رواية زوجتي الشرقيه الفصل الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بقلم ميار عبدالله
![]() |
الفصل الحادي عشر
يراقب كل أنش .. كل تفصيلة صغيره .. وكأنه يكتشفها للمرة الاولي !!
تقابلت الأعين للحظات .. لغة العيون بهما سحر خاص يكتشفه لأول مرة .. بندقيتها خائفة بل مرتعدة ومترقبة لأي خطوة سوف يتخذها .
أشاحت بعيناها للجهة الاخرى وهي تنهي ذلك الحوار الذي دار بلغة الأعين .. أخفض بصره متابعاً حركة مرور قطرات الماء التي تهبط إلي عنقها ثم يختفي بين ثنايا صدرها .. يقسم إنه يستمع إلي صوت نبضات قلبها التي تدوي بعنف بين قفصها الصدرى .. صدرها يعلو ويهبط بسرعة مهولة ..
- لما تأخرتي يا عزيزتي
هتفت بها الجدة وهي تقتحم الغرفة تضرب بعكازها علي الارض .. علامت الأندهاش إعتري وجهها وهي تري زين في الغرفة
- انت هنا ؟! لقد كنت أظنك في غرفة المكتب
ازاحته كرد فعل طبيعي وتقدمت نحو الجدة تتمسك بيديها
- لقد إنتهيت يا جدتي هيا
رمت ببصرها إلي زين الواقف عاري الصدر صاحت بخبث
- يبدو إنني قد قطعت عليكم لحظاتكم ؟ أليس كذلك !!
تتمني فى تلك اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعها .. علقت ببصرها نحوه لتجده يلتقط قميصه ويتوجه نحو الحمام دون أن ينبس ببنت شفه ..
- هيا يا جدتي لننتظره بالاسفل
هتفت بها وهي تحاول أن تبدو نبرتها هادئة .. لكنها خرجت مهزوزة بعض الشيء وهي تبتعد عن مرمى أعين الجدة المتفحصة ..
....................................
- يوسف
هتف بها عمار بصوت جهوري ليسترعي إنتباه ذلك الشارد .. رمقه يوسف بتساؤل
- خير
جلس بجواره وهو يبذل بأقصي مجهوده أن ينتشله من الطريق اللاعودة
- هيجي الخير إزاي وإنت بالمنظر ده .. ما تفوق يابني شوية الحياه مبتقفش عند حد
ابتسم يوسف بتهكم وهو يلتقط علبة لفائف التبغ ويشعل واحده
- إلا ليان يا صاحبي
توتر عمار وقلبه يزداد يقينا من الكارثة التي ستحدث
- يوسف فوق اللي بتتكلم عليها ديه إتجوزت متتهورش يا يوسف وتندم علي اللي هتعمله
إتسع أعين يوسف قائلا بحده
- وانت فاكر ان انا حيوان للدرجة ديه يا عمار انا لا يمكن ائذيها يا عمار مقدرش انا بس كنت غبي وحيوان ودفعت تمن غبائى كويس
- طب ليه سيبت كل حاجه وجيت إسكندرية ليه
هز يوسف رأسه بلا مبالاه وهو يطلق الدخان من جوفه
- كنت فاكر إن كل ما هبعد هنسى وهبدأ حياه جديده بس إفتكرت إن انا غلطان
ربت عمار علي ذراع صديقه
- طيب يلا قوم الجو برد علشان مناخدش برد
قام الآخر من مجلسه بأستسلام وتفكيره منصب علي بداية حياة جديدة .. عليه أن ينساها وينسي الأخري وسيسعي لنجاح ذلك.
...............................
إبتسمت بمشاكسة وهي تنظر إلي غرفتهم التي زينها آدم
- يبدو أن حبيبي لا يضيع أي وقت
سحبها من ذراعها ليضمها لصدره متمتما براحة
- لا وقت للفرار عزيزتي .. ما فعله زياد تلك الايام الماضية سأقوم بتعويضها .. لا اريد سماع اي شيء صوت سوي نبضات قلبك
دفنت برأسها إلي عنقه وهمست
- أحبك كثيراً آدم
ضمها آدم بحب وذراعيه تكبلان خصرها
- وانا ايضا حبيبتي
إبتعدت ليلي فجأه وكأنها إستيقظت للتو من الكابوس
- هل سيقضي حقاً زياد لمده أسبوع فى القرية
هز رأسه بيأس ضارباً بكفه علي جبهته
- حقاً انتِ لاتصدقين سأقضي ليلتي بين الاوراق أفضل من جلستك وداعا
رمشت بعيناها عده مرات وهي تراه يلتقط سترته من الفراش ويخرج من الغرفة بخطوات يتآكلها الغضب ، لتركض خلفه وهي تحاول ان تلاحقه قيل أن يخرج من المنزل
- آدم انتظر قليلا
صوت إغلاق باب المنزل جعلها تتوقف عن الركض .. لتمتم بسخط وهي تدب بقدمها علي الارض
- انت الخاسر يا عزيزي استمتع بسهرتك مع الاوراق اما انا سأذهب لمشاهدة الحلقة الجديدة من المسلسل المفضل لدي
توجهت نحو المطبخ وهي تقوم بعمل وجبه سريعة قبل موعد المسلسل ..لتهرع نحو التلفاز وتقوم بتشغيله وهي تمتم براحه
- جيد لقد بدأ
فقدت بريق حماس متابعة المسلسل بسبب عدم وجوده لتلتقط هاتفها وتبعث برسالة قصيرة عبر تطبيق الواتساب لـ آدم " عد ارجوك "
تهللت اساريرها وهي تري تلك العلامة الزرقاء التي تعني بأنه قرأ الرسالة لتجده يكتب شيئا ثم يقوم بمسحه .. إنتظرت عده دقائق طويلة مرت كالدهر لرده ..
اعتصرت الهاتف بيديها وهي تمتم .. حسنا يا آدم انت الجاني
توجهت بخطوات راكضة إلي غرفة النوم لترتدي منامة قصيرة من اللون الاسود .. مشطت خصلات شعرها الشقراء ووضعت أحمر شفاه صارخ ..
- إحذر يا عزيزي من النساء
إلتقطت عده صور مختلفة الاوضاع لترسلها له وإبتسامة ماكرة تعتلي ثغرها .. سيأتي بالتأكيد سيأتي ..
توجهت نحو الفراش وهي تعد الدقائق والثواني لمجيئه .. دقائق ليست بالطويلة سمعت صوت باب إغلاق المنزل .. إنتفضت من الفراش لتمسك بهاتفها وتعبث به بملل
شهقت بفزع عندما امسكها من عضدها صائحا بحنق
- مالذي تحاولين فعله ليلي ؟ تبعثين بصور أقل ما يقال تجعلني اريدك وبشده
كانت تتأمله بملامح مشتاقه .. سترته التى رماها ارضا وقميصه الذي ترك ازاره العليا مفتوحه وشعره المبعثر عكس حالته التى خرج بها .. لاحت ابتسامه هادئة علي ثغرها وهي تحتضنه بقوه هامسه بصوت خفيض
- آسفه
- لا عليكِ
ثم تابع مضيقاً عينيه
- آمل انها ليست من إحدي خدعك لأنني وقتها لن أرحمك إذا لفظتي بأسم زياد الليلة
هزت برأسها وهي تهمس بتأكيد
- لا يوجد زياد او ليان الليلة
- ولا غداً
ضحكت بأستماع وهي تعود برأسها للخلف قليلا
- ولا غداً
ابتسم بظفر وهو يسقطها علي الفراش لينعم بليلة هادئة مع تلك المجنونة التى سلبت عقله وقلبه .
.........................................
قضت وقت العشاء وهي صامته مع بعض الكلمات المقتضبة إذا وجهت لها الجدة الحديث لها .. كانت تستمع إليه كيف يتحدث .. طريقته فى الحديث مع جدته .. كانت شبه هائمة به وهي تستند بذراعها علي ذقنها .. لم يرفع ببصره نحو ولم يوجه لها الحديث إطلاقاً .. تنهدت بقلة حيلة الطعام امامها شهي لكن تشعر بمليء معدتها .. تشعر أنها دخيلة وهما يتحدثان في مواضيع لا تعلمها يبدو انهم يتحدثان عن ذكريات قديمه !
قامت من مقعدها وهي تبتسم بهدوء وعيناها مسلطة نحوه
- لقد شبعت جدتي سأصعد لغرفتي عمتي مساءاً
نظرت الجدة إلي الطبق التى لم تمسه وهتفت
- لم تأكلي شيئاً يا فتاه هيا اجلسي
إعتذرت بلباقة وصعدت إلي الغرفة لتهتف الجدة بأعين متفحصة الي الذي يتناول بلا مبالاه
- ما بها زوجتك ؟
- لا يوجد بها شيء
إتسعت أعينها دهشة
- ما كل ذلك البرود يا ولد .. ستجعل الفتاه تهرب منك بجفائك هذا
هتف بجمود وهو يمضغ الطعام غامزاً بأحدي عيناه
- لا تستطيع ان تهرب مني يا جدتي
ضيقت عيناها من حفيدها الذي يتحدث بثقة وغرور لتتنهد
- عندما تنسحب الفتاه منك ببطىء لا تندم وقتها
قامت من مقعدها ليقوم الآخر من مقعده وناولها العصا لتستند عليها
- دعيني اقوم بأيصالك إلي غرفتك
- ابتعد استطيع أن أذهب إلي غرفتي بمفردي ، ألقي بنظرة علي زوجتك ، الفتاه ما زالت لم تتكيف مع الوضع بعد
كان الحديث مرتكز نحو ليان و إعطاء النصائح له لكي ينعم بحياه زوجية رائعة
صاح مندهشا وهو يدثرها بالغطاء ويقبل جبهتها
- يبدو أن ليان ستأخذ محلي من قلبك
ابتسمت بمشاكسة
- ولما لا أليست تلك الفتاه من خطفت عقلك
تجمد وجهها وهي تري وجهه المتخشب وعدم ظهور اي تعبير علي وجهه
- اخبرني هل أخترتها من عقلك أم من قلبك
كانت تشير بيديها نحو رأسه والثاني نحو قلبه ليرد بجمود
- وما الفارق إذاً !!
تهجمت ملامح الجدة ضيقاً وهتفت بسأم
- هيا غادر إلي غرفتك يبدو انني أتحدث مع لوحة من الثلج
ضحك بأستمتاع وهو يعود تقبيل جبهتها مرة آخري دثرها جيداً ثم قام بأغلاق المصابيح واغلق باب الغرفة بهدوء .. وارجله تتوجه نحو غرفتهم !!
................................
- ألم تنامي بعد ؟
صدح بها بتعجب وهو يراها أغلقت هاتفها للتو .. من عبارتها العربية إستنتج انها تحدثت مع عائلتها
- كلا لقد كنت أطمئن علي والدي
لا تعلم لما لسانها اخبره مع من تتحدث كانت من المفترض ان لا ترد عليه .. إنه لا يكترث بها إطلاقاً .. ألن تحظى ولو بمحادثه معه .. ألن يسمح لها !! .. راقبته وهو يلتقط ملابس عملية ويتوجه للحمام عده دقائق وهي تنتظره وداخلها يقينا أنه لن يوجه ببصره نحوها .. سمعت صوت الباب وهو ينفتح راقبته بصمت حتي خرج من الغرفة ..
أطلقت لعنة بين شفتيها ..لترتمي علي الفراش وتضع الوسادة على وجهها وهي تمتم اين حياتي السابقة ؟ اريد إستعادتها.
كانت تخشى ان تكون بمفردها بين أربعة جدارن .. لكن برغم وجود الجدة لكنها مازلت تشعر بالنقص ..نقص وجوده بجوارها .. يطُمئنها .... يخبرها أن تظل صامدة قوية .
إستسلمت إلي سلطان النوم وهي تجده هو ملجأها الوحيد حتي لا تُجن وهي تتحدث بكثره مع حالها .. بسببه هو بدأت تتحدث مع حالها كثيرا .. اللعنة عليك يا زين الحديدي .
...............................
إستيقظت عندما شعرت بأصوات حركة فى غرفتها .. هل عاد ؟ ما الوقت الآن ؟ فتحت جفنيها وهي تستند بظهرها على مقدمة الفراش لتجد فتاه جميلة ترتب الملابس وتضعها فى الخزانة .. قالت الفتاه بأحترام
- صباح الخير يا سيدتي .. الفطار سيجهز بعد نصف ساعة ساعة
عبثت بشعرها للخلف وفركت عيناها ببطىء
- صباح الخير
قامت من مضعجها وهي تزفر بحنق .. لقد جاء الصباح ولا تعلم اين هو ؟ ماذا إن سألتها الجدة عنه ماذا ستخبرها ؟
إنتبهت علي صوت إغلاق الباب لتتنهد بيأس وهي تتوجه نحو الخزانة وإلتقطت اول شيء ظهر أمامها وتوجهت نحو المرحاض لكي تنعم بحمام دافيء وسط دوامة أسئلتها التي لن تنتهي .
......ً............................
كانت تراقب المنزل بأنبهار .. نزلت الدرج ببطء وهي تمشط المنزل بأعين فضولية .. أستوقفتها جدار يوجد به صور ضخمة .. تبدو للعائلة !!
صور قديمة لرجل أقل ما يقال أنه جذاب وفتاه صارخة الجمال يحتضنان بعضهما بحميمية .. إبتسمت فى هدوء وهي تتابع تفحصها لباقي الصور
صور آخري لهم ولكن يوجد بينهما طفل رضيع
هل هذا زين ؟ إقتربت من الصور لكي تتفحص ملامحه بشكل أدق
شهقة قوية جعلتها ترتد خطوات للخلف عندما سمعت صوت أنثوي من خلفها
- يبدو إنكِ تريدين أن تتفحصي ملامحه وهو صغير
إلتفت للخلف لتري إمرآه متفجرة فى الأنوثة .. بداية من ملابسها القصيرة التي تبرز معالم انوثتها الطاغية إلي خصلات شعرها البندقية المصففة بعناية ..
إبتسمت المرآه تحت نظرات ليان المتعجبة والمستنكرة لتمد يدها معرفة عن نفسها
- أعرفك أدعي آليا ابنه عم زين
تهللت آساريرها عندما علمت أن الفاتنة مجرد قريبته صافحتها بحبور
- إعذريني لكنني لم آراك أمس
- اوه نعم لقد جئت الصباح الباكر من لندن
تفحصتها آليا بتمعن .. فتاه محجبة ذو ملامح ناعمة وهادئة
أشاحت بعيناها وهي تنظر إلي الصور المعلقة علي الحائط
- أتعلمين هذا الحائط يوجد به العديد من الذكريات الصور جميعها ذكريات قديمة
إبتسمت ليان إبتسامة هادئة وهي تستمع إلي حديثها
- أتعلمين يا ليان إسمك مميز للغايه لكن أليس ذلك الاسم غربيا؟
- كلا إنه إسم عربي الأصل يوجد به عده معاني كثيرة وأكثر معني مقرب هو الرقة واللطافة
ربتت آليا علي وجنتيها
- انتِ فعلا رقيقة كالفراشة ولطيفة للغاية سنصبح أصدقاء
أشارت بأحدي الصور الحديثة
- هذه صوره حديثة إلتقطت لي أنا وأخي وزين هذه الصور قبل ان يصبح أخى رباناً والان لا اراه سوي لقاءات قصيرة ..
يبدو إنها أعادت عليها اوجاعها .. نبرتها خفيضة مؤلمة بها لوع وإشتياق . ربتت علي كتفها وهتفت بمرح وهي تنتشلها من غمامة الحزن
- هيا إنه وقت الفطار قبل أن نستمع توبيخاً من الجدة
ضحكت آليا بصخب
- يبدو إنك لم تسلمي من الجدة ليلة أمس
............................................
أسرعت بمعانقة أبيها بعد عودته من سفره إلي القرية .. إشتدت من معانقة أبيها وهي تخبأ وجهها إلي صدره
- متسافرش وتسيبني تاني ماشى
إبتسم أيمن بحنان وهو يطبع بقبلة علي جبهتها
- إن شاء الله
إبتعدت فى هدوء وسحبته إلي الاريكة وهتفت بفضول
- يلا بقى إحكيلي إيه اللي حصل هناك .. انت وعدتني لما ترجع هتحكيلي
إنتظرت عده دقائق أن يبدأ لكنها وجدته لم يتفوه بشىء عيناه تجوبان وجهها ليهتف بهدوء مضيقاً عيناه
- هقلك بس افهم الاول إيه اللي كان بيقوله حمدي ده
إتسعت حدقتي عيناها زهولا وهي تسب ذلك الحمدي والشهاب فى آن واحد .. الحقير لقد أخبر والدها حسابك عسير يا حمدي
- قصدك إيه يا بابا ؟
رد بهدوء إسترعي الشك فى داخلها
- كان بيسألني إنت اتخطبتي ولا لأ .. ولما سألته بيسأل ليه قال شافك انتي و واحد وكنتم لازقين مع بعض بالمعني الحرفي .. أقدر افهم مين ده و ايه اللي بيحصل من ورايا ؟!
امسكت كف والداها وهتفت بصدق
- يا بابا ده سياده المقدم شهاب ابن عم ليان .. انا معرفش هو عمل كده فجأه ليه معايا ؟ طول عمره موجهش كلام معايا إطلاقا بس بعد سفر ليان كل حاجه إتغيرت فجأه تصرفاته كلامه وآخر حاجه لما إتفاجئت بيه تحت بيتي واتفاجئت أكتر وهو بيقول لحمدي إن انا خطيبته
غمغم أيمن بغموض
- بس كده ؟!
اسرعت تهز رأسها إيجاباً
- اه والله يا بابا صدقني هو ده اللي حصل
- ماشي نشوف حكاية شهاب ده إيه كمان
بعث فى قلبها الرهبة وهي تري حديث أبيها الغامض نحوه
- هتعمل ايه يا بابا ؟
- أفهم الموضوع الاول هو عايز ايه ؟
- بابا متقلقنيش
ضيق أيمن عيناه واردف بجمود
- مقلقكيش !! ندي في حاجه تاني مخبياها عليا
هزت رأسها نافيه
- حاليا لأ وبعدين برده عايزه اعرف ايه اللي حصل بالتفصيل الممل فى السفر ده عيله ايه يا بابا اللي معرفش عنها حاجه ؟
تنهد بحرارة وهو يرجع بذاكرته للخلف قبل خمس وعشرون عاماً بالتحديد ... قد حان الوقت لكي تعرف صغيرته ما حدث فى الماضي ..
.......................................
- مس ورد مس ورد بصي الرسمة اللي رسمتها ديه
هتف بها إحدي الأطفال وهو يريها اللوحة التي رسمها
قبلته بحنان وهي تري ذلك المبدع الصغير رغم تخطيه السبع سنوات
- هايل يا حبيبي ايه الروعة ديه
لمعت عين الصغير بسعادة وهتف بحماس
- بجد حلو يا مس ورد
داعبت وجنتيه الورديتين وهي تنظر إلي اللوحة التي رسمها مرة آخريمؤكده له
- حلو اووى يا عيون المس
إلتقطت من حقيبتها نوع من الحلوي التي يعشقها واعطتها له لتراه يقفز ويسارع وبأحتضانها
- انا بحبك اووي يا مس
همست بحنان بجوار اذنه
- والمس بتحبك اوي يا محمد
قفز الصغير يركض إلي غرفته وهو يخبر باقي الاطفال المقاربين فى عمره بأنه أخذ حلوي
سمعت صوت مديرة الملجأ وهي تربت علي كتفها بحنو
- ربنا يفرحك زي ما بتفرحي الاطفال
شق ابتسامة ناعمة لاحت ثغرها لتتنهد براحة وهي تشعر بسعادة غامرة تمليء قلبها ...
....................................
مر أسبوع قضته بصحبة الجدة وآليا آسفة علياء .. اسمها عربي الاصل والدها هو الاخر تزوج من فتاه بريطانية ولكن للاسف حدث بينهم مشاكل وتطلقت وسحبت الأطفال إلي أحضانها ..
خالد وعلياء اسمين عربين ولكن مع والداتهم وثقافتها المتحررة اصبحوا غربين من الدرجة الاولي من الملبس وطريقة التحدث والمعاملة ..
عادا إلي أحضان ابيهم بعد أن أصبحا ناضجين يافعين .. علياء فتاه تخطت الثاني والعشرون من العمر و القبطان خالد يكبرها بعده سنوات يقضى حياته بالأنتقال من بلد إلي آخري ..
كانت الجدة وعلياء ينطقون اسم خالد بصعوبة شديدة يبدلون حرف الخاء بالكاف فى كل مرة يتلفظون بأسمه تضحك بأستمتاع ..
علمت حياه علياء وحياه الجدة وجزء من حياه خالد ولكن هو لا تعلم عنه سوي القليل .. القليل جداً مع ذلك تظن إنه كافي لتلك الفترة ... وكأنهم متعمدين الأ يتحدثون عنه سوى بعبارات مقتضبة.
والجدة التي توقفت عن سؤالها عنه .. اين هو ؟ .. ولماذا تأخر ؟ .. إكتفت فقط بأن تقص عليها بعض المواقف الطريفة التى حدثت في حياتها ..
جلست علي فراشها وهي تتذكر بعد أن قام بتوصليها إلي منزل الجدة أصبحت تكاد تراه فى وجبة الأفطار وتكون محظوظة جداً إن رأته قبل الخلود للنوم ..
لا تعلم متي يأتي ومتي يذهب .. وما ذلك العمل الذي يجعلها لا تراه سوي دقائق قصيرة ..
نظرت إلي الساعة المعلقة علي الحائط لتجد أن الساعة قد تخطت الثالثة صباحاً
توجهت نحو الفراش وهي تشعر بالصداع الذي يفتك برأسها كلما تشرد وتفكر به .. رائع يا ليان لقد أصبحتِ لا تفكرين بأحد سواه ..
أغلقت جفنيها وهي تحاول أن تنام ... تقلبت يمينا ويساراً وهي فى كل حين تتأفف ... ازاحت الشرشف لتتوجه نحو الشرفة ..
سحبت نفساً عميقا وزفرته علي مهل .. الهواء المنعش سيجعلها تتحسن .. إبتسمت فى خفوت وهي تتكأ علي السور بذكريات قديمة ..مشاجرتها هى وأختها تشتاق إليها بشدة
علي الرغم إنها تتحدث معهم يوميا إلا أن مكالمة الفيديو لا تكفيها
إنتهبت علي سيارة تدلف إلي المنزل ولم يكن سواه .. ترجل من السيارة ببطىء وهو يتوجه نحو الداخل.
ستتحدث معه .. تلك فرصتها الوحيدة قبل أن يعودا إلي لندن
إنتظرته أن يأتي للغرفة لكنه خيب ظنها .. دلفت إلي الغرفة وهي تجلس علي الفراش بقلب منتظر وعقل أوشك علي الجنون
ظلت تهز ساقيها بتوتر وهي تعد الثواني والدقائق ليأتي .. هل رحل ؟ كلا لم يرحل لم تستمع إلي صوت السيارة بعد
قامت من الفراش وهي تضع بوشاح علي رأسها وتذهب إلي غرفة المكتب ..
امسكت بالمقبض وفتحت باب الغرفة بعنف وانفاسها تعلو وتهبط من الحنق والغيظ الذي يتآكلها .. وجدته يريح بجسده علي الأريكة مغمض العينين وعندما وجدته عارى الصدر .. عند تلك النقطة أدارات وجهها للخلف وتحدثت بنبرة هادئة رغم تلك النيران التي تعتلي فى داخلها
- اريد أن أتحدث معك والآن
مغمض العينين ينعم براحة تستمر عده ساعات قليلة ليواصل يوم الغد الحافل .. تفاجأ من إقتحام أحدهم الغرفة دون أن يطرق الباب وقبل أن ينفجر بغضبه وجدها هي .. هل ما زالت متيقظة ؟ إنتظره لكي تتحدث معه ؟
ابتسم بسخرية
- إلتفتي وتحدثي معي لن أتحدث مع عنقك
جزت علي أسنانها بغيظ رغم إشتعال وجنتيها من اللون الاحمر القاني .. إلتفت إليه وهي تشيح بوجهها عنه
- يجب أن نتحدث
- فى الغد
هتف بها ببرود ..لتشتعل غضبا وهي بدون وعي تتوجه نحوه
- ليس فى الغد الآن هل المناقشة معك تتطلب موعد
قام من مجلسه وهو يقف قبالتها واضعا كفيه في جيب بنطاله وعيناه تجوبان وجهها
- وما الأمر ؟
- أخبرني هل سأظل هكذا طول الوقت .. لا اعلم عنك شىء ولا تتحدث معي كمثل الأشخاص الطبيعين تتركني مثل اا ..
دنا نحوها هامسا
- مثل ماذا ؟
ارتدت للخلف عده خطوات وهي تشعر برائحة عطره تتوغل إلي روحها هذا يجعلها فى حالة من اللاوعي ويجب أن تفيق فهي أمامها فرصة للتحدث معه فهو أمامها أخيراً ..
أغمضت جفنيها وهتفت بكل ما يعتمل في صدرها
- مثل الكرسي أنت لا تفهم ذلك الشعور الذي يروداني أشعر بأنني .. اااه لا اعلم كيف اصفه لك .. يوجد الكثير من الاشياء والتساؤلات بداخلي ولا أجد جواباً لأي منهم أكتفي فقط بالظن أو التخمين .. لقد تعبت حقا لقد تعبت لا اريد ان ابقي هنا .. سأرحل سأعود بأدراجي إلي القاهرة وأعدك انني سأعطى مالك في أقرب فرصة ممكنة
فتحت جفنيها لتشهق وهي تضع بكفها علي شفتيها كأنها تحاول أن تكتم شهقتها قبل أن تصدر ..
هيئته تلك لم تعهدها من قبل يشبه كهيئة الملثمين أو قاطعي الطرق .. زرقاوه عيناه البراقة إختفت وحل محلها ظلام دامس .. شعره المبعثر بعشوائية علي جبهته .. إنفعالات جسده الذي يتحكم بصعوبة وهي تراه يقبض بكفه بقوه حتي ابيضت سلمياته ..
بللت شفتيها وهي تشعر بالخطر يحوم حولها عليها ان تهرب .. الآن !!
آكل المسافة الباقية بينما ارجع بجسدها للخلف ليرتطم ظهرها بالحائط .. تنظر له برهبة وتجوس وخوف وفرصة النجاه إنعدمت عندما هتف بغضب جعل جسدها ينتفض كلياً كالعصفور بين يدي طائر جارح
- ماذا قلتي .. هيا إسمعيني !!
الفصل الثاني عشر
- لا أخاف من تلك النظرة
هتفت بها ببرود شديد رغم تخبطات داخلها .. إنه فى ذروة غضبه وانتِ تخبرينه إنكِ لا تخشينه !! رائع عزيزتي إجعليه يصب بغضبه عليكي الآن
- هيا اذهبي إلى غرفتك
صاح بها ببرود ثلجي ... لا تعلم من أين يأتي به ! إبتعد عنها ويتوجه نحو الأريكة مرة أخرى .. اتسعت حدقتيها ذهولاً وهي تراه يريح بجسده على الأريكة مغمضاً جفنيه .. هل أنهي الحوار ؟! الحوار لم ينتهي بعد ..
ضربت علي الأرض بقدمها بسخط وهي تخرج من الغرفة غالقة الباب بعنف خلفها ..
لم يلقي بالاً بما فعلته .. أغلق المصباح بجواره لينعم بالنوم
فغداً عليهم العودة إلى لندن .
......................................
جهزت الخادمة حقائبهم .. احتضنتها علياء بعاطفية
- سأشتاق لكٍ يا ليان .. سأقوم بزيارتك عندما أعود من السفر
بادلتها ليان بابتسامة هادئة وهتفت بشقاوة
- ستذهبين إلي إيطاليا إنك محظوظة حقاً .. ولكن أن تكوني عارضة أزياء أليس متعباً
- بالطبع متعب لكن شيق للغاية سيقام حفلة في لندن الشهر القادم سأرسل لكِ الدعوة لا تتحججي بالعمل مثل زوجك
- إن شاء الله
تمتمت بها فى خفوت .. إدارت بعيناها نحو المكان وهتفت بتعجب
- ولكن أين جدتي ؟
همت علياء بالرد ليستمعا إلي صوت يأتي من الدرج
- انا هنا يا عزيزتي
قالت علياء بتعجب وهي تري الخادمة خلفها تتمسك بحقيبة السفر
- جدتي لمن تلك الحقيبة ؟
ضربت بعصاها علي الارض وهي تقول بسعادة
- لي بالطبع
- ولكن إلي أين ستذهبين يا جدتي ؟
ذلك الصوت كان صوت زين تلك المرة .. لتلتفت ليان وهي تراه خرج من غرفة مكتبه ويتوجه نحو جدته بخطوات هادئة
- سأذهب معكم بالطبع
ظهرت علامات التعجب والدهشة على معالم علياء والجمود على زين .. لتهتف علياء بدهشة
- ولكنكِ قلتي لا تحبين ان تسكني فى زحام المدينة ما الذي تغير الآن ؟
توجهت الجدة نحو ليان التي كانت تحاول فهم ما يحدث
- تغير لأن زوجة حفيدي جاءت سنتسلي انا والفتاة كثيراً
ثم أشارت للخادمة بصوت متلهف
- أسرعي يا كريستين أعطي الحقيبة للسائق
انصاعت الخادمة لأمرها وهي تحمل الحقيبة متوجه بها نحو الخارج .. هتفت الجدة وهي تلكز ذراع ليان الشاردة
- يا فتاة لا وقت للشرود الآن هيا اصعدي السيارة لنصل للمدينة في أقرب وقت
وما كان عليها سوى الإذعان والقبول .. توجهت للخارج هي الأخرى .. ما إن إبتعدت عن ناظريهم حتى قال زين بمكر
- ما الذي تنوين على فعله يا جدتي ؟
ضربت بعصاها علي الأرض وهي تمتم بسخط
- أنوي ماذا ؟ هيا هيا لنصعد إلى السيارة الوقت سيتأخر
وجه زين ببصره إلي علياء التي كانت تحاول كتم ضحكتها
- جدتي الله يعلم ما الذي يدور برأسها
لاحت ابتسامة لم تصل لشفتيه .. إبتسامة تهكمية ساخرة ليهتف بجمود
- حينما تصلي إلي إيطاليا هاتفيني
هزت رأسها بإذعان
- بالطبع
توجه إلي الخارج بخطوات رشيقة .. تتبعته علياء بنظرها حتي اختفى عن مرمى نظريها لتفلت الضحكة التي حبستها بداخلها وتمتمت وهي تضرب بكفوفها
- ااه يا جدتي
................................
تشرب العصير باستماع تحت نظراتهم الساخطة لتمط شفتيها بتركيز
- يعني هي مش بترد على التليفون
ضم شهاب قبضه يديه وهو يحاول بأقصي قدر ألا يفتك بتلك المجنونة تبرم بسخط وهو يوجه ببصره نحو ورد
- انا قلت يا ورد ديه مش هتفيدنا سيبيني اخلص عليها
حاولت ورد أن تهدأ ذلك الذي سيقوم بأرتكاب جريمة الليلة
- اهدي بس يا شهاب
ثم تابعت وهي تلقي بنظرة معاتبة للأخري التي لم تكترث وهي تشرب العصير باستماع
- يا سارة اهدي اشويه احنا جايبينك لأنك إنتِ اكتر واحدة عارفة ندى
- ايوه بس كله بحسابه
هتفت بها سارة ببرود ليسحق شهاب أسنانه
- ويا تري الست سارة تحب نجبلها ايه
لمعت عين سارة وهي تصيح بحماس
- الكاميرا اللي هموت وأجيبها
قام شهاب من مجلسه صائحاً بانفعال
- لا ده انتي زودتيها اووي
قامت ورد من مجلسها هي الأخري وهي تسحبه للمقعد مرة أخرى
- اقعد بقي الناس بتتفرج علينا
زفر بحنق وهو يجلس على المقعد مرة أخري ..
هتفت سارة
- عيد ميلادي بعد بكره
بدا الأمر لم يعد الاحتمال صاح بعنف وعيناه موجهه الى ورد
- شوفي علشان انا لو قتلتها مش هدفع الجزية .. انا بفكر في ايه وهى فين
عبست سارة لتقول بسأم
- تصدق أنا غلطانه إني بفكر أجيبهالك إزاي
هتفت ورد بفضول يتآكلها
- قصدك إيه يا سارة ؟
أجابت سارة بخبث وقد اهتدت إلي خطة ناجحة
- عيد ميلادي بعد بكره وديه الحاجة الوحيدة اللي هقدر أجيبها للبيت و بكده يقدر شهاب يتكلم معاها لو قلقانين علي موضوع بابا وماما فمتقلقوش من الناحية ديه
هتف بأعجاب صريح
- الماظات دماغك ديه ألماظات
عدلت ساره ياقتها وهتفت بزهو
- اومال ايه يا حضرة المقدم
ضيقت عينيها وهتفت بتحذير مشيرة بأصبع السبابة نحوه
- الكاميرا يا شهاب لو ملقتهاش بعد بكره إنسى تشوف البت
ضحكت ورد وهي تستمع إلي الشد والجذب بينهما .. يشبهان القط والفار كثيراً زادت أعينها دهشة وهي تستمع إلي سارة
- بس خد بالك يا حضرة المقدم لا تعمل حركة كده ولا كده ها هقفشك .. بيت إبراهيم طاهر وهيفضل طول عمره طاهر
أمسك شهاب بعبوة المناديل ورماها فى وجهها لتتفادها بسهولة وهي تبين له طرف لسانها
- مجتش فيا
ازاحت بخصلاتها للخلف لتنظر إلي الهاتف وهتفت بعبوس
- إنتوا جايبني علشان العصير بس فين الأكل
تلك المرة ورد التي هي التي قامت من مجلسها وعلامات الحنق بادية علي معالم وجهها لتفر سارة هاربة من الذين سيقومون بقلتها اليوم وتصيح برعب
- انا ماشية
ضحكت ورد بملء فيها على تلك المجنونة التي ركضت خارج المطعم تحت نظرات أعين الجميع منهم المتهجم ومنه المستنكر والأخر متعجب .. لتجلس على مقعدها وهتفت بأبتسامة هادئة
- ها قررت تقولها إيه ؟
تنهد براحة لأنه يوجد فرصة لمحادثتها .. أسيخبرها أنه يعشقها ولا يستطيع الحياة بدونها أم يجبرها ؟! لن يقدم بخطوة سوي أن يعلم منها سبب النفور منه .. تتجنبه و ترفض الحديث معه .. لن يظل مكتوف الأيدي المقابلة القادمة لن يتركها ترحل .
...............................
ظن الزواج من ليان سيجعل جدته تهدأ .. لكنه كان مخطئاً
نقر بقلمه على سطح مكتبه الزجاجي وعيناه شاردتان نحو الفراغ .. الماضي يطرق بابه من جديد
كان في العاشرة من العمر عندما توفي والده ووالدته أثر حادث مؤلم .. جعله يفقد النطق لعدة أشهر .. رفض العيش مع عمه وانتقل للعيش مع جدته لعده أشهر ثم أخبرها أنه يرغب في الالتحاق بمدرسة داخلية .. رغم رفض الجدة وعمه إلا إنه كانت رأسه يابسة كما تقول جدته دائما ..
مرت السنوات ببطء حتى التحق بالجامعة .. حياته عابثة كمثل اى رجل غربي .. القيم والأخلاق التي غرسها أبيه وهو صغير قد دفنت ومُحيت منذ الأزل ..
تولي إداره شركة أبيه بمساعدة عمه الذي دائما واقفاً بجواره يدعمه ويساعده ..
إنه حتى الآن لا يصدق أنه تزوج .. وتزوج من ؟! .. فتاة شرقية .. يا لسخرية القدر !!
انتبه على صوت مساعده الخاص وهو يهتف بهدوء
- سيد زين
عاد ينقر بالقلم على سطحه الزجاجي .. ارجع بظهره للخلف
- ماذا ستيفن ؟
توترت معالم وجه ستيفن وهو يضع الصحف على مكتبه
- سيدي أظن أنك لم تقرأ الخبر بعد
إلتقط زين إحدي الصحف وهو ينظر بأعين فضولية .. اسودت عيناه مما بعث في قلب ستيفن الرعب .. يا إلهي ما الذي فعلته !!
ظل يقرأ العناوين بين الصحف ومعدل غضبه يزداد كأن وقوداً إقترب من شعلة نار جعلته يتوهج ويحدث حريقاً مهولاً " ما زالت علاقات رجل الأعمال مستمرة حتى بعد زواجه " .. "علاقة حميمة تربط بين رجل أعمال شهير و صحفية " .. " هل زواج رجل الأعمال زين الحديدي مجرد ستار لأستكمال علاقاته "
إزدر ريق ستيفن بتوتر وهو يلاحظ تشنج جسد سيده .. إنتفض بهلع عندما أزاح زين كل شيء على المكتب مصدراً ضجيجاً قويا
- اللعنة
همس بها زين وهو يرجع بخصلات شعره للخلف .. الصحفيون مستمرون في إزعاجه .. لن يتركوه وشأنه .. قال ستيفن بتردد
- سيدي هل نفعل مثل المرة السابقة ؟
هز برأسه نافياً .. استعاد هدوءه بعض الشيء وهو يذرع الأرض ذهاباً وإيابا هتف زين وهو يستعيد هدوءه بعض الشيء
- ليلة غد توجد حفلة للسيد ديفيد بمناسبة مرور مؤسسته عشرون عاما لقد بعث لي بطاقة دعوة منذ أسبوع هل زلت محتفظاً بها ؟
أومأ ستيفن برأسه إيجاباً
- نعم يا سيدي إنها معي
لاحت شبه إبتسامه لم تصل لثغره وهو يفكر كيفية التخلص من الصحفيين للأبد .. استند زين بجزعه على مكتبه الزجاجي .. سيضرب عصفورين بحجر واحد من جهة جدته التي لا تكف عن التذمر بجعل ليان تتعرف على الوسط المحيط ومن جهة أخرى الصحافة ..
..........................................
ضحكت بملء فِيها وهي تستمع إلي موقف مضحك حدث مع زين عندما كان صغيراً .. لتبتسم الجدة وهتفت بصدق
- ضحكتك جميلة مثلك
غمزت ليان بشقاوة
- لكنكِ الأجمل جدتي
ثم تابعت بحماس وهي تصفق يديها
- لقد رأيت لعبة الشطرنج في مكتب زين .. ستلعبين معي وسأهزمك
مطت الجدة شفتيها بعبوس
- كلا لا لست محترفة في لعبها
- تخشين الخسارة يا جدتي
لاحت ذكرى قديمة جعلتها تبتسم
- نعم أخشى الخسارة .. حفيدي زياد كان يهزمني في كل مرة ألعب معه
التصقت بجانب الجدة وهي تتسائل بفضول
- لكن لما جدتي ؟ تنادونه بزياد !
تنهدت الجدة بحزن
- لا اعلم حقا عندما توفي والده وإبنتي أثر حادث فظيع سبب له فقد النطق لعدة أشهر جعلني أصاب بالحزن والخوف والهلع من أن أفقد حفيدي وانا اراه كل يوم يذبل .. أتذكر في يوم كنت اناديه بزين لأجده يرد بعنف ويخبرني قولي لي زياد وليس زين
سعادتي وقتها وأنا أراه يتحدث معي بعد أن أصابني اليأس والإحباط جعلني أذعن لطلبه ولم أسأله لما ؟ خمنت إنه عندما أذكر أسم أبيه سيجعله ذلك يتذكر والداه لا أعلم هذا تخمين فقط
تجمعت الدموع متحجرة عند مقلتيها وهي تجد الجدة في اليومين عندما عادا إلى الشقة الفاهرة في لندن تخبرها عن حياة زين فى طفولته التي تعلمها قبل التحاقه بمدرسة داخلية ..
تشعر بالأجواء التي غيم فيها الحزن والطاقة السلبية ترتفع كمعدل الأدرينالين في الجسم حينما يواجه الأنسان موقف يتعرض له لأول مره
اكتفت جمعت بعض المعلومات عنه وعن طفولته ولكن ما زالت ترغب فى المزيد .. الجدة أخبرتها كل ما تعلمه في طفولته السعيدة حتى ذلك اليوم المشؤوم .. تبدلت فيه ملامح طفل سعيد بقلب يصرخ بالحيوية بأخرى حزينة و قلب متآلم ..
شعور اليتم لن يشعر به آحداً سوي الذي فقد شخص عزيز علي قلبه ..
عادت بذاكرتها إلي شهاب عندما توفت والدته .. كانت ما زالت طفلة صغيرة بالنسبة له .. كانت تخبره بوقاحة أن يتوقف عن المجىء لبيتهم .. كانت حمقاء ساذجة وقتها .. تنهدت وهي تطلق كل ما يعتمل فى مكنونها لتصيح فجأه وهي تتذكر شىء هام
- يا إلهي إن اليوم عيد ميلاد أختي كيف نسيت ذلك
ضربت بكفها علي جبهتها لتقوم من مجلسها علي الفور صاعده للطابق العلوي .. نظرت للساعة لتجدها السابعة مساءاً وبفرق التوقيت هناك الرابعة عصراً ..
أخذت الحاسوب الخاص بها من الغرفة لتهبط إلي الدرج بخطوات تسابق الزمن لتهتف الجدة برزانة
- علي رسلك يا فتاه
فتحت الحاسوب وهي تجلس على الأريكة مرة آخري .. عقلها لا يشغلها سوى زوجها .. زوجها بنبرة مستنكرة و تهكمية أصبحت الكلمة كتعبير ساخر
- كل سنه وإنتي طيبه يا حبيبتي وعقبال ميه سنه
قالتها بها عندما وجدت سارة ترد علي مكالمة الفيديو عبر تطبيق سكايب ... سمعت تذمر سارة
- لا كتر خيرك إنك لسه فاكره
استرسلت بعيون مشاكسة
- ايه ده هو الجواز حلو كده يخليكي تنسي عيد ميلادي ولا القمر أبو عيون زرقا واكل الجو
تصاعدت حمرة وجنتي ليان مما جعل الجدة تهتف بتساؤل
- ماذا حدث يا جميلتي ليحمر وجهك مثل الطماطم الطازجة
هنا تساءلت سارة
- إيه ده ديه جده زين ؟
- ايوة
هتفت بها بهدوء لتصفق سارة يديها بمرح
- ايوه خلينا اشوفها
التصقت بجوار الجدة صاحت ساره باعجاب
- مين المزه دي ؟
أطلقت بعدها عدة ضحكات رنانة عندما زجرتها ليان بحدة لتتطالع الجده عبر الشاشة صورة فتاة النشاط والحيوية يملأ وجهها ... ملامحها تبدو قريبة نوعا ما لـ ليان
بخصلاتها الغجرية وبشرتها البرونزية المناقضة لبشرة ليان الخمرية
لكن الشخصيتان متناقضتان تماما .. الأولى خجولة والثانية تبدو نوعا ما جريئة وهي تتحدث مع ليان بلغة لا تفهمها وبالمقابل الأخري التي بجوارها أصبحت وجنتيها تشتعلان من الحمرة
تبرمت الجدة بسخط
- توقفي يا فتاة لقد جعلتي زوجه حفيدي مثل حبتي الطماطم
تمتمت سارة
- هل جعلتيها في صفك يا ليان
إبتسمت ليان .. لتقوم سارة من الفراش وهتفت بغمز
- يوجد مفاجأه يا ليان
خرجت من الغرفة وسلطت بالكاميرا علي الأفراد الموجودين .. عائلتها موجودة .. والداتها و والدها و ورد وشهاب وندي وبعض صديقات سارة
- جميعكم هنا .. منذ متى يا شقية تجعليه في وقت مبكر للغاية
ردت سارة وهي تسلط الكاميرا علي وجهها وتلتصق بـ ندي
- اصل ندي هتسافر علي بليل علشان خاطر عيونها قدمته وخليته في العصر
نست أن الجدة تتابعها لتعدل لسانها وهي تهتف بالانجليزية
- إفتقدتك جداً يا ليان
لمعت عيناها فرحة وهي ترى الجميع سعيد ويضحك ويمرح بسعادة .. لا تعلم متى الدموع انحدرت نحو خديها .. قالت الجدة بمزاح وحزناً على تلك المسكينة
- لقد جعلتي الفتاة تبكي يا شريرة
اتسعت سارة عيناها صدمة و هتفت باستنكار
- أنا شريرة
ثم استرسلت بمزاح
- بل أنا زعيمة عصابة
أطلقت ضحكة مدوية بمرح جعلت الجدة تضحك وتزرف الدموع بسبب ضحكتها وشاركتها ليان
- توقفي يا فتاة عن تلك الضحكة .. سأموت بسببك
كانا يتحدثان بمرح لم ينتبهوا لقدومه .. بل هي تجاهلت ذلك الأمر .. علمت بوجوده بسبب عبق رائحته التي دغدغت أنوثتها العذرية .. أغلقت الحاسوب وهي تضعه جانباً
وجدته واقفاً بشموخ يليق به هتفت الجدة بتعجب
- زياد لقد أتيت مبكراً اليوم
نظر للساكنة التي بجواره تفحص ملابسها بسخرية بداية من فستان منزلي فضفاض وخصلات شعرها الذى جمعته على هيئة كعكة ليرد بجمود
- نعم سأكون في غرفة المكتب حتى موعد العشاء
تابعته الجدة بأعينها حتى غاب عن مرمى بصرها لتلكز التي بجوارها
- هل هذه ملابس ترتديها وانتِ أمام زوجك
تفحصت ملابسها برضي وهتفت ببلاهه
- ما به يا جدتي
- لا تغضبيني يا فتاة حرري شعرك الذي تخبئينه وملابس الجدة التي لا تتناسب مع عمرك
همست بتوتر وهي تفرك بيديها
- ولكن الحراس و الخا..
قاطعتها الجده
- الحراس لا يتجرؤن ويدخلوا المنزل وجميع من تعمل هنا نساء كما في منزل القرية
فضلت الصمت حتى لا تغضب الجدة .. هل تريديها أن تتزين وتصبح عروسا لذلك الجلف البارد .. ابداً لن ترتدي تلك الملابس التي خبئتها فى حقيبتها ..
عندما عادا إلى لندن إتجها إلي شقة فاهرة مكونة من طابقين .. الطابق الاول يوجد بها غرفة إستقبال و حجرة مكتبه العظيمة الضخمة المليئة بالكتب
ومطبخ بحجم شقه منزلهم عكس ذلك القصر فى القاهرة و المنزل فى القرية .. والطابق العلوي يحتوي على خمس غرف بحمام ملحق ..
أصبحت فى ذلك اليومين تراه صباحاً ومساءاً .. يكتفي بعبارات مقتضبة وحديث رسمي كأنهم أغراب .. لا تعلم أين يقضي ليلته
غرفة المكتب تقريباً أو غرفة نوم آخري .. تشعر به عندما يأخذ ملابسه فى ساعة مبكرة جداً ثم يغلق الباب بهدوء خلفه ..
الجدة تحاول جعلهم مقربين .. تسعي جاهداً في ذلك لكن لا فائدة .. تذكرت كل لحظة عندما يقترب منها بطريقة مباشرة أو ملتوية .. إذاً لم ابتعد عنها لم ينفرها بعدما أصبحت زوجته كأنه يهجرها .. هل هجرها ؟ هل هذا هو الهجر ؟! .. إنه لم يقترب منها حتي يهجرها .. الجدة تمزح معها لن تفعلها .. لن تتودد إليه .. لن تتزين ..لن ترتدى ملابس مغرية وإن أقيمت حرب العالمية الثالثة .
..............................
لم تتوقع أن والداها عاش قصة حب عالمية كما تقرأها فى الروايات .. قضي والداها معظم طفولته ومراهقته وشبابه فى القرية ..
ترك القرية لاستكمال تعليمه في مصر وإلتحق بكلية الشرطة .. عائلة والداها من أهم عائلات فى القرية
قابل والدها والدتها بالصدفة. .. نظره .. لقاء .. حب .. زواج
ذلك الترتيب كأي قصة حب تقرأها لكن كبير العائلة رفض بالزواج فتاة من القاهرة .. و أمره بالزواج من ابنة عمه
ثار والداها ورفض لكن كبير العائلة لم يتزحزح عن قراره .. حاول أن يستميل معه بالعقل والهدوء ولكن كبير العائلة رأسه عنيده ..
ووقتها ترك القرية وذهب إلى القاهرة وتزوج من والدتها .. وتزوجت ابنة عمه بعمها توفيق لينجبا ذلك السمج مروان
قصة حب مكتملة من الخارج عائلة سعيدة رزقهم بطفلة ولكن والدتها تركته في منتصف الطريق ورحلت .. وبعد خمس وعشرون عاما أخبرها أنهم سيعودون القرية مرة أخري
- ندى
أفاقت من شرودها على صوت سارة وهي تهتف بحماس حاملة في يديها الكاميرا
- يا بنتي تعالي اخدلك صورة من الكاميرا الجديدة اللي جبهالي شهاب
شهاب ااه .. تود أن تقتلع عيناه بسبب نظراته الماكرة التي يرسلها إليها وسط أعين الجمع .. نفت برأسها
- لا يا سارة مش عايزة
نظرت إلي الصالة التي وجدتها فارغة .. هل شردت لتلك الدرجة لعدم شعورها بالوسط المحيط !
- هما كلهم مشيوا
غمزت سارة بعيناها
- مشيوا يا جميل من زمان انتي اللي سرحانة .. ها حب اقتحم الباب وخلع الشبابيك
ابتسمت ندى علي مزاح سارة
- الله يكون في عونه اللي هياخدك
ارجعت سارة خصلاتها للخلف
- ومتقوليش ليه هيكون من بخته انه هيتجوزني وبعدين مفيش جواز غير بعد ما اخلص الكلية
- لا ده انتي مخططة بقي
هزت برأسها إيجاباً
- طبعا اومال
قامت من مقعدها وهتفت بوداع محضتنه إياها
- طب انا هبقي نمشي بقي علشان متأخرش علي بابا سلام
بعثت سارة بقبلة في الهواء وهي تراها تتمسك بمقبض الباب
- مع السلامة يا حلوة
أغلقت ندي الباب لتخرج سارة هاتفها من جيبها تعبث برسالة قصيرة ثم تضع بهاتفها مرة أخري في موضعه وظلت تصفر بسعادة متوجهه نحو غرفتها .
.....................................
نظرت إلي ملابسها في الخزانة وهي تنتقي ما يلائم الطقس .. لقد أخبرتها الجدة بعد العشاء أنها تريد أن تتجول
حاولت أن تؤجلها الصباح لكنها رفضت وصممت على رأيها .. إرتدت ملابسها وهبطت الدرج لتقول للجدة التي انتظرتها منذ نصف ساعة بدون اي علامات الضيق او الملل
- هيا جدتي
- معذرة إلي أين تذهبان
صاح بها زين وهو يجدهم متجهين نحو الخارج ، ردت الجدة بهدوء
-سنتجول انا وليان قليلا فى الخارج
هتف ببرود
- في الصباح جدتي الساعة الآن التاسعة مساءاً
أغمضت ليان جفنيها .. هل سيتحكم الآن متي يخرجون ومتى لا
- هي نصف ساعة فقط لا أكثر ولن نبتعد عن البناية كثيراً.. هيا جدتي
صاحت بها بجمود وقامت بفتح الباب الخارجي .. استندت الجدة بيديها على مرفق ليان ..
كان الهواء منعشاً في الخارج بالرغم من جلوسهم في الحديقة المقابلة للبناية على أوامر السيد زين أن يجلسوا هناك ويجعل حارسان يراقبوهم عن كثب ..
- ما الذي تفكرين به جدتي ؟
- اريد ان ارى طفلا لكما يا جميلتي
شهقت ليان واضعة يديها على ثغرها
- جدتي ما زال الوقت مبكراً
ضربت بعصاها على الأرض مزمجرة بحنق
- الوقت مبكر بالنسبة لكما ولكن انا لا وقتي شارف على الأنتهاء
ربتت على كف الجدة بحنو
- ادامك الله العمر جدتي
ظلت تتمتم الجدة ببعض العبارات الحانقة بصوت منخفض .. إبتسمت ليان في خفوت بالتأكيد موجهه لها ..فضلت الصمت وهي تستمتع بذلك السكون الذي يغلف المكان .
..................................
- ندي من فضلك إسمعيني
توقفت عن السير عاقدة يديها على صدرها
- اتفضل قول
- مش هينفع وإحنا واقفين تعالي نقعد في مكان هادي
هزت رأسها نافية
- اسفه بس انا ورايا سفر بعد إذنك
أمسكها من عضدها مانعا إياها من الهروب
- ندى
نبرته وهو يناديها ذبذبتها .. لا تعلم كيف وافقت وأذعنت علي طلبه وهي تهز برأسها كالمسحورة بالموافقة
......................
كان صباحاً مملاً نوعا ما .. صعدت لغرفتها وهي تختلي بعض الوقت .. الجدة نائمة منذ الظهيرة .. حتى بعد مهاتفه عائلتها تشعر بالملل ..
أغلقت باب الغرفة وهي تزفر بحرارة .. تسمرت قدماها وهي تري علبة ضخمة تتوسط الفراش
إلتقطت ورقة صغيرة مكتوب بها خمس كلمات فقط " أريدك جاهزة في الساعة الثامنة "
جزت علي أسنانها بغيظ وهي تود أن تراه لتلكم وجهه الوسيم ذلك الذي يؤثر على سلامة قلبها
رمت الورقة بلا مبالاة على الارض وفتحت العلبة .. لتشهق بصدمة .. فستان أسود هل يمزح معها الآن !!
الفستان قبيح للغاية .. هل إمتلىء جسدها بعض الشىء
هتفت بها وهي تنظر إلى المرآه .. الفستان محتشم لكنه لا يخفي تفاصيل جسدها .. فستان قبيح والتي ترتديه أقبح
سخطت بجزع .. لن تذهب معه بذلك المنظر ابداً
لن يجبرها على الذهاب معه ..
فتحت الجدة الباب وهي تتمتم بسخط
- يا فتاة منذ ربع ساعة اناديكى
توقفت لبرهة وهي تنظر إليها اتسعت عيناها و شفتيها إبتسامة راضية
- ما ذلك الجمال يا فتاة
إلتفت ليان يمينا ويسارا وكأنها تقيم جسدها
- اين الجمال التي تتحدثين عنه جدتي ذلك الفستان إما قبيح أو أنه لا يليق بي
هتفت الجده بابتسامه
- لا جميل للغاية يبدو زين هو من أهداه لكِ
- ولما ؟
- زين يحب الألوان الداكنة ولون الأحمر والأزرق
إرتفعت حاجبيها بدهشة
- أحمر وأزرق ولما هما بالتحديد ؟
تمتمت الجدة ببساطة
- الأحمر لأنه لون أنثوي صارخ والازرق لأنها تشبه حدقتي عيناه هزت رأسها بلا مبالاة وهتفت بتساؤل وهي تبتعد عن أي محور خاص به لانها إن رأته تريد أن تزهق روحه بسبب ذلك الفستان
- إذا ما لون الحجاب الذي سأرتديه ؟
عقدت حواجبها بتفكير
- هل معك لون خزامي او وردي ؟ اتعلمين الخزامى يليق ببشرتك أكثر
- نعم عندي
تهللت أسارير الجدة
- رائع سأهاتف ليلي لكي تضع بعض المساحيق التجميل لتبدي فاتنة
- كلا جدتي لا يوجد داعي
ضربت بالعصا علي قدميها وهتفت بنبرة لا تقبل النقاش
- هيا جهزى أشيائك وسأهاتف ليلي
غادرت الجدة من الغرفة غالقة الباب خلفها .. لتشهق واضعة يديها على ثغرها .. يا إلهي ماذا تفكر الجدة ..هل تظن انه موعد ؟ تريديها أن تتزين له وترتدي ذلك الفستان القبيح !
كلا لن تذهب معه ليست هي كالبهيمة التي يجرها الراعي أينما شاء ووقتما شاء .
......................................
إنتهت ليلي من وضع اللمسات الأخيرة على وجه ليان لتهتف
- لقد إنتهينا .. سأقوم بتصوريك
تمتمت ليان بتساؤل
- ولما ؟
- لأنني أصور كل فتاه بعدما أنتهي من لمساتي وبما أن يوجد العديد من الفتيات المحجبات تأتي إلي صالوني ربما أعرض عليهم الستايل الخاص بك من يعلم ربما تصبحين موديل للمحجبات
هزت رأسها بتفهم ..لتهتف بتذمر ليان فهى منذ حوالي ثلاث ساعات رفضت ليلي ان تتطلع بوجهها إلي المرآه
- والآن هل لي أن أرى ماذا وضعتي علي وجهي
نفت برأسها نافية وهي تبحث بهاتفها عن طريقة حديثة للف الحجاب
- إنتظري تبقي فقط الحجاب سأحاول أن أفعل كما في الفيديو
امتنعت ليان وهي تشير بكفها
- دعيني أنا سأفعل والان هيا دعيني أنظر للمرآه
تأففت ليلى بضيق وهي تديرها إلي المرآة
- حسنا يا ايتها المزعجة
اتسعت أعين ليان صدمة وهي تنظر هيئتها الجديدة .. حقا مستحضرات التجميل غيرتها .. جعلتها فاتنة .. خصلاتها الفحمية المصفوفة بعناية ووجهها ! هل أصبحت جميلة لذلك الحد ؟ أم انها لا تعلم بذلك ؟!
هتفت ليلي غامزة بعيناها
- ما رأيك ؟
- رائع يا ليلي شكراً لكي
زفرت ليلي براحة وهي تغلق العلبة الخاصة بها ..نظرت إلى الساعة المعلقة على رسغها وهتفت
- يوجد نصف ساعة باقية على الموعد هيا اجهزي بسرعة حتى اقوم بتصويرك
هزت راسها بسرعة وهي تضع الحجاب علي رأسها بطريقة هادئة ولكن جذابة ..
- حسنا ما رأيك
هتفت بها عندما إنتهت وهي تنظر إلي ليلي التي كانت تتفحصها عن قرب
- رائع عزيزتي قفي عندك سأتي بالكاميرا
إلتقطت ليلي عدة صور لها .. هتفت ليان وهي تجد ألبوماً صور مفتوح موضعاً علي الفراش
- ما تلك الصور ؟
- اه إنه صور لأعمالي الجديدة ألقي نظرة
إلتقطت الالبوم بفضول وهي تقلبها بأعين مبتسمة لتشهق فجأه وهي تبعد الالبوم عنها
- يا إلهي أخبريني أن هذا ليس حقيقي
ضحكت ليلى بأستماع
- ماذا هل تخافين من الدم
انزعجت ليان وهي ترى ليلي لم تتوقف عن الضحك
- يا فتاه قلبي كان سيقف من الرعب .. ماذا سيكون رده فعلي وانا ارى شخص مقلع عيناه والآخر أحشائه تخرج من جوفه
ثم اشارت بصورة أخري
- وهذا الآخر الذي يشبه الزومبي
كانت ملامحها مقززة وهي تشعر علي وشك التقيؤ لتغلق الالبوم وتعطيها لها
هتفت ليلي
- ألم تسمعي عن الخدع السينمائية هذا هو يبدو حقيقياً أليس كذلك
- لكنك لم تخبريني من قبل عن ذلك الأمر
ردت بهدوء وهي ترجع خصلات شعرها الشقراء للخلف
- كنت أقوم به قبل زواجي ولكن كنوع من التسلية
انقطع حديث الفتاتان على صوت طرقات الباب .. دلفت الخادمة للداخل فور سماعها إلي صوت سيدتها
- سيدتي .. السيد زين ينتظرك بالأسفل
إرتفع معدل نبضات قلبها .. وهي تخشى الهبوط للأسفل ماذا ستكون ردة فعله .. هل سترى علامات السخط .. الإعجاب .. ام الجمود ؟!
- هيا يا فتاة إهبطي للأسفل وأنا متأكده أنه سيطير بعقله
............................................
ظل يزرع الأرض مجيئا وذهاباً .. يكره التأخير وخصوصاً تأخير النساء
هتفت الجدة برزانة
- ما بك ؟
هتف بجمود به يشوبه الغضب وهو ينظر إلي الدرج
- لقد تأخرت ربع ساعة حتى بعد أن صعدت الخادمة لا أعلم ما داعي لكل ذ...
قطع عبارته وهو يراها تهبط من الدرج .. يتفحصها بهدوء وتمعن
حتى نزلت الدرج وأصبحت في مواجهته
إنتظرته أن يتحدث أو يبادر بشىء يفعله .. لكنه لم يفعل سوي !!
الفصل الثالث عشر
حفلة مملة للغاية .. شعرت بالضجر وهي تراقب الجميع بنظرات جامدة .. كل سيدة تبرع في إظهار مفاتنها .. تشعر أنها في مسابقة للعري .. ضحكت بتهكم وهي تراقبه على بعد مسافة قصيرة بينهم ..
كانت منذ قليل بجواره يتحدث مع هذا وذلك في آن واحد .. وحديثهم متمحور حول العمل .
انتبهت على صوت نادل وهو يقدم لها مشروب .. هزت برأسها نافية وهي تعود مرة أخري لمراقبته وسيماً بحلته السوداء .. وسيم للغاية ولكن مشاعره بارده كحدقتي عيناه يبتسم ويتحدث بلباقة وضحكته لا تصل لعيناه .. غامض للغاية ..غموضه يجعلها فضولية للتعرف عليه عن قرب .
عيناها هائمتان به وهي تراقب حركة شفتيه صعوداً وهبوطاً
هل أغرمت به ؟ ..عقلها يتساءل بحيرة شديدة لتهز برأسها نافية كلا كلا لم تقع .. انها منجذبة له .. ليعاود عقلها هاتفاً
والانجذاب هو أول الطريق للحب .
كيف تحبه ؟ عادت بذاكرتها للخلف قليلا عندما هبطت من الدرج وأصبحت في مواجهته .. رأت عيناه تلمعان بذلك البريق الذي ظنته إختفي بعد الزواج .. عيناه كانت جريئتان يتفحصها بوقاحة
- إذا أنتِ هي سيدة ليان الحديدي
انتبهت على صوت رجل لا تعلم كيف أصبح بجوارها .. رجل طويل القامة .. ملامحه غريبة للغاية بشعره الأشقر وعيناه الخضراوتين .. يرتدي ملابس عملية و يوجد كارت صغير يحمل إسمه مثبت على جانبه الأيسر
هزت برأسها إيجاباً
- نعم
إبتسم بعملية وهو يعرفها عن نفسه
- أنا تيم وأعمل صحفي وقد جئت لكي أقوم بتغطية الخبر
ابتسمت بهدوء عكس عقلها المتضارب بجنون .. طريقة دخوله هكذا ويسألها أنها زوجة زين لا تطمئنها ابداً
- تشرفت بلقائك يا سيد تيم
في كل حين والأخرى يراقبها .. كانت تعبس وتتأفف طوال الوقت .. انشغل لعدة دقائق مع أحد الأشخاص ليعود ببصره نحوها يراها تتحدث مع أحدهم .. دقق بنظره للشاب ليجده أحداً من الصحافة
استأذن بلباقة للرجل الذي يتحدث معه وتوجه نحوها سمعها تهتف وابتسامتها تتسع عندما إقترب منها
- لا أصدق حقاً
حمحم زين بجدية وهو يقاطع حديثهم رمي ببصره للشاب ليرى عينيه لم تتزحزح عنها وكأن وجوده لم يقطع حديثهم .. سلط ببصره للأخرى ليجدها الأخري تنظر له بابتسامة ناعمة وأعينها البندقية تلمعان .
مد تيم يده مبتسماً بهدوء
- علي كلاً لقد تشرفت بمعرفتك يا سيدة ليان
مدت يديها هي الأخري وهي تصافحه تحت نظرات زين المبهمة
- وانا ايضا تشرفت بلقائك
غادر بهدوء تابعه زين حتى إختفى عن مرمى بصره وعاد يسلط ببصره نحوها ليجدها تهم بالرحيل .. أمسكها من رسغها وهتف بجمود
- عن ماذا كنتما تتحدثان
منذ متى يهتم هو ؟ يبدو أنها جائتها الفرصة لكي تأخذ بثأرها
- موضوع خاص لا يهمك ، معذرة علي الذهاب إلي الحمام
أفلتت يديها من قبضته وغادرت بهدوء متوجهه نحو الحمام بخطوات مهرولة .. لقد أغضبته رأت حدقتي عينيه المظلمتين ترسل برسالة تهديد نحوها .
أخرج لعنة بين شفتيه وهو ينظر يمينا ويساراً إذا التقط الصحفيون بعدساتهم اللعينة أي شيء .. سمع صوت ديفيد مرحباً به
- سيد زين مرحبا بك توقعت أنك لن تأتي لكنك أتيت ومسرور للغاية بمجيئك
ثم استرسل بالحديث
- ولكن أين هي زوجتك ؟ أريد رؤيتها
- ولما ؟
اتسعت أعين ديفيد دهشة وهتف بصوت مستنكر
- بالطبع أريد أن أعلم من تلك التي قررت يجعلك تتوجه نحو القفص الزوجي .. أخبرني ابني بأنه رأي مساعدتك الشرقية هنا وسمعت إحدي الصحفيون يقولون بأنها هي زوجتك إعذرني علي فضولي لكنك قد أعلنت للصحافة عن زواجك ولم تخبرهم عن زوجتك .. ولكن هل ذلك صحيح حقا؟
رد ببرود
- نعم إنها هي ..إعذرني يوجد مكالمة هامة يجب أن أجريها
- تفضل
عيناه تبحثان عنها إختفت منذ ربع ساعة ولا يراها حتى الآن ..
الأنوار قد خفتت والموسيقى الهادئة توقفت عندما صعد ديفيد على المنصة ويلقي بعبارات رسمية .. لم يلقي بالاً بالحفل
عقله مشغول بها .. أين ذهبت ؟! سمع صوت تصفيق حار من الجميع عندما إنتهى ديفيد من خطابه ونزل من على المنصة .. لتعود الأنوار والموسيقى الهادئة تصدح بهدوء بين أرجاء المكان .
تنهد براحة عندما لمحها تقف منزوية بعيدة عن أعين الجميع .. تقدم نحوها بخطوات غاضبة متوعدة
- واللعنة أين كنتِ ؟
انتفضت علي صوته الغاضب .. مسحت دموعها بكف يدها وهمست بصوت متحشرج
-آسفه لم أنتبه للوقت
- ماذا حدث
هل يسألها عن حالها أم هي تحلم ؟ كلا ليان أفيقي من الشرود .. إنه غاضب سيثور إن وجدك شاردة
نفت برأسها وهي تشيح بعيناها عنه
- لم يحدث شيء
قبض بكفه على عضدها وهمس بخشونة
- هل ضايقك أحد ؟ هل أحد من الصحفيين ضايقوكِ ؟
نفت رأسها مرة أخرى
- كلا كلا لم يضايقني أحد
- إذا ما الذي حدث ؟
تلعثمت و تلجلجت في الحديث ووجنتيها بدأت تشتعلان باللون الأحمر القاني .. أخفضت برأسها للأسفل مجيبة في تلعثم
- لقد أخبرتك من قبل لا يوجد شيء
صاح بنفاذ صبر
- ليان
زلزلتها تلك الكلمة .. دبت قشعريرة لذيذة فى أرجاء جسدها .. هل أسم أصبح جميل لهذه الدرجة أم أنها تتوهم ؟!
رفعت ببصرها نحوه مستعطفة إياه بالتوقف لإجبارها عن شيء لا تريد فعله .. لكن عيناه تنتظر الإجابة وفورا
- عندما ذهبت للحمام رأيت شاب وفتاة كانوا يفعلون
تركت كلمتها معلقة له لتخفض برأسها أرضًا مرة أخري
- يقبلون بعضهم
أجابها ببساطة شديدة .. يا إلهي نطقها بسهولة كأنه شىء عادي ؟ ..
وهي كالحمقاء شعرت بضيق في التنفس لا تعلم أين مصدره ؟ هل حضوره وقربه منها لذلك الحد جعلتها لا تأخذ نسبه كافيه من الاوكسجين .. أم لأنها أول مرة تمر بذلك الموقف !
سمعته يضحك في خفوت ، رفعت ببصرها نحوه لتجده يبتسم باتساع هتفت بلا وعي وبغباء
- أنت تبتسم
- معذرة !!
أعادت ما قالته للتو وهي تلاحظ إبتسامته تختفي تدريجيا عاقداً حاجبيه باستنكار أو سخرية لا تعلم ؟
- هيا لنغادر لقد ضجرت من تلك الحفلة
وقبل محاولة لإجابته وجدت يشتد بكفه على عضدها ويتوجه إلي الخارج ، شعرت أنها قد فقدت البصر بوجود فلاشات الكاميرا للصحفيون وأسئلتهم المتسارعة رغم عدم وجود رد ، لولا كفه الذي تمسكت بكفها بقوة كانت تصبح تائهة بين تلك العدسات اللعينة ..
إلتقطت أنفاسها بصعوبة عندما صعدت السيارة بجواره ، تشعر كما كان في سباق للماراثون .. دقات قلبها تخفق بقوة
وضعت براحة يدها على موضع قلبها
هتف بتساؤل
- ماذا حدث لكِ ؟
رغم فرحتها أخيراً أنه يبادر بالسؤال عنها .. إلا أنها عبست ملامحها بسبب نبرته الجامدة حتى في سؤاله عنها
- لا شيء لا شيء
تمتمت في خفوت وهي ترمي ببصرها نحو النافذة .
....................................
هل كانت تصدق أن شهاب يجلس علي ركبتيه ويعترف بحبه لها أمام الجمع ، وجنتيها كانت مشتعلتان من الحمرة وهو يخبرها أنه يريدها زوجته حبيبته شقيقته ، هزت رأسها بالإيجاب وهي كالمغيبة عندما عرض عليها الزواج ، أخبرها عندما تعود من السفر أنه سيتقدم لطلب يديها من أبيها ..
أفاقت من شرودها عندما توقفت السيارة أمام أحد المنازل العتيقة ، ترجلت هي ووالدها ليتوجها نحو المنزل
وجدت عند مقدمة باب المنزل رجل يقارب عمر والده يهتف بحبور
- يا اهلا وسهلا ومرحب نورتوا البلد
إبتسمت ندى في خفوت أمام الرجل البشوش ، ليتابع وهو يأمر أحدي الرجال
- يا محروس قوم طلع الشنط فوق لأوضهم ، يلا ادخلوا جوا
دلفا الى الداخل ، تعجبت من سكون المنزل تنحنح توفيق بحرج
- إعذروني انتوا عارفين الساعة دلوقتي ١ بليل والكل نايم ، هخلي محروس يجهزلكم العشا علي ما تغيروا
نفى أمين بأبتسامة هادئة
- لا إحنا تعشينا يا توفيق إحنا يدوب نطلع نريح علشان تقابل ندي كبير العيلة الصبح
بللت ندى شفتيها وهي تنظر لهم بأعين زائغة ، تشعر بانقباض في قلبها لا تعلم ما سببه
هدأت من روعها ، يجب أن تمر الليلة علي خير فالحبيب قد اعترف بحبه بل بعشقه لها .
..........................................
طالعتها الجدة بأعين متلهفة ، ابتسمت ليان وهتفت بشقاوة
- ماذا جدتي ؟ يبدو وكأنك تنتظرين جواباً من حبيب
تذمرت الجده وهي تضرب بعصاها أرضاً
- هيا يا شقية أخبريني ماذا حدث ليلة أمس
- كانت عادية ومملة
اتسعت أعين الجدة دهشة
- مملة !! كيف ذلك ألم
صمتت وهي تشيح بوجهها للجهة الأخري ، كانت الجدة تهمس بعبارات حانقة ، جعلت ليان تتوجه نحوها وتجلس بجوارها
أمسكت بكفها وهتفت بهدوء
- جدتي لا داعي للغضب ، هو لا يقترب مني لا يتحدث معي مثل أي شخص طبيعي أتريدين أن اتودد له واغريه
ردت الجدة بتصميم
- إنه إختارك يا ليان لتكوني زوجته ، إقتربي منه يا جميلتي حاولي مرة واثنان وثلاثة لا تيأسي
- ولما انا من أفعل قال لي تزوجيني وتزوجته ، وإذا أجده يتحاشى وجودي وانا زوجته
زفرت الجدة بيأس وهتفت بضيق زائف
- هيا هيا لقد إقترب موعد عودة زوجك إلقي بنظره علي الطعام و اصعدي لغرفتك وغيري ذلك الثوب وإلا سأحرقه
ضحكت ليان بملء فيها وهي تغمز بأحد عيناها
- لن أغيره
....................................
- مس ورد مس ورد
هتف بها صغيرها المشاغب وهو يحمل في يديه لوحة جديدة
ابتسمت بإشراق وهي تنظر للوحته
- جميلة جدا يا حبيبي برافو عليك يا فنان
عبس الطفل ملامحه وهتف
- بس كده فين الشوكولاته
هتفت بمرواغة
- عايزني ولا عايز الشوكولاته
اصطنع التفكير لعدة ثواني ثم أجاب ببراءة
- عايز الأتنين
- الاتنين مرة واحدة !
هز رأسه بالإيجاب ، لتفتح حقيبتها وقامت بإخراج قطعة الحلوى وأعطتها له
التقط الصغير الحلوى وقبلها من وجنتيها وركض مهرولاً نحو الداخل
اتسعت ابتسامتها وهي تراه يرسل بقبلة في الهواء متوجه نحوها .. انتبهت على صوت مديرة الملجأ
- ربنا يفرحك يا حبيبتي زي ما بتفرحي العيال اليتامى ويجعله في ميزان حسناتك
- إدعيلي كتير يا استاذه مني
ردت مني بأبتسامتها البشوشة
- بدعيلك يا بنتي في كل صلاة ، متنسيش بكرة عيد ميلاد أمجد يا ورد عايزين نعمله مفاجأه
- متقلقيش من الناحية ديه انا مضبطة كل حاجة ، انا هستأذن وهمشي مع السلامة يا أستاذة مني
ودعتها مني وهي تدعي في سرها أن يوفق تلك الفتاة في حياتها ، فورد أصبحت ذابلة تحتاج من يعتني بها
فالفتاه إسم على مسمى
.............................
- هل من الممكن التحدث معك لبضع دقائق
رفع بصره بتعجب وهو يجدها جلست على المقعد
- أظن أنك فعلتي
بادرته بسؤالها قبل أن يهرب منها في كل مرة ، إن كانت تشعر الجدة بالحنق والضيق فهي تشعر بالغضب
- لماذا إبتعدت ؟
- معذرة أنا لا ...
قاطعته بهدوء
- لا تتحدث بمراوغة الآن يا سيد زين سؤالي واضح للغاية ، لماذا إبتعدت عني بعد الزواج
قام من مقعده ليتجه ويجلس في مواجهتها ، مجيباً ببساطة
- عيناكِ
همست بتساؤل
- لكن ما دخل ذلك بعيناي ؟
إقترب منها وهو يدنو بوجهه نحو وجهها
- انظري جيداً في المرآة ، عيناك مرتعدة مذعورة كلما أحاول الأقتراب منكِ ، كأنك تخشين إن لمستك ، هل لتلك الدرجة تنفرين مني ؟
الأحمق الغبي لعنته في سرها ، إبتعد عنها لأنه شعر أنها تنفر منه .. هل تخبره أنها لأول مره تجرب ذلك الشعور ،أنه أول رجل في حياتها .. الوحيد الذي إقترب منها بدرجة مهلكة ، اقترابه يجعلها في حالة من اللاوعي وبريق عينيه هذا الشيء الوحيد ما يقلقها.
ردت بجمود وعيونها مثبته علي عيناه تخبره أنها ليست خائفة منه ولا تنفره
- لكن ماذا عن تجاوزاتك لي قبل الزواج
- اعتبريه مجرد إختبار
هبت من مقعدها وهي تصيح بأنفعال وقد فقدت آخر ذرة في عقلها
- لا تتحدث بغموض ، توقف عن هذا
قام الأخر من مجلسه واضعا كفيه في جيب بنطاله
- لا أتحدث بغموض يا عزيزتي
- لكنني زوجتك ، أريد أن أقترب منك أتعرف عليك عن قرب لا أريد أن أعلم أخبارك من أي شخص سواك
لا تعلم كيف وجدت قدماها تتجهان نحو مكتبه ، لتفرغ كل ما يدور من الهواجس في داخلها أمامه غير مكترثة بما سيحدث .. أفرغت ما في داخلها وهي تتنهد براحة كأنه حمل ثقيل انزاح من علي صدرها
- لن تتفهمين يا ليان لن تفهمين
همس بها في خفوت وهو يسند بجزعة على مكتبه ، لتبادر وهي تجد لسانها يتحدث بعفوية
- وهذا ما اريده إفتح لي قلبك وتحدث معي أريد أن أتشارك معك في كل شيء حزنك الآمك فرحك
نظر إليها ببطىء وكأنه يستشف حديثها هل تكذب أم هي صادقة .. زفر بحرارة وهو يبتعد
- الوقت تأخر ، اخلدي إلى النوم آخر الأسبوع سوف اصطحبك إلي إحدي الحفلات الهامة
لا تعلم متى إلتقطت المزهرية في يديها ، لترميها على الأرض بقوة وهي صارخة
- أنت بارد عديم المشاعر إنني نادمة لأنني جئت وتحدثت مع لوح ثلج مثلك ، أتعلم إنني نادمة أشد الندم علي تلك الزيجة لكنني سأصلحها يا سيد زين لن أستمر معك ، تبا لك وتبا لتلك الحفلات المزيفة مثلك
أطلقت بكلماتها النارية في لحظة يأس، ندم علي تصرفها الأرعن والعجيب ما في الأمر أنها لا تشعر بالندم أو بالشفقة .. أغلقت الباب خلفها بعنف و الصفحة أغلقت نهائيا أراحت ضميرها وهي قد قامت بمحاولتها الأخيرة للتودد إليه .. إذا لا لن تشعر بالندم بما ستفعله لاحقاً.
أغلق جفنيه وهو يتنهد بحرارة ، لن تفهمه .. إنه يخشي أن يتعلق ، وإن تعلق بأحد سيفقده
هذا مبدأه " لا تتعلق بأحد وإلا ستخسره " ، مبدأه غريب بعض الشىء ولكن كونه يبتعد أفضل من أن يقترب ..
ولكنه لم يجد الراحة في البعد ، إن إقترب سيحدث ما يخشاه .. إن أخبرها بذلك في وجهها لن تفهمه وسـ تسأله هل تريد مني الأقتراب أم البعد ، والإجابة مبهمة ولكن إلي متي سيصبح كتوماً أصبحت الأعباء تزداد وتضغط عليه بقوة .. لن يستطيع الصمود .
...............................
ابتسمت بتكلف وهي تجلس على المقعد والجميع يشرع في تناول الفطور ، كبير العائلة الجد ذو ملامح صارمة رغم تخطيه الثمانون .. العم توفيق وزوجته التي تنظر لها بازدراء بسبب ملابسها الفاضحة .. هل ملابسها فاضحة؟ إنها ترتدي فقط بنطال ضيق قليلا وتي شيرت ، تعلقت عيناها بذلك السمج مروان الذي ابتسم لها بابتسامة مقتضبة .. أشاحت بعينيها نحو والدها وقد إرتخت معالم وجهه ، كان والداها يبدو قلقاً ويخشى إن حدث مشاحنات بين صغيرته وأبيه
يجب عليها التوقف عن التفكير ، تناولت اللقيمات بصعوبة وهي تشعر بنظرات زوجة عمها تحرقها .
................................
توجهت نحو المقهى بخطي واثقة ، لم تعبأ بنظرات الجميع نحو ما ترتديه المسمى بالحجاب .. جلست على الطاولة وهي تنتظر وصول ليلي
- وأخيرا سمو الأميرة قررت التنازل وتقابل الشعب
قالتها ليلى بطريقة مسرحية جعلت ليان تضحك
- إجلسي يا فتاة إجلسي
أمسكت ليلي من عضدها
- كلا لن نجلس هنا سأعرفك عن المجموعة العربية في لندن
سحبتها ليلي وهي تتوجه إلي إحدي الأركان الجانبية في المقهى
يوجد في الطاولة ثلاثة رجال وامرأتان
رحبت ليلى بالجميع وهي تشير بيدها نحو ليان
- مرحبا يا شباب لقد جئت لأعرفكم علي العضوة الجديدة ليان
- نعم لقد تقابلنا سابقا
دهشت ليان من وجوده وهتفت بعدم تصديق
- تيم ؟ هل أنت أيضا عربي
نفي تيم رأسه وهتف بأبتسامة هادئة
- كلا لكنني أحب التحدث معهم كليلي
جلست علي إحدي المقاعد بجوار السيدتين قالت الأولى وهي تمد يديها نحو ليان
- مرحبا يا ليان أنا أدعي جاسمين اعمل كمحررة في الجريدة التي يعمل بها ذلك الشاب الأشقر
إبتسم تيم بهدوء ، لتستأنف ليلي وهي تشير بيدها نحو المرأة الأخري
- وهذه تدعي سلمي وهي تعمل ممرضة
أشارت بيديها للرجل الذي يجلس بجوار تيم
- وهذا كمال وهو صاحب ذلك المقهي
كانت تهز ليان برأسها وهي تتعرف علي الجميع ، يبدو ودودين ولطاف للغاية ، شعرت بالحنين للوطن عندما علمت بالرغم من أصولهم العربية إلا إنهم يتحدثون العربية بصعوبة شديدة ما عدا كمال الذي تحدث بالعربية معها
كمال من أصل عربي سوري ، وجاسمين وسلمي من أصل مغربي
همست ليلى في أذن ليان
- كيف اتيتي الى هنا ؟
تمتمت ليان ببساطة
- السائق قام بإيصالي الي هنا وأخبرته أن لا ينتظرني فإنني قررت أخيرا التجول والتعرف علي المكان
ردت ليلى بابتسامة
- خير ما فعلتي يا فتاة ، سنحظى بوقت ممتع معا
سمعتا حنق جاسمين
- ها قد بدأنا بطرق الأحاديث الجانبية
ضحك الجميع وتابعت جاسمين
- أتعلمين يا ليان ليلي لم تتوقف بالحديث عنك ولو لمرة
- حقا
تمتمت بها ليان بتعجب ، ليؤيدها تيم مجيبا ببساطة
- نعم بعد عودتها من مصر لم تجلس مع أحداً منا إلا ولم تتوقف بالحديث عنك لا تقلقي كانت تمدحك طوال الوقت
ألقت ليان بنظرة جانبية إلي ليلي التي كانت تتصنع في النظر إلى الحوائط ،
كانت صحبتهم رائعة جميلة ، لم تشعر بمرور الوقت إلا عندما نظرت الساعة لتجدها الخامسة مساءا يا إلهي لقد قضت خمس ساعات ستثور الجدة
- إعذراني ولكن علي الذهاب الآن لقد تأخرت
هتفت جاسمين
- سنراكي غدا أليس كذلك
هزت ليان برأسها إيجاباً لتخرج من المقهى ، وجدت السائق واقفاً منتظراً في الخارج ما إن رآها حتى سارع وفتح الباب الخلفي هاتفا بأحترام
- تفضلي يا سيدتي
صعدت السيارة بإذعان ، ليهتف السائق
- هل ستذهبين إلى مكان آخر يا سيدتي ؟
- كلا عد للمنزل
أذعن السائق لأمرها وانطلق بسيارته إلي المنزل ، الأمر كان غريباً لقد أخبرت السائق ألا ينتظرها لكنه رفض وظل في مكانه ، بل الأغرب هو عندما خرجت من البناية وجدت حارسان يعترضان طريقها ويخبرانها انهم لم يتلقوا أي تعليمات من السيد زين بأنها ستخرج للمنزل ، زين كانت بمثابة الشعلة التي إقتربت من الموقد لتصيح في وجههم وتخبرهم أنها ستذهب إلي أي مكان تريده ولن تنتظر أي تعليمات من أحد ليصرح لها بالدخول والخروج ،
وبالفعل أوقفت سيارة آجره ليسارع الحارس هاتفا بأن السائق ينتظرها .. علي الرغم من ضيقها وهي تشعر أنها ما زالت محاصرة في عرينة لكنها مسألة أيام وستخرج.
...ً........................................
كانت صداقتهم ممتعة ، في كل ظهيرة تذهب إلي المقهي وتعود عند المساء ، الجدة توقفت عن التحدث معها يأست هي الأخرى من الحديث بلا فائدة .
خرجت من المقهى وهي تتوجه إلى السيارة وقبل الصعود سمعت صوت تيم يصيح بأسمها
- ليان إنتظري
نظرت إليه بتساؤل لتجده يعطي في يديها بطاقة
- هذا بطاقة من أجل حفلة الجريدة ستقام آخر الأسبوع أي غدا
ردت بهدوء وإبتسامتها تزين ثغرها
- كنت أود أن آتي ولكنني للأسف لن أقدر المرة القادمة
- لا عليكي إلي اللقاء
لاحظت نظرات السائق المتفحصة لهم ، أجابت وهي تلوح بيديها مودعة
- إلى اللقاء
صعدت إلى السيارة ، لتتحرك السيارة متوجه نحو المنزل
...ً............................
- ماذا يفعل ذلك الحقير معها
صاح بها بغضب تحت نظرات ستيفن الخائفة ، فسيده أصبح مزاجه حاد تلك الأيام
أجاب ستيفن بتردد خشية أن يثور سيده
- سيدي طوال تلك الأيام تذهب بصحبة السيدة ليلي إلي المقهى
مرر بأنامله على خصلات شعره بسخط ، ذلك الصحفي الحقير إقترب منها
إلتقط سترته وبعض المتعلقات الهامة وهتف بجمود
- إلغي مواعيد عملي اليوم وحول جميع الأوراق الهامة للسيد زيدان
...................................
كانت ترتب ملابسها وتضعه في خزانتها وهي تدندن بأغنيه رائجة في تلك الأيام ، شهقت بفزع عندما وجدت الباب أغلق بعنف إلتفت للخلف عندما إلتقطت أنفها رائحة عطره ،، عيناه سوداويتين وهيئته المرعبة وترتها .. إنه في أشد حالات غضبه
- ماذا تفعلين مع ذلك الحقير في المقهى
- أتتجسس علي يا سيد زين
أطاح بالمزهرية أرضاً و صاح بعنف وهو ما زال محتفظا بالمسافة الفاصلة
- لا تجاوبين سؤال بسؤال آخر أخبريني ماذا تفعلين مع ذلك الصحفي
ارتعدت أوصالها من هيئته الجديدة ، ظنته بارد المشاعر لا يضحك لا يبتسم لا يغضب الذي أمامها يشبه هيئة قطاع الطرق ،إرتدت بظهرها للخزانة وهي تبتلع ريقها بتوتر يجب عليها الحفاظ على هدوئها
- معذرة يا سيد ولكن ما دخلك ؟
- دخلي انني زوجك
ضحكه ضحكة عالية وكأنها يجب عليها فعلها ، ضحكتها ساخرة متهكمة
- زوجي !! ، يبدو أن لوح الثلج قد تحدث الآن .. أتعلم إن سمعتك جدتي وأن تتحدث وتثور ستقول إنك تغار عليّ
صمتت قليلا لتطالع معالم وجهه الجامدة همست بأسف
- لكن للأسف حظي سيء مع الرجال ، أنت لا تغار يا سيد زين لأنك شخص بارد المشاعر جبل ثلج لن يتزحزح مع أشد وأعتى العواصف
وتابعت بنبرة تحذيرية هذه المرة
-أنت لا دخل لك بي إطلاقاً أفهمت لا تتدخل في شؤوني ليس لك الحق في التحدث معي مع الأشخاص الذين أقابلهم
نبرتها كانت غضبا وحنقاً ، زادت شحنة الغضب لكلتاهما وهو ينظر إليها بنظرات متوعدة تهديدية
- لن أسمح لكِ بأن تخرجي مرة آخري مع ذلك الحقير
همت بالحديث وهي سئمت من ذلك الوضع ليقاطعها صارخاً
- إخرسي
ارتجف جسدها علي أثر كلمته ، سحقت شفتيها بألم وهي تطأطأ رأسها للأرض
- أتعلمين كنت أود أن أعاقبك على علو صوتك في الحديث معي ، لكنني في الوقت الحالي مشغول تذكرى أنا لأ انسي ثأري أبداً
خرج من الغرفة صافقاً الباب بعنف لترتمي على الأرض وهي تبكي على حظها العثر الذي أوقعها مع ذلك الرجل الغريب الأطوار .
...................................
أغلق باب مكتبه بعنف ، أنفاسه تعلو وتهبط كأنه كان في سباق الماراثون ، غضبه يغلي في عروقه ، لم يستطيع أن يصب بكامل غضبه عليها ، كلماته أشبه بالسكين الذي يضغط علي جرح لم يضمد بعد .
أخذ يسب ويلعن نفسه ، يوجد حلين يؤدبها أو ... ترك كلمته معلقه
ما الذي تفكر به يا زياد ؟ ، رمى بجسده على الأريكة وهو يغلق جفنيه .. الطريق صعب للغاية سواء قرر اللجوء إليه أو هي التي بادرت.
وماذا بعد يا زياد ، أفق من حالتك تلك قبل فوات الآوان ضميره يخاطبه مؤنبا ، قلبه يستميل والعقل يرفض
صراع نفسي بل أشبه بمعركة وينتهي باللاشىء
.......................................
- مرحبا بك يا سيده الحديدي شكرا علي حضورك لذلك الحفل ، كما تعلمين إنه حفل خيري لجمع التبرعات لمساعدة اللاجئين والأطفال
هتفت بها سيدة في الثلاثينات من عمرها بأبتسامة عملية ، بادلتها ليان الابتسامة بتكلف لتتابع السيدة
- انا أدعي سمانثا منظمة تلك الحفل ، بعد دقائق سنبدأ بسمع أطروحات من الجميع لكي
- أأستطيع أن أشارك
هتفت بها بهدوء وهي تلقي بنظرة جامدة إليه .. نظرته ثاقبة جامدة متفحصة مترقبة من وجود اي شخص يقترب منه .. لا يعلم لما يفعل ذلك لكنه عقله يخبره ذلك لحمايتها من حديث الصحفيين ، راقبها وهي تصعد للمنصة وتعرف علي نفسها وضعت إسم عائلته بجانب إسمها وهي ترسل برسالة تحدي له ،
لاحت ابتسامه هادئة زينت ثغره تستخدم إسمه لا يعلم ما الذي تخطط علي فعله ،
انتبه على صوت أحد الأشخاص وهو يهتف
- سيد زين
إلتفت إلي الرجل وتمتم بهدوء
- مرحبا بك سيد ماكس
- إعذرني على مقاطعتك لسماع خطاب زوجتك ولكن يجب عليك التحدث في أمر هام
أومأ برأسه بتفهم ليلقي ببصره علي الحارس المنزوي بعيداً عن أفراد الحفلة .. إنتبه الحارس علي نظره سيده الحازمة ، هز رأسه بهدوء ليلقي الحارس ببصره علي حرم سيده منتبهاً متيقظاً .
إنتهت ليان من حديثها وهي تتحدث بلباقة
- هذه هي فكرتي لمساعدة الأطفال أرجو أن تنال إعجابكم
سمعت تصفيق حار من الجميع ، نزلت من على المنصة وابتسامتها تزداد إتساعاً وإشراقاً لم تكن تتوقع أن ينظرون إليها بذلك الأحترام !! هل ذلك بسبب زين ؟!
حوصرت فجأه بين مجموعة من الرجال ليهتف أحدهم
- أطروحتك رائع يا سيدة ليان سأخطط علي تنفيذ أفكارها وستكونين من تتمسك بأداره ذلك المشروع
هتف رجل آخر
- ستولد نجمة جديدة في عالم البيزنس
كان لا يتركون لها فرصة في التحدث ، لم تجد سوى أن تبتسم وهي تومىء برأسها ، رمت ببصرها نحو موقع زين قبل الصعود للمنصة لكنه إختفى كالزئبق ..
تهكمت ملامحها ماذا كانت تتوقع أينتظرها ويراقبها وهي تتحدث ويصفق .
لاحظت وجود الحارس الذي كان متأهباً للتدخل ، زجرته بعنف بنظرة واحدة لتجده إبتعد في هدوء
ما زالوا يتحدثون وأوشكت برأسها على الأنفجار ..
اتسعت ابتسامتها علي أحدهم وهو يلقي بدعابة وضحكت بصوت رنان
صمت الجميع وهم يستمعون إلي زين الذي حضر فجأه
- أعتذر ولكنني يجب التحدث مع زوجتي
انفض الجميع من حولها .. رفعت حاجبيها بتساؤل وتعجب
- قضيتى أمسيتك الرائعة بصحبة مع الرجال أتمنى أن تكون الأمسية لطيفة
كان يهتف بها بجمود بنبرة باردة ..لتجيبه بأبتسامة خلابة
- الحقيقه نعم لقد كانت الحفلة رائعة جدا معهم لا يوجد لديهم اى صفه تدل على الغرور كانوا لطفاء معي
ليرد بسخرية
- بالطبع سيكونون لطفاء بما إنك زوجة أهم شريك لهم
جزت على أسنانها بغيظ شديد تود لو تصفعه ليفيق من ذلك الغرور ولكنها غيرت ما دار في ذهنها لترد بابتسامة باردة
- وإن كان لكنهم يوجد لديهم إنسانية أستطيع أن أستغلها للأعمال الخيرية
انتبهت على صوت أحد الأشخاص هاتفا
- سيدة ليان لقد سمعت بأطروحتك المذهلة وأظن أنه سيصبح لك مستقبل باهر فى ادارة الاعمال
اتسعت ابتسامتها وهى تهتف
- سعيده جدا يا سيدى
غمز الرجل لزين هاتفا بمكر
- يبدو انه ستولد سيدة أعمال بعد تلك الحفلة .. مبارك لكى يا جميلتى أتمنى لك التوفيق
ملامحه ثابتة باردة ولكن رغم وجهه الجامد انفعالات جسده الداخلية توحى بغير ذلك إنه ليس بارد المشاعر .. بل إنه بركان على وشك الانفجار فى اى لحظه ..يستمع طوال تلك الليلة المشؤومة عن نظرات اعجاب و نظرات متفحصه و نظرات خبيثه التى تمشط جسدها بذلك الفستان النبيذي اللعين الذي يظهر منحنيات جسدها بأثارة لما لم يجعلها تغير ذلك الفستان اللعين !
أو لم اصطحبها إلى تلك الحفلة ... توقع ان لا تندمج مع تلك الحفلة رغم وجود الكثير من الاشياء التى تخدش حيائها ..
عشرة دقائق فقط بالثانية .. تركها لكي يناقش مع أحد رجال الاعمال ليعود ويراها وسط تجمهر عديد من الرجال وهى وحيدة ..ابتسامتها الجذابة التى توزعها لكل رجل بسذاجه .. لكن تضحك كفي حقاً ، إنها لم تفعل ذلك معه .
لمح العديد من النظرات المتفحصة على جسدها يتفحصونها برغبة وشهوة وهى كالبلهاء لا تعلم نظرات الرجال التى تحرقها ...ليزيد الطين بله بعد الحفلة ذلك المعتوهه وهو يمتدح زوجته وامامه ثم ينعتها بالجميلة أمامه ..
على الرغم من كونه غربياً إلا انه يشعر بدماء حارة تسير في أوردته .. سحب ذراعيها نحو الخارج غير عابئا باللتى كادت ان تسقط من شدة هرولته ...ما إن راءه السائق حتى سارع بفتح باب السيارة ووجه سيده لا يبشر بالخير إطلاقاً
قام بوضعها الى الداخل عنوه لتتأوه بشده وهي تهتف بغضب
- انت متخلف
قام بالجلوس بجانبها واغلق السائق الباب خلفهم ليسرع إلى خلف المقود وسيده يخبره أن يعودا إلى البيت بأسرع وقت ..وبعدها قام بأغلاق الزجاج العازل لم يستمع الى مايحدث سوى همهمات لم يعد يهتم بل ما شغل عقله هو بأقصر وقت الوصول الى المنزل .
أمسكها من ذراعها بشراسة مزمجراً
- هيا قولى إن كنت جريئة كفاية اعيدى ما سمعته بالانجليزية
حاولت ان تبعد ذراعها من يديه الغليظة لتهتف بحنق فى محاولة بائسة للتحرر منه
- ليست مشكلتي انك لا تتحدث العربية ابعد يدك عني
فى اقل من الثانية جذبها إليه لترتطم الى صدره العريض ..
أصبحت قريبة منه لاول مره بعد فتره من الهجر نعم ذلك الهجر الذي أصدره من زواجهم .. تنظر الى عينيه الزرقاء الصافية التى تحولت الى قاتمة أنفاسه الساخنة تخترق جلد عنقها حتى برغم الحجاب لا تعلم حركته تلك داعبت أنوثتها .
لاول مرة يصبح بالقرب منها متى كان قريبا منها الى ذلك الحد ... آخر مرة حدث ذلك في البيت القرية ..
تقسم انها تستمع الى صوت نبضات قلبه الصائحة
بإنفعال لينعقد لسانها عن التحدث وتنظر اليه بصمود
- إذاً يعجبك تلك النظرات الوقحة التي تتفحص جسدك وكأنكِ عارية أمامهم
- أيها الوقح
هتفت بها بتلقائية لتشعر بالألم فى ذراعها اليمنى من قوة قبضته لتتابع بحنق
- ماذا يهمك إن كانا ينظران لي برغبة ام لا ..انت تعلم جيدا ما الذي جعلني ارتبط بك وايضا ما جعلنى أوافق على تلك الزيجة الملعونة .. لا أريدك أن تتدخل فى حياتى ليس من شأنك
ليقاطعها بصيحة اخرستها
- بلى من شائنى ايتها الغبيه انك ملكى لى فقط
- اننى لست سلعه حتى تخبرنى اننى ملكك انا لست مل..
ابتلع كلمتها فى جوفه وهو يقبلها لأول مرة كانت قبلته عاصفة هوجاء تحمل الكثير من المشاعر المتناقضة ثم ما لبثت ان اصبحت هادئة ناعمه يقبلها بحميمة !!
خانها جسدها من التحرر منه ...لقد قبلها ...انتهك عذرية شفتيها ...كفيه الدافئتين تحيط بوجنتيها وقبلاته المجنونة التى تنهك عذرية شفتيها ..أغمضت جفنيها وهى تحاول منع ذلك التأثير الذي يدغدغ انوثتها برقه ..
تحاول منع صوتها الداخلي بأن تحيط عنقه وان تبادله قبلته وتشاركه فى جنونه .. كانت صامته وهو ما زال يوزع قبلاته على شفتيها
مال على جانب اذنها وهو يهتف بحرارة
- إنك ملكى يا ليان .
الفصل الرابع عشر
اتسعت عيناها صدمة ، لقد قبلها كانت تنتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر .. لكن يقبلها وهما في السيارة وبعدها يخبرها أنها ملكه !!
كلا ، توقفت السيارة عن الحركة إذاً وصلا للمنزل
ترجلت من السيارة وأغلقت الباب بعنف وشياطين الدنيا تحوم حولها .. كانت تنتظر زوجها يبثها بكلمات معسولة يعبر لها عما يجيش في صدره عن عشقه لها ثم يقبلها ... لكن ذلك الزين .. سبته في داخلها وهي تدلف إلى الشقة تحت نظرات الجدة التي ما زالت مستيقظة حتى ذلك الوقت
- يا ليان أخبريني ما بك ؟
تمتمت بحنق وهي تجز علي أسنانها بغيظ متوجه نحو غرفتها
- كلا جدتي لم يحدث شىء تصبحي على خير
أغلقت الباب خلفها بعنف لتنتفض على آثره الجدة ،
جعلت حجابها ورمته بعنف لتتطالع بوجهها في المرآه تحسست شفتيها التي تورمت من أثر عناقه الساحق ... أغمضت جفنيها وهي تعد للعشرة لا تضمن نفسها إن رأته مرة أخري ستنجرف بمشاعرها أم تكون له بالمرصاد ؟! ..
صاحت بعنف وهي تضرب بقدمها علي الأرض متوجه نحو الحمام .
..............................................
ما الذي فعله معها ؟ يا إلهي لم يكن مخططاً لفعل ذلك في الوقت الحالي ، كل ما أراده هو إصمات شفتيها المغريتين ..
أرجع برأسه للخلف مستنداً على الأريكة .. إبتسم بسخرية وهو ما زال يتذكر عندما أخبرها أنها ملكه .. ملكه فقط ، تعبير قاتل حقاً .
طعم شفتيها ما زالت عالقه علي خاصته ، إنتبه على صوت الباب ليعلق بنظره وهتف بهدوء
- ماذا جدتي ؟
توجهت نحوه الجدة وجلست بجواره
- لا يعجبني وضعكم يا زياد ، أريد أن أراكم كأي زوجين طبيعين أنت لا تعلم كم أنا متلهفة لكي أرى أبنك قبل أن أموت
لاحظت امتناعه عن الرد ، تنهدت بيأس وهي تقوم من مجلسها
- الفتاة تتسرب بين يديك يا زين
نبرتها جامدة وهي تهتف بأسمه ، تقابلت أعينهما للحظات لتغادر وهي تطرق بعصاها أرضا ، وقد يئست من الحديث معهم ستنتقل للخطة البديلة .. ابتسمت بخبث وقد اهتدت إلى فكرة لتقربهم .
...............................
أسبوع ممل قضته في القرية ، لا أحد يتحدث معها اطلاقا سوى عمها توفيق .. تظل زوجة عمها طوال الفترة ترمقها بنظرات مشمئزة ... والجد ممتنع عن الحديث لم تراه يتحدث معها كأنه يتجنبها ويتجنب النظر إليها .. واليوم ستعود للقاهرة بعثت برسالة قصيرة لشهاب وهي تخبره بعد عدة ساعات أنها ستصل للعاصمة .
صعدت هي و أيمن السيارة لتتحرك السيارة متوجه نحو العاصمة
- قوليلي انبسطي
ابتسمت ببلاهة
- إتبسطت لحد الملل
تمتم أيمن ببساطة
- إن شاء الله هنرجع وهنزورهم في فترة جاية
اتسعت أعين ندي صدمه وأجابت
- نروحلهم تاني ، لا لا لا لا انا ما صدقت إن أحنا مشينا تقولى نرجع تانى ده محدش فيهم بيوجه كلام معايا إلا عم توفيق
تنهد أيمن بحرارة
- انا عارف يا حببتي بس المرة الجاية هيكون موجود بنات خاله مروان ودول تقريبا قد سنك
هتفت ببرود وهي تعبث بهاتفها
- بنات خالته مروان يا بابا انا مش طايقة السمج ده فما بالك ببنات خالته
تذمرت وهي تتحدث بصوت خفيض بعيدا عن مسامع والدها .. لن تعود مرة أخرى لن تعود .. فتلك الأيام كانت أشبه بكابوس .
....................................
هتفت سميحة بقلق واضح بعد خروج الطبيب من غرفة العمليات
- طمني يا دكتور بنتي مالها
تنهد الطبيب بأسف
- واضح يا فندم إنك متعرفيش مرض بنتك وخبته علي حضرتك ، للأسف هي مريضة كانسر وواضح إنها أهملت ومهتمتش بيه لحد ما إنتشر المرض في معظم جسمها
هوت تلك الكلمات بمثابة صاعقة .. إبنتها الوحيدة قرة عينيها سترحل وتتركها .. مريضة بالسرطان ولم تخبرها .. بكت بحرقة لتهمس بأمل
- يعني مفيش علاج
- للأسف العلاج مش هيأثر معاها المرحلة اللي وصلتلها متأخرة جدا
لم تستكمل باقي حديث الطبيب لتسقط على الأرض فاقدة الوعي
"فكما تدين تدان " عباراه من ثلاث كلمات فقط ، لكنها قوية ومخيفة ومع ذلك النفس البشرية بطبيعتها متمردة ، شريط أعمالك السيئة تمر عليك في لحظة واحدة وكأنك تعيشها ، دائما عقاب الرب أشد وأقوي من عقاب الإنسان .
..............................
شهقت بفزع وهي تنظر إلي ملابسها ، أين ملابسها الفضفاضة ؟ .. توردت وجنتيها من تلك الملابس المخجلة التي أمامها .. إنها الجدة الوحيدة التي تفعل ذلك ..
صاحت الجدة بهدوء وهي تقتحم غرفتها
- ننتظرك أكثر من نصف ساعة ولم تأتي تعلمين ان المواعيد أمر مقدس بالنسبة لي
جيد ان الجدة قد جاءت إليها ، أمسكت بمنامة حريرة وهي تهتف يضيق
- ما ذلك يا جدتي ؟
تفحصت المنامة وردت ببساطة
- منامة حريرة حمراء ستبدين فاتنة بها
- جدتي
صاحت بها بسخط ، لترمي بالمنامة في الخزانة ، أشارت بأصبعها نحو الملابس
- ألقي نظرة جدتي كل تلك الملابس عبارة عن ملابس لا تخرج من باب الغرفة
- جيد إرتديهم وكما أخبرتك لا يوجد أحد غريب هنا كلنا هنا نساء والرجل الوحيد في المنزل هو زوجك
زوجي .. زوجي .. زوجي إنها لا تشعر بتلك الكلمة لما لا تفهمها هتفت ببرود
- أتعلمين أمرا لن أرتديهم أبداً ، سأرتدي البناطيل والقمصان إحتفظي بالجلباب لكِ
ضربت بعصاها أرضاً وهتفت بحده وهي تشير بيديها نحو إحدى المنامات
- أرتدي ذلك الأزرق
أزرق ! كلا سيعتبرها دعوة منها ، تعلم تفكير الرجال ، يكفي ما حدث البارحة هتفت الجدة بقسوة لا يليق مع عمرها
- دقائق واراكِ ترتدي ذلك الثوب
غادرت من الغرفة وقد زالت ضيقها وحل محلها إبتسامة خبيثة لتهتف للخادمة
- جهزي الفطار يا عزيزتى
ضربت بقدمها على الأرض بيأس ، الجدة تشبه زين .. كلاهما وجهان لعملة واحدة .. إلتقطت المنامة وهي تسحق شفتيها بغيظ مكتوم ، أزرق جدتي أزرق ، ظلت تلعن نفسها لأنها قامت بجلب تلك الحقيبة معها .
.................................
كان يتناول طعامه في صمت ، رفع ببصره عندما رآها تتجه نحوهم اتسعت عيناه دهشة .. ما هذا الذي ترتديه ؟!
منامة زرقاء داكنة ذو حمالات رفيعة بالكاد يغطي مؤخرتها .. وخصلات شعرها الفحمية قررت أخيراً ان تطلق سراحهم .. جسدها يسير في نعومة مع خصلات شعرها ، ألحان هادئة تعزفها جسدها ليشاركها خصلات شعرها في الرقص .
اللعنة ما الذي تحاول فعله في ذلك الصباح ؟
جلست بهدوء وهي تلقي الصباح متحاشية النظر إليه .. وجنتيها تزداد إحمراراً لم ترتدي تلك الأشياء من قبل ، تشعر بعينه المصوبتين اتجاهها .. أ تنظر إليه ؟ .. كلا كلا لن تستطيع فعلها نظرة عيناه كفيلة بجعلها تتصنم وتتخشب إن أقترب منها .. هل عيناه مثل المنوم المغناطيسي ؟ يجذبك إليه ولا تشعر بشىء سوى أنك تنساق ورائه .
ابتسمت الجدة بظفر ، لقد حققت مبتغاها ونجحت في المرحلة الأولي .. يبدو أنها ستعود إلي الحيل القديمة .
راقب إحدي حمالات منامتها التي سقطت من علي كتفها ، لتكشف جزء ليس بهين من جسدها وهي متحاشية النظر إليه ويبدو أنها لم تلاحظ ما حدث ..
هب من مجلسه علي الفور وهتف بجمود
- سأذهب للعمل
تابعت الجدة خروجه وكأنه يسابق الأشباح بأبتسامة خبيثة ، لتلقي ببصرها نحو التي كانت تأكل بلا مبالاة لخروجه .
.................................
- كده يا ورد تخبي عليا
هتف بها إبراهيم بوهن وهو يشعر بأنه يفقد إبنته
ردت ورد ببسمة صغيرة تعتلي ثغرها
- صدقني كان ده افضل حل
احتضنتها سارة وهمست بوعيد للذي يعلم كل شىء وخبأ عنهم
- بس أشوف شهاب ومش هسيبه في حاله
- مس ورد مس ورد
ركض الصغير نحوها وهو يحتضنها ، تلقته بين ذراعها وهتفت بتساؤل
- إنت جيت إزاى وجيت مع مين ؟
- جيت مع ماما منى
تعلقت ورد بنظرها إلى منى التي كانت واقفة عند مقدمة الباب
- محمد أول ما عرف صمم إنه يجي
هتفت بها مني بابتسامتها البشوشة ، ليعود الطفل محدثاً
- مس ورد إنت مش هتمشي وتسيبني مش كده
تلعثمت في الحديث ولم تجد ما تقوله لترد سارة بمشاكسة
- ما سارة موجودة
- لا انا عايز مس ورد علشان بعد كل رسمة بتديني شوكلاته
- مصحلجي حقير
همست بها سارة في خفوت بعيداً عن مسامع مني ، لتضحك ورد باستمتاع وهتفت وهي تربت على شعر الطفل
- كله إلا محمد يا سارة ده حبيبي من جوا
تشبث الطفل بمعانقة ورد وأخرج لسانه مغيظاً سارة
- شوفي الولد بيطلعلي لسانه
هتف إبراهيم
- يا بنتي سيبي الولد في حاله
هزت رأسها نافية وهي تتعمد مشاكسة الطفل تحت نظرات مني الباسمة و ورد المتألمة لانها ستفتقدهم للأبد.
........................................
- توقعت عدم حضورك
هتف بها تيم وهو يقوم من مقعده ، جلست ليان على المقعد وهي ترد بأبتسامة هادئة
- لقد تأخرت نصف ساعة فقط ، ولكن أين الجميع ؟
- كمال منشغل في بعض الحسابات وجاسمين اعتذرت وسلمي ما زالت في مداومتها وليلي خرجت منذ قليل
تمتمت بهدوء
- إذا لا يوجد غيرنا
- نعم ، هل تريدين احتساء شاي اام قهوة
- كلا كلا أريد عصير برتقال
كانا يتحدثان في شتى المواضيع لم ينتبهان لمرور الوقت ، صاح تيم
- يا إلهي لقد تأخرت نصف ساعة سيوبخني المدير
ردت ببساطة
- هل عملك قريب من هنا
- يبعد شارعين عن المقهى
قامت من مجلسها و هتفت بحماس
- جيد طريقنا واحد لقد رأيت محل للحلوى قريب من المقهي سألقي نظرة عليه
خرجا من المقهي وسارت بجواره ، كان السائق علي وشك التقدم منهما والتحدث إلا أنها زجرته بعيناها وتابعت السير وكلاهما في وادي آخر ، همست بعبوس وهي تقف أمام المتجر
- إنه مغلق
- أتعلمين يا ليان أنك تشبهين الأطفال
عقدت حاجبيها وتساءلت
- وهل هذا بمعنى جيد أم سيء ؟
حك ذقنه متمتماً ببساطة
- لا بالمعنى الجيد بالطبع ، نادراً ما أقابل فتيات ما زلن يحتفظن ببرائتهن حتى رغم مصاعب الحياة
لاحظت تغير نبرته ، وعيناه تتفحصها بتمعن .. نظرت للخلف لتجد السائق على بعد عدة خطوات بينهما
- علي الذهاب الآن
إبتسم تيم وهو يودعها ، لتعود بخطواتها أمام المقهى ، صعدت السيارة وهتفت بعنف
- لا تفعلها مرة أخرى أتفهم
رد السائق بعملية
- السيد زين هو من أخبرني
صاحت بعنف
- لا يهمني ما يقوله ، لا تتجسس على أفهمت
.............................
وضعت بكوب القهوة على مكتبه ، كان غارقاً في أعماله ، تنهدت بيأس لأنه لم ينظر إليها كل تلك الساعات التي قضتها في المرآه وهي تتزين له لن تذهب هباءاً ..
استدارت نحوه وجلست على فخذيه هامسة بجانب أذنه
- حبيبي
سمعت همهمته لتمرمغ بوجهها نحو عنقه طابعه بقبلة هادئة جعلت جسده يتشنج ، همس بخطورة
- ليلى حفاظاً علي السلامة العامة إذهبي
همست بأغراء
- وماذا سيفعل زوجي إن لم أذهب
- سأقوم
بتر باقي الكلمات وهو يتمعن إليها
- تلك الأشياء لا تنفذ نظرياً
شهقت بفزع عندما قام بحملها بين ذراعيه متوجها نحو غرفتهما لتطلق عدة ضحكات رنانة هاتفه بأغراء انثى يليق بها
- والعمل ؟
- يوجد شيء أهم من العمل عزيزتي
.......................................
تفحصت ملابسها وهي تتنهد بيأس لقد قامت الجدة بأزالة باقي ثيابها ، لم تترك الجدة أي شيء سوى تلك الثياب الفاضحة .. أغلقت باب الخزانة بعنف لتتوجه نحو غرفة الجدة ،،
فتحت باب الغرفة لتجدها نائمة تغطي في نوم عميق ، أو متصنعة النوم !
عادت لغرفتها مرة أخري وهي تدور كالنحلة .. الجدة نامت قبل موعد العشاء .. قررت الجدة الهروب وعدم المواجهة .
نظرت للمنامة الزرقاء التي ارتدتها في الصباح ، التقطتها ورمتها على الأرض بعنف
ماذا ذنب المنامة لا تعلم ؟ فتحت الخزانة مرة أخري وهي تبحث المنامة آكثر إحتشاماً ، إلتقطت منامة سوداء وتوجهت نحو المرحاض .
خرجت وهي تجفف شعرها لترتمي على الفراش بوهن ، لا تستطيع النوم .. يجب التحدث معه عن ذلك السائق لا تريد أحدا أن يتجسس ويراقبها ؟ هل لتلك الدرجة لا يثق بها ؟
اعتدلت في موضع الجلوس ، تشعر بالملل حتي بعد عودتها .. أمسكت بهاتفها لتهاتف ندي ، لم تجيب عليها
رمت بالهاتف وقررت النزول لغرفة مكتبه ، ما زال الوقت باكراً لعودته ، فتحت باب الغرفة بهدوء وجالت ببصرها حول المكان مرة آخري
مكتبة ضخمة توجد بها العديد من الكتب والتي ترجح بأنها أثرية ، إلتقطت إحدي الكتب والتي تتحدث عن السياسة وتفحصتها بتعمن و عقل شارد
- جيد إنكِ هنا
صوته العميق ذبذبتها .. أغلقت الكتاب وأعادته بهدوء إلى مكانه لتغادر من الغرفة غير مستعدة للحديث معه ، أمسكها من عضدها وسحبها لصدره العريض لتشهق بفزع وهي تشيح بذراعه عنها
- إبتعد
- منذ بضعة أيام تخبريني بأن أقترب واليوم تقولين أبتعد
همس بها بجانب أذنها ويداه أخذت طريقها إلي خصرها ليثبت بها بقوه ، وجه أصبح قريب من وجهها ، توردت وجنتيها وبدأ معدل الأوكسجين يقل تدريجياً ، تستنشق زفيره الحار
- دعني
- لماذا يا ليان تقابلين ذلك الصحفي
ردت بهدوء
- إنه صديقي
تأوهت بألم عندما غرس بأنامله على خصرها هدر بعنف وانفاسه الهادرة تحرق جلدها
- ليس صديقك يا ليان ، إبتعدي عنه
تشعر إنها علي وشك فقدان وعيها ، عقلها لا يصدق إنه إقترب منها .. لكن أين تلك الفتاة الشرسة التي ستمتنع أن حاول لمسها ، لم اختفت عندما حاصرها يهيبته وعبق رائحته تغلف روحها وتحطم حصون قلبها ، يجبرها ويملي عليها وهي عليها السمع والطاعة ، هتفت بضيق
- وهل أنت ستملي عليّ من أقابلهم ومن لا
- نعم إن إذا اطررت لفعلها سأفعلها
لذلك الحد كفي ، أشاحت بذراعيه من على خصرها وهتفت
- كلا يا زين
- زياد
همس بها بتصميم وهو يعيدها مرة آخري إلي أحضانه ليتحسس بأنامله على خصلات شعرها الفحمية ، همست بتعجب
- ما بك ؟ لما تغيرت
- إنكِ غريبة حقاً حينما ابتعدت تخبريني لماذا إبتعدت وحينما اقترب تتسائلين لماذا إقترب ، قولي لي هل تريدينني أن أبتعد أم أقترب ؟
امتنعت عن الرد ، لا تريد أن تتفوه بأي حماقة وهي بذلك قربه الذي طار بآخر ذرة من عقلها
- إبتعدي عنه يا ليان
هزت رأسها نافية وهي تزفر بحنق
- كلا كلا كلا
غرس بأصابعه علي خصرها لتسحق شفتيها بألم ، وهي تستمع لحديثه اللاذع
- ماذا تريدين بقربه أخبريني ، يبدو أن نظرات الرجال عليك تعجبك كثيراً ، هل تريدين أن تلهث الرجال خلفك ها ؟ هل يرضيكِ غرورك عندما يتفحصونك الرجال بشهوة ونظراتهم الحارقة تجردهم من ملابسك هيا أخبريني ؟
وردها كان صفعة قوية علي خده الأيمن ، لا تعلم كيف فعلت ذلك لكن حديثه طعنها .. هل يظنها عاهرة ؟
انكمشت حول نفسها وهي تراه يدفعها نحو الحائط ويحصرها بهيبته ،
تحاشت النظر إليه تستمع إلي صوت هدير أنفاسه التي تحرقها ومن المؤكد عيناه حالكتين ، لقد صفعته ، لا تعلم كيف يداها تجرأت على فعل ذلك ؟ ، ولا تعلم كيف تجرأ على نطق تلك الأشياء المقززة أمامها ، طعنها بدم بارد ، عضت شفتيها السفلي بألم وهي تشعر بالمرارة الذي إحتل فؤادها
رفعت بوجهها لتقابل عيناه ، ملامحه قاسيه نظرته أرعبتها بعثت في قلبها الرعب والذعر ارتجف جسدها وهي تراه ضرب بقبضته بالحائط بجوار أذنها ، لتغمض جفنيها وهي تبتلع ريقها بتوتر
- زين انا
تلجلجت في الحديث ، لتجده بدون سابق إنذار إختفى كالزيبق
هرولت وهي تحاول بأن تلاحقه لتتجمد قدماها عندما سمعت إغلاق باب المنزل بعنف .
....................................
سمعت صوت طرقات على الباب بنغمة معينة لتهتف بصوت مسموع
- إدخل يا شهاب
فتح شهاب باب الغرفة وهو يتقدم نحوها حاملاً باقة من الزهور
- انت كمان جايبلي ورد لا انا كده هتغر
- أصل الورد ميجيش للورد
ضحكت بمرح
- طب خلي ندي كده تسمعك هتعلقك على باب بيتهم
صمتت قليلاً وهي تتنهد بحزن
- كان نفسي لو عندي وقت أكبر أشوف النونو اللي هيجي منك أو من ليان وأشوف سارة مين المجنون اللي هيتجوزها
- يا ستي لو علي سارة ف أنا أؤكد لك اللي هيتجوزها هتكون أمه داعيه عليه
هتف بها بمرح لتعبس ورد بملامحها
- ايه داعيه عليه ؟ ، بالعكس ده ألف من يتمناها هتكون رزينه جداً في إختيار شريك حياتها
رد بمزاح
- إحنا قلبنا ولا إيه مش من شويه كنتي بتقولي مين المجنون اللي هيتجوزها ، عموما يا ستي حبيت افرحك آخر الأسبوع هتقدم لطلب إيد ندى
صفقت ورد يداها بمرح
- بجد الف مبروك
- حيلك حيلك حيلك أنا بقولك لسه هتقدم مش وافقوا
هتفت بزهو وهي تغمز بعيناها بخبث
- ايه يا حضرة المقدم هو في حد يرفضك
- ما هو ده اللي مخليني أقلق
- متقلقش أنا واثقه جداً ومتفائله ، مش ندى وافقت خلاص المفروض تكون واثق وانت داخل
ثم استطردت
- بس أستاذة مني قالتلي إن في عصفورة بلغتها بمرضي
رد باستنكار زائف
- تقصديني أنا ؟
هتفت بتصميم و بنبرة مرحة
- وهو في غيرك يا سيادة المقدم ، بقلك إيه أفتح التلفزيون في مسلسل تركي جديد بدأ وعايزة ألحقه
ضرب شهاب بكفوفه
- ربنا يهديكم
........................................
أصبحت الساعة الثالثة صباحاً ولم يأتي ، لم يغلق لها جفن .. كيف تغلق وهو ما زال في الخارج ؟
تخشى مكروه أصابه .. تخشى إن حدث له شيء ، يقتحم في خلدها أسوأ تخيلات عنه ،
تعيش في حالة التوتر الترقب والانتظار ، تريد أن تطمئن فقط بعودته وستذهب للنوم.
لم تشعر بمرور الوقت وهي ما زالت علي نفس جلستها ، كأن الزمن توقف للحظات سمعت صوت فتح الباب وإغلاقه ، لتجده أمامها قفزت من فراشها وتوجهت نحوه هامسة بلوع
- زين أنت ... أنت بخير حمد لله ..حمدلله
إرتدت للخلف عندما خرجت من أنفاسه رائحة كريهة ،وضعت كفها على شفتيها وهمست بصدمة
- يا إلهي أنت أنت
وقبل محاولة للفرار منه سحبها من خصرها لتصبح بين ذراعيه
- هل لمسك أحد غيري
تشعر بالنفور ، يداها تتخذ طريق الدفاع همست بحدة وأعينها تتسعان بصدمة من .. من وقاحته !
- زين هل جننت ما الذي تقوله ؟
أرجع بظهرها للخلف حتى إصطدم ظهرها بالجدار ، أنامله أخذت طريقها بالتحسس في شفتيها
- أخبريني هل تذوق أحد تلك الشفتين غيرى ؟
رمشت بعيناها عدة مرات وهي ما زالت غير مستوعبة ما يقوله ! هل جن !!
- زيــن توقف
- واللعنة أخبريني
انتفضت على أثر صياحه ، طأطأت برأسها أرضا وهمست بصوت جاهدت في إخراجه
- لا
دنا بوجهه نحو وجهها ، رفع بوجهها أمامه وهو عيناها تهربان منه وجسدها يتفاعل بنفور كرد فعل طبيعي من لمساته .
تحسس جسدها بنعومة ، انتفضت كالمذعورة من آثر لمساته التي كانت بمثابة الشوك الذي يخترق جلدها
- زين أنت ثمل توقف أرجوك
أصمت شفتيها بسبابته هامساً بخطورة
- لا وقت للحديث الآن
ابتلعت ريقها بتوتر ، وهي تنظر إلي عيناه ، عيناه الداكنة الراغبة جعلتها تتوتر وتتصاعد حمرة وجنتيها
لمس شفتيها للمرة الثانية ، يقبلها بعمق .. بنهم .. بشوق لتذوقهما مرة أخرى ،
عقله مشوش غير حاضراً ، ينساق إلي عقله المغيب بأنه يريدها ويمتلكها .. لم يشعر بمحاولاتها البائسة في الابتعاد عنه ، كان منغرساً في إرتواء نفسه قبل ارتوائها .
إبتعد لاهثاً وهو يراها تلتقط أنفاسها بصعوبة ، جفنيها مغلقتين .. يريد أن يعلم بتأثيره عليها
- افتحي جفنيك
همس بها آمراً ، اشمأزت ملامحها وهي تستنشق أنفاسه المختلطة بالخمر ، فتحت جفنيها أثر همسته الأمره
- زين ما تفعله خاطىء أر
قاطعها صائحا بعنف
- إنتي زوجتي ليان
جذب خصلات شعرها برفق نحوه ،عاد لتقبيلها مرة آخري ، لم يرتوي بعد ، ما زال ظمأن يريد أن ينال شهد شفتيها كل مرة ، قبلاته شرسة عنيفة متملكة ، يقبلها وكأنه للمرة الأخيرة يقُبلها .
حملها بين ذراعيه ليتوجها نحو الفراش ، يسمع همساتها وهي تناديه بأسمه بين كل قبلة والأخرى ، ما يجب عليها أن تناديه بأسمه بتلك الأثارة وهو يقبلها ، دماء حار وتدفق هائل يسري في أوردته ، وهمساتها كالهواء الرقيق في موسم الربيع .
أغلقت جفنيها وهي تكتم دموعها وتنتحب بصمت ، هل تنال أول قبلة في السيارة والأخري وهو ثمل .. حظها العاثر أوقعها مع رجل جذاب وسيم غريب الأطوار .
استسلمت بيأس عندما زادت قبلاته جنوناً وهي تدمغ بعنقها وتعود مرة آخري لشفتيها ، لا تستطيع إيقافه يفوقها جسديا وإن كان ثمل ، جسده يكبل جسدها ويمنعها من الحركة كالغريق الذي يتشبث بآخر ذرة آمل ، لا تستطيع أن تبادله ، لا تستطيع مبادلة عناقه الجامح وهو في تلك الحالة ، إن بادلته ستشمئز من حالها أولا قبل أن تشمئز منه .
يبتعد ويقترب مثل المد والجزر ، لا تفهمه ولا تفهم نهجه ، فتحت جفنيها وأتسعت أعينها صدمة وشل لسانها عن التحدث عندما سمعت تمزق ثوبها ! مناماتها تمزقت وسط عناقه الملتهب .
الفصل الخامس عشر
كل شيء يجذبه إليها ، لا يستطيع الأبتعاد ، تلك المنامة السوداء برغم أنها تصل إلي كاحلها لكنها ضيقة بطريقة استفزته تبرز جميع مفاتنها بأغراء ، بطريقة ألهبت رجولته ، وهو ليس بقديس حتى يمتنع .
كونه ثملاً لا يعني إنه غير قادر أو لا يستطيع التمييز من بجواره ،
منذ مدة طويلة توقف عن الشراب ، امتنع ولكن لا يعلم لما قدماه أخذته إلي إحدى الحانات ليشرب ، يريد أن ينسي !
ينسى ماذا لا يعلم ، ينسى أنها الوحيدة التي تجرأت وصفعته ، ينسى أنها كانت مصدومة بل مصعوقة مثله ، ظل يشرب .... ويشرب وصوره الصفعة لا تغادر مخيلته.
شعر بجسد إمراه تلتصق به وهي تهمس بأذنه ببعض العبارات الراغبة ، اشمئز ولأول مرة يشمئز ، في حياته لم يبتعد عن امرأة راغبة به ، لكنه رغبته تغيرت يريد الأخرى ،دفعها عنه وهو يزجرها بعنف إن إقتربت منه مرة آخري فإنه لن يرحمها.
إقترب منه الحارس وهو يخبره عليه بالعودة قبل مجىء أو الشعور بأحد من الصحافة بكونهم في إحدى الحانات ، خرج متأففا ... لم ينسى شرب ليثمل ومع ذلك لم ينسى ، هيئتها المتفجرة صفعتها ... إرتعادها منه ... ثم قبلتهم .
عندما تذكر قبلتهم ، احتاجته الرغبة في تذوقهم مرة أخرى ويدور في ذهنه أهم سؤال ويجب عليه معرفته !! .
ذهب لغرفتها ليراها تنتظره نبرتها كانت تحمل إشتياق لوع خوف ميزه ميز كل شيء من نبرتها ، كانت تخشى إن حدث له شيء ، أخرج سؤاله والتي كانت بمثابة كالقنبلة في وجهها ، يعلم أنها تزوجت بشخص آخر قبله ، لكنه يريد أن يعلم أو يطمئن من شيء لا يعلم ما هو ؟! لكن الاطمئنان هو الشعور إنها هي الوحيده له .
نظر إلي مفاتنها المخبئة تحت المنامة ، ليعود مرة أخرى النظر إلى عيناها ، تبكي !! كانت تبكي وتنتحب بصمت ، يا إلهي ما الذي كان على وشك فعله ، نظر لهيئته ليجد أنه ما زال يعتليها جردها من منامتها وهو ما زال ببنطاله فقط
سحبها من ذراعيها لتصبح في مواجهته ، بداخله يريد البوح بالالاف الكلمات لكن عجز اللسان عن النطق ، توقفت الكلمات كما توقفت تلك المعزوفة الهادئة التي كان يستمعها وهو بقربها
- انا انا
بتر عبارته لن يستطيع قولها لن يستطيع ، طبع قبله هادئة أعلي جبينها وهو يحتضنها ،جسده يعبر عن الأسف وقبلته تحمل الكثير والكثير ما لا يستطع اللسان البوح به.
إنتفض كمن لدغته حية وهو يحاول ألا ينظر إليها مرة آخري ، سيضعف ولأول مرة يضعف أمام أنثي هيئتها آلمته ، نظر لثوبها الممزق بأسف إلتقط قميصه وألبسها إياه وهي كانت كالقط الوديع تتابعه في صمت ، دثرها بالشرشف ليخرج من الغرفة دائما الهروب ليس حلاً لكن حل مؤقت في الوقت الراهن .
.............................................
فتحت جفنيها ببطء عندما شعرت بصوت باب الغرفة يفتح ، لم يكن سواه ، نظرت للساعة المعلقة لتجدها السابعة صباحاً ، تصنعت النوم كما هو تصنع المبالاة .
قامت من فراشها وهي تتوجه نحو المرحاض ، هيئتها مدمرة
شعرها أشعث ، شفتيها ما زالت تحملان أثره ، ترتدي قميصه
أمالت بأنفها لتشتنشق رائحة عطره ، رائحة عطره الممزوج بعبق رجولته
رائحته زلزلتها جعلت معدتها تتقلص ووجنتيها تشتعلان حمرة، جسدها طُبع بعبقه الرجولي ، حاسه الأنف كانت كالرادار المتربص .. جسدها يحمل بصمته .
خلعت القميص وحالة اللاوعي داهمتها ، سبته في داخلها وهي تخفي بجسدها داخل المغطس ، لا تستطيع لومه علي ما فعله لأنه كان ثملاً ، تلومه على فعله ... لماذا شرب ؟ .. ابتسمت بسخرية ماذا كانت تتوقع تتزوج بشيخ .. كان عليها أن تأخذ حذرها من تلك النقاط .. لكن هل يفيد البكاء على اللبن المسكوب .
.................................
- انت اتجننت يا يوسف بقولك البت شبهها تقولى هو ده السبب اللي دفعك إنك تتقدملها
صاح عمار بغضب ، صديقه تغير مائة وثمانون درجة ، لا يعلم بماذا يفكر ؟ وما هي طريقة تفكيره
رد يوسف بهدوء
- ده بدل ما تقولي مبروك يا صاحبي
إنفجرت براكين داخلية محبوسه في داخله ، ليجعل ذلك الشبه فاقد يفيق
- بقولك فوق هند غير ليان وليان غير هند ، حتي لو فيه ملامح بسيطة تجمعهم ده مش معناه إن شخصياتهم واحدة وإن تفكيرهم واحد
قام يوسف من مقعده وهو ينفض ملابسه من الأتربة
- علي العموم الخطوبة وكتب الكتاب يوم الخميس الجاي ابقي تيجي
واستدار مغادراً عمار الذي ما زال واقفاً بسخط ،
توقف عن السير عندما سمع صوت عمار الجهورى
- علي فكره ورد تعبانة ، عندها كانسر
زلزلته تلك الكلمة ، شعر بفقد جميع حواسه ، ليلتفت إليه وهو شبه مبتسم
- عقاب ربنا دايما بيكون عادل يا صاحبي
.............................................
- ما بك هل أنتِ بخير ؟
نطقها تيم وهو يراها ممتنعة عن الحديث وشاردة
نظرت للجميع وهمست في خفوت
- نعم نعم بخير
وكأن تلك الكلمة تطمئن حالها قبل إطمئنانهم
- أعتذر ولكن يجب عليّ الرحيل
ردت جاسمين بعبوس
- لكنك جئتي منذ خمس دقائق
- إنني متعبة علي الرحيل
إستقامت ليلي من جلستها لتمسك بعضدها وهي تواكب في سيرها ، همست بقلق وهما يتجهان خارج المقهى
- ليان هل أنتِ بخير ؟
أومأت إيجاياً وهي ترد بكذب
- نعم بخير ، عليّ الذهاب
انسحبت ببطء وهي تصعد للسيارة حمحم السائق بجدية
- سيدتي هل سنعود للمنزل ؟
- كلا .. تجول في الشوارع
أذعن السائق لطلبها وبدأ التجول في شوارع لندن ، كانت تراقب الطريق بأعين منتبه حتى هتفت
- توقف
أوقف السائق السيارة لتخرج منه وهي تتوجه إلي نحو إحدي المقاعد البعيدة عن أعين الجميع .
اليوم كان مغيماً عكس باقي الأيام ، رفعت بأعينها نحو السماء لتجد ضوء الشمس مختفي بين الغيوم .. سحقت شفتيها السفلي بألم لتبدأ وصلة البكاء التي جاهدت في إخفائها ، علا صوت بكاءها يمس القلوب مما أثار ريبة السائق ليتوجه نحوها
- سيدتي هل أنتِ بخير ؟
لم تسمعه ... لم تسمع أي حرف ما قاله بل لم تراه من الأساس طأطأت برأسها للاسفل وهي تضع كفها علي شفتيها ، أعاد السائق سؤاله عدة مرات لكن بدون فائدة ، أخرجت جميع الشحنات السلبية المختزنة بداخلها لتدير بوجهها إليه هامسة بصوت مبحوح
- هيا لنعود للمنزل
.....................................
- سيدي سيد زيدان يريد رؤيتك
هتف بها ستيفن بعملية ليرد زين بجمود
- ادخله
خرج ستيفن من الغرفة ، ليدلف رجل في منتصف الستينات ملامحه هادئة رزينة ، هتف بترحيب وهو يعانق إبنه الأخر
- مرحبا يا بني
إبتعد زين وهتف بهدوء
- اهلا يا عمي تفضل بالجلوس
جلس زيدان علي الأريكة ليجلس الآخر على الاريكة المقابلة وعيناه محدقتان نحو الفراغ
حمحم زيدان بجدية
- اراك شارداً وغير منتبه
رد زين بهدوء
- لا يا عمي مشغول ببعض الأعمال ليس أكثر
- أعلم أنك لا تحب التحدث في المواضيع الخاصة مع أحد وتحتفظ بها بداخلك ولكنني جئت حتى اخبرك أخيرا خالد سيأتي
إنتبه زين علي حديث زيدان ورد بتعجب
- حقاً لم يخبرني بذلك عند آخر مكالمة
- لقد هاتفته أمس ، قال إنه سينهي تلك الجولة ثم سيعود للندن بضعة أشهر إجازة
رد باقتضاب
- جيد
هتف زيدان بابتسامة مرحة
- ولكن أخبرني كيف حال زوجة إبني ، وكيف تسير حياتكم
- بخير يا عمي
قام زيدان من مجلسه وهو يلاحظ تمنع زين عن الحديث معه ، لم يغيره الزواج ظل كما هو .. كتوم وغامض ،
نظر زين إلي الباب الذي أغلق ثم عاد ببصره محدقاً نحو الفراغ ، لا يصدق ما فعله ليلة أمس ، سيظل يتذكرها طوال حياته ولن يقدر علي مسح تلك الحادثة المشؤومة ، تنهد بحرارة وهو يسند برأسه للخلق غالق جفنيه ، لا يستطيع العمل لا يستطيع التنفس بحرية شيء يجثم صدره يضيق تنفسه ، يشعر بالغرق ... شيء يسحبه للأسفل نحو مكان مظلم إلي أعماق أعماق البحر ، ولكن هل من منقذ ؟
........................................
أخذ يخطو بخطواته نحو مكتب والداه ، أبيه تلك الكلمة التي لم يشعر بها إطلاقاً
- والله زمان يا سيد شهاب مشفتوش وشك ، خير
هتف بها عز بسخرية وهو يلقي بنظارته الطبية على سطح مكتبه
- انا قررت اتجوز
قام عز الدين من مجلسه وهو يضع بكلتا يديه في جيب بنطاله
- جميل جميل ومين بقي اللي قررت تتجوزها
لاحظ نبرة والده المستنكرة ، يجب عليه المحافظة على هدوءه حتي لا يفقد أعصابه تحكم في أعصابه بصعوبه وهو يرد
- إسمها ندي أبوها بيشتغل لواء وهتقدملهم آخر الأسبوع
هتف بعنجهية وسخرية
- وانت بقي إفتكرت أبوك دلوقتي ولا ايه يا حضرة المقدم ؟
يبدو أنه ما زال مصراً علي أن يفقد أعصابه ، رد ببرود رغم تلك الثورات الداخلية التي تعتمل صدره
- انا جيت علشان أبلغك ، عايز تيجي أو متجيش انت حر
هدر عز الدين أمام إبنه
- انت بتقل أدبك على أبوك
اتسعت مقلتي شهاب بتعجب باستنكار شديد قال
- ابوك ؟ ايه يا عز باشا انت ما صدقت ولا ايه ؟ انا جيت النهاردة وبديلك خبر علشان متسمعوش من الغريب سواء جيت أو مجتش أنا هروح عن إذنك بقى يا عز بيه علشان ما أكونش عطلتك علي شغلك
واستدار مغادراً الغرفة ، تاركاً عز ينظر إلي فراغه بدهشة
قلبه يؤنبه علي ما فعله لكن عقله لم يتزحزح يخبره أن ما فعله ليس بشىء طوال تلك الأعوام الكئيبة التي قضاها معه ، يجب على والده أن يعلم أن ما غرسه سوف يأتي حصاده وها قد جني حصاده بعد سنوات من اللامبالاة و البعد وعدم الأهتمام .. فلا يلومه أحد علي ما سيفعله أو ما صدر منه .
............................
ارتشفت الجدة العصير وهي مستاءة ، توقعت قدومها ستجعلهم يتقربون ، لكن ما الذي حدث ؟
مفترقان مبتعدين يعاملان بعضهما كالشخص الغريب .. إذا لما تزوجها .. ما الذي جعله يتزوج وخصوصا فتاة شرقية وهو سيعاملها بجفاء
لكن ما طمئنها نظرات حفيدها نحو تلك الشرقية الخلابة ، نظرات عينيه تفتضحانه برغم أقنعة الجمود والبرود الذي يغلف بها بوجهه، ستستمر في محاولتها حتي وإن تدخلت بالقوة .
دافعها ليس لرؤية طفل لزين ، دافعها هو رؤية حفيدها قد استقر في حياته وعمله ، يكون محاطاً بزوجة تعشقه وتكوين نبتة عشقهم طفل يزيد من رابطتهم المقدسة وتجعلهم متعلقين به أكثر ، متى سيأتي ذلك اليوم ؟ هل سيأتي ذلك اليوم وهي ستكون على قيد الحياه أم ستظل ذكرى لهم .
تنهدت بحرارة لتعود مرة آخري ترتشف العصير وعقلها يعمل ويعمل حتى اهتدت لخطة ما لكن يجب عليها أن تتريث قليلا .
.................................
- تتوقعي يا ماما مكنتش ممكن اشوف لحظه انهيارك
هتفت بها ورد بابتسامة هادئة وهي تطالع ملامح والدتها المنكسرة
لتتابع بهدوء
- سبحان الله بجد الشخص اللي مقدرتيش تساعديه و تديله فلوس علشان يتعالج هو أول شخص جالي ، عارفة ده معناه إيه ؟ ، وسبحان الله برده رغم إن إحنا معانا فلوس بس الفلوس مش هتقدر تخليني أعيش ، ديه كانت زي قرصة ودن علشان كنت أفوق من اللي انا فيه قبل فوات الأوان ما ربنا عمره بيكره عبد من عباده يا ماما
تريثت قليلا لتوجه ببصرها إلى والدها
- وحضرتك يا بابا ، شفت آخر الطمع والجشع ممكن يودوا الأنسان فين ؟ ، إنت عارف أنا مكنتش متخيلة في يوم من الأيام إن أنا أتكلم وأقول حاجات زي ديه ؟! ، حاسه إني شخص تاني غير اللي أنا أعرفها بس بقيت شخص نضيف من جوا قبل من برا ، صدقوني أنا مش مرعوبة و لا خايفة من الموت الموت طول عمره قريب مننا بس أحنا كإنسان بيتجاهلها أو بينساها وسط مشاغل الدنيا
سحقت شفتيها بألم يوجد شىء آخر لم تفعله ، تريد فعله قبل أن ترحل ، يجب عليها رؤيته ولكن أين هو ؟!
.......................................
نزلت الدرج بخطوات مهرولة وهي لا تصدق الضيف الذي آتي إليها ، وجدته جالس يحتسي القهوة ويتحدث مع الجدة بمرح والجدة ابتسامتها لم تفارقها
إلتفت الجدة إلي ليان وهتفت في حبور
- ليان إجلسي يا بنتي وانظري ماذا فعل زوجك
تعلقت عيناها بحمزة ، لقد إشتقات إليه إشتقات التحدث بالعربية اشتاقت لأهلها ، اشتاقت لكل شىء .. حنين يدب في أوصالها للمرة الثانية وهي تري حمزة يهتف بأبنتي ، حاولت التحكم في دموعها التي سقطت من السعادة
- وحشتني جداً يا عم حمزة
نبرتها خرجت واهنة ضعيفة وأعينها تتراقصان من السعادة
- وانتي اكتر يا بنتي
أكثر ما تكره الجده هو البكاء ، يجعلها تشرد في ماضيها المليء بالذكريات ، زجرت ليان وهي تطرق بعصاها على الأرض
- إجلسي يا فتاة حمزة لم ينتهي بعد
جلست بجوار الجدة ليغمغم حمزة
- كيف حالك ؟
- بخير
لم يصدقها كل شيء يجعله يسترعي الشك في داخله ، هيئتها .. شحوب وجهها نظرات أعينها الزائغة ، هم بالسؤال مرة أخرى ليجد الجدة تتحدث بحماس
- هيا يا حمزة تابع وماذا حدث بعد ذلك ؟
- أنتي تعلمين ذلك القصر لا يسمح زين بدخول أي إمرأه ، هنا كانت الشيء الصعب لقد جعل الحراس هم الذين ينظفون المنزل ول
انتبهت حواسها على حديث حمزة ، ليتوقف عقلها قليلا مفكراً ..قصر أي قصر هل يقصد ذلك القصر في القاهرة ؟!
بالتأكيد هو لا يوجد منزل آخر ، كانت متعجبة من عدم وجود خدم
- معذرة على المقاطعة ولكن لما ذلك القصر لا تطؤه إمراه بقدميها
رد حمزة ببساطة
- لأنه قرر أن الفتاه الوحيدة التي ستدخل القصر هي زوجته
هبت من مجلسها لتعلو نبرتها بضيق
- يعني كنت تعلم منذ البداية يا عم حمزة ؟ لما لم تخبرني
ضربت بكفها على جبهتها وهي تسخر من غبائها
- يا إلهي كم كنت مغلفة ، كوني أعمل مساعدة لبضع أيام كانت لعبته ، هل كنت للدرجة غبية ؟!
أدرك حمزة فداحة الأمر ، نظر للجدة ليجدها كانت ترسل بنظرات محبطة وضيق في آن واحد
راقبها وهي تصعد للأعلي بخطوات تنفس عن نيرانها الداخلي
- ماذا سيحدث برأيك ؟
رمقته الجده بضيق وعبوس
- أتعلم يا سيد حمزة لقد ضاعت جميع مخططاتي التي سأقوم بفعلها الأسبوع القادم .
.............................................
كان يتحاشى النظر إليها في اليومين السابقين ، ضميره يؤنبه و الحادثة المشؤمة ما زالت تقتحم خياله ..
تنهد بحرارة محدثاً نفسه وماذا بعد ؟ أين سنصل لذلك الطريق الغير بارز اي علامة من علامات خط النهاية !
خلل أصابعه علي خصلات شعره بيأس ، أغلق جفنيه متنهداً
ما زالنا في البداية يا صديقي ، سحق شفتيه بغيظ زاجراً اي طريق بداية لقد جعلتها تنهار باكية في طريق عام ولم تفعل لها شيئاً ، لم تواسيها لم تعبر لها عن أسفك ، لقد تركتها تخليت عنها ، لن يكون له أي دافع إن طلبت منه الرحيل .. سيكون لديها كل حق لن يستطيع ردعها .
صوت الجلبة الذي حدث في الخارج أيقظه من شروده ، قام من مجلسه ليري تلك الجلبة والتي حدثت لثاني مرة على التوالي في ذلك العام ..
وجدها إقتحمت الغرفة بعنف ونظرات أعينها لا تبشر بالخير وخلفها السكرتيرة التي تمتمت بعذر
- سيدي أعتذر ولكن السيدة اقتحمت الغرفة و
قاطعها زين ببرود
- لا مشكلة عندما تأتي دعيها تدخل للمكتب فوراً
كان يراقب ستيفن ما يحدث عند مقدمة الباب ، ليسحب السكرتيرة هاتفا بعنف وهو يغلق الباب خلفه
- هل جننتي يا إيم تلك زوجة السيد
صعقت إيم من حديثه لترد بتلعثم
- يا إلهي هل هذا يعني أنني سأستلم ورقة طردي من العمل
- صلي يا فتاة أن يكون مزاج المدير جيد ، ولكنني لا أريد أن اطمئنك مزاج المدير متعكر تلك الأيام
قذفت بعلبه المناديل في وجه وهي ترد بحنق
- هل هكذا تطمئنني يا رجل اغرب عن وجهي
.........................................
حديث الأعين دائر بينهم ، عيناه تلمعان كالنجوم المتلألئة في حضرتها ، وتغيب في غيابها ، كالقمر يصطحب معه النجوم وحينما يغادر فترحل معه النجوم .
تشعر بالضيق أو الغباء ، لقد خدعها .. إنه كان مخطط مسبقاً بالزواج إذا لم لا يتحدث معها كأي رجل عادي ؟!
لتجيب وهل هو رجلاً عادي ؟! ، لن تفهمه أبداً ستحتاج لوقت طويل لفهمه ،
لا تحاولي كثيرًا فهم الرجل ، ببساطة لأنه ليس لديه ما هو جدير بالفهم إنما بالتفهم.
إنتظرته بالمبادرة بالحديث ، لكنه لم يتزحزح عن تأمل تفاصيلها بلهفة ، يتحفظ ملامحها كأنها للمرة الأخيرة التي سيراها .. حدقتي عينيه تهلكها .. تدمرها .. لا يحتاج إلى أي أسلحة ليخترق روحها .. نظرة عيناه كفيلة فقط بأقتحام روحها.
عقدت ذراعيها على صدرها وهتفت
- أعترف حقا أنني كنت حمقاء ليس حمقاء فقط بل غبيه وأرفع قبعتي لك يا سيدي
لماذا في كل مرة تحاول إخراجه عن إرادته ، سيتفوه بالكثير من الحماقات والتي سيندم عليها مؤخراً
رد بكل عنجهية وهو يستدر للجلوس علي مقعده
- ليان توقفي ليس لي وقت لذلك الحديث
لا تعلم كيف يداها تجرأت على فعلها ؟ ، أمسكت بكفه وسحبته إليها لتحيط بكلتا ذراعيها تتمسك بياقة قميصه هامسه
- أنظر إلي عيناي زين تمعن في النظر إليه وأخبرني لما تزوجتني لقد علمت من عم حمزة ان ذلك القصر لا تسمح لأي إمرأه بالدخول إليه سواي .. لماذا يا زين ؟ أخبرني
ويداه كرد فعل طبيعي سحب خصرها لتلتصق بصدره ، دنا نحو أذنها هامساً
- كيف أتتكِ الجرأة على فعلها ؟
نبرته تحمل الكثير الكثير من المكر والخبث ، ابعدت بذراعيها عن ياقة قميصه وأسندت بكفها علي مرفقيه وهي تحاول إزاحة يديه الفولاذية ، هدرت بحنق
- إبتعد ليس هذا وقت للمزاح
- أنتِ التي إقتربتي مني
زفرت بأنفاسها أمام وجهه
- يبدو أنك ستفعل كل مرة ستتجاهل حديثي وتتطرق إلى مواضيع جانبية
أشاح بذراعيه عن خصرها وهتف بجمود
- ليان ليس هذا وقت للحديث
وإجابتها كانت عنيفة
- إذا أخبرني إلى متى سأنتظر ؟ يوم .. إثنان .. إسبوع ..شهر .. عام
سكنت للحظات وبسخرية تابعت
-وهل تتوقع مني أنني سأنتظر مثلاً ، كلا
استدارت للخلف متوجه نحو الباب لتغادر ، خرجت وهي صافقه الباب خلفها بقوة ، الغيظ والحنق يتآكلها تريد التنفيس كبت داخلي تريد إخراجه .. وجدت عامل النظافة يجر بصندوق القمامة ، لاقت تلك الفكرة استحسانا لتدمر الأرضية لكن ما ذنب العامل ، زفرت بحنق وهي تعدل مسارها متوجه نحو المصعد .
.................................................
حدث ما توقعه ، لم يجد الرد ككل مرة ، لما هي لا تحاول فهمه ؟!
يود قص لسانها الذي يتفوه بالكثير من الحماقات والتراهات الذي يزعجه ، أرجع بخصلات شعره للخلف ويداه الأخري موضوعه علي خصره .
أخرج لفظ خارج من شفتيه ليتوجه إلى النافذة الزجاجية ، نظر إلي المحيط حوله كل شيء ساكن لا يقارن بالضجيج الذي بالأسفل
كذلك هو ساكن بارد عكس الثورات الداخلية التي تحدث في داخله .
............................................
تنحنح شهاب في حرج لأنه جاء بمفرده ، والداه لم يأتي وهذا كان متأكد منه ، تقلقه نظرات أيمن المتفحصة والثاقبة وكأنه عدو هجم علي بيته ، ورغم من ذلك هتف بهدوء مقرراً قطع تلك الصمود
- اهلا يا بني
- اهلا بيك يا فندم
لا يستطيع نطق عمي الآن !! سحب نفساً عميقا ليزفره على مهل
- انا جيت النهاردة علشان أطلب بنت حضرتك الآنسة ندى
- بس متأخذنيش انت جاي لوحدك وده ي
قاطعه شهاب
- أمي إتوفت من وانا صغير ووالدي
صمت قليلا لا يعلم ما الذي عليه قوله رد أيمن وهو يرفع عنه الحرج
- ندى حكتلي كل حاجه ، بس ده ميمنعش اني منساش اللي عملته في بنتي قدام الناس كله يا سيادة المقدم
طأطأ رأسه في حرج ليغمغم بثقة
- صدقني يا فندم كان تهور مني ، كنت عايش في حالة من اليأس والأحباط كنت بتعلق علي مقدار أمل ولو صغير إن ندي تكون حاملة ذره بسيطة من المشاعر ليا ، أنا مش هتكسف و مش وقاحة مني إني أقول لحضرتك إن ندي هتبقي أمي وأختي وصاحبتي قبل مراتي ، انا لقيت في ندي صفات نص التاني
شهاب يشبه كثيرا عندما كان في عمره ، ذكره بأيام شبابه وهو كان يتقدم للطلب حبيبته .. هذا الشاب عاشق متيم بابنته التي كبرت أمام ناظرية وهو لا يصدق أنها أصبحت عروس يتقدم إليها الشبان لأخذها .
تنهد أيمن وهو يهتف بجمود
- أنا آسف يا سيادة المقدم طلبك مرفوض ، ابن عمها إتقدم لطلب إيديها قبلك وانا وافقت وهي بمثابة خطيبته حالياً وحضرتك عارف طبعا حديث الرسول
لا يخطب أحدكم علي خطبة أخيه "
تلك ليست بمثابة الصدمة بل الصاعقة التي أفقدت جميع حواسه .. نظر إلي أيمن بذهول ودهشة هل يمزح معه ؟ ليس هذا وقت للمزاح الآن كان يتحدث بهدوء وجدية .
علق ببصره ناحية الباب ليجدها قد أسقطت صينية تقديم المشروبات على الأرض ، وهرعت نحو الداخل .
.......................................
- انظروا ماذا جلبت
صاحت بها ليلي وهي تتقدم للطاولة الخاصة بهم ، نظرت إلي أعينهم الفضولية و المتسائلة أخرجت التذاكر من حقيبتها وصاحت بمرح
- حفله تذاكر للمغني إيد شيران
صاحت سلمى وجاسمين بسعادة وصفقت جاسمين بمرح
- يا فتاة انتي رائعة سأقبلك
قبلت جاسمين وجنتي تحت نظراتهم
- متى الحفل ؟
- الأسبوع المقبل هيا استعدوا سيكون اليوم حافل
علق تيم بصره بليان ليهتف بتساؤل
- هل ستأتي ؟
غمغمت في خفوت
- بالطبع لما لا
إبتسم وعيناه تلمعان بوميض خافت لاحظتها ، هزت رأسها نافية من تلك الأفكار التي تراودها ، أصبحت تتخيل أشياء لا تمت للواقع بصلة .. تنهدت بحرارة وهي تتابع حديث جاسمين وليلي المرح وكيف سيقضيان اليوم بأكمله في الخارج و تيم يحدق بها بهدوء .
..................................
أمسك بقنينة العطر وهو ينظر إلي هيئته في المرآة أسبوع مر على ذلك اليوم ، ابتلع غصة في حلقة بصعوبة لماذا دائما تسير حياته في الطريق الخاطئ ..
لماذا يرحل الجميع من حوله ، كيف فعل والداها ذلك ، لقد طعنه بدم بارد .. قذف قنينة العطر نحو المرآه ليسمع صوت مدوي والمرأة تهشمت إلى قطع صغيرة على الأرض .
ماذا فعل في حياته ليستحق ذلك العقاب .. أولاً والدته .. ثانياً والداه .. ثالثاً صديقته ورد تعيش باقي حياتها بالطول وبالعرض .. وأخيراً حب حياته نـدي .
ارتمى على الأرض وهي يشد خصلات شعره بقوة حتى كاد ان يقتلع من جذوره .. أسيستسلم وهو يراها ستكون بين يدي رجل آخر يلمسها .. رجل آخر يلمس حبيبته ... كلا لن يقدر لن يتحمل .. دماء حارة تسير في أوردته ..دماء رجل شرقي متملك لحبيبته .. وماذا عنها هي هل ستوافق ؟ هل ستقبل وترضى ؟
والسؤال يبقى هل سيحارب أم سيستسلم ؟
.................................
كانت وسط المئات من المعجبين ، تسمع صيحات المعجبات بهمهمات لم تفهمها ، نظرت إلي ليلي وسلمي وجاسمين لتجدهن أطلقن صيحات وصراخ عالي عندما بدأ العزف .
نظرت للحارسان اللذان على مقربة منها بتهكم لتعود ببصرها مرة أخري إلي المغني
إقترب تيم وهو يعلو بصوته بالقرب من أذنها بسبب صوت الضجيج
- أراكِ لست مستمتعة عكس باقي الفتيات
- كلا لكن صراخ الفتيات صم آذاني
ما زال على نفس مقربته ولم يبتعد
- هل تريدين الخروج الحفلة ما زالت في بدايتها
علقت بنظرها لـ ليلي التي وجدتها توجه بصرها نحوهم ويبدو أنها سمعت حديثهم برغم الضجيج
- هيا بنا
صاحت بنبره عاليه نحوه
وفي أقل من الثانية اختفت هي و تيم ، نظر الحارسان لبعضهم بتوتر لاختفائها كالزئبق
لن تكون رد فعل سيدهم هينه
.............................................
هدر زين بعنف وهو يوبخ الحارسان
- هل أنتم حمقى وأغبياء تركتوها تبتعد عن أنظاركم وذلك الحقير معها
أطرقا الحارسان برأسهما أرضاً ... هتف الحارس الأول بتوتر
- سيدي كانت تحت أنظارنا ولكن اختفت فجأه الحفلة كان يوجد بها الآلاف من الأشخاص كانت بمثابة إبره في كومة قش
تلك المبررات كانت سخيفة للغاية ، إزداد غضبه تفاقماً
- واللعنة عليكم هل أنا أدفع المال لتخبرني بتلك التراهات
- إذهب الآن لن يغلق لك جفناً حتى أراك وجدتها أفهمت ؟
هز الحارسان رأسهما إيجاباً ، ليصيح زين بغضب وأعين مشتعلة كالجمر تين
- والآن أغربوا عن وجهي
غادرا الحارسان وهما يلتقطان أنفاسهما بصعوبة شديدة .. مهمة البحث صعبة
ضرب بكفه على المكتب وهو يسب ويلعن
- اللعنة
تتعمد دائما أن تثير حنقة بمصاحبة ذلك الصحفي ، لقد صبر بما فيه الكفاية علي ذلك الغبي .. جلس على المقعد وهو ينتظر على أحر من الجمر أتصال الحارسان .
الدقيقة تلتها الساعة والساعة تلتها عدة ساعات ، لا يعلم كمية لفافات التبغ التي أحرقها ، نظر إلى الساعة التي أصبحت الثانية عشر صباحاً ، رنين هاتفه قطعه من شروده ، إلتقط هاتفه ليسمع حارسه بأنها عادت إلى المنزل بسيارة أجرة ... ألتقط جميع أشيائه متوجهاً للبيت وعيناه تحملان وعيد وغضب .
...........................................
أغلقت باب غرفتها في هدوء لتخلع حجابها والكنزة العلوية وترميهم على الأرض بلا اكتراث .. تقدمت نحو المرآه وهي تنظر إلي هيئتها في المرأه .. عضت شفتيها السفلي بألم وهي تنظر إلي عنقها ..
شهقت بقوة عندما سمعت صوت إغلاق الباب بعنف
إلتفت للخلف وهي تطالع إلي ملامحه الشرسة .. كان يتفحصها من رأسها إلى أخمص قدميها .
نظرات عينيه الزرقاء أصبحت قاتمة ... أيعنى ذلك أنها في مرحلة الخطر ؟ ..قشعريرة خفيفة رجت كامل جسدها ..تطلعت اليه بثبات رغم انهيارها داخلياً لتستمع الى حديثه القاسى
- واللعنة ما تلك العلامات التي على عنقك ؟
كانت تنظر إلى عينيه القاتمة بثبات شديد لتهتف بلا مبالاه
- ليس من حقك
تابعت بجمود وهي تحرر خصلات شعرها
- كأنك لا تعلم ما تلك العلامات ؟
شهقة عالية خرجت منها عندما أمسكها من رسغها ودفعها بقوة نحو الحائط ...نظرت إليه بأرتعاد شديد.. إنه فى أشد غضبه نظرات عينيه تحرقها ..انفعالات جسده بالكاد يسيطر عليها بصعوبة ليهتف بصوت جليدى
- من ذلك اللعين الذى فعل ذلك؟
- ليس من شأنك
وياليتها نطقت بتلك الجمله ليغرس بأصابعه علي خصرها ،سحقت شفتيها بألم ... لم تعد تتحمل أكثر
أطلقت تأوهه خافت وسحبها سقوط عبرات من جفنيها ..هتفت بضعف
- اترك يدي
لم يعد يكترث بألامها كل ما كان مسلط بصره على تلك العلامات التى تزين عنقها ..إنها علامات من اثر قبلات تزين بشرتها !! .. يريد أن يقتل ذلك الرجل اللعين الذى قام بفعل ذلك لزوجته؟
ولكن أين هى ؟ تركته يفعل ذلك ؟ جال ببصره مشاهد مقززة بين اللعين المجهول بأحضان زوجته ..
كان يضغط على ذراعها بقوه غير منتبه لتلك المسكينة التى تسحق شفتيها مرة آخري حتى لا تصدر أي شهقات مؤلمه .
قام بفك ازار قميصها رغم محاولاتها البائسة لمنعه ولكن كيف بأمكانها المقاومة أمام أسد جريح .. نظر اإى العلامات الحمراء المزينه عنقها نزولا الى صدرها .
إحتقن وجهه وقرب وجهه الى وجهها حتى بات لا يذكر اى مسافه بينهم
- حذارى يا ليان لا تقومين باختبار صبرى
ابتسمت بتهكم رغم الالام ذراعها لترد بلا مبالاة
- وماذا ستفعل هل ستقوم بصفعي ؟ ام تقوم بضربي ؟!
دنت قرب شفتيه هامسه
- ام ستقوم بأخذ حقوقك بالعنف ؟
لم يهتز جفنيه بل صاح بجمود:
- وهل كنت تتوقعين ان اقوم بأخذ حقوقي منك بالغصب ؟
مال أمام أذنيها هامساً:
- ام اعتبرها دعوة منكِ
نظرت إليه بحنق شديد رغم إشتعال وجنتيها بالحمرة من حديثه الجريئ .. لم يتغير ابداً ما زال كما هو وقح جذاب وسيم ..ازدادت ضربات قلبها عندما قام بطبع قبلة خفيفة على وجنتيها ..
لا تجرؤ على فتح عينيها ...انحبست رئتيها عندما شعرت أنفاسه تلفح صفائح وجهها إنه قريب لحد اللعنة .
لم تشعر بالالام ذراعها أمام قربه المهلك فتحت جفنيها لتجده يتطلع اليها بمكر وابتسامه تعتلى ثغره
- يبدو أنني حطمت امالك
زفرت بحنق
- ابعد يديك اللعينة على ذراعى
وبلا وعى صرخت بوجهه
- ماذا تريد منى ها قل لي ماذا تريد منى ؟ لا تريد ان ترانى سعيده هل تريد ان ترانى ذليلة مكسورة ضعيفة يا زين الحديدى.. لكن كلا لن يحدث ذلك .. سأحب رجلا غيرك يهتم بي ويحبني واكون انا من اول مسؤلياته يا سيد زين.
- من ذلك اللعين ؟
نظرت اليه بصدمه لم يهتم بأي ما قالته أعاد سؤاله للمرة الاخيرة لتهمس فى خفوت
- كلا لن اقول لك
حرر ذراعها وقام بضم قبضته وضرب بالحائط جاعلا إياها تنتفض بقوه وهى تضم جسدها محاوله بائسه فى بث نفسها بالأمان .. لتجده يسحبها من قميصها المفتوح ويقربها منها ونظراته لا توحي بالخير
-هل ذلك الشاب الاشقر اللعين أم رجلا غيره قولى لى من ذلك اللعين الذى فعل ذلك ؟!