رواية أباطرة العشق الفصل الاول والتاني والثالث والرابع والخامس بقلم نهال مصطفى جميع الفصول كامله
![]() |
رواية أباطرة العشق الفصل الاول والتاني والثالث والرابع والخامس بقلم نهال مصطفى جميع الفصول كامله
الفصل الاول
سكون تام يحتل تلك القريه مع مطلع الفجر ، ورحيل الطيور من فوق اغصانها باحثه عن مصدر رزقها .. نسمات باردة تختلط بدموع حارة ارهقها وجع الانتظار الاشبه برياح عاتيه تأكل في حواف صخرة مازالت متظاهره بالقوة ولكن ما يُنهش من ارجاء صُلبها لست بهين .
واقفه امام شرفة غرفتها تنظر للقمر في ليلة تمامه وتري وجه حبيبها يتربع علي سطحه ، فجميع العشاق ينظرون الي القمر ويتاملون نوره وبريقه واستدارته الا هي كان لديها نظرة خاصة اليه ، تنظر الي عتمته اكثر من نوره .. تعرجاته تبهرها اكثر من حدقة استوائه ، تنهدت بحرارة قلوب عشاق الارض واضعه كفها الصغير فوق قلبها قائله
" شكلها حرب ياسليم ياهواري واتكتبت علينا نخسرها احنا الانتين "
ابتعدت عن شرفتها النائيه عن الانظار قليلا للخلف واوشكت علي قفل بابها الخشبي فجاه اعتلت صوت شهقتها بمجرد ارتطام الحجر الصغير المقذوف نحوها .. زفرت بضيق ثم استجمعت شتات قواها متوعده فنظرت من النافذه تبحث عنه بعيون متلهفه كمن يبحث عن النور في عتمة الظلام
قطبت حاجبيها قليلا باندهاش
- وه راح فين المجنون ده ؟!
استدارت راسها يسارا علي مصدر الصفير الهادي فوجدته امامها ناظرا اليها بعيون لامعه قائلا بثقة
- خابر زين انا عتقدريش تنامي قبل ماعيونك تشوف ضي عيني .
اخفت ابتسامتها وارتسمت ملامح الجديه
- وبعدين فيك ياولد ( الهواري ) .. راسك تخينه ليه ومش ناوي تجيبها لبر ..!
- اصل ولد الهواري واخد عهد علي نفسه مايوصلش البر غير علي يدك يابت (العتامنه) .
اجابته معانده بصوت بدأ منفعلا ثم انخفض فجأه
- قولت لاه ... ولاه يعني لاه ولو اخر راجل في الدنيا ياولد الهواري مش هتجوزك .. وعند بعند .....
زمجرت رياح غضبه محاولا خفض نبرة صوته وهو يلتفت يمينا ويسارا
- ليييه اكده ناقص يد ولا رجل انا !!.. قدامك سبع الرجال بنات البلد كلهم يتمنوا نظرة من عيني .. وانا منفضلهم عشانك ياواخده قلب وعقل سليم لحسابك .
ابتسمت معانده كإنها اقسمت ان تُحارب جيوش مشاعرهما
- وانا قولتلك لاه ياسليم .. واللي مابينا بقي دم وماعينضفيش غير بالدم .
اجابها بنبره حب
- وانا دمي كله فداكي ياقلب سليم من جوه .
- لاااه دم عيلتكم كله مش هيكفي اللي عمله عمك وهرب .. دا قتل ابوي ياسليم عارف يعني ايه ؟!
لاح اليها بكف غاضبًا
- وهو عشان غلط ارتكبه عمي عاوزه تقتلني انا يا ( وجد)!
- اللي عندى قولته ياولد ( الهواري) .. ويلا امشي من اهنه بدال مااصوت والم عليك الخلق وياريت تبطل حركات العيال دي هتفضحنا .. واللي بينا كان ماضي وخلاص خُلص .
ارتسمت علي ثغره ماكرة
- لما تبطلي تستنيني كل ليله اهنه .. هابقي ابطل اجي يابت ( العتامنه ) .
دقت طبول قلبها لكلماته التي ارتوت بها روحها واحيت نضفة فؤادها ، وبعد برهه عاود ندائه اليها بحزم
- وجد .. اول واخر مرة اجي اهنه وتبُخي السم دا من خشمك فااهمه؟ .. قاطعش انا الطريق دا كله وداخل بيتكم كيفي كيف الحراميه وفالاخر تسمي بدني اكده .. !!
تنهدت بوجع وهي تلقي بانظارها بعيدا تستكشف المكان خشية من كشف امرهم .. فقالت بصوت منخفض
- يعني انت عاوز ايه دلوق ؟!
لمعت عينيه بحب قائلا
- عحبك ..
علي الفور تلقي قلبها كلمته الساحره فارتسمت علي ثغرها ابتسامه خلابه وسطع نور عينيها ..
اكمل ( سليم ) حديثه بغمز
- هامشي انا عاد .. خلاص خدت اللي جيت عشانه .. ضحكتك اللي عتشق النور علي قلبي كيف ما الشمس ما عتشق نورها عالارض كله .. تحرمنيش منيها عاد يابومه .. فوتك بعافيه .
اخذت نفسًا عميقًا وهي تترقبه بعيونها وهو مغادرٌ قصرهم من تلك المخبيء الذي اكتشفاه سويا منذ ١٠ سنوات خلف شجرة التوت باب خشبي صغير في حائط السور طوله متر يتسلل منه ( سليم ) كل ليله ليري النور من عيون وجدانه ومنبع العشق بداخله .
بعد ما اطمئن قلبها برحيله سالما قفلت نافذتها تلك الجميله ذات العينين السوادتين اللاتي يحاصرهما الكحل الغزير ، والشعر الداكن الطويل والبشرة الخمريه ، متوسطه الطول ذات جسد ممشوق كمثري قليلا مما يعطيها جمالا عربيا اصيلا انها الدكتوره
" وجد سالم عتمان " صاحبة الخامسة والعشرون عاما .
جلست في منتصف مخدعها حائره ما بين قلبها والعادات والتقاليد .. كالحائر ما بين الشوك والعلقم كلاهما اذي ولم يوجد لديها خيار ثالث .. قربه حدائق شوك يُنغص عليهما ايامهم وبعدهما علقمًا يمرر سُكر الحياه في قلوبهما
" اعمل ايه انا بس ياربي يعني حب ١٠ سنين يدفن اكده وانسي عشان حاجه ولا انا ولا هو لينا ذنب فيها !!"
قطع حبال افكارها صوت رنين هاتفها .. نظرت في شاشته وجدته ( سليم )
اجابته بمضضٍ :" عاوز ايه تاني ياولد الهواري ! "
يقود سيارته ويستمع لصوت فيروز " بعدك علي بالي "
- اصلي اتوحشتك قوي وقولت اسمعك فيروز معاي .
ارتسمت ابتسامه خفيفه علي ثغرها وهي تنظر في المرآه ثم عادت لترتسم الجديه قائلة بنبرة تحذيريه
- عقولك ايه متتصلش بيّ تاني فاهم ولا لا ؟!
فرمل سيارته فجأه بضيق
- اتجننتي انتِ ياك كيف تمنعي عاشق يسمع صوت حبيبته .. اللي بيجري في عروقك دا دم ولا تلج .
ساد الصمت قليلا بينهم لتقول بخفوت وهي تلقي بجسدها فوق وسادتها
" طب واخرتها اي ياسليم .. انا تعبت قوي قوي .. كل مااحاول اعاندك القانى بعاند نفسي "
عاد ليكمل طريقه قائلا بحب
- سلامتك ياقلب سليم .. اخرتها فهد وفارس ياهانم ولادنا .
قطبت حاجبيها بحده
- بس انا عاوزه اسمي (سالم) علي ابوي .
ضحك بصوت
- مااحنا هنجيبوا كتير متنبريش فيها انتِ بس .
- وصلت النجع ولا لسه ؟
اجابها وهو يلف مقود سيارته
- اهو خلاص دخلت بوابه الهواري .. منمتيش ليه ؟!
حضنت وسادتها بحب
- عفكر في حاجه اكده .. اي في مانع ؟
اجابها معارضا
- طبعا في ونص .... مش عندك شغل بكرة ولا ايه .. لازمن تكوني مصحصحه اكده وانت عتشكفي ع الخلق مش عاوز غلطه .. مفهوم !
اومأت راسها ايجابا
" حاضر ياسليم هريح ساعتين قبل ماانزل "
وصل بسيارته لباب قصرهم العملاق ذو الطراز الحديث .. الذي صممه اكبر واشهر مهندسي بريطانيا طبقا لاوامر" راجح الهواري" كبير عائله الهوارية .
دلف ( سليم ) من سيارته
- طب يلا اول ماتصحي رنيلي اطمن عليك .
- حاضر ياسليم .
انهي سليم مكالمته معها علي اعتاب باب قصرهم فوجئ امامه ( بماجده ) ابنة عمه التى ركضت نحوه باندفاع ، ركل الباب بقدمه :
" صاحيه ليه لدلوق ياماجده "
اقتربت منه بشغف وحب
- قلبي مطاوعنيش انام وانت غايب عن البيت ياسليم .
رمقها بنظره ساخرة وهو يخطو اول خطوات السلم المتربع وسط ساحة القصر قائلا
- لا روحي نامي وخفي احلام يقظه .. وانا مش عيل صغير عشان تخافي عليّ .
شعرت بالضيق من مرارة كلماته ثم اقتربت منه بعجلٍ محاوله خلق اي حديثٌ معه
-اجيبلك تاكل !! جعان ؟
اجابها بتجاهل
- لا
فركت كفيها بتوتر
- طب جدي راجح كان عاوزكم الساعه ٨ الصبح في اوضة الاجتماعات الكبيره انت واخواتك " عماد ومجدى ومحمد "
استدار اليها باهتمام :" حوصل حاجه اياك !"
هزت كتفيها بعدم فهم
- معرفاش .. هو قال اكده قبل ماينام وانا استنيتك عشان اقولك احسن تكون حاجه مهمه .. وهما اتصلوا بيك علي المحمول مردتش .
اكمل طريقه لاعلي متجاهلا وجودها
- طاب متشكرين .
اوقفه سؤالها الذي اندفع من فمها بتلقائيه
- انت حتنام يا سليم ؟!
غمض عينه لبرهه متنهدا بنفاذ صبرٍ
" اي !! عاوزاني منمش اياك .. خبر اي اومال جري ايه لراسك ياماجده ع المسا اكده "
التوت شفتيها جنبا بضيق
- معاوزاش .. تصبح علي خير .
اكمل طريقه دون اي جواب منه وهي مازالت تراقبه بعيون عاشقة الا ان وصل غرفته وقفل بابها بقوه .. حضنت هاتفها بتنهيده قويه
- اااه لو تعرف عحبك قد اييه ياسليم .
■■■
" قصر هوارة "
اسدلت الشمس نورها وشرع اهل القريه في بدء مهامهم بهمةٍ ونشاط .. حركة مريبه كالمعتاد في قصر الهواري الذي يمتلأ باربع صبيان ابناء العم الاكبر
( عادل الهواري ) ..
واربعة بنات في مُقتبل العمر لهم جمال وسحر خاص اباهم (ناصر الهواري) الذي تسبب في مقتل ( سالم عتمان )
ومن هنا نبتت شجرة الثأر والغضب بين العيلتين
واقفه (عفاف) زوجه المحروم (عادل) علي راس الخدم في المطبخ
" شهلي يابت منك ليها يلا .. الساعة جات ٧ وانتوا لسه مخلصتوش الوكل "
- الله ! يعني احنا اسرع من النار ياام عماد .
- بدل حديتك الماسخ دا شهلي اكده ... يلا يابنات يلا في جيش برا مستني الوكل ..
وقفت ( صفوة ) علي اعتاب المطبخ قائلا
- صباح الخير يامراة عمي .
دارت عفاف نحوها بدهشه
- انتِ لابسة اكدة ورايحه فين ياحزينه !!
وقفت ( صفوة ) تأكل من طبق الخيار المقطع دوائر
- عندي مؤتمر مهم قوي في الجامعه ولازم انزل .
ضربت ( عفاف ) بكفها فوق صدرها تعبيرا ما يوحى بالدهشه
- نهارك مش فايت .. انتِ مسمعتيش جدك قال ايه .. ممنوع واحده فيكم تزور الشارع لحد ما الامور تهدا .
صفوة بلا اهتمام :
" منا مش هتحبس في البيت يعني وبعدين ريحي دماغك العتامنه مش عياخدوا تارهم من حريم .. يلا فوتك بعافيه "
- يابت خدي اهنه يخرب عقلك .
لكن ندائها كان بدون فائده فاختفت من امامها راكضه نحو سيارتها .. ضربت عفاف كف علي الاخر
- هات العواقب سليمه يارب .
جالسه ( ماجده ) مع اختها الصغري ( يسر ) في غرفتهم يتبادلون الحديث بينهما
- يعني هو منفضلك خالص !!
قالت ( يسر ) جملتها وهي تنتهي من ربط شعرها علي هيئة ذيل حصان وتوجه سؤالها لاختها ناظرة اليها في المرآه .
ارتسمت معالم الحزن فوق ملامحها فاجابتها ( ماجده ) بلهجه قهراويه
- حاسه اني تقيله عليه اوي مش طايق لى كلمه .. يابتي دا بيكلمني وهو واقف بضهره مابيبصش في عنينا حتى !!!!!!
استدارت ( يسر ) نحوها مشفقة علي حال اختها التي تكبرها بثلاث سنوات .
- انتِ بتحبيه قوي كده ياماجده ؟!
لمعت عيون ماجده ودقت طبول قلبها فرحًا
- بحبه !! دانا بموت فيه يايسر .. اه لو يعرف انا بحبه قد ايه كان فرشلي الارض ورد ولا كنش فكر يقسي عليا كده .
نظرت اليها اختها بحزن وشفقة
- ربنا يريح قلبك ياماجده يارب .. بس تفتكري جدي جامعنا كلنا ليه النهارده .
طافت عيني ماجده بحيره ثم مطت شفتيها لاسفل
- مش عارفه !! البيت له سنة مش متظبط من ساعه اللي عمله ابونا وهرب .. خايفه علي سليم قوي احسن ياخدو تارهم منه .
تربعت ( يسر) في منتصف مخدعها بضيق
- العتامنه اسمع عنهم ان لحمهم مُر والراس اللي تطير منهم بيكون قبالها عشرة وربنا يسترها بجد عشان انا كمان خايفة قوي علي( محمد ).
- ربنا يسترها بقي .. سلسال الدم عندهم ملهوش آخر وشكلها هتبقي حرب بين العيلتين .
مسكت ( يسر) كف اختها برفق وسحبتها خلفها
" تعالي نشوف امى ونورا بيقولوا ايه تحت "
(ثريا) سيدة ذات وقار وقوه زوجة (ناصر) وام الاربعة بنات
منذ ان تجوزت (ناصر ) وهي تكره (عفاف) وزوجها واولادها كره الفئران للقطط .. وجودهم في مكان واحد ماهو الا تجمع بنزين مع كبريت .
استيقظ البيت كله الا ( سليم ) مازال خالدا في نومه العميق .. مازالت ماجده تبحث عنه بعيون تائهه ثم ركضت نحو المطبخ بعفويه
- صباح الخير يامراة عمي .
- خير عليكي ياماجده .. خير بابتي ؟!
فركت ( ماجده ) كفيها بحيره مفكرة في سؤال تبدا به حديثها
- تحبي اساعدك في حاجه ؟!
عفاف وهي تضع اللبن في ابريقه
- شالله تعيشي يابتي .. خلاص البنات خلصوا كل حاجه .. يلا عشان تفطري .
تشبثت بلهفه في معصمها والكلمات تتلعثم بحلقها
- هو سليم صحي ؟!
عفاف بلا اهتمام
- مخابراش والله يابتي .. روحي شوفيه صحي ولا لا .
قالت عفاف جملتها علي عجل قبل مغادرتها للمطبخ ..
كلماتها قفزت السعاده بداخل ( ماجده )
- ايه دا اروح اصحيه عادي كده ؟؟!! وفيها اي يعني يلا يلا ياماجده فرصتك وجات لحد عندك.
ركضت ماجده بعجل نحو غرفة سليم بخطوات تكاد ان تخترق الارض .. وصلت الي باب غرفته ثم طرقته بهدوء لم تجد اي جوابٌ ..
عاودت الطرق مجددا بدون فائده .. استجمعت شتات شملها ووضعت كفها علي مقبض الغرفة بتردد وفتحت باب الغرفه بهدوء تام ثم استدارت بجسدها واغلقت الباب ببطء وتقدمت بخطوات سلحفية نحو مخدعه ليعلو صوت شهقتها واتساع حدقة عينيها بمجرد ان راته نائمًا علي مخدعه عاري الصدر مرتدي بنطالًا واسعا خالدا في لذة سُباته .
ارتجف جسدها وتجمدت مكانها وجف حلقها وبعد مرور برهه من الوقت وجدت عيونها تتأمل معالم جسده الرياضي الاقرب للضخامه وقفت لوقتٍ طويل لم تتدرك ما فاتها من الزمن الا انها ظلت تملا قلبها وعينيها منه .. احتفظت بصمتها لدقائق وكإن الصمت ضروريا لعلاج شيء ما بداخلها يسمى الاشتياق .. رآته مستغرقاً في نومه فرأت فيه الهيبة والعظمه في أسمى معانيها .. تنهدت بصوت عال كإن فؤادها ينتشي لرؤياه.. اعتدل سليم في وضعية نومه فوجئ بتسمرها امامه .. اتسعت حدقة عينيه بدهشه فنهض مرتبكًا
- انتِ عتعملي ايه اهنه ؟
ثارت جيوش الخوف والرهبة بداخلها وشرعت ان تتراجع خطوات للخلف وهي تنظر له بعيون اوشكت علي البكاء
- جيت اقولك ان .. ان ال الاكل جهز تحت .
قفز ( سليم ) من مخدعه بتوعد واقترب منها وهو يرسل اليها نظرات ناريه
- ودا يديكي الحق انك تتدخلي اوضتي يابت ناصر ؟!
انسكبت دمعه حاره علي وجنتها وحركة صوابع قدميها المتكوره وضربات قلبها المُتسارعه
" منا خبطت كتير وانت مردتش "
زمجرت رياح صوته بقوه
- عااال !! تقومي تدخلي اكده عليّ انا ونايم .
تبادلا الانظار سويا لبرهه ثم تحركت متأهبه للذهاب ولكنه اوقفها بقبضته المفاجئه علي معصمها حتي غُرزت اصابعه في لحمها قائلا بنبره تحذيريه
- اول واخر مره تعتبي ناحية اهنه .. فاهمه ياماجده ؟!
اندفعت شلالات الدمع من عينيها بحراره وتركته وغادرت غرفته وهي تغلق الباب خلفها بقوة زلزلت جدران القصر
اخذ ( سليم ) نفسا عميقا قبل ان يلقي بجسده ارضا شارعا في تمرين الضغط الذي يؤديه ببراعه .
" سليم عادل الهواري " شاب في اوائل الثلاثينيات خريج كلية زراعه ذو الجسد الرياضي المتناسق والمتناغم معالمه .. لديه لحيه خفيفه تحتل وجهه المضلع ذو البشرة الخمريه والعيون السوداء التي تشبه عيون الصقر في حدتهم .. من صغره لم تقع عيناه علي فتاه سواه ( وجد ) .. صاحب الشخصية القوية يحتل الترتيب الثاني في اخوته بعد اخيه ( عماد ) الذي كان وكيلا للنائب العام قبل تقديم استقالته لظروف عائلته التي تعتبر من اغني اغنياء الصعيد .. عائله ذات نفوذ وسلطة .
تجمعت العائله حول مائده الطعام يتناولون فطارهم .. جلس جدهم الاكبر الذي تخطاه المشيب وهلك بدنه ولكنه مازال يتمتع بالقوه والصرامه علي مقدمه الطاوله محدقا النظر اليهم
- اومال صفوة وسليم وماجده فين ؟!
غصة علقت في حلق الجميع وساد الصمت لبرهه بين جوله العيون المتبادله فيما بينهم .. ضرب الجد الارض بمؤخرة عكازه بقوة
- اتكتمتوا لييه !! ماتنطقوا .
اخترق مجلسهم فجاه فأردف قائلا
- سليم اهو قدامك ياجدي .. صباح الخير ياهواري ياكبير .
اقترب منه وقبل رأس جده بحنو ثم جلس علي مقعده يرتشف كوب اللبن الذي اعطته له امه .
كرر الجد مجددا سؤاله
- وصفوة وماجدة فين ؟!
( ثريا ) : ماجده فوق راحت تجيب حاجه واهي نازله .
=وصفوة ؟!!!!!!
تلعثمت الكلمات لتخرج من بين شفتي عفاف بصعوبة
- راحت الجامعه بتقول عندها شغل مهم والله حذرتها ق
لم تكمل عفاف كلماتها وثب الجد قائما بضجر
- انتوا ازاي تسيبوها تخرج اكده … هو انا مش منبه محدش يخطي عتبة البيت منيهم انتوا ماعتسمعوش الكلام لييييه .
وقفوا جميعهم يتبادلون النظرات
ثم قالت ثريا : كلها ساعتين ياعمي وهترجع بتي وانا خابره راسها زين .. مش هتنفذ غير اللي في دماغها .
رمقها ( راجح ) بنظرة حادة تحمل بين طياتها اللوم والعتاب
- الغلطه بفوره اهنه .. وكلاب العتامنه ماعيرحمووش ياثريا .. - ثم نادي ع الغفير - انت يااااااااولد
- ايوه ايوه جنابك
قال الغفير جملته وهو يركض نحوه متعجلًا
- تروح قصاد الجامعه انت والرجاله .. وتجيب بت ناصر وتيجوا طوالى .. فاهمنى .
- فاهم جنابك
نظر اليه سليم في مضضٍ وهو يرتشف المياه ويستمع لكلمات جده بضيق فاكمل الجد كلامه بصيغه آمره
- ( محمد ومجدى وسليم وعماد ) خلصوا وكل وحصلوني علي جوه
قال الجد كلماته الاخيره وهو علي وشك المغادرة ويلحف عبائته علي كتفه بعدما تركهم في معركه افكارهم وقلقهم .
عفاف مناجيه ربها :" ياتري ناوي علي ايه يا عمي !"
يسر بتلقائيه :" قلبي بيقولي ان جدي مخطط لحاجه كبيره اوي وانا متأكده انها هتكون مفاجئة للكل "
محمد وهو يضع اللقمة بفمه
" مش عارف بس ياتري اي هي ؟! "
اردفت ( ماجده ) في منتصف حديثهم ثم رمقت سليم المنغمس في تناول طعامه بنظرة متحشرجه التي لم يبال لها اي اهميه .. ثم جلست علي المقعد المُقابل له لتشترك في رياح النظرات الطائفة بينهم وكلاهما منتظر القنبله التي سيفجرها الجد الاكبر .
■■■
" مملكة العتامنه "
قصر فاخر لم يقل عن قصر الهواري بل يفوقه في الفخامة والطراز متجمعة العائله حول مائده الطعام التي تحمل بين طياتها اشهي المأكولات .. تلك العائلة التي توفوا اعمامهم جميعا لم يتبق منهم الا نسلهم وهما احفادها و عمهم ( حيدر عتمان ) الذي يجلس وبداخله براكين من الغضب علي وشك الانفجار .
جالسا وعلي يمينه صفًا من بنات اخوانه وزوجاتهم وعلي المقابل اقصي يساره صفًا من الاولاد والصبيان .
ارتشف كأس الشاي التقيل وهو مستند علي عكازه .
نظرت له ( وجد ) بحنو
- اللي واخدك منينا ياعمى !؟
رفع عينه اليها بنظرة حاده
- عمك عيفكر كيف يرجعلكم حقكم يا وجد .
فهمت (وجد) المغزي من كلمات عمها وسرعان ما اردفت اختها الصغري ( ورد ) قائله
- قصدك الهوارة ياعمى .. صوح ؟!
اومأ حيدر راسه ايجابا .. انخلع قلب ( وجد ) من مكانه فاردف ابن عمها ( فايز ) :
" ناوي علي ايه ياعمى .. اظن اننا عطناهم وقتهم وزياده وناصر مرجعش يبقي ايه !"
استجمع العم شتات افكاره قائلا بهدوء
- يبقي جيه الوقت اللي راجح الهواري يدفع فيه التمن .
وقعت السكينه من يد ( وجد ) التي احتل الهلع كيانها
- هتعمل ايه ياعمى ؟! .
اكمل العم كلماته بقوة وهو ينظر الي احفاده
- هنحرق قلب راجح واحده واحده .. ضربتنا الاولي لازمن تكون في مقتل وهي اغلي حفيد علي قلب راجح .
رفع ( ادهم ) نظره الي عمه لبرهه ثم حدق النظر الي وجد قائلا :
- سليم .. ؟؟؟؟؟
فزع قلب ( وجد ) وتلعثمت الكلمات بحلقها ونزف قلبها قبل عينيها .
ادهم بخبث
- مالك ياوجد .. اتخلعتي كيف اكده .
وثبت ( وجد ) قائمه
- انا نازله المستشفي ياعمى .. سلام .
وعلي الفور غادرت وتركت مجلسهم ليحلق بها ادهم سريعا وهو يركض خلفها
- اضرعتي ليه اكده ياضكتورة ؟!
لاحت بكفها بلا اهميه
- اطلع من دماغي يا ادهم مش ناقصاك .
ابتسم ساخرا
- كل دا عشان حبيب القلب !! هاا احب اطمنك هجيبلك راسه في شوال قريب .
جمدت الدماء في قدمها لدرجه تعوقها من السير والوقوف عليهم وهي تحاول استجماع شتات قواها بصعوبه بالغه .
دفعته من امامه بقوة وصعدت سيارتها بالمقعد الخلفي .. استند ادهم علي باب السيارة قائلا
- علي فكرة طلبت يدك من عمى وهو موافق .. وطلب مهرك راس سليم ولد الهواري ودي حاجه مافيش اسهل منيها ياعروسه.
تجاهلت ( وجد ) قذيفة كلماته ووجهت كلماتها للسائق
- اتاخرنا ياعم (سيد) يلا مش فاضيه للحديت الماسخ دا .
ابتعد ( ادهم ) قليلا
- قولت اخبرك بس عشان تعملي حسابك اصل الموضوع مش هيطول .. كلها ايام ..
تحركت سيارتها وخلفها سيارة حرس اخري وبداخلها مراجل تُقاد .. حاولت الاتصال ( بسليم ) مرارا وتكرارا دون جدوي .. القت هاتفها جنباً وهو تطلق زفيرا قويا
- اووووف ودا وقته ياسليم !!
■■■
" قرار حُسم امره"
اجتمع الاربع اخوه في غرفة الاجتماعات الخاصه بالعائله وبعد مرور قليلا من الوقت كان الصمت سائدا .
عماد وثب قائلا :
" خير ياجدي .. بتفكر في ايه "
وقف الجد مستندا علي عكازه وهو يطوف حولهم بخطوات متباطئة
" كانش ليا نصيب اخلف غير ولدين .. وواحد منهم بين يد رحمن رحيم والتاني ياعالم فين اراضيه .. بس ربنا كرمني باربع رجاله يسدوا عين الشمس .. انتوا سندي وكبار عيله الهواري كلها .. الحمل تقيل عليكم قوي ياولاد عادل "
يستمعون اليه بصمت وانتباه .. ربت الجد علي كتف ( مجدى ) اخاهم الذي يحتل الترتيب الثالث بيهم
" ربيتكم وكنت حريص اني اجعلكم في اعلي المراتب .. عماد كان منصبه عالي في القضاه وسليم دراعي اليمين في الارض والثروه دي كلها .. مجدى السبع بتاعي المهندس اللي شايل هم شركاتي في مصر كلها علي كتافه ووصلها للمستوي اللي هي فيه دلوق .. محمد صغير العيله ودكتورها بس مقامه عالي قوي اللي برغم سنه الصغير قدر يوقف المستشفي علي رجلها هو وصحابه الجدعان "
فرك محمد كفيه بحماس
- خير ياجدي ماتخش في الموضوع طوالي .. ليه المقدمات دي !!
- خد نايبك صبر يامحمد بلاش العجله دي .. انا عقولكم اكده عشان اعرفكم اني من غيركم ولا حاجه .. وانتوا من غيري كنتوش هتحققوا حاجه .. انا جمعتكم النهارده عشان قرار كنت مقرره من فترة بس كنت مستني الوقت المناسب ومكنتش حابب اظلم حد فيكم .
اعتدل الجميع في جلستهم باانتباه .. عاد الجد ليجلس علي مكتبه بهيبة ووقار متنحنحا بقوة
- عماد .. سليم .. مجدى .. محمد .
تنهدوا جميعا منتظرين قرار الجد الحازم
تمهل راجح في كلماته قائلا
- اللي عمله عمكم ناصر قوم الحرب بينا وبين العتامنه عارف انكم ملكمش ذنب بس مافيش غير القرار دا اللي هيخليني اطمن عليكم واضمن انكم هتفضلوا معقودين في عقده حبل واحد محدش يقدر يفرقكم .. ومن غير القرار دا ما يتنفذ اي حاجه بعده هتكون زي حته قماش دايبه كل ما نرقع فيها من ناحيه هتتقطع من التانيه
عماد بنفاذ صبر :
" خير ياجدي قلقتنا اكتر "
- سيني اكمل ياعماد ووسع خلقك عاد ..
نظر اليهم جميعا يري حماسهم وقلقهم لمعرفة قراره
- قراري هيبسط ناس فيكم وهيزعل ناس فيكم .. بصوا انا قررت ألم شمل العيله دي .
" كيف يعني ؟!"
اخيرا نطق سليم بسؤال بعد هدوئه التام التي لحقت به عاصفة قرار عاتية
- عماد هيتجوز نورا
ماجده لسليم..
وصفوة لمجدي
يسر لمحمد .
ودا قرار مش هقبل فيه اي جدل .. تقدروا تشوفوا شغلكم ودخلتكم الخميس الجاي .
صاعقة حلت علي قلب عماد وسليم
امطرت فرحا علي قلب مجدى ومحمد
" ينصر دينك ياهواري ياكبير "
نطق محمد كلماته مهللا وهو يريد احتضان العالم بين ذراعيه اخيرا سيتجمع شمله علي معشوقته الصغيره
احتضن محمد اخاه مجدى بفرحه وهو يقفز بين ذراعيه
وعلي المقابل
صاعق كهربي اصاب قلب عماد وسليم تلعثمت الكلمات بحلقهم ونظرا كل منهما الي الاخر بصدمه وذهول .
《《 دايما بيقولوا
" يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار " ..
بس دايما بشوف العكس
" يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار "
بقيت معادله صعبه اوي اللي هو نسمع من الاكبر مننا وناخد برأيه وتجربته .. ولا نخبط في الدنيا ونصنع تجاربنا بنفسنا !! .. علي اي حال متحاولش ان اي حد يمشيلك حياتك حتى ولو كان مين .. محدش هيشوف حياتك بعيونك !! ولو فشلت مش هتلوم غير نفسك ودا شعور اهون بكتير من انك تلوم غيرك 》》
الفصل الثاني
كان قلبي يحترق.. بطريقة روتينية، ضمن حلقة يومية، يحترق ثم يحترق مجددًا، لكن الفيزياء هذه المرة لم تنفذ قوانينها، ظهرت القاعدة الشاذة، فالحرارة إما تُصهر المادة، أو تحولها لبخـار، أو تُشكل رمادًا تحمله الرياح، أما أنا.. فمن فرط الحرارة.. تحوّل قلبي لكتلة جليد .
كل منهما غائصا في بحر افكاره .. ( سليم ) يجول بسيارته بدون مقصد وهو ينفث دخان سيجارته حتي غرق في سُحبها التى تحرق كيانه من الخارج والداخل .. تأكل النيران في احشائه بدون توقف .
تجوب ( وجد ) بين المرضي بآسي وضيق منشغل عقلها به .. يكاد ان ينخلع قلبها من شده قلقها ورهبتها .. فحب العمر ينهار امامها وهى مكبلة اليدين كشخص فقد كل قوته للمقاومه ، تحتبس دمع عينيها بداخلها فظل يغلي فوق مراجل قلبها كما تغلي المياه في قدحه .
( عماد ) غارقاً في بحر احزانه وذكرياته ، فقد اخذ ميثاق علي نفسه يعيش اسير للماضي وتحت سطواه وسلاحه فالعيش بعيدا عن زنزانته موت .. موت ينتشله من قلب الحياه .. ذكريات زوجته ومهجة فؤاده ( نيره ) التي توفت بسبب المرض اللعين ( فيروس السرطان ) التي احتلَ كيانها كمحتل خال من الرحمه حتي انتهش جسدها ولم يبق منه سوى روحا سكنت داخله مازال يرتوي بها طيلة الثلاث سنوات الماضية .
■■■
" بجد يامحمد جدي قال كده "
قالت ( يسر ) جملتها الاخيره والفرحه تغمر بدنها .
استند ( محمد ) بظهره علي الحائط وهو يعقد ساعديه متنهدا بضيق .
نظرت اليه ( يسر ) باستفهام
- انت في حاجه مزعلاك يامحمد .
- مش عارف يايسر .. بس شكل اللي جاي مش خير ابدا .
ربتت علي كتفه بحنو
- ولو .. اهم حاجه هنكون مع بعض يامحمد وقوتنا هتبقي واحده وهنغلب كل حاجه سوا .
- مش قصدي احنا يايسر .. لو عليّ انا فالود ودي اطير من الفرحه .. اقلها مش هيبقي في بوسه خطافي اكده تحت السلم من غير ما حد يشوفنا 😉
ضربته برفق علي معصمه :" الله !! ماتتلم "
- وانا كدبت يعني ؟!
- دماغك كده مابتفكرش غير في قلة الادب وبس .
غمز لها بطرف عينه قائلا بحب
- طيب وهو في احلي من كده .
نفذ صبرها من استفزازه المستمر تحركت متأهبة للذهاب
- لاا انت حالتك بقيت صعبة قوي وشكلي انا اللي هرفض الجوازه دي .
وقف عائقا لطريقها فقال ممازحا
- كان نفسي اتحداكى واقولك وريني ازاي .. بس احب ابشرك ان جدك مسابش قدامنا مجال للاعتراض حتى .
طافت عينيها قليلا
- طيب انت ايه اللي مزعلك ؟!
هز ( محمد ) كتفيه بكلل
- اخواتي يايسر .. وامك .. واختك (صفوة) دي هتقلب البيت حريقة لو عرفت .
ضربت ( يسر ) جبهتها برفق
- اووف .. انا ازاي مفكرتش في كل دا .. بص هو اللي اعرفه ان (ماجده) بتعشق سليم .
مط ( محمد ) شفته لاسفل
- بس سليم مابيحبهاش !!
رفعت ( يسر ) حاجبها قائله بتفكير
- ومجدى بيحب صفوة !
عقد ( محمد ) ذراعيه امام صدره ساخرا
- بس صفوة مابتحبوش ولا بتحب صنف الرجاله اصلا .. دى واحده معقدة نفسيًا .
ثم غمغمت قائله
- مممم وطبعا ابيه عماد ونورا اختي .. زي ماانت شايف .
ابتعدَ ( محمد ) عنها قليلًا ليجلس علي اقرب مقعد في الركن الخاص بهم بجنينة القصر بحيره
- وهو دا اللي شاغل بالي ..
■■■
وصل ( سليم الهواري ) الي مستشفي (العتامنه) التي تقع في احدي قري محافظة [ قنا ] .. ارسل رساله نصيه ل ( وجد ) علي هاتفها
" انا تحت المستشفي انزليلي حالًا "
سرعان ما التهمت اصابعها الهاتف لتقرأ رسالته بذهول وعيون متسعه وقلب يدق بقوة .. ركضت نحو النافذه لتراه يصف بسيارته امام باب المستشفي .
- يامري ياسليم .. جاي تعمل ايه اهنه !! جاي للموت برجلك .. استرها يارب
عاودت الاتصال به
- سليم ارجوك امشي من اهنه .. انت مش فاهم حاجه .
نهرها بصوته الاجش وبعصبيه
- مافيش زفت .. قدامك ٥ دقايق لو مكنتش قدامي عظيم يمين تلاته هطربقها عليكي وعلي عيلتك كلها ياوجد .
وقبل ان تجيبه كان انهي مكالمتها بدون اي بوادر ..
تجمدت الدماء بداخلها وشُل تفكيرها ولم يبق امامها الا ان تستسلم للريح .. نزعت سترتها البيضاء - البالطو - بعجلٍ ولملمت شتات شملها وارسلت له رساله
" استناني علي الباب الوراني للمستشفي طاب واوعي حد من الرجاله يشوفوك "
بعد مرور عدة دقائق دلفت الي سيارته والخوف بداخلها بلغ ذروته ..
"تقدر تفهمني انت عاوز مني ايييه .. وليه الجنان بتاعك دا ياولد الهواري .. انت مستعجل علي اجلك ياك !!!! "
قالت وجد جملتها وهي تغلق باب سيارته خلفها بقوة
شرع في التحرك بسيارته دون اي رد فعل منه لتيارات الغضب المنبثقه من بين شفتيها .. ضربت _ تابلوه _ السيارة بكفها بغضب
- سليم انا بكلمك !! وبعدين احنا رايحين فين عندى شغل ؟
ارتفعت نبرة صوته
- وجد .. انا روحي في مناخيري .. ينفع تكتمي .
- مش هكتم ياسليم وانا مش مجبرة اركب معاك اهنه ولا تعاملني كإني جاريه من جواريكم .. ويلا نزلني عقولك .
زادت سرعه سيارته فجاه متجاهلا سُم كلماتها التي اخترقت قلبه قبل اذانه .. بعد مرور عاصفة الثرثرة التي عصفتها وجد بحانبها ومازال متلزمًا صمته ادركت ان مابداخله بركان علي وشك الانفجار .. تراجعت بظهرها قليلا والتزمت هي الاخري الصمت .
وصلا سويا الي مكانهم المفضل علي احدي ضفف نهر النيل .. هبط ( سليم ) من سيارته .. تابعته ( وجد ) بعينيها قبل ماتلحق به .
وقف يرمي احجار صغيره متتاليه في النيل .. بمجرد ان رأته يفعل ذلك تيقنت ان ثمة الامر اضخم من ان يقصها سليم الهواري بلسانه .. اردفت خلفه بخطوات متباطئة ثم احتوت ذراعه بحنان .
- مالك ياضي عين وجد ؟
نظر في عينيها الغزلاني ليبوح عما يحمله قلبه من مراره وضيق ثم اخد نفسا عميقا .
- تعبان قوي ياوجد .
- من موضوعنا !! مش انت قولت مسيرها هتتعدل جيت وتعبت من بداية الطريق ليه ؟!
- دي بتتعقد ياوجد .. وبدال ماكان بينا سد بقيوا الف .
قطبت حاجبيها باندهاش واستدارت بجسدها امامه
- قصدك اي ياسليم ؟
حدق النظر في عينيها كمن يتأمل جزيره مستديره مليئه بالريحان في منتصف عينيها تحاصرها شطي جفنيها .. وتضلل عليها بسحب رموشها .
ساد الصمت لدقائق بينهم حتي ارتمي ( سليم ) بين ذراعيها كالطفل التائه الذي عثر علي حضن امه للتو .. احتوته بين ذراعيها وربتت علي ظهره لتشعره بالامان والدفء ..تنهد في حضنها بوجعٍ كإنه يود ان يتحرر من آلامه المُبرحه بقربها ..
همست في اذانه بحنو
- حوصل ايه ياسليم ؟ متوجعش قلبي عليك .
اغمض عينيه علي جدران قلبها يستمع للحن قلبها حتي هدأ تماما .. ابتعد عنها ثم ابتسم ابتسامه خفيفه
- كنت محتاج لحضنك قوي ياوجد .
اشتعلت النيران بداخلها من بروده اللامتناهي
- وحياة امك !! يعني انتَ مجرجرني علي ملا وشي عشان تقولي كنت محتاج لحضنك ياوجد !!!!
رفع حاجبه ليكمل ثورة استفزازه
- وهو الحب اي غير اني القي كل اللي احتاجه قبل ما اطلبه ..!!
وثبت قائمه بانفعال
- انت اتجننت رسمي .. وانا اللي قولت حُصلت مصيبه لكل دا .....
- هو فعلا حصلت مصيبه بس اول مااترميت في حضنك نسيت اصلا حُصل ايه .. وجبل الجليد اللي جوايا انصهر .. انت ساحرة لي ولا ايه ؟!
عقدت ساعديها امام صدرها وهى تحرك احدي ساقيها بنفاذ صبر
- اووف بطل حديت فاضي .. وقولي حصل ايه عااد .. ؟!
وقف امامها قائلا ببرود
- اصل راجح الهواري قرر اني اتجوز ماجده بت عمي ناصر .
- لا والله وانت جايبني اهنه عشان تعزمني علي الفرح اياااك !!
- وجد .. عتكلم جد انا ، جدي امر انا واخواتي نتجوزوا بنات عمنا ودخلتنا الخميس الجاي .. وانا مش عارف اعمل ايه ...
ابتلعت غصة احزانها ولكنها حافظت علي اتزانها
- اه وجاي لوجد تقولك تعمل ايه !! اقولك روح اتجوزها وحل عن راسي ...
نظر اليها بعيون ضيقة قائلا بخبث
- قال لو حلِت عن راسك هغيب عن قلبك ؟!
هزت كتفيها مصطنعه المشاعر الثلجيه
- طول عمري مقتنه بمقوله الغايب ملهوش نايب ياسليم .. واللي شمسه تغيب عن عينى مايستهلش ذرة حُب ف قلبي .
اجابها متحديا
- الغايب في القلب دايب ياوجد .. واللي عيغيب له كل الوقت والعقل ونسيم الفؤاد ونور العين وغذا الروح .. كيف عتقولي اكده !! هتخترعي حب علي مزاجك اياك ؟!
يضرب قلبها في جدران صدرها بقوة وبدلًا ما تستشعر دقاته تستمع الي ضجيجه تلعثمت الكلمات بداخلها محاوله اخفاء حُزنها
- يعني انت عاوز اي دلوق ؟!
- جيت اخبرك اني هتجوز عشان متسمعيش من الغريب .
- ولما اسمعها منك اكده هغفرلك ؟!
- تنشفيش راسك عاد وافهمي .. هتعقلي ميته انتِ؟
- وانا من يوم ماحبيتك بقي فيِ عقل !!
نظر اليها بحب ولهفة عاشق
- يبقي تعقلي اكده وتبطلي جنان العتامنه اللي عينهش في راسك دا ..
- هي حصلت عتشتم في العتامنه قدامي ياولد الهواري !!
- ملعون ابو العتامنه علي الهواريه اللي مانعني من النومه في حضنك ياوجد .
انسكبت دمعه من عينيها بمراره مردفة
- سليم عاوزه اروح .
مسح دمعتها بابهامه بحنو
- انتِ عتبكي ليه دلوق ؟
- والله ! افرح يعني ؟!
- طيب اي رايك قولي اه واحنا نهرب من البلد كلها ولا حد يعرفلنا طريق .
- واجيب العار للعتامنه ياسليم اتهوست انت ياك !!!
- خلي العتامنه ينفعوكي .. يلا انجري قدامي خليني اوصلك ..
شرعت بالتحرك امامه ولكنها وقفت فجاة
- سليم استني ...
نظر اليها بعيون ضيقه ثم اردف قائلا بمزاح
- ايه فكرتي ورجعتي في كلامك بالسرعه دي !!
- ياباي منك .. اسمعني بس ، ( ادهم ) ولد عمي ناوي يخلص عليك ياسليم ورحمة ابوك وغلاوة وجد عندك تخلي بالك علي نفسك .
اجابها ببرود
- والله صوح هو مخطط العتامنه دلوق يبداوا بيِ طب يلا وانا جاهز .
ضربت قبضة يديها علي كتفه بقوه
- بس ياغبي انت عتقول ايه !!!.. سليم ماعهزرش عمى ناوي يخلص منك ويحرق قلب جدك عليك .
رفع حاجبه بثقه
- وهيحرق قلب بت اخوه عليّ هيبقي موت تلاته مش واحد .. ودا مش عدل قولي للعتامنه يراجعوا قوانينهم زين عاد .
- ياسليم افهمني وبطل مِقلده عاد .. ادهم ناوي يجيب راسك لجدي في -شكاره- ويتجوزني ...
قهقهه بقوة وهو يحتضن كفها الصغير بكفه ويسحبها خلفه نحو السياره
- اركبي اركبي بلا حديت عيال .. طب اي رايك لهجيبهولك راكب علي حماره وبالمقلوب كمان .. قال يتجوزك قال جاته جنازه مايلاقي حد يمشي فيها .. اركبي اركبي ياوجد ومرقي يومك .
■■■
الحياة والعمل مثل لعبة الشطرنج تماماً , يجب أن تنظر فيهم إلى المستقبل دائماً وتتوقع ماذا سيحدث لخطوات عديدة قادمة , وللأسف قليلون من يفعلون ذلك ! هم يفكرون في خطواتهم الحالية ولذلك كثيراً ما ينهزمون.
" علي جثتي الكلام دا يحصل "
قالت ( ثريا ) جملتها الاخيره باصرار وحزم
ماجده غمرت الفرحه كيانها تريد ان يكون لها جناحين وتطير في الهواء
" يسر يسر قوليلي تاني اكده .. يعني جدك قال لمحمد بالظبط كده ماجده لسليم "
نهرتها امها بقوة
- ماتهمدي يابت .. مستحيل تتجوزوا عيال ( عفاف ) لو هتعنسوا جنبي لا يعني لا .
قطبت ( ماجده ) حاجبيها بضيق
- لييه اكده ياما وانا هلقي احسن من سليم فين .. دا زين الرجال وبطل كل افلامي ورواياتي ياما .
عقدت ثريا حاجبيها وهي تضرب بكفها علي الكف الاخر
- وتقدري تقوليلي سي سليم بتاعك دا عيشتغل ايه منا مربتكيش ودخلتك كليه الهندسة عشان تتجوزي فلاح ياماجده .
جلست ماجده بجوارها
- وماله سليم ياما يعني جاهل ماهو واخد كليه وكمان دراع جدي اليمين وكفايه ان بت العتامنه عتحفي وراه .. انا مش عارفه اي اللي مش عاجبك في سليم .
- انه ولد عفاف ياماجده .. وكمان بت العتامنه دي بايره لقياش حد يتجوزها فراميه بلاها علي سليم .
رفعت يسر عينيها عن شاشة هاتفها
- زي ماهي عتحب سليم .. سليم عيعشقها ياما .
ماجده بحنق :
" والنبي مالكيش صالح انتِ .. انا هنسي سليم العالم كله بس نتجوزوا "
ثريا بحده :
" وانا قولت لاا .. بناتي مش هجوزهم "
ماجده اوشكت علي البكاء
- هتكسري كلمة جدي يعني ياما !!
نورا واقفه امامه النافدة تستمع لحديثهم ولكن ذهنها في عالم اخر ايعقل بعد مرور سنوات اكثر من ١٥ سنه تتمني فيهما عماد حبيبها الاول والاخير وبرغم زواجها وطلاقها .. وزواجه وموت زوجته .. ايكون لعب القدر اخيرا لعبة لصالحها
قطعتهم ( يسر ) بكلماتها التي نهت جدالهم
- تقلقوش دا قرار نهائي ومافهوش رجعه مهما حصل .
قفزت ماجده من مكانها مهلله :
" يسلم فُمك ياسوسو "
اقتربت منهم ( نورا ) وهي عاقده ساعديها امام صدرها
- انتوا نسيتوا حاجه مهمه .
نظروا اليها جميعا باهتمام ثم اردفت قائله
- صفوة .. دي هتولعها حريقة لو عرفت .
اتسعت حدقة عيون الجميع بذهول
ماجده بنفاذ صبر :" اوووف يعني الجوازه هتبوظ!!! "
■■■
وصل ( ادهم ) المستشفي عند ( وجد) باحثا عنها بعيون ناريه .. يسأل عليها جميع الدكاتره من يخبره بإنها فالاستقبال واخر يخبرها بانها في غرفة العمليات وكثير من الاجوبة التي لم تدله علي طريقها ..
وصل ( سليم ) ( وجد) امام الباب الخلفي للمستشفي .. قالت له بتوسل
- سليم وغلاوة وجد عندك متجيش تاني ولا تقابلني .
- بلاش تحلفنيني بغلاوتك ياوجد .. المفروض انك عارفه غلاوتك زين فكيف عاوزه تمنعيني اشوفك .
- فترة مؤقتة ياضي عين وجد .. مش احسن ما اتحرم منك العمر كله .
قبلها في راحه كفها بحب
- ان شاء الله العمر كله واحنا سوا ..
ابتسمت بحب ثم دلفت من سيارته وركضت نحو الباب وهي تدندن بفرحه وصلت لغرفة مكتبها وفتحت الباب ومازالت غائبة عن الوعي فوجئت ( بادهم) امامها .. شهقت بصوت عالي واضعه كفها فوق قلبها بتلقائيه
- انت اي اللي جابك هنا .
قام ووقف امامها بثبات
- والله انا اللي المفروض اسال جايه منين ووشك عيغني اكده !!
دلفت الي الداخل وامسكت بثوبها الابيض لترتديه
- انا عندي شغل ومش فاضيه للهبل بتاعك دا .. وسع .
قبض قبضته الحديديه علي معصمها ودار جسدها نحوه مهددا
- بت انتِ اتعدلي .
دفعته بقوة
- بت !!! شكلك نسيت نفسك يابن ساميه ونسيت عتتحدت مع مين .. احترم نفسك معاي عشان محطكش في دماغي وتبقي انت اللي جنيت علي حالك .
دنا منها بنظرات مقززه ففهمت مغزاهم
- وانا عاوزك تحطيني في قلبك مش في دماغك ياوجد .
ابتسمت ساخرة
- هو انت معرفتش!! .. مش الحب مابيطلبش .
اجابها بحده وقوة
- بس بيحتل .. وانا محتل مابرحمش واوعدك في ساحة حربي هكون انا المحارب والقتيل .. محارب لعنادك وقتيل في بحر حبك ياوجد .
- وقلب وجد محصن ياابن العتامنه ومفتاحه مع شخص واحد وبس .
ابتسم ماكرا وهو يفتح الباب
- مانا هروح اجيب المفتاح ورقبة صاحب المفتاح تحت رجليكي يابت العتامنه .
ثم رد الباب خلفه بقوة زلزلت بدنها .
■■■
يجوب ( مجدى ) غرفته ذهابا وايابا بقلق وتوتر
- ماتقعد ياخي خيالتني .
نطق محمد بكلماته بنفاذ صبر
جلس مجدى بجواره
- قلقان يامحمد من صفوة و رد فعلها .. عمري ما كنت اتخيل اني اتجوزها بالطريقة دي .. دانا لسه كنت بجهز نفسي ودخلاتى عشان اوقعها في شباكى
محمد بتلقائيه :
" ياعالم يمكن مكنش قدامك طريقة تتجوزها بيها غير دي "
- طب تفتكر هي ممكن تعمل ايه ؟!
رفع محمد حاجبه مستنكرا
- مين!! .. صفوة بنت عمك ؟!
زفر بضيق :
" متركز معايا كده وسيبك من الزفت اللي في ايديك دا .. ايوه هي .. وفي غيرها يعني ؟"
قفل محمد هاتفه ووجهه حديثه اليه
- والله علي حد علمي انها ممكن تجيب قنبله ولا اختراع من اختراعاتها وتفجرنا كلنا وتبقي ريحت العتامنه مننا ووفرت عليهم كتير .
- اوووف للدرجه دي !!
قال مجدى جملته الاخيره بيأس .
- دانا بقولك اقل اوبشن .. وسايبلك عنصر الساسبنس تشوفه بنفسك .. اتقل بس .. هتتفاجئ وكلنا هنتفاجئ .
- طيب متقولي علي حل ؟
فكر محمد قليلا
- انسب حل انك تختفي من البيت لانها مش هتقدر تقف قدام جدك .. فمش هيكون قدامها غيرك تتفش فيه .
حك ( مجدى ) ذقنه بتوتر وقلق
- انا هتجوز الشحات مبروك ولا اييه .. وبعدين ياعم انت بدل ماتطمني بتخوفني .
- مش احسن ماتتفاجئ .. لازم اديك خلفيه عن عيوب ومميزات المنتج .. وبعدين صفوة دي عشره ٦ سنين كليه .. دانا حافظها صم دى كانت سبب في تعقيد دفعه كامله .
- بس انت من الصبح بتقول عيوب ماسمعتش مميزات ولا حاجه !!
فكر محمد قليلا
- مممممم مالاقيش فيها ميزه يخربيتها ..
رد عليه باستسلام
- يعني انا خلاص لبست ؟؟! صلاة النبي احسن .
■■■
وصلت ( صفوة ) القصر بعد يوم طويل وملل في الجامعه مع غفر الهواري .. صعدت الي غرفتها بهدوء ثم ارتمت بجسدها في منتصف مخدعها وهي تنزع نظارتها الكبيره التي تأكل نصف وجنتيها ..
دخلت اختها ماجده عليها الغرفة فوجئت بها مغمضه عينيها وتلتقط انفاسها باسترخاء .. سألتها اختها بصوت منخفض
- هو انتي لحقتي تنامي ؟!
لم يتحرك ساكن بها .. فاردفت قائله
- ماجده عاوزه انام اقفلي الباب واطلعى .
ترددت ماجده قليلا ثم استجمعت شتات قوتها
- صافى .. عندي ليكي خبر حلو .
- مش عاوزه اسمع حاجه ياماجي الله يخليكي .
فركت ( ماجده ) كفيها بحيره
- مانا لازم اقولك لاني لو مقولتلكيش هتبقي المصيبة اتنين .
اعتدلت صفوة في جلستها وارتدت نظارتها الطبيه .. ركلت ماجده الباب سريعا وركضت نحوها متلهفة لتجلس امامها
- شوفتي مش جدك امر ان انا وسليم هنتجوز .
التوت شفتها بلا مبالاة
- واي اللي يفرح في كده !
ابتلعت ماجي ريقها
- وكمان نورا وعماد هيتجوزوا .
ابتسمت صفوة بسخريه
- كمان !! تاني مصيبه ...
نظرت لها ماجي بتساؤل
- مصيبة ليه بس ؟
- جواز !! وهو في مصيبة اكبر من كده !!
اومأت راسها ايجاباً
- آه فيه .. انتِ ومجدي فرحكم الخميس الجاي .
بلا مبالاة
- والله !!! ابقوا اعزموني علي الفرح بقي متنسوش يلا قومي عاوزه انام مافيش دماغك لزنك .
- ياصفوة بتكلم جد .. جدك امر ولاد عمك عادل يتجوزوا بنات ناصر والقرار مافهووش رجعه .
رفعت صفوة حاجبيها وقطمت شفتيها بتوعد
- بقي كده !! دا الموضوع بجد بقي يعنى جدك هو اللي قرر ؟!
هزت ماجي راسها بالموافقة منتظرة ردة فعلها
وثبت صفوة قائمة مندفعه نحو الباب بخطوات متعجلة .. ركضت اختها خلفها بسرعة ..
" خدي يامجنونه انتِ .. رايحه فين "
تراقصت ساقين صفوة بعصبيه وزمجرت رياح غضبها وثوران نفسها
- هروح اكلم جدي واوقف المهزله دي قبل ماتحصل .
تشبثت اختها في معصمها
- استني بس اقفي هنا .. جدك مش قاعد .
رفعت حاجبها مستنكرة
- والله !! تمام .. بس سي مجدى اكيد قاعد .
اتسعت حدقة عيني اختها
- انتِ ناوية علي اييييييه !! وماله مجدي بس
دفعتها صفوة من امامها ودلفت الي غرفتها اخذت شيء ما وتوجهت صوب غرفة مجدى وهي بداخلها براكين الشر التي اوشكت علي الانفجار متوعدة له محدثه نفسها بكلمات لم تفهم مغزاها ولكن مابدي عليها من انفعال ان نيرانها ستحرق مدينة باكملها ....................
الفصل الثالث
في الفيزيـاء مفهوم -إجهاد المعادن- هو التشوّه البنيوي الذي يحدث للمعدن مع الأحمال المتكررة، ممّا يؤدي في النهاية إلى انهيـار مفاجئ للمعدن تحت ضغط خفيف نسبيًا..
لم أستطع إيجاد مفهوم فيزيائي يشرح انهيارنا المفاجئ أمام خيبات بسيطة أفضل من هذا المفهوم !!!
وصلت ( صفوة ) الي غرفة ( مجدى ) التي دفعت بابها بقوة .. فوجئا كلٌ من محمد ومجدى لنظراتها التي ينبعث منها الدخان .. عقدت ساعديها متوعدة
" محمد ممكن تسيبنا لوحدنا شويه "
رمقه مجدى بنظرة حائرة .. استسلم محمد لاوامرها علي الفور قائلا ..
" طيب يامجدى هسيبكم انا تتكلموا سوا .. عرسان بقي وانا مش من حقي ادخل "
عض ( مجدى ) شفتيه بغُل من تصرف اخيه المتداني ، خرج محمد ثم ركلت صفوة الباب بقدمها بقوة وهي تقترب منه بخطوات متباطئة
- انا سمعت خير اللهم اجعله خير كده .. ان هيكون عندنا فرح قريب ..
رفع مجدى حاجبه وهو يرتسم ابتسامه خافته
- اه شوفتي .. ماشاء الله مصادرك قويه جدا .
-" كله ممكن اعديه .. لكن كوني انا عروسة دا مستحيل اعديه ..تتصرف و تنهى المهزلة دي فاهمنى "
قالت صفوة جملتها وهي تجز علي اسنانها بحزم
ادرك سريعا زمام الامر فقرر استخدام سلاح البرود في قلب نيران ثورتها العاتية قائلا باستفزاز
- ليه بس صافي ماانت قمر ١٤ واحلي عروسة كمان ..
زمت شفتيه ونظرت اليه بعيون ضيقة
- ممممم افهم من كده ان الموضوع جاي علي هواك ! ااه منا كنت ملاحظه تصرفاتك معايا قبل كده بس كنت برمى ورا ضهري دا طلع بجد بقي ؟!
ضحك بصوت عالي
- الا جاي علي هواي .. دا جاي في الجون .. وانا هلقي زيك فين .. عروسة ادب واخلاق وجمال وعيلة وغير دا كله بت عمي واحنا ماعنطلعوش بناتنا برا من الاخر ..
- طالما جبت من الاخر بقي تعجبني .. هوريك الاخر بتاعي شايف اي دا !؟
اتسعت حدقة عيني مجدى بدهشه ليري امامه حقنه بداخلها محلول ابيض .. اكملت صفوة كلماتها
- دي حقنة ، اه حقنه .. بس مش اي حقنه عبارة عن حبة كوكايين مع هروين مع شويه حبوب مخدرة مطحونين .. مممم شوية ادويه ملاهش لازمه حطتيهم مع شويه ميه لحد مابقى المحلول اللي انت شايفه دا جوا السرنجه .. كنت جايباه اكمل عليه بحثي .. بس شكلي كده هستخدمه عملي .. بالك بقي لو ضربتها في وريد سياتك هيحصل ايه ؟
مازال يستمع لكلماتها بحيرة ودهشة بالرغم من قضاءه اغلب ايامه في القاهره لم يتعرف علي طباعها بارض الواقع ما يصل اليه عنها قصص عابره .. وجد في حديثها لذة خارقة .. اكملت صفوة عملها الاجرامي الذي تكنه
- انا هقولك هتعمل اييه .. هتخش بقلب جامده كده علي جهازك العصبي تدمره .. ايييوه تدمره وبعدها بكام دقيقة كده تتكل .. تديك تذكرة لفوق فوق اوي هااا .. لسه بردو موافق علي حوار الجواز دا ؟! يابنى فكر العمر مش بعزقه .....
عقد ساعديه وارتسم ابتسامه ساحره علي شفتيه قائلا بخبث
- تؤؤ .. مش موافق .
تنهدت بارتياح :" طيب كويس طلعت عاقل وانسحبت من اول جولة .. اصل انا مش اشكال هتأمن لها وتعيش معاها ف بيت واحد "
دنا منها للحد غير المباح مخترقا قانون المسافات هامسا في اذانها الا انها شعرت بحرارة انفاسه تلامس عنقها
- هو انا الاول مكنش عندي اعتراض علي الجوازه بس حاليا بقيت مصمم جدا جدا جدا جدا .. وشكلنا هنلعب لعب حلو .. لعب مكيفنى وجاي علي هوايا ....
ابتعدت عنه بعيون ضيقة تَكن خلفهم ملحمة ماكرة
- الواضح اننا فعلا ولاد عم ومنعرفش حاجه عن بعض .. بس عجباني شجاعتك دي كلها وانك بتتحدي بنت الهواري .. لا بجد لافته حلوة منك .
وقف بثبات امامها اشبه بالغرور مشيرا اليها بسبابته
- هذا الشبل من ذاك الاسد .
رفعت حاجبها متعجبة وفي نفس التو ساخرة
- هنشوف اذا كان اسد ولا هيتحول لقطه يابن الهواري .
كانت تلك اخر كلماتها التي كانت اشبه بقذيفة ناريه القتها من بين شفتيها وهي تعد في جيوشها واسلحة انظارها بنشوب الحرب التي ستُقام بين ادم وحواء .. تركته وغادرت وهي بداخلها الف سؤال .
وجدتهم جميعا امام غرفة مجدى ينتظرون نتيجة ثورانها وضجيجها التي التهب كيانها وكان علي وشك التهام اهل البيت جميعا .. نظرت اليهم بدهشة
- انتوا واقفين كده ليه ؟!
اختلس محمد نظرة الي داخل الغرفة باحثا عن اخيه
- هو مجدى لسه عايش ؟!
استدارت برأسها للخلف ساخره علي مصدر صوته
- هي دي صفوة اللي رعبتوني منها !! ماهي طلعت حلوة اهي وبتنخ من غمزه .
كتموا اصوات ضحكهم بسخريه فقالت يسر
- يعني خلاص الفرح فى معاده ؟!
رمقت مجدى بنظرة ماكرة قبل ان تغادر
- هو المسئول عن نتيجة اختياره .. انا حذرته .
تركت الجميع في بحور اندهاشهم وذهبت نحو غرفتها فركلت الباب بقدميها متأففه وهي تحدث نفسها بالمرآه
- هو اكيد مجنون عشان يتحداني انا ويفكر يكلمني بالطريقه دي .. هو مايعرفش انا مين ولا ايه .. طبعا وهو هيعرف منين ما البيه عايش حياته كلها فالقاهرة .. طيب ياسي ( مجدى) اما عرفتك مين هي ( صفوة الهواري ) لتقول حقي برقبتي .
" " سلامًا علي عواصف الغضب المصطنعه التي تختبيء خلفها فوضي المشاعر المبعثره " "
♤♤♤
"أشعُر أنه من الممتع جدًا أن تكون بهذا العمق أحيانًا، أن تغرق في تفاصيل أشيـاء صغيرة قد لا يراها الآخرون، أن تعبر من خلالك الأشياء لتخرج أشياء أخرى مختلفة تمامًا، أن تكون لديك هذه المقدرة الهائلة في الغوص عميقًا دون أدنى جهدٍ يُذكر."
دلف ( سليم ) الي بهو القصر بخطوات متثاقلة ، فوجئ بوجود ( ماجده ) تعيق طريقه بسذاجه
- ازيك ياسليم .
تجاهل ( سليم ) حديثها ونظر في شاشة هاتفه كإنه يجري اتصالا ما ، نظرت اليه نظرة استكشافية
- هو انت زعلان من حاجه يابن عمي .
زفر بقوة ولنفاذ صبر :
" في حاجه ياماجده ؟! "
هزت كتفيه بتلقائيه واجابته بتوتر
- لا مافيش كده بسلم عليك بس وكمان عاوزه اقولك انا اسفه علي اللي حُصل مني الصبح .
اغمض عينه لبرهه بنفاذ صبر وتركها بخطوات متعجلة صوب باب القصر .. توقف علي نداء امه المفاجئ
- عاوزاك ياسليم .
تراجعت قدميه قبل ان تلمس اعتاب درجات السُلم وهو يقول لها بضيق
- عاوزه ايه ياما ؟
- عاوزه اعرف اخرتك ياسليم مع بنت العتامنه ؟!
صمت قليلا ثم دني منها
- يخصك في اي الموضوع دا ياما .. كمان هتأمري علي قلب سليم يحب مين ويكره مين !!
مسكت كفه في حنو
- ومن ميته عفاف اتأمرت عليك ياولدي !! طول عمري صاحبتك قبل مااكون امك .
طافت عينيه في ارجاء المكان بغضب
- فرحه قلب سليم مع بت العتامنه ياعفاف .. غير كده بتدفنوا سليم بالحييا ......
انسكبت دمعه حاره علي وجنتها
- بس انت خابر زين انه ماينفعش ياسليم ..
ارتفعت نبرة صوته الاجش الذي التفت اليه الجميع
- يعني ايه ماينفعش الكلام دا .. ماهي مش زارير هندوس عليها ياما .. وانا عقولها بأعلي صوت فيّ ايوه قلب وعقل وروح سليم مع بت العتامنه ، وانا مش هدفع من عمري تمن ذنب انا ماليش دخل فيه .. اللي غلط يتحاسب مش هلملم من ورا حد انا ... ...
-تسمرت ( ماجده ) في مكانها وانخرطت عينيها بالبكاء .. لاحظتها اختها الصغري التي سرعان ما ركضت نحوها ، وعلي الفور استدار البقية الي صوت ( ثريا ) التي صاحت بكل قوتها
- وبتي مش بايره ياسليم ولا هتموت عليك .. والجوازه دي انا مش عاوزاها .
ارتبكت ( عفاف ) واتسعت حدقة عينيها
- جري لعقلك اي يا ( ثريا ) هتكسري اوامر عمي اياك !!
وقف ( ثريا ) امامه بتحدي
- ماعنديش اغلي من بناتي في الدنيا .. وكرامتهم قبل اي حاجه ومادام معرفتيش تربي ولدك علي الاصول وازاي يحترم كرامة بنات عمه يبقي مايلزمناش ياعفاف .
نهرتها ( عفاف ) بقوة
- بس ولدي متربي احسن تربيه وانتِ خابره اكده زين .. ولا شكل عيشتك في مصر نستك مين هما ولاد عادل الهواري !!
اجابتها بسرعه مطلقه وهي تصوب نظرها الي ( سليم )
- والتربية دي مخلياه يحفي ورا بت العتامنه اللي عاوزين يشربوا من دمه بدل ماياخد بنات عمه تحت جناحه ويضلل عليهم .
حاول ( سليم ) ان يكتم تيارات غضبه المتتاليه ولكن كلماتها كانت كفيله ان تخرج نيران منه تحرق مدينه باكملها
- والله انا مش مسئول عن جريمة ارتكبها جوزك وهرب .. واول مايجي جدي بلغوه اني مش موافق على الجوازه دي .
خفق قلب ( ماجده ) وندبت ( عفاف) علي وجنتيها ونظرت له ( ثريا ) بغضب واتت عاصفه اخري لتخمد النيران المشتعله ما بينهم لتبدلها بنيران اقوي
- وايييه كمان ياسليم ؟؟!
زمجر الجد بكلماته التي هُزت لها الجدران
عقد سليم ذراعيه :
" زي ماسمعتني ياجدي .. انا مش موافق علي جوازى من ماجده .. ولو كان علي حمايتهم فهما في عيني .. اظن ان عداني العيب اكده "
انكمشت ملامح الجد وارتفع صوته اكثر
- اللي عتقوله ده العيب بعينه .. عقلي ولدك ياعفاف ..
وقف امام جده متحديا
- بس انا مش هتجوز غير بت العتامنه ياجدي ..
اكمل الجد معاندا
- وريني هتكسر كلام جدك كيف ياسليم .!!
ثم وجه كلامه للجميع بقوة وحزم
- كتب كتاب ودخلة العرسان يوم الخميس كله يجهز نفسه ..
ثم ارسل نظرة ناريه صوب سليم قبل مغادرته
- وياريت تعقل وتبطل شغل الحراميه اللي عتخش بيه كل لليله بيت العتامنه لو مسكوك اتاكد مش هتلاقي اللي هيرحمك .. وانا مش مستعد استلمك جثه .
تركهم الجد في شبكة افكارهم وحيرتهم .. هناك قلوب تحترق بالحب واخري بالفراق وغيرها بنيران الغضب ولكن جميعهم علي متن سفينة واحده اتت رياحها بما لا تشتهي انفسهم وما باليد حيله سوى الاستسلام .
■■■
ترك ( سليم ) المنزل عقب كلمات جده التي مرت علي جروحه بسلك شائك وظل يجوب بسيارته في مختلف ارجاء بلدتهم .
انهارت ( ماجده ) اثر كلمات سليم التي تدركها جيدا ولكن مازال بداخلها صوت يكذب لها حتي اتت عباراته قطعت حبال الشك باليقين - لم يوجد مُحتل بداخل قلبه سواها - مما جعلته يتحدي الجميع لاجلها .. وما هي الا اسم بالبطاقه يثبت نسبهم فقط .
فتح ( عماد ) باب غرفة مكتبه وخرج منها حتي فوجئ بوجود ( نورا ) امامه .. رمق كلاهما الاخر بنظره خاطفة ثم اكمل عماد طريقه بتجاهل تام ، وضعت ( نورا ) كفها لتهدأ من ثوران قلبها الذي يدق صدرها بقوة كان اثره انسكاب دمعه حاره علي وديان وجنتها متنهده بمرارة وضيق .
اجري ( سليم ) مكالمه تليفونيه وهو داخل سيارته مرات متكرره دون جدوي من صاحب الهاتف .. زفر بقوة والقي هاتفه جنبا وهو يضرب المقود بيده
- طايب ياوجد !!
وسرعان ما اضُيت شاشة هاتفه التف نحوها متلهفًا
- عترديش ليه علي طول انتِ ؟؟
اجابته بنفاذ صبر
- وانت عتتكلمش غير لما تزعق ليه ؟ عاوز ايه تانى ؟
- انا اتكلم كيف منا عاوز وانتِ تستحمليني وتحبيني علي اكده من غير اي تعليق ..
جلست علي مكتبها الصغير بتحدي
- مش انا اللي تتأمر عليها ياولد الهواري فوق لنفسك .
ارتسمت بسمة خفيفه علي شفتيه
- اتأمر عليكي وعلي اللي خلفوكي كمان .
كتمت صوت ضحكتها
- هقفل ومش هرد عليك واصل … انا حذرتك اهو .
رد متحديا
- طب انا عاوزك تعمليها ياوجد وشوفي هعمل ايه ؟
زفرت بنفاذ صبر
- انت عاوز اي دلوق خلصني، عندي شغل كتير ..
- شغلك اهم مني ياك ؟!
- ما اتخلق ولا كان اللي يبقي اهم منك ياسليم .
لمعت عينيه بحب
- اومال كان اي لازمته الوش الخشب اللي فالاول ؟!
وضعت وجنتها علي قبضة يديها
- يوه مش هنخلصوا .. سليم عندي نبطشية ومش هينفع نتسايروا إكده ....
وقف بسيارته تحت مبنى المستشفي التى تعتبر من اكبر مستشفيات البلد التي تدخل في حيز ممتلكات العتامنه
- وجد .. قلبى واجعنى قوي .
انتفضت من مكانها بلهفه
- انت عتتكلم صوح ولا قاصد تخلع قلبي عليك ؟!
دلف من سيارته وركل بابها خلفه بخطوات متزنه وثابتة اتجه نحو بهو المستشفى اجابها بدلال
- لا بجد سليم قلبه واجعه قووي .
ترجمت نبرة صوته المدللة قائله
- وبعدين فيك عاد .
- وبعدين فيكِ انتِ .
- وانا كنت عملتلك ايه يعني ؟!
- خدتى قلبي وفضلت عايش طول الوقت من غيره .
- ماانت كمان سرقت روحي وانا مالومتكش ؟
ارتسمت بسمه جذابه علي ثغره وهو يقترب من باب غرفة مكتبها
- طب اعمل ايه يادكتوره .. يلا اتصرفي وعالجيني فضى مكان قلبي بيموتني كل ثانيه وهو بعيد عني .
اتكأت فوق مقعدها شارده معه في اعذوبة كلماته
- انت هتسرح بيا ولا ايه !! ماتتمسي .
قبل ان تغلق شفتيها منتهيه من كلماتها فوجئت باقتحامه مكتبها الخاص قائلا بفظاظه
- هو انا لما اقولك عيان ماعتصدقيش ليه انتى !!
ارتجف جسدها وهلع قلبها من موضعه ثم ركضت نحوه في عجل
- انت جري لمخك ايه ياسليم هي حصلت تيجي لحد اهنه .
تجاهل انفعالها واتجه نحو - الشازلونج - وارتمي عليه بكللٍ متخذا نفسا عميقا
- تعالي اكشفي عليّ يلا .
اغرورقت عينيها بدموع تخفي خلفهم قلة حيلتها وخوفها الشديد عليه .. اندفعت نحوه راجيه
- سليم قوم امشي عشان خاطري وجودك اهنه في ارض العتامنه هيقلبها مجزره .
شمر كُمه وبسط ذراعه بهدوء
- هاا يادكتوره يلا عاد شوفي شغلك .. انا مش دافع تمن كشف وجاي اهنه مخصوص عشان تقوليلي امشي .
قطمت علي شفتها السفليه بحنقه ونفاذ صبر ثم استسلمت لاوامره .. جلست علي مقعدها بجواره وشرعت في لف زمام جهاز قياس الضغط حول معصمه وهي تتجول في عينيه اللاتي تتفتنها بهيام ..
تركت الجهاز متأففه قائلة بضيق
" يووووه ياسليم هتودي نفسك وتوديني معاك في داهيه "
اعتدل في وضعيته مستندا على معصمه امامها قائلا
- داهيه !! مش مهم .. المهم نروحها سوا ونخليها جنه .. يلا عاد الجهاز ده هيفضل متعلق اكده كتير .
مسكت كفه ممتعضة وهي تحكم الرباط حول معصمه
- افرد ضهرك طيب .. لما نشوف اخرتها معاك ياولد الهواري .. مالي انا بالحب وسنينه ويوم مااحب احب واحد مجنون !!
ضحك بصوت عال وبلهجة مفخمة بالحب
- مافيش عاشق عاقل ياوجد .
نظرت اليه بطرف عينيها وهي تخفي ضحكتها قائله بخبث
- الضغط تمام اوي علي فكرة .. عشان تعرف انك عتدلع ..
اجابها مندفعا
- انا متاكد انه مش تمام .. هتعرفي اكتر مني انتِ يعني !!
قطبت حاجبيه معترضه
- وطالما مش واثق فيّ اكده جاي تكشف عندي ليه .
دنا منها حد الغير مباح وهو يلتهم انفاسها بشهيقه المرتفع وزفيره الذي يلامس وجنتيها
- عشان انتِ الوحيده اللي معاكي الدوا .
اغمضت عينيها لسحر كلماته وهي تبتسم بحب
دنا منها شيئا فشيئا فلم يستطع ان يمنع القوة التي تجذبه نحو ملامسة شفتيها ، شعرت بانفاس تحرق وجهها بلت حلقها الجاف .. رفعت جفن عينيها ببطء شديد .. بدون مقدمات استدارت بجسدها ابعدت عنه بكيان مرتجف وهي تعبث بالاشياء الموضوعه فوق مكتبها لتمنع عينيها من الالتقاء بعينيه فتنهار امامه مجددا
" سليم ... ماينفعش كده يلا روح امشي "
نهض من مكان وهو يدنو نحوها بخطوات متثاقلة
- وجد .. للمره الاخيره بقولهالك تعالي نهربوا من اهنه .
احتشدت العبرات بداخلها قائلة
" ومش وجد اللي هتعيش معاك في الضلمة ياسليم "
انفجر بها قائلا
- انا ولا عارف اعيش معاكي فالنور ولا في الضلمه.
انخرطت عينيها بالبكاء
- يبقي قدرنا اكده واحنا لازم نرضي بالمقسوم .
قبض علي معصمها بقوة ليدير جسدها نحوه لتقف امامه مهزوزه مغمومة علي حالهما .. هربت الكلمات من بين شفيته بدون رقابه ممزوجه بنبرة صوته الاجش التي اهتزت لها الجدران قائلا
- بس المقسوم دا عيقسمنا احنا ياوجد .. انا مش خابر كيف يجيلهم قلب يفرقوا بين قلوبنا .. كيف جالك قلب انتى تمنعي سليم عنك .
انهارت عبراتها علي وديان وجنتيها بغزاره
- وجد بتموت من بعدك ياسليم .. ببان قويه ومش عاوزك لكن من جوايا مش عاوزه غيرك .. متعشمه في معجزه تنهي كل الوجع والفراق دا .. لاني انا اللي تعبت .. تعبت بالقوي ياسليم ومعدتش قادرة .
ضمها الي قلبه بقوة ليشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه .. ربت علي ظهرها بحنو حتي هدأت تماما فطبع قبلة خفيفه علي جبهتها ثم همس قائلا
- اهدي ياوجد .. بلاش تقولي اكده كلامك عصر قلب سليم .. ( ثم قال ممازحا ) وبعدين ماانت عتبقي حلوة اهو لما تعترفي بحبك .. اتاريكي دايبه فيّ ومكابره ...!!
حاولت فك قبضته الحديدية التي تحاصر جسدها
- طب سيبني اكده وابعد عني ومتكلمنيش تاني .. ولا عاوزه اشوفك تاني بعد عنى عاد ...
احكم قبضته عليها اكثر
- بذمتك عاوزاني ابعد !!
تلعثمت الكلمات داخل فمها وبتلقائيه عانقته بحب وهي تتشبث بعنقه كالغريق الذي يتعلق بقشه النجاة .. رفعت قدميها التي تلامس الارض حتي لامست الهواء وطارت في سحب عشقها قائله
- ماتسبش وجد ياسليم ورحمة ابوك .
استنشق رائحتها حتي امتلأت رئتيه من عبيرها
- عمري ماهسيبك ولا هبطل احبك يانبض القلب .
ظلت عالقه بين ذراعيه للحظات لم تُحتسب من الزمن بل كانت كعمر جديد لهما وفجأه اقتحم الغرفة ذلك اللعين الذي عكر صفواهم وتجمدت الدماء بعروقه واشتعلت نيران الحقد والكره وبداخله وسرعان ما غرز كفه في جيبه يخرج سلاحه
" والله وجيت لقضاك برجليك ياولد الهواري " .................
الفصل الرابع
جالسه ( ثريا) فى غرفتها مع بنتها تضرب كف فوق الاخر ونيران الغل مُشتعله بداخلها فاقتربت يسر منها ثم ربتت علي كتفها
- وبعدين يااما فيكى .. متعصبيه ليه محصلش حاجه يعنى .
نظرت اليها بعيون ضيقه بتوهج منها الغضب
" محصلش حااجه !! كل دا ومحصلش حاجه .. انا قولتها كلمه ومش هتنيها تانى الجوازة دى مش هتم "
انخرطت الدموع فوق وجنتي ماجده بحراره فوثبت امها قائمه نحوها بعيون متسعه وجسد عباره عن كتله نار ملتهبه وامسكت بها من شعرها
- بت انت تتعدلى اكده .. محن وقلة ادب بنات انا مش عاوزه .. دا واحد مش عاوزك ولا هو طايقك .. ايييه ماافيش دم خالص .. على الله اشوف دموعك دي تانى فهمانى يابت ثريا !!
ثم دفعتها بكل قوتها فوق مخدعها متأوهه ركضت اختها نحوها واحتوها بين ذراعيها لتربت عليها برفق مردفه بضيق
- خلاص يامه عاد .. حرام عليكى دي هتموت في يدك .
شهقت اختها شهقات متتاليه وارتفع صوت بكاؤها اكثر فأكثر .. وانتفضت بين ذراعي اختها
- خلاص ياماجده وحدي الله .. اهدى .
قالت يسر جملتها بحنو بالغ وهي تربت علي كتفها .
- بيحبها قوى يايسر .. سليم بيحب بت العتامنه .
قالت جملتها بشهيق مرتفع ورجفة قلب رجت جسدها قبل ما تنهال عليها امها بعنف بصفعاتها المتتاليه التى فجرت صوت صراخها
- قسما بالله انتى مااتربيتى ولا شوفتى يوم تربيه وانا اللي هربيكى يابت ناصر ..
حاولت يسر ان تتلقي صفعات امها عن اختها ولكن بدون جدوي الى ان تتدخلت عفاف علي صوتهم المرتفع وهى تزيح ثريا بعيدا
- انتى اتهوستى ياثريا .. اوعى اكده بعدي عن البت هتموت في يدك ياحزينه .
- "وانتى مالك انتى .. تتدخلي ليه بينى انا وبناتى اوعى اكده من طريقي سبينى اربي بتى ."
قالت ثُريا جملتها بصوت خشن وجاف وهي تتدفع عفاف بعيدا عنها ثم امسكت الاخيره بمعصمها بقوة مهدده
- ورب العزه يدك لو اتمدت علي مراة ولدى هقطعهالك ياثريا ...
توقفت ثريا في مكانها متحديه
- وانا مش هناولهالك ياعفاف .. وسيبهالك انت وولادك مخدرة .
عفاف بسخريه
- لو تقدري تعمليها يلا ..
اتسعت حدقتا عينيها قائله
- هتشوفي ياعفاف هتشوفي .
ربتت عفاف علي كتفها بقوة
- بلاش تقفي قدام النار وتتوهمى انك هتعدى منيها .. اعقلى واعرفى انني كلنا مجبورين علي الوضع دا ياثريا .. لو كان بمزاجنا مكناش وصلنا للى احنا فيه دلوق .
ثم استدارت ومسكت ماجده من كفها
- قومى يابتى معاي قومى .. شكل امك ادبت وماهياش واعيه لروحها .
■■■
لقاء التيران وقطه مابينهم .. واقفه امام سليم لتحمى صدره متوسله لابن عمها ( ادهم )
- احب علي يدك ياادهم سيبوا يخرج من اهنه .. وبعدين تار العتامنه مش بياخدوه من ضيوفهم .. هتودى نفسك في داهيه .
نيران الغضب والكره احتلت كيانه .. ممسكا بسلاحه نحوه وقطرات العرق تتصبب من جبهته
- لسه حسابك مجاش انتى .. تقلقيش هتتدفنى جمبه اللي زيك تستاهلش تعيش لدقيقه مسلمه نفسها لكلب ولا يسوا ..
اندفع سليم بصوته الاجش
- ماتتلم وتخلص وتقتلنى لو راجل وتقدر تعملها ولا انت اخرك كلام وبس ،، وانا شايف انك تعملها وتخلص عشان لو طلعت علي رجلى من اهنه اتاكد مش هسيبك عايش فيها ساعه ياابن ساميه .. عارف ساميه ولا افكرك !!
ندبت وجد علي خديها بمراره ثم استدارت نحوه بصراخ
- اسكت ياسليم اسكت متولعهاااش .
قبل ما تنهى جُملتها مسكها ادهم من شعرها بقوة والقي بها بعيدا حتى ارتطم جسدها ارضا .. ثم وجه سلاحه نحو سليم
-كنت مخططلك لموته اوسخ من اكده .. بس يلا هرحمك بدري بدري ..
وفي لمح البصر ركله سليم بقوة في بطنه .. وبكفه رفع ذراع ادهم لاعلي ولف جسده هامسًا في اذانه بشماته
- مش ابن الهواري اللي يتقتل علي يد ابن رقاصه .
احمرت عينى ادهم متأوها من قبضه سليم الحديديه علي عنقه .. ضغط بكل قوته علي مشط رجله ثم ضربه برأسه في انفه مما جعلته يتراجع للخلف ويسيل الدم من انفه ..
شهقت وجد بصوت عالٍ : خلاص ياادهم عااد .
تجاهلها تماما ثم ركضت نحو مكتبها لتحضر شيء ما .. وعلى حدا انهال ادهم بضربات متتاليه علي سليم اخلت اتزانه .. لازالت وجد تترقبهم بعيون متراقصه علي اوتار الخوف وجسدا مرتعشا وهي تعد في حقنتها المخدرة .
استجمع سليم شتات قواه وحاصر خصر ادهم بذراعيه ودفعه بقوة للخلف مما تسبب في سقوط ستائر ركن الفحص .. تبادلت الادوار من مدافع لمهاجم يسدد ضرباته بحرفيه قتاليه حتى اسقط جسده ارضًا ..
" شوفت بقي قيمتك ضربتين رقدوك في الارض زي الخروف .. اجمد اكده وخلى امك تغذيك شويه ياحيلتها "
قال سليم جملته بشماته وهو يميل ليقترب من سلاحه الملقى ارضا .. فاجئه ادهم بساقه اللاتى التفتا حول خصر بقبضه حديديه جعلته يرتطم بالارض ثم مسك ادهم سلاحه ونكث فوق بطنه وهو يلتقط انفاسه بصعوبه يلكمه بلكمات قويه ومتتاليه حتي شد اجزاء سلاحه
" اتشاهد علي روحك ياسليم "
وقبل ان يهم بتنفيذ مخططه غرزت وجد حقتنها المخدرة في عنقه شلت حركته فى التو واسقطته ارضًا فجلست علي ركبتيها متلهفه
- سليم سليم .. فيك حاجه ؟!
لازال ممددا بجسده ارضًا
-بيضرب ضرب غبي قوى ابن عمك دا .. شكل الغباوة عندكم وراثه ..
نفذ صبرها من مزاحه فقالت
- طب قوم يلا امشي عشان رجالته تحت متنطورين ..
- فكرك خايف منه انا اياك .. سباع الهواري لحمهم علقم .
- طب سيبك من الهري بتاعك دا .. ويلا قوم اطلع من الباب الورانى يلا قبل مايفوق .
ساعدته في النهوض .. تحرك نحو الباب ليخرج ثم توقف فجاة و قفله مجددا كإنه تذكر شيئا ما
وجد بقلق : في اي تانى ؟!
جز علي شفته السفليه
- الواد دا كان جاي يعمل ايه اهنه ياوجد ؟!
نفذ صبرها
- انت مصمم تنقطى ليه !!!.. وانا اش عرفنى يعنى .
اقترب منها اكثر
- كيف اش عرفك .. وبأي حق يفتح الباب اكده من غير مايستأذن ؟
- يامري انا يامه .. وهو فتح عليا باب اوضتي اياك .. دى مستشفي ياسليم لو كنت نسيت .
قطع حديثهم صوت رنين هاتفه المحمول .. التفت سليم خلفه وجده علي مكتبها
- دا محموله صح ؟!
ضربت وجد جبهتها برفق
- يبقي اكيد دا اللي رجعه .. شكله نساه لما كان اهنه .
احمرت عينى سليم ومسك معصمها بقوة
- كان اهنه كيف ؟! انت مالك النهارده مش واعيه لكلامك ليه .. ولد المحروق دا كان يعمل اهنه ايييييه ؟!
تأوهت من قبضته قليلا
- ودا وقته ياسليم يعنى!! .. امشي دلوق وبعدين نتكلموا يلا عشان خاطر وجد عندك .
اغمض عينيه قليلا متخذا نفسا عميقا
- طيب ياوجد .. طيب لكن عظيم يامين تلاته هااااا سمعانى لو سمعت ان الكلب دا بس حاول يتكلم معاكى لاطُخك واطخه فهمانى قولت ايه ؟!
ارتمست ابتسامه خفيفه
- وتهون عليك وجد حبيبتك بردك ياسليم !!
نظر اليها بعيون ضيقه قائلا بغمز
- ماهى ماتهونش لا .. بس خليها عاقله وتسمع الكلام اكده عشان اعشقها اكتر .
اتسعت ابتسامتها اكثر وكإن كلماته مخدر من نوعٍ فريد تنتشي بهم حواسها لتغيبها عن الوعى .. فاقت من اعذوبه كلماته سريعا
- يلا امشي عااد احسن حد يجي يلا .
قال ممازحا
- اتنيلى انتى بمكتبك اللي ف اخر دور دا لو اتقتلتى فوق مافى حد هيحس بيكى .
ضحكت بصوت مسموع : طب يلا بره يلا ورايا شغل
اقترب من الباب فتحه ثم قفله سريعا كإنه تذكر شيئا اخر
وجد بملل: ف اي تانى ؟؟؟؟
سليم عضه علي شفته بغل : هتقعدى مع الكائن دا لوحدك اياك .. يلا يلا قدامى .. بلا مياعه وقله ادب !!
- ياخى انت بتفكر في حاجات غريبه .. ماهو راقد اهو هيعملى اي يعنى!!!
مسك معصمها وسحبها خلفه وهو يفتح الباب
- من غير مُناهده يلا قدامى .. ولما يفوق ابقي يتقلع علي اي مصيبه إلهى مايوعى يفوق .
■■■
" يعني اي يااغبي دا يحصل !!"
نطق مجدى جملته منفعلا ومضجر
محمد مستفهما : خير يامجدى في اي ؟!
اشار له بكفه اشارة توحى بسكوته ثم اكمل كلامه قائلا
- بص معاك ٢٤ ساعه وتعرفلي مين ورا المصيبه دي .. وإلا ما حد هيشيلها غيرك يايُسري
ثم قفل هاتفه وألقاه جنبًا متأففًا
محمد : حصل ايه يابنى ماتنطق .
- اووف كنت مظبط كل حاجه .. معرفش ايه اللي حصل .
- ايوة بقي هو ايه اللي حصل ماتنطق .
جلس مجدى امامه وهو يزفر بقووة
" ورق الشحنه الجديده اتسرق .. والمصيبه ان الشحنه دي كنت داخل فيها براس مال الشركه كله يامحمد "
- طيب واللي سرقه ممكن يستفاد اي من حركه زي دي؟
= ازاى يعنى !! اكيد الشركات المنافسه هتعرف سر جودة وصلابه الحديد عندنا وهتقلدنا وبكده مكانة الشركه هتتهز .
فكر محمد قليلا : ممم ورطه فعلا .. طيب وهتعمل ايه .
اجابه بثقه : متقلقش كنت عامل حسابي لحركه زي دى .. بس لازم اسافر حالا .
- تسافر ايه بس والفرح اللي بعد بكرة !!!
= تقلقش مش هتاخر ..
قطعهم دخول السليم الذي اصابهم بالدهشه
محمد بذهول: يخربيتك مين مشلفطك اكده ؟!
بعده سليم عن طريقه محاولا الجلوس علي اقرب مقعد
" اسكت مش حمل كلمه الله يخليك "
تبادلت الانظار فيما بينهم .. ثم اقترب محمد من اخيه ليتفحص كدماته ممازحا
- من خلال خدمتى في طب ٧ سنين حاسس اللي بصم علي وشك اكده كائن عتمانى غبى ....
ازاح سليم يد اخيه قائلا : قصر طاب ورحمه ابوك .
ضحك مجدى ومحمد سويا
" ايدهم تقيله قوى الناس دول .. بس انت تستاهل كان ايه وداك عندهم "
- وبعدين فيكم انتوا الجوز .. مهملكم وماشي ارتاحوا.
قال سليم جملته بتعب وهو قائم متأهبًا للذهاب فوجئ بأمه بصحبة ماجده خارجين من المطبخ .
- وادى ياستى سليم رجع .
قالت عفاف جملته ممازحه بدون ما تلتفت لجروحه .
" مالك ياسليم جري لوشك ايه "
قالت ماجده جملتها وهى تندفع نحوه بلهفه تابعتها عفاف
- مالك ياولدى حوصل اي ؟؟
جز علي سنانه غاضبا قائلا بصوت منخفضٍ
- باينلو نهار اسود .. - ثم رفع صوته - حادثه عربيه ياعفاف اطمنى بسيطه
دنت منه ابنة عمه ويكاد قلبها ان ينشطر خوفا عليه
" بس وشك تعبان قوي .. ماتتصرف يامحمد "
تجاهل سليم وجودها وكلماتها نهائيا وتركها غير مبالى لاهتمامها
- فوتكم بعافيه .. هانم مش عاوز حد يصحينى .
- ياولدى طمنى عليك بس
- قولت زين ياعفاف خلصنا .
قال جملته وهو علي اعتاب السلم وتركهم ذاهبا لغرفته .
■■■
بعد مرور ساعتين فاق ادهم من سطو نومه متألما غير متزن محاولا استجماع واسترجاع الذاكره .. فتح باب المكتب يبحث عنها فسأل احدى الممرضات
"الدكتوره روحت تشوف الست الكبيره بيقولوا تعبت فجاة ."
واضعا كفه علي عنقه كالسكران الذي للتو فاق من سُكره مغادرا المستشفي لم يجد احد من رجاله .
صعد سيارته وقادها بسرعه جنونيه الي ان وصل البيت .. وجد احد رجاله فطبق علي عنقه بقسوه
- كنتوا فين يامتخلفين ؟!
- الست وجد قالتلنا اوامرك اننا نروح معاها ..
ركله ادهم بقوه
- عشان شويه اغبيه ومتخلفين ..
ثم اوشكت رياح وعواصف صوته علي الزمجره والنداء عليها
' ياااااااوجد '
فزعت لنداءه وثرثره صوته
جدتها بوهن : ماله الواد دا !!
ارتبكت (وجد) : طب ريحي انتِ ياست الكل وانا هشوفه .
كرر ندائه مرارا وتكرارا وفي كل مرة كانت تهتز لرياح صوته الجدران .. زاد قلق وارتباك وجد
" استرها يارب .. ارتاحى انت وانا هشوفه وهرجعلك "
انهت كلماتها فوجئت به مخترقا باب الغرفه وممسك بها من شعرها بقسوه وعنف ويسوقها خلفه كما تُساق البعير .. ارتفع نواحها الذي جمع اهل البيت كلهم
وصل بها لبهو قصرهم العملاق والقاها ارضا قائلا بقوة وحزم
" اسمعوا كلكم عشان مش هكرر كلامى .. اللي يغلط في البيت دا لازمن يتربي "
اخوها زين الصغير : مالك بأختى وعتمد يدك عليها ليه
قهقهه بسخريه : اييييه واحد عيربى مرته قليله التربيه .. فيها حاجه دي .
انفعل الصغير الذي لم يتجاوز عمره العشر سنوات
" اختى متربيه غصب عنك .. ولو قولت اكده تانى عليها هقتلك "
انفجر ادهم في قهقهته
- طب وسع اكده بس عشان لسه مكملتش حسابى معاها
انحنى ومسكها واوقفها امامه ودار خلفها بهدوء يسمى بهدوء ما قبل العاصفه وبدون مقدمات صفعها بكل قوته علي وجنتها جعلتها ترقص رقصة طير ذبيح في اخر انفاسه .
انهال عليه اخيها واختها وباقي الخدم يراقبون الموقف بذهول ودهشه
" قولت بعد يدك عن اختى "
زاحهم جميعا بقوته للخلف وانحنى ليقفها مجددا امامه صارخا بوجهها
" عاجبك اللي عيحصل دا .. اقسم بالله ياوجد لاربيكى .. راميه نفسك في حضن راجل غريب ومين اللي قتلو ابوكى!!!!! "
ابتلعت غصة احزانها بالم شديد
" اخرس .. اخرس ياحيوان .. اللي بينى وبين سليم واحد جاحد زيك مش هيعرفه ولا يقدره .. "
ثم تنهدت بقوة واقتربت منه اكتر متحديه ومحذره
- واقولك علي حاجه كمان !! مش هتجوز غير سليم ياادهم .. ولو عاوز تقتله يبقي هتستلم جثتى قبله .. انت فاااهمنى
كلماتها كانت كعود كبريت مشتغل اُلقي في حقل بترول تحول ف ثوانٍ لثوران ملتهب .. بدون وعي اطبق عليها بقوته وجبروته جعلها تتقاذف كالبندول بين كفيه .. اصبح عدوانه يلتهمها بدون رحمه .. عاجزة علي الفرار منه ..
فوجئ باختها ( ورد) مصوبه البُندقيه نحوه
" اقسم بالله لو مابعدت عنها لاقتلك .. قولت بعد "
وقف ساخرا من فعلها ثم قرب منها بخطواتٍ متباطئه
" هاا يلا يلا اضربي .. هتقدري تضربي وانت جسمك عيترعش اكده .. "
غرز فوهة البندقيه في صدره
" دووسي ياورد يلا عشان يقولوا قتلت ولد عمها اللي كان بيعيد تربيتهم "
التفوا جميعا لصوت رنين هاتف ( وجد) المُلقي بجانبها
انحنى ومسكه فوجد اسم " نور العين "
نظر اليها ساخرا ثم اشار اليها محذرا بالصمت وفتح الاسبيكر اتاه صوت سليم بحنو قائلا
- نبض قلب سليم عامله ايه ؟!
صمت لبرهه ثم اكمل سليم قائلا
- وجدد !!! الوووو
اغرورقت عيناها بالدموع وارتعش جسدها اكثر
نطق ادهم ساخرا
" متقلقش قلب سليم هنخلعوه من مكانه عشان يبطل ينبض تانى لناس مش من حقها "
فزع سليم من مكانه كالملدوغ
_ اقسم بالله لو لمست شعرة منها ياادهم ماهيكفينى فيك دم عيلتكم كلها .
قهقهه ساخرا
- هتوصينى ع مراتى اياك !!!!
ثم انهى المكالمه فجاة مما جعله يجن جنونه قام مرتديا لثوبه ووضع سلاحه في جيبه مغادرا غرفته متوعدا له .
" مبقاش سليم الهواري لو سبتك عايش فيها ليله كمان يابن الرقاصه "
دخل ( حيدر ) عمهم الاكبر ليفض نزاعهم
" في اي اهنه .. مالكم "
ركض نحوه الصغير
" الحقنا ياعمى .. ادهم استغل غياب اهل البيت واستفرد بااختى عيضربها .. طخووه وريحنا منه "
زمجر ( حيدر ) بغضب
- مالك ببنات عمك ياادهم .
اجابه في حزم : واحد عيربى مراته .. فيها حاجه دى ؟
اقترب منه عمه : اكتب عليها وبعدين احكم زي ماانت عاوز .. غير اكده هقطعلك يدك لو اتمدت .. مفهوووم .
قرب منه متحديا : وهو انا لما اخش عليها والاقيها في حضن ولد الهواري .. المفروض اعمل ايه .
ارتفع شهيق الجميع واتسعت حِداق عيونهم .. اقترب منها عمها
- الكلام دا حصل يابت سالم !!
تراجعت بجسدها للخلف مستجمعه قواها
- لا .. دا كداب ياعمى .
ادهم : انتى اللي كدابه ياوجد .. ولو فاكرة حهتربي بعملتك دى تبقي غلطانه .
- الحب مش غلط ياادهم .
بمجرد مانهت جملتها لطمها عمها بقوه علي وجنتها
- قطع لسانك .. حب اي اللي عتتحدتى عنه .
سالت دموع عينيها بمرارة وحزن
ثم مسك سلاحه ووضعه صوب جبهتها
" بعد اللي سمعته المفروض الخزنه دي تتفجر في نفوخك .. بس انت عارفه غلاوتك عندى ياوجد عشان كده هفوتهالك بس رجلك تانى ما هتخطى عتبة الشارع .. ومافيش شغل مفهوم .. وكتب كتابك علي ادهم اخر الشهر .. يلا اتقلعي من قدامى "
الفصل الخامس
مُجرم الحُب هو شخصٌ عاشقٌ مع سبق الاصرارِ والترصد ولابد من نيل عقابه بحكم مؤبد خلف اسوار قلب من يحب ... وذلك ما حدث لها نالت عقابها وحُكم عليها بسجنٍ لكن خلف اسوار جافه صلبه لم تعبرها اشعة الرحمه .
جالسة تتحسس جدران سجنها مع غروب الشمس بحزنٍ بالغ وقلبٍ ضامر ممزوجًا بنكهة الفراق والقهر .. اصبح الفرح عدوًا لها كلما حاولت عقد معاهده سلام معه تظاهر بالمسامحه ولكنه عدو خبيثٌ خداع سرعان ما يصطاد فرائسه بالحيل ثم ينقض عليهم بالاسر ..
ورد بأسف :
" هتفضلي ساكته كده علي طول ياوجد !! "
لم تخفض عينيها اللاتى تتأملا السقف بيأس فاجابتها بلا مبالاة
" يعنى هتكلم هقول ايه .. ما خلاص كل حاجه خلصت "
_ لا طبعا ماخلصتش .. واي الياس اللي انتى عتتكلمى بيه دا !! من ميته كنتى ضعيفة اكده انتِ .
= وانا هعمل ايه بس ياورد .. مفيش في يدى حاجه اعملها .
- بس سليم هيعمل كتير ...
اجابتها وجد ساخرة
" سليم هيتجوز ماجده خلاص .. "
ورد بدهشه : انت بتقولي ايه مستحيل طبعا سليم يعمل اكده !!
- يلا عادى مش هتفرق .. التيار اقوي من الكل .. وماعيرحمش
ورد بفضول : قوليلي طيب ليه هيتجوزها .. هو جد جديد يعني ؟
وجد بحزن : راجح الهواري عاوز يقوى عود عيلته وقرر انه يجوز بنات ناصر لولاد عادل .
= يادى النيله ... وسليم رضى ؟!
- وهو هيعمل اي يعنى .. غصب عنه .. ماانت عارفه غلاوة جده عنده ....
= طالما انتِ عارفه انه خلاص مصممه ليه تعلقى نفسك بيه ياوجد .. ؟!
خدشت وجنتها دمعه حادة محاولة استعادة ذكرياتها معه
" كل مااقول خلاص وهبعد عنه بلاقينى رجعت له اقوي من الاول .. سليم حاجه مش قابله للنسيان والبعد ياورد .. انتِ عارفه كل مااشوفه بنسي نفسي بنسي الدنيا كلها مابكونش فاكرة غير انى من حقي احضنه وبس .. _ تنهدت بمرارة وحزن _ ربنا مايكتب علي حد عشق ولا يوصلوش "
دمعه انخرطت من طرف عينيها هاربه من بحور الحزن بداخلها كالسجين الذي تحرر للتو .. مسحتها بطرف كُمها ثم اردفت قائله
- انا مش عارفه اشوف ولادى غير منه ، هو الوحيد اللي ينفع يكون اب ليا وليهم ...
ربتت علي كتف اختها بحنو
- تقلقيش اكيد ربنا محطش كل الحب دا في قلبك عشان يفرقكم فالاخر ياوجد ...
قبل ان تُجيبها التفتوا جميعا لهتاف سليم الذي هز جدارن غرفتهما
" انا جيتلك برجلي اهو ياحيدر .. اطلع وخد تارك يلا "
ركضت نحو النافذة بلهفه
- يخربيتك ياسليم .. !!!!!
خرج ادهم من الباب الخلفى للقصر بقوه وثبات وخلفه اربعة رجال اقوياء البُنيه
- دانت قلبك بقي ميت عاد!! وجاي اهنه برجليك ..
تقدم نحوه بفظاظٍه وقوة
- كلامى مش معاك .. كلامى مع اللي ممشيك ..
اوشك ان يطبق علي عنقه ولكنه توقف لنداء عمه الاجش
" ادهم ....اسكت ، عاوز ايه ياولد هوارة "
قرب سليم منه بقوة
- جاي اخيرك دلوق ..
لازالت ( وجد ) تترقبه بجسدٍ مرتجف وشلالات من الدمع تنخرط فوق وجنتيها
رد حيدر في ثبات
" ومن ميته حيدر عيتفق مع صغار ... "
انكمشت ملامح سليم غاضبا ثم اكمل كلامه بقوة
- قدامك حل من الاتنين عشان توقف بحور الدم اللي ماهتخلصش دي ... انا قدامك اهو برجلي اقتلنى وخد تار اخوك والدم يقف لحد اهنه .. ياتجوزنى وجد بت اخوك ونتصافوا ونبقوا نسايب .. قولت اييييييه ؟!
نزل حيدر درجتين من فوق سلم قصره قائلا
- العتامنه ماعيقتلوش حد علي ارضهم ياولد الهواري .. ولا دمهم عيبقي ميه واصل ..
اغمض سليم عينيه لبره متأففا
" يعنى ايه .. افهم انك رفضت الصلح ورفضت تاخد تارك "
اجابه بهدوء
- تارنا هناخدوه مش هنسبوه ياسليم .. وياريت تعقل اكده وتسال علي العروسة قبل ماتتقدم .. جاي تخطب واحده مخطوبه !!!!
رفع عينيه لاعلي وجدها تترقبه بعيون يائسه وقلب مُنخلع من خوفها عليه ثم سحب نفسا عميقا فاردف قائلا
- طب زين زين !!.. انا جيتلك برجلى لحد اهنه .. بس انت اللي مصمم علي الحرب .. ونصيحه منى المحارب الذكى اللي يقدر قوة عدوه ومايستهونش بيها .. وانت شكلك مستهون وبالقوى كماااان ... خاااااف .
شد اجزاء اسلحه الغفر نحوه اخترقت الاذآن .. شهقت وجد واختها بصوتٍ مرتفعٍ .
اقترب ادهم منه هامسا
- تقلقش هخليك تحب علي رجلي عشان تموت ومش هناولهالك بردو .. شرفت الشويتين دول .
تبادلوا الانظار فيما بينهم ورفع كل منهما رايه التحدي لاندلاع الحرب ..
اكمل ادهم قائلا
- تقلقش هنعزموك علي الفرح ..
ابتسم سليم ساخرا
- عارف ياادهم مشكلتك ايه من زمان .. اه زمان قوى اكده ايام الابتدائيه والاعداديه .. انك دايما عتكون حاطط عينك علي كل وكلة حلوه في يدى .. عارف ليه عشان حماااار بتحب المُستعمل .
ثم تركه لنيران حقده وغله تاكل في احشائه .. وتقرضه علي عجلٍ ..
شرع ان يصعد سيارته ثم توقف للحظة هاتفًا بصوتٍ قوى
- ووعد منى يابت العتامنه مافيش جنس دكر خلقه ربنا غيري اسمك هيتكتب علي اسمه ..
ترك سليم قصر بعدما القي في قلوبها قذيفة كلماته
ادهم مغلولا : انت مفجرتش راسه ليه ياعمى ..
حيدر وكإنه يخطط لشيء ما
" اصبر .. اصبر عمرك ماسمعت عن الحرب البارده "
ادهم بانفعال : حرب بارده ايه .. نفسي افهم انت عتفكر في ايه ؟؟
- طول ماانت سايق ف الدنيا بلا وعي عمرك ماهتعرف عفكر في اي .. روح شوف مصالحك رووح ..
■■■
" شوفتيه ياورد وهو واقف قصادهم كلهم وبيقول محدش هيتجوزنى غيره .. شوفتى !!"
قالت وجد جملتها وهي ترقص من الفرحه .. كإن كل احزانها تلاشت بمجرد رؤياه
ابتسمت اختها : مش قولتلك سليم مش هيعديها ولا هيسكت ..
سرعان ما بهتت فرحتها مرة اخري
- بس انا خايفه عليه قوى .. ياتري بكرة مخبى ايه !
ربتت اختها بحنو علي كتفها
- متقلقيش .. ربنا هيعوضك ياوجد صدقينى .
= طب عقولك ايه ماتروحى تجيبلي تليفونك اكلم سليم منه .. ادهم المتخلف خد تليفونى اللهى ربنا يااخده ..
- بس اكده من عيونى .. هروح اجيبهولك .
■■■
عاد منزله في منتصف الليل منهمكًا بعدما تجول بسيارته القرية بأكملها .. فوجد مجدى امام الباب متأهبًا للذهاب
- علي فين العزم ياولد ابوي ؟
مجدي وهو يرتب ملابسه باستعجال :
- مصلحه اكده في مصر هخلصها وهعاود اخر النهار .
ربت سليم علي كتفه : خلي بالك علي روحك .
- تقلقش .. المهم خلي بالك بس عشان الهواري سهران ومستنيك مخصوص جوه .
- ياليله غَبره !! هو يوم مش عاوز يعدى .. يلا هروح اشوفه عاوز ايه
دلف سيلم الي الداخل مبتسما محاولًا تلطيف الجو
- بقي راجح الهواري بجلالة قدره سهران مخصوص عشانى ..
جده بوقار : شكلك ناوى تجيب اجل راجح الهواري قريب ياسليم.
جلس بجواره متنهدا بكلل
" ليه اكده بس وانا عملت حاجه تزعلك .. ! "
- انت ماعتعملش غير اللي يزعلنى ياسليم .
رد بعفويه : وانت مصمم تعيش سليم زعلان العمر كله ياهواري .
- انا عاوز مصلحتك .
التفت اليه سليم بحماس
=وانا مصلحتى مع البت اللي عحبها ياجدى ..
- الحديت فالموضوع دا خُلص .. عارف ياسليم من غير يامين لو عرفت انك عتبت عتبة العتامنه تانى .. هكسرلك رجليك الاتنين واخليك ترقد اكده جار الولايه.
- ليييه ليه ياجدى مصمم تظلمنى وتجوزنى واحده قلبي مش رايدها .. دانا طول عمري تحت رجليك ودراعك اليمين وعمري ماعصيتك ... مستقوي ليه علي قلبي المرة دى !!!!!
ربت جده علي كتفه بحنو
- عاوز مصلحتك ومصلحه اخواتك .. عاوز اروح للي خلقنى وانا مش شايل همكم .. بنات عمكم متربيين زين .. انما بت العتامنه مش هتنفعك ياسليم ... اسمع منى ...
شعر كإنما عضله قلبه تعتصر
- وجد عملت ايه يعنى ؟! غلطت عشان حبتنى !! جدى انت خابر زين لولا اللي عمله ولدك كان زمانى متجوزها دلوق .. ليه مصمم تشلنى ذنب ماليش يد فيه ليييه !!!!
اقترب منه جده بعودٍ منحنى بعض الشيء
- عمري ماكنت هجوزهالك ... اما يجى اليوم اللي تعرف فيه قيمة كلامى ياسليم .. ابقي اترحم عليّ وادعيلي ياولدى .. بلاش تكابر في الغلط عيون الحب دايما عميه وكدابة .. اعقل اكده وفكر زين وبلاش طيش صغار .. انت تربيتى ياسليم وولد قلبى وانا مش هظلمك ... عاوز اجوزك للى تصونك وتصون مالك طول العمر .
قام متأهبا بالمغادره او بمعنى الاصح محاولا الهروب من قذيفه الاوامر التى تصوب فقط علي قلبه مردقا بضيق
- تصبح علي خير ياجدى
وثب جده قائما محذرا
- سليم معنديش اغلي منك ياولدى مش عاوز اخسرك .. جدك عارف هو عيعمل اي زين .. مش دايما الريح هتيجي علي مجاز ( مزاج ) سفننا ياولدى
اؤما رأسه ايجابا : هروح انام
- ربنا يهديك ياسَليم ...
وصل غرفته وألقي بجسده في منتصف مخدعه بكللٍ
ثم قام بتكاسل عندما سمع صوت هاتفه
- ايوة ! مين ؟
" ماهو انت لو قاصد تجننى مش هتعمل اكده .. ٤ ساعات ياسليم عحاول اكلمك وانت مش عترد .. دانا كنت نازله ادور عليك زي المجنونه "
جلس في منتصف مخدعه مبتسما
- احلى مجنونه ف الدنيا كلها .. بس رقم مين دا ؟
= رقم ورد اصل ادهم خد تليفونى .
تبدلت ملامح وجهه لغضبٍ
" بأي حق ياخد تليفونك ولد المحروق ده "
- اهو اللي حصل ياسليم .. ادينا عنتكلم من اهنه مش فارقه عاد .
- ماشي ياوجد .. كويسه انت ؟
= مش كويسه في بعدك ياسليم .. بس يامجنون انت ايه اللي عملته ده .. اتهوست ولا جري ايه لمخك؟!
- والله افتكرت ناسك ولاد اصول بس طلعوا ولاد ستين في سبعين .. قولت مابدهاش .. وهما اللي بداوا الحرب .
= عمى امر بجوازى من ادهم اخر الشهر وحابسنى فالبيت وانا مش عارفه اعمل ايه .. حتى امى واقفه في صفهم ..
اجابها بحيره وضيق في آنٍ واحد
- ولا انا بقيت عارف والله ياوجد غير انى ممكن اولع في ناسك ونجعكم كله لو فكروا يجوزوكى غيري .
= عملت اي في جوازك من ماجده
- ولا اي حاجه .. هتجوزها يوم الخميس .. مافيش مفر
انعقد حاجبيها واقطبها برود كلماته متفوهه بذهول فنظرت في شاشه الهاتف بعدم تصديق ثم عاودت الحديث مجددا
- سليم .. انت واعى لكلامك !
= انت هتغيري ولا اي !! ولا خايفه تاخدنى منك ؟؟ . . تقلقيش هتكوني التانيه والاخيره .
- مش وجد اللي تخش علي ضرة ياروح خالتك .
اجابها ممازحا
- معنديش خالات والله.
= انت عتهزر كمان !!!!
- مش كفايه انتى عتتكلمى جد .. المهم قوليلي هايتجى الفرح ؟
= واجى اعمل ايه ؟
- تشوفينى وانا وعريس ..
= دانا ممكن اطلع روحك في يدى ..
- يابوى .. انا مش عارف روحى مضايقه بيت العتامنه كلهم ليه .. عيتخانقوا علي مين يطلعها .. هي تهمكم قوى اِكده !!
= انا غلطانه انى كلمتك روح اشبع بعروستك وانا كمان عروسه وهتجوز كمان كام يوم .. خالصين .
- اااه هتتجوزى .. هتتجوزى مين بقي ؟!
= هتجوز ادهم ولد عمى .. اهو قيمه وسيما ويسد عين الشمس .
جز علي اسنانه بغيظ
- اه بقي ادهم يسد عين الشمس وبقي دنجوان عصره دلوق !!
اكملت مسيرة كيدها العظيم
- اصلا انا فكرت ولقيت البت ملهاش غير ولد عمها .
سليم محاولا اخفاء غضبه
- ودا هيحصل امتى بعون الله اكده ..!!!
وجد ببرود : مش عارفه عمى قال اول الشهر اكده .. انت اي رايك ؟
- رايي !! تروحى تنامى ياوجد نامت عليكى حيطه انت وسي ادهم بتاعك اللهي تسمعي خبره قريب.
= هو انت غيران منه ياسليم ؟!
فرد ظهره واسند راسه علي معصمه
" اغير ! لا سليم ماعيغيرش عشان لو غار هيحرق قنا بحالها .. ورحمه ابويا ياوجد ماهيجى اول الشهر الا وانت مراتى وابقي يوريني سي ادهم بتاعك ده هياخدك منى كيف "
بمجرد ما انهى كلماته قفل هاتفه متأففا ودخان الغضب يتوهج من عينيه واذانه
" قال تتجوزيه قال .. البت اتخوتت في راسها "
قطعت حبال غضبه رسالتها المُرسله في التو قائله
" ووجد مش هتكون غير مراة سليم الهواري .. تصبح علي خير يامجنون "
كانت رسالتها كالماء النقي علي حقل متوهج بالنيران فاخمدته ، قرأها عدة مرات في كل مرة تتسع ابتسامته، فكر قليلا ان يرسل لها اخري ولكنه توقف لبرهه قائلا لنفسه بعند
- طب مش باعت حاجه .. لحد ماتتربي الاول .
■■■
صباح يوم جديد الموافق الاربعاء من ايام الاسبوع ، استيقظ اغلب اهل القصر الفاخر في تمام السادسه صباحًا ، اعدت احدى الخادمات صنيه الشاي واللبن وصعدت بها لأعلي _غرفه (ثُريا) تحديدا التى اجتمعت مع بناتها في الصباح الباكر بعد محاولات ايقاظهم بصعوبة بالغه
- حطيهم عندك اهنه يابت واجفلي الباب وراكى .
قالت ( ثريا) جملتها بنبرة آمرة وهي تجلس فوق طرف مخدعها .. ارتبكت الخادمه ارتباكا ملحوظا ثم اومأت بالموافقه
- تؤمرينى بحاجه تانى ياستى ؟
اجابتها بحده
- قولت اطلعى برا واجفلي الباب وراكى .
ماجده باستغراب : خبر اي ياامه !! مابراحه علي البت .
خرجت الخدامه علي عجلٍ واغلقت الباب خلفها ثم اردفت الي اسفل وهي تُحدث نفسها بحيره
- ياتري ست ثريا ناويه علي ايه ؟! شكلها مايطمنش واصل .
حيرتها جذبت انتباه عفاف الجالسه قبالة السُلم
- بتكلمى نفسك يابت ؟!
تلعثمت الكلمات في فمهما ثم اقتربت منها بقلقٍ
- ست ثريا ياام عماد ........
عفاف تركت قطعت القُماش التى بيدها
- مالها ثريا !! ماتتطقي يااابت .
التفت الخدامه خلفها بخوفٍ ثم دنت منها قائله
- مش مرتاحالها وشكلها ناويه للبهوات الكبار علي مصيبه .
نظرت لها عفاف باهتمام
- قصدك ايه يامزغوده ؟؟
اجابتها بصوت منخفض
- هقولك ......
في الغرفه بالطابق العلوى ، اخذت يسر كوب الحليب وارتشفت منه قليلا
- ماتحكى ياامه .. هتفضلى ساكته اكده !!
وضعت ثريا كوب الشاي الثقيل بجوارها فوق _الكمدينو_ واتخذت نفسًا مسموعًا ثم اردفت قائله
- انا جمعتكم اهنه عشان تسمعوا كلامى بالحرف .. والبت اللي هتعصانى هدفنها مُطرحها .
عقدت صفوة ساقيها باهتمام
- انا معاكى في اي حاجه تخلصنى من الجوازه دى .. والا هترتكب جنايه فالبيت كله .
يسر بتلقائيه : اي الجنان دا .. لا طبعا .
- اكتمى يااابت ....
قالت ثريا جملتها بنبره تحذيريه قوية جعلت ابنتها تلوى شفتها جنبًا بخوف وتبتلع باقى كلماته بضجر
اكملت ثريا كلماتها وهي تتحرك بينهما بثبات
- انا خابرة راس راجح زين .. ومادام قال كلمه ماهيرجعش فيها ....
صفوة مقاطعه : معناه ايه الكلام دا يامه .
رمقتها بنظرة حادة فهمت مغزاه ثم صمتت لبرهه فاردفت قائله
- تاري مع عفاف مراة عمكم من زمان قوي من حوالي ٤٠ سنه .. وانا مش هسمحلها تنتصر عليّ واصل ....
نورا بهدوء : انا مش فاهمه حاجه يامه .
ثريا بحده : مش لازمن ( لازم) تفهمى حاجه .. تنفذي وانتى وساكته يابت بطنى ..
يسر بقلق : ازاي !!
جلست بجوار صفوه بعدما ربتت علي كتفها بحنو
- عاوزه اقهرها في ولادها زي ما قهرتنى زمان ..
اتسعت اعينهم وساد الصمت لدقائق كل منها محاولا استعياب مغزي كلماتها ، عقدت ماجده حاجبيها ثم اردفت قائله
- انتى عاوزانا نقتل ولاد عمنا يامه .
هبت رياح صوتها مُزمجره بقوة
- بطلى غباوة .. انا عاوزاكم تموتوهم بالحيا وتكسروا قلب امهم عليهم وتقهروا قلب راجح الهواري عشان يعرف نتيجه قراره ..
فرغت افواهمم مما يدل علي دهشتهم وذهولهم
صفوة بتلقائيه وعدم استيعاب : يعنى انتى خلاص موافقه نتجوزوهم !!! بس انا مش .....
ثريا مُقاطعه : اكتمى يابت .. مش عاوزه حديت مالهوش لازمه .. هفهمكم كل حاجه بس في وقتها .. المهم دلوق جوازكم علي ولاد عادل هيكون علي ورق وبس ........
اعتلت الدهشه ملامحهم مُكذبين اذانهم لما استمعوا اليه ..
وقفت يسر مفزوعه محاوله الدفاع عن حبيب قلبها
- كيف اكده يااما .. ماتتكلمى دغري !!!
وثبت ثريا قائمه بقوة
- يعنى جوازتكم علي ولاد عادل مصلحه وبس .. حمايتكم لحد ماتاخدوا ثروة راجح الهواري كلها وبعدها هنهرب من البلد وقرفها .. ولحد ما دا يحصل عظيم يامين تلاته لو عرفت ان واحد منهم لمس واحده منكم لادفنها مطرحهاا .. وانتوا وشطارتكم يابنات بطنى !!!!!!!!!!!!!! .......
ثم رددت في سرها قائله
- هكسرك في ولادك ياعفاف .. اللي معرفتش اعمله زمان هيحصل دلوق الضعف ........
تبادلوا الانظار جميعا ... منهما من اعتلت ثغره ابتسامه توعد وانتصار ومنهم من اصابه الياس والحزن في مقتل ، رمقتهم ثريا بنظرات متحديه متوعده
" ولسه هتشوفوا وتعرفوا انا ناويه علي ايه ....... "