أخر الاخبار

رواية زوجتي الشرقيه الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ميار احمد

رواية زوجتي الشرقيه الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ميار احمد 

رواية زوجتي الشرقيه الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم ميار احمد 


 الفصل الأول 

حفل زفاف لم تكن تتوقع فى يوم من الأيام أن تحضره!! ...قاعة فخمة تدل على مدى ثراء العائلة الفاحش ..لم تكن تتوقع ان صديقتها الاجنبية التى تعرفت عليها عندما زارت مصر للمرة الأولى ان تكون من عائلة ثرية جداً لذلك الحد !! ... عامان فقط بعد أن أصبحتا مقربتين بعثت لها بطاقة دعوة زفاف المقيم فى شرم الشيخ وتصبح وصيفة للعروس ..


وصيفة عروس بعيدة عن الصخب ..بعيدة عن العروس...خرجت من القاعة وهى تلتقط هاتفها لتطمئن والدها كل خمسه عشر دقيقه كما أخبرها .. لم تعد طفلة بعد الآن ..إنها فى الرابعة والعشرون وما زال والدها يعاملها مثل الطفلة ذات الخمسة أعوام ..

انتبهت على صوت أختها التى هتفت بمرح

- هييييح بجد انا مبهورة جدا بالفرح ده مكنتش متخيلة انى احضر فرح زى ما بنشوفهم فى الافلام 


ابتسمت فى خفوت وهى تتطلع الى هاتفها لتنظر الى الساعة التى تجاوزت العاشرة مساءا ..إلتفت إلى أختها الصغرى ذات الثامنة عشر من العمر 

- كفايه كده يا سارة هنروح نطلع ننام علشان ورانا سفر الصبح 

تعلقت سارة على ذراع ليان كالطفلة التى تتشبث مطالبة والدتها بالحلوى 


- لا بلييز بقى ده الفرح احلو جداً ..بليز بقى نص ساعة بس وهنمشى ..


عده دقائق استمرت سارة فى إقناع أختها لتزفر ليان بضيق

- نص ساعه وبعدها هنطلع 

طبعت قبلة على وجنتيها قائلة بسعادة 

- ميرسى يا لى لى 

عادا الاختان مرة اخرى الى القاعة لتنتبه الى العروس وهي تدعوها للاقتراب ..

تقدمت نحوها فى خطوات هادئة وابتسمت بسعادة 

- مبارك لكى يا عزيزتى ..اتمنى لك السعادة من اعماق قلبي 

ضحكت العروس 

- كفى ليان لقد قلتيها عشرين مرة هيا ابحثي عن عبارات جديدة 

ثم بضيق زائف 

- بربك يا فتاة هل يصح لـ وصيفة عروس ان تترك العروس وحدها هكذا !! لولا فقط تلك العدسات اللعينة لوجدتيني قمت من مجلسى وشددتك من حجابك 

قالت ليان بهدوء 

- عزيزتي اهدئي لقد كنت اتحدث مع والدى انتِ تعلمين انها اول مرة أسافر بمفردي أنا وشقيقتي ... 

ثم امسكت وجنتيها 

- هيا يا ليلى ابتسمى وزيلى ذلك العبوس والا سيأتى زوجك وسيحقق معى 


ليلى .. فتاة غربية من الدرجة الاولى تزوجت من حبيبها بعد خمس سنوات منذ لقائهم الاول .. تعرفت عليها عندما استضافتها الى منزلها بعد أن سرق الملثمين حقيبتها الشخصية من المطار .. قامت باستضافتها إلى بيتها وهى لأول مرة تستضيف شخص غريب.. 

رغم ضيق والدها باصطحاب شخص غريب وايضا اجنبية ولكنه اطمأن عندما علم انها فتاة ذو طابع حسن ويمكن الوثوق به وايضاً مرحة ... 

بل أصبحت تنافس في لعبة الشطرنج المفضلة لديه مما توطدت العلاقة بين ليلى ووالدها .. حتى أنها تتعجب بعض الاحيان كيف اصبحت صديقتها بتلك السرعة وايضا لا يوجد اى نقطة مشتركة بينهم !! 


فهى شرقية والاخرى غربية ..طباعهم مختلفة .. كأن القطب الشمالي للمغناطيس انجذب للقطب الجنوبى !! 


انتبهت لصوت شقيقتها وهى تهتف بصراخ 

- يالهههوى ايه المز ده !! 


حمدت ليان ربها كثيرا انه لا يوجد احد فى تلك القاعة يتحدث بالعربية ..كلهم اجانب ..دائما تشعر ان قلبها سوف يتوقف عن النبض بسبب صراخ شقيقتها وهى تحدثها عن الشباب الوسيمين فى الزفاف ..بملامحهم الغربية الوسيمة والجذابة تجعل شقيقتها ستفقد سيطرتها ان لم تتعرف على أحدهم ..


- يالهههوى انا كده قلبى هيقف ايه العيون الملونة ديه ولا الشعر الاشقر انا بعد الفرح ده شكلي هعنس بعد ما شفت المزز دي 

ضحكت ليان رغماً عنها بصوت عالى لتسألها ليلى بعدم فهم

- ماذا تقول شقيقتك ؟ اريد ان اتشارك معكم فى الضحك !!


وقبل أن تتفوه ليان اندفعت شقيقتها بتهور وهى تعيد ما قالته بالانجليزية ..لتتسع إبتسامة ليلى وهي تغمز لها 

- سأقوم بتعريفك على احد الاشخاص لا تقلقي ..قبل خروجك من الزفاف سيكون لديكى صديق أجنبي 

- سارة !!

هتفت بها ليان بحده ..قالت ليلى بمراوغة وخبث

- ولا تقلقى يا سارة وايضا شقيقتك سيكون لها نصيب هي الأخرى 

اشتعلت وجنتى ليان بغضب وهى تنظر الى صديقتها وزوجها الذي تقدم نحو تجمعهم وشارك فى الضحك مع الفتاتان بمرح 

- انت ايضا يا آدم !

التفت اليها آدم متحدثا بمرح 

- حقا شقيقتك مرحة جداً 

كزت على اسنانها بغيظ شديد ..صاحت ليلى وكأنها تذكرت شيئا ما 

- بالمناسبة غدا انتِ وشقيقتك اريدكما ان تكونا فى العاشرة صباحا في ذلك المطعم الذي ذهبنا إليه من قبل !!

اعترضت ليان بابتسامة هادئة 

- اسفة جدا لا نقدر ان تحدثت مع والدى وطلبت منه أن نبقى للغد سوف تطير رقابنا 

هتفت سارة بنبرة طفولية 

- بليييز بقى يا ليان مترفضيش وانا هقنع بابا 

- لأ 

ردت ليلى بجدية 

- يا فتاة انا لا اخذ منك رأيا انا طلبت منك وانتي ستنفذين ...اما عن والدك فأنا سأجعل سيدتى الجميلة سعاد تتدلل الى السيد ابراهيم ليوافق

-تأدبي يا فتاة أنك تتحدثين عن والداى

اجابت ليلى بلا مبالاة

- غدا اراكِ انتى وشيقتك ولا تقلقى سأقنع السيد إبراهيم كما جعلته يوافق ان تأتى الى هنا بمفردك دون ذلك الشاب الملتصق شهاب المدعو بأبن عمك 


تذكرت عندما بعثت ليلى بطاقة الدعوة واخبرتها انها لن تأتي بسبب المسافة البعيدة بين القاهرة وشرم الشيخ ...لتأتي إليها بعد يومين تدق باب شقتها وهى لثانى مرة تزور منزلها 


تعلم جيدا ان ليلى عنيدة لن تتزحزح عن قرارها ..لتهتف بيأس بعد أن حاصرتها ليلى بكل اتجاه من عدم الفرار

- حسنا على العاشرة سنأتي !! 


واستأذنت هي وأختها ليصعدان الى غرفتهما لترتمي ليان على الفراش بأرهاق

- رجلى مش حاسة بيها ..


شهقت بقوة عندما ارتمت اختها هى الاخرى على الفراش وهى تهتف بسعادة

- الفرح كان حلو جدا بجد ال٣ ايام دوول احلى من حياتى


ثلاثة أيام قبل موعد الزفاف كانت هى وليلى وشقيقتها يخرجان من الفندق السابعة صباحا ويعودان إلى العاشرة ليلاً... قضوا الثلاثة أيام إما فى التبضع.. او السفارى 


هتفت سارة بحالميه

- تعرفى نفسى كده انك تتجوزى واحد اجنبي 


ردت ليان باستنكار

- إشمعنا !


هزت كتفيها بمعنى أنها لا تعلم ..

- مش عارفه بس نوع من تحسين السلالة مثلا !!


شهقت بألم عندما وكزتها ليان على ذراعها 

- ايدك بقت تقيلة يا لى لى 


ثم تابعت بخبث 

- يلا بقى احكيلى مفيش حد منهم عجبك كده ولا كده اصل كل اللى شفتهم قمامير..وشكلى كده هعنس بعد الحلويات اللى شفتها ديه 

شهقت بألم أكبر للمرة الثانية عندما رمت ليان بوسادة على وجهها لتهتف بحنق


- انا بقى هخليكى تحلمى بالحلويات ديه!!

ارتعدت سارة وهى تزحف بجسدها للخلف ونظرات ليان لا تبشر بالخير إطلاقاً لتهتف بنبرة متوسلة ضعيفة 

- استهدى بالله كده يا ليان كنت بهزر يا رمضان ايه مبتهزرش؟!


خلعت ليان حجابها وهي تهتف بتوعد

- لا يختي بهزر ..وهوريكى كمان 


اخذت ليان تدغدغها فى جميع انحاء جسدها..تصاعدت ضحكات سارة بصخب ودموعها تهطل من كثرة الضحك وهى تهتف بتوسل 

- خلاص حرمت كفاية كده !!

ابتعدت ليان وهي تتنهد بقوة وكأنها للتو انجزت عمل شاق 

- ناس مبتجيش الا بالعين الحمرا !!


فى صباح اليوم التالى،،

دلفت الشقيقتان إلى المطعم المطل على بحر الساحر لتتوجه نحو الطاولة المستديرة يوجد بها ليلى وآدم فقط وليلى التي تحتضنها بحبور شديد كأنها لم تراها منذ القدم البعيد ..جلست على الطاولة لتجد ان هناك مقعدان شاغران فى مقابلتها ..

قالت ليلى بابتسامة رائعة

- يجب ان اعرفك عن شخص هاام جدا ..رغم انه ليس من عائلتى إلا إنه يعتبر بمثابة أخ لى ..لم يستطيع حضور حفل الزفاف لأعرفك عليه لكنه جاء متأخراً بسبب بعض الأعمال المتراكمة 

اومأت برأسها فى تفهم وأخذت تلقى نظرة الى اخرى الى شقيقتها وهى تلتقط صور السيلفى بمفردها بأوضاع مختلفة ..وايضا مع آدم وليلى ثم اخذت تنظر الى الصور التى التقطتها معهم تنتقي أفضل صورة وهى تضع الصورة على تطبيق انستجرام والفيس بوك معلقة " مع احلى عروسين " 

صاحت سارة بضجر بعد بضعة دقائق من الصمت 

- هو إحنا لسه هنستنى كتير ..انا جعت !!


جزت ليان على اسنانها وهى تهتف بين اسنانها

- اهدى كده والا وانتى عارفه انا ممكن اعملك ايه ومش هيهمنى حد !


كادت تنطق سارة لتبتر حديثها عندما صاحت ليلى بسعادة وهى تقفز من مقعدها 

- زياد 

توجهت نحو ذلك الزياد وهى تتعلق بعنقه غير عابئة بالفتاه التى بجواره 


قال زياد بمرح وهو يحتضنها بحنان

- لقد اصبحتى الان زوجة ..مبارك لكى يا عزيزتى


إلتفت الشقيقتان تنظران الى ذلك الزياد لم تستطع ليان رؤية وجهه بسبب ليلى التى متعلقه بعنقه كالطفلة لتشيح بوجهها عنهم وهى تنظر الى الطبق امامها بشرود ..اما اتسعت عينا سارة بصدمة وهى تقوم من مجلسها تهتف بصوت عالى 

- يخربيت حلاوتك 


لاحظت ليان السكون الذى عم المكان بعد ما تفوهت به سارة ..لتغلق عيناها وقد وصلت لاخر ذرة من الصبر ..التفت الى الجميع وهى تقوم من مجلسها الاخرى تهتف بهدوء وعيناها غير قادرة على النظر الى ذلك الزياد ولا ايضا للباقى..

- اسفه حقا شقيقتى لها طريقة غريبة للترحيب بالأشخاص الجدد


- حقاً وهل انتى لديك طريقة خاصة ايضاً؟


بللت شفتيها وهى ترفع عيناها لتصطدم به ..اتسعت حدقتى عينيها وهي تراه عيناه مثبته عليها ..عيناه كادت ان تشعر بالغرق ..زرقاء صافية بها لمعة غريبة لم تراها من قبل !!..رغم أن حدقتي ليلى زرقاء ايضا ...لكن ذلك الزياد زرقاويه تختلف عن ليلى 

اشاحت بوجهها عندما شعرت انها سوف تغرق بعينيه الزرقاء ..عيناه تشبهان السماء في صفائها ..صوته الرجولي اقشعر بدنها همست بتلعثم 

- كلا 

ما زالت تشعر ان عيناه تخترق جسدها وكأنها تقف عارية امامه ..توردت وجنتيها بخجل مصحوب بحنق شديد.. ينظر إليها غير عابىء بأحد .. هتفت بهدوء وهي تلكز اختها معاتبة 

- لقد قلت لكي الا تفعلى ذلك ؟!

- ولما لا ..ان كانت تلك طريقتها لترحيب الاشخاص لا توجد مشكلة !!


لا توجد مشكلة !! ... حقا إنه يمزح ..ولما يتدخل هو فى الحديث مع شقيقتها.. وليلى التي اتخذت موضع الصمت لا تتفوه بأي شىء .. أخيرا نطق آدم بعد صمود دام لدقائق 

- مرحبا بك يا صديقى 

احتضنا بعضهم بأخوية ثم دار آدم بعينه الى الشقراء ليهتف بخبث

- صديقه جديده أليس كذلك !!

ابتسم زياد بهدوء وهو يمسك كفها

- اعرفك نتالي ..نتالي آدم 

رحبت به بحبور

- مبارك لك اتمنى لكم السعادة 

هز رأسه وهو يحتضن ليلى من خصرها بحب ..

هتفت ليلى بابتسامة 

- زياد ...هذه هى ليان التي اخبرتك عنها من قبل 

رد بهدوء وهو يتطلع اليها مجدداً

- هذه هى إذا ؟

يكفى ذلك نظراته تحرقها ... لتهتف سارة بهمس

- الجدع ده مشلش عينه من عليكى من اول ما شافك 


ستحدث مشكلة بالتأكيد ..تعلم جيدا ان اختها مندفعة بالحديث ... ستحدث كارثة لا محالة !! عندما يعودان الى المنزل 

هدأت نفسها قليلا وهى تستعيد رباطة جأشها وتقابل عينه بجمود 

- نعم إنها أنا ..

ثم استدارت الى ليلى بابتسامة طفيفة 

- ارجوا ان ليلى قد جاءت بالحديث الحسن ؟

أجاب بنبرة جعلتها تتذبذب من نبرته الهادئة 

- نعم لم تتوقف عن الحديث عنك ولو لمرة 

هتفت ليلى بحماس 

- هيا لنجلس سويا ونتناول 


جلستا الشقيقتان بمجلسهما وجدته يجلس بمقابلتها وعيناه لا تتوقف عن اطلاعها..الن يرحم ولو قليلا ..ألا يرى تورد وجنتيها ونظرات الجميع المصوبة عليهم وهما فى حالة صموت.. وماذا عن تلك الشقراء بجانبه ؟ ...الن يراعي مشاعرها ايضاً 

لتميل ليلى هامسه في أذن زياد 

- أرحم الفتاة قليلا ..لا تستطيع رفع عيناها بسبب نظراتك تلك !!

لم يهتم بما تفوهت به هتف بهمس مماثل 

- دعينى امتع عيناي قليلا للفتيات الشرقيات 


زفرت ليلى بيأس ..لتجد النادل يضع الطعام فى صمت ويستأذن فى خفوت ..ليشرع الجميع فى تناول الطعام فى صمت اما سارة فكانت تلتقط بهاتفها عده صور بزوايا مختلفة للطبق امامها ثم شرعت فى تناول الطعام فى صمت هى الاخرى ...

لا تعلم لما شقيقتها اتخذت وضع الصمت اليوم !!..


- هل تعلم يا زياد ان ليان تود أن تجرى لقاءاً صحفيا عن ذلك رجل الأعمال المدعو بزين الحديدى!! 

هتفت بها ليلى بحماس ..

ليجيب زياد بدهشه 

- اووه حقا لما ؟ 

تعلم ان سؤاله موجهة إليها قالت بجمود وهي تعبث بالطعام بشوكتها

- لا اعلم عنه الكثير ..وايضا لم يقوم بعمل لقاءات صحفية كثيرة ربما اثنين او ثلاثه ولا يضعون أي صورة له فى اى لقاء ...لا اعلم لما لا يضعون صورة له بل يكتفون بأنه رجل اعمال شاب ..لقد علمت بالمصادفة وأنا اقرأ احدى مقالات ... ان والده مصريا ووالدته بريطانية ..لذا لما لا يعلم الجميع عن انجازات رجل أعمال مصري ..حقق نجاحات عظيمة رغم صغر سنه !! 

رد بنبرته الهادئة 

- اى إنه لم يضع اى صوره له ..تريدين ان تقومين بعمل لقاء معه !!


ترك جميع حديثها وركز فقط انه لا يضع أي صورة له ؟ 

صاحت بحنق وقد استنفذت اخر ذرة من صبرها

- بربك ما هذا الذي تقوله ؟ هل بعد ما قلته لم يجذب إنتباهك اى شيء سوى انه لا يضع اى صورة لعينة خاصة به!! ..انا اريد لقاء فقط لانه ابن بلدى يستطيع ان يستثمر فى بلده بدل من أي يضع امواله في الخارج !! لقد تعجبت حقا أنه لم يقوم بعمل اى مشروعات هنا فى بلده !

هتف زياد بهدوء 

- على رسلك يا فتاة ..إننى كنت أمزح معك 

ثم استطرد بجدية 

- استطيع ان اجعلك تقابليه 

رمشت عينيها وأذنيها لا تصدق ما سمعته 

- حقا ؟

أومأ رأسه بنعم ليهتف بزرانه 

- اننى اعمل فى احدى شركاته ..استطيع ان اتدبر لكى بضع الوقت لكي تقابليه 

هتفت بهدوء

- ولكن أ..

ليقطعها مبتسماً

- يبدو أنه لم تصلك أخر الاخبار .. إفتتح فرع لشركته هنا فى القاهرة منذ حوالي شهرين !! وهو ايضا هنا فى مصر 


شهران افتتح شركة هنا ولا يعلم احد .. وايضا فى مصر !

هزت برأسها وهى تغير الحديث 

- إذا يا ليلى أين ستسافرين لقضاء شهر العسل 

هتف آدم وهو يقبل كف ليلى

- سنقضي شهر العسل للسفر فى حول العالم أسبوع سنقضيه هنا فى مختلف المدن الساحرة ثم سنذهب مباشرة الى تركيا وباريس وإيطاليا والمالديف 

ابتسمت سارة بسعادة وهى تهتف بحالميه 

- اوعدنا يا رب 

ابتسمت ليان فى خفوت ..وقد بدأت تهدأ عندما اشاح اخيرا ذلك الزياد بنظراته المتعلقه عليها وهو يتحدث مع تلك الشقراء الفاتنة او ليلى وآدم...

.........................................

وضعت ليان الحقائب فى حقيبة السيارة وهى تهتف بتوعد

- اصبرى عليا بس لما نوصل البيت واوريكى 


استلقت سارة السيارة غير مباليه لتهديدات ليان ..لتجلس ليان خلف المقود وهى تنطلق بسيارتها الى القاهرة ..

كانت تضع سارة سماعات حول اذنها وهي تدندن فى خفوت وليان نظراتها مثبتة على الطريق ..

قالت سارة بصياح وكأنها تذكرت شيئا ما 

- شوفتى المز بتاع الصبح ده ...بس ده القنبلة بين اللى شفتهم ..

ثم تابعت بتساؤل 

- رغم كده نظراته مش مريحانى عمال بيسبلك قدام الناس كده ولا هامه حد ؟ تفتكرى ليه ؟؟

صمتت قليلا ثم تابعت بخبث 

- ايه رأيك نقول عليه معجب مثلا ؟ ..زى بتوع الروايات كده اول ما يشوف البطلة يفضل مبحلق فيها ؟! 

- مبحلق !!

هتفت بها ليان باستنكار لتتابع بضيق مصطنع 

- الله يخربيت الروايات اللى لحست دماغك دى ...خليكى عارفه كده مفيش اى حاجه فى الروايات بتحصل فى الحقيقة 

زفرت سارة بحنق

- بت انتى انتِ اصلا فقرية ..خليكى كده يارب اللى يتجوزك كده يطلع عينك كده وتحبيه وهو ميعبركيش 

- لا والله طيب لما نشوف 

هتفت بها ليان بلا مبالاة وهى تعود تنظر للطريق ... لم تنتبه الى حديث سارة بل كان عقلها مشغولا بذلك الزيــاد !! .. .


لم ترتاح ابدا من نظرات ذلك الوقح لتجد بعد أن قاما من الطاولة تسرع الى الفندق وتذهب الى غرفتهم وتلملم ملابسهم وينطلقا إلى القاهرة .. كانت نظرات ليلى المعاتبة وهى تودعها تحزنها ..كانا سيسافران في الغد لكن الغت كل ذلك بسبب ذلك الوقح ..السافل ..عديم التربية !! 

تريد ان تبتعد عنه لا تعلم لماذا ؟ ولكن عقلها نبهها ان تظل بعيدة عنه ذلك افضل .. وكأنها ستراه مرة أخرى ..هل حقا سيجعلها تقابل ذلك الدعو بزين وهى حتى لم تعطيه رقمها !! ..


- انتى يا بت ياللى سرحانه 

فاقت من شرودها على صوت أختها لتهتف بنفاذ صبر

- يا آخره اصبرى ...نعم !!

غمزت سارة بوقاحة 

- شكلك كده سرحانه فى الواد الحليوة ابو عيون زرقا 

- ســارة 

نطقتها بحده و وجنتيها تشتعلان بالحمرة لتهتف سارة محدقة بدهشه 

- اوعى تقوليلى انك حبيتيه بجد !!

حب !! تلك الغبيه لا تعلم اى شىء ..انها فقط تخشاه لا تعلم لماذا ؟ ..عيناه كفيلتان بأنقلاع حصون ثباتك امامه ..كانت ستغرق فى صفاء عيناه وستعلن راية الاستسلام لقلبها ..لا يصح لرجل ان تكون عيناه جميلتان لحد اللعنة !!

- يبقى حبيتيه والله 

فاقت على حديث شقيقتها لتتحدث بحزم وهى تغلق تلك الصفحة 

- مسمعش صوتك لحد لما نوصل للبيت 

وهذا ما حدث ..عده ساعات حتى وصلا بأمان الى منزلهما 

ترجلت سارة من السيارة وهى تجر حقيبتها و تمسك بحقيبة شقيقتها .. 

هتفت ليان وهي تتفحص النقود 

- انا هروح الصيدليه اجيب دوا وهاجى اطلعى بالشنط و هحصلك ...


هرولت ليان وهي تضرب جبهتها ..كيف تنسى دواء والدها ... دلفت الى الصيدلية القابعة فى آخر الشارع وهى تطلب الدواء للصيدلي جارهم فى الشقة العلوية ..اخذت الدواء وهى تعطيه المال و تخرج من الصيدلية تلعن غبائها ...ثلاثة أيام لم تتذكر ان علبة الدواء فارغة ووالدتها لم تخبرها ايضا بذلك ...تنهدت بحزن وهى تتذكر حالة والدها المتأخرة فى العلاج ورفض أشقائه للمساعدة ويمدوا يد العون .. وذلك شهاب ابن عمها الذى لا يتوقف عن ملاحقتها فى اى مكان ذهبت إليه ..


دلفت إلى العقار الذى تقطنه وهى مازالت تبحث عن حل لمساعدة والدها .. ان باعت السيارة والأرض الخاصة بوالدها ومصوغات امها لن يصل المبلغ حتى لنصف العلاج !! 


وقبل أن تصعد الدرج شعرت بيد غليظه تمسك عضدها وقبل اى محاولة للصراخ قد اغلق فمها بيده الاخرى وهو يسحبها الى مكان مظلم فى مدخل العمارة لا يقترب منه أحد من الجيران بعيدا الشقق ..


الفصل الثاني 

انحبست أنفاسها من مجرد رؤيته ..لقد عاد مرة أخرى !!

ماذا يريد منها مرة أخرى ؟ ..لقد تركها محطمة ..وانشطر قلبها إلى أشلاء ..تركها قبل موعد الزفاف بشهر و تقدم لخطبة ابنة خالتها !! ...

ازاح كفه عن فمها وهو يتطلع إليها بنظرات مشتاقة ..زمجرت بغضب وهى تضم قبضتها وتضربها على صدره 

- انت حيوان ايه اللى بتعمله ده !!

- وحشتينى 

اتسعت حدقة عيناها بصدمة لتصيح بانفعال 

- وحش لما يلهفك ..انا مش طايقة ابص فى وشك حتى 

قام باحتضان ذراعيها فى محاولة بائسة لتهدئتها ..لتزيح ذراعيه وهى تشعر بالتقزز 

- ابعد يا حيوان !!

احاط وجهها بكفيه وهمس بنبرة حانية 

- انا يوسف يا ليان ..حبيبك وخطيبك وجوزك 


كفى !! حبيبها ؟ ..كلا لم تحبه كان مجرد حب مراهقة .. خطيبها ؟ يا ليتها لم توافق ابدا ... زوجها ؟ لقد عقدوا القرآن وقام بفسخه قبل الزفاف دون أن يخبرها لماذا ؟ 


ليأتى بعدها بمرور ستة أشهر ويتقدم لخطبة ابن خالتها .. لقد جرحها ..طعنها بدم بارد ..والآن بعد مرور عام يتودد إليها ..وهى قد حذفته من حياتها وعقلها كلياً وهو يهتف بعبارات رومانسية ..إشتياق كانت تتأثر بها فى مرحلة مراهقتها ..لكن الآن بدت باهتة ..لا طعم لها 


- روح قلها لبنت خالتى وقسماً بالله يا يوسف لو عملت كده تانى لأهعملك محضر واخلي سيرتك في المنطقة كلها 


هتفت بها بغضب واعينها تزداد قسوة ..تحدى .. إصرار ..ركلت قدميه ليتأوه بوجع لتنظر له بتشفى وهى متوجهه نحو منزلها !


أغلقت باب منزلها ...شاردة ..وضعت الدواء على الطاولة وهى تتجه نحو غرفتها هى وشقيقتها ولم تستمع الى صوت نداء شقيقتها 

- يا بنت انتى ياللى سرحانه 

نطقت بها ساره وهي تلوح بكفها ..رفعت ليان ببصرها الى شقيقتها وقد بدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها ..

اسرعت سارة وهى تحتضنها بلهفه 

- ليان ..ايه اللى حصل يا حبيبتى ؟ 

مجرد ما إن نطقت بأسمه ..حتى تغيرت ملامح سارة للغضب وقالت بجمود

- ايه لسه بتحبيه مش قادرة تنسيه ؟


اسرعت بتخبئة وجهها نحو عنق سارة وهى تبكى بمرارة ..لم تحبه ..كانت ساكنة جامدة عندما بعث لها ورقة الطلاق وهو يخبرها لا اريدك ... توقعت ان تبكى ليالى مثل العشاق الذين أجبرتهم الظروف على التفرق ..لم تسقط دمعة واحدة ..


ما جعلها تبكى ..كرامتها التى هدرت ..نظرات الجميع وكأنهم يتهمونها أنها هى السبب ..يوجد عيب بها ..نظراتهم تقتلها تجعلها تتمنى الموت ..


- لا مبحبهوش ..جرحنى يا سارة نظرات الناس ليا كل يوم بتحسسنى ان انا معيوبة ..وفى الاخر بعد كام شهر يروح يخطب بنت خالتي ويجى يقولى دلوقتي وحشتينى ..

زمجرت سارة بغضب

- والله لاوريه الحيوان ده 

ابتعدت ليان عن حضنها وهى تجفف دموعها بكف يدها لتسقط ببصرها على الفراش الثانى لملامح شخص ..ازدادت نبضات قلبها عندما بدأت تدقق في ملامح الصورة ...


إلتقطت اللوحة بيدين مرتجفة وهي تتطلع الى ملامحه صاحب الوجه ..إنه هو !! ابتلعت ريقها وهى تنظر الى عيناه همست بلا وعى 

- عينيه مش داكنة يا سارة ..عينه فيه بريق غريب اول مرة اشوفه

ندمت على ما تفوهت به وهي تطالع ملامح سارة التي هتفت بخبث 

- الله ايه بقى الحكاية ؟ ده انتى كنتى مركزة بقى على عنيه !!

- مفيش حاجه 

قامت بوضع اللوحة على الفراش مرة أخرى ..كيف رسمت شقيقتها ملامحه فى دقائق قصيرة ! .. لو أخذت تدقق في ملامحه لأكتشفت كل يوم تفصيلة جديدة لم تكتشفها بعد ..


نهرت نفسها وهى لا تعلم لماذا يشغل عقلها بتلك الطريقة التى بادت تزعجها ...تعلم انها لن تراه مرة أخرى ..بل متأكدة من ذلك 

لتنطق إسمه بشرود وهي تدقق في كل حرف من إسمه !!

زيـــاد ..معزوفة هادئة وهي تتهجأ إسمه ..


ملامحه غريبة للغاية ولكن كيف اسمه زيــاد !! ...

- والله شكل الجدع ده عملك سحر 

نطقت بها سارة بشقاوة ..سحر ؟ ..لقد وقعت فى سحره نعم ..كيف ومتى لا تعلم ؟


على الرغم من نظراته العابثة إلا أنها لا تعلم عندما تعلقت عيناها بعينيه كان يخبرها بشيء بنظراته وكأنه يوصل لها رسالة ..وهى حتى الآن تحاول فك تلك الشفرة .. وكأنها مسألة رياضيات يصعب حلها 


زجرت نفسها ..كيف تتعلق به لتلك الدرجة على الرغم من عدة سويعات فقط رأته !! حياته عابثة ايضاً مختلفة تماما عن حياتها الشرقية ..


تنهدت بقلة حيلة ..لن تكون بينهم اى صلة ببعضهم !! ..أفكارهم.. طبيعتهم ...طباعهم...تصرفاتهم مختلفة 

بل هما كالشرق والغرب والذى من الصعب ان يتحدا معاً

.............................

ظلت تنظر ندى على الصور الزفاف من الحاسوب بانبهار 

- ايه يا بنتى ده ايه ..بجد احسدك القاعة ولا فى الاحلام ..لو حد كان منزل الصور ديه كنت قلت مش ممكن فرح زي ده يكون فى مصر 


كانت تستمع ليان بملل وهى تقلب بهاتفها على احد مواقع التواصل الاجتماعى ..جحظت حدقتى عيناها البندقية مما جعلها تنتفض من مكانها 

- بصى شوفى كده !!

اخذت ندى الهاتف من ليان وهي تنظر باهتمام لتهتف بدهشه 

- ازاى حصل كده ؟ عدد المتابعين على اليوتيوب زادوا تلات اضعاف ازاى ؟ 

- مش عارفة بجد !!

هتفت بها بشرود وهي تحاول كيف حدث ذلك ؟ ..كانت أعداد المتابعين تزاد بمقدار معين كل يوم ..بين ليلة وضحاها تزداد أعداد المتابعين لثلاثة أضعاف عددها ..اخذت تقلب هاتفها لعدد المشاهدات التى ارتفعت بنسبة مهولة ..ثم أخذت تتابع الاحداث على موقع "الفيس بوك " لتجد خبر جعل قلبها يتوقف من النبض !

صاحت ندى بصدمة وهي جالسة بجوارها 

- اللى قريته ده بجد ؟

ثم تابعت بسعادة 

- ايوه بقى وبقيتى تريند ١ فى مصر ..هتقابلى زين الحديدى بنفسه 


عقلها شل تماماً عن التفكير .. توقعت ان لن يفى زياد بوعده عندما أخبرها انه يستطيع ان تجعله بعمل لقاء صحفى ... يبدو هناك علاقة قوية تربط بين زين و زياد ..ربما أصدقاء !! 


صاحت بحسم 

- مش هروح اعمل اللقاء 

اختفت ملامح السعادة على وجه ندى ليحتل معالمها الصدمة 

- انتى بتهزرى يا ليان ..انتى عارفة مجرد مقابلته هتوصلي لفين بعد كده ..مش بعيد القنوات الفضائية تقدملك عروض إنك تعملى برنامج خاص 


هزت رأسها بالنفي وهي تتابع 

- برده مش هروح ..انتى عارفه من اول ما عملنا قناه على اليوتيوب و احنا واخدينا كترفيه وتسلية ..انا اصلا مش مذيعة ولا عايزة ابقى كده كانت مجرد هواية ومش عايزة اطورها 


صاحت ندى بانفعال 

- ليان فوقى بلاش عبط ..متبقيش انانية متفكريش بنفسك انا عارفة انك مش خايفة بس ..لا مرعوبة من الفكرة ..الناس ديه رغم انهم فى عايشين فى عالم تانى غير عالمنا مش معناه برده منحلمش نوصل لده ...انتى خايفة من ايه ؟ ده انتى هتعملى مقابلة عشر دقايق ومش هتشوفيهم اصلا ولا حتى هتقابليهم بالصدفة 


ثم استطردت بحنو 

- فكرى كده ممكن بعد المقابلة ديه هنوصل للعالمية ..فكرى فى عمو إبراهيم يا ليان محتاج عملية وكل يوم بنتأخر كل ما فرصة نجاح العملية بتقل 


بابا هتفت بها بشجن ..صديقتها ندى محقة فى كل ما قالته ..لكن شعور بداخلها يخبرها أن المقابلة لن تمر مرور الكرام ..كل ما تذكرت زين الحديدى جسدها يرتجف من مجرد اسمه ...تقسم انها ان قابلته وجهها لوجه سيغشى عليها ..اسمه يبعث بقلبها الرهبة ..ولكن لماذا وافق على مقابلتها ؟ انها لم تتخرج من كلية الإعلام ..هى مجرد خريجة فى كلية إدارة الأعمال ... وبعد تخرجها هى وصديقتها ندى التى تعرفت عليها منذ العام الاول فى الجامعة وعدم قبولهم فى اى مقابلة للعمل ..قامت بإنشاء قناة لمقابلة بعض الفنانين وبعض الابطال الاولمبيات ...


انتبهت على رنين هاتفها وهى تجد رقم مميز لتجيب على الفور ..

ظلت ندى تطالع ليان وهى تتحدث بتوتر ..كانت كلامها قليل ولكنها استنتجت أن من حديثها باللغة الانجليزية انه بتحديد موعد المقابلة ..


نظرت إليها بفضول بعد ما انتهت من المكالمة وهى تتطلع الى ملامح وجهها الجامد لتهتف بتحفز

- ها طمنيني هما ؟


هزت رأسها بالايجاب وقالت

- ايوه بس شروطهم غريبة !!

...........................

ظل يقلب فى الصور القديمة ...له ولفتاه اصغر منه بحوالى اربعة اعوام ...ابتسامتها كالحياة بالنسبة له ..يتذكر تلك الصورة جيداً التقطتها والدتها فى عيد مولدها السابع ...


صورة تتبعها صورة ...ويزداد حنينه إلى الماضى بتلهف .. لقد خسرها للأبد حبه الوحيد ..حب طفولته خسره بسبب دين لعين !!

انتبه على وجود والدته وهو تحيط بوجنتيه وتمسح دموعه ..دموع حسرة ...دموع ألم ..دموع فقدان 

- انسى يا يوسف ده افضل ليك 


ضحك بتهكم وهو يعيد بأنظاره للالبوم الذكريات 

- مش قادر يا أمى ... ضيعتها من ايدى كنت خلاص كام اسبوع وهتبقى فى بيتى مراتى ..ده انا يوم كتب الكتاب بوستها على راسها ...ولا لمست ايديها غير مرة واحده وانا بلبسها الدبلة..ولا حضنتها .. خزنت كل حاجه لما تكون فى بيتى .. كنت بخاف عليها اكتر من نفسى لحد يجرحها او يهينها من كلام الناس لو شافتنا مع بعض احنا داخلين او طالعين ..


صمتت للحظات وهو يلتقط انفاسه ..وقلبه المتحطم بحاجه إليها .. بسماع صوتها 

- بس انا جرحتها عذبتها ارتكبت اكبر غلطة فى حياتى لما سيبتها ..

لغايه دلوقتى فاكر الليلة المشؤمة اللى بقت بتجيلى فى الكوابيس كل يوم !


ضمته لصدرها وهو لم يتوقف عن التحدث ..ظلت ترتل عليه بعض من آيات ذكر الحكيم لتهدئته وهي تدعى وتناجى ربها بأن ينزع حب ليان من قلبه !!

..................................

ساكنة بين دفء ذراعيه ... يبث داخل أذنها بكلماته المعسولة 

كلماته تداعب روحها ..انوثتها 

التقطت هاتفها وسط إعتراضته هاتفه بتوسل 


- انتظر قليلا عزيزي ..لقد منعتني لمدة أسبوع من عدم وجود هاتف 

تذمر بعبوس وسط توسلها والحاحها الذى جعله يوافق على مضض

- حسنا عشر دقائق وتغلقي هاتفك 

دنت نحو وجنتيه طابعه قبلة هادئة بعثرته وجاهد لمحاولة عدم التهور لمدة عشر دقائق فقط ...

كانت تعبث بهاتفها بملل إلا بعد فترة وجدها تصنم معالم وجهها ليسألها باهتمام وبدأ يعتري معالم وجهه بالقلق 

- ما الأمر يا ليلى ؟ 

اعطته هاتفها لينظر الى هاتفها بأهتمام ثم ما لبث أن هدأ سألها بلا مبالاة 

- وما في الأمر ؟ لا أجد أي شيء يعتري الاهتمام 


بدأت تتصاعد أبخرة الغضب 

- انت تمزح بالتأكيد ..ليان ستعقد لقاء صحفى مع زين !! وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عنها الآن وأنت تخبرنى أنك لا تجد أى إهتمام فى ذلك الخبر ؟ 

حاول امتصاص غضبها 

- إ حبيبتى ..لا يوجد كل ذلك داعى للغضب


زمجرت بحنق وهي تعبث بهاتفها 

- بلى يدعى كل ذلك .. سأتصل بزياد أريد أن أعلم هل حقاً هل تلك مزحة من مزحاته أم يتحدث بجدية ! 


حاول التحدث ليجدها خرجت من غرفتهم متوجهه نحو الشرفة ..ليسب آدم ذلك الزياد بداخله فقط قام بتحطيم وأفسد ليلته ومخططاته 


توجه نحوها ووجدها جالسة على المقعد تهز ساقها بتوتر و بنفاذ صبر 

- ماذا ...هل رد ؟

رمت هاتفها على المنضدة بأهمال وهى تهتف بحنق

- كلا لم يرد ولا ليان ايضا !


احتضن وجهها بكفيه وهتف بهدوء 

- ماذا الذي يضايقك عزيزتى ؟ انتِ من تحدثتى لزياد واخبرتيه ان ليان تود عمل لقاء صحفى مع زين ما المشكلة إذاً ؟ 

أجابت وهى تهز رأسها يمينا ويسارا 


- مهما شرحت لن تفهمني 

ثم اشاحت بذراعيه وهى تلتقط هاتفها مرة اخرى لتجد يد منعتها بقوة وهو يهتف بصوت ماكر 

- كلا عزيزتى لن تهربى منى تلك المرة !

............................................

عادت إلى منزلها لتجد حالة الهرج والمرج نحوها وجدت خالتها حسينة وابنة خالتها ورد تجلس بابتسامة مشرقة ..


تابعت طريقها إلى غرفتها ملقية السلام ..مصمصت حسينه شفتيها بتعجب

- شوف البت ولا كأنها بتسلم على غُرب 

لتؤيدها ورد هاتفه بغيرة دفينه

- عندك حق يا ماما ... بتبصلى من تحت لتحت بعد ما يوسف اتقدملى وهى بتحاول توقع ما بينا 


ضربت حسينه بكفها على صدرها بشهقة كعلامة مستنكرة

- يا حبيبتى يا بنتى ربنا يبعد عنك عين الناس الحسودة 

نطقتها بعلو صوتها لكى تستمع القابعة بالداخل ..

قامت سارة بوضع الشاي على الطاوله وهى تبتسم ابتسامة بلهاء

- الشاى يا خالتو 

تبرمت حسينه بحنق

- مالك يا بت بتبصيلى بقرف كده ليه وكأنك بتطردينا من البيت 

هتفت سارة بدهشة 

- انا ! لا البيت بيتك طبعا يا خالتو 

أخذت حسينه الكوب وهي ترتشفه لتهتف بامتعاض 

- وايه الشاى اللى يسد النفس ده 

قامت من مجلسها وكأن حية لدغتها 

- انا عارفه انى كل ما باجى هنا وانتوا مش مستحملينى انا وبنتى كلمه

بنبرة حزينة مصطنعة تابعت

- كده يا بنتى ده انا حتى خالتك !!


كانت تنظر سارة بدهشة وهى لا تجد الفرصة للرد لتجد ورد هى الاخرى قامت من مجلسها وشاركت فى الحديث بعد فترة من صموتها

- احنا كنا جايين علشان نعزمكم على كتب الكتاب اخر الاسبوع بس واضح كده انكم مش طايقنا 


وهرولا الاثنتان خارج المنزل بعد أن ألقى بقنبلتهما أمامها .. هتفت ليان وهي تتساءل بفضول 

- ايه اللى حصل ؟


ضربت سارة بكفوفها فى حالة تعجب وهى تنظر الى أثر الباب 

- قال كتب الكتاب اخر الاسبوع 


هتفت ليان بلا مبالاة وهي تعود أدراجها الى غرفتها 

- ألف مبروك

سمعت سارة صياح والدتها من المطبخ لتهتف بصوت عالى 

- نعم يا ماما جايه 


ثم أخذت تبرطم بكلامها

- ياربى يعنى ماما تتحجج بمقابلتهم وتقول مواعين والغدا والاخت اول ما شافتهم جريت على الاوضه وافضل انا الوحيدة فى وش المدفع

سمعت صوت والدتها للمرة الثانية صائحه بغضب لتهرول ناحيه المطبخ مسرعة 

- ايوه يا ماما جايه !!

..........................

اليوم موعد مقابلتها مع زين الحديدى ...جسدها يرتعش من مجرد اسمه وتتوتر عندما يقترب موعد مقابلته ..


انتبهت على صوت بوق السيارة التى ستتجه الى المكان القابع به ..

نظرت الى السائق لتجد رجل فى عمر والدها بشوش الوجه وتعجبت مرة اخرى ؟ هل إختار سائق مصرى ؟ لماذا ؟ 


مجرد أسئلة تدور داخل خلدها وهي موقنة انها لن تعرف تلك الإجابات ... حانت منها التفاته نحو السيارة الفاهرة لتتسع عيناها بإعجاب كتمت شهقتها بصعوبة لكي لا تفتضح .. قارنت سيارتها بتلك الفاهرة ..لا مجال للمقارنة إطلاقاً ... سيارة كتلك تتعدى المليون او المليونين تقريباً 


أسرع السائق بفتح الباب الخلفى لتبتسم بتوتر وهى تستقل السيارة ليعود السائق مرة أخرى الى خلف الموقد وهو ينظر من المرآة نحوها 

- هنوصل خلال ساعة او ساعتين بالكتير ..البيه قاعد فى قصره والقصر بعيد عن المناطق السكنية ولو روحتى لوحدك ممكن تتوهى ..


ازدادت معدل ضربات قلبها وهى تستمع الى حديث ذلك البشوش.. منطقة بعيدة !! وفى عرينه !! ستذهب بقدميها إليه نحو عرين الاسد !!


أمسكت بالملف وهى تحتضنه نحو جسدها وهى تدعى أن يمر ذلك اليوم بخير ..


ساعتان وقد أصابها الملل بعد أن أبتعدت السيارة عن المدينة وتتوجه إلى أحدى المناطق البعيدة عن السكان ..ظلت تقلب عينيها بملل وظلت تعبث بهاتفها لكى تضيع ذلك الوقت..


انتبهت على بوابة ضخمة وإذا بالابواب تفتح إلكترونياً .. ابتلعت ريقها وهي تنظر الى كم عدد الحراسة بالداخل ..يكفى الجثتين اللذان فى الخارج ..ومن الاحمق الذى سيذهب الى منطقة بعيدة !!


ظلت السيارة تسير حول ربع ساعة الى أن توقفت نحو باب القصر ... نظراتها تجوب ذلك المكان بانبهار المكان عبارة عن تحفة فنية .. 


اعترضت عندما هم السائق بفتح الباب وترجلت من السيارة وهى تغلق الباب خلفها لتصعد ثلاث درجات وتقوم بالنقر على زر الجرس..


أغلفت جفنيها وهي تحاول تعيد تركيزها .. المكان حولها أشبه بالجنة .. القصر برغم انه عتيق إلا أنه يعطيه جاذبية وفخامة والنافورة الضخمة القابعة أمام القصر .. أسرت عيناها أول مرة ..


فُتح الباب بواسطة أحد رجال الحراسة وهو يشير بالتقدم ..لم يتفوه ولو بكلمة فقد كان تسير خلفه بشرود وما زالت تضم الملف نحو صدرها وكأنها تستمد الحماية منه وهى تنظر أرضاً ..


انتبهت أنها تدخل احدى الغرف وأغُلق الباب خلفها ..

لتنظر نحو المكان الواسع بتوجس والنافذة تطل على الخضرة ..


كان يوجد شخص متكىء على المكتب يتحدث بنبرة هادئة الى الهاتف وهو يوليها ظهره نحو النافذة ..

انتهى من الحديث وهو يضع الهاتف بجانبه ثم يلتفت إليها وهو يهتف بعملية بحته ويجلس فى مقعده 

- تفضلي بالجلوس آنسه ليان


اتسعت حدقة عيناها البندقية صدمة وذعراً وهى تنظر إليه !! 

إلى زين الحديدى !! لتسقط الملف الذى تضمه إلى صدرها وتتبعثر الاوراق 


الفصل الثالث 

كان مستمتعاً بنظراتها المصدومة ... حتى بعد سقوط الملف والأوراق المبعثرة لم تلتقطهم ... قام من مقعده وهو يتقدم نحو تلك الواقفة كلوح الخشب يلوح بيديه امام وجهها هاتفاً بعبث 

- مرحبا يا فتاة أين انتِ؟ 

ظلت ترمش عيناها وهى تكذب ما رأته كيف يكون ..زياد هو زين همست بشرود

- كيف ذلك ؟

وضع كفيه فى جيب بنطاله وهو يهتف بعملية مجيباً على سؤالها 

- ادعى زين زياد الحديدى 


هزت رأسها وهى تشيح بوجهها عنه ونبضات قلبها تتسارع بقوة وكأنها في سباق ماراثون ..


انحنت لكى تلتقط الأوراق المبعثرة ..لتتسمر عندما وجدت كفه لامست كفها وهو يقول بجمود

- لا تنحنى ابداً 

رغم الثوانى اللاتى تلامست أيديهم ولكن شعرت بشرر كهربائى 


يسير نحو كامل جسدها ..لتنظر إليه لم يتأثر بالتأكيد .. إنه غريباً متحرراً ماذا توقعت ! ..ولكن لما طلب منها عدم التقاط الأوراق ؟ 


بعد فترة وجدت حائط بشرى دلف إلى لينحنى وهو يلتقط الأوراق ثم يضعهم فى الملف قائلا بعملية معطياً إياها الملف 

- تفضلي يا آنسة 


شكرته فى هدوء وهى تأخذ منه الملف ..لتعود أنظارها نحوه ..تجمدت مرة اخرى امامه لا تعلم لما تقدم نحوها بتلك المسافة المهلكة ..


شعرت بأنفاسه الحارقة تلفح صفائح وجهها ..جسدها لم يتحرك قيد أنملة من أثر اقترابه المهلك ولكن كانت عيناها مرتعدة ..


قال ببرود وهو يطالع معالم وجهها المرتعدة ليخطو خطوة للخلف 


- بربك كأنك رأيتى شبح أمامك .. لقد كنت اتفحص انك بخير ام لا بسبب وقوفك كالتمثال امامى منذ ان رأيتنى !!


ضغطت على الملف بقوه تحاول التحكم فى نفسها .. وعقلها ينبهها عليها الهروب .... الآن !!


- سنؤجل المقابلة ليوم آخر 


ثم أخذت تخطو بخطوات مسرعة مرتبكة وهى تمسك بمقبض الباب ، سمعت صوته الذى صاح بجمود ونبرة جافة


- أقسم لكِ إن تحركتى قيد أنملة من مكانك فلن تخرجى من ذلك المكان ابداً


سكنت فى مكانها على الفور وما زالت يديها معلقة عند المقبض.. تبا تبا تبا تشعر بالاختناق بسبب رائحة عطره التى تداعب انفها ..


اغلقت جفنيها وهى تسحب نفسا عميقاً ردت ببرود مماثل له 

- لن تجرأ على فعلها 


- بل يمكنني فعلها ..كما إنك الان فى قصرى لن تخطي اي خطوة دون اذنى 


بدأت تتصاعد ابخرة الغضب لتتوجه نحو ذلك البارد وهو تضم ذلك الملف بقبضة يديها ..عديم المشاعر وهى تصيح بوجهه 


- واللعنة من اين ظهرت لى يا هذا ؟


- توقفي عن شتمى وثانيا انا لست هذا !! 


أجابها ببرود ونظراته المتسلية تتابع تصاعد غضبها ...

هتفت بحنق 


- لن تجبرني التوقف عن الحديث 


رد ببرود مصاحباً بمكر 

- إذا ستجعلنى اصمت شفتيك بطريقة لن تعجبك 


صمتت للحظات تستوعب ما يرمى إليه لتتسع عيناها ذعرا وهى تحاول ان تكذب ما جال بذهنها .. نظرت إلى ذلك الوقح البارد ليومىء هو برأسه مستنداً بجزعه على المكتب وزرقاوته عيناه يظهران ذلك البريق اللامع ..


- نعم عزيزتى إنه ما دار بذهنك بالفعل 


هتفت بلا وعي واعينيها تشتعل من الغضب 


- ايها السافل الوقح النذل الحقير كي...


قاطعها ببروده 


- أقسم لك مرة اخرى وستجديننى فعلتها 


- كلا لن اتوقف انا ل...


بترت باقى كلامتها عندما وجدته فجأه يسحبها الى صدره العريض ويسقط الملف لثانى مرة وتتبعثر الاوراق ..تسارعت نبضات قلبها وحدقتى عيناها متسعة من الصدمة ..


لقد تلقت الكثير من الصدمات اليوم ولكن لم تكن متوقعة أن يصل لذلك الحد ...


حاولت التملص منه لتجده يمسك بذراعيها الاثنتين بيد واحدة ولفها حولها ظهرها ليشلها عن الحركة ..


هتف بنبرة ذات مغزى 

- يبدو إنك متشوقة جداً لتلك التجربة وانا لن أمانع على الإطلاق 


همت بالحديث ليقاطعها بصرامة 

- إن تفوهتى أى حماقة أخرى أقسم لك أنني سأفعلها 


ابتلعت كلماتها داخل جوفها وهى تنظر إليه ملامحة الوسيمة ..جاذبية مهلكة بداية من بشرته البيضاء وشعره الكستنائى الغزير المصفف بعناية و حاجبان كثيفان ثم إلى زرقاوته ولمعته الغريبة وانفه المستقيم ..ملامحه بالكامل غربية .. وسيم... وسيم لحد اللعنة ! لا يجب على رجل أن يكون وسيماً إلى ذلك الحد !!


أخفضت عيناها أرضا عندما لاحظت عيناه التى لم تتزحزح عن الغوص داخل بحار بندقيتها ..


وجدته بعد فتره ازاح يديه ويبتعد فى هدوء وكأن شيئا لم يحدث 


اما هى بالطبع ليست مثله إن كان فعل ذلك من قبل مع للعديد الفتيات فأنه الوحيد الذى اقترب إليها ولم يبعد سوى إنشات بسيطة لا تذكر .. اشياء بداخلها تتدفق بقوة هائلة وبدأت تشعر بالبرودة بعد ان ابتعدت احضانه الدافئة ..


صاح بجمود وهو ينظر للأوراق المبعثرة ارضاً


- تستطيعى الان الرحيل ..ونتقابل فى يوم آخر 

ما إن انهى حتى فرت هاربة نحو الخارج ..تاركة الملف ملقى على الأرض غير عابئة به ..


خرجت من القصر وهى تتنفس بحرية وتجد السائق البشوش منتظراً إياها لتهرول وتصعد إلى السيارة فى لمح بصر..


جلس السائق خلف المقود وقبل ان يتحرك جاء أحد الحوائط البشرية وهو يعطيه الملف ..الملف الذي تود حرقه 

أخذه السائق ومازالت عيناه تتطلعان إليها بنظرات لم تفهمها ...


وجدته يتحرك بسيارته بهدوء وما إن خرجت السيارة من البوابة الالكترونية تنهدت براحه وهي تهتف فى خفوت 

- بيحلم لو فكر نفسه انى ممكن اجى هنا تانى 


ثم انتبهت على السائق وهو يعطيها الملف ..لتأخذه بأبتسامة بلهاء ..و تقوم بفتح الزجاج لتلقى الملف وسط دهشته !!


ابتسمت له بسعادة ..نادمة على موافقتها للذهاب .. بل ايضا ما تفوهت به امام ليلى وهى فى وسط الحديث تخبرها بتمنيها بعمل لقاء صحفي معه ...


عبست ملامحها ليحل محلها الخوف ... قبل فرارها من القصر نظرته ... نظرته ارعبتها .. بعثت في قلبها المسكين هلعاً .. 

كأنه يخبرها انها لن تكون المرة الاخيرة للقائهم !! 


.....................................


عادت إلى منزلها لتتوجه نحو غرفة ابيها قعيد الفراش منذ أن اصابه المرض الخطير ..

لتجده يحمل فى يديه المصحف يتلو بعض آيات الذكر الحكيم .. لينتبه إلى وجودها وهو يرفع بنظره نحوها 

- تعالى يا حبيبتى 


توجهت نحوه وجلست بجواره تحتضنه متشبثة به بقوة قائلة بشقاوة


- لو سوسو جات ممكن تطلبنا البوليس وانا مش قدها 


ضحكت وسط أحزانها لتبتعد عن أحضانه وهى تتطلع له بصمت ..لاحظ إبراهيم انه يوجد شىء بسبب نظراتها الضائعة 


- مالك يا حبيبتى ؟


ظل يربت على يدها بحنو ..لترتمى مرة أخرى في أحضانه وانفجرت فى البكاء ربت إبراهيم على ظهرها حتى بدأ صوت شهقاتها و نشيجها يهدأ بعض الشىء 

هتفت وهي تمسح دموعها بكفيها كالطفلة الصغيرة 

- مش قادرة إحساس العجز بيدمرنى يا بابا ..مش فى ايدى حاجه اقدر اساعدك بيها ..تعبت بجد 

رد إبراهيم برزانة 


- قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا 


صمتت لعدة ثوانى وقال وعيناه مثبته على عيناها 


- بس مش ده اللى انتِ كنتى عايزاه تقوليه .. فى حاجه تانيه مخبياها عنى من اول ما رجعتى من الفرح .. بقيتى بتسرحى كتير وسارة طول الوقت بتتكلم بغموض عن حاجه وتقومى تهبى فيها زي البوتجاز 


زمت شفتيها بعبوس 

- انا برده ! 


كيف تتحدث فى موضع حساس امامه .. لن تقدر وجنتيها تتوردان من الخجل من مجرد ما حدث فى الصباح ..ما زالت تشعر بكفيه الدافئتين تحيطان بذراعها .. وانفاسه وعطره ..


- لطاما مش عايزه تحبى تحكى مش هجبرك !

قبلت وجنتيه وبدأت تعطيه الدواء لتهتف بتساؤل

- هى إعصار البيت فينها مش سمعالها حس 

؟ 

تفاجأ بصوتها وهى تفتح الباب 

- سمعتك على فكره !


ثم توجهت نحو والدها وهى تقبله من وجنتيه وتزيح ليان الجالسة بجواره 


- بابا حبييى كل سنه و حضرتك طيب

ضيق الأب عيناه ويهتف بتوجس


- انا مش مستريح لدخلتك ديه ! قولى علطول عايزة ايه ؟؟

تراقصت حاجبها بشقاوة

- حبيبى ياللى بيفهمنى من هى وطايرة ..عايزة اروح عيد ميلاد صاحبتي النهاردة ومتقلقش مش هتأخر ساعتين وهرجع البيت 


وظلت سارة تتحدث حتى جعلته يوافق باستسلام هتفت ليان وهي تمط شفتيها بامتعاض 


- يا بنتى هو انتى اول ما دخلتى كلية بتتفسحى مبترحميش


عدلت سارة ياقة بلوزتها 

- يا ماما خلاص شغل الثانوى ده بح !! انا كبرت ودخلت كليه وبقيت معتمده على نفسى 


ثم تساءلت باهتمام


- صح عملتى ايه فى مقابلتك النهاردة ؟ 


صمتت عن الحديث لترى زوجان من الاعين تتطالعها باهتمام أجابت ببرود رغم انفعالات جسدها الداخلية 

- معملتش 

ثم استدارات وخرجت من الغرفة حتى تسلم من اسئلة سارة التى لن تنتهى امام والدها ..


نظرت سارة بتعجب إلى والدها هاتفه بتساؤل 

- ده اللى هو ازاى !! 

....................................


كانت الليلة عقد قران يوسف و ورد 

كانت الليلة هادئة ؟!! .. تلميحات حسينة وهى طوال الوقت لا تدعها وشأنها أينما ذهبت لتبث بداخل أذنها بكلمات مسمومة جعلتها تود ان تتوقف ولو قليلا رغم ذلك كانت تبتسم ابتسامة بلهاء أمام وجهها .. والجميع 

ويوسف الذى لم يكف عن إرسال نظراته حتى أمام الجميع ..لترتشف العصير ببرود وأصبحت غير عابئة بحديث الجميع عنها ... 

رنين هاتفها جعلها تخرج من المنزل بعيداً عن الضوضاء وهى ترد بهدوء لرقم غريب 

- الو 

لم تتلقى رد فظلت تكرر حتى سمعت صوت 

- اسف انى بتصل فى وقت مش مناسب يا انسه ليان 

حاولت ان تجمع صاحب ذلك الصوت لتهتف بتوجس

- مين معايا ؟ 


هتف الرجل بحبور 

- انا حمزة سواق زين بيه 


مجرد ذكر إسمه جعلها تسترجع ما حدث لتهتف بهدوء

- خير ان شاء الله 


أجاب الرجل بعملية 

- هستناكى فى نفس معادنا يا انسه ونفس المكان بكره


وقبل محاولة الاعتراض أغلق الهاتف فى وجهها ... ما هذه الوقاحة ! يضعونها أمام الأمر الواقع ! وما المفترض بها أن تفعل ؟ هل ستتركه ..كلا إن وافقت على مضض المرة السابقة للذهاب لن تذهب هناك مرة أخرى ...ولنرى ماذا سيفعل ؟ 

...................................

ذهبت شقيقتها الى الجامعه و والدها ووالدتها الى الطبيب وهى الوحيده الجالسة فى المنزل ... هل تجلس كالجبانة ...انتفضت من فراشها ..ستواجهه ..ستخبره انها لن تخشاه ..ليست جبانة لتستلم وتيأس ..لم ينتهى الحرب بعد !!


خرجت من منزلها وهى تسابق الريح لتذهب الى ذلك المكان مرة اخرى ولكن ليست خائفة ومتوترة ..واثقة اعينها تلمع بتحدى وإصرار ...


وجدت السائق ينظر لها ببشاشة للمرة الثانية لتستقل السيارة بعد أن منعته من ان يفتح لها الباب ..


لم تشعر بالوقت الذى جرى بسرعة ..لتجد السيارة توقفت أمام باب القصر ..لتترجل من السيارة وهي ترى الحارس مفتول العضلات ينتظرها أمام باب القصر ..


نفس المشهد تكرر كما هو ..دلفت إلى باب الغرفة لتجده يجلس على مقعده محدقا بالباب الذي انفتح ..


تقدمت نحو بثقة جاهدت فى ظهورها عندما أغلق باب الغرفة ..

لتجلس على المقعد الذي اشاره بأصبعه ..


نظراته تحرقها غمغمت فى خفوت وهى تركز ببصرها إلى منظر الطبيعه من النافذة 


- هل نبدأ ؟ 


قام من مقعده وهو يتوجه نحوها واضعا كفيه في جيبي بنطاله محدثا ببرود اعتادته 


- ماذا توقعتى لكى ارسلك هنا للمرة الثانية ..... هل توقعتى انه من اجل لقاء تافه !


لقاء تافه ! أغمضت جفنيها وهي تحاول عدم الفتك به ..سحقت شفتيها وهى تهتف بحده 


- لقاء تافه ! لماذا أرسلتني إلى هنا إذن ؟

استند بجزعه العلوى على المكتب وهي تتعلق بأنظارها نحوه منتظرة أن يتحدث ...نظر إليها بطريقة اربكتها وجعلتها تشيح بوجهها الى نقطة فى الفراغ ..


انتظرت دقيقتان منتظره إجابته ..لتقوم من مجلسها وهى تتوجه نحو الباب يكفى ما حدث لن تنتظره لكى يتحدث ..سمعته يصيح بحده

- للمرة الثانية لم آذن لك بالخروج !!


كفى ! لقد سئمت لم تشعر بنفسها سوى انها تتقدم نحوه وتصيح بانفعال 


- ما هذا البرود الذي تتحدث به .. ومن انت لتتحكم بى .. انت لا دخل لك بي إطلاقا ... اتفهم !!


ابتسم بسخرية 

- الاحظ انكِ اصبحتى قطة شقية ! 


- قطة شقية ! لا تتجاوز حدودك ابداً 


كانت تهتف بها بانفعال ووجنتيها متوردتان من الغضب ..

وتابعت بحده 


- لقد أخطأت عندما جئت للمرة الثانية 


- نعم عزيزتى لقد أخطأتى فعلا !!

هتف بها بغموض شديد لترتجف عندما وجدته يتقدم نحوها ويتحدث بجمود


- لكن أصبح لا مفر من الخروج !!

هوى قلبها ذعراً وهي ترى لمعه عيناه البراقة لتهتف بتوجس وهى تحاول ان تبث السكينة في قلبها 

- ماذا تقصد ؟


أجاب ببرود و زرقاوته مثبتة على بندقيتها 

- سأعرض عليك صفقة رابحة لكلانا !!


الفصل الرابع 

نبرته كانت جافة ..باردة كعادته ..من هى حتى يعقد معها صفقه !! 

- وما هى تلك الصفقة ؟

كانت نبرتها متسائلة مستهزئة .. ليجيبها وهو ما زال على جلسته

- ستكونين مساعدة خاصه بى تهتمين بكل شىء خاص بى سواء فى المنزل أو فى الخارج 

بدت نبرته واثقة جامده يضعها للمرة الثانية أمام الأمر الواقع ..دون أن يرجع لها !

- وماذا سأستفيد ؟

- الكثير يا عزيزتى ..الكثير 


عزيزتى !! رغم كونها خرجت تلقائية منه إلا شعرت بقلبها الذى بدأ يدق بعنفوان ..زجرت نفسها على الفور عندما لاحظت تعبيراته الغامضة تدقق على معالم وجهها


- وإن رفضت !

- لا يوجد سبب للرفض

احتنق وجهها من ذلك الجلف البارد لتراه يجلس على المقعد الذى يقابلها وعيناه تنبعثان ذلك البريق الذي يوترها 


- تضعنى أمام الأمر الواقع ..وتجبرنى على الموافقة ؟ 


ارجع ظهره للخلف وعيناه تتفحص جسدها بوقاحة قال وهو يضع بأصبع السبابة أسفل ذقنه 

- ملابسك ليست سيئة ولكن يجب ترتدي ملابس أكثر عملية حينما نكون فى الخارج ! 


- ليس لك أن تتدخل بما أرتديه 

كانت تحذره وهى تشير بأصبع السبابة فى وجهه .. وجدته يقترب منها بوجهه ...لترجع برأسها للخلف بحركة عفوية حتى ارتطم رأسها بمقدمة المقعد ..


أحاط بذراعيه على جانب رأسها وعيناه مثبته على عيناها 

- يحق لي التدخل فى كل شيء فى كل تفصيلة صغيرة فى حياتك.. منذ أن وضعتى قدمك على ذلك القصر فلن تستطيعى الفرار منه .. 


أنفاسه الساخنة تلفح صفائح وجهها .. لتغمض عينيها وتنحني برأسها الى الأسفل .. لن تتفوه بشيء ذلك أسلم لها .. لن تضمن 

ماذا سيفعل وهى قريبة منه بشكل مهلك لها ولقلبها الذى ينبض بعنف ..


توقفت عن التنفس من اقترابه.. يلعب جيداً على أعصابها .. 

تخشاه !! كلا .. بل ستكون كاذبة إن لم تخشاه .. سطوته جاذبيته ووسامته .. ثلاث عوامل تجعله يتحكم فى حياه الاخرين .. لكن لم تنتهى الحرب بعد !!

........................................

لم تصدق أنه بعد أن وافقت على مضض .. يطلب منها أن تراجع الاوراق فى حجرته 


شهقت بفزع عندما وجدت كومة كبيرة من الأوراق والملفات موجودة على مكتبه 

تساءلت بتوجس 

- هل من المفترض أن أنهى تلك الأوراق اليوم ؟ 


- فى الحقيقة نعم .. اريده بعد أن أعود تكونين قد أنهيت عملك 


هتف بها بجمود وهى تراه يأخذ سترته مستعد للرحيل 


- هل سأكون بمفردي ؟

وجدته يقترب نحوها يهتف بعبث 


- وهل تريدينى أن أكون بجوارك ؟ 


- كلا

نطقتها على الفور دون أن تفكر ولو لدقيقة .. لتجده يدنو نحوها هامساً فى أذنها 


- عندما أعود أراك قد انهيتى عملك يا قطتى 


عبس معالم وجهها وهى تراه يبتسم بعبث ثم يخرج من الحجرة لتظل بمفردها ..


نظرت إلى كومة الأوراق من جهة وإلى الباب من جهة أخرى 

استشاطت غضبا وهي تسبه بكل الألفاظ التي تعرفها .. 


لم تشعر بالوقت وهي تحاول أن تضبط الاوراق ثم تبدأ مهمتها وهي عبارة عن تعدل الأوراق بالتسلسل ومراجعتها .. لن تنكر انهم بين كل الوقت والاخر يبعث حارسه الذي رأته المرة السابق وبعض المشروبات وآخر مرة قد قدم لها طعام صحى !!


رغم امتعاضها على أكل الأرانب كما تفوهت به إلا أنها أكلته على مضض عندما شعرت بمعدتها التى تصرخ منادياً الطعام ..


ظنت انه لن يهتم بها أحد عندما تجلس فى تلك الغرفة .. وعقلها مازال يتساءل لما حتى الان لا ترى خادمين فى منزله !! 


غفت وهى تستند برأسها على مكتبه ..لتنتفض على أثر رنين الهاتف وهى ترى شقيقتها تتصل بها .. ليست مستعدة للشرح .. رفضت المكالمة وهى تبعث بعدها برسالة تطمئنها انها ستعود إلى البيت قريباً


قامت من مجلسها وهى ترى الوقت تجاوز الخامسة ليلاً .. أين هو ؟ لما لم يأتي حتى الآن ؟ 


تشعر بالخوف إن خرجت من تلك الغرفة ورأت الحوائط البشرية أمام وجهها .. 


مرت عدة دقائق لترى بعدها الباب يفتح وهى تزفر براحة عندما وجدته تلك المرة هو .. اشفقت عليه عندما رأت ملامحه المجهدة والإرهاق بادى على قسمات وجهه ..


حمحمت وهى تجذب إنتباهه وقالت بجدية 

- لقد أنهيت عملي .. يجب ان اذهب 


جلس على الاريكه بإرهاق وهو يخلع سترته قائلا وهو يضع يديه على رأسه 

- تستطيعين الذهاب 


نبرته واهنة ..ضعيفة .. تقدمت نحو الاريكة التي يجلس عليها وقالت باهتمام 


- سيد زين هل انت بخير ؟ 


لم تستمع رده .. انخفضت بوجهها نحو معالم وجهه المرهقة .. غالق جفنيه ويعبث بشعره الكثيف وقميصه الذى لا تعلم كم زر تركه مفتوح لتظهر عضلات جسده الرياضية ..اشاحت بوجهها سريعة وهي تغض بصرها ..


سمعت بعض الهمهمات لتقترب بتوجس نحوه وهى تحاول ان تسمع بوضوح ..


ابتعدت على الفور عندما فتح جفنيه فجأة لتقول بتلعثم 

- سأبحث عن أحد لكى يهتم بك 

غمغم بجمود رغم نبرته الهادئة 


- لا تقلقي سأعتنى بنفسى ..اذهبي إلى حمزة إنه ينتظرك 


لا تعلم لما لا تريد الرحيل !! .. أخذت حقيبتها لتغادر الغرفة .. ولا تعلم لما تشعر بالقلق نحوه ؟ 


استقلت السيارة فى طريق عودتها إلى منزلها .. عقلها مشغول به .. أصبح يستحوذ تفكيرها كلياً 


شعرت بصوت حمزة وهو يهتف ببشاشة 

- وصلنا يا انسه 


شكرته فى هدوء و قبل أن تترجل من السيارة هتفت بتلعثم 

- استاذ زين شكله مرهق جدا وتعبان .. ياريت لو ي...

صمتت عندما وجدته يطالعها بنظرة غريبة ..ليبتسم ببشاشة بعدما لاحظ وجنتيها التي توردت من الخجل

- حاضر 


ترجلت من السيارة وهي تضرب بكفها على جبهتها وهي تزجر نفسها ما تفوهت به .. ليس لها دخل ان كان مرهقا ام لا ؟ ... ولما توصي سائقه لكي يهتم به ؟... ماذا سيعتقد السائق بها ؟ 

صعدت إلى منزلها وهناك زوج من العيون تراقبها بألم ...

........................................


أغلقت باب المنزل لتتفاجأ بوجود والدتها وسارة أمامها ... نظراتهم لا تبشر بالخير إطلاقا !! سيبدأوا جلسة التحقيق معها اليوم .... الآن !!! 

- كنت فين لحد دلوقتي ؟ 

هتفت بها سعاد بجمود

تطلعت إلى سارة بتوعد ، صاحت والدتها بحده

- سيبى اختك وقوليلي كنتى فين ؟ 


خلعت حجابها والقته بأهمال على اول مقعد رأته وقالت بهدوء 

- فى الشغل 

قطبت والدتها جبينها لتصيح سارة وهى تضع يديها على خصرها 

- لا والله .. انا اتصلت ب ندى وقالتلى مجيتيش عندها النهاردة 


جلست على المقعد بأرهاق وهى تفرك جبينها .. قائلة وهى محتفظه بـ نبرتها الهادئة 


- بشتغل سكرتيرة عند رجل أعمال ..تمام كده ..انا تعبانه تروح انام ولو عايزين اى تفاصيل بكره الصبح هشرحلكم كل حاجة 


ثم قامت من مجلسها بتثاقل لتتوجه نحو غرفتها وهي تشعر بالآلام فى ظهرها بسبب ذلك اليوم المشؤوم ..لتترمى على الفراش بارتياح وتغط في نوم عميق .

..........................................


منذ عقد قرآنهم وهو لم يهاتفها ولو لمرة واحدة ... تحبه منذ الصغر .. لكنه لم يعشقها هى .. يعشق الأخرى .. 


تنهدت بحزن وهي تتطلع إلى هاتفها للمرة الالف ... تريده أن يهاتفها لو لمرة واحدة فقط .. يكفيها هذا ..


توقعت عندما تجبره عن الابتعاد عنها سيتوقف عن حبها .. لكن ما حدث العكس ..قلبه ما زال ينبض لها ..


ما زالت تتذكر عيناه التي التمعت ووجهه الذى ابتسم بسعاده عندما رآها ..


ما كان عليها أن تستمع لوالدتها ابداً .. لعبة رخيصة حيكوها من وراء ظهره .. لتجد نفسها فى الخاسرة الوحيدة بعد ان ظنت هي التي سوف تربح فى النهاية !! 


وجدت والدتها تدلف إلى غرفتها لتهتف بحده 

- قومى يا بت اتحركى كده علشان ورانا حاجات لازم نشتريها مورناش وقت ! 

هتفت بضيق 


- مكانش لازم نعمل لعبه عليه .. خسرناه شغله وخلينا يداين بمبلغ كبير ولو مدفعش يتسجن 


وبدأت الدموع تنهمر على وجنتيها 

- انا غلطت لما وافقت على اللعبة اللى عملناها .. ودلوقتى بدفع تمنها


مصمصت حسينه شفتيها بأمتعاض


- انا رايحه اعمل فطار للحاج .. والاقيكى جهزتى علشان ورانا مشوار طويل يا عروسة 


كعادتها لا تستمع لها ولا مشاكلها ولا تشاركها همومها .. تنهدت بحزن وهى تتطلع إلى هاتفها للمرة الاخيره .

...........................................


كانت تهاتفه وقد بدأ اليأس يحتل معالم وجهها لتسمعه يهتف ببرود 

- نعم !


- إزيك يا يوسف 


- كويس ..خير ! 


نبرته جافة ..جامدة 


أغمضت جفنيها والدموع بدأت تتجمع نحو مقلتيها 

- كنت بطمن عليك 


خرج صوتها ضعيفا بعض الشيء والدموع تتساقط بغزارة 

تأفف بضيق 


- طيب انا مش فاضى سلام 


ثم أغلق الهاتف فى وجهها ... لترتمي على الفراش تبكي بمرارة ..


لن تستطيع ان تصل إلى قلبه حتى بعد أن أصبحت زوجته .. يوجد بينهم فجوة عميقة... ولا تعلم إن كانت ستدق قلبه ام لا ؟! 

............................................


دلف إلى حجرة سيده بعد ان اوصل الطبيب للخارج ... وبعث بأحد الحراس لجلب العقاقير اللازمة ... لم يستغرق سوى دقائق معدودة وهى يرى الحارس قد جلب العقاقير ... دلف إلى غرفته حاملا فى يديه كوب ماء والعقاقير فى يده الاخرى 


وجده مسطح على الفراش والإعياء بادى على قسمات وجهه قال حمزة بحنو 

- ستأخذ تلك الادوية الآن وسأقوم بأعداد الحساء لك 

ابتسم زين بوهن هاتفاً


- كلا لقد تأخرت يا حمزة ستقلق زوجتك عد إلى منزلك و سأهتم بالأمر 


وضع حمزة القرص فى فمه ثم يعطيه الكوب 


ارتشف زين الماء ثم عاد إلى يتسطح على الفراش هتف حمزة بعتاب


- ما كان عليك يا بنى أن تذهب إلى الموقع وتشرف بنفسك ... فقد أصبتك شمسنا الحارة وأصبحت قعيد الفراش 

- يجب علىّ الإشراف على العمل بنفسى 


ربت حمزة على يد زين بحنو ابوى ليبتسم زين وهو يهتف بعبث 

- هل سنظل نتحدث هكذا ولن تعد لى الحساء ؟ 


- لقد أخبرتك من قبل ان يكون هناك خادمين ليعتنوا بك وبالمنزل ، منذ ان اتيت هنا وانت ترفض ان يمس احد قدم ذلك القصر ما عدا ..


صمت عن الحديث ليجد معالم وجهه لم تتغير ليهتف بغموض 

- انت تعلم ان ذلك المنزل عزيز علىّ وهى دلفت إلى ذلك القصر لانها اصبحت مساعدتى الشخصية 


- فقط ! 

هتف بها حمزة بمراوغة ليهز زين رأسه بالإيجاب ... 

- كن متحفظاً معها إنها ليست مثل تلك الفتيات فى مجتمعك الغربى !! ... انت لا تلاحظ عندما تأتى إلى وجنتيها مشتعلتان من الحمرة !! ماذا تفعل لتلك المسكينة ؟ 


غمز زين بعينيه ليهتف بنبرة ذات مغزى 


- وماذا تظن برأيك زين يفعل مع الحسناوات !! 


- تأدب قليلا ..إنك تتحدث مع رجل فى مثل عمر والدك 

ضحك زين بملء فمه وهو يهتف بشقاوة 


- لقد كنت تريد ان تعلم ماذا افعل مع الفتاة وأخبرتك لذلك لا تلومنى ... وهيا عد لى الحساء يبدو أن الحديث لن ينتهى ..


علم حمزة انه لا يريد أن يستمر في الحديث .. ربت على كفه بحنو ابوى 


- سأعد الحساء ...

..............................................


استيقظت لتجد الساعة تجاوزت الثامنة .. شقيقتها ليست فى المنزل ... هذا رائع .. ووالدتها تذهب فى ذلك اليوم إلى السوق ..


انتفضت من فراشها وهى ترقص بسعادة .. ستؤجل وصله التحقيقات .. دلفت إلى الحمام وهى تغير ملابسها التي ارتدتها منذ البارحة وتبدل بملابس أكثر عملية .. كما طلب البارد !!


لا تعلم لما تنفذ أوامره دون ان تعترض !! 


توجهت نحو غرفة ابيها لتجده مثل عادته كل يوم جالس على الفراش يقرأ المصحف لتقبل رأسه ووجنتيه وهي تبتسم بسعادة 


- صباح الخير على أحلى وأجمل أب فى الدنيا 


أغلق إبراهيم المصحف ووضعه بجانبه قائلا وهو يضيق عيناه 

- ااه... لطالما الدخله ديه يبقى انا كده مش مطمن 

أجابت ببراءة 

- أنا يا بابا !!


عبست ملامحها بوجه طفولى مضحك ليضحك والدها ويقول 

- قولى يا بنتى .. ما انا عارفك انتي واختك مش بستريح بدخلتكم ديه !! 


نظرت يمينا ويساراً وكأن أحداً يراقبهم لتهمس بجانب اذنه 

- اصل انا اشتغلت سكرتيرة 


قطب إبراهيم حاجبيه 

- وانا اكون اخر من يعلم ؟! امتى حصل الكلام ده !!.. سعاد محكتليش انك اشتغلتي ليه؟ 


- ما انا اشتغلت امبارح .. وظيفة طلعتلى فجأة وطبعا وافقت .. ماما يا دوب عرفت بليل ومتعرفش تفاصيل .. ياريت بقى سارة تبطل شغل المفتش كرومبو علشان انا اللى بكون متضررة فى الاخر .. فلما ماما تيجى عايزاك تزوغنى 


- المهم إنك تكونى مرتاحة .. مع إنى معترض على كونك سكرتيرة عند حد ؟ 

امسكت وجنتيه بحب 


- ما الواحد لازم يصعد السلم من اوله .. اومال هنوصل للتوب ازاى ؟ .. يا حبيبى يا بيبو متقلقش انا مرتاحة فى الشغل الناس كويسين معايا 


ليس هناك مانع إن كذبت بعض الكذب البيضاء أمامه ... لا تريد أن تقلقه وهو فى حالته تلك ؟ .. تخشى إنفعاله .. تخشى إن أصابه شيء !! 


ربت إبراهيم على يديها 

- شركة إيه ديه بقى ؟ 


- تسمع عن زين الحديدى ؟ 


صمت إبراهيم لعدة ثوانى وهو يفكر فى ذلك الاسم ليهتف 


- مش ده الاجنبى المشهور ولا ده تشابه فى الاسماء ؟! 


هزت رأسها بالنفي 

- ايوه هو الاجنبى المشهور .. انا بقى بقيت سكرتيرة عنده .. فتح شركة في القاهرة من فترة بسيطة ... ادعيلى بقى يا بابا ربنا يوفقنى 


- ربنا يوفقك يا ليان يا بنتى ... يا بنت سعاد 

كان يهتف بها بحنان ابوى ..فتحت سعاد باب الغرفه فجأه وهى تهتف بوجوم 


- كويس انك صحيتى !! 

قامت من فراشها و تتوجه نحوها وتطبع قبلة على وجنتيها

- صباح الفل يا ست الكل ورايا شغل بقى ها .. وهتصل لما اخلص ... يلا سلام 


ثم غادرت الغرفة... بل المنزل بأكمله 


ضربت سعاد بكفيها بتعجب 


- مالهم البنات اليومين دول !! 

..............................................


وصلتها رساله نصية من السائق حمزة وهو يخبرها بأنه سيمر فى نفس المكان لتوصيلها بعد دقائق قليلة ..


توجهت نحو أحد المطاعم الشعبية الخاصة ببيع الفول والفلافل ثم ظلت تنتظره حتى وصل بعد دقائق قليلة من انتظارها ..


كان سيترجل من السيارة .. لتنظر له بعتاب فلن يتوقف عن فعل تلك الحركة ابداً .. استقلت السيارة وهي متوجهه نحو القصر .


ظلت تأكل بشراهة فلم تستطع أن تأكل جيداً البارحة بسبب طعام الارانب الذى قدموه لها .. 


انتبهت على زوج من الاعين تتابعها بفضول لتهتف بخجل 

- سورى ...مفطرتش على الصبح 


ثم ناولته احد اللفائف وهى تهتف بمرح 

- بص سندوتش الطعمية ديه بتاعت عم رضا مفيش زيها 


تناول منها اللفافة بعد الحاحها الشديد لأخذه .. لتقرر قطع ذلك الصمود وتهتف 


- على كده بقى يا عم حمزة حضرتك شغال مع استاذ زين من إمتى ؟ 


- ياااه من زمان من قبل ما يتولد حتى 


اومأت برأسها فى تفهم وظلت تتطرق معه فى مواضيع شتى حتى وجدت السيارة توقفت أمام باب القصر ..


ترجلت فى هدوء وهى تدلف إلى القصر وما زال الحارس في موضعه ..ليدلف بها إلى إحدى الغرف العلوية ثم يغلق الباب كعادته .. 


غرفة نوم !! ماذا تفعل فى غرفة نوم ؟ ظلت تدور بعينيها باحثة عنه لتشهق بفزع وهى تراه يخرج من المرحاض ولا يغطيه سوى المنشفة ..


استدارت برأسها للخلف وهى تخرج من الغرفة سريعاً واستندت بجوار الباب وما زال عقلها يعيد بذاكرتها ما حدث منذ قليل ..


وضعت بكفها على موضع قلبها تهدأ من خفقاته المتسارعة .. تحسست بيدها الاخرى وجنتيها لتشعر بسخونه بشرتها .. 


انتفضت عندما وجدته يفتح باب غرفته وقد ارتدى ملابسه وقد أصبح وجهه أكثر نضارة عن ليلة أمس ..

ابتسمت بعملية وهى تشيح برأسها 

- صباح الخير 


- صباح الخير 

كعادته نبرته جافه ... ليهتف بلهجه آمره 

- حضري لي وجبة الإفطار 


- نعـــم !!

هتفت بها باستنكار شديد .. وجدته يقترب منها ويدنو نحو أذنها 


- ستهتمين بأمرى في المنزل وخارجه .. هيا اعدى لى الطعام 


- أنا لست خادمتك يا هذا !! 


نطقت بها بحنق وعيناها تشعان بالغضب ...

وجدته يقترب نحوها بمكر وهى تحاول ان تبتعد عن حصاره فخلفها الحائط وأمامها جسده وذراعيه يحيطان جانب رأسها 


- ومن قال إنكِ خادمة !! إنك مساعدتى الخاصة جداً .. ستطيعين أوامري دون ان تتفوهى بأي حرف ..كونى قطة لطيفة معي 


ثم همس بعبث وانفاسه تلفح صفائح وجهها 

- وربما احتاجك فى الحمام !! 


اتسعت حدقتى عيناها ذعراً لتضربه على صدره بقوه 

- ايها السافل ..عديم الأخلاق 


لم يهتز له شعره امسك بذراعيها بيد واحده ويسحبها إلى صدره ..


- يبدو إنكِ تريدين أن تعاقبى على شتمك لى .. رغم أننى حذرتك أكثر من مرة عما سافعله بكِ


ازداد عدد نبضات قلبها فى تلك اللحظة .. عيناه تلمعان بذلك البريق الذي يخيفها .. وجهه قريب من وجهها وعيناها تحتلان معالم الخوف والصدمة ..


كان يميل برأسه ناحيتها وشفتيه تميل نحو خاصتها وهى ساكنة بين ذراعيه بعد محاولات فاشلة من التحرر من قيده !!


الفصل الخامس 


اغلقت جفنيها عندما شعرت بشفتيه تلامس بشرتها .. قشعريرة دبت كامل جسدها وقلبها الذى يدق بعنفوان ..لتجده يبتعد عنها على الفور ويهتف متذمراً

- بربك يا فتاة ما الذي تناولتيه في الصباح ؟

ملامحه منزعجة وهى تجده يسب ويشتم ..ردت ببراءة

- فلافل و باذنجان مخلل 


- توقفي عن أكل تلك الأشياء المقززة لقد شعرت أننى على وشك أن اتقيأ بسبب رائحة الثوم


الهذا السبب لم يقبلها .. رائحة الثوم ؟ .. جيد سيصبح واحد من أسلحتها لكى تجعله يتجنب اقترابها .. لتهتف بحنق و باندفاع متهور جعلها تندم 

- قلت لك لا تتدخل بما الذى افعله ؟ وان كنت على وشك أن تتقيأ بسبب رائحة الثوم .. فماذا عن رائحة الخمر وانتم تشربونه مثل الماء 


لاحظت جسده الذى تصنم للحظة وهو يطالعها بجمود .. غمغم ببرود 

- هيا اعدي الطعام الآن ... لا يجب ان انتظر سموك حتى تأتين فى وقت الظهيرة 


ثم رحل ودلف إلى غرفته واغلق الباب فى هدوء .

............................ 

فتحت البراد وهي تطالع بامتعاض للمكونات التى أمامها 

- والله انا قلت ان ده مش اكل بنى آدمين 

ثم قامت بأخذ كل شيء ووضعته على رخام المطبخ وهى تتسائل 

- وحضرته بقى بياكل ايه ؟


تعلقت بنظرها مرة اخرى للبراد لتجد ملاحظة صغيرة مثبتة على باب البراد .. إلتقطت تلك الورقة الصغيرة وهى تقرأ ما بداخلها .. لتستشيط غضباً 


- البارد ..فاكرنى خدامته الفلبينية اللي جيبهاله ابوه 


هدأت من روعها .. عليها أن تثأر .. لقد تركته يبدأ الحرب دون ان يعلمها .. حان عليها دورها .


ظلت تعمل فى عجاله وقد اخبرها خلال عشر دقائق يريد الفطار جاهز !! فطار وقد حل الظهيرة ما هذا ؟؟ 

وضعت الأطباق على الطاولة .. وهى تبتسم بنصر .. شهقت بفزع عندما سمعته يهتف ببرود

- اغلقى تلك الابتسامة البلهاء !

طالع الى الاطباق برضى ثم هتف بعملية وهو يجلس على المقعد

- اريدك ان تحضرى لى كوب من القهوة سادة 


ما كان عليها سوى أن تبتسم وتهز راسها بخضوع لتتذمر وهي تتجه نحو المطبخ 


- الهى يا رب تشرق وانت بتاكل ..و يسود حياتك كده زى ما سودت حياتى فى اليومين دوول


عادت إليه بعد فترة وهي تمسك بالقهوة لتجده قد انتهى من تناول فطوره .. اخذت تلمم الاطباق وتعود إلى المطبخ وقد طفح بها الكيل ...انها مثل الخادمة !! وهى فى منزلها لا تقوم برفع قش حتى !!

استمعت إلى صوته الجاف .. لتعود مرة أخرى لديه وهى تبتسم ببلاهة 

- أمرك سيدي 


- سيدى !! ستجعليني اشك الآن 


ثم جال ببصره على ما تريده حتى هتف ببرود

- وايضا ارتديتى ملابس عملية ؟! يبدو أن القطة الشرسة لن تظهر فى الوقت الحالى 


أغلقت جفنيها وهي تسبه بكل ما يأتيها فى عقلها .. ثانيه .. إثنان .. ثلاثة حتى فتحت جفنيها وهتفت بعملية 

- إذا إلى كم من الوقت سوف اصبح فى ذلك الوضع ؟ 


- لا اعلم ..شهران اربعه او ممكن إلى وقت طويل 


مهما كانت المدة طالت ام قصرت .. ستجعله يندم 

- وماذا سيكون راتبي ؟


- إهدأى قليلاً ... لن آكل مالك .. مرتبك سيكون محفوظ تاخذينه آخر الشهر .. وإن كنتى مطيعة اكتر سأضاعف من مرتبك


جملته الاخيرة يتخللها بعض الغموض والمكر ..

زمت شفتيها بضيق وهى تجده يملى عليها بعض الأعمال ... لتلتقط ورقه وقلم موضوعة على الطاولة ... وتدون بسخط وهى تجاهد الا تمسك بأى مزهرية وتهشمها على رأسه. 

.......................

عقلها مشتت فى حيره .. أين اختفت تلك الأيام .. هاتفها دائما مغلق .. تهاتف شقيقتها .. لتخبرها انها أصبح لديها وظيفة !!


منذ متى قد قدمت لوظيفة ؟ وكيف وأين ؟ 


شقيقتها لا تعلم اى معلومات حتى عن تلك الوظيفة كل ما اخبرتها انها اصبحت مساعدة خاصة لرجل هام !!


شرودها جعلها تصطدم سيارتها بسيارة امامها ... لتجد صاحب السيارة يترجل بغضب وشياطين الدنيا تحوم حوله 


ليهتف بغضب

- انتِ إيه مش شايفه بقيتى عاميه ؟ لطاما مش بتعرفوا تسوقوا بتركبوها ليه ؟ 


ترجلت هى الاخرى من سيارتها وهى تستعد إلى إلقاء كلمات لاذعه أمام ذلك العديم التربية ... وقد بدأ الجميع بالتجمهر نحوهم 


- ايه يا استاذ انت ؟ مش تراعى ألفاظك ؟ .. ايه عامية ديه لا انا بشوف وبشوف احسن منك كمان .. وبعدين الضرر اللى حصل انا متكفلة بيه ايه عايزنى تانى اعمله ؟ 


- انتى كمان بتغلطى فيا .. شكلك كده نفسك تزوري البوكس 


كان يهتف بها بغضب .. لتعقد ذراعيها وتستند على سيارتها وتقول ببرود


- وكمان طلعت ضابط حلوة اووى .. يلا جيب البوكس اللى فرحان بيه ده ونشوف مين هيضحك فى الاخر .. ومش هدفع بقى تمن التصليح خسارة فيك اصلاً


وبالفعل بعد الشد والجذب بينهم توجها إلى أقرب قسم شرطة ، ما إن علم الضابط الذى كان يحاول التهدئة بينهما انها ابنة لواء حتى اصبحت تعامل مثل الملكة ، كانت تنظر له بعلو والآخر يجلس مستشيطاً منها 

- وبعدين بقى ؟ مين هيصلحلى العربية ؟ 


ضحك صديقه هاتفاً بتسلية 


- علشان تنفخ ريشك كويس يا سيادة الرائد 


- سامح مش ناقصك انا .. اتكل على الله طريقك زراعى .. وانا مستنى بقى لما اشوف لما يشرف اللواء بتاعها !! 


هز سامح رأسه بسأم

- انا ماشى اصلا بس مترجعش تقول ظلموه فى الاخر ! 


ظل يهز رجليه بعدم صبر .. منتظرا وصول اللواء ! 


حانت منه إلتفاته ناحيتها ليجد احد العساكر قد قدم لها مشروب بارد وهي تبتسم بلطف ووداعة وتشكره فى خفوت .


تلاقت عيناهم لثانيه او ثانيتان ليشيح بوجهه الى جانب آخر وهو يستغفر ربه !! 


- بابا 

هتفت بها بتلقائية عندما وجدت والداها يدلف الى الغرفة .. نظر إلى والدها والصدمة ألجمت لسانه هب من مقعده على الفور وهو يرحب 


- مساء الخير يا عمى 


- مروان !! إزيك يا بنى ايه الاخبار 

اتسعت ندى عيناها صدمه وهى تجد والدها يرحب بـ عديم الاخلاق بحفاوة 


- اعرفك يا بنتى الرائد مروان ابن عمك 


- لا ثوانى كده بس ابن عم مين ده اللى ظهرلى فجأه 


كانت تهتف بها بحنق وهى تضع يديها على خصرها .. ليهتف والدها بهدوء 


- عمك توفيق .. مشوفتيهوش انتى قبل كده علشان كانوا عايشين فى البلد 


ثم بدأ يسأل عن أحوال جميع من في البلد ... أشخاص كثيرة لم تعرفهم بسبب عدم رؤيتها لأقارب والدها من قبل !!


كانت تشعر بالملل الشديد .. أمسكت بهاتفها وظلت تعبث فيه حتى يحين الوقت ويتذكرها !!


سمعت والداها يقول

- لا خلاص بكره الجمعه وانت معزوم عندى فى البيت .. اشوفك بكره 


وما كان من الاخر سوى أن يغمغم بإيجاب 

- ان شاء الله يا عمى 


وهنا تذكر والدها سبب مجيئه ليهتف 

- الله .. اومال فين صاحب العربية اللى كان قدم شكوى !


كادت ان تنطق ندى لتجد مروان يهتف بابتسامه هادئة 


- لا متقلقش مشكله بسيطه وانتهت متشغلش بالك 

ثم جال ببصره ناحيتها وكأنه يجبرها ان توافقه على حديثه..ليجدها تجز أسنانها بغيظ


- لا متقلقش يا بابا كتر خيره سيادة الرائد عمل اللى عليه وزياده كمان 


هتف والدها بمحبه 

- ده العشم برضه


ما ان خطا خارج القسم لتصيح إلى والدها بتذمر

- ايه يا بابا ده ؟ يعنى تعزمه كده بكره وانت عارف انى عندى نادى بكره وبنتغدى بعد التمرين .


- خلاص مش هتفرق يوم لو محضرتهوش 

هتفت بتذمر وسخط وهى تعلم رأس والدها العنيد أنه لن يغير رأيه 


- وطبعا انا اللى هتكفل بالاكل طبعاً


هتف بأبتسامه بشوشه 

- انتى عايزه تخلى وشى فى الطين ولا ايه ؟ عايزك تبهرينى يا حبيبتى بكره 


بالطبع ستبهره .. و ستبهر والدها ايضا وقد جال بخاطرها فكره جهنميه .. لتبستم بإتساع وهي تتخيل رد فعله !!

.........................................

عادت إلى المنزل وهي بالكاد ترى ... أغلقت باب المنزل بأرهاق شديد ... إنه يقتلها كل يوم فى العمل بالكاد ترى والدها ووالدتها فى الصباح ثم تعود الى المنزل وتذهب إلى فراشها على الفور .


استمعت إلى صوت شهقات مكتومه تأتى من الشرفة .. توجهت بحذر نحو المصدر لتجد والدتها تحمل فى يديها هاتف .. يبدو انها كانت تهاتف احدهم !!


أسرعت نحوها و القلق يعتري معالم وجهها 

- ماما مالك فى ايه ؟ .. ايه اللى حصل ؟

وما كان سوى سعاد سوى ان تضم ابنتها بقوه .. احتضنت ليان والدتها وهى تتساءل ما حدث ؟ 

تنهدت سعاد بألم 


- باباكى بيروح مننا يا ليان 

جثت ليان على ركبتيها وهى تتشبث بكف والدتها وتقول بقلق 

- ايه اللى حصل طمنينى الدكتور قال ايه ؟ 


- كل ما بنتأخر فرصة نجاح العملية بتقل .. حاولت اجمع كل الفلوس بس للأسف موصلش للنص حتى .. اتصلت بحسينه يمكن تساعدنى بما إن جوزها ما شاء الله ..اتحججت بجوازه بنتها وطلبات العروسة .. وعمامك وانتى عارفه مسألوش عنه حتى !! اعمل ايه بس يا رب افرجها من عندك يا رب 


أغلقت جفنيها بأسى وبدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها .. كل الابواب مغلقه .. لا يوجد باب موارب حتى .. لا يوجد بصيص أمل !! 


- طب ما تشوفى ليلى 


شهقت بصدمة وهي تقول

- ماما انتى بتقولى ايه ؟ لأ طبعا مقدرش اطلب منها حاجه زى ديه وانا مقدرش اسدد تمنه حتى !! 


- بس يا ب..


لتقاطعها بقوة 

- يا ماما لأ طبعا .. مهما كان صحبتى وكده بس هى تفكيرها غربى مش زينا عادتهم افكارهم مختلفه عننا هناك كل واحد بيدفع حسابه لو قاعدين فى مطعم .. مقدرش اجازف فى حاجه زي ديه 

لتناجي سعاد ربها 


- يا رب حلها من عندك !

................................

يوم عمل ايضا فى يوم الجمعة !! يوم العطلة الرسمية !! .. كانت شاردة لا تستمع الى ما يتفوه به حمزة .. كانت تهز رأسها طول الوقت وكأنها تحثه على استمرار للحديث .. تنهيدة عميقة خرجت منها هتف حمزة بقلق

- مالك يا بنتى فيكى حاجه ؟


ابتسمت .. ابتسمت بضعف .. ابتسمت بكسرة .. ابتسمت بحزن وهى تخفى الالامها داخل جوارحها 

- متقلقش انا الحمدلله كويسة 


لن تعود للشرود مرة اخرى .. فهى علمت عم حمزة جيدا .. سيظل ورائها حتى يعلم ما بها !!


- هو احنا مش هنروح القصر ؟ 


هتفت بها عندما وجدته يدلف إلى طريق آخر 

- لا البيه دلوقتى قاعد فى الشركة 


شركة ! كلا لن تتحمل نظرات الجميع .. تنهدت بضيق وهي تعلق ببصرها نحو الزجاج 


ترجلت من السيارة وهي تشاهد ذلك الصرح !! تقدمت ببطء حتى وصلت للحراس ليستوقفها الحارس هاتفاً 


- معذرة سيدتي .. يجب ان ارى هويتك 


رجال غربيون حراس ! ... يكفى هذا والله .. اخرجت بطاقتها لتريها له ثم هتف بعملية 


- اتبعيني سيدتى من هذا الطريق


ظلت تسير معه وعيناها تتفحصان بدقة كل شىء .. موظفون وموظفات من شتى بقاع العالم .. مختلفين فى الأعراق ... مختلفين فى الأجناس .. شعرت وكأنها فى احدى المنظمات العالمية !!


توجها نحو المصعد ليضغط على الطابق الأخير .. كانت تتابع بانبهار إلى الصرح .. مصعد زجاجي يجعلك ترى ما حولك ... إنهم يعملون مثل خلية النحل .

لا يوجد لديهم متسع من الوقت للثرثرة .. اطمئن قلبها وهى تجد المصعد قد توقف وفتح الباب .. لماذا لم يتحرك الحارس ؟ 


التفت نحوه ليهتف بعملية 

- معذرة لن استطيع السير معك حدودى إلى هنا.. تسيرين الى اخر الممر وستجدى مكتب السيد زين.


ظلت تسير إلى نهاية الممر حتى وصلت إلى باب مكتبه .. قبل ان تدق على بابه .. حانت منها التفاته نحو المكتب الخارجى .. وجدت علبة .. هديه ؟! 

مسكت العلبة بيديها وفتحتها لتجد جهاز ذكى من ماركة مشهورة ودفتراً وقلم مطبوع به شعار المؤسسة ! 


وهى كالبلهاء توقعت انها شيكولاته .. اغلقتها مرة أخرى وتوجهت ناحية الباب .. 

طرقة .. إثنان ...ثلاثه حتى سمعت صوته وهو يهتف سامحاً بالدخول ..


لقد دلفت إلى عالم ليس لها .. وليس من حقها ان تدلف إليه ..دلفت عنوة .. كل يوم تكتشف انها بالنسبة له لا شىء .. مال وسطوة وصاحب نفوذ وسيم عند تلك الكلمة اطلقت لعنه من بين شفتيها كما يفعل هو !!


ابتسمت بعملية وهى تنفض تلك الأفكار جانبا

- صباح الخير 


كان يسب ويشتم وهو يحاول أن يعقد ربطة العنق أمام المرآه .. زفر بنفاذ صبر وهو يعبث بخصلات شعره الكستنائية بأنامله الرشيقة ... لتراقبه هي بابتسامة ماكرة و هى تشمت به 


تفاجأت منه عندما طلب منها ان تعقد ربطه عنقه .. لقد انقلب الان السحر على الساحر !! وهي منذ قليل كانت تطالعه بشماته !


لن تستطيع الرفض .. نبرته كانت جامدة جافة باردة .. لم يكن طلباً بل كان امر قيد التنفيذ !!


وضعت حقيبتها جانباً .. لتتقدم نحوه بخطوات مرتبكه متعثرة !


انحبست انفاسها عندما اصبحت فى مواجهته .. رفعت أنامل قدميها لتصبح مقاربة لطوله !


بحركه عفويه منها لمست انمالها صدره ..لتجده يتشنج من لمستها .. بلعت ريقها بتوتر وهي تحاول أن تنتهى بأسرع وقت ممكن !!


يديها أصبحت مرتجفه وعقلها مشوش لا يساعدها على ان تعقد من ربطة عنقه .. كل محاولاتها اصبحت فاشلة وهو ساكن لا يتحدث سوى صوت انفاسه الساخنة التى تخترقها مباشرة .. تخترق روحها !!


لما لا يرحمها ولو قليلا !!.. اصطبغ وجهها باللون الأحمر القانى من شدة خجلها .. وذلك الوضع المهلك بالنسبة لها !!


زفرت براحة عندما انهت عملها الشاق !! .. وهى لم تجرأ لثانيه على أن ترفع وجهها .. ويا ليتها لم تفعل !!


زرقاوة عيناه الصافية مصاحباً ببريقه اللامع الذى يوترها .. ونظرة عيناه جعل جسدها يرتعش ..


لف بذراعيه نحو خصرها ويسحبها لترتطم بصدره العريض .. صاحبها شهقه مفزعة 

- ابعد يدك عني 


- وإن رفضت ؟! 

كان يهتف بها بمكر ونبرة ذات مغزى 

ردت بحنق وقد بدأ الغضب والحنق والخجل يصاحبها فى آن واحد

- سأتصل بالشرطة وأبلغهم عن وجود متحرش !


لتسمع صوت ضحكاته لأول مرة .. رنانه رجولية جعلت جسدها يرتعش .. ضحكته أبرزت أسنانه البيضاء .. لن يرحمها ابداً ! قلبها سيموت عن النبض من كتلة الوسامة والجاذبية أمامها !


- لن تستطيع الشرطه الخاصه بكم ان تفعل بى شيئا ! 

هتف بها بنبرة واثقة ...بالطبع لن تستطيع شرطتها فعل شيء له ! 


ولكن لن تستسلم بسهولة لتهتف بغضب وقد نفذ رصيد صبرها 


- ابعد يدك عني !

- أتعلمين .. تعجبينى وانا اراك مهرة جامحة تدعو ان يروضها احداً 


صاحت بانفعال .. تبا له من يظن نفسه فاعلاً 


- راقب الفاظك ... ثم اننى حقا لقد سئمت لن اجلس هنا لدقيقة واحدة فى ذلك المكان ومعك !! .. لا اريد تلك الوظيفة الملعونة .. انا استقيل 


غامت عيناه فجأة بعد أن كانت تلمعان كالنجوم المتلألئة .. أصبحت ترتجف بخوف بين ذراعيه التى تحيطان بها من تلك النظره ... ان كانت تخيفها نظرته التي تصطحب بالبريق .. فأن تلك ترعبها !! 


هتف بصوت بارد ثلجى 

- ومن قال لكِ انكِ تستطيعين ان تخطى خطوة واحدة بدون أذنى 


كل كلمه يقولها يشدد من خصرها بقوه حتى تأوهات بضعف وألم .. 

- لن تستطعين الفرار بسهولة يا ليــان !


تكملة الرواية من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
CLOSE ADS
CLOSE ADS
close