رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الخامس والسادس حصريه وجديده علي مدونة النجم المتوهج للروايات والمعلومات
فصل الخامس
في صباح يوم غائم جزئي، هبطت الطائرة على الأراضي المصرية بالتحديد في مطار القاهرة الدولي، أخيرا أتى اليوم المنتظر، نظرت سيلين من شباك الطائرة بعدما نزعت الهيتفون من أذنها لتنزل دمعة حارة على وجنتها بقهر هل ماتعيشه الآن حقيقة، مسحت وجهها بسرعة قبل أن يراها والدها ويحزن لاتعلم بأن والدها كان يتمزق فؤاده عليها فهي طوال المسافة لم تجف دموعها.
كان يسمعها تبكي كل ليلة على حلم لم تهنئ بعيش تفاصيله بعدما حققته بعناء ولكن خوفه عليها طغى على كل شئ، نعم قراره كان قاسي عليها ولكن لمصلحتها، كم يتمنى أن يأتي يوم وتتفهم مايشعر به الآن من مسئولية نحوها...
تنهد بهمة ونهض بعدما بدء المسافرين بالنزول ليمد يده نحو صغيرته وهو يقول
- يلا ياحبيبتي.
نظرت إلى كف والدها ثم له لتبتسم بحزن وهي تضع يدها بيده وهي تنهض معه دون أن تنطق بحرف فهي تشعر بأن هناك غصة كبيرة تخنقها تمنعها من الكلام.
أخذت تمشي خلف عائلتها بآلية وهي تكمل الإجراءات تشعر بالغربة وعدم الإنتماء فهي عاشت وترعرعت بالخارج لايربطها ببلدها هذا سوا اللغة التي أصر والدها أن تتقنها ومنع تكلم الإنجليزية في المنزل بأي شكل كان أو حتى بكلمة واحدة وهذا بغض النظر عن العادات والتقاليد التي أصر أيضا ان تتبعها وان لا تتبع مايفعلن صديقاتها ومن ضمن هذه القوانين هو ممنوع منعا باتا مصادقة أي شاب وكان دائما تعاملها مع جنس الآخر بحدود الدراسة أو العمل، لاتنكر بإن والدها افرط بدلالها ولكن كانت هناك قوانين صارمة غير قابلة للنقاش وضعها لها هي وأختها.
خرجت من شرودها ما إن وصلوا صالة الخروج على صوت والدها الذي قال بإبتسامة
- ياسين باشا أهو!
- ده إيه اللي جابه هنا، قالتها ميرال بتفاجئ لوالدتها بعدما خفق قلبها وإنتفض ما إن سمعت بأسمه ورأته أمامها دون إنذار سابق
داليا بتوضيح
- ماهو رجع مصر قبلنا لأنه ملتزم بشغل هنا، ده اللي قاله لباباكي.
أومأت لها ميرال وهي تجمع شعرها على طرف واحد بتوتر ثم أخذت تتقدم معهم بهدوء على عكس إضطراباتها الداخلية التي لاتعرف ماسببها كلما جمعها مكان واحد مع هذا المخلوق المتعجرف
تقدم منهم ياسين بإبتسامة مشرقة ومرحبة
- حمدلله ع السلامة سعد باشا نورت مصر
- الله يسلمك، مصر منورة بأهلها، قالها سعد بفرحة كبيرة وهو يتنفس بعمق فهو لايصدق بإنه أخيرا عاد إلى وطنه
إلتفت ياسين نحو أخيه وقال بتعريف.
- أحب أعرفك، المحامي شاهين اللداغ، أخويا
جمد سعد بمكانه لااااا بل صعق بالمعنى الحرفي ما إن وقع بصره على نسخة، ماااااهر، يااالله كم يشبهه
، وكأنه هو! نعم يوجد إختلاف بينهم فهذا الذي يقبع أمامه أضخم من الآخر ولكن الشبة فظيع بينهما
لينطق لسانه رغم عنه بما يجوب بعقله
- سبحان الله يخلق من الشبه أربعين
نظر له ياسين بغل خفي وقال بترقب
- في حاجة؟
سعد بنفي.
- لاء مافيش بس المتر شاهين أخو حضرتك فكرني بصاحبي الله يرحمه، تصدق حتى اسم العيلة نفسه، اللداغ، تقول ابنه!
كلمات سعد هذه البسيطة أشعلت ألسنة نيران الإنتقام والحقد بعين شاهين الذي مد يده ليصافحة وهو يقول بحدة حاول على قدر المستطاع ان يتحكم بها
- زي ماحضرتك قلت يخلق من الشبة أربعين.
- فعلا، الله يرحمه كان غالي عليا، قالها سعد وهو يصافحه بالفعل وإبتسم بحنية لهم والحزن سكن روحه وكأنه عاد إلى الماضي ليصفعه الحاضر بواقع مر...
قطب ياسين جبينه وحاول أن يتدارك الموقف ما إن رأى بأن اخيه بدء يفقد أعصابه وأخذ ينظر للآخر بكره يكفي العالم بأسره حتى قال بإبتسامة زائفة أتقنها بإحتراف.
- إحنا هنفضل واقفين هنا كتير ولا إيه، إتفضلوا أوصلكم الفيلا بنفسي ويارب يعجبكم، ذوقي، قال الأخيرة وهو ينظر إلى ميرال بشوق كبير مماجعلها تتوتر رغما عنها ليذهب نحوها ومد يده ليأخذ منها عربة الحقائب وهو يقول لها بهمس بعدما خرج سعد وداليا برفقة شاهين
- هاتي عنك.
ظن أنها ستشكره أو حتى ستمنعه بخجل ولكن ما جعله يذهل حقا هو عندما إبتعدت عن العربة وهي تعطيه مكانها برحابة صدر لم يتوقعه منها ثم تركته وخرجت بخطواتها الأنثوية وتركته خلفها وكأنه عامل لديهم لا أكثر من هذا...
في الخارج وقفوا عند سيارة شاهين، وما إن كادو أن يصعدوا حتى نظر سعد حوله وقال بتساؤل لزوجته
- سيلين فين؟
داليا بإستغراب هي الأخرى: كانت معانا جوا معرفش مخرجتش ليه لحد دلوقتي.
- أهي جت، قالتها ميرال وهي تنظر نحو بوابة الخروج ليلتفت الآخر بشكل تلقائي ليقع بصره على تلك
المهرة الشامخة التي خرجت وهي تدفع حقائبها وخصلات شعرها الطويلة المموجة ترقص خلفها بفعل نسائم الهواء،
قلص مابين حاجبيه واخذ يركز بها من خلف نظاراته الشمسية.
كانت ترتدي بنطال أسود مطاط يظهر قوامها الممشوق بفتنة مع جاكيت رياضية مفتوح وأسفله توب صغير كان لونه أسود أيضا، أخذ يتردد سؤال في عقله. هل هذه هي سيلين الصغيرة التي رأها بالصورة
نعم هي نفسها ولكن مايراه الان بعيدا كل البعد عن كونها صغيرة بل هي أنثى جامحة متكاملة في كل شئ، لقد ظنها مراهقة ساذجة.
إقتربت منهم وأخذت تعتذر من والدها على التأخير ما إن عاتبها بمحبة ولكن صاحبنا كان مايزال غارق بها فقد لاحظ إحمرار عينيها وأنفها الصغير المنتفخة من كثرة البكاء لتزين وجهها الجميل هذا بنظرتها الحزينة التي تدل عن حرقة قلبها
إقترب ياسين من شاهين بعدما لاحظ سرحانه بتلك الأيقونة التي لاتقل جمالا عن أختها ليقول بخفوت ماكر: بص أنا هاخدهم فعربيتي وهحط الشنط في عربيتك ماشي.
نظر شاهين إلى أخيه من طرف عينيه ثم أخذ يربت على كتفه وما إن إلتفت نحوهم حتى قال بجدية
- يلا ياجماعة إركبوا معايا وياسين هو اللي هيتكفل بالشنط
فتح ياسين فمه بصدمة بل كاد أن يصاب بسكتة قلبية وهو يرى أخيه ينطلق بهم تاركه خلفه ليصرخ بغيظ مضحك وهو ينظر إلى كمية الحقائب الموجودة
- هما مفكرين إني الفلبيني اللي شغال عندهم ولا إيه
في الحارة الشعبية
- كتب كتاب مين اللي هيبقا النهاردة. هي عافية.
إنت اكيد إتجننت، ما إن صرخت بها غالية بإنفعال حتى عالجها خالها بصفعة تركت علامة واضحة على وجنتها، شهقت والدتها وهي تسحب إبنتها لتجلس إلى جوارها لتحتضنها بسرعة إلى احضانها وهي تقول بغضب
- مش كده ياخليل براحة ع البت
خليل بصوت عالي وجبروت: عايزاني أعمل إيه ماهي اللي لسانها أطول منها وناقصة رباية، وبعدين زعلانة ليه ياختي، ده انا هجوزها جوازة ماتحلمش بيها...
ده يحيى باشا اللى أي بنت تحلم يبصلها مش يتجوزها ولا هي وش فقر ولا إيه حكايتها بالضبط
فتحت عينيها على وسعهما وهي تنظر إلى خالها بصدمة وكأنه كأئن فضائي لاتفهم مايقول لتلتفت إلى والدتها التي كانت لاتقل عن حالتها لتقول وهي تضحك بعدم استيعاب
- سامعة اخوكي بيقول إيه، يحيى مين ده كمان هو مش كان الزفت رامي.
- رامي إيه بس اللي هجوزه ست البنات، ما إن قالها بقرف حتى أكمل بهدوء بعدها وهو يجلس أمامهم لعله يستطيع إقناعها، ياااابت إفهميني أنا زي والدك وبيهمني مصلحتك، إنت صغيرة و يتيمة يعني أمانه في رقبتي ولازم أأمن مستقبلك وأسلمك في يد أمينة وأنا مطمن عليكي...
وبعدين تعالي هنا مش كنتي رافضة جوازك من رامي أنا بصراحة أخدت بكلامك وشفت إنه فعلا مايستاهلكيش، وقلت أسيبك على راحتك عشان ماتقوليش خالي متاقل مني ولا حاجة لا سامح الله بس لما يجي ليك نصيب ماكنتيش تحلمي بيه لازم أفوقك لإني أنا ادرى بمصلحتك.
إستدار موجة كلامه إلى والدتها، وإنت بلاش تعومي على عومها وعقلي بنتك أحسن ليها وليك. ده يحيى اللداغ مش أي حد يعني بصريح العبارة عريس مايترفضش...
نهضت غالية وهي تكتف يديها وتهزر قدمه وهي تقول بإصرار
- حتى لو كان كويس ومافيش زيه أنا مش عايزة أتجوز
إنتفض هو الآخر مستقيم بجسده وسحبها من عضدها ليغرز أصابعه بعنف بلحمها وهو يقول بإنفعال
- إسمعي يابنت انت بمزاجك، غصب عنك، هتتجوزيه سامعة، ثم رماها على والدتها وأكمل بتحذير وهو يشهر سبابته في وجههم.
كلميها وعقليها وخليها تفوق لنفسها بلاش تجبرني أطلع جناني عليها هااا بلاش، الليلة هيتكتب كتابه عليها وهياخدها معاه
صرخت والدتها بعدم فهم و رفض
- إيه! ياخدها معاه من غير فرح ليه إن شاء الله! هي لعبه وبعدين مش لازم يبقا في فترة خطوبة يتعرفوا على بعض فيها
خليل بإجرام
- خطوبة إيه اللي عايزاها إنت كمان شكلك كده خرفتي بدري...
نظر إلى غالية وإستأنف كلامه بأمر وتهديد صريح.
شوفي يابنت إنت يا إما تتجوزي يحيى بيه الليلة بإحترامك ومن غير دوشة أو هرميكي لرامي بإيدي دي، فكري كويس وقرري مصيرك بنفسك عشان ماتقوليش عليا دكتاتوري أهو سبتلك الإختيار مابينهم
نزلت دموعها عندما خرج أخيها وأغلق الباب خلفه بعنف لتستدير بجذعها العلوي نحو إبنتها التي سرعان مارمت نفسها على صدر والدتها التي أخذت تقول بعجز وهي تطبطب عليها
- خلاص يابنتي إرضي بنصيبك وإتجوزي وإخلصي من العيشة دي.
رفعت رأسها وقالت بإستنكار لما سمعت
- عايزاني أرمي نفسي بالنار
أخذت تمسح على رأسها بحزن وهي تقول
- بعد الشر عليك ياقلب أمك، خالك قال إنه عريس لقطة وإن شاء الله يطلع إبن حلال و يراعي ربنا فيك
باست كف والدتها وقالت: وإنت يا حبيبتي أسيبك إزاي
إبتسمت بلا روح وهي تقول لإبنتها.
- دي سنة الحياة، إذا مكنش النهاردة هيبقى بكرة، ربك معايا، وخليل صح بيبان عصبي وكده، بس معايا مافيش زيه ده أنا أخته وهيخلي باله مني ماتقلقيش بس المهم إني أتطمن عليك في بيت عدلك
سحبت غالية شعرها إلى الخلف ثم أخذت تضرب فخذها بحرقة وهي تقول: والله اللي بيحصل ده مالوش لازمة انا من شهر بس تميت ال 18 سنة مستعجل على جوازي كده ليه بس أنا مش عارفة.
- نصيبك جا نقول ايه بقا، يلا قومي خدي دوش وجهزي نفسك وإنسي كل حاجة وافرحي واضحكي اوعي تحرميني من إني أفرح بيكي وإنت عروسة
غالية بنظرة إنكسار
- إنت بتتكلمي جد؟
- آه جد، وعشان خاطري بلاش تبصيلي كده وتحسسيني بالعجز أكتر من اللي أنا فيه أنا مش حمل خالك ده ممكن يرميكي فعلا للكلب التاني قصاد عيني ومش هقدر أعملك حاجة...
قطعت كلامها وأخذت تبكي بقهر وعجز على ما يحصل لبنتها الوحيدة التي سرعان ما إحتضنتها وأخذت تقبلها من وجنتها ويدها ثم رفعت رأسها لوالدتها وقالت بقبول فعلى مايبدو بأن هذا هو نصيبها
- حاضر، هعمل اللي هيريحك ويريحكم كلكم، بس وحياتي عندك بلاش تعيطي وتزعلي تاني، وبعدين أنا عايزة بدل الدموع دي زغروطة، زغرطيلي يا ماما، ده النهاردة فرحي، ولا أنا ماستاهلش إني أفرح يعني
- يا خبر وأدي أحلى زغروطة لست البنات...
لوووووووووووووليييييي
مساء في الوكر بالتحديد بالقطاع الخاص للأسلحة السوداء المستعملة والمعطلة، كان يجلس على كرسي خشب وأمامه طاولة طويلة وبيده سلاح بدء يفك أجزائه واحدة تلو الاخرى حتى أصبح معدات صغيرة لا تصلح لشئ ثم أخذ ينظفه بتركيز وما إن إنتهى حتى أعاد تركيبه بدقة وإحترافية شديدة وسرعان ما رفعه وأطلق منه رصاصة لنقطة بعيدة.
ليصفق يحيى وهو يدخل عليه المكان مع سلطان الذي كان ينظر إلى ذراعه الايمن بإعجاب ثم قال
- مش حاجة جديدة ده العادي بتاع شاهين
شاهين بتساؤل
- رجعت إمتى؟
ليقول سلطان وهو يمسح على شاربيه
- من ساعتين بس، تصدق السفرية دي رجعتلي شبابي. زينة دي سرها باتع معايا
يحيى بمشاكسة
- أوووبا سامع ياشاهين، رجعتله شبابه، عقبالنا يارب.
- ما انت هتتجوز الليلة ولا هو أكل وبحلئة، ما إن قالها سلطان حتى شحب لون يحيى عندما وجد شاهين يرفع رأسه لهم بسرعة وهو يقول
- من ده اللي هيتجوز!
يحيى بترقب
- أنا
ترك ما في يده ونهض و وقف أمامه بجسده الضخم وقال: مين؟ وليه أنا معرفش
- خطيبة رامي، ما إن نطقها حتى إنقض عليه الآخر وهو يصرخ به بغضب بارد خطير
- ليه يا دكر تدخل الحريم في شغلك، ليه ماتسمعش الكلام، ولا عاجبك تدارى فيهم.
- البت عجبتني، ما إن قالها بكذب مكشوف للآخر حتى إبتسم من طرف شفتيه بتهكم وأخذ يربت على منكبه بقوة
- إحنا مش بتوع جواز وإنت عارف ده
سلطان بتدخل
- لاء أزعل منك، إحنا بتوع كله ياشاهين، وبعدين هو حب يكسر عين غريمه بخطيبته وأخدها منه يتمتع بيها يومين تلاتة وبعدها يرميهاله لو عايز...
نظر شاهين الى أخيه الروحي وعض خده من الداخل بغيظ ثم قال
- والتاني سكت، سابك كده تاخد منه خطيبته ومعملش حاجة.
يحيى بتوتر لايظهر إلا أمام البوس
- ماهو أنا لفقتله تهمة ورميت فالسجن من أسبوع
- لاء شاطر، عفارم عليك، بس كلها يومين وهيخرج وبعدها هيجي ويشرب من دمك وهيبقا من خناقة رجالة لخناقة على ست، قال الأخيرة بقرف واضح من تدنى المستوى
يحيى بتوضيح.
- صدقني البنت دي هي اللي هكسره فيها بجد وهحرق قلبه عليها، ومش بس كده ده انا هخليه يسف التراب، يعني هحاربة نفسيا وجسديا عشان يعرف إن مش أنا اللي يتلعب معايا ومش أنا اللي انام فالحجز ليلة كاملة بسبب واحد مايسواش...
وأهو زي ما إنت شايف الليلة اللي نمتها نام هو بدالها أسبوع، ده غير إنه لما يطلع ويلاقي حبيبة القلب بقت في حضني، مش هقولك هكون علمت عليه إزاي...
صدقني يا اخويا كل شئ مباح عندنا هنا. مافيش قوانين مافيش مبادئ مافيش أخلاق. إعمل أوسخ حاجة في عدوك بكده صدقني الكل هيهابك. والبقاء للقوة، قال كلماته هذه ثم تركهم وخرج متوجها إلى تلك التي تنتظر مصيرها المجهول
- شفت أفكارك وصلتهم لفين، قالها وهو يلتفت لسلطان الذي بادله إنزعاجه هذا بلا مبالاة ما إن قال.
- ما تسيبك دلوقتي من الحكاية دي، يحيى مش صغير وعارف هو بيعمل إيه كويس بلاش تعكر مزاجي على حاجة تافة زي دي، ودلوقتي ركز معايا أنا...
- في إيه؟
جلس سلطان على أحد الكراسي وقال بمغزة مليئ بالشر
- سمعت إن حبيبك وصل
صمت وإنتظر تعليق الآخر ولكن ما إن طال هذا الصمت بينهم حتى أكمل، هتعمل إيه معاه!
- ولا حاجة، قالها ببرود وهو يعود إلى تركيب أدوات الأسلحة مما جعل سلطان يغتاظ منه وهو يقول
بغضب
- شاهين!
توقف عن ما يعمل ونظر له: نعم!
سلطان بضيق من برود الأخر
- ناوي على إيه؟
ليقول شاهين بإبتسامة سامة: على كل خير
رفع سلطان حاجبه وهو يقول: بقا كده
إستقام شاهين بطوله وهو يقول بجدية وقوة ممزوجة بغضب أسود نادر الظهور: ماتشغلش بالك معايا يا حاج لأنك كده هتتعب ومش هتوصل لحاجة، التار تاري أنا، واللي عليك عملته وبلغتني مكان سعد فين وبكده يبقا كتر ألف خيرك و الباقي سيبه عليا وعلى ياسين
نهض سلطان وقال برفض غاضب.
- لاء يا إبن اللداغ لاء يا إبن سامر، التار تاري كمان ده أبوك وعمك كانوا ليا أكتر من إخوات
- والمطلوب مني إيه دلوقتي، ما إن قالها شاهين بضيق
حتى أتاه الرد أو بمعنى أصح قالها بأسلوب أمر
- إنك ترسيني على اللي هتعمله خطوة بخطوة
نظر له من طرف عينه وقال بترقب
- وده هيفرق معاك في حاجة
- أكيد.
ليرد عليه شاهين بصياعة: تؤ، مش هتفرق، المهم بالنسبالك هي النتيجة هتكون إيه ومن الناحية دي خلي في بطنك بطيخة صيفي وماتخافش، مش اللداغ اللي يسيب حق أبوه وعمه يروحو هدر، ولو حتى مر عليه سنين
صمت و رفع كفيه إلى الأعلى بحركة إستسلام وهو يكمل قبل أن يتركه ويخرج، وأظن كده عداني العيب، سلام يا حاج.
كانت نظرات الآخر كثعبان البامبا السوداء الى باب القطاع الذي إختف من خلاله وهو يجز على أسنانه ليتشنج فكه بعنف ليرفع يده إلى أعلى مستوى وضرب عصاه على الطاولة وهو يرمي كل ماعليها ثم أخذ يتنفس من أنفه
- بقا يتخاف منك يا شاااااهين. بقا يتخاف. بس على مين إن ماخليتكم تاكلوا في بعض مبقاش كبير وكر الأفاعي.
في فيلا صغيرة وجميلة بموديل عصري راقي كان يجلسون بحديقتها بقرب حمام السباحة، ما إن إنتهى سعد من توقيع العقود الخاصة بالفيلا حتى أخذها منه ياسين وهو يقول
- وبكده نقدر نقول ألف مبروك.
سعد بإبتسامة
- الله يبارك فيك
ياسين بتوضيح
- هاخدهم معايا عشان شاهين يسجلهم في الشهر العقاري بكرة الصبح
أومئ له بنعم وهو يقول
- بإذن الله
- طب أستأذن أنا، ما إن قالها وهو ينهض حتى نهض سعد أيضا وهو يقول
- ما لسة بدري
ياسين بضحك.
- بدري إيه بس أنا فاضلى أنام عندكم
ضحك الآخر وقال
- بيتك ومطرحك
- الله يخليك، تصبح على خير
- وإنت من أهله
في الأعلى كانت ماتزال ترتب ثيابها بالدولاب وما إن إنتهت حتى رمت نفسها على السرير وهي تغمض عينيها بتعب لتغفى دون شعور ولكن جفلت بعد مرور عدت دقائق عندما إرتفع رنين هاتفها.
سحبته من على الطاولة التي بجانب السرير لتنظر إلى الشاشة بتساؤل من الذي يتصل بها الأن وهي لم يمر سوا ساعتين على تفعيلها لرقمها هذا، ضغطت على زر الإجابة وهي تقول بصوت مبحوح ناعس
- الو
- كنتي نايمة؟، ما ان قالها وهو يستلقي بإسترخاء على أريكة منزله لتنتفض الأخرى من فراشها وهي تهمس بصوت خافت
- ياسين
رفع ذراعه وسنده على جبينه وقال بعبث
- الله! ده إنت حافظة صوتي بقا ياقمر
عبس وجهها من تجاوزه معها لتقول بضيق.
- جبت رقمي ده منين ومتصل ليه
تنهد وهو يفتح أزرار قميصه و يقول
- الرقم مافيش أسهل منه. ومتصل ليه؟ برأيك إنت ليه!
ميرال بضيق أكبر من سابقه فالذي معها على الخط مراوغ من الدرجة الاولى
- ممكن أعرف حضرتك عايز مني إيه، لا إنت صغير ولا أنا فبلاش الحركات اللي ملهاش لازمة دي
رفع جذعه العلوي قليلا وما إن تخلص من قميصه ورماه بإهمال حتى إستلقى مرة أخرى وهو يقول.
- بإختصار يا أنسة إنت عجباني أوي، وبتشديني أوي، كل لما بشوفك ببقا مش عايز أبص لحاجة غيرك، مقدرش أنكر إن السبب هو إنك حلوة، وحلوة أوي كمان بس مش ده اللي بيجذبني ليك لأني أنا شفت اللي أحلى منك بكتير ومحركوش شعرة مني...
ضحك بخفة مع نفسه ما إن وجدها تنصت له وهذا يعني بأنه إستطاع أن يلمس مشاعرها وعلى مايبدو إنه أخذ يلعب على أوتارها الحسية أيضا، ليكمل كلامه بهمس مثير.
بس من لما لقيتك قاعدة ع الرصيف وبتعيطي وماقولكيش وقتها عملتي فيا إيه يابنت الناس لما بصيتيلي بعنيكي اللي مليانه دموع وقتها كان نفسي أمد يدي و أمسحهم واحدة واحدة كنتي عاملة زي البنوتة اللى عندها أربع سنين كنتي صغيرة أوي و ناعمة أوي عايزة اللي ياكلها أكل
إبتلعت لعابها الجاف بصعوبة لتقول بعدها بهروب
- تصبح على خير، و ياريت يا أستاذ ياسين إتصالك ده مايتكررش تاني وتحترم الحدود اللي مابينا.
قالت كلامها الأخير هذا ثم أنهت المكالمة دون أن تنتظر رده ومن شدة توترها اغلقت الهاتف بشكل نهائي ورمته بعيدا عنها ثم سحبت فراشها عليها لتغطي نفسها كليا وصدى كلماته كانت تتردد بذهنها ولا تعلم كم مر من الوقت عليها وهي هكذا تائهة بين السماء والأرض من مجرد حروف جميلة نطقها إستطاع بها أن يسحرها وكأنها تعويذة وألقيت عليها...
كانت تجلس إلى جانب والدتها وهي ترتدي فستان حرير أوف وايت بسيط محتشم جدا تزينه بحجابها من نفس اللون، أغمضت عينيها وهي تدعى من كل قلبها بأن لا يأتي وبهذاسوف يكون لديها سبب وجيه بأن ترفض هذا الزواج أو دعنا نقول مايسمى بالزواج فهو أبعد مايكون عن الزواج الحقيقي
تأخر ساعة من الزمن كادت أن تطير فرحا لأنها ظنت بأن دعائها إستجاب ولم ياتي ولكنه أتى مع الاسف
عقلها مشوش لاتعرف هل ماتفعله صواب أم خطأ.
تنفست بضيق وضجر ما إن وجدت زوجة خالها تحيه وتدخل عليهم الغرفة وهي تزغرط بحماس لتقول بعدها بحسد وهي ترفع فمها بعدم رضا
- يابختك يابت من يومك تقعي وإنت واقفه ده العريس مافيش زيه ده قمر، لاااااء قمر إيه ده طوله يهبل وعرض كتافه تتوهي في وسطهم وياااختي على شعره و يخرب بيت برفانه اللي يتوه ده، هو في كده!
لتقاطعها والدة غالية بتأنيب: ماتتلمي ياتحية وإتكسفي هاااا اتكسفي، عيب كلامك ده، عيب
تحية بعدم رضا.
- الله! هو في إيه عشان تهبى في وشي كده ليه حرام يعني اقول رأي في نعمة ربنا اللي بعتها لينا، بس الحق عليا إني جيت أطمنك وأفرحك إن العريس حاجة نظيفة أوي ولا بتوع التلفزيون شياكة اااايه وشخصية ااايه جتني وكسة على بختي الهباب
- واحد زي ده إيه اللي رماه عليا، يارب أسترها معايا، قالتها غالية مع نفسها لتشرد بعدها في عالم مظلم فكلام الأخرى لم يزيدها سوا قلق على قلقها.
خرجت من الحرب العالمية الثالثة التي كانت تقام في داخلها حتى كاد عقلها ينفجر عندما مسكت تحيه يدها وذهب بها إلى الصالة وهي تزغرط لتجعلها تجلس على أحد الكراسي المهترئة ما إن ناداها خليل بأن تأتي بالعروسة
تمت إجراءات كتب الكتاب دون أن ترفع عينيها بإتجاه عريسها ليس خجلا كما يظهر للحاضرين ولكن كان نفور نابع من داخلها على كل مايحدث حولها.
مسكت القلم وأخذت تخط إسمها بآلية أسفل الورقة لتصبح حلال شخص لاتعرف عنه شئ سوا إسمه فقط، كادت أن تصرخ وتبكي ولكن إن فعلت هذا أو لم تفعل فهو لم يغير من الحقيقة شئ
وما إن انتهى كل شئ وخرج المأذون مع الشهود حتى رفعت رأسها بتفاجئ عندما وجدت عريس الغفلة يخرج حقيبة سوداء تحتوى على مبلغ محترم جدا ويضعه أمام خالها وهو يقول وكأنه يتفق على شراء بضاعة
- وده المهر اللي إتفقنا عليه.
مهر! كادت أن تضحك بشدة لااا بل تبكي لاتعرف ماذا تفعل أو ماذا يجب أن يكون رد فعلها لأنها تعلم جيدا بأن هذا المال ليس مهرها بل هو سعرها!
، يالله كم الحقيقة مؤلمة، فقد باعها خالها الآن أمام عينيها لمن دفع أكثر، نعم هذا ماحصل، لقد تم الآن صفقة شرعية و قانونية، هي لم تكون سوى مجرد صفقة رخيصة لا أكثر، بعيد كل البعد عن الزواج، ولكن ما.
جعلها تفتح فمها بذهول ما إن جائتها الطعنة الأخيرة التي جعلت لسانها يعجز عن النطق
- كده عداك العيب، خدها مبروك عليك، قالها خليل وهو يضع يده على ظهرها بعدما جعلها تقف إلى جانبه كالدمية ليدفعها بخفة نحو الآخر الذي إقترب منها ومسك يدها الصغيرة بقوة ثم خرج بها من منزلها
بسرعة لتحاول أن تسايره بخطواته الواسعة دون
حتى أن تودع والدتها التي كانت تنتظر دخولها بلهفة
لاتعرف بأن إبنتها الوحيدة قد ذهبت إلى المجهول.
6=رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل السادس
كانت تجلس على سريرها تنتظرهم وما إن فتح الباب حتى نظرت خلف زوجة أخيها الذي دخلت منه الآن لعلها ترى خلفها إبنتها وعريسها لتقبلها وتشمها وتهنئها، وترى زوج غاليتها لتوصيه عليها وتجعلها أمانة في عاتقه تسأله عنها يوم القيامة، ولكن كسى الحزن وجهها وهي تسألها
- غالية فين، أكيد قاعدة مع عريسها برا صح
تحية بفظاظة
- مين دي اللي برا، دي زمانها وصلت بيتها ودخلت كمان
لتقول بوجع قلب
- راحت من غير ماتسلم عليا!
- معلش شكل العريس كان مستعجل شوية، ختمت كلامها وهي تضحك بمغزى وقح ثم خرجت وهي تتدلع بمشيتها
رجف فكها ولمعت الدموع بعينيها بقهر ثم أخذت مسبحتها لتبدأ بالتسبيح والإستغفار ودموعها تنزل تغسل روحها المعذبة قبل وجهها لعل هذا يهون على قلبها المسكين حزنه وبداخلها تلهث بالدعاء لغاليتها فهي تعلم بأن إبنتها سيدة العناد والتحدي...
علي الجهة الأخرى عند غالية كانت تجلس إلى جانبه بداخل سيارته الفاخرة لا تعرف أين سيذهب بها ولكن تملكها إحساس غريب مخيف جعل أطرافها تتخدر وكأن قلبها يعلمها بأنها تورطت بشئ كبير ولكن ماهو بالتحديد لاتعرف.
تبلدت مشاعرها تماما وكأنها جثة هامدة تنتظر بهدوء إستيقاظها من هذا الكابوس التي تعيش به الآن، أي فتاة أخرى في مكانها كانت ستبكي وهذا الشئ الطبيعي، هذا الذي يجب أن يحدث إلا أنها كانت كالتمثال تحاول أن تستوعب أو تفهم ماحدث حولها...
الصمت كان سيد الموقف لم ينطق بحرف معها قط. مما جعل هذا الهدوء أعصابها تسترخي نوعا ما، كانت متناقضة كل دقيقة يتبدل حالها، ولكن ماعكر مزاجها حقا فوق ضيقها الواضح منه هو رائحة السجائر التي كادت أن تخنقها فهو ما إن يطفئ واحدة حتى يشعل أخرى غيرها بإختصار كان كمصنع ملوث للبيئة.
نظرت له خلسة بقرف من طرف عينيها وهذه أول مرة تراه فيها وأخذت تقيمه، امممم لابأس به فهو كان حنطي البشرة بجسد ضخم لا بل كان عملاق بالنسبة لقامتها هي، مع أن طولها مناسب ولكن بالمقارنة معه كانت أشبه بالقزم أمامه
لاحظت بروز عظام وجهه وخاصة منطة الفك الذي يكسيه ذقن مهذبة مع شفاه غليظة يعلوها أنف حاد كالسيف و شامخ للأعلى...
وعينان بنية لامعة ولكن ماكان يفسد جمالها هي تلك الهالات التي تحيط بهما كالباندا، لاحظت نزول شعر ناعم كالحرير وأسود كالليل على جبينه ولكنه طويل بعض الشيء يحتاج إلى قص ولكن رغم هذا لاتنكر بإنه يليق به ويحمل من الوسامة وقدرها
أما يحيى كان في عالم آخر تماما عنها أخذ يقود سيارته وكل مايشغل تفكيره هو أين يذهب بها؟ هل يستأجر شقة أم يذهب إلى فندق او يعود بها إلى الوكر.
ولكن كيف يعود والوكر مكان لايناسب لفتاة مثلها
فكل النساء هناك عبارة عن بنات ليل متاحين للجميع
أمسك صدغه بتعب ثم أعاد شعره إلى الخلف، اااخ ماذا يفعل بهذه المعضلة التي لم تخطر على باله...
ولكن ما لم يستطع أن يتجاوزه حتى الآن هو صدمته ما إن رآها ترتدي الحجاب مع ثياب فضفاضة محتشمة.
فهو كان يتوقع بإنها اااء، لااا هو لم يرسم بمخيلته كيف سيكون شكلها بل هو لم يفكر بهذه النقطة. هذا لأنها ببساطة لاتفرق معه كل ما أراده هو أن ينتقم من ذلك الحثالة بها...
يعني بإختصار هي لاتهمه ولا تعني له شيئا بتاتا ولهذا السبب سيذهب بها إلى شقته في الوكر وسيمنعها من الخروج منه لكي لايراها أحد وهكذا سيستطيع أن يعيش حياته كما كانت دون أن يضطر أن يغير شيء لأجلها.
هذا الحل الذي وصل له بعد تفكير عميق. أدار الدركسيون ليغير المسار، وبعد وقت لايستهان به وصل لمكان مقطوع بعيد عن تجمعات الناس حتى ظنت بإنها خرجت من العاصمة بأكملها
مما جعلها تنظر حولها والرعب بدأ يسكن مقلتيها.
ظلام دامس يغطيهم، الطريق خالي من السيارات، كادت أن تلتفت له وتضربه على رأسه وتصرخ به يا أيها المعتوه أين ستذهب بي؟ ماهي حكايتك؟ من تكون؟ ولكن سرعان ماضاعت خطتها بالهجوم عليه ما إن وجدته يقترب من مكان غريب بمنطقة عشوائية كبيرة من الخارج مظهرها عبارة عن أنقاض وبقايا منازل قديمة مهجورة لاحياة فيها ولكن ما إن إقتربوا أكثر حتى وجدت بأن كل هذه الأشياء لم تكون سوا سور أو تمويه لما في الداخل.
كان يوجد قطاعين طرق أو هذا ما ظنته عند المدخل الذي كان عبارة عن مجموعة صفائح من الحديد الصدئ ولكن قبل أن يقترب منهم وجدت ذلك الذي يدعى زوجها يضع يده على رأسها من خلف وأنزلها بقوة إلى الأسفل وهو يوجه لها الكلام لأول مرة بأمر صارم
- إداري تحت كويس ماتخليش حد يشوفك ولا يسمعلك صوت
إحتضنت نفسها بسرعة بذراعيها بحماية وأغمضت عينيها وأخذت تدعي بهمس خافت بالكاد هي سمعته.
- يارب إحميني وأسترني بسترك وإحفظني من الناس الغريبة دي...
صمتت ورجفت بشكل تلقائي وهي تضع كفها على فمها تكتم أنفاسها ما إن وجدته رفع كفه لهم كسلام عندما مر بسيارته من عندهم ليرحبوا به جميعا
- أهلا يالداغ، نورت
ليرفع بعدها هاتفه وأخذ يقول بأمر بعدها
- إسمع ياحودة تعالالي عند شقتي وإستناني تحت.
أنهى المكالمة ليقف بعدها عند عمارة بابها الرئيسي مكسور، نزل من السيارة وفتح الباب الخلفي وأنزل حقيبتها ثم توجه نحوها وفتح الباب الذي يجاورها ليراها ماتزال محشورة تحت الكرسي لينحنى ويمسكها من معصمها ثم سحبها بقوة لتنزل معه متوجها بها بسرعة لداخل العمارة ليجعلها تقف تحت الدرج بمكان مظلم ثم أعطاها حقيبتها لتحملها.
لحقت به حتى كادت أن تنادي عليه عندما وجدته يتركها ويخرج ولكن سرعان ما رجعت إلى مكانها ما إن رأت شخص شكله كالمجرمين يقترب من زوجها المبجل الذي قال وهو يرمي له المفتاح
- خد العربية ورجعها الكراج، بس أوعى يتخدش منها حاجة دي عهدة أروح فيك بداهية
- إعتبره حصل ياعريس، ما إن قالها حودة نظر خلفه حتى فهم يحيى بإنه رآها وهي تدخل معه، ليقول بعدها وهو يهز برأسه
- طب يلا أتكل و وريني عرض قفاك
حودة بهزار.
- طبعا هتزحلقني يا باشا الليلة ليلتك
يحيى بتنهيدة
- مابلاش قر أمك ده، ويلا إخفي من هنا، ومش عايز أنبه عليك
- في بير طبعا من غير ماتوصي ولا كأني شفت حاجة
ربت يحيى على كتفه وقال بإبتسامة: جدع ياض
أما غالية إحتضنت حقيبتها الصغيرة ما إن رأته يدخل و يقترب منها ليسحبها معه إلى الأعلى وكأنها دمية يحركها كيفما يشاء، كانت شقته بالطابق الثاني وصل إلى بابها وفتحها ليدخلها قبله أو بالمعنى الأصح دفعها أمامه.
أخذت تنظر إلى المكان كانت الأرضية سيراميك أبيض ولكن قد تحول لونه من عدم التنظيف إلى تصبغات الرمادي الممزوج بالبني، كان يوجد غرفة واحدة وصالة وحمام ومطبخ مساحتة صغيرة.
علي ما يبدو بأن هذا المكان مهجور لم يسكنه أحد منذ شهور، ولكن سرعان ماغيرت رأيها ما ان رأت ثياب نوم باللون الأحمر مرمية على أريكة الصالة عند هنا قطبت جبينها بإشمئزاز وهي تمرر نظرها على صاحب هذا المكان وكأنها تقارن مابينه وبين منزله ياترى أيهما أكثر قذارة بالتأكيد هو سيفوز بهذه المنافسة...
تنهدت بصبر مع أن الصبر ليس من شيمها، ذهبت وجلست على الأريكة بعدما رفعت أمامه تلك الثياب من طرف أصابعها ورمتها بعيدا بإهمال
أما يحيى لم يعلق على فعلتها فهو متعب الآن، تركها وذهب إلى الغرفة ليخرج له ثياب نظيفة ثم توجه إلى الحمام ليزيل عنه عبق اليوم الطويل الذي مر به.
وما إن خرج حتى وجدها ماتزال جالسة بمكانها ولم تغير ثيابها بعد، ليتجاهلها وكأنها غير موجودة ودخل إلى الغرفة ورمى نفسه على السرير بإرهاق ونعاس فهو لم ينم منذ يومين بسبب الشحنة التي وصلت أمس.
والآن حان وقت النوم هذا ماقاله عقله وهو يغمض عينيه بإستسلام تلقائي وراحة لا توصف، فعلته هذه جعلت غالية تقف مصعوقة، هل ينام؟ كيف ينام ويتركها هكذا أخذت تقرص وجنتها هل هي الآن مستيقظة أم نائمة لأن ببساطة كل مايحدث الآن غير منطقي على الإطلاق، لماذا تزوجها هذا الكائن الغريب ماذا يريد منها؟
بعد مرور ساعتين من التساؤلات لم تجد لها أجوبة سحبت حقيبتها وأخرجت لها ثياب مريحة لتذهب إلى الحمام لتغتسل وتغير ثيابها وما إن خرجت حتى إرتدت أسدالها وفرشت سجادتها وجلست عليها تنتظر أذان الفجر. ولكن الغريب لم تسمع صوت أي أذان مع إن الوقت قد فات!
نهضت وأدت فرضها ثم نظرت نحو باب الغرفة هل تذهب وتوقظه للصلاة أم تنتظره ينهض من نفسه
ولكن ما إن تأخر الوقت وبدأ النور يشق الظلام نهضت.
من مكانها ودخلت عليه لتقف إلى جانب السرير تتأمله
كان ينام في وسط الفراش على بطنه وهو يفرد ذراعيه إلى الأعلى، يرتدي بنطال قطني رياضي أسود مع تشيرت ربع كم أسود. كان هناك شخير بسيط يصدر منه على مايبدو بإنه لم ينم جيدا منذ أيام
إنحنت نحوه وأخذت تناديه: يحيى، إصحى صلاة الصبح هتفوتك، يحيى الصلاة خير من النوم. يلا قوم
عشان ربنا يباركلك في يومك.
كان تتكلم بصوت هاديء مريح للأعصاب وبرغم نومه العميق إلا أن نغمتها الناعمة أيقظته وجعلته يفتح عينيه وهو يرفع وجهه لها ويقول بصوت مبحوح وناعس
- هي الساعة كام
- ماتخافش لسه في وقت ع الشروق هتلحق صلاتك
قالتها وهي تظن بإنه سينهض ولكنها إندهشت ما إن عاد إلى نومته بعدما صرخ بوجهها بإنزعاج
- إخفي من وشي أحسلك.
- عديم الذوق، تمتمت بها وهي تخرج من الغرفة ثم توجهت إلى الأريكة لتستلقي عليها بتعب لتغمض عينيها بإختناق وهي تحاول أن تهرب من تفكيرها المستمر إلى النوم
أشرقت الشمس تعلن عن يوم جديد لتستيقظ بإستغراب على صوت صراخ يأتي من الخارج وهو ينادي على ذلك المغفل الذي ينام في الداخل ولكن قبل أن تذهب نحو الشرفة لتجد من هذا الذي يصرخ فصوته مألوف بالنسبه لها، حتى وجدت يحيى يخرج من داخل الغرفة.
ويذهب نحو الشرفة بسرعة ولكن سرعان ما إن إبتسم بانتصار ممزوج بخبث عندما رأى غريمه يحترق بنار لا آخر لها،
كان رامي يقف في منتصف المكان يعلن عن وجوده
والرجال المسؤلون عن أمن الوكر تكتفه وتمنعه بأن يصعد
للآخر...
هذا المنظر جعل يحيى يرتوي غليله ويتحمس لما هو قادم، إلتفت إلى الداخل وأغلق باب الشرفة ثم توجه نحو الباب لينزل ولكنه إلتفت الى تلك التي تقبع بالصالة ليرفع سبابته لها بتحذير.
- حسك عينك حد من اللي برا يلمح ضلك
ختم كلامه وخرج لينزل على السلم وما إن وصل للتجمع أمام العمارة حتى قال بصوته الخشن وهو يمشط شعره المبعثر بأنامله الطويلة
- سيبوه هو طور عشان تكتفوه كده
صرخ رامي بغل شديد وهو يحاول أن يخلص قيده من هؤلاء
- موتك على إيدي ساااامع على إيدي
ضحك يحيى بحقارة وإنتشاء لم يشعر به من قبل.
- أكيد وصلك الخبر صح، طب إيه! مافيش مبروك. تؤ تؤ تؤ، قالها وهو يغمز له من طرف عينيه ثم إقترب منه وهمس له عند أذنه، ده حتى إمبارح كانت دخلتي ياجدع.
بحركة مباغته وقوية حرر نفسه منهم ليلكمه بعنف على فكه، فكلماته كانت عبارة عن بنزين تم سكبه على النار، حاول أن يضربه أكثر إلا أن رجال الوكر سرعان ماكتفوه مرة أخرى ليمسح يحيى طرف فمه وهو يبتسم بخفة لتتحول إلى ضحكات شامتة ولكن سرعان ما إختفت وتغير وجهه إلى التجهم وهو يقول بصوت عالي
- سيبوه مش عايز حد يدخل مابينا، وبالفعل نفذ رجاله الأمر وإبتعدو عنهم قليلا ولكنهم كانوا متحفزين للتدخل في أي لحظة.
إقترب رامي منه وما إن كاد أن يلكمه مرة أخرى حتى مسك يده بقوة ولواها إلى الخلف ليضربه بمقدمة رأسه على أنفه ثم سحبه نحوه قبل أن يقع و أخذ يكيل له لكمات متتالية ثم دفعه بعيدا عنه وسرعان ما سحب عصا من الخشب الثقيل ليضربها بجانب وجه الآخر أكثر من مرة ثم رماها خلفه وهو ينهج بغضب بشكل وحشي.
ولكن ما إن وجده يقترب منه مترنحا وهو ينزف من كل مكان حتى جلس يحيى نصف جلسة بسرعة ليعالجه بركلة على إحدى ركبتيه ليجعله طريحا على الأرض متأوها ولكن حتى التأوه هذا حرمه منه ما إن ضغط على حنجرته بحذائه بقوة يخنقه بها ثم أخذ يقول بصوت جهوري شرس
- المرة الجاية ماتحطش راسك براس أسيادك، وعقابك.
هيكون إنك تعيش، قطع كلامه و إبتعد عنه وإنحنى بجذعه ليسحبه من مقدمة ثيابه بحركة مهينة ثم أكمل بهمس، وحبيبة قلبك في حضني...
لفظه من يده بعنف ثم إلتفت ليصعد إلى منزله ولكن قال قبلها بأمر
- إرموه برا الوكر زي الكلب.
كل هذا حدث أمام عينيها فهي كانت تقف خلف شيش الشباك المغلق، لاتصدق كل ما رأته، يالله ماهذا المكان الذي هي فيه الآن، إلتفتت بسرعة إلى الخلف ما إن سمعت صوت الباب يفتح لتذهب نحوه بغضب فقد طفح الكيل حقا ولم يبقى هناك مجال للصمت وقفت أمامه ومنعته من العبور
- إنت مين؟ وعايز مني إيه، إتجوزتني ليه؟
لم يرد عليها وأخذ يتمعن بشكلها جميلة وناعمة ولكنه كان يفضلها أن تكون قبيحة، فالمنطق لديه يقول كلما زاد جمال الأنثى زاد غبائها، النساء بالنسبة له شر لا بد منه لذلك قاعدته الأولى والأخيرة للتعامل معهم هو أن تأخذ ماتريد منهم ثم ترميهم
قطعت سيل نظراته الوقحة وهي تعيد سؤالها بغيظ
- بقولك إتجوزتني ليه؟
إبتسم بعجرفة فقد فهم كلامها بشكل آخر يروق لكبريائه كرجل.
- هي الناس بتتجوز ليه، على العموم حقك تزعلي لأني سبتك ونمت ومدتكيش حقك الشرعي بس ملحوقة هعوضك. وحالا
ختم كلامه وهو يمسكها من ذقنها وأخذ يتحسس بشرتها الناعمة بوقاحة مشروعة ليتفاجئ بها تضرب يده بقوة وهي تقول بشراسة لم يتوقعها منها: أوعى كده
إبتعد عنها ونظر لها بتمعن ثم قال بتكبر
- وطالما أنا مش عاجبك ياقطة وبتقرفي من لمستي وافقتي تتجوزيني ليه؟! هااا، وافقتي ليه.
صمت قليلا وأخذ ينظر إلى وقفتها و قوتها وشموخها الذي يستفزه بشدة ثم إقترب منها مرة أخرى وأكمل بخفوت وهو يغوص بعتمة عينيها، اللي يشوف عزة نفسك دي وأنتكتك عليا مايقولش إن أهلك رموكي عليا رمي بشوية ورق ملون
ظن بكلامه هذا سيهز ثباتها ولكنها بادلته بنظرات واثقة وهي تقول.
- إنت أكثر واحد عارف جوازنا حصل إزاي. وإنهم غصبوني عليك، ومع كده قولت الحمدلله أكيد فيه خير وربنا هيعوضني بيك عن اللي شفته بس مع الأسف طلعت بلاء ولو كان أمري في اثيدي كنت تحلم أوافق عليك وأنت بأخلاقك دي
رفع حاجبه بصدمة من ردها ولكن سرعان ما إبتسم من طرف شفتيه بسخرية ثم أخذ ينظر لها بإستعلاء واضح.
- إيه ده هي الحكاية طلع فيها غصب، أوعي يابت تشوفي نفسك عليا وتفكري إني دايب فيك، لاااء إصحي كده من أحلامك دي وفوقي وإعرفي إني أنا وافقت عليك بس لأني محتاج حد يخدمني.
يعني إنت مش أكتر من خدامة شغلتك هنا. تغسلي وتطبخي وتنضفي واااء امممممم ومش مشكلة لو إتمتعت بيك شوية كمان مش مضر بس لو مفكرة إني هخليك تكوني أم لولادي لاء و ألف لاء وإحلمي على قدك، لأنك ببساطة متشرفنيش.
و مالكيش عندي أي حقوق لو أديتك حاجة تبوسي إيدك وش وقفا. مادتكيش ماسمعش صوتك، أاااامين يابنت الناس، اللهم بلغت اللهم فاشهد، عاجبك كده أهلا مش عاجبك الباب قصادك أهو أخرجي منه زي مادخلتي، وأنا هعتبر الفلوس اللي دفعتها فيكي ضاعت أو إتسرقت.
- قليل الأصل هتوقع منك إيه يعني، ما إن قالتها بصوت متراخي مصدوم من ماسمعته منه بكل وقاحة حتى رفع كف يده عاليا ليهبط بها بكل قوته على وجنتها وهو يكز على أسنانه بإنفعال مما جعلها تفترش الأرض بعنف
توقع منها البكاء أو الصراخ ولكنه فتح فمه بعدم تصديق ما إن وجدها تنهض وتقف أمامه مرة أخرى وهي تنظر في داخل عينيه بقوة أكبر من سابقها وكأنها هي التي ضربته وليس هو...
لمعت عينيه بإندهاش فهو توقع أن تبكي ولكن هذا الموقف جعله يعرف بأن زوجته ليست من النوع الذي يسرف الدموع كثيرا كالأخريات من جنسها
(رفقا بالقوارير يحيى، قوتها هذه لاتعني بإنها لا تتألم)
في فيلا الجندي بالتحديد بمكتب سعد كانوا يجلسون هم الثلاثة
رجع ياسين إلى الخلف ليسند جسده على الكرسي براحة وهو يقول: ودلوقتي بقت شراكتنا رسمي وقانوني بعد ما وثقنا الأوراق
سعد بتفاؤل
- فاتحة خير إن شاء الله
ياسين بإبتسامة.
- إن شاء الله
- أستاذ شاهين هيكون معانا صح، قالها سعد وهو ينظر لذلك الذي كان يلتزم الصمت كعادته ليقول شاهين بتأكيد ذا مغزى لم يفهمه هو
- أكيد، أصلا شغلي الجاي كله هيبقى معاك وش لوش
إبتسم سعد بطيبة قلب وهو يقول
- وده شئ يسعدني
نظر ياسين بتحذير الى أخيه الذي كان لايكلف نفسه ولا حتى بمقدار ذره بتصنع الإبتسامة أو حتى اللطف.
وبرغم تحذيراته إلا أن شاهين لم يبالي به ليبتسم هو بوجه سعد بدلا عن الآخر ثم أخذ يغير مسار الحديث وهو يقول ببهجة ليلفت نظره
- وبكده مافضلش غير حفلة إفتتاح الشركة ونعلن الشراكة
تجهم وجه سعد بعدم رضا
- لازم يعني الكلام ده
ياسين بتأكيد
- طبعا الشكليات دي مهمة
سعد بضجر
- والله ماليها لازمة، أنا كنت برا دايما بهرب من الأجواء دي، بتخنق منها من وأنا كنت في سنكم
ليشرح له ياسين بعملية وطريقة دبلوماسية.
- دي مش بس حفلة عادية، لاء دي فرصة إن الكل يعرفك وتثبت نفسك و تبني علاقات مجاملة مع رجال الأعمال اللي واكلين السوق اليومين دول، الحركة دي مهمة
سعد بمحاولة أخيرة يائسة
- يعني بإختصار مافيش مهرب
ياسين بأسف مضحك وهو يكرمش أنفه
- مع الأسف لاء
تنهد باستسلام
- طيب هتكون امتى!
ليقول ياسين بهمة
- بعد بكرة ماتقلقش أنا مجهز كل حاجة
نظر له سعد بإمتنان وقال
- والله تعبك معايا من ساعة ماجيت وحضرتك متكفل بكل شئ.
تدخل شاهين وقال بجدية ونظرات حادة كالصقر
- مش مهم مين اللي يتعب المهم النتيجة تكون زي ما إحنا عايزين، ولا إيه،؟
قال الأخيرة وهو ينظر إلى أخيه الذي رد على الفور وهو ينهض
- كلامك صح يامتر، يلا نستأذن إحنا
بعد كلام وسلام خرجا من المكتب بل من الباب الداخلي للفيلا متوجهين إلى الحديقة ليتنفس ياسين الصعداء ثم أخذ يقول بسخرية وهو يلتفت له.
- ياعم، جامل، إضحك، إبتسم حتى، شاركنا بالكلام، إيه وش الخشب اللي كنت قاعد بيه قصاد الراجل ده، ده كان ناقص تقوم تخنقه وتدفنه بمكانه
شاهين بتصريح مخيف
- أخنقه،! تصدق كان فعلا نفسي أقوم وأكتم نفسه بإيدي، بس لاء مش بالسهولة دي، موته بسرعة مش هيشفي غليلي، بس اللي هعمله فيه هيخليه يتمنى اني أخنفه بجد عشان يخلص مني ومن اللي مستنيه.
نظر له ياسين بترقب فهو أعلم الناس بالذي أمامه وما يستطيع أن يفعله حقا وأن سكوته الدائم هذا ليس سوى فخ للجحيم الذي يختفي خلفه، ليقول بعدها
- ربنا يعين أعدائك عليك، والحمدلله إني مش منهم
- إنت مش أحسن مني. الفرق في الأسلوب بس، قالها وهو يفتح باب سيارته ولكن قبل أن يصعد وجد أخيه ينظر نحو المسبح البعيد ليقول بعدها بمشاكسة
- بقولك إيه ياشاهين، طير أنت
- مالك يالاا ماتتعدل في إيه؟
- في شغل، الله! هيكون في إيه يعني، هروح أشوف مزتي وهبقى أسبقك، سلام، قالها ثم أخذ يتسلل كالأفعى بهدوء تام متجها نحو فريسته التي كانت تجلس على كرسي طويل أمام حوض السباحة وبين يديها كتاب كان واضح عليها إندماجها بالقراءة. إنحنى نحوها وهمس لها من الخلف
- وحشتيني.
فعلته هذه جعلتها تجفل وهي ترفع رأسها له ما إن إستقام، تجاهل نظراتها المنزعجة و المتسائلة عندما وجدته يجلس أمامها على نفس الكرسي لتسحب قدميها الممددة بسرعة بخجل لتحاول أن تنهض بعدها إلا أنه منعها عندما مال عليها بسرعة وحبسها بين ذراعيه ولكن دون أن يلمسها
نظر إلى بؤبؤ عينيها الغاضب وهمس بصوت رجولي بحت
- مش بتردي على مكالماتي ليه؟
ميرال بحدة: لوسمحت، ماينفعش كده، إبعد
ليقول لها ياسين بمقايضة.
- أوعديني إنك تردي عليا وأنا هابعد فورا
ميرال بتحدي
- أوعدك إني مش هرد عليك أبدا
إبتعد ورفع حاجبه وهو يقول بتحدي لايقل عنها
- بقا كده!
هزت رأسها وقالت بعناد
- ايوة كده
إمتدت يده ليسحب الكتاب منها وما إن رآها رواية رومانسية حتى قال بعدها
- يابخته، شفتي عملتي فيا إيه، بقيت أحسد كتاب من ورق وأتمنى أكون بمكانه لأنه بس بين إيديكي، وبحسد كلماته لأنك بتنطقيها بشفايفك اللي زي الورد دي.
قالها و أخذ يركز بنظره على ثغرها وعينيها و وجنتيها حتى أنفها الصغير يعجبه بشدة يود أن يقبله بخفة
ميرال بتوتر حاولت أن تداريه
- بلاش تبصلي كده
تنهد بحرارة وقال بهيام.
- أعمل ايه! عيني مابتسمعش الكلام كل لما بعوز أبص لحاجة غيرك بتقولي لاء أنا لسه ماشبعتش منها، عارفة يعني إيه مش عارف أشبع منك ولا من عنيكي اللي عاملة زي المرآيا كل لما بشوف إنعكاس صورتي فيها بتمنى أقفل جفونك بإيدي عشان بعدها ماتشوفيش غيري، شفتي عملتي فيا إيه؟
و وصلتيني لفين!
كلامه لم يهزها فقط بل بعثر شتاتها وضيع ثباتها ولكن مستحيل أن تظهر له هذا، لم ولن تخون ثقة والدها بها حتى وإن كان الذي أمامها يروق لها ويعجبها
عند هذه النقطة سكن البرود مقلتيها لتقول بعدها بهدوء مستفز وإستخفاف لما سمعت
- إمممم، والمطلوب مني دلوقتي إني أصدق كلامك ده وأدوب فيه، مش كده.
بص بعيد عن كل اللي قلته، لأني هعتبر إني ماسمعتش حاجة خالص من الأساس عشان ماتنزلش من نظري أكتر من كده، هقولهالك بإختصار ومن غير لف ودوران أنا مش متاحة للتسلية ولا للعلاقات، لو سمحت إبعد عن طريقي وبلاش تزعجني، و دي آخر مرة أحذرك فيها وإلا، هتخليني أبلغ بابا بكل عمايلك وأقوله شريكك اللي بتعتبره زي إبنك مش قد الثقة اللي إنت إديتهاله، عن إذنك.
قالتها وهي تبعده من أمامها بطرف الكتاب لتنهض بعدها متوجهة إلى الداخل ولكن ما إن حاول أن يلحق بها حتى إرتفع رنين هاتفه بمكالمة مهمة
أما عند شاهين ما إن تركه أخيه حتى حرك رأسه برفض لما يفعل الآخر وهو يفتح باب سيارته ليصعد ولكن أغلقه بعدها عندما جذب إنتباهه صوت لموسيقى أسبانية تأتي من غرفة منفصلة عن الفيلا على مايبدو بأنها خاصة بالرياضة...
الفضول دفعه يتحرك نحو مصدرها بشكل آلي وهو يقطب حاجبية ويقلص عينيه بترقب فهو كلما تقدم إرتفع الصوت وجذبه أكثر، ياترى من هو سبب كل هذه الضجة
إلتف حول تلك الغرفة أو نستطيع أن نطلق عليها قاعة كبيرة للرياضة أو هذا ماظن فهو لم يكتشف محتواها بعد، كان الجدار الأمامي للجهة الأخرى عبارة عن زجاج في زجاج.
لينشف الدم بعروقه ما إن رأى حورية أبدع الخالق في حسنها تتمايل ببطئ أمام مرآة كبيرة، كان بقدميها حذاء عالي أنيق لايعرف حقا كيف تستطيع الرقص أو حتى الوقوف به، مع بنطال جينز قصير ملتصق بها ك جلد ثاني مع توب أسود يزين خصرها شال رنان خاص بالرقص، كانت الرؤية غير واضحة بالشكل الطلوب له لهذا
نسي نفسه ونسي من يكون هو! وهي من تكون! وكأن عقله رمى كل شئ وراءه.
إقترب من الباب وفتحه ليسند ذراعه على إطار الباب وهو يكتف ذراعيه ونظراته كانت ماتزال تأكل تلك الحلوة المغرية التي تدعوك لتذوقها برغبة جامحة
لم تلاحظ سيلين بعد وجوده بقربها فهي كانت تركز على حركاتها بالمرآة وضعت يديها برقة على خصرها الرفيع لتتحرك إلى الأمام بدلع ثم أخذت تعود إلى الخلف وهي تهز شعرها المموج بدلع أنثوي أطاحت بفعلتها هذه بعقل بذلك الجبل الذي يراقبها.
ليرفع حاجبه بإعجاب واضح وهو يعتدل بوقفته ما إن رآها تلتفت وهي تضحك لتتلاشى ضحكتها إلى صدمة ثم إلى غضب جامح عندما أستوعبت تواجده أمامها
فتحت تلك الربطة من على أسفل ظهرها المليئة بالخرز الملون لتتوجه نحو المسجل وتطفئه وهي تقول بغضب جامح
- إيه قلة الذوق دي، مين اللي سمحلك تدخل عليا بالطريقة دي...
لم يرد عليها فهو حتى الآن لم يزول سحرها من عليه بل على ما أعتقد زاد فنظراتها الغاضبة وإنفعالها وهي تحرك يديها بكل الإتجاهات، كانت كالمهرة الجامحة ترفض الترويض بأي شكل
ولكن قطب جبينه بضيق ما إن قالت وهي ترفع سبابتها أمام وجهه بعدما إقتربت منه
- عيب يا أستاذ يامحترم عيب، لما تدخل بيت حد لازم تحترم حرمة بيته.
دخولك هنا يا أستاذ عشان شغل وبس، و ياريت تحترم ده، والمرة الجاية لما تخلص شغلك مع بابا تاخد بعضك وتركب عربيتك وعدل ع البوابة. سامع يااااا، متر
قالت الأخيرة بتهكم واضح وهي تتعداه وتخرج لترى بعدها ياسين يقف بالقرب منهم على مايبدو بإنه سمع الحديث كله، لتنظر له هو الآخر بضيق ثم أخذت تكمل طريقها بإنفعال لداخل الفيلا.
إقترب ياسين من أخيه الذي كان يغلي كالبركان ليقول بقصف جبهة: إيه اللي سمعته ده يا بوص. البنت دي هزقتك ولا أنا بحلم، ضحك بعدم تصديق وأكمل
دي رجالة بشنبات معملوهاش واااااء
صمت ياسين فورا وإبتلع باقي كلامه ما إن نظر له شاهين بحدة مخيفة وصلته من خلالها رسالة واضحة بإنه قد تجاوز الخطوط الحمراء
تحمحم ياسين لينظف حنجرته ثم لحق بالآخر ما إن تركه وذهب نحو سيارته ليقول له بجدية.
- الحاج كلمني وقال لازم نرجع الوكر فورا
- ليه، حصل إيه، قالها بتساؤل و تركيز عالي وهو يجلس خلف مقود القيادة ليقول ياسين بتخمين ما إن جلس هو الآخر إلى جانبه وربط حزام الأمان
- اللي فهمته إن يحيى جاب العيد بدري
أومأ له شاهين بقلق داخلي على أخيه الروحي ولكنه حافظ على ثباته الخارجي وإنطلق بسرعة نحو الوكر ليرى ماذا هناك.
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
الصفحه الرئيسيه للمدونه من هنا
🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹
اللي عاوز باقي الروايه يعمل متابعه لصفحتي من هنا 👇👇
لعيونكم متابعيني ادخلوا بسرعه
👇👇👇👇👇
تعليقات
إرسال تعليق