أخر الاخبار

رواية زوجتي الشرقيه الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم ميار عبدالله

 رواية زوجتي الشرقيه الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم ميار عبدالله 

رواية زوجتي الشرقيه الفصل السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر بقلم ميار عبدالله 

الفصل السادس 

غامت عيناه فجأة بعد أن كانت تلمعان كالنجوم المتلألئة .. أصبحت ترتجف بخوف بين ذراعيه التى تحيطان بها من تلك النظره ... ان كانت تخيفها نظرته التي تصطحب بالبريق .. فأن تلك ترعبها !! 


هتف بصوت بارد ثلجى 

- ومن قال لكِ انكِ تستطيعين ان تخطى خطوة واحدة بدون أذنى 


كل كلمه يقولها يشدد من خصرها بقوه حتى تأوهت بضعف وألم .. 


- لن تستطيعين الفرار بسهولة يا ليــان ! 


- بلى أستطيع 

هتفت بها وهى تضغط على شفتيها بغضب .. 

لقد أصبحت لا تستطيع ان تأمن بما سيفعله معها وهما بمفردهم..


يلمسها بجراءة وتظن انها ستصمد ولن تتفوه بكلمة !


ومع آخر ما نطقته دعست قدمه بحذاء كعبها المتوسط الطول .. 


ملامحه لم تتغير ولكنه أفلت ذراعيه التى تأسران خصرها بقوة وتملك صاحت بغضب وهى تضرب بحذائها على الأرض بقوة 


- هذه المرة اكتفيت بالقدم المرة القادمة تعلم أين ستكون !


وقامت بأغلاق باب الغرفة بحده بعد ان التقطت حقيبتها وشياطين الدنيا تحوم حولها وهى تتمتم بكلمات عربية لم يفهمها !


من المؤكد تسبه وتشتمه بكل الألفاظ التى تعرفها .. ابتسم فى خفوت وهو يتمتم 

- مهرة جامحة ! 

....................................


توقفت عن فعل كل شىء بعد آخر مكالمة التي كانت منذ ثلاثة اسابيع .. لا تعلم عنه اي شيء !! اكتفت فقط بمهاتفة حماتها وسؤالها عن حالها !


لا تعلم ماذا تفعل معه وما مصير علاقتهم الفاترة الفترة القادمة ؟!


وجدت قدماها تذهب الى منزل خالتها فى الصباح وتجلس مع ابيها الروحى إبراهيم 


طرقت على الباب غرفته بمرح ثم فتحت الباب 

- ادخل ولا اطلع ؟


تهللت أسارير إبراهيم وهو يغلق المصحف 

- تعالى يا حبيبتى 


توجهت نحوه على الفور وهى ترتمى فى أحضانه وبدأت الدموع تتساقط بغزارة على وجنتيها ، ىبت إبراهيم على ظهرها بحنان ابوى وهو يعلم جيدا ما تعانيه ..


ابتعدت عن احضانه وهي تمسح دموعها بأناملها ، و

قالت بمرح 


- قلبناها فيلم هندى دلوقتى 


- طمنينى عامله ايه انتِ وخطيبك ؟


ويا ليته لم يسألها لتتجمع الدموع وهى تغمغم بسخرية وألم 


- عادى زى اى واحده مخطوبة .. غلطت وكان لازم اتحمل نتيجة خطأى 


أحاط براحتيه وجنتيها وهتف بحنو 

- هو مش مقدر الجوهرة اللى فى ايديه بس صدقينى هيندم بعد كده 


- جوهرة !! انا وحشة انا يا عمو هو المفروض يتجوز واحده تستاهله وتحبه مش واحده بتخطط وتخسرله شغله ومحتفظة بوصلات امانه علشان تسجنه .. يا ريتنى ما سمعت كلام ماما 


هتفت بها بقهر وهي تشعر بقلبها الذي يتمزق إلى اشلاء .. ثم تابعت بحسم وهى تقرر وضع حد لكل تلك الفوضى 


- بس انا خلاص هرجع كل حاجه زى ما كانت 

ابتسم إبراهيم بحب وهو يهتف 


- صدقينى اللى يحبك هو اللى هيفضل يجرى وراكى لحد ما يخليكى تتجوزيه .. يفضل يعافر علشان يوصلك 


اتسعت ابتسامتها لتقبل وجنتيه 

- بحبك يا بيبو 


تفاجأ من صوت سارة التى اقتحمت الغرفة وهى تهتف بتذمر طفولي 


- لا بابى ده بتاعى انا وحدى


ثم اتجهت نحو وهى تحتضنه بتملك تحت أنظار ورد الضاحكة وهي تمتم فى خفوت 


- كل حاجه لازم ترجع زى ما كانت 


..........................................


رنين جرس باب المنزل الملح جعلها تهرول إلى الباب خشية أن يأتى الضيف فى اى لحظة وهى تفتح إلى عامل التوصيل .. 


اخذت الاكياس بسرعة وهى تعطيه النقود لتغلق الباب وهى تهرول الى المطبخ لتتخلص من الأكياس سريعا ..


يعلم ابيها جيدا انها لا تستطيع أن تطبخ وسميرة التى تساعدهم فى تنظيف وطبخ الطعام اعتذرت اليوم بسبب مرض ابنتها .. ظلت وحيده فى المطبخ لا تعلم ماذا تفعل ووالدها لا يمكث فى المنزل فى يوم عطلته خصوصاً يوم الجمعة ..


تذوقت الاكل برضى قائلة بتلذذ 

- تحفه ..مش هيعرف ان الاكل ده من بره 


استمعت الى صوت ابيها وهو يغلق باب المنزل وصوت أحد آخر


ظلت تجهز الاطباق تضعها فى الطاولة لتستمع الى صوت والدها يناديها بأن تأتي .. 


أغلقت جفنيها وهى تستعد لمقابلة ذلك عديم الاخلاق ارتسمت ابتسامه بلهاء وهى تتجه نحوهم

- السلام عليكم 


رد والدها والعديم الاخلاق عليها لتهتف وهى تشير بأصبعها إلى الطاولة 


- الغدا جاهز اتفضلوا 


كانت تتناول فى صمت وصممت عدم المشاركة فى الحديث .. كان الحديث الدائر بينهم عن العائلة وآخر التطورات التى حدثت لها لتقاطع حديثهم وقررت أن تشارك لأول مرة 


- وعلى كده بقى يا سيادة الرائد حصل ايه لـ صاحب العربية اللى خبطتهاله ؟ 


كان حديثها يشوبه المكر وهى تتلاعب بحاجبها له 

ليهتف ببرود شديد 


- زى ما قلت مشكلة بسيطة واتحلت وصاحب العربية سحب البلاغ اللى قدمه 


وجهت حديثها نحو الى والدها قائلة بخبث 

- عارف يا بابا مين طلع صاحب العربية ؟ 


ما إن هم لينطق حتى قاطعه مروان وهو يقول 

- واحد زميلى فى الشغل بس زى ما قلت مكنش فيه اضرار لعربيته 


هتف فى خفوت بابتسامة خبيثة 

- صاحبة جدا 


كان ينظر لها بحده لتتسع ابتسامتها البلهاء وهى تنظر الى طبقها وظلت تلعب بشوكتها الى الطعام .. وكانت الحيرة مرتسمة على ملامح أيمن !!


...........................................


- غبى و حيوان 

كانت أول ما نطقت به ليان وهي تفتح باب السيارة الامامية 

ضحك حمزة باستمتاع وهو ينظر الى حنقها ليهتف ببشاشة 

- اهدى بس قوليلى مين اللى عصبك كده 


استقلت المقعد الامامى وهتفت بشراسة 

- هو فيه غيره .. فى حد بيشتغل فى الجمعة لأ وبكل برود بيقولى فى اجتماع بره الشركة 


اتنبها على صوت فتح باب السيارة الخلفي لتجد زين يجلس بكل برود وهو يأمر حمزة بأن ينطلق إلى وجهتهم !!


لا تعلم كم من الوقت مر حتى وجدت السيارة وصلت الى وجهتها .. ترجلت على الفور وهى تنظر الى المطعم وبدأت معدتها تصدر اصواتاً صارخاً بالطعام لتعض شفتيها بحنق

- مش وقتك انتِ كمان ! 


لاحظت وجود سيارة حراسة خلف سيارتهم .. تشعر بالغضب والحنق وهى تجد حمزة يفتح الباب الخلفى له تذمرت بضيق


- ليه مشلول هو علشان ميفتحش 


كتم حمزة ضحكاته وسط نظرات زين المتسائلة لتجده يتحدث بخفوت الى حمزة والآخر يتحدث فى خفوت مماثل له ونظراتهم معلقه عليها .. 


خجل ... ارتباك ... غضب لا تعلم اى شعور هو الطاغي عليها لكن نظرات زين المصوبة نحوها تربكها .. تسري قشعريرة خفيفة تدب بجسدها بأكمله تحت نظراته المبهمه !!


نظفت حلقها جيدا لتجد زين اصبح بجوارها لينطلقا إلى المطعم .. رائحة عطره بادت تدمنها .. قربه منها يجعلها مشتتة .. حائرة !! 


استفاقت من تلك الحالة وهى تجد زين يتجه نحو طاولة يوجد بها رجلين أحدهما فى منتصف العمر والآخر فى ريعان شبابه وتوجد إمراة جميلة والتى ما إن رأته حتى اسرعت نحوه وتعانق زين بحميمة .


اشاحت بنظرها للطرف الاخر وهى تهتف الى عقلها بسخرية .. انضجي يا فتاه إنه لا يناسبك أبدا !!


لم تستمع الى حديثهم كانت شاردة لتنتبه الى صوت الرجل فى منتصف العمر وهو يصافح زين بحرارة

- سيد زين من الرائع رؤيتك مرة اخرى 


ثم استدار إلى القابعة خلفه وهتف بمشاكسة 

- ومن تلك الجميلة ابتعد دعني اراها


نظرت يمينا وشمالا ربما لا يقصدها لتجد يد زين تمنعه وهو يهتف ببرود

- انها مساعدتى الخاصة يا سيد ديفيد 


رد ديفيد بأبتسامة

- اعلم يا عزيزي وهل يمكن أن تكون غير هذا ؟!


انتبهت على الاخر وهو يتجه نحوها ويهتف بابتسامة خلابة جعلها هى الاخرى تبتسم بدون وعى 

- جون ديفيد رجل أعمال ما زال فى بدايته وما اسمك يا ..


هتفت باسمها وهي تصافح يده فى ثوان معدودة .. لإ تريد إحراجه وهي تجد يديه الممددة نحوها .


تعلقت ببصرها إليه لتجده ينظر لها بغموض .. لم تفهم ما كل تلك النظرات الغامضة لتنفض برأسها لتلك الاسئلة المبهمة التى لن تجد إجابتها ..


- اسم جميل مثلك انستى 


توردت وجنتيها من الخجل وهى تهز رأسها فى خفوت ولا تعلم لم لسانها توقف عن الحديث ربما لانها اول مرة يتغزل بها أحدهم علانية !!


- هيا يوجد لدينا عمل 

هتف بها بنبرة باردة ثم امسك كف ليان لتجلس على المقعد ويجلس بجوارها !


زادت معدل نبضات قلبها من لمسته .. استشعرت بملمس كفيه رغم انه قبضته قويه لكنها كانت ناعمة دافئة .. بدأ عقلها يعمل بعاطفية وهذا لا يصح ابداً لا يجوز فى الوقت الحالى .


زفرت براحة والاجتماع قد انتهى .. رفض زين دعوة الطعام متعللاً بأنه يوجد بعض الأعمال التي لم تنتهي !! 


ستقتله حتما إن لم تذهب الى البيت الساعة اوشكت ان تصبح الثالثة عصرا وهى لم تتناول سوى كوب شاى فى الصباح !! 


وما إن استقلت السيارة مرة أخرى لتهتف إلى حمزة بسأم وهى تريد الصراخ بوجه القابع فى الخلف وينظر إلى احد الاوراق بتركيز


- هو احنا هنرجع الشركة تانى ؟ 


ليرد حمزة ببشاشة 

- للاسف اه 


صاحت بصوت عالى وهى تحاول ان تجذب انتباه ذلك الجلف البارد 


- يارب صبرنى 


...............................................


إستراحة لمدة عشرون دقيقة .. ليس سيئا بل ممتاز !

رأته يتجه نحو مكتب مدير العلاقات العامة فى الطابق الاول


توجهت إلى الطابق السفلى وهى تنظر بنظرة سريعة الى المكان الذى عبارة زجاج فقط كله مكشوف حتى الطوابق العلوية السور عبارة عن زجاج متين !


كانت تسبه بكل الألفاظ وهى تنتظر انتهاء دوامها تبقت ساعتين فقط وينتهي الدوام .


امسكت بقدح القهوة وبعض المقرمشات تتناولها بمضض جلست على احد الطاولات وهى تستمع الى همهمات الجميع 

- اخيراً لقيت حد مصرى 


كان يهتف بها شاب في أوائل الثلاثينات من عمره وهو الآخر يمسك قدح القهوة ليتسائل فى أدب

- ممكن اقعد 


اومأت رأسها بالايجاب وهي ايضا تحتاج لأحد تتحدث معه 

جلس الشاب وهتف بمرح 


- شويه وكنت هلاقى نفس سافرت بره بمجرد انى مش لاقى حد مصرى اتكلم معاه 


ثم تابع بجدية يتخللها المرح وهو يعدل ياقته

- تامر الحسينى موظف حسابات على قد حاله فى الصرح العظيم ده 


أجابت بهدوء 

- ليان ابراهيم مساعده صاحب الصرح العظيم ده

لاحظت عبوس وجهه وهو يهتف بغموض 


- غريبة !


- هى ايه الغريبة ديه ؟


هتفت بها بتساؤل وقد شعرت بالفضول لمعرفة السبب 


- اول مره اسمع زين يبه يخلى واحده تبقى مساعدة شخصية ليه .. معملهاش قبل كده !


حديثه جعلها تتوتر اكثر .. لاحظ تامر تعبيرات وجهها المتوترة ويديها المرتجفة وهى تمسك القدح !


لم يجد سوى ان ينتشلها منذ ذلك الموضوع وبدأ يتحدث عن مواقفه وطرائف تحدث له كل يوم


لانت ملامحها وهى تستمع الى حديثه المضحك لتبدأ بعدها تنفجر من الضحك وتهتف بأبتسامه متسعه 

- لا ده انت حكايتك حكايه 


ثم بدأت تتطرق في عدة مواضيع عامة .. برغم ذلك الحشد تشعر بأن أحد يراقبها .. يقين فى داخلها وهى تبحث فى اعين الجميع المشغول بالحديث مع الآخر ..


رفعت اعينها للطابق العلوى لتجده هو امامها جسده متصلب ونظرات عينيه غامضه مثل التى كانت فى المطعم !!


اشاحت بنظرها وهى تنتبه الى تامر الذى يلوح بيديه لها لتنتبه الى حديثه وهى ترتشف القهوة التى اصبحت باردة !!


..........................................


عادت من منزل خالتها وهى عازمة ان تضع حد لكل تلك الأشياء الشنيعة التي فعلتها وندمت عليها. 


استغلت عدم وجود والدتها ووالدها لتذهب الى غرفتهم ..


فتحت الخزنة الموجودة بداخل فى غرفته والديها وهى تبحث عن ضالتها ! 


ابتسمت فى اتساع وهى تحمد ربها ان الاوراق ما زالت موجودة 


أعادت كل شىء فى مكانه وهى تغلق الخزنة بهدوء ..


وضعت الاوراق فى حقيبتها وهي عازمة أن تنهى كل تلك الفوضى التى سببتها له .


........................................


انتظرته يأتى وهي تخبره انه يوجد أمر هام يجب أن يتحدثا فيه !! 


وضع النادل المشروب البارد وهى تشكره فى هدوء ..ظلت ترتشف المشروب فى تلذذ منتظره مجيئه 

- خير جيت ايه الموضوع المهم 


هتف بها وهو يخلع نظارته ويجلس على المقعد المقابل لها ببرود 


نظفت حلقها وهي تمتم فى اسف وتضع المشروب على الطاولة 


- انا اسفه .. عارفه الكلمة دى قليلة جدا في حقك ..بمجرد لعبه رخيصه لعبتها انا وماما وخسرتك شغلك و كل حاجه انت بتحبها


كانت ستهتف بحبه الوحيد لكن وجدت لسانها ينطق "كل حاجه انت بتحبها " 


صاح بسخرية 

- ايه ده الضمير عندك صحى النهاردة ولا ايه ؟! 


هتفت بتألم وبدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها

- صدقنى غصب عنى ..انا مش وحشه يا يوسف صدقنى بس ساعه شيطان وراحت لحالها 


ما زال تعبيرات وجهه جامدة وهو يقول بجمود

- مبتأثرش بدموع التماسيح ديه !


فتحت حقيبتها وهى تخرج ظرف كبير ..ثم امسكت بعلبة ذات حجم متوسط وضعتها على المقعد بجوارها هاتفه بجمود


- الظرف ده فيه وصلات الأمانة و العلبة دي فيها الشبكة 


نظر إليها بعدم تصديق وبشك لتهتف بتألم وهى تجد فى نظراته انه حتى لا يصدقها


- ليك حق تستغرب وتشك برده بس ديه كل الاوراق الاصلية مفيش نسخ تانيه 


ثم قامت من مقعدها وهى تنزع الخاتم الذى يزين بنصرها وتضعه على الطاولة همست بألم ودموعها تتساقط بحرارة 

- اوعدك انى مش هخليك تشوف وشى تانى 


وقبل ان تأخذ حقيبتها وتغادر دنت نحو وجنتيه وقبلته بعمق هامسه نحو أذنه بأسف


- سامحنى 


................................................


انتهى دوام العمل وهى بالكاد ترى ما حولها وكالعادة قبل أن تغادر تذهب إليه ..


طرقت الباب لتجد صوته يأذن لها بالدخول..


هتفت بنبرة خافتة وهى تجاهد ان تفتح عيناها 

- لقد انتهيت من عملى يا سيد زين 


- ينتظرك حمزة فى الاسفل 

نبرته جافة باردة كالعادة وما إن همت لتغادر الغرفة حتى هتف بصوت جاف لا يقبل النقاش 


- سيكون عملك بعد الأن فى منزلى 


وما إن همت لتحادثه حتى وجدته يدلف الى المرحاض .. هزت رأسها بيأس وهي تغادر حجرة مكتبه 


اخذت حقيبتها واستقلت المصعد وهي تريد أن تحتضن وسادتها الناعمة .. ذلك عديم المشاعر يستنفذ كل طاقتها !


.............................


استقلت السيارة في المقعد الخلفي وهي تحث حمزة

- فى أقرب وقت عايزة الاقي نفسى وصلت البيت


ابتسم حمزة وهو يهتف برزانة

- هو الشغل فى الاول كده متعب بس هتتعودى عليه 

- بطريقته الغبية ديه مظنش 


هتفت بها فى خفوت وهى تجز على اسنانها بغيظ شديد .. كل يوم يزداد إصرارها فى لكم وجهه الوسيم !


انتبهت على صوت رنين هاتفها لترد على اتصال شقيقتها وهى تهتف 


- سارة انا جايه فى الط...


لتصرخ سارة بفزع وهي تقاطع حديث ليان 

- الحقينى يا ليان بابا !


الفصل السابع 


بمجرد أن نطقت بأسمه رفيقها .. والدها .. اخيها .. صديقها .. سندها .. حاميها .. حتى كادت ان يغشى عليها من الصدمة ، واسوأ الأفكار يقتحم ذهنها 


كان فى الصباح فى صحة جيدة قبل أن تذهب مباشرة الى عملها الذى يستنفذ طاقتها ببطء ويرهق روحها .


لا تعلم كيف بدأت الدموع تتهاطل بغزارة على وجنتيها هتفت بصوت ضعيف واهن يكاد يسمع 

- بابا حصله ايه ؟


صوت بكاء ونحيب عالى تسمعه من شقيقتها كانت تحاول ان تخرج هى الاخرى كلماتها بصعوبة شديدة وكأنها تحاول عملية النطق 

- احنا رايحين على مستشفى **** عربية الاسعاف وصلت 


وهذا آخر ما تلقته لتجد شقيقتها تغلق الخط .. بدأت تشعر بأن روحها تنسحب ببطء ووجهها بدأ يفقد بريقه ليصبح شاحب كالموتى .. ونظرات عينيها زائغة .. ضائعة !


- ليان يا بنتى ردى عليا طمنينى 

بدا صوته وكأنه ينادى على بعد مسافة بعيدة ، لم تشعر بالسيارة التى توقفت على جانب الطريق .. ولا بحمزة الذى ترجل على الفور وفتح الباب الخلفى وهو يتحدث بقلق وخوف 


- بابا يا عم حمزة 

هتفت بها وهى تشعر انها فقدته للأبد همست بتوسل وكأن عقلها بدأ يستوعب تلك الفاجعة 

- ارجوك بسرعة على المستشفى 

............................

كل ثانية والأخرى تتأفف بضيق شديد وهى تنظر إليه كيف يتحدث مع والدها براحة .. وكأنه جالس فى منزلهم ! 


همست فى خفوت وهى تنظر إلى الساعة التى تجاوزت السابعة ليلاً


- وناوى حضرته ينام معانا بالمرة 


تعلم جيدا انه سمع همسها بسبب انها جالسة فى المقعد القريب منه ووالدها الجالس فى مواجهته وهى تجد عيناه تتسع بمكر وابتسامه غامضه تحتل شفتيه

- طب عن إذنك يا عمى ، استأذن بقى انا علشان ورايا شغل بدرى الصبح وكمان طولت فى القعده معاكم 


اجابت فى همس وهي تقضم اظافرها

- لا كتر خيرك اعتقدت انك معندكش دم 


احتضنه ايمن بقوة وهو يخبره بأن يكرر زيارته مرة آخرى ، ارتسمت ابتسامه صفراء على ملامح وجه ندى وكأنها تودعه .. لم تستطيع ان تنفذ ما جال بذهنها بسبب تحذيرات والداها الكثيرة ان لا تتهور .. وما إن اغلق والدها الباب حتى اطلقت تنهيدة عميقة وهى تذهب الى غرفتها لتنام وتريح اعصابها بسبب كثرة حديث والدها وذلك المدعو مروان وإصرار ابيها ان تكون معهم حتى وان كانت لا تشارك فى الحديث.. نوم دافىء بعد ذلك اليوم الحافل .


......................................


عادت إلى منزلها بابتسامة راضية .. حتى وإن كانت لن تحيا بدونه فيكفيها أن لا تسبب جرح له بعد الآن .. يقولون العاشق يضحي فى سبيل من يحب .. وها هى ضحت بحبها الذى كان عبارة عن حب من طرف واحد فقط ! .


قصتهم انتهت .. وما زالت تتذكر حديث والدها الروحى ان من يحب سيظل يعافر حتى يصل لنصفه الآخر .


وهى بالفعل ستنتظر من سيجعلها تنسى حبها له ! ربما يكون حبها مجرد افتتان فقط .. هزت رأسها بيأس وهي عازمة على ان تغلق تلك الصفحة السوداء .


لم تكن خبيثة وماكرة يوما ما .. اخذت تنجو ربها فى سرها وهى تتمنى ان ينزع حبها له من قلبها .. يكفيها الأشخاص الذين تسببت فى آذيتهم ..


- كنت كل الوقت ده بره بتعملى ايه ؟


صوت والدتها حسينة كان غاضبا .. ابتسمت وهي تريها إصبعها الخالى من الخاتم

- كنت علشان ده .. صفحه واتقفلت يا ماما يلا عن إذنك هنام 


أخذت تخطو خطواتها نحو غرفتها وهى غير عابئة بما تتفوه بها والدتها من عبارات غاضبة .


استدارت إليها قبل أن تغلق باب غرفتها 

- وعلى فكرة بقى انا اديته وصلات الامانه علشان متفكريش تقرصى بيها ودنه 


ظلت تدندن باستمتاع وهي تغلق باب غرفتها وترتمى على فراشها ... غير عابئة بألاعصار الذى يحدث فى الخارج 


وما هى فترة حتى تبدلت معالم وجهها من الفرح للعبوس ثم بدأت فى نوبة البكاء بدون سبب .


امسكت بهاتفها على الفور وهى تمسح صورته الوحيدة التى تزين هاتفها وعقلها يخبرها لم يهاديكِ حتى تتذكرين له ذكرى .. لم يُقبلك حتى تشعرى بملمس شفته .. لم يحبك حتى تتألمى .. لم يعشقك .. إنه يكرهك .. أخرجيه من اعماق قلبك لتستريحى

همست وكل ذرة فى قلبها تشتاق إليه 

- يا رب

.........................................


عقله بدأ يفكر بها !! .. فالذي حدث إليه لم يكن يتصور أنه سيحدث إطلاقاً .. تنهد بيأس وهو يحاول ان يفك شفراتها .. بات لم يفهمها .. معقده كمسألة لوغاريتمات يصعب على الطالب حلها ! 


استشف الصدق من حديثها اليوم وما زال عقله يرفض ان يسامحها ..


بسببها هى وجد نفسه فى الصباح اليوم التالي فقد وظيفته بدون سبب وكان لديه ديون كثيرة بسبب تجهيزات زواجه من ليان .


وجد قدميه تذهبان إلى والداها بسبب ثرائه وهو يساعد الجميع بسبب طيبته وعطفه .


يعلم عقله تهور فى تلك اللحظة وهو يذهب إليه وهو ظنه أنه مثل والده إقترض النقود منه فى مقابلها توقيع وصلات امانه كنوع من ضمان حقه وهو مازال يتذكر جملته عند تردده فى التوقيع

- متقلقش يا بنى انا عمرى ما هحاول اذيك بس اعتبر كأنك مشفوتهاش وانا يا بنى مش عايز منك فلوس ديه ترجعالهى 


وهو بكل سذاجه وقع وهو يخبره بأن سيعيد له ماله بس يجب عليه ان يصبر قليلا.... وتفاجأ بعدها بتهديدات منه إنه لم يأتي بالمال فسيعطى الوصلات للشرطة لتزجه إلى السجن .


وقد انكشف قناع الحقيقة وما كانت طيبته وعاطفته سوى قناع زائف يضعه على وجهه لينخدع الناس به ... انصعق وهو يخبره عن شروطه حتى لا يزجه إلى السجن .


يأس ولم يجد سوى أن يوافق على شروطهم وهو يخسر حب طفولته ليعقد قرانه منها ليخبره فى النهاية ما أن يتزوجها سيقوم بحرق تلك وصلات الامانة امام وجهه .


اغلق جفنيه وهو يميل بجذعه على سيارته الحديثة التى امتلكها بعد ان عاد لوظيفته مرة اخرى وتفاجأ بترقيته ليصبح من موظف فى البنك إلى مدير البنك .


بدأت تتساقط عليه الأموال من حيث لا يدرى بعد أن تقدم لخطبتها .. همس فى خفوت 


- ورد 


ملامحها جميلة هادئة وهى اسم على مسمى كالورد يأسرك إليها منذ الوهلة الاولى وعندما تقترب منها وتمسكها فأنها تصيبك بشوكتها .. فقربها نار وبعدها نار 


عقله اصبح مشتت وهو يحاول ان يهدأ من تخبطاته .. غابت عنه ثلاثة أسابيع ليتفاجأ باتصالها وهي تخبره بأنها تريد رؤيته .. عقله ما زال يتذكر وهى تدنو امام اذنه وتقبل وجنتيه غير عابئة بالجميع .. أن تسامحــه !! .


كيف يغفر لها .. لا يستطيع أن يغفر لها بسهولة وكان عقله غافل على ان حفل زفافهم سيعقد بعد شهران من الوقت الحالى !!

....................................

خطت بخطوات شبه متعثرة ما إن وصلت السيارة إلى المشفى 

تشعر بنخز فى قلبها .. تخشى فقدانه .. لن تسامح نفسها إن حدث له شيئا .


وجدت شقيقتها ووالدتها يحتضنان بعضهما وكأن كل منهما يستمدان قوة من الأخرى .. ركضت إليهم فورا لترتمي فى أحضانهم .


أخذت تحاول فى تهدئتهم وان كل شىء سيصير على ما يرام ووالدها قوى لن يصيبه اى شىء .. كانت تهدئهم وهى تريد من يهدئها ..


قامت من مجلسها على الفور وتبعها والدتها وشقيقتها وهى ترى الطبيب يخرج من غرفة العمليات قائلا بعملية 


- الحمدلله إننا لحقناه على آخر لحظه هيتنقل للعناية المركزة لمده ٢٤ ساعه علشان نطمن ميكونش فيه مضاعفات مع إن ديه تانى مره تحصل خلال فتره قصيرة وانا بلغتكم بضرورة اجراء عمليه فى اقرب وقت 


رأى انسحاب الدماء من ثلاثتهم وعدم مقدرتهم على الحديث .. لتستمع إلى صوت حمزة وهى قد تناسته للحظة وقد شغلها امر والدها وهو يهتف بجدية 

- تمام يا دكتور جهز الاوراق 


قال الطبيب وهو يهز رأسه 

- اتفضل معايا 


ذهب حمزة والطبيب تحت نظراتهم المنصدمة .. لتمسح سارة دموعها وتهتف بتساؤل وخرج صوتها متحشرجاً


- مين ده يا ليان ؟


- ده عم حمزة اللى حكيتلكم عليه 

ارتمت سعاد على المقعد وهى تشعر بالالام فى جسدها وهى تهتف بصوت حازم ولكنه خرج ضعيف واهن

- روحى يا ليان شوفى فى ايه ؟


اومأت رأسها فى تفهم وهى تكاد تهرول لكى تلاحقهم وتفهم ما الذى يجرى ؟ سيساعدها عم حمزة ؟ كيف ؟! انها اموال طائلة لا تستطيع ان تجعله يتكفل بعالج والدها وتقف هى صامته ..


.........................................

- ليه يا عم حمزة حضرتك عارف المبلغ كبير جدا انا مقدرش اسدده 


هتفت بها وهما جالسان على احد المقاعد ليهتف حمزة بعبوس 


- ايه يا بنتى اللى بتقوليه ده هو فيه حد بيرجع فلوس ابوه بعد ما بياخدها 


هزت رأسها بالنفى ثم تابعت بتوسل 


- يا عم حمزة انا مقدرش اوافق ديه تحويشه عمرك كلها من بداية ما اشتغلت .. اخدها انا طب مفكرتش فى اولاد حضرتك ومراتك ؟ لما يعرفوا ان فيه واحده غريبة اخدت كل فلوس والدهم 

هم ان يرد عليها ليجد هاتفه يرن ليلتقطه ويرد فى هدوء


- لا تقلق عشر دقائق وستجدنى انتظرك 

اغلق هاتفه وهو ينظر إلى ليان لتهتف وهى تعلم المتصل 


- اتفضل يا عم حمزة 

قام من مقعده وهو يهتف فى حنو 

- عايزة حاجه يا بنتى 


هزت رأسها بالنفي وهى تهتف بأبتسامة هادئة 

- شكرا يا عم حمزة بس بلغ استاذ زين انى مش هقدر اجى بكره 


اومأ رأسه بأيجاب وهتف 

- هعدى عليكى بكره اشوفك لو احتاجتى حاجه ، وياريت فكرى يا بنتى فى كلامى تانى 


...................................


- لما تأخرت يا حمزة كل ذلك الوقت ، تعلم اننى اكره الانتظار 


هتف بها زين بجمود وهو يجلس فى المقعد الخلفى للسيارة 


تمتم حمزة بحزن 


- لقد مرض والد ليان لذلك ذهبت بها المشفى ولذلك اعتذرت عن المجىء غداً


- وماذا اصبحت حالته ؟

هتف بها زين بتساؤل ليغمغم حمزة وهو يتحرك بسيارته إلى القصر


- لا اعلم سيظل فى العناية المركزة لمده اربعة وعشرون ساعة .. ولكنه يحتاج إلى ان يجرى عمليه فى الخارج والمبلغ طائل لذلك قدمت لها المساعدة ومع ذلك رفضت 


هز زين رأسه وامتنع بعدها عند الحديث ، ليمسك هاتفه ويبعث برسالة قصيرة إلى شخص ما ثم اخذ يتابع ببصره إلى الطريق .


............................


بدأت تقص على والدتها وشقيقتها وهى تشعر بالتحير والتشتت .. لقد جاء أخيرا من يقدم يد العون لمساعدة والدها ، ولكن كيف يساعده وهو لم يراه من قبل !! 


لقد أصبح العالم غريبا .. فالغريب اصبح قريب و القريب اصبح غريب ! 


ظلت تمسد رقبتها وقد بدأ النعاس يتسلل إلى جفنيها 

- هنعمل ايه يا ماما ؟ 


- بكره هيحلها من عنده .. خدى اختك وارجعوا على البيت وانا هفضل هنا لحد الصبح 


هتف بها سعاد بنبرة جامدة .. لتهز سارة رأسها نافيه 

- انا مش هتحرك من هنا مقدرش اسيبه ولا اسيبك لوحدك 


قاطعتهم سعاد وقد شعرت بأن ليان رغم الإرهاق الذي يكسو ملامحها لن تتزحزح هى أيضا 


- انا اللى اقوله يتنفذ خدى اختك يا ليان وروحوا على البيت قبل ما الوقت يتأخر


أمام إصرار والدتها جعل سارة توافق على مضض وهي تقوم من مقعدها لتأخذ بيد شقيقتها ويرحلا وعلى الرغم من أنهما متشابكي الأيدي ولكن كلا منهما فى واد آخر بعيد عن عالم الواقع ! 

..............................


ليلة مؤرقة قضتها ونوم متقطع ... انتظرت حلول الصباح حتى قامت من فراشها وتستعد للذهاب إلى ابيها الروحي 


إنه يعلمها جيدا .. إنها مثل الكتاب المفتوح أمامه .. حتى بعد أن خطفت زوج ابنتها توقعت ان يثار عليها .. لكنه وجدت نظرة حزينة عاتبة وكأنه يخبرها ابنتى لا تفعل ذلك ! 


ارتدت ملابسها على عجاله وهى تحاول ان لا تحتك بوالدتها فى الصباح.


ظلت تتسحب ببطء وهى ترى الأوضاع هادئة بالطبع والدتها لن تستيقظ ما زالت الساعة السابعة صباحا .. 


وما إن وضعت يديها على باب المقبض حتى شهقت وهى تضع يديها على صدغيها بسبب صوت والدتها الجهوري 

- ماشيه بتتسحبى زى الحرامية كده ليه على الصبح ؟ 


توترت من ذلك الوضع المشحون ونظرات والدتها لا تبشر بالخير إطلاقا 


- لا ابدا رايحه اعمل مشوار الصبح بدرى وهرجع البيت على طول


توسطت حسينه بيدها حول خصرها 

- مش متحركة من هنا غير لما افهم ايه اللى هببتيه امبارح ده ؟ انتى عارفه فاضل كام على فرحكم .. علشان تقوليلى سيبتوا بعض إنتى عايزة الناس تاكل وشنا ولا ايه ؟ ومتفتكريش بعملتك المهببه انك تاخدى وصلات الامانه وتديهاله ان انا سكتلك 


عقدت ورد يديها على صدرها وهتفت بلا مبالاة

- والله انا مش هاممنى كلام الناس وياريت تتصلوا بيه علشان ننهى كل حاجه وده قرار نهائى يلا سلام ورايا مشوار 


ثم استدارت وفتحت باب المنزل وخرجت صافعه الباب بقوة لتكز حسينه أسنانها بغيظ

- ماشى يا بنت بطنى 

.....................................


ظلت تصعد الدرجات فى عقار منزل خالتها فى هدوء حتى وصلت إلى طابق معذبها نظرت إلى باب منزله لبرهة .. ثم اشاحت رأسها واكملت صعود الدرجات الى الطابق الذى يليه .. وهى قررت منذ الأمس أن لا تفتح تلك الصفحة مرة أخرى .


ظلت ترن على الجرس مرات متتالية وهى تتعجب من عدم فتح خالتها الباب حتى فتحت سارة ...


هوى قلبها ذعرا وهى تنظر إلى معالم وجهها .. عيونها منتفخة وجهها شاحب للغاية وشعرها مشعث .. دق ناقوس الخطر لتهتف بتوجس 


- عمو إبراهيم حصله حاجه ؟ 


احتضنتها سارة وهى تهتف بنحيب 

- بابا فى المستشفى يا ورد 


عقلها لم يصدق ما تفوهت به .. اتسعت عيناها من الصدمة قالت بلهفة وبدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها 


- طمنينى هو عامل ايه دلوقتى ؟ وليه محدش اتصل بيا وقالى إنه فى المستشفى 


جففت سارة دموعها بكفها وهى تهمس بصوت واهن

- هو فى العناية المركزة دلوقتى .. وليان بتجهز جوا علشان هنروح المستشفى .. كنا من الصدمة مش عارفين نتصرف ولا نعمل ايه ؟ 


ربتت ورد على ظهرها لتجد ليان هى الاخرى تقدمت نحوهم وهتفت بجدية جاهدت فى ظهورها

- يلا بينا 


وبالفعل استقلت الفتيات سيارة ليان منطلقة إلى المشفى وقلوبهم عالقة فى ذلك الشخص القريب والبعيد فى آن واحد .

...............................

لم تشعر بمرور الوقت ... بدأ الليل يسدل ستائره واخيرا زفرت براحة عندما أفاق والداها احتضنته بقوة ثم تسحبت ببطء لتخرج من المشفى بأكملها.


جلست على احد المقاعد خارج المشفى .. وظلت تتابع إلى سير المارة بشرود وما زال عقلها يفكر فى حل تلك الازمة !! 


الاحساس بالعجز يقتلها فى اليوم ألف مرة لترجع برأسها إلى ظهر المقعد وتغلق جفنيها وهى تفكر فى عرض عم حمزة .


أفاقت على رنين هاتفها لترد فى بصوت متحشرج 

- ايوه يا عم حمزة 


لحظة صمت دامت لمدة ثوان قليلة لتهتف بإستسلام

- حاضر جايه 


قامت من مقعدها لتتوجه نحو سيارته القابعة أمام باب المشفى ...


توقفت امام باب السيارة دنت قليلا وهى تتحدث من النافذة .. هتف حمزة بأبتسامة هادئة 


- ازيك يا بنتى عاملة ايه و اخبار الوالد ايه دلوقتى ؟ 

غمغمت فى خفوت 


- بابا الحمدلله فاق 


انشرح اسارير وتابع حمزة بلهفة وهو يشير باصبعيه لكى تصعد 


- معلش يا بنتى بس زين بيه طلب منى انى اخدك لأنه عاوزك فى موضوع مهم 


عقدت حاجبيها فى تعجب وتساؤل لما يريدها 

- متعرفش هو عاوزنى فى ايه ؟ 


رفع كفيه علامه على أنه لا يعلم

- معرفش يا بنتى ، بس هو قال انى اخدك عايزك فى موضوع مهم 


وافقت باستسلام وهى تجلس فى المقعد الخلفي كما يخبرها دوماً على الرغم من رفضها من الجلوس فى المقعد الخلفي وعدم وجود رب عملها .. 


بعثت برسالة لشقيقتها انها ستخرج لنصف ساعة وستعود إليهم . 


.....................................


ترجلت من السيارة أمام بوابة شركته ..

وظلت تسير بهدوء حتى دخلت الى الشركة ولم يعترض رجال الأمن على دخولها !


دلفت إلى الشركة وهى تجد سكون عم المكان وقد غادر الموظفون بأكملهم .. بلعت ريقها فى توتر من القادم وهى تستقل المصعد .


يديها اصبحت ترتعش ما إن توقف المصعد عند الطابق المنشود .. سحبت نفس عميق وزفرته على مهل وهى تهتف بقوة زائفة لن يحدث شىء .. كل شيء سيصير على ما يرام .


طرقت الباب عدة طرقات خافتة .. لتستمتع إلى صوته وهو يأمرها بالدخول 


امسكت بمقبض الباب وفتحته فى هدوء .. ظلت تقدم رجل وتؤخر الأخرى وهى معلقه ببصرها إلى الأسفل هتفت فى هدوء 


- تفضل يا سيدى لقد اخبرنى عم حمزة انه يوجد امر هام تريدنى ان تخبرنى به 


انتظرت رده لعدة ثوانى لترفع ببصرها نحوه لتجده عيناه مثبته عليها .. تحدق بها بقوة جعلت جسدها يسرى به شراره كهربية نظراته المثبته على جسدها تجردها من ملابسها وكأنها تقف عارية أمامه .


عضت شفتيها السفلى بغيظ و بدأت تتصاعد حمرة وجنتيها بغضب 


- ماذا ؟ 


قام من مجلسه وهو يتقدم نحوها فى خطوات هادئة واضعا كفيه فى جيب بنطاله .. أشاحت برأسها جانبا بسبب ذلك القميص اللعين الملتصق بجسده مبرزا عضلات جسده الرياضية وقوة بنيته 


ظلت تخطو للخلف بخطوات بطيئة يصحبها خطواته التى تتقدم نحوها وكأنه فهد على وشك الانقضاض على فريسته .


شعرت بشيء بارد يحتضنها من الخلف .. ولم يكون سوى الحائط وقبل محاوله الفرار وجدت ذراعيه تستندان على جانب وجهها ونظراته ما زالت غامضة 


اغلقت جفنيها وهى تشعر بأنفاسه التى تحرق جلدها ونبضات قلبها تدق بعنفوان تكاد تقسم انه يستمع إلى صوت نبضات قلبها بسبب قربه ووضعهم الفاضح بالنسبة لها 


هتفت بتلعثم وهي تفتح جفنيها وتشيح النظر إلى زرقاوة عيناه التي توترها


- سيدى لا يصح ما تفعله معي .. ماذا إن فتح الباب فى اى لحظة ووجدنا فى ذلك الوضع 


مال بوجهه قليلا إليها وهتف بنبرة ذات مغزى 

- لا تقلقي لن يجرؤ احد على ان يفتح ذلك الباب .. غير أنه لا يوجد أحد غيرنا 


ثم تابع بصوت اجش آمر 

- تزوجينى 


نظرت اليه بصدمة شديدة تحاول استيعاب ما قاله .. يريد أن يتزوجها ؟ لما ؟! تعلم جيداً إنها لا تملك اى مواصفات قياسية ليتزوجها ..جسدها نحيل بعض الشىء و بشرتها خمرية وجهها رقيق بداية من اعينيها البندقية الواسعة ثم انفها الدقيق وشفتيها المكتنزة ..لا يوجد لديها أى عامل من عوامل الجذب للرجال وخصوصا زين الحديدى ..


هتفت بصدمه وما زال عقلها غير الان لا يتقبل تلك الفكرة

- سيدى انك تمزح بالتأكيد 

قاطعها بصوته الرجولي هاتفاً بثبات وهو يبتعد عنها عدة خطوات 

- لا يا عزيزتي إنني لا أمزح 


بللت شفتيها واخذت تعدل حجابها بشرود هامسه

- لماذا انا ؟ لماذا تريدنى ان اصبح زوجتك

ليهتف بجمود واعينه الزرقاء الثابتة على جسدها 

- لانكِ مجرد صفقة رابحة بالنسبة لى


اتسعت عيناها بذهول ..حاولت اخراج لسانها من جوفها للرد على ذلك الوقح أمامها ..ولكنه أبى أن يخضع لها ..صفقه رابحه!! يريد أن يتزوجها لأنها صفقه رابحه .

الفصل الثامن 

وها هى مفاجأه اخر تلقتها منه و ما زالت اطرافها جامدة .. ولسانها الذم انصدم من رده !

اى صفقة رابحة !! إنها لا تمتلك له شىء لكى تعطيها له .. لا مال ولا جمال ايضا 


ما زالت تعبيراته غامضة مبهمة ، واقفاً فى مواجهتها و كفيه فى جيبي بنطاله .. يتفرس معالم وجهها الصادمة و نظرات أعينيها الزائغة !


نظفت حلقها وهى أخيراً استعادت لسانها الذي ظنته لفترة قد فقد النطق 


- كيف ؟ ما زلت لم افهم ،كيف اكون انا صفقة رابحة ؟!!


تغيرت ملامحها الصادمة بملامح أخرى شرسة وهى تبتعد عن الحائط 


- ثم كيف تجرأ على فعلها ؟ .. هل تقضى حياتك بأكملها فى عقد صفقات ، ولا تكتفى ايضا بالعمل بل أيضا فى حياه البشر 

تباً من اين ظهرت لى ؟! 


- كونك زوجتي المستقبلية هذا لن يجعلك على أن تنطقى بألفاظ نابية أمام زوجك 


هتف بها وهو يجلس على أحد الأرائك الموضوعة فى أحد جوانب الغرفة .. 


يبدو أن اليوم سيكون حافل بالمفاجآت اتسعت عيناها ذهولاً وهو يخبرها انها زوجته المستقبلية .. يضعها للمرة التي لا تعلم كم عددها امام الامر الواقع !! 


ويكتفى فقط بإعلانها .. يخبرها انها ستصبح زوجته المستقبلية !!


كيف .. ومتى .. واين .. ولماذا 

كل تلك الاسئلة تتضارب فى عقلها بسرعة مهولة 


- كلا .... أنا أرفض 


ارجع رأسه للخلف غالق جفنيه وهو يتسمع الى رفضها المتوقع وملامحها كقطة برية شرسة ...


هتفت بغضب وهو ما زال على وضعه مستمتعا الى حديثها السريع العنيف 

- واللعنة انني اتحدث معك يا رجل 


فتح جفنيه ناظراً إليها بنظرة ألجمت لسانها عن الحديث مرة أخرى


نظرة قوية .. نارية جعل قلبها ينتفض من الذعر ، غامضة جعلتها تصمت .. هتف بجمود ونظراته انتقلت من وجهها الى جسدها يتفحصه بتمعن وبوقاحه وكأنه يراها للمرة الاولى


تصاعد حمرة وجنتيها واشاحت بوجهها بعيدا عن نظراته الوقحة 

- لا اعتقد انه توجد فتاة على وجه الأرض ترفض الزواج من زين الحديدي ..... إلا إذا كانت غبيه!


الوقح .. المغرور .. البارد ماذا يظن نفسه ؟! ونعتها بالغبية !!

- وانا تلك الغبية التى رفضت ، آسفه ولكن والدى فى المشفى اشكرك على عرضك السخى 


ألقت بنظرة اخيره عليه لتجده ما زال مسترخى بأريحية في جلسته ونظراته لم تشيح ابدا عن جسدها .


نفضت رأسها وهى تتوجه نحو الباب لتغادر ، وما إن همت بوضع يديها على المقبض ليتصلب جسدها وهى تشعر بأنفاس ساخنة تضرب مؤخرة عنقها.


لا تعلم كيف اتى خلفها بتلك السرعة ؟! ولم تسمع ايضا اى صوت لخطوات أقدامه ؟! 


زادت معدل ضربات قلبها .. وبدأ جسدها يرتعش بقوة حاولت ان تتماسك وتضع يديها التي أصبحت رخوة على المقبض مرة أخرى لتغادر من ذلك المكان الذى اصبح يبعث بقلبها رهبة وشعور آخر لا تعلم ما وصفه ؟!


- وماذا عن والدك ؟ 


همس بها ووجه اصبح ملاصق لوجهها ورائحة عطرة الجذابة تتغلغل إلى روحها بنعومة


- ماذا تقصد ؟ 


ابتعد عنها عدة خطوات وهو يطالع وجهها الذى تورد من الخجل واعينها تطالعه بترقب 


- والدك يحتاج إلى عملية جراحية خارج مصر .. استطيع التكفل بالأموال اللازمة لعمليته 


إنه يفاجأها كل يوم .. قالت بتوجس وهى تحاول أن تنزع ما طرأ على عقلها فجأه


- لا افهم لماذا تريد مساعده ابى وانت تعلم اننى لن اقدر على سداد ذلك المبلغ الضخم إلا إذا ..؟؟ 

لتتسع عيناها بصدمة 


- لا تخبرنى ان ذلك مقابل الزواج 


هز برأسه إيجابا لتتابع وهى تحاول ايجاد تلك الحلقة المفقودة 


- ولكن لما ؟ لماذا تريد أن تتزوجني ؟ لم أفهم بعد كيف سأصبح صفقة رابحة لك ؟


بسخرية واستهزاء أعادت جملته التي تفوه بها 


- دعنى اخبرك الموضوع عبارة عن الصحف الصفراء 


- ماذا لم افهم بعد ؟ 


صاح بسخرية 

- ماذا ألم تقرأي عن الشائعات الخاصة بى ؟! ... والأخبار التى تقول اننى على علاقات عابرة مع الكثير النساء واننى دائما كل شهرين تكون معى فتاة جديدة وكأنى اغير طلاء المنزل .. ومع ذلك لا اكتفى بل ايضا اقيم علاقات مع المتزوجات 


شهقت بقوه على آخر جملته ، همست بغير تصديق 

- كلا لم اسمع عن تلك الشائعات 


ابتسم بسخرية 

- لأننى اقوم بقص لسان من يتفوه بتلك الشائعات وإن كانت النصف الاول من الخبر صحيح والآخر خاطئ 


أغلقت جفنيها وهى تحاول ان لا تفتك به ... يخبرها بكل وقاحة انه يقيم علاقات عابرة مع النساء امامها 

- لكننى وللمرة الثانية افرض عرضك السخى .. سيساعدنى عم حمزة على التدبر فى مصاريف علاج ابى 


- أشعر بالأسف ان ابلغك ان السيد حمزة لن يقدر على إعطائك المال لأنني طلبت منه ذلك ، حسنا لم يكن طلب بل أمر .. فلن يوجد احد سواى قادر على مساعدتك وانا اعلم ان اقاربك رفضوا اعطائك المال 


ان كانت كل تلك مفاجأت .. فتلك فى الصدمة الكبرى ! إنه يعلم عنها كل شىء .. فهى لم تخبر احدا سوى والدتها وشقيقتها وندى تلك التي انقطعت عن اخبارها بعد أن بدأت تعمل معه 

ثلاثه فقط يعلمون عن رفض اعمامها لأعطائها المال .. 

وايضا ليلى حلقة الوصل بينهم انها لاتعلم ان والداها مريض ؟ فكيف علم ذلك ؟! 


ليفيقها من شرودها وهو يهتف بجمود

- إذا ما رأيك ؟ هل ستتركين والدك طريح الفراش وانتى قادرة على مساعدته 

..............................

احتضنته بقوه وهى تجده اخيرا أمامها بل يبتسم ويتحدث بمكر 


- مكنتش اعرف انى غالى عندكم كده 


نظره من عيناها الزيتونية اللامعه المعاتبة جعل ابتسامته تتسع 


- متقولش كده يا عم ابراهيم ربنا يديك الصحة وطول العمر يا رب 


ابتسم فى هدوء وهو ينقل بصره إلى الغرفة التي أصبحت خالية وهتف بتعجب

- الله اومال فين يا حبيبتى خطيبك يوسف ؟! 


اسمه جعل قلبها يضخ بعنفوان لتهتف بتلعثم 

- انا وهو سيبنا بعض 


هتف بجدية تلك المرة

- اتصلى بيه وقوليله يجيلى بكره 


هزت رأسها بالايجاب وهي لا تعلم ماذا سوف تخبره ؟! قلبها يخبرها أنه إشتاق إلى ملامحه .. إلى صوته وعقلها يأبى الخضوع لذلك القلب الذى سيسبب لها الكوارث !!


صوت ندى التى اقتحمت الغرفة حاملة بيديها باقة من الزهور انتشلها من شرودها 


- يا مساء الفل على احلى واجمل ابراهيم فى الدنيا 

تقدمت نحوه بخطوات سريعه لتضع باقة الزهور على المنضدة المجاورة للفراش وتهتف بحنيه


- كده تخضنا عليك يا عم ابراهيم .. لولا البت سارة مكنتش عرفت ساعتها ان حضرتك فى المستشفى 

ثم أخذت توزع بنظراتها إلى الغرفة لتجد ورد صامته وملامحها حزينة ... هزت رأسها بلا مبالاه لتلتفت إلى إبراهيم 


- اومال الوزيرة فين ؟ 


رد إبراهيم بتعجب

- وزيره مين يا بنتى ؟!


- ليان يا عم إبراهيم اول ما بدأت تشتغل حسستنى انها بقت وزيرة لما بتصل بيها مش بترد يا بلاقيه مغلق لولا سارة اللى قالتلى انها بتطلع الصبح بدرى وبترجع البيت مش شايفة نفسها مكنتش عديتها بسهولة ... وبعدين انا اصلا مش جاية عشانها انا جاية للعندليب الاسمر بتاعى بس اوعى سيادة اللواء يسمعنا هيخلينى ابات التخشيبة 


ابتسم إبراهيم بإتساع 

- كلى بعقلى حلاوة يا بنت ايمن .. ليان كانت هنا من شويه مش عارف راحت فين ان...


قاطعت ورد حديث إبراهيم وهى تقوم من مجلسها 

- طب انا هستأذن واسيبكم براحتكم


غادرت الغرفة فى هدوء هتف إبراهيم بعتاب وهى يعلق ببصره إلى ندى 


- ايه يا ندى ينفع كده ؟ 


تطلعت إليه ببراءة شديدة و هتفت باستنكار 

- انا يا عم إبراهيم !! عملت ايه ؟ 


- يعنى انتى مش عارفة عملتى ايه ! من اول ما دخلتى لا سلمتى على ورد ولا حتى قولتيلها مساء الخير 


هتفت بلا مبالاه وهي تسحب مقعد فى احد اركان الغرفة لتضعه بجوار فراشه وتجلس عليه 


- انا معملتش حاجه وبعدين حضرتك عارف من وقت ما لفت على خطيب ليان وانا حاسة انها السبب فى فركشه موضوع جوازهم 


صوت طرقات على الباب منع إبراهيم من الرد على ندى ليدلف ايمن وتقوم ندى من مقعدها هاتفه بمرح 

- طب اسيبكم انا وادور على الوزيرة 

................................

خرجت من المشفى بخطوات شبه سريعة ، أخذت تجول ببصرها إلى سيارة أجرة لتستقلها للعودة إلى المنزل 


توقفت عيناها عن البحث عندما وجدت شخص لم تتوقعه وجوده .. لتجد قدماها هى التي تتحرك قبل أن يستوعب عقلها 


لماذا هو هنا ؟ ولماذا لم يصعد ليقابله ؟ ولما هو فى ركن بعيد وكأنه يراقب أحدهم 

- سيادة المقدم 


هتفت بها بصوتها الرقيق .. جعله يفيق من شروده ليتطلع إلى ملامحها الشاحبة وهتف بخشونة يغلف صوته بعض الارتباك 


- ورد ! عاملة ايه ، اه صح انا نسيت اباركلك بمناسبة كتب كتابك اعذرينى


لا تعلم متى بدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها قالت بصوت جاهدت أن يبدو بنبرة هادئة


- لا ما احنا سيبنا بعد 

ظهر الصدمة على قسمات وجهه مسحت دموعها بكف يديها ورسمت ابتسامه مرحه 


- وانا الحمدلله بس انت ليه قاعد بعيد مروحتش تشوف عم إبراهيم ليه ؟ صدقنى انا عارفه المشاكل بين عم ابراهيم ووالدك بس عمو إبراهيم طيب جدا و مش شايل منك صدقنى يا شهاب روحله هو محتاج يحس ان الناس اللى بتحبه تكون حواليه 


مرر أنامله على خصلات شعره الكثيفة وهتف بتردد

- بس انا يعن...


لتهز رأسها نافية 

- متترددش روحله


ثم نظرت إلى ساعة التى تزين رسغها .. همست بأسف

- الوقت اتأخر ، اسفه يا شهاب بس انا هضطر امشى وزى ما قولتلك متترددش 


هز رأسه بتفهم وهتف بجدية 

- تمام انا كده كده هزوره بكره ، اتفضلى اركبى انتى كده اصلا فى سكتى 


همت بالاعتراض ليقاطعها بحزم ، هزت راسها باستسلام وهي تستقل سيارته و تجلس على المقعد المجاور له ...


همت بالحديث معه لكنها بترت عبارتها وهى تجد عيناه مصوبة في جهة معينة قبل ان تتحرك السيارة .. عيناه أصبحت لامعة ، تعلم تلك النظرة جيداً 

نظرة عاشق إلى حد النخاع ، ولكن لمن ؟ ومن تلك الفتاه ؟! 

هل تلك الفتاه علاقه لجعله يصبح كالمراهق ويذهب ورائها كما رأته منذ قليل ؟! 


علقت ببصرها فى اتجاه مرمى عيناه الهائمتين .. ملامح غير واضحة .. ثانية ، ثانيتان حتى اتسعت صدمة كتمت شهقتها بأعجوبة 

كيف ومتى واين ولما هى ؟ يعلم جيدا انها لا تحب رؤية وجهه .. كيف وقع فى حبها ؟ 


زفرت بحرارة .. يوجد بهم صفة مشتركة الان .. إنهم عاشقون ولكن عشق من طرف واحد 


ابتسمت بسخرية ... ندى يعشق ندى كيف ذلك ؟! 

يبدو أن طريق ما زال طويلا يا صديقى للوصول إلى حصن قلبها واتمنى ان لا تصبح مثلي فيكفى خسارتي .. يجب عليك أن تتحرك قبل فوات الاوان ! .

..............................

كل هذا جنون .. كل ما تعيشه فى الوقت الحالى اصبح جنون 


لا تعلم لم عقلها أصبح يستوعب ببطء كل ما يحدث لها فى تلك الفترة القصيرة المليئة بالأحداث عبارة عن جنون بالتأكيد جنون لا يوجد تعبير آخر تستطيع ان توصف به ما تعيشه فى الآن !!


تنهيدة حارة خرجت منها وهى تنظر إلى النافذة بشرود ، تتجنب نظره حمزة الفضولية و النادمة ..


اطلق حمزة صوت غاضب وهو يضرب بكفه على عجلة المقود بشراسة "غبى " ، ولا تعلم هل قالها حقا ام عقلها بدأ يصور أشياء لم تحدث فى الواقع ؟! 


أغلقت جفنيها بأرهاق ولا تعلم لما أصبحت تشعر بعبق رائحته الجذابة تغزو كيانها وتحطمه معلنة راية الاستسلام ! 


...................................

لا يعلم ماذا فعل لتلك الفتاة المسكينة ليلة أمس ؟! ، ظل ينهر نفسه بسبب إذعان لطلب الآخر 


وجهها أصبح شاحبا كالموتى عندما أتت إليه ونظرات اعينيها زائغة ... تجنبت الحديث معه و عيناها مثبته على النافذة.


توجه بخطوات شبه راكضة إلى غرفته ... غرفة المكتب عادة كل صباح .. يجب أن يعلم ماذا حدث ليلة أمس .


فتح الباب بعنف ليجده جالس بأريحية على مقعده يرتشف قهوته بتلذذ و يتفحص الحاسوب بتمعن .... رفع الآخر ببصره لتتقابل عيناه البراقة بأخرى دبت فى قلبه الذعر !!


يعلم جيدا تلك النظرات .. اللعنة !! لفظ بها فى بصوت خفيض 


- ماذا فعلت بالفتاه يا زين ؟ 

تمتم ببساطه وهو يضع القدح على طاولة مكتبه 

- لم افعل شيئا 


جلس على المقعد وهو يحاول جاهدا ان تبدو نبرته هادئة 

- هل عرضت عليها الزواج كما أخبرتنى ؟

رد ببساطة 

- نعم 

بادر بسؤال فضولي اعترى على معالم وجهه ونظرات اعينه الثاقبة والفضولية تركزان على بؤبؤ عينيه

-أخبرنى ماذا قالت ؟ هل وافقت أم رفضت 


هز رأسه بالإيجاب واضعا القدح على طاولة المكتب 

- لا توجد فتاه من ترفض عرضى 


كانت نبرته يشوبها بعض الثقة والغرور فى آن واحد ، ضيق حمزة عينيه متسائلا

- ارى انك ما زالت مغرورا كعادتك يا بنى 


- لا يعتبر غرورا بل ثقة 


لم يشعر حمزة سوى أن عبوسه زال وبدأت ملامحه ترتخي بعض الشىء


- إذاً اريدك ان تخبرنى كونك ترفض الزواج طوال الخمس الأعوام السابقة ما الذى جعلك تغير تلك المبادئ ؟ إلحاح جدتك يبدو أنه أفاد بعض الشىء لتلين تلك الرأس اليابسة


يعلم حمزة جيداً رغم عدم حديثه المباشر ، إنه يريد أن يطمئن على الفتاه ليهتف بمكر شديد

- اعلم أنك ما زلت متخوفاً وقلق عليها ، لا تقلق لن آلتهم الفتاة على الرغم إنني متشوق لفعلها


شهق الآخر بصدمة من وقاحته ؟! هل يظهر وقاحته مع تلك الفتاه ايضا ؟! هتف بعتاب أبوى 

- تأدب يا ولد


اتسعت إبتسامه زين وما زالت عيناه تلمعان ببريق غريب وكأن الصياد قد ظفر أخيرا فريسته 

- لا تقلق يا حمزة الفتاة ستصبح زوجتي 


اكتفى الآخر برسم ابتسامه باهته .. لا ينكر أنه يشعر بالقلق .. كلا بالخوف .. كونها أول فتاة شرقية تقابله يخشى أن يكون تمسكه بها افتتان والافتتان سيزول بمرور الوقت ، ووقتها سيتركها محطمة ستصبح بقايا أنثى ..


عندما أخبره ليلة أمس أنه يريد الزواج بها ، لقد كانت بمثابة الصدمة تعترى على ملامح وجهه ...حاول جاهداً ان يعلم اى شىء آخر منه إلا إنه امتنع عن الحديث ، وجعله يذهب لجلبها 


ها هى محاولة آخرى قد فشلت ولكن لن يستسلم بسهولة وخصوصاً هى يجب عليها ان تظل صامدة فهى امامها جولات كثيرة لذلك المتكتم امامه .. قلق بشدة إن كان ما فعله يجعله يندم ولكن لا بكاء على اللبن المسكوب !! 

.....................................

تفاجىء فى الصباح برنين هاتفه ويجد ورد تخبره ان عم إبراهيم فى المشفى ويريد رؤيته .. مكالمة استغرقت لخمس ثوان فقط وأغلقت هاتفها على الفور ...

سفر والدته إلى أحد أقاربها جعله لا يعلم ما يحدث لجيرانه الذين يقطنون فى نفس العقار !!


إنتفض من مجلسه وبداخله تساؤلات كثيرة ..

ابتسم بسخرية لما هو متعجل لتلك الإجابات ؟ 


بعد اعترافها بالخطأ وهى تنزع الخاتم وتخبره أن ينهى كل شىء بينهم ، لم يخرج من منزله منذ ذلك اليوم وكأنه قرر ان ينعزل بعيداً عن اعين الجميع ، لماذا حتى الان لم يتركها ؟! .. لم يعطيها حريتها !! .. ايريد الانتقام منها بعد ما فعلته ؟! 


ما زال يتذكر صوتها .. صوتها المؤلم الخفيض يؤرق مضجعه يجعله يتأفف بين الثانية والاخرى .. اى لعنه وضعتيها يا ورد مرة أخرى تجعلنى لا أفكر إلا بكِ ؟

لا أستطيع يا ورد لا أستطيع أن أسامحك يوجد شىء فى عقلى ينهرني بقوة على الوقوع فى الخطأ مرة أخرى ، يكفى حقاً لقد سئمت. 

..................................

الجميع مجتمع ملتف حوله سعادته اصبحت كاملة وإن كان يوجد فردان غائبان ولكن بوجود شهاب فالشق المفقود أختفى ،،


لم يغب عيناه عن تلك النظرات العاشقة المرتسمة على ملامح شهاب ، هو الآخر يحب بل يعشق إلى حد الجنون والاخرى غبية لا تعلم ان تلك النظرات المتيمة لها فقط.


جال ببصره إلى الورد ونظرات عينيها المكسورتين الذليلتين وهى تشيح ببصرها عن مرمى عيناه تجلس بجوار شهاب مبتعدين عن الآخرين وكأنهما منبوذين .. عيناها قد فقد بريقه وإنطفىء شعلته ليس الحب الذي جعلها تنكسر يوجد شىء آخر وهي تتهرب من إجابته فى كل مرة .


إبتسم فى عذوبة وهو يرى المشاكسات من طفلته الصغيرة سارة مع شقيقتها وندى ونظرات سعاد المطمئنة والحنونة جعل ابتسامته تزاد اتساعاً ...


انتفضت ورد من مجلسها عندما رأته .. لقد جاء لم يخيب ظنها !


نهرت عقلها وبقوه وهى تزجر نفسها غبية لم يأتى إليك بل جاء إلى والد محبوبته .. استأذنت على الفور بكلمات خافتة بالكاد تسمع لتخرج بخطوات شبه راكضة خارج الغرفة بل المشفى بأكملها وهى تهتف لا تريد رؤيته مرة أخرى جرحها لم يلتئم بعد .. 

نظره من إبراهيم جعل شهاب الآخر يذهب خلفها وسط نظرات الجميع المتعجبة ويوسف المقطب الوجه ...


ابتسم بسخرية يبدو شهاب الآخر لا يفوت فرصته فى إقتناص كل فتاه يرتبط بها حتى وإن كانت تلك الفتاه لا يريدها !! 


سحب احدى المقاعد ليجلس عليه بالقرب من الفراش وبدأت سارة مرة اخرى بمرحها المعهود تعيد الأجواء التي تكهرب منذ قليل إلى آخري صافية.


عده دقائق ليست بالقليلة مرت ليجدها عادت مرة اخرى بصحبته بملامحها الشاحبة وأعينها ذابلة ورغم ذلك رسمت إبتسامه مغصوبة وكأنها تخبرهم انها بخير ..

مستندة على كتف شهاب ويحيط خصرها بذراعه عبارة عن دعامة تجعلها تظل ثابته رغم قدميها الهلاميتين لتجلس على مقعدها مرة أخرى وهو بجوارها يهتف بهمس بعبارات هادئة والاخرى تستمع له وتهز رأسها بإيجاب واكتفت بعبارات مقتضبة ..


ذلك المشهد لم يغب عنه بالطبع وهو يتفرس فى ملامح يوسف الذى يراه منذ ان دلفت معه اتسعت عيناه صدمه لم تلبث عده ثوانى لكنه لم يجفل عنها لتتحول قسمات وجهه إلى أخرى لا مبالية ساخرة !!

........................................

ابتسمت بارتباك وبدأ تتصاعد وجنتيها من الخجل والحرج ومن كل ما يفعله معها اصطحبها إلى مطعم قريب من المشفى وسط تناول الطعام قررت شق ذلك الصمت وهى تبتسم 

- مقولتليش امتى بقى حبيتها ؟ 


وجدت معالم وجهه المعترضة لتهتف بأبتسامة واسعة


- على فكره انت مكشوف جدا ده الكل لاحظ حتى هي بس مع ذلك حساها طنشت ومبتعبرش 


حمحم بجدية وهو يتناول كوب من الماء وقد شعر بأن حلقه قد جف 


- للدرجه ديه ؟ 

وما كان الرد سوى ابتسامه تتسع تدرجيا رغم ذبول وجهها


- جداً 


- اومال هي ليه بتصدنى كل ما بحاول اقرب منها ؟ ، الكلام ده انا هقوله لاول مره لحد لانى بجد تعبت وعايز اخرج اللى جوايا 


هزت رأسها وهى تتابع بأعين منتبه متيقظة فضولية ، زفر بحرارة وهو يستعيد بذاكرته إلى أول يوم رآها مع ليان كانت بملامح انثى شرسة شامخة .. وجد قلبه يدق بعنفوان بمجرد رؤيتها .. ظل يتخذ إيصال ليان لمنزلها وسيلة لرؤيه تلك التى خطفت عقله وقلبه منذ أن رآها ..


زيارات متكررة وحجج مبتذلة وهو اصبح كمراهق عاشق رغم تخطيه الخامس والثلاثون و هيبته فى عمله ،، 

ولم يحظى سوى بالرفض او بالنفور منها ومن ليان التى بدأت تشعر هى الاخرى بالاختناق من كثرة وجوده 


- مش هقولك غير نصيحة واحدة بس إلحقها قبل ما تخسرها ، حاصرها هاجمها لازم تسمعك متلفش حولين ليان يمكن هى فاكره انك معجب بليان .. إلحقها يا شهاب بجد انت انسان تستاهل كل خير


عباراتها كانت صادقه ليهمس بامتنان 


- بجد مش عارف اقلك ايه يا ورد 


- يا سيدى انا مقلتش حاجه كل اللى قلته انك بس تروح وتواجها حطها قدام الامر الواقع علشان تكلمها معندكش حل تانى علشان تقف وتسمعك 


ظلت تتحدث وتتحدث وهى غافلة عن ذلك الذى يراقبها على بعد مسافة ليست بالبعيدة وهو يهتف بسخرية 

- لا واضح مش بتضيع اى فرصه تجيلها

.............................


هدأت أجواء الغرفة ، اخذت نفس عميق وزفرته على مهل وهي تستعد لتخبر عائلتها بالذي يريد أن يتزوجها ..


بالله كيف ستخبر عائلتها أن رجل غربياً رغم أصوله العربية يريد أن يتزوجها والسبب مجرد شائعات غبية ؟ لما هى بالتحديد ؟ 


يستطيع أن يتزوج بفتاة أخرى ؟ سؤال لن تجد إجابته مطلقا إلا ان قرر يخبرها فعلا إجابتها ؟ رغم ضيقها وهي تشعر انها اداة لحل بعض مشكلاته

ومع ذلك لم تجد حل آخر سوى ذلك ستتزوجه لمساعده ابيها ..


حمحمت بصوت عال جاذبة انتباههم لتهتف بصوت جاد

- بابا انا جالى عريس 


وما كان سوى انتفاضة سارة وهى تهتف بتوجس تاركه سعاد و ابراهيم يستوعبا ما قالته 


- مين ؟ 


-زين ... زين الحديدى 


اتسعت اعين الجميع بصدمة و سارة التى ما زالت لا تصدق ما تفوهت به أختها ؟ كيف حدث ذلك ؟ هل تهذي أختها ؟! ام تمزح معهم ؟! 


إلا أن نظراتها الجادة لا تشى بذلك إنتقلت بعيناها إلى والدها وهو الآخر ينظر إلى شقيقتها بغموض وتعبيرات وجهه هادئة ، لقد فاتها شىء بالتأكيد قد فاتها ولن تتزحزح حتى تعلم ما الذى حدث فى غيابها 


انتشلها أبيها من أفكارها التى تتلاطم ليهتف إبراهيم بهدوء 

- وانا مش موافق 

رمشت بعينها عدة مرات وهى لا تصدق .. والدها رفض دون أن يراه ؟ هكذا وانتهى الأمر ؟!


الفصل التاسع 

- وانا مش موافق 

رمشت بعيناها عدة مرات وهى لا تصدق .. والدها رفض دون أن يراه ؟ هذا هو وانتهى الأمر ؟! 


نظر إلى ملامحها المصدومة وفمها الذى انفرج قليلا ليهتف بأبتسامة


- انا مش موافق حالياً ، لما نرجع البيت يبقى لينا قاعدة 


قاطعته حاسمة وقد ردت الروح إليها 

- لا يا بابا هو عارف 


غمزت سارة بمرح مائل للخبث 

- يا بيبو العريس مستعجل ومستعجل جداً وخير البر عاجله 


كزت ليان على اسنانها ضاغطة على كل حرف 

- بنت انتى خليكى فى حالك 


عبست سارة ملامحها 

- تصدقى انا غلطانة ، ارفض يا حج احنا معندناش بنات للجواز 


ضحك إبراهيم وهو يراقب مشاكساتهم 

- خلاص يا سارة سيبى البنت شوية 


صمتت سارة وهى تتطالع ليان بخبث ، هتف إبراهيم بهدوء وهو يوجه ببصره إلى زوجته التي لم تنبس ببنت شفه

- إنت إيه رأيك يا سعاد 


ردت سعاد وهى تمط شفتيها

-رأيى من رأيك يا حج 


تمتم إبراهيم


- طيب يا بنتى على بركة الله ... خليه يجيب حد كبير معاه علشان نتفاهم ونعرف الدنيا ماشية ازاى ووقتها انا هقرر نوافق يا نرفض 


بلعت ريقها بتوتر وهى تستمع إلى نبرة والداها الحازمة .. لن يكون هيناً معه إذا !! 

..............................................

عاد إلى منزله وهو عازم على ان يصرح بحبه لها .. لكن يجب ان يجعلها تستمع له ..ابتسامة عاشقة ارتسمت على ثغره وهو يدندن فى خفوت ليتوجه إلى غرفته ..


خلع حذاءه والقميص ليلقيه على الارض باهمال واستلقى على الفراش وهو يشرد إلى الماضى ...


لم يكن لديه أخ او أخت كان وحيداً ... مشكلته انه خجول نوعا ما ... سبب له ذلك الأمر الكثير من المشاكل عندما كان صغيراً ... توفت والدته عندما كان فى السابعة من العمر .. والدته كانت بمثابة أم وأب وصديقته على الرغم من وجود والداه إلا إن لم يهتم به ولو للحظة كان والده كل همه جني الأموال ...


كان دائما يردد إلى أمه لماذا جميع الأطفال فى المدرسة لديهم أشقاء وهو بمفرده ليس له اخ او اخت .. لتخبره أنه لديه بالطبع .. بنات عمك هم شقيقاتك فى الدنيا فأحرص على ان تعتنى بهم ...


كانت بمثابة وصية وبالفعل اعتبرهم مثل شقيقاته حتي وصل إلي الخامسة عشر من العمر وكان مكتفي بعلاقته مع عدد معين من الأشخاص لا يخرجون من نطاق عائلته .. 


ليان التي كانت المتذمرة من وجوده يوميا فى منزلهم وتخبره بأن يصاحب من في عمره ... والشقية سارة التي كانت تخبره بأن يأتي لها بالحلوى حينما يأتي و جميله العائلة ورد التى كانت تكون شبه مقيمة في منزل عمه حتى فى المرحلة الثانوية . 


وبالفعل حينما التحق المدرسه الثانوية قلل من مجيئه إلى منزل عمه و تغلب على تلك العقدة وبدأ يكون العديد من الصداقات مع من يجدهم متشابهين معه فى أفكاره ... حتي التحق بكلية الشرطة واجتهد حتى أصبح إسمه الآن يلمع فى السماء " المقدم شهاب عز الدين " .. حينما علم بمرض عمه طلب من والده أن يساعد أخيه لكن والده رفض والسبب لا يعلمه حتى الآن وعندما طلب من عمه الآخر الذى يقيم فى الخليج رفض هو الاخر !! 


ظل واقفاً حائراً لا يعلم ماذا يجب أن يفعله ؟ وقف مكتوف الايدى .. ليس معك المال الكافى يا شهاب لتساعد عمك ! والسبب والده الذى قام بتجميد ماله فى البنك ليعيش فقط على راتب وظيفته ... ترك منزل والده وهو يشعر فى المنزل بالاختناق يكسو صدره ليقرر الانتقال إلى منزل صغير مقارنة بمنزل والده وهو راضى 


ردد فى داخله سؤالاً ما هو السبب الذى جعل الأشقاء يتخاصموا !! مهما بلغت الاسباب فلا يمكن ان تكون الأشقاء بتلك القسوة ...


زفر بحرارة وهو يعود مرة آخرى إلى الحاضر 


ها هو قد أصبح ذو وظيفة مرموقة تجعل جميع العائلات تتهافت عليه فهو بمثابة عريس لقطة ! ولكن هو يريدها هى .. يريد أن ينال قربها .. أن ينال موافقتها هي .. يريد تلك الانثى التى تجعله يحلم كل يوم وهى زوجته .. يريد ان يشعر بانتظام تنفسها على أوتار قلبه ... يريد نــــدي !

.................................

وجدت حمزة فى الصباح التالى يتوجه إلى غرفته واستمرت عدة ساعات وهما بمفردهم وهى واقفه امام باب الغرفة متوترة .. حائرة !!


ماذا يفعلون فى الداخل كل ذلك الوقت ؟ حبات من العرق تجمعت عند جبهتها وهى تبتلع ريقها بتوتر وتفرك يديها بنفاذ صبر .


شعرت بملمس يد شقيقتها سارة تربت على ظهرها وهى تهتف بمكر 


- إهدى يا حبيبتى انتى مش هتتجوزى دلوقتى علشان تتوترى كده اومال هتعملى ايه فى المرحلة اللى بعدها 


لكزتها بمرفقها بخفة وهي تصيح بحده زائفة 

- بنت انتى متقربيش منى انا على اعصابى من الصبح وممكن افقدها فى أى لحظة واتهور 


ضحكت سارة بشقاوة لتلتف إلى والدتها سعاد التى لم تنبس ببنت شفة منذ أن آتى حمزة 


نظرات والدتها رافضة .. ممتعضة .. ستتحدث معها 

ولكن يجب أولا أن تطمئن ماذا سيحدث ؟ .. هل سيوافق ابيها ام يرفض ؟


قلبها يضطرب بعنفوان من القادم ! تخشى من القادم بشدة .


خفتت ضربات قلبها عندما وجدت حمزة خرج أخيراً وعلى وجه إبتسامة ناعمة تراها فى وجه البشوش

لتكون سارة هى اول من نطقت بلهفة 


- طمنا يا عم حمزة بابا قال ايه ؟

إتسعت إبتسامته هو الاخرى وهو ينظر إلى ليان بجدية 

- ألف مبروك يا عروسة 


ماذا هل والدها وافق ؟ كلا إنها تحلم 


سارعت سارة باحتضان شقيقتها التى لم تبدي رأى فعل هى الاخرى وظلت تنهال عليها بالمباركات ... وكأن شقيقتها بعد ان علمت ذلك الأجنبي حتى انقشع العبوس وحلت محلها إبتسامة عريضة .... نظرت إلى والدتها التى أشاحت بوجهها إلى الجهة الاخرى لتغلق جفنيها بأسى فهناك طرفا لم يوافق بعد !!

.......................................

اغلقت الهاتف بعنف بعد تلك المكالمة التى اشعلت جنونها .. احتضنها آدم برقة رغم انفعالات جسدها 

- إهدأى حبيبتى ما الأمر 

إبتعدت عن ذراعيه بضيق وقالت

- زياد 

اغمض آدم جفنيه وهو يلعن ذلك الزياد الذى سبب فى كدر صفو شهر العسل الخاص بهم 


- وماذا فعل تلك المرة سيد زياد 

- سيتزوج 


اتسعت عيناه دهشة وهو يهتف بسخرية 

- حقا !!هل قرر اخيراً أن يتزوج ومن تلك تعيسة الحظ ؟


أخذت تدور حول نفسها وهي تسب وتلعن 

- الذى كنت خائفة منه حدث .. تباً لغبائى تباً ما كان على ابداً أن افعل ذلك 


ظل الآخر ينظر لتلك التى تتحدث بمفردها ليرتفع حاجبه الأيسر بتعجب ... لقد جنت الفتاة .. ولم يهنأ بذلك العسل .. تباً لك يا زياد 


- ليلى 


صوته كان جهوريا جعلها تتوقف عما تفعله وهى تنظر إليه بريبة وملامحه الغاضبة تتجلى فى صفحات وجه 


- ماذا ؟ لماذا تنظر إلي هكذا ؟ 

رد في غموض

- هل تظنين أن ذلك الزياد سيجعلنى أستسلم مما اريده ؟


نظرت إلى عيناه التى أظلمت وحل وجه تعبير مبهم .. اللعنة بماذا يفكر الآن !! إنها فى كارثة وهو غير عابىء 


- آدم ليس هذا وقت لذلك الحديث 


وفى ثانية فصل المسافة الفاصلة بينهما ليحملها بخفة متوجهاً نحو غرفتهما وهو يهتف مقاطعا ادنى إعتراض 


- إنه وقت ذلك الحديث .. وعندما نعود إلى لندن سألكم وجه ذلك الرجل 


عباراتها المعترضة خفت قليلا وسط عناقه الملتهب ... جعل شفتيها تصمت بطريقتة الخاصة ... الخاصة جداً 


وما عليها سوى أن تنساق وراء تلك المشاعر الجامحة لترتفع بيديها تحيط عنقه وتغرق معه فى دوامة العشق .. متناسية أو تناست ما حدث منذ قليل !!

.......................................

تم الزواج بسرعة البرق وأصبحت رسمياً زوجته ، زوجة زين الحديدى .. منذ عده أشهر كانت تريد أن تعقد لقاء صحفى معه لتصبح بين ليلة وضحاها زوجته .. قشعيرة دبت فى جميع أنحاء جسدها عندما تلاقت عيونهم ... ليقترب منها فى هدوء غير عابىء بجميع من فى الغرفة ...


دنا منها بخفة وطبع قبلة على وجنتيها ... قبلته عميقة ذبذبتها ... تشعر بالفراشات التى تتراقص فى معدتها وجفنيها الذى انغلق منذ ان دنا منها وأنفها الذي التقط رائحة عطره التى حفظتها عن ظهر قلب .... وقلبها الذى يدق دقا مخيفاً سمعته يهمس 

- مبارك لك زوجتى 


فتحت جفنيها لتقابل عينيه البراقتين ... نظراته مثبته على شفتيها .. شهقة خافتة خرجت منها .. الوقح ما الذي يفكر به الآن ؟ هل يرد أن يُقبلها وسط أعين الجميع .. كلا لن يحدث أبداً


اكتفت بإيماءة بسيطة لتسرع على الفور هاربة منه وسط نظراته الماكرة وهو يطالعها تبتعد عنهم بخطواتها المقاربة للركض 


- إذاً متى ستسافران ؟ 

صوت حمزة الهادىء جعله يشيح ببصره عنها ويهتف بجدية


- الليلة سنسافر .. والطاقم الطبي مستعدون ايضاً لا يوجد داعي للأستمرار هنا بدون فائدة 


هز رأسه وهو لا يصدق حتى الان انه تزوج !! 

- هل سافرت عائلتك ؟ 


رد ببساطه

- صباح اليوم غادروا 


ثم تابع متسائلاً

- هل أخبرت جدتك ؟


قال بصوت شبيه بالمكر

- نعم ... رغم أن جدتى تعلم منذ بادىء الامر يا حمزة 


غمغم حمزة ببرود 

- بالطبع يجب ان تعلم ماذا يفعل حفيدها بمفرده !


هز رأسه هو الآخر وتوقف عن الحديث ...

ليراها تقبل تهاني ذلك الزواج بابتسامة مغصوبة وعيناها تخونها لتسترق النظر إليه بين الحين و الأخرى وهو يتحدث بصوت خفيض مع حمزة .


فزعت من صوت ندى وهى تهتف بخبث

- حاسب على عينك يا جميل ، ده انتوا لسه متجوزين متقوليش انه وحشك تعرفى وانا داخلة الشهر العقارى ولقيت أسود بره الباب قاعدين حسيت انى داخلة بقابل وزير الداخلية 


لا تعلم لماذا يحتمي بكل تلك الاعداد الغفيرة من الرجال الشبيهة بالأسود كما قالت ندى ! ابتسمت بسخرية وهي تتذكر عندما كانت تسير نحو الغرفة مستمعة إلى همهمات الجميع عن ذلك الرجل الثرى ؟ كان يبدو وكأنه رئيساً يتفقد أحوال رعيته ... جعل جميع من يعملون فى الشهر العقارى فضوليين عن ذلك الشخص ؟! وذلك الحدث من المؤكد سيبقى حدث لعده أيام قادمة ...


انتشلتها سارة من شرودها 

- ليان عملتها واتجوزت واحد أجنبى علشان تحسن السلالة اللى جاية عقبالى يا ر..


تأوهت بوجع عندما لكزتها ليان بقوه على معدتها ، لتمتعض ملامحها 


- إيدك بقت تقيلة يا ليان .. فى حد لسه متجوز يضرب الخلق كده ؟ 


ضحكت ندى بصوت رنان جعل قلب شهاب يطرب فرحاً ... بعد تمام الزواج ليأخذ بأغراضه ويرحل فى صمت عازم على أمر واحد .. سيجعلها تتزوجه 

..........................


إنتهى كل شيء .. طلقها يوسف وغادر إلي مكان لا تعلمه .. باع المنزل وترك وظيفته .. ولا أحد يعلم وجهته 


مازالت تتذكر بعد أن سافر إبراهيم وذلك الزواج المفاجئ الذى حدث فى غمضة عين 

ليطلقها في اليوم التالى بعد رحيل ليان وعائلتها إلى لندن ... من المؤكد سمع الخبر ولم يستطيع أن يتحمل كونها تزوجت رجل آخر غيره .. إبتسمت بمراره وهي تتطلع إلى المرآة وتتحدث 

انتى ايضاً سترحلين يا ورد ... سترحلين للأبد .. لن تصبح ذكرى لأحدهم .. 

ولكن قبل أن ترحل يجب أن تجمع بين شهاب وندى .. لا تريد قصتهم أن تصبح مثلها .. ان تنتهي بمأساة حتي وإن كان حبها مجرد من طرف واحد 


هي شبه متأكده من أن ندى لا تكره شهاب .. يوجد سبب مبهم تمتنع منه !!


هي خائفة .. تخشى الوقوع فى الحب !

لأن الحب ما إن أصابك بسهامه فإنه سيأخذ المقابل منك .. ويجب عليك أن تدفع ذلك المقابل 


سحبت نفسا عميقاً لتزفره على مهل ... وأعينها تلمعان ببريق التحدي والاصرار .. ستنفذ تلك المهمة الشبة مستحيلة و لن تتراجع أو تستسلم حتى تصل إلى خط النهاية .


......................

بدأ شهاب يطاردها كالشبح فى كل يوم وكل مكان ..


يبعث برسائل نصية على هاتفها وكانت عبارة عن تحكمات فقط .. لا ترتديه هذا ... ضيق .. قصير ... لا تضعي أحمر شفاه ..

اللعنة عليه !! ..منذ متى يتدخل أحد في شؤونها ومنذ متى هو يتدخل فى شئونها بل يتحكم بها .. حسناً الإجابة هي بعد سفر ليان !! 


ولكن كلا يكفى ستضع حداً لذلك الأمر .. ماذا يظن نفسه .. والدها... أخيها ... زوجها !! 


تنهدت بضيق وهي تغلق باب منزلها بعنف .. لتصيح بصوت مرتفع


- سميـــرة !!

لتترك تلك السميرة ما فى يديها وتتوجه نحو سيدتها وتهتف 


- ايوه يا ست ندي 

رمت حقيبتها بلا مبالاة وجلست على الاريكة بأريحية


- بابا جيه ؟ 


- ايوه فى اوضته 

- طيب اعمليلي كوبايه شاي ساده لغايه لما اجيلك علي المطبخ


اومأت سميرة بإذعان وعادت مرة أخرى إلى المطبخ .. لتكمل تقطيع الخضروات وايضا لكي تستكمل دروس في فنون الطبخ !


توجهت نحو غرفة والدها ... طرقت عدة طرقات خفيفه لتستمع إلى صوت والداها يأذن لها بالدخول 

- يا سياده اللواء مساء الخير 


قالتها بمشاكسه وإنتقلت عيناها إلي حقيبه السفر عبست ملامحها 


- إيه يا بابا حضرتك هتسافر فين ؟ 


أجاب فى غموض 


- رايح على البلد في حاجات عايز اصلحها 

رمشت بعيناها عدة مرات وهي تحاول فك شفرات كلماته الغامضة


- حضرتك هتسافر البلد ! وحاجات تصلحها ؟ هو في ايه يا بابا ؟


اغلق ايمن سحاب الحقيبة متوجها نحوها طابع قبلته على وجنتيها 


- هفهمك كل حاجه يا حبيبتى لما آجي .. هنزل انا علشان الحق القطر 


سحب حقيبته معه وغادر الغرفة .. لتعقد حاجبيها وهي تحلل حديثه 


عائلة لوالدها .. قرية .. إصلاح مشكلة قديمة .. يبدو أنه حدث كارثة ... كارثة كبيرة منذ زمن بعيد !! 

............................

أسبوعان مرا بعد نجاح عملية والداها و عاد والدها كما كان فى سابق عهده ... تنهدت بارتياح لقد انزاح عبئاً ثقيلاً ... 


ولكن أين هو ؟ لم تراه حينما خطت بقدميها إلي تلك البلد الأجنبية ... لا تعلم شيئا عن تلك البلد الغريبة ؟ أسيتركها عندما ترحل عائلتها وتكون بين أربعة جدران !! 


حمزة الذي جالس معها منذ الصباح الباكر إلى المساء طوال ذلك الأسبوع .. وهو لم يكلف نفسه حتى بالمجىء ولو لنصف ساعة فقط ..

لا تعلم عنه أى شىء .. حياته .. صفاته .. ما الذى يحبه وما الذي يكرهه !! 


صوت والدها جعلها تخرج من شرودها 

- مالك يا بنتى فى ايه ؟ قاعده طول الوقت سرحانه !! 


تهكمت والدتها سعاد من ذلك الوضع وخصوصا زوجها الذى لم تراه سوى مرة واحدة عند المطار 

- فين جوزك يا بنتى ؟! ده انا يدوب شفته بالصدفه فى المطار 


والحجة كما هي لن تتغير ولن تغيرها حتى تراه 


- عنده شغل متراكم عليه يا ماما 


مصمصت سعاد شفتيها بدون إحسان 

- الكلام ده لو إنتى مقتنعه بيه أصلا !! 


بالطبع ليست مقتنعة به .. تريد سارة أن تأتي ... لينتهي ذلك التحقيق 


هتفت بهدوء مخالف وهى تغير مجرى الموضوع 

- وبعدين يا ماما هو جه المستشفى قبل ما نتجوز وإنتى مرضيتيش تشوفيه 


ردت سعاد فى ضيق

- يعنى وقت ما تتجوزى نجوزك بالطريقة ديه ؟! انا مش عارفه يا حج انت إزاى رضيت بالوضع ده !! ديه بنتك يا حج تتجوز كده من غير ما نعملها فرح 


والدتها مصرة على أن تقحمها فى ذلك الأمر ولن تخرج منه إلا إذا اقتنعت بالامر 


- يا ماما أنا راضيه .. مش مهم الفرح والناس وبعدين انا عملت بيهم إيه فى المره اللى فاتت 

نبرتها واهنه و حزينه .. بدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها 


- صدقينى أنا حاسه المره ديه إخترت صح 


تتدخل إبراهيم منهياً ذلك الحديث الذي بدأ لا يتغير 

- خلاص يا سعاد ، بنتك أدرى بمصلحتها 


غمغمت فى رفض

- بس يا حج 


- سيبى البنت تشوف نتيجه إختيارها 

قامت سعاد من مقعدها وهى تتجه إلى الخارج 

- طيب لما نشوف !! 

..............................

أغلقت الباب خلفها بعد أن أعطت الممرضه مخدر لوالدها .. لتجد سارة تتحدث مع حمزة والذي يبدو عليه قد أتى منذ قليل .. جلست بجوار والدتها وهى تهتف بنبرة خفيضة 

- ماما من فضلك قوليلى بس ليه مش موافقه على جوازى ؟!


ردت سعاد بنبرة مماثلة 

- انا مش معترضه غير علي جوزك بس 


ردت فى عجالة وهى تحاول إقناع والدتها

- صدقينى يا ماما انا بكامل قواى العقلية وافقت عليه .. انا حاسه انى هرتاح معاه 


قالت سعاد بنبرة جادة

- يا بنتى انتى متعرفيش عنه حاجه وابسطها هو ليه مجاش لحد دلوقتى


غمغمت وهى تعيد تلك الجملة للمرة الألف 

- عنده شغل يا م...


قاطعتها سعاد بنبرة جامدة 

- شغل إيه ده اللى يخلى الراجل يسيب مراته وميعرفش أخبارها إلا من السواق بتاعه .. الراجل مبيقدرش يبعد عن مراته حتى لو عنده هموم الدنيا كلها 


تفاجأت من سؤال والدتها الصريح 

- إتجوزتيه ليه .. علشان بتحبيه ؟! 


صمتت لا تعلم ماذا تخبرها .. وجهها تورد باللون الاحمر وبدأ يرتفع معدل نبضات قلبها 


- وانتى شايفه ايه ؟ 

اعتمدت أسلوب المراوغة لتتهرب من الجواب .. لترد سعاد بنفاذ صبر 


- ما انا شايفه كويس جدا يا بنت بطنى .. بتتجاهلي تنطقى اسمه وكأنه حد غريب مش جوزك .. ووشك اللى بيتقلب سبع الوان ده كفيل بأنى عايزة اطمن عليكى يا حببتى .. لما تكونى انتى و هو لوحدك .... انا قلقانه عليكى فى الغربة يا بنتي .. 


بترت عبارتها عندما وجدته .. رأته يتقدم نحوهم بخطوات رشيقة .. يرتدى بذله سوداء بدون ربطة عنق تعطيه هاله من الجاذبية وخصلات شعره الكستنائية المنمقة جعلتها ترتعش وهى لا تصدق ذلك الوسيم زوجها .. 


هتف بعبارات مقتضبة مع حمزة لتجده بعدها يتقدم نحوهم بخطوات هادئة 

- صباح الخير 


هتف بها ببحته المميزة ... لتشيح سعاد وجهها للناحية الأخرى وتهتف بتهكم 


- اهو وتانى سبب بيبرطم إنجليزى طول الوقت 

شقت ابتسامة واسعة .. رافعه ببصرها نحوه نحوه لتتقابل أعينهم لثوانى لتهتف بمزاح لوالدتها 


- ايه يا معلمه الاجيال .. اومال الجيران اللى كانوا بياخدوا دروس تقوية فى الانجلش عندك كانوا بيعملوا ايه ؟ 


سمعت صوته مره أخرى وكأنه يقاطع حديثهم 

- اريدك ليان لبضع دقائق 


- روحى شوفى جوزك عايز ايه 

صوت والدتها الحازم جعلها تقوم من مجلسها وتتبع خطواته بهدوء تحت نظرات سارة الماكرة وحمزة الباسمة 

................................

أغلق الباب خلفه بعد أن دلفت .. هو وهى الان بمفردهما وزوجته ايضاً ... جال ببصرها إلى الغرفة لتجدها غرفة تحتوى على فراش و اريكتين ...

تريد ان تعلم ما دورها ؟ اين هى فى حياته ؟! هتفت بتساؤل


- زواجنا 


- ما به ؟ 

هتف بنبرة باردة وهو يتقدم نحوها بخطوات مدروسة ومخططة 


ارتدت للخلف عدة خطوات واصبح نبرتها مهزوزة 

- ما هو وضعي ؟ 


حك طرف ذقنه وهو يهتف بسخرية 

- أظن أنك زوجتي يا ليان 


تسمرت قدميها وهى ترى عيناه أصبحت لامعتين ماكرتين .. ما الذي يفكر به الآن ؟! لا تعلم مغزى حديثه ؟


لديها أسئلة بما انها اصبحت زوجته ... لاداعى الان لتفكر وتحلل جملته 


- اريد ان اعلم من انت .. إنك غريب عنى .. لا اعلم عنك شيئا وعائلتك ايضا .. اشعر انني تائهة لقائنا غريب وزواجنا أغرب 

لما تزوجت فتاة شرقية ؟ ولما أنا بالتحديد ؟ 

لا تخبرني بسبب الصحف الصفراء تستطيع أن تتزوج الفتاة هنا ؟ لما استغليت ضعفى ووالدي لتجبرنى على الموافقة ؟ 


ظلت تتحدث وتتحدث تحت نظراته المبهمه ودموعها أخذت مجراها فى الحديث 


- اريد ان اطمئن والدتى .. هل خيارى صحيح ام خاطىء أخبرني أرجوك ؟


احتضن بكلتا كفيه وجهها وانامله تمسح دموعها ليهتف 

- ستعلمين كل شىء فى الوقت المناسب


وختم عبارته بقبلة خفيف على وجنتيها .. إحمر وجهها خجلاً وما زال عقلها يفكر فى إجابته الغامضة !!


كان فى طريقه للخروج .. إستدار وتوجه ناحية الباب لن تتركه حتى تعلم وضعها 


همت بالحديث لتسمع صوت إغلاق الباب .. لقد غادر مثل الزيبق ولم تحصل على أى إجابه منه !! ولم تعلم لماذا جاء وماذا كان يريد منها ؟ 

ظلت تسبه وتلعنه وتعلن نفسها .. 

...............................

يوم الجمعة عادة كل صباح تذهب إلى النادي برفقة والدها ... ولكن اليوم ستذهب بمفردها بسبب سفر والداها إلى عائلته ... 


اين عائلته ؟ إنها لا تتذكر منذ أن كانت صغيرة والدها يتحدث عن عائلته ..


رمت حقيبتها الرياضية فى المقعد الخلفى وهى تزفر بضيق .. لقد رحلت صديقتها وتزوجت وهى ستقضى روتينها اليومى الممل بدون رفقة أحدهم .


تأففت للمره التى لا تعلم عددها وهي ترى هاتفها يدق .. تطلعت لهاتفها لترى اسم المتصل .. ولم يكن سوى شهـــاب 

ذلك الشهاب الذي تكلمه فى وجهه الرجولي الجذاب .. اااه يا ندى ما الذي تفكرين به الآن !

وضعت هاتفها على وضع الصامت لتذهب للنادى .. 


شهقت بفزع عندما وجدت يد فولاذية تمسك عضدها وتمنعها من فتح باب سيارتها


- مبتدريش على تلفونى ليه ؟ 

ازاحت بيدها بعنف مزمجره بغضب وهى تلتف يمينا ويسارا ولا تجد أحد من المارة


- انت اتجننت اوعك تفكر تلمس ايدى تانى يا حيوان 

ارتعدت بقوه وهى ترى معالم وجه التي تغيرت وأصبحت ملامح شرسة

إستندت بظهرها على سيارتها وهتفت بنبرة جاهدت أن تبدو قوية 


- لو قربت منى هصوت وهلم عليك الناس كلها


ظل يتفرس ملامحها ثم ألقى ببصره إلى ثيابها .. اسف هل قال ثياب !! اى ثياب تلك التى ترتديه بداية من تنورتها البيضاء القصيرة ومن الأعلى قميص قطنى بنصف أكمام يكاد يصبح كجلد ثان لها .. 

- ايه القرف اللى انتى لابساه ده !!


زعق بها غاضباً وهو يفصل الخطوات التى بينهما ويداه امتدت لعضدها ليتمسك بها بعنف .. ظل بصره معلقا على ثيابها ثم إلى عيناها المحدقة به بذهول 


ارتبكت قليلا من وضعهم المحرج .. تشعر بأنفاسه الساخنه وكأنها حمم بركانية تلمس بشرتها .. ثوان قليلة لتستعيد شخصيتها وهي تصيح بانفعال

- انت ملكش دعوه بيا اصلا متتحكمش فيا انا مش أختك علشان تقولها تلبس ايه ومتلبس ايه ؟


- نـــــــدى 


ارتجفت اوصالها بسبب نبرته المخيفة لتجده يدنو نحو أذنيها وانفاسه الهادرة لا ترحمها 


- آخر مرة اشوفك باللبس ده فهمتى 


هزت برأسها نافية 


- ده لبس الرياضه بتاعى ولو مش عاجبك اضرب دماغك فى اقرب حيط 


نبرته لانت قليلا وهو ما زال على وضعهم الفاضح بالنسبة للعامة .. ذراعه تمسك بعضدها بشده والاخرى إتخذت طريقها لخصرها ورأسه مائلة إلى عنقها 


- لسانك ده هقصهولك يا ندى وانا عارف كويس ايه الطريقه اللى هتخلى لسانك المتبرى منك ده يسكت خالص 


ارتفع اوتار قلبها وهى تفهم مغزى حديثه .. ولسانها لا يخرج من جوفها .. لو كان آخر لكانت صفعته ثم تركله بقدميها وتأخذه إلى أقرب مخفر للشرطة ... لو كان آخر !! ولكن ماذا عنه ؟ 


- تطلعى زي الشاطرة وتغيرى المسخرة ديه .. وعالله اشوفك باللبس ده تانى وياويلك يا ندى لو لقيتك رميتى كلامى بعرض الحائط 


لم يكن يوجد معها حلاً سوى الخضوع فى الوقت الراهن .. لكنها لن تصمد ستأخذ حقها منه 


تقابلت اعينها البندقية بعينيه العسليتين التى تتحول تدريجيا إلى آخرى داكنة .. عيناه راغبة يتفرس معالم وجهها بأريحية و انفاسه الهادرة تلفح وجهها ..

إلصق جبينه بجبينها سارقاً انفاسها الناعمة وعقله ما زال متيقظاً أنهم فى مكان عام ....همس بصوت أجش 

- متختبريش غضبي يا ندي 


حالة من اللاوعي تختبره لأول مرة .... عيناه الراغبة تخيفها بل ترعبها ومع ذلك جسدها متيبس يرفض الإذعان لعقلها للهروب ..


يداه التى تتمسك إلى عضدها أخذت طريقها للأسفل لتكون بجانب يده الاخرى ... ذراعيه تتمسكان بخصرها وكأنها طوق النجاة من الغرق .. تأججت انفاسها وتلعثمت في حروفها وهي تحاول ان تفيق من تلك الحالة ...

ليقطع خلوتهم صوت أجش جعلها ترتبك و...


- يا نهار ابيض .. يا فضحتنا يا خوانا يا فضيحه عمارتنا ايه قله الحيا على الصبح ده 

وما كان ذلك صوت سوى بواب العمارة حمدى !!


الفصل العاشر


- انت بتتكلم بجد يا شهاب ؟ وبعدين انا بقولك تتكلم معاها مش تبقى دبش وكمان يشوفكم بواب العمارة فى وضع لاسمح الله 


نطقت بها ورد المندهشة من ما يتفوه به شهاب .. لا تصدق الذى امامها فعل كل ذلك ؟! .. تعلم شهاب جيداً لا يبدر منه اي من تلك التصرفات الهوجاء والطائشة !


غمغم فى ضيق واضح وهو يسب ويعلن ذلك المدعو بحمــدي !


- انا مكنتش اعرف ان ده هيحصل اصلاً او حد ممكن يظهرلي فجأه كده 


- ها كمل وبعدين عملت ايه بعد ما شافكم ؟ 

هتفت بها ورد بفضول وهي تحثه على استئناف حديثه وكأنها لا تعلم ما حدث بعد ذلك ! 


- قولتلك قبل كده .. معملتش ولا حاجه محستش بنفسى غير إني بقوله إني خطيبها 


شهقت ورد بصوت خفيض وهي تضع بكفها على شفتيها 


- يالهوووى المسأله اتلخبطت واتعقدت جداً يا شهاب ده مش بعيد بعد اللي قولته ده انها ي...


قاطعها بحنق 

- يا ورد بقالك اكتر من ساعه بتعيدي وتزيدى فى الكلام 


عدة ضحكات رنانة أطلقتها وهي تلعب بحجابها بمكر

- اصل انا لغايه دلوقتي مش مصدقة اللي انت عملته اصلاً ده لو حد غيرك حكالي مكنتش صدقته 


- واديني عملت ادي حلول بدل ما انتي بتسمعيني نفس الكلام 


حكت طرف ذقنها مصطنعة التفكير أمام نظرات عيناه الحانقة والمرتقبة 


- مش عارفه يا شهاب 


- نعـم قاعد معاكي بقالي ساعة وسايب شغلي وتقوليلي فى الاخر مش عارفه 


صدح صوته غاضباً امامها وهو يسب ويلعن بكلمات بذيئة على فعلته المتهورة ... شدد بأنامله على خصلات شعره محاولاً أن يجد حلاً ...


راقبت انفعالاته وسكناته تشعر أنه ما زال كالطفل الصغير من يريد أن يرشده إلى الطريق الصحيح ... شق ابتسامه أخذت طريقها إلى شفتيها وهي تفكر وتعيد وتحلل ما قاله .. 


عندما لم تصل إلي الحل فى الوقت الحالي هتفت بابتسامة عريضة 


- استهدي كده بالله وعدي اليوم على خير و هتتحل بأذن الله .. انت روح شغلك دلوقتي وانا ههحاول اشوف حل 


رد بضيق وهو يشعر بضيق يكتم أنفاسه 

- لما نشوف يا ورد 

........ّ.................................

تتوالى الأيام وتتبعها الليالي وكل يوم تؤكد حدسها انها تهورت او تورطت بتلك الزيجة .. منذ آخر مقابلة لم تراه بعد ذلك اليوم .. تطلعت إلى الرقم الخاص به فى هاتفها .. تذكرت عندما أخذت رقمه من حمزة وهي تشعر بأن الأرض سوف تبتلعها بسبب نظراته الماكرة والغامضة ..


تريد محادثته .. عده دقائق في محاربة بينها لمهاتفته وبين عقلها بعدم مهاتفته ... صراع كبير جعل عقلها يفوز من الجولة الأولى .. تأففت بحنق وهي ترمي بهاتفها على احدى الطاولات وهي تزجر نفسها ماذا ستخبره ؟ قد مر على زواجهما أكثر منذ شهر والليلة سترحل عائلتها بعد أن قام الطبيب بالتأكد من عدم وجود أي مضاعفات ..


إن كان سيفعل ذلك معها ويتركها بمفردها .. سترحل مع عائلتها .. ستفر هاربة منه ومن ذلك المكان الغريب ولكنه لن يتركها .. تعلم بل متأكده بأنه لن يسمح لها بأتخاذ أي خطوة خارج تلك المدينة .


وضعت كلتا كفيها على وجهها وهي تستسلم إلي ذلك المصير المجهول .. طريق مظلم لا تعلم اين بدايته وأين نهايته ؟ ولا يوجد معها سوى مصباح صغير يجعلها ترى فقط ما اسفل قدميها وبالكاد ترى ما أمامها على بعد مترين .. تتخذ خطوات بطيئة جداً. 

- يا رب 

تفوهت بها فى سرها وهي تناجي ربها .. لا ملجأ لي سواك يا الله 

استجمعت شتات نفسها وأخذت تسحب أكبر كمية هواء الي رئتيها لتستعد لمواجهته اليوم .. اليوم سيأتي وبعدها سيصطحبها إلى عائلته كما أخبرها حمزة 

ابتسمت بتهكم .. تعلم أخباره من حمزة ... حمزة مجرد همزة الوصل بينهما .

............................

توقفت سيارة فاهرة عند البوابة الرئيسية للمبنى آسفه بل ناطحة سحاب مبني شاهق وضخم تعتبر من أهم الشركات الرئيسية فى لندن للتجارة العالمية .. تتبعها عدة من سيارات الدفع الرباعي خلفها ... ليسرع السائق يترجل من السيارة وفتح الباب الخلفي لسيده .. ورجال الحراسة الخاصة هبطوا من السيارة وكلا منهما يتخذا موقعه 


ترجل زين ببذلته السوداء واضعا نظارة قاتمة على عيناه وفي يده اليمني يحمل حقيبته السوداء .. 

هيئته تخطف الأنفاس وتسرق قلوب الكثير من النساء .. تعبث أيضا مظهر رجولي طاغي وجاذبية مهلكة ..


بخطوات رشيقة يتبعه حارسان للداخل ، فتح رجل الأمن الباب على مصراعيه ليدلف رب عمله الي الداخل وجميع العاملين الذي يعملون كخلية النحل توقفا لمرور سيدهم إلي الممر المؤدى إلي المصعد 


ضغط الحارس الشخصي على الزر الطابق قبل الأخير ... سلط ببصره على الساعة الباهظة المعلقة على رسغه ثم سلط ببصره إلى الشاشة الصغيرة وهو يراقب صعود المصعد إلى الطابق المنشود ..


فتح المصعد ليخرج ويتبعه الحارسان .. هرع شاب وهو حامل عده ملفات فى يديه يواكب خطوات رب عمله 

- صباح الخير سيدي 


هز زين رأسه 

- صباح الخير ستيفن 


صمت دام لعدة ثواني هتف زين بجدية وهو يخلع نظارته 

- اطلعني على جدول اعمال اليوم 


توقفا الحارسان عند الباب ليسرع ستيفن بفتح الباب ويغلق الباب خلفه وكلا من الحارسان يتجهان إلى مواقعهما المخصصة 


وضع حقيبته علي مكتبه الزجاجي وجلس على مقعده الوثير وبدأ يتفحص الاوراق بتمعن شديد


- جدول اليوم غير مزدحم .. لقد نقلت بعض الملفات للسيد زيدان كما اخبرتني .. بعض نص ساعة سيعقد إجتماع مع السيد جورج وعند الساعة الثانية عشر ظهراً سيأتي وفد الشركة الصينية 


أومأ زين رأسه وتابع بعملية بحته 

- انت تعلم انني سأذهب للقرية فى ذلك الأسبوع 


-نعم سيدي لا تقلق سأحول الملفات الهامة للسيد زيدان كما أخبرتني من قبل 


صوت صيحات عالية لأول مرة تحدث فى مكتبة ليهب من مجلسه واقفا ويتوجه نحو تلك الجلبه ..


- واللعنة هل جننتي ؟ هل تعلمين من أنا ؟ سأخبر رئيسك ليقوم بطردك ايتها الحمقاء 


ردت الفتاة بتهذيب وهي تحاول منع السيدة من الدلوف إلى مكتب رب عملها


- سيدتي أرجوكِ لا يصح اختراق القوانين 


رفعت أصبع السبابة بتحذير نحو الفتاة 

- حسابك عسير يا فتاة 


همت الفتاة برد عليها وهي تختار ألفاظها بعناية فائقة فالتي أمامها فتاة صارخة الجمال وهيئة ملابسها تدل علي أنها فاحشة الثراء 


- ليـــلي !! ماذا تفعلين هنا ؟ 


هتف بها زين عند مقدمة باب غرفته وعلامات التساؤل والحيرة مرتسمة على ملامح وجهه

لانت ملامحها الشرسة بمجرد ما رأته لتتوجه نحو وتلقى بنفسها نحو ذراعيه .. غمغمت بنبرة معاتبة 

- هل هذا أول ما تقوله عندما يأتي من السفر ؟ 


شبه ابتسامه صغيرة لاحت علي شفتيه ليبتعد عنها بهدوء 


- لأنك قلتي لي انك ستعودين فى الاسبوع القادم ولكن اين آدم ؟


مطت شفتيها هاتفه بضيق زائف 

- لقد قررت أن أجعلها مفاجأه ومن الواضح انها لم تعجبك 


- ليس كذلك .. هيا لتتوجهي معي إلى الداخل 

هزت رأسها نافية 


- كلا سأذهب إلي المشفي لرؤية ليان .. لكن يا سيد زين كن متيقظاً فأنني اراقبك جيداً كن حذراً 

لم تنتظر رده لتمسك بحقيبتها وتخرج من المكان بهدوء وهي عازمة على أن تعلم ما حدث فى غيابها .

...............................

جالسة على المقعد بأعين حائرة مترقبة متوترة خائفة .. لا تعلم أي شعور هو الطاغي ولكن الشعور الخوف هو النصيب الأكبر ..


قطع شرودها قدوم الطبيب حامل فى يديه الملف الذي سيحدد حياتها بل مصيرها بأكمله ..


تطلعت إليه بنظرات مترقبة حتى جلس على المقعد .. تتفرس فى ملامح وجهه .. ملامحه جامدة صارمة لم تستطيع ان تحدد الأجابه 


- طمني يا دكتور سلبي مش كده 


نطقتها ولو بمقدار ذرة أمل صغير .. لقد أخبرها فى المرة السابقة قبل عمل التحاليل انه شاك من وجود ذلك المرض المميت 


- اسف يا آنسه ورد التحاليل طلعت إيجابية سرطان فى الدم 


هتف بها بأسف شديد ، كان يريد انتقاء ألفاظ أفضل من تلك ولكن لا يعلم كيف نطقها هكذا أمامها 

الدموع متحجرة فى مقلتيها لترد بصوت مميت 


- يعني مفيش امل مفيش علاج مفيش اي حاجه ؟!


طأطأ الطبيب برأسه آسفاً .. علي الرغم انه تأتيه الكثير من تلك الحالات إلا أنه فى كل مره يجد الصعوبة في تلفظها .. كيف يخبر لشخص أمامه انه يوجد لديك عدة أيام لتغادر تلك الحياة !


تمتمت فى خفوت وهي تنهض من مقعدها 

- شكرا يا دكتور عن إذن حضرتك 


أخذت ملف التحاليل وغادرت فى هدوء وهي لم تلقي بالاً بندائه المتكرر .. أطلقت العنان لدموعها حينما غادرت العيادة جلست علي اول درج قابلتها وهي جالسة القرفصاء .. كانت تعلم أنها ستغادر ذلك العالم ولكن كانت تحمل مقدار ذرة أمل صغير .. لم تعبأ بالأشخاص الذين ينظرون لها بشفقة أو بتهكم على جلستها فى المكان العالم ..


قامت من مجلسها وهي تمسك بهاتفها وتهاتف الشخص الوحيد الذي ما زال واقفاً فى صفها 


- ألو شهاب من فضلك عايزة اقابلك ضرورى 


رد الآخر وهو يلاحظ تغير نبرة صوتها .. هلع قلبه 

- ورد في ايه طمنيني ؟ حصلك حاجه ؟ 


أجابت بهمس 

- شهاب من فضلك مش دلوقتي هقابلك فى الكافيه اللي رحناه قبل كده سلام 


أغلقت هاتفها وهي تمسح دموعها بكفيها ... قامت من جلستها وفي يديها ذلك الملف الذى قام بتحديد مصير حياتها للأبد.

............................

احتضنتها بلهفة واشتياق وهي لا تصدق حتى الآن أنها تزوجت أعز صديق لديها 


- حان الوقت لكي أبارك لكي يا عزيزتي رغم إنني لا اصدق حتي تلك اللحظة أنك تزوجتي 

ابتسمت .. لا يوجد حل سوى أن تبتسم .. إبتسامة عريضة مكلفة هذا هو ما ستفعله ..


تمسكت ليلي بذراع ليان وهي للمرة الألف تهتف 

- حمدلله علي سلامتك يا سيد إبراهيم 


رد إبراهيم بأبتسامة واسعة 

- سلمتي يا حبيبتي 


اتسعت ابتسامة ليلي وهتفت 

- والآن اعذراني سأقوم بأخذ تلك الجميلة وسندردش قليلا معذرة 


اومأ إبراهيم برأسه إيجاباً .. أما سعاد ما إن أغلق الباب وبات الان الوضع هادىء فى الغرفة مع عدم وجود سارة التي لازمت مرافقة حمزة طوال الوقت 


- طمني بقي يا ابو البنات قلبي واجعني علي بنتي هنسيب بنتنا فى الغربه دى يا ابو البنات 


أمسك إبراهيم بيديها وهتف بنبرة واثقة مطمئنة 

- اطمني يا سعاد كل حاجة هتبقى كويسة


غمغمت برفض وهي حتى الآن لا تعلم ما تلك الثقة الكبيرة التي يخزنها في داخله


- برضه يا حاج انا عايزة اطمن عليها 

- ما انا طمنتك يا سعاد كل حاجه هتبقى بخير بأذن الله 


ثم تابع مغيراً مجرى الحديث 

- شوفي فين سارة 


- قاعده مع حمزة من أول ما جه 

هتفت بها بغيظ مكتوم لينفجر ضاحكا وهو يرى معالم وجهها الحانقة


- براحة يا جميل ليطقلك عرق و احنا مش ناقصين كفاية انا 


شبه إبتسامه لاحت علي ثغرها تبعها عدة ضحكات متتالية مشاركا إبراهيم معها فى الضحك 

- آخ منك إنت يا حج 

.....................................

أغلقت الباب خلفها وهي تراقب الطريق الخالي من المارة لتقوم بوصد الباب عاقدة ذراعيها 

- يجب أن افهم والان ما الذي حدث معك منذ سفرى 

لم تعهد منها تلك النبرة الجافة معها قالت بعدم فهم 

- ليلي لا أفهم عن ماذا تتحدثين حقا 


- كفى يا ليان لا وقت للمراوغة الآن اشرحي لي ماذا فعل وماذا حدث لكي تتزوجيه 


قالتها بغضب جام وهي تشعر بأنها أم تنتظر مبرر ابنتها 


- ليلي اهدئي لم يحدث شيء حقا لقد عرض علي الزواج ووافقت 


مطت شفتيها بعدم تصديق 

- حقا !! اتقولين لي قام بدعوتك لطعام العشاء وفى النهاية جلس علي إحدي ركبتيه وأفصح عن حبه واخبرك انه لا يقدر العيش بدونك وعرض الخاتم أمامك


حسنا لم يحدث أي شىء منذ ذلك .. كانت محاصرة فى الحائط وهو أمامها بهيئته المهلكة عارضاً بل آمراً بالموافقة على الزواج


لوحت ليلي بكفها امام وجهها 

- هيا يا فتاة لا وقت الآن للشرود اريد ان اعلم كل تفصيلة صغيرة عما حدث معك 


ومع ذلك لم تمنع أن تخجلها هامسة بمكر

- ماذا هل كانت توجد قُبلة أثناء عرضه للزواج ؟!


كلا يكفي ليس الآن .. ليلى لن تتوقف عن وقاحتها حتى بعد الزواج


- ليلي توقفي ما هذا الهراء 

اتسعت أعينها بمعالم صادمة وما زالت علي نفس وتيرتها 


- ماذا يا فتاة إنني أتحدث عن قبلة يتيمة لماذا أحمر وجنتيك الآن ... يا الهي ماذا فعل ذلك الشقي معك ؟ هل ا اا 


- ليلــــي !!


صاحت بها بحده كبيرة ووجنتيها تشتعلان من الحمرة القانية .. صيحتها جعلت ليلي تصمت عن الحديث 


لحظة من السكون عم المكان وهي ما زالت على حالها .. تلتقط أنفاسها بصعوبة .. لترد بسخط أمام أعين ليلي المرتقبة 


- ستظلين وقحة يا ليلي لن تكفي حقاً ظننت ان الزواج سيُقوم سلوك ولكنني أخطأت 


عدة ضحكات رنانة أطلقتها ليلى باستمتاع 

- اووه عزيزتي ليان إنني أشفق عليكى .. الرجل الغربي يريد ان يرى الفتاة الوقحة معه عندما يكونون بمفردهم 


رجل غربي !! هل قالت رجلاً غربياً ولكن ماذا عنه هو ما يريد ؟ ما كانت صفات الفتاة التي سيتزوجها .. بالطبع لم ولن تكون هي .. لقد جاءت فى حياته وسط الاعصار لتتنهد بقلة حيلة وهي سئمت من تُحلل بمفردها شخصيته .. تريد أن تعلم عنه كل شيء 


- أخبريني ليلى كيف كانت حياة زين 

لأول مرة تنطق إسمه بدون خجل .. يجب عليها ان تعتاد حتي لا تستدعي الشك لأحد أليس كذلك ؟ 

تنهدت بحرارة 


- القصة طويلة يا ليان 

ثم نظرت إلى الساعة المعلقة في رسغها

- أخبرني حمزة ان زين سيأتي بعد قليل هيا استعدي ستذهبين لمقابلة عائلته


هتفت بتوجس وريبة 

- هل تتوقعين انهم سيقومون برفضي 


هزت رأسها نافية و ابتسمت باطمئنان

- تقصدين الجده كلا عزيزتي انها كانت تلح عليه منذ فتره طويلة ليتزوج وما إن علمت بذلك حتى أصبحت تعد الأيام والليالي لكي تقابل الفتاة المميزة التي جعلته يتزوجها على الفور دون حتى عقد خطبة 


بللت شفتيها بتوتر وبنظرات أعين زائغة تنظر للغرفة بشرود .. 

- ولكن أين والده ووالدته ؟


اتسعت أعين ليلي زهولاً مرت بعدة ثواني ثم هتفت بحزن

- لقد توفوا ولم يعد لديه أحد سوى جدته وعمه واولاد عمه 


لاحظت نظرات ليلى المنصعقة و المستنكرة وكأنها تخبرها هل تمزحين ؟ ألا تعلمين حقا عنه أي شيء ؟! .. قررت ان تصمت وعدم إصدار أي حماقة أخرى.


لعنة الله عليك يا زياد الا تعلم الفتاة عنك شىء ؟! هتفت بها ليلي وأسرتها فى نفسها وهي تطالع ليان التي تفرك يديها بتوتر وتشيح بنظرها عن مرمى عيناها لتبث في قلبها الاطمئنان


- لا تقلقي الجدة جميلة كالورد ستحبينها بل ستعشقينها تبدو صارمة في بعض الأحيان ولكن لديها قلب طيب كنقاء الورد


جدته هي المفتاح لكي تدخل عالمه .. بل هي النور المضىء وسط الظلام الدامس .. هي الوحيدة التي ستقدر على إرشادها للطريق .. ولكن هل أخبرها من هي ؟ انها شرقية !! هل ستتقبلها أم لا ..

يا إلهي يا ليلي جئتي ولم تجعليني أن أطمئن بل جعلتيني أزداد تساؤلات أكثر .

.................................

- بتتكلمي بجد يا ورد ما يمكن التحاليل لشخص تاني 

نطق بها شهاب وهو يتذكر عندما نهض من مقعد مكتبه ويقود سيارته الخاصة بالشرطة ليتوجه إليها فى أسرع وقت ممكن 

ردت ورد بهدوء 

- لا يا شهاب التحاليل مضبوطة 


عاجلها بسرعة وهو يرى هدوئها الذي يستدعي الشك

- طب ما يمكن يكون فيه علاج يا ورد 

هزت رأسها نافية


- لأ مفيش للأسف أكتشفت المرض متأخر العلاج مش هيأثر


- طب وبعدين انتى ازاى محستيش بالاعراض اللي بتجيلك يعني مش ممكن من يوم وليلة حصل الكلام ده 

قالت بلا مبالاة 

- الاعراض جاتلي من فترة طويلة كنت بحس بصداع رهيب مش بيهدي حتى مع الأدوية وكنت بكح جامد كنت فكراه دور انفلونزا قوى غير اني ساعات بحس بالام في الضهر وحاجات تانيه لما حسيت الموضوع طول معايا رحت علي الدكتور وقلتله الاعراض اللي بتجيلي خلاله يشك من حاجه لحد ما قالي هنعمل التحاليل ونتأكد من الموضوع وطلعت التحاليل النهاردة 


رد بحنق وضيق يعتري معالم وجهه من تلك الباردة بل من كتله الثلج تخبره انها يتبقى لها أيام معدودة فى تلك الحياة .. 


- إنتِ مالك كده عندك برود مش طبيعي 

هتفت بهدوء مميت وهي ترتشف العصير الطازج

- عملت ايه مع ندي ؟


صاح بغضب خابطاً بكفه على الطاولة 

- انا بحكي فى ايه وانتي بتقولي ايه ورد احنا فى موضوع مهم 


حركته جعلت يدها ترتعش رغما عنه ..لتضع الكوب على الطاولة وهتفت بتفكير زائف


- وانت تفتكر موضوعي يتحل ازاى ؟ موضوعك اهم مني ركز انت في ندى وانا هعرف اعمل ايه كويس فى ايامي المعدودة


حاول كبت غضبه بقدر الامكان حتي لا يفتك بها

- والله حاسه إنك رايحه رحلة


ردت بألم يزحف إلي قلبها 

- ما انا فعلا رايحة رحلة بس رحلة ذهاب بلا عودة 


تنهد بحزن شديد وهو لا يعلم مالذي يفعله فى الوقت الحالي ؟ شعور لثاني مرة يختبره وهو يرى ثاني شخص يرحل أمامه وهو مكبل اليدين

- حد عرف ؟


هزت رأسها نافية 

- انت بس 


- وناوية تعرفيهم ولا مش همك حد


هتف بها بشبه إستهزاء 

- لا طبعا يا شهاب محدش هيعرف انت الوحيد اللي عارف بالموضوع ده 


- كمان يا ورد مش هتخلي حد يعرف انت بتفكري بأي عقل أو منطق ؟


أجابت بلا مبالاة وبدون وعي تحولت نبرتها لأخرى صائحة منفعلة


- العقل والمنطق بيقولي ان اللي بعمله صح ، عايزني اقلهم ليه قولي اديني سبب بسيط .. كرهت كل اللي حواليا بسبب غبائى وانانيتي تتوقع أن أول ما اقلهم يلا سامحوني انا عندي كانسر هياخدوني بالاحضان مثلا !! تفتكر يا شهاب ؟ انا ما افتكرش 


قامت من مجلسها وهي تأخذ حقيبتها ليعاجلها وهو الآخر يقوم من مجلسه


- رايحة فين ؟ 


اجابت فى غموض 

- هعمل ولو حاجة صح فى حياتي 


رحلت وهو يراقبها بأعينه حتى إختفت عن مرمى بصره .. زفر بحرارة وهو يحك عنقه .. وضع النقود على الطاولة وخرج هو الآخر وهو يحاول جاهداً ان يعلم كيف تفكر .. إنها جامدة أمامه لم تهتز أمامه لم تضعف .. كانت صلبة كالصخر من الخارج ولكنه يعلم جيداً الانهيارات التي في داخلها .

.....................................

رحلت ليلى تبعها رحيل عائلتها .. لتجده بعد توديع عائلتها يتمسك بيديها ويتوجها إلى سيارة التي تنتظرهم .. 


جلست بجواره وهي تشعر بتذبذبات قلبها .. عبق رائحته منتشره بكثره فى السيارة .. لا تعلم كم من الوقت ظلت السيارة متحركة تشق تلك المدينة بزحامها متجه نحو إحدى المناطق الزراعية الخلابة .. علي الرغم من ضيقها من عدم مشاركته معها فى الحديث إلا أنها نفضت تلك الأفكار وهي تنظر إلي الطبيعة الساحرة من خلف النافذة .. عيون منبهرة وهي تراقب الغروب صمت هادئ عكس ضجة المدينة ومساحة خضراء شاسعة أسرتها ..


دلفت السيارة داخل البوابة الحديدية الضخمة تتبعها السيارة الخاصة به للحراسة .. المنزل يشبه كثيرا القصر فى مصر .. لكنه مختلف ذلك المنزل يوجد به العديد من الخادمين يوجد بها حركة كثيرة عكس الآخر الساكن.


أوقف السائق محرك السيارة ... ليسرع مهرولاً وهو يترجل من سيارته ليفتح الباب الخلفي .. ترجل زين تبعته ليان وهي تنظر ما حولها بترقب شديد .. بيت كلاسيكى قديم مكون من طابقين لكنه ضخم .. ضخم للغاية ويوجد بعض الخادمات أمام مقدمة المنزل 


شعرت به يمسك بكفها للمرة الثانية ليتجه نحو تلك الدرجات المؤدية إلى باب المنزل .. يديه دافئة ناعمة


نفضت تلك الفراشات التى تسبح على معدتها عندما رأت سيدة أنيقة رغم تخطيها السبعون تستند علي عصا خشبي .. ملامحها تشبه كثيرا لملامحه ... هذا يعني انه قد أخذ كثيراً من ملامح والدته.


أعينها زرقاء تشبه كثيرا .. وجهها ابيض رغم وجود التجاعيد لكنه ما زالت محتفظة بقدر كبير من الجمال وعلى الرغم اشتعل رأسها شيباً إلا إن تلك الخصلات الفضية زادتها ابتهاجا وإشراقاً.


يتوجهان نحو بخطوات بطيئة اما هي التي تشعر أن الوقت لا يمر بسرعة ؟!! بعث قلبها رهبة وهي تري أعينها المتفحصة نحوها لاحظت تلك النظرة المندهشة عندما تطلعت إلي هيئتها .. وعلي الرغم انها ازالتها سريعا لكنها حُفرت فى عقلها يبدو بل مؤكد انها لن تتقبلها ابداً ...


- مرحبا جدتي 


هتف بها زين بأبتسامة مشرقة جعلت الجدة ترد

- مساء الخير حبيبي هيا أسرعا لقد حان وقت العشاء 


أومأ بتفهم 

- سأكون في غرفة المكتب يوجد بعض الأشياء التي سأراجعها 


ماذا أي أعمال الآن هل جننت !! هل ستتركني بمفردي نطقت بها في سرها وهي تراه يدلف إلى الداخل بخطوات رشيقة حتى إختفى عن مرمى بصرها


تطلعت إليها الجدة بابتسامة حانية 

- هيا يا جميلتي إصعدي لكي تغيري ملابسك لقد إنتظرتكم كثيراً 


لا تعلم مالذي عليها فعله وهي تري الجميع يدلف للداخل .. تيبست قدامها عن الحركة 


هتفت الجدة بتعجب وهي تراها ما زالت على وضعها

- ما الأمر يا عزيزتي ؟ لما توقفتي ؟


تلعثمت في كلامها وهي تتمتم 

- لا شيء اا..انا اا....اريد 


ضحكت الجدة لتمسك بيدها وتدلف معها للداخل 

- هيا سأعرفك أنا على غرفتكما 


توجهت بها إلى الطابق العلوي .. لتسندها ليان وهي تهتف برقة


- لا عليكي يا جدتي سأصعد بمفردي لا اريد أن اتعبك 

نطقتها جدتي بسلاسة .. تبدو لطيفة نوعاً ما لقد توقعت انها لن تتقبلها ما إن ترى هيئتها لكنها لم تفعل 


غمغمت الجده بضيق وحدة زائفة 

- ماذا أتراني عجوز أمامك ؟


اتسعت بؤبؤ عينيها وهي لا تعلم كيف إنقلبت مائة وثمانون درجة هكذا لتتابع الجدة بمشاكسة 


- اووه عزيزتي يبدو إن ستتعبين حتي تتقبلي تغيراتي المزاجية هيا لقد تبقي عشر درجات 


صعدت معها وهي متعجبة من تغير مزاجها .. توجها إلي إحدي الغرف آسف بل عبارة عن جناح .. كل شيء به عصريا للغاية يناقض المنزل بأكمله الوان هادئة للعين ..


انتبهت على الجدة وهي تعطيها ثياب 

- هيا ارتديه .. اسفه لا يوجد غير ذلك الثوب .. إنه ثوب قديم لي اعتقد انها ستلائمك ..لقد تأخر السائق لجلب حقائبكما .. أسرعي سأنتظرك 


لم تنتظر الجدة ردها لتجدها خرجت الغرفة بهدوء غالقة الباب خلفها وتتركها وحيدة .. شهقت بفزع وهي تتفحص الثوب ... آسفه ليس ثوب عادي بل عبارة عن ثوب فاضح .. توردت وجنتيها وهي تتفحصه ثوب مخملي الملمس .. قصير ... بل قصير جداً بالكاد سيصل إلى ركبتيها .. سحقت شفتيها وهي لا تعلم أسترتديه أم تكتفي بملابسها وتنتظر السائق حتى يأتي بملابسها المحتشمة.


عندما لم تجد حلاً غير أنها ستضطر إلى ارتدائه توجهت إلى الحمام الملحق بالغرفة لتنعم بحمام دافيء وتغير ملابسها وترتدي ذلك الثوب الفاضح بالنسبة لها .. أغمضت جفنيها ثم فتحتهما وهي تري هيئتها في المرآة ذو فتحة مثلثية قصيرة تظهر عظام ترقوتها .. حمالات عريضة نوعا ما .. لكنه ليس ضيقاً بل جيد للغاية 


امسكت بالمنشفة وهي تجفف شعرها وتتوجه نحو الخارج.


سقطت المنشفة ارضاً وهي تراه أمامها يرتدي بنطاله فقط .. متى آتي الم يقل انه سيكون في غرفة المكتب .. بلعت ريقها بتوتر وهي تراه يترك القميص جانباً و يتفحصها بهدوء وتمعن من رأسها إلى أخمص قدميها وعيناه تتوهجان بنظرة لامعة 

قالت بغباء 

- لماذا تنظر إلي هكذا ؟ 


توجه نحو بخطوات هادئة وهي ما زالت متيبسة .. وكأن غراء قوي ألصقها في الأرض ومنعها من الفرار

- ما هذا الذي ترتديه ؟


همس بها بجانب أذنها وانفاسه تلفح عنقها .. طبع قبلة صغيرة على وجنتيها جعلتها تغمض جفنيها وتهتف ببلاهة 

- ها ؟؟


ابتسامة صغيرة شقت ثغره .. انامله أخذت طريقها إلي خصلاتها الفحمية .. لم يكن يعلم انها فاتنة .. علي الرغم من انه تفحصها لعده مرات لكنه لم يتخيل انها ستتجرأ على تلك الخطوة الآن . 


نظر إلي ذراعيها وساقيها المرمريتين ثم جال ببصره إلي شلالات شعرها الفحمية التي تخطت خصرها بقليل .. منجذب بل منسحر بها بكل تلك الهيئة الجديدة عليه لم يكن يعلم انها متفجرة الانوثة ..


أمام كل تلك الهيئة التي دغدغت رجولته لا يوجد سوى أن يفعل ما يأمره عقله .. والآن !!


هتفت بتلعثم وهي تراه يدنو نحوها بخطوات بطيئة للغاية وكأنه يختبر ان كانت تود قربه ام لا 

- جدتي .. ا ا ا الغد دد ااء

اصمت شفتيها بسبباته .. ابتلعت ريقها بتوتر من الخطوة القادمة !


تكملة الرواية من هنا


بداية الروايه من أولها هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close