expr:class='data:blog.languageDirection' expr:data-id='data:blog.blogId'>

ملكه على عرش الشيطان الفصل السادس والعشرين حتى الفصل الثلاثون بقلم إسراء علي حصريه وجديده

ملكه على عرش الشيطان الفصل السادس والعشرين حتى الفصل الثلاثون بقلم إسراء علي حصريه وجديده 


وهل تُزهر بـراعم الحُب بـ قلبٍ فقد الحياة!

أم سيظل ميتًا ، جافًا!!...

نظرت إلى عينيه المُظلمة مطولًا تُحاول أن تُفسر تلك النظرة الغريبة عليها ولكنها سُرعان ما أخفاها خلف قناع الجمود والقسوة فـ فشلت هي


تنهدت ثم أردفت بـ خفوت دون النظر إليه


-ممكن إيدك!

-تجاهل سؤالها وقال:دراعك كويس!

-حينها نظرت إليه وقالت بـ هدوء:لو على الشرخ فـ الحمد لله مفيش حاجة..إنما لو على اللي حصل دلوقتي فـ فيه كتير...


إبتسم أرسلان بـسُخرية ثم أردف وهو يُبعد خُصلاتها البُنية خلف أُذنها


-مكنتش أعرف إنك خِرعة كدا!

-رفعت منكبيها وقالت بـ بساطة:المظاهر خداعة...


رفع حاجبه بـ تعجب حقيقي قبل أن يُحرك رأسه قائلًا بـ يأس


-تعالي ندخل الجو بدأ يليل والسقعة مش هتستحمليها...


أومأت بـ خفة ثم أزاحت يده ودلفت هي الأول تاركة إياه يُلملم ما بـ الخارج ثم توجه إلى سرداب وضع به كل شئ ثم عاد إليها فـ وجدها تجلس فوق الأريكة تضم ساقيها إلى صدرها 


حك خلف عنقه ثم توجه إليها وجلس جوارها..إلتفتت إليه سديم مُجفلة ثم تساءلت بـ خفوت


-إحنا هنروح أمتى!

-أسند رأسه إلى الخلف وقال:يومين كدا

-تمتمت بـ خفوت:كويس عشان مش عاوزة أشوف وش الست اللي هناك دي...


إلتقطت أُذنيه حديثها الخافت فـ إلتفت إليها بـ خُبثٍ مُتساءلًا


-مالها الست دي!

-إستدارت بـكلها وهدرت بـ غضب:أنا لسه مبلعتش إنك متجوز عليا 

-رفع حاجبه بـ سُخرية وبـ نبرة لا تقل سخرية:متجوز عليكِ!..هي..هي اللي متجوزك عليها...

إنتفخت أوداجها بـ غيظ ثم صرخت بـ غضب أُنثى ذات كبرياء


-المبدأ واحد..ثم أنت لسه متجوزها ليه وهي خانتك وكنت هموت بـ سببها

-أظلمت عيناه وهو يقول بـبساطة:حسابها لسه مجاش..متجوزها ليه!..عشان خاطر إبني اللي فـ بطنها...


إتسعت عينا سديم بـ قوة وصمت ألجم لسانها من الصدمة..رغم طيلة الأيام السابقة إلا أنها لم تعلم بـ حمل جميلة..تلك الراقصة التي لم تنفك تتوسل و تعتذر..تتدلل و تغوي لكي تُفكر..وكم تعلم بـ تلك اللحظات أنها تُبدي ندمًا صادقًا وكم أشعرها هذا بـ الغضب العارم..ولكن أن تكن حاملًا منه بـ إبنهِ كما من المُمكن أن تكون هي


وعند تلك النقطة شحب وجهها و وضعت يدها فوق معدتها تلقائيًا ولكن سُرعان ما أبعدتها إلا أن الآوان قد فات فـ لاحظ هو حركتها العفوية..لتُظلل ملامحه نظرة قاسية ، غريبة وهو يردف بـ صوتٍ أجش


-أنتِ حامل!...


نظرت إليه بـ تشتت..غاضبة وذات كبرياء مدهوس أسفل قدميه ولكنها ترغب و بـ شدة أن تنفي تلك التُهمة عنها..إلا أن عنياها قد قست بـثوان وهي تقول بـ قوة


-ممكن وليه لأ..مر فترة طويلة على جوازنا...


إقترب منها بـ بُطء لتتراجع هي حتى أستلقت فوق الأريكة وهو يعتليها ثم دنى بـ وجههِ منها وكم هالها تلك النظرة التي نفذت إلى روحها وهو يهمس بـ خفوت خطير


-جاوبي بـ وضوح..يا أه يا لأ...


أغمضت عيناها تتنفس بـ حدة..ظلت هكذا لعدة ثوان وهو تركها..وأخيرًا أردفت بـ خفوت ميت وهي تضع يدها فوق بطنها 


-معرفش..بس..بس لو حامل أكيد هعرف...


شهقت سديم وهي تستشعر يده توضع فوق بطنها لتُبعد يدها وتنظر إلى جحيم عيناه السوداء ثم همس بـ نبرةٍ مُظلمة


-لو حامل ومحافظتيش عليه هيبقى حسابك كبير أوي...


أصابت جسدها رجفة من تهديده المُخيف ولكنها إبتلعت ريقها الجاف ثم إستجمعت شجاعتها الواهية لتهمس بـ شراسة


-ما أنت مراتك التانية حامل

-إبتسم أرسلان من زاوية فمه وهمس بـ مكر:مُصممة ليه تُحطيها فـ خانة التانية!

-ضربت صدره وهدرت بـ غيظ:متغيرش الموضوع..مراتك الرقاصة حامل يعني هيكون عندك كمان كام شهر إبن من صُلبك..عاوزني أكون حامل أنا كمان ليه...


أمسك يدها التي على صدرهِ ثم وضعها فوق رأسها ليدنو أكثر فـ يستشعر ضربات قلبها الهادرة التي تضرب صدره وعيناها التي تتسع بـ ذهول وخوف


دنى أكثر يضع قُبلات خفيفة فوق عنقها وفكها و وجنتها ثم وصل إلى أُذنها وهمس بـ نبرةٍ جديدة عليها


-إبني منك غير...


قالها ثم نهض مُبتعدًا عنها لتظل هي على حالها مُتسعة العينين وقلبها يضرب أضلعها بـ جنون..حتمًا ذلك الشيطان سيُصيبها بـ الجنون فـ كُلما إقتربت منه كُلما زاد الخطر..عليها وليس عليه قبلًا


************************************


وضع أخر صحنًا من أجل الغداء فـتلك المجنونة ، الغاضبة لم تتناول إفطارها..زفر قُصي بـ قنوط ثم توجه إلى غُرفتها وعلامات العبوس تُظلل محياه


طرق الباب بـ خفة ثم ناداها بـ صوتٍ أجش ، عابس


-رحمة!!!...


عاد يطرق الباب ولكن دون إجابة..زفر بـ غضب هذه المرة ثم أردف بـ غيظ


-يا رحمة رُدي..مكنتش غلطة يا ستي أسف..إيدينا فُرصة نبدأ من دلوقتي..يا رحمة!

-نعم...


أتاه صوتها المُتعجب والساخر بـ الوقت ذاته من خلفه ليلتف سريعًا فـ وجدها تعقد ذراعيها أمام صدرها تنظر إليه بـ تحدي..حمحم قُصي بـ حرج ثم أردف وهو يضع يده خلف عنقه


-الغدا جاهز

-ردت وكأنها تبصق الكلمات:مش جعانة...


كادت أن تُزيحه ولكنها لم تحسب أن تكن ردة فعله سريعة إذ أمسك يدها ثم دفعها إلى الحائط فـ تأوهت بـ ألم..لتهم بعدها بـ الحديث إلا أنه كمم فمها بـ كفهِ القوي هادرًا بـ شراسة وهو يقترب بـ وجههِ إلى درجة خطيرة منها


-قبل أما ترمي زبالة من بؤك ياريت تسمعي كويس اللي هقوله..سامعة...


لاحظ تلك النظرة الشرسة بـ عينيها وعنادها بـ عدم الرد ليضغط يده على فمها أكثر وهو يهدر


-هزي راسك...


أخرجت نفسًا ساخن ، غاضب إلى أبعد الحدود جعل كفه يتصلب قليلًا فوق فمها ثم حركت رأسها لأعلى وأسفل ليقول هو بـ جمود


-كويس...


أبعد يده عن فمها ولكنه لم يدع لها فُرصة للحديث بل أكمل هو حديثه بـ نبرةٍ قوية ، هادئة جعلتها تتعجب


-إسمعي يا بنت الناس..أنا بعترف إني غلطت لما إتجوزتك بالطريقة دي وبالسرعة دي..وأكبر غلط اللي عملته إمبارح وأنتِ ملكيش ذنب فـ أي حاجة ودا بـ صراحة محسسني بـ تأنيب ضمير فظيع

-لوت شدقها بـ غيظ وتمتمت:كويس إن حضرة الظابط بيحس...


حك قُصي فكه بـ غضب تلك الفتاة تُفقده أعصابه كما سديم تمامًا..حرك رأسه بـ عنف ها هو يعود لسديم مرةً أُخرى لها..تمالك نفسه ثم نظر إلى عيني رحمة الشرسة وقال بـصوتٍ مكتوم


-أنتِ ليه مُصممة تخليني أخرج عن شعوري..محتاج صمغ ألزق بؤك بيه عشان تفهمي

-صرت على أسنانها وقالت:أنت عاوز إيه!

-أجابها بـوضوح:عاوز نبدأ من جديد..بلاش زي  المتجوزين..أصحاب يا ستي على الأقل

-رفعت حاجبها الأيسر وقالت:وأخرة الصحوبية دي إيه!

-إبتسم وقال:متسبقيش الأحداث..سيبي كل حاجة تاخد وقتها يا رحمة صدقيني أنا مش وحش..أنا مريت بحاجات كتير خلِتك هنا معايا الضحية...


أجفلت لتُخفض عينيها ثم عادت ترفعهما لتتجه إلى يده التي وجدت الطريق إلى وجنتها ثم أردف بـ دفئهِ المُعتاد


-صدقيني سيبي نفسك للأيام وسيبيني معاكِ..وأنا واثق أننا هنعدي مع بعض بس كل ده مرهون بـ الوقت...


أبتلعت ريقها بـ صعوبة وظلت تنظر إليه بـ تردد ولكن نظرة عيناه التي تحتويها وليست مُصطنعة بالمرة ويده الأكثر دفئًا جعلتها تستسلم لتزفر بـ يأس قائلة


-معنديش حل تاني يا قُصي..أنا وأنت فـ مركب واحدة والشاطر اللي يعدي

-ضحك وهو يقول بـتصحيح:تؤتؤتؤتؤ الشاطر اللي هيسحب التاني لبر الأمان...


دنى ثم وضع قُبلة طويلة فوق جبينها جعلت وجنتها تشتعلان خجلًا وضربات قلب تتسابق مع الرياح وكأنها مُراهقة لم يسبق لها الزواج


إبتعد قُصي عنها ليجدها تُحدق به بـ عينين مُتسعتين..فـ إبتسم مرةٍ أُخرى وقال


-يلا الغدا زمانه برد...


جذب يدها ليجذبها خلفه متوجهين إلى الطاولة من تناول غداء هادئ بين صديقين على الرغم من توتر الأجواء والحذر من جهتها إلا أنها سُرعان ما إندمجت مع الأجواء مُطلقة لضحكاتها العنان ونكاتها ليتفاجئ قُصي بـ شخصيتها المُنطلقة والفُكاهية..رحمة جذابة بـ بساطتها و غضبها ، طفوليتها وشراسة أم تُدافع عن ولدها


رفع أنظاره إليها على صوتها وهى تقول بـ بساطة جعلته يفغر شفتيه بـ عدم إستيعاب


-أنا كلمت أيمن عشان يبعت وليد...


ولحظها أنها لم تنظر إليه أثناء حديثها فـ عيناه كانتا على وشك حرقها حية..قذف الملعقة بـ غيظ  جعلها تجفل وتنظر إليه ليقول بـ نبرةٍ مكتومة


-هو شهر عسل أسود على دماغي...


ضمت شفتيها تمنع إبتسامتها فـ قد فعلتها عن عمد لتُثير جنونه وكم كانت مُحقة فـعيناه تُطلق نيران ألهبتها إلا أنها عادت تُكمل غدائها وهي تقول بـ بساطة


-الصحاب مفيش بينهم شهر عسل

-نهض بـ غضب قائلًا:أنتِ مستفزة...


ثم تركها ورحل لتضحك رحمة وهي تُناديه بـ مرح 


-طب تعالى كمل أكلك

-أتاها صوته الغاضب:سديتي نفسي...


ضحكت رحمة بـ قوة أكبر وها هي حواء تربح الجولة الأولى


************************************


دلفت إلى غُرفتها لكي تنام بعدما تناولا الطعام السريع الذي أحضره أرسلان بـ وقتٍ مُبكر لتجده يتمدد فوق الفراش مُنتظرًا قدومها


وضعت يدها بـ خصرها ثم تقدمت بـ غضب قائلة


-على فكرة السرير مش هيكفينا

-إبتسم أرسلان بـ مكر:لأ هيكفي بس تعالي

-مش هينف ننام أصلًا مع بعض...


نظر إليها مطولًا وفجأة جذب يدها إليه لتسقط فوقه شهقت وحاولت الإبتعاد إلا أنه قد أحكم الطوق حولها..حاولت التملص من بين يديه إلا أنها فشلت..ليأتيها صوته الماكر


-شوفتي بقى السرير كفانا إزاي وزيادة

-ممكن تنزلني..أنا مش مرتاحة كدا

-إبتسم من زاوية فمه وهو يقول:هترتاحي متخافيش...


أتبع قوله قُبلة بـ زاوية شفتيها لتتسع عينيها بـ صدمة..أدارها أرسلان لتتمدد جواره ولكنها ظلت أسيرة ذراعيه


حبست أنفاسها التي كانت حبيسة صدره..أستشعرت يديه التي تُحاوط خصرها والأُخرى خلف عُنقها فوق خُصلاتها..لتسمع صوته وهو يقول بـ سُخرية


-إتنفسي عشان إبني ميموتش...


سمحت لأنفاسها بـ الخروج فـ ضربت صدره لتقول هي بـ خفوت و قنوط


-أنا مش حامل

-بس هتبقي حامل

-همست من بين أسنانها:لأ...


ضغط أرسلان على خصرها فـ تأوهت لترفع زرقاويها إليه بـ ألم فـ قابتلها أُخرى سوداء ، مُظلمة قبل أن تعود إلى عبثها ثم أردف


-خلاص نخليكِ حامل

-دفنت رأسها بـ صدره وهي تقول مُسرعة:لأ..أنا عاوزة أنام...


كانت وجنتيها تشتعلان بـ الخجل رغم أنها تدفن نفسها بـ أحضانه كي تحمي نفسها منه..إلا أنها سمعت صوت ضحكاته فـ تراقصت دقات قلبها لتلك الضحكة الرجولية الصارخة ، الجذابة ، والرائعة إلى حد يجعلها مُشتتة


أرسلان لم يضحك هكذا من قبل..على الأقل لم تراه يضحك أو يبتسم..ولكنها أحبته أن يضحك..على الرغم تلك الأحداث وما بينهما إلا أنها تتأمل المزيد


تنهدت بـ صوتٍ مسموع لتلف يديها حول خصره هامسة بـ إبتسامة لم تعلم مصدرها


-تصبح على خير...


إعتقدت أنه لم يسمعها ولكنه شدد عناقها وهمس هو الآخر


-وأنتِ من أهله...


وحينها إتسعت إبتسامتها وغفت وهي لا تزال مُرتسمة على ثغرها الكرزي


************************************


في صباح اليوم التالي


فتح أرسلان جفنيه فـ لم يجد سديم بـ جواره..سعل ثم نهض هامسًا 


-راحت فين دي!!...


حك خُصلاته الناعمة ثم أعادها إلى الخلف يُقلل تشعثها الجذاب لينهض عن الفراش متوجهًا إلى الخارج


بحث عنها بـ الصالة الصغيرة ولكنه لم يجدها..نظر إلى زاوية المطبخ الصغير ليجدها تقف أمام الخزانة الخشبية تبحث عن شئٍ ما   تُتمتم بما لم تلتقطه أُذنيه


توجه إليها بـ خطىٍ حثيثة حتى توضح له ما تُتمتم به ولم يكن سوى أغنية كرتونية شهيرة


"من قلبه و روحه مصري والنيل جواه بيسري"


إرتفع حاجبيه بـ دهشة حقيقية وهو يستمع إلى دندنتها الغريبة بـ النسبةِ إليه..إقترب منها ثم قال بـ سُخرية


-إفتكرتك دكتورة و عاقلة...


شهقت بـ فزع واضعة يدها فوق صدرها حينها قد وصل إليها ليدنو منها وهمس بـ نفس النبرة الساخرة


-طلعتي عيلة وهبلة

-تمتمت بـغيظ:مليش فـ المياعة وأحفظ أغاني شمال

-شمال!!

-أكدت بـ قوة قائلة:أه شمال...


نظرت إلى الأعلى دون أن تلتفت إليه وقالت بـ ضيق


-و وريني شاطرتك هات البراد دا عشان بقالي ساعة مش طايلة أجيبه ومش لاقية حاجة أقف عليها..بتعملوا المطابخ عالية ليه!...


لم يُصدق كمية ما تفوهت به..ولكنه رفعها من خصرها لكي تصل إلى خزانة العلوية لتحصل بـ نفسها على ما تُريد لتشهق صارخة


-أنت بتعمل إيه!

-هاتي البراد وأنتِ ساكتة...


مدت يدها تلتقطه ثم تمتمت بـ حرج


-خلاص نزلني...


أنزلها أرسلان فـ إحتضنت ما بـ يدها إلى صدرها وقالت بـ حرج


-شُـ..شُكرًا

-وضع أرسلان يده بـ خصرهِ وقال:أظن إننا مش هنفطر شاي بس وحضرتك مبتعرفيش حتى تفقشي بيضة...


لوت شدقها بـ عبوس وأدارت وجهها ليصلها صوته الجاد


-أنا هروح أجيب حاجات ناكلها وأنتِ أعملي الشاي..وأوعي تخرجي بره حذاري..سامعة!!

-أومأت بـ رأسها ثم قالت:نسيت أقولك..الدفاية مش بتشتغل والجو هنا برد..محتاجين حطب

-لما أجي هشوف الموضوع دا...


أومأت وكادت أن تستدير ولكن يده منعتها إذ أحاط خصرها ثم جذبها إلى مُقبلًا شفتيها بـ عُمق على حين غُرة..وهي لم تعي الصدمة إلا حينما إبتعد وهو يُردد بـ مكر


-نسيت أقول صباح الخير...


وضع يده أسفل ذقنها ثم دنى وقَبّل شفتيها عدة قُبلات خفيفة وتركها تحتضن البراد أكثر إلى صدرها مُتسعة العينين لا تُصدق ما يحدث


*************************************


وضع أرسلان المُشتريات بـ السيارة وقبل أن يُدير المُحرك..صدح صوت هاتفه ليُخرجه من جيب بنطاله ثم أجاب 


-إيه الأخبار!

-أتاه الصوت من الجهه الأُخرى:محدش موجود يا باشا 

-أظلمت عيني أرسلان وهو يُجيب بـ هدير:أنا جايلك...


أدار أرسلان المُحرك بـ قوة أصدرت إحتكاكًا قويًا ثم إنطلق بـ سُرعة تخطت المئة والعشرون..يداه إنقبضت بـ شدة على مقوّد السيارة حتى إبيضت مفاصله إلا أنه لم يأبه


النهاية بدأت بـ الإقتراب والحرب على وشك الإنتاء ولكن السؤال الذي دار بـ عقلهِ هل ستتحرر روحه!


لم يأبه بـ الإجابة على ذلك السؤال كل ما يشغل عقله الآن هو الإنتقام وفقط!!!


بعد مُدة ليست بـ قصيرة 


وصل أرسلان إلى منزل نائي قليلًا بعيد العمران..يتكون من طابقين هيئته كلاسيكية عريقة تدل على ثراء قاطنيه


ترجل من سيارته ليجد من حادثه يقف أمام المنزل..إقترب منه وتساءل بـ جمود و نبرةٍ قاتمة


-حد من الحرس لسه صاحي!

-كلهم فـ العسل يا باشا..والكاميرات ظبطها متقلقش...


مدّ يده ليفهم الآخر ما يعنيه..فـ أخرج من جيب بنطاله إبرة طبية أخذها أرسلان على الفور


لم يكن يُخطط لكي يقتله أولًا نظرًا لإختفاءه مُنذ زمنًا طويل وهذا الشخص الذي أرهقه بحثًا عنه..حتى وجده بـ النهاية بـ تلك المنطقة النائية ، مريض وعلى وشك الموت


دلف أرسلان إلى الداخل ليجد المنزل هادئًا..حتى أهل منزله كانوا جميعًا فاقدي الوعي..لفتت أنظاره تلك الفتاة الصغيرة التي لم يتخطى عمرها حاجز العشر سنوات تمامًا كـ شقيقته..نائم  كـما الملائكة وجهها بيضاوي ذو بشرة بيضاء صافية


توجه إليها ثم حملها إليه وهمس بـ قتامة مُرعبة


-الذنب ذنبه..أخطاء الأباء يتحملها الأبناء...


صعد بها إلى الغُرفة المتواجد بها..مُغمض العينين وكأنه يعلم ما ينتظره..تُحيط به الأجهزة و المحاليل الطبية لكي تُبقيه على قد الحياة


وضع الفتاة فوق الأريكة ثم إتجه إلى ذلك النائم..ليهمس أرسلان بـ جوار أُذنه بـ فحيح أفعى


-إصحى يا سيادة النائب..ملك الموت زارك...


فتح الآخر عيناه بـ صدمة وخوف..ثم نظر ليجد ملامح أرسلان المُظلمة والقاتمة ، كـ الجحيم بـ لهيبها..تجمدت أطرافه وهمس بـ صعوبة 


-أر..أر..سلان..الهاشمي!!!...


الوحيد الذي نطق اسمه وكيف لا وهو يحفظه عن ظهر قلب..وكيف لا وهو من لاذ إليه يطلب منه العون وكان هو الخائن


أومأ أرسلان بـ بُطء مُتعمد ثم قال بـ جمود ميت


-أيوة أرسلان الهاشمي اللي دمرتوه ودمرتوا حياته وعيلته...


أغمض النائب عيناه ثم قبض على الغطاء وقال متأوهًا


-ااااه..فضلت من سبع سنين بتخيل اللحظة اللي هتيجي فيها وتقتلني..إتخيلت أبشع طريقة للموت بس عارف إنها مش هتوفي اللي هتعمله...


نظر أرسلان إلى الطفلة لينظر إليها النائب فـ تتسع عينيه بـ خوف ورهبة ثم صرخ بـ ضعف متوسلًا


-أبوس إيدك حفيدتي لأ..دي لسه صغيرة..إقتلني أنا بس متأذيهاش هي

-هدر أرسلان بـ هسيس وهو ينظر إليه بـ قسوة:طب ما أنا هقتلك..ومش هقتلها..هفكرك بس بـ اللي حصل فـ أختي..فاكرها ولا ناسي يا سيادة النائب!

-لاااااء...


ضرب أرسلان الفراش وصرخ بـ صوتٍ أرتجت له الحوائط


-فاكر ولا لأ!

-أومأ بـ هستيرية:فـ..فاكر..والله فاكر

-عاد أرسلان يقول بـ هدوء:كويس إنك فاكر...


إبتعد وإتجه ناحية الفتاة مُتجاهلًا صرخات الآخر المتوسلة ليتحسس وجنتها المُمتلئة ثم هدر بـ نبرةٍ مُظلمة كـ ظلام ملامحه المرعبة


-وأنا كمان منستش ولا لحظة من اللي حصل..مشهد مشهد بيتكرر قدامي وأنا بـ نفس العجز مش قادرأنقذهم...


عاد يلتفت إليه ليجده يبكي فـ ضحك أرسلان ضحكات مُرعبة 


-كلهم عيطوا قبل أما أقتلهم...


إقترب أرسلان منه ثم دنى إلى أُذنهِ همس بـ فحيح مُرعب


-نظرًا لـ أحوال الصحية المُتدنية..هكون رحيم بـ موتك..ودي أرحم بـ كتير من الطريقة الأولى

-بكى الآخر ذليلًا وهو يقول:أبوس رجلك إرحم حفيدتي...


كانت عينيه بـ تلك اللحظة جحيم مُظلم يبتلع الجميع حتى نبرته التي خرجت كانت مُظلمة قاتلة ، حاد كـ نصل سيفٍ حاد


-وأنتوا مرحمتوش أختي ليه!..مرحمتوش عيلتي ليه!...


أخرج الإبرة الطبية ثم نزع غطاءها ليتوجه إلى ذلك الأنبوب الرفيع المُمتدد يُغذي وريده بينما عيناه لا تحيد الآخر الذي يبكي ويسعل بـ الوقت ذاته ليقول بـ قتامة


-بس أنا مش *** زيكوا..مبعاقبش حد مأذنيش...


غرز الإبرة الطبية ثم حقن الأنبوب بـ الهواء..سحبها ثم وضعها بـ جيب بنطاله وقال بـ نبرةٍ ميتة


-شوف هتقابل ربنا تقوله إيه!...


بقى يُتابع ذلك الفراغ المُتحرك بـ الأنبوب حتى وصل إلى كفه وأختفى تحت جلده ثم رفع عينيه إلى ذلك الذي يتألم مُصارعًا الموت حتى أعلن الجهاز الذي جواره نهاية الراقد


كانت عينيه مُتسعتين إلى درجة الجحوظ..وعينيه كانتا قاسيتين ، فاقدتا أي مظهر للحياة..الحياة التي سلبوها منه فـ لم يعد على قيدها

#الفصل_السابع_والعشرون

(الجزء الأول)

#ملكة_على_عرش_الشيطان

هو المفروض كان فصل كامل و طويل جدًا بس الحمد لله بعد أما خلصته إتسمح كله 😭 ودا اللي لحقت أكتبه التكملة قد تكون بكرة أو بعده مش عارفة أمتى الصراحة


الألم...

الحُب...

الخوف...

يجعلوك حقيقيًا من جديد...


ألقى الملعقة الصغيرة بـغيظ بعدما أنهى تحضير كوبًا من الشاي الساخن ثم إلتقطه وإتجه إلى الخارج ليجد رحمة جالسة فوق الأريكة تُحدق بـ هاتفها بـ تدقيق شديد


عقد حاجبيه بـ تفكير ثم إتجه بـ خفة إليها لينظر إلى ما تنظر إليه هي..كانت تُحدق بـ ذلك الثوب الكريمي البسيط ذو التصميم الراقي و التطريز الكلاسيكي..مُغلق الصدر و الأكمام عدا فتحة مُثلثية صغيرة من الظهر


كان خاطف للأنفاس بـ النسبةِ لها..إبتسم قُصي بـ دفئ ثم إنحنى يهمس جوار أُذنها


-لو عجبك إشتريه!...


شهقت رحمة مُجفلة فـ سقط الهاتف من بين أيديها فوق الأرض لتنظر إليه بـ غيظ قائلة


-عجبك كدا!...


إلتف حول الأريكة يجلس جوارها ثم وضع الكوب أمامع فوق المنضدة القصيرة قائلًا بـ بساطة


-أنتِ اللي قلبك خفيف...


نظرت إليه بـ غيظ ثم زفرت بـ قنوط وإنحنت تلتقط الهاتف..لم تعي كون الكنزة قصيرة وبـ مجرد إنحناءها ظهر جُزءًا ليس بـ بسيط من ظهرها أسر عيني قُصي الرجولية


وحينما نهضت إبعد عينيه بعيدًا عنها يحك عنقه بـ حرج..نظرت إليه رحمة عاقدة لحاجبيها إلا أنها لم تُعلف..وعادت تتصفح هاتفها ليعود صوت قُصي يصدح بـ جدية مُلتقطًا كوب الشاي


-لو عجبك الفُستان إشتريه!...


نظرت إليه مُجفلة وقبضت على الهاتف بـ قوة..مُترددة ذلك الثوب أعجبها وبـ شدة..كانت ستشتريه حقًا ولكن ظهوره المُفاجئ جعلها تغتاظ..لذلك رفعت ذقنها بـ إباء وقالت


-مش عاجبني..إستايله قديم

-مط شفتيه وقال:أنتِ حُرة...


إرتشف من كوب شايه فـ أثار حنقها لـ لامبالاته وعدم إصراره عليها من أجل شراءه..زفرت بـ قنوط ثم نظرت إلى الكوب وقالت بـ ضيق طفولي


-معملتليش شاي ليه!

-رفع حاجبه بـ دهشة حقيقية وقال:أنتِ قولتي!

-أجابته بـ حدة:وهو أنا لازم أقولك؟!...


وضع قُصي كوب الشاي أمامه ثم ضرب كفًا فوق آخر وأردف بـ نفاذ صبر


-جرى إيه يا رحمة!..هو أنتِ بتقولي شَكْل للبيع عـ الصُبح؟...


ظلت تنظر إليه بـ عينين بنيتين قاتلتين دون حديث..حتى سئمت الوضع وإستدارت..حرك قُصي رأسه بـ يأس وأكمل إحتساؤه للشاي بـ صمت


صمت لم يدم دقائق إذ صدح صوت جرس الباب فـ نهض قُصي وقال بـ جدية


-دا أكيد أيمن..خليكِ أنا هفتح...


كانت علامات الغضب واضحة على وجههِ ولم تفلح محاولاته في إخفاءها فـ جعلت رحمة تضحك بـ خفوت واضعة يدها فوق فمها حتى لا يسمعها


فتح قُصي الباب ليرتمي الصغير بـ أحضانه فـ إلتقطته 


-أنكل قُصي!..وحشتني على فكرة

-أجابه قُصي بـ إبتسامة صفراء:وأنت كمان يا حبيب أنكل...


ثم نظر إلى أيمن الذي عقد ذراعيه أمام صدره رافعًا حاجبه الأيسر ليعبس قُصي قائلًا بـ ذات الإبتسامة الصفراء


-منور يا أيمن..تعالى إتفضل

-مال إليه أيمن وتساءل بـ خفوت:هو إيه اللي حصل!...


لم يكد يفتح قُصي فاهه حتى أحس بـ رحمة خلفه تنطلق إلى أحضان أخيها الذي إستقبلها بـ رحابة صدر رابتًا على ظهرها بـ حنو قائلًا


-حبيبتي..صباح الخير..لحقت أوحشك كدا!!

-أها...


أجابته وهى تُحرك رأسها صعودًا وهبوطًا ثم إبتعدت بعد قليل وجذبت وليد إلى أحضانها وقَبّلته بـ إشتياق جارف


ظل قُصي و أيمن يتبادلان النظرات التعجبية إلى بعضهما ولكن لم يستطع أحد الحديث..حمحم الثاني وقال


-طب أستأذن أنا

-ردت رحمة مُسرعة:لاااء تستأذن إيه!..أنت هتتغدى معانا..مش كدا ولا إيه!...


أردفت بـ سؤالها وهي تنظر إلى قُصي بـ تحدي أن يرفض..ليبتسم لها بـغيظ ثم قال من بين أسنانه


-لأ طبعًا ودي تيجي..تعالى يا أيمن...


نظر إليهما أيمن بـ تردد لتجذبه رحمة قائلة بـ إبتسامة


-أنت هتفضل واقف كدا كتير..إدخل يلا...


أغلقت الباب ثم تبعت أيمن وقُصي الذي كان ينظر إليها و يتوعد لها..أخفت رحمة إبتسامتها لتتجه بعدها إلى الداخل قائلة بـ صوتٍ عال


-هدخل أغير لـ وليد وأبدأ أحضر فـ الغدا...


أتاها صوت أيمن يُتمتم بـ شئٍ ما ولكن قُصي صوته كان خلفها مباشرةً فـ شهقت وتراجعت إلا أنه أمسك يدها وأنزل وليد قائلًا له بـ جدية دون أن تحيد عينيه عن عينيها المُتسعتين


-أدخل يا حبيبي طلع هدوم حلوة ليك عما أقول لماما كلمة

-أومأ الصغير بـ الطاعة:حاضر يا أنكل...


إنتظر دلوف الصغير ثم أردف بـ شراسة و غيظ و هو ينظر إلى رحمة المذعورة


-هو أنتِ كدا مفكرة إنك بتاخدي حقك يا رحمة!

-همست بـ تلعثم:آآ..أنت مفكر..غلط..غلط خالص

-رفع حاجبه وقال:وإيه هو اللي صح!

-أردفت بـ تبرير:وليد وحشني

-ااااه...


قالها بـ صوتٍ عال نسبيًا وهو يعود بـ رأسهِ إلى الخلف ثم عاد إليها مُقتربًا منها إلى حد خطير ثم همس فـ أغضمت عينيها لتلك الأنفاس الساخنة التي تضربها


-إحذريني يا رحمة عشان أنا صبري قليل

-إبتلعت ريقها وهمست:هتعمل إيه يعني!

-كدا مثلًا...


إقترب هذه المرة وهو يعلم أنه يقترب منها..من رحمة مُقبلًا ثغرها الصغير ، الشهي بـ قوة مُعاقبًا إياها..وهي فتحت عيناها مصعوقة لما فعله وتلك المُفرقعات الصغيرة التي تتفجر بـ خلايا جسدها..يديها موضوعتين على ذراعيه تتكئ عليه


إبتعد قُصي مذهولًا لما فعله ولكنه أخفى تعابيره حتى لا يجرحها ثم همس بـ صوتٍ أجش


-إحذري مني يا رحمة ومن اللي هعمله...


إبتعد قليلًا عنها ثم قال بـ خفوت وهو يستدير


-إدخلي وليد بينادي عليكِ...


ثم تركها وإتجه إلى الخارج حيثُ أيمن وكِلاهما لم يفقا من الصدمة بعد


************************************


كانت جالسة بـ جوار النافذة تنتظر قدومه فـ قد تأخر كثيرًا ولم تستطع مُهاتفته..تُفكر هل تركها ورحل أم إستدعته جميلة فـ لم يستطع إلا وأن يُلبي النداء


كورت قبضتها حينما توصلت إلى هذا الإستنتاج ونيران تنهش أحشاءها..إتسعت عيناها لتلك المشاعر التي باتت تضربها بـ كثرة هذه الأيام..ما بالها أصبحت تغضب كُلما تظن أنه سيذهب إلى جميلة أو أنه يقضي أوقاتًا معها!..هي لم تكن لتشعر بـ هذا قبلًا فـ ماذا حدث الآن!


زفرت بـ نفاذ صبر و ضيق أطبق على أنفاسها فـ أغمضت عيناها ولكن سُرعان ما فتحتهما وهي تستمع إلى صوت سيارة بـ الخارج


إنتفضت واقفة وبدأت مُعدلات ضربات قلبها بـ التسارع تنتظر دلوفه العاصف..وقد صدقت ولكن دلوفه كان هادئ لا يحمل أي أثر لعاصفة


نظرت إلى يديه فـ وجدته يحمل أكياسًا بلاستيكية وملامحه التي تُخفيها نظارة شمسية تجعلها غير مقروءة


وضع ما بـ يده ثم نزع النظارة ونظر إليها فـ وجدها تنظر إليه بـ تحفز..توجه إليها فـ تراجعت قبل أن يقول بـ خفوت ونبرةٍ غامضة


-لو جعانة كُلي...


ولم يزد إتجه إلى الغُرفة..قطبت سديم حاجبيها ماذا حدث له ليجعله هكذا!..مُنذ ساعات لم يكن هكذا بل كان عابثًا و تعابيره أكثر هدوءًا عن تلك حاليًا


زفرت بـ حيرة ثم توجهت إلى الأكياس وبدأت بـ فضها فـ جوعها الذي نهش جدران معدتها جعلها تُؤجل التفكير لما حلَ به فيما بعد


بعد فترة قصيرة


كان أرسلان يخرج من الغُرفة يرتدي كنزة داخلية بيضاء وبنطاله الچينز المُهترئ ثم توجه إلى الباب الخلفي..أوقفته سديم هاتفة بـ تعجب


-رايح فين!!...


إستغرق منه الأمر عدة لحظات حتى أجاب بـ جمود دون أن ينظر إليها


-مش كنتِ عاوزة حطب عشان الدفاية!

-أها

-طيب بتسألي ليه؟!...


قطبت سديم وشعرت بـ قبضة أثلجت قلبها لحديثه الجاف معها فـ أصابتها خيبة أمل لتهتف بعدها بـ.همسٍ حانق


-أنا غلطانة...


لم يرد عليها أرسلان بل خرج وأغلق الباب..قذفت سديم الشطيرة التي بـ يدها وجلست فوق المقعد بـ غيظ هادرة بـ حنق 


-وأنا اللي قلقانة عليك والشاي كمان برد!..صحيح مش هتتغير أبدًا...


مر الوقت وأرسلان لم يدخل بعد وسديم قد تمكن القلق منها..فـ هو لم يأكل مُنذ البارحة وأيضًا هي تُريد أن تعلم ماذا حدث بـ تلك الساعات التي إختفى بها


لذلك نهضت وحضرت شطيرتين وكوبًا جديد من الشاي ثم توجهت إلى الخارج وقبل أن تفتح الباب..تأكدت من هيئتها و عدّلت خُصلاتها لتنثرها بـ جاذبيا على كتفيها ثم أظهرت تعابير الثقة و اللا مُبالاة على وجهها


فتحت الباب ونظرت حولها فـ لم تجده..قطبت بـ تعجب وتساءلت بـ همس


-هو راح فين!...


أرهفت السمع إلى ذلك الصوت الآتي من الجهة المجاورة للمنزل فـ تبعته حتى وصلت إليه


وطارت الثقة و اللا مُبالاة وهي تنظر إليه..إرتبكت وكادت أن يسقط ما بيدها أرضًا ولكنها تماسكت وهمست لنفسها بـ ثقة واهية


-إهدي يا سديم..مش أول مرة يعني تشوفيه كدا ولا تشوفي راجل كدا..ما أنتِ بتعملي عمليات لرجالة عادي...


أخرجت نفسًا حار عكس البرودة التي تضربها بسبب الطقس ثم تقدمت منه بـ خُطىٍ مُرتبكة


كان عاري الصدر يُمسك فأسًا ويُحطم الحطب إلى قطع صغيرة..عضلات صدره ومعدته البارزة تحت أشعة الشمس فـ أظهرتها لامعة جعلت أنفاسها تزداد حرارة وخجلًا


حمحمت سديم فـ إنتبه أرسلان إليها ليتوقف عما يفعل..إتكئ بـ ساقه إلى تلك الصخرة الصغيرة وتساءل


-بتعملي إيه هنا!

-حمحمت سديم مرةً أُخرى وقالت بـ إرتباك:أصل..أصلك مفطرتش وقولت أعملك فطار خفيف...


نظر أرسلان لما بـ يدها ثم إليها ليقول بـ جمود وهو يُعاود إلتقاط الفأس


-مش عاوز...


زفرت سديم بـ غضب ثم تقدمت منه لتُمسك يده وتضع بها ما معها وهدرت بـ غيظ


-منا متعبتش نفسي عشان تقولي مش عاوز

-أجابها بـ لا مُبالاة:محدش قالك إتعبي نفسك...


حملقت به بـ دهشة وهي تراه يضع الطعام أرضًا وعاود إلتقاط الفأس..وقبل أن يرفعه أمسكت سديم يده وهمست بـ تفاجؤ


-مالك!..أنت مش طبيعي من ساعة أما جيت من برة..هو حصل حاجة؟!

-أجاب أرسلان بـ جمود و قسوة:حاجة متخصكيش...


أبعد يدها ولكنها بـ إصرار عاودت إمساك يده وهو نظر إليها بـ غضب وشراسة إلا أنها لم تُبالي ثم أردفت بـ قوة


-لأ يُخصني..وحتى لو ميخصنيش أنا مقبلش إنك تتكلم معايا كدا وعلى الأقل لو فيه حاجة مش عاوزة أعرف بس متطلعش زهقك وعصبيتك عليا...


ظل أرسلان ينظر إليها بـ قناع صلب..لتترك يده ثم دارت حوله وإلتقطت الطعام هاتفة بـ جمود


-ويلا كُل...


وضعت الطعام بـ يده وكادت أن ترحل ولكنه أمسك يدها وقال بـ هدوء


-من واجب الزوجة إنها تأكل جوزها...


إستدارت سديم بـ شراسة لا تُصدق هذا الشخص..غموضه وتقلب مشاعره ومزاجيته يُخفيها ويُغضبها..ولكنها عقدت ذراعيها وهتفت بـ برود


-أنا عملت الأكل مش واجب عليا أأكلك...


شهقت سديم وهي تراه يجذبها إليه بـ ذراعٍ واحد مُحيطًا خصرها..وضعت هي يديها على صدرهِ تنظر إلى سوداويه العابثتين كما الصباح تمامًا بـ أُخرتين زرقاوتين ، غاضبتين بـ شدة ثم أردف هو بـ خُبث


-اللي أقوله يتنفذ

-هدرت بـ عناد:لأ..وسبني بقى

-حاضر...


أبعد يده عن خصرها وكادت أن تبتعد ولكنه أسرع بـ وضع يده خلف رأسها وجذبها إليه..شهقت سديم وهي على بُعد مقدار إنش واحد عن وجهه..نظرت إليه بـ عينين مُتسعتين وهو يقول بـ مكر


-هتسمعي الكلام ولاااا!...


صرت على أسنانها وحاولت الإبتعاد إلا أن يده القوية كانت تُمسكها جيدًا..إقترب حتى مست شفتيه خاصتها فـ صرخت قائلة


-خلاص..هأكلك..ممكن تسبني بقى...


بقيا على وضعمها وأرسلان يمس شفتيها بـ رقة قبل أن يبتعد حينما لمح حُمرتها لتنتفض سديم مُبتعدة


إبتسم أرسلان وهو يجلس فوق الصخرة ليقول بـ نبرة تسلطية


-تعالي قدامي يلا...


ضيقت سديم عيناها بـ غضب..ضربت الأرض بـ قدمها وتقدمت منه إتقاءًا لأفعاله الغير متوقعة..إستدارت تقف أمامه لتجده ينظر إليها بـ مكر وشيطانية


رفع الصحن فـ جذبته منه لتمد يدها و تضع الشطيرة بـ فمه فـ جذبها أرسلا لتجلس فوق ساقيه..زفرت سديم بـ قنوط وقالت


-وبعدين بقى!

-الحق عليا مش عاوزك تتعبي من الوقفة...


سارت رجفة وهي تستشعر يده حول خصرها ويدها فوق صدره العاري..العاري!!..شهقت سديم وحاولت التملص إلا أنه منعها قائلًا


-إهدي عشان مش هتقومي

-همست بـ تلعثم وهي تتحاشى النظر إليه:طب..طب إلبس هدومك...


إبتسم أرسلان بـ سُخرية قبل أن يقول بـ هدوء وبساطة


-طب هاتيها من وراكي...


مدت يدها سريعًا تلتقط الكنزة ثم أعطتها إليه ولكنها تفاجئت من همسه الخبيث


-لابسيهالي...

#الفصل_السابع_والعشرون

(الجزء الثاني)

#ملكة_على_عرش_الشيطان


إختفى صباح ذلك اليوم السابق ولم تره مُنذ ذلك الحين..حتى الآخرى لم تراها أيضًا فـ علمت أنهما معًا..إشتعلت غيرتها العمياء فـ تشتعل معها نيران الإنتقام..ستقتلها وتقتله 


مسح جميلة على خُصلاتها..هاتفته أكثر من مرة وهو لا يرد..اليوم موعدها مع الطبيب الخاص بها ولم يحضر..ألم يكن ذلك الإبن هو من جمعهما معًا !..ألم يكن هو إبنه الذي رفض أن يولد كـ "إبن حرام"؟..إذًا لماذا لم يحضر!!


إشتدت يدها على خُصلاتها فـ شعرت بـ الألم لذلك توقفت ثم أخذت نفسًا عميق وقررت عدم التفكير حاليًا


هبطت من السيارة بعدما وصلت إلى المركز الطبي يتبعها الحارسين اللذين أصبحا كـ ظليها لا يبتعدان عنها أبدًا


صعدت الدرجات القليلة حتى وصلت إلى مكتب الإستقبال..وقفت أمام الموظفة وقالت بـ إستعلاء


-معايا معاد مع الدكتور..ياريت تبلغيه

-إبتسمت الفتاة بـ إصفرار وقالت:اسم حضرتك إيه!

-جميلة الهاشمي..مدام جميلة الهاشمي...


بحثت الفتاة بـ حاسوبها عن اسمها فـ وجدته مدون..رفعت أنظارها إليها ثم قالت بـ عملية


-ثواني أبلغ الدكتور

-تأففت جميلة قائلة:طيب...


تحركت الفتاة حتى وصلت إلى غُرفةٍ جانبية ثم إختفت بها بعد عدة طرقات لتعود وتظهر..على بُعد خطوات توقفت الفتاة وقالت بـ هدوء


-الدكتور مستني حضرتك يا مدام...


تحركت جميلة بـ إستعلاء حتى وصلت إلى الغُرفة ثم دلفت دون أن تطرق..تأففت الفتاة ثم تحركت إلى مكتبها دون تعليق


أما بـ الداخل كانت جميلة تتطلع بـ جميع أنحاء الغُرفة حتى وقعت عيناها على مكتب الطبيب والذي يوليها ظهره..رفعت حاجبها بـ إستنكار ثم تقدمت وهي تهتف بـ فتور


-عاوزة الكشف يخلص بسرعة يا دكتور عشان مستعجلة

-وليه مستعجلة!..ما الوقت قدامنا طويل...


تجمدت جميلة وهي تستمع إلى تلك النبرة الماكرة والتي تعرفها جيدًا..إتسعت عيناها وهي تراه يلتفت إليها وعلى وجهه إبتسامة مُنفرة


كادت أن تنهض وتصرخ إلا أنه وجه إليها مُسدسه وقال بـ غلظة


-لو عملتي أي حركة أو صوت..هفجر دماغك

-هتفت بـ تلعثم وهي تبتلع ريقها بـصعوبة:عـ..عاوز إيه!...


كانت تتأمل وجهه المشوه إلى حدٍ ما..ذلك الجرح بـوجنته الذي ترك أثرًا غائرًا ليس من السهل محوه بـ الإضافة إلى بعض الحروق الطفيفة التي أصابته نتيجة تناثر شظايا السيارة إثر الإنفجار


إبتسمت بـ سُخرية وهي تتهكن أسباب تشوهه لتقول بـ خُبثٍ إكتسبته منه


-يا ترى لما فشلت تضم الدكتورة معاك جايلي أنا!

-ضحك نزار وقال:عملتيها مرة ومفيش مانع تعمليها تاني

-ضربت سطح المكتب بـ يدها وقالت:أرسلان لما عرف كان هيقتلني لولا...


قاطعها وهو ينظر إليها بـ عيني ذئب ثم همس بـ فحيح مُرعب أسار رجفة قوية بـبدنها كله


-لولا إبنه اللي فـ بطنك...


حاوطت جميلة بطنها الصغير وقالت بـ حدة وصوتٍ جهوري


-إياك تفكر تلمس إبني

-تؤتؤتؤ..أوعدك مش هقرب منه..لأني ناوي أستفيد من ولي العهد...


عادت تضرب سطح المكتب بـ قوة أكبر ثم بـ صوتٍ غليظ ، حاد لا يمط لـ أنثوتها بـ صلة


-خيانة!..مش هخون تاني يا نزار..وإبعد عن سكتي عشان أنت متعرفش جميلة الرقاصة لسه..ها الرقاصة..خليك فاكر...


قهقه نزار بـ قوة حتى أدمعت عيناه تحت نظرات جميلة الشرسة كـ قطة ذات مخالب ثم أردف بـ مرح من بين ضحكاتهِ العالية


-طب منا عارف جميلة ممكن تعمل إيه..عشان كدا إختاري الجهه الصح زي المرة اللي فاتت عشان تكسبي...


لم ترد عليه بل ظلت تنظر إليه بـ ذات النظرات الشرسة لينهض نزار مُتقدمًا منها ثم إنحنى إلى مستوى أُذنها محاوطًا كتفيها وهمس بـ فحيح أفعى


-أرسلان نهايته قربت..فـ متقربيش نهايتك يا جولي عشان أنتِ عارفة نزار هيعمل إيه لو مسمعتيش الكلام

-إبعدت وجهها عنه وهمست بـ حدة:إختارت الجهه الصح يا نزار..ملكش دعوة

-ضغط على كتفيها وأكمل همسه:المرادي هخلصك من الدكتورة بجد..كل اللي عاوزه هو فُرصة صغيرة بس أقدر أتكلم فيها مع المدام...


إستدارت بـ رأسها إليه ثم أبعدت كفيه عنها وقالت بـ سُخرية كـ نظراتها


-الهانم مُختفية مع الشيطان معرفش هما فين

-رفع كتفيه وقال:بسيطة كلميه و قوليله إنك تعبانة ومحتاجاه ضروري...


حينها صدرت عنها ضحكة أنثوية رقيعة ثم هتفت بـ سُخرية 


-فكرك متصلتش!..فكرك كنت هتبقى موجود لو كان رد عليا؟

-إحتدت عيناه وهو يهدر:إتصرفي يا جميلة أحسنلك..بدل أما نهايتك ونهاية ولي العهد اللي لسه مشرفش تكون على إيدي...


حاوط ذراعيها ثم أنهضها عن المقعد ليقول بعدها بـ صوتٍ جهوري


-ودلوقتي غوري..فـ ظرف يومين أسمع أخبار حلوة زيك...


ثم دفعها إلى الخارج لتنظر إلى الغُرفة بـ نظرات سوداء ، قاتلة قبل أن تهمس وهي تتجه إلى خارج المركز الطبي


-طيب يا نزار..شوف بقى جميلة هتعمل فيك إيه...


*************************************


-أفندم!...


تساءلت سديم بـ عدم فهم لسؤالهِ الذي باغتها ليبتسم أرسلان بـ خُبث قائلًا


-يعني ألبسها إزاي وأنا ماسكك!..أسيبك تُقعي

-جعدت وجهها بـ غضب قائلة:بطّل سخافة وإلبس..نفسي أفهم إزاي مبتحسش بـ البرد دا

-إتعودت لما كُنت فـ السجن...


كيف له أن ينطق ما نطقه توًا بـ تلك البساطة..حملقت به بـ ذهول لما خرج من فمه..وكأنه قرأ ما يدور بـ خلدها ليُكمل بـ نفس البساطة والهدوء


-متستغربيش فترة السجن دي بالنسبالي كانت مجرد محطة راحة...


إبتلعت سديم ريقها بـ توتر و من دون حديث ألبسته الكنزة بـ صمت ثم نظرت إلى عينيه وتساءلت


-إزاي قدرت تدخل القسم والمفروض هربان!

-تنهد أرسلان وأجابها بـ هدوء:لكل قاعدة شواذ 

-عقدت حاجبيها وتساءلت:مش فاهمة

-يعني الظابط اللي دخلت له دا معرفة قديمة وعارف كل حاجة..عشان كدا قدرت أدخل وأخرج من غير أما يتعرف عليا حد..أنا برضو مش أهبل...


قربت الشطيرة من فمه ليقضمها أرسلان وهو ينظر إلى عينيها الزرقاوتين ، الذاهلتين ثم أكملت وكأنها تُحادث نفسها


-إزاي بتقدر تكون كدا!..مش فاهمة نوع الحياة اللي أنت عايشها ولا فاهمة أنا ليه فيها!..أنت حياتك كلها أسود

-إبتسم أرسلان من زاوية فمه وقال:مش جايز فـ يوم تتلون..مع إن اللي زيي ملوش النور...


عادت تُقرب الشطيرة ثم تبعته بـ كوب الشاي لتتساءل بـ شئٍ من الإستنكار


-وليه ملجأتش للقانون!..فرقت إيه عنهم!!

-ضحك أرسلان بـ سُخرية وقال:وفكرك لما لجأت للقانون عملوا إيه غير إنهم مسابوش حد من عيلتي عايش..بلاش نتكلم فـ حاجة أنتِ مش فاهماها

-هدرت سديم بـ شراسة:كون إني عارفة أفعالك ومتسترة عليك يبقى بشاركك جرايمك

-رد بـ بساطة:روحي بلغي البوليس..مش مجبورة إنك تسكتي...


وضعت يدها فوق جبينها وعينها اليُسرى ثم قالت بـ ضياع وهي تنظر إلى سوداويهِ الخالية من المشاعر


-أنا مش فهماك..كل ما أحس إني بفك عقدة بلاقيها بتتعقد أكتر...


أمسك يدها مُبعدًا إياها عن وجهها ثم أردف بـ جمود 


-يبقى متحاوليش تفهميني..تعايشي معايا كدا لحد أما أفك أسرك...


لم تعلم لما هوى قلبها لوقع كلماته إلا أنها إبتلعت تلك الغصة الغريبة وقالت بـ خفوت


-وأنت هتفك أسري أمتى...


إبتسم وهو يُمسك يدها ليُقرب الشطيرة من فمها ثم قضمها وقال بعدها


-قُريب متخافيش..قُريب سلسلة الدم هتخلص وساعتها هختفي وهتنسي إنك عرفتيني أصلًا...


*************************************

 


-هو فيه إيه يا قُصي!..أنا حاسس إن رحمة شوية وهتقلب تنين هينفخ فينا نار دلوقتي...


همس بها أيمن وهو يميل إلى قُصي الذي إستمع إلى سؤالهِ لينظر إلى رحمة خلسةً فـ وجدها تشتعل إحمرارًا غاضبًا وكان هذا مُنعكسًا على عُنفها بـطريقة تناولها الطعام وإطعامها للصغير


ناهيك عن نظراتها القاتلة التي ترمق قُصي بها من الحين إلى الآخر والذي يلتقطها قُصي بـ مهارة ولكنه يتجاهلها بـ مهارة أكبر..وبينهما أيمن الذي ينتقل بـ بصرهِ بينهما ليهمس بـ قلة حيلة


-كانت جوازة الندامة...


وعلى الجانب الآخر 


هُناك رحمة التي لم تُصدقما فعله ذلك القُصي..يُقبلها هكذا ثم يرحل دون حديث والأنكى أنه لم يوجه لها حديث بعد ذلك


طوال فترة تحضيرها لطعام كان شيطانها يوسوس لها أنه لم يرها سوى سديم..تلك الفتاة والتي بسببها هي تُعاني..رحمة لم تكن ظل شخص أو مُسكنًا للآلام..رحمة فتاة مُستقلة حينما أرادت الحُب..ندمت..حقًا ندمت وليتها لم تُصدق تلك الكذبة


وحين أخبرها أيمن بـ طلب قُصي لزواج منها..كان للعقل الكفة الأرجح..زواجها منه لن يكون فاشلًا..ماذا جنت من الحُب سوى الذُل والمهانة..وعلى الرغم من ترددها وإصرار أيمن..إلا أنها وافقت بـ الأخير لعل وعسى يُحالفها الحظ هذه المرة


ولكنها كانت الأسوء فـ هي لم تكن سوى أداة إنتقام لقُصي الذي فشل حُبه فشلًا ذريعًا..كما رفضها من أجل تلك الفتاة والذي لم ينزع حلقته الفضية ومن المؤكد دُوِنَ احرف اسمها عليه


عند تلك النُقطة نهشت الغيرة جُدران قلبها لأُنثى لا ترغب أن تُشاركها أُخرى حتى وإن كانت لا تُحبه ولكن حواء لا تقبل بـ المُشاركة..وعلى حين غُرة نهضت بـ عُنف قائلة بـ صوتٍ مكتوم


-أنا قايمة أعمل شاي

-إستني أنا هقوم أعمله...


قالها قُصي وهو ينهض حاملًا صحنه الفارغ لتسحبه رحمة منه قائلة بـحدة من بين أسنانها


-لأ خليك..أنا هعمله

-إلا أن قُصي أردف بـ هدوء:قولت خليكِ...


نهض أيمن وسحب الصحن من بينهما وقال بـ مرح زائف مُقللًا من حدة الأجواء


-لا أنت ولا هي..أنا هدخل أعمله وأنتوا صفوا خلافتكوا...


ثم نظر إلى الصغير وليد وقال بـ إبتسامة


-تعالى ساعد خالك يا ويلو

-حاضر يا خالو...


توجه الإثنان إلى المطبخ تاركين قُصي و رحمة ينظران إلى بعض بـ نارية


عاد أيمن من المطبخ وقال بـ مرح


-لو الواد دا مزعلك..أطلقك منه عادي

-نظر إليه قُصي وقال:خُش الله لا يسيئك بلاش خرااب بيوت...


ضحك أيمن ثم دلف لتعود حرب النظرات بينهما بـ النشوب  قبل أن يقطع الصمت مُستاءلًا بـ فتور وهو يعقد ذراعيه فوق صدره


-ممكن أفهم ليه زعابيب أمشير دي!

-لملمت الصحون هتفت بـ حدة:ملكش دعوة بيا...


إقترب قُصي منها ثم قال مُشددًا على أحرفه والتي خرجت قاسية بعض الشئ


-فكرك كدا هنعرف نبدأ حياتنا وأنتِ كل شوية تتصرفي بـ الطريقة دي!

-أشارت إلى نفسها وقالت:أنا برضو

-أومال أنا؟

-تأففت رحمة وقالت:أنت عاوز إيه يا قُصي؟!

-أجاب قُصي بـ وضوح:عاوزك تشيلي أي تفكير من دماغك عشان نبدأ صح يا رحمة..واللي حصل بينا من شوية دا طبيعي بين أي أتنين متجوزين...


غزا الإحمرار وجنتيها  وإضطربت لحديثه العادي حول ذلك الموضوع المُخجل بـ شدة إلا أنها تماسكت وتساءلت بـ شك


-يعني أنت عارف كُنت بتقرب لمين!

-إبتسم بـ مُشاكسة وقال:تعالي نجرب تاني وأنا أجاوبك...


ظهرت إبتسامة لعينة على شفتيها لتُخفيها بـ يدها ثم قالت بـ حرج


-بلاش رخامة..أنا بتكلم جد...


نظر قُصي إلى عينيها ثم قال بـ صدق نفذ إلى أعماقها 


-شايف مراتي..شايف رحمة..وعاوز رحمة متخلنيش أشوف غيرها...


إبتسمت بـ إتساع على الرغم من عدم  ثقته لحديثه وأن الطريق لكيلهما صعب..صعب جدًا إلا أنه لن يستسلم ولن يدعها تستسلم..قُصي لن يسمح لقصة حب لم يُكتب لها النجاج أن تقضي على المُتبقي من حياته


-الحمد لله بقيتوا زي السمن على العسل...


قالها أيمن وهو يضع أكواب الشاي فوق المنضدة الصغيرة ليضحك قُصي قائلًا بـ مرح


-إطلع منها أنت بـ بوزك دا وهنبقى تمام

-الله أختي يا جدع ومن حقي أخاف عليها...


أردف بها أيمن وهو يُعانق شقيقته ليغمزها قُصي قائلًا بـ إبتسامة مُشاكسة


-أنا اللي أولى أخاف عليها..دي مراتي يا جدع...


************************************


بعد مرور سبعة أيام 


سبعة أيام قضتهم سديم وكأنهم من الجنة..إكتشفت جوانب عديدة لـ أرسلان وليس فقط شيطانه..كانا يقضيان أغلب أوقاتهما في تدريباتها التي لم تتقدم سوى درجة واحدة


إبتسمت سديم وهى تُحرك ما بـ المقلاةِ بـ شرود وهي تتذكر غضبه وعبارته التي هدر بها مُنذ قليل


-الرصاص بـ فلوس يا دكتورة..أنا مش قاعد على بنك هخلص فلوسي على الرُصاص...


لم تفهم إصراره على تعليمها التصويب ولكنها لم تُعارضه خصوصًا ما يُظهره من صلابة وشدة 


-الأكل إتحرق...


شهقت وهي تستمع إلى صوتهِ القريب منها ويده التي مست خصرها وهي تتجه إلى الموقد لتُغلق الشُعلة


نظرت إلى محتويات المقلاة التي إحترقت فـ لم تعتقد أنها شردت لتلك الدرجة..ألقت الملعقة وتنهدت بـ قنوط قائلة


-مفيش غدا

-ما أنتِ فاشلة

-هدرت بـ غضب:الله بقى!..أعمل إيه متعلمتش الطبخ أنا

-وضع يده بـ خصرهِ وتساءل:طب هنعمل إيه!

-رفعت منكبيها بـ بساطة وقالت:نقضيها جِبن...


رفع حاجبه بـ إستنكار ثم تقدم منها حتى حاصرها بينه وبين الموقد..إتكئت سديم إليه وقالت بـ تلعثم و خجل


-إيه!!..مـ..مالك!

-همس بـ خُبث:بفكر أكل

-متتهورش..وإبعد..أنت قولت إنك هتسبني فـ بلاش كدا...


تحسس شِفاها السُفلى بـ إبهامهِ بـ رقة فـ إرتعشت بين يديه كـ عصفور صغير ثم تشدق بـ خفوت وهو ينظر إلى عينيها المُضطربتين


-وليه معملش كدا!..أنتِ مراتي

-همست بـ خفوت هي الأُخرى:ما أنت هتسبيني...


حاوط خصرها يجذبها إليه ثم همس وهو يدنو بـ شفتيه إلى خاصتها


-وجايز لأ...


وكانت العبارة الأخيرة التي نطق بها قبل أن تستحوذ شفتيه على خاصتها ثم حملها لتُدير ساقيها حول خصره وذراعيها حول عُنقه


إتجه بها ناحية الغُرفة دون أن يفصل القُبلة ليضعها فوق الفراش..وهو يعتليها..أبعد خُصلاتها المُتناثرة ثم إبتسم إبتسامة جعلت قلب سديم يخفق بـ قوة أكبر..إبتسامة جعلتها تبتسم رُغمًا عنها .. على الرغم من الفراق الذي وعدها به إلا أنه لا بأس بـ بعض اللحظات بين أحضانه لربما تغيرت الأحداث أو توقف الزمن..لربما وقعت بـ عشقه


مال أرسلان أكثر إليها وقبل أن يعود ويُقبلها..صدح صوت هاتفه الذي أجفلها..أطلق أرسلان سبة نابية و بقى على وضعيته..إلا أن سديم همست بـ خجل


-مش هترد...


مدّ يده يسحب الهاتف دون أن يتحرك ثم أجاب بـ صوتٍ جهوري


-أيوة!...


أتاه الصوت من الجهه الأُخرى هلعًا وهو يقول بـ أحرف مُشتتة


-إلحق قُصي بيه يا باشا...


إنتفض أرسلان مُبتعدًا عن سديم وهدر بـ نبرةٍ سوداء ، جهورية جعلتها تنتفض جالسة 


-ماله إيه اللي حصل!

-راح شركة نزار..و فاضل ساعة وعشر دقايق والشركة تنفجر...

#الفصل_الثامن_والعشرون

#ملكة_على_عرش_الشيطان


الحُب...


إما بقية من شئ يتضاءل وكان هائلًا فيما مضى

أو أنه جزء من شئ سيغدو هائلًا في المُستقبل

أما في الوقت الحاضر فلا يروي الغليل لأنه يمنح المرء أقل مما يتوقعه بـ كثير 


صعد درجات السلم بـ هدوء وخيلاء دون أن ينزع نظارته الشمسية ليقف أمام المُساعدة الخاصة بـ نزار وأردف بـ جمود


-نزار جوه!...


نظرت إليه المُساعدة بـ نظرات ذاهلة لذلك الشخص الذي  يقف أمامها ويتحدث بـ تلك النبرة الجامدة لترف بـ عينيها عدة مرات هامسة بـ دهشة


-أفندم!...


رمقها قُصي بـ نظرات مُزدرية قبل أن يتركها ويتجه إلى غُرفة المكتب لتنهض الفتاة وتُناديه بـ شئٍ من الحدة


-يا أستاذ أنت رايح فين!..يا أستاذ...


لم يعرها قُصي إهتمام بل فتح الباب بـ قوة جعل نزار يرفع رأسه سريعًا وسُرعان ما إبتسم وهو يراه أمامه..كانت الفتاة تقف بـ جوار الباب لتهتف بـإعتذار


-أسفة يا فندم بس مقدرتش أمنعه...


نهض نزار وإلتف حول مكتبه ثم أردف بـ إبتسامة باردة وهو يُحدق بـ ملامح قُصي القاسية 


-محصلش حاجة..روحي أنتِ دلوقتي ومتسمحيش لحد يدخل

-حاضر يا فندم...


دلف قُصي لتخرج هي وتُغلق الباب خلفها وبقيا هما الإثنين بـ مواجهه بعضهما


إتكئ نزار إلى حافة مكتبه عاقدًا لذراعيه أمام صدره ثم قال بـ خُبث


-عاش من شافك يا قُصي باشا..مشوفتكش يا راجل من وقت لما دخلتك السجن...


لم يرد قُصي بل بقى يُحدق به حتى نزع نظارته ليضحك نزار ويقول بـ سُخرية


-طب عرفني سر الزيارة طيب!...


وضع قُصي نظارته بـ جيب سُترته ثم خطى إتجاه نزار حتى وقف أمامه مُباشرةً فـ بدى كـ مارد بـ ملامحهِ التي تزداد ظُلمة ثم أردف بـ خفوت خطير


-نهايتك هتكون على إيدي يا نزار

-رفه نزار حاجبيه وقال بـ دهشة مُصطنعة:لا يا راجل!...


أخرج قُصي مُجلد أصفر اللون صغير ثم قذفه بـ وجه نزار الذي تجهم ثم قال بـ فحيح


-إقرأ وإتفرج وأنت تعرف...


عقد نزار حاجبيه ولكنه فتح المُجلد ليجده يحتوي على بضع صور فوتوغرافية تُظهر أعماله الغير مشروعة بـ الإضافة لما يُديره حاليًا من أعمال بـ قسم غيرِ معروف بـ تلك الشركة


إتسعت عيناه بـذهول ثم رفع أنظاره إلى قُصي الذي يُحدق بهِ بـ سُخرية ليهدر بـ صوتٍ جهوري


-جبت الورق دا منين

-حك قُصي ذقنه وقال:مش مهم جبته منين..المهم هو هيوديك فين...


إستعاد نزار هدوءه ثم قال وهو يضع المُجلد خلفه بـ برود وخُبث


-حتى لو هيوديني السجن..ساعة زمن وهطلع

-ضحك قُصي وقال بـ نبرةٍ سوداء:وفكرك دي تاهت عني!..أنا هنهي حياتك زي ما نهيتوا حياة كبش الفدا قُصاد أرسلان فـ السجن...


إهتزت حدقتي نزار لولهة قبل أن يقول بـ سُخرية خرجت غاضبة 


-وهتوسخ إيدك بـدمي يا حضرة الظابط...


إقترب قُصي منه خطوة حتى وقف أمامه لا يفصل بينهما إنش واحد ثم قال بـ فحيح أفعى


-وماله..ما دا حقي..وحق عيلتي اللي قتلتوها

-مش كان أرسلان برضو هو اللي قتلهم!..دا أنت حتى معترف عليه...


إبتسم قُصي من زاوية فمه ثم إبتعد رادفًا بـ هدوء وخُبث


-ليه متقولش إن دا خطة بيني وبينه عشان مُخطط إنتقام لينا!..يعني هو يمهدلي الطريق عشان أوصلك

-ضيق نزار عيناه وتساءل بـ خفوت:قصدك إيه!

-رفع قُصي كتفيه وقال بـ بساطة:مقصديش حاجة...


*************************************


-وقف القُنبلة بسرعة يا غبي ومتخليش حد يعرف..أنا جايلك حالًا...


هدر بها أرسلان بـ صوتٍ مُرعب قبل أن يقذف الهاتف بـ قوة ليصطدم بـ الحائط ويتحطم إلى أشلاء


إنكمشت سديم على نفسها وتساءلت بـ خوف وهي ترى أرسلان يدور بـ الغُرفة ك أسد غاضب


-هو..هو في إيه!!!...


كان أرسلان بـ حالة من الجنون والغضب ليرد عليها ولكنه أخذ مفاتيح سيارتهِ وقبل أن يخرج هدر بـ صوتٍ جهوري


-متتحركيش من هنا نهائي...


أومأت بـ خفة ليخرج هو فـ إنتفضت على صوت صفع الباب بـ شدة وظلت تتساءل داخلها عما حدث ليكن أرسلان بـ تلك الحالة التي تراها عليه من قبل


وبـ الجهه الأُخرى 


صعد أرسلان سيارته ثم أدار المُحرك وإنطلق بـ سيارتهِ وكأنه يُسابق الريح..ضرب على المقوّد عدة مرات بـ قوة صارخًا بـ عُنف


-غبي..غبي يا قُصي..جاي تتحرك دلوقتي وأنا بنهي إنتقامي!...


بحث سريعًا عن هاتفهِ الآخر حتى وجده..ضغط على شاشته ثم وضع الهاتف فوق أُذنه ليأتيه الرد بعد عدة ثوان


-ألو!..مين معايا؟

-هدر أرسلان بـ زمجرة:حالًا تُخرج من الشركة..سامعني!..أُخرج ومتسألش ليه...


عقد قُصي حاجبه وهو ينظر إلى نزار الذي تُحادثه مساعدته الخاصة بـ همس ثم تساءل دون أن يُزيح ناظريه عنهما


-أخرج!..ليه إيه اللي حصل؟...


إخترق أُذنه صوت صُراخه والذي ينم عن مدى خطورة الأمر


-قولتلك متسألش..سيب كل حاجة وراك وإطلع من الشركة...


كانت المُساعدة قد رحلت وسمع قُصي بعدها صوت الباب يُغلق بـ القفل ونزار يجلس أمامه بـ إبتسامة ماكرة ومُسدس موجهًا إلى صدره..ليقول بعدها بـ جدية وعينيه تخترق عيني الآخر


-مش هينفع...


تجمدت يدي أرسلان فوق المقوّد ثم تساءل بـ صوتٍ غريب ، مُتباعد


-يعني إيه مش هينفع!

-يعني مش هينفع أطلع من الشركة غير يا قاتل يا مقتول...


وبعدها أغلق قُصي الهاتف ليهدر أرسلان بـ غضب


-قُصي!!..قُصي!!...


جأر بـ صوتهِ ثم قذف الهاتف بـ جوارهِ وزاد من سُرعته حتى كادت السيارة أن تحيد عن مسارها أكثر من مرة ليصل بـ وقتٍ قياسي إلى شركة نزار


أخرج مُسدسه الفضي ثم ترجل من السيارة سريعًا ليجد أحد رجليه واقفًا..إقترب أرسلان منه وبـ عينين تقدحان شرر هدر


-عملت إيه!

-هتف الآخر بـ تلعثم:و..وقفـ..وقفتها يا باشا متقلقش

-غور...


دفعه أرسلان بـ قوة حتى سقط الرجل أرضًا..صعد أول درجتين وحاول فردي الأمن إيقافه ولكن غضبه كان أقوى فـ ضربهم بـ قسوة وأكمل طريقه


شحذ مُسدسه ثم رفعه إلى الأعلى وأطلق رصاصتين لتصدر صرخات من جميع الموظفين والمتواجدين..علا صوتهِ الغاضب بـ غضب أسود


-كله يطلع بره..مش عاوز أشوف مخلوق هنا...


ركض الجميع إلى الخارج وسادت حرب طاحنة بين رجال أرسلان ورجال نزار حتى عمت الفوضى المكان


*************************************


وبـ الأعلى


إلتقطت أُذني قُصي ونزار صوت الصرخات والرصاص المُنطلق بـ الأجواء فـ هتف الأخير بـ مكر


-الشيطان وصل...


نهض نزار وإقترب من قُصي ثم أردف وهو يوجه مُسدسه ناحية الباب


-رغم إني هخسر كتير..بس هخلص منكوا أنتوا الأتنين مرة واحدة..مش هيقدر يقف كتير بـ رجالته قدام رجالتي

-تحدث قُصي بـ هدوء:متستألش بيه...


على الرغم كون قُصي غيرُ مُسلح إلا أنه كان قد بدأ بـ إيجاد بعض الثغرات التي ستقلب الوضع إلى مصلحته هو وأرسلان ولكنه قرر إستخدامها بـ الوقت الصحيح تجنبًا لخسائر الأرواح


وبـ الأسفل


كانت المعركة لا تزال مُشتعلة بين الطرفي و وضع أرسلان لم يكن يُبشر بـ الخير أبدًا نظرًا لقلة عدد رجاله وعدم إستعدادهِ الخاص لتلك الحالة الطارئة..سيذهب كل ما فعله هباءًا إذا مات قُصي


كان يتنفس سريعًا و بـ قوة مُختبًا خلف أحد حوائط الشركة يعد ما معه من ذخيرة وتحليل الوضع وإيجاد ثغرات تُمكنه من النجاة..نظر إلى تلك المرآة المُحطمة والتي تعكس ما خلف الحائط فـ كشفت له عن أماكن تواجد عدد قليل من رجال نزار 


أخذ أرسلان نفسًا عميق ثم نظر إلى المقعد الذي أمامه..ليدفعه بـ قدمه بـ أحد الإتجاهات فـ فورًا إنطلقت الرصاصات بـ إتجاه المقعد ليخرج هو بـ الإتجاه المُعاكس ثم صوب مسدسه ناحية رجلين ليرديهما قتيلين ثم عاد يختبئ بـ مكانٍ آخر


أخرج عدة أنفاس من فمهِ بسرعة ليسمع صوت أحد رجاله يقول بـ صوتٍ عال


-إطلع أنت لقُصي باشا..إحنا هنتكفل بـ الوضع هنا..في رجالة جاية بعد ربع ساعة بـ الظبط...


إرتفع أرسلان قليلًا بـ جسدهِ خلف الطاولة المُختبئ خلفها ليبحث عن مخرج يُمكنه من تفادي الوضع..حتى وجد مخرج نسبة خروجه منه لا تتخطى العشر بـ المئة..هدر أرسلان بـ صوتٍ مُتهدج إثر المجهود الذي يبذله


-أمنولي الطريق...


إنطلقت عدة رصاصات ليستغل أرسلان ذلك الوضع ليقفز من مخبأه ثم تحرك بـ إتجاه المخرج وسط النيران التي تمكن من تفاديها بـ صعوبة بالغة 


وقبل أن يصعد الدرج إعترض طريقه أحد الرجال الذي كاد أن يقتل أرسلان ولكن سُرعة إنتباهه جعلت يده تتحرك وترفع يد الآخر ليلكمه بـ قوة بـ أضلعه


تراجع الرجل وكاد أن يطلق عليه مرةً أُخرى ولكن أرسلان إندفع سريعًا ودفعه إلى الخلف ليسقط وهو يسقط فوقه..كال له اللكمات التي تفادى مُعظمها والمُعظم الآخر تلقاه بـ قوة


أخرج الرجل سكينًا كان مُخبئًا بـ ساقهِ ليطعن أرسلان بـ كتفه..تأوه أرسلان بـ ألم ثم إبتعد عنه..نزع السكين الصغير وأمسكه بـ يدهِ..ومعالمه مُتقلصة بـ غضب و قسوة


إقترب الرجل منه وكلما حاول لكم أرسلان تفاداها بـ مهارة حتى تمكن من مُهاجمتهِ وطعنهِ بـ السكين بـ رقبته


نزعها منه ثم صعد درجات السُلم غيرُ آبهه لنزيف جرحه


ونزار يقف على أتم الإستعداد أن يدلف أرسلان و يقتله غافلًا عن قُصي أو تناسى وجوده من الأساس فـ كل ما سيطر عليه بـ تلك اللحظة هو قتله لأرسلان


قُصي على أهُبة الإستعداد لتلك الفُرصة الوحيدة التي ستُمكنهم من النجاة


نزار ينتظر تلك الفُرصة ليقتل أرسلان ويتخلص منه نهائيًا


أرسلان يتحرك بسرعة لإنقاذ قُصي


والثلاثة ينتظروا جميعًا تلك الفُرصة التي ستُمكنهم من القضاء على الآخر 


*************************************


وضع أرسلان يده على مقبض الباب ليجده مُغلق..تراجع إلى الخلف ثم إندفع لكي يدفعه


وبـ تلك اللحظة التي سمع بها نزار صوت المقبص يتحرك إبتسم بـ شيطانية هامسًا


-أخيرًا هخلص منك...


ولكن قُصي الذي تناسى وجوده نهض لينقض عليه فـسقطا معًا لنتطلق الرصاصة مُصيبة الحائط بـ ذات الوقت الذي دلف به أرسلان


أمسك قُصي يد نزار المُمسكة لـ المُسدس وحاول إنتزاعهِ منه..ليُزمجر الثاني بـ غضب ثم بـ ساقهِ دفع قُصي مُسقطًا إياه فوق الأرض


حينها تقدم أرسلان منه سريعًا غير سامحًا له بـ قتل قُصي..وقام بـ لكمه ثم أمسك يده نازعًا منها المُسدس ثم قذفه بـ إتجاه قُصي..الذي إلتقطه سريعًا و صوب ناحية ذلك الرجل الذي كاد أن يقتل أرسلان


-مش هتخرجوا من هنا عايشين

-دفعه أرسلان هادرًا بـ صوتٍ مُخيف:أنت اللي مس هتعيش دقيقة واحدة..حياتك وقفت لحد هنا...


مسح نزار فمه وإبتسم بـ خُبث ثم إنقض على أرسلان الذي باغته بـ طعنه بـ السكين الذي معه بـ كتفهِ الأيسر ليتأوه الأول مُبتعدًا عنه


تقدم أرسلان منه ثم نظر إلى قُصي الذي تحرك بـ إتجاه الباب وقال بـ جمود


-أمن المكان كويس...


أومأ قُصي وكل من يقترب من تلك الغُرفة كان يقتله دون التفكير مرتين..وأرسلان بـ الداخل يقترب من نزار الواقع أرضًا ثم همس بـ فحيح


-نهايتك كانت المفروض من نص ساعة فاتت..لكن ربنا كتابهالك تعيشها...


إبتسم نزار وهو يُِمسك كتفه ثم أردف بـ خُبث ينم عما يُخبئه خلف إبتسامته


-كاتبلنا يا شيطان...


إسودت عيني أرسلان بـ غضب ليقوم بـ لكمهِ بـ قدر الغضب الذي يختزنه..بـ قدر القسوة والإنتقام الذي عاشاهما..بـ قدر سبع سنوات عانى فيهن الكوابيس المُزعجة ومُعايشة تلك الليلة الجحيمية أكثر من مرة


إلتقطت أُذن قُصي صوتًا غريب قريب منه ليتقدم إتجاه صوت حتى وصل إلى مكتب المُساعدة..بحث حتى وجد أسفله قُنبلة صغيرة ضُبط وقت إنفجارها بعد ثلاث دقائق من الآن


إتسعت عيني قُصي الذي نهض سريعًا ثم إتجه إلى الغُرفة وأمسك أرسلان دافعًا إياه بعيدًا..كاد أن يلكمه ولكنه هدر بـ صوتٍ جهوري


-يلا مفيش وقت..لازم نخرج من هنا

- مش هخرج إلا لما أقتله

-هدر قُصي:بقولك هنموت..فيه قُنبلة هتنفجر كمان تلات دقايق...


كان نزار يضحك بـ قوة فـ عندما تم إغلاق هذه الغُرفة عليهما أمر المُساعدة أن تُخبر أحد رجاله بـ وضع تلك القُنبلة بـ مكتبها ثم تُخلي الشركة من جميع الموظفين


كاد أن ينهض ولكن قُصي صوب إلى ساقه فـ سقط متأوهًا..سحب أرسلان ثم قال وهما يتجهان إلى الخارج


-كدا كدا الشركة هتنفجر بيه..يلاااا...


نظر أرسلان إلى نزار نظرات سوداء ، مُخيفة قبل أن يختفي ويركض مع قُصي الذي يقتل كل من يعترض طريقه


حينما خرجا من الشركة بعد ثوان إنفجرت الشركة مُطيحة بهما أرضًا


النيران والأدخنة السوداء المُتصاعدة لم تُماثل نيرانه أو سواد روحه..كم تمنى تلك اللحظة أن يُنهي إنتقامه ويحصل على الحرية..أن تحصل روحه على الحُرية..ولكن بـ تلك اللحظة لم يشعى سوى بـ فراغ..فراغ كبير لا يعلم سره


وضع قُصي المُصاب إثر إطاحته أرضًا يده على كتف أرسلان وأدرف بـ خفوت


-خلاص كل حاجة خلصت يا أرسلان

-إلتفت إليه وقال بـ نبرةٍ خاوية:تفتكر!

-تنهد قُصي وقال:يلا نمشي عشان البوليس هيكون هنا كمان عسر دقايق...


رمق حُطام الشركة والنيران نظرةً أخيرة أكثر سوادًا و حقدًا ثم إتجه إلى سيارتهِ وصعد معه قُصي


************************************


-كُنت بتعمل إيه عند نزار!...


تساءل أرسلان بـ جفاء دون النظر إلى قُصي فـ أجابه بـ بعد تنهيدة طويلة


-مش لوحدك على فكرة اللي كنت عاوز تنتقم

-إبتسم أرسلان من زاوية فمه بـ سخريةٍ قائلًا:ولما تقرر تتحرك تبوظلي كل حاجة بعملها صح!...


نظر إلى قُصي بـ هدوء ثم عاد ينظر أمامه قائلًا وهو يمسح خيط الدماء المنسل فوق حاجبهِ


-مكنتش أعرف إنك هتعمل كدا

-وأديك عرفت وباظت الدنيا

-حك قُصي جبهته وقال:نزار مات والحكاية إنتهت يا أرسلان...


إلتفت إليه أرسلان بـ رأسهِ ثم قال بـ سُخرية لاذعة


-أول مرة أسمعك بتنادني بـ اسمي

-إلتوى فك قُصي ثم قال بـ هدوء:مش أنت اسمك أرسلان ولا إيه!

-إبتسم أرسلان وقال:عندك حق...


ساد الصمت لعدة لحظات قبل أن يقطعه قُصي مُتساءلًا


-مش هتروح المُستشفى عشان جرحك دا!

-مكنتش أعرف إنك ظابط غبي

-صر قُصي على أسنانهِ وقال:أنا غلطان..نزلني هنا...


توقف أرسلان بـ سيارتهِ أمام البناية التي يقطن بها قُصي والذب هتف قبل أن يهبط


-أنا إتجوزت 

-رد عليه أرسلان دون أن ينظر إليه بـ جمود:مبروك...


حرك قُصي رأسه بـ يأس ثم ترجل ليقول قبل أن يترجل من السيارة


-خُد بالك من الطريق

-نظر إليه أرسلان بـ سُخرية وأردف:يا حنين...


ضحك قُصي مُحركًا رأسه بـ يأس مرةً أُخرى ثم هبط وقبل أن يرحل إنحنى إلى النافذة ثم إبتسم رادفًا


-شكرًا

-أدار أرسلان المُحرك ورد دون أن ينظر إليه:عفوًا...


إبتعد قُصي ليتحرك أرسلان بـ السيارة عائدًا إلى حيث سديم


***********************************


عضت سديم أظافرها قلقًا فـ قد تأخر أرسلان كثيرًا وخروجه لم يكن طبيعيًا مما أكد لها حدوث شيئًا خطير


وضعت ذلك المئزر الصوفي فوق جسدها وضمته إلى صدرها تسمتد منه الدفء حتى سمعت صوت مكابح سيارة تصطف أمام المنزل


دون تفكير إتجهت ناحية الباب وفتحته سريعًا وبـ لهفة ترقبت قدومه إليها ولكنها شهقت بـ ذعر مُتراجعة وهي تجد ثيابه المُمزقة وبعض الجروح الطفيفة التي تُغطي وجهه بـ الإضافة إلى بُقعة الدماء التي تحتل مساحة لا بأس بها على قميصهِ


دلف أرسلان و وقف على أعتاب المنزل مُحدقًا بـ سديم المذهولة أمامه وهي تُحدق بـ معالمهِ المجروحة بـ عينين ذاهلتين مُتسعتين


إبتسم بـ سُخرية ثم تقدم وأغلق الباب هاتفًا 


-إيه أول مرة تشوفي حد متعور يعني!...


إزداد إتساع عيني سديم فـ بدت على وشك الإستدارة ليقترب أرسلان أكثر منها وهي غيرُ قادرة على الحركة وكأن قدميها تيبستان بـ مكانها..ليدنو من أُذنها ويهمس


-تعرفي إن شكلك كدا جميل...


رفت بـ عينيها عدة مرات قبل أن تبتعد وتُحمحم قائلة وهى تُدير وجهها بعيدًا عنه


-إيه اللي حصل!

-وضع يديه بـ جيبي بنطاله وقال:عملية إنقاذ

-زمت شفتيها بـ حنق وقالت:بتكلم جد

-رفع منكبيه وقال:ومين قالك إني بهزر!...


تركها ثم إتجه إلى الأريكة وإرتمى عليها مُتأوهًا وبدأ بـ نزع قميصه المُلطخ بـ دماءهِ..لينظر إلى الجرح مُتأففًا بـ ضيق وأرجع رأسه بعدها إلى الخلف مُغمض العينين


تقدمت منه سديم وبقت تُحدق به وبـ ذلك الجرح بـ توتر قبل أن تتساءل بعد فترةً من التردد


-فين علبة الإسعافات!

-أجاب دون أن يفتح عينيه:فـ الحمام...


إتجهت إلى المرحاض وجلبت صندوق الإسعافات وجلست فوق الأريكة جواره وبدأت بـ فحص الجرح لتقول بـ جدية بها بعض القلق


-الجرح عميق

-أجاب دون مُبالاة:مش أنتِ جراحة!..إتصرفي بـ اللي معاكِ

-مسحت على جبهتها بـ توتر:أنا بتكلم إنك مش هتقدر تستحمل الوجع..دي جراحة مش تخيط جرح...


نهضت سديم ليتمدد أرسلان فوق الأريكة هامسًا وهو مُغمض العينين


-كدا كدا هيغمى عليا عشان نزفت كتير..شوفي وشي ولما تحسي إني نمت إبدأي فـ كتفِ...


أبتلعت ريقها بـ توتر..يداها ترتعشان بـ وضوح..على الرغم أنها طبيبة جراحة وأنها لا تخشى الدماء وما خاضته من جراحات صعبة إلا أنه غير كل ما سبق..أمامها أرسلان وهي على وشك إجراء جراحة دون تخدير


نهضت لتعقيم الأدوات ثم غسلت يديها جيدًا وعادت لتجد يده الموضوعة فوق رأسهِ قد سقطت خارج الأريكة فـ علمت أنه فَقَدَ الوعي..لذلك أسرعت بـ إرتداء قُفازات وجدتها بـ خزانة المطبخ ولم تنسى غسلهِ جيدًا ثم شرعت بـ إجراء الجراحة


ساعات مرت وكانت أكثر الساعات صعوبة بـ حياتها..لم تكن تعلم أنها ستمر بـ تلك اللحظات أبدًا


مسحت حبات العرق عن جبينها على الرغم من برودة الطقس..إلا أن تلك الساعات والضغط الواقع عليها قد جعل من المكان وكأنها بـ داخل أحد الأفران


مسحت الدماء عن جسدهِ وعلى الرغم من طول المُدة إلا أنه لم يفق أبدًا..فـ أثار ذلك هلعها ولكن تنفسه كان إلى حدًا ما مُنتظم ومعالمه تتقلص بـ ألم من حين إلى الآخر


نهضت تجذب قطعة قُماشية نظيفة و بللتها بـ مياه دافئة ثم عادت إليه وبدأت المسح على جسدهِ وتنظيفه ثم وضعتها جوارها وجلبت من الغُرفة ثياب نظيفة وألبسته إياها بـ صعوبة بالغة


وضعت الغطاء عليه وأحكمته حوله وظلت جاثية جواره تُحدق بـ ملامحهِ التي يظهر عليها و لأول مرة الإرهاق والألم..ولم تعرف لما آلمها قلبها عليه..عهده قاسي ومتحجر القلب ، لا يظهر عليه لا الألم أو التعب..ولكن اليوم رأته شخصًا عاديًا يتعب ويمرض فـ هو ليس بـ خارق


ضحكت سديم لتمسح على جبينهِ بـ رقة ثم خللت أصابعها الطويلة خُصلاته الفحمية هامسة بـ إبتسامة


-مطلعتش خارق و بـ تتعب زينا...


توقفت يدها عن تمليس خُصلاته ثم همست مُتساءلة وهي تشرد بـ نظراتها بعيدًا


-يا ترى إيه اللي حصل!...


تنهدت تنهيدة مُطولة ثم بدأت بـ لملمة ما حولها من قُطن ملوث بـ الدماء والضماد الطبي و وضعتهم بـ حقيبة بلاستيكية سوداء لتخرج بعدها إلى الخارج واضعة إياه بـ جوار المنزل


عادت تدلف لتتجه إلى المرحاض تنعم بـ حمامٍ دافئ وأبدلت ثيابها ثم عادت إليه..وضعت وسادة كبيرة فوق الأرضية وجلست هي فوقها


وضعت يدها على جبينهِ تتحس حرارته فـ وجدتها عادية..أطلقت زفيرًا بـ راحة و ظلت تُراقبه إلى أن غلبها النُعاس فـ قد أُنهكت قواها مُنذ قليل


أراحت رأسها فوق ذراعهِ رُغمًا عنها وغطت في سُباتٍ عميق


أما هو ما أن أحس بـ إنتظام أنفاسها حتى فتح عينيه وعلى الرغم من ذلك الألم إلا أنه أجبر نفسه على النهوض والحرص على مُراقبتها


كانت هادئة ، مُستكينة وخُصلاتها تُغطي ملامحها ليُبعدها عن وجهها فـ ظهر..كان مُرهقًا ، أصفر اللون يدها تتمسك بـ شدة بـ الغطاء وكأنه حبل نجاتها


وضع يده فوق إصابته لذلك الألم الذي داهمه ثم إعتدل بـ جلستهِ لتتململ هي بـ إنزعاج دون أن تصحو..ليُحيط خصرها ورفعها بـ خفة عن الأرض 


تمدد جواره فوق الأريكة ليجذب الغطاء فوقهما ثم أراح رأسها فوق كتفه السليم ليُداعب خُصلاتها البُنية بـ شرود هامسًا وعيناه السوداء تنظر إلى أعلى


-أنتِ بقيتي خطر عليا...


#الفصل_التاسع_والعشرون

#ملكة_على_عرش_الشيطان

اللي نسى الأحداث أعزائي ممكن يرجع للفصل 28 يستعيد الأحداث ويكمل قراءة ❤


لا تذهب ، لا تحضر ، لا تقترب ، لا تبتعد

لا تهجرني ، لا تلتصق بي ، لا تُضيعني ، لا تؤطرني

ولنطر معًا في خطين متوازيين

لا يلتقيان

ولكنهما أيضًا لا يفترقان...


صعد الدرج بـ خُطىٍ تكاد تكون ملحوظة بسبب إصابته إثر سقوطه فوق الأرض القاسية..إتكئ إلى الحاجز يلتقط أنفاسه ثم أكمل الصعود


أخرج مفاتيح شقته وفتح الباب ثم دلف ليتفاجئ بـ تلك التي إنطلقت توبخه دون ملاحظة حالته


-كُنت فين!..قلقتني يا قُصي...


وإلتفت قُصي..وليته لم يلتفت فما أن نظرت إليه وإلى جراحه حتى إنطلقت صرخة أفزعته ليركض إليها دون أن يأبه لـ الألم ثم كمم فمها وهمس بـ إستنكار


-بس يا رحمة مالك!..الله شوفتي عفريت؟

-أبعدت يده ثم تساءلت بـ خوف:إيه اللي عمل فيك كدا!...


إبتعد عنهت ثم توجه إلى الأريكة يرتمي بـ ثقلهِ عليها لتخرج أهه قوية من بين شفيته فـ أغمض عينيه قليلًا


توجهت إليه رحمة بـ عينين هلعتين تنظران إلى جراحه بـ رهبة لتجثو أمامه مُتساءلة بـ تلعثم


-هو..هو..إيه..اللي حصل..ولا إتخانقت..مع مين!

-إبتسم قُصي بـ سُخرية وقال:أنتِ متجوزة ظابط يا رحمة مش مكوجي...


تجاهلت سُخريته لتنهض مُتساءلة بـ قلق ظهر رُغمًا عنها بـ نبرتها المُرتجفة


-أنا هجبلك هدوم نضيفة وأجي أنضف جروحك...


تحركت عدة خطوات قبل أن تقف وتتراجع مُتساءلة بـ تشكك


-مش محتاج تروح المستشفى أحسن!

-إبتسم بـ تأوه قائلًا:لو كنت محتاج مستشفى كنت رحت..متقلقيش أنا كويس...


أومأت بـ تردد بعد أن نظرت إليه لعدة لحظات ثم ركضت إلى غُرفتهِ لتُحضر ثيابه وبعض المواد المُطهرة


عادت لتجده قد تجرد من ثيابه لتُخفض رأسها بـ خجل هامسة لنفسها بـ عتاب


-وبعدين بقى يا رحمة!..ما تثبتي كدا دا جوزك يعني مش حد غريب

-أنا فعلًا مش غريب..ما غريب إلا الشيطان يا رحومي...


وصلها صوته العابث لتشهق وهي تعي أن صوتها قد وصله..ضربت جبهتها بـ كف يدها ثم توجهت إليه مُخفضة الرأس غيرُ قادرة على مواجهته لذلك الموقف الذي وضعت نفسها به


حمقاء..همست بها لنفسها متى ستكف عن عادة الحديث وكأنها بـ مفردها فـ دائمًا ما يخونها لسانها وينطق بما لا تُحمد عُقباه


تنحنت بـ حرج ثم جثت أمامه وبدأت بـ مسح جسده الأول بـ الماء تُنظف الجروح من الأتربة ثم بدأت بـ تعقيمها


تأوه قُصي حينما إشتدت يدها فوق أحد الجروح المُؤلمة تقول بسرعة مُتداركة الأمر


-آسفة..آسفة مكنش قصدي

-تحسس مكان الجرح وقال:ولا يهمك..أنا اللي بقيت خرع من الركنة...


ضحكت رحمة رُغمًا عنها ثم قالت بـ عتاب مُمتزج بـ الرقة..أصابته هذه المرة


-دا وقته بـ ذمتك!

-نظر إليها وقال بـ هدوء:شوفتك خايفة فـ حبيت أطمنك

-إبتلعت ريقها وتساءلت بـ إهتزاز:بجد كويس!

-إبتسم وأردف:بجد كويس...


إبتسمت وأومأت بـ خفة ثم أكملت ما تفعله..مسحت جسدهِ مرةً أُخرى وبعدها ألبسته ثيابًا جديدة 


نهضت ثم قالت بـ هدوء وهي تُلملم ثيابه المُمزقة 


-هروح أحضرلك الأكل و مسكنات عشان الوجع...


كادت أن ترحل ولكنه أمسك كف يدها ثم قَبّلها بـرقة فـ إرتعشت بين يديه وعيناها تتسعان بـ غيرِ إرادتها


-تسلميلي يا رحمة

-إبتسمت وهي تسحب يدها ثم قالت بـ إهتزاز:عـ..عفوًا..بـ..بعد.إذنك...


ثم ركضت إلى الداخل ليضحك قُصي بـ خفوت حتى لا يُصيبها الحرج أكثر..يتأمل المزيد..يتأمل إستقرار وحياة جديدة..فُرصة أُخرى تُوضع بين يديه على طبقٍ من ذهب وسيكون غبيًا إن لم يستغلها


هو ضابط ويعي أن الفُرص لا تُعوض..الحياة لا تُعطي الكثير ورحمة فُرصته سيستغلها وسيربح بها وبـ حياةٍ جديدة..سيربح الجميع كما يأمل


***********************************


فتحت سديم جفنيها بـ صعوبة بالغة ثم تململت بـ تأوه لتلك الوضعية المُؤلمة لعنقها..شعرت بـ يده تُداعب خُصلاتها بـ لمسات خفيفة تكاد تكون محسوسة لترفع رأسها بغتةً لتجده ينظر إليها بـ عُمق غريب أصاب جسدها بـ قُشعريرة إلا أنه إبتسم تلك الإبتسامة الدافئة والتي تُفقد قلبها صوابه ثم أردف بـ نبرةٍ ثقيلة


-صباح الخير

-إبتلعت ريقها بـ توتر وقالت:صباح النور...


حاولت النهوض ليُبعد يده عن خصرها المُقيد لحركتها فـ جلست ثم سألته بـ إهتمام وهي تُبعد كنزته لترى الجرح 


-أنت كويس!..حاسس بوجع أو حتى الجرح بيحرقك!...


حرك رأسه نافيًا ثم إستوى جالسًا لتنهض هي قائلة بـ جدية


-هقوم أحضر الفطار وأجبلك الدوا

-ضحك أرسلان وقال بـ سُخرية:هتحضري الفطار ولا دي طريقة سريعة عشان تتخلصي مني!

-نظرت إليه بـ نظرات قاتلة ثم هدرت بـ حنق:الحق عليا عاوزة أغذيك

-أشار بـ يده وقال بـ لا مُبالاة:روحي..روحي ربنا يستر...


تأففت بـ حنق ثم نهضت سريعًا تُحضر بعض الطعام الصحي بـ مُساعدة سُمية التي هاتفتها 


-ست سديم!!..ليكِ وحشة والله...


إنطلقت العبارة من فم سُمية بـ دهشة وسعادة بـ الوقت ذاته لتبتسم سديم قائلة


-أزيك يا سُمية وإزي بابا!..كويس؟

-أه كويس يا حبيبتي

-تساءلت سديم بـ تردد:طب..طب هو مسألش عليا ليه!

-حمحمت سُمية بـ حرج وقالت:من ساعة أما عرف إنك عملتي حادثة وهو بيلوم نفسه..لو مكنش طلبك مكنش دا حصل

-هتفت سديم سريعًا:أنا كويسة..عاوزة أكلمه هو فين!

-هو نايم عشان كنا عند الدكتور إمبارح...


تمسكت سديم بـ حافة الطاولة بـ قوة ثم تساءلت بـ خوفٍ غلف حروفها التي خرجت مُبعثرة من بين شفتيها


-بـ..بابا جراله..جراله حاجة!

-أردفت سُمية سريعًا:لالالا..هو الحمد لله كويس أوي متخافيش..دا معاد الكشف الدوري 

-وضعت سديم يدها فوق صدرها وقالت بـ راحة:الحمد لله...


صمتت سديم لعدة لحظات ثم عادت تتحدث 


-احم سُمية كُنت عاوزة أسألك على حاجة!

-أؤمري يا ست سديم

-عاوزة أسلق فراخ وأعمل رز

-تساءلت سُمية بـ عقدة حاجب:خير يا ست سديم!..أنتِ عيانة!...


وضعت سديم يدها خلف عنقها ثم أردفت بـ حرج 


-لأ مش أنا..أر...


صمتت سديم بـ حرج وهي تستشعر وجنتيها تلتهبان بـ حرارة حارقة لتقول بـ عصبية مُفرطة


-أووووف..إيه يا سُمية!..هتساعديني ولا لأ؟!

-طب خلاص خلاص يا ست سديم إهدي..ركزي معايا فـ اللب هقوله...


تتبعت سديم إرشادات سُمية لتحضير الطعام من أجل ذلك المريض بـ الخارج


رتبت الأطباق و وضعت بـ جوارهم بعض الأقراص اللازمة ثم حملتهم و خرجت إليه


كان لا يزال جالسًا بـ وضعيتهِ السابقة دون حراك..لتأخذ سديم نفسًا عميق ثم توجهت إليه واضعة الطعام فوق ساقيه وأمرته بـ صرامة وإرتباك


-كُل..وخُد دواك

-تعالي إديني قلمين أحسن..بتتكلمي كدا ليه!...


نظرت إليه بـ حنق وعيناها تزجراه بـ نظرات قائلة ليضحك أرسلان بـ سُخرية ثم نظر إلى الطعام وقال بـ شك


-الأكل دا مضمون؟!

-أردفت سديم بـ غرور وهي ترفع ذقنها:مش محتاج تسأل على فكرة..أنت مطولش أصلًا تاكل أكل أنا عملته...


نظر إليها بـ سُخرية جعلت وجهها يستشيط إحمرارًا ليتلقط الملعقة ثم بدأ بـ تناول حساء الدجاج الساخن..فـ نظرت إليه سديم بـ ترقب قبل أن يردف هو دون النظر إليها


-الظاهر تعليمات سُمية جت بـ فايدة...


عضت على شِفاها السُفلى بـ حرج إلا أنها قالت بـ إباء


-بس برضو أنا اللي عملته...


حرك أرسلان رأسه بـ يأس ولم يرد بل أكمل تناول طعامه بـ سكون وهي ظلت تتأمله بـ عُمق واضح..تتعجب تلك الشخصية الغامضة


أرسلان مُتقلب..شخصية ليست مزاجية بل أن مشاعره غيرُ واضحة..ما يجيش بـ داخله لا تبوح بهِ عيناه..إن كان لكل قاعدة شواذ فـ هو يُمثلها و بـ براعة مُنقطعة النظير..لا تستطيع التنبؤ بما يُفكر به..بينما هي بـ النسبةِ إليه سهلة القراءة والتنبؤ


تنهدت سديم بـ تعب لينظر إليها أرسلان مُتساءلًا


-مالك!

-حركت سديم رأسها بـ نفي وقالت:مفيش حاجة..بس بسأل إيه اللي حصل إمبارح؟!...


ظل ينظر إليها مطولًا دون حديث وتعابير وجهه لا تحمل أي مشاعر تنتمي إلى البشر بـ شئ حتى ظنت أنه لن يُجيب إلا أنه قال بـ هدوء أصابها بـ رجفة لا تعلم سببها


-كنت بصفي حساب طال سنين...


لن تسأل..هي تعلم مقصده وتعلم أن مقصده لن يُعجبها إذا أجاب بـ وضوح..أكثر ما يُخيفها منه هو ذلك الهدوء وحديثه الهادئ عن ماضيه وإنتقامه..نعم هي تخشى أرسلان أكثر مما تظن


************************************


في صباح اليوم التالي


كان جالسًا بـ فراشهِ لم يذهب إلى العمل ينتظر الإفطار..رحمة لطيفة مُنذ الأمس ولكنها تتجنبه بعد تلك القُبلة البريئة ليدها وهي تتحاشها وتتجنب الجلوس معه حتى أنها تعللت بـ نومها جوار صغيرها حتى لا تُزعجه أثناء نومه


تنهد قُصي ثم قال وهو يحك خُصلاتهِ السوداء بـ تبعثر


-لسه قدامنا مشوار طويل يا رحمة..مشوار طويل ومُتعب...


نهض بعدما أتعبه الجلوس هكذا ليتجه إلى الخارج فـ وجد رحمة ويتبعها وليد حاملًا الطعام قادمان إليه ولكنها توقفت قائلة بـ دهشة


-قُصي!..قومت ليه من السرير؟..إحنا كنا جايين

-مفيش داعي..تعالي نفطر كلنا سوا 

-أومأت بـ خفة:طيب ثواني بقى أجيب باقي الأكل...


تقدم قُصي من وليد ليأخذ الطعام من يده وقبل أن يرحل إنحنى يُقبل وجنتة رحمة بـ خفة ثم همس بـ إبتسامته الرائعة


-صباح الخير

-أجابته بـ عينين مُتسعتين:صـ..صباح الخير...


ثم ركضت مُسرعة إلى الداخل ليسمع صوت الصغير يقول بـ براءة


-مقولتليش صباح الخير...


إنحنى قُصي يُقبله ثم قال بـ إبتسامة


-صباح الخير يا وليد

-صباح النور..يلا نحط الأكل عما ماما تيجي...


توجها إلى الطاولة يضعان فوقها الأطباق لتنتضم إليهما رحمة تُكمل ما تبقى


حرصت على الجلوس بـ أبعد مقعد عنه..قُصي يتصيد كل فرصة من أجل الإقتراب منها..هي تعلم أن ذلك الإقتراب بلا مشاعر وهي ترفض أن تكون ليس أكثر من دواء مُؤقت لروحهِ المُشتتة..لروحهِ المُعلقة بـ أُخرى


مسحت رحمة جبهتها ثم بدأت بـ تناول الطعام ولكن سؤال قُصي جعلها ترفع رأسها إليه مذهولة


-قاعدة بعيد ليه يارحمة!..مش ملاحظة إنك بتتجنبيني من إمبارح؟

-تلعثمت وهي تُجيب:لـ..لأ آآ. أبدًا

-طب تعالي قربي مني...


تصاعدت ضربات قلبها وهو يخصها بـ الإقتراب منه..يُريدها أن تقترب منه كما يفعل هو معها..وضعت الخُبز الذي بـ يدها وقالت بـ خفوت


-أنا مرتاحة كدا

-تنهد قُصي وقال:معلش تعالي على نفسك وإرتاحي جنبي...


قبضت على غطاء الطاولة بـ كل قوتها ترفض النهوض ولكن نظرات قُصي التي تخترقها جعلتها تنهض صاغرة..إلا أن صوت الطرقات كان نجدتها لتقول مُسرعة


-هروح.أفتح الباب...


ثم إنطلقت من فورها دون أن تنظر إلى تعابير وجههِ المُبتسمة بـ دفئ


فتحت الباب لتجد عامل تسليم يقف مُرتديًا زيًا موحد كُتب فوق كتفه الأيمن اسمه..إبتسم العامل وقال بـ هدوء


-صباح الخير..حضرتك مدام رحمة!!

-قطبت حاجبيها وأجابت:أيوة أنا..خير؟!...


مدّ يده بـ صندوق أبيض لتلتقطه وهي تنظر إليه بـ غرابة ليمدّ يده مرةً أُخرى ثم أردف


-ممكن تمضيلي هنا!

-طب أفهم إيه دا؟!

-دا طرد بـ اسم حضرتك من المحل اللي بشتغل فيه...


زادت تقطيبة حاجبيها ولكن الفتى عاد وقال


-معلش يا مدام محتاج إمضتك على استلام الطرد

-أه طيب...


وضعت الصندوق جوارها ثم إلتقطت منه الورقة وخطت اسمها بـها ثم أعطته إياها ليُحيها ويرحل


أغلقت رحمة الباب ثم نظرت إلى الصندوق بـ تشكك ولكنها توجهت إليه وفتحته..لتتسع عينيها بـ ذهول وهي ترى ذلك الثوب الكلاسيكي الذي أعجبها..بين يديها ولا تدري كيف وصل إليها


سمعت صوته الرخيم يأتيها من الخلف 


-بعد كدا لما عينيك تلمع بـ حاجة عجبتك..متحرميش نفسك منها...


إلتفتت إليه سريعًا تنظر إليه بـ عدم تصديق قبل أن تركض مُسرعة تتشبث بـ أحضانهِ غيرِ أبهه لـ جروحهِ


تأوه قُصي ولكنه ضمها إلى صدرهِ وهمس بـ أُذنها


-أصل مينفعش مراتي تحب حاجة ومجبهاش...


إبتعدت تنظر إلى عينيهِ وهى لا تزال بين أحضانه ثم همست بـ ذهول


-أنت جبته عشاني!

-ضحك وقال:أومال عشاني...


عادت تُعانقه بـ قوة و بـ دورهِ حاوط خصرها لتقول بـ قوة مُماثلة


-شكرًا..شكرًا يا قُصي..متعرفش أنا مبسوطة أد إيه

-تساءل بـ ذهول:كل دا عشان فستان؟!...


أحس بـ يدها تتشنج فوق قميصهِ ثم قالت وهى تدفن وجهها بـ عنقهِ


-لما كُنت بحب أشتري حاجة مكنش بيرضى..وكُنت..كُنت بتهان...


قست عيني قُصي ليربت على ظهرها ثم قال بـ هدوء يُنافي قساوة عيناه


-هششش..كل دا ماضي يا رحمة..أنتِ هنا معايا دلوقتي..اللي تحلمي بيه شاوري عليه..دا دوري...


أومأت بـ رأسها ثم قالت وهى تبتعد عن أحضانهِ بـ حماس


-هروح أجرب الفُستان...


إتكئ إلى الحائط جواره ثم قال بـ إبتسامة مُتأملًا تلك العينين اللامعتين


-يلا أنا أصلًا عاوز أشوفه عليكِ...


ركضت إلى الداخل ولكنها عادت مرة تُقبل وجنته بـ خفة ثم أردفت بـ خجل وهي تركض مرةً أُخرى إلى الداخل


-شكرًا يا حظابط قُصي...


وإبتسم "حظابط" قُصي وهي يضع يده فوق وجنته فـ تتسع إبتسامته أكثر


*************************************

 


إنحنت تحمل الطعام ولكنها تذكرت أنها تُريد أن تختبر درجة حرارته..تنهدت بـ قنوط فـ كيف لها أن تفعل وهي تحمل الطعام بـ يدها


لم تجد بدًا أن تنحني أكثر وتضع وجنتها فوق خاصته..رفع أرسلان حاجبه بـ تعجب إلا أنها إبتعدت وقالت بـ إرتياح


-الحمد لله مش سخن

-حك ذقنه وقال:أنتِ كُنتِ بتشوفيني سخن ولا لأ!...


أومأت وكادت أن ترحل ولكن يده حاوطت خصرها ثم جذبها لتسقط جالسة فوق قدميه وتسقط الأطباق مُحدثة دويًا عال


شهقت سديم ثم قالت بـ حنق وهي ترى الأطباق وما تبقى بها من طعام مُتناثر 


-ينفع كدا!...


تجاهل أرسلان حنقها البادي على ملامحها ليحكم يده حول خصرها ثم تساءل بـ خُبث


-قوليلي بقى كُنتِ بتعملي إيه!

-تأففت بـ ضيق وقالت:بشوفك سخن ولا لأ

-اممم..بس مش هما غيروا الطُرق دي

-قطبت جبينها وتساءلت:إزاي؟!

-همس بـ خُبثٍ مُماثل لملامحه:كدا مثلًا...


ثم إنحنى يُقبل شفتيها بـ عُمق ليبتعد بعدها وهتف 


-أو كدا...


قالها ثم إنحنى يُقبل نحرها وهى بين يديه ترتجف بـ إبتسامة خجولة..تُحاول التملص من بين يديه..فـ إبتعد وقال بـ عبث


-أو كدا...


شهقت سديم وهى تستشعر يده توضع فوق ظهرها لتُبعد يده سريعًا بـ خجل وإرتباك ثم أردفت بـ صُراخ


-مينفعش كدا..بطّل لازم أغير على الجرح

-امممم..طيب...


ثم تركها لتنهض هي سريعًا تنفض خُصلاتها ثم إنحنت تُلملم الأطباق وهرعت إلى المطبخ


وضعت الأطباق من يدها لتضعها فوق الطاولة الصغيرة..ثم عادت إلى أحد الغُرف لتجلب صندوق الإسعافات الأولية ويكاد قلبها يقفز من صدرها


وضعت الصندوق فوق الأريكة ثم إتجهت إليه وعاونته بـ نزع الكنزة..حدقت بـ ذلك الحرق الهائل بـ ظهرهِ بـ نظرات مُشفقة..تحسستها قائلة بـ خفوت


-حصلك فـ اليوم دا مش كدا!...


أومأ بـ خفة دون أن يرد..تجعد وجهها أكثر بـ حُزن..لتجد نفسها تتحسسه وكأنها تُخفف عنه ألم ذكرى ذلك اليوم


مدّت يدها تلتقط المقص ثم قطعت الضماد الطبي وتفحصت الجرح..لتقول بعدها بـ هدوء


-الحمد لله حتى الجرح ملتهبش..أنا كنت بشوف حرارتك عشان المكان مش متعقم فـ خُفت الجرح يحصله حاجة فـ تسخن...


أكملت عملها بـ هدوء و بـ النهاية وضعت ضمادة جديدة ثم ألبسته الكنزة مرةً أُخرى..لتسمع صوته يـقول بـ هدوء


-إحنا لازم نرجع...


************************************


وبـ الليل كانا بـ السيارة يصلان إلى مشارف المدينة..تنهدت سديم قائلة بـ قنوط


-مكنتش عاوزة أرجع..المكان هناك حلو

-رد عليها بـ هدوء:هبقى أخدك هناك تاني

-كُنت سبتني هناك ورجعت أنت...


كانت السيارة قد شقت طريقها إلى المنزل ليرد عليها هو بـ جدية وخشونة


-المكان هناك مش أمان عشان أسيبك لوحدك

-أووووف...


وصلا إلى المنزل ليترجل ثم تبعته هي وعادا إلى حيث إلتقيا


دلفت إلى الداخل تتطلع إلى أرجاء المنزل بـ نظرات غريبة وكأنه ليس بـ منزله..ذلك الكوخ البيسط كانت تشعر به بـ الحميمية والراحة..يحمل ذكريات لن تنساها أبدًا


دفعها لتدلف وهو تبعها وما كادا أن يخطيان خطوة حتى هرولت خادمة تهتف بـ ترحيب 


-حمد لله ع السلامة...


أومأ أرسلان وكاد أن يرحل إلا أن الخادمة قالت كما أُخبرت تمامًا أن تقول


-أرسلان باشا!..الست جميلة تعبانة جدًا ومعرفناش نوصل لك يا باشا

-رد أرسلان بـ فتور:طيب طالع أشوفها...


قلبت سديم عينيها بـ ضجر ولكنها أحست بـ نيران تندلع بـها وهي تراه يصعد إلى غُرفة جميلة..لتوقفه دون تفكير


-أستنى أنا طالعة معاك...


قطب أرسلان حاجبيه فـ إرتبكت قائلة تُخفي غيرة أُنثى تأبى أن تُشاركها أُخرى بـ زوجها


-يعني أنا دكتورة وأقدر أكشف عليها

-إبتسم أرسلان إبتسامة ذات مغزى وقال:إتفضلي يا دكتورة...


ضيقت عينيها بـ غيظ وهى تعلم أنه إستشعر غيرتها إلا أنها رفعت ذقنها قائلة بـ صوتٍ يحمل من الغيظ ما يكفي لإغراقهِ


-ثانية هجيب حاجتي...


صعدت تجلب حقيبتها الطبية ثم توجهت إلى غُرفة جميلة حيث ينتظرها أرسلان..فتح الباب ولا تزال إبتسامته مُرتسمة على شفتيه فـ همست بـ حدة


-شيل الإبتسامة دي عن وشك...


إتسعت إبتسامته أكثر لتضرب الأرض بـ حنق ثم دلفت


كانت جميلة تستلقي فوق الفراش بـ ثيابٍ فاضحة كما توقعت سديم..لا تضع الغطاء فوقها بـ غرض إغراءهِ ولكنها ستفسد كُل مُخطط تفعله لإستدراج أرسلان..هي لا تغار ولكنها تأبى أن تُشاركها أُخرى به..خاصةً وأنها حاولت قتلها من قبل..فـ هي لا تغار أبدًا..هي لا تُريد لتلك الأفعى الربح..وأخيرًا هي لا تغار


ضيقت عينيها بـ غضب..إلا أنها تقدمت منها وهي تُقسم أنها ستُفسد ما تسمو إليه نفسها


إتسعت عيني جميلة بـ ذهول ثم عادت تضيق بـ غضب وحدة ما أن وجدت سديم جوار أرسلان الذي يقف عاقدًا ذراعيه أمام صدرهِ ويُحدق بها بـ جمود


جلست سديم فوق حافة الفراش لتربت على ساق جميلة بـ قوة خفيفة


-سلامتك يا شابة

-أجبرت جميلة نفسها لترد بـ إبتسامة ناعمة:الله يسلمك..أسفة هتعبك

-عادت تربت وهدرت من بين أسنانها:تعبك راحة يا حبيبتي...


فتحت حقيبتها ثم أخرجت سماعتها الطبية لترتديها مُتساءلة بـ صوتٍ مكتوم


-حاسة بـ إيه!!..إحكيلي...


وضعت جميلة يدها فوق بطنها وهمست بـ نبرتها المبحوحة تنظر إلى أرسلان بـ نظرات شبه ناعسة


-حاسة بدوخة رهيبة وبطني بتوجعني

-رفعت سديم حاجبيها وردت بـ سُخرية:يا ضنايا...


وضعت السماعة الطبية فوق صدر جميلة فـ أبعدت حمالة الثوب لتُعيدها سديم بـ حدة قائلة بـ غيظ


-ملوش لزوم يا حبيبتي..مش هو دا اللي مخبي...


نظرت إلى أرسلان الذي كان ينظر إلى جميلة فـ إشتعلت عينيها غيظًا..عادت تلتفت إليها وأكملت فصحها حتى إنتهت..لينطلق السؤال من فمهِ بـ نبرةٍ عادية


-هي كويسة!!...


نهضت سديم بـ حدة لتنزع السماعة الطبية بـ غيظ تضعها بـ يده بـ قوة هادرة بـ قنوط وحنق


-كويسة يا باشا..دا كُهن ستات مش أكتر...


وتعمدت وهي ترحل أن تصطدم بـ كتفهِ المُصاب ليبتسم على الرغم من تألمه ولكنها لم تأبه بل خرجت وصفعت الباب خلفها بـ قوة لم يتخيل أنها تمتلكها


إقترب أرسلان من جميلة التي تعتدل بـ دلال جالسة ثم إنحنى إليها وهمس بـ جفاء قاسي ونبرة صلبة


-حركاتك الرخيصة دي مش هتحرك مني شعرة يا جميلة..إحذري بقى صبري...


إتسعت عيناها بـ خوف و رهبة..كادت أن تتحدث ولكنه تركها ورحل ليصفع هو الآخر الباب بـ قوة إهتزت لها حوائط الغُرفة


وبـ الغُرفة المجاورة كانت هي تجلس فوق الفراش تهز ساقيها بـ عصبية مُفرطة تتساءل بـ حدة


-هو بيعمل عندها إيه!..أنا قولتله كويسة!...


نهضت عن الفراش تشد خُصلاتها ثم قالت وهى تزرع الغُرفة ذهابًا وإيابًا


-وأنا مالي..ما يعمل اللي يعمله..أنا ميهمنيش...


نزعت سُترتها من خامة الچينز تُلقيها بـ قوة فوق الفراش هادرة


-أنا مش بغير..أنا مش بغير..خااالص..مش بغير نهائي...


وضعت يديها حول جبهتها ثم أعادت خُصلاتها بهم لتُحيط عُنقها هامسة بـ يأس وهى تنظر إلى إنعكاسها بـ المرآة


-أنا مش بغير...


أغمضت عيناها ولتأتي بـ عقلها صورة لهما..أرسلان يُعانق تلك الراقصة ويُقبّلها..لتعود وتفتح عيناها سريعًا ترفض تلك الفكرة وترفض ذلك الإحساس..إلا أنها وجدت شفتيها تقول بـ قوة دون أن تعي


-لأ أنا بغير...

#الفصل_الثلاثون

#ملكة_على_عرش_الشيطان


أتعرفين!..أنكِ صالحتني لمدة طويلة مع نفسي!

أتعرفين!..أنني من الآن فـ صاعدًا يكون لي رأي سئ عني

أنني لن أندم الآن على إقتراف جريمة أو خطيئة في حياتي

ولا تنظني أنني أُبالغ في أي شئ

لن تتصوري لأنني عشت أحيانًا لحظات غاية في الحُزن

لأنني في مثل تلك اللحظات كان يبدو لي أنني لن أستطيع أبدًا أن أعيش من جديد حياة حقيقية

لأنه بدا لي سابقًا أنني فقدت كل إتصال بـ الحاضر...


وضعت يدها فوق شفتيها تكتم ذلك الإعتراف الذي خرج بـ ذلك اليأس..عادت إلى الخلف لترتمي فوق الفراش واضعة رأسها بين كفيها وتهمس بـذهول


-بغير!!..أنتِ مين يا سديم؟!...


ظلت على تلك الوضعية يابسة لا تتحرك..لا تُصدق ما تفوهت به لتو..تشعر بـ الغير بل تحرقها حية وهي تعلم والأدهى أنها لا تستطيع البوح فـ قد وعدها بـ الحُرية..وهذا ما تسمو إليه و فقط..الحُرية ولا شئ غيرها


 وبـ الخارج كان هو يتكئ إلى الحائط بـ ظهرهِ مع إبتسامة غريبة تعتلي شفتيه..لم يظن أن يستمع إلى كلمة كـ تلك فـ تجعله يبتسم هكذا..سديم ستظل المرأة التي تُصيبه بـ الحيرة كما لم تفعل أُنثى من قبل


إستقام ثم هبط إلى الأسفل مُتجهًا إلى المطبخ ليجد الخادمة تقف هُناك..تقدم منها وبـ فحيح همس


-لو شوفتك هنا كمان ساعة هدبحك..غوري...


هدر بـ الأخيرة لتنتفض الخادمة بـ خوفٍ ثم هرعت إلى الخارج دون النظر خلفها أو ما تركته فوق الموقد


إتجه هو ناحية الثلاجة وأخرج مياه باردة يشربها على الرغم من الطقس إلا أنه لا يأبه ثم إلتفت بـ بصرهِ إلى الخادمة الأُخرى وأردف بـ جمود


-أكيد عارفة أنا مشيتها ليه..بلاش تغلطي نفس الغلطة عشان العقاب مش هيكون هو...


ليتركها ويرحل بـ هدوء ثم صعد إلى تلك التي تشعر بـ الغيرة..طرق الباب ودلف ليجدها لا تزال جالسة بـ نفس الوضعية السابقة


تقدم منها ثم تساءل بـ عبث


-مالك قاعدة كدا ليه!...


لم ترفع سديم وجهها أو تتغير جلستها ولكنها سألته بـ صوتٍ غريب عنها وبعيد بـ الوقت ذاته


-كُنت بتعمل إيه عندها!

-رفع حاجبه بـ تسلية ثم أردف:يخصك فـ حاجة؟!...


رفعت وجهها إليه سريعًا ونظرة زاجرة من عينيها جعلته يضحك فـ نهضت هي بـ قوة ثم قالت وهي تلكزه بـ صدرهِ


-لأ ميخصنيش..ومش عاوزة أعرف عشان ميهمنيش

-أمسك إصعبها وقال:طب بس إهدي بتعملي كدا ليه؟!

-صرخت بـ حنق وهي تضربه بـ يدها الأُخرى:عشان تبطل تستفزني...


سحبت إصعبها من بين يديه فـ تركها وإبتعد إلى الخلف وتلك النظرة المُتسلية تنتشي بـ ملامحها الغاضبة وغيرتها البادية عليها ولكنها تأبى الإعتراف


إستدارت عنه ثم حاولت فتح سحّاب الكنزة الحريرية ولكنها فشلت..زفرت بـ غضب وأعادت الكرة إلا أن عصبيتها أدت إلى تعقد خُصلاتها بـ السحّاب


-أووووف بقى هي كانت نقصاكِ أنتِ كمان...


إنطلقت منها هذه العبارة بـ غضب شديدة ولا تزال أصابعها الخرقاء تُحاول حلّ العُقدة..إلا أنها إرتعشت وهي تستشعر أنفاسه القريبة من عُنقها وهي تلفحها فـ تجعل القُشعريرة تسير على طول عمودها الفِقري


حاوط ذراعيها بـ يديهِ ثم إقترب من أُذنها وهمس بـ خفوت ونبرة لا يخلو منها التسلية


-هشششش..إهدي...


إبتلعت ريقها بـ توتر شديد ثم قبضت أصابعها التي ترتجف بـ شدة كـ جسدها..بينما أرسلان إبتعد قليلًا ثم أمسك خُصلاتها وبدأ بـ حلّ العُقدة التي كانت السبب بها حتى فعلها دون أن يتسبب بـخسائر


أبعد خُصلاتها ليضعها فوق أحد كتفيها ثم إنحنى يُقبل عُنقها من الخلف بـ رقة فـ سمع شهقتها..ليبتسم هو بـ خمول


صعدت يده حتى أمسكت السحّاب وبدأت بـ فتحه فـ تعالت أنفاسها حتى كتفيها كانا يصعدان بسرعة جنونية..أزاح أرسلان الكنزة حتى ظهر عظمتي لوح الكتف البارزتين بـ إغراء فـ إنحنى يُقبّلها بـ ذات الرقة التي تُذيبها


حينها لم تتحمل سديم أكثر لتبتعد عنه سريعًا تتمسك بـ الكنزة هامسة بـ توتر و جنون


-لالالالالالا..مـ..مينفعش نهائي..خـ..خالص...


وضع أرسلان يديه بـ خصرهِ مُبتسمًا ثم قال بـ نبرتهِ الماكرة


-هو إيه اللي مينفعش!

-تمسكت بـ الكنزة بـ قوة أكبر وقالت:دا..اللي بيحصل..أصلًا يعني خلاص مش كدا!

-قطب جبينه مُتساءلًا:أنتِ كويسة!!

-إطلع برة

-إرتفع حاجبيه وقال:نعم؟!...


تنحنحت سديم ثم قالت وهي تعود إلى الخلف تتحاشى النظر إلى عينيه الماكرة


-عـ..عشان هغير...


حرك حاجبيه لأعلى وهو يومئ بـ رأسه ثم إقترب منها لتتراجع أكثر وهي تقول


-على فكرة الباب من هنا...


قالتها وهي تُشير إلى الإتجاه عكس إتجاهه الحالي ليضع يده حول عُنقها ثم قربها منه لتشهق سديم بـ هلع مُتسعة العينين إلا أنه إقترب من أُذنها وهمس


-أنا مقربتش منها ولا كنت كل دا عندها...


عضت سديم على شِفاها السُفلى وتشبثت بـ كنزتها أكثر ثم هتفت بـ تلعثم


-مـ..مسألتكش على فكرة

-لسانك منطقهاش بس عينيكِ فضحتك...


وأتبع حديثه بـ قُبلة خفيفة فوق وجنتها ثم تركها ورحل مُخلفًا وراءه صقيع بعد دفء إقترابه..وكذلك ترك إبتسامة ترتسم على شفتيها بـ خفة حتى إتسعت وملأت وجهها كله فـ أصبح مُشرقًا من جديد


************************************


-أنت متأكد إن خلاص نزار مات يا قُصي!...


تساءل أيمن وهو يضع فنجان قهوته أمامه فوق الطاولة بـ ذلك المقهى القريب من بيت قُصي..مط الآخر شفتيه وقال بـبرود ظاهري


-الشركة إنفجرت بيه يا أيمن..دا غير إنه مضروب رصاصة فـ رجله فـ منطقة لو نجى منها هتسببله عرج ومش هيقدر يهرب

-تنهد أيمن وقال:أنا فاهم كل دا..بس نزار دا قطة بسبع أرواح...


حك قُصي جبهته ثم نظر إلى الخارج وقال بـ شرودٍ تام


-نزار مات يا أيمن أنا حاسس بـ كدا..الكابوس اللي عشت فيه سنين إختفى..ناري بردت لما شوفت شركته بتولع بيه..الأخبار بتقول إن بعد تحليل الـ DNA لقوا جثة نزار متفحمة

-طب وأرسلان!...


قطب قُصي حاجبه ونظر إلى صديقه ثم تساءل بـ تعجب


-ماله!

-تنحنح أيمن وقال:يعني كان عنده حق فـ كل حاجة..مش ناوي تتصالح معاه؟

-إبتسم قُصي بـ سُخرية وقال:مش لما أتصالح مع نفسي..أرسلان رغم إنه أخويا بس عمري ما فهمته يمكن عشان كنت بكرهه بس هو محاولش يأذيني...


مسح على خُصلاته ثم قال بـ نبرةٍ يملؤها الندم 


-بس للأسف فهمت دا متأخر

-أنتوا الأتنين عايشيين يا قُصي..لسه فيه أمل ترجعوا إخوات

-عاد يبتسم بـ سُخرية قائلًا:إحنا مكناش إخوات عشان نرجع..وفيه بينا شرخ كبير يا أيمن مش من السهل إننا نلحمه...


حدق بهِ أيمن بـ يأس و شفقة إلا أنه قال ليُدير دفة الحديث 


-بس صحيح المعلومات دي جاتلك منين!..لسه معرفتش؟!

-تؤ..لسه..اللي بعت المعلومات يا إما ذكي جدًا يا إما غبي جدًا 

-قطب أيمن ما بين حاجبيه وتساءل:يعني!

-يعني اللي بعت المعلومات دي عنده ثقة إني مش هعرفه..وغبي عشان كدا كدا أنا عارف إنه ست

-ضحك أيمن وقال:وعرفت منين إنها ست!...


تراجع قُصي بـ مقعده ثم قال بـ هدوء وهو يتذكر ذلك اليوم حينما فتح باب منزله ليجد مظروف أصفر اللون قد وضعه أحد أمام منزله ولكنه قد نسى ذلك الشخص آلات التصوير الموضوعة بـ البناية وقد لمح ذلك الجسد الأنثوي ولكن دون أن يتبين ملامحها


-الكاميرات ظهرتلي..دا غير إن الست دي أكيد ليها علاقة بـ نزار العبد

-تنهد أيمن وقال:ما علينا..قدمت المعلومات دي للنيابة!

-طبعًا والموضوع إتحول لأمن الدولة لأنها تُعتبر خيانة للبلد..وهيتفتح تحقيق مع كل اللي ليه علاقة مع الميت والعايش...


أومأ أيمن مُبتسمًا يُراقب قُصي الذي ينظر إلى الخارج ويتلاعب بـ تلك الحلقة التي لا تزال بـ يده يرفض نزعها..تنهد وقال دون النظر إليه بـ نبرةٍ صلبة ، تحذيرية


-لو زعلت رحمة يا قُصي..أنا هنسى أي صحوبية بينا...


نظر إليه قُصي بـ دهشة وتوقف عن اللعب بـ الحقلة الفضية ثم تساءل بـ تعجب حقيقي


-ليه بتقول كدا!..أنا ورحمة متفاهمين جدًا

-أجابه أيمن بـ ذات النبرة:أنا مش صغير ولا عيل ابن إمبارح يا قُصي..لما أختي تكلمني تاني يوم جواز وتقولي إبعت وليد عشان وحشني دا يأكدلي إن أُختي فيها حاجة...


كاد قُصي أن يتحدث ولكن أيمن أوقفه بـ يده ثم أكما حديثه


-غير إنك رافض تقلع دبلة خطيبتك القديمة ورامي دبلة رحمة..أنا مش من حقي أدخل فـ ماضيك بس ليا الحق أتدخل فـ الحاضر طالما هيضرها...


صر قُصي على أسنانه بـ غضب حقيقي..يتفهم موقف شقيق قلق على شقيقته ولكنه لن يسمح له بـ سلب رحمة منه تحت أي ظرف..لذلك تحدث بـ جمود و نبرةٍ صلبة


-أنا ورحمة مفيش بينا أي مشاكل..وهي إتفهتني وإتفهمت ظروفي ومعندهاش مانع..وغير كدا أنا عمري ما هقبل إني أأذي مراتي يا أيمن ها مراتي..يعني لو شايف إني مستحقهاش هسيبها لأني مش هفكر لثانية إني أظلمها...


بقى أيمن يُحدق بهِ بـ هدوء دون رد فعل ليُكمل قُصي حديثه


-وإن كان ع الدبلة اللي فـ إيدي فـ هي درس ليا مش أكتر..دا كان سبب الشرخ بيني وبينه..متقلقش على رحمة معايا..رحمة أغلى من إني أأذيها...


************************************


كان الليل قد أسدل ستائره وهي لا تزال بـ غُرفتها لم تخرج منها عقب ذلك اللقاء بينهما حتى أنها لم تتناول الغداء 


أغلقت آخر زر من أزرار كنزتها ثم إرتمت فوق الفراش تتطلع إلى سقف الغُرفة ولا تدري سر الإبتسامة على شفتيها


أهي بسبب أفعاله!..أم أنه لم يقترب من جميلة!!..أم كِلاهما؟!..ولكن الأكثر أنه فسر لها..هو ينفر من جميلة


ضحكت سديم واضعة يديها فوق معدتها ثم قالت بـ هيستيرية


-أتجننتِ رسمي يا سديم

-وأنتِ من أمتى مكنتيش مجنونة!...


إطلق هذا السؤال جوار أُذنها بـ نبرتهِ المُتسلية هذه الآونة لتشهق سديم بـ فزع قائلة وهي تضع يدها فوق صدرها


-أنت هنا من أمتى!

-تمدد أرسلان فوق الفراش وقال:من بدري...


تنهدت سديم ثم إتكئت على مرفقها وتساءلت بـ حاجبين معقودين


-أنت هتنام هنا!

-أنتِ شايفة إيه؟!

-ضيقت عيناها بـ غيظ وقالت:أنا بسألك

-وضع يده أسفل رأسهِ وقال:نامي يا دكتورة...


تأففت سديم بـ غضب لتعود وترتمي فوق الفراش توليه ظهرها ثم قالت بـ صوتٍ مُغتاظ


-أنا هروح لبابا بكرة عشان تعبان..وحتى لو موافقتش هروح

-وهو أنا مسكت فيكِ وحلفت إنك.متروحيش..إعملي اللي أنتِ عاوزاه

-يا باي على تقل دمك...


قالتها سديم وهي تجذب الغطاء عليها تاركة إياه دونه..ليضحك أرسلان دون صوت ثم إستدار جاذبًا إياه إلى أحضانه حتى إلتصق ظهرها بـ صدرهِ صدرت عنها صرخة وأدها هو بـ وضع يده فوق شفتيها وقال


-أنتِ مالك كدا مش طبيعية!

-لكزته بـ مرفقها قائلة:أنت اللي مش طبيعي على فكرة وتصرفاتك غريبة...


تأوه أرسلان بـ ألم ليتركها واضعًا يده فوق جرحه..لتنتبه سديم أنها قد لكزته بـ جرحه لتنتفض مذعورة ثم قالت وهي تستدير بـ أسف حقيقي


-أسفة والله مكنش قصدي..وريني كدا...


أبعدت الكنزة عن كتفهِ تتفحص الجرح لتجد أنه لم يصبه أذى..زفرت بـ راحة قائلة


-الحمد لله محصلش حاجة

-مش بقولك دكتورة وغبية

-تأففت بـ حدة قائلة:ما قولنا خلاص مش قصة...


تنهد أرسلان ليعود إلى وضعيته الأولى وظلت سديم على وضعيتها تتكئ إلى مرفقها وتنظر إليه حتى سألته بـ خفوت


-لما سألتك عن سبب الجرح كان سببه نزار مش كدا!..أنت قتلته!

-نظر إليها أرسلان وتساءل:طالما عارفة بتسألي ليه؟

-رفعت منكبيها وقالت بـ تردد:أنا كنت بتأكد بس مش أكتر

-وأديكِ إتأكدتِ..بلاش كلام كتير فـ الموضوع دا...


أومأت ثم إندست بين أحضانه تدفن رأسها بـ صدرهِ ليُحيط رأسها هو..إبتسمت لتصرفهِ العفوي وكأنهما زوجين مُتحابين لتتساءل وهي تُحيط خصره بـ ذراعيها


-حاسس بـ إيه لما خلصت إنتقامك!...


لم يرد أرسلان فورًا بل أخذ عدة لحظات حتى أردف بـ نبرةٍ خالية وهادئة على الرغم من ذلك الهدير الذي تُقسم أنه إخترق أُذنيها


-ولا أي حاجة..النار مهدتش..بل بالعكس بتزيد...


أغمضت سديم عيناها..ثم عادت تفتحهم لترفع رأسها إليه لتردف وهي تنظر إلى سوداويه مُباشرةً


-يبقى حاول تطفيها..لسه فيه حاجة ناقصة عشان كدا النار مبردتش...


أعاد خُصلاتها خلف أُذنها ثم قال دون أن يحيد بـ بصره عن عينيها بـ نبرةٍ غريبة عن نبرتهِ العادية


-معاكِ حق..بس الناقص دا مش سهل يتعوض

-رفعت منكبيها وقالت:مفيش حاجة مش سهلة تتعوض..كله بيتعوض بس بتفرق درجة التضحية عشان العوض يكون سهل...


إلتوى فمه بـ شبهِ إبتسامة الغبية لن تفهم أبدًا..لذلك جذب رأسها إلى صدره وإتكئ بـ ذقنهِ إلى قمته وقال بـ هدوء مُغمض العينين


-نامي يا دكتورة..نامي وبلاش تفكري فـ دا كتير

-تنهدت سديم بـ فتور وقالت:تصبح على خير

-وأنتِ من أهل الخير...


***********************************


في صباح اليوم التالي


كانا بـ طريقهما إلى الإسماعيلية..لن تنسى تلك النظرة التي إعتلت وجه جميلة حينما أفصح أرسلان عن قراره بـ مرافقتها وأنها قد يقضيان الليلة هُناك وسيعودان بـ الغد


-بس أنت لسه جاي إمبارح!

-أجاب هو بـ فتور:ملكيش دعوة يا جميلة..أعمل اللي أنا عاوزه..ولا أنتِ نسيتي نفسك...


إلتقط مفاتيحه وهاتفه الخلوي عن الطاولة ثم نهض وقال بـ جمود وصرامة


-متلعبيش من ورا ضهري يا جميلة أحسنلك..وخُدي بالك من إبني...


ولن تنسى كيف أمسك كفها بـ تملك أهلك قلبها ثم جذبها خلفه..ولكن قلبها إرتعد لتلك النظرة السوداء بـ عيني جميلة..كانت البرودة تسري بـ حدقيتها فـ تجمد جسد سديم لها..إلا أنها أبعدت ناظريها عنها وحدقت بـ قبضتهما المُتشابكة


نظرت إلى النافذة وقالت دون النظر إليه


-أنا جعانة

-مفطرتيش ليه!

-نظرت إليه وقالت بـ سُخرية:يستحيل أفطر مع العقربة دي...


إلتفت أرسلان ونظر إليها نظرة جمدتها بـ مقعدها ليقول بـ قسوة


-متتخطيش حدودك يا دكتورة..هي مراتي برضو مش من حقك تهينها

-صرخت سديم بـ عدم تصديق:بس هي من حقها تأذيني!

-حرك كتفيه بـ بساطة وقال:أنا مش مانعك تأذيها..دا حقك...


إتسعت عينا سديم بـ صدمة جمدتها حتى عجز لسانها عن الحديث وهي تراه يُكمل بـ ذات الهدوء والبساطة


-بس إبني يوصل حي وإعملي فيها ما بدالك

-همست بـ ذهول وتبعثر:آآ..أنت..أنت بـ بـ بتتكلم جد!

-وشي بيقول إني بهزر!!

-أبتلعت ريقها وقالت بـ خوفٍ حقيقي:ما هو دا اللي يرعب...


أوقف السيارة ثم ترجل ولكنها أمسكت يده مُسرعة وتساءلت بـ هلع


-رايح فين!...


أشار إلى محل وجبات سريعة ثم قال بـ جمود


-مش قولتي إنك جعانة!

-أومأت بـ خفوت قائلة:طيب...


تركت يده ليذهب أرسلان إلى المحل..ظل هُناك ما يقرب العشر دقائق ثم عاد ليضع الطعام فوق ساقيها الباردتين وصعد السيارة


فتحت سديم الطعام بـ أصابع ترتجف ثم بدأت بـ تناول الشطيرة فـ حقًا قد قتلها الجوع فـ هي لم تتناول شيئًا مُنذ أمس


-منا مش جايب الأكل ليكِ لوحدك!

-رفعت حاجبيها وتساءلت:أنت جعان!

-لأ...


أردف بها بـ سُخرية لتأفف بـ ضيق رادفة 


-ما تتكلم دُغري..هو إيه الأسلوب دا!...


وضعت الشطيرة فوق ساقيها ثم جذبت أُخرى لتمد يدها بها قائلة بـ قنوط


-خُد

-مش هعرف أكل عشان بسوق..أكليني...


تكاد تُقسم أنها رأت المكر بـ نبرتهِ ليس سماعه فقط..ضيقت سديم عيناها بـ غيظ ثم قالت بـ سُخرية


-مش هفضل أمد إيدي كتير...


إرتفعت شفتيه بـ شبهِ إبتسامة جعلت قلب سديم يهوى إلى قدميها..ولم يعطها الفُرصة لتتراجع بل وضع يده فوق كفها ثم جذبه إلى فمها ليضع الشطيرة بـ فمه 


أرتعشت سديم بـين يديه وقالت بـ خجل


-على فكرة أنت ملكش أمان

-إبتسم أرسلان بـ تسلية وقال:حلو الأكل...


جذبت يدها من يده سريعًا تضمها إلى صدرها الذي يكاد يتحطم من فرط سُرعة ضربات قلبها..أرسلان يحتلها بـ خُبث..يكسر حاجز تلو الآخر ويهد حائط تلو الآخر..وسديم ليست طروادة ذات حصون منيعة بل هي قلعة ذات حصون من قش


************************************


نزع قُصي نظارته الشمسية وهو يُحدق بـ ذلك المنزل..لم تخطه قدمه أبدًا..إبتسم بـ تهكم لذلك التفكير أن ذلك البناء يُناسب أرسلان وبـ شدة


خطى إلى الداخل فـ أوقفه حارسي البوابة..نظر إليهما أرسلان بـ نظرات نارية ثم قال


-إيدك أنت وهو

-أسفين يا قُصي باشا..أرسلان باشا مش هنا ومانع أي حد يدخل البيت فـ غيابه...


أبعد قُصي يد الحارس عنه بـ قوة ثم قال وهو يُعدل ثيابه


-لو مستغني عن حياتك إمنعني...


نظر الحارسين إلى بعضهما ليضحك قُصي بـ تهكم ثم أكمل خطواته إلى الداخل..طرق الباب ليسمع خطوات تقترب ثم أطلت الخادمة بعدها تسأله بـ حاجبين معقودين


-أفندم!

-سديم هانم هنا!

-حضرتك مين؟...


إقترب قُصي منها وهدر بـ جمود


-رُدي على أد السؤال

-إرتجفت الخادمة وقالت:لأ..خرجت مع أرسلان باشا

-إوعي...


أزاحها عن طريقه ثم دلف إلى الداخل دون أن يستمع إلى محاولاتها في إيقافه..وصل إلى الداخل ليجد هدفه فـ إبتسم


كانت جميلة تجلس أمام التلفاز تُشاهده بـ ذهن شارد ولم تلحظ دلوف قُصي والذي إقترب خلفها ثم أردف بـ صوتٍ خاوي من المشاعر


-صباح الخير يا مدام...


شهقت جميلة ثم إلتفتت لتجد قُصي ينظر إليها بـ نظرات قاتلة..إتسعت عيناها بـ قوة وإرتعشت لتقول بـ تلعثم


-آآ أنت..مين و آآ دخلت هنا إزاي!...


إلتف حول الأريكة وجلس أمامها بـ أريحية ثم أردف وهو يقذف بـ نظارتهِ الشمسية فوق الطاولة


-أنا مين!..فـ أنتِ عرفاني كويس أوي..أما هنا ليه!..فـ حبيت أشكرك على المساعدة

-مـ..مساعدة إيه؟!

-تجهم قُصي وقال:المعلومات اللي بعتيني بيها لنزار عشان أوديه فـ ستين داهية...


نهضت جميلة بـ عصبية ثم قالت وهي تستدير عنه بـ حدة


-معرفش أنت بـتتكلم عن إيه...


صرخت وهو يجذبها من مرفقها إليه ثم أردف بـ شراسة


-إسمعي يا بت أنتِ..أنا مش عيل صغير تضحكي عليه..لأ فوقي

-حاولت التملص من يديه قائلة بـ تألم:سيب إيدي

-شدد قبضته ثم أردف:أنا ميهمنيش اللي بينك وبين أرسلان بس إني أكون وسيلة عشان تنتقمي مني فـ سديم فـ أنا مش حتة لعبة فـ إيدك...


دفعته بـ صدرهِ لتبتعد عنه راكضة ثم أردفت من بعيد وهي تُعيد خُصلاتها إلى الخلف


-أنا معرفش أنت بتتكلم عن إيه..وأرسلان لو آآ

-قاطعها قُصي بـ نبرةٍ قاسية:عرف إنك كُنتِ عشيقة نزار لأ وبتخونيه هيتقلك ويشرب من دمك...


إتسعت عينا جميلة بـ خوفٍ حقيقي ليشحب وجهها سريعًا إلا أن قُصي أكمل بـ ذات النبرة القاسية


-أنا مش هأذيكِ عشان بس المعلومات اللي وصلتيها ليا..بس قسمًا عظمًا لو فكرتي تأذي سديم مش هتكفيني روحك...


إلتقط نظارته الشمسية وكاد أن يرحل إلا أن سؤالها الهامس ، الخبيث أوقفه دون أن يستدير


-هو عارف إنك لسه بتحب مراته!...


إبتسم قُصي ثم إستدار إليه قائلًا بـ نبرةٍ خبيثة


-بلاش تلعبي من وراه أو ورايا أحسنلك..نزار مات ومفيش حد تلجأيله..بلاش *****..أنتِ أخر حد فـ الدايرة يا جميلة..أخر حد هاخد روحه بـ إيدي...


ثم تركها ورحل..أيُعقل أنه أكتشف سرها!!..ذلك الضابط المكروه إكتشف ما خبأته لسنوات..كورت جميلة قبضتها وداخلها تُقسم أنه يجب التخلص من قُصي تلك العقبة التي ظهرت بـ مُخططها فجأة


**************************************


أغلقت باب الغُرفة خلفها لتهرع إليها سُمية تسألها بـ لهفة


-ها قالك إيه!

-تنهدت سديم وقالت بـ إبتسامة:مقالش حاجة..قعدنا نتكلم ونعاتب بعض وخلاص خلصنا

-يعني إتصالحتوا؟!...


تساءلت سُمية بـ شك لتومئ سديم بـ إبتسامة لتحتضنها الأولى رابتة على ظهرها ثم قالت


-والله فرحتلكوا..أنا كنت هموت من قهرتي عليكوا

-ضحكت سديم وقالت:اصيلة يا سُمية...


بحثت سديم بـ عينيها عنه ولكنها لم تجده لتسأل بـ حاجبين معقودين


-أومال هو فين!

-فـ الأوضة

-طيب...


تركتها سديم وإتجهت إلى الغُرفة لتجد أرسلان يقف أمام أحد الصور الخاصة بها كانت بـ يوم تخرجها من كلية الطب..تقدمت منه ثم قالت بـ إبتسامة


-يوم ما إتخرجت...


وضع الإطار ثم نظر إليها وقال بـ هدوء


-متغيرتيش...


أومأت ثم حدقت بـ أرجاء الغُرفة ليأتيها صوت أرسلان 


-سُمية بتنضف الأوضة من الوقت لتاني

-عقدت سديم حاجبيها وتساءلت:وأنت عرفت منين؟...


أجاب أرسلان بـ نبرةٍ عادية وهو يحل أزرار قميصه الأسود


-هي اللي قالت

-صرت سديم على أسنانها وقالت:وأنت من أمتى بتتلكم مع سُمية عادي؟!...


رفع أرسلان أنظاره إليها ليجد وجهها أحمر..إبتسم بـ خُبث ثم قال وهو يقترب منها


-عادي يعني..هو في إيه لما أتكلم مع مرات حمايا؟!

-صرخت سديم بـ غيظ:لأ مفيش حاجة خالص...


نفضت خُصلاتها ثم إستدارت تعقد ذراعيها ثم همست بـ غيظ دون أن تعي لوقوفهِ خلفها


-شوية جميلة وشوية سُمية هو حرف الته المربوطة دا عامل معاك إيه!

-أنا شامم ريحة غيرة...


إستدارت سديم إليه بـ جنون حتى ضربته خُصلاتها بـ وجههِ ثم هدرت بـ شراسة


-مين دي اللي بتغير!...


ضحك أرسلان بـ هدف إغاظتها..وقد نجح لتُمسك مرفقه لتستدير هي حوله ثم هدرت بـ جنون


-بتضحك ليه!...


حدق بها مطولًا بـ إبتسامة زادتها جنون ليردف بعدها وهو يُذكرها بـ إعترافها أمس


-واحدة إعترفت بـ نفسها...


ساد السكون عدة لحظات قبل أن تتسعت عينا سديم وهي تعي أنه قد عَلِمَ بـ شأن إعترافها الأحمق أمس إلا أنها قالت بـ إباء ترفض أن تظهر ذلك الجزء من شخصيتها أمامه


-أنا مش بغير..وأنت سمعت غلط

-أرتفع حاجبيه وقال بـ خُبث:ولما سألتي!


جذبته من تلابيبه بـ قوة مُقربة وجهها من ثم همست بـ حدة مُفرطة


-مش بسألك غيرة..لأ أنا بسألك عشان كرامتي

-رفع حاجبه بـ ذات التسلية وأردف:مش عارف ليه مش مصدقك

-جذبته أكثر وقالت:دا عشان بيتهيألك مش أكتر...


إبتسم هو إبتسامة ذات مغزى تؤكد لها أنه قد سمع إعترافها العفوي..لتلمع عينيها كـ قطة شرسة تُكشر عن أنيابها ثم هدرت ب صوتها كله وبما يجيش داخل صدرها من نيران


-أيوة بغييير...


وبلا أي مقدمات كانت تلصق شفتيها بـ خاصتهِ بـ قوة..ولأول مرة تتسع عيني أرسلان بـ صدمة لذلك الفعل الغير المتوقع..ولكن سديم ليس من السهل مجابهة شراستها..أنثى صعبة الترويض وإكتشف أن غيرتها صعب السيطرة عليها


إبتعد سديم عنه تستند بـ جبينها فوق جبينه تهمس بـ تعب وإعياء


-أرسلان!!!...


وكان هذا الهدوء ما بعد العاصفة فـ في الساعات التالية إندلعت عاصفة بينهما أطاحت بـ الأخضر واليابس


الحمقاء لم يكن عليها أن تهمس بـ اسمه بـ تلك النبرة..إبتعد أرسلان عنها لتدفعه سديم إلى الفراش وقبل أن تتحدث كان يجذبها هو من عُنقها إليه ويهدر بـ هسيس


-مكنش لازم تقولي اسمي كدا

-إبتسمت سديم وقالت:ليه!...


لم يُجبها أرسلان بل دفع بـ رأسها إليه ولكنها وضعت يدها بين شفتيهما ثم قالت بـ هدوء


-بتفكر تسبني!...


أمسك يدها وقَبّلها بـ رقة ثم قال بـ نبرة صافية بل ولأول مرة تسمعها


-لو عوزاني أسيبك هسيبك

-حركت رأسها نافية ثم قالت:ولو مش عاوزة؟!...


داعب وجنتها بـ إبهامهِ ثم قال وهو يُجلسها فوق ساقيه بـ إبتسامة


-يبقى تسكتي وتسبيني أشوف شُغلي...


وكان عليها أن تصمت طويلًا


بينما هي تغط في سُباتٍ عميق..كان هو يحتضن جسدها إليه بـ قوة رهيبة..الآن لا مجال للعودة..عليه أن يُكمل ما تبقى من حياتهِ معها..سديم كانت بـ مثابة الإشارة الحمراء ليتوقف وليوقف الماضي من التدخل..كانت هي نجدته من السماء..ولها فقط سيتخلى عن لقب الشيطان



تكملة الرواية من هنا



بداية الروايه من هنا




تعليقات



CLOSE ADS
CLOSE ADS
close