أخر الاخبار

رواية زواج في الظل البارت السابع والثامن بقلم الكاتبه ياسمين عطيه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات

رواية زواج في الظل البارت السابع والثامن بقلم الكاتبه ياسمين عطيه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات 

رواية زواج في الظل البارت السابع والثامن بقلم الكاتبه ياسمين عطيه حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات


بعد انتهاء الفرح، وأركان يدخل الغرفة، متعبًا لكنه بالكاد أغلق الباب حتى رن هاتفه... ينظر للشاشة، تتبدل ملامحه للحظة قبل أن يرد بصوت هادئ

يارا بصوت متردد ومكسور: "وحشتني، ليه عملت كده؟ ليه سبتني كل المدة دي؟"

أركان بهدوء، لكنه واضح إنه متأثر: "كان لازم.. بس انتي عارفة كويس إني ما حبيتش ولا هحب غيرك."

يارا: "كنت محتاجة أسمعها منك، كنت خايفة يكون اللي بينا خلص."

أركان: "مستحيل.. حتى لو الظروف فرضت علينا حاجات، أنا ما تغيرتش."

ليلى، اللي كانت واقفة عند الباب، حسّت بجسمها بيتجمد، كأن الكلام كان سكاكين نازلة على قلبها واحدة ورا التانية. جملة ..ما "حبيتش ولا هحب غيرك." "أنا ما تغيرتش."

الكلمات دي خبطت في قلبها بقوة، كأنها صفعة صحّتها من وهم ما كانتش حتى معترفة بيه. هي ما كانتش ناوية تحس، ما كانتش ناوية تتعلق، لكن من غير ما تحس… حبت أركان.

مش عارفه حبيته ليه وازاي وامتى يمكن حبت طريقته لما بينادي عليها ببرود بس فيه حاجة بتحسسها بالأمان. حبت نبرته الحازمة . حبت حتى الطريقة اللي بيتجاهلها بيها ساعات… كل تفصيلة صغيرة كانت بتدخل جواها من غير ما تلاحظ، لحد ما بقت حقيقة.

بس الحقيقة الأهم؟ إنه مش ليها. مشاعرها راحت لشخص قلبه لسه متعلق بحد تاني.

 بلعت غصتها وحست إن دموعها بتلسع عينيها، بس مسحتها بسرعة قبل ما تضعف أكتر. بعدها أخدت نفس عميق، وفتحت باب الأوضة، وكأنها ما سمعتش حاجة. قفلت وراها بهدوء، ما بصتش له، ما قالتش حاجة. راحت ناحية السرير ونامت على طرفه، بعيد عنه لأول مرة من يوم ما بدأت المهمة.

كل يوم كانت بتنام في حضنه، كل يوم كانت بتلاقي في حضنه راحة غريبة، حتى لو بينهم كان مجرد تمثيل.. حتى لو عارفة إنه ما بيفكرش فيها زي ما هي بقت تفكر فيه.

بس الليلة دي.. لا.

الليلة دي كانت عينيها مفتوحة، سقف الأوضة كان قدامها، بس عقلها كان في مكان تاني، مع جملته، مع إحساسها اللي اتكسر.

أركان كان حاسس إنها مش نايمة، مش مرتاحة، بس ما قالش حاجة. فضل ساكت، بس عنيه كل شوية تروح ناحيتها. هو مش فاهم مالها، بس كان حاسس إن فيه حاجة مش مظبوطة.

ليلى فضلت سهرانة.. وأركان فضل مش فاهم.

أركان فتح عينيه على ضوء الشمس اللي كان داخل من شباك الأوضة، لف راسه ناحية ليلى، لقاها على جنبها، كانت وشها للناحية التانية، مش في حضنه زي كل يوم.

قعد في سريره، مسح على وشه بإيده وهو حاسس بحاجة غريبة، حاجة مش مريحة. هي كانت صاحية طول الليل؟! كان حاسس بحركتها، بتقلبها، بس تجاهل، افتكرها هتنام في الآخر، بس دلوقتي وهو شايفها كده، متأكد إنها ما نامتش.

قرر يقوم من غير ما يصحيها، بس قبل ما يتحرك، سمع صوت نفس تقيل خارج منها، زي حد بيحاول يخبي حاجة

قامت بهدوء، دخلت الحمام، وهو قعد في مكانه لكن عقله مشغول بحاجة تانية.

لما خرجت، لقاها رايحة ناحية الدولاب تاخد هدومها. ساعتها سألها، بصوت هادي لكن نبرته كان فيها حاجة مش مفهومة:

أركان: إنتي كويسة؟

اتجمدت لحظة، كأنها ما كانتش متوقعة يسألها، وبعدها هزت راسها بسرعة.

ليلى: آه، تمام.

كان رد مختصر، بارد، بعيد عن طبيعتها اللي كان متعود عليها كان دايمًا فيها حاجة بتكسر الحدة، لكن دلوقتي؟ كأنها بقت شخص تاني.

هو ما علّقش، وما حاولش يسأل أكتر. فضل ساكت وهو بيتابعها وهي بتخرج من الأوضة.

في غرفة مروان 

أسماء فتحت عينيها ببطء، حسّت بجسمها متجرد من أي حاجة، ضربات قلبها زادت وهي بتبص جنبها، لقت مروان نايم بوش هادي كأن الدنيا ما حصلش فيها حاجة. فجأة، افتكرت اللي حصل امبارح، وشها احمر، وبدأت تزق فيه وهي متعصبة:

أسماء، وهي بتزعق: "قوم يا متحرش! انت ليك نفس تنام؟! فين الاحترام؟ فين الأدب؟ فين التربية؟!"

مروان فتح عين واحدة بنعاس، بص لها بطرف عينه، وغمغم بصوت مبحوح:

مروان: "عارفة لو قمت؟ هوريكي كل اللي انتي بتسألي عليه ده، زي امبارح بالظبط... فـ نامي بدل ما أقوم لك."

أسماء شهقت، وسحبت اللحاف عليها بسرعة، وعيونها كانت بتلمع بالغيظ.

أسماء، بصوت متوتر وغضبان: "أنا مش هعيش معاك هنا، أنا رايحة عند أمي!"

مروان رفع حاجبه بس، واتكعبل في نعاسه وهو بيرد ببرود:

مروان: "الباب قدامك، هتلاقيه في نفس المكان اللي كان فيه امبارح."

أسماء رمشت بسرعة، حسّت إنها اتصدمت من طريقته المستفزة، وبعدين قامت بسرعة وهي بتزعق:

أسماء: "طب تعالى وديني!"

مروان، وهو بيشد الغطاء عليه أكتر وبنفس النبرة الباردة:

مروان: "بقولك إيه، حلي عن نفوخي بقى، نامي وخليني أنام، بلاش أفكّرك الليلة كانت عاملة ازاي."

أسماء حطت إيديها على خدها بانفعال، وبعدها رمته بمخدة على وشه.

أسماء: "قليل الادب ! "

مروان وهو بيضحك، وساحب المخدة يحضنها:

مروان: "عارفه لو قمت لك هوريكي قله الادب الحقيقيه"

أسماء زمّت بُقها، واستسلمت، بس وهي مقررة إنها مش هتسيبه ينام بهدوء أبدًا!

بعد دقايق 

أسماء خرجت من الحمام بعد ما اتشطفت ولبست هدومها بسرعة، بس الغيظ كان ماليها من مروان. بصت على الكوباية اللي على الكومودينو، ولمعت في دماغها فكرة شيطانية. مسكتها ورشتها على وشه وهي بتضحك بجنون.

أسماء بصوت مستفز: "صح النوم يا متحرش!"

مروان فتح عيونه بصدمة، حس بالبرودة تضرب وشه، وبعد ثانيتين استوعب اللي حصل.

مروان بصوت مبحوح من النوم: "أسماء… انتي عايزة تموتي؟!"

أسماء ما استنتش تسمع بقيّة الجملة، طلعت تجري برا الأوضة وهي بتضحك، مروان نط من السرير بس ما كانش ينفع يجري وراها لانه مش لابس،  هي جريت و هي بتنهج من الضحك والخوف في نفس الوقت.

دخلت المطبخ اللي فيها ليلى  شايلة كيس طلبات للمطبخ بتحطه على الترابيزه.

أسماء، وهي تلهث بخوف: "خبيني! بسرعة قبل ما يقفشني، هيقتلني!"

ليلى بصتلها باستغراب، وبعدها بصت وراها بحذر.

ليلى بقلق: "مين اللي هيقتلك؟!"

أسماء، وهي تحاول تلتقط أنفاسها: "جوزي! رشيت عليه كوباية ميه!"

ليلى استوعبت الكلام في لحظة، عيونها توسعت، وبعدها انفجرت ضحك بدون ما تحس.

ليلى وهي تضحك: "إنتي مجنونة رسمي!"

لكن لما سمعت صوت خطوات تقيلة جاية ناحية الباب، لمحت بسرعة ترابيزة المطبخ الكبيرة، ومسكت أسماء من إيدها وسحبتها بسرعة تخبيها تحتها.

ليلى وهي تهمس: "اقعدي هنا واسكتي!"

أسماء وهي تحت الترابيزة، بصتلها بفضول وهمست:

أسماء: "إنتي اسمك إيه؟"

ليلى وهي تراقب الباب بحذر: "هنيه."

أسماء بابتسامة: "وأنا أسماء، إن شاء الله هنبقى أصحاب، جميلك ده مش هنساه أبداً!"

أسماء، وهي تهمس بحماس: "إنتي ساكنة فين؟"

ليلى أومت برأسها: "أنا في البيت الجانبي هنا في الفيلا،اصل جوزي البواب هنا ."

أسماء بحماس: "خلاص، هاجي لك دايمًا، ونقعد نحكي سوا!"

ليلى حاولت تسكتها بإشارة من إيدها، لأن صوت خطوات مروان كان بقى قريب جدًا، وهي عارفة إن الليلة مش هتعدي بسهولة!

في غرفة مروان 

مروان خرج من الحمام بسرعة، وبعد ما لبس هدومه، طلع من غرفة النوم ولقى أمه، صباح، واقفة قدامه بتستغرب من ملامحه. كان واضح عليه إنه متعصب جدًا.

صباح، وهي بتبصله بقلق: "مالك يا حبيبي؟ فيك إيه؟"

مروان، بصوت غاضب: "بنت أخوكي اللي انتِ مجوزاني ، المجنونة! دي مش طبيعيه ان كان اخوك ذات نفسه مش طايع هي هتبقى طبيعيه!"

صباح، بتدهش من كلامه: "بس يا ولد، عيب! ما تقولش كده على خالك!"

مروان، شاح بيده بيحاول يكتم غضبه: " طب اوعي من وشي كده عشان انا هقتلها لك النهارده!"

صباح، وطلعت تجري وراه و بصوت عالي وتلح عليه: "مروان يا حبيبي، اهدا! طب احكي لي، هي عملت لك إيه؟"

مروان كان خلاص هيدخل المطبخ، لكن في اللحظة الأخيرة دخل خاله ومرات خاله من الباب، شايلين قفص فاكهة. بص علي صباح وقال لها:"شوفي النسب الغالية والجنان اللي انتِ خليتيني فيه!"

ناديه بابتسامه واسعه: مروان يا حبيبي عامل ايه ،هي اسماء فين

مروان بعصبية: " بدور عليها اهو دوري معايا

علي، مش فاهم اللي بيحصل، بص صباح وقال لها:

علي، وهو متفاجئ: "بنتي فين يا صباح؟ يعني أنا مديكم البنت عشان تضيعوها؟"

صباح، بتوتر وحيرة، حاولت تلم الموضوع بشكل هادي، فقالت:

صباح، وهي بتحاول تهدأ الوضع وهي بتضحك: "دي بتلعب مع مروان، واستخبت. هو أنت مش عارف بنتك يا علي؟"

علي، ضحك وقال:

علي، ضاحك وهو بيهزر: "إذا كانوا بيلعبوا، ماشي. أنا افتكرتها ضاعت. استنى، هدور معاك. أنا عارف بنتي ممكن تستخبى فين."

مروان، وهو شافهم وسمع كلامهم، اتصدم بشكل ما حصلش. فكر في نفسه:

مروان، بصدمه: "الناس دي ما طبيعيين!"

علي دخل المطبخ وهو بيغني ويعمل طرقعة بصباعه، بيهزر ويغني:

*علي، وهو بيغني: "اطلعي يا بطه، أنا عارف انتِ فين، اطلعي يا وزه، عارف انتِ مين؟"

اسماء، لما سمعت صوته، طلعت تجري عليه، ورمت نفسها في حضنه:

*اسماء، وهي بتضحك: "بابا حبيبي! وحشتني يا علولي! أنت جاي عشان تاخدني؟"

*علي، وهو بيضحك: "لو عايزة تيجي معايا تعالي يا حبيبتي"

اسماء وهي بتضرب بوز: ما انا قلت لك ان انا مش عايزه اتجوز وانت ضربتني 

علي :هو انا ضربتك عشان كده انا ضربتك عشان قعده تلعبي كوره مع الصبيان وانا قلت لك ما تلعبيش مع العيال وبعدين هو الواد مروان ده زعلك؟"

اسماء، بتدافع عن نفسها بتنكّر وتحاول تلمع صورتها قدام أبوها:

*اسماء، وهي بتمثل على باباها: "ده مجنون يا بابا، مش طبيعي! وبعدين أنا عشان كده قلت لك مش عايزه اتجوزه. ده بتاع بنات!"

مروان وقف مكانه، مش قادر يستوعب اللي بيحصل حواليه. مابين الضحك والهزار والمشاكل، بدأ يكتشف إن اللي حواليه عايشين في عالم تاني، بعيد عن المنطق!

مروان كان خلاص مش قادر يتحمل الوضع. مرارته كادت تنفجر من كمية الغضب والضغوط اللي حواليه. لما شاف اللي بيحصل، عارف إن الجدال مع الناس دي مش هيجيب نتيجة. الموقف ده كان بيخرج عن حدود السيطرة، وده خلاه يقرر ينسحب من المشهد.

الكل قاعدين على السفرة، لكن الجو مش مريح زي ما الناس متخيلة. السفرة مليانة أطباق وأكواب ملونة، وكل واحد فيهم قاعد في مكانه، لكن مش كلهم على وفاق.

مروان بيبص ل اسماء بنظرات حادة، زي ما لو كان عايز يولع فيها. عينيه مش بتفارقها، لكن اسماء بتبصوا لو تضحك زي ما يكون قصده تستفزه

أما نسرين، فهي مش مبسوطة ولا مبتسمة، وقلبها مش في المكان ده. كل شوية، طاهر بيبص لها بنظرة مليانة حب، نسرين بتتجاهله تمامًا، مش بتلتفت ليه حتى بنظرة. 

خليل، : "الحمد لله، أمبارح الصفقة نجحت ومشت زي ما مخطط له". لكن في عينه شوية توتر، مش قادر يخفى إنه مش مرتاح للجو اللي حواليه.

الجد صلاح، بيبص على الجميع بنظرة غامضة، أول ما خلص الأكل، وبطرف عينه بيبص لنسرين، وقال بصوت : "لما تخلصوا  الأكل،عايزكم كلكم قدامي ". كانت الجملة دي واضحة وصريحة، نسرين حسّت بالقشعريرة في قلبها. الجد كان بيقصد العقاب، وكان عارف إن اللحظة دي جت علشان يعاقبها عشان هربت قبل الفرح. في عينيه كان فيه حكم ومكر، زي ما لو كان ينتظر اللحظة دي من زمان.

في الصالون كان وكأنه محكمة قاسية

 كان كل الخدم متجمعين صفًا طويلًا قدام الجد صلاح، ومعهم أفراد العائلة الكل واقف في صمت تام، عيونهم مركزة على الجد، وفي الجو كان فيه توتر غير عادي.

في لحظة صمت قاتلة، كان الجو في الغرفة ثقيل كأن الزمن وقف. نسرين كانت واقفة قدام الجد صلاح، عيونها مليانة خوف، لكن كانت بتتحدى الدموع اللي على وشها. جدها كان واقف قدامها، ملامحه قاسية، عيناه مليانة غضب وكأنها نار بتشتعل في صدره.

فجأة، في لحظة واحدة، رفع يده بسرعة البرق وضربها بالقلم على خديها. الصوت كان مدوي في المكان، وارتجاجه كان يمر في جسدها بالكامل سقطت على الأرض من قوة الضربة. القلم كان قوي لدرجة إنها حسّت بحرارة الجرح اللي تركه على وجهها، والدم اللي بدأ يظهر على طرف شفتيها من أثر الضربة. كانت الضربة مش بس جسدية، ولكنها دخلت جوّها وأثّرت في روحها، لأنها لم تكن مجرد عقاب، كانت إهانة كاملة قدام الجميع.

نسرين، رغم الألم الشديد، حاولت تمنع دموعها، لكنها فشلت. دموعها كانت بتسقط على خدها زي المطر، وصوتها كان مكتوم، مش قادرة تتكلم، ولا حتى تدافع عن نفسها. هي عرفت في اللحظة دي إن اللي قدامها مش هيراعيها، وما فيش حد هيوقف ده.

صلاح بصوت هز المكان"قلت لك قومي، قلت لك مش هينفع تتهربي من العقاب ده... قومي!"

نسرين كانت على ركبتيها، راسها مطاطية، كأنها مش قادرة ترفع عيونها. الدم كان بيسيل من فمها، وهي بتقع قدام الجد، والدموع في عينيها، بس ما قدرتش تتكلم. الجد كرر الكلمة مرة تانية، وتالتة، صوته يرتفع في الغرفة المظلمة:

"قلت لك قومي... عشان تبقي تعملي اللي انت عايزاه بعد كده؟"

ما حدش من أفراد العائلة أو الخدم كان يقدر يتدخل. كان الكل واقف في صمت مطبق، مش قادرين يتكلموا أو يتصرفوا.سليم، وصفيه كانوا واقفين بلا حراك، ومروان وعادل كانوا عينهم على الأرض كأنهم خايفين يلتفتوا ويواجهوا الواقع. أما  طاهر، كان واقف زي الطفل الصغير، أيديه مطبقة قدامه، راسه مطاطية. مش قادر يرفع نظره أو يتدخل بس كان حاسس بالوجع بتاعها كان هو اللي بيضرب

ليلى، اللي كانت واقفة مع الوقفين، كانت مستغربة. مش قادره تصدق إنها بتشوف المنظر ده. الناس دي مش طبيعيين، ازاي ممكن يكونوا بيعيشوا كده؟ ليه ما فيش حد من أفراد العائلة يوقف ده ؟ابوها!؟ امها؟! واخوها!؟ جوزها؟!

نسرين كانت بتبص لجوزها بعينين مليانة باليأس، ومش لاقية منه أي رد فعل. كان واقف ساكن زي التمثال، ما فيش في عينيه غير الضعف. هي عاشت في جو من القسوة والتجاهل، والعائلة دي مش هتقدر تحميها.

في اللحظة دي، كان الجد صلاح واقف قدام الجميع، وعينيه مليانة غضب وتسلط. صوته كان عالي وحاد، كأن كلماته صواعق. "دي أقل حاجة هعملها ليكي، وانتِ عبرة لكل واحد هيفكر يعترض على قراراتي!" قالها بصوت متهدج، وهو يركز نظره على نسرين بعينين مشبعتين بالقسوة.

استمر في حديثه، والجو كان مشحونًا بالرهبة: "العقاب مش بس الضرب اللي أخدتيه، لا، ده كمان هتتحبسي يومين في أوضه لوحدك، مش هتلاقي حد يهون عليك، مش هتسمعي صوت حد غير صوت نفسك! حتى لو حد فكر ييجي يقف جنبك أو يعترض على اللي أنا قررته، هحبسه معاكِ!" كانت الكلمات ثقيلة، ومع كل كلمة كان يزيد الضغط على نسرين.

بص لها بنظرة حادة وقال: "يلا امشي قصاد عبد الحق." ووجه نظره لعبد الحق، وعينيه كانت مليانة تهديد. "إحبسها في البدروم، وماحدش يقرب منها ولا يكلمها. لو حد فكر يقترب، هشوفه معاكِ في البدروم."

الجو في الغرفة كان متوتر لدرجة كبيرة، والكل كانوا واقفين وكأنهم خائفين على حياتهم، يشهدون لحظة مرعبة تبرز فيها قسوة الجد وتسلطه.

في غرفة مروان واسماء

كانت أسماء جالسة على طرف السرير، وهي تكلم والدتها بصوت منخفض لكنها كانت متوترة جدًا، تحاول السيطرة على أعصابها بعد كل اللي شافته النهاردة.

أسماء بضيق: بصي يا ماما، اللي انتي خليتيني أتجوزه ده، والبيت اللي انتي دخلتيني فيه… الناس دول لو جاعوا ممكن ياكلوني!

نادية : يا بنتي، ولا هيكلوكي ولا حاجة، طالما بتقولي حاضر ونعم، ما حدش هيقربلك! اسمعي الكلام وعيشي من غير مشاكل.

علي وهو بيتدخل بصوته التقيل: أمك عندها حق يا أسماء، ما تغلبيش، أنتِ جوزك بس، واسمعي الكلام.

أسماء بانفعال: أوف بقى يا بابا، أنا ما كنتش عايزة الجوازة دي من الأساس!

علي وهو بيضحك بسخرية: وهو أنتِ كنتِ عايزة تتجوزي أصلاً؟ إحنا هنكذب على بعض؟ كم عريس جه لكِ، وأنتِ كل مرة تطفشي واحد ورا التاني؟

سكتت أسماء لحظة، ما عندهاش رد على كلام أبوها، لأن الحقيقة إنها عمرها ما كانت مستعدة للجواز… بس مش بالشكل ده، مش بالشخص ده، ومش في البيت ده!

ــــــــــــــــــ

[في البدروم – غرفة مظلمة وضيقة]

كانت نسرين قاعدة على الأرض، ضامة رجليها لصدرها، ضوء خافت داخل من فتحة صغيرة في الباب الحديدي. عينها كانت متورمة من الضرب، وشفايفها مشققة، بس أكتر حاجة كانت وجعاها… الإهانة، والخذلان اللي شافته قدام الكل.

وفجأة سمعت صوت خطوات حد جاي… الباب اتفتح، وطاهر دخل. واقف عند الباب، ملامحه متوترة، عارف إنها مش طايقاه، وعارف إنه لازم يتكلم.

طاهر بصوت هادي: نسرين…

نسرين ببرود وهي مش بتبص له: امشي من هنا.

طاهر بيقرب شوية: كنت عايز أطمن عليكي…

نسرين بضحكة سخرية وهي ترفع وشها لأول مرة: تطمن عليا؟ بجد؟ كنت فين وأنت شايفني باتمرمط قصاد كل الناس؟ كنت فين لما جدك كان بيهيني ويذلني وأنا مراتك؟

طاهر بتنهد: نسرين، انتي عارفة إن…

نسرين وهي بتقطعه بعصبية: لا، ما أعرفش! ما أعرفش إزاي واحد يقول إنه راجل ويسكت وهو شايف مراته بتنهان بالشكل ده! لو كان عندك ذرة كرامة، كنت وقفت في وشهم! كنت دافعت عني!

طاهر حس بالذنب، لكنه فضل ساكت لحظة، وبعدين قال بصوت واطي:

طاهر: كنت هعمل إيه؟ كنت هقدر أوقف في وش جدي؟ أنتِ عارفة إن أي حد بيقف ضده بيدفع التمن غالي.

نسرين باستهزاء:طب يلا امشي من هنا بدل متدفع التمن مش جدك مانع إن حد يجي لي؟ انت جيت ليه؟ امشي بقى، لحد يشوفك هنا ويحبسك معايا، وده أنا مش عايزاه!

طاهر وقف مكانه، ملامحه متوترة، واضح إنه كان عارف إنها مش هتستقبله غير بالطريقة دي، بس كان لازم يجي، لازم يتكلم.

نسرين بضحكة ساخرة وهي تهز راسها: مش خايف منه؟ المفروض تخاف… كنت خايف منه وهو بيضربني، مش خايف منه وهو حابسني؟!

طاهر بصوت هادي لكنه مليان إحساس بالذنب: نسرين…

نسرين قاطعته بحدة: ما تنطقش اسمي، صوتك لوحده بيقرفني! ما تعملش نفسك إنك جاي تهوّن عليّ، أنت كنت واقف زيك زيهم، كنت واحد منهم، كنت ساكت بتتفرج وهو بيهينني!

طاهر نزل عينه للأرض، ما عرفش يرد، لأنها كانت صح.

نسرين بصوت مرتجف لكنه حاد: مش المفروض إنك بتحبني؟! ماشي… بتقول إنك بتحبني، طيب فين الحب ده؟! أنا ما شفتوش! النهاردة بالذات كنت محتاجة أشوفه… كنت محتاجة أحس إنك جنبي، إنك راجل فعلاً، مش مجرد اسم…

طاهر فضل ساكت، ملامحه جامدة، لكنه كان عارف إنها عندها حق، كل كلمة قالتها كانت زي طعنة في صدره، بس ما قدرش يرد.

نسرين ضحكت ضحكة قصيرة وساخرة وهي تهز رأسها: عارف… أنا حتى اديتك فرصة، قلت يمكن أبتدي معاك حاجة جديدة، يمكن تخليني أحس إن جواك راجل يقدر يحميني… بس أنت ما تستاهلهاش، ما تستاهلنيش، ما تستاهل حتى إني أكمل الكلام معاك!

نسرين رجعت لورا، وقعدت على الأرض وهي تبعد وشها عنه، كأنها ما بقتش شايفاه حتى، كأن وجوده في المكان معدوم.

نسرين بحزم وهي تشير للباب: امشي، امشي قبل ما يجي ويحبسك هنا… بس بقولك؟ لو حصل… أنا مش هزعل، بالعكس، يمكن أول مرة أحس إنك حاسس ولو بجزء من اللي أنا حسيته النهاردة!

طاهر فضل واقف لحظة، كأنه بيحاول يقول حاجة، لكنه استدار وخرج، وقبل ما الباب يتقفل، سمع صوت نسرين المنكسر وهي تهمس لنفسها: ولا يوم حبيت إن اسمي يبقى جنب اسمك…

طاهر خرج من الأوضة وهو حاسس بكتمة في صدره، كأن نسرين سحبت آخر نقطة هواء منه بكلامها. رفع عينه لقى أمه، نوال، واقفة قدامه، ملامحها متشنجة، كانت سامعة كل كلمة.

نوال بحدة وهي تقفل الباب وراه: اوعى تصدق الشيطانه العقربه دي! انت مالكش ذنب في حاجة، يعني هي غلطت وبترمي اللوم كله عليك؟

طاهر بعصبية وهو يمرر إيده في شعره: ماما، أنا ما دافعتش عنها! كنت واقف زي العاجز وهي بتتاخد على وشها! أنا جوزها، كان لازم…

نوال قاطعته بصرامة: كان لازم تعمل إيه يعني؟ تموت نفسك قصاد جدك؟ تبقى قليل الأدب عشان واحدة ما بتحترمش حد؟ ولا تفكر في أي كلمة قالتها، ما تشيلش نفسك فوق طاقتها!

طاهر بصوت متحشرج: بس يا أمي…

نوال بصوت هادي لكنه قاطع: ما فيش بس، هي اللي هربت، وهي اللي تستحمل النتيجة، وانت ما لكش دعوة. واللي أنا عارفاه ومتأكدة منه هو دا الصح كان لازم يتقرص ودناه عشان ما تعملش كده تاني فما تسندلهاش

طاهر وقف للحظة، حاسس إن كلام أمه منطقي، بس قلبه كان مقبوض… نسرين بتكرهه، ومش عارف لو ده هيتغير في يوم من الأيام ولا لأ.

في أوضة من اوض الفيلا 

ليلى كانت ماسكة المكنسة، بتمسح الأرضية بسرعة عشان تخلص شغلها، بس حركتها كانت أبطأ من العادي، عينيها شبه مقفولة من التعب، وكل شوية تمسح وشها بطرف طرحتها. أم سعاد، الست الكبيرة اللي شغالة معاها، لحد ما لاحظت إنها مش على بعضِها.

أم سعاد: مالك يا بنتي؟ هو انتي ما نمتيش كويس ولا إيه؟

ليلى وقفت لحظة، سحبت نفس عميق، وبصت لها وهي بتحاول تبان عادية.

ليلى: لا، مفيش حاجة، بس كنت نايمه متأخر امبارح.

أم سعاد رفعت حاجبها بشك، قربت منها شوية.

أم سعاد: اوعي بس تكوني حامل؟!

الكلمة وقعت زي الصاعقة على ليلى، فجأة حست بوشها بيولع، الدم اتجمع في خدودها، وإيديها وقفت في الهوا كأنها متجمدة.

ليلى (بتتوتر وتحاول تهرب بعينيها): إيه! حامل إيه بس يا أم سعاد؟ لا طبعًا، لا حامل ولا حاجة، ده بس عشان أنا فعلاً ما نمتش.

أم سعاد ضحكت، هزت راسها 

أم سعاد: طيب يا ستي، ماشي، بس وشك بيقول حاجة تانية!

ليلى بسرعة شالت المكنسة وكملت شغلها  : لا والله مافيش حاجه انا لو في حاجه زي كده كنت قلت لك

أوضة الخدمة – بعد العصر

ليلى كانت لسه بتكمل شغلها، بس حركتها بقت أبطأ، وعيونها غلبها النعاس وتحس بجسمها تقيل كأنها شايلة جبل. أم سعاد كانت قاعدة بتراقبها، ولما شافت إنها خلاص هتقع من التعب، زفرت بحنق وقامت ناحيتها.

أم سعاد (بصوت حنون بس حاسم): بس بقى يا بنتي، سيبي اللي في إيدك وروحي نامي شوية.

ليلى رفعت راسها بالعافية، وحاولت تتماسك.

ليلى (بإصرار ضعيف): لا لا، مفيش حاجة، أنا هخلص وأرتاح بعدين.

أم سعاد (بعين ضيقة وشها حازم): بعدين إيه! وشك أصفر والتعب ناوي عليكي، روحي دلوقتي قبل ما تتسندي على الحيطة وتقعيلي في نص الأوضة.

ليلى بصتلها للحظة، بعدين استسلمت ومسحت وشها بإيدها.

ليلى (بصوت واطي): طيب هروح انام شويه ولو عزتي حاجه تبقي ابعتي لي

أم سعاد (بابتسامة رضا): أهو كده، روحي يا حبيبتي نامي براحتك احنا يعتبر خلصنا الشغل كله.

ليلى ابتسمت بخفة واتحركت ببطء ناحية أوضتها، وهي تحس إنها مش قادرة تاخد خطوة تانية من التعب.

ـــــــــــــــ

في المساء أركان دخل الأوضة بخطوات هادية، لكن وقف مكانه أول ما شاف ليلى نايمة على السرير. كانت ملفوفة في ملاية خفيفة، ووشها باين عليه الإرهاق كأنها بقالها أيام من غير نوم. حاجبها معقود حتى وهي نايمة، كأنها شايلة هموم الدنيا جوه أحلامها.

وقف يراقبها لحظة، ملامحه متجهمة بس في حاجة جوه عينه  هو مش فاهم هي مالها، ولا ليه شكله تعبان كده. هو عارف إنها شغالة طول اليوم، بس مش لدرجة إنها تقع كده من الإجهاد.

قرب خطوة، بص للون الباهت اللي على خدها، والهالات اللي تحت عينيها، وبعدها زفر بضيق.

اتجه ناحيتها بهدوء ورفع طرف الملاية قبل ما يتمدد جنبها على السرير.

أول ما حست بيه اتحركت بسرعة وقامت قعدة، كأنها كانت مستنية اللحظة دي.

بصلها بنظرة سريعة 

أركان (بهدوء): هو أنا صحيتك؟

ليلى (هزت راسها بسرعة): لا، أنا نايمة من بدري أصلاً… خلاص شبعت نوم.

قالتها بسرعة وهي بتعدل الملاية، لكن حركة إيديها كانت متوترة، وعنيها ما ثبتتش عليه غير لحظة صغيرة قبل ما تبعدها. أركان لمّح كل ده، حس إنها متعمدة، كأنها بتبدل ورديات… أول ما دخل هو، هي قامت.

رفع حاجبه وهو بيبصلها باستغراب، ملامحه كانت شبه بترسم علامة استفهام كبيرة.

أركان (بتركيز): هو إنتِ مالِك؟ فيكِ إيه؟

ليلى (بسرعة وهي بتحاول تبان عادية): مافيش!

ما علقش، فضل ساكت وهو بيشوفها خارجة بسرعة، وكأنها مش قادرة تقعد في الأوضة لحظة زيادة. شد الغطا على نفسه، لكنه ماغمضش عينه، كان حاسس بحاجة غريبة في تصرفاتها، بس قرر يسكت… دلوقتي.

البارت ال ٨

زواج في الظل 

الكاتبه ياسمين عطيه 

في المطبخ – بعد نص ساعة

ليلى دخلت المطبخ الصغير وهي بتحاول تهدي نفسها، لكن بطنها كانت بتقول كلام تاني… جعانة! راحت بسرعة شغلت النار وبدأت تحضر صينيه بطاطس باللحمة مع رز وسلطة، بس طول الوقت كانت حاسة كأن فيه عينين راقباها.

وفعلًا… بعد شوية، سمعت صوت خطوات تقيلة.

رفعت راسها، لقت أركان واقف عند باب المطبخ، ملامحه مفيهاش أي تعبير، لكنه كان مركز معاها.

أركان (بصوت هادي): إنتِ بتعرفي تطبخي؟

ليلى ابتسمت تلقائيًا وهي بتحاول تخفي توترها.

ليلى (بمرح): ده أنا لهلوبة في الأكل! بيسموني الشيف شربيني، لولا الملامة كنت فتحت مطبخ!

أركان رفع حاجبه وهو بيقرب أكتر، بص للأكل اللي قدامها بطريقة مش واضحة، قبل ما يسأل بهدوء.

أركان: عاوزاني أجرب؟

ليلى (بحماس): طبعًا! ده يفوتك نص عمرك لو ما كلتش من إيدي.

ما قالش حاجة، سحب كرسي وقعد، مسك المعلقة وداق لقمة ببطء. ليلى فضلت مستنياه يقول أي حاجة، لكن ملامحه فضلت هادية.

ليلى (بتحاول تستعجله): ها؟

أركان (ببرود وهو بيرجع المعلقة للطبق): مش وحش.

ليلى (بتفتح بقها بصدمة): مش وحش؟! دي اطعم صنية بطاطس باللحمة في مصر!طب عارف أنا لو فتحت مطعم، الشيفات الكبار نفسهم هييجوا يتعلموا مني!

ابتسامة خفيفة جدًا عدت على طرف شفايفه، قبل ما ياخد لقمة جديدة.

أركان (بهدوء): هاتِ السلطة.

ليلى قامت بسرعة تجيبها، بعدين ابتسمت بانتصار وهي بتقوم تجيبها… عارفة كويس إنه عجبوا الأكل، حتى لو مش هيعترف.

أركان خد لقمة جديدة بهدوء، لا بيعلق ولا بيظهر أي رد فعل، لكن طريقة أكله كانت كافية تقول إنه الأكل عجبُه. ليلى كانت قاعدة قصاده، بتراقبه بعينين واسعة، مستنية أي كلمة مدح، لكنه فضل محتفظ ببروده المعتاد.

وهي لسه مش مستوعبة إن ده مدح بطريقته الباردة، بس الأهم إنه بيأكل! لكن فجأة سمعته بيتكلم.

أركان (بهدوء كأنه بيقرر حاجة): بعد كده، إنتِ اللي تعملي الأكل.

ليلى بصت له باندهاش، وهي بتحاول تفهم إذا كان بيهزر ولا بيتكلم بجد.

ليلى (بتضحك بخفة): هو إنتَ ياعني مش عاجبك أكل الفيلا؟ دا الشيف عم صابر اللي بيعمله

أركان (ببرود): لا.

ردّه السريع خلاها تتوتر شوية، لكنها حاولت تخفي ده وهي بتكمل الأكل. الحقيقة، رغم إنه كان ساكت معظم الوقت، بس مجرد إنه قرر إنها اللي تعمل الأكل بعد كده كان شيء غريب، خاصةً إنهم هنا في مهمة ومش أكتر… ليه فجأة مهتم يأكل من إيديها؟

ليلى (بخفة): طيب يا سيدي، طالما الأكل بتاعي مش وحش، يبقى اتفقنا. بس ماشي، هزودلك شطة عشان أشوف هتفضل تقل كده ولا لا.

أركان ما ردش، لكن الابتسامة الخفيفة اللي عدى بيها وهو بيشرب من كباية المية قالت لها إنه سامع… وإنه قبل الاتفاق.

 بينما هما مشغولين في الأكل وكل واحد فيهم مشغول بأفكاره. لكن الجو كان هادئ، والضوء الخفيف في المكان كان بيضيف لمسة من الراحة. ليلى كانت بتحس إن الجو بقى أكثر راحة بعد ما ارتاحت شوية.

فجأة، الباب خبط. أركان نظر ناحيته ثم قام بهدوء، بينما ليلى فضلت قاعدة مستنية.

أركان فتح الباب بهدوء

أسماء اول ما شافته انبهرت من جماله و مش قادرة تخفي دهشتها بس بعد لحظة، رجعت شوية وابتعدت نظرها، وحست بالخجل فابتسمت في توتر.

أسماء (بتردد): ممكن تنديلي هنيه؟

في اللحظة دي، ليلى خرجت من الغرفة، وأسماء مسكت يدها فوراً وأخذتها بعيد عن أركان. كانت عيون أسماء مش مصدقة، وكانت بتبص في دهشة،وقالت بسرعة:

أسماء (بتنهد بحماس): القمر دا جوزك؟ يا بختك! يا بختك! البصة الواحدة في وشه ترد الروح!

ليلى اتكسفت وفضلت ساكتة، كانت شايفة إن أسماء عندها حق فعلاً، أركان جميل جدًا وفي غاية الوسامة. هي ذات نفسها ما كانتش قادرة تتحكم في مشاعرها، وجماله هو اللي جابها وراء.

 أسماء كملت بشغف:

أسماء: مالك؟ مش عارفة تردي؟ انا لو مكانك هبقى خرسه فعلا! إزاي اتجوزتيه؟

ليلى وهي بتحاول تداري توترها وتبان مكسوفه: سعيد؟ يبقى ابن عمي.

أسماء (بصدمة): أنا غلطانة! إزاي ما عنديش ابن عمي جميل كده؟ رايحة أتجوز مروان... مروان! اللي بصه في وشه ترد الروح للي خلقها! بني آدم ما يتقعدش مع ثانية، مش عارفة هاعيش معاه طول العمر إزاي.

ليلى (بضحكة): لا اسمعي، إنتِ دمك خفيف قوي!

أسماء (بضحك): لو ما فضلتش أضحك كده هفرقع من جنابي الاثنين.

ليلى (بابتسامة خفيفة): هو انتِ مغصوبه على الجواز دي؟

أسماء (بتنهد): ده أنا اتضربت علشان الجوازة دي! أصلاً ما كنتش عايزة أتجوز خالص. يا ريتني اتجوزت أي حد غير مروان!

ليلى (بتعاطف): النصيب محدش بيقدر يقوله "يا ريت".

أسماء: بقولك إنتِ بالذات ما تتكلميش عن النصيب ده! إنتِ خدتِ حظ البنات كلها.

ليلى ابتسمت، واتكسفت بشكل واضح، وهي مش قادرة ترد على الكلام ده.

أسماء (بفرح): ما تيجي نقعد في أوضتي شويه؟

ليلى كانت خايفة من مروان، ما كانش ينفع تقول لأسماء، فابتسمت وقالت:

ليلى: خلينا قاعدين في الجنينة شويه، عشان جوزي ما يقلقش. وأنا برده بنام بدري علشان الشغل وكده... وبعدين يا بنتي، إنتِ عروسة جديدة، دا أول يوم جواز ليكي!

أسماء (بضحكة): جوزي خد فريق الكورة ورح يخوني!

ليلى (بصدمة): إزاي يعني؟! حتي سليم وعادل! دول باين عليهم بيحبوا رغده وصفيه

أسماء (بتنهيد): والله زي بقولك كده كلهم راحوا الشقة اللي عايز يتولع فيها. أنا سايباهم جوه بيموتوا في بعض الحرب العالمية الثالثة قايمه في الفيلا! عشان كده أنا سبتهم وخرجت!

أسماء (بتنهد بشدة): صباح عمال تقول لهم: "إنتوا السبب،  إن جوزك يزهق منك من أول يوم ويروح يخونك" يعني مش السبب في كده إن أولادهم متربوش، لأ! عشان إحنا المقصرين! ناس غريبة عجيبة! والله قولت لامي، دول مش طبعين!

ليلى كانت بتحاول تواسي أسماء وقالت لها: "ما تزعلِيش نفسك".

أسماء ردت بسرعة: "أنا مش زعلانه، مش فارق معايا أصلاً. أنا أمي قالت لي كل حاجة من يوم ما تزوجت، قالت لي: كبري دماغك، ما توجعيش قلبك مع حد، وبالذات مروان ده، قالت لي: ده ما فيش منه فايدة. الطفل بيفتح عينه على مصاصة، ده فتح عينه على ستات."

ليلى ما قدرتش تمسك نفسها من الضحك، وضحكت بشدة، لدرجة إنها وقعت من الضحك.

أسماء بجدية قالت: "والله زي ما بقولك كده. أصله طالع زي أبوه. فؤاد ده بردك كده لحد دلوقتي. أمي قالت لي: صباح دي عملت المستحيلات عشان يبطل كانت بتراقبه وتراقب الستات اللي يعرفهم، كانت بتتخانق معاهم وتهددهم، وكلمة امه لما كانت عايشة. وأبوه، صلاح، هددوا عشان يبطل، وبردك ما بطلش. كان بيعمل اللي هو عايزه من وراهم، لحد ما اتعودوا وبقي يعملوا في العلن عادي. وزود ، وعاند، وبدل ما تبقى ست في اليوم، بقي ٦ و١٠ ستات في اليوم. فمن شبه أباه، ما ظلم بقي".

ليلى مكنتش عارفة ترد تقول إيه، بس قالت: "ربنا يهديه."

أسماء بضحك : "أو ياخدوا أيهم أقرب."

ليلى ضحكت وقالت: "والله أنتِ حكاية!" وكملت بكسوف وقالت: "والله يا أسماء، أنا لولا المكان ضيق، كنت دخلت تقعدي معايا جوه، بس أنا يعتبر قعدة في أوضة، مافيش صالة، يدوبك السرير والحمام ومطبخ صغير."

أسماء ردت: "بس يابت، ما أنا عارفة. وبعدين كفاية كده، أنا بقالي كتير قعدة، هروح أقعد على الفيس، وأصيح وأشتم الرجالة."

ليلى ضحكت وقالت لها: "أنا والله مش بقولك كده عشان تقومي وتمشي."

أسماء قالت: "وأنا بقولك كده عشان تقومي لجوزك الحليوة اللي جوه ده. يلا، تصبحي على خير."

ليلى ابتسمت وقالت: "وانتِ من أهل الخير."

ليلى لو مره حست إنها مستريحة من أول ما جت البيت هنا، حسّت إنها لقيت حد تتكلم معاه وتضحك، وطلّع جزء من اللي جوّاها، كانت حاسة براحة لأول مرة من زمان. وكل كلمة مع أسماء كانت بتخلّيها تحس إنها مش لوحدها، وإن في حد ممكن يفهمها ويضحك معاها.

أما أسماء، كانت فرحانة هي كمان، حست إنها لقت صحبة بعد وقت طويل، عشان محدش في البيت شبها. قريبها، بس عمرها ما حبتهم ولا ارتاحت معاهم. هي كانت دايمًا بتتجنب زيارتهم، مش عارفة إزاي دلوقتي بقت مفروض عليها تعيش معاهم وتشوفهم كل يوم. 

ليلى دخلت الأوضة، ولأول مرة، أركان لاحظ ملامحها، كانت باينة على ملامحها الراحه والسعادة، وكان في عيونها بريق من السعادة. 

نظرت ليلى له وقالت بكسوف: "هو انت لسه ما نمتش؟" عيونها ضايعة بينه وبين نفسها، وهي تحاول تخلّي الموقف طبيعي قد ما تقدر.

أركان، على الرغم من إنه كان مستغرب من نفسه لعدم قدرته على النوم وهي مش جنبه، إلا إنه حاول يظهر البرود وقال بصوت هادي: "كانت عايزة منك إيه؟" وكان صوته محايد ووجهه مش بيظهر أي تعبير حقيقي.

ليلى، وهي ماشيه ناحية السرير، : "كنا بنتكلم كصحاب عادي، مش حاجة مهمة، تبع الشغل بتاعنا ياعني."

أركان رفع حاجبه  قال بنبرة جافة: "صحاب؟ احنا مش جاين نعمل صحاب. ابعدي عنها ومتنسيش هي مرت مين." عينيه كانت مركزة عليها، 

ليلى ردت بثقة، مع ابتسامة غير ظاهرة على وشها: "هي مش شبه جوزها، ومش شبه اللى في البيت كلهم أصلاً. وبعدين متقلقش، مش هبوز لكم شغل. أنا فاهمة أنا بعمل إيه، كويس. وبعدين... وسّع كده، عايزة أنام." 

نامت ليلى على جنبها، كانت محتاجة فترة قبل ما تقدر تروح في النوم. اول ما راحت في النوم راحت لمكانها المعتاد، حضنه الدافئ المريح. بحركة تلقائية منها، أول ما دخلت حضنه، خدت نفس عميق كأنها كانت تعبانه،  وساعتها حسّت وكأنها ارتاحت أخيرًا.

أركان حس بيها، ابتسم بحذر، وكان في عينيه شيء غريب، وكأن لأول مرة يحس إن فيه شيء بيخليه يشعر بالراحة. وبحركة بطيئة، وأول مرة، حوطها بذراعه برفق، كأنها ما كانتش بس جزء من الشغل أو المهمة، ولكن حاجة أهم بكتير. ابتسم وارتاح، ولأول مرة حس إنه مكنش قادر ينام غير وهي في حضنه

الصبح جاء على الجميع، وأشعة الشمس بدأت تتسرب من خلال الستائر الخفيفة. في غرفة أركان وليلى، فتحت ليلى عينيها ببطء، لكن أول حاجة لاحظتها كانت أنها لسه في حضن أركان. المرة دي كانت مختلفة عن كل مرة قبل كده. المرة دي كانت محوطة بذراعه بشكل أعمق، وأيديها كانت مستريحة على صدره، وكأنها عايشة في لحظة خاصة جدًا.

مش قادرة تصدق انوا حضنها ، حسّت بحب وراحة غير عادية، واللحظة كانت أقوى من أي حاجة. كانت مش عايزة تقوم من حضنه، كان الدفء اللي فيه كفاية عشان تبقى مبسوطة.هي بس فكرت في لحظه عايزة تعيشها وكانت عايزه تستغلها وقررت انها ما تقومش من حضنه ، وتحس بالراحة القصوى، وتحس إنها في مكان آمن. 

أركان حس بيها كان عارف انها صحيت وكان عارف ان المفروض يبعدها ويقوم، بس كان فيه حاجة جواه بتمنعه من يبعدها، لأول مرة يحس إنه في موقف ما يعرفش يتعامل معاه. 

 لكن ليلى كانت مشغولة بأفكارها، وكانت بتواجه مشاعرها بهدوء شديد،وقالت لنفسها: "هو إيه اللي انتِ بتعمليه؟ ده بيحب واحدة تانية." حتى لو كانت هتوجع نفسها عشان تبعد عنه، هي هتعمل كده. مش مستعدة لوجع القلب اللي هيحصل بعد ما المهمة دي تخلص، وهو يرجع لحياته زي ما هي. وهي هتكون اللي هتقف في النص، مش هتكون قادرة تكمل. فقررت تقوم بهدوء، تسيب المكان، وخرجت من حضنه.

دخلت الحمام، غسلت وشها ولبست هدومها، وكانت خلاص هتخرج من الغرفة، لكن صوت أركان فجأة قطع عليها أفكارها: "حضري لي الفطار، أنا عايز أفطر هنا في الأوضة." ليلى وقفت مكانها لحظة، حست بشوية تردد، لكن بعد كده قفلت الباب بهدوء ودخلت المطبخ بسرعة عشان تحضر له الفطار.

وأثناء ما هي منتظرة الأكل على البوتاجاز، بصّت لنفسها وابتسمت وقالت: "ما فيش فايدة، الحب ماحدش يقدر يتحكم فيه بكلمة واحدة." طلعت جري بسرعة، عشان تعمل اللي هو عايزه"

ليلى حطت الأكل على الطاولة وكانت خلاص هتمشي، لكن أركان قال لها بهدوء: "قعدي معايا، خلينا نفطر مع بعض."  لقت نفسها فعلاً قعدة ، وده كان غريب عليها. كانت مش قادرة تستوعب اللي بيحصل، ازاي بكلمة واحدة وبإشارة بسيطة منه، كانت بتعمل اللي هو عايزه بدون ما تفكر هي اللي كانت دايماً تعمل اللي هي عايزاه ومحدش يقدر يمشي عليها ولا يطلب منها حاجه، لكن معاه، كل حاجة بتتغير. وكأن كلمة منه أو حتى لمحة في عينه كانت كافية عشان تسيطر على تصرفاتها. "هو ليه بيحصل كده؟"  الصوت اللي جواها بيصرخ "غبية أوي،  واضح عشان بتحبيه!" لكن على الفور، حاولت تزيح الفكرة من دماغها، وقالت لنفسها: "بحبه؟ بحبه؟ أكيد لا." كانت الكلمات دي بتدور في ذهنها بسرعة، وهي مش قادرة تركز في حاجة غيرها.

رفعت رأسها وبصت على أركان، وهو كان واقف قدامها، عينه في عينها، لكن هي كانت في عالم تاني خالص. كل تفكيرها كان مشغول بسؤال واحد: "هل فعلاً بحبه؟" وكانت مش قادرة تجيب لنفسها إجابة. هو كان واخد باله إنها مش معاه في اللحظة دي، وأنها مش بس بتاكل، لكن عقلاً وفكرها كانو في مكان تاني، وتساءل في نفسه: "هي مش في وعيها ولا في حاجة مش فاهمها؟" بس ما قدرش يعرف هي كانت بتفكر في إيه.

ليلى قامت بسرعة من على الأكل وقالت له: "سلام، أنا رايحة ورايا شغل كتير واتأخرت." وبصت ليه وهي بتغمز وقالت: "ما تقلقش، هبقى أعمل لك الغداء بإيدي." وأجيبه لك، وهيبقى مش وحش قوي."

أركان في نفسه : "مجنونة والله، بس ده ما يمنعش إن أكلها جميل جدًا." كان مستغرب من تصرفاتها، مش عارف إذا كانت بتخبئ حاجة ولا هي فعلاً مش عايزة تتعامل معاه أكثر من كده، لكن ما قدرش ينكر إن كل حاجة بتعملها كانت ليها تأثير عليه، وخصوصًا الأكل اللي كانت بتحضره نومها في حضنه ولما وصل للنقطه دي كرر يبطل تفكير وقام من مكانه وطلع للشغل "

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

اسماء صحيت من النوم بسرعة، دخلت الحمام وغيرت هدومها ونزلت لتلاقي صباح في الصالة. 

اسماء في سرها: "ياربي هو انا كل يوم هصطبح على الخلقة دي؟"

صباح شافت اسماء وهي نازلة وقالت بابتسامة خفيفة:

صباح الخير يا سماسيمو.

اسماء بابتسامة سمجه:صباح الخير يا صباح.

صباح بعصبيه :بنت عيب انا في مقام ماما

اسماء بسخرية:

ماما في البيت، نايمة دلوقتي. يا صبوحة يا عسل، إنتِ.

صباح، بعصبية:

أنا اللي جبته لنفسي، مش أنا اللي اخترتك لابني.

اسماء، مش عارفة تمسك نفسها:

أديكِ إنتِ قلتيها، اخترني ليه بقى؟

صباح بتحذير :

طب ما تخلينيش أندم بسرعة بقى.

اسماء، وهي في سرها: "أبوس إيديك، اندمي وخلصينا بقى."

صباح:مروان فين؟

اسماء، بتريقة: نايم زي الشوال فوق.

صباح، بعصبية:يا بنت عيب!

اسماء، وهي بتسيبها وماشيه ناحيه المطبخ:

وأنا عيلة صغيرة، كل شوية "يا بنت عيب يا بنت عيب." العيب اللي ابنك بيعمله!

في غرفة سليم ورغدة

رغدة فتحت عينيها ببطء، كانت تحس بجفاف حلقها وعينيها منتفختين من قلة النوم. قلبها انقبض فور ما شافته نايم جنبها وكأن ما فيش حاجة حصلت، كأن الليلة اللي فاتت كانت مجرد حلم سيئ. جواها غليان، إحساس بالخذلان مخلوط بمرارة ما عاشتوش قبل كده.

زحزحته بإيدها المرتعشة، صوتها كان حاد وهي تقول:

"قوم، عايزين نتكلم."

سليم تمطّى بكسل، وسحب المخدة فوق راسه بنبرة متضايقة:

"أنا مش عايز أتكلم دلوقتي… وبعدين، إحنا مش هنتكلم، إحنا هنتخانق."

رغدة شهقت بغضب، دمها غلى أكتر، قلبها كان بيدق بسرعة وهي بتضغط صوابعها في الفرش عشان تهدي رجفة إيديها:

"طب كويس إنك عارف إننا هنتخانق! إزاي تعمل كده؟! إزاي تبقى امبارح نايم في حضني، ولسه عرسان جداد، وتقوم تسيبني وتروح تخوني؟! إنت ما بتحسش؟! ولا عندك قلب؟!"

ماردش، صمته قتلها أكتر من الكلام، رغدة حسّت بجسمها بيتشنج من الغضب، عينيها كانت مليانة دموع بس هي رفضت تنهار قدامه. زقّته تاني بكفّها وهي تعلي صوتها أكتر:

"قوم بقولك! كلمني زي ما بكلمك، ردّ عليا يا سليم!"

سليم اتحرك فجأة، بعنف، كأنه وحش استفزّته، قفز من السرير بعصبية، عيونه اسودّت ورفع إيده عليها، رفع إيده في الهواء كأنه هينزلها على وشها، لكنها، بغريزة الخوف، رفعت إيديها الاثنين تحمي وشها.

وقف، عيونه فيها شرّ بارد، وصوته كان منخفض بس مخيف:

"ده تحذير… اللي ممكن يحصل لك لو فكرتي تعلي صوتك تاني، أو تقولي لي أعمل إيه وما أعملش ايه."

رغدة شافت الشر في عيونه، جسمها ارتعش، إحساس رهيب من الخوف والخذلان سيطر عليها. الدموع نزلت بدون ما تقدر توقفها، أنفاسها كانت مقطوعة وهي بتحاول تهدي شهقاتها، لكنها فشلت. سليم بص لها نظرة أخيرة، دخل الحمام وسابها هناك، محطمة.

في غرفة عادل وصفية

عادل فتح عيونه على صوت نهنهة خافتة. لفّ وشه ناحية صفية، لقاها قاعدة في نفس المكان اللي سابها فيه امبارح، دموعها نشّفت على خدودها، لكن عيونها لسه حمرا.

قال بصوت مبحوح من النوم:

"إنتِ ما بطلتيش عياط من امبارح؟"

صفية رفعت عيونها له، صوتها كان متكسر وهي تقول:

"هو فارق معاك أصلًا؟ ما إنت سبتني وخرجت… رحت لحضن واحدة تانية، وأنا لسه عروسة!"

عادل لفّ عيونه بملل، نبرته كانت باردة وهو يقول:

"بقولك إيه، بلاش دراما كوين. إنتِ متجوزاني وأنا كده، وعارفاني كويس. ما تجيش دلوقتي وتفتكري إنك هتغيري حاجة."

صفية شهقت وهي تهزّ راسها:

"طب ليه؟! هو أنا ناقصني حاجة؟! أي حاجة وحشة فيَّ، قول لي العيب عشان أغيرها!"

عادل بص لها بنظرة نفاد صبر، صوته علي وهو يقول:

"أهو ده الكلام اللي أنا ما بحبوش! الستات دول  مزاج زي الأكل، لو قدامك أنواع كتير، هتاكلي نوع واحد؟ ولا هتاكلي من كله؟"

صفية رفعت عيونها له، نظرتها كانت مليانة انكسار، صوتها هادي لكن فيه وجع قاتل:

"بس لو في أكل واحد بتحبه بجد، عمرك ما هتبص على غيره… نفس المبدأ بالظبط، بس إنت ما بتحبش… إنت ما عندكش قلب."

عادل نزل من على السرير، وقف قدامها، ملامحه كانت متوترة والغضب بدأ يتملك منه:

"أنا لحد دلوقتي بتعامل معاكي  بالحب، بس لو فكرِتِ تتكلمي تاني بالأسلوب ده، هتشوفي وش تاني مني."

صفية وقفت مكانها، أنفاسها كانت سريعة، نظرتها كلها ألم وخيبة أمل، وبصوت متقطع من الدموع قالت:

"هو إنت خليت فيها حب أصلًا؟! كل حاجة انتهت قبل حتى ما تبدأ… دا انا ما لحقتش اكمل كلمة ممكن يتغير قومت اثبت ليا  أنه مستحيل "

عادل لفّ ظهره وخرج من الأوضة، وسابها هناك، مكسورة، بتقاوم الانهيار.

ــــــــــــ

داخل غرفة صفية

صفية كانت قاعدة على الأرض جنب السرير، حضنت ركبتيها لصدرها، دموعها بتنزل بصمت، ووشها مدفون في كفوف إيديها المرتعشة. لسه لابسة فستان النوم بتاعها، لكن شكله بقى مكركب، وكأنها كانت بتحاول تمسح دموعها فيه طول الليل.

الباب اتفتح فجأة، ورغدة دخلت وهي بتتنفس بسرعة، كانت لسه خارجة من أوضتها، بعد المواجهة اللي كسرتها من جواها. أول ما عينيها وقعت على شكل صفية، قلبها وجعها أكتر… ده بالضبط اللي هي حاسة بيه، بس مضروب في اتنين. بقيت شريكة وجعها وأسرارها .

رغدة بصوت مخنوق: "ياااااه يا صفية… إحنا بقينا كده؟!"

صفية رفعت راسها ببطء، عينيها كانت حمرا ومنتفخة، شفطت أنفاسها وهي بتضحك ضحكة مكسورة مليانة سخرية:"إحنا عمرنا ما كنا غير كده… بس كنا مغفلين، فاكرين نفسنا في قصة حب، والحقيقة إننا كنا في لعبة… هم اللي حطوا قوانينها، ولعبونا بيها زي ما هم عايزين!"

رغدة مشيت بسرعة وقعدت على الأرض قدامها،بصتلها، عنيها مليانة وجع، صوتها كان متكسر وهي بتقول:

"رفع إيده عليا يا صفية… كان هيضربني! سليم… اللي كان بيقولي إنه عمري، إنه مش هيأذيني… اللي أنا فتحت عيني وقلبي عليه… اللي كنت بحلم بيه وأنا نايمة وبصحى عليه… اللي ما تمنيتش غيره، كان هينزل إيده على وشي إزاي؟ هنت عليه؟!"

صفيةخدت نفس طويل وبعدها همست:

"إحنا هُنا عليهم من زمان يا رغدة… احنا بس كنا عايشين في وهم، مغمضين عنينا… بس هم أثبتوا لنا الحقيقة أول يوم في جوازنا… لما خانونا بدون حتى ما يفكروا!"

رغدة غمضت عنيها بقوة، حست بحرقة في قلبها، ومسحت دموعها بعصبية:

"هنعمل إيه بقى مع قلوبنا الغبية اللي اختارت تحبهم؟"

صفية بصتلها بنظرة كلها خيبة أمل، وابتسمت بسخرية وهي تمسح دموعها بإيدها المرتعشة:

"هو إنتِ فاكرة إن في حاجة في إيدينا؟ جدك… مستحيل يسمح لينا نطلق أو نسيبهم… إحنا هنكمل عمرنا كله مع الرجالة دي، سواء برضانا أو بالغصب."

رغدة شهقت وهي تهزّ راسها، رفضة الفكرة تمامًا:

"أنا مش هقدر… مش هقدر أبص في وشه تاني، ولا أعيش معاه، ولا حتى أنام معه   وهو مع واحدة تانية!"

صفية حطت إيديها على وشها، شهقت بحرقة، وبصوت مخنوق من الدموع قالت:

"عارفة عادل قال لي إيه؟ قال لي أنا لسه بتعامل معاكي بالحب! الحب بتاعه إنه يسيبني طول الليل بعيط… الحب بتاعه إنه يخوني من أول يوم جواز… الحب بتاعه إنه يخليني أحس إني ولا حاجة!"

رغدة مسكت إيدها، ضغطت عليها بقوة، وهزت راسها وهي بتحاول تثبت نفسها وتثبت صاحبتها معاها:

"إحنا لازم نكون أقوى، حتى لو محدش معانا… حتى لو هم ما رحموناش، إحنا مش هنكسر يا صفية!"

لكن في الحقيقة… الاتنين كانوا بيتكلموا وكأنهم بيحاولوا يقنعوا نفسهم، مش بعض.

صفية بصوت واطي بس مبحوح من كتر العياط: "هنعمل إيه يا رغدة؟ أدي الله وأدي حكمته، وأدي العيشة اللي انكتب علينا نعيشها… الظاهر كده إننا هنطلع زي أمك وأمي، هنتعايش مع رجالة إحنا عارفين ومتأكدين إنهم بيخونوا، وإحنا لازم نسكت وما نفتحش بقنا."

رغدة وهي ماسكة كفوف إيديها بتعصرهم بقهر: "بس إحنا غيرهم، إحنا اللي حبيناهم بقلوبنا، إحنا اللي كنا بنحلم بحياة معاهم… ليه؟! ليه ما اكتفوش بينا؟!"

صفية: "عارفة ليه مكتفوش بينا؟ ليه عادل سابني في ليلتي الأولى ورح لغيري؟…" (اتكتمت شوية كأنها مش قادرة تنطق الجملة، وبعدها قالتها بمرارة أكتر) "عشان هو شايف الستات مزاج! شايفنا زي الأكل، قالها لي بكل بجاحة… لو قدامك أصناف كتير، هتاكلي صنف واحد بس؟!"

رغدة، اللي كانت قاعدة ما بقاش عندها طاقة تدمع أكتر، فجأة ضربت بإيديها على السرير بعصبية، صوتها طلع عالي وهي بتقول بانفعال:

رغدة: "ازي ده يبقى اسمه حيوان! دي مش رجولة… دي شراهة! ده بني آدم ما عندوش قلب ولا ضمير، عاملنا كأننا مجرد حاجة بتتأكل وتتساب لما يشبع!"

صفية بصوت مبحوح من كتر القهر: "عارفة إيه اللي وجعني أكتر؟ مش إنه خانني… أنا كنت عارفة إنه بيخون حتى قبل الجواز، بس كنت بغبي نفسي… بس وجعني إنه مش شايف حاجة غلط في اللي عمله، مش حاسس حتى إنه جرحني، ولا كأن في حاجة تستاهل أزعل عليها…"

رغدة قامت بسرعة وهي بتلف حوالين نفسها كأنها بتدور على حاجة تفش غلها فيها، مسكت الكرسي اللي جنبها وهزته بعصبية قبل ما ترميه بعيد وهي بتصرخ:

رغدة: "إحنا ليه كده؟ ليه بنعيش في الوهم؟ ليه بنحبهم وهما عمرهم ما حبونا؟!"

صفية بصوت واطي بس حاسم، وهي بتبص لرغدة بعيون مليانة وجع: "لأننا كنا أغبياء، يا رغدة… بس خلاص، أنا مش هبقى غبية تاني."

الدق على الباب قطع لحظة الألم اللي بينهم، وصوت بطه، جه من بره بصوت عالي شوية:

"مدام رغدة! مدام صفية! الفطار جاهز والكل مستنيكم تحت!"

رغدة بصت لصفية بعينين بتلمع من الدموع، وكأنها بتسألها بصمت: هننزل؟!

صفية بمسحة قهر على وشها، قامت وهي بتقول بصوت واطي: "هننزل… عشان ده اللي لازم نعمله."

داخل قاعة الطعام

 رغدة وصفية قاموا من أماكنهم كأنهم ماشين بجسد من غير روح، خطواتهم بطيئة، ووشوشهم باهتة، العيون محمرة ومنتفخة، وتحتها هالات سودا تحكي عن ليالي بكاملها من العياط والقهر.


الفصل التاسع والعاشر من هنا


بداية الروايه من هنا


❤️🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


الروايات الكامله والحصريه من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنا


❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺❤️💙🌺


🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺

اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇 


روايات جديده هتعجبكم من هنا


أجدد وأحدث الروايات من هنا


روايات كامله وحصريه من هنا




وكمان اروع الروايات هنا 👇


روايات جديده وكامله من هنا


انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close