رواية زوجة العمده الفصل التاسع والعاشر بقلم أماني طارق حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
![]() |
رواية زوجة العمده الفصل التاسع والعاشر بقلم أماني طارق حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
ألا وإن الحُب لمن تطمئن لهُ النفس.
أمسكت ميرال بيـد أخُتها، تجُرها خلفها وقلبها ينتفض إنتفاضة كبيرة خُوفًا عليها، خُوفا من أن تُجبر على زواج لـن يأتي إليها بإي بُشرى سُوى الألم والحُزن، جَّال بخاطر ميرال الكثير، وهي تفكر بـزواجها من هاشم، نعم إنهُ زواج بالاجبار حتى تمنح لعائلتها شطر من الحماية حتى لايتم إذائهُم، ولكنها تعلم بأن علاقتها بهاشـم لن تستمر، هُو يعاملها تارة بحنانٍ وتارة بجفاءٍ.
لذلك يجب عليها أن تنهي الزيجة بطريقة مناسبة، هي لاتكرهُ، فقط تشفق عليهِ، تشفق على حُزنهُ لرحيل أخيهِ الذي يبدو بأن علاقتهُ بهِ كانت كل شيءِ لهُ، وصلت لمنزل والدها، ووجدتهُ يقف أمام المنزل بالفعل ينتظر قدُوم هبة، كان خائفًا عليها، ولكنهُ تفاجأ حين رأى ميرال تمسك بيديها، فظن سوءًا حل بها بالمنزل هناك، وأتت ميرال توبخها امامهُ لسوء التربية.
ولكنهُ تفاجأ حين أردفت:
- صحيح، هتوافق تجُوزها لـ خال هاشم؟
نظر إليها بدهشة من طريقة حديثها، كان أقرب للعتاب، ونظراتها لهُ لوم، إلا أنهُ أقترب يمسك بيد هبة ويجعلها بقُربهُ هاتفًا:
- دي بنتي، وأنـا حُر.
- لأ مش حُر في قرارتها، جُوزها طريقة عيشتها مش حُر فيها، هي اللي حُرة تتجُوز اللي عايزاه.
نظر نحوها بـ جمود يقول:
- جاية تتكلمي وكأنك أتجوزتي برضاكيِ؟
أهتزت مُقلتيها بألمٍ، ظهرت دُموع على عينيها، قلبها أنكسر كثيرًا بطريقة حديثهُ معها، لم تظن بأنهُ سيقول بتلك اللهجة عنها، قالت بصوتٍ مبحوح:
- لأن أمُي مكنتش جمبي تقف قدامهُم، أُجبرت علشان فاكرة إنك تستاهل.
صمت، وكانت مفاجأة لها.
ظنت بانهُ سيصفعها لتطاولها عليهِ بالكلم، إلا أنهُ أخذ هبة وأدخلها إلى المنزل رُغمًا عنها، وتحدث بجفاء:
- لُو جاية علشان تغيري رأي، مش هيحصل.
اقتربت منهُ فجأة تقول باستهجـان:
- يعني عايز تفهمني إنك مُوافق على الجُوازة، حرام عليك تضيعها علشان فلوس!
قطب حاجبيهِ بغضب من صُراخ ميرال بوجههُ، ليتحدث بحدة:
- أبعدي يابنت الناس، مفيش داعي إنك تتكلمي وأنتِ متعرفيش عيشتنا أزاي.
لم تستطيع كتم ما بجوفها، صاحت بغضب ممزوج بألم:
- لأ عارفة، عارفة أن كل واحد فيكم بيدور على لقمة عيش لتاني يوم، عارفة أن الكُل مش لاقي لقمة لحد تاني .. بس دي بنتك اللي ربتها على أيديكَ، هتبقى فرحان وأنت بتزفها لراجِل أكبر منكَ!، هتبقى فرحان وأنتَ بتقتلها بايدك.ليهِ مش عايز تدور على شغل مش هنا، سافر روح أي مكان وأشتغل، دي بنتك! .. ولا أنتَ لاعارف الرحمة لبنت مربتهاش ولا رحمة بنتك اللي بتحبك.
أنهمرت الدموع من عينيها بقسوة ..أهتزت شفتيها بـ الم، والدها ويتحدث معها كأنها غريبة، حياتها أصبحت مزحة .. لطالما حلمت برؤيتهُ، أن ترتمي بحُضنهُ، الدعاء لهُ بأن يظل معافياً حتى تلتقي بهِ، كانت فقط تحلم بـ حُضن منهُ فقط وستعود من حيث أتتَّ.
ولكنهُ لم يهتم لمَّا بذلتهُ لأجلهُ. وأصبح ينظر نحوها وكأنها امرأة غريبة وكأنها ليست ابنتهُ، من المرأة التيَّ أحبها؟!
لم يتأثر بحُزنها وبكاءها، بل تركها ودلف، مرة أخُرى يخذلها، مرة أخُرى يثبت لها بأنهُ لايحبها، وبأن ماتفعلهُ هباءً منثورًا. وحين التفتت وجدت هاشم ينظر نحوها بشفقة، لتذهب نحوهُ وترتمي بحضنهُ، شعر بغرابة فعلتها، فهو يعلم بأنها لاتريدهُ يومًا أن يقترب نحوها، ولكنها الآن بأحضانهُ تبكيِّ.
ربتَّ على ظهرها بحنانٍ، يهمس بأذنها:
- تعاليِّ نروُح، وجودك مش هفيد بحاجة.
رفعت وجهها لهُ تتحدث بحُزن:
- مش عايزها تخسر عُمرها يا هاشم، أمُي خسرت عمرها وهي بتربيني لوحدها، خسرت كل حاجة كانت نفسها فيهِ، بس الفرق ماما كانت وهي بتفتكر زمان بتبقى فرحانة، هبة مش هتبقى كده .. هبقى مينفعش تتجُوزهُ، أرجوك ساعدني.
لم يتحدث بل أمسك بيديها بلطُف وأخذها للمنزل، وحين وصلت لغرفتها، ظلت صامتة لدقائق وبدأت بالبكاء ..
كان يقف مكتوف اليدين، ينظر نحوها ويفكر بعُمق، زواج خالهُ مفاجيء بالنسبة لهُ، وحتى أنهُ يعلم بأن عزة لن ترضى بذلك، ولكنها حتى الآن لايعلم طريقة ليقنعهُ بغير ذلك خصوصًا أن والدتهُ كانت بالفعل تبحث لهُ عن زوجة حتى يتزوجها .. فمرَّت سنواتٍ على مُوت زوجة خالهُ.
أحضر كوب به ماء لـ ميرال، وهُو يربتَّ على ظهرها، وجدها تخلع حجابها، وتفك شعرها، الذي تبلل أثر العرق، كان يعلم بأنها لاتطيق ذراعًا بارتدائهُ بالمنزل، لذلك لم يعلق حتى لاترتديهِ تحديًا بهِ. ولكنها تركتهُ يتأملها فترة، شعرها كان ناعمًا .. لونهُ كان مثير للانتباهَ. ظن قبلاً بأنهُ أحمر ولكنهُ كان بنُي يميل أحيانًا لدرجات من البني الفاتح.
كانت مُرهقة، وكان يشعر بها، لذلك أخبرها بأنهُ سيخرج لفترة حتى ترتدي ملابسها، ولكنها اخبرتهُ بأنها ستذهب للمرحاض لتستحم وسترتدي ملابسها هُناك .. أومُيء لها دون أن يضيف كلمة واحدة.
خمسة عشر دقيقة مرت ورأها أمامهُ بمنامة قطنية، جلست بجانبهُ وقد تنهدت تنهيدة عميقة وقلبها يؤلمها، قالت وهي تنظر له:
- متقدرش تغير وجهه نظرهُ، ويختار بنت تانية؟
تحدث:
- وأنتِ هتفضلي حياة أخُتك على حياة واحدة تانية يا ميرال، محدش يستاهل يتجوز واحد أكبر منهُ أيًا كان.
- عندك حق، بس أنتَ تقدر تتكلم مع خالك أو والدتك، وبلاش اصلاواحدة بالسن ده، ليه مايتجُوزش أرملة كبيرة أو حتى مُطلقة، ليهِ لازم تكون بنت وصغيرة؟!
قال وهُو ينظر إليها بتفكير:
- أعتقد ممكن علشان الخلفة وعلشان شايفين الست هي اللي بتعيش أكتر من الراجل .. وهي اللي تهتم بالاطفال.
ضحكت ساخرة:
- وهي اللي تعيش المُر مع أطفال، جايباهم من انسان زبالة!
كلماتها كانت جارحة نوعًا ما، وبها نوعًا من السب لـ خالهُ، رغم أنهُ رافض لتلك الزيجة ولكنهُ يحترم خالهُ أحترامًا كبيرًا .. لذلك نظر إليها قائلاً بانتباه:
- بلاش الكلام ده .. خالي مش وحش للدرجة إنك تتكلمي عنهُ بالطريقة دي!
عضت على شفتيها تهتف:
- الانسان اللي يفكر يجوز بنت قد بنتهُ لاي سبب بالنسبالي حيوان ياهاشم.
كان يعلم بأن لامفر من الشجار معها في أي حديث، وقبل أن يتحدث معها وجدها تمسك يديهِ تقول وهي تنظر لعينيهِ :
- أنا معرفش علاقتنا دي هتكمل ولا هنسيب بعض في يوم من الأيام، بس أنا لازم أشكرك ياهاشم، لانك أوقات وقفت جمبي .. وآه أوقات أتأذيت منك بس أنتَ أحسن حد شوفته لغاية دلوقتي، ياريت متغيرش وجهه نظري عنك ..
نظر ليدها ثُم إلى وجهها .. شعر باضطراب يخالجهُ من تلك المشاعر الغريبة، ليومُأ لها .. أستطاعت أستمالتهُ لجانبها من كلماتها في دقيقة!
وجدها تسطعت بجانبهُ وأعطتهُ ظهرها لتنام.
وضع كفهُ على جهة صدرهُ اليسرى بقليل، قلبهُ يخفق قليلاً .. شعر بتوتر منها، هي غريبة ويعترف، رغم كل ذلك وجدها فتاة حسنة، كان سيكون حزينا إن كانت فتاة ليست قادرة أن تقف امام الجميع .. كان يظنها ستستغل مكانهُ وأموالهُ لـشيءِ لايتوقعهُ، إلا أنهُ كان متفاجأةً منها مع كل فكرة تطرحها عليهِ..
تريد مساعدة الأخرين ولاتريد مساعدة نفسها من وجودها في هذا المُستنقع!
***
ذهب فهد حين خلدت جلنار للنوم، حتى يلتقي بـ إسلام الذي يأتيهِ بالمعلومات عن المنزل وعن خطوات خالهُ القادمة، ليتفاجأ بالمعلومات تلك المرة:
_ أخُوك هاشم بيهِ باين هيسافر القاهرة كام يوم علشان الشركة بتاعتكم، بس حالة البيت مش مستقرة، باين حد كان عايز يفصل الأجهزة عن العمدة الكبير وجت الست ميرال ولحقت الدنيا..
كان يعلم فهد وإسلام من يحاول ذلك .. لذلك لم ينطقا كثيرًا ثُم أضاف إسلام حين تذكر:
_ خالك بيفكر يترشح السنة دي لمجلس النُواب .. نيابة عن هاشم، وهاشم بيهِ طبعًا ميعرفش أي حاجة، ف هيوافق.
تحدث فهد بغيظ:
- مينفعش خالص إن هاشم يوافق بكده! كده لو حصل يبقى اللي بعملهُ مش هيأثر في حد! والبلد هتروح في داهيـة.
ظل يفكر .. حتى أمر إسلام بالذهاب حتى لايشعر خالهُ بأي شيءِ غريب، قرر فهد بان يتلثم ويذهب خفية داخل المنزل، حتى يستعلم عن خطوات خالهُ القادمة، أصبح الوقت متأخرًا وكان الغفير كعادتهُ يشرب الشاي أمام المنزل تاركًا الباب الخلفي مغلق ولأن فهد يمتلك نسخة من المفاتيح كان من السهل الدلوف، والتسلل دُون أن يشعر بهِ أحد.
كانت معضلتهُ هو الدخُول للمنزل ورؤية أحـدهم لهُ، ولكنهُ كان يعلم بنوم الجميع .. أثناء مراقبتهُ للشرفات قبلاً، كانت معضلتهُ الحالية هو خالهُ الذي من الممكن أن يراه ..
ولذلك كان قلقًا حتى لايراه، ولذلك لثم وجههُ جيدًا وفقط عينيهِ يرى بهما، جَّال بخاطرهُ أن يذهب لاخيهِ وأن يخبرهُ بكل شيءِ ولكنهُ يعلم بأن الأمر سيطول شرحهُ لذلك أسرع يمر بجوار غرفة عـزة)) ابنة خالهُ، والتي كان يحبها، ولازال بقلبهُ حبًا لها.
ولكنهُ تفاجأ بما سمعهُ .. وأرتعشت طيات قلبهُ حين قالت بصوتٍ قويِّ:
-(( أنا صبرت كتير وفي الاخر جوزتهُ لواحدة تانية، انا بحب هاشم .. وليا الحق أنهُ يبقى ليا .. بتاعي أنا، خطبتني غصب لـ فهد وصبرت بس دلوقتي لأ، لازم تكلم عمتي زينات وتقولها، وجود المقرفة دي قُدامي وقربها منهُ هيجنني! هتخليهِ خاتم في أيديها ومحدش هيقدر عليها بعدين)).
***
في الصباح الباكر.
كان هاشم تحدث عن نوران لـ ميرال، قائلاً:
- عايزك تكلميها وتفهميها اللي عملهُ ساهر.
- بس هي متعرفنيش!
اقترب نحوها ومال يقول:
- عرفيها أنتِ عن نفسك، خليها تفضفض ليكِ .. وحاولي تقنعيها بـانها تنساهَ.
عضت على شفتيها تُفكر .. ثُم قالت:
- هي حبتهُ أزاي؟
- دي مهمتك أنك تعرفي ده ياميرال.
نهضت وقفت قبالتهُ، هتفت:
- انا فاهمة أنتَ تقصد إيه، بس أنا مش دكتورة نفسية، حالتها النفسية دي وإنها تكون عايزاهَ شيءِ غريب عليا، خصوصًا أن كلكم متجاهلين وجودها.
تنهد يقول:
- صعب أكلمها وأنا مش قادر أعرف علاقتها بـهِ وصلت لايه، فاهمة؟
- آآه تقصد، إيه اللي حصل مابينهم.
أومُيءِ لها، لتشعر بالحرج قليلاً، هاشم أصبح يتحدث معها كـ زوج طبيعي، وذلك غريب عليها، ظنت بأنها لن تعيش يومًا طبيعيًا هنا بالمنزل، وهي تُعرف ب ابنة القاتل كما تحب أن تدعوها زينات!.
فعلت مايتوجب عليها، رحل هُو مع وعد بأنه سيرى ارضًا مناسبة لأجل أن تُقام عليها مدرسة، وفي المُقابل أن يعلم منها عن نوران وساهر من أختهُ. لذلك وافقت.
طرقت الباب مرة وثانية ولم تستمع لرد، وحين فتحت الباب فاجأتها بـ أصيص من الرُخام يُلقى عليها من الجانب الأخر حتى لاتدخل، فزعت ميرال بخُوف من تلك المتمردة! إلا انها تحاملت وتحدثت قائلة:
- أنا ميرال .. مرات هاشم.
فتحت نوران الباب، لتفحص ميرال من رأسها لـ قدميها، هتفت نوران بغضب:
- جاية ليه؟
ابتسمت ميرال بحنان، تقول:
- جاية علشان أتعرف عليكي، هاشم قالي إنهُ عندهُ أخُت حلوة، ولازم اتعرف عليها.
تبدلت معالم وجههِ نوران من غضبِ وكرهِ إلى راحة وحُزنِ، لتمسك ميرال بيـد نوران وأخذتها للداخل مبتعدتان عن مكان القطع الرخامية المتساقطة أرضًا، وجعلتها تجلس على الفراش..
وبدأت تعارفها بها تقول:
- عارفة إنك متعرفنيش، بس أنا مش وحشة أوُي!.
تابعت:
- بس اللي مضايقني أن الكل بيتجاهل القمر ده ..
أمسكت بيد نوران تُربتَّ عليها تقول:
- عارفة إنك محتاجة تفضفضي لـحد، عيونك مليانة دموُع، وأنا موجودة علشانك دايمًا .. ممكن مبقاش موجودة في يوم من الأيام بس هفضل ياست البنات موجودة علشانك ..
تحدثت نوران بصوت متحشرج:
- هُو أنتِ تعرفي ساهر منين؟
صمتت ميرال لثوانٍ حتى هتفت:
- ساهر يبقى ابن عمتي، أنا مقبلتهوش غير مرة واحدة وكان بيشتغل في القاهرة بس .. مليش علاقة بيهِ لو بتسألي علشان كده.
حين ظهرت علامات الارتياح على وجههِ نوران كانت ميرال:
- قوليلي بقى، ليه حبيتي ساهر؟ إيه اللي قدمهُ علشانك أصلا علشان تحبيهِ؟ قلبهُ مثلا وقالك إنه بيحبك بجد وإنهُ مستعد يعمل اي حاجة علشانك ..يبقى كداب يا نوران ..
- ليه بتقولي كده متعر..
قاطعتها ميرال تمسك بيدي نوران:
- اللي بيحب بيقول، وبيعترف لكل الناس أنهُ بيحب الفلانة، فاكرة إنهُ لما هرب بيكي يبقى كده حقق معادلة الحُب اللي في بالك، هتقولي كان أخويا كان من المستحيل يوافق عليهِ، ليهِ بنيتي سوُر قبل ماتعرفي اللي وراه إيه، ليهِ قولتي كده، ليهِ حسيتي أنهُ فعلا يستاهل تهربي علشانهُ، ليـهِ ماوجهش أخوكي وقالهُ أنا بحب نوران وعايز أتجوزها، ليهِ ماقلش كده يانوران، عارفة ليهِ لانهُ مبحكيش!
أغرورقت عيناى نوران بشدة وهتفت بصوتٍ خفيف :
- لأ، هو بيحبني، هو عمل كل ده علشان لما نرجع، هاشم يبقى مجبور إنهُ يتجوزني! والله هو عمل كده عل..
قاطعتها ميرال:
- بقالك يوم موجودة وساهر مقلش انهُ عايزك أو عايز يتجوزك! مقالش أنهُ فعلا بيحبك .. بل أول ماجيهِ، قالي وأبتلى عليا إني أنا اللي أمرتهُ يهرب بيكي، رغم إني مستحيل أوافق على كده .. هاشم سايبهُ مش علشان هيقهرك أبدًا، هو خايف من اللي هيقولهٌ عنك برا .. عارفة يعني إيـهِ بنت زيك تهرب مع واحد يا نوران، سمعتك هتوقع ..
- أنا مش مصدقاكي، هُو مستحيل يكون عمل كده ..
ربتَّ ميرال على ظهر نُوران وهي تمسح على ظهرها أيضًا حين وجدتها تبكي بعنف، جعلتها تحتضنها قليلاً حتى تُفرغ طاقة البكاء وتخبرها بكُل شيءِ حدث بينهما ..
***
كانت هالة قد أخبرت ميرال بأن تهبط للأسفل، فهُناك حديث هام يدير بالأسفل، ولذلك فعلت وحين هبطت كان أول شيءِ تسمعهُ من هاشم هو:
- عايزاني أتجُوز عـزة!
10=الفصل العاشر من رواية زوجة العمدة.
***
كيف أذبل وأنا كلما نظرتُ إلى عينيك وجدتُ ربيعا أخضر؟
_ يوسف الديموكي.
___
- نعم عايزاني أتجُوز عزة!
شعرت فجأة ميرال بقلبها يعتصر خوفًا، ورهبة سرت بجسدها، صوتهُ المعارض جعلها ترتاح قليلاً إلا أن الأصرار الذي يتبينّ من ملامح والدتهُ يبدو وكأنها أصدرت فرمان بذلك ويجب تنفيذهُ!
ابتسمت والدتهُ حين رأت ملامح ميرال الشاحبة، وقالت بصوتٍ كأنها تشمت بها:
- تعالي يامرات ابني ..
أستدار هاشم بانتفاضة .. لم يستديعها لتأتي، نظر لوالدتهُ بغضب إلا انها ابتسمت بغلٍ واضح، كيف تفعل بهِ ذلك، كانت ميرال مُضطربة لما يحدث .. لاتعلم هل ماسمعتهُ حقًا بأنها ترغب أن تُزوجهُ بـ عزة تلك .. ام هُو من يريد ذلك.
أمسكت زينات بـ ذراع ميرال بعنفٍ قائلة:
- أكيد مش هتعارضي إن جُوزك يتجُوز واحدة يعيش حياتهُ معها ويخلف منها حتَّة عيل!
أرتعشت أوصالها، وشعرت بحاجة للبكاء، رفعت عينيها بألم لـ هاشم الذي كان غاضبًا من تصرفات والدتهُ، ليمسك بيد ميرال ويأخذها إلى جانبهُ قائلا:
- مش هيحصل، عزة بالنسبالي أخُت، وكانت هتبقى مرات أخُويا.
أشتد الغضب على وجههِ زينات وهي ترى ميرال بحُضن هاشم تُخبيءِ وجهها، لتصرخ بهِ قائلة:
- هي لحقت تعمل فيك كده، لحقت تنسيك موت أخُوك، انا منستش ضنايا وأنا مش عارفاه، ضنايا اللي أبوها الحقير وعمها شوهو وشههُ علشان ما أشفهوش، أنا أمُ يا هاشم محروق قلبي على ابني اللي مات .. عايزني أخدها في حُضني زيك وأنسى إن ابني مات وحياتي أدمرت بسبب أبوها ..
كانت تبكيِّ بلا شك كانت تبكي صوتها المهزوز والألم الذي نغز بقلب ميرال أكدَّ لها ذلك، لتشتد قبضتها على قميص هاشم الذي تفاجأ بانهيار والدتهُ، وهمست لهُ: (( أحُضنها ياهاشـم ..)).
نظر لـ ميرال نظرة واحدة وفعل ذلك، وجدها تضربهُ بعنف وتبعدهُ عنها تقول بألم:
- أبني يا هاشم، كل يوم بحلم بيهِ .. وأقولهُ أحُضني يابني .. عايزني أسامحها أزاي، مين اللي يقدر يسامح على القهر اللي جُوايا، أمها خلت أبوك يحبها ومايحبنيش .. وقولت خلاص مش مهُم، أنا عندي فهد وهاشم هعُوز إيه من الدُنيا دي غيركم، بس فهد مشيِّ .. فهد ضنايا .. مات .وأبوها السبب .. أبوها قتلي ابني، وعايزني أشوفك بتحضنها قُدامي وأسيبك ليها تاخدك أنتَ كمان مني ..
تذكرت ميرال حديث والدتهاعن زينات، وقالت:
-" زينات، ممكن تأذيكي وتعمل كل ده مش علشان بتكرهك، هي بتكرهني أنا، بتكره إنها عجزت تخلي جُوزها بعد السنين دي يحبها، حاولي يا ميرال تهدي نار كرهها بتعاملك معها، هي برضوا ست .. وفقدان الابن والحرمان مؤذي لإي حد".
وتلك المرة صدقت والدتها، لم تكن تعلم بكل الصراعات التي تظهر عليها، يبدو عليها الشدة والكُرههِ، صلبةّ تلزم الجميع بأمورٍ صعبة، وتريد أن تراها تُعاني، وتعلم بأنها حين لينت أمر هاشم جعلها تشعر بجنون كيف ذلك، كيف عجزت عن أن تكرهه ابنها بـ ابنة رجُل هو سبب مصائبها كلها ..
نظر هاشم بوجعٍ لولدتهُ، شعرت ميرال بدموعها على خديها، تريد أن تخبرها بأنها دُنيا فانية .. تريد أن تواسيها ولكن أن تواسي عدوك هُو كأنك تخبرهُ بأن الألم يحتاج ملحًا..
صعدت للأعلى وجلست تنتظر قدوم هاشم ولكنهُ لم يأتيها كما ظنت .. تريد أن تحكي لها ما أخبرتها نوران ولكنها رأتهُ بالأسفل يتحدث بالهاتف لوقتٍ طويل ويبدو عليهِ أن مزاجه تعكر ..
***
منذ أمس وكان فهد شارد الذهن. وشعرت جلنار بذلك كونها لم تجدهُ ليلاً بالفراش، لم ترد أن تتحدث أمام والدها حتى لايشعر بشيءِ، وحين رأت والدها يذهل لصلاة العصر وكاد أن يُرافقهُ فهد إلا أنها تحججت بأنها تحتاج مساعدة في شيءِ ما .. وأول ماخرج والدها، وظلت معهُ بمفرده.
- عايزة أفهم في إيهِ؟
قطب حاجبيهِ في أستفهام مردفًا:
- تقصدي إيه؟
- أنتَ مِش كُويس يافهد، في حاجة حصلت أكيد .. من الصُبح وأنتَ مش مركز، هُو أنا زعلتك في حاجة؟
ابتسـم يتحدث بلطف:
- لأ أبدًا، مفيش حاجة حصلت منك ياجُلنار ..
- يبقى ليهِ زعلان؟
رفع بصرهُ نحُوها وهُو يقرأ عينيها القلقتين عليهِ، لم يتصور بأن أهتمامها بهِ يصل لتلك الدرجة .. أن يكون أولى اهتمامتها، ليربتَّ على كفها بحنان، قائلاً:
- أهلي وحشوني بس.
رمشت عدة مرات، لتفكر معهُ بحلٍ قائلة:
- خلاص، تعالى نزورهم الاسبوع الجاي ..
شعر بغصة بحلقهُ، وهُو يهمس: (( ياريتها كانت بالسهولة ديِّ)).
ظلت تُراقب شرودهُ من جديد، بقلبٍ منفطر.
لازالت تشعر بتجنبهُ إياها خصوصًا بأنهُ يشعرها دائمًا بأنهُ مغصوب عليها بتلك الزيجة، كلما حاولت لمسهُ يخبرها بأنه يخشب جرحها. .. وأنهُ يخشى عليها أن تتعلق بهِ وأنهُ يشعر وكأنهُ غير جدير بها ... وكأن مشاعرها ليست رهن تفكيرهُ، وكأن حُبها لهُ ليس لهُ معنى وأنها تنسي السنين وأنها تحبهُ حبًا جمًا ..
يكفي لطفهُ معها، وتنظيفهُ المنزل معها، وترتيبهُ للفراش كل يوم حين يستيقظ بعدها ...
وأهتمامهُ بـ أبيها، وكأنهُ عكُاز أخر لهُ، كل ذلك ويخبرها بأنهُ يخشى عليها السنين التي بينهم، وهُو ماذا يفعل بذلك وهُو كل يوم يجعلها تحبهُ أكثر من قبل.
ذهب للصلاة وتركها مع تفكيرها بأنها غير مرغوب بها .. منهُ.
***
دلف هاشم للغُرفة دُون أن يَبُوح بِكلمة، وهي فقط تسير خلفهُ تنادي باسمهُ لعلهُ يتوقف .. إلا أنهُ توقف فجأة وأصطدمت بهِ من خلفهُ، لتعض على شفتيها من القلق .. ليستدير نحوها قائلاَ بجمُود:
- نعم!
وجدها تمسك بكفيها بشدَّة أمامهُ ليشعر بتوترها الزائد، أردفت:
- كُنت عايزني أقولك عن نوران وكلمتها.
صمتت حين لم تتلقى منهُ ردًا فرفعت بصرها نحوها وجدتهُ يراقبها بانصات.. ليزداد توترها فـ غيرّت مُحور الحديث قائلة:
- زعلان مني صح؟ انا مكنتش أقصد ..
قاطعها:
- لأ وهزَّعل ليهِ، أنا عارف احساس أمُي إيه، بس أنتِ عارفة أنها مستحيل تنسي.
- فعلاً، ممكن تفضل سنين متنساش ابنها، بس أنتَ موجود ونوران موجودة ... نوران بنتها كمان ..
هز كتفيهِ يقول:
- أول طفل مبيتنسيش يا ميرال .. لما تبقي أُم هتفهميها.
شعرت بحُزن يصيب قلبها، ونظرت لهُ بيأسٍ وألم، تعلم بأنها لن تكون معهُ، تعلم بأن الذي بينهم لن يتمدد لأكثر من اثنين يتشاركان حياة لايريدنها هكذا،نظفت حلقتها تقول:
- نوران حكتلي اللي حصل بينها وبين ساهر .. بس ..
هتف سريعًا:
- بس إيه؟
ابتسمت بطمأنينة:
- محصلش أي حاجة، هُو بس خدها وداها القاهرة راح لبيت واحد يعرفهُ، وبس كده، مقربش منها ولاحتى كان بينام معها في نفس الأوضة.
تنفس الهُواء براحة كبيرة، ليبتسم شاكرًا ميرال:
- أنا مش عارف أشَكُرك أزاي؟
مطت شفتيها بخجل، وفجأة مَّال عليها وقبَّل وجنتها قُبلة عميقة، أحمر وجهها كلون الدماء أثر ذلك وكان قلبها ينبُض بعنفٍ يكاد يسمعهُ هُو ..أتسعت مقلتيها بـخجلٍ وأبتعدت عن أنظارهُ إلى المرحاض .. وهي تتنفس الهُواء بضيقٍ، ابتسامتهُ التي أعلنها حين أبتعد زادها خجلاً، لتضع كفًا على قلبها وأخر على عينيها تعض شفتيها بحرج .. وقلبها ينُبض بشدة ..
وتسألت لنفسها أهيَّ تُحبهُ أم ماذا؟
ابتسامتهُ وحنانهُ المُفاجيء لها .. حديثهُ معها بطريقة طبيعية، كما أنهُ قد رضِى بموت أخيه ولم يعد يحمل أبيها ذرة من الذنب .. تغير بليلة واخُرى، وقلبها أيضًا تغير .. أصبحت تحبهُ هذا مايتردد بعقلها ..
غسلت وجهها عدة مرات بـماءٍ بارد حتى هدأت حمرة وجهها، وخرجت حتى تأخُذ ملابس وتبدلها، ليفاجأها بقولهُ:
- جهزي شنطة سفر فيها هُدومك وهدومي لبكُرا.
- هنروُح فين؟
أردف وهُو ينظر لهاتفه:
- القاهرة.
توقفت عن الحركة من فرط السعادة فجأة أقتربت نحوهُ تقول:
- هتسبني أرجع لماما ..
تفاجأ منها مما قالتهُ الآن، وحين رأى تلك الابتسامة خاب أملهُ منها، ظن بأنها سعيدة بجُوارهُ ولاتفكر بالعودة والمكوث، ليقُول:
- لأ، إحنا هنزورها بس ياميرال، عندي شغل في القاهرة. أسبوع وهنرجع على هنا.
أختفت ابتسامتها نهائيًا .. وهزت رأسها، كانت تريد العودة لوالدتها لشقتها والنوم في فراشها، وعدم التفكير في شيءِ يؤلم رأسها، فقط نومها وعملها كمعلمة روضة!
تنهدت بخيبة ورغبة مُلحة تريدها أن تبكي، تبكي ويجعلها فقط تستقر بالقاهرة ويذهب تاركًا إياها لتتحدث لنفسها :" أزاي ياغبية هيسيبك بعيدة عنهُ، أنتِ مراتهُ".
لترتمي على الفراش بعد ما أنتهت من وضع الملابِس ..تسطح بجانبها، وهُو يفكر بتحولها الغريب من سعادة طاغية إلى حُزن شديد .. ليقُول بـهدوء:
- للدرجاتي مش عايزة تفضلي هنا ..
صمت لثوانٍ وأكمل بهمس:
- معـايـا.
سمعت ما قالـهُ وقليلاً حزنت ولكنها أرادت أن تخبرهُ بحقيقة مشاعرها كاملة:
- لأن وجودي هنا مكنش هدفهُ أتجوز من واحد هُو لايعرفني وأنا كمان معرفهوش، أنا لسه وحشاني ماما لسه القاهرة وحشاني، وجودي هنا بيحبطني وسط أتهامات كتير بتجيلي وبتجي لـ ماما وبابا. كل مرة بشوف الناس بشوف ألف سؤال عني .. وجودي هنا أذى حتى لو كنت معاك برتاح .. الراحة مش كفاية وسط كل الغل والقرف اللي هنا. أنتَ لو مكاني مكنتش هتفكر وهتمشي علطول. الكُل بيكدب الكل بيزور الحقيقة ويلبسني الباطل، كُل ده علشان أنا بنت يونس وسمر .. رغم إني ما أرتكبتش ذنب .. كل حلمي كان بسيط ، بيت هادي وجنينة وماما معايا .. فجأة حلمي أتحُول لكابوس، علشان الكُل ياخد طارهُ مني أنا ..
عضت على شفتيها تحاول منع عبراتها من الهبوط، ولكنها كانت قد أغرقت وجنتيها، شعرت بيدهُ على وجهها يمسح دموعها يقول بأسفٍ:
- أسف إني خليتك تحسي بالوجع ده كلهُ.
وضعت كفها الناعم على كفهُ، تقول وصوتها مهزوز من البكاء:
- حتى أنتَ .. مشاعري مش قادرة أسيطرعليها، لانِ عارفة مفيش وسيلة تمنع أننا نبعد غير لو أهلك فعلا أنتقموا من بابا، آآه بابا مش بيحبني، مش بيعاملني كأني بنتهُ بس .. أنا بحبهُ يا هاشم .. وأقصى أحلامي أنهُ يحضني دايمًا .. ويقولي أنهُ كان مستنيني .. مستني يشوفني، بس أحلامي كل يوم بتتهد قدامي .. انا حتى ..
تابعت وهي تمسك بكفهُ بشدة:
- نفسي أفضل معاك بعيد عنهم بس ..
عانقها بقوة ..حاوطت خصرهُ وهي تبكيَّ .. كلما كانت تشعر بأن طاقتها ستنهار سترغب بعناق منهُ، كلماتهُ الحنونة التي يخبرها إياها بأنهُ سيظل بجانبها وأنهُ لن يتخلى عنها، سيحاول بكل قوتهُ إنجاح علاقتهما .. لازال في قلبها شكٍ .. تعلم بأن زينات وعزة لن يتركوها سالمة، زينات لن تظل مكتوفة اليدين وهي تراهم يعيشون حياتهم كأي زوجين طبيعين.
وعزة لن تترك حُب حياتها، تأخذهُ غيرها وتستحوذ عليهِ .. وهذا ما يقلق ميرال، العيش في جحر للأفاعي هُو كأنك تلسع يدك قصدًا بالنار وتخبر نفسك بانها وسيلة للتدفئة!
***
_ والله العظيـم خايبة، جيباها البيت علشان تقول لابوكي متتجوزيش فهمي بيهِ، وهي ماشاء الله عايشة في نعيم أبن أختهُ، وباين أوي أن جوزها بيحبها ويعاملها أحسن معاملة ..
نظرت لها هبة بقهرًا، لتنظر والدتها لها بعتاب قائلة:
- هتتجُوزي فهمي بيه، في الاول فكري، الراجل كبير وكويس جدًا أنهُ وقع فيكي علشان تاخديلك قرشين وتعيشي بيهم حياتك لما يموت، تاني حاجة هي مش خسرانة حاجة، شيفاها خارجة داخلة وحتى الست زينات سيباها كده ..
قطبت هبة حاجبيها بعصبية من طريقة حديث والدتها، لتمسك والدتها بيد ابنتها قائلة:
- عايزة تفهميني كده ، إنها هتحاول ترفض جُوازك من فهمي بيهِ .. طيب لو الموضوع مشيِّ .. وجيهِ فهمي بيه والست زينات يتمموا الجُوازة، هتصدقيني أنها عملت كل ده علشان أبوكي يرضى عنها؟
تابعت وهي تمصمص شفتيها:
- هتصدقيني يابنت بطني، أمك عمرها ماخاب ظنها في أشكال زي ميرال دي شبههُ أمها، همها نفسها بس ..
الحلقه الحاديه عشر والثانية عشرة من هنا
إللي خلص القراءه يدخل هيلاقي كل اللي بيدور عليه من هنا 👇 ❤️ 👇
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺
جميع الروايات الحصريه والكامله من هنا
انضموا معنا علي قناتنا بها جميع الروايات على تليجرام من هنا
❤️🌺🌹❤️🌺❤️🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹❤️🌺🌹🛺🛺🛺🛺🛺