رواية أكل الذئب زينب الفصل الثالث والفصل الرابع بقلم سندريلا الروايات أمل نصر حصريه وجديده
![]() |
رواية أكل الذئب زينب الفصل الثالث والفصل الرابع بقلم سندريلا الروايات أمل نصر حصريه وجديده
الفصل الثالث
ما أصعبها من أيام، تلك التي كانت تمر بها تلك الصغيرة ذات السبع سنوات، انها لأكبر من المحنة ان تجد نفسك مسؤول عن مصيبة كبيرة كهذه وضياع اعز الاشخاص بفضل اهمال من جانبك، ياله من حمل ثقيل، وضع فوق كاهلها وعظامها لم تشتد بعد لتتحمله .
حتى الآن لا تصدق اختفاء شقيقتها، حتى والرجال ظلوا في البحث عنها أكثر من شهر حتى أيقن الجميع ان الصغيرة قد أكلها الذئب، مادامت قد اختفت في هذه المنطقة وكأن الأرض انشقت وابتلعتها، اما هي فالبتأكيد لم يقربها بظن منه انها ميتة حينما كانت فاقدة للوعي، هذه الرواية التي اجمع الجميع عليها ، لتزيد بقلبها الحسرة، وتأنيب الضمير انها المتسببة فيما حدث:
كيف لعقلها ان يستوعب؟ في كل ليلة تبكي دون توقف، كلما تخيلت خوف شقيقتها من مشهد الذئب حينما يحاصرها، او حينما يكسر عظامها بين انيابه ويأكلها و..... تبكي وتبكي .
لقد ذبلت بشدة، وأصبح الجميع يشفق عليها ويهون، فهي في الأصل صغيرة ولم تقصد، فلا تستطيع تحمل كل هذا الذنب، هذا ما يقال لها دائمًا. رغم نظرات اللوم التي كانت تتلقاها من معظمهم في البداية،
فالقدر بيد له وحده، والرحمة بها كانت اولى من أي تأنيب،
اشفقوا عليها جميعهم، وسامحوها، الا هو ، فلم يرأف بها ولم يرق قلبه القاسي ابدا، لم تتغير معاملته الجافة يومًا، لا يطيق النظر إليها ، حتى وان حدثته لا يرد يلومها دائما بنظراته القاتلة لها،
حرم عليها النوم فوق سطح المنزل معه، ليحرمها من دفء حضنه الى الأبد ، مرت الايام الثقال تتجرع مرارتها والحزن يكسو المنزل دائمًا حتى جاء العوض من الله، وولدت عزيزة بطفل اخر ولكنه لم يكن فتاة بل كان ولد .
رغم الفرحة بمجيئه، إلا انها تمنت لو كانت فتاة لتعوضه عن الفقيدة، ولكن ورغم ذلك كان بمجيئ الشقيق تغيرا ما في المنزل واصبحت الحياة تعود إلى طبيعتها بعض الشيء بفرحة الصبي، سلمت والدتها بأمر الله وصبت اهتمامها عليه وعادت معاملتها لها دون حواجز ، وجدتها الحنون فهي لم تتغير من الأساس، بل كانت دائمًا في ظهرها والسند الحقيقي لها، اما عنه فبعد فترة من الوقت قاربت العام اخذها الوهم انه ربما قد تغير واستطاع التعايش ، لتعيش هي أيضًا وتمضي في حياتها التي لم تبدا من الأساس.
ولكن كما سبق كان وهمًا، كشفته حينما استيقظت ذات مرة في إحدى الليالي لتشرب، فوصلها شهقات مكتومة تحركت على اثرها لتصعد الدرج بخفة كي تستطلع، وكانت الفاجعة حينما ابصرته من وسط الدرج ممسكًا بملابس الراحلة يبكي بحرقة شقت قلبها، ووهنت عظامها لها، حتى لم تقوى على التحمل اقدامها، فجلست محلها تكتم فمها من البكاء الحارق هي الأخرى، تتمنى من الله الموت والراحة من هذا العذاب ، تشعر وكأن جلدها قماشة مهترئة، مقطع بسكين حامي لألف قطعة، لم تعد قادرة، لم تعد لديها طاقة للتحمل، رفعت رأسها للسماء تدعو من قلبها الرحمة، تدعو الموت لتذهب الى شقيقتها،
ظلت على وضعها حتى غلبها سلطان النوم محلها في وسط الدرج، فلم تستيقظ سوى بعد ان انجلى الظلام وسقط نور البداية الجديدة للنهار على الأرض، فاعتدلت بجذعها تفرد ذراعيها التي اصابها التنميل من النوم عليها واتخاذها كوسادة، وفي اثناء ذلك ، لاحظت حركة ما تصل إليها من الخارج،
دنت بسيطًا حتى تنظر من الطاقة المفتوحة بوسط الحائط اللبني، بعد ان ابعدت القالب الذي يسدها، لترى بوضوح منها للى الخارج ، وكانت المفاجأة ، وهي وقوف ضاحي ابن زيدان الدهشوري في مقابل حربية ابنة عظمة الأعمى جارهم والملقبة بتفاحة في منطقتهم، تتشاجر معه بصوت خفيض ، بل تجذبه من ياقتي قميصه.
- لازم تتجوزنى وتعجد عليا يا ضاحي، يا إما هفضحك في البلد كلها، انا مش هشيل النصيبة دي لوحدي.
نزع ذراعيها عنه بعنف:
- نصيبة لما تاخدك، انا مالي انا ، شيلتك وتشيليها، حد جبرك على حاجة؟ ولا انتي عايزة تلبسيني نصيبة وخلاص، انا مش اهبل ليكي يا بت عظمة. عشان اصدج اني الوحيد.
صرخت به بصوتها الهامس بقهر:
- وربنا انت الوحيد، محدش في الدنيا جربلي غيرك، ليه بتعمل معايا كدة بعد ما اتلطيت، اخويا لو سمع هيدبحني وهيدبحك.
تبسم باستهزاء:
- اخوكي مين يا بت؟ هو لو راجل من الأساس كان سابك تمشي على حل شعرك وتعملي ما بدالك عشان توجعيني وادبس، لا يا تفاحة مش انا اللي اكل الطعم والبس نصيبتك، روحي يا بت دوري ع اللي يشيلها غيري، بعدي عني.
بصق كلماته الأخيرة، ينفض جلبابه ويرحل بخطواته السريعة يتركها في احزانها تكتم بكاءها الحارق بكف يدها على فمها، وهذه المصيبة التي جلبتها لنفسها بتساهلها.
لترتد بأقدامها وتغلق بابها عليها، وعادت زينب برأسها تغلق بقالب الطوب تلك الطاقة المفتوحة والتي جعلتها ترى ما سوف ينطبع بذاكرتها حتى وان لم تفهم معناه الآن بحكم عمرها الصغير، ليكشف حقائق أمامها لو تفوهت بكلمة واحدة منها سوف تطير الرؤوس وتتقطع الرقاب ، يالها من مصيبة قد اوقعت نفسها بها تلك البلهاء بإهمالها وتسيبها مع شاب عابث كهذا .
- جاعدة كدة في نص السلم ليه؟
وصلها الصوت من خلفها لتتوسع عينيها بعدم تصديق نحو أباها الذي كان يهبط امامها ولاول مرة منذ الحادث يخاطبها، حتى كذبت اذنيها ولكنه عاد يثبت لها وعينيه في عينيها دون ان يحيدها:
- جومي اغسلي وشك وتعالي عشان تفطري.
يدعوها للفطور أيضًا! يا إلهي، لابد أنها تحلم!
❈-❈-❈
هذا بالفعل ما كانت تشعر به هذه الايام، ذهول يكتنفها كلما توجه اليها بالكلام او سؤال ما بنبرة عادية، خالية من اللوم او الكره الذي كانت تراه جليا منه في الشهور السابقة، سألت نفسها كثيرا عن سر تغيره، وحينما تعبت من البحث عن الاجابة ، حمدت الله على هذا التغير ، حتى وهو لم يعد يفيض عليها بحنانه السابق او المرح او الضحك الذي افتقدته كثيرا منه، لتمضي قدمًا في الحياة الطبيعية وتتابع دراستها باجتهاد علّها تنال درجة من النجاح امامه، وهدأت الاحوال الى حد ما في منزلهم عكس ما كان يحدث حولهم، من نيران تشتعل بهدوء، مع هذه الأخبار التي تتواتر عبر الالسنة عن فضيحة على الأبواب في منزل عظمة الأعمى جارهم،
وكانت البداية لمعرفتها هي بما يقال، حينما استمعت لحديث والدتها مع تلك المرأة المدعوة خضرة، تلك التي تتاجر في كل شيء تحتاجه المنازل، تأخذ الغلال وما يصنع من لبن الجاموس او ينتج من تربية الطيور في منازل المزارعين وتبيعها في السوق، فتتربح هي بالعمولة وتنفع النساء اللاتي لا تجدن المقدرة او الجرأة كوالدتها على الخروج والتعامل المباشر مع الاشخاص الغرباء، فتسهل على المرأة التي تريد في الأساس مساعدة زوجها في تدبير احتياجات المنزل، أو العكس ايضا فخضرة تمثل اهمية اقتصادية قصوى للبلدة
ولكنها أيضًا معروفة بنقل الكلام من بيت إلى بيت، تكشف الأسرار ، وتعلمها النساء جيدًا وتعلم طبعها، ومع ذلك يفتحن بيوتهن لها، لعدم مقدرتهم على الاستغناء عنها، او ربما لعدم وجود البديل، فمهتنها تحتاج الجرأة والتفرغ او ربما الوجه المكشوف ، وهذا كله بها.
كان الحديث خافتًا لدرجة أثارت فضول زينب للأقتراب والجلوس بجوراهما للسماع جيدًا، ومع اندماج الاثنتين، لم ينتبها لها:
- بجولك البت بطنها في الرابع يا عزيزة ، دا اللي أكد عليه الدكتور، لما أغمي عليها في بيتهم ، وخدها اخوها وداها الوحدة
- يا مري، طب وانتي عرفتي منين؟
- جالتلي البت بهانة الممرضة، ما هي كانت هناك وشافت كل حاجة، دي جالتلي اخوها ومرت اخوها خرصوا مبلمين زي اللي نزل عليهم سهم الله، بعد الكلام اللي جالوا الدكتور.
سحبوا البت ومشوا بيها وما حد يعرف عنها حاجة دلوك، اصلها من يومها مطلعتش واصل ولا حتى شوفنا وشها
ضربت عزيزة بجزع على صدرها:
- يا ساتر يارب من الفضايح، طب وبعدين محدش عارف عملوا ايه فيها؟ ليكون اخوها جتلها ولا تواها.
تمتمت خضرة بمكر:
- هيجتلها ولا يتاويها من جبل ما يعرف باللي عملها، ما تفتحي مخك يا عزيزة؟
سألتها بارتياب:
- شكلك عارفاها دي كمان، اتكلمي يا خضرة في سنينك السودة دي.
مالت نحوها بتأكيد :
- الكلام اللي شايع على لسان الكل ، هو ان اللي عملها يبجى ضاحي ولد زيدان الدهشوري. .....
خرجت شهقة من عزيزة كالتي لسعت على يدها، لتهتف بارتياع:
- يا مري، الكلام اللي بتجوليه ده تطير فيها رجاب ، واولهم رجبتك.
- ورجبتي انا ليه بجى؟ هو انا اللي مطلعة الكلام؟ دا طلع من بيت الدهشوري نفسه، بيجولك حميد واد عظمة الاعمى كان عند زيدان في بيته امبارح، وبعد ما خلص جعدته معاه، طلع من عنده وشه مغبر واسود زي الطينة، اما زيدان بجى فلم عياله الكبار حامد وضاحي، في اوضته لوحديهم وجفل عليهم، وبعدها حسهم كان طالع لاخر البيت في الزعيق مع بعض التلاتة.
- كمااان.
تمتمت بها عزيزة، واناملها تربت على وجنتها بتوتر، لتردف بحنق:
- اكيد اللي واصلك الكلام ده حد من البنتة الخدامين هناك، ياكش اللي بلغتك تتجاب في الكلام والحديت عشان تغور فيها، دي اعراض ناس يا مري.
التوى ثغر خضرة بعدم رضا، لتردف بعد ذلك بتملق:
- يا عزيزة ما هي مابلغتش حد غريب، وانا برضك مش دايرة انشر في الحديت دا لولا معزتك انتي وعارفة انك تصوني السر، ما كنت اتكلمت ولا خشمي اتفتح.
بملامح متشككة عقبت لها بتحذير رغم انتقاء الكلمات:
- اممم ياريت يكون كلامك صح يا خضرة، وتاخدي بالك ان الحجة فضيلة ماتفوتش عليها تايهة، حذري المضروبة اللي فتنت تخرص خالص، وانتي يا غالية برضك خلي بالك، سوا زيدان ولا عياله ولا حريم عياله ولا حتى عيالهم الصغيرين، البيت دا كلهم واعرين ، مفيش ساهل منهم واصل، واحنا غلابة.
اصابت عزيزة الوصف عن أهل هذا المنزل، هذا ما تأكدت منه زينب ، والتي كبرت قبل اوانها بهذه الاحداث التي تتوالى امامها، فهي الاعلم بصدق الرواية، بما رأته وسمعته بنفسها واصبحت تفهمه الآن
حديث حربية وضاحي كان واضحًا وضوح الشمس ، هو المتسبب لما يحدث للفتاة، ومادام ابيه قد علم، لابد انه سيحكم بالعدل، كما تسمع دائمًا من ابيها عن حكمة الرجل في حل مشاكل البلدة ، فما بال مشكلة تحدث في منزله؟
هذا ما توقعته زينب، ولكن ما تم كان غير ذلك على الإطلاق، فقد توالت ايام التوتر والحديث المنتشر كان يتوسع والسؤال عن الفتاة كان الشغل الشاغل للجميع، بعدما علم اهل البلدة بسفر ضاحى المفاجئ ليكمل تعليمه في الخارج
لقد فعلها زيدان الدهشان بأن ابعد ابنه عن البلدة بأكملها ولا احد يعلم كيف تم ذلك؟ اما عن الفتاة التي استمر السؤال عنها لمدة جاوزت الشهر، فقد انتهت حكايتها بخبر وفاتها الذي اعلنه شقيقها بعد ذلك ، ان اصابتها حمى شديدة لم يحتملها جسدها، ورغم تشكك الجميع في صدق الرواية، الا ان الامر اتخذ وضعا طبيعيا بشكل يفوق المعقول، فقد تمت الجنازة وخرجت الفتاة بكفنها محمولة دون ان يعلم احد السر الحقيقي للوفاة ، ونصبت جنازة حضرها زيدان الدهشوري نفسه وابنه الأكبر، وكأنهم لا صلة لهم بما حدث للفقيدة
وطويت الصفحة، وصمتت الافواه، كعديد من القصص المشابهة، وتروح ضحيتها الفتيات اللاتي يتحملن الذنب من اوله لاخره وحدهن، والرجل دائما في منأى عن الحساب.
لتدور السنوات وتكبر زينب حتى استطاعت التخرج من سنتها الاخيرة من الجامعة بعد اصرار والحاح ومثابرة ، ومعارك خاضتها لتحقيق ذاتها، ولكنها فقدت اهم داعم وهي جدتها، بعدما ساندتها في دخول الكلية رغم رفض ابيها الذي كان يبتغي زواجها في سن صغيرة كباقي الفتيات من اهل البلدة، وذلك لطرق الخطاب المستمر على بابه من أجل خطبتها.
فقد تحولت كليًا بعدما كبرت من فتاة رفيعة تحرقها شمس المرعى ، الى انثى كاملة ذات جمال ساحر وخاص ، فقد صدقت جدتها حينما أنبأتها عن ذلك وهي طفلة ولكنها لم تكن تصدق.
- سرحانة في ايه يا زينب؟
صدر الصوت من عزيزة وهي تلج إليها بداخل غرفتها،
لتنزعها من شرودها ، فتلتف اليها تجيبها:
- مش في حاجة مهمة ياما، كنت بفكر بس في حاجة تخص البحث االي شغالة فيه.
التوى ثغر عزيزة لتعلق بامتعاض:
- تاني برضو بحث وكلام مش جايب همه، يا بتي ما تهمدي بجى وخلينا نجوزك، مش خلصتي الكلية الخربانه ايه باجي تاني؟ مينفعش تتطولي اكتر من كدة،
قالت الأخيرة بما يشبه النصح، بعد استرسالها في الانتقاد، لتقطب زينب بفراسة وتعقب:
- المجدمة دي انا عارفاها ياما، اكيد وراها عريس صح؟
لم تنكر عزيزة،، فقد تكلمت على الفور تجيبها:
- ايوة يا عين امك، واد زين ابن خالة امي، شافك وانتي راحة تزوري خالتك، سأل واطجس لحد ما عرف عنوانك، ودلوك باعتلي امه تشوفك
- تشوف مين؟
خرجت منها باستنكار جلي قابلته عزيزة بضجر:
- تشوفك انتي يا وش النصايب، بس انا فهمتها انك مش جاعدة عشان متسوديش وشي زي كل مرة ومترضيش تطلعي للولية تشوفك.
- عملتي خير عشان انا فعلا مكنتش هرضى اطلعلها.
- ضربة دم تاخدك، خبر ايه يا زينب؟ زودتيها جوي يا بت بطني، طب تعليم وخلصتي، ايه حجتك تاني،
- اتوظف.
سمعت عزيزة ليزداد انفعالها:
- بوووه عليا وعلى سنيني، وهي الوظيفة دي متنفعش تاجي وانتي متجوزة، ولا في حد اساسًا بيتوظف في البلد الفجرية دي؟
زمت شفتيها صامتة عن الرد لتواصل والدتها وتسألها بارتياب:
- ولا يكون في حد في مخك يا بت وانتي مستنياه.
لم تتواني زينب هذه المرة عن الرد بجرأة:
- ايوة في ياما، وانتي عارفه وبتنكري
اغمضت عزيزة عينيها بتعب وقد فهمت ما تعنيه ، لتضغط ساحبة شهيق كبير ثم تطرده، لتتماسك قليلًا ف الرد كازة على أسنانها بصوت خفيض:
- تاني برضك الموضوع الماسخ ده يا زينب؟ يا بت انا مش عايزة اعلي حسي عشان ابوكي ميسمعش برا، واد فهيمة اللي لسة مدخلش الجيش وكدك في السن، هيتجوزك ازاي وهو لسة متوظفش حتى ولا راضي يشتغل ويجيب لجمته.
دافعت زينب:
- مختار بيسعى ويدور على وظيفة، هو بس موضوع موقفه من الجيش اللي معطله شوية، زني على ابويا يرضى ويستنى عليه، مش كل مرة يكسف اخته ويلاوعها في الكلام، دا برضك واد عمتي ومش غريب عني.
زمجرت المرأة تنهي المناقشة بنهوضها فجأة:
- انتي راسك فيها مركوب جديم، ودايما تاعبة جلبي، انا جايمة وسايباهالك خالص، حتى البيت مش جاعدة فيه .
ضحكت زينب تشاكسها:
- ناجص كمان تسيبي البلد وتمشي، هتروحي فين يا عزيزة وتسيبي جوزك وعيالك؟
التفت إليها برأسها تجيب عن السؤال:
- راحة بيت عمك زيدان، الراجل المرض شد عليه، وبيجولوا، حتى كلام مش جادر،
- يا ساتر ربنا يلطف بيه.
تمتمت في اثرها زينب، تشرد في حال الرجل الذي كان يملأ الدنيا بأخباره، وقد دار به الزمن وحط عليه المرض ، ليصبح لا حول له ولا قوة، والمتحكم الآن في كل شيء هو ابنه الأكبر حامد،
تنهدت لتترك محلها، وتتجه نحو النافذة، وتفتح شراعها لتنظر الى الخارج، حيث منزل زيدان الدهشوري المقترب من منزلهم المتواضع وعدد البشر التي تدخل وتخرج اليهم من البوابة الرئيسية للاطمئنان على الرجل.
تبسمت ساخرة فلو كان هذا الرجل فقيرا او مواطنا عاديا ما كان الوضع سيصبح هكذا ابدا، تذكرت ابنه ضاحي وسفره الذي طال بالسنوات، ترى ما موقفه الآن؟ هل سيترك غربته ويأتي بعد كل هذه السنوات؟ ام وجد موطنه المناسب لعبثه ومجونه؟
❈-❈-❈
بعد عدة أيام
خرجت زينب من غرفتها متجهة نحو موقد النار في الفناء الخلفي ، لتغسل شعرها من الماء الساخن الذي تركته لها والدتها بعدما حممت اشقائها الصغار منه، لتأخذ هي المتبقي في الإناء النحاسي الكبير.
رفعته من موضعه لتضعه على الأرض بجوار وعاء بلاستيكي كبير، ثم جلست هي على وسادة من القماش، لتميل رأسها للأمام ، وبدأت لتغرف من الماء على الشعر، تمرر عليه بالصابون العادي حتى انتهت من تنظيفه تماما، ثم تناولت المنشفة لتجففه جيدًا، وتنتبه اخيرا حينما ارتفعت عينيها للأعلى، لمن وقف منذ فترة يتطلع اليها من داخل شرفة المنزل الكبير والكاشف لكل بيوت القرية لعلوه المميز عن الجميع، لتشهق بخضة تركض نحو الداخل صارخة:
- يا مري، إلحجيني ياما، في راجل غريب واجف في بلكونة بيت الدهشوري، كان بيبص عليا بغسل شعري في الحوش.
....يتبع
الفصل الرابع
- ضاحي! ، يعني اللي كان واجف في البلكونة من شوية يبجى ضاحي، ودا رجع امتى من سفره؟
تسائلت بها مندهشة نحو والدتها التي كانت تعد في طنجرة كبيرة الطعام على الموقد الغازي بداخل المطبخ المتواضع:
- ايوة يا بت، ما هم بيجولوا انه رجع من سفره امبارح عشية عشان ابوه.
- يا سلام.
تخصرت تردف بسخرية :
- يعني افتكر ابوه دلوك عشان يرجع من غيبته بعد سنين معتبش فيها البلد ، وابوه بجالوا اكتر من سنة تعبان،
- اهو اسمه افتكروا وخلاص، واحنا مالنا اصلا ؟
قالتها عزيزة لتصيح بها زينب غاضبة:
- ياما بجولك كان بيبص عليا وانا بغسل شعري من غير خشا ولا حيا.
- يا بتي اكيد كان طالع بالصدفة ومكانش جاصد
قالتها عزيزة ثم التفت نحوها توجه اللوم لها:
- وانتي برضك غلطانة يا زينب، حبكت تغسلي شعرك النهاردة في الحوش جمب الكانون؟ امال الحمام عندينا بيعمل ايه؟ على العموم هو هيعرفك منين اصلا؟
رغم حنقها من توجيه اللوم لها، الا انها لا تنكر اهمالها في هذا الأمر، ولكن هذا ما اعتادت عليه، نبتت داخلها القوة لترد بدفاعية رغم ارتباكها في بداية الأمر :
- وهي دي اول مرة يعني، ما انا طول عمري بحب اغسل شعري من المية السخنة جنب الكانون، ثم ان الجهة دي من بيتهم بجالها سنين مهجورة، وانا خدت اماني بكدة .
- واديكي عرفتي ان صاحب الجهة دي رجع، خلاص بجى حرصي وخدي بالك، حوشنا نصه مكشوف زي ما انتي عارفة.
- عارفة.
رددت بها زينب بقهر تدب قدمها على الأرض بعدما حملتها والدتها الذنب وتحركت تشرع بالذهاب نحو غرفتها حصن أمانها، ولكن عزيزة اوقفتها فور ان استدارت:
- بت يا زينب، متجربيش ع اللبن اللي في التلاجة، انا بحوشهم عشان ناوية أوفي بالندر اللي عليا بكرة إن شاء الله
- إن شاء الله.
غمغمغت بها زينب قبل ان تتركها وتذهب .
❈-❈-❈
في وقت لاحق
وبداخل غرفتها كان الحديث مع صديقتها نورا التي أتت لزيارتها:
- نشف دمي والله، انا مش عارفة طلعلي منين؟
والمصيبة اني معرفتهوش
- معرفتهوش كيف ؟ شكله اتغير يعني؟
- انا لحجت اشوف شكله انتي كمان؟ اللي شوفتو واحد غريب جدامي، ساعتها فريت على امي وانا مفزوعة.
زامت نورا بفمها لتتكئ على الوسادة خلفها تردف:
- اممم بس انا سمعت انه بجى حاجة تانية، جيمة وسيمة ولا اللي بنشوفهم في التليفزيون، دا غير انه عجل جال وبجى رزين وهيبة.
رددت خلفها بعدم تصديق:
- هيبة كمان، ضاحي بجى هيبة يا نورا؟ والله ما اصدج .
- يا بت امي حكتلي وابويا كمان، الناس كلها بتروح تسلم عليه، ايه رأيك نروح احنا كمان؟
- ريح لما يمسك في ضلوعك، مين دي اللي تروح يا زفتة؟ عايزة تشليني يا نورا؟
ضحكت الأخيرة تضرب كفًا بالآخر تردد باندهاش:
- لا حول ولا قوة إلا بالله، طب وفيها ايه يا بت الناس؟ دا حتى يعتبر من عيلتك واسمه واد عمك حتى لو من بعيد، يعني واجب عليكي تروحي تباركي لناسُه على رجوع ولدهم من الغيبة الطويلة، يعني الغريب يعمل الواجب، والجريب لاه.
- يا ستي انا معنديش اصل.
تمتمت بها زينب بضيق، تشيح بوجهها للناحية الأخرى بتنهيدة خرجت من العمق، والذكرى القديمة تلوح بعقلها ، وقتها كانت صغيرة ولم تكن تعي جيدًا معنى ما سمعته، لكن مع مرور الزمن ونضوجها فهمت جيدًا الذنب العظيم الذي راحت بسببه الفتاة، وما اَلمها بشدة هو ما علمته بعد ذلك حينما تسربت الإشاعات عن تجويعها بالأيام قبل موتها من قبل أهلها، شيء تقشعر له الأبدان.
وهو لم يمسه شيء سوى الإقصاء بعيدًا يفعل في بلاد الغربة ما يبتغيه دون حساب او مراقبة، ويأتي الآن يقابل باستقبال الفاتحين، نسي الجميع فعلته .
❈-❈-❈
صممت زينب على عدم الذهاب رغم محايلة صديقتها وتوبيخ والدتها؛ التي تتخذ الامر بحساسية تقديرا للحاجة فضيلة المرأة الثابتة كالوتد، حتى وهي تخطت الثمانون من عمرها الا نها صاحبة الكلمة العليا على الجميع في المنزل إلا طبعا هذا المدعو حامد ، وريث السلطة والهيبة وكل شيء بعد ابيه.
عادا الاثنان من زيارتهم والساعة تتعدى الحادية عشر مساءًا، كانت زينب في هذا الوقت قد انتهت من جلي الصحون وترتيب المنزل ، بعدما اطعمت اشقائها الصغار ليناموا مبكرا ككل يوم، ووقفت تتابع دخولهم المنزل والحديث بينهم.
- يا وعدي يا مطاوع الواد بجي حاجة تانية.
- طبعا يا اختي، لهو كان شغال فاعل، دا كان في بلاد برة بيصرف على كيفه وعايش برنس.....
- بس انا سمعت من جدته الحاجة فضيلة انه كان فاتح شركة لعيلته هناك وبيديرها، يعني مكانش جاعد صايع، بدليل الوجاهة اللي هو فيها دلوك .
- بجى هي جالتلك كدة، الله اعلم، اصل انا سلمت عليه وبعدها سيبتهم هو واخوه والرجالة اللي معاه، كملت جعدتي مع مجموعة حبايبي كانوا بيشربوا جوزة على جمب لوحديهم في المندرة .
التوى ثغر عزيزة ومطت شفتيها بحنق لتعقب قبل ان تجلس على اقرب وسادة وجدتها امامها غير منتبهة لزينب:
- وانت وراك وراك الجوزة حتى عند الناس وفي الجعدات المهمة اللي زي دي.
عبس مطاوع وهو يجلس ايضا بالقرب منها ، ليرد بضيق:
- ومالها يا اختي الجوزة، على الاجل الواحد بيطلع همه فيها.
اقتربت منهم زينب لتنتبه عليها والدتها فتخاطبها بضيق:
- وانتي يا محروسة كنتي هتخسي لو جيتي معانا، جدتك فضيلة سألت عليكي، معرفتش ارد عليها اجولها ايه؟
- جوليلها نامت بدري عشان مصدعة ياما، مش مستأهلة تتلخبطي ولا تًحرجي منها هو استجبال الزناتي خليفة يعني؟
قالتها زينب بتهكم، فأتى الرد من والدها :
- انتي بتجولي فيها، رجعة ضاحي دلوك بعد رجدة ابوه وكل شيء بجى في يد اخوه، معناها كبير،
ودا باين جوي من معاملة حامد ليه وتكبيره في الجعدة، الواد الكبير شكله هيحط اخوه على راس الكل.
وافقته عزيزة القول :
- طبعا ما هو جاتله الفرصة دلوك بعد عيا الراجل الكبير، اخوه شجيجه اولي من عيال نبيهة ولا ستهم ، حريم ابوه. وحامد دا مش هين.
- ايوة عندك حق، مش هين واصل .
قالها مطاوع بيقين شعرت به زينب، فهي لطالما سمعت عن المدعو حامد هذا وشدته، حازم وصارم، ورث عن اباه الهيبة والحسم، والآن جاءته الفرصة ليزيد من فرض سلطته على اخوته من اباه، ترى ماذا يخطط ايضًا بمجيء ضاحي شقيقه العابث الفاسد؟
❈-❈-❈
في اليوم التالي
قامت عزيزة بإعداد طنجرة ضخمة من الارز المختلط بالحليب، لتوفي نذرها، وتوزع منه على جيرانها والأقارب، تحمله بنفسها او يتكفل اطفالها الصغار بالمهمة عنها ، حتى أتى الدور على المنزل الأهم، فتوجهت بالطلب من ابنتها التي كانت تساعدها:
- بت يا زينب، خدي انتي الحلة الصغيرة دي ووديها لبيت عمك الدهشوري.
- انا ياما!
- ايوة انتي يا عين امك، مينفعش اشيل الحلة لحد من اخواتك لا يدلجها، دا غير ان الحجة فضيلة ممكن تزعل.
- يا دي الحجة فضيلة.
تمتمت بها زينب بضجر قابلته والدتها بغضب:
- اياكي تغلطي يا زينب، دي كانت حبيبة جدتك الله يرحمها ولا ناسية.
- الله يرحمها ويسامحها ، في حد ينسى حبيبه ياما؟
قالتها زينب بشجن واشتياق حقيقي لجدتها الحنون ، التي كانت الداعم الاساسي لها وسندها في الايام الصعبة التي مرت بها في السنين الفائتة.
❈-❈-❈
بعد قليل
كانت امام المنزل ، وما همت ان تشرع بالطرق على بابه متوقعة ان تخرج اليها أحدى الخادمات من المنزل الكبير، او على الاقل سيدة من سيدات الدار او الاحفاد، ولكن من خرج لم يكن احد منهم:
- انتي مين ؟
تفاجأت به أمامها بهيئته الجديدة يرتدي حلة بيضاء ، عليها عباءة بنية زاهية، تغلب في أناقتها كبار رجال الأعمال والهيبة في بلدها، وملامح الوجه التي نحتت لتبرز وسامته بوضوح تام ، حتى انها كادت الا تعرفه في البداية، لولا سؤاله المقتضب ونبرة الصوت التي تحفظها عن ظهر قلب، بحديثه الاخير الذي يتكرر بأسماعها رغم مرور عدد لا بأس به من السنوات.
عند خاطرها الاخير وجمت تجيبه على مضض ، متجنبه النظر اليه:
- انا بت مطاوع الجفاص، وكنت جاية بحلة الرز بلبن دي لجدتي فضيلة، ندر امي بتوفيه.
توقعت ردا مفاجئ ولكنه انتظر قليلا، وزوى ما بين حاجبيه يتمعن النظر بها، وبعدم استيعاب خرج صوته:
- انتي زينب؟! معجول؟ لدرجادي كبرتي واتغيرتي يا زينب، انا معرفتكيش واصل.
عبست بضيق متعاظم تكتمه داخلها، ليخرج صوتها بجملة مقتضبة كي تنهي هذا اللقاء وتعود الى منزلها:
- ما الصغير بيكبر ومفيش حد بيقعد على حاله، معلش ممكن تنده لحد من الشغالين ياجي ياخدها مني عشان اروح...
هتف يفسح لها الطريق:
- تمشي فين يا زينب وانتي ع الباب؟ خشي الاول .
- مش لازم يعني، ممكن انت تنده بس......
قاطعها بحزم :
- جولت ادخلي يا زينب، ولا انتي مش عايزة تسلمي ندر امك لجدتك فضيلة؟
في الاخير اضطرت مذعنة لتدلف الى داخل الدار، يصلها صوت خطواته من خلفها، واستغرابها من عودته، الم يكن في طريقه للخروج؟!
ثقل يجثم على انفاسها ودت لو استدارت تخرج بما تحمله،
- جدتك جدامك اها يا ستي .
قالها مشيرا بذراعه للأمام، وتقع عينيها على المرأة التي كانت جالسة بوسط الدار كعادتها وكأنها ملكة تحدد مكانها المظبوط لمباشرة كل شيء حولها ، دخل الاكسجين رئتيها، وخف التوتر قليلا برؤيتها ، لتخطو بسرعة نحو المرأة تخاطبها بلهفة وعجالة:
- صباح الخير يا جدة، امي بعتالك الرز بلبن ده.
خرج صوت فضيلة لها بدهشة:
- صباح الخير يا ست زينب، طب مش تاخدي نفسك الأول وكلميني براحة، رز ايه اللي بعتاه امك؟
انفرج فاهاها بنية الرد ولكنه كان الاسبق:
- بتجولك ندر وبتوفيه امها يا جدة .
قالها ثم اقترب فجأة ليتناول منها الصينية بالطنجرة الصغيرة التي تحتوي بداخلها على الأرز بالحليب،
كفه الكبيرة كانت على وشك ان تلامس كفها او ربما لامستها ، وهي أبعدتهم على الفور ، لتشيح بوجهها عن مرمى عينيه الوقحة، وهذا القرب قد اثار استفزازها،
- عن اذنكم بجى
استدرات على الفور تهم بالذهاب، وتستأذن بالإنصراف ولكنه اوقفها بقوله:
- استني يا زينب، هو انتي مستغنية عن الحلة ولا مش جادرة تنتظري ندوق منها ونجول رأينا في عمايل امك .
اجفلها بقوله لتلتف إليه بلمحة من ارتباك اصابتها كنتيجة طبيعية بعد قوله، وهي لا تجرؤ على الرد بحرية في حضرة جدته، والتي لاح العتب على ملامحها:
- دا برضوا كلام يا زينب، عايزة تسلمي الحلة وتفري زي العيال الصغيرة، هو انا بايتة في حضنك يا بت عشان متسلميش عليا بيدك؟
- تبًا هذا ما كان ينقصها.
غمغمت بالكلمات داخلها، لتضطر على مضض التراجع عن الذهاب ، والعودة الى المرأة وترضيتها، لتقترب منها متمتمة بأسف:
- لا والله يا جدة ما اجصد، انا بس عايزة ارجع عشان اساعد امي.
جذبتها من كفها التي امتدت نحوها بالمصافحة، لتجلسها بجوارها، وتقبلها من وجنتيها، تزيدها حرجًا امام هذا الذي جلس هو الآخر مقابلًا لهم بجرأة يهتف مناديا على الخادمة لتأتي له بطبق وملعقة كي يتناول من الأرز.
عاتبتها المرأة العجوز كالعادة تلكزها بخفة على ذراعها:
- كبرتي على جدتك يا بت ورجلك تجلت علينا، كدة برضو يا زينب تزعليني منك .
ردت بخجل شديد:
- يا جدة وانا اجدر برضو اتكبر عليكي، بس الدراسة في الكلية هي اللي كانت لهياني، ودلوك يدوب مخلصاها من شهرين تلاتة.
جاءها التعقيب من خلفها:
- خلصتي كلية كمان يا زينب؟ دارسة ايه بجى؟
ردت تجيبه على مضص دون ان تلتف نحوه:
- تربية انجليزي.
- يعني تطلعي مدرسة انجليزي.
اكتفت بإماءة برأسها ردًا له، فتابع بإطراء:
- يا ماشاء الله عليكي يا زينب، يا زين ما خلف ابوكي.
تدخلت فضيلة توافقه القول:
- ايوة اومال ايه يا واد، دي زينة البنتة كلها، نص البلد اتجدمت لها، وابوها بيرفض ويتشرط عليهم بكيفه، حقه بجى.
- اه والله يا جده حقه.
ردد بها من خلف جدته بنبرة لم تعجبها مع شعورها بنظراته التي تخترقها من كل جانب، ليتحول الخجل داخلها لحنق شديد تجاهد لكبته، فنهضت فجأة تستأذن:
- طب يا جدة تبجي تبعتي الحلة مع أي حد من العيال، مينفعش اتأخر عن امي اكتر من كدة، عن اذنكم.
قالتها واكتفت بإماءة تلقتها من المرأة مع ابتسامة رضا لتلتف سريعًا نحو المغادرة ، ولكنه ايضا اوقفها للمرة الثانية بإطراءه:
- بلغي امك يا زينب ان الرز حلو جوي .
- حاضر .
صدرت منها سريعًا كرد له، لتسرع بخطواتها في المغادرة، خشية ان يوقفها مرة أخرى، حتى كادت ان تصطدم بأحد ما :
- حاااسب.
صدرت من احد الرجال، لم تتبين صفته سوى بعد ان رفعت ابصارها إليه، لتصعق بهوية الشخص، وقد كان الرجل الأخطر كما تسمع من والديها ، الشقيق الأكبر لضاحي ذاك الذي يستولي على كل شي في ملك اباه حتى قبل موته:
- انا أسفة مكنتش واخدة بالي.
غمغمت بها بعجالة، لتكمل طريقها دون ان تسمع رده، حتى تطلع في اثرها باندهاش:
- دي مالها دي؟
غمغم بها حامد وهو يقترب من جلسة شقيقه مع جدته والتي جاء ردها بابتسامة:
- تلاجيها مكسوفة بس، اصلها مبتطلعش كتير من بيتهم ولا ليها اختلاط بحد .
تسائل حامد:
- مش دي زينب بت مطاوع الجفاص برضو ولا انا مش واخد بالي؟
- هي بعينها يا ولدي.
قالتها فضيلة ليعقب ضاحي خلفها:
- بس دي اتغيرت خالص يا جدة، البت اتبدلت، بجى دي اللي كنت اشيلها على يدي اخاف عضمها يطق في يدي من ضعفها، زينب ام عرجوب ناشف تبجى بالحلاوة دي .
قارعته فضيلة بمنطقها:
- وايه العجيب في كدة؟ دي معروفة من زمان، البت ليها سابع وانت سايبها عيلة تمن سنين ، طبيعي يا ولدي تستغربها، بس هي زينة صح، ياما كان غرضي اجوزها لحد من خواتك من عيال نبيهة ولا ستهم، بس كلهم مشو ورا امهاتهم، واتجوزو من ناسهم.
صمت ضاحي بشرود دون ان يعقب، فهتف حامد موجهًا الحديث له:
- ايه يا واد ابوي، هو انت هتجعد يومك كله تاكل في الرز ابو لبن جدامك، انا بجالي ساعة مستنيك في العربية، ولما زهجت جولت ادخل اشوفك .
تبسم يجيبه بنظرات ذات مغزى؛
- معلش يا واد ابوي، بس الرز طالع حلو جوي .
- الرز برضو.
قالها حامد ليضحك عليها الاخر، قبل ان ينهض ويعدل من اناقة ملابسه، فسألت فضيلة بفضول :
- الا صح مجولتوش، لابسين كدة انتوا الاتنين ورايحين على فين؟
خرج الرد من حامد :
- هنجولك يا جدة واحنا لينا بركة في الدنيا غيرك، اصبري على ما نرجع بس ونبلغك كل حاجة على نور
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
ادخلوا بسرعه حملوه وخلوه علي موبيلاتكم من هنا 👇👇👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺