمع بالدموع، وشفتاها ترتعشان.


وما إن أغلق الباب خلفه، حتى انفجرت في بكاء حارق، تصرخ:


"أنا مش مطمنة…انا حاسة ان ابني كان بيودعني مش بيسلّم عليّا! أنا حاسة إنه رايح ومش راجع!"


فاطمة وهي تحتضنها:

"استغفري ربنا، وقولي يا رب… دى وساوس شيطان  بيخوفنا بس ان شاءالله ميكونش فيه حاجة ويرجعلنا بالسلامة."


لكن الحس الغريزي ظل في صدر "حسناء" كالنار المشتعلة. 


قبل منتصف الليل بدقائق داخل نقطة رملية منعزلة في الصحراء الغربية


الهواء ساكن… لا يُسمع إلا صوت صفير الرياح وهي تلسع وجه الأرض.


في نقطة التفتيش المؤقتة، وقفت عربات الشرطة خلف ساتر رملي، والظلام يحجب كل شيء.


يونس كان يراقب عبر المنظار الحراري…

فجأة ظهرت سيارة دفع رباعي تقترب من المسار المحدد. بجوار السائق، رجل ضخم، على كتفه وشم واضح: أفعى ملتفّة حول خنجر.


يونس يتمتم:

" هو دا… زعيم العصابة زى ما وصفه مصدرنا بالظبط والوشم اللى بيميزه ."


انتظر حتى قامت العصابتان بتباد البضاعة والاموال واصبحوا متلبسين، ثم اصدر اوامره عبر اللاسلكى

لرجاله بسرعة الهجوم والقبض عليهم قبل ان يستطيع احد منهم الفرار. 


بلمح البصر، داهمت القوات المكان، وقُطعت الطريق على السيارات.

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

صرخ المسلحون وتطاير الرصاص في كل اتجاه.


وسط الدخان، قفز "يونس" من عربته وهو يركض بقوة باتجاه قائد العصابة الذي كان يحاول الفرار سيرًا على الأقدام واصبح الاثنان وجهاً لوجه الآن.


وبدأ الاشتباك بينهما فالمجرم حاول توجيه ضربة مفاجئة بركبته لبطن "يونس"، لكن الأخير انحنى بسرعة، وتفادى الضربة.


وقام يونس بتوجيه لكمة مباشرة على الفك، أجبرت الرجل أن يتراجع خطوتين إلى الخلف.


لكنه كان مدربًا فعاد بقوة، ووجه ركلة جانبية ضربت كتف "يونس" بعنف، جعلته يصطدم بصخرة كبيرة فسقط أرضاً.


المجرم ابتسم بسخرية: " ايه يا حضرة الظابط ما تقوم تعالى وريني شطارتك."


قال جملته الساخرة وهو يندفع مرة أخرى، ويوجه لكمة خاطفة نحو أنف "يونس"، لكنها انزلقت بجانب وجهه.


هب يونس واقفا واستدار بسرعة من خلفه، وركله في مؤخرة الركبة بقوة، أسقطه على الأرض جزئيًا، ثم أمسكه من ياقة القميص، وضربه بمرفقه مرتين في جانبه.


صرخ المجرم وقد شعر ان احد اضلاعه كسرت، لكنّه فجأة أخرج سكين صغيرة من جانب حذائه، واندفع بها نحو بطن "يونس".


"يونس" أمسك معصمه في اللحظة الحاسمة، دارا معًا كأنهما في حلقة قتال، الرمل يتطاير من تحت أقدامهم، والعرق ينهمر، ووجوههم دامية من شدة اللكمات.


"يونس" بصوت مشحون:

"هتسلّم نفسك… ولا عايزني أكسّرك؟!"


المجرم ببسمة دموية:

"لو كنت فاكرني هستسلم بسهولة، تبقى غلطان يا باشا انت  متعرفش الرجالة اللي بتشتغل في الضلمة دى بتبقى مستبيعة وعندها استعداد تخلص على اى حد يقف فى طريقها."


ثم فجأة، دفع "يونس" بكل ما أوتي من قوة، فسقط المجرم أرضًا، لكنه تزحلق برشاقة، وقفز، وهرب نحو عربته الاحتياطية المخفية وسط الرمال وكذلك جرى يونس باتجاه احدى العربات الموجودة واستقلها سريعا وبدأ فى مطاردته.


"يونس" صاح في اللاسلكي:

"المشتبه هرب! أنا بطارده دلوقتي! محتاج تعزيزات !"


كان يندفع خلفه بأقصى سرعة، العجلات تعوي فوق الرمل، والرؤية تنعدم من شدة الغبار المتطاير.


المجرم يتلوى بين الصخور، يحاول الإفلات، بينما "يونس" خلفه، لا يفصله عنه سوى ثوانٍ.


في لحظة غدر، ألقى المجرم شحنة يدوية من المسامير المعدنية، تناثرت أمام سيارة "يونس"، فاختل توازنها.


السيارة طارت فوق كومة  رمال عالية، ثم...


انقلبت!


دورة… دورتين… ثلاث دورات كاملة في الهواء، واصطدمت بالصخور الجانبية.


كان الزجاج يتكسر.

اصطدمت رأس يونس  بلوحة القيادة.

فأصدر أنينا مكتوم… ثم  ساد الظلام ولم يعد يشعر بشئ.


وصل الضباط إلى موقع الحادث، رأوا السيارة مقلوبة، والدخان الأسود يتصاعد منها، وجسد يونس بالداخل لا يتحرك.

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

"أسامة" يقف مذهولًا، عينيه تدمع وينظر لصديق عمره من خلف الزجاج ويحاول فتح الباب بسرعة :


"يونس! فوق! يا صاحبي… قوم! إحنا خلصنا المهمة… اوعى تستسلم لايمكن دى تكون نهايتك فوق  !"

سارع زملائه بمساعدة أسامة فى اخراجه من السيارة ثم قاموا بنقله على الفور إلى المستشفى.


وقفت "حسناء" أمام غرفة العمليات، تبكي بانهيار، ترتعش وتصرخ:


"أنا قلبي كان حاسس!ان ابني هيجراله حاجة! كنت حاسة… حسيت إنه بيودعني… يونس يا ضنايا، قوم… قوم يا قلب أمك!"


كانت "فاطمة" تبكي بجوارها، و"مسك" غارقة في دموعها، تحاول تهدئة خالتها، وعبد الرحمن يقول بصوت خافت:


"ادعيله… يا أم يونس… ادعيله، ربنا كبير، ولسه عمره ما خلصش دا الدعاء بيرد القدر ويونس قوى اطمنى ان شاءالله هيقوم بالسلامة."


دخلت "ليلى" وهي تبكي، منهارة، وارتمت بين احضان "حسناء":


طمنينى ياطنط يونس جراله ايه قوليلى انه كويس وهيقوم بالسلامة انا بحبه ومقدرش أعيش من غيره!"


حسناء ببكاء:  يونس بيروح مننا ياليلى ابنى بيضيع منى. 


مرت الساعات ببطء… حتى خرج الطبيب وقال بصوت جاد:


"العملية تمت بنجاح… بس الإصابة في الرأس خطيرة… الـ ٤٨ ساعة الجايين همّ الفاصل. لو عدّاهم، إن شاء الله هيبقى كويس."


نظرت "حسناء" إلى السماء، وانهارت على الأرض باكية:


"يا رب… يا رب عدّيها على خير… أنا مش هستحمل اخسره هو كمان…دا هو سندي وروحي."


في زاوية معزولة من المستشفى، كانت مسك تقف وحدها عند شباك طويل، تطل منه على شارع ضيق بين مبانى المشفى، الأضواء خافتة، والهواء محمّل برائحة المطهرات والقلق.


جميع العائلة في حال…

وهي في حال اخر مع نفسها .


ضمت ذراعيها بقوة حوال نفسها، وكأنها تحاول ان تحمي قلبها من الانفجار.

وجهها شاحب، وعينيها حمراء من كثرة البكاء، لكن الآن… الدموع انتهت وكانها جفت.

ظلت صامتة… لكن بداخلها عاصفة قوية.


همست بصوت مبحوح، كأنها تتحدث الى نفسها أو بالاحرى تناجى الله عز وجل  :


"يااا رب… ده كان دايمًا سندي، حتى وأنا مش قادرة أقولها…

يونس… دايمًا كنت بحس إنه جنبي، من غير ما اطلب منه، كان بيراعيني… وكان بيشيل الهم عني…

عشان خاطري يارب بلاش تختبرنى الاختبار الصعب دا … هو صحيح اختار غيرى لكن قلبى مش قادر يدق لغيره كفاية انى اشوفه قدامى سعيد ومبسوط"


مسحت دموعها التى تساقطت بصمت، وأدارت وجهها للحائط، وأسندت جبينها عليه، وهي تشهق شهقات خنقتها من الداخل.


يارب انا مش عاوزة منه حاجه…

بس رجّعه ليا سالم يا رب"


صمتت لحظة… كأنها ما بقتش قادرة تتكلم،

ثم رفعت وشها للسماء، وشفايفها ترتعش:


**"أنا مليش حد غيرك… ولا هو كمان،

لو ليه ذنب، اغفر له…

هو بين ايديك دلوقتي مالوش لا حول ولا قوة، يارب خد من عمرى وادّيه عمر جديد،

أنا عارفة إنك شايف،

شايف إنه عمره ما كسرني،

ولا قلل من أمي،

ولا كسر بخاطر حد…


ارحمه يا رب… وقومه بالسلامة…


وفجأة، نزلت على ركبتيها، وسط الهدوء، وبدأت تبكي بحرقة حقيقية،

ليس بكاء بصوت…

لكن بكاء من النوع الذى يجعل القلب ينزف ولا يسمعه احد .


كانت كل دمعة تسقط من عينيها تغسل وجع في قلبها،

وكل دعوة تخرج منها كأنها آخر أمل متعلق بين السماء والأرض.


مرّ اليوم الأول ببطء قاتل، وكل ثانية فيه كانت أثقل من الجبال.

يونس ما زال داخل غرفة العناية المركزة، مغيب تمامًا، لا حركة، لا استجابة… لكن قلبه يقاوم.

بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى 

كان كل من حوله يحاولون التماسك،

لكن الحقيقة؟

الكل كانوا يشعرون بالرعب من تدهور حالة يونس او ان تنتهى المدة التى حددها الطبيب ويفقدوه الى الابد .


مسك كانت تجلس في نفس الركن، تدعي، وتبكي بصمت،

وفاطمة لم تترك المسبحة من يدها للحظة،

وحسناء… اصبح وجهها شاحبا كأن العمر سرق لونه فجأة.


جاء اليوم التاني…


صوت الأجهزة ما زال يصدر طنينه…

والجميع يعدّ الدقائق فى انتظار الطبيب ليخبرهم حالة يونس .


ثم…

انفتح باب العناية ببطء.


خرج الطبيب بخطوات هادئة، وهو يقلّب في أوراق التحاليل، ووجهه لا يظهر عليه أي تعبير.


الكل تحرك من مكانه…

قلوبهم ف إيديهم.


حسناء أول واحدة اقتربت، وصوتها يرتعش:


"يا دكتور… إبني؟… طمني، بالله عليك؟"


رفع الطبيب نظره اليهم، ونظر نظرة طويلة، لا يعلمون هل  تكون نظرة  خير…ام تكون العكس.


وقال بهدوء طبي غريب:


"عدينا أخطر مرحلة… الحمد لله حالته دلوقتي مستقرة."


صرخت مسك بدموع فرح:

"يا رب لك الحمد!!"


حضنت أمها، وفاطمة أدمعت، وعبد الرحمن قال:

"سبحانك يا كريم!"


لكن قبل ان تكتمل الفرحة …

الطبيب تراجع خطوة، وقال بنبرة أهدأ… لكن بصوت متقطع:


"بس… للأسف…"ثم صمت قليلا


كل الوجوه تجمدت والعيون تعلقت بكلمة واحدة ينتظرون ان تخرج منه…


"يونس حصله…"


صلوا على الحبيب المصطفى 🌺

تابعووووووني وانتظروووني 



الفصل السابع والثامن والتاسع من هنا



رواية منعطف خطر كامله من هنا



رواية زواج لدقائق معدودة كامله من هنا



رواية خيانة الوعد كامله من هنا



رواية نار الحب كامله من هنا



رواية الطفله والوحش كامله من هنا


رواية منعطف خطر كامله من هنا


رواية فلانتيمو كامله من هنا



رواية جحيم الغيره كامله من هنا



رواية مابين الضلوع كامله من هنا


رواية سيطرة ناعمه كامله من هنا


رواية يتيمه في قبضة صعيدي كامله من هنا



الروايات الكامله والحصريه بدون لينكات من هنا


إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل الروايات اللي بيدور عليها من هنا 👇 ❤️ 👇 


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺


الصفحه الرئيسيه للروايات الجديده من هنا


جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا


انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا


❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺






تعليقات

التنقل السريع
    close